س/ج 💎ما يلزم المسلم💎
246 subscribers
30.7K photos
10.9K videos
4.75K files
36.9K links
Download Telegram
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
💢#عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قَالَ: أقبلَ رَجُلٌ إِلَى نَبيِّ الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الهِجْرَةِ وَالجِهَادِ أَبْتَغي الأجْرَ مِنَ الله تَعَالَى. قَالَ: ((فَهَلْ لَكَ مِنْ وَالِدَيْكَ أحَدٌ حَيٌّ؟)). قَالَ: نَعَمْ، بَلْ كِلاهُمَا. قَالَ: ((فَتَبْتَغي الأجْرَ مِنَ الله تَعَالَى؟)). قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: ((فارْجِعْ إِلَى وَالِدَيْكَ، فَأحْسِنْ صُحْبَتَهُمَا)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وهذا لَفْظُ مسلِم.

💢#وفي رواية لَهُمَا: جَاءَ رَجُلٌ فَاسْتَأذَنَهُ في الجِهَادِ، فقَالَ: ((أحَيٌّ وَالِداكَ؟)) قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: ((فَفيهِمَا فَجَاهِدْ)).

💢#في هذا الحديث تقديم برِّ الوالدين على الهجرة والجهاد.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
🌼#عن أنس رضي الله عنه قَالَ: خطبنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خطبة مَا سَمِعْتُ مِثلها قطّ، فَقَالَ: ((لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أعْلَمُ، لَضحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيتُمْ كَثِيرًا)) فَغَطَّى أصْحَابُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَجُوهَهُمْ، وَلَهُمْ خَنَينٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

🌼#وفي رواية: بَلَغَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ فَخَطَبَ فَقَالَ: ((عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَمْ أرَ كَاليَومِ في الخَيرِ وَالشَّرِّ وَلَوْ تَعْلَمونَ مَا أعلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا)) فَمَا أتَى عَلَى أصْحَابِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْهُ، غَطَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَلَهُمْ خَنِينٌ.

🌼#((الخَنِينُ)) بالخاءِ المعجمة: هُوَ البُكَاءُ مَعَ غُنَّة وانتِشَاقِ الصَّوْتِ مِنَ الأنْفِ.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
💢#عن عائشة رضي الله عنها: أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: ((مَنْ ظَلَمَ قيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ، طُوِّقَهُ مِنْ سبْعِ أرَضينَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
في هذا الحديث: تأكيد تحريم غصب الأرض، وأنَّ من أخذ شيئًا منها ظلمًا عُذِّب بحمله يوم القيامة في عنقه.

💢#وفي الحديث الآخر: ((مَنْ أَخَذَ مِنَ الْأَرْضِ شَيْئًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى سَبْعِ أَرَضِينَ))
وفيه: دليل على أنَّ الأرضين السبع طباق، كالسموات.

💢#وعن أَبي موسى رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، فَإِذَا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ))، ثُمَّ قَرَأَ: {وكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود: 102] مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

💢#فيه: الوعيد الشديد للظالم، وإنْ أُمْهِل على ظلمه، ولم يُعاجل بالعقوبة، فإن الله تعالى (يمهل ولا يهمل). قال الله تعالى: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ} [الأعراف: 183].
📃#باب فَضلِ الذِّكْرِ وَالحَثِّ عليه:

🍀َالَ الله تَعَالَى: {وَلذِكْرُ الله أكْبَرُ} [العنكبوت: 45].
أي: ذكر الله أفضل الطاعات.
وقال ابن عباس: يقول ولذكر الله أكبر إذا ذكروه من ذكرهم إياه.
وقال تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152].
قال ابن عباس: اذكروني بطاعتي، أذكركم بمعونتي.

🍀#وفي الحديث الصحيح: يقول الله تعالى: ((من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم)).
وقال تَعَالَى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بِالغُدُوِّ والآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الغَافِلِينَ} [الأعراف: 205].

🍀#قال مجاهد: أَمَرَ أن يذكروه في الصدور، وبالتضرع إليه في الدعاء، والاستكانة، دون رفع الصوت، والصياح بالدعاء.
وقال تَعَالَى: {وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الأنفال: 45].
قال قتادة: افترض الله ذكره عند أشغل ما يكون عند الضرب بالسيوف.

🍀#وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي المِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمنِ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، سُبْحَانَ اللهِ العظيمِ)). متفقٌ عَلَيْهِ.

🍀#في هذا الحديث: بيان سعة رحمة الله بعباده، حيث يجزي على العمل القليل بالثواب الجزيل.

🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱
📃باب العفو والإعراض عن الجاهلين:

💢َالَ الله تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلينَ} [الأعراف: 199].
وذلك لأنَّ في الإِعراض عن الجاهل إخمادًا لشره.

💢#وقال تَعَالَى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ} [الحجر: 85].
أي: عاملهم معاملة الحليم الصفوح.
وقال تَعَالَى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور: 22].

💢#نزلت في شأن الصدِّيق رضي الله عنه لما آلى أن لا ينفق على مسطح لرميه عائشة بالإِفك. فقال أبو بكر: بلى يَا رب، إني أُحبُّ أن تغفر لي، فرجع إلى مسطح ما كان يعطيه قبل.

💢#وقال تَعَالَى: {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنينَ} [آل عمران: 134].
فيه: أن العفو من صفات المحسنين.
وقال تَعَالَى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [الشورى: 43].
أي: من صبر على الأذى وعفا.
والآيات في الباب كثيرة معلومة.

💢#كما قال تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40]، وقوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ} [النحل: 126].. وغير ذلك.

💢#وعن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هَلْ أتَى عَلَيْكَ يَوْمٌ كَانَ أشَدَّ مِنْ يَوْمِ أُحُدٍ؟ قَالَ: ((لَقَدْ لَقِيتُ مِنْ قَوْمِكِ، وَكَانَ أشَدُّ مَا لَقيتُ مِنْهُمْ يَوْمَ الْعَقَبَةِ، إذْ عَرَضْتُ نَفْسِي عَلَى ابْنِ عَبْدِ يَالِيْلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ، فَلَمْ يُجِبْني إِلَى مَا أرَدْتُ، فَانْطَلَقْتُ وَأنا مَهْمُومٌ عَلَى وَجْهِي، فَلَمْ أسْتَفِقْ إلا وأنَا بِقَرْنِ الثَّعَالِبِ، فَرَفَعْتُ رَأْسِي، وَإِذَا أنَا بِسَحَابَةٍ قَدْ أظَلَّتْنِي، فَنَظَرْتُ فَإذَا فِيهَا جِبريلُ- عليه السلام، فَنَادَاني، فَقَالَ: إنَّ الله تَعَالَى قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَد بَعَثَ الله إلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بمَا شِئْتَ فِيهِمْ. فَنَادَانِي مَلَكُ الجِبَالِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ إنَّ اللهَ قَدْ سَمِع قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأنا مَلَكُ الجِبال، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبِّي إلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ، إنْ شئْتَ أطْبَقْتُ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ)). فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: ((بَلْ أرْجُو أنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا)). متفقٌ عَلَيْهِ.
((الأخْشَبَان)): الجَبَلان المُحيطان بمكَّة. وَالأخشبُ: هُوَ الجبل الغليظ.

💢#لما مات أَبو طالب توجه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف وطلب منهم أَن يؤوه حتى يبلغ رسالة ربِّه فردوا عليه أقبح رد فرجع صلى الله عليه وسلم وهو مهموم إِذ فاته ما طلب منهم فلم ينتبه إلا وهو بقرن الثعالب، وهو قرن المنازل ميقات أَهل نجد.

💢#وفي الحديث: بيان شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على قومه، وعفوه عنهم، ومزيد صبره وحلمه قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، وقال تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159].

🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱
📃باب حق الزوج عَلَى المرأة:

🌺َالَ الله تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللهُ} [النساء: 34].
يخبر تعالى أنَّ الرجالَ قوَّامون على النساء، قيام الوُلاة على الرعايا بما فضلهم الله به عليهن من كمال العقل، والدين والقوة، وبما أعطوهن من المهر والنفقة.
ثم أخبر أنَّ الصالحات منهن مطيعات لله، ولأزواجهن، حافظات لفروجهن.

🌺#وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا دَعَا الرَّجُلُ امرَأتَهُ إِلَى فرَاشِهِ فَلَمْ تَأتِهِ، فَبَاتَ غَضْبَانَ عَلَيْهَا، لَعَنَتْهَا المَلائِكَةُ حَتَّى تُصْبحَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية لهما: ((إِذَا بَاتَت المَرأةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا المَلاَئِكَةُ حَتَّى تُصْبحَ)).

🌺#وفي رواية قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ((والَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ مَا مِنْ رَجُلٍ يَدْعُو امْرَأتَهُ إِلَى فِرَاشهِ فَتَأبَى عَلَيهِ إلا كَانَ الَّذِي في السَّمَاء سَاخطًا عَلَيْهَا حَتَّى يَرْضَى عَنها)).
في هذا الحديث: دليل على تحريم امتناع المرأة إذا طلبها زوجها للجماع، وأنه يوجب سخط الله عليها، ولهذا لعنتها الملائكة.

🌺#وعن أَبي علي طَلْق بن علي رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا دَعَا الرَّجُلُ زَوْجَتهُ لحَاجَتِهِ فَلْتَأتِهِ وَإنْ كَانَتْ عَلَى التَّنُور)). رواه الترمذي والنسائي، وَقالَ الترمذي: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
الحديث: دليل على وجوب طاعة الزوج وتقديمه على شغلها.

🌺#وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لا تُؤْذِي امْرَأةٌ زَوْجَهَا في الدُّنْيَا إلا قَالَتْ زَوْجَتُهُ مِنَ الحُورِ العِينِ لا تُؤذِيهِ قَاتَلكِ اللهُ ‍! فَإِنَّمَا هُوَ عِنْدَكِ دَخِيلٌ يُوشِكُ أنْ يُفَارِقَكِ إِلَيْنَا)). رواه الترمذي، وَقالَ: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).

الدخيل: الضيف والنزيل؛ وعبرت بذلك لأن مدة المقام بالدنيا وإن طالت فهي يسيرة بالنظر إلى الآخرة التي لا أَمَد لها.

🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱
📃باب في اليقين والتوكل:

💎َالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].
أي: ما زادهم الابتلاء إلا تصديقًا بوعد الله وتسليمًا لأمره.

💎َقالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 173، 174].
يمدح تعالى المؤمنينَ الذين استجابوا لله والرسول بأنَّ تخويف الناس لهم زادهم تصديقًا ويقينًا وقوة، وقالوا: {حَسْبُنَا اللهُ}، أي: كافينا الله. {وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} أي: الموكول إليه الأمور.

💎َقالَ تَعَالَى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} [الفرقان: 58].
وفيه: إشارة إلى أنَّ من توكل على غير الله فقد ضاع؛ لأنه يموت. قال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} [القصص: 88].
وَقالَ تَعَالَى: {وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [إبراهيم: 11].
إذ هو الحي القيوم.
وَقالَ تَعَالَى: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله} [آل عمران: 159].
أي: إذا عزمت على إمضاء ما تريد بعد المشاورة، فتوكل على الله، أي: ثِقْ به لا بالمشاورة.

💎#عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضًا: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يقول: ((اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَليْك تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ. اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بعزَّتِكَ؛ لا إلهَ إلا أَنْتَ أنْ تُضلَّني، أَنْتَ الحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ، وَالجِنُّ والإنْسُ يَمُوتُونَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وهذا لفظ مسلم واختصره البخاري.

#قوله: ((اللهم لك أسلمت))، أي: استسلمت لحكمك وأمرك، وسلمتُ: رضيتُ وآمنتُ وصدقتُ وأيقنتُ.

#وفي الحديث: الالتجاء إلى الله والاعتصام به، فمن اعتزَّ بغير الله ذلّ، ومن اهتدى بغير هدايته ضلّ، ومن اعتصم بالله تعالى وتوكَّل عليه عظُم وجلّ.

💎#عن عُمَر رضي الله عنه قَالَ: سمعتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا)). رواه الترمذي، وَقالَ: (حديث حسن).

#معناه: تَذْهبُ أَوَّلَ النَّهَارِ خِمَاصًا: أي ضَامِرَةَ البُطُونِ مِنَ الجُوعِ، وَتَرجعُ آخِرَ النَّهَارِ بِطَانًا. أَي مُمْتَلِئَةَ البُطُونِ.
أي: لو توكلتم على الله في ذهابكم ومجيئكم وتصرُّفكم لسهّل لكم رزقكم.

💎#عن أبي بكرٍ الصِّديق رضي الله عنه عبدِ اللهِ بنِ عثمان بنِ عامرِ بنِ عمر ابنِ كعب بنِ سعدِ بن تَيْم بنِ مرة بن كعبِ بن لُؤَيِّ بن غالب القرشي التيمي رضي الله عنه وَهُوَ وَأَبُوهُ وَأُمُّهُ صَحَابَةٌ رضي الله عنهم قَالَ: نَظَرتُ إِلَى أَقْدَامِ المُشْرِكينَ وَنَحنُ في الغَارِ وَهُمْ عَلَى رُؤُوسِنا، فقلتُ: يَا رسولَ الله، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيهِ لأَبْصَرَنَا. فَقَالَ: ((مَا ظَنُّكَ يَا أَبا بَكرٍ باثنَيْنِ الله ثَالِثُهُمَا)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

في هذا الحديث: تنبيه على أنَّ من توكَّل على الله كفاه، ونصره، وأعانه، وكلأه وحفظه.

🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱
📃باب الخوف:

💢َالَ تَعَالَى: {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ * مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس: 34: 37].
أي: يشغله عن شأن غيره.
وَقالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ} [الحج: 1، 2].
فيرهقهم هوله بحيث تطير قلوبهم، ويذهب تمييزهم.

💢#عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّ أهْوَنَ أهْلِ النَّارِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ لَرَجُلٌ يوضعُ في أخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ. مَا يَرَى أنَّ أَحَدًا أشَدُّ مِنْهُ عَذَابًا، وَأنَّهُ لأَهْوَنُهُمْ عَذَابًا)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

قوله: ((أهل النار))، أي: الكفار، لأنهم أهلها الخالدون فيها أبدًا، وأما العصاة فإن الله يعذب فيها من يشاء منهم، ثم يدخله الجنة.

💢#وعن أنس رضي الله عنه قَالَ: خطبنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خطبة مَا سَمِعْتُ مِثلها قطّ، فَقَالَ: ((لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أعْلَمُ، لَضحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيتُمْ كَثِيرًا)) فَغَطَّى أصْحَابُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَجُوهَهُمْ، وَلَهُمْ خَنَينٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

💢#وفي رواية: بَلَغَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَنْ أَصْحَابِهِ شَيْءٌ فَخَطَبَ فَقَالَ: ((عُرِضَتْ عَلَيَّ الجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَمْ أرَ كَاليَومِ في الخَيرِ وَالشَّرِّ وَلَوْ تَعْلَمونَ مَا أعلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا)) فَمَا أتَى عَلَى أصْحَابِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْمٌ أَشَدُّ مِنْهُ، غَطَّوْا رُؤُوسَهُمْ وَلَهُمْ خَنِينٌ.

((الخَنِينُ)) بالخاءِ المعجمة: هُوَ البُكَاءُ مَعَ غُنَّة وانتِشَاقِ الصَّوْتِ مِنَ الأنْفِ.

💢#وعن عدي بن حاتم رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلا سَيُكَلِّمُهُ رَبُّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وبَيْنَهُ تَرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أيْمَنَ مِنْهُ فَلا يَرَى إلا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أشْأَمَ مِنْهُ فَلا يَرَى إلا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلا يَرَى إلا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

قوله: ((ليس بينه وبينه ترجمان))، المراد أن الله يكلمه بلا واسطة.
وفي الحديث: الحث على الصدقة، والاستكثار من الأعمال الصالحة.

🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱
📃باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

💢َالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104].
المعروف: كل فعل يعرف حسنه بالشرع، والعقل، والمنكر ضد ذلك.
قال ابن كثير: يقول تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ}، منتصبة للقيام بأمر الله في الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

💢#قال البغوي: والخير: الإسلام.
قال في ((جامع البيان)): أمة: جماعة يدعون الناس إلى الخير، إتباع القرآن وسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر عطف الخاص على العام لشرفه؛ لأنَّ الخير أعمّ.

💢َقالَ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر} [آل عمران: 110].
أي: كنتم يَا أمة محمد خير أمة أنفع الناس للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، فمن تحقق فيه هذا الوصف فهو من أفضل الأمة.

💢#عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((مَنْ رَأى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أضْعَفُ الإيمَانِ)). رواه مسلم.

💢#هذا الحديث: دليل على وجوب تغيير المنكر بحسب القدرة.
قال الإمام أحمد: التغيير باليد ليس بالسيف والسلاح.
وقال: الناس محتاجون إلى مداراة ورفق، الأمر بالمعروف بلا غلطة، إلا رجل معلن بالفسق فلا حرمة له، وقال أيضًا: يأمر بالرفق، فإن أسمعوه ما يكره لا يغضب، فيكون يريد أنْ ينتصر لنفسه.

💢#وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((مَا مِنْ نَبيٍّ بَعَثَهُ اللهُ في أمَّة قَبْلِي إلا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأصْحَابٌ يَأخُذُونَ بِسنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لا يُؤْمَرونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلبِهِ فَهُوَ مُؤمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلسَانِهِ فَهُوَ مُؤمِنٌ، وَلَيسَ وَرَاءَ ذلِكَ مِنَ الإيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَل)). رواه مسلم.

💢#الحواريٌّون: الأصفياء، الناصرون.
وفي الحديث: دليل على تفاوت مراتب الإيمان، وأنَّ عدم إنكار القلب دليل على ذهاب الإيمان منه، ولهذا قال ابن مسعود: هلكت إنْ لم يعرف قلبك المعروف، وينكر المنكر.

💢#وفي سنن أبي داود: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا عُملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها، كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها)).

💢#وعن أم المؤمنين أم الحكم زينب بنتِ جحش رَضِي الله عنها: أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم دخل عَلَيْهَا فَزِعًا، يقول: ((لا إلهَ إلا الله، وَيلٌ للْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأجُوجَ وَمَأجُوجَ مِثلَ هذِهِ))، وحلّق بأُصبُعيهِ الإبهامِ والتي تليها، فقلتُ: يَا رَسُول الله، أنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: ((نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

💢قال الحافظ: والمراد بالشر ما وقع بعده صلى الله عليه وسلم من قتل عثمان، ثم توالت الفتن حتى صارت العرب بين الأمم كالقصعة بين الأكَلَة.
والمراد بالردم: السد الذي بناه ذو القرنين. انتهى.

💢#وفي الحديث: بيان شؤم المعاصي والتحريض على إنكارها، وأنها إذا كثرت فقد يحصل الهلاك العام، وإنْ كثر الصالحون.

🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱
📃باب الرجاء:

🌷َالَ الله تَعَالَى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
الرجاء: تعليق القلب بمحبوب في المستقبل، والفرق بينه وبين التمنِّي، أنَّ التمنِّي يصاحبه الكسل، والرجاء يبعث على صالح العمل.
ويطلقُ الرجاء على الخوف، ومنه قوله تعالى: {مَّا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} [نوح: 13]، أي لا تخافون له عظمة حتى تتركوا عصيانه.
وقال ابن عباس: لا تُعَظِّمون الله حقَّ عظمته، أي: لا تخافون من بأسه ونقمته.
وقال الحسن: لا تعرفون له حقًّا، ولا تشكرون له نعمة.

🌷#وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ شَهِدَ أنَّ لا إلهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأنَّ مُحَمدًا عَبْدهُ ورَسُولُهُ، وَأنَّ عِيسى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ ألْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ ورُوحٌ مِنْهُ، وَأنَّ الجَنَّةَ حَقٌّ، وَالنَّارَ حَقٌّ، أدْخَلَهُ اللهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

🌷#وفي رواية لمسلم: ((مَنْ شَهِدَ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ النَّارَ)).
في هذا الحديث: بشارة لأهل التوحيد بدخول الجنة، وعدم الخلود في النار، قال الله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 48].

🌷#وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَمَّا خَلَقَ الله الخَلْقَ كَتَبَ في كِتَابٍ، فَهُوَ عِنْدَهُ فَوقَ العَرْشِ: إنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبي)).
وفي رواية: ((غَلَبَتْ غَضَبي)) وفي رواية: ((سَبَقَتْ غَضَبي)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
قال الطيبي: في سبق الرحمة إشارة أنّ قسط الخلق منها أكثر من قسطهم من الغضب، وأنها تنالهم بغير استحقاق، وأن الغضب لا ينالهم إلا بالاستحقاق. فالرحمة تشمل الشخص جنينًا ورضيعًا وفطيمًا، وناشئًا، قبل أن يصدر منه شيء من الطاعة، ولا يلحقه الغضب إلا بعد أن يصدر عنه من الذنوب ما يستحق ذلك.

🌷#وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((جَعَلَ الله الرَّحْمَةَ مِائَةَ جُزْءٍ، فَأمْسَكَ عِنْدَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَأنْزَلَ في الأرْضِ جُزْءًا وَاحِدًا، فَمِنْ ذلِكَ الجُزءِ يَتَرَاحَمُ الخَلائِقُ، حَتَّى تَرْفَعَ الدَّابّةُ حَافِرهَا عَنْ وَلَدِهَا خَشْيَةَ أنْ تُصِيبَهُ)).
وفي رواية: ((إنّ للهِ مائَةَ رَحمَةٍ، أنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الجنِّ وَالإنس وَالبهائِمِ وَالهَوامّ، فبها يَتَعاطَفُونَ، وبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وبِهَا تَعْطِفُ الوَحْشُ عَلَى وَلَدِهَا، وَأخَّرَ اللهُ تِسْعًا وَتِسْعينَ رَحْمَةً يرْحَمُ بِهَا عِبَادَهُ يَوْمَ القِيَامَة)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

🌷#ورواه مسلم أيضًا مِنْ رواية سَلْمَانَ الفارِسيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ للهِ تَعَالَى مِائَة رَحْمَةٍ فَمِنْهَا رَحْمَةٌ يَتَرَاحمُ بِهَا الخَلْقُ بَيْنَهُمْ، وَتِسْعٌ وَتِسعُونَ لِيَومِ القِيَامَةِ)).
وفي رواية: ((إنَّ الله خَلَقَ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالأَرْضَ مِائَةَ رَحْمَةٍ كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقُ مَا بَيْنَ السَّماءِ إِلَى الأرْضِ، فَجَعَلَ مِنْهَا في الأرضِ رَحْمَةً فَبِهَا تَعْطفُ الوَالِدَةُ عَلَى وَلَدِهَا، وَالوَحْشُ وَالطَّيْرُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْض، فَإذا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ أكملَهَا بِهذِهِ الرَّحمَةِ)).
الرحمة رحمتان: رحمة من صفات الذات، ورحمة من صفات الفعل.

🌷#قال القرطبي: مقتضي هذا الحديث، أن الله علم أن أنواع النعم التي ينعم بها على خلقه مائة نوع، فأنعم عليهم في هذه الدنيا بنوع واحد انتظمت به مصالحهم، وحصلت به مرافقتهم، فإذا كان يوم القيامة كمل لعباده المؤمنين ما بقي، فبلغت مائة.

🌷#وقال ابن أبي جمرة: في الحديث إدخال السرور على المؤمنين، لأن العادة أنّ النفس يكمل فرحها بما وهب لها، إذا كان معلومًا مما يكون موعودًا.
وفيه: الحث على الإيمان، واتساع الرجاء في رَحَمَات الله تعالى المدخرة.

🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱
📃باب تحريم الكبر والإعجاب:

🌸َالَ الله تَعَالَى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83].
العلوّ: الكبر. والفساد: المعاصي، يعني من تَرك ذلك فله الجنة.

🌸#وقال تعالى: {وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا} [الإسراء: 37].
أي: بطرًا، وكبرًا، وخيلاء، كمشي الجبارين {إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ}، أي: لن تقطعها بكبرك حتى تبلغ آخرها، {وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا}، أي: لا تقدر أن تطاول الجبال وتساويها بكبرك.

🌸#وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بينما رجل يمشي في من كان قبلكم وعليه بردان يتبختر فيهما إذ خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة)).

🌸#ورأى البختري العابد رجلًا من آل علي يمشي وهو يخطر في مشيته. فقال له: يَا هذا، إنَّ الذي أكرمك به لم تكن هذه مشيته. قال: فتركها الرجل بعده.
وقال تَعَالَى: {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18].
ومعنى ((تُصَعِّر خَدَّكَ لِلنَّاسِ)): أيْ تُمِيلُهُ وتُعرِضُ بِهِ عَنِ النَّاسِ تَكَبُّرًا عَلَيْهِمْ. وَ((المَرَحُ)): التَّبَخْتُرُ.

🌸#قال ابن عباس: يقول لا تتكبَّر فتحقر الناس وتعرض عنهم بوجهك إذا كلَّموك.
وقال قتادة: ولا تحقرن الفقراء، ليكن الفقير والغني عندك سواء.

🌸#وعن حارثة بن وهْبٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ألا أُخْبِرُكُمْ بأهْلِ النَّار: كلُّ عُتُلٍ جَوّاظٍ مُسْتَكْبرٍ)). متفقٌ عَلَيْهِ، وتقدم شرحه في بابِ ضعفةِ المسلمين.
العتل: الغليظ الجافي، والجواظ: الجموع المنوع، والمستكبر: المختال الفخور.

🌸#وعن سَلَمةَ بنِ الأكْوَعِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يَزَالُ الرَّجُلُ يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ حَتَّى يُكْتَبَ في الجَبَّارِين، فَيُصِيبَهُ مَا أَصَابَهُمْ)). رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).

🌸#((يَذْهَبُ بِنَفْسِهِ)) أيْ: يَرْتَفِعُ وَيَتَكبَّرُ.
قال العاقولي: الباء في (يذهب بنفسه) للتعدية، أي: يرفع نفسه ويعتقدها عظيمة مرتفعة المقدار على الناس، ويجوز أَن تكون للمصاحبة أَي يوافقها على ما تريد من الاستعلاء.

🌸#قلت: ويشهد لهذا قوله تعالى: {فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 37- 39].

🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱
📃باب المجاهدة:

💢َالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِينَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
المجاهدة: مفاعلة من الجهد، فإن الإنسان يجاهد نفسه باستعمالها فيما ينفعها، وهي تجاهده بضد ذلك.

💢#قال بعض العلماء: جهاد النفس هو الجهاد الأكبر. وجهاد العدو هو الجهاد الأصغر.
وَقالَ تَعَالَى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8]: أي: انْقَطِعْ إِلَيْه.
يقول تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ}، أي: أكثر من ذكره، وأخلِص واجتهد في وقت فراغك.
وَقالَ تَعَالَى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99].
أي: الموت.

💢#عن أنس رضي الله عنه عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربّه عز وجل قَالَ: ((إِذَا تَقَربَ العَبْدُ إلَيَّ شِبْرًا تَقَربْتُ إِلَيْه ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعًا تَقَربْتُ مِنهُ بَاعًا، وِإذَا أتَانِي يَمشي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً)). رواه البخاري.

💢#معنى هذا الحديث: أنَّ من تقرَّب إلى الله بشيء من الطاعات ولو قليلًا قابله الله بأضعاف من الإِثابة والإِكرام، وكلما زاد في الطاعة زاده في الثواب، وأسرع برحمته وفضله.

💢#عن ابن عباس رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ((نِعْمَتَانِ مَغبونٌ فيهما كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ، وَالفَرَاغُ)). رواه. البخاري.
في هذا الحديث: أنَّ من لم يعمل في فراغه وصحته فهو مغبون. قال الله تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [التغابن: 9].

💢#وفي الحديث: ((اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَحَيَاتِكَ قَبْلَ مَوْتِكَ))

💢#عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: ((المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعيفِ، وَفي كُلٍّ خَيرٌ. احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، واسْتَعِنْ بِاللهِ وَلا تَعْجَزْ. وَإنْ أَصَابَكَ شَيءٌ فَلا تَقُلْ لَوْ أنّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدرُ اللهِ، وَمَا شَاءَ فَعلَ؛ فإنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيطَانِ)). رواه مسلم.

💢#المؤمنُ القوي، هو من يقوم بالأوامر ويترك النواهي بقوة ونشاط، ويصبر على مخالطة الناس ودعوتهم، ويصبر على أذاهم.
وفي الحديث: الأمر بفعل الأسباب والاستعانة بالله.
وفيه: التسليم لأمر الله، والرضا بقدر الله.

🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱
📃باب تحريم سفر المرأة وحدها:

💢#عن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَومِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ عَلَيْهَا)). متفقٌ عَلَيْهِ.

💢#قوله: ((تؤمن بالله واليوم الآخر))، خص المؤمنة بالذكر، لأن صاحب الإيمان هو الذي ينتفع بخطاب الشارع، وينقاد له.
وفي هذا الحديث: النهي عن سفر المرأة بغير محرم وإن ذلك حرام.

💢#وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّهُ سَمِعَ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ، وَلا تُسَافِرُ المَرْأةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ)) فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا رسولَ الله، إنَّ امْرَأتِي خَرَجَتْ حَاجَّةً، وَإنِّي اكْتُتِبْتُ في غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: ((انْطَلِقْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ)). متفقٌ عَلَيْهِ.

💢#قال الموفق: والمحرم زوجها، أو من تحرم عليه على التأبيد بنسب، أو سبب مباح.
قال الحافظ: واستدل بالحديث على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم، وهو إجماع في غير الحج والعمرة. والخروج من دار الشرك.

💢#ومنهم من جعل ذلك من شرائط الحج.
قال أبو الطيب الطبري: الشرائط التي يجب بها الحج على الرجل يجب بها على المرأة، فإذا أرادت أن تؤديه فلا يجوز لها إلا مع محرم، أو زوج أو نسوة ثقات. انتهى. والله أعلم.

💢#قوله: ((لا يَخْلُوَنَّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم)). وفي الحديث الآخر: ((لا يَخْلُوَنَّ رجل بامرأة إلا والشيطان ثالثهما)).

💢#وفي الصحيحين من حديث عقبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم والدخول على النساء)). فقال رجل: يَا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: ((الحمو: الموت)).

💢#قال النووي: المراد به أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه، وهو أولى بالمنع من الأجنبي والفتنة به أمكن لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلو بها من غير نكير عليها بخلاف الأجنبي والله أعلم، انتهى ملخصًا.

🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱
📃باب النهي عن البصاق في المسجد، والأمر بإزالته منه إذا وجد فيه، والأمر بتنزيه المسجد عن الأقذار:

♻️#عن أنس رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ((البُصاقُ في المَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا)). متفق عليه.

♻️#والمرادُ بِدَفْنِهَا إذَا كَانَ المَسْجِدُ تُرَابًا أوْ رَمْلًا ونَحْوَهُ فَيُوَارِيهَا تَحْتَ تُرَابِهِ. قالَ أبُو المحاسِنِ الرُّويَانِي مِنْ أصحابِنا في كِتَابِهِ (البحر) وقِيلَ: المُرَادُ بِدَفْنِهَا إخْراجُهَا مِنَ المَسْجِدِ، أمَّا إِذَا كَانَ المَسْجِدُ مُبَلَّطًا أَوْ مُجَصَّصًا، فَدَلَكَهَا عَلَيْهِ بِمَدَاسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثيرٌ مِنَ الجُهَّالِ، فَلَيْسَ ذَلِكَ بِدَفْنٍ، بَلْ زِيَادَةٌ فِي الخَطِيئَةِ وَتَكْثِيرٌ لِلقَذَرِ في المَسْجِدِ، وَعَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ أنْ يَمْسَحَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِثَوْبِهِ أَوْ بِيَدِهِ أَوْ غَيرِهِ أَوْ يَغْسِلَهُ.

♻️#الحديث: دليل على أنَّ البصاق في المسجد خطيئة، فينبغي لمن بدره ذلك أنْ يبصق في ثوبه أو خارج المسجد، وإن كان في الصلاة بصق في ثوبه.

♻️#وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى في جِدَارِ القِبْلَةِ مُخَاطًا، أَوْ بُزَاقًا، أَوْ نُخَامَةً، فَحَكَّهُ. متفق عَلَيْهِ.

♻️#وفي حديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامةً في القبلة، فحكها بيده، ورؤي منه كراهة، وقال: ((إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنما يناجي ربه، فلا يبزقن في قبلته، ولكن عن يساره أو تحت قدمه)). ثم أخذ طرف ردائه فبزق فيه، ورد بعضه على بعض. قال: ((أو يفعل هكذا)).

♻️#وعن أنس رضي الله عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إنَّ هذِهِ المَسَاجِدَ لا تَصْلُحُ لِشَيءٍ مِنْ هَذَا البَوْلِ وَلا القَذَرِ، إنَّمَا هي لِذِكْرِ اللهِ تَعَالَى، وَقِراءةِ القُرْآنِ)) أَوْ كَمَا قَالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.

♻️#في هذا الحديث: وجوب تنزيه المسجد عن النجاسات والأقذار، ويؤخذ منه تنزيه المسجد ندبًا عن البصاق، والنخامة، وأوساخ البدن الطاهرة.
📃بابُ كراهة تمنّي الموت بسبب ضُرّ نزل بِهِ وَلا بأس بِهِ لخوف الفتنة في الدين:

🌷#عن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لا يَتَمَنَّ أحَدُكُمُ المَوْتَ، إمَّا مُحْسِنًا فَلَعَلَّهُ يَزْدَادُ، وَإمَّا مُسِيئًا فَلَعَلَّهُ يَسْتَعْتِبُ)). متفقٌ عَلَيْهِ، وهذا لفظ البخاري.

🌷#وفي رواية لمسلم عن أَبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لا يَتَمَنَّ أَحَدُكُمُ المَوْتَ، وَلا يَدْعُ بِهِ مِنْ قَبْلِ أنْ يَأتِيَهُ؛ إنَّهُ إِذَا مَاتَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ، وَإنَّهُ لا يَزِيدُ المُؤْمِنَ عُمُرُهُ إلا خَيْرًا)).

🌷#وعن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يَتَمَنَّيَنَّ أحَدُكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ أصَابَهُ، فَإنْ كَانَ لابُدَّ فَاعِلًا، فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أحْيِني مَا كَانَتِ الحَيَاةُ خَيْرًا لي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَت الوَفَاةُ خَيرًا لي)). متفقٌ عَلَيْهِ.

🌷#في هذه الأحاديث: النهي عن تمني الموت لضرٍّ أصابه من مرض، أو فقر أو نحو ذلك، وإنما كره تمنيه حينئذٍ لأنه يشعر بعدم الرضا بالقضاء.
وفي الحديث الآخر: ((خيركم من طال عمره وحسن عمله)).

🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱
📃باب في اليقين والتوكل:

💢َالَ اللهُ تَعَالَى: {وَلَمَّا رَأى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [الأحزاب: 22].
أي: ما زادهم الابتلاء إلا تصديقًا بوعد الله وتسليمًا لأمره.

💢َقالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 173، 174].
يمدح تعالى المؤمنينَ الذين استجابوا لله والرسول بأنَّ تخويف الناس لهم زادهم تصديقًا ويقينًا وقوة، وقالوا: {حَسْبُنَا اللهُ}، أي: كافينا الله. {وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} أي: الموكول إليه الأمور.

💢َقالَ تَعَالَى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} [الفرقان: 58].
وفيه: إشارة إلى أنَّ من توكل على غير الله فقد ضاع؛ لأنه يموت. قال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} [القصص: 88].

💢#عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضًا: أنَّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يقول: ((اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَليْك تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ. اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بعزَّتِكَ؛ لا إلهَ إلا أَنْتَ أنْ تُضلَّني، أَنْتَ الحَيُّ الَّذِي لا يَمُوتُ، وَالجِنُّ والإنْسُ يَمُوتُونَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وهذا لفظ مسلم واختصره البخاري.

💢#قوله: ((اللهم لك أسلمت))، أي: استسلمت لحكمك وأمرك، وسلمتُ: رضيتُ وآمنتُ وصدقتُ وأيقنتُ.

💢#وفي الحديث: الالتجاء إلى الله والاعتصام به، فمن اعتزَّ بغير الله ذلّ، ومن اهتدى بغير هدايته ضلّ، ومن اعتصم بالله تعالى وتوكَّل عليه عظُم وجلّ.

🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
💢#عن أَبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال: كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أشَدَّ حَيَاءً مِنَ العَذْرَاءِ في خِدْرِهَا، فَإذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ عَرَفْنَاهُ في وَجْهِه. متفقٌ عَلَيْهِ.

💢#وعن عمران بن حصينٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلا بِخَيْرٍ)). متفقٌ عَلَيْهِ.

💢#وفي رواية لمسلمٍ: ((الحياءُ خَيْرٌ كُلُّهُ)) أَوْ قَالَ: ((الْحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ)).
الحياء يكف صاحبه عن ارتكاب القبائح ودناءة الأخلاق، ويحثه على مكارم الأخلاق ومعاليها.

💢#قال بعض السلف: رأيت المعاصي نذالة فتركتها مروءةً، فاستحالت ديانةً.
📃باب المجاهدة:

🌷َالَ الله تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِينَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
المجاهدة: مفاعلة من الجهد، فإن الإنسان يجاهد نفسه باستعمالها فيما ينفعها، وهي تجاهده بضد ذلك.
قال بعض العلماء: جهاد النفس هو الجهاد الأكبر. وجهاد العدو هو الجهاد الأصغر.

🌷#عن سعيد بن عبد العزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أَبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر جندب بن جُنادة رضي الله عنه، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن اللهِ تَبَاركَ وتعالى، أنَّهُ قَالَ: ((يَا عِبَادي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُلْمَ عَلَى نَفْسي وَجَعَلْتُهُ بيْنَكم مُحَرَّمًا فَلا تَظَالَمُوا.

🌷َا عِبَادي، كُلُّكُمْ ضَالّ إلا مَنْ هَدَيْتُهُ فَاستَهدُوني أهْدِكُمْ.
يَا عِبَادي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلا مَنْ أطْعَمْتُهُ فَاستَطعِمُوني أُطْعِمْكُمْ.
يَا عِبَادي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلا مَنْ كَسَوْتُهُ فاسْتَكْسُونِي أكْسُكُمْ.
يَا عِبَادي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيلِ وَالنَّهارِ وَأَنَا أغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُوني أغْفِرْ لَكُمْ.

🌷َا عِبَادي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغوا ضُرِّي فَتَضُرُّوني، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفعِي فَتَنْفَعُوني.
يَا عِبَادي، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذلِكَ في مُلكي شيئًا.
يَا عِبَادي، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذلِكَ من مُلكي شيئًا.

🌷َا عِبَادي، لَوْ أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَألُوني فَأعْطَيتُ كُلَّ إنْسَانٍ مَسْألَتَهُ مَا نَقَصَ ذلِكَ مِمَّا عِنْدِي إلا كما يَنْقصُ المِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ البَحْرَ.
يَا عِبَادي، إِنَّمَا هِيَ أعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيرًا فَلْيَحْمَدِ الله وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذلِكَ فَلا يَلُومَنَّ إلا نَفْسَهُ)).

🌷َالَ سعيد: كَانَ أَبُو إدريس إِذَا حَدَّثَ بهذا الحديث جَثا عَلَى رُكبتيه. رواه مسلم.
وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، قَالَ: لَيْسَ لأهل الشام حديث أشرف من هَذَا الحديث.

🌷#هذا حديث جليل شريف، وهو من الأحاديث القدسية التي يرويها النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل.

🌷#وفي هذا الحديث: قبح الظلم وأن جميع الخلق مفتقرون إلى الله تعالى في جلب مصالحهم، ودفع مضارهم في أمور دينهم ودنياهم.
وأنَّ الله تعالى يحب أن يسأله العباد ويستغفروه.
وأنَّ ملكه لا يزيد بطاعة الخلق ولا ينقص بمعصيتهم.
وأن خزائنه لا تنفذ ولا تنقص.
وأن ما أصاب العبد من خير فمن فضل الله تعالى، وما أصابه من شر فمن نفسه وهواه.
وهو مشتمل على قواعد عظيمة في أصول الدين وفروعه وآدابه، وغير ذلك.

🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱
📃باب فضل حِلَقِ الذكر، والندب إِلَى ملازمتها، والنهي عن مفارقتها لغير عذر:

🌸َالَ اللهُ تَعَالَى: {واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُريدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تريد زينة الحياة الدنيا} [الكهف: 28].
أي: اجلس مع الذين يذكرون الله ويسألونه بكرةً وعشيًا من عباد الله، سواء كانوا فقراء أو أغنياء.
يقال: إنها نزلت في أشراف قريش حين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أنْ يجلس معهم وحده، ولا يجالسهم بضعفاء أصحابه، فنهاه الله عن ذلك.

🌸#وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ للهِ تَعَالَى مَلائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فإذا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللهَ- عز وجل، تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِم إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْألُهُمْ رَبُّهُمْ- وَهُوَ أعْلَم: مَا يقولُ عِبَادي؟ قَالَ: يقولون: يُسَبِّحُونَكَ، ويُكبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، ويُمَجِّدُونَكَ، فيقول: هَلْ رَأَوْنِي؟ فيقولونَ: لا واللهِ مَا رَأَوْكَ. فيقولُ: كَيْفَ لَوْ رَأوْني؟! قَالَ: يقُولُونَ: لَوْ رَأوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا، وأكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا. فَيقُولُ: فماذا يَسْألونَ؟ قَالَ: يقُولُونَ: يَسْألُونَكَ الجَنَّةَ. قَالَ: يقولُ: وَهل رَأَوْها؟ قَالَ: يقولون: لا واللهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا. قَالَ: يقول: فَكيفَ لَوْ رَأوْهَا؟ قَالَ: يقولون: لَوْ أنَّهُمْ رَأوْهَا كَانُوا أشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، وأشدَّ لَهَا طَلَبًا، وأعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً. قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالَ: يقولون: يَتَعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ؛ قَالَ: فيقولُ: وَهَلْ رَأوْهَا؟ قَالَ: يقولون: لا واللهِ مَا رَأوْهَا. فيقولُ: كَيْفَ لَوْ رَأوْهَا؟! قَالَ: يقولون: لَوْ رَأوْهَا كانوا أشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا، وأشَدَّ لَهَا مَخَافَةً. قَالَ: فيقولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُم، قَالَ: يقولُ مَلَكٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ: فِيهم فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ، قَالَ: هُمُ الجُلَسَاءُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ)). متفق عَلَيْهِ.

🌸#وفي رواية لمسلمٍ عن أَبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إن للهِ مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً فُضُلًا يَتَتَبُّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ، قَعَدُوا مَعَهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَؤُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّماءِ الدُّنْيَا، فإذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعدُوا إِلَى السَّمَاءِ، فَيَسْأَلُهُمْ اللهُ- عز وجل-- وَهُوَ أعْلَمُ: مِنْ أيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبادٍ لَكَ في الأرْضِ: يُسَبِّحُونَكَ، ويُكبِّرُونَكَ، وَيُهَلِّلُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، وَيَسْألُونَكَ. قَالَ: وَمَاذا يَسْألُونِي؟ قالوا: يَسْألُونَكَ جَنَّتَكَ. قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قالوا: لا، أَيْ رَبِّ. قَالَ: فكيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتي؟! قالوا: ويستجيرونكَ. قَالَ: ومِمَّ يَسْتَجِيرُونِي؟ قالوا: مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ. قَالَ: وَهَلْ رَأوْا نَاري؟ قالوا: لا، قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟! قالوا: وَيَسْتَغفِرُونكَ؟ فيقولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، وَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَألُوا، وَأجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا. قَالَ: فيقولون: ربِّ فيهمْ فُلانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إنَّمَا مَرَّ، فَجَلَسَ مَعَهُمْ. فيقُولُ: ولهُ غَفَرْتُ، هُمُ القَومُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ)).

🌸#الذكر يتناول الصلاة، وقراءة القرآن، والدعاء، وتلاوة الحديث، ودراسة العلم الديني.
قوله: ((فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم)). قيل: من حكم السؤال إقرار الملائكة أنَّ في بني آدم المسبحين والمقدسين، فيكون كالاستدراك لما سبق من قولهم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا} [البقرة: 30]
قوله: ((فضلًا)) منضبط بوجوه: أشهرها ضم أَوَّلَيه، وبضم، ففتح، أخره ألف ممدودة جمع فاضل. ومعناه على جميع الروايات أنهم زائدون على الحفظة، وغيرهم من المرتبين مع الخلائق.
قال الحافظ: وفي الحديث: فضل الذكر والذاكرين، وفضل الاجتماع على ذلك، وأن جليسهم يندرج معهم في جميع ما يتفضل عليهم إكرامًا لهم، وإنْ لم يشاركهم في أصل الذكر.
وفيه: محبة الملائكة لبني آدم، واعتناؤهم بهم.

🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱
🎥 مقطع

*ماهي #غنيمة #مجالس_الذكر كما وردت عن #النبي_صلى_الله_عليه_وسلم ؟ | #الشيخ_عبد_العزيز_الخطيب_الحسني حفظه الله*

https://youtu.be/uoErKXXO73c

📃باب فضل حِلَقِ الذكر، والندب إِلَى ملازمتها، والنهي عن مفارقتها لغير عذر:

🌸َالَ اللهُ تَعَالَى: {واصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِيِّ يُريدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ تريد زينة الحياة الدنيا} [الكهف: 28].
أي: اجلس مع الذين يذكرون الله ويسألونه بكرةً وعشيًا من عباد الله، سواء كانوا فقراء أو أغنياء.
يقال: إنها نزلت في أشراف قريش حين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أنْ يجلس معهم وحده، ولا يجالسهم بضعفاء أصحابه، فنهاه الله عن ذلك.

🌸#وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ للهِ تَعَالَى مَلائِكَةً يَطُوفُونَ في الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فإذا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللهَ- عز وجل، تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ، فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِم إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَسْألُهُمْ رَبُّهُمْ- وَهُوَ أعْلَم: مَا يقولُ عِبَادي؟ قَالَ: يقولون: يُسَبِّحُونَكَ، ويُكبِّرُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، ويُمَجِّدُونَكَ، فيقول: هَلْ رَأَوْنِي؟ فيقولونَ: لا واللهِ مَا رَأَوْكَ. فيقولُ: كَيْفَ لَوْ رَأوْني؟! قَالَ: يقُولُونَ: لَوْ رَأوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا، وأكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا. فَيقُولُ: فماذا يَسْألونَ؟ قَالَ: يقُولُونَ: يَسْألُونَكَ الجَنَّةَ. قَالَ: يقولُ: وَهل رَأَوْها؟ قَالَ: يقولون: لا واللهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا. قَالَ: يقول: فَكيفَ لَوْ رَأوْهَا؟ قَالَ: يقولون: لَوْ أنَّهُمْ رَأوْهَا كَانُوا أشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا، وأشدَّ لَهَا طَلَبًا، وأعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً. قَالَ: فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ؟ قَالَ: يقولون: يَتَعَوَّذُونَ مِنَ النَّارِ؛ قَالَ: فيقولُ: وَهَلْ رَأوْهَا؟ قَالَ: يقولون: لا واللهِ مَا رَأوْهَا. فيقولُ: كَيْفَ لَوْ رَأوْهَا؟! قَالَ: يقولون: لَوْ رَأوْهَا كانوا أشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا، وأشَدَّ لَهَا مَخَافَةً. قَالَ: فيقولُ: فَأُشْهِدُكُمْ أنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُم، قَالَ: يقولُ مَلَكٌ مِنَ المَلاَئِكَةِ: فِيهم فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ، إنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ، قَالَ: هُمُ الجُلَسَاءُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ)). متفق عَلَيْهِ.

🌸#وفي رواية لمسلمٍ عن أَبي هريرة رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إن للهِ مَلاَئِكَةً سَيَّارَةً فُضُلًا يَتَتَبُّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ، فَإذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ، قَعَدُوا مَعَهُمْ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأجْنِحَتِهِمْ حَتَّى يَمْلَؤُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّماءِ الدُّنْيَا، فإذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعدُوا إِلَى السَّمَاءِ، فَيَسْأَلُهُمْ اللهُ- عز وجل-- وَهُوَ أعْلَمُ: مِنْ أيْنَ جِئْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبادٍ لَكَ في الأرْضِ: يُسَبِّحُونَكَ، ويُكبِّرُونَكَ، وَيُهَلِّلُونَكَ، وَيَحْمَدُونَكَ، وَيَسْألُونَكَ. قَالَ: وَمَاذا يَسْألُونِي؟ قالوا: يَسْألُونَكَ جَنَّتَكَ. قَالَ: وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي؟ قالوا: لا، أَيْ رَبِّ. قَالَ: فكيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتي؟! قالوا: ويستجيرونكَ. قَالَ: ومِمَّ يَسْتَجِيرُونِي؟ قالوا: مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ. قَالَ: وَهَلْ رَأوْا نَاري؟ قالوا: لا، قَالَ: فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي؟! قالوا: وَيَسْتَغفِرُونكَ؟ فيقولُ: قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، وَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَألُوا، وَأجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا. قَالَ: فيقولون: ربِّ فيهمْ فُلانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ إنَّمَا مَرَّ، فَجَلَسَ مَعَهُمْ. فيقُولُ: ولهُ غَفَرْتُ، هُمُ القَومُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ)).

🌸#الذكر يتناول الصلاة، وقراءة القرآن، والدعاء، وتلاوة الحديث، ودراسة العلم الديني.
قوله: ((فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم)). قيل: من حكم السؤال إقرار الملائكة أنَّ في بني آدم المسبحين والمقدسين، فيكون كالاستدراك لما سبق من قولهم: {أَتَجْعَلُ فِيهَا} [البقرة: 30]
قوله: ((فضلًا)) منضبط بوجوه: أشهرها ضم أَوَّلَيه، وبضم، ففتح، أخره ألف ممدودة جمع فاضل. ومعناه على جميع الروايات أنهم زائدون على الحفظة، وغيرهم من المرتبين مع الخلائق.
قال الحافظ: وفي الحديث: فضل الذكر والذاكرين، وفضل الاجتماع على ذلك، وأن جليسهم يندرج معهم في جميع ما يتفضل عليهم إكرامًا لهم، وإنْ لم يشاركهم في أصل الذكر.
وفيه: محبة الملائكة لبني آدم، واعتناؤهم بهم.

🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱🌱