وللتفريق بينهما أضربُ مثلاً لكلٍّ مِن المعنيين: المثل الأول: أخذ رجلٌ كافرٌ من مسلمٍ قدراً من المال ثم أبى أن يردَّه إليه، فلما ألحّ المسلمُ على الطلب قال له الكافرُ: "نذهب إلى الرئيس أو الوزير أو سيد القبيلة أو الكاهن أو الساحر أو رجلٍ آخر .. فإن حكم لك أعطيتك ما تطلب، وإن حكم لي تركتَ المطالبة". فيقول المسلم: "قد رضيتُ بذلك". فالأمر إذا وقع على هذا الشكل فلا شكّ أنّه تحاكم، وأنّ هذا الذي كان مسلماً قد ارتدّ بسبب رضاه بالانقياد لحكم الطاغوت، ردَّة صريحة أو ردّة نفاق. المثل الثاني: أخذ رجلٌ كافرٌ من مسلم مالاً وأبى أن يردّه إليه، فذهب المسلم إلى أبي الرجل الظالم ـ وهو الرئيس أو الوزير أو القاضي أو الكاهن أو الساحر أو سيّد القبيلة أو البدويّ ـ فقال له: "أُريد أن تأخذ لي حقِّي من ابنك". فذهب الوالد - مهما كان منصبه ولقبه- إلى ابنه الظالم فنَزع الحقّ منه وردّه إلى المسلم . فهنا قد استردّ المسلمُ حقَّهُ واستنجد بالطاغوت دون أن يرضى بحكمه . ومثلُهُ إذا لم يكن الكافر الظالم ابناً لأحدٍ من أولئك، ولكنّ المسلم استنجد بهِم لاسترداد حقّه، فأخذوا لهُ من الظالم، فيكون المسلم كذلك مستردّاً لحقّه بدون تحاكم إلى "طاغوت". ولكن يمكن أن يقول الرئيس أو الوزير أو القاضي أو سيّد القبيلة للرجل المسلم: "نحن لا ندري أيُّكم الصّادق وأيّكم الكاذب وللبلد شريعة ومحكمة فنريد أن نحيل القضية إلى "المحكمة"، فاكتب الشكوى في ورقةٍ وقدّمها إلى القاضي، وارض بما حكم". فإن قالوا ذلك لمسلم صحيح الدِّين، فإنّه لا بُدّ أن يرفض هذا، لأنّه دعوةٌ إلى التحاكم إلى الطاغوت، وفي التّحاكم إليه اعترافٌ بشرعيَّته. فلابُدَّ أن يقول: "إنّ حقّي واضحٌ ولا أشكُّ أنّ ابنكم أو أخاكم ظلمني، وإنّ ديني لا يُبيح لي التحاكم إلى مثل محكمتكم، ولا أرى باب الكلام إلاّ قد انسدّ". فإتيان الرجل إلى الطاغية للتحاكم وفصل الخصومة هو الممنوع، أما إتيانه للدعوة إلى الله أو لطلب ردّ الحقّ الذي يقدر عليه أو لتعاملٍ مباحٍ كالبيع والشراء وما إلى ذلك فليس بحرامٍ في شريعتنا الإسلامية. ومن الخطأ والجهل الاستدلال بالنُّصُوص المُحرَّمة للتَّحاكم إلى الطاغُوت، على تحريم الذهاب إليه مُطلقاً، أو على تحريم الذهاب إلى بعضهم دون بعضهم. وتعرفُ بذلك ما يأتي:
(1) إنّ الله تعالى قال: ﴿يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ﴾[النساء: 60]. فجعل إيمان من يريد التحاكم إلى الطاغوت زعماً، ولم يقل الله تعالى: "كلّ من أتى إلى الطاغوت كافرٌ بالله وإن لم يكن في قلبه نية التحاكم وفصل الخصومة بحكمه". ولا يحلُّ للمسلم أن يزيد في كتاب الله ما ليس منه من الأحكام ، وعليه أن يكون وقَّافاً عند نصِّ الكتاب والسنّة.
(2) قد بيّنا أن الطاغوت ليس القاضي الكافر وحده، بل يشمل اسم "الطاغوت" الرئيس والوزير وسيّد القبيلة وغيرهم من المتبوعين بالباطل، فإن صحّ هذا فلا يجوز أن نُفرِّق بين الطواغيت بآرائنا، ونقول: الذهاب إلى هذا كفرٌ، وإلى هذا ليس بكفرٍ، بدون حجّةٍ قاطعةٍ من الله ورسوله. بل الصواب أن نقول: "الذهاب إلى الجميع لأجل التحاكم وفصل النّزاع كفرٌ، والذهاب إلى أحدٍ منهم بدون نية التحاكم كإجابة دعوته ليس كفراً".
(3) إنّ رئيس الدولة أو الملك الكافر أبعدُ في "الطغيان" من القاضي، لأنّ القاضي ما هو إلاّ نائبٌ من نوابه، الذين ولاّهم التصرّف في الأمور من غير الرجوع إلى الكتاب والسنّة، فهو جعل على كلّ إقليم رجلاً ينوب عنه، ثم اتّخذ "وزير الزراعة" و "وزير الصناعة" و"الخارجية" و"الداخلية" و"الصحّة" و"التجارة" و"العدل" .. إلخ. وكل واحدٍ من أولئك النواب والوزراء والقضاة ما هو إلاّ خطيئة من خطايا الرئيس أو الملك الكافر. فكيف يكون الذهاب إلى الطاغوت الأكبر بدون نية التحاكم جائزاً ولا يكون الذهاب إلى الطاغوت الأصغر بدون نية التحاكم جائزاً.
(4) ثبت في الشريعة أنّ من وقع في الحرام يكون مذنباً يحتاج إلى تطهير، كمن شرب الخمر باختياره. وإن دعاه غيره إلى شرب الخمر بدون إكراه فشرب معه، فهو في حكم شارب الخمر، ولا يكون كافراً بهذه الطاعة في المعصية . ويدلُّ على ذلك كونُ كلّ مذنب مطيعاً للشيطان ومستجيباً لدعوته، وعدم كونه بهذه الطاعة وحدها كافراً لأنّه فعله باختياره واتّباعه لشهواته. وعلى ذلك فإنّ من فعل المباح أو دُعي إلى مباحٍ فأجاب لا يكون متجاوزاً لحدود الله بهذه الطاعة في المباح. ولم يحرّم اللهُ الذهاب إلى الطاغوت تحريماً عاماً يشمل من يريد منه التحاكم، ومن يريد منه الإسلام، ومن يريد منه ترك الظلم وردّ المظلمة إلى أهلها، بل نعلم بيقين أن رسل الله قد وقفوا بين يدي "نمرود" و"فرعون" و"أبي جهل" وأمثالهم ودعوهم إلى الله. ووقف الصحابة بين يدي "كسرى" و"هرقل" و"النجاشي" و"المقوقس" وأمثالهم، ودعوهم إلى الله ،كما هو ثابت في كتب الأحاديث والتواريخ.
(1) إنّ الله تعالى قال: ﴿يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ﴾[النساء: 60]. فجعل إيمان من يريد التحاكم إلى الطاغوت زعماً، ولم يقل الله تعالى: "كلّ من أتى إلى الطاغوت كافرٌ بالله وإن لم يكن في قلبه نية التحاكم وفصل الخصومة بحكمه". ولا يحلُّ للمسلم أن يزيد في كتاب الله ما ليس منه من الأحكام ، وعليه أن يكون وقَّافاً عند نصِّ الكتاب والسنّة.
(2) قد بيّنا أن الطاغوت ليس القاضي الكافر وحده، بل يشمل اسم "الطاغوت" الرئيس والوزير وسيّد القبيلة وغيرهم من المتبوعين بالباطل، فإن صحّ هذا فلا يجوز أن نُفرِّق بين الطواغيت بآرائنا، ونقول: الذهاب إلى هذا كفرٌ، وإلى هذا ليس بكفرٍ، بدون حجّةٍ قاطعةٍ من الله ورسوله. بل الصواب أن نقول: "الذهاب إلى الجميع لأجل التحاكم وفصل النّزاع كفرٌ، والذهاب إلى أحدٍ منهم بدون نية التحاكم كإجابة دعوته ليس كفراً".
(3) إنّ رئيس الدولة أو الملك الكافر أبعدُ في "الطغيان" من القاضي، لأنّ القاضي ما هو إلاّ نائبٌ من نوابه، الذين ولاّهم التصرّف في الأمور من غير الرجوع إلى الكتاب والسنّة، فهو جعل على كلّ إقليم رجلاً ينوب عنه، ثم اتّخذ "وزير الزراعة" و "وزير الصناعة" و"الخارجية" و"الداخلية" و"الصحّة" و"التجارة" و"العدل" .. إلخ. وكل واحدٍ من أولئك النواب والوزراء والقضاة ما هو إلاّ خطيئة من خطايا الرئيس أو الملك الكافر. فكيف يكون الذهاب إلى الطاغوت الأكبر بدون نية التحاكم جائزاً ولا يكون الذهاب إلى الطاغوت الأصغر بدون نية التحاكم جائزاً.
(4) ثبت في الشريعة أنّ من وقع في الحرام يكون مذنباً يحتاج إلى تطهير، كمن شرب الخمر باختياره. وإن دعاه غيره إلى شرب الخمر بدون إكراه فشرب معه، فهو في حكم شارب الخمر، ولا يكون كافراً بهذه الطاعة في المعصية . ويدلُّ على ذلك كونُ كلّ مذنب مطيعاً للشيطان ومستجيباً لدعوته، وعدم كونه بهذه الطاعة وحدها كافراً لأنّه فعله باختياره واتّباعه لشهواته. وعلى ذلك فإنّ من فعل المباح أو دُعي إلى مباحٍ فأجاب لا يكون متجاوزاً لحدود الله بهذه الطاعة في المباح. ولم يحرّم اللهُ الذهاب إلى الطاغوت تحريماً عاماً يشمل من يريد منه التحاكم، ومن يريد منه الإسلام، ومن يريد منه ترك الظلم وردّ المظلمة إلى أهلها، بل نعلم بيقين أن رسل الله قد وقفوا بين يدي "نمرود" و"فرعون" و"أبي جهل" وأمثالهم ودعوهم إلى الله. ووقف الصحابة بين يدي "كسرى" و"هرقل" و"النجاشي" و"المقوقس" وأمثالهم، ودعوهم إلى الله ،كما هو ثابت في كتب الأحاديث والتواريخ.
وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم "عثمان بن عفان" إلى مكّة ليُخبر طواغيتها المطاعة بأنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يأتِ لقتالٍ وإنّما جاء للعُمرة. وذهب "محمد بن مسلمة" وأصحابه إلى "كعب بن الأشرف" مرّتين بنية قتله. وذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي جهل ليأمره بردّ مظلمة الرجل الغريب كما ثبت في سيرة ابن هشام. فإذا كان ابتداء الذهاب إلى الطاغوت تُبيحه الشريعة، بل توجبه أحياناً فالقول بأنّ إجابة طلب الطاغوت بالمجيء كفرٌ أمرٌ يحتاج إلى دليل ثابتٍ، وليس ذلك مما يجوز فيه القول بالرأي. فالصواب أن نقول: "إذا كان ابتداءُ الذهاب مُباحاً فإجابة الطلب مباحة كذلك، كما أنّ ابتداء فعل المعصية وإجابة الداعي إليها سواء". أمّا الأمرُ الثابت الذي لا شكّ فيه فهو صحة تكفير من رفع النّزاع إلى من لا يحكم بالكتاب والسنّة، وانتظر منه الحكم لتنقطع الخصومة بعدها، لأنّ الأدلّة القرآنية دلّت على ذلك. (5) ثبت في سيرة ابن هشام أنّ طواغيت مكّة الذين كانوا يقودون قومهم إلى الضلال وتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم، والذين وصفهم الله تعالى بـ"أكابر المجرمين" في قوله تعالى:﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا﴾ [الأنعام: 123]. اجتمعوا بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة ثم قال بعضهم لبعضٍ: ابعثوا إلى محمّد فكلّموه وخاصموه حتى تُعذروا فيه، فبعثوا إليه: إنّ أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلّموك فأتهم، فجاءهم رسول الله صلى الله عليه سريعاً. [السيرة النبوية: 295]. (طبعة مؤسسة علوم القرآن). وجاء في هذا الخبر أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ظنّ أنّهم يريدون الإسلام، ولكن لما جاءهم دعوه إلى ترك الدعوة وعابوا دينه، فأجابهم بالحقّ وانصرف عنهم. فمن ذلك تعرف: أنّ الكافر الطاغوت إذا دعا المسلم فإنّه قد يدعوه إلى الكفر والضلال، فإذا دعوا المسلم إلى ذلك فعليه أن يردّ عليهم بالحقّ، ويُظهر لهم ضلالهم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم في هذه القصة وغيرها.
