الشَّهيد مَهدي رَعد
456 subscribers
986 photos
513 videos
8 files
37 links
السَّلامُ عَلَيكُم يا أَنصارَ دينِ الله..
-
"وَصِيَّتي إِنّو هَالبَنات لِعَم تنَزِّل صُوَرها عَلى مَواقِع التَّواصُل ما عاد تنَزِّل لَإِن عَم تخَلّي الإِمام يِبكي دَمّ"..
_مِن وَصِيّة الشَّهيد
_
_
•لِتواصُل وَتَبادُل: @Tawasoooooolbot
Download Telegram
الشَّهيد مَهدي رَعد
Photo
.
#كنت_في_انتظارك

8⃣

🔹منذ العودة من هذه الزيارة المباركة، وزينب تنظر يومياً إلى هذه الورقة، تشمّها وتُقبّلها، وتقرأ لـ علي رضا ما كتب له أبوه فيها..
لقد حوَت هذه الرسالة وصايا قيّمة تحمل معانٍ عميقة خاصةً في موضوع الصلاة، والابتعاد عن الذنوب، والعلاقة بالإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه..

🔸بالمقابل كان علي رضا مُتلهفاً للسؤال عن هذه الأمور ومعرفتها..
فكان في كل يوم بعد أن يستيقظ وقبل أن ينام، يفتح القرآن الكريم حيث إحتفظَت أمُّه بالورقة، يُقبّلها وكأنه يلتمس ذلك الحنان الذي شعر به من قِبَل الشخص الذي أعطاه إيّاها، أو كأنه يتحسَّس وجود والده إلى جانبه، وكان لا ينفَك عن طرح الأسئلة على والدته عن مضمون الورقة..

🔹لذلك قررَت زينب إخبار سماحة الشيخ فؤاد بالقضية التي حصلت معهم في مقام أنيس النفوس عليه السلام، عسى أن يتكفَّل بالإجابة المناسبة على هذه الأسئلة ويتابع تربية علي رضا وتطَوّره، خاصةً أنها كانت واثقة من تقوى هذا الشيخ وإيمانه كَونها مقربةً من زوجته..

🔸اتّصلَت بزوجة سماحة الشيخ، أخبرتها بالأمر وطلبت منها أن توصل طلبها إلى سماحته..
بعد أن سمع الشيخ فؤاد القضية، تغيّر حاله وتأثر كثيراً لهذه الألطاف الإلهية التي حظِيَ بها علي رضا، فنظر إلى زوجته وبريق الدموع واضحٌ في عينَيه وقال لها :
❄️ إنه لَشرفٌ لي أن أهتَّم به وأرعاه.. لو سمحتِ يا عزيزتي أسرعي وقولي للحاجة أم علي رضا أن تُهيئ ولدها، ولينتظرني أمام منزلهم، سأمرُّ الآن لآخذه معي إلى صلاة الجماعة.

🔹دقائق ووصل الشيخ فؤاد إلى جانب منزل الحاج جهاد، انتظر بسيارته خروج علي رضا، وما إن خرج علي رضا وتوَّجه نحو السيارة، إقترب منه الشيخ فؤاد، إنحنى على ركبتَيه ونظر في عينَيه، ثم همسَ بكلماتٍ تخنقها العَبرة :
❄️ هل رأَت هاتَين العَيْنَين ذلك الجمال؟

🔸ضمَّ علي رضا بحرارة، وأخذ يمسحُ على رأسه ويشمُّ شعره ويُقبِّلُ خدَّيه والدموع في عَيْنَيه، يُرَدِّدُ بكلماتٍ كانت تطرق مسامِع علي رضا، كان يتسأءَل :
❄️ أكانَ هو ؟ أهُنَا مرَّت يَدَهُ المباركة؟ هل بقِيَ أثرٌ من رائحتِه على ثيابك ؟

🔹 كان علي رضا متفاجئاً من تصرف الشيخ، فقال له : ▫️لكن ألم تره يا عمّ ؟ لقد كان قُربك ينظر إليكَ عندما كنت واقفاً تُقبِّل ضريح الإمام الرضا عليه السلام!

غصَّ الشيخ فؤاد بعَبرته وأجابه بحسرةٍ وخجل : ❄️ لا لم اتمكن من رُؤيته 😔

ثم قام الشيخ يجرُّ علي رضا إلى سيارته، يمسح دموعه بكفَّيه ويقول في نفسه : ❄️ ماذا أقول له😔؟ هل أقول له أنني بسبب غفلتي وذنوبي حجبتُ نفسي عن إمام زماني ؟ هل أقول له أن الإمام بإنتظار كل مؤمن شيعيّ منذ أكثر من ألف سنة، ولكن نحن المتخلِّفون عنه؟ أوَلَسنا نحن الذين لم نكن على إجتماعٍ من القلوب في الوفاء بالعهد..😔

🔸وبعد وصولهما إلى مسجِد القرية، علَّم الشيخ فؤاد علي رضا كَيْفية الوضوء الصحيح وشرح له بعضاً من أهميته، وبينما كانا ينتظران الأذان، فاجأ علي رضا الشيخ فؤاد بسؤاله :
▫️عمّاه، لقد قالَت لي أمي أنّ الله غنيّ ولديه كلّ شيء، وهو كريمٌ يُعطينا الكثير من دون مُقابِل.. فلماذا إذاً يريدُ منا أن نصلي؟
الشَّهيد مَهدي رَعد
Photo
.
#كنت_في_انتظارك

9⃣

...الله غنيّ ولديه كلّ شيء، وهو كريمٌ يُعطينا الكثير من دون مُقابِل.. فلماذا إذاً يريدُ منا أن نصلي؟

🔸تبسّم الشيخ فؤاد وقال له :
❄️ما قالته والدتك يا علي رضا صحيح، إن الله تعالى غنيٌّ عن العالمين، وهذه الصلاة التي نُصليها لا تفيد الله بشيءٍ وهو لا يحتاجها، ولكننا نحن الفقراء إليه والمحتاجون لهذه الصلاة للقاء الله والحديث معه والوقوف بين يديه !
❄️ولأن الله سبحانه يُحبُّنا، فقد أكرمنا بها وعلَّمنا كَيْفِيَتها، فهكذا ارتضى أن نُعبِّر له عن حبّنا وعبوديتنا له، فجعلها سبيلاً لِوصاله ولقائه.

ردّ علي رضا بإستغراب : ▫️يعني هي لقاءُ الله ! لكن أنا لا أرى الله عندما أصلي!

🔹إقترَب الشيخ فؤاد من علي رضا ووضع يدَه على صدره الأيسر، ثم همس في أُذنه: ❄️بلَى تراه يا ولدي ! من هنا تراه.. من قلبك !

❄️عندما تشعر أثناء صلاتك بحبٍّ عظيم يغمر كيانك.. وعندما تكون مُطمئناً بأن الله يسمع ما تقوله له في هذه الصلاة، فأنت عندها ترى الله وتلقاه❤️

بدَت علامات الفرح على وجه علي رضا :
▫️إذاً ماذا ننتظر😊؟ هيا لنلتقي بالله!

أجابه الشيخ : ❄️ لقد جعل الله لهذا اللقاء موعداً خاصّاً وموقوتاً، ولهذه الأوقات بركاتٌ عظيمة ينظر الله إلى الوافدين عليه في هذه الساعات نظرةً خاصة، ومن شدّة حِرص الله علينا وحبِّه الشديد لنا يُذكّرنا كل يوم بهذه الأوقات المباركة ويدعونا للقائه من خلال الأذان..

🔸وفي هذه اللحظات، إرتفع صَوت الأذان في المسجد، ساد الصمت إنصاتاً لهذا الصَوت الملكوتي، كان قلب علي رضا يخفق بشدّة وكأنه يسمع هذا النداء مباشرةً من الله..

🔹أمّا الشيخ فؤاد أخذه التفكير بالله اللطيف، الذي لا يحتاج عباده وهو غنيٌ عن طاعتهم، ومع ذلك يدعوهم إليه بشتَّى الوسائل ليُفيض عليهم من بركاته، يدعوهم رُغم معاصيهم لِيَغفر لهم، يناديهم أنا ربُّكم الكريم هَلُّموا للقائي.. لكن أيّ عبادٍ هؤلاء الذين تجاهلوا نداء جبّار السموات، ولأي أمرٍ تجاهلوه.. لمتاعٍ زائل ودنيا فانية!

🔸ثم نظر إلى الحضور الذي يتجمَّع لإقامة الصلاة، وتذكَّر قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : 《ما من مؤمنٍ يقوم إلى الصلاة إلا تناثر عليه البِّر ما بينه وبين العرش، ووُكِّل به مَلكٌ ينادي: يا ابن آدم لو تعلم ما لكَ في الصلاة ومَن تُناجي ما سئِمت وما إلتفَت》

🔹قام لأداء الصلاة، يتبعه علي رضا الذي وقف بين صفوف المصلّين، رُغم صِغر سنِّه إلا أنه أدَّى صلاته بكل حبٍّ وإهتمامٍ.. لقد كان مُستغرِقاً في صلاته..

هل حقاً عرجَت روح علي رضا في هذه الصلاة !
ولِمَ لا ؟ أوَلَيسَت الصلاة أصلاً لعُروج هذا الإنسان !

🔸إن الأمر لم يكُن شاقّاً أو صعباً على علي رضا ليشعر بهذه اللذّة في صلاته، كل ما فَعله أنه أحضر قلبه الصغير معه إلى الصلاة، فتوَجّه إلى الله بقلبه وبدنه..

🔹بعد انتهاء الصلاة والتعقيبات، تقدَّم الشيخ فؤاد نحو علي رضا، صافحه وقال له :❄️ تقبَّل الله منك يا عزيزي، أخبرني كيف كان لقاؤك؟

سرح علي رضا بنظره هُنَيهةً، ثم قال :
▫️ لقد كان طيّباً، وراودَني شعورٌ غريب، لقد شمَمتُ نفس رائحة العِطر التي كانت في مقام الإمام الرضا عليه السلام.

🔸إرتبَك قلب الشيخ فؤاد، أخذ نفساً عميقاً علَّهُ يصِل إلى تلك الرائحة، لكن هيهات! فهو يعلم أن هذه الرائحة ليست كعُطور الدنيا، بل هي رائحةٌ مَلَكُوتية ولن يتمَكَّن من شمِّها إلا عندما يُحقِق الإرتباط القلبي بالله وأوليائه..

