#فتوى هامة حول القدر والقضاء :
السؤال: يقول زيد: إنّ ما كان وما يكون كلُّه بأمر الله تعالى وقدره، فكيف يُحاسب العبد ويُعاقب على أفعاله؟ لأنه لم يفعل ما يستوجب العذاب، فإنّ الأمور مقدّرة بقدر الله تعالى، كما يدلّ القرآن الكريم على أنّ أيّ شيء لا يتحرّك إلاّ بإذن الله تعالى وإرادته، فأيّ فعلٍ فعله الإنسان باختياره فأصبح بسببه كافراً أو فاسقاً ! ليكون مِن أهل النار بعدها؟ فإنّ المرء يرتكب السيئات لأنها قُدّرت عليه، ويعمل الصالحات إذا كُتبت له! وعليه فإنّ المرء مسير بالقدر، فلماذا يُعَدّ مجرماً؟ فمثلاً إذا قُدّر له الزنا والقتل والسرقة ارتكبها، وكذلك شأن الأعمال الصالحة.
الجواب: زيد ضالّ ومبتدع، فلماذا ينزعج إذا ضربه أحد؟ لأنّه أيضاً من قدَر الله، ولماذا يغضب إذا غصَب أحد مالَه؟ لأنّه حصل أيضاً بما قدّر عليه، لا شكّ أنّ من وسواس الشيطان وخداعه أنّ يقول للمرء أنك مسيّرٌ بالقدر، بل إنّ الله تعالى قد كتب وقدّر لنا بعلمه الأزلي ما سنفعله. انتهى من "الفتاوى الرضوية"، للشيخ أحمد رضا خان الهندي 29/284.
قال المفتي محمد أمجد علي الأعظمي رحمه الله تعالى: إنّ نسبة الشرّ إلى قدر الله تعالى بعد ارتكابه وإضافته إلى إرادته أمر شنيع جدا، بل الأدب مع الله تعالى أن ينسب الخير إلى الله تعالى ويضاف الشرّ إلى النفس. "بهار (ربيع) الشريعة"، 1/24.
#علاج الوسواس القهري حول القدر
قال #سيدنا الإمام محمد بن محمد #الغزالى رحمه الله تعالى: إنّ مكايد الشيطان مع ابن آدم في الطاعة على سبعة أوجه، منها: يوسوس إليه قائلاً: لا حاجة لك إلى هذا العمل، لأنك إن خلقت سعيداً لم يضرك ترك العمل، وإن خلقت شقياً لم ينفعك فعله، فإن عصمه الله تعالى رده بأن قال: إنما أنا عبد وعلى العبد امتثال الأمر لعبوديته، والرب أعلم بربوبيته، يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد، ولأنه ينفعني العمل كيفما كنت، لأني إن كنت سعيداً احتجت إليه لزيادة الثواب، وإن كنت شقياً فأنا محتاج إليه كي لا ألوم نفسي، على أن الله تعالى لا يعاقبني على الطاعة بكل حال، ولا يضرّني على أني إن دخلت النار وأنا مطيع أحبّ إليّ من أن أدخلها وأنا عاص، فكيف ووعده حقّ وقوله صدق وقد وعد على الطاعات بالثواب، فمن لقي الله تعالى على الإيمان والطاعة لم يدخل النار ألبتة، ودخل الجنة لا لاستحقاقه بعمله الجنة ولكن لوعد الله الصادق تعالى وتقدّس، ولهذا المعنى أخبر الله تعالى عن السعداء إذ قالوا: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعۡدَهُ﴾ (الزمر 39/ 74) انتهى "منهاج العابدين"، صـ 52.
#الوسوسة حتى في العقائد:
أحياناً يلقي الشيطان وساوس وشبهات لا يستطيع الإنسان أن يبيّنها، وبما أنّ الصحابة الكرام كانوا منشغلين بطاعة الله ورسوله كان الشيطان يزعجهم بالوساوس كثيراً، وفي صحيح مسلم: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: «وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ»."صحيح مسلم"، صـ80، (132).
قال العلماء إن صريح الإيمان هو دفع الوسواس وليس وجوده وقالوا إن الشيطان يوسوس لمن أيس من إغوائه فينكّد عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه قال الإمام #النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث : قوله صلى الله عليه وسلم : ( ذلك صريح الإيمان , و محض الإيمان ) معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان , فإن استعظام هذا و شدة الخوف منه و من النطق به فضلاً عن اعتقاده ؛ إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً ، و انتفت عنه الريبة والشكوك ... و قيل : معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن أيِسَ من إغوائه فيُنَكِّدُ عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه , و أما الكافر فإنه يأتيه من حيث شاء و لا يقتصر في حقه على الوسوسة ، بل يتلاعب به كيف أراد . فعلى هذا معنى الحديث : سببُ الوسوسة محضُ الإيمان , أو : الوسوسة علامةُ محض الإيمان . و هذا القول اختيار القاضي عياض .اهـ . شرح مسلم بتصرف
ولذا علينا أن ننشغل بما يكون لله فيه شغلنا فننشغل به تعالى عما يشغلنا عنه فيكون الله لنا كما كان للصحابة رضي الله عنهم جميعا كما ورد عن الشيخ الجيلاني رحمه الله تعالى : "يا قوم : كونوا لله عزَّ وجلَّ كما كان الصالحون له ، حتى يكون لكم كما كان لهم . إن أردتم أن يكون الحق عزَّ وجلَّ لكم ، فاشتغلوا بطاعته والصبر معه والرضا بأفعاله فيكم وفي غيركم .
القوم زهدوا في الدنيا وأخذوا أقسامهم منها بيد التقوى والورع ، ثم طلبوا الآخرة وعملوا أعمالها . عصوا نفوسهم وأطاعوا ربهم عزَّ وجلَّ . وعظوا نفوسهم ثم وعظوا نفوس غيرهم ."
من الفتح الرباني ص 15 ط دار الكتب العلمية
السؤال: يقول زيد: إنّ ما كان وما يكون كلُّه بأمر الله تعالى وقدره، فكيف يُحاسب العبد ويُعاقب على أفعاله؟ لأنه لم يفعل ما يستوجب العذاب، فإنّ الأمور مقدّرة بقدر الله تعالى، كما يدلّ القرآن الكريم على أنّ أيّ شيء لا يتحرّك إلاّ بإذن الله تعالى وإرادته، فأيّ فعلٍ فعله الإنسان باختياره فأصبح بسببه كافراً أو فاسقاً ! ليكون مِن أهل النار بعدها؟ فإنّ المرء يرتكب السيئات لأنها قُدّرت عليه، ويعمل الصالحات إذا كُتبت له! وعليه فإنّ المرء مسير بالقدر، فلماذا يُعَدّ مجرماً؟ فمثلاً إذا قُدّر له الزنا والقتل والسرقة ارتكبها، وكذلك شأن الأعمال الصالحة.
الجواب: زيد ضالّ ومبتدع، فلماذا ينزعج إذا ضربه أحد؟ لأنّه أيضاً من قدَر الله، ولماذا يغضب إذا غصَب أحد مالَه؟ لأنّه حصل أيضاً بما قدّر عليه، لا شكّ أنّ من وسواس الشيطان وخداعه أنّ يقول للمرء أنك مسيّرٌ بالقدر، بل إنّ الله تعالى قد كتب وقدّر لنا بعلمه الأزلي ما سنفعله. انتهى من "الفتاوى الرضوية"، للشيخ أحمد رضا خان الهندي 29/284.
قال المفتي محمد أمجد علي الأعظمي رحمه الله تعالى: إنّ نسبة الشرّ إلى قدر الله تعالى بعد ارتكابه وإضافته إلى إرادته أمر شنيع جدا، بل الأدب مع الله تعالى أن ينسب الخير إلى الله تعالى ويضاف الشرّ إلى النفس. "بهار (ربيع) الشريعة"، 1/24.
#علاج الوسواس القهري حول القدر
قال #سيدنا الإمام محمد بن محمد #الغزالى رحمه الله تعالى: إنّ مكايد الشيطان مع ابن آدم في الطاعة على سبعة أوجه، منها: يوسوس إليه قائلاً: لا حاجة لك إلى هذا العمل، لأنك إن خلقت سعيداً لم يضرك ترك العمل، وإن خلقت شقياً لم ينفعك فعله، فإن عصمه الله تعالى رده بأن قال: إنما أنا عبد وعلى العبد امتثال الأمر لعبوديته، والرب أعلم بربوبيته، يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد، ولأنه ينفعني العمل كيفما كنت، لأني إن كنت سعيداً احتجت إليه لزيادة الثواب، وإن كنت شقياً فأنا محتاج إليه كي لا ألوم نفسي، على أن الله تعالى لا يعاقبني على الطاعة بكل حال، ولا يضرّني على أني إن دخلت النار وأنا مطيع أحبّ إليّ من أن أدخلها وأنا عاص، فكيف ووعده حقّ وقوله صدق وقد وعد على الطاعات بالثواب، فمن لقي الله تعالى على الإيمان والطاعة لم يدخل النار ألبتة، ودخل الجنة لا لاستحقاقه بعمله الجنة ولكن لوعد الله الصادق تعالى وتقدّس، ولهذا المعنى أخبر الله تعالى عن السعداء إذ قالوا: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعۡدَهُ﴾ (الزمر 39/ 74) انتهى "منهاج العابدين"، صـ 52.
#الوسوسة حتى في العقائد:
أحياناً يلقي الشيطان وساوس وشبهات لا يستطيع الإنسان أن يبيّنها، وبما أنّ الصحابة الكرام كانوا منشغلين بطاعة الله ورسوله كان الشيطان يزعجهم بالوساوس كثيراً، وفي صحيح مسلم: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: «وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ»."صحيح مسلم"، صـ80، (132).
قال العلماء إن صريح الإيمان هو دفع الوسواس وليس وجوده وقالوا إن الشيطان يوسوس لمن أيس من إغوائه فينكّد عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه قال الإمام #النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث : قوله صلى الله عليه وسلم : ( ذلك صريح الإيمان , و محض الإيمان ) معناه استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان , فإن استعظام هذا و شدة الخوف منه و من النطق به فضلاً عن اعتقاده ؛ إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالاً محققاً ، و انتفت عنه الريبة والشكوك ... و قيل : معناه أن الشيطان إنما يوسوس لمن أيِسَ من إغوائه فيُنَكِّدُ عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه , و أما الكافر فإنه يأتيه من حيث شاء و لا يقتصر في حقه على الوسوسة ، بل يتلاعب به كيف أراد . فعلى هذا معنى الحديث : سببُ الوسوسة محضُ الإيمان , أو : الوسوسة علامةُ محض الإيمان . و هذا القول اختيار القاضي عياض .اهـ . شرح مسلم بتصرف
ولذا علينا أن ننشغل بما يكون لله فيه شغلنا فننشغل به تعالى عما يشغلنا عنه فيكون الله لنا كما كان للصحابة رضي الله عنهم جميعا كما ورد عن الشيخ الجيلاني رحمه الله تعالى : "يا قوم : كونوا لله عزَّ وجلَّ كما كان الصالحون له ، حتى يكون لكم كما كان لهم . إن أردتم أن يكون الحق عزَّ وجلَّ لكم ، فاشتغلوا بطاعته والصبر معه والرضا بأفعاله فيكم وفي غيركم .
القوم زهدوا في الدنيا وأخذوا أقسامهم منها بيد التقوى والورع ، ثم طلبوا الآخرة وعملوا أعمالها . عصوا نفوسهم وأطاعوا ربهم عزَّ وجلَّ . وعظوا نفوسهم ثم وعظوا نفوس غيرهم ."
من الفتح الرباني ص 15 ط دار الكتب العلمية