التفريق بين المسائل في التَّحاكم : يبدوا من كلام بعض من كتب عن التَّحاكم أنَّهُ يُفرِّقُ بين المسائل، ويرى أنَّ من أجاب دعوة الطاغُوت يكفُرُ إذا كانت الخصُومة في مال أو دم أو عرض . ولا يكفرُ إذا كانت في عقيدة. وهذا التفريق لا تُؤيِّدُهُ الأدلَّةُ، ويظهرُ بُطلانهُ لمن نظر إلى أمرين: (الأول) الطاغُوت يدّعي الربوبية والحاكمية، ويرى أنَّهُ صاحب الحقِّ في فصل القضاء، في كُلِّ المسائل، سواء تولَّى القضاء بنفسه، أو ناب عنه القاضي أو غيرهُ. وتنُصُّ جميعُ الدساتير الوضعية الَّتي يضعُها الطواغيت في هذا الزمن على تقرير كثير من المسائل العقدية. فيقُولُون مثلا: "إنَّ الدِّين الرسمي للبلد هو كذا"، و"دولتُنا دولةٌ ديمقراطية"، و"المُواطن لهُ الحقّ والحُرِّية في اختيار الدِّين"، و"الزنا ليست جريمة إذا كانت تراضياً بين الطرفين"، و"لا يحلُّ الانتماء إلى جماعة مُنظَّمة". وغير ذلك. ومن المعلُوم أنَّهم لا يضعُون هذه المواد القانُونية إلاّ للاعتماد عليها في الفصل بين النَّاس في الخصومات، والقضاء على المُعارضات والثَّورات. فمن رضي بحكم الطاغُوت في العقائد يكُونُ أشدُّ كُفراً ممن رضي بحُكمه في الدماء والأموال والأعراض.لأنَّ شأنَ العقائد أعظمُ من شأن الأحكام الفرعية كما هُو معلُوم. وإذا كان الَّذي لا يتحاكمُ إلي الطاغُوت في الخصومات الدينية، لا يكفُرُ بمُجرَّد إجابة دعوته إلى الحضُور والدخُول في النِّقاش الديني. فإنَّ الَّذي لا يتحاكمُ إليه في الخصومات المالية لا يكفرُ أيضاً بمجرَّد إجابة دعوته إلى الحضور والدُخُول في النِّقاش المالي، وهذه من البديهيات. (الثاني) لا تُوجدُ من الأدلّة ما يُفرِّقُ بين قضيَّة وأخرى ،أي ما يُبيِّنُ أنَّ لهُ الحقَّ في الفصل بين النَّاس في القضايا الدينية، دون قضايا الدماء والأموال. لأنَّ الطاغُوت عبدٌ، وتجبُ عليه التَّوبة من الطُغيان، وأن يخضع وينقاد لأمر ربِّه، وليس لهُ الحقُّ في فصل القضاء ، ولا فرقَ بين قضيّة وأخرى في ذلك. ومن فرّق بين القضايا ،وأجاز التحاكُم إلى الطاغُوت في بعضها دون بعضها فعليه الدليل. بل الحقُّ أنّ الله وحدهُ هو الّذي لهُ الفصل في كلِّ قضيَّة اختلف فيها النَّاسُ. قال تعالى: ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ﴾ (الشُورى) وقد جاء هذا النصُّ في معرض الحديث عن الاختلاف في الكُفر والإيمان. قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ. وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ.أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ﴾ (الشُورى:7ـ10) وعلى هذا إذا قال مُسلمٌ:"مُحمَّدٌ رسُولُ الله" أو "القُرآنُ كتابُ الله" فنازعهُ الكُفارُ من قومه، وقالُوا:"بل ضللتَ". ثُمَّ رضي المُسلمُ بالتحاكم إلى سيّد القبيلة وقطع التنازع بقوله، فإنَّهُ يرتدُّ بهذا التحاكم، بل بمجرَّد الإرادة. وإن تنازعُوا في دم أو مال أو عِرض فرضي المُسلمُ بالتحاكم إلى سيّد القبيلة وقطع التنازع بقوله، فإنَّهُ يكفرُ بهذا التحاكم، بل بمجرَّد الإرادة. قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا﴾ (النساء:60) إلى قوله تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ (النساء:65).
عدمُ التفريق بين عابد الطاغُوت والكافر به: يقُولُ بعضُ النَّاس:"الحُكمُ عبادةٌ، ومجلسُ الطاغُوت مجلسُ عبادة، فكلُّ من أجاب دعوتهُ ودخل في مجلسه فهو كافرٌ وفي عبادة الطاغُوت، وإن كان مُسلما قبل مجيئه". أقُولُ هذا الإطلاق خطأ وخطرٌ كذلك.والطاغُوتُ ليس طُغيانُهُ في الزمن اليسير الَّذي يفصلُ فيه بين المُتخاصمين، وإنّما هو طاغُوت في كُلِّ ساعةٍ، مادام على باطله واستحلاله لقيادة البشر بهواهُ، وكذلك أتباعُهُ ليسُوا كُفاراً في أثناء الجلسة فقط، بل هم كُفارٌ مادامُوا باتِّباع شرعه راضين. والمُسلمُ كافرٌ بالطاغُوت، ولا يكُونُ بالدخُول إليه كافراً، إذا كان الدُخُولُ مأذوناً في شرع الله. وبالنَّظر إلى الأمثلة الآتية يتبيَّنُ لك خطأُ هذا الإطلاق وخطأ رمي الكُفر على كُلِّ داخل على الطاغُوت مُطلقاً أو على كُلِّ مُتكلِّمٍ في مجلس حُكمه: (الأول) أرسل طاغُوت مُتجبِّرٌ إلى رجُلين مُسلمين، قائلا لهما: بلغتني الشكاوي بأنّكما أنكرتُما دينَنا وعبادةَ صنمِنا ،وأريدُ منكما أن تأتُوا إلينا في الصباح الباكر لتعبُدوا معنا صنمنا ، وإن غبتما عن العبادة فسوف أجعلكما نكالا لغيركما. فاختلف الرجلان، فقال أحدهما: "أذهبُ وأقُولُ لهم الحقَّ"، وقال الآخرُ:"لا أدخُلُ مجلسَ عبادة لغير الله، بل أفرُّ بديني". فلمَّا ذهب الأولُ إليهم، ودخل مكان الاجتماع، طلبُوا منهُ الدخولَ في عبادة الصنم، فأنكر عليهم ودعاهم إلى التَّوحيد و البراءة من الشرك، فأسلمُوا، أو غضبُوا عليه وقتلُوهُ. فأيُّ الرجُلين أعلى مكانة في ميزانِ العقيدة!!؟ أظنُّ لا اختلاف في كون الأول أعظمَ درجة، وأعلى مكانة من الثَّاني، لأنَّهُ وقف موقف الصدِّيقين، وأقام الحُجَّة على المُبطلين. وإذا فليس كلُّ دخُولٍ في مجلس عبادةِ غير الله يكونُ كُفراً مُخرجاً من الملَّة، وإنَّما الدُخُولُ على حسب نيَّة الداخل. (الثَّاني) نشر رجُلان عقيدة الإسلام فأغضب ذلك العامَّة الجاهلة، فتآمروا على الرجُلين، واتَّهمُوهما بالباطل ولفقُوا لهما الأكاذيب، وقدَّمُوها إلى الطاغية، فأرسل إليهما يطلُبُ مجيئهما في موعد مُعيَّن. فاختلف الرجلان، فقال الأولُ: "أذهبُ إليهم وأُبيِّنُ لهُم الحقَّ "، وقال الآخرُ: "لا أدخُلُ مجلس عبادة، بل أفرُّ بديني وأخرُجُ من البلد". فلمَّا ذهب الأولُ إليهم، وأتى المجلس ذكرُوا لهُ التُّهمة، فردّها وأظهر بُطلانها، فعرفُوا براءتهُ فتركُوهُ و صاحبَهُ. فأيُّ الرجُلين أعلى مكانة في ميزانِ العقيدة!!؟ أقُولُ: "الأول أعظمَ درجة، وأعلى مكانة من الثَّاني، لأنَّهُ برَّأ دُعاةَ الإسلام من التُّهمة الباطلة، ولم يقُل إلا حقّاً" فإن قيل: كفرَ بإجابة الدعوة ودخُول المجلس. قُلتُ: لو كفر هذا لكفر الّذي دُعي إلى عبادة الصنم في المثال الأول. فإن قيلَ: هذا مُتحاكم. قُلت: المُتحاكمُ طالبٌ وهذا مطلُوب ولم يُطاوع، ونيَّتُهُ مُقدَّمةٌ على نيَّةِ الكافرِ، وقد وقف موقف يُوسُف عليه السّلام، وجعفر بن أبي طالب وأصحابه. فإن قيل: هو مُتحاكم في العُرف. قُلتُ: هوغيرُ مُتحاكم في الشرع، والشرعُ أولى بالاتِّباع، والعُرفُ الجاهلي ليس مرجعاً للأحكام الدينية. فإن قيل: كانت قضيَّة الصحابة خصومة في الدِّين، وفي مثلها يجُوز المُثُول بين يدي الطاغُوت لإحقاق الحقِّ وإبطال الباطل.
قُلتُ: الخصُومة في الدِّين، والخُصُومةُ في الأموال والدماء كلُّها خُصومات ونزاعات بين طرفين، والطاغُوت يُريدُ إصدار الحُكم لفصل الخصُومات كُلَّها، فمن وجد دليلا للتفريق بين الخُصُومات فليقُل به، ومن لم يجد فليتَّق الله ولا يُفرِّق بين الخُصُومات برأيه، ولا يزد في كتاب الله أحكاماً ما أنزل اللهُ بها من سُلطان.
قُلتُ: الخصُومة في الدِّين، والخُصُومةُ في الأموال والدماء كلُّها خُصومات ونزاعات بين طرفين، والطاغُوت يُريدُ إصدار الحُكم لفصل الخصُومات كُلَّها، فمن وجد دليلا للتفريق بين الخُصُومات فليقُل به، ومن لم يجد فليتَّق الله ولا يُفرِّق بين الخُصُومات برأيه، ولا يزد في كتاب الله أحكاماً ما أنزل اللهُ بها من سُلطان.
عدمُ التفريق بين مجالس الكُفر: يقُولُ بعضُ النَّاس:"مجلسُ الطاغُوت مجلسُ كُفرٍ، لا سيّما المحكمة، فيكُونُ الجالسُ كافراً مثلهم"، وهم في ذلك لا يُفرِّقُون بين مجالس الكُفر. و مجالس الكُفر ليست كلُّها على مُستوى واحد في نظر الإسلام، فينتُجُ من هذا القول المُطلق أن يُكفِّروا من لا يستحقّ التكفير. ومجالسُ الكُفر على نوعين: (الأول) مجلسٌ لا يحلُّ لمُسلم أن يجلس فيه، وهو الَّذي يُكفَرُ ويُستهزؤُ فيه بآيات الله، فمن جلس من غير إكراه أو نسيان، ومن غير ردٍّ على الكافرين، ومن غير مصلحة شرعيّة تُبيحُ لهُ الجُلوس، صار مثلهم عند الله، أمَّا في أحكام الدُنيا،فقد يصيرُ مُرتدّاً مُصرّاً على ذلك، وقد يكُونُ مُنافقاً كمن تكرّرَ منهُ ذلك ولكنَّهُ في كُلِّ مرَّة يعتذرُ بحُسن القصد أو غير ذلك مما يعتذرُ به المُنافقُون."يحلفُون بالله إن أردنا إلا إحسانا وتوفيقا". وقد جاء النَّهيُ عن هذه المجالس في الآيات الآتية: قال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلَكِنْ ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ (الأنعام:68ـ69). وقال: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا﴾ (النساء:140) (الثّاني) مجلسٌ يُكفرُ فيه بالله، ومع ذلك يحلُّ للمُسلم أن يجلس فيه ولو إلى وقت، و لهُ أمثلةٌ منها ما يأتي: 1) مجلسُ الدعوة والمُناظرات: وفي القُرآن ذكرُ كثيرٍ مما جرى بين المُرسلين والمُشركين حيثُ يكفُرُ المُشركُون بالله ورسُله واليوم الآخر، والرُّسُلُ تنصحُهم وتردُّ عليهم بالحُسنى. 2) مجلسُ المُفاوضات: وقد كان جائزاً للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أن يُفاوضوا الكُفّار، وأن يصطلحوا معهم على أُمور، وهم يشهدون على أنفسهم بالكفر، ويصرحون بعدم إيمانهم لرسالة الله، كما وقع في صُلح الحُديبية فإنَّهم رفضُوا كتابة "الرحمن" وكتابة "رسُول الله". وكان يتمّ التَّفاوُضُ والمسلمون غيرُ محاصرين ولا مكرهين، بل حملهم على المصالحة والمفاوضة مصالحٌ لهم راجحةٌ، كالحصول على فترة أمنٍ يؤدّون فيها العُمرة،أو يجدون فرصةً للدعوة أو للاستعداد لمعركةٍ فاصلة. 3) مجلسُ التعامُل المُباح: المسلم قد يدخل في تعامل مع قوم كفّار كالبيع والشراء والإجارة والمعاهدات وقد ينكح الكتابية وقد يتسرّى بالمشركة بملك اليمين .. ولم يشترط الإسلام لصحة هذه العقود أن لا يتكلّم الكافر في أثناء العقد أو بعده بشيء من دينه الكفري. فالذي ينكح النصرانية يسمع منها وهي تدعو مخلوقاً من دون الله ويسمع وهي تقول: "ربّي عيسى"، وتؤمن بالصلب والفداء وغير ذلك، فلا يجوز له أن يضربها أو أن يهرب من منْزله بسبب كفرها، ولكن يحاول أن يجادلها بالتي هي أحسن حتى تقتنع بالإسلام في حريّة تامّة، ولا يدخل معها في خصومات يومية مستمرّة،ـ لأنَّهُ تزوَّجها وهُو يعلمُ كُفرها ـ وإنّما يتحيّن الفُرصة المناسبة للدعوة إلى الله. فما الذي يمنع أن يجلس المسلم مع الكفّار ليبرّئ نفسَه من تُهمٍ خطيرةٍ قد تذهب بنفسه أو تُلجئه إلى الفرار من بلده الذي فيه أهله و يقوم فيه بالدعوة إلى الله. وإذا جمع المجلسُ كفّاراً ومسلماً وكلّما تكلّموا بالباطل تكلّم بالحقّ وبيّن الصواب، وأنكر باطلهم، ولم يقبَل منهم شرعاً ولا حكماً، فقد أدّى ما عليه، وهم بالخيار أن يجوروا ويعتدوا عليه أو أن يتركوه. إنّ الكفّار يزعمون أنّهم في محكمةٍ شرعية مقدّسةٍ، والمسلمُ يعتقد أنّه أمام طاغوتٍ حقيرٍ قد كتب هواه أو هوى متبوعه في أوراقٍ وسمّاها شريعةً .. فهو لا يعترف بالقاضي ولا بأحكامه، ويتكلّم ويتصرّف في حدود الشريعة الإلهية. ومن القواعد الأصولية:"أنّ ما حُرّم لذاته تُبيحه الضرورة، وما حُرِّم لغيره تُبيحه الحاجة". والجلوس في مجالس الكفر حُرِّم حتى لا يتأثّر المسلم بباطلهم فيميل إليهم ويتابعهم على دينهم الباطل، ويدلّ على ذلك أنّ الجلوس لا يكون محرّماً على المناظر المجادل الذي يُبيّن لهم بُطلان دينهم.
عدمُ التفريق بين الأسير والطليق: يرى بعضُ النَّاس أنَّ من سجنهُ الطاغُوت وحكمَ عليه بسجن سنوات ،إذا كتب رسالة إلى الطاغُوت الأكبر والتمس منهُ أن ينظُرَ إلى أمره، وأنّهُ قد حُكم عليه حُكما مُخالفاً لشريعة البلاد، أنَّهُ يصيرُ بالكتابة كافراً مُؤمناً بشريعة الطاغُوت. أقُولُ: (أولا) لا يجُوزُ الإفتاء بذلك ، وليس هذا إيمانا بالباطل لأمور: (1) شريعةُ الطاغُوت ليست إلا كلامَ الطاغُوت، والكلامُ المكتُوب المقروء كالشفويّ إذا كان حقَّاً أو باطلاً، فلا ينبغي أنْ نضع شريعةَ الطاغُوت منْزلا من قُلُوبنا فوق منْزلتها الحقيقيّة. ولذا إذا قال لك الطاغُوت الأكبر:"أنت آمِنْ في بلدي". ثُمَّ سجنكَ جُنُودُهُ، وقدرت على الإتِّصال به، جاز لك أن تقُولَ لهُ: "إنَّك قد أعطيتني الأمان، وقد سجنني جُنُودك،وخالفُوا أمرك فهل أنت راضٍ بذلك". ولا تكُون بهذا القول كافراً مُؤمناً بشريعة الطاغُوت. ومثلُهُ إذا علمتَ بأنّ شريعة الطاغُوت المُدونةِ تُبيحُ دخُول الأجنبيّ في هذه البلاد لأجل التجارة، فدخلتها للتجارة فسجنُوك،وقدرت على الاتِّصال بالطاغُوت،جاز لك أن تقُولَ لهُ:"إنّكم قد أبحتُم دخُول الأجنبيّ في هذه البلاد لأجل التجارة في شرعكم ثمّ سجنتمُوني أليس هذا ظُلما وتناقُضا منكم ". (2) إنّ تذكير الكافر بشرعه الّذي خالفهُ جائزٌ للمصلحة ،كما جاء في قصّة عدي بن حاتم، وأنَّهُ جاء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يَا عَدِيُّ بنَ حَاتِمٍ أَسْلِمْ تَسْلَمْ" قلت: إني من أهل دين، قال: "أَنَا أَعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْكَ" قال: قلت: أنت أعلم بديني مني، قال: "نَعَمْ، أَنَا أَعْلَمُ بِدِينِكَ مِنْكَ" قلت: أنت أعلم بديني مني؟ قال: "نَعَمْ" قال: "أَلَسْتَ رَكُوسِيًّا؟" قلت: بلى، قال: "أَوَلَسْتَ تَرْأَسُ قَوْمَكَ؟" قلت: بلى، قال:"أَوَلَسْتَ تَأْخُذُ الْمِرْبَاعَ" قلت: بلى، قال : "ذَلِكَ لاَ يَحِلُّ لَكَ في دِينِكَ" قال: فتواضعت من نفسي" (أحمد وابن أبي شيبة) (3) إنَّ حُسن العدل و قبح الظلم مما تتَّفقُ عليه الأمم ، ومن ذكَّر للملك الكافر أنَّهُ مظلُوم، وطلب منهُ رفع الظُلم فقد قال حقَّا، ولا يُعدُّ مُتحاكماً في عُرف الشرع، لأنَّ طلبَ رفعِ الظُّلم شيءٌ والتحاكمُ شيءٌ آخر. وقد قال يُوسف عليه السَّلام لصاحبه في السجن: ﴿ٱذْكُرْنِى عِندَ رَبِّكَ﴾. قال البغوي: ﴿اذْكُرْنِى عِندَ رَبِّكَ﴾ يعني: سيدك الملك وقل له: "إن في السجن غلاماً محبوساً ظلماً طال حبسه". وقال ابن كثير في تفسيره: ﴿ٱذْكُرْنِى عِندَ رَبِّكَ﴾ يقول:"اذكر قصتي عند ربك، وهو الملك" وقال في "قصص الأنبياء": يخبر تعالى أن يوسف قال للذي ظنه ناجياً منهما وهو الساقي: ﴿اذْكُرْنِى عِندَ رَبّكَ﴾ يعني اذكر أمري وما أنا فيه من السجن بغير جرم عند الملك. وفي هذا دليل على جواز السعي في الأسباب، ولا ينافي ذلك التوكل على رب الأرباب. (4) إنَّ التحيُّل والكذب ومُوافقة الكُفار في الظاهر للنجاة من شرِّهم في بعض الأحيان جائزٌ في شرعنا: روى النسائي في سننه باب:"الرجل يكون له المال عند المشركين فيقول شيئاً يخرج به ماله" عن أنسٍ قال: "لما افتتح رسول الله خيبر قال الحجاج بن علاطٍ: يا رسول الله: إنَّ لي بمكةَ مالاً وإنَّ لي بها أهلاً وأنا أريد أن آتيهم فأنا في حل إن أنا نلتُ منك وقلت شيئاً فأذن له رسول الله فلما قدم على امرأته بمكة قال لأهله: اجمعي ما كان لك من مالٍ وشيءٍ فإني أريد أن أشتري من مغانم رسول الله وأصحابه فإنهم قد أبيحوا وذهبت أموالهم فانقمع المسلمون وظهر المشركون فرحاً وسروراً".(ورواهُ أحمد وغيره). قال ابن القيِّم: "ليس كل ما يسمى حيلة حراماً، قال الله تعالى: "إلا المُسْتَضْعَفِين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً" أراد بالحيلة التحيل على التخلص من بين الكفار، وهذه حيلة محمودة يُثَاب عليها، وكذلك الحيلة على هزيمة الكفار، كما فعل نعيم بن مسعود يوم الخندق، أو على تخليص ماله منهم كما فعل الحَجَّاج بن علاط بامرأته، وكذلك الحيلة على قتل رأسٍ من رؤوس أعداء الله كما فعل الذين قتلوا ابن أبي الحُقَيْقِ اليهودي وكعب بن أشرف وأبا رافع وغيرهم؛ فكل هذه حيل محمودة محبوبة لله ومرضية له. " وقال: ومنها: جواز كذب الإنسان على نفسه وعلى غيره، إذا لم يتضمن ضرَر ذلك الغير إذا كان يتوصل بالكذب إلى حقه، كما كذب الحجاج بن علاط على المسلمين . حتى أخذَ مالَه من مكة من غير مضرة لحقت المسلمين من ذلك الكذب، وأما ما نال مَن بمكة من المسلمين من الأذى والحزن، فمفسدةٌ يسيرة في جنب المصلحة التي حصلت بالكذب، ولا سيما تكميلَ الفرح والسرور، وزيادةَ الإيمان الذي حصل بالخبر الصادق بعد هذا الكذب، فكان الكذب سبباً في حصول هذه المصلحة الراجحة. ونظير هذا الإمام والحاكم يوهم الخصمَ خلافَ الحق ليتوصل بذلك إلى استعلام الحق، كما أوهم سليمان بن داود إحدى المرأتين بشَق الولد نصفين حتى توصل بذلك إلى معرفة عين الأم.
(اهـ) (5) إنَّ المسجُون مُكرهٌ ولا خلاف بين العُلماء في الأمد الطويل: قال ابن حجر: "واختلف فيما يهدد به فاتفقوا على القتل وإتلاف العضو والضرب الشديد والحبس الطويل، واختلفوا في يسير الضرب والحبس كيوم أو يومين".(فتح البارئ\ كتاب الإكراه) وقال أيضاً -في نفس المصدر- :"الإكراه هو إلزام الغير بما لا يريده، وشروط الإكراه أربعة: 1ـ أن يكون فاعله قادراً على إيقاع ما يهدد به والمأمور عاجزاً عن الدفع ولو بالفرار. 2ـ أن يغلب على ظنه أنه إذا امتنع أوقع به ذلك. 3ـ أن يكون ما هدده به فورياً، فلو قال إن لم تفعل كذا ضربتك غداً لا يعد مكرهاً ويستثنى ما إذا ذكر زمناً قريباً جداً أو جرت العادة بأنه لا يخلف. 4ـ أن لا يظهر من المأمور ما يدل على اختياره"(اهـ) وقال الإمام الشّافعي: في رجلٍ أُسر فَتَنَصَّرَ، وله امرأةٌ فَمَرَّ به قومٌ من المسلمين، فأَشرفَ عليهم وهو في الحصنِ، فقال: إنَّما تَنَصَّرْتُ بلساني، وأنا أُصَلِّي إذا خَلَوْتُ، فهذا مُكْرَهٌ، ولا تبين منه امرأته.(الأمّ) وإجراء كلمة الشرك على اللسان رخصة والامتناع هو العزيمة، فمن ترخص بالرخصة وسعهُ، ومن تمسك بالعزيمة كان أفضل له؛ لأن في تمسك المُسلم بالعزيمة إعزازُ الدين، وغيظُ المشركين، فيكون أفضل. وإن امتنع من ذلك حتى قتل لم يكن آثماً، بل هو مأجور فيه. (ثانياً) وأمَّا ما يُعرفُ بـ"استئناف الحُكم"، فإن كان معناهُ طلب إلغاء الحُكم السَّابق، وإعادة جلسة المحكمة، أو الإحالة إلى محكمة أُخرى لتحكم في القضية من جديد فلا شكَّ أنَّهُ طلبٌ للتحاكم ورضى به. ومن فعلهُ مُختاراً غير مُكره ولا مأسُور،فهُو يكفُرُ به. ولا أدري لماذا يُثارُ حولها الجدلُ مع وضُوحها، لأنَّ الَّذي تحاكم فحكمت المحكمة لصالح غيره، فقد كفر بهذا التحاكم، فإن طلب جلسةً أخرى فقد تمادى في الضلال. وإن كان قد تاب من الأول، ثمَّ طلب من المحكمة استئناف الحُكم، فقد عاد إلى الكُفر الَّذي تاب منهُ. ولا يصلُحُ قولُ يُوسف عليه السَّلام:﴿ٱذْكُرْنِى عِندَ رَبِّكَ﴾..الآية. للاستدلال به على جواز طلب "استئناف الحُكم" إذ ليس فيه إلاّ أن تُذكر قصتهُ للملك، وأنَّهُ مسجُونٌ ظُلماً. قال ابن كثير: ﴿ٱذْكُرْنِى عِندَ رَبِّكَ﴾ يقول:"اذكر قصتي عند ربك، وهو الملك"ولكن في الآية جوازُ استعانة المُلُوك في استرداد الحُقُوق.
1) الطاغوت: مشتقٌّ من الطغيان.ويُطلقُ على العبد المتجاوز لحدّهِ بإدِّعاءِ حقٍّ من حُقوقِ الألوهية.
2) من الطواغيت: الشيطانُ والكهنة والسحرة والسدنة والزعماء المتبُوعين والحُكام بغير ما أنزل الله.
3) الأصنامُ والأوثانُ طواغيت مع كونها من الجمادات، بمعنى أنَّ النَّاس اتّخذوها طواغيت تُعبدُ من دون الله.
4) والحاكم أو الملك الحريص على تحقيق العدل ونفي الظلم، ولاينقادُ لأمر الله، لم يخرج من الطواغيت الحاكمة.
5) شريعة الطاغُوت المُدوَّنة، كأوامره الشفوية، وكُلٌّ من الهوى.
6) التحاكم:هو إسنادُ القضاء إلى حاكم، والرضى بفصلِ النّزاع القائم بين النَّاس بحُكمه.
7) التحاكم إلى الطاغُوت:هو إسنادُ القضاء إلى الطاغُوت، والرضى بفصلِ النّزاع بحُكمه.
8) التحاكُم إلى الطاغُوت كُفرٌ يزولُ به الإيمان والتَّوحيد.
9) يكفرُ المرء المُسلم بمجرَّد إرادة التَّحاكم إلى الطاغُوت، ويصيرُ إيمانُهُ زعماً لا حقيقة له.
10) ولا يُشترطُ للمُتحاكم اعتقادُ أنَّ شريعةَ الطاغُوت أفضلُ من شريعة الله أو أنَّها واجبة الاتِّباع، بل يصيرُ مُتحاكماً بفعل التَّحاكُم.
11) من قال أو فعل ما هو كفر كفَرَ بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافراً.
12) المُتحاكمُ إلى الطاغُوت يرتدُّ ردَّة صريحة أو ردَّة نفاق.
13) القضاء الإسلامي من أمر الله، ويستمدُّ سُلطانهُ وشرعيَّتهُ من الله.
14) ويجبُ على المُسلم الإنقيادُ لما يقضي به القاضي المُسلم لقطع النّزاعات والخُصُومات .
15) القاضي المُسلمُ مُجتهدٌ يُخطئُ و يُصيب، ومأجُورٌ في الحالتين.
16) القضاء الجاهلي اعتداءٌ وطُغيان ولا يقُومُ على إذن وسُلطان من اللهِ.
17) ليس للقاضي الجاهليّ شرعيَّةٌ تُوجبُ تصحيحَ ما يقضي به بين النَّاس لقطع النّزاعات.
18) القاضي الجاهلي ورئيسه والرجلُ العادي الَّذي لا أتباع لهُ ولا جُنُود سواءٌ في باب التَّحاكم، ولا يكُونُ قضاءُ أحدٍ منهم نافذاً في ميزان الشرع.
19) الشريعة تعتبرُ النِّيَّة في التحاكم، ونيَّةُ المُسلم مُقدَّمةٌ وغالبةٌ على نيَّة القاضي المُدَّعي الكاذب.ولا تلزمُهُ أوامرُهُ.
20) المحكمة الجاهلية ليست لها مزيَّة وأحكام زائدة على مجالس الطواغيت في المنازل و الحدائق والطرقات.
21) ليس مجلسُ الطاغُوت مجلسُ حُكمٍ وعبادة، إلَّا للمُتحاكمين إليه.
22) للتحاكم الشرعيّ تعريفٌ جامعٌ مانعٌ لايتقلَّبُ ولا يضطرب. وليس كلُّ ما تقُولُه الجاهليةُ إنَّهُ تحاكم، يُلحقُ به.
23) عُرْفُ المُجتمع المُسلم العامل بشريعة الله مُعتبرٌ، وعُرفُ المُجتمع الجاهليِّ من الأرباب المعنوية المُزيَّفة، الّتي يجبُ الكُفرُ بها.
24) وتبرئة النفس من التّهم الباطلة من الدِّين، وقد فعلها رسل الله.
25) دلَّت الأدلَّةُ على جواز الإستعانة بالمُلُوك وذوي الوجاهة من المتبُوعين ـ مع طُغيانهم ـ في استرداد الحقُوق وتبرئة النَّفس من التُّهم .
26) استردادُ الحُقُوق لا تنحصرُ في الأموال، بل تشملُ الأعراض، والأمن ،والإقامة ،والعمل في الأسواق وغير ذلك.
27) الذهابُ وإجابة دعوة الطاغُوت ليس كفراً في ذاته، إذا لم يكن في النيَّة تحاكمٌ أو غيره من الكُفر الأكبر.
28) التحاكمُ إلي الطاغُوت المُحرَّم يشملُ الخصومات الدينية والدُنيوية. 29) لا تُستردُّ الحقُوق بالتَّحاكم إلى الطاغُوت، لأنَّ زوالَ الدُنيا أهونُ على المُؤمن من الكُفر.
30) مجالسُ الكُفر قسمان: مجلسٌ لا يحلُّ لمُسلم أن يجلس فيه، ومجلسٌ يحلُّ لهُ الجُلوس.
