أبو حفص الأثري
187 subscribers
126 photos
23 videos
29 files
86 links
Download Telegram
قال ابن أبي حاتم في تفسيره:
حدثنا أبو زرعة، ثنا صفوان، ثنا الوليد، ثنا سعيد، عن قتادة، في قول الله: ﴿ولا تلبسوا الحق بالباطل﴾ [البقرة ٤٢] قال: لا تلبسوا اليهودية، والنصرانية بالإسلام، إن دين الله الإسلام، واليهودية، والنصرانية بدعة ليست من الله"
قال أبو محمد: وروي عن سعيد بن جبير، والربيع بن أنس نحو ما ذكرنا عن أبي العالية، وروي عن الحسن نحو قول قتادة.
قال ابن القيم في إغاثة اللهفان:
ولا تحسب أيها المنعم عليه باتباع صراط الله المستقيم، صراط أهل نعمته ورحمته وكرامته! أن النهي عن اتخاذ القبور أوثانا وأعيادا وأنصابا، والنهي عن اتخاذها مساجد، وبناء المساجد عليها، وإيقاد السرج عليها، والسفر إليها، والنذر إليها، واستلامها، وتقبيلها، وتعفير الجباه في عرصاتها غض من أصحابها، ولا تنقيص لهم، كما يحسبه أهل الإشراك والضلال؛ بل ذلك من إكرامهم، وتعظيمهم، واحترامهم، ومتابعتهم فيما يحبونه، وتجنب ما يكرهونه، فأنت والله وليهم ومحبهم، وناصر طريقتهم وسنتهم، وعلى هديهم ومنهاجهم، وهؤلاء المشركون أعصى الناس لهم، وأبعدهم من هديهم ومتابعتهم، كالنصارى مع المسيح عليه السلام، واليهود
مع موسى عليه السلام، والرافضة مع علي رضي الله عنه.
فأهل الحق أولى بأهل الحق من أهل الباطل، ﴿والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض﴾ [التوبة ٧١]، و﴿المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض﴾ [التوبة ٦٧].
فاعلم أن القلوب إذا اشتغلت بالبدع أعرضت عن السنن، فتجد أكثر هؤلاء العاكفين على القبور معرضين عن طريقة من فيها وهديه وسنته، مشتغلين بقبره عما أمر به ودعا إليه! وتعظيم الأنبياء والصالحين ومحبتهم إنما هو باتباع ما دعوا إليه من العلم النافع والعمل الصالح، واقتفاء آثارهم، وسلوك طريقتهم، دون عبادة قبورهم، والعكوف عليها، واتخاذها أعيادا.
فإن من اقتفى آثارهم كان متسببا إلى تكثير أجورهم؛ باتباعه لهم، ودعوته الناس إلى اتباعهم، فإذا أعرض عما دعوا إليه، واشتغل بضده، حرم نفسه وحرمهم ذلك الأجر، فأي تعظيم لهم واحترام في هذا؟
وإنما اشتغل كثير من الناس بأنواع من العبادات المبتدعة، التي يكرهها الله ورسوله؛ لإعراضهم عن المشروع أو بعضه، وإن قاموا بصورته الظاهرة فقد هجروا حقيقته المقصودة منه؛ وإلا فمن أقبل على الصلوات الخمس بوجهه وقلبه، عارفا بما اشتملت عليه من الكلم الطيب والعمل الصالح، مهتما بها كل الاهتمام، أغنته عن الشرك، وكل من قصر فيها أوفي بعضها تجد فيه من الشرك بحسب ذلك.
ومن أصغى إلى كلام الله بقلبه، وتدبره وتفهمه، أغناه عن السماع الشيطاني الذي يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، وينبت النفاق في القلب، وكذلك من أصغى إليه وإلى حديث الرسول - ﷺ - بكليته، وحدث نفسه باقتباس الهدى والعلم منه لا من غيره، أغناه عن البدع والآراء والتخرصات والشطحات والخيالات، التي هي وساوس النفوس وتخيلاتها.
ومن بعد عن ذلك فلا بد له أن يتعوض عنه بما لا ينفعه، كما أن من عمر قلبه بمحبة الله وذكره، وخشيته، والتوكل عليه، والإنابة إليه، أغناه ذلك عن محبة غيره وخشيته والتوكل عليه، وأغناه أيضا عن عشق الصور، وإذا خلا من ذلك صار عبد هواه، أي شيء استحسنه ملكه واستعبده.
فالمعرض عن التوحيد مشرك شاء أم أبى، والمعرض عن السنة مبتدع ضال شاء أم أبى، والمعرض عن محبة الله وذكره عبد الصور شاء أم أبى، والله المستعان، وعليه التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
زمنُ الفتنِ ليسَ شرًا محضًا،
بل فيهِ منافعُ عظيمةٌ لأهلِ الإيمانِ والعبادةِ الثابتينَ الصابرين،
فلا ينبغي الإنشغالُ بذمِ أزمنةِ الفتنة عن جني المكاسبِ التي لا تتحققُ إلا فيها،
فقد جاءَ أن العابدَ في زمنِ الفتنِ لهُ أجرُ هجرةٍ إلى النبي ﷺ بل ولهُ أجرُ خمسينَ مِن الصحابةِ رضي الله عنهم..
"فشمروا عن سواعدكم فهذا زمانكم".

منقول
Forwarded from السُنَّة من مسائِل حرب (خَالِدْ مَحْمُود)
٧٥ - " فمن سَبَّ أصحابَ رسولِ الله ﷺ، أو أحدًا منهُم، أو تنقَّصَهُ، أو طعنَ عليهم، أو عرَّضَ بِعيبِهم، أو عابَ أحدًا مِنهم بقليلٍ أو كثيرٍ؛ أو دِقٍّ أو جِلٍّ، مما يُتطرَّقُ به إلى الوقيعةِ في أحدٍ منهم؛ فهو مُبتدعٌ، رَافِضيٌّ، خَبيثٌ، مخالفٌ، لا قَبِلَ اللهُ صرفَهُ، ولا عدلَهُ؛ بل حُبُّهم سُنَّةٌ، والدُّعاءُ لهم قُربَةٌ، والاقتِداءُ بهم وسيلةٌ، والأخذُ بآثارِهم فضيلةٌ ".

[السُنَّة من مَسَائل حَرْب صـ ٥٤]
قال أبو بكر الخلال في كتاب السنة:
٦٥٩- أخبرني محمد بن أبي هارون، ومحمد بن جعفر، أن أبا الحارث حدثهم قال: وجهنا رقعة إلى أبي عبد الله: ما تقول رحمك الله فيمن قال: لا أقول إن معاوية كاتب الوحي، ولا أقول إنه خال المؤمنين، فإنه أخذها بالسيف غصبا؟ قال أبو عبد الله: هذا قول سوء رديء، يجانبون هؤلاء القوم، ولا يُجَالَسُون، ونُبين أمرهم للناس.
قال أبو بكر الخلال في كتاب السنة:
٦٦٤- أخبرني أبو بكر المروذي، قال: كتب إلينا علي بن خشرم قال: سمعت بشر بن الحارث، يقول: سئل المعافى وأنا أسمع، أو سألته: معاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز؟، فقال: «كان معاوية أفضل من ستمائة مثل عمر بن عبد العزيز»
قال أبو بكر الخلال في كتاب السنة:
٦٦٨- أخبرنا محمد بن علي، قال: ثنا أبو بكر الأثرم، قال: ثنا عمر بن جبلة، قال: ثنا محمد بن مروان، عن يونس، عن قتادة، قال: "لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم: هذا المهدي."
قال ابن أبي الدنيا في محاسبة النفس:
١٢٩- حدثني هارون بن موسى بن أبي علقمة القروي المدني، حدثني أبو عزبة الأنصاري، قال: كان قوما من أهل المدينة يجتمعون في مجلس لهم بالليل يسمرون فيه فلما قتل الناس يوم الحرة قتلوا ونجا منهم رجل فجاء إلى مجلسه فلم يحس منهم أحدا ثم جاء الليلة الثانية فلم يحس منهم أحدا ثم جاء الليلة الثالثة فلم يحس منهم أحدا فعلم أنه قد قتلوا فتمثل بهذا البيت:
ألا ذهب الكماة وخلفوني … كفى حزنًا بذكري للكماة

قال: فنودي من جانب المجلس:
فدع عنك الكماة فقد تولت … ونفسك فابكها قبل الممات
فكل جماعة لا بد يومًا … يفرق بينها شعث الشتات
سبحان الله..
شخص دنيوي تافه قليل الحياء لا عقل عنده، صفر في العلم،
لكنه ذكي ويحسن الإنشاء، وبس يكتب في الأمور الاجتماعية والغزل والكلام الفارغ ويهذي ويتكلم في كل (تريند) أنت أعطاك الله عقلًا، لماذا تشغل نفسك بناس بهذا المستوى؟ إلى هذه الدرجة وصل الجهل والسفه والفراغ النفسي والفكري؟!

من لم ير هؤلاء ولم يعرفهم فهو في عافية؛ فليحمد الله عليها.
Forwarded from .
روى ابن أبي الدنيا في التهجد وقيام الليل،

قول رجل:

"كم من قائم لله في هذا الليل قد اغتبط بقيامه في ظلمة حفرته،
وكم من نائم في هذا الليل قد ندم على طول نومه عندما يرى من كرامة الله للعابدين غدا،
فاغتنموا ممر الساعات والليالي والأيام رحمكم الله."


#الوتر
Forwarded from شذرات علمية
قرأت بخط الحافظ أبي محمد البرزالي قال: قرأت بخط الحافظ ضياء الدين المقدسي، قال:
كتب بعضهم إلى أبي الوفاء بن عقيل يقول له: صف لي أصحاب الإمام أحمد على ما عرفت من الإنصاف.
فكتب إليه يقول: هم قوم خشن، تقلصت أخلاقهم عن المخالطة، وغلظت طباعهم عن المداخلة، وغلب عليهم الجد، وقل عندهم الهزل، وغربت نفوسهم عن ذل المراءاة، وفزعوا عن الآراء إلى الروايات، وتمسكوا بالظاهر تحرجا عن التأويل، وغلبت عليهم الأعمال الصالحة، فلم يدققوا في العلوم الغامضة، بل دققوا في الورع، وأخذوا ما ظهر من العلوم، وما وراء ذلك قالوا: الله أعلم بما فيها، من خشية باريها. لم أحفظ على أحد منهم تشبيها، إنما غلبت عليهم الشناعة لإيمانهم بظواهر الآي والأخبار، من غير تأويل ولا إنكار. والله يعلم أنني لا أعتقد في الإسلام طائفة محقة، خالية من البدع، سوى من سلك هذا الطريق. والسلام.

ذيل طبقات الحنابلة
Forwarded from .
[كيف تستعد لقيام الليل؟]

كان العباد الزهاد من السلف الأخيار
يستعدون لقيام الليل

"بحفظ القران"

بل كأنهم لم يحفظوا القران إلا ليقرأوا منه في الليل!،
حتى قائل قائلهم:

"فتية يعرف التخشع فيهم
كلهم أحكم القرآن غلاما

قد برى جلده التهجد حتى
عاد جلدا مصفرا وعظاما

تتجافى عن الفراش من الخوف
إذا الجاهلون باتوا نياما

بأنين وعبرة ونحيب
ويظلون بالنهار صياما

يقرؤون القرآن لا ريب فيه
ويبيتون سجدا وقياما. "

"وقد قال بعض من ذاق:
احفظ ما تيسر لك من سور القرآن
حفظاً متقناً
كالمفصل -وهو آخر أربعة أجزاء -
أو ما شئت من السور،
واقرأ تفسيراً مختصرا لها، ثم جرّب أن تقوم بها في صلاة الليل،
لتدرك شيئاً من اللذة التي شعر بها أهل القيام"،
وذلك أن القراء الطويلة من المصحف في صلاة الليل تجلب الملل،وتذهب الخشوع،وأشق منه حال من يداوم في قيامه على قراءة قصار السور يكررها يوميًا!،
والحل أن تستعين بالله على حفظ ما تيسر لك.

‏اللهم أعنّا على طاعتك وبلّغنا جنتك
قال الطبري في تفسيره:
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا مؤمل، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، قال: قال ابن عباس: " التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله "
قال الشيخ فيصل المبارك في كتابه توفيق الرحمن: " وتجادل رجلان فيما يفعله الجهال عند القبور من دعاء الموتى، وطلب الحاجات منهم، فقال أحدهما: هذا شرك؛ لأن الله تعالى يقول: … {وأن المساجد لله
فلا تدعوا مع الله أحدا}، فقال الآخر: ما يجوز لمثلي ومثلك أن يفسر القرآن. فسكت الرجل، وكان حليما وهو في بيت الآخر، فخرجت عليهم جارية جميلة فقال: يا فلان من هذه؟ قال: بنتي. فقال: لو تزوجتها. فضحك به وقال: أتزوج بنتي! فقال الرجل: هل في ذلك بأس. فقال: ما تسمع قول الله تعالى: ﴿حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم﴾ فقال: إنك تقول ما يجوز لمثلي ومثلك أن يفسر القرآن."

قال الشيخ حمد بن ناصر بن معمر رحمه الله تعالى:
إن الله تعالى أرسل الرسل مبشرين ومنذرين، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، فكل من بلغه القرآن ودعوة الرسول صلى الله عليه وسلم فقد قامت عليه الحجة قال الله تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [سورة الأنعام آية: ١٩] ، وقال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} [سورة الإسراء آية: ١٥] .
وقد أجمع العلماء على أن من بلغته دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم أن حجة الله قائمة عليه. ومعلوم بالاضطرار من الدين: أن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه الكتاب ليعبد وحده ولا يشرك معه غيره، فلا يدعى إلا هو، ولا يذبح إلا له، ولا ينذر إلا له، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يخاف خوف السر إلا منه.
والقرآن مملوء من هذا، قال الله تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} [سورة الجن آية: ١٨] ، وقال: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ} [سورة الرعد آية: ١٤] ، وقال: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ} [سورة يونس آية: ١٠٦] ، وقال: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [سورة الكوثر آية: ٢] ، وقال: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [سورة المائدة آية: ٢٣] ، وقال: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [سورة هود آية: ١٢٣] ، وقال: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [سورة البقرة آية: ٤٠] ، وقال: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [سورة آل عمران آية: ١٧٥] ، وقال: {وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ} [سورة التوبة آية: ١٨] ، والآيات الواردة في هذا المعنى كثيرة.
والله تعالى: لا يعذب خلقه إلا بعد الإعذار إليهم، فأرسل رسله وأنزل كتبه، لئلا يقولوا: {لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين} [سورة القصص آية: ٤٧] ، وقال: {ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى} [سورة طه آية: ١٣٤] .
وكل من بلغه القرآن فليس بمعذور؛ فإن الأصول الكبار، التي هي أصل دين الإسلام، قد بينها الله تعالى في كتابه، وأوضحها وأقام بها حجته على عباده. وليس المراد بقيام الحجة أن يفهمها الإنسان فهما جليا، كما يفهمها من هداه الله ووفقه، وانقاد لأمره; فإن الكفار قد قامت عليهم الحجة من الله تعالى، مع إخباره بأنه جعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوا كلامه، فقال: {وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا} [سورة الأنعام آية: ٢٥] .
وقال: {قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء والذين لا يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى} [سورة فصلت آية: ٤٤] ، وقال تعالى: {إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون} [سورة الأعراف آية: ٣٠] ، وقال تعالى: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاالذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} [سورة الكهف آية: ١٠٣-١٠٤] .
والآيات في هذا المعنى كثيرة؛ يخبر سبحانه أنهم لم يفهموا القرآن ولم يفقهوه، وأنه عاقبهم بالأكنة على قلوبهم، والوقر في آذانهم، وأنه ختم على قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم؛ فلم يعذرهم مع هذا كله؛ بل حكم بكفرهم وأمر بقتالهم، وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم بكفرهم ; فهذا يبين لك أن بلوغ الحجة نوع، وفهمها نوع آخر.
وقد سئل شيخنا رحمه الله تعالى، عن هذه المسألة، فأجاب السائل بقوله: من العجب العجاب، كيف تشكون في هذا، وقد وضحته لكم مرارا؟! فإن الذي لم تقم عليه الحجة، هو الذي حديث عهد بالإسلام، والذي نشأ ببادية بعيدة، أو يكون في مسألة خفية، مثل الصرف والعطف، فلا يكفر حتى يعرف; وأما أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه، فإن حجة الله هي القرآن؛ فمن بلغه فقد بلغته الحجة.
الدرر السنية في الأجوبة النجدية (١١/ ٧١-٧٤)
قال ابن سحمان في الضياء الشارق:

فصلُ:
وأما قوله: (قال السبكي، والقسطلاني في «المواهب اللدنية» والسمهودي في «تاريخ المدينة» وابن حجر في «الجوهر المنظم»: إن الاستغاثة به -صلى الله عليه وسلم - وبغيره من الأنبياء والصالحين إنما هي بمعنى التوسل بجاههم، والمستغيث يطلب من المستغاث به أن يجعل له الغوث ممن هو أعلى منه، فالمستغاث به في الحقيقة هو الله تعالى، والنبي ﷺ واسطة بين المستغيث وبين المستغاث به الحقيقي، فالغوث منه تعالى إنما يكون خلقا وإيجادا، والغوث من النبي تسببا وكسبا).
فالجواب أن يقال: وهكذا كان المشركون السابقون الذين بعث الله الرسول إليهم، فإنهم كانوا يعلمون أن الله تعالى هو الخالق الموجد، وأما الأصنام فيقولون إنها أسباب ووسائل عادية، فمن أجل ذلك كانوا يدعونهم، ويستغيثون بهم ويعبدونهم، وهذا هو دأب عبدة الصالحين والقبور في هذا الزمان، يدعونهم ويستغيثون بهم، وينحرون لهم، وينذرون لهم، والدعاء والاستغاثة والنحر، والنذر كلها من أقسام العبادة.
وإذا جعلتم لفظ الدعاء والاستغاثة والنحر والنذر التي هي من أقسام العبادة على معناه المجازي، فكذلك فليحمل لفظ العبادة الواقع في كلام المشركين الأولين الذين حكاه الله تعالى عنهم، حيث قال سبحانه وتعالى: ﴿ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى﴾ [الزمر ٣] فما وجه الفرق؟!
قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في "رده على ابن البكري في مسألة الاستغاثة: وأنه حرف الكلم عن مواضعه، وتمسك بمتشابهه، وترك المحكم، كما يفعله النصارى، وكما فعل هذا الضال -يعني ابن البكري- أخذ لفظة الاستغاثة وهي تنقسم إلى الاستغاثة بالحي والميت، والاستغاثة بالحي تكون فيما يقدر عليه، فجعل حكم ذلك كله واحدا، ولم يكفه حتى جعل السؤال بالشخص من مسمى الاستغاثة، ولم يكفه ذلك حتى جعل الطالب منه إنما طلب من الله لا منه، فالمستغيث به مستغيث بالله، ثم جعل الاستغاثة بكل ميت من نبي وصالح جائزة، فدخل عليه الخطأ من وجوه:
منها: أنه جعل المتوسل به بعد موته في دعاء الله مستغاثا به، وهذا لا يعرف في لغة أحد من الأمم، لا حقيقة ولا مجازا، مع دعواه الإجماع على ذلك، فإن المستغاث هو المسئول المطلوب منه لا المسئول به.
الثاني: ظنه أن توسل الصحابة في حياته، فإن توسلا بذاته ﷺ لا بدعائه وشفاعته، فيكون التوسل به بعد موته كذلك، وهذا غلط.
الثالث أنه أدرج السؤال أيضا في الاستغاثة به، وهذا صحيح جائز في حياته، وهو قد سوى في ذلك بين محياه ومماته، وهذا أصاب في لفظ الاستغاثة، لكن أخطأ في التسوية بين المحيا والممات..
وقال في الرسالة «السنية»: فإذا كان على عهد رسول الله ﷺ ممن انتسب إلى الإسلام من مرق منه مع عبادته العظيمة، فليعلم أن المنتسب إلى الإسلام والسنة في هذه الأزمان قد يمرق أيضا من الإسلام لأسباب منها:
الغلو في بعض المشايخ، بل الغلو في علي بن أبي طالب، بل الغلو في المسيح عليه السلام، فكل من غلا في نبي أو رجل صالح، وجعل فيه نوعا من الإلهية، مثل أن يقول: يا سيدي فلان انصرني، أو أغثني، أو ارزقني، أو أنا في حسبك، ونحو هذه الأقوال، فكل هذا شرك وضلال، يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل، فإن الله سبحانه وتعالى إنما أرسل الرسل، وأنزل الكتب، ليعبدوه وحده لا شريك له، ولا يدعى معه إله، والذين يدعون مع الله آلهة أخرى مثل المسيح والملائكة والأصنام، لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق، أو تنزل المطر، أو تنبت النبات، وإنما كانوا يعبدونهم أو يعبدون قبورهم، أو يعبدون صورهم، يقولون: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى. ويقولون: هؤلاء شفعاؤنا عند الله. فبعث الله سبحانه رسله تنهى عن أن يدعى أحد من دونه، لا دعاء عبادة ولا دعاء استغاثة. انتهى. وقال أيضا: من جعل بينه وبين الله وسائط، يتوكل عليهم، ويدعوهم، ويسألهم: كفر إجماعا. نقله عنه صاحب «الفروع» وصاحب «الإنصاف» وصاحب «الإقناع» وغيرهم.
وقال الحافظ ابن عبد الهادي في رده على السبكي في قوله: (إن المبالغة في تعظيمة -أي الرسول ﷺ- واجبة): إن أريد به المبالغة بحسب ما يراه كل أحد تعظيما حتى الحج إلى قبره، والسجود له، والطواف به، واعتقاد أنه يعلم الغيب، وأنه يعطي ويمنع، ويملك لمن استغاث به من دون الله الضر والنفع، وأنه يقضي حوائج السائلين، ويفرج كربات المكروبين، وأنه يشفع فيمن يشاء، ويدخل الجنة من يشاء، فدعوى المبالغة في هذا التعظيم مبالغة في الشرك، وانسلاخ من جملة الدين. اهـ =
وأما قوله: (فالغوث منه تعالى إنما يكون خلقا وإيجادا، والغوث من النبي ﷺ إنما يكون تسببا وكسبا).
فأقول: هكذا كانت مشركوا الجاهلية حذو النعل بالنعل، كانوا يدعون الصالحين، والأنبياء والمرسلين، طالبين منهم الشفاعة عند رب العالمين، كما قال تعالى: ﴿ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله﴾ [يونس ١٨]، وقال تعالى: ﴿ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى﴾ [الزمر ٣].
على أن القول بأن إسناد الغوث إلى الله تعالى إسناد حقيقي باعتبار الخلق والإيجاد، وإلى الأنبياء والصالحين إسناد مجازي باعتبار التسبب والكسب: بديهي البطلان، بيانه من وجوه:
الأول: أنه لو كان مناط الإسناد الحقيقي اعتبار الخلق والإيجاد -كما توهمه صاحب الرسالة- لزم أن يكون إسناد أفعال العباد كلها إلى الله تعالى حقيقيا، فإن اعتقاد أهل السنة والجماعة أن الخالق لأفعال العباد هو الله تعالى، وهذا يقتضي أن يتصف الله تعالى حقيقة بالإيمان، والصلاة والزكاة، والصوم والحج والجهاد وصلة الرحم، وغير ذلك من الأعمال الحسنة، وكذلك يتصف حقيقة بالأعمال السيئة، من الكفر والشرك والفسق والفجور، والزنا والكذب والسرقة والعقوق، وقتل النفس وأكل الربا، وغيرها، فإنه تعالى هو الخالق لجميع الأفعال حسنها وسيئها، والتزام هذا فعل من لا عقل له ولا دين، فإنه يستلزم اتصاف الله تعالى بالنقائص وصفات الحدوث، واجتماع الأوصاف المتضادة، بل المتناقضة.
وقد قال شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية قدس الله روحه ونور ضريحه، في كتاب «الاستغاثة» في الرد على ابن البكري لما استدل بقوله تعالى: ﴿وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى﴾ [الأنفال ١٧] على ما لفقه من أضاليله، وما موه به من أباطيله وأساجيله، قال في أثناء جوابه على ما شبه به ابن البكري، وعما يبين ذلك:
إن أفعال العباد لا يجوز أن تنفى عنهم باتفاق المسلمين، من قال: إن الله خالقها، ومن قال: إنه لم يخلقها، لا يجوز أن يقال: هذا ما أكل، ولا شرب، ولا قعد، ولا ركب ولا طاف، ولا ركع ولا سجد، ولا صام ولا سعى، ولكن الله هو الذي أكل وشرب وقعد وركب وطاف وركع وسجد، وصام وسعى. وسواء كانت أفعالا محمودة أو مذمومة، وسواء كانت سببا لخرق العادة، أم لا، فلا يقال إن موسى ما ضرب بعصاه البحر، ولا الحجر، ولكن الله ضرب، ولا يقال: إن نوحا ما ركب في السفينة، ولكن الله ركب، ولا يقال: إن المسيح ما ارتفع، بل الله ارتفع، ولا يقال إن محمدا ﷺ ما ركب البراق، بل الله ركب، وأمثال هذا.
والفعل المختص بالمخلوق لا يضاف إلى الله إلا على بيان أن الله خلقه، وجعل صاحبه فاعلا، كقوله الخليل عليه السلام: ﴿رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي﴾ [إبراهيم:٤٠]، وكما قال: ﴿ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك﴾ [البقرة ١٢٨]، وقال تعالى: ﴿وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار﴾ [القصص ٤١]، ولا يقال: إن الله يقيم الصلاة، ويدعو إلى النار، ولا أنه قد أسلم، وقال تعالى: ﴿إن الأنسان خلق هلوعا. إذا مسه الشر جزوعا. وإذا مسه الخير منوعا﴾ [المعارج ١٩-٢٠-٢١]، ولا يوصف الله بالهلع والجزع.
وجماع الأمر أن الله لا يوصف بمخلوقاته.. انتهى.
والثاني: أنه لو كان مناط الإسناد المجازي اعتبار التسبب والكسب -كما زعم هذا الزاعم- لزمه أن لا يكون الإنسان حقيقة مؤمنا ولا كافرا، ولا برا ولا فاجرا، ولا كاذبا، فيبطل الجزاء والحساب، وتلغى الشرائع والجنة والنار، وهذا لا يقول به أحد من المسلمين.
والثالث: أن دعوى كون الأنبياء والصالحين سببا للغوث، وكسبا له، محتاج إلى إقامة الدليل، ودونه لا تسمع، وبالجملة فهذه شبهة داحضة، ووسوسة زاهقة، تنادي بأعلى نداء على صاحبها بالجهل والسفه.
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
وصية الشيخ خالد الفليج للطلاب وطلبة الثانوية

_______
الصوت الذي أُُلحق بكلام الشيخ في نفسي منه ريبة، ولكنه منخفض؛ فأرجو أنه لا بأس بنشر هذا.
Forwarded from قناة أبي حمزة
«قطعة تنشر لأول مرة من كتاب»

الشَّافِي في الفِقه

للفقيه الحنبلي
أبي بَكْرٍ عبد العزيز بن جعفر بن أحمدالبغدادي
المعروف بـ«غلام الخلال» رحمه الله
المتوفى 363هـ


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه الأمين محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد، فهذه قطعة يسيرة من كتاب «الشافي في الفقه» للفقيه الحنبلي أبي بكر عبد العزيز بن جعفر بن أحمد البغدادي المعروف بـ«غلام الخلال» رحمه الله مقابلاً على نسخته الخطية. وكتاب «الشافي» من كتب الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، والكتاب في عداد المفقود، وقد نقل منه عدد من أهل العلم منهم أبو يعلى وابن تيمية وابن القيم وابن رجب والمرداوي وغيرهم من الحنابلة، وهو كتاب كبير جدًا كما ذكر أبو يعلى وغيره وهو الذي اختصر منه كتابه الآخر «زاد المسافر».

وهذه النسخة لم تنشر من قبل، في حد علمي، فانتهزت الفرصة في نشرها لتعم الفائدة منها، فقمت بنسخها ثم قابلتها مرة أخرى، وترجمت للمصنف، وقمت بعزو الأحاديث والآثار على وجه الاختصار.

وسأنشر نسخة نصية بصيغة word و bok المخصصة للمكتبة الشاملة في الأيام القادمة إن شاء الله.

ختامًا، من وقف على غلط أو خلل في هذا الكتاب فليتكرم علي بالتنبيه لأصوبه وأستدركه وله مني الدعاء بجزيل الأجر والثواب.

أسأل الله أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ويثيبنا عليها إنه جواد كريم.

والحمد لله أولاً وآخرًا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
Forwarded from قناة أبي يحيى
قال رجل لأبي حازم: إنك متشدد!

قال: لا أتشدد وقد ترصدني أربعة عشر عدوا؟!

أما الأربعة:

فشيطان يفتتني،
ومؤمن يحسدني،
وكافر يقاتلني،
ومنافق يبغضني.

وأما العشرة:
فالجوع،
والعطش،
والعري،
والحر،
والبرد،
والمرض،
والفقر
والسؤال،
والموت،
والنار،

ولا أطيقهن إلا بسلاح، ولا أجد لهن سلاحا أفضل من التقوى.

[سير السلف لقِوام السنة]