غيث
4.48K subscribers
6.98K photos
972 videos
248 files
3.17K links
♡قنواتنا♡

#ليدبروا ءآياته
(قناة لكل مايخص التدبر)

@GhRoooh

•○•○•○•○•○•○•○•○•○•○
#حفظ_سورة_البقرة
(قناة لتلقين وتثبيت البقرة)

@GhRoooh23

•○•○•○•○•○•○•○•○•○•○
#غيث
(قناة لنشر الوعي)
@WithinU2
Download Telegram
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الّليلةُ التَـاسِعـة

- التَّــوّاب ..

هذا الاسم تُرمم به القُلوب..
فكيفَ هي أرواحكم الَّليلة؟

قال تلميذ:
رُوحي من ظمإ البِعاد مُحترقة..
يا سيّدي..
رحم اللهُ مَن وجد مَـلاذَه...!

قال الشيخ:
ارفع ثوبَك عن الذنبِ تكن صفيًّا!

رمَضان صَومعةُ المؤمن..
يكفّ فيها لسانه وبصره.

فإذا تخلّى؛ صَفـا..
ومَن صَفا؛ تجَـلّى!

انظر كيف تركُض اليوم جَوارحنا في الفتنة.. يُجلبُ الشَيطان بالزّلل عَلينا..
ماذا بقيَ من حُروف إمامَتنا للأُمة إنْ أكلتْ الشَهوات قُوانا!

يا ولدي أنتُم حطبُ التَغيير..
والذنوب نـارٌ؛ لا تُبقي منكم ولا تَـذر.

مَـن للمآذن يَرفعها؛ إن غَرقِتْ أصواتنا في طِينها؟

يا ولدي..
سمى نفسه التـّوّابَ؛ وليسَ التَائـِب..
لأنّه يَظَلُ يَـزرعك في ضِفاف الأَوْبَـةِ؛ حتى لا يغيبَ مَطلعُك!

هُو التَـّوّاب..
فَلملمْ طُيوفك، ولا تُقَـدِّم تَبريـرك..
وقُـل:
خُـذني مـن نفسي إليك..
خُـذني منّي إليكَ يـا الله..

أنت شوَق الأُمّة؛ فمَن ضَـيَّعكْ!

أنتَ ترتيلةُ البَدء للمعركة..
فانفضُ عنكَ اشتهاءَ المَـعاصـي لا تُقعدك..
لا تَقم في تـِيه بني إسرائيل؛ فأنتَ راية طالَ انتِظارها!

اشَتدّ صوتُ الشيخ وهو يقول:
يا أُمـّةً ثكلَت دينها يومَ استباحت شهوةَ الذَنب..
أرثيكِ إذ صَار الرِّبـا مُباحًا، والفتنةُ احتمالاً، والشّك في الله حَـلالاً ... والمحدثات قربات!

أرثيكِ يا أُمـةً..
كُـنتِ أنتِ زمَـن المُستحيل، وكان خَـطوكِ صَداهُ فتحٌ مُبين!

رَبّـاهُ يـا تَـوّاب..
تَلاشتْ مَلامحنا؛ يومَ نبتتْ أغـلال الذُنوب في مَرافقنا!

يَـا ربّ..
كُـل لُغتـنا مَـلأى بتأويـلِ الحَـرام..
تُـبْ عَلينا مـن تِيهنا..
فالباطـِن كُـله صار زبَـدًا.

قال تلميذ:
يَـا خَـفِيّ الُلطف..
أدرِك ما أوشَك مـِن قَلبـي وخَـطوي أنْ يَـضيع!

قال الشَيخ:
أُعيذُ قلبكَ يا ولدي مِن ذَنبٍ يُكَـدّره.. أُعيذُ قلبكَ مِن يأسٍ تمَلـّكَه.

أقبِل على الله..
وقُل للذَنبِ:
دَعْ قلبي إنّي مَلَلتك قَيدًا.

أَعـِذْ صَحيفتـي مـِن إثمـي والهَـوى
يا تواب هَـذي خطايَـاي فـي المـِحـْرابِ تَغْـتَسِـلُ!

يَـا أبنائــي..
كُل دقيقةٍ في المَعصية؛ هـي جـِراح الآخـرة..
وما الدار الآخرةُ؛ إلا رايـات..
ويُبعث الناسُ تحتَ راياتـِهم..
فَـأيِّ الرايـات فـي الحَـشر راياتـك؟!

مَخطوطة على الرَاياتِ؛ أحزانُ الآخرةِ وَأفراحـها..
فلا تَسمع يوم القيامة إلا أنينَ القَوافـِل من حمْلها؛ أو صوت السَّبـق فـي حَسنـاتِ أبرارهـا!

يَـا قَـوم..
إن ضِفاف الفـِردوس لا تُـدرَك؛ حتى للهِ الذُنوب تُـتْرَك.

ارمِ خَطايـاك في محرابهِ..
وقُـل:
هَـذا أنـا.. لا أُحصـي ذَنبـي عَـدَدًا..
إنـّي مُحتـاجٌ إليكْ..
إنـّي أشتَهي؛ كُلّما دعوتُ القلبَ أنْ يُطيع.

إنـّي مُحتَـاجٌ إليـْك..
وأشتهي أنْ تَـتوب عليَّ؛ كَـي أتـوب!

ابكِ بين يديه..
إن أثمَن الدَمع؛ مـا فـي التَوبـةِ انتَـثر.

قال التلميذ:
يَـا رب..
هبْـني حَـالاً كَـحال الصَالحين..
وَدمعًا كَـدمع الُمخبـتين!

قال الشيخ:
أولئكَ مَن تسلّقوا المسافات إلى المَقامات..
أولئك مَن تَوضّؤوا بالغـَيمات؛ وما قبلوا طـِيـن الأرض لَهُـم طَريقـًا!

التَوبـةُ..
عزيمةُ القَلـب للأُمّـة..
التَوبـةُ..
ليست بكاءُ العاجزين بل هي قوةُ الاستعداد في الأمة
التَـوبـةُ..
مَسـارُ العَـودة..
ومَـن تهجـّى البدايات؛ أدركَ خارطـة الطَـريق!

يَـا ولـدي..
اقرأ مَدامعنا اليَـوم.. دمعةً دمعةً..
اقرأ عَواصمنا؛ صفحةً صفحةً..
اقرأ كيفَ عقـَرتْ خَطايـانـا خيلَ التـّغيـير!

يَـا قَـوم..
لا ينتهي الَليلُ؛ إلا على بَـاب الصَحوة..
ولا صَحوةَ للأُمـّة؛ دونَ التَوبـة عَـن هذا الغِياب الطَويل!

يَـا ولـدي..
إنْ أوقـَدوا لكَ في الَمعصية نارَ الفِتـنة؛ فأوقـِد فـي الطاعَـة نَـارَ الهُـدى!

يُسَعِّـرون لكَ الشَهوات؛ حتى يتهَجـّوك وَهماً..
حتى تَغدو هباءً منثوراً!

رمَـضـانُ مواسـم الـذَاكـرة للأُمـّة.. مَواسم سُورة التَوبة..
تبَوح لكَ بأسرارها..
تبوحُ لكَ؛ بمن تعثـّروا بالتأخـّر فتَخلّفوا.

كَـم مرةً أنتَ تأخّرتَ عن الله؟
فقُـل:
الَلهُم تُـبْ عليَّ لأَتُـوب!

يَـا ولَـدي..
تُقاسُ المَسافات في الآخـرةِ بالفَضائل، فَيُـبعثُ الناسُ وبينهم مَسافاتٌ تسمّـى؛ مَقامـات..
فيُقالُ؛ سبقَ فُـلانٌ بِخطوة..
فإذا بها في مَقياسِ الآخرة ممـّا لا تُدركه الأعمـار.. فتب عن تأخرك في المقامات!

#يتبع ⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الّليلةُ العاشرة

- الواسـِع العَـليم ..

(كُـلّ ضِيقٍ بالله يتّسـع)..
وكُـل ضيقٍ يَـفسحه الدُعـاء..
فإنْ مَنحك البَـوح؛ فقد مَنحك الشِّفـاء!

نثَـر الشَيخ كَلماته؛ فكأنّ في يقينه وحـيَ النُبوة.. ثُم قال:
ولكلِّ حالٍ عند الله تَحويلاً..
حَـوِّلْ نَظر قلبكِ مـن الأشيـاء؛ إلى ربِّ الأشيـاء.

اخلَـعْ نَعليك.. واخلَع حَولَـكْ..
واخْلَع مِن نفْسِك الأنـَا.. وقُل:
جِئتك بالفَقر يـا واسـع الغِنى.. فإنّ {اللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}.
لكنْ المُوقنين فـي خِضمّ الدُعـاء؛ قَـليل!

يَجمع لكَ الله في سورة طَـه {وَسِع كُل شَيءٍ عِلماً}، و {زِدْني عـِلْماً}..
فتعَـلّم كيفَ تقـولُ:
يـا واسـِع زِدْنـي!

مَـا يليـق بـالواسـِع إلا الدُعـاء بـِ: زِدنـي!

هُـنا..
سـِلال الغَيب تنْثُـر فَضلها.

هُـنا الواسـِع..
لمَن قَـرع الأبواب؛ فنادى زِدنـي مـِن فَضـل ما لدَيـك.

رَبـك يُعَـلِّمك كيفَ تسأل.. فَقُـل:
أعـوذ بالله مِن سُؤلٍ بِلا أمَـل!

قُـل:
يـا مُهـَيئَ الأسباب..
يا مَـن بيده مَفاتيح الأبواب..
يـا واسـِع؛ وَسـِّع لنَـا مـخـارج الفَـرج!

قال تلميذ:
أمَـا ترى يا سيّدي الحال..
نَحْـن ُنُـراوغ الجُـوع؛ بالظَّمأ.. ولا شَـيء فـي الأُفـق!

قال الشيخ:
كَـان الصَالحـون يُـوصُـون بعضهم بالقَـول:
يـا أهـل الأكـدار؛ أَدرِكـُوا الأسحَـار!

يـا ولَـدي..
فَيضُ الله هَـل ينْضـب؟!

إذا نَـزلتَ الإجابة..
رأيتَ الفَـرَج ينبلجُ مـن أضيقِ الحِـلَق.

واللهِ..
(لو رِزقـُكَ فـي أقصَى الصـِّين مَـوجود؛ فَجـوادُك مُـعَدٌّ ومَسروج).

فخَلـّص يَقينـك ممـّا عَلـِق بـه؛ يُنجَـز لَـك المَـوعَـود!

فتعلّم حينها معنى الواسـِع العَـليم.

قُـل:
يـا واسع يـا علـيم..
ولا تشغلك الأسبابُ؛ فعلَـى الله وَهـْنُ الأسبـاب، ومَـشقّة الطَـريق!

إذا مَـا أرادَ الله إتمام حاجـة..
أتَـتك على وشَـك وأنتَ مُقيم!

إذا ما أراد الله إتمام حاجَـة..
تَفْـنى الأَميال وتَـأتيك!

تَـجِفّ في عُـمْرك سُنبلةٌ؛ وتُبَـعثِر الريحُ حُبوبها.. فإذا الـوادي سَنابـل بالبـُذور المخفيـّة..
فَـتُدرك حينها معنى؛ الواسـِع العَـليم!

قُـل:
يـَا واســِع..
ودَعْ القلـب يتّسع في مَداها.

يَـا واســِع..
وَدعْ الخـيال يَـتمَـلاّهـا.

يتّسع القَـلب..
ويتّسع الدّرب..
ويتّسع الفَـرَج!

قُــل:
يَـا واسـِع..
فَـيتّسِع الـرِّزقُ؛ حتَـى تثـور فيه بركـة {إنَّ هَذا لـَرِزقَنا مالَـه مِن نفَـاد}.

يَـا ولَـدي..
مَـن يفَتَـتح عُـمره بالأسمـاء؛ تبلُغـه المَـواهب!

يَـا ولَـدي..
هَـل تَدري ماذا تَفْعَـل بنـا الأسمـاء؟
إنّها تُعَلِّمنا السُّكون إلى الله..
تُعلِّمنا حُـرية الـرُوح مـِن الاضطراب!

تُعلّمنا..
وَفـْرة المتاح؛ لَـو مَـدَدنـا أيدينـا بـالـدُعـاء!

وقَـد قَـال الله؛ {نُـوَلـِّه مَـا تَـولـّى}..
فانظُـر في قلبك ماذا تَولّيت!

قال تلميذٌ مِن آخر المَجلس:
والله إنَهم ليَضيِّقـون حُظوظنا بالظُـلم.

قال الشيخ:
اشْكُ للهِ.. وقُـل:
(لَئـِن أخـّروا حُظوظـي؛ فاجعَل يـا مَـولاي حظـّي منك واسعـاً).

لا تُشغل قلبك بالهَـمّ على ما فَـات.. فيُشغلك الشَيطان عَـن الاستعـداد لمـا هُـو آت!

قال التلميذ:
أوّاه مـِن غبَـش القـلوب..
أوّاه!

ردّ الشيخ:
يَـا ولـدي..
( َـن يُكـرَم الغَـرسُ ؛ حتَـى تُكـرَمَ البُقع ) !

قَدِّم قلبكَ مَجلساً في الدُعاء..
فَـاللهُ بالأسْماء يَختبرُ إيمانَك!

إنّ (المطايا كَـثيرة.. لكـنْ الإنـاخَـةُ ثَـقيلة)..
فلا تتَعثـّر بالشَّـكِّ فـي الـوصـول إليـه؛ وهـو يقـول لَـك: {وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}!

على قَـدر السُؤال؛ يكـون العطَـاء.. {وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}!

ارفَـع سَقْف مُناجاتك يقيناً؛ بـأنّ الله الواسـِع المعطي..
ستَـرى الكَـون يَنهمـِر!

قَـال تلميذ كأنّه يفترشُ الرُؤى:
سُـبحانَـه.. وهَـل حَـدٌّ لِمـَا يُـعطـي.. وهَـل حَـدٌّ لِمـَا يُنعـِم؟

ابتسَم الشيخُ.. وقَـال:
افْـرحَ بـِرَبـِّك، وَهُـزِّ حـِبال الوَصـل؛ وقُـل:
اخـْرِجنا مـِن حالِ الاضطرار؛ إلى سعَـة الفَضـل..
{إنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}!

#يتبع ⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الّليلةُ الثَانية عَشـر

- النُّــــــور..

(تقول الفِتن؛ قَـد أصَبته..
ويقـول الدُعاء: بـي نجَـا).

وَمـَن ألهمَـك الدُعاء كتَب لـك النَّجـاة..
والمبصـِر مَـن يَـرى..
ولا يَـرى إلا مَـن صفَـا..
ومن صَـفا؛ صُفـّي لـَه!

كُـل يَـدٍ رفَعت كَفّهـا للسَمـاء؛ لا شَيء في عُمرها مُستحيل!

فلا تُنصت لمن يعبَث بِـيَقينك..
وقُـل:
أعَـوذُ بنورِ وجهِكَ الكـريمِ الذي أضاءَتْ له السماواتُ وأشرقتْ لهُ الظلمات أن يَنـزِل بي غضبك، أو يَـحلّ عليّ سَخَطك!

إنَّ الله هو النُّور..
وإنْ خَـلا المـَرء مـن نـوره؛ استوحش من ذاته!

كان قلـب الشَيخ وهو يتكلّم؛ ينبضُ بحرقـةِ الأنفاس..
وتَغشاه مهـابـة الأسمـاء..
وكـان سـِرّه؛ فـي يَقينه!

نظَـر إلى الجَمْـع؛ وقـال:
نور الله.. وما نور الله؟
نُور الله إذا بلغَك؛ أبصَـرتَ أنَّ التَـلاقِي على الذُنـوب أوّل الفـِراق!

فترى المؤمن إنْ أصابَـه الذَنب ارتجَـف..
رباه.. ما الذي أسقَطني مـِن عينك..
أَقُـلتَ {هـَذا فـِراق بيني وبَـينك}!

نُـور الله إذا بلغَك..
أبصَـرتَ بوادرَ الفـِتنِ؛ قبلَ ظُـهورِها..
فتقطعُ أسبابَهـا؛ قَـبل بوادرِهـا!

نُـور الله إذا بلغَك..
صَار الذنب في قلبك تَعـبًا..
وعلى قَـدر الاجتهاد؛ تَعلو الرُتَـب.

النُـور من الله مَـدد..
والعَطـايـا علـى قَـدر الاستعـداد..
(وعلَـى قَـدر الطَلـب؛ يـأتِي المدد)..
{يَهدي الله لنُوره مَن يشَاء}!

النُــور..
أنْ يكون شـِعـارك:
بقـيَ القَليـل؛ وتَفنـى المَواسـِم..
فلا تكن ممن يخـرُج مـن عَتمة القبـورِ يصيـح: {انظُرونا نَقتبس مـن نوركـم}..
فَـلا تسمَع إلا حسرة: {قيلَ ارجعُـوا وراءكَـم فالـتمِسوا نُـوراً}..
وهَيهـات هَيهـات!

النُــور..
أن لا تتعثـّر الخطوات في جموع الحائـرين؛ إذْ (النُـور منجاةٌ من العَـثرات)!

النُــور..
تكـرار الاستخارة؛ حتَى يستبينَ في عُمـرك الفَـرض من النَّـفْل.. فلا تَـرتبك وتَـتوه ألفَ مـرَة!

يَـا أبنائـي..
إنّ (نصفَ الحَـقّ؛ أشَـدّ إضلالاً من باطـلٍ بَيـّن).

النُــور..
تهيئةُ الزَاد قبل رَحيل القافلة؛ إذا نَـادي المنادي؛ سنَرَحل تَـوًّا!

النُــور..
أنْ تَـرى الكَـون أسباباً للإجـابـة.. ولو لم يكن بين يديك إلا الثَـرى!

أهل النُـور..
مـَن باعوا مـا شانَهم؛ لإصلاح شأنِـهم..
قوم انتَبهوا من رقـدات الأغْمار..
وانتهبَوا للحظات الأعمـار..
وما رأوا العُمر؛ إلا غنيمةً تُغتَـرف!

النُــور..
أنْ تلمح الثَـواب في الحسنة خيالاً.. كأنَـه حوريـةٌ تشتـاقُ ثوابهـا.

وتلمح العذاب في الشَـهوة؛ كأنَـّه لهيبٌ ينتظـر حُطامه..
ولا تَـرى الفتن؛ إلا مَراقي، كُلّما غَلبتَ واحدةً قيل لـك:
مَـا بقي على مقعد صـدق؛ إلا بضع فِتـَن..
فتَشبـّث!

النُــور..
أنْ ترى الغَـيب ودائع..
فأودِع غيبك ما شئت..
إنّ الودائع مُستردّات!

وأهل النُـور..
مَـن ملأوا مراكـب الآخرة؛ متاعاً من سوق العزائـم..
فلمّا هبـّْت ريـاح الرحيل؛ أسفرتْ الجنّة لأهل المغانم!

نُـور الله إذا بلغَ قلبك..
تَـرى الحُـور نُـوراً..
والولدان لؤلؤاً مَنثوراً.. والحَسنات قَـد وُزنت لـك نعيمـاً!

ثُم إذا رأيَت المزيد في حَواشي المخبوء عنك يتجلّى؛ كلّما تحركْـتَ على الكثبان سَيـرًا.

ورأيت معنى: {دانية ظِلالها} حتَـى رُويت مـن مـاء الكَـوثر ريـّا!

فاعلَـم حينها..
أنَ الله قد قَـذف فـي قلبك من نُـوره نُـورًا..
{فَـخُذ ما آتيتكَ وكُـن من الشاكـرين}!

إنَ القُـلوب إذا صفتْ رأتْ!

قال تلميذ:
طوبى لمن تَغلغل النُور في بصيرته.

قال الشيخ:
إذا ألقـى الله في فؤادك نوراً؛ فلا مشقّة في العَتمة..
وإذا ألقـى اللهُ فـي فُـؤادك نُـوره؛ (فقُـل للظـُلمات: مَـا تشائين فافعَـلي).

إنَما يتعثّر في الظلمات؛ مَن لم يُجعَـل له نُـورًا..
فقُـل: الّلهمّ أرنـا بركَـةَ الأسماء!

يَـا ولَـدي..
مَـن ركـن ظَـهره لغيـر رُكـن الله سقَـطْ..
فقُـل:
أعـوذ بنور وجهك من كَشف ستْـرك!

(وإذا وجدتَ في قلبك ظلمةً بعد المعصية؛ فاحـمد الله..
فلولا النُور؛ ما استَوحش قلبك مـن دخول الظُلمة).

قال تلميذ:
وما نفعلُ بالشهوات؛ إذا همَست همسـَاً خفيـّا؟

قال الشيخ:
لا يُـبتلى بحبّ الشهوات؛ إلا مَـن خَـاض في ذنُـوب الخلوات!

ويَحَـك..
تتَضلـّع من إبريق الفتنة؛ ثُـم ترجو ثباتًا.. ثُم ترجو نُـورًا!

(حـرامٌ على قلـبٍ أنْ يدخله النُّور؛ وفيه شَـيءٌ ممّا يكـره الله)!

ومَـا أنتَ..
إلا خيَـارات قَلبـِك.

جاهـِد كل ما يسلبك حَـال: {يسعى نُورهم بينَ أيديهم}!

تأمَـل آية النُـور؛ كيف اكتمل الإنـاء {الزجاجةُ كأنها كوكبٌ دُريّ}..
فأسفـَر النُـور..
فلا يكُـن قلبك اعوِجاج الإناء..
فيتَشتّت النُــور!

#يتبع
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الّليلةُ الثَالثة عَشـر

- الشَّـكور الغَفـور الحَليـم..

قَال الشَيخ:
سَمِع اللهَ لـِمن حَمـِده..
وبعدها فَاسـأل!

الحَمـد أسبَـاب الإجابـة..
الحَمـد لله؛ تَطوي للدُعـاء مَـفازات العُـروج!

الَّلهُمّ بـِحَمدك؛ إنَّنا نَشتهي (كُـن مـن تَوقيت الإجـابـة..
ونَشتهي؛ فَيكون مـِن فَيض العَطـايـا).
هَبنا بـالحَـمد؛ (تَوفيقاً بينَ كُـن فَـيكون)!

تَـبسّمَ التـِّلميذ..
فقَـد التـقطَ القَلـبُ المعنـى!

فقال الشَيخ:
كـَان السَّلف يتواصـون: (مـَن يُريد النَّجـاة مـِن وَرَطـَات الشَدائد والغُـموم؛ فلا يغْفَلـن لِسانَـه عَن التوجُّـهِ إلى الله بالحمْد والثَناء على النِّعَـم).

واللهُ يسمَع صَمت الجـَوارح في حَـمدها..
ومَـن مَـدّ كفـّيه بالحَـمد؛ هطَلـت لـه الإجابةُ غَيثاً مُغيثًا!

يـا أبنائـي..
لمّا مسح سُليمان الخَيل لـِربّه.. وهبه الله الرّيح بِساطاً لِدربه.. {إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ}!

واحتَمل يوسُـف ضـِيق السـِجن سِنين؛ فمكـّن اللهُ لـه فـي الأرض تَمْكينًـا..
{إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ}!

شَـكور..
لِمـن شمّروا للسَير في سَـواء السَبيل.. ومـا قعـَدوا فـَراغًـا!

شَـكور..
لِمن كَـان دائمَ الثـّأر مـِن الشَيطـان..
ومَـا عَـرف القُيـود والقُضبـان..

شَـكور..
لمَـن عَـلتْ هِمـَّتهم إلى مُعاملته؛ ثُـم تناهـَتْ إلى مَحبـّته.

شَـكور..
لـِمن هَـمَّ؛ فبَـادَر؛ وعَـزَم، فَـثابَـر..
ولمَا دُعـيَ؛ مـا تَـوانـى!

قال التلميذ: كيـفَ نطيـقُ ذلـك؟
قـال الشيـخ: (والقلـب يَحمـِلُ مَـا لا يحمـل البَـدن)..
ثُـم قَـرأ الشَيـخ:
{وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ}.

نَـزِد له فيها حُسنًا..
إنّ الجنـّة مُؤتَمنة يا ولدي على ردّ الحبـّة سُنبلةَ نَعيم! ويُنبـت الله بعـد الحَمـد؛ نعمـة!

مـا مِن رجـُلٍ يـرى نعمةَ الله عليه، فيقـول: (الحَمدُ لله الذي بِنعمتِهِ تَتِمُّ الصالحات؛ ‏إلا أغناه اللهُ تعالى وزادَه)!

النِـّعَم تـَنقادُ لأربـابها..
وتعـرِف مَـن يُحسـِن إليها؛ فَتُـقيمُ عـِندهَـم..
وإنّ أفقَـر الفُقـراء؛ مَـن تُوهَـب له النِّعَـم؛ ثُـم لا تُكتَـب لَـهم أُجَـورها..
فَـلتنظر إلـى مـا تَنتهـي إليـه نعمتـك!

إذ للنـِعَم اختبارهـا..
فإمـّا التَّمكين؛ وإمّا الرَّحيل!

يَـا ولَـدي..
إنّ قُـدرتك عَلـى الشُكـر؛ هي سُقيا النِّعَـم..
والاعتيـاد؛ هَـزيمة النـِّعَم!

الأُلفَـة..
تَـطعَنُ خُطـى النـِّعَم؛ فَـلا تُكمـِل مَعـك الطَـريـق!

وبعضُ النـِّعَم؛ قُبـورهـا الأُلفـة..
لكن مَـن كَـان قَـلبه في الإيمان أُمـيًّا؛ كيَـف يَقـرأ النـِّعَم؟!

وما البَصيـرة إلا نَوافـِذ الـرُوح!

يا ولدي مَـا أقسَـى..
أنْ تَسكُـنك النـِّعَم؛ ولا تراها!

فَقُـل:
نَعـوذ بـِكَ أنْ نعيشَ النـِّعَم بعـدَ فـِراقـها.

قَـال التلميذ:
كَـيف يكـون ذلـك؟
تَظـلُّ في الذاكرةِ حسرةً حيّـة!

يَـا ولَـدي..
مَـا أقسَـى أنْ تنطفئ الزِّينـة بعـدَ تَـوهّجها..
أنْ تَـبرُد حَـرارةَ المَـذاق..
أنْ تَستيقـظَ؛ فَـتجد الأمْـس ممـّا مضـَى!

تلك سُنة الله.. أنّ عاقبـة النِّسيان؛ الفَـناء..
فاكفـِنا الَّلهُمّ شَـرَّ فَـراغ البُيوت مـِن امتلائها.

قَـال التلميذ:
هَـل يَكفـي الحَمـد لله؟

قَـال الشيخ:
الحَمـد لُغـة الـرُوح..
ويكفيك أن تستَغفِـر مـِن النِّسيان..
فَـإنّ كُـل مَـا يَـحجُب عنكَ النـِّعَم خَطـيئة..
وقَـد أفلـحَ مَن رُزِق حَـمداً.

قَـال التلميذ:
كيـفَ يـُرتـق النِّسيـان؟

قَـال الشيخ:
{وأمَّا بِنعمَةِ ربِّكً فحدِّث}.

يَـا ولـدي..
إنْ تعـداد النِّعَم مِن الشُكر..
الشُكـر يُـورِث المَـزيد..
والمَـزيد؛ يُـورِث الجنـّة..
وأوّل واجبَـات النـِّعَم؛ الإنصـات إلـى دَبـيبها!

قُـل الحَـمد لله..
إذا لَـم تَسقـطْ من ذاكَــرة الإيمـان..
وظلّت القَـدم على ثَباتـِها!

الحَـمد لله..
للباطن الذي بَقـي في أعيُـن النَـاس مَستُـورًا.

الحَمـد لله..
على الأحـلام التي لمْ تَـعُد مُؤجَلّـة.
الحَـمد لله..
على السـّفن التي لَـمْ تغـرَق؛ رغـمَ أمـواج الفـِتن.

الحَـمد لله..
أنْ هَـيَّأ بوابَـة الوصـول؛ لِمَن كانوا في المنِـافـي البَعـيدة.

الَّلهُـمَّ إنَّ أعيُننا مـِن النـِّعَم مَليئةٌ بـِالاعتراف..
ولكَـن؛ {وَقَلِيـلٌ مِّـنْ عِبـَادِيَ الشَّكُـورُ}..
فـاجعلنـا يَـا مَـولاي قَليـلًا مـِن قَليـل!

الشَاكـرون فـي كُـل زمَنٍ يَقـِلُّ عَـددهُـم..
وعنـد الله يَجِـلُّ قَدرُهم..
وجُلسَـاء الـرحمَـن؛ هُـمُ الشَـاكـِرون!

سـِرْ بالحَـمد؛ تَـكُـن الزِّيـادة طَـريقـك..
ولا تَمُـت قَـبل أنْ تَكـون مـِن أهـل الخَزائـن..
واعبُـر مـِن الشُكـر إلـى المَـزيـد..
ومَـن عَـرف قَـدر مَطلوبـه؛ سَـهُل عَليـه بـذْلَ مَجهـوده!

يَـا ولَـدي..
مَنْـعُـه عَطــاء..
فالحَـمد لله حتى على مَـا صـَرف!

#يتبع
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الّليلةُ الرَابعة عشـَر

- الكَـافـي..

مَـدّ الشيخ بصَـره؛ فلمْ يرَ إلا جُموعاً تَنادت لأجلِ سـِرٍّ خَفـِيٍّ في مجالس الأسماء الحسنى.

فتَلا الشيخُ بصوتٍ نديٍّ: {أليسَ اللهُ بكافٍ عَبده}..
ثُم قـال:
تعبُر بك الآيـة إلـى الغَيب؛ وتَكفيك كُـل هَـمّ!

هذه الآية..
فاتحةُ اَلليلة..
فهَل يـرى قلبك المَعنى؟

هُو الكافـي لعبده..
واللهِ مـا يوماً أراد بك الرّدَى.

فقُـل:
خلِّصنا مـِن الأغلال بالإخلاص.

قُـل:
يـا كافـي..
وَدَعِ الظَّـن لمن يشـاء.

تحسّس جُرحك؛ وقُـل:
يـا كافـي؛ اكفَني ما أهمّني بما شئتَ وكيفَما شِئت..
مَـا قالها مسلمٌ موقناً؛ إلا ورزَقه الله المُراد ومـا فوقَ المُراد.

هذا الـدعاء..
طَـوق نجـاةٍ؛ كُلَّـما أوشَكتَ على الغَـرق!

الكَـافـي..
لكُـلِّ الجفَـاف الذي أصَـاب انتظـارك.

الكَـافـي..
رَدِّدها؛ ثُـمّ ألـقِ السَمـع لمـا هُـو آتٍ.

الكَـافـي لانهيارِ القلب؛ رغمَ كُـل الاحتمالات الباهتـة.

قُـل:
مِنّـي الـدُعـاء؛ ومِنـك الكـافُ والنُـّون..
مِنـّي الرَحيلُ إلى الكافـي بملء قلبي؛ ومـِن الله ما وعَـد.

كُـل النِّداءات أحـرُف التِّيه؛ إنْ لمْ تكُـن يـا الله يـا كـافـي.

يَـا أبنائـي..
دونَ الله؛ لا شيء يُغتـَرف!

قـال تلميذ:
لله كُـل الكَـلام الـذي نخشـَى بثـّه..
أنتَ يـا ربّ مـَن يُبدئ الأمَـلَ؛ ومـَن يُعيـد.

قـال تلميذ:
كيف هي كـفايته؟

قـال الشيخ:
اللهُ يـرى العَواقب؛ ونحـن لا نَـرى..
وأمـرُه مـِن حيثُ نَـدري؛ ولا نَـدري.

إنْ تولاّك بالكـِفايَـة؛ سخـّرَ الكَـونُ لك سِياجًـا.

فـإن قُـلتَ..
يـا كَـافـي؛ فُـرجـِتَ..
حتى كأنّ الغَـمّ؛ كانَ عتبَـةَ نعمةٍ مخبوءة..
شـَديـد القُـوى كَـافٍ لـذي القَهـر قَهـّار.

وكان قَتـادة يقول:
(وإنّي لأعلمُ من إحسـانِ الله إليّ؛ ما يُوجِب حُسن ظـَنّي).

ولكن للكـِفايـة شَـرط..
(تولَّ الجَوارح؛ واللهُ يتولـَّى القلـب)..
و(مَـن كان همّه إرضاءَ الله؛ كفَـاه الله كُـل هَم).

يَـا ولـدي..
(لا تَصحّ لَـك عُبودية؛ ‏ما دامَ لِغـير الله في قَلبك بَقيـّة).

قال التلميذ:
إن كنتَ لـه عبـداً؛ كفَـاك مـا أهمـّك..
كيف يكـون ذلك؟

قَـال الشيخ:
لِتُحدِث شرخاً في جدار الهم..
تحتاج الكَـثير مـِن معَـاول الدُعـاء.

قال التلميذ:
فـإنْ أردتُ هـَدم الجـِدار كلّه؟!

قال الشيخ:
لا بُـدّ أنْ تبلغ مقـَام؛ (وكنتُ يَـده التي يبطشُ بها)..
وتلك سبيلهـا: (لا يـزال عـَبدي يتقـرّب إليّ بالنوافـل حتى أحبّـه).

والنـّافـِلة..
كُـل مَـا زاد َعمـّا افترَضـه عليـك.. كأنـّه يجعلُ طَـوق النّجاةِ مـِن مِعصَمـك..
مـن محرابـك..
من سعيك وحـدك.

‏(كُـل ذرةٍ فيك مَحميـّة..
كُلما أوجستَ خيفـة؛ ‏بَدِّدهـا بـعُبوديـة)..
ووالله (لو صدَقناه؛ لعجـّل لنا عواقـِب صـِدقِنـا).

يـا بُـنَيّ..
(لا يهُمّ كَـم الأماني..
ولكنَّ الأهَمَّ؛ عُقـِدَت بـِمَن)؟!

تكون الأمانـي خيالاً..
فإذا سقاهَـا الدُعـاءُ؛ {اهَتزّتْ وربَتْ وأنبتَت مـِن كُـل زَوجٍ بهيـج}.

افهَموا عَنـِي..
أليسَ اللهُ بكـافٍ عبده.. أتدرون ما المعنى؟
المعنى.. إنْ الذين يحبّهم الله لا تتوقّف اختباراتهم؛ لكـنّ الله يَكفيهم السُقوط..

الذين يحبّهم الله؛ يكفيهم الانتكاسة..
ومـا (الصَبـرُ إلاّ؛ فـَنُّ التمسّك بالأمـل)..
(الصَـبـرُ؛ تَـركُ الاعتراض علـى التَقديـر).

يَـا ولـدي..
يَخـِفُّ حِملـُكَ؛ إذا كافَـاك الكافي مَؤونةَ الطَـريـق.. ومشقّة المَسير.

وكُـلّ اتِّكـاءٍ على غير الله؛ يكسـِرك..
و(مَـن التفتَ إلى أحـدٍ دون الله: خَذلَـه الله).

ادع.. إن تلاوةُ القلـب للدُعـاء؛ يَـدٌ تَهـُزُّ عنْـك جـِذعَ الهُـموم هـزًّا.

وفـي عالَـمٍ مُخيف.. ‏قُـل:‏
أيَتها المخَـاوف.. ‏اللهُ وحده هـو الكَـافـي.

وردّد على قلبك إن اضطرب بالهموم:
{فسَيكفِيكَـهم الله}.

وكُلـّما زادتْ أَقفـال الهُموم..
اكسِرهـا بالكَـافـي..
وادعُ دُعـاء مَـن يَلمس الإجابةـ بيده؛ حتى كأنـّه يجـد بَـرْدَها في قَلبـِه.

(وكُـن بالدُعـاء لَحوحـًا..
لَحـوحًا.. فقَـد أوشَـك السّهمُ منـك يُصيب).

يا ولدي.. لماذا نتعلم الأسماءُ الحُسنـى..
لأنَّـها تُعلّمنا؛ أنْ نصمـد أمـامَ اليأس، وأمَـام الشتَـات، وأمـام القَلـق.

فلا تعتَصم بغيـر دافـِع..
ولا تمتـَنع بغيـر مانـِع..
وعند الله خزائـنٌ؛ ما ضاقـت بمطلـب طالـِب.

لِيسبـق قلبك لسانَـك في السُـؤال..
وادفـَع هُمومـَك بالله.

تُصَفـّد الأبـواب بأقفالها..
فلا يفتَحها؛ إلا الدُعــاء.

#يتبع⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الّليلةُ الَّليلةُ الخامِسة عشَـر

- المَلـِك الـدَّيـّان ..

جلسَ الشيخُ حاسـِرَ الرأسِ، حافيَ الصَوت، مسكوناً بـِهيبةِ الاسم..
فلمـّا تكَـلّمَ؛ كَـان صوتـه مراثي.. فقَـال:
أناديكَ يا ربـّي لهَفًـا للتوبة؛ وما كنتُ ناسِيـًا!

أُناديكَ..
عفوَك قبل أنْ تغدو الآخرة لنا منافِي!

أنت الملك الديـّان..
نَجِّنا؛ قبل أن نَـرى العيون كُلّها بَـاكية!

واحسرتاه..
إذا سألَ الدَيـّان يوم الدين؛ عَـن الوَهن في دُروب السَعي..
عَـن جراح الحسنات..
عـَن تَـذبـذُب النِيـّات..
عَـن خطـوةٍ واقفة؛ وكـان ينبغي أنْ تكون هِـجـرَة!

واحسرتَـاه..
إذا سأل الديـَّان، وصارتْ الآخرة سُجوناً؛ فلا نملكُ يومها أنْ نفـدي أغلالنَـا..
ذاهليـن؛ إذ أرخـى الديـَّان ستُورنـا!

يَمـّمَ الشيـخُ بصوته شَطـْر الآخـرة؛ فكأنَّنـا نَرى أحوالَنا..
أطْـرقَ الشيخ هيبةً وهو يقول:

ومَـن يُجيبُ..
إذا سـأل الديـَّان عن أرضِ الشَامِ كيفَ تَولّى رَبيعها؟
وعَـمَّـن كتبَ المَـوت لأحلامِ الأسـرى في سجون الاحتلال؟
وعَـن طَعـم الصَّمت في أفـواه المُعتَقلين ظُلمـاً!

مَـن يُجيبُ الديَـّان..
إذا سَـأل عـن أطفـال اليَمن؛ صاروا في ضَمير الغَيب..
ومـا غَـدا لهم أمَـلاً!

وإذا سَـأل عَـن العـِراق؛ يَغصُّ بالمَـوت..
(والمَوت فيه أسهَل مَا يُنـال)!

وعَـمَّـن خَـذلوا الأقصـَى..
واشتَـروا صَـوت الرِّجـال!

عَـمَّـن شيـَّعوا الأُمَّـة في أكفانها، وجعلـوا الأوطَـان لها قَـبراً!

ذاكَ يَـومٌ..
يُعيد الديـَّان فيه ما شَـاخ مـِن الدُهـور؛ كأنّهـا ثَـوانٍ..
فتَـرى البشريـة تُلملم مَـا فَرط منها؛ ومَـا ثَقُلـت به سُـطور الصَحـائف!

وتَـرى الحُقـوق؛ وقـد اكتمَلتْ حطَبـاً تَنتظـر وَقُـودهـا!

فإذا تنفَّس الجَـحيم، ويـَبِس الناس من الهلَـع، وصَـار زفيرُ النـار ألمًا على أَلم ، وتأجـّج الخَـوف في الأكبـاد، وغلي الحَشـرُ بِصُـراخِ النَـاس إذا عايَنوا مَقاعـد آثامهـم فـي النَـار، وتَغامَـس النَـاس فـي جَـحيم ذُنوبهـم!

ذاكَ يَـومٌ؛ للمَلـِك الديـَّان وحـدَه..
والمَوعد؛ مَـع المَلـِك الديـَّان..
فإذا سمعتَ صوت الهـواء حولك يتـَأوّه.. ورأيتَ الناسَ تغرق في لُجـّة الـذنُوب من شدّة الَعـرق..
وَوُضعت المَوازين القِسط ليوم القيامة؛ حتى يُـوزَن إيمـان الكلمة، ويُـوزن صوابها وخَطؤهـا، ويُوزَن خـيلاء مـا فيها!

ذاكَ زمَـنٌ..
يَصـِحّ أنْ يُقـال فيه: (مَحكمةُ السّيئة والحسَنة)!

تَـرى القيامة مَـأهولة بروائح الـحَسنات أو السيئات..
وما الدَار الآخـرة حينها؛ إلا صُـورة الحَقيقة!

كـادتْ دُمـوع التـلاميذ تفـِرُّ مـن ذُعرهـا..
وتحجـّرت المآقي؛ فلا تسمعُ إلا زفَـرات القُلـوب تجيـش!

فقَـال تلميذ:
يَـا سيـّدي..
كأنّي هناك ألـوح عاريـاً!

فتنهـّد الشيخُ؛ وقَـال:
يـا بُنيّ..
فتفقـَدْ صحيفتك، ولا تلقَ الله بآثامٍ مركبة؛ فلا تخلـص مِـن حسـاب إلا لتلج في حسـاب آخَر.. حتى كأن يوم الحسـاب نصبٌ لكَ دونُ سـِواك!

هو الديَـّان..
فلا يمتَـدّ بك ظلامُ المَخبوء مـِن الذنُـوب؛ حتى يفجَـأك نهـار الحـِساب!

هو الديَـّان..
لا يُغـادر صغيرةً ولا كبيرة، والعذابُ يتعَـدّد علـى تعَـدُد الآثـام..
فليته كَـان مَوتاً واحداً..
بَـل هو مَـوتٌ كثيـر؛ بعـَدد معاني الذنُـوب..
فتَـنبَّه!

يَـا ولَـدي..
بعضُ الناس يوم الدين؛ صارت النِّعم لهم مَهالك.. حتى كأنّها تتساقط لهم ذنوبـاً في صحائفهم، وتبعثُ لهم يوم القيامـة عذابَـاً!

كُل نعمةٍ لا تبلِّغكَ الله؛ نَقمَة ..
وكُل ذنبٍ يُزرَع في القـلب؛ يحتاج سقيـا..
الذنُوب تَطلُب ماءها، وتَستدعي أخواتهَـا؛ حتى تتداعى الذنُـوب علينا.. فإذا بها يوم القيامة؛ إصْرنـَا والأغـلال..
وليس لنا إلا عَـفوُ الله!

قال تلميذٌ من أقصَى المَجلس:
دُلّنا على سبَيـل النَّجـاة!

قال الشيخ:
النَـفْس إنْ لم تجتهـد في الحسنَـات؛ أهلكَتها الحسَرَات..
والدَفـع يـا ولـدي؛ أسهَـل مـِن الرَفـع..
وكُـل هَدمٍ إنّمـا يَبدأ؛ بِثُقـب!

احـذَروا الَمعاصـي..
فإنّها تَحـرِمُ المَغفـرة في مواسـم الرحمـَة!

وإيـّاكم والتَذبذب فـي الهِجرة إلى الله..
فإنَّ المُتَذبذب أخو المنقطع..
كلاهما لا يَصـِل!

والمُتّصـِل..
مَـن أدرك أنّ الغياب عن الله طـرفة عين؛ خسارةٌ وانقِطاع..
ورابطَ على فَرضَـي الباطـن والظاهـِر مادامت أنفاسُ الحَياة!

#يتبع⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الَّليلةُ السَادِسَة عَشـر

- ‏السَّميع البَصيـر..

سُبحـان مَن يُبصر خبيئاتِ النفـوس.. ويسمَع الصوت وهو مخنوق!

سبُحانـه..
يسمع حَـرّ الآهِ؛ من قلبٍ يخشى بُعـد المسافة بين الكـافِ والنُـونِ.

قال تلميذ:
يا رب.. شَاخ الحَنينُ ولا أمَـل يُواسيني!

قال الشيخ:
الَلهُم أنتَ السَميع البَصيـر.. أذِقْنا معنى: {ولقَد منَّنا عليكَ مَـرةً أُخرى).. بقولك الحَـقّ: {وإنْ من شَيٍ إلا عندنا خَزائنه}..
أنـزِل حوائجنا من خَزائنك مَقضية!

اللهُ هو السَميع..
لمن شَـدّ الدُعـاء بالأسماء الحُسنى..
فَشـِدّ صَوتك بحبالِ اليقين؛ فإنّ الشَـكّ يجعل حِبالك أشـلاءَ!

هُـو البَصيـر..
بكلّ هَـمٍّ فوق هُمومك يُضاف!

هُـو البَصيـر..
بكلّ ألَمٍ بلغَ بـك حَـدَ الجَفاف!

قُـل:
يا مُحسناً إليّ قبلَ أن أطلُـب؛ لا تُخيـب أمَلي فيكَ وأنا أطلُـب!

قال تلميذ:
ندعو؛ وشَـوك الواقع فـي أفواهنا..
يـا عافيةَ العليل يـا الله!

قال الشيخ:
ناداه أيُّوب؛ فقـال سبحانه:
{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ}.

وناداه يونُـس؛ فقال سبحانه:
{فاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ}.

وناداه زكريا؛ فقال سبحانه:
{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يحيى}.

الَلهُم فاستجـِب لنا..
واكشِف ضُرَنا..
ونَجِّنـا من غمومنا.. وهَـب لنا ما تُحيـي به أُمنياتنـا!

إنّي مُخبركم بأَمـر:
حينَ تَدعو؛ اذكُـر لله سَعيـَك..
اذكُـر كَـم مَرة.. غَبقت الحَليب لوالديك؛ وأطفالـك ينـَتظرون!

ارفَع همسَك بحديث الِعفّـة يوم تَجافَيتَ عن الشَهوة؛ وقد كانت قابَ جسـَدك أو أدنـَى!

قُـل لـه:
كيفَ الخطيئة غَلّقت أبوابها؛ فما مدَدَتَ لها يداً، ولا أصابَت منك قَلباً!

قُـل لَـه:
أنـا لكَ؛ فلا تَخذلنـي فـي حاجتـي!

اسأله بما أبصَـر منك وسمع من نبضك..
وقُل: يا الله اجعَل لدعائـي؛ مشهـدَ الفَلَـقِ!

يَـا ولَـدي..
{إنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ}..
تظَـلّ الأمنيات في ظَمئها؛ حتى تشفعَ لها حَسناتهـا..
ومَـن أرادَ الله لَـه سَميعاً؛ اتبَعَ مَراضيـه!

هُو السَميع البَصيـر..
والله لَـو كان العبد يعيش في سيئاته أو حسناته في غَيـبٍ مكنون؛ لبلَـغه السَميع البصير!

قال التلميذ:
الَلهُـم عَلِّـمنا أدَبَ الدُعـاء!

قال الشيخ:
إنّما تُـوجَد روائح الإجابة؛ حيث توجَـد روائح اليَـقين‏..
(مَـن عامَـل الله باليقيـن؛ عاملـَه الله بتحقيقٍ وتَمكين)!

يهتَـزّ العُمر جِـنانـاً لو فاضتْ عليه الأسماء الحسنى..
تلك أسماءٌ؛ هُـزّ بها جـذع الأمانـي..
ثمَ اقطُف ما ذُلِّـل مِن قطُوفها تَذليلا!

سبحانه بِيَـده روح الإجابة..
يُرسلهـا متَـى يَشـاء!

قال تلميذ:
‏(اللهٌمّ آمين.. لكلّ مَـا في قلبي مـِن خَفـِيّ الأمَـانـي).. ثُـم صمَتْ!

فقال الشيخ:
ما أفصَح الصمت في لحظَـة الاتصال‏!

قد قالها ابنُ تيمية:
(الأدعيةُ الصالحة؛ هي العَسكر الذي لا يُغْلَـب) !

يَـا ولَـدي..
إنّ خيارنَـا الدُعـاء..
حتى وإنْ بدَت السماءُ بلا غَيم!

قال تلميذ:
والله يا سيدي.. لا شيء أثقَـل على المنتظرين؛ مـن الصباحَـات الفارغة!

قال الشيخ:
تُؤخـَّر الإجابة؛ حتى تَستبـين مقاديـر الإيمَـان.

أَرِهُ الصَبـر الجَميـل؛ تَـرَ عَـن قُـربٍ مَـا يَـسُرّ!

ومتَـى نظّفت طُرُق الإجابة مـن أدرانهـا؛ جَـرى لـك العطـَاء بأهـونِ أسبابها!

يَـا ولَـدي..
قُـل يَـا سميع؛ بـإيمانٍ مُكتُملٍ لا بـِنصف إيمـان!

يَـا ولَـدي..
بالله لا بالنـّاس؛ تُقضَـى المَطالـب!

قال التلميذ:
لكن الحَـال لازالَ يشتَـدّ على أُمَّتـِنا ظُلمـاً!

قال الشيخ:
هُـو السَميع البَصيـر..
بمن ألْقَى السَمع للأعـداء، وثقَـب لنا السّفـُن!

هو السَميع البصيـر..
بالمَطارق المَرفوعة على مَن كتبوا المَجـد في غَــزّة!

بصيـرٌ..
بِوعـّاظ السَلاطين؛ الذين حوّلوا للأُمَـة القِبلَـة!

يَـا ولَـدي..
إنّ الذي فوق السَماءِ قريبُ..
فارفع يديكَ إلى الإلهِ مُناجيًا.. ‏إنّ الجُـروح مَع الدعـاءِ تطيبُ!

وكلّما رأيتَ المؤامرات تُحاك..
قُـل: {قَـد سَمـِع الله}..
غَـداً القُدور عَليهم تنكفئ!

(إنْ هاجمَك اليأسُ مِن الهَمّ؛ فاسجُـد.. ولا تَبـرح حتَـى تُجبَـر)..
والله إنّ لليأسِ سكراتٌ؛ تبلُـغ باليقيـن حافـَّة الشَـكّ..
وما ابتَـلاكَ بالتأخيـر؛ إلا لِيَبلوَ أسـرارَك..
فإيـّاكَ أنْ تنسى أنـه؛ السَميع البَصيـر!

#يتبع ⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الّليلةُ السَابعة عَشـر

- العَليمُ الخَبيـر..

‏مَن أهمَل نَظر الله في الخَلوات؛ محَـا الله محاسـِن ذِكره في الجَلـوات!

الله الله فـي الخَلـوات..
فإنّ الله بها خَبـير.

البواطـِن البواطـِن..
فإنّ الله كانَ بكلّ شيءٍ عَليمًا.

اجتَهِدوا في مَحو الخَطايا..
فإنّ ميزان عَـدله؛ تَبـين فيه الـذَرّة!

وللآثام خَواتيم الشُؤم..
ومَن تقلّب فـي الذُنوب الباطنة؛ تَعِب من حيثُ لا يحتسب!

هو العَليـم الخَبـير..
والخَبـير؛ مَـن يعلم الخفايـا الباطنة، وما خصَف العبد عَن أعين الناس مـِن عوراته!

خَبـير..
بكلّ ما يَهـدر في شِعاب النَفْس ويعتَلـِج.

خَبيـر..
بما تحتَ أجنحة الأشجار يَختبئ..
لا تَضِلّ عليه في ظُـلَم الخَفِيـّات ضالَـة.

خَبـير..
بمن كانَ سِرُّهُ وعلانيتُهُ سواء!

هو العَليم الخَبيـر..
يَرى الحَـدّ بين الهُدى والهَوى..
بين الشُبهة وخَفـِيِّ الشَهـوة.. وبيَـن زلـّة القَـدم وثُبوتها!

لا يَخفى عليه مـا تحت بَهرجـةِ الثياب؛ ومـا أخفى..
ولا تخـفى عليه خافيـة!

قال تلميذٌ شَـبّ المعنى في خَلجات قلبه:
عَفْـوك مـن كُـل ما مَـرّ في العُمْـر..
عَـفْوك حتى نَصِـل إليـك!

قال الشيخ:
(مَن أحَـبّ تصفيةَ الأحـوال؛ فليجتَهد في تَصفية الأعمال)..
فـإنّ الله خبـيرٌ بمواطـن الاصطفاء.

ومَـن قارَب الفتنة؛ غادَرته السلَامـة..
فإيـّاك إيـّاك من المقاربة..
فما بعدهَـا إلا الزَّلـَل!

يَـا وَلـدي..
رُبّ شخصٍ أطلق بصـره؛ فَحُرِم بصيرته ومـا دَرى.
آثـَرَ شُبهةً في مطعمه؛ فأظلَم سـِرّه!

هو العَليم الخَبـير..
بـالقابضيـن على المِلـح فـي الجـِراح..
بالواقفـين على الجَمـر فـي خطواتهـم!

الخَبـير..
بمَـن إذا مسّتـه نفحةٌ مـن البـلاء؛ سقَـط!

يَـا ولَـدي..
الناس يتساوون وقْت النِّعَم..
فإذا نَـزل البلاء؛ تبـَاينوا!