31) لا يحلُّ لمُسلم أن يجلس مجلس كُفرٍ واستهزاء، من غير إكراه أو نسيان ، ومن غير ردٍّ على الكافرين، ومن غير مصلحة شرعيّة تُبيحُ لهُ الجُلوس.
32) ويحلُّ لهُ الجلُوس إذا كان يُراعي مصالح شرعيّة، كالمُناظرات الدينيَّة والمُفاوضات السياسيَّة والتعامُل المُباح.
33) المحكُوم بالسجن الطويل مُكرهٌ، ويحلُّ لهُ التكلُّمُ بالكُفر.
34) إجراء كلمة الشرك على اللسان رخصة ، والامتناع هو العزيمة، فمن ترخَّص بالرخصة وسعهُ، ومن تمسك بالعزيمة كان أفضل له.
35) الاستئناف الَّذي هُو طلبُ إلغاء الحُكم السَّابق، وإعادة جلسة المحكمة، أو الإحالة إلى محكمة أُخرى لتحكم في القضية من جديد، من التحاكم إلى الطاغُوت.
36) لا يحلُّ التَّحاكُم إلى الطاغُوت فيما يُعلمُ أنَّهُ يحكُمُ فيه بالحقِّ، لأنَّنا مأمُورون باجتنابه، ولأنَّهُ ليس من أهل الحُكم والعدل.
2) من الطواغيت: الشيطانُ والكهنة والسحرة والسدنة والزعماء المتبُوعين والحُكام بغير ما أنزل الله.
3) الأصنامُ والأوثانُ طواغيت مع كونها من الجمادات، بمعنى أنَّ النَّاس اتّخذوها طواغيت تُعبدُ من دون الله.
4) والحاكم أو الملك الحريص على تحقيق العدل ونفي الظلم، ولاينقادُ لأمر الله، لم يخرج من الطواغيت الحاكمة.
5) شريعة الطاغُوت المُدوَّنة، كأوامره الشفوية، وكُلٌّ من الهوى.
6) التحاكم:هو إسنادُ القضاء إلى حاكم، والرضى بفصلِ النّزاع القائم بين النَّاس بحُكمه.
7) التحاكم إلى الطاغُوت:هو إسنادُ القضاء إلى الطاغُوت، والرضى بفصلِ النّزاع بحُكمه.
8) التحاكُم إلى الطاغُوت كُفرٌ يزولُ به الإيمان والتَّوحيد.
9) يكفرُ المرء المُسلم بمجرَّد إرادة التَّحاكم إلى الطاغُوت، ويصيرُ إيمانُهُ زعماً لا حقيقة له.
10) ولا يُشترطُ للمُتحاكم اعتقادُ أنَّ شريعةَ الطاغُوت أفضلُ من شريعة الله أو أنَّها واجبة الاتِّباع، بل يصيرُ مُتحاكماً بفعل التَّحاكُم.
11) من قال أو فعل ما هو كفر كفَرَ بذلك وإن لم يقصد أن يكون كافراً.
12) المُتحاكمُ إلى الطاغُوت يرتدُّ ردَّة صريحة أو ردَّة نفاق.
13) القضاء الإسلامي من أمر الله، ويستمدُّ سُلطانهُ وشرعيَّتهُ من الله.
14) ويجبُ على المُسلم الإنقيادُ لما يقضي به القاضي المُسلم لقطع النّزاعات والخُصُومات .
15) القاضي المُسلمُ مُجتهدٌ يُخطئُ و يُصيب، ومأجُورٌ في الحالتين.
16) القضاء الجاهلي اعتداءٌ وطُغيان ولا يقُومُ على إذن وسُلطان من اللهِ.
17) ليس للقاضي الجاهليّ شرعيَّةٌ تُوجبُ تصحيحَ ما يقضي به بين النَّاس لقطع النّزاعات.
18) القاضي الجاهلي ورئيسه والرجلُ العادي الَّذي لا أتباع لهُ ولا جُنُود سواءٌ في باب التَّحاكم، ولا يكُونُ قضاءُ أحدٍ منهم نافذاً في ميزان الشرع.
19) الشريعة تعتبرُ النِّيَّة في التحاكم، ونيَّةُ المُسلم مُقدَّمةٌ وغالبةٌ على نيَّة القاضي المُدَّعي الكاذب.ولا تلزمُهُ أوامرُهُ.
20) المحكمة الجاهلية ليست لها مزيَّة وأحكام زائدة على مجالس الطواغيت في المنازل و الحدائق والطرقات.
21) ليس مجلسُ الطاغُوت مجلسُ حُكمٍ وعبادة، إلَّا للمُتحاكمين إليه.
22) للتحاكم الشرعيّ تعريفٌ جامعٌ مانعٌ لايتقلَّبُ ولا يضطرب. وليس كلُّ ما تقُولُه الجاهليةُ إنَّهُ تحاكم، يُلحقُ به.
23) عُرْفُ المُجتمع المُسلم العامل بشريعة الله مُعتبرٌ، وعُرفُ المُجتمع الجاهليِّ من الأرباب المعنوية المُزيَّفة، الّتي يجبُ الكُفرُ بها.
24) وتبرئة النفس من التّهم الباطلة من الدِّين، وقد فعلها رسل الله.
25) دلَّت الأدلَّةُ على جواز الإستعانة بالمُلُوك وذوي الوجاهة من المتبُوعين ـ مع طُغيانهم ـ في استرداد الحقُوق وتبرئة النَّفس من التُّهم .
26) استردادُ الحُقُوق لا تنحصرُ في الأموال، بل تشملُ الأعراض، والأمن ،والإقامة ،والعمل في الأسواق وغير ذلك.
27) الذهابُ وإجابة دعوة الطاغُوت ليس كفراً في ذاته، إذا لم يكن في النيَّة تحاكمٌ أو غيره من الكُفر الأكبر.
28) التحاكمُ إلي الطاغُوت المُحرَّم يشملُ الخصومات الدينية والدُنيوية. 29) لا تُستردُّ الحقُوق بالتَّحاكم إلى الطاغُوت، لأنَّ زوالَ الدُنيا أهونُ على المُؤمن من الكُفر.
30) مجالسُ الكُفر قسمان: مجلسٌ لا يحلُّ لمُسلم أن يجلس فيه، ومجلسٌ يحلُّ لهُ الجُلوس.
31) لا يحلُّ لمُسلم أن يجلس مجلس كُفرٍ واستهزاء، من غير إكراه أو نسيان ، ومن غير ردٍّ على الكافرين، ومن غير مصلحة شرعيّة تُبيحُ لهُ الجُلوس.
32) ويحلُّ لهُ الجلُوس إذا كان يُراعي مصالح شرعيّة، كالمُناظرات الدينيَّة والمُفاوضات السياسيَّة والتعامُل المُباح.
33) المحكُوم بالسجن الطويل مُكرهٌ، ويحلُّ لهُ التكلُّمُ بالكُفر.
34) إجراء كلمة الشرك على اللسان رخصة ، والامتناع هو العزيمة، فمن ترخَّص بالرخصة وسعهُ، ومن تمسك بالعزيمة كان أفضل له.
35) الاستئناف الَّذي هُو طلبُ إلغاء الحُكم السَّابق، وإعادة جلسة المحكمة، أو الإحالة إلى محكمة أُخرى لتحكم في القضية من جديد، من التحاكم إلى الطاغُوت.
36) لا يحلُّ التَّحاكُم إلى الطاغُوت فيما يُعلمُ أنَّهُ يحكُمُ فيه بالحقِّ، لأنَّنا مأمُورون باجتنابه، ولأنَّهُ ليس من أهل الحُكم والعدل.
عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ : أَنَّهُ كَانَ يُكْنَى أَبَا الحَكَمِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الحَكَمُ، وَإِلَيْهِ الحُكْمُ، فَقَالَ: إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي، فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ، فَرَضِيَ كِلَا الفَرِيقَيْنِ، فَقَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا! فَمَا لَكَ مِنَ الوَلَدِ؟ قُلْتُ: شُرَيْحٌ، وَمُسْلِمٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ، قَالَ: فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟ قُلْتُ: شُرَيْحٌ، قَالَ: فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَغَيْرُهُ.
🔻🔻🔻
- اختلفوا ¹ = طرفان أو أكثر
- اتفقوا ² = طرفان أو أكثر
- أتوني = طرفان أو أكثر
- حكمت = طرفان أو أكثر
- الرضى = طرفان أو أكثر
1- اختلفوا في أمور
2- اتفقوا على أن يفصل بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
👈هذا مفهوم التحاكم - عندما يختلّ المفهوم يختلّ التحاكم كله.
🔻🔻🔻
- اختلفوا ¹ = طرفان أو أكثر
- اتفقوا ² = طرفان أو أكثر
- أتوني = طرفان أو أكثر
- حكمت = طرفان أو أكثر
- الرضى = طرفان أو أكثر
1- اختلفوا في أمور
2- اتفقوا على أن يفصل بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
👈هذا مفهوم التحاكم - عندما يختلّ المفهوم يختلّ التحاكم كله.
▪️هُنَالِكَ بَعْضُ اَلنَّوكىٰ ، يُفَرِّقَونَ بَيْنَ اَلْبِنَاءِ مِنْ اَلطُّوبِ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ مَحْكَمَة وَبَيْنَ فَضِّ اَلنِّزَاعِ خَارِجَهُ كـ الخَيْمَةِ ، وَهَذَا مِنْ سُوءِ اَلْفَهْمِ . . .
يَعْنِي اَلْمَرَضُ اَلْمُزْمِنُ اَلَّذِي يُهَلْوِسُونَ فِيهِ هِيَ كَلِمَةُ ( مَحْكَمَةٌ ) أَمَّا كَلِمَةُ ( خَيْمَةٌ ) إِذَا أُقِيمَتْ فِيهَا اَلشِّرْكُ وَفَضُّ اَلنِّزَاعَاتِ أَخَفّ بَأْسًا مِنْ اَلْبِنَاءِ اَلْحَجَرِيّ.
فَلا تَصحَب أَخا الجَهلِ وَإياكَ وَاِيّاهُ
فَكَم مِن جاهِلٍ أَردى، حَليماً حينَ آخاهُ
يَعْنِي اَلْمَرَضُ اَلْمُزْمِنُ اَلَّذِي يُهَلْوِسُونَ فِيهِ هِيَ كَلِمَةُ ( مَحْكَمَةٌ ) أَمَّا كَلِمَةُ ( خَيْمَةٌ ) إِذَا أُقِيمَتْ فِيهَا اَلشِّرْكُ وَفَضُّ اَلنِّزَاعَاتِ أَخَفّ بَأْسًا مِنْ اَلْبِنَاءِ اَلْحَجَرِيّ.
فَلا تَصحَب أَخا الجَهلِ وَإياكَ وَاِيّاهُ
فَكَم مِن جاهِلٍ أَردى، حَليماً حينَ آخاهُ
يقول ابن كثير: فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء، وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر، فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه؟ من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين
قصد ابن كثير هنا وهذا الظاهر من قوله أن من ترك التحاكم إلى شرع الله وذهب إلى محاكم التي تحكم دستور الياسق فقد كفر ، وهذا الأمر حدث في زمانه، يعني أن هنالك محكمتان وكان هنالك أيضاً أشخاص يذهبون إلى المحاكم الكفرية ويتحاكمون إلى دستور الياسق ويتركون المحاكم الإسلامية.
👈وقد سبق وذكرنا التحاكم بفهم سلف الأمة لا بفهم أهل البدع و بدون تأصيل للمسألة وجعلها على إطلاقها وبمجرد دخولك للمحكمة يعتبر هذا كفر بالله عز وجل .
قصد ابن كثير هنا وهذا الظاهر من قوله أن من ترك التحاكم إلى شرع الله وذهب إلى محاكم التي تحكم دستور الياسق فقد كفر ، وهذا الأمر حدث في زمانه، يعني أن هنالك محكمتان وكان هنالك أيضاً أشخاص يذهبون إلى المحاكم الكفرية ويتحاكمون إلى دستور الياسق ويتركون المحاكم الإسلامية.
👈وقد سبق وذكرنا التحاكم بفهم سلف الأمة لا بفهم أهل البدع و بدون تأصيل للمسألة وجعلها على إطلاقها وبمجرد دخولك للمحكمة يعتبر هذا كفر بالله عز وجل .
بسبب الغلو والتنطع في الدين ، هنالك من يرى أن ذهابك للحاكم المشي بقدميك ، هذا كفر بالله، ويخلط بين التحاكم وبين الحوار والبيان.
التَّحْكِيمُ فِي اللُّغَةِ: مَصْدَرُ حَكَّمَ
يُقَال:حَكَّمُوهُ بَيْنَهُمْ: أَيْ فَوَّضُوهُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ،
وَيُقَال: حَكَّمْنَا فُلاَنًا فِيمَا بَيْنَنَا أَيْ أَجَزْنَا حُكْمَهُ بَيْنَنَا.
وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: تَوْلِيَةُ ( الْخَصْمَيْنِ) حَاكِمًا يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا.
فَالتَّحْكِيمُ فِي حَقِيقَتِهِ عَقْدٌ مَبْنَاهُ عَلَى اتِّفَاقِ إِرَادَتَيْنِ، حَيْثُ يَكُونُ بِتَرَاضِي الْخُصُومِ عَلَى (اخْتِيَارِ) مَنْ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا، وَلاَ يَصِحُّ بِإِرَادَةِ أَحَدِهِمَا دُونَ الآْخَرِ.
يُقَال:حَكَّمُوهُ بَيْنَهُمْ: أَيْ فَوَّضُوهُ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ،
وَيُقَال: حَكَّمْنَا فُلاَنًا فِيمَا بَيْنَنَا أَيْ أَجَزْنَا حُكْمَهُ بَيْنَنَا.
وَفِي اصْطِلاَحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ: تَوْلِيَةُ ( الْخَصْمَيْنِ) حَاكِمًا يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا.
فَالتَّحْكِيمُ فِي حَقِيقَتِهِ عَقْدٌ مَبْنَاهُ عَلَى اتِّفَاقِ إِرَادَتَيْنِ، حَيْثُ يَكُونُ بِتَرَاضِي الْخُصُومِ عَلَى (اخْتِيَارِ) مَنْ يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا، وَلاَ يَصِحُّ بِإِرَادَةِ أَحَدِهِمَا دُونَ الآْخَرِ.
رد التهمة
عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ : أَنَّهُ كَانَ يُكْنَى أَبَا الحَكَمِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الحَكَمُ، وَإِلَيْهِ الحُكْمُ، فَقَالَ: إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي، فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ، فَرَضِيَ كِلَا الفَرِيقَيْنِ، فَقَالَ:…
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM