«كان سيدي إبراهيم المتبولي رحمه الله يقول: العوامّ وإن نقصوا من حيثُ عدم تحقيقهم مراتب العلم، فقد أكرمهم اللّٰه تعالىٰ بأمور تكمِّلُهم: منها صحة اعتقادهم في اللّٰه ورسوله، وكثرة اعتقادهم في العلماء والصالحين. ومنها سلامة عقائدهم من الشُّبَه الكلامية والاعتقادات الفلسفية التي تطرق غالب المتكلمين. ومنها عدم ادعاء أحدهم العلم والتكبر به علىٰ الناس. ومنها إذا وقعوا في ذنب لا يزال أحدهم في خجل وحياء من اللّٰه عزَّ وجلَّ حتىٰ يلقاه، لا يرى أن ذلك الذنب مُحي عنه بطاعة من الطاعات، بخلاف الفقيه مثلًا، فربما عمل طاعة وظنَّ أن ذنبه قد مُحي بها».
الشعراني ت٩٧٣
الشعراني ت٩٧٣
«إنّ الصدامات في الفضاء الإلكتروني تفتقر إلى التهديد الكامن في العنف الجسدي، ولذلك فهي لا تُعدّ “رجولية” بالمعنى التقليدي. ففي العالم الافتراضي، لا يُتاح تصعيد النزاع إلا من خلال أنماط من العنف الأنثوي: كالتنمر العاطفي، والتلميحات المبطنة، والقيل والقال، والإقصاء الجماعي… وكلما انشغل الرجال بتجميع الجمهور ومراكمة المتابعين؛ ازداد ميلهم نحو صنع الدراما والانخراط فيها!».
- مارك غرانزا Mark Granza
- مارك غرانزا Mark Granza
كان أبو بكر الأبيض الشاعر (ت٥٢٥هـ) «من فحول شعراء المغرب المذكورين بالسبق فى الشعر والأدب»، سأله بعضهم يومًا عن حفظه كتاب "الغريب المصنف" لأبي عبيد: ينسب إليك أنك كبلت نفسك حتى حفظته؟، فقال: نعم، وفي ذلك أقول:
رِيعَتْ عجوزي إذ رأتني لابسًا
حِلقَ الحديد، وإنَّه ليروعُ
شدَّتْ على حيزومها وتمثَلَتْ
أمثالَها وفؤادُها مصدوعُ
قالت: هُبِلْتَ؟ فقلت: لا، بل همَّةٌ
هي عنصر العلياء والينبوعُ
سنَّ الفرزدق سنَّةً فتبعْتُه
إني لما سنَّ الكرامُ تبوعُ
وهو يشير إلى حكاية الفرزدق، فقد «وفد غالب بن صعصعة على عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، ومعه ابنه الفرزدق فقال له عليّ:من أنت؟ قال: غالب بن صعصعة. ثم قال له: يا أبا الأخطل من هذا الذي معك؟ قال: ابني وهو شاعر. فقال: علّمه القرآن فهو خير له من الشعر. فكان ذلك في نفس الفرزدق حتى قيد نفسه وآلى على نفسه أن لا يحل قيده حتى يحفظ القرآن، فحفظه في سنة».
رِيعَتْ عجوزي إذ رأتني لابسًا
حِلقَ الحديد، وإنَّه ليروعُ
شدَّتْ على حيزومها وتمثَلَتْ
أمثالَها وفؤادُها مصدوعُ
قالت: هُبِلْتَ؟ فقلت: لا، بل همَّةٌ
هي عنصر العلياء والينبوعُ
سنَّ الفرزدق سنَّةً فتبعْتُه
إني لما سنَّ الكرامُ تبوعُ
وهو يشير إلى حكاية الفرزدق، فقد «وفد غالب بن صعصعة على عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، ومعه ابنه الفرزدق فقال له عليّ:من أنت؟ قال: غالب بن صعصعة. ثم قال له: يا أبا الأخطل من هذا الذي معك؟ قال: ابني وهو شاعر. فقال: علّمه القرآن فهو خير له من الشعر. فكان ذلك في نفس الفرزدق حتى قيد نفسه وآلى على نفسه أن لا يحل قيده حتى يحفظ القرآن، فحفظه في سنة».
«الحُبّ الحقيقي هو أن تغيب عنك رغبة النظر إلى هاتفك حين يكون من تُحبّ إلى جوارك!».
Alain de Botton
Alain de Botton
«على العالِم أن يحسن تنظيم الحقائق؛ فالعلم يُبنى بها كما تُبنى البيوت بالحجارة، أما تكديس الحقائق فلا يصنع علمًا، كما أن تكديس الحجارة لا يصنع بيتًا!».
Henri Poincaré,1902
Henri Poincaré,1902
«إن من الآراء الغريبة الشائعة أن الكتب القديمة في كل علم لا ينبغي أن تُقرأ إلا على أيدي المختصين، وأن الهاوي ينبغي له أن يقنع بالكتب الحديثة وحدها. وقد وجدتُ، حين كنت معلمًا للأدب الإنكليزي، أن الطالب العادي إذا أراد أن يستجلي شيئًا من أمر الأفلاطونية مثلًا، كان أبعد ما يكون عن أن يتناول ترجمة لأفلاطون من رفّ المكتبة ويقرأ محاورة “المأدبة”، بل يؤثر أن يطالع كتابًا حديثًا مملًا، أطول منه بعشرة أضعاف، غاصًّا بالكلام عن المذاهب والتأثيرات، لا يذكر فيه قول أفلاطون إلا مرة في كل اثنتي عشرة صفحة. ومبعث هذا الخطأ تواضع محمود، وتهيّب من لقاء كبار الفلاسفة كفاحًا، لأن الطالب يرى نفسه قاصرًا عن إدراك معانيه، غير أنه لو علم، لعرف أن العظيم، لما فيه من عظمة، أوضح وأجلى من شارحيه المحدَثين. وإن الطالب البسيط ليقدر أن يدرك كثيرًا -إن لم يكن جلّ- ما قاله أفلاطون، بينما يعسر على أكثر الناس أن يفقهوا بعض ما يُكتب في الأفلاطونية في هذا العصر. ولذلك كان من أهم مساعيَّ في التعليم أن أقنع الشباب بأن المعرفة المباشرة أولى بالتحصيل من المعرفة الوسيطة، بل إنها أسهل تناولًا، وأمتع في التحصيل غالبًا.
… وإن كان لا بد للقارئ العادي أن يقتصر على الجديد أو القديم، فإن نصيحتي أن يقرأ القديم. وأقول هذا على وجه الخصوص لأنه هاوٍ، فهو أقل حصانة من المختصّ ضد مخاطر الاكتفاء بما هو معاصر، فإن الكتاب الجديد لا يزال في طور الامتحان، والهاوي لا قِبَل له بالحكم عليه. فلا بد من وزنه بمقياس ما تراكم من الفكر … عبر العصور، ولا بد أن تُكشف كل معانيه الخفية، ولا يستقيم فهمه في الغالب إلا بعد الإحاطة بعدد من الكتب الحديثة الأخرى. وأشبّه ذلك بمن يلتحق بمجلس بعد انعقاده بزمن، فتراه لا يفطن لموضع الضحك أو الغضب، لأنه لم يشهد المقدمات التي مهّدت لها. وهكذا شأن كثير من عبارات الكتب الجديدة، تراها عادية لا تثير الشك، وهي في حقيقتها ردّ على قولٍ سابق، أو تمهيد لرأي مغلوط، ولو علمت سياقها لسارعت إلى إنكارها…
ومن الوصايا الحسنة أن لا تنتقل من كتاب حديث إلى آخر مثله حتى تجعل بينهما كتابًا قديمًا، فإن أعياك ذلك، فاجعل مع كل ثلاثة كتب جديدة كتابًا قديمًا».
C. S. Lewis
… وإن كان لا بد للقارئ العادي أن يقتصر على الجديد أو القديم، فإن نصيحتي أن يقرأ القديم. وأقول هذا على وجه الخصوص لأنه هاوٍ، فهو أقل حصانة من المختصّ ضد مخاطر الاكتفاء بما هو معاصر، فإن الكتاب الجديد لا يزال في طور الامتحان، والهاوي لا قِبَل له بالحكم عليه. فلا بد من وزنه بمقياس ما تراكم من الفكر … عبر العصور، ولا بد أن تُكشف كل معانيه الخفية، ولا يستقيم فهمه في الغالب إلا بعد الإحاطة بعدد من الكتب الحديثة الأخرى. وأشبّه ذلك بمن يلتحق بمجلس بعد انعقاده بزمن، فتراه لا يفطن لموضع الضحك أو الغضب، لأنه لم يشهد المقدمات التي مهّدت لها. وهكذا شأن كثير من عبارات الكتب الجديدة، تراها عادية لا تثير الشك، وهي في حقيقتها ردّ على قولٍ سابق، أو تمهيد لرأي مغلوط، ولو علمت سياقها لسارعت إلى إنكارها…
ومن الوصايا الحسنة أن لا تنتقل من كتاب حديث إلى آخر مثله حتى تجعل بينهما كتابًا قديمًا، فإن أعياك ذلك، فاجعل مع كل ثلاثة كتب جديدة كتابًا قديمًا».
C. S. Lewis
«لماذا تواصل إسرائيل ضخّ استثمارات طائلة في دعم لوبيين رئيسيين -أحدهما يهودي والآخر مسيحي- على جانبي الأطلسي؟ ولماذا لا تزال الدولة اليهودية تلهث وراء الاعتراف بشرعيتها في الغرب؟ أو بعبارة أخرى: لماذا ترى النخب الإسرائيلية أن شرعية دولتهم ما زالت موضع شك في بريطانيا والولايات المتحدة، رغم صفقات التسليح، والدعم المالي، والمساندة الدبلوماسية المطلقة؟
أقدّم هنا فرضية تأسيسية، وثلاثة افتراضات تحليلية؛ أما الفرضية التأسيسية، فهي أن مفتاح هذا اللغز يقع فيما هو كامن في الوعي الإنساني؛ فقد كان قادة المشروع الصهيوني -ومن بعدهم الدولة الإسرائيلية- يدركون جوْر هذا المشروع، أو على الأقل جوانبه غير الأخلاقية، مع ما بدا أنه «حل نبيل» لمعاناة اليهود من معاداة السامية في أوروبا…
أما الفرضية الأولى التي أطرحها فهي أن اللوبي الإسرائيلي كان، منذ بدايته، تعبيرًا عن هوس صهيوني بإثبات تفوّق أخلاقي أو على الأقل خصوصية أخلاقية. لقد كان هذا الهوس مشوبًا بالتناقض، إذ كان لزامًا على قادة الصهيونية -ولاحقًا على الدولة- أن يقنعوا أنفسهم أولًا بأن المشروع الصهيوني في فلسطين يمثّل حالة استثنائية، لا تُشبه أي مشروع استعماري آخر، بل إنها تُجسّد غاية أخلاقية سامية. وكان عليهم أن يتمسكوا بهذه القناعة، رغم إدراك بعضهم للأسس الأخلاقية المشكوك في شرعيتها التي قام عليها المشروع.
أما الفرضية الثانية، فتذهب إلى أن الحركة الصهيونية منذ وقت مبكر وبسبب يعتريها من شكوك ذاتية؛ تخلّت عن السجال الأخلاقي وعن الانفتاح على المجتمعات والرأي العام، وركّزت جهودها على استمالة النخب السياسية والاقتصادية. وهو مسار تطلب موارد مالية، وشبكات علاقات، وآليات دعائية فعّالة. وعندما تبنّت الدولة الإسرائيلية هذه الاستراتيجية وطوّرتها، أصبحت جماعات الضغط المؤيدة لها من أنجح اللوبيات في التاريخ الحديث في الولايات المتحدة وبريطانيا.
أما الفرضية الثالثة، فهي أن النفوذ السياسي الكبير الذي حصدته جماعات الصغط الصهيونية، في سياق سعيها لاستقطاب النخب، منحها قوة مؤسسية جعلت منها كيانات قائمة بذاتها، لها مصالحها الخاصة، وفي بعض الأحيان، كانت هذه الجماعات، تتصرف أساسًا من أجل الحفاظ على نفوذها، وليس دفاعًا عن القضية الإسرائيلية بالضرورة».
Ilan Pappé, Lobbying for Zionism on Both Sides of the Atlantic (London: Oneworld Publications, 2024).
أقدّم هنا فرضية تأسيسية، وثلاثة افتراضات تحليلية؛ أما الفرضية التأسيسية، فهي أن مفتاح هذا اللغز يقع فيما هو كامن في الوعي الإنساني؛ فقد كان قادة المشروع الصهيوني -ومن بعدهم الدولة الإسرائيلية- يدركون جوْر هذا المشروع، أو على الأقل جوانبه غير الأخلاقية، مع ما بدا أنه «حل نبيل» لمعاناة اليهود من معاداة السامية في أوروبا…
أما الفرضية الأولى التي أطرحها فهي أن اللوبي الإسرائيلي كان، منذ بدايته، تعبيرًا عن هوس صهيوني بإثبات تفوّق أخلاقي أو على الأقل خصوصية أخلاقية. لقد كان هذا الهوس مشوبًا بالتناقض، إذ كان لزامًا على قادة الصهيونية -ولاحقًا على الدولة- أن يقنعوا أنفسهم أولًا بأن المشروع الصهيوني في فلسطين يمثّل حالة استثنائية، لا تُشبه أي مشروع استعماري آخر، بل إنها تُجسّد غاية أخلاقية سامية. وكان عليهم أن يتمسكوا بهذه القناعة، رغم إدراك بعضهم للأسس الأخلاقية المشكوك في شرعيتها التي قام عليها المشروع.
أما الفرضية الثانية، فتذهب إلى أن الحركة الصهيونية منذ وقت مبكر وبسبب يعتريها من شكوك ذاتية؛ تخلّت عن السجال الأخلاقي وعن الانفتاح على المجتمعات والرأي العام، وركّزت جهودها على استمالة النخب السياسية والاقتصادية. وهو مسار تطلب موارد مالية، وشبكات علاقات، وآليات دعائية فعّالة. وعندما تبنّت الدولة الإسرائيلية هذه الاستراتيجية وطوّرتها، أصبحت جماعات الضغط المؤيدة لها من أنجح اللوبيات في التاريخ الحديث في الولايات المتحدة وبريطانيا.
أما الفرضية الثالثة، فهي أن النفوذ السياسي الكبير الذي حصدته جماعات الصغط الصهيونية، في سياق سعيها لاستقطاب النخب، منحها قوة مؤسسية جعلت منها كيانات قائمة بذاتها، لها مصالحها الخاصة، وفي بعض الأحيان، كانت هذه الجماعات، تتصرف أساسًا من أجل الحفاظ على نفوذها، وليس دفاعًا عن القضية الإسرائيلية بالضرورة».
Ilan Pappé, Lobbying for Zionism on Both Sides of the Atlantic (London: Oneworld Publications, 2024).
«إن المعرفة جزيرة في بحر من الجهل، وكلما اتَّسَعَت الجزيرة؛ اتَّسَعَت معها سواحل الجهل!».
نجيب الحصادي
نجيب الحصادي