🔹ثم تابع علي رضا كلامه قائلاً :
▫️لكن يا عمّ، إن الله قد أذِن لي بأن أُكلِّمه متى شئت، وأن أطلب منه كل ما أحبّ.. فلماذا هو لا يُكلِّمني ولا يطلبُ مني ما يحبه؟
الشَّهيد مَهدي رَعد
Photo
.
#كنت_في_انتظارك

🔟

.. إن الله قد أذِن لي بأن أُكلِّمه متى شئت، وأن أطلب منه كل ما أحبّ.. فلماذا هو لا يُكلِّمني ولا يطلبُ مني ما يحبه؟

🔹تبسّم الشيخ فؤاد قائلاً : ❄️ومن قال لكَ يا صغيري أن الله سبحانه وتعالى لا يُكلّمنا ؟

🔸توَجّه نحو مكتبة المسجد وأخذ بيَده القرآن الكريم، تقدَّم من علي رضا وقال له: ❄️هذا هو كلام الله، هذه رسالة من الله إلينا أرسلها لنا مع حبيبه ورسوله محمد (صلى الله عليه وآله) فإذا أحببتَ أن تستمع لكلام الله فأقرأ آيات القرآن الكريم، أمّا إذا أحببت أن تتكلم مع الله فتوجه إليه بالدعاء..

ثم أعطاه القرآن الكريم وقال له :
❄️ أرأيتَ تلك الرسالة التي أرسلها لك والدك وأوصاك بكل ما يُحبه ويرضاه منك؟ أرأيت كم تحبها وتفتحها وتقرأها مِراراً وتكراراً حباً وتعلقاً بوالدك ؟

▫️نعم يا عم!

❄️هذا القرآن هو كذلك رسالة حبٍّ ورحمةٍ من الله إلينا، فيه من الحبِّ والرحمة أكثر بكثير من حبِّ والدك لك ! بل من حبِّ جميع البشر.. ولقد تحمَّل الرسول وأهل بيته (صلوات الله عليهم) الكثير من الآلام والتضحيات من أجل أن تصِل هذه الرسالة إلينا..

🔸قبّل علي رضا القرآن الكريم، ثم نظر إلى الشيخ وقال :▫️ سأفتح القرآن الكريم لأرى ماذا يريد أن يقول الله لي !

🔹بعد التسمية، فتحَ علي الرضا القرآن الكريم، نظر إليه ثم تلا بصوته البريء قوله تعالى {وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰ * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}
ثم نظر إلى رقم الصفحة وقال :▫️ إنها الصفحة ٣١٣ يا عمّ.

🔸تنهَّد الشيخ فؤاد تنهيدةً غريبة، ثم انحنى على رُكبَتيه، فقدماه لم تعد تحملانه، مُحتارٌ في أمر هذا الطفل اليتيم..

🔹تابع علي رضا كلامه مندهشاً وكان يرتجف بشدّة :أنظر أنظر يا عمّاه..! لقد قال لي أنا الله لا إله إلا أنا.. ! لقد قال اعبدني ماذا يعني ؟ قل لي يا عمّ !!

🔸أجابه الشيخ وهو ينظر إلى جماله النوراني وهو مندهش من قلبه النقيّ : ❄️ إهدأ يا حبيبي، ثم احتضنه وقبَّل رأسه وقال: ❄️ هل شعرتَ الآن كم أن الله قريبٌ منا.. ؟

❄️إعلم يا حبيبي أن قوله تعالى "اعبدني" يعني كُن كما أحب، إعمَل بكل ما أمرتُك به لأني أحبك وأحب سعادتك، وابتعد عن كل ما نهيتُك عنه لأني أحبك وأخاف عليك من الضياع، أنا شفيقٌ عليك أكثر من أمِّك وأبيك.. وإذا سمعتَ ذكري "الله اكبر الله اكبر" توَجّه إلى لقائي أيضاً لأني أحبك وأشتاق للقائك.. أقِم الصلاة لذكري..

🔹ثم نظر الى الوقت فوجده مُتأخراً، فقال له : ❄️يجب أن أوصِلك إلى المنزل يا حبيبي كي لا تقلق والدتك عليك، وإن شاء الله سأكمل لك غداً، لكن أريد منك أن تفكّر الليلة في كلماتي التي قُلتها لك..

🔸ودَّعه بحرارة الوالد العطوف على ولده، إلا أن هذه العاطفة كانت لله وفي الله لِمَا رآهُ من قابليةٍ وحبٍّ في قلب هذا الطفل إتجاه الله ومرضاته.

🔹نزل علي رضا من السيارة، مشى بِضعَ خطواتٍ إتجاه المنزل، ثم توقف فجأةً في مكانه !
إستغرب الشيخ فؤاد من ذلك فهو كان ينتظر دخوله الى البيت ليطمئن عليه.

🔸إلتفَت علي رضا إليه ثم عاد يركض إتجاهه، إلتقط انفاسه السريعة ثم قال له : ▫️عمّاه، هل يمكنني أن أسألك سؤالٌ أخير ؟

😊 إبتسم الشيخ فؤاده وأجابه : ❄️سَلْ يا عزيزي..

▫️عمّاه، انا جداً مُشتاق لذلك الشخص الذي أعطاني رسالة أبي ! هل تدّلَني كيف يُمكن لي أن ألتقي به مرة ثانية !!
الشَّهيد مَهدي رَعد
Photo
.
#كنت_في_انتظارك

1⃣1⃣

.. أنا جداً مُشتاق لذلك الشخص الذي أعطاني رسالة أبي ! هل تدّلَني كيف يُمكن لي أن ألتقي به مرّةً ثانية !!

🔹غصَّ الشيخ فؤاد مما سمعه وكأن حال لسانه متى أكحِل ناظرَي بنظرةٍ مني إليكَ يا مولاي يا بن الحسن😔

🔸نظر إليه وأجابه بقول العارف بالله الشيخ البهجة (رض): ❄️《 عندما تشتاق قلوبكم إلى رؤية الإمام الحجة (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) أنظروا إلى صفحات القرآن..》

🔹فهِم علي رضا من ذلك أن هذا القرآن الكريم مرتبط بذلك الولي الذي رآه في مقام الإمام الرضا (عليه السلام)، وعليه أن يهتم بالقرآن الكريم حتى يتمكن من لقائه مرّةً ثانية..

🔸منذ ذلك اليوم تغيّر حال علي رضا، فكان القرآن الكريم لا يُفارقه، فإما مستمع لقراءته أو تالٍ لآياته أو متدبِّر في كلامه..

🔹كان يكبر يوماً بعد يوم، ويكبر في قلبه ذلك الحب المقدَّس لله وأوليائه.. كان يلتزم بتعليمات الشيخ فؤاد بكل إخلاص راجياً أن ينال مقام القُرب الإلهي..

🔸فأصبح دائم الوضوء، يُهيء نفسه للصلاة قبل وقتها، يجلس في مُصلاه متشوقاً للذة لقاء الله، فيصلي بكل حضور قلب وخشوع من دون أدنى ملل أو تثاقل، بل إن الصلوات الخمس لم تكن كافيةً لإشباع رغبته في مناجاة الله، فكان يقوم قبل صلاة الفجر بساعة ليؤدي صلاة الليل، ثم يتوجه إلى خالِقه ويخبره عن مشاعره تجاهه بكل عفوية وحب❤️

🔹فلَذّة قيام الليل والأنس بمناجاة الله كانت أجمل ما في حياة علي رضا، على خلاف أترابه الذين يعيشون مراهقتهم بدون قيد أو حد..

🔸لقد كان يتحسّس وجود الله بكل معنى الكلمة، لقد كان يراه بقلبه.. أين ما نظر رأى جمال الله، وكيف لا يكون كذلك وهو محافظٌ على فِطرته السليمة التي أودَعها الله فيه❤️

🔹عندما علِم من الشيخ فؤاد أن ذلك الوليّ الذي إلتقى به في مقام الإمام الرضا (عليه السلام) كان صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه الشريف)، أصبح علي رضا شديد الإهتمام بكل ما يتعلق بالإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت(عليهم السلام)، ولا ينفك عن طرح التساؤلات والإستفسارات على الشيخ فؤاد..

😔 لكن أكثر ما كان يُؤلم قلب علي رضا هو غيبة إمام الزمان(عج)، كان في كل ليلةٍ قبل أن يخلد إلى النوم يتوجه بقلبه وكيانه إلى صاحب الزمان، ويُناجيه بكلماتٍ تحرِق القلوب وبأهاتٍ تُذرَف لها الدموع 💔 : ▫️أين معزّ الأولياء ومذِّل الأعداء ؟ أين جامعُ الكلمة على التقوى ؟ أين باب الله الذي منه يُؤتى ؟ أين وجه الله الذي إليه يتوجه الأولياء ؟ أين السبب المتصل بين الأرض والسماء ؟...😭

🔸ثم ينظر من نافذة غرفته، يتأمل أضواء البيوت، يبحث في سكون الليل عن إمام زمانه😔 ولسان حاله:▫️ ليتَ شِعري أين إستقرت بك النوى ؟ بل أيّ أرضٍ تقِلُّكَ أو ثرى ؟ أبِرَضوى أو غيرها أم ذي طُوى؟.. بنفسي أنتَ من أمنية شائقٍ يتمنى..

🔹ثم ينام في سريره والحرقة في قلبه تردد "هل إليك يابن أحمد سبيلٌ فتُلقى؟ 😔"

🔸أصبح علي رضا شاباً حسن الأخلاق، يترك أثراً طيباً أين ما كان، أمّا والدته زينب فكانت تحمد الله وتشكره على هِدايته لإبنها، فهي تعلم جيداً أن تربية الأولاد في هذا الزمن صعبٌ جداً ويحتاج الوالدين إلى العناية الربّانية والرحمة الإلهية ليحافظوا على أولادهم من فِتن آخر الزمان..

🔹لا ينسى علي رضا ذلك اليوم حين ودّعه الشيخ الفؤاد، الذي عزم على السفر مع عائلته إلى قُم المقدسة لمتابعة دراساته في الحوزة الشريفة، وأهم ما بقِيَ في جُعبَة علي رضا من توصيات الشيخ فؤاد وصيته الأخيرة..

🌹 نعم، فقد كان آخر ما قاله الشيخ فؤاد لعلي رضا ما يلي : ❄️《إجتنِب المعاصي وإلتزم بالواجبات وإبتعد عن الشبهات، وعند ذلك لا داعي أن تبحث عن صاحب الزمان (عج) لأنه هو بنفسه سيأتي إليك!》

🕸أمّا في ذلك العالَم المحجوب عن أعيُنِنا، كان إبليس لعنه الله يئِن ويتألم، بل يحترق بإيمان علي رضا.. فحبّ هذا الشاب لله ولأوليائه قد أرغَم أنف الشيطان وكسَر ظهره وسَوَّد وجهه..

🔸وبعد أن أصبح علي رضا وحيداً في سَيره إلى الله، بعيداً عن المُرشد والأستاذ، أعدّ الشيطان اللعين مكائده وشِباكه ليُطفئ نورانية ذلك القلب الذي عذَّبه لسنين!
كيف لا وقد {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ }

❗️فهل سيتمكَّن الشيطان اللعين من خِداع علي رضا وجرِّه إلى الظُلمات ؟
#كنت_في_انتظارك 2⃣1⃣

..آن الآوان لانتقال علي رضا إلى الثانوية، بعد أن كانت مؤسسة الشهيد متكّفِلة بتعليمه في إحدى المدارس التابعة لها.. و هكذا كان يصف علي رضا حالته :

▫️لا أُخفِي عنكم أن جَوّ الثانوية كان غريباً عليَّ بداية الأمر، من حيثُ التهاون في النظام المدرسي وكثرة عدد الطلاب.. لكن سرعان ما تكاثر حولي الأصدقاء وإعتدتُ على هذا الجوّ.

🔹لقد تغيَّر شيءٌ ما بداخلي، لا أدري ما هو ! لكنني بعد أن كنتُ راضِياً بوضعِنا المعيشيّ، قانِعاً بكل ما تُقدّمه لي أمي، صرتُ كثير المُتطلبات، وأول شيءٍ أصرَّيتُ على شرائِه كان الهاتف النقّال، رُغم أني أعرف تماماً أن والدتي غير متمكِّنة من شرائه لي، فَيَكفِيها مُتطلبات المنزل والمدرسة..
وأنا أصلاً لا أحتاجه لأمرٍ ضروري، لكن جميع أصدقائي كانوا يحملون أحدَث أنواع الهواتف، ويُخبِئونها في المِحفظة وقت الحصص الدراسية..

🔸مع ذلك، لم تشأ أمي أن تحرمني شيء، فتكلَّمت مع خالي وأعطاها مبلغاً لذلك..
😔 يا لحماقتي حينَها كيف كلَّفتُ أمي ما لا نستطيع حِمله !

▫️كانَت هذه أول صفعةٍ لي من إبليس اللعين !

🔹إشتَّدَ تواصلي وتقرُّبي من هؤلاء الأصحاب، لم يتركوا لي مجالاً لأجلس مع نفسي أتفكّر في أمري كما كنتُ في سابق عهدي.. فكانوا لا يفارقوني في المدرسة، ولا يتوقفون عن إرسال الرسأئل والإتصال بي بعد المدرسة، وكأنما أحدٌ ما قد سلَّطتهم عليّ !

😔 لا تتعجّبوا إن قلتُ لكم أنهم تركوا في نفسي أثراً، فتصرفاتي باتَت كتصرفاتهم، حتى لهجة كلامي أصبحت كلهجتهم كالتكلُّم بصوتٍ مرتفع والتلَّفُظ ببعض العبارات السيئة..

🔸وبعد أن كان ذكر صاحب الزمان (عجّل الله فرجه الشريف) لا يُفارق فِكري، أصبح كل إهتمامي مُتابعة وتشجيع النوادي الأوروبية في كرة القدم، وتعلّقتُ ببعض اللاعبين المشهورين، فكان لا يخلو هاتفي من صورهم..

🔹كثيرةٌ هي الليالي التي كنت أجتمع فيها مع اصدقائي في إحدى المقاهي لمتابعة المباريات إلى وقتٍ متأخرٍ من الليل، فأعود إلى المنزل مُرهقاً من السهر، أُخيَّرُ نفسي بين النوم وصلاة الليل، فأتثاقَل وأتكاسَل وأغفُو مُتجاهلاً تلك الساعات التي كانت أُنسي ولذَّتي..

🔸علمّني أصحابي على بعض مواقع التواصل الإجتماعي وشجعوني على تحميلها، صار من عادتي أن أُمسِك هاتفي قبل النوم لأقوم بجَولةٍ على بروفايلات زملائي وأشاهد صوَرهم وتعليقاتهم، وكنت أشعر بداخلي أنني أريد أن أمتَثِل بهم، وأعرض صُوَري مُتفاخراً بملابسي والأماكن التي أزورها، لكنّي كنتُ أمتنِعُ عن ذلك بحُجة أنها غير ملائمة بما يقومون هم بنشره..

🔹تلك الجَولة على مواقع التواصل التي كنتُ أُوهِمُ نفسي أنها لدقائق معدودة، كانت تمتّدُ لتصبح ساعاتٍ وساعات !
كان الوقت يمرّ من دون أن أشعر به، ولا أُنكِرُ أنه بسبب هذا الأمر صِرتُ لا أتمكَّن في بعض الأيام من الإستيقاظ لصلاة الصبح!😔

🔸حتى أنه هَانَ عليّ تأخير صلواتي عن أول وقتها، فكنتُ إذا صليتُ ركعتين شعرتُ وكأنهما حِملٌ ثقيلٌ على ظهري، كل همّي منذُ تكبيرة الإحرام متى أنتهي من صلاتي😔 ذِهني يطير من مكانٍ إلى آخر، تارةً أفكِّرُ بالطعام، وتارةً أتأمل زخارف السِتارة أو السجّادة، وتارةً أنظِّم وقتي لِمَا بعد الصلاة وتارةً .. وتارةً.. كنتُ أذكرُ كل شيءٍ في صلاتي إلا الله !

😔 أين أنا من تلك السعادة التي كانت تغمُرني عند سماع صوت الآذان؟! أين أنا من تلك الرائحة الطَيّبة التي كنتُ أتحسَسُها في لِقائي مع الله ؟!

🔹في إحدى الليالي، عُدتُ من منزل صديقي متأخراً، وما إن دخلتُ غرفتي حتى رأيتُ دفتراً على سريري.. إقتربتُ وفتحتُه وإذا به دفتري الذي كنتُ قد خصّصته لمراقبة نفسي ومحاسبتها في كل ليلة، لقد فَهمتُ أن والدتي قصدَت وضعَهُ على السرير في محاولةٍ منها لإيقاظي من الغفلة التي كنتُ أعيشها..

🔸قلّبتُ صفحات الدفتر، فكان مُعظمه خالياً، لا يوجد في طيَّاتِه غير خُطواتٍ وأعمالٍ نسيتُ أنّي قد كتبتُها يوماً بشغفٍ وإقبال..

😔أغلقتُ الدفتر بحزنٍ وألم، بعدها وقعَ نظَرِي على نافدة غُرفتي، تلك النافذة التي كنتُ أنتظر الإمام المهدي (عليه السلام) عندها لليالي، وأُناجيه لساعات..

🔹إقتربتُ من النافذة، فتحتُها وبداخلي شعورٌ غريب....

#يتبع
#كنت_في_انتظارك
#كنت_في_انتظارك 3⃣1⃣

🔹إقتربتُ من النافذة، فتحتُها وبداخلي شعورٌ غريب...إستَنشقتُ الهواء لعلّي بذلك أتخلص من ذلك الغمّ الذي كان مُطبقاً على صدري..

🔸حاولتُ التوجّه إلى مولاي صاحب الزمان (عجل الله تعالى فرجه) كما كان سابقاً يلهجُ قلبي بمناجاته كل ليلة، لكني شعرتُ أن قلبي أصبح قاسياً😔.. أين ذلك القلب الملهوف على صاحب الزمان (عج) ؟ أين تلك الدموع التي كانت تنهمر بالدعاء لتعجيل الفرج ؟ أين تلك النبضات التي كانت تزداد كلما ذكرتُ حبيبي (عج) ؟ ماذا فعلتَ يا علي رضا ؟ إلى أين أوصلت نفسك.. آهٍ وصلاة الليل ؟ وصلاة الفجر ؟ وزيارة عاشوراء...؟

🔹أشعر كأني أصبحت إنساناً آخر.. جلستُ في مُصلاي، أردتُ أن أعود إلى سابق عهدي لكن لم ينزل من عيني دمعة ! ولا خشعَ قلبي لحظة ! وسُرعان ما غلبني النُعاس فذهبت إلى الفراش وغفَوت..

🔸مضى أسبوعٌ ولم أستيقظ لصلاة الصبح.. قمتُ من فراشي وقد أشرقَت الشمس.. أردتُ أن أذهب للثانوية، فتحت خزانتي أقلِّبُ بين ثيابي محتاراً ماذا سأرتدي ؟ هذا أصبح قديماً، وهذا لم يعد يُعجبني.. وليس لديّ الكثير من المال لأشتري ثياباً جديدة.. وإذ بأمي تُناديني :
🌸علي رضا .. أين أنتَ يا حبيبي لقد تأخرَت..

😔 لا أعلم ماذا جرى لي .. صرختُ في وجهِها بأعلى صوتي ودفعتُ الباب بكل قوةٍ وخرجتُ !

🔹أصبحَت حياتي تزداد بُؤساً وتعاسةً يومًا بعد يوم، حتى مُستواي في الدراسة قد تراجع، أصبحتُ أشعر بالكآبة، كنت أنظرُ إلى رفاقي كل واحدٍ منهم لديه حبيبة، لِمَا لا أكون مثلهم ؟ حملتُ هاتفي وفتحت الفيسبوك، رُحتُ أراقب صُوَر الفتيات، صحيحٌ أنني كنتُ أتجنَّبُ النظر إلى غير المُحجّبات لكني قد تأثّرَت..

🔸وبينَما أنا أتصفح، لفتَتني صورةٌ لإحدى زميلاتي في الصف إنها 《ريم》
▫️إنها فتاةٌ محجبةٌ لماذا لا أدخل وأشاهد صوَرها ؟

صحيحٌ أنها مُحجّبة لكنّها متبرّجة ! رحتُ أتأملُ صُوَرها واحدةً تِلوَ الأخرى..
▫️ إنها جميلة ! لماذا لم أنتبه لها قبل ذلك ؟؟ لا بد أن ألفُتَ انتباهها غداً.. سأكلِّمُها.. سيكون عندي حبيبة ! لكن يجب أن أكون بمظهرٍ لائقٍ وملفت !

🔹رحتُ أُجادِل أمي وأصرُّ على شراء ثيابٍ جديدة، لا أعلم لماذا كنت في تلك الحظات قاسياً هكذا، لا أعلم ممّا حرمَت أمي نفسها كي تُعطِيني المبلغ الذي طلبتُه😔
ثم خرجتُ فرحاً فاشتريتُ ثياباً جميلة وحذاءً جديدًا وعُطورًا..

🔸لقد حمَّلتُ عِدّة صُوَر لريم على هاتفي وصرتُ أنظرُ إليها بين الحين والآخر، شعرتُ أن قلبي بدأ ينجذِبُ لها، استيقظتُ منذ الصباح سرَّحت شعري وارتديت ثيابي وتعطَّرت وذهبتُ للثانوية..

🔹رحتُ أراقبُها من بعيدٍ، كانت تقفُ بين صديقاتها، فصرتُ أمُّرُ من أمامَها وأنظر إليها محاولاً لَفتَ انتباهِها.. فنظرَت إليَّ وابتسمَت !!
عندها شعرتُ وكأنّ قلبي يطيرُ من الفرَح..

😔كم كنتُ غبيّاً حينَها، لقد بِعتُ تلك السعادة التي لا تقدَّر بثمن والقربُ من الله، وبِعتُ قلبَ إمام الزمان (عج) بتلك الإبتسامة الشيطانية.. كم كنت غبيّاً وحقيراً.. لقد تمكَّن الشيطان مني.. كيف لا وهو لسنواتٍ يتربَّص بي محاولاً إيقاعي، وكان يغلي غيظاً من تلك الحالات المعنوية التي كان يراها مني..

❗️أظنُّ أنني اليوم قد قدّمتُ له نفسي على طبقٍ من فِضّة لينتقِمَ مني... والآتي أعظم !

#يتبع
#كنت_في_انتظارك
#كنت_في_انتظارك 4⃣1⃣

🔹أظنُّ أنني اليوم قد قدّمتُ له نفسي على طبقٍ من فِضّة لينتقِمَ مني... والآتي أعظم !

نعم 😔 فتِلك الإبتسامة قد تركَت جُرحاً عميقاً في روحي، تلك الروح التي كانت تُحلِّق في رياض القرب الإلهي، اليوم قد دفنتُها تحت التراب بيَدَي، ومنذ ذلك الحين صارت الحُجب تتراكم على قلبي أكثر فأكثر، والسواد ينتشر في قلبي كالمرض الفتّاك..

🔸لا أُخفيكم سِراً، صحيحٌ أني قد إنغمستُ في متاع الدنيا، خاصةً بعد أن أصبح لديّ حبيبة، وصار همّي المال والجمال.. إلا أنني لم أكُن يوماً سعيداً، كنتُ أشعر بذلك الظلام الذي يضغَط على صدري، كنتُ أَعِي تماماً أن هذا الإنسان ليس أنا ! ليس علي رضا ! كنتُ أعرف أن مكاني ليس هنا !
لكن هل من سبيلٍ للرجوع ؟!

🔹أمّا الذنبُ الأعظم الذي كسر ظهري، وسلَبني كل تلك الحالات المعنوية والطمأنينة، كان سوءُ تعامُلي مع والدتي 😔

🔸ريم تلك الفتاة المُترَفة التي تحب التفاخر صارت حبيبتي، وأنا صرتُ مضطراً لشراء الكثير من الملابس الأنيقة، وهاتفاً حديثاً و..و.. فقط لأنال إعجابها ورضاها ! وهذا ما جعلني ضيّق الخُلق وكثير العصبية !
كم كنتُ غبياً راكِضاً خلفَ دنيا لا يُدرِكها طالبُها مهما سعى وراءها!

🔹أمّا والدتي، فكانت في كل ليلة عند إستيقاظِها لصلاة الليل تسمعُ حديثي الطويل مع ريم، كانت تدخُل عليّ لعَلّي أخجلُ من ربّي وأقوم لمناجاته بدَل لغوي ولهوي مع من لا يحِلّ لي..
لكنها لم تجبرني يوماً على صلاة الليل، فهي تريد أن تكون عبادتي لله رب العالمين خالِصة لوجهه الكريم، نابعةً من قلبي وإرادتي وليس إجباراً أو رياءً..
كما أنها حاولت مِراراً وتكراراً وبالأسلوب اللطيف أن تشرح لي عواقِب تصرّفي وخَلوتي على الهاتف مع هذه الفتاة، إلا أني كنتُ أُجيبها بقِلّة حيائي مُتأفئِفاً من وضعنا المادي المَيسور..

🔸إلى أن أتَت تلك الليلة المشؤومة😔 في ذلك اليوم، تأخرتُ في الرجوع إلى المنزل كعَادتي، لكن عند وصولي تفاجأتُ بأمي، فهي لا تزال مستيقظةً تنتظرُني عند أعتاب الباب، إقتربتُ منها ورائحة التبغ تفوح مني !

بادرَتني بالقول والعَبرة تخنُقها : 🌸 أين كنتَ يا علي رضا ؟ ألا تقول أنه لديك أم قلبها يغلي قلقاً عليك !!

🔹خشيتُ أن تشمّ رائحتي، فأردتُ أن أُسكِتها وأُسرع إلى غرفتي، فصرختُ في وجهها قائلاً : ▫️وهل ترَيْن أني ما زلتُ طفلاً صغيراً حتى تقلقي عليّ !!

وأسرعتُ إتجاه غرفتي مُتجاهلاً وقوفها أمامي، فردَّت عليّ بحرقَة والدموع في عيْنَيها : 🌸 ليتَك تعود ذلك الطفل !! أتظنُ أن والدك راضٍ عن فِعلك هذا ؟! ألا تشمّ رائحتك الكريهة !

🔸في تلك اللحظة لا أدري ماذا فعلتُ ! لا أدري كيف أحرقتُ قلبها الرقيق بكلامي القاسي، لا لستُ أنا من تكلَّم مع والدته بتلك النبرة 😔 بل هو ذلك الشيطان الذي استغَّل غضبي وتغلغل في قلبي ليدفعني إلى أن أقول لها ذلك😔

فقلتُ لها بنبرةٍ خشِنة وأنا أنظر إليها نظرة مقت : ▫️لو كان والدي حيّاً، على الأقل لما كان وضعُنا الماديّ هكذا !!

🔹جلسَت على ركبتيها تبكي بألمٍ وحسرة، لكني تجاهلتها ودخلتُ إلى غرفتي، كنتُ أريد بشدّة أن أرجع إليها، أضمّها وأعتذر منها، لكنني خجلتُ من ذلك وما فعلت، بل اتصلتُ بريم عسى أن أنسى بحديثي معها فِعلي وجُرمي..

🔸أمّا أمي المسكينة، ففي تلك الليلة لم تنَم، بل بقِيَت في مُصلاها حتى شروق الشمس، تدعو الله لهدايتي، راكعةً ساجدة، تُصلّي صلاة جعفر الطيّار برجاء أن يمُنَّ الله عليها ويعيد لها ولَدها الذي ضاع من بين يدَيها في مضِّلات الفِتَن.. وضاع معه حُلم والدهِ بأن يكون من الصالحين المُمَهِّدين لظهور قائم آل محمد عليهم السلام..

🔹في تلك الليلة، بعد أن غرقتُ في نومٍ عميق وأمي غير راضية عني، رأيتُ في عالَم الرؤيا وكأن...

#يتبع
#كنت_في_انتظارك
#كنت_في_انتظارك 5⃣1⃣

🔹في تلك الليلة، بعد أن غرِقتُ في نومٍ عميق وأمي غير راضية عني، رأيتُ في عالَم الرؤيا وكأن الموت قد أدركني !

🔸رأيتُ روحي قد فارقَت جسدي، واجتمع الجيران والأقارب حولي.. كانت أمي تبكي بشِدّة، حاولتُ أن أُكلِّمها وأخبرها أني بخير، لكن هيهات ! لم تكن تسمع صوتي😔 أدخلوني غرفةً وبدأوا بتغسيل جسدي.. إلى تلك اللحظة كان كلُّ شيءٍ على ما يُرام رُغم وحدتي ووحشتي، لكن عندما وصلوا بي إلى المقبرة وجدتُ أحدهم وكأنه ينتظرني !

🔹لقد كان يراني على خِلاف أمي وباقي المجتمعين في جنازتي..
وعندما صرتُ على مسافةٍ قريبةٍ منه، لمحتُ وجهه النورانيّ وجماله الملكوتي، لكنه كان ينظرُ إليّ نظرة سخطٍ وعبوس😔
▫️يا إلهي إنه هو ! إنه أبي !!

🔸كنتُ أرغب بشدّة أن أركض إليه وأضمَّه وأقبِّل يديه وأعتذر منه عن فعلي.. لكنني لم أستطِع ! فهؤلاء القوم مُصرّون على جرّي وإنزالي في تلك الحفرة الضيّقة والمظلمة !

🔹أنزلوني غصباً وكُرهاً، وبدأوا بِوضع الحجارة على قبري وراحوا يُغلِقون كلّ منفذٍ للنور والهواء..
في تلك اللحظات تملَّكني خوفٌ شديد، لقد ثقُل جسدي وضاق صدري ونَفَسي..

😔 كنتُ أبكي وأصرخ بأعلى صوتي :
▫️لا تتركوني وحيداً ! أخرجوني من هنا..

لكنهم لم يُبالوا برجائي.. وفجأةً إنهال التراب دفعةً واحدةً وبكميّة كبيرة على قبري، فساد الظلام وخيّم صمتٌ مُرعِب إخترقه نداء أمي بحرقