الحوار المتمدن
3.19K subscribers
12 photos
94.8K links
الموقع الرسمي لمؤسسة الحوار المتمدن في التلغرام
Download Telegram
فرات المحسن : يوم آخر في حفر الباطن الجزء الرابع
#الحوار_المتمدن
#فرات_المحسن سطع ومض خاطف شق ظلمة السماء ، ثم أعقبته أربعة انفجارات متتالية رج هديرها المزمجر محيط الفوج. تيبست في مكاني، ثم بدأت أزحف بعجالة نحو الملجأ الشقـي القريب، وجسدي ينتفض من الخوف. قفزت داخل الملجأ مستنداً على يديّ، وقعدت مستسلماً خائفاً أنتظر المجهول. أصابني الرعب وبدا أن قلبي سيتوقف، وشعرت بالاختناق حين أغلق فجأة ظل جسد ضخم وجه السماء المفتوح أمامي. للوهلة الأولى حسبته وكأنه فحل جاموس أسطوري قدم لكي يطمرني في حفرتي التي هيأتها بيدي. تكوم فوقي بثقله. انكمش جسدي وكانت يداي العاريتان تدفعان الجسد الثقيل بآخر مصدات درء يقين الموت .ـ أنا رياض …ـ رياض .. ما الذي أتى بك الساعة يا فحل التوث ؟‍‍‍!ـ كنت قادماً إليك قبل أن يبدأ القصف . رأيتها.. رأيتها سقطت عند موضع الحفار جوار ملجأ حظيرة جابر.دوت مرة أخرى مجموعة انفجارات متعاقبة هزت الفوج، وكان رمل الملجأ ينثال ليملأ شعري وملابسي. تنبهت إلى أني لم أجلب خوذتي ونسيت سلاحي تحت وسادتي في ملجأ السكن . ـ أنت أيضاً دون خوذة وسلاح !ـ قدمت لأحادثك دون أن يخطر لي … أتظنهم سوف يهجمون.. وما ترانا فاعلين ؟ـ هذه أيام حاسمة. يبدو أنه قصف طائرات على ما أظن. إذ لم تسقط قذائف أخرى فوق الوحدات المجاورة. ولو أرادوا الهجوم الآن لاستمر القصف دون توقف، ولشمل الجبهة جميعها. على أية حال إنه لغز نحن غير قادرين على حله. وإن أرادوا الهجوم فإن عصا موسى الموعودة قد أكلها القطيع في غفلة منه. فلا خوذة تتدارك الأمر وبغير كلاشنكوف يتدبر الناس نجاتهم أحياناً.ـ أينما أذهب أجد الفلاسفة أمامي. الآن أنت والبارحة هاشم وكأنكما تتعمدان الحديث بكلام لست بقادر على إدراكه. البارحة كنت أدندن بكلمات أغنية حفظتها منذ صباي دون أن أتملى معانيها، بل فقط أرطن بها لأن لحنها أعجبني . يا ليل الصبّ متى غده ... أقيام الساعة موعده. هز هاشم رأسه بتثاقل وسألني بلهجة لم أرتح لها وكأنها تهديد: ـ ها رياض، يمكن الوضع ما عاجبك، ماذا تقصد بليل الصبّ متى غده ؟ حدثته عن حبي لتلك الأغنية، ولكني شعرت في النهاية أنه غير معني بتفسيري لنص الأغنية، بقدر إصراره على اعتبار أن الأمر يخفي وراءه قصداً آخراً. وأخذ يرطن بالوطنيات لأكثر من ساعة دون أن أدرك ما يبتغيه. الحقيقة أني خائف منه، فأنت تعرفه جيداً، فسبق وأن فعلها مع غيري. إنه متبرع إيذاء. كفانا الله شره. والله، لم أكن ألمّح بها لشيء آخر غير الأغنية. أتعرف أنت معنى كلمة صبّ ؟ـ الصبّ يا صاحبي، وبعد أن انتهى القصف الآن، هو الصبابة أي الحب أو العشق،الهيام والوله، دو يو أندر ستاند ؟ـ أثول. أبو العقد. لو تتفلسف لو تتعيقل. قل الحب وخلص.أخبره عن خوفي من تلميحات هاشم يرطن معي بالأجنبي!ـ أتعرف أين نحن الآن ؟ـ ياله من سؤال غريب ؟ـ لا تخف يا صاحبي فنحن في حفر الباطن. هذه الكثبان ليست لغير البدو وقطعان الإبل. سوف يأتي يوم قريب تطأ الإبل بخفافها قبورنا جميعاً، وتتبرز ثم تدفع بولها الساخن فوق الرمل، دون أن تدري أن تحت هذه الكثبان، يرقد ركام أجسادنا بكل ذلك الجلال من العاهات النفسية والجسدية.اطمئن فالإبل لن تكتشف خوفك أو خبث هاشم ولا يأسي وعقدي.ـ أوه، ما الذي أتى بي إليك .. عليّ الذهاب الآن إلى الحظيرة. ربما حدث شيء ما أثناء القصف.على أية حال جئت أخبرك أن عبد الرحمن سوف يذهب غداً إلى بغداد في مأمورية. يمكنك أن تبعث معه رسالة إلى أهلك.هو من أخبرني ذلك. طلب مساعد الفوج منه إيصال رسائل جميع من يسكن أهلهم في بغداد. الوعد بإيصالها جزء من المأمورية الموعودة .ـ ربما فعلت ذلك .ـ فك ......
#الباطن
#الجزء
#الرابع

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=758138
فرات المحسن : يوم آخر في حفر الباطن الجزء الأخير
#الحوار_المتمدن
#فرات_المحسن سحبت بتثاقل الورقة عند الضوء الشحيح للقنديل المعلق في زاوية الملجأ، بينما كنت أنظر لعيون الجرذ الناطّة من بين لوح السقف والصفيحة الحديدية. كانت أصابعي تهز القلم فوق الورقة هزاً خفيفاً مخدراً، لترسم دوائر متداخلة.راودني الإحساس الغامر نفسه، الذي ينتابني بين الحين والآخر.الخواء المضطرب تحت سماء مفتوحة مليئة بالثقوب الفاغرة. وحيداً، أسير في متاهة لا حدود تلجمها. ورغم عتمة وثقل سقف الملجأ، فقد شعرت بأن جسدي لا زال ممدداً فوق الرمل. تنبلج السماء فوقي مثل كوّة موحشة، ترسل إشارات سحرية عبر نفقٍ بعيدٍ جداً، تأتي منه الأصوات شحيحة لا تستطيع أذناي تمييزها، فينتابني خوف يخالطه استسلام تام مطمئن، وكأنّ بي مساً سحرياً يشلّ كل حواسي. إحساس بالخدر التام والرغبة بالصمت، صمت تام يقتل ما في داخلي. لا أذكر عدد المرات التي كتبت فيها رسائل. فأنا أمقت كتابة الرسائل. و هذا سبب لي الكثير من الإشكالات في أكثر من مناسبة. فأنا لا أجيد الحديث عن أمنيات وتمنيات وتدبيج تحايا، أو التعبير الدقيق عن المشاعر، وأجد صعوبة في سرد الوقائع ووصف الأماكن. وفي أغلب الأحيان أجدني عاجزاً كلياً عن كتابة ما أردت الحديث عنه، فأرجئه للقاء مباشر واعتذار يكون دائما غير مقبول . عندما كتب مدرس اللغة العربية عبد القادر البصام، مواضيع الإنشاء الأربعة، فوق اللوح المدرسي الأسود، وطلب أن يختار كل واحد منا موضوعاً ليكتب عنه، ثم يجلبه بعد انتهاء العطلة الربيعية، طالعني مباشرة فتسقطت من نظراته رائحة التهديد. ومع هذا لم يترك الأمر يمر بسلام دون أن ينبهني بحدة وأمام الطلاب، بأن هذه فرصتي الأخيرة، وإن لم أحاول اغتنامها، فذنبي على جنبي. كتبت عناوين المواضيع الأربعة في الدفتر، وتركت الاختيار حتى اليوم ما قبل الأخير من انتهاء العطلة، أو الأحرى قلبتها في رأسي دون أن أستطيع الاختيار. ولكني أنجزت ذلك في اليوم الأخير وسلمت دفتري بروح مغموسة بفرح غامر، في أول يوم دراسي نهاية العطلة. أشاح المدرّس وجهه عني وابتسامة مصطنعة ترتسم بتثاقل فوق شفتيه. في اليوم التالي جلس فوق أول مقعد في الصف ثم نادى باسمي. أوقفني أمام الطلاب فشعرت بالارتباك والفزع فأطرقت رأسي. ثم انطلق صوته:ـ ما الذي يفعله الطالب حين يصف مكاناً ذهب إليه ؟ من يجيب عن ذلك ؟ارتفعت الأكف تتطاول كي يشير المدرّس لأحدهم بالإجابة، لكنه صرخ بأعلى صوته أن اخرسوا. وكان صوته المجلجل مثل زئير أسد. ارتبكت الأكف الصغيرة، وراحت تنسحب واحدة تلو الأخرى. انكمشت وأحسست أن الجدران تقترب لتطبق علي وتهرسني. إحساس بالرهبة والانسحاق سيطر على روحي، فراح جسدي يرتجف بتسارع ولم أعد أستطيع السيطرة عليه.ـ غبي.. ما هذا ؟ أهو وصف لحمّام شعبي يستحم الناس فيه أم هو سرداب موتى ؟نزّ جبيني عرقاً بارداً غطـّى جبهتي، وراحت ركبتاي ترتخيان. قاومت اندفاع رغوة تصاعدت في أحشائي. ضحكات رفاقي أدخلتني في هلام سائل كثيف، فسقطت أخيراً مغشياً علي .كان الخوف يسيطر عليَّ حين أفقت وأنا أرى كـّفه الثقيلة تمسد جبهتي بالماء البارد .ـ دلال صبيان. لا شيء سواه. انهض يا شاطر. رغم أنك لم تكتب عن الموضوع بشكل حسن، ولكن لا بأس. سوف أحتسبها لك هذه المرة.حين جلست بين دفـّتي مقعد الدراسة، كنت أحبس دمعتي خوفاً ورهبة. وكان خدر تام يسيطر على كامل جسدي. لم أكن بقادر على إسكات ضحكاتهم التي راحت تجلجل في رأسي. وكان جسدي الواهن يتفصد عرقاً بارداً، ويقف المدرّس أمامي وهو يغتصب ابتسامة شاحبة لم تتعدَّ حافـّة شفتيه الغليظتين.*****وضعت الورقة جانباً وطالعت مكان الجرذ الفارغ. شعرت بح ......
#الباطن
#الجزء
#الأخير

لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=758559