قال التلميذ:
والله إنّنا لنتعثـّر في هَـمسٍ فاتـِنة؛ والله بنا عليمٌ خَبـير.

وتجـري في دَمِنا الفتن؛ فما تَـزيدنا غيـر تَـخسيـر.

وتَستنزفـنا أوجـاع الدُروب؛ مُذ كان عَـرْشُ الشَيطـان فـي شِعـاب التَعليم والإعلام والبيـوت.

كيف َتكون يا سيّدي السَلامة..
وكُل شيءٍ فينا شُجَّ مِن تَعـَب؟

قال الشيخ:
لا تـزال بخيـرٍ؛ ما لم تُصِبْ كبيرةً تغيـّر عليك قلبك، وتهدم صَـالح عمَلك..
فاستَعـِن على سَيْـرك إلى الله؛ بتـَرك مَـن شغلَـك عَـن الله عزّ وجَـل.

وَوالله..
مَـا الدابـة الجَمـوح.. بِـأَحـوجَ إلى الِّلجام الممسك؛ مـِن نَفـْسِك!

يَـا ولـدي..
هَـذا زمـنُ: {وقليلٌ مِن الآخرين}..
فَلئـِن فَـكّ القومُ عُـرى الإسلام؛ فَكُـن أنت مَـن يغرُزهـا..
وامْـضِ لله بجـِراح يديك..
وقُـل لَـه:
قَـد نَـزفْـت يداي؛ كَـي لا يَفرُطَ نسيجَ دِينك!

قال التلميذ:
كيفَ تكون العافية مِن الذَنب؟

قال الشيخ:
مَـن سرّه أنْ تَـدوم له العافية؛ فَليتَقِّ الله!

والعَـافيةُ..
عَـافيةُ الـدين..
وعافيةُ الحيـاة مِن هُمومها!

واحْـذَر..
مـِن نفـار النِّعَـم، ومفاجَـأة النِّقَـم..
فـذاكَ حُلمٌ؛ عجّـلَ اللهُ انقباضه!

يا ولدي كَم من شخصٍ زلّت قدمه؛ فما ارتفَعت بعدهـا..
وإنّمـا يـَبسُط الله في العافية؛ لمن حَفظها مـن ذُبولها!

واسأل الله الثبات وانظُـر إلى تقليب القلوب..
فلربَما دارتْ الدائرة..
فَصِرت المنقَـطِع؛ وَوصـِل المقطـوع!

قل ربَـّاهُ..
هـذا الذنبُ يؤلمني..
فامحُـه مـن صَحيفتـي!

رَبـّاه..
هَـذا الذنبُ يُؤلمنـي..
فاكفِنـي آثَـاره!

ربَـّاهُ..
هَـذا الذنبُ يُؤلمنـي..
فَـباعـِد..
واللهُ عليمٌ خبـيرٌ بالصَادقـين!

إنّ الصَالحيـن فـي المؤمنيـن قلـيل..
والصَادقـين فـي الصـالحين قليل..
والصَـابريـن فـي الصادقيـن قليـل!

(وإنْ صَـحّ مـنك العَـزم؛ أُرشـِدْتَ للسـبل).

اجعَـل كُـل ليلةٍ في عمرك؛ غُـرزةً في نُـورٍ يُنـتَظم!

قال التلميذ:
هو العليـم الخَبيـر..
فـأيـنَ وضَـع القَبـول؟

قال الشيخ:
وضَع قَبوله؛ في الخَفـِيّات من الأعمَـال..
اقصُـد سَبيـلاً لا يـراك فيـه سـِواه!

يَـا ولَـدي..
أتَقـْدِر أنْ تجعـل عُمـرك كلّه خَبيـئة؟
قـِف مكانك فأنتَ ومـا اخَترْتَ لنفسـِك!

قال التلميذ:
أسمَـاء الله؛ تُعطـي للبصيـر بصـرَه؟

قال الشيخ:
مَـن لازَم التعبّد بالأسماء؛ سَرت بَركتها إلى الجَـوارح فَـهذّبتها.

وَيُـوشك البُـعدُ أنْ يدنـو؛ فـتقتَرِب..
وانظُـر ما حظك مِن كُل اسم!

قـال تلميـذٌ تناهَـت إليه الكَلمـات:
لماذا نَتوه عَـن الله؟

قال الشيخ:
مَـن وردَ المَشرب الأوّل؛ رأى سائـِر المَشارب كـَدِرة.

يا ولدي الله ُأودَع السـِّر في مَطَـره..
فلا تبحث عن الجَـواب في غيـر طَـريقه!

يـا ولَـدي..
اتـَّخِذ طاعَـة الله تجارة؛ تأتيكَ الأرباحُ بلا بضاعـة!

ناجِ العليم الخَبير؛ وقُـل له:

يـا ربّ..
أسرفتُ شاكياً..
فقلبي مَجروحٌ وأنت تُبصره.. أعنّي لأقطف مِن سُؤلي ما ليس يَنقطف!

#يتبع ⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الّليلةُ الثامنة عَشـر

- الرَّقيب الحسيب..

قال الشيخ:
الأسماءُ زادنا لغربةِ يوم القيامة؛ إذا مَا مَضت قوافل العُمر نحوَ الآخـرةِ مُوَدِّعـة

يـا أبنائـي..
هَل تَمُـرّ الأسماء في العـُمر؛ دون صَـدى؟
أمْ تراها تُحيي في القلبِ؛ ما غفـَا؟

الرَّقيب الحَسيب..
كيفَ تَحمِلك على السَـفر إلـى الله؟
كيفَ تَغْسلك من رائحة الشَهوة؟
كيفَ تَهُـزّ الفـِتن؛ حتى تَساقط عنكَ.. فلا يَبقى في المَخابـِئ منها شيء؟

هو الرَقيب..
إذا ألقتْ الطبيعة فينا الجَـمرة في النار؛ وكـِدنا أن نكون هَشيماً حَطيمًا!

وكُلما فَتحت الشهوة باباً..
رأيت إيمانك بالرَقيب الحَسيب؛ يُغلقـه عَنـك!

فأنت حينها كبرياء الإيمان؛ إذ قـال للمَعصية: لا.
وإذا تحقّقت المُراقبة؛ حَصل الأُنسُ بصحبة الله!

هذه الأسماء الحُسنى؛ تُرشـد صاحبها للمَخـرج..
فاهـدِ لله عمرك، وانـِذر له السَرائـِر!

قال تلميذ:
الَلهُمّ صَـفِّ بَواطـِننا!

قال الشيخ:
السَرائـِر تَنضُـح بما فيها..
والخلائـِق؛ إنـّما تَستـنشقُ مَـا يَفُـوح!

فيَـا للمعاصي كيفَ؛ (أثـّرتْ؛ ثُـمّ عثَّـرتْ).
وسبُحانَ مَن أظهر دليلَ الخَلوات فـي قُلـوب العباد؛ محبـَّةً أو بُغـْضًا!

يـا ولَـدي..
يَستيقظُ السـِّر الخَفـِيّ في الَمحشَر، ويُسمعُ لدبيبه صَوتٌ في المَوازين وَ {كَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا}..

يُسمعُ نَشيج الغَرائـز العَميقة؛ التي انتصـَرَتْ عَـلينا.. و {كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا}!

يُـوزن العَـدل؛ حتى يُـوزَن عـَدل المُعلِّم بين الصبيان، فـإن بَخـس كُتِبَ مـِن الظَلَـمة..
ويومها لا شيء سوى {وكَفـى بنا حَـاسِبيـن}!
يا ولدي إن العبد إذا قَصـر في العَـدل؛ ابتَـلاه الله بالهُمـوم!

يوم القيامة يسَـأل الرَقيب العَبـد؛ عَـن الذُبـول الذي لاح بـه قلبٌ ما!

وفي القيامَـة..
للنيـّة وَزن..
وزَغل العَـين مَحسوب..
{وَكـَانَ اللَّهُ عَلَى كـُلِّ شـَيْءٍ رَقِيبـاً}!

تَصعد الشَهوة بصاحبها قليلاً؛ ثُمَ تَهبط به أبَـدًا..
يا لله (أيُساوي ما تَناله مـِن الهَـوى لَـفظُ عتِـاب؟
فكيفَ إن أعقَب العِتابُ عِقاب)؟

قال التلميذ:
يَـا لله..
مَـا أشَـدّ صَـوت الإثـم فـي حَياتنا!

قـال الشيخ:
(متَى سَلَّـمْتَ القلـبَ للشَهواتِ؛ نهَشْتَ عَزائمه للنُّهـوض)، فلا تراهُ إلا مُكبـَّلا مَحرُومًا!

(فاجعَل للقيامة مَوقِفاً..
فَلو قيـل لكَ: متى آثَـرْتَ الله على هَـواك؟
قُلتَ يَـوم كَـذا ويـَوم كَـذا)!

رَتـِّل علـى قلبك الرَقيب الحسيب..
واسـأل الله؛ أنْ لا يَخـْذُلك!

قال التلميذ:
مَـا الخُـذلان؟

قَـال الشيخ:
للخُذلان بداية؛ هي النِّسيان..
وخَاتمة الخُذلان أن تألَـفْ مَـا كُنـْت َتَستَـنكـِر!

انظُـر أينَ عَلـِق قلبك، وتأمـَّل مَـاذا جَـذَبه..
واخْـشَ أنْ تكون َ(مِمن خُتم له بفتنة.. وقُضيَت عليه آخـر العُمر مِحنة.. وكان أوّل عمره خيرًا من آخره)

راقِب ميزانك يَـا ولـدي..
امسك ميزان الحِساب..
(فَـأدِّ ما عليك، واجتَنِب مـا نُهيت.. والزيـادةُ بعـد ذلك؛ نفَـْل)!

إنْ ضَعُفْـتَ عن حَمل بَـلائـِه؛ فاستَغـِث بـه..
وإن آلمَـك كَـرب اختياره؛ فَقِفْ بين يديـه!

قال التلميذ:
يـا شـِدَّة الوجَل عند حُضـور الأجَـل..
يَـا حَسـرة الفَـوْت؛ عند حُضور المَـوت..
ويَـا خَجْلةَ العاصِيـن..
يـا أسَفَ المقصّريـن..
اقبضنا اللَهُـمَ علـى مَـا تـراه خَيـرًا لـَنا!

قال الشيخ:
الرَقيب الحَسيب؛ أسماءٌ تبني لك سِياج التَقـوى!

تـرَى المُتّقـي في حَـربٍ مع الشَيطـان.. يُجـرح؛ ولكنـّه لا يُقـتَل..
فلا تَفـُك الِّلجـام؛ بـأيِّ وجـهٍ حينها تَلقى الله!

والله كُـل متَاعب العَـبد في الَـتقوى؛ أجـور ليس يَعْـلمها..
وَوالله؛ (مَن كانت التَقوى رأس ماله؛ كلَـّت الألسُن عن تفسير رِبحه)!

قال تلميذ:
يا الله ‏(ما أنا في جُموعِ الأتْقياء؛ إلا هَمزَتُهم المُتطرّفة من كلمة أتقياء).
‏هَبْنـي الَلهُمّ لحَاقًـا بهـِم!

قال الشيخ:
كلـّما التفَتَ القلبُ إلـى الرَّبِّ؛ ثبَـتْ..
‏(ثُـمَ اركبْ الحقَّ، وخُـضْ إليه الغَمَـرات، وكُـنْ واعظـًا لـِنفسك)!

‏ فالزم مجانبة المَعصية، واحْمـل النّفس مكانًا قَصِيّـاً عنهـا؛ فهذا الفيْصلُ الفاصـل!

استَغـفر الحَسيب الرقيب..
فإنّ الذنوب خَطايا مُطوِّقة لأعناقِ العـِباد..
و(القلـبُ إذا قلـّتْ خَطايـاه؛ أسرعَـت دُموعـه)..
واحـذَر عُقوبة الحـِرمـَان!

يَـا ولَـدي..
هل تعلمْ أنّ حرمان التقوى؛ عُقـوبة!
وقد سُئِـلَ السَلف عن الغِيبةِ:
مَـا هـي؟ فقـالوا:
هي والله عُقوبة الله عَز وجل يُحلّها بالعباد؛ إذا عَصَـوه، وتأخَـّروا عن طاعته!

#يتبع ⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙الَّليلة التاسعة عشر

- الرُّؤوف الرَحيم..

قال الشيخ:
دنَت الليالي العَشر؛ والمرافئ مُهيأة..
لكن الناس بينَ مَـدٍّ وجَـزر!

القُطوف دانية، والجنّة مُسرَجة، ومعَـارج الأجـُور هُيـِّأَت!

يا أبنائي..
الّليالِ العشـر؛ نبضُ رمضان الأخيـر..
هَنيئاً لمن شَـدّوا الِّلجام، وشَدّوا المِئـزَر، وأسرَجوا الخُيول نحو أنجُـم الأُجـور.

لـذا..
( شُدّ مئزَرك؛ هذا أوانُ جدّك..
ثمّ عـِدني ألاّ يُراق وقتك على قارعة السَفاسف)..
‏وكل زمانِ الجهـاد فـي الجنة؛ لحظة!

هو الرَؤوف..
يمنحنا ليالي القَـدر برحمته..
والرأفة؛ هي الرحمة إذا تتاهـَت، واشتَـدّت، واسَتـوت على سـُوقها!

فَقُـل:
مُـدّني الَلّهُمَ بالعُـروج إليك..
واسقني ماءَ اليقين من كوثـر ما لديك!

قال تلميذ:
يا الله أنت الرَؤوف..
صوتي انحبسَ؛ وليـس في القلب إلا الغُصص..
يـا ربّ تعـِبتُ مـن ضَعف ضَعفـي..
يا ربّ خَطوتي عالقةٌ في طيـن المَسافات.. فألقِ علـى خطوتي قُـوة الأَوبَـةِ!

قال الشيخ بصَوت جَليل:
هو الرَؤوف؛ يُنبِت في أعتاب الدعاء غيث الإجابـة..
فَـقُل:
يَا الله اطوِ عنـَّا بُعـدَك!

إنه إن أقبلتَ عليه؛ أقبل على إصـلاح شأنـك..
(واستَعـن بالله على التَوفيق لمراضيه.. فإنّه إنْ أرادكَ؛ هيـَّأك لما يُرضيه)!

تراه مَع عبده..
(يأخُذ بيده إنْ عثر..
ويمنعه من الفتنة إنْ هَمّ..
ويستُر عمله عنه؛ حتى لا يقع في فتنة الوهم..
ويُرَقِّيـه إلى مزاحمة الكُمَّل..
ويجمع الله له الكُل)..
{وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}!

قال تلميذ:
ما الفرق يا سيّدي بين الرحمة والرأفة؟

قال الشيخ:
الرأفةُ أخَـصُّ من الرحمة..
وهي خيرٌ في جميع الأحوال..
وفي الظَاهر والباطن، والعبرة في النهايات!

فإنْ جَـفّ نَهـرُك، وغابَـت الأمنيات.. فقد أرادك لأمر..
(وإذا أرادكَ لأمرٍ؛ هيَـّأك)..
فإذا بالابتلاء مدارج التَـّرقّي..
وإذا بالمِحَن أسباب الوُصول!

تأمَّل خَرْق السفينة، وقتل الغلام.. ألا تَجده رؤوفاً رحيمًا؟

عُـدَّ مَنْـع الله إيـَاك؛ عَطـاءً منـه لك..
إنّه لم يمَنعك بَخلاً؛ بَل منَعك رأفـةً ولُطفًا!

ـيتوحّش العبد لفَقد غرضه؛ ولا يفهم المَصلحة‏..
{وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}!

فلا تسأل شيئاً؛ إلاّ وَتقرنه بسؤالِ الخـِيرة..
فَتُـثاب؛ وتجاب فيما ينفـعك!

ربما أراد عَـزْلك..
و(العزلة عَـن الشر؛ حِمية..
والحِمية سبب العافية)!

والعبدُ (مُمتَحن؛ ٌبالبلاء..
ومُتَـعبّد؛ بـالدعاء)!

فسَلـِّم أقـدارك لله؛ تسلَم..
والاستعجال؛ مُـزاحمة للتَدبيـر!

(فلئن يجري القَـدر عليك وأنت مأجور؛ خير ٌمن أن يجري عليكَ وأنت مَـأزور)!

تأمـّل يعقوب لما ضُمّ..
فقَـدُ بينامين؛ إلى فَـقد يوسُف.. اشتَـدّ أمَـله.. فقال: {عسَى اللهُ أنْ يأتيني بِهم جَميعاً}!

والله إنَّ مـِن رأفته:
ألاّ نَفْقد الطَـريق إليه!

قال تلميذ:
الَلهُمّ مُـدّنا بالصِّلة!

قال الشيخ:
الحَذر الحَذر مِن كل ما يوجي بين يديه الخجَـل..
يا بني (كَـم مـِن مواسمٍ ضيّعتها الذَرائـع)!

قال التلميذ:
مُنهَـكٌ يا رب بفعلِ نَفْسـي..
غارقٌ يا مَولاي في الفَقد..
غارقٌ يا مَولاي في البُعـد..
غارقٌ يا مَولاي في زمن القَيد!

قال الشيخ:
اليقظةُ؛ رأفته بنا..
في عُمقنا صمت مُسجّى على الكثير من تفاصيل الذُنوب..
فالبِدار البِدار إلى التّنظيف؛ ليكون القدوم على طهـَارة!

قال التلميذ:
يا لله.. كيف لكلّ هذا الخَواء أنْ يَغمُرنا؟
وكيفَ نَفقد كُل هذا البَياض؟

قال الشيخ:
هِيَ النَّفْـسُ.. ‏إن تركتَها لهَـوَاهَـا؛ ‏تَضَاعَفَتْ قُـوَاهَـا..
فإن ألقى الهَـوى في القلب مـا ألقى؛ فلا تسَـل عن شُـؤم ما ألقـى!

وإنّما تدوم الأحوال؛ بـدوام التقـوى..
ولا يبذُر الشيطان بذره؛ إلا في هَشيـم الرُوح!

قال التلميذ:
فمَاذا أصنَـع؟

‏ قال الشيخ:
(ارفَـع يديك إلى الله؛ ثم فَرِّج بينهما لاستلام الجَواب)!

يَـا ولَـدي..
إنّما (الأعمال بالتَوفيق، والتَوفيق من الله، ومفتاح التوفيق؛ الدُعـاء)!

قُـل لِرَبـّك:
هَـاك يـدي..
تسألك أنْ تَـردّ علَـيّ رُوحـاً شارِدة.

هـاكَ يَـدي..
تسألك مفاتيح قَبولـك.

هـاكَ يَـدي..
تسألك كمَـال مَحبـّتك.

هَـاك يَـدي..
قد تقطّعت في الصَوت أنّـاته!

بكى التلميذُ؛ فقال الشيخ:
تحصـي الملائكـة الدمـُوع؛ وتحصـي الكلمات المُبتَلّة في الدعـاء:

#يتبع ⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙الَّليلةُ العُشـرون

- الفتـّاح العَـليم..

قال الشيخ: الَلهُمَ يـا فتّـاح..
هبْنا الاكتفاء بـك!

الفتـّاح وليس الفاتـِح..
فَبِربـِّك ماذا بقيَ من الأقفال إن قُـلت؛ يـا فَتـّاح!

وإنَّ الفَتْحَ بالأسماء؛ فَتْحٌ ثانِ..
فثـِقْ:
سيفتحُ اللهُ باباً كنتَ تحسبهُ
‏من شدَّة اليأسِ لم يُخلق بمفتاحِ!
كَـرّر؛ تبلُـغ..
والـزَم الباب؛ ثمّ انظر ماذا سكَـن قلبك من الهِبـات!
وكل متيقَنٍ آت!
فلا ترفع السُؤال لسواه..
فإنَ الله يعلو ولا يُعلى عليه.. (والدعوةُ المجابة وربي؛ فتحٌ بعد الفَتح)!

هذه ليالي القَـدر..
تنهالُ عليك من قصور الغَيب..
تُلينُ لك الحديد..
وتُرفع لك ألف أُمنيةٍ؛ فلا اليأس يغشاها!

غَـرس الله لك الإجابة؛ في تربة الأسحـار..
فيا من كَـان الحزن موطنه، والآه منزله؛ فلا تنامنّ وقت السَّحر!

وَوالله..
لو أدركَ العباد ما في السَّحر؛ لقالوا: بالله بالله قـِف يا سحَر!

فادعُ الله وأنت ممتلئ بالفتّاح..
فقُـل:
يـا فتـّاح يـا عليـم..
افتَح لي خزائن رَحمتك بيدك الكَـريمة!

تصاعَد عَـزف كلمات الشيخ في أرواح التلاميذ؛ فلا تَسمع في المجلسِ إلاّ: آمـِين!

قال تلميذ:
ما حيلةُ العبد؛ إن شفّ القلب مُنكشفاً عن انهيارِ حُلُمٍ كـان يَـغزله؟

قال الشيخ:
مُـدّ كَـفَّ الدعـاء لله، وابسُطها.. مادام للفتـّاح خزائن؛ بالدُعـاء نبلغها..
{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا}!

يَـا ولَـدي..
لا تَهْـدرُ الأوجاعُ؛ إلا عُمْـر مَـن فقَد الدُعـاء!

قال التلميذ:
يكَـاد التـِّيه يقـتلني..
قَد شرّدَتنا دروب الظُلم يا ربّ!

قال الشيخ:
تعلـّق بأسمائه؛ يَكفـِكَ مؤونَة نفـسك..
وكُل اسمٍ؛ له لونٌ من الفرح!

قُـل:
الَلهُمَ إنـّا نسألك خفايا لُطفك، وفواتـح تَوفيقك..
ذَلـِّل السُبُل لحوائجنا وهوِّنها، وقَـرِّب الطُـرق إليها!

جَـوّد الاستعانة بالدعـاء؛ بالأسماء الحسنى..
قُـل:
يَـا فتـّاح..
افتح لي خَزائن الرزق؛ وصُبَّ عليَّ منها صبًّا صبًّا!

يَـا فتـّاح..
افتَح لي خَزائن البَركة فَتحاً؛ لا تُدركه الأسباب!

يَـا ولـدي..
{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ}..
فقُـل:
الَلهُمَ يـَا فتـّاح..
افتَح لنا في التَقوى؛ وقايةً وكفايَـة!

قال تلميذ:
الله الله ما أعمَق المَعنى!

قال الشيخ:
الله أعَـدّ لك رمضَـان؛ فأخرِج كُل الدعاء الذي في المَخابئ!

يَـا ولـَدي..
ألفُ حاشَا؛ أن يَـرُدّ الله في المَحاريب دعواتها..
قل له ثقيلة:
أمنياتنا وأنتَ لا يُعجزك شَيء..
توهّجت العيون بالدموع..
‏فتلا الشيخ؛ {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ}!

كان للدُعاء الليلة؛ معنى آخر..
وكان في القَلب؛ ترتيلٌ بعُمق الشَـغَف!

فنظَر الشيخ إلينا؛ ثُمَ قال:
مَن فُـتح عليه في الإحسان فيما مضَى؛ فُتح عليه في الإحسـان فيما بقـى..
ومن مَـات قبل الوصول؛ فنَيّته تسلك بـه!

فقُـل:
يَـا فتـّاح..
افتَـح لـي بـابَ العِصمة!

يَـا أبنائـي..
مَـن لَهج بسؤالِ الثبَـات؛ عُصـِمَ مهما كَـان الامتحان..
وبيـن الخَزائن والدعاء بالفتّـاح؛ سـِرٌّ لا يدري به مَن كان غارقـاً فـي ذنبه!

فاحـذَروا الـذَنب..
(فَـرُبَّ جـِراحة قتَلَت..
ورُبّ عثـرةٍ أهلكَت..
وُربّ فارطٍ؛ لا يستَـدرك)!

قُـل لله:
الَلهُمَ يـا فتـّاح..
افتَـح علينا (بيقظةٍ؛ تُرينا العَواقب، وتكشف لنا الفَضائل والمَعايب)..
فلا نغتَـر.. إذْ رُبما (توالت ألطَـاف؛ ونَسيَ العبـد الاستدراج الذي في الأعطـاف)!

يَـا ولـدي..
أعظَم العقوبة؛ أنْ لا يدري العبدُ بالعقوبَـة!

اعقـِل عَنـِّي:
إنّ للفواتح عوائـق؛ تمنـعُ إقبالها..
فإيـّاك أنْ تكون ذُنوبك للفَتح؛ مِغلاقـًا!

يـا ولَـدي..
أبعَـدُ البُعَـداء؛ مَـن كـان بعيداً في زمَـن القُـرب!

قال تلميذ:
يَـا فتَـَّاح يـا عليم!
قال الشيخ:
يَـا فتَـّاح..
افتَـح لنا في حُبّـك.. حتى إذا سَــأل المَلكان فـي القبـر؛ أجابَ القلبُ بالذي فيه يَنبض!

يَـا بُنَـيّ..
اركُض بقلبك؛ هذا الباب ريـّان!

ليالِي الخيـر؛ مَعقُـودٌ فـي نواصيهـا السر..
ليالٍ؛ لا ضِفـاف لأجـرها..
فَـيا شكـوى القلوب على بساط لياليها!

#يتبع ⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الَّليلةُ الحادية والعُشـرون ..

- المُجيب القَريب ..

لا سـِرّ الآن ؛ إلاّ ليلة القَـدر !

ليلةٌ ..
تدسّ في سِـرّها الكَـافَ والنُّـون ..
فاخلَـع بُعـدك ؛ وحاول مِعراج القُـرب !

ليلةٌ ..
يُشـرِق بالأنين سـِراجها ..
والدَمع زيتٌ ؛ في مآقي السائلين وهـّاج !

سُبحانَـه ..
جَعلَ أعظَم الفَضل آخر الشَهر ..
لأنّ البدايات للجميع ..
وللسابقين المنُتَهـى !

يناديك أنتَ ؛ { فإنّي قَريب } ..
فلا تكُـن أنتَ البعيد !

‌‏{ إنّي قرَيِبٌ } ..
تلك واسطة العِـقْد ؛ كأنَّها تقول للصائمين : ادعـُوهُ .. ادعُـوه !

فسُبحان مَـن جمَعَ الأوجـاع بالفَـرج ..
سبُحان مَن ألـّفَ بين الصَـوم والقُرب - فـَأتَلَفا !

قال تلميذ :
مـَا القُـرب ؟

قال الشيخ :
القُـرب :
( طَيّ المَسافة بصدِقِ النِّداء ) !

افهَم المَعنـى ..
{ وقربنـاه نَجيـا } ..
ثُمَ كان الثَـواب { ورَفعناهُ مكانـاً عَليـّا } !

يَـا ولـدي ..
قليلـون مَن يصعدون فوقَ بُـراق الدُعـاء !

فقل يَـاربّ ..
هَبْـنا قُربـاً يبلّغنا مقام ؛ { فاجتبَـاه ربـّه } ..
وهنيئاً لمن بلغَ باسقـات الحُلم مُعتكفا !

قال تلميذ :
عَفـوك يَـا الله ..
لا دَرب يحملنـي إليك !

قال الشيخ :
للدُعـاء ؛ الله ..
لأنين الأحزان ؛ الله ..
وللأمَـال الصامتة ؛ الله ..
وللجراح التي يـُرَشّ عليها المِـلح ؛ الله !

هو ﷲ المُجيب لمن في أقداحـه ظَمأ ..
فلا تُبعثر يَقينك ؛ مَهما نَكأوا الجـِراح فيك !

قال تلميذ: الَلهُمَ انتَشِلني ..
ثمّة هَاوية سَحيقة ؛ لو أُفلـِت يَـدي !

قال الشيخ :
اتل { إنـّي قَـريب } ..
وقل يـاربّ مَسّت لَواعجنا ..
فكـَم أُجهش مـِن صوت الدعاء ؛ زَمـْزما !

{إنـّي قـرَيِبٌ } ..
لا احتمال والله ولا تأويل ..
فقَـد رأيناها عينَ اليَقين !

ياولدي ..
هُمـوم الجـِراح لولا صَـوت الدُعـاء ؛ ما انطفَـأتْ ..
والأكـفّ إذا رفعت تعـود حُبلى ؛ بخَيـر السُـّؤل مُثقَـَلة !

يَـا بُنـَيّ ..
ظَفـَر مَـن هتَـفَ : يـا مُجيب ..
والله لا مَـأوى لنا إلا قَـوله :
{ فإنـّي قَـريب } !

قال التلميذ :
يَـا سيـّدي ..
مَـا قَـيد الإجابـة ؟

تَـلا الشيخ :
{ فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي } ..
ثُـمّ رَفع يديه ؛ وقال :
الَلهُمَ هَبْنا استجابةً ؛ ترزقنا بها الإجابـة !

ما المَسافة إلى الله ؛ إلاّ تَوبة .. تلك بَسملة البـَدء ..
ولو ابتليتَ بمعصيةٍ ؛ فلا تتفكَّه بمعصيتك .. فإنَّ ربَّك أرخى سِترهُ عليك ؛ ولاتدري لماذا أرخـاه !

انتبـِذ فـي أقصـى نبضك ..
وهُـزّ النَّـفْس مُعترفاً !
اسمع كيف يعلمك ..
{ فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ } ..
إنَ كَـفّ التوبة المَمدودة لله ؛ هي كَـفّ القَـبول !

قال تلميذ :
يَـاربّ يشكو قلبي .. ولا ينطلق لساني !

قال الشيخ :
ابسـُط حوائجك فـي سـِرّ النـّجوى .

فهو قَـريب ..
يسمعُ مَن أَثقَل الكِتمان صوتـَه !

قَـريب ..
( وبقـَْربـه كُـلّ المَضائـق تتّسـِع) !

ادعُ الله بلهفةِ الفقراء ؛ إلى استمطار الرزق !

يَـا بُنـَيّ ..
( تشتَد تشتَد ؛ حتى إنْ خوى أمـل .. أحيا الكَريم من التيسيير آمالا ) !

واعلَـم ..
أنّ خير المُناجاة ؛ ما كانت تُخفى وتُستـَر !

وبالدعَـاء ..
نَجمع من الآمال ؛ مَـا انتـَثرا !

يـَا بُـنَيّ ..
شتَْات القلب لا يُلَملمه ؛ إلا بَسط اليدين بالدعـاء ..
والقـِتال يَكون بالدعاء ؛ كما يكـون باليَـد !
كما قال ابنُ تيمية

وللبشارة مواطنها ، فالَـزم { ونجّيناهم بِسَحر } !

قُـل :
يَـا كَـنز المُعدَمـين ..
و يَـا ذُخـر السَائـِلين ..
‌‌‏ردّ عليّ دعائي غيثاٍ مطيراً ‏.. وأنتَ مُنتهـى التَمنـّي ..
واكتَب لنا مَـددا من التوفيق !

لك الحُـب يـا الله ..
ًما أبقيتَ لنا في القلـب نبضاً !

لكَ الدَمـعُ ..
( مَـا قَـرّت قلوبٌ بما اقتَرفَت) !

قال التلميذ :
ياسيدي هَـل يُنقذنا الدعاء من الطُرق البائسة ؟

قال الشيخ :
قبلَ أن تسأل الله أن يُـجنّبك المَضائق .. اسأله أنْ يُـجَنّبك القنـوط !

يَـا بُنَـيّ ..
لمْ يترك لنا القُنوط جَمرةً في تنّـور الأمـل ؛ إلا أطفأهـا ..
فقُـل للمتَمسِّكين بالدعـاء :
لَـن تَـروا خُـذلانا !

قال التلميذ :
يـا سيـّدي ..
مَـا ضمان الإجابـة ؟

قال الشيخ :
غالـِب الضَمان ؛ فـي حُسْـن الظَـنّ !

#يتبع ⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙 الّليلة الثانية والعُشـرون

- الهَـادي..

قال الشيخ:
هبّت رياح القَدر في رمَضـان؛ فكأنّها بِسـاط سُليمان!

ليلةُ القَـدر؛ قَريـبة الوَصـل..
لكنْ لا يراها: إلا مَـن فـي السَعي جُـهده اكتمَـل!

فإنْ (لـم تُحسـن الاستقبال لرَمضان؛ أحسـِن الـوداع)..
وكُلما ضَعُفت عزيمتك؛ ردّد عليها: {هُم دَرجات عِند الله}..
وامضِ بهمَّةٍ؛ ولا تلتفت!

ليلةٌ..
تنفضُ عَن عمرك غُبار أوجاعه..
وإنَّ (أشَدّ الناس حسرةً؛ مَن خسر في سُوقٍ كُل مَـن سعـى فيها يَـربحُ)!

قال تلميذ:
رُحمَـاك..
إنْ قـارَب رمضـان على الانتهاء، ودَنا الخِتام، وبانت الصُحف!

يا ربّ..
يَمِّم إليكَ نوايا القلـب!

يا ربّ..
يَمِّم إليكَ سَعي العُمـر!

(يـا خالـِق القلبِ تَـدري عـن أمانيـهِ)!

قال الشيخ:
ليلةُ القَـدر؛ بوصلة الأعمـار التائهة..
الدُعاء فيها؛ لا يشيخ..
فقُـل:
بارِكنا الَلهُمَ..
حتى نبلُغ مقام؛ {كـان أُمـّة}!

بارِك إجابتنا..
حتى نبلُغ؛ {قـَد جَعلها ربِّـي حقـّا}!

طُـوبى..
لمن اعتكَـف على طَرْق الباب..
بـاب العطـاءات؛ لا تفنـى مفاتحه..
فلا يُثنينك جُزءٌ عَنك مَقفـول!

قال التلميذ:
الَلهُمَ لا زالت دَعوتي بينَ كفَّيّ: وبينَ انتظار: {كُـن فيَكونَ}!

يَـا حَفيظ..
احفَظ عليّ تقلُّبـي فـي السَاجديـن!

قال الشيخ:
استعن بالله وقُـل للدُروب المُوحشة..
قُـل للزَّلل في الطُـرقات المُظلمة..
قُـل للمَواقف الصَعبة:
{إنَّ معي ربـّي سَيهدين}!

مَـن هُـديَ؛ اتَّصـل!

قال تلميذ:
مَـا أعظَم مـا يُسأَل الله؟

قال الشيخ:
هـِداية الطَـريق..
سـَل الله دَوام الهُـدى؛ عسى أنْ لا {تَـزِلّ قدَمٌ بعد ثُبوتها}..
وسَليم القلـب؛ يُرزَق فراسةً تهديه إلى الإثـم!

قُـل:
يـا هَـادي..
نَعُـوذ بك مِن شَـرٍّ يُبَصِرنا ولا نُبصـِره، ونخوض فيه بعمـى القلـوب!

يَـا هَـادي..
نعـوذ بك أنْ يستوي لدينا الحَـلال والحَـرام، والشَبهة والمُـباح..
وأنْ لا نرى بينهما حاجـِزاً وبَـرزخًـا!

قال التلميذ:
أصـونُ الدُعَـاء بِـ (آمِين)!

قال الشيخ:
(مَن فـرَّ بدينه مِـن الفِتـَن؛ سلّمه الله منها..
وأنّ مَن حَـرُص على العافية؛ عافَـاه الله)!

يَـا ولـدي..
(ثمـّةَ مرحلةٌ تَـلي عزيمة السَير قبل بلـوغ القَبـول؛ لا يقطعها العبد إلا بالثبات، وشدة الالتجاء إلى الله)..
وفيها ضَـلّ أكثر الرَاحلين!

قال تلميذ:
يَـا سيـّدي..
مَـا غـايـة الفِتـَن؟

قال الشيخ:
(إنَّ الفتنـة لا تجـيءُ تَهـدي الناس؛ ولكـن تَجـيء تُقـَارع المُؤمن عَـن دينه)..
وعلى قَدر مـا فـي البواطن؛ تكون الهـداية والثَـبات!

اسمَع أبو سُليمان الدّارانيّ يقـول:
مَـا أوتوا مَن فُتِـنوا؛ إلاّ مَـن أنّ أصْلَ نِيـّاتهم على غشّ، فَرجعوا إلى الغـشّ الذي في قلوبهم، واللهُ أكـرم مِن أنْ يَمُنّ على عبدٍ بصِدقٍ؛ ثُـمَّ يَسلبه إيـّاه..
إنَما رجعَ؛ مَن رجَع مِن الطريق قبلَ الوصول..
ولو وَصلوا إلى الله؛ ما رجعوا!

فإيـَّاك إيَـّاك..
مـِن كـُل عملٍ نبضه؛ ريـاء!

إيـّاكَ..
مـِن كُل تعَـبٍ عَـرقه؛ ريـاء!

إيَـّاكَ..
أنْ تَخـرِم نِيّـتك بثوابٍ عاجـِل!

وقُـل:
أعـوذُ بالله من محنةٍ؛ تختبئ لـي في النـِهايات..
مـِن محنةٍ؛ تكشف العَورات!

قُـل:
(أعـُوذ بالله مـِن قِنـاع الفضَائـل)..
فإنَ الفَضيحة؛ بَعـدَه!

يـا ولَـدي..
لا تأمَن من الشيطان أن يغشاَك في هُنَيهة ممّا بَقيت..
فَالـزَمْ: اهـدِنا يـَا هـادي!

لا تَتهاون في دينك..
فإنّما يسهُل وداع الطاعة؛ إذا توَعّر الطريق إليها بالمعاصي..

قال تلميذ:
هَـل يمـْلكُ المقيـّد أن يـدرأَ الفتنة؟

قال الشيخ:
أنْ تُسبغ الثَبات في وَقت المَكـاره؛ تلك عبادةُ المُغالبة..
وتشبَّث بالعـِلم؛ فإنّه سبيل الهُـدى!

إنَ الحَق لا يَشتبه بالباطـل..
وإنَما يموه؛ على مَن لا عِلـم عنده..
فإنْ نقصَ العِلـم؛ استقوَت الشُبهة..
ولا يزال العبد بخيـر؛ ما عَلـِم الذي يُفسـد عليه عمَله!

فَقُـل:
الَلهُمَ هدايـةً تُنـير لنا الفُـؤاد؛ حتى نفهم عنـك المُـراد!

واستَعـِن بـالهادي في كُـلِّ حيرةٍ بلغتْ بكَ:
هل أفعَـلُ؛ أو لا أفعَـل!

استَعـِن بالهادي؛ إن تشابهَت عليك السُبُـل..
وقُـل:
يَـا هـادي.. اهدِنا لما اختلف علينا.. إنكَ أنت الحقّ المُبين!

هَـل تَـدري..
إنَ تكـرار الاستخارة؛ مـِن الإلحَـاح فـي الدُعاء الـذي يحبّه الله..
فتأمـَّل المَعنـى!

قال التلميذ:
يَـا لله..
ما أقَـل المُبايعيـن في هذا الزمان على الثَبات!

قال الشيخ:
لذا تتبّع سِيـَر الَصالحين؛ فإنـّها توقـِظ البَصيـرة..
والنبضُ الحَـيّ؛ لا يحتَـاج للتَـنبيه..
ومَـن هُـدي؛ جعَـل الزِّينة كلها مـِن الباقيات الصَالحات.. ما يفتننا إلا الزينة!

يَـا ولـَدي..
(يُحشَـر المَـرء مع هِمّته..
ولا تَـدارُك بعـد الفَـوت!

#يتبع ⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙الَليلةُ الثالثة والعُشـرون

- الوَهـّاب العَزيـز..

قال الشيخ:
إذا قال ربُّ الكَـون: {كُـن}..
قال المحـال له: نعَـم!

وَ (مَـن يُمسك بـابَ مفتـاح الله؛ يَغنم)!

هو الوَهـّاب..
يهَـبُ ماي شـاءُ لمن يشـاء..
ولولا أسماء الله؛ ما سَكنت الحَوائج في أنـّاتِها!

اسـمٌ؛ هو عيد العُمر..
فكيفَ إنْ اتّفقت له ليلةُ القَـدر!

فافتَح ليلتك بالوهـّاب؛ ثمّ أغلِق أبوابَ الهُمـوم خَلفك..
فما الأسماء الحسنى؛ إلا رُبوع العـافية!

سَـلْ واهِـب الأفـراح حتى يمنحـك..
وتعلّم كيف تَغنم!

اخلَع على رَجفة الظَـنّ شُـحَّ الأسباب.. وابلُـغ صِفة قلـوب الأنبياء إذ قـال:
{ربّ هَبْ لي مِن لَدُنك ذُريّة}..
وما كَـان بين يديه في سؤله؛ إلا نـيّةَ {يَرثني ويَرثُ من آلِ يَعقـوب} العِلم والنّبوة!

فقال المولى {وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ}..
فتأمـّل؛ كيف سبَق الوَهْـب السَبب..
وردّ الوهـّاب له أمـَلاً عـَن ساحل العين رَحَل!

نَبـِيٌّ..
رغمَ أفـُول العُمـر؛ كـان قلبه ينبضُ بمظنّة الإجابـة..
فلا تَمنعكَ الأسباب..
فإنّ عطايا الله؛ تعرف الطَريق إليك..
وعلى قَـدر خَلع الحَول؛ يكون التـّأيـيد!

الوهـّاب..
يريكَ من طَرفٍ خَفـِيِّ زوال المستحيلات، ودنوّ المأمولات..
فارفع قَدرَك بما تسأل، واسبق في الدُعاء سبقاً بعيداً!

وتعَلـّم..
{وهَبْ لي مُلكاً لا يَنبغي لأحَـدٍ مـِن بَعـدي}!

فإن مـِن إجلال الله..
استعلاء الدعـاء عَـن الأسباب..

نبي تَـرَك الخَـيل؛ فُوُهـِب المُلك!
ومَـن كان في الله تَلفه؛ فعلى الله خَلَفـه..
ومن انشغَل بمُراد الله؛ شَـغل اللهُ الخَـلق بمُـراده.. {فسخّرنـا لـَه } !

يَـا ولَـدي..
تَـهابك الدُنيا؛ إن تعلّق قلبك بالآخـِرة!

قال تلميذ:
نَـبيٌّ بلـغَ بـنيته!

قال الشَـيخ:
حتىَ متَى العُمـر فارغٌ من نيّـات الأنبيـاء.. ومـِن عَـزمٍ تَسامَـى عَـن الحُطـام؟

إنَّ الهِمـّة مَوضـع الهِبـَة..
وأبَى الله؛ أنْ يجعلُ الذّخائـر لمن همّته عاكفةٌ على سـِواه..
ومَـن صدقَ الله؛ صدقَ الله له تَحقيق الآمـال!

يـَا ولـَدي..
إنّما ينفـردُ خُصوص العَطـاء؛ لأهـل اليَقيـن..
وما أقرَب المَواهب مـِن قلبٍ؛ تمكّنت فيه غُـربة المطالب!

قُـل:
يـا وهـّاب..
ارزُقنا إجابةً تتلوها إجابـة!

يَـا وهـّاب..
هبْنا فَـرجاً يليه فَـرج!

يَـا وهـّاب..
أنتَ مِلءُ قلبـي؛ فاطْوِ عنّي كُل هَمـّي!

سُبحانـه‏..
يهَـبُ {مُلكاً}، و {رحمةً}، و {ذُرية}، ‏و {قُـرّة أعين}!

فقُـل يَـا ربّ..
ارزُقني الصَالحات الباقيات..
ولا تَذرني يوَم القيامة فَـردًا!

قال تلميذ:
رُكْـنُ الأسباب؛ مُنهَـدِم..
والدُّجى في عَتمته؛ يتّسـِع!

قال الشيخ: حسبُك إنْ ضاقَت بك؛ قوله:
{أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ}!

استَكـثروا؛ فالله أكثَـر..
(وفي الغَيب للعَـبد لطائف؛ ليس يَعلمها،
بها جفـّت الأقلامُ وانطَـوت الصُحُـف)!

قال تلميذ:
وعندك يـا مـولاي غيْـمٌ مثقَـلُ
وإنّـي لأرضٌ للـرَّواء تَسـألُ!

قال الشيخ:
سَـلامٌ على مَن يرتقب الفَـرج..
سَـلامٌ على مَن زرعوا الَليل دموعاً وحنينًا..
سَـلامٌ على مَن التحفوا بالدعـاء؛ فقرّت أعينهم بما أذاقَهم الله..
سَـلامٌ على مَن ألقَوا أحمالَهم على أبواب المَحاريب؛ رضـىً وَيقينًا!

الدُعـاء على الثّقة؛ لا يـَدخله الفُتـور..
فإلى الوهـّاب وجّهنا الَأكُف.. إلى الوهـّاب وجّهنا السـُؤال!
خَفـِّف عنـَّا يا رب حَـرّ الدُروب؛ ببرد اليَقيـن..
ازدَحمنَا بالهمُوم..
وعلى بابك يـا وهـّاب؛ يتـّسع الفَـرج..
اللهم واجعَـل أنفاسنا؛ وَقْفـاً عليك!

يَـا ولَـدي..
اشتَغِلْ به في الحَياة؛ يَكـْفِكَ ما بعدَ المَمـات!

واعلَـم..
أنـّك لـن تـرى الهِبـات؛ حتى تقطع كُـل مَفاوز العَتمات!

تعلّم المَعنى من نَـبيِّ الله سُليمان: (اغفـِر لي.. وهـَب لي)..
فقُـل:
يا وهـّاب..
هَـب لي عيناً؛ تـرى الذَنب هَلاكـًا!

واحـذَر العَزيـز..
فإنّ ‏الله يغارُ على حُرماتـِه..
‏وإنَّ العبدَ ليخلو بمعصية الله تعالى‏؛ فيُلقي الله بُغضَـه في قلوب المؤمنين من حيث لا يَشعُـر..
ويسلُبه مَـا وهَـب!

قال التلميذ:
(وحَـولَ اسمِك يـا وهـّاب
سـبْعاً خـَافقـي طَـاف)!

يـا سيـّدي..
مَـن هو السَّـعيد؟

‌‏فقال الشيخ:
‏هو الذي إذا توقّفت أنفاسه؛ لم تتوقـّف حَسناته..
(وكَم في فَطنةِ القلب؛ من مَواهب المِنـّة)!

#يتبع ⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙الليلة الرَابعة والعُشـرون

- الَّلطيف الخَبيـر..

قال الشيخ: هو لُطف الله..
إذْ ردّ الرُوح على أُمنيةٍ في كَفَيِّ كادَت تَمـوت..
وأول البشائر في بَـرْد اليَقين!

اليَقين؛ نعيمٌ مُعَجـّل..
والمُوفَق؛ مَـن أطال الدعاء وقت البلاء!

ومن خَفـِيِّ لُطْفِ الله؛ أنه يُداوي الجُرحَ قبل الشّكوى..
{إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا}!

فما هو اللُّطف؟
اللُّطفُ؛ انكشافُ فَيض الرعاية في كُل منعطفٍ؛ كادَ يكون مُفتَرقًـا..
فإذا بكوامِن الفَرح؛ تنبعثُ عليك دون عَـدد!

اللُّطف..
أنْ لا تمزّقـك المتاهـة؛ فترى ما يُنطِق القلـب: (لعلّ ما فاتَ من آمالنا خِيـرة)!

اللُّطف..
أنْ يتّسع لك العَـون؛ وأنت تسير فوقَ حبل مَشدود تكاد تسقُط.. فترى الَلطائف كلّما داهمَتك المصائب تقـول:
هـا أنذا!

اللُّطف..
أنْ تقع قدمك على قدم السَداد؛ فترى لُطف الله فـي خِضـَمّ البَـلاء!

اللُّطف..
أنْ لا ترى اللوح المحفوظ؛ ولكن قلبك يكادُ يُبصر التدبير..
وأنّ فوق القَـدَر أقـدارًا!

اللُّطف..
أنْ يظلّ الابتداء في الرعاية؛ مثل المنُتهى.. تكاد تسقط في الجُـبِّ؛ فإذا بألطَافه تَحتويك!

اللُّطف..
أنْ تخشى الانقطاع؛ فَيتبدّى لك ما يجعلك تَستلذّ بالبلاء كمـَا تستلذّ بالعافية!

اللُّطف..
أن يرتجفَ الصَـدر من الخوف؛ فيأتيكَ لُطف الله جابراً إذا كادتْ أن تنكسر جَـرّة العُمـر!

اللُّطف..
أنْ يُؤنسك بالتَّدبير؛ فلرُبما في المَنع كُـل العطاء..
فتـدركَ؛ أنّ عِلم الله سابـِق..
[ولكل خيـر سائـق].
فانزَع عقلك مـن عواقب التَفكيـر!

اللُّطف..
أنْ لا يَكِـلك إلى عِلمك؛ إذْ كم مَـرةٍ حفّـت بك المكاره..
‏خَـار لك اللهُ؛ وأنت كاره!

فإذا واجهتكَ الأقدار؛ فثقْ بمن عوّدك حُسن الاختيار..
وقل للأمانـي:
(سِيـري.. وأستخيـر الله في مسيـرك)!

ضَـلَّ قَـومٌ..
ليس يَـدْرون؛ أنّ المِحَـن فـي طَيـِّها ألطـاف!

اللُّطف..
أنْ ترى الأمنيات هاربة..
ويكاد المَوت أن يتخيّر فيك وينَـتقـي.. فترى ألطـاف الله تلاحق العُمر؛ حتى بالفَـرج تُدركـه!
فتَفهـّم معنـى:
(اللهُ لَـطيفٌ بعبـادِه)!

قال تلميذ:
(يَنتابني قلَـقُ المَصيـر..
وكلّما لامَستُ لُطف الله؛ عـاد هُـدوئي)!

قال الشيخ:
يـا عالـِم السـِّر وأخفى..
الطُـف بما تعلَـم..
واصـرف بسـِرِّ الُلطف عنـّا البلـوى!

لا تَثبُـت قَـدم الإسلام؛ إلا على أرض التّسليم..
فسَـلِّم تَسْلـَم..
وقُـل:
يَـا خَفـيِّ الألطاف؛ نَجِّنـا ممـّا نخَـاف!

قال التلميذ:
يَـا لطيف..
أفرغ على جَدبي إلهي زَمْزمًا..
والطُف بي فيما جَـرتْ بـه المقاديـر!

قال الشيخ:
(مَـا مـِن نَفَـسٍ تُبديه؛ إلا ولـه قَـدرٌ فيك يُمضيه)!

ليس الرّضى ألا تحسّ بالبلاء..
بل الرِّضى؛ ألا تعترضَ على القضَـاء!

مَـن عرف ما عند الله؛ سكَنت اعتراضاته، وفَهِم أنَّ المَنع مِن الله إحسان، والعطَـاء مِن الخلق حـِرمـان!

(إن الإيمـان الهَـش؛ هُـو مـا يُـخْـتَرَق)!

قال التلميذ:
كيفَ يبلُغ العبد الرِّضى عن الله؟

قال الشيخ:
المَقامـات مَكـاسـِب..
وحُسـن الأحـوال؛ نتائج حُسـن الأعمَـال!

وفي ذاكـرة القلب..
رصيدٌ مـن مـنَن الله عليـكَ؛ مَـرةً بعـد مَـرة..
فتعاهَـد ذكريات اللُّطف؛ بعبادةِ الشُكـر!

كَـم من كربٍ أحدَق وانكشَف.. ‌‏وكَـم من حسرةٍ اشتَعلت؛ ثم انطفأت! ‌‏وكم من فضل أسبغه؛ ولم يكشفه! ‌‏وكم من نعمةٍ تفضّل بها إثر حاجة!

وعَبدُ الشك مِن متى انخرَم له غَـرضٌ اعتـَرض..
ويَنسى؛ أنَّ كُل شيء ٍينتهـي إلى مَـدى..
‏والشيء يُرجى كشفه؛ إذا انتهى!

اللُّطف..
هو الحُـبّ..
وللحُـبّ شواهـِدٌ؛ بعضها بَـرْدُ الإجابَـة.. ولذّة الوصـال!

ورسائل المَعيّة؛ كأنّها الوحي منه إليك..
ومَـا كمال العافية في الإيمان؛ إلا سُكون القلب عَن الاضطراب!

قال التلميذ:
الُلهَمَ ارزُقنا إجابـةً؛ تنبضُ بلُطفك!

قال الشيخ:
اقـرأ على حوائجك: {يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}..
لازِمها في أوقاتك؛ تَجـِد لها فَرجـاً عَجيباً!

وقُـل:
يَـا مَـن بيدكَ التَعويض عَن كُل ما تَلـف؛ عَـوِّض انتظارنا فَرَجاً كَريمًـا!

إن أصوات الدعـاء؛ سابقةٌ للأقدار مُوفـّقة ومَـرحومة!

قال التلميذ:
ما أوقَـد الناس في قلبي نارَ اليأس؛ إلا رأيتُ الله بالُلطف يطفئها..
لو طالنـي الخوفُ؛ إنّ اليأسَ مَـا طَـال!

قال الشيخ:
دمعةٌ على انكسارٍ مِن حرمان؛ تَرفَع حـالك إلى الزيادة بَـدل النُقصـان!

الدُموع شواهـدُ مُخبرات..
إنْ جَـرت على الخَـدّ؛ استـنْزلَت الإجابـة..
وَ (إذا جـاءَك كَـرمُ الله بلُطفه؛ غَـدتْ العَـوائق أحَـاديث)!

يَـا بُـنيَّ.. قُـل:
{إنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ}..
ابـقَ مرابطاً على الأمَـل؛ حتى يُحدِث اللهُ لك بعدَ اليأس أمْـرا!

#يتبع ⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙الُليلةُ الخامسةُ والعُشـرون

- السَـّلام..

قال الشَيخ:
تضلع من ليلةِ القدرِ فهي للعمرِ ماءُ زمزم.. بدعائها تُقضى الحوائج كلها..
ليلةُ القدر تقيمُ الأبد في يَدك..
ليلةٌ آن أوانها..
ومَن يضمن أوانَ ليلةٍ وراءها!

وما استُفتِح غيبُ البِشارات؛ بمثل القيام في المحـراب..
{فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ}!

بـالدُعـاء في الصلاة..
توثّـق عُـرى التَوفيق..
إنّ (الدعاء أبواب توفيقٍ؛ تُفتَح ولا تُغلق)!

وللدُعاء بركة الدّنو..
وغنائمها؛ تيسير قبل التَفريج.. فإنْ ألهمَك الدعاء؛ فقد أرادَ لك فسحة العافية..
و(كَم من دَعوةٍ صالحة؛ أدنَـت عطيّة وافِـرة)!

والزيادةُ حَظّ مَن أكثَر الطلب..
فاعرِض على ربـِك دقائق الحاجـات..
وصابِر في خَندق الدعاء؛ ترَ المواهب عَـجبًا!

وما ألَـحّ في الدعـاء؛ إلا موقـِن..
وثـِقْ؛ أنَ (كُل حوائجك يأتِ بها الذي أتَى بـك ولم تَـكُ شيئًا)!

دُعاء السَحـَر لا يعرو صاحبه كَـدر..
وإن بكَـت العين؛ أبصَـرت نعيم الإجابـة..
وبعضُ الأصـوات عنـد الله؛ معروفة..
وما يلمّ شتَـات الأمنيات؛ إلا بالدعـاء!
وقد أفلحَ والله؛ مَن رمَى حوائجه على باب الله..
فاتـَّقِ غارات الهمُوم؛ بدقائـق السحـر.. فإنّ العيشَ مع الله غنيمةٌ مضمونة!

فإن رأيتَ قلبك عاجزاً؛ فَقـُل:
(أجِرْنا مِـن الحـِرمان)!

حدّقَ الجَمْـع في الشيـخ؛ وردّدوا الدعـاء.. قال الشيخ:
ليس َفي رمضان إلا؛ {وعجلتُ إليكَ ربي لتَرضى}..

وإنْ تَلتفت؛ تخسَر ما لدَيـك..
فاستوِ في مقامك..
واحسِن انحناءةَ قلبك..
فإنّ من انحنى لله؛ استقامَ له كل شَيء.. وقُـل:

الَلهم أنت السَلام..
فسلّم لنا رمضان..
سلّم حسناتنا من النَقص..
فإنّ لوعة النُقصان حسرةٌ إذا وُضِعت الموازين.

أنتَ السَـلام..
فسلّم صحائفنا مـن سَـواد النّكـات..
سلّم عوراتنا مـِن كَشف المَستـور.

أنت السَـلام..
فاجعَل السَلام على مَن عامل الله بالسرائر!
الهاربُ من الشُهرة؛ كما تهرُب الناس من الفَجيـعة.

أنت السَـلام..
فاجعل السَلام على مَن قبضوا على الجَمْر؛ حتى شُمَّت في الأيادي احتراقها.

أنت السَـلام..
فاجعل السلَام على خطواتٍ ثبتت؛ والوحـل يُراودها علـى انزلاقهـا!

قال تلميذ:
الَلهُمَ سَلـِّم سَلـِّم!

قال الشيخ:
إنّ (خسارةَ التَولّي فادحـة، تَسلُب الأربَـاح الماضية).

فسلِّم الَلهُمَ أعقابنا مـن النُـكوص..
وسلِّم الَلهُمَ نـِيّاتنا من مُصانعةٍ أعيُن الخَلق بطلب الشُـهرة.

سلِّم سَعْينا من الَفضيحة..
سلِّمنا مـن عقوبة {فجَعلناهـُم أحَاديـث}.

سلِّم ذُرياتنا..
وازوِ عنهم جَواذب المعاصـي، وافسَح لهم في الطاعَـة فسحـة، واجعلنا ممّن قَبـِل الدعوة؛ {وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} فقـال: لبّيـك لبّيـك!

يَـا ولَـدي..
إنّما السَـلام؛ لمن خاضوا مِليون إغـراء.. وظلـّت الأقدامُ نحو العَـرش سِباقها!

إنّما السَـلام..
لمن اشتـَدّ حبلُ الرَزايا حوله؛ وظلّت الروح مَع اليقين عِناقها!

إنّما السَـلام..
للصائمين عَن الَلغو أبداً..
أولئك مُلـوك الجنـّة..
شعارهم؛ {وإذا خاطَبهم الجاهِلون قالوا سَلاماً}!

إنّ الثرثرة شَعثُ الروح..
وإذا توغـَّل الِّلسان في الثرثرة؛ رحَـل السَـلام!

اظفـَر بِنـَفسك..
{فاصفَح عَنهم وقُـل سـلام}!

قال تلميذ:
كيف نَغسل الـرُوح مـِن أثـر الَلغو؟

قال الشيخ:
إنّما تُغْسلُ الروحُ بِفَيض الصَّمت.. فتعلّم سَـلام الّلسان!

كان السَلف لا يرون العبادة في الصوم، ولا في الصلاة..
بل في الكَفّ عن أعراض الناس.. فإنّ المُسلم مَن سلِمَ الناس منه..
لا تفرح بالعبادة؛ إذا كَان لسانك لا يتوب من الغيبـة!

قال تلميذ:
الَلهُمَ أنت السَلام..
فهَبْنا السَـلام في الحِساب!

قال الشيخ:
سَـلامٌ لمن يرى الشَهوات بعينه؛ ولا يشتهي الخطايـا بقلبه!

دُروب الشهوات مآلها؛ عَـتم الخَواتيم..
وخَلف كُـل شتَات قلبٍ؛ ذنبٌ مَستُـور..
فَقُـل:

الَلهُمَ سلّم الباطـِن، وسَلّـِم الخلَـوات..
ومتّعني بعافيةٍ في قلبي؛ فلا َيمـرضُ بذنـب!

صابـِر حتى تبلُـغ؛ {ادخُلوها بسـَلامٍ آمنيـن}..
تلك منازلُ الخائفين مـِن هفوات الطَـريق..
وَدِيارهـُم؛ لا تُباع لـِغيرهم!

قال تلميذ:
تَشتبهُ علينا السُبُـل؛ فنَتخبـّط!

قال الشيخ:
اسأله سلامَـة البَصيـرة.

يَـا بُنَـيّ..
سُئـِل حذيفة: أيُّ الفِـتَن أشَدّ؟
قـال: أنْ يُعرَض عليك الخيـر والشَـر؛ فَـلا تَـدري أيُهمـا تـَترك.


#يتبع ⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙الّليلةَ السَابعة والعشـرون

- العَفُوّ القَديـر..

قال الشيخ:
(ربُّ العبـاد إذا وهـَب؛ لا تسألَـن عَـن السبَـب)..
هذه ليلةُ المواهب..
فإذا حدّثوك عَـن الأسبـاب؛ فحدّثهم عَـن الله!

يا قوم لا خَيبة مَـع الدُعـاء..
سِهام السّحَـر؛ تُعانق الإجابة نبالها.. حتى يقال لك:
سبقتْ سَهامك سِهام القَـدر!

إنّ الله لا ينقص لأهل السَحـَر من أحلامهم أمـلًا..
وفي السحر سقَى الله بالفَـرح مَـن أنهكته الجـراح..
وقد تُدرَك الحاجات بالدعاء؛ وهـي بعيـدة!

يَـا ربّ..
لا أسبابَ تحملنا..
لكنّنا بـالدعـاء إلـى أحلامنا؛ نَصـِل!

ادخُـل من بـاب اليقين..
فإذا بأسوار المنع؛ تهدّمت..
وأبواب الضيق؛ اتّسَعت!

وإذا وقَع القبول؛ فلا شيء من الأمنيات في مَهبّ الريح..
وحاضر القلـب في السجود؛ لا يعرف القُنـوط!

يَـا بُنَـيّ..
المنغمسون في روائع السَحر؛ لا يشتَهـون بزوغ الفَجـر..
ومَن كان الليلةَ بلا رفـَّة قلبٍ؛ فليمتَـحن أحاسيسه!
ليلةٌ..
كَـأنّ ساعَاتهـا فـي فَضلهـا؛ أبَـد..
وكُل دمعةٍ فيها إلى الله سُلَّـم..
والفوز الليلة لأهـل العَزائم!

كيفَ بك؛ لو أضيف فوق عمرك ألف عُمـْر..
فاغسل عـن هِمّتك وَعْثـاء التَأخُـر..
وإنْ تَعِبتْ الخُطى؛ فاذكُـر {ليلةَ القدر خيرٌ من ألفِ شَهر}!

بِسـاط الليلة؛ يَعُجّ بأصوات السابقيـن.. فلا تكن على بساط العَجـز قَـائمًا!

رُبّ ليلةٍ؛ تنبتُ لك على ضِفاف الفـِردوس حَقلاً..
وإنْ تولّى القوم؛ فَقُـل:
هذه غنيمةُ السـّبق!

يَـا ولـدي..
دونك الليلةَ السِباق..
فلا تُذهِب بعضه سُـدى!

كان الشيخُ الليلة قد أطَـلّ على التلاميذ بملاءةٍ بيضاء، ليس فيها إلا نُـوره..
ضوء المحراب؛ كان خافتاً..
لكن صوته بالدُعاء كان مُشـرِقًا!

قال تلميذ:
في داخليْ يا ربُّ لهفةُ يوسف ‌‏يدعوكَ..
غــوثاً حـين أظلـمَ جُـبُّهُ
‌‌‌‌‏وبداخلـي أيـوبُ يغـزلُ صـبرَهُ..
‌‌‏مُذْ مسَّني ضُرُّ الزمـان وكَرْبُـهُ..

قال الشيخ:
يَرحم الله السَلف، ما زالوا يقولون: (ربّنا ربّنا؛ حتـَى استجَـاب لهم)!

توضّأ باليقيـن..
فوالله باليقين؛ لي بالله آمالٌ أراها قُـرب كَـفّي.

وَقُـل:
أَعُـوذ بالله من العَجـزِ..
فَـ (العجزُ مَرْبـط إبليـس)..
وأسـرارُ الـروح؛ إنما يكشفهـا الدعـاء!

قال التلميذ:
يَـا وَليّ قلبي..
أحسـِن وِفَـادته عليـك!

قال الشيخ:
بَـلّل يَـباس قلبك بالدَمع؛ وأحسـِن الاعتكاف!

قال تلميذ:
كَيـف؟

قال الشيخ:
الاعتكاف.. قَطـْعُ العَلائق عَن الخلائق؛ حتى تُحسـِن خِدمـة الخَالـق!

يَـا ولـدي..
رمَضـان مَيدانك..
ومَـن انتصَـر فـي ميدانـه الصَغيـر؛ انتصَـر في مَيـدان الأُمـّة الكَبيـر!

هذه ليلةُ العَفـو.. فَقُـل:
عَفـوك يَـا الله؛ إذا صَـار للجَـوارح لُغـَة وفَـمْ!

يَـا ربـّي..
عَفـوك عَـن لهـيب الذنب في قلبي؛ إذا أجَّجَته شَهوة الدّرب!

قال تلميذ:
مُتعَبٌ يـَا ربّ..
لَستُ أُنْكِرُ خطَئي..
أنتَ الغفـور لَـه..
‏حاشَـاك ردُّ كسيـر القلـب يعتَـرف!

قال الشيخ:
أُسْدل عليكَ الليل؛ فَفـي الأستـار تُـدّخَر المَكاسب..
فَقـل:
نَعُـوذ بك يـا الله مـِن كَـرب الفَـوت!

الَلهُم ارزقنا أرائـك؛ {السّابقون السّابقون أُولئكَ المُقَرّبون}!

حَنانَيْـك..
نحـنُ العابـرون إليك!

عَفـوك..
نحـنُ الماكثـون بيـن يديـك..
مَـا نكْـون؛ إنْ لم تَشأ لنا أنْ نكـون!

يـا ولَـدي..
يُطَهـِّر العَفو مـِن الأعمال مـا عـكر..
انظُـر إلـى فِقـه السّلف الصَالـح؛ حيثُ يقول أحدهم:
خَتمت ثماني وعشرين ألفَ ختمةٍ؛ عساها تكون عَفواً عن الزَلاّت!

تَعلّموا كيفَ تُبـادروا السّيئات القديمات؛ بالحَسنات الحديثات.. فـ {إنّ الحَسنات يُذهبـنَ السيَئـات}!

يـا بُنَـيّ..
قَـد تأتيك الحَسنةُ كالرّقعة في الصحَيفة؛ لولاها لظَلّ عَملك مَثقوبـًا!

قال التلميذ:
يَـا سَيـّدي..
لديّ أمكنة في ذاكرتي؛ أخافُ الذهاب إليها..
الَلهُـمَ فَـأمـِّنـّاَ بالسَّـتر..
واجعَل بعد السَّـتر يـا مَـولايَ عَفـوًا!

قال الشيخ:
قُـل..
الَلهُم عَفوكَ؛ لكلّ ذنبٍ بلا حَـولٍ مِنـّا ولا قُـوة..
عفوك؛ لكلِّ تلك الخبيئات..
عَفوك؛ إذا سَقط الذنبُ علـَيَّ وتمَـادى.

عَفـوك..
ليومٍ تجمعُ الذنُـوب اللهيبَ على اللهيب؛ فلا تـَرى المصائـِر إلا سَعيـرًا!

يومٌ تتحرّك فيه قوافلُ الأعمال..
ويبدو المشهد أسطوريًا!

تَغورُ العيون؛ والوجوه شاحبة.. يكادُ يلتهمها شُعور الفَجيعة!

يتآكـلُ الناس فـي أغلالهم؛ ويشتَـدّ العَـذاب..
وتَرى جِـراح الذنوب غائرة!

عَفـوك..
مَـن يستُـر الشواهد يـومَ الحِساب!

عَفـوك..
إنْ أوقَفْتَـني على كُل هَمسة..
وسألتَ عَـن نبضِ الفؤاد فيما أنفقنـاه!

عَفـوك..
إنْ أوقَـدتَ الذكريات؛ وناقَشْتَ تاريخ الخطـوات!

عَفـوك..
إنْ سألتَنـي:
لماذا يَـا عبـدي لم تكتمـل؟

أجهشَ الجَمْع فـي أنينٍ خافت.. وكان لكلِّ دمعةٍ صوتُ دعاء يُعتَـق مـِن طول الأسـْر!

#يتبع ⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙الُليلةُ السّـادسةُ والعُشـرون

يَـا ربّ..
أفضـَى بين يديك القلبُ مـا أفضـى..
مُنّ عليه بالجـِوار؛ عسَـى الأحـزان ترضـى!

أنت الحنـّانُ المنـَّان..
وإنـّا إلـى الله؛ مـَا جـَاد منه ومـا منّ..
وفَـوق دعائنا لله تدبيـر!

فاجعل الَلهُم دعاءنا كَـادًا ؛ بَـل آمين ..
واجعل ليلتنا؛ إسـراءً إليك ومِعـراجًا!

عساها ليلةُ القَـدر..
ليلة المَنح وبحبوحةُ العَطايا..
بعدهـا غدٌ؛ ليسَ مثل الأمس..
واللهُ يمحو بعدها مـا يشاء!

فبَلّغنا بها كرامة {وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا}.. تلك رحمةٌ؛ لا يكـفّ غيثها!

تَعسر الأيام؛ فيشعّ مـن الآيـة حَنانها..
سُبحانك.. ما أضيقَ الدنيا لو كانت الأمنيات؛ كالمستحيل الذي لا يأتيِ ولا يَصـِل!

أنت الحنّـان المنّـان..
بك تنبثقُ من شُقوق الجـِراح دهشة الأمَـل!

أنت الحنـَّان المنـَّان..
و(لا قلّةَ حين يغدقُ المنـَّان)..
فمُـنَّ علينا مَـرّةً أُخـرى!

قال تلميذ:
ما معنى الحنـَّان المنـَّان؟

قال الشيخ:
الحنـّان..
الذي يُقبِلُ علـى مَـن أعـرَض عنه.

والمنَـّان..
الذي يبدأُ بالنَوال قبلَ السُؤال.

يا بني (امتنـانُ العبـاد؛ تكـدير وتعيـير..
وامتنان الله؛ إفضالٌ وتَذكير)!

فقل.. الَلهُم ما منَنتَ به؛ فـأتمِمه..
وما أنعمتَ به؛ فـلا تَسلـبه..
وما ستَرتِـه؛ فَـلا تَهتكـه!

قال تلميذ:
أنتَ المنـّان..
فمَالِ كَفّي تَعافها الأُمنيات؟

قال الشيخ:
أطلِق يقينك من دوّامة القَلق..
ومن يأوي لعَطاء الله؛ لا يـأوي لـِمُنغلق!

بركـات الإجابـة..
لا يذوقهـا مُتردّد!

(يا صاحب الأُمنية..
تفقـّد أُسّ القَـبول، ‏ولَطيف الأسباب)!

فإنّ أيام الشـِدّة..
يرفعها الله بالسَوابـق الصالحـات!

يَـا حَبيـس الفَـرج..
تفقَّد حَـالـك!

قال التلميذ:
قلبي على باب الغُواية يَزدحم!

قال الشيخ:
أيَادي أهل الخطيئة؛ خاليةٌ من كُـل غنيمة..
وَ (طـالبُ السَّعة؛ كيـف يغـفل)؟

فَحـرّم الَلهُم على جَوارحنا لغةَ العِصيـان..
وارزُقنا الَلهُم غَفلةً عن طَـرْق الحَـرام..
واكتُب أسماءنا في صَحائـف الذين {مَـا بدّلوا تَبديـلًا}..
ونَعـوذ بك؛ مـِن الحَشْـر تحت رايـاتِ إبليـس!

تُريد الحنـّان وأنت مأسورٌ في أسوار العصيـان؟!
قُـل:
أنت الحنـّان..
أسلمتُ لك قلبـي وعُمـري.. فحررني!

قال التلميذ:
بين " الَلهُم وآمين "؛ وضعتُ كل ما خفـِيَ من حاجاتي..
وفي منتصفِ " كُـن"؛ تقفُ يـا قديـر أَمانينـا!

قال الشيخ:
الله يزيلُ عن المُتوسّل عوائق القَـدر..
كم مِن مُقيـَّدٍ؛ قد جلّى الله عن عمره أعوامًا من الغَسَق!

تلك الأمَاني البعيدة..
يجرّها اللهُ إليك بالدعـاء جَـرًّا..
واللُّطف معقودُ فـي معنـى المنـَّان..
فتفقـّد رسائلَ الله إليـْك!

الدُعـاء..
عـِدّة للشَدائـد مَـدّخَـرة..
وحُسن الظَـنّ بالله؛ مـِن حُسن العَـهد بالغَـيب!

كان الدربُ أبعد ما يكون..
فلمّا قال {ولقَد منّنا عليك مَرّةً أُخرى}.. انتهى سَفَر البـلاء!

هو الحنَـّان المنـّان..
وكُـل ما أرهقَك؛ صار معنـى ورائي!

يَـا بُنـَيّ..
كلّما أنهيتَ الدُعـاء؛ تذكـّر ما وضَـع الله في كفـّيك مـِن شآبيـب العَطـاء!

قال التلميذ:
الَلهُم ابيضّت أحداقُ القلب مـِن أحزانهـا..
حناَنيـك؛ ليـسَ لغربتنـا مـأوى سـِواك!

قال الشيخ:
يـا بُـنَيّ..
قُـل الَلهُم أسألك صَوتاً مَسموعًا.. ودعَـوةً مرفوعـة!

إن طُـرُق القضـَاء للحوائـج؛ على الله تدببرها..
وإذا استجابَ الله طَـرق الرِّزقُ عليكَ البـاب!

و(ليس مع الاستغفار للفـَرج انقطـاع)..
فإنْ مسَّك طائفُ إبليس باليأس؛ فالقَطع القَطع للوسـواس..
واعلم أنّ اليقين للقلب مكسَب!
قال التلميذ:
كيفَ أستَوهِبُ عطاياهُ تِباعاً؟

فقال الشيخ:
لازِم الرّفق..
فالله يُعطي على الرّفق؛ ما لا يُعطي على ما سِوَاه!

هو الحنـّان..
عامِله بصفاته؛ فإنَّ الله له وهائب يمنحها لمن دنَـا منه.. لمن دنا من صفاته!

فإذا منَّ بمنته عليك؛ فتأدّب مع الخَلق بقولـه: {ولا تَمْـنُن تَستكثـِر}!

يَـا بُنـَيّ..
لا خيرَ في المَعروف؛ إذا أُحصـيَ!

مَـا ضَـاع إحسانٌ عنـد الحنـَّانِ سُـدى..
تلك الذَخائـِر عند الله؛ ودائـِع!

وتعلم كيف (تتلقـّى نِعـَم الله بامتنان..
يُكُـن حصـادَك وَفيـرًا)!

#يتبع ⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙الُليلةُ السّـادسةُ والعُشـرون

يَـا ربّ..
أفضـَى بين يديك القلبُ مـا أفضـى..
مُنّ عليه بالجـِوار؛ عسَـى الأحـزان ترضـى!

أنت الحنـّانُ المنـَّان..
وإنـّا إلـى الله؛ مـَا جـَاد منه ومـا منّ..
وفَـوق دعائنا لله تدبيـر!

فاجعل الَلهُم دعاءنا كَـادًا ؛ بَـل آمين ..
واجعل ليلتنا؛ إسـراءً إليك ومِعـراجًا!

عساها ليلةُ القَـدر..
ليلة المَنح وبحبوحةُ العَطايا..
بعدهـا غدٌ؛ ليسَ مثل الأمس..
واللهُ يمحو بعدها مـا يشاء!

فبَلّغنا بها كرامة {وَحَنَاناً مِنْ لَدُنَّا}.. تلك رحمةٌ؛ لا يكـفّ غيثها!

تَعسر الأيام؛ فيشعّ مـن الآيـة حَنانها..
سُبحانك.. ما أضيقَ الدنيا لو كانت الأمنيات؛ كالمستحيل الذي لا يأتيِ ولا يَصـِل!

أنت الحنّـان المنّـان..
بك تنبثقُ من شُقوق الجـِراح دهشة الأمَـل!

أنت الحنـَّان المنـَّان..
و(لا قلّةَ حين يغدقُ المنـَّان)..
فمُـنَّ علينا مَـرّةً أُخـرى!

قال تلميذ:
ما معنى الحنـَّان المنـَّان؟

قال الشيخ:
الحنـّان..
الذي يُقبِلُ علـى مَـن أعـرَض عنه.

والمنَـّان..
الذي يبدأُ بالنَوال قبلَ السُؤال.

يا بني (امتنـانُ العبـاد؛ تكـدير وتعيـير..
وامتنان الله؛ إفضالٌ وتَذكير)!

فقل.. الَلهُم ما منَنتَ به؛ فـأتمِمه..
وما أنعمتَ به؛ فـلا تَسلـبه..
وما ستَرتِـه؛ فَـلا تَهتكـه!

قال تلميذ:
أنتَ المنـّان..
فمَالِ كَفّي تَعافها الأُمنيات؟

قال الشيخ:
أطلِق يقينك من دوّامة القَلق..
ومن يأوي لعَطاء الله؛ لا يـأوي لـِمُنغلق!

بركـات الإجابـة..
لا يذوقهـا مُتردّد!

(يا صاحب الأُمنية..
تفقـّد أُسّ القَـبول، ‏ولَطيف الأسباب)!

فإنّ أيام الشـِدّة..
يرفعها الله بالسَوابـق الصالحـات!

يَـا حَبيـس الفَـرج..
تفقَّد حَـالـك!

قال التلميذ:
قلبي على باب الغُواية يَزدحم!

قال الشيخ:
أيَادي أهل الخطيئة؛ خاليةٌ من كُـل غنيمة..
وَ (طـالبُ السَّعة؛ كيـف يغـفل)؟

فَحـرّم الَلهُم على جَوارحنا لغةَ العِصيـان..
وارزُقنا الَلهُم غَفلةً عن طَـرْق الحَـرام..
واكتُب أسماءنا في صَحائـف الذين {مَـا بدّلوا تَبديـلًا}..
ونَعـوذ بك؛ مـِن الحَشْـر تحت رايـاتِ إبليـس!

تُريد الحنـّان وأنت مأسورٌ في أسوار العصيـان؟!
قُـل:
أنت الحنـّان..
أسلمتُ لك قلبـي وعُمـري.. فحررني!

قال التلميذ:
بين " الَلهُم وآمين "؛ وضعتُ كل ما خفـِيَ من حاجاتي..
وفي منتصفِ " كُـن"؛ تقفُ يـا قديـر أَمانينـا!

قال الشيخ:
الله يزيلُ عن المُتوسّل عوائق القَـدر..
كم مِن مُقيـَّدٍ؛ قد جلّى الله عن عمره أعوامًا من الغَسَق!

تلك الأمَاني البعيدة..
يجرّها اللهُ إليك بالدعـاء جَـرًّا..
واللُّطف معقودُ فـي معنـى المنـَّان..
فتفقـّد رسائلَ الله إليـْك!

الدُعـاء..
عـِدّة للشَدائـد مَـدّخَـرة..
وحُسن الظَـنّ بالله؛ مـِن حُسن العَـهد بالغَـيب!

كان الدربُ أبعد ما يكون..
فلمّا قال {ولقَد منّنا عليك مَرّةً أُخرى}.. انتهى سَفَر البـلاء!

هو الحنَـّان المنـّان..
وكُـل ما أرهقَك؛ صار معنـى ورائي!

يَـا بُنـَيّ..
كلّما أنهيتَ الدُعـاء؛ تذكـّر ما وضَـع الله في كفـّيك مـِن شآبيـب العَطـاء!

قال التلميذ:
الَلهُم ابيضّت أحداقُ القلب مـِن أحزانهـا..
حناَنيـك؛ ليـسَ لغربتنـا مـأوى سـِواك!

قال الشيخ:
يـا بُـنَيّ..
قُـل الَلهُم أسألك صَوتاً مَسموعًا.. ودعَـوةً مرفوعـة!

إن طُـرُق القضـَاء للحوائـج؛ على الله تدببرها..
وإذا استجابَ الله طَـرق الرِّزقُ عليكَ البـاب!

و(ليس مع الاستغفار للفـَرج انقطـاع)..
فإنْ مسَّك طائفُ إبليس باليأس؛ فالقَطع القَطع للوسـواس..
واعلم أنّ اليقين للقلب مكسَب!
قال التلميذ:
كيفَ أستَوهِبُ عطاياهُ تِباعاً؟

فقال الشيخ:
لازِم الرّفق..
فالله يُعطي على الرّفق؛ ما لا يُعطي على ما سِوَاه!

هو الحنـّان..
عامِله بصفاته؛ فإنَّ الله له وهائب يمنحها لمن دنَـا منه.. لمن دنا من صفاته!

فإذا منَّ بمنته عليك؛ فتأدّب مع الخَلق بقولـه: {ولا تَمْـنُن تَستكثـِر}!

يَـا بُنـَيّ..
لا خيرَ في المَعروف؛ إذا أُحصـيَ!

مَـا ضَـاع إحسانٌ عنـد الحنـَّانِ سُـدى..
تلك الذَخائـِر عند الله؛ ودائـِع!

وتعلم كيف (تتلقـّى نِعـَم الله بامتنان..
يُكُـن حصـادَك وَفيـرًا)!

#يتبع ⤵️
📖 رَمـضان في صُحبةِ الأسماءِ الحُسنى

🌙الليلة التاسعة والعشرون

الوارِثُ الباقـي..

هذه ليلةُ الرَحيل..
وَزمنٌ لا يَـؤوب!

كانَ الشيخ يرتدي مَلاءةً بيضاء، مُوشّحة بنُـورٍ خَفـِيّ..
وحَفيف الملائكةُ؛ يكـاد يُسمَع لـه همْسًا..
وكانت القُـلوب؛ ترتجفُ حزناً مـِن حسرة الوَداع!

يَـا أبنائـي:
عِشنا ليالي؛ مَنحت الأفراح سـِرّ وقـودها..
ومـِن ألفِ ضيـقٍ؛ أَخرَجت أرواحنا!

كُـل ليلةٍ؛ كانت عبوراً إلى ما لا تُدركه الأبصار..
جراحاتٌ كثيرة..
والمَخرج فيها؛ ما ادّخـَر اللهُ في رَمضـان!

تَوسّمنا في كـل ليلةٍ؛ العَطاء مـِن معاني الأسمـاء..
فرَدِّدوا ما بقيتم الأسماء؛ حتى يمتلئ العُمر منهُ.. فلا يَظمأ!

قال تلميذ:
إنّ بنا ظمأً لبقيّة المَجالـِس..
(والشَوق نحو الله؛ لا يُحـاطُ مَـداه)..
والله إنـّي مليءٌ بالدَمـع يـا سَيـّدي!

قال الشيخ:
يا بني..
اطوِ الأيامَ في صُحبته؛ يَمـُدّ لك العُمـر مَـدًّا..
تهيّأ لله؛ وقُـل:
خُـذني مـِن نَفْسـي إليـك!

أقبِل عليه ولو حَبواً..
أقبل عليه؛ ولو كان ما كان في سَريـرةِ الجَـوف..
أليس َهو القائـِل:
{وآمَنهُم مـِن خَوْف}!

(مَن صَمّمَ على إرادة الخَـير؛ أعانَـه الله وثَبـّته)..
رِدّ لله مَـا يُريـد..
وقُـل:

يَـا وارِث الأرض ومَن عليها..
ورِّث آمَـالي مُنتهى المُنـى..
أصلِح سَرائـِرنا، وابعث لها جَوارحنـا..
اشـددُ علـى عَزيمة الطـاعة نـِيـّاتنـا!

يَـا ولَـدي..
(لو عرفتَ قَدر نفسك عنده؛ مـا أهَنْـتَها.. إنّما أُبعـِد إبليسُ؛ لأنـّه لم يسجُـد لأبيك)!

هو الوارثُ لأعمالنا كلها..
فانهَض وبادِر؛ فالمعين قادِر!

فَـقِهَ السَلفُ ذلك..
فما تسمعُ عن أخبارهم إلاّ فلاناً مَلكَ لسانه..
وفُلاناً اشترى الحُور بأربعةِ آلافِ خَـتمة..
وفُلانا نافَس زمانه؛ فاغتَـنم الدقائقَ والثواني..
وفُلانًا كان يتّقي الله؛ حتى في الخطَـرات..
وأنّ بِشـر الحافي؛ لمْ تُكتَـب عليه غِـيبة!

تلك اليَقظَـة والله..
واليقظةُ؛ سُلـّم مِعراج الهِمـّة!

عباد عـلِموا أنّ الأعمار فانية؛ فجعّلوا البقاء عند الباقي، وجَعلوا المُستراح تحتَ شجرةِ (طوبى)!

قَـومٌ..
تخَلـّوا للوارث الباقـي..
وجَعلوا الآمـال لله..
فسُحّت عليهم المواهب سحـًّا!

قُـلْ:
الَلهُمَ وثبةً مـِن وثَبات الصِّدق؛ نبلُـغ بها مُقعد صـِدق!

ثُم أنت هناك ترقَـى؛ على قَـدر مـا تَرقَـى!

يا ولدي.. خَفـت الأعمال..
على مَـن نصَبوا بين أعينهم؛ أنّ اللهَ وارِث الآجـال..
فكن بالله مُتحركاً؛ وللهِمـّة مُحَـرِّكاً..
فإنّ من علامة المَقت؛ إضاعـةُ الوَقت!

[غَـداً تُوبـَّخ إذا عُرِضت عليكَ؛ {أوَلم نُعَمّركم}..
إِنَّمَا لَكَ مِنْ عُمْرِكَ مَا أَطَعْتَ اللَّهَ فِيهِ، فَأَمَّا مَا عَصَيْتَهُ فيه؛ فلَا تَعُدَّهُ لك عُمْرًا]!

فإيـّاك إيـّاك..
وقُطـّاع الطَـريـق للآخـِرة!

قال تلميذ:
الَلهُمَ أنت الكاشـِف..
(اكشِف لنا أغلالنا، ويَسـِّر لنا منها الخَـلاص)!

قال الشيخ:
وقُـل: ( أعـُوذ بالله من التفاتةِ الَلحظة؛ ثُم استدامة الِّلهو .. واستِطابة القَلب في اعوجـاجِ الحَـال).

الَلهُمَ أحسِن حياتنا بـِك..
وأحسِن قيامنـا إليـك..
وأحسِن سَيْـرنا إليـك..
وأحسِن قُدومنا عَـليك.

الَلهُمَ قلباً سليمـاً؛ يَليـقُ بـالوفادةِ عَـليك..
أنتَ الباقـي..
فلا يبْـقَى إلا ما اتّصَـل بـك!

يَـا بُـنَيّ..
لا تجعَـلن عُمْـرك نَعْشـًا..
لا يكُـن عُمْـرك عَدداً؛ ليسَ له مـِن الله مَـددًا..
فَقُـل: يا باقي هَـبْنا مَـدَداً لا انقطَـاعَ بَعْـده!

يَـا ولَـدي..
إنَّ فراغ مـا بينك وبين الآخـرة؛ هو مـِن صُـنع يَـديك..
هو الباقـي؛ فَـاتَّـصِل بـه!

يَـا وَلـدي..
قَـد ماتَ قَومٌ؛ وَهُـم في الأثَـرِ أحيـاء..
كُـن لله إنْ رُمْـتَ الأَثـر..
وإيـّاك أنْ تَجـِد اسمُك؛ مَكتوبـاً فـي الخَوالـف!
مكتوباً في صحائف النسيان..
هو الوارِث لكُـلِّ قَطـرةِ عَرَق..
فلا تُعجِزك طُـول المسافـات!

اجعَـل سَعيـك فـي السَمـاء مَسموُعـاً.. وقُـل:
الَلهُمَ حَـرْثَ الآخـِرة!

يا ولدي.. قَـد تزدحمُ الموازينُ بحَسنة..
وكُل حسنةٍ لها مـِعراجها..
وعنـد الله المُستقـرّ!

يَـا بُنَـي..
إذا امتلأ المَـلأ الأعلى بـِدَندنةِ اسمك؛ فلا فِتـنة للـدُنيا!

قال التلميذ:
الَلهُمَ ابقنـي لَـك..
أَعُـوذ بـك مـِن أنْ أفقـِد اسمي عنـد العَـرش..
أسألُـك قلباً يَحومُ حَول العَرش!

قال الشيخ:
{فإذا فَرغْتَ فانْصَب}..
مَـن أراد السِّيادة؛ فَـليُغادِر الوسـادة!

#يتبع ⤵️