محمد علي سليمان : حول - الكتلة التاريخية -
#الحوار_المتمدن
#محمد_علي_سليمان الإشكالية الرئيسية في المجتمع العربي المعاصر هي إشكالية التحديث _ النهضة والدخول في العصر الحديث، وهذه الإشكالية الرئيسية تضم في داخلها إشكاليات فرعية، حتى يبدو أن الفكر العربي يدور في متاهة من الإشكاليات الفرعية _ فالوحدة إشكالية، والديمقراطية إشكالية، والاشتراكية إشكالية، والعلمانية إشكالية، وهذه الإشكاليات الفرعية تكبر أحياناً، وهذه الـ " أحياناً " تقارب الـ " دائماً " في الوطن العربي، حتى تصبح أهم من الإشكالية الرئيسية. وهكذا يعلن المفكرون العرب إن النهضة لن تتحقق إلا أذا تحققت الوحدة أو إذا تحققت الديمقراطية ويصل الأمر بأحد المفكرين العرب إلى القول " أن البداية الحقيقية لأية نهضة عربية لن تكون إلا بزوال المشروع الصهيوني وتحرير الإرادة العربية والثروات القومية من سيطرة الاحتكارات ". وكثرت المشاريع العربية التي تقوم على تلك الإشكاليات، ومن تلك المشاريع تكوين " الكتلة التاريخية ". ويلاحظ أنه بدل أن تكون النهضة كعملية اقتصادية بقيادة قوى اجتماعية مهيمنة هي التي تأخذ المجتمع العربي على طريق الوحدة والتحرر، وتكون المدخل إلى زوال المشروع الصهيوني، أصبحت قضية فرعية وغابت في متاهة فكر يلتهم نفسه. ولكن لا بد من القول إن القضايا الفرعية للنهضة تؤثر في النهضة كقضية رئيسية بقدر ما تترسخ هذه النهضة كعملية اجتماعية -اقتصادية. والسبب في ظهور النهضة وقضاياها كإشكالية " البيضة والدجاجة " هو، كما أعتقد، أن المفكرين العرب المعاصرين يدورون في فلك البنية الفوقية _ الإيديولوجية، وهذا الدوران ترسخ بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مما يظهر في محاضراتهم ومؤتمراتهم حول النهضة وقضاياها. إنهم يبحثون عن حل لإشكالية النهضة في البنية الفوقية _ الأيديولوجية في حين أن البحث يجب أن يكون في البنية التحتية _ الاقتصادية، ولذلك فإن أكثر حلولهم تبدأ وتنتهي بالتوصيات، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء بحث واقع القوى الاجتماعية التي ستطبق هذه التوصيات وكيف ستجد هذه التوصيات طريقها إلى داخل المجتمع العربي بحيث تخلق حالة نهضة. وهذه التوصيات تبدأ بشكل عام بـ " يجب "، وهذه الـ " يجب " تنطلق من عالم الفكر وليس من الواقع الاجتماعي " مضمرة أو معلنة وكمثال، يقرر مفكر عربي معاصر لحل إشكالية النهضة، أن شرط النهضة العربية الجديدة " هو الإنسان الحر، والأنظمة الديمقراطية، واحترام الحقوق الأساسية للإنسان العربي ". وأيضاً كمثال آخر ما يقرره مفكر معاصر آخر لحل إشكالية الديمقراطية " ويجب أن نبدأ ببناء مؤسسات المجتمع المدني، وترسيخ مبدأ فصل السلطات. ويجب أن تتكامل هذه البداية مع تحقيق مبادئ سيادة القانون وتكافؤ الفرص والتعددية السياسية وتوسيع قاعدة صنع القرار "، ويرغب المرء حقاً أن يكون التفاهم بين نظام الحكم والشعب لتحقيق الديمقراطية عبر تلك الـ " يجبات " ممكناً بهذه السهولة ولكن ليس كل ما يرغب به المرء يتحقق، والتغيير لن يحصل بمجرد وعي ضرورة التغيير، لقد وعى العرب أن التنمية الاقتصادية أصبحت ضرورة تاريخية، وأنه لا بد من نهضة الوطن حتى يدخل إلى العصر الحديث كقوة فاعلة، لكن كافة مشاريع التنمية في عصري " النهضة " و" الثورة " قد فشلت لأسباب داخلية وخارجية، ودخل المجتمع العربي في مرحلة الهزيمة الحضارية، مما دفع الدكتور فوزي منصور لوصف العرب بأنهم يعيشون في مأزق تاريخي، حدده مترجم الكتاب بأن " العرب يخرجون من التاريخ ". وكان شبلي شميل قد لاحظ أن " من ينتظر الإصلاح عفواً من أية حكومة كانت يجهل بلا شك تاريخ نشوء الأمم في العمران، وها التاريخ يعلمنا أن الحكومات في كل زمان ومكان هي آخر من يدعو إلى الإصلاح ". ويوضح أ ......
#الكتلة
#التاريخية
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=760704
#الحوار_المتمدن
#محمد_علي_سليمان الإشكالية الرئيسية في المجتمع العربي المعاصر هي إشكالية التحديث _ النهضة والدخول في العصر الحديث، وهذه الإشكالية الرئيسية تضم في داخلها إشكاليات فرعية، حتى يبدو أن الفكر العربي يدور في متاهة من الإشكاليات الفرعية _ فالوحدة إشكالية، والديمقراطية إشكالية، والاشتراكية إشكالية، والعلمانية إشكالية، وهذه الإشكاليات الفرعية تكبر أحياناً، وهذه الـ " أحياناً " تقارب الـ " دائماً " في الوطن العربي، حتى تصبح أهم من الإشكالية الرئيسية. وهكذا يعلن المفكرون العرب إن النهضة لن تتحقق إلا أذا تحققت الوحدة أو إذا تحققت الديمقراطية ويصل الأمر بأحد المفكرين العرب إلى القول " أن البداية الحقيقية لأية نهضة عربية لن تكون إلا بزوال المشروع الصهيوني وتحرير الإرادة العربية والثروات القومية من سيطرة الاحتكارات ". وكثرت المشاريع العربية التي تقوم على تلك الإشكاليات، ومن تلك المشاريع تكوين " الكتلة التاريخية ". ويلاحظ أنه بدل أن تكون النهضة كعملية اقتصادية بقيادة قوى اجتماعية مهيمنة هي التي تأخذ المجتمع العربي على طريق الوحدة والتحرر، وتكون المدخل إلى زوال المشروع الصهيوني، أصبحت قضية فرعية وغابت في متاهة فكر يلتهم نفسه. ولكن لا بد من القول إن القضايا الفرعية للنهضة تؤثر في النهضة كقضية رئيسية بقدر ما تترسخ هذه النهضة كعملية اجتماعية -اقتصادية. والسبب في ظهور النهضة وقضاياها كإشكالية " البيضة والدجاجة " هو، كما أعتقد، أن المفكرين العرب المعاصرين يدورون في فلك البنية الفوقية _ الإيديولوجية، وهذا الدوران ترسخ بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مما يظهر في محاضراتهم ومؤتمراتهم حول النهضة وقضاياها. إنهم يبحثون عن حل لإشكالية النهضة في البنية الفوقية _ الأيديولوجية في حين أن البحث يجب أن يكون في البنية التحتية _ الاقتصادية، ولذلك فإن أكثر حلولهم تبدأ وتنتهي بالتوصيات، دون أن يكلفوا أنفسهم عناء بحث واقع القوى الاجتماعية التي ستطبق هذه التوصيات وكيف ستجد هذه التوصيات طريقها إلى داخل المجتمع العربي بحيث تخلق حالة نهضة. وهذه التوصيات تبدأ بشكل عام بـ " يجب "، وهذه الـ " يجب " تنطلق من عالم الفكر وليس من الواقع الاجتماعي " مضمرة أو معلنة وكمثال، يقرر مفكر عربي معاصر لحل إشكالية النهضة، أن شرط النهضة العربية الجديدة " هو الإنسان الحر، والأنظمة الديمقراطية، واحترام الحقوق الأساسية للإنسان العربي ". وأيضاً كمثال آخر ما يقرره مفكر معاصر آخر لحل إشكالية الديمقراطية " ويجب أن نبدأ ببناء مؤسسات المجتمع المدني، وترسيخ مبدأ فصل السلطات. ويجب أن تتكامل هذه البداية مع تحقيق مبادئ سيادة القانون وتكافؤ الفرص والتعددية السياسية وتوسيع قاعدة صنع القرار "، ويرغب المرء حقاً أن يكون التفاهم بين نظام الحكم والشعب لتحقيق الديمقراطية عبر تلك الـ " يجبات " ممكناً بهذه السهولة ولكن ليس كل ما يرغب به المرء يتحقق، والتغيير لن يحصل بمجرد وعي ضرورة التغيير، لقد وعى العرب أن التنمية الاقتصادية أصبحت ضرورة تاريخية، وأنه لا بد من نهضة الوطن حتى يدخل إلى العصر الحديث كقوة فاعلة، لكن كافة مشاريع التنمية في عصري " النهضة " و" الثورة " قد فشلت لأسباب داخلية وخارجية، ودخل المجتمع العربي في مرحلة الهزيمة الحضارية، مما دفع الدكتور فوزي منصور لوصف العرب بأنهم يعيشون في مأزق تاريخي، حدده مترجم الكتاب بأن " العرب يخرجون من التاريخ ". وكان شبلي شميل قد لاحظ أن " من ينتظر الإصلاح عفواً من أية حكومة كانت يجهل بلا شك تاريخ نشوء الأمم في العمران، وها التاريخ يعلمنا أن الحكومات في كل زمان ومكان هي آخر من يدعو إلى الإصلاح ". ويوضح أ ......
#الكتلة
#التاريخية
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=760704
الحوار المتمدن
محمد علي سليمان - حول - الكتلة التاريخية -
محمد علي سليمان : أمواج فصل من قصة
#الحوار_المتمدن
#محمد_علي_سليمان من ينقذ حورية بحر تتحقق أمنيتهطول عمره عزيز يحب الخريف في مدينته الصغيرة التي تعانق البحر، وطول عمره يحب أن يتسكع في شوارع الخريف وحيداً، يتسكع بتثاقل ويحدق بالعمارات الحديثة والمحلات الأنيقة التي تضج بأنوار متقطعة رائعة الألوان، والشوارع التي تزدحم بأوراق أشجار الخريف التي تلعب بها رياح الخريف اللطيفة، وتزين بها الأرصفة والشوارع الإسفلتية. لكن وكما هربت الحياة من عزيز، هربت منه تلك المدينة البحرية الصغيرة، وأصبح يشعر بالغربة في شوارع الخريف. وطول عمره عزيز يعرف أن الرجل متى تحمل شياطينه لفترة طويلة سوف تتحكم به، وقد تجعله شيطاناً آخر. كما أن عزيز يعرف إنه طول عمره الذي كتب له على هذه الأرض سوف يقاوم تلك الشياطين التي لا تريد أن تغادره أبداً. يخرج عزيز من غرفته الصغيرة في حارة البحر، تلك الغرفة التي تبدو مثل كهف، وقد كانت غرفة ضيقة ومظلمة ورطبة، الساعة السابعة والنصف صباحاً، في الساعة الثامنة إلا ربع يكون قدام مكتبة الشرق، يشتري جرائد اليوم، وفي تمام الساعة الثامنة يكون في مقهى البحر. يرمي عزيز الجرائد على الطاولة، ويجلس على الكرسي، ويحدق بأمواج البحر التي تتدحرج صوب الشاطئ حتى يحضر أبو عابد فنجان القهوة. لا يتأخر أبو عابد عادة بإحضار فنجان القهوة السادة، فقد تخلى عزيز عن السكر من أجل صحته بعد أن أصبحت الشعيبيات بالجبنة التي تسبح بالقطر في صينية الحوراني، والتي يدور بها على عربته العتيقة في شوارع المدينة، تجعله يدوخ. يضع أبو عابد فنجان القهوة على الطاولة بصمت ويبتعد، ففي الصباح يحتل عزيز صمت غريب. يشعل عزيز سيكارة من علبة الحمرا القديمة، ويأخذ رشفة من فنجان القهوة سكر قليل، وكان يتناول في البداية جريدة السفير رغم أنها من يوم سابق، ثم استبدلها بعد أن طال غيابها منذ وقت غير بعيد بجريدة الأخبار وهي من يوم سابق أيضاً. ويبدأ عزيز قراءة الجريدة من أول صفحة، كان يقرأ الجريدة من الصفحة الثقافية، ثم يقلب الصفحات الأخرى ويختار مقالات حسب مزاجه وغالباً ما تكون فكرية، لكنه صار يبدأ من الأخبار السياسية ثم ينتقل إلى التحليل السياسي، وأخيراً كان ينتهي مع الصفحة الثقافية. لقد أصبح عزيز، منذ زمن ليس طويلاً، يقرأ في الجرائد الأخبار السياسية كلمة كلمة، بل إنه كان يبحث فيما خلف الكلمات وكأنه يقرأ أحلام شبابه التي كانت تزهر بعد أن كان قد أيقن أن تلك الأحلام جفت، لم يكن عزيز يتصور أن الأرض التي جفت يمكن أن تزهر بربيع آخر من خارج الزمن الراكد كمستنقع. ينظر عزيز إلى وجوه أهل المقهى، وجوه رجال عجائز حزينة وتنبض بكآبة غريبة لها رائحة المتاهة، وجوه رجال عجائز أخرى تحدق بالبحر وكأنها تحدق بالعدم، وجوه رجال آخرين يقتلون وقتهم بلعب الورق وطاولة الزهر، كأنهم يزيحون غضباً يضج في داخلهم، غضباً أشبه بجبال تتراكم فوقها صواعق وأمطار وثلوج وغبار وبقايا أشجار وأحجار، جبال تحترق بأمواج من نار تتدحرج كما أمواج البحر. وهناك أيضاً وجوه شباب يدخنون الأراكيل ويشربون القهوة وكأنهم ينتظرون الذي سوف يأتي ولم يأت بعد، وربما لن يأتي أبداً. وجوه ابتلعها الصمت، لا يسمع عزيز في المقهى غير قرقرات الأراكيل ودقات أحجار الطاولة وتدحرجات الزهر. كان عزيز ينزعج من صخب المقهى أحياناً بمناسبة، وفي أحيان أخرى بدون مناسبة، صخب يضج بحيوية الحياة، لكن الصمت في ذلك الصباح الخريفي مثل صمت المقابر، وكان دخان الأراكيل ودخان السكاير يتموج في فضاء المقهى وكأنه الضباب يخيم في فضاء المدينة، رغم أن رجال المقهى لم يهجروا ألعابهم الصغيرة لكنهم رحلوا أكثر إلى دواخلهم وكأنهم في مأتم. ينظر عزيز إلى الصفحة ا ......
#أمواج
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=765338
#الحوار_المتمدن
#محمد_علي_سليمان من ينقذ حورية بحر تتحقق أمنيتهطول عمره عزيز يحب الخريف في مدينته الصغيرة التي تعانق البحر، وطول عمره يحب أن يتسكع في شوارع الخريف وحيداً، يتسكع بتثاقل ويحدق بالعمارات الحديثة والمحلات الأنيقة التي تضج بأنوار متقطعة رائعة الألوان، والشوارع التي تزدحم بأوراق أشجار الخريف التي تلعب بها رياح الخريف اللطيفة، وتزين بها الأرصفة والشوارع الإسفلتية. لكن وكما هربت الحياة من عزيز، هربت منه تلك المدينة البحرية الصغيرة، وأصبح يشعر بالغربة في شوارع الخريف. وطول عمره عزيز يعرف أن الرجل متى تحمل شياطينه لفترة طويلة سوف تتحكم به، وقد تجعله شيطاناً آخر. كما أن عزيز يعرف إنه طول عمره الذي كتب له على هذه الأرض سوف يقاوم تلك الشياطين التي لا تريد أن تغادره أبداً. يخرج عزيز من غرفته الصغيرة في حارة البحر، تلك الغرفة التي تبدو مثل كهف، وقد كانت غرفة ضيقة ومظلمة ورطبة، الساعة السابعة والنصف صباحاً، في الساعة الثامنة إلا ربع يكون قدام مكتبة الشرق، يشتري جرائد اليوم، وفي تمام الساعة الثامنة يكون في مقهى البحر. يرمي عزيز الجرائد على الطاولة، ويجلس على الكرسي، ويحدق بأمواج البحر التي تتدحرج صوب الشاطئ حتى يحضر أبو عابد فنجان القهوة. لا يتأخر أبو عابد عادة بإحضار فنجان القهوة السادة، فقد تخلى عزيز عن السكر من أجل صحته بعد أن أصبحت الشعيبيات بالجبنة التي تسبح بالقطر في صينية الحوراني، والتي يدور بها على عربته العتيقة في شوارع المدينة، تجعله يدوخ. يضع أبو عابد فنجان القهوة على الطاولة بصمت ويبتعد، ففي الصباح يحتل عزيز صمت غريب. يشعل عزيز سيكارة من علبة الحمرا القديمة، ويأخذ رشفة من فنجان القهوة سكر قليل، وكان يتناول في البداية جريدة السفير رغم أنها من يوم سابق، ثم استبدلها بعد أن طال غيابها منذ وقت غير بعيد بجريدة الأخبار وهي من يوم سابق أيضاً. ويبدأ عزيز قراءة الجريدة من أول صفحة، كان يقرأ الجريدة من الصفحة الثقافية، ثم يقلب الصفحات الأخرى ويختار مقالات حسب مزاجه وغالباً ما تكون فكرية، لكنه صار يبدأ من الأخبار السياسية ثم ينتقل إلى التحليل السياسي، وأخيراً كان ينتهي مع الصفحة الثقافية. لقد أصبح عزيز، منذ زمن ليس طويلاً، يقرأ في الجرائد الأخبار السياسية كلمة كلمة، بل إنه كان يبحث فيما خلف الكلمات وكأنه يقرأ أحلام شبابه التي كانت تزهر بعد أن كان قد أيقن أن تلك الأحلام جفت، لم يكن عزيز يتصور أن الأرض التي جفت يمكن أن تزهر بربيع آخر من خارج الزمن الراكد كمستنقع. ينظر عزيز إلى وجوه أهل المقهى، وجوه رجال عجائز حزينة وتنبض بكآبة غريبة لها رائحة المتاهة، وجوه رجال عجائز أخرى تحدق بالبحر وكأنها تحدق بالعدم، وجوه رجال آخرين يقتلون وقتهم بلعب الورق وطاولة الزهر، كأنهم يزيحون غضباً يضج في داخلهم، غضباً أشبه بجبال تتراكم فوقها صواعق وأمطار وثلوج وغبار وبقايا أشجار وأحجار، جبال تحترق بأمواج من نار تتدحرج كما أمواج البحر. وهناك أيضاً وجوه شباب يدخنون الأراكيل ويشربون القهوة وكأنهم ينتظرون الذي سوف يأتي ولم يأت بعد، وربما لن يأتي أبداً. وجوه ابتلعها الصمت، لا يسمع عزيز في المقهى غير قرقرات الأراكيل ودقات أحجار الطاولة وتدحرجات الزهر. كان عزيز ينزعج من صخب المقهى أحياناً بمناسبة، وفي أحيان أخرى بدون مناسبة، صخب يضج بحيوية الحياة، لكن الصمت في ذلك الصباح الخريفي مثل صمت المقابر، وكان دخان الأراكيل ودخان السكاير يتموج في فضاء المقهى وكأنه الضباب يخيم في فضاء المدينة، رغم أن رجال المقهى لم يهجروا ألعابهم الصغيرة لكنهم رحلوا أكثر إلى دواخلهم وكأنهم في مأتم. ينظر عزيز إلى الصفحة ا ......
#أمواج
لقراءة المزيد من الموضوع انقر على الرابط ادناه:
https://ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=765338
الحوار المتمدن
محمد علي سليمان - أمواج فصل من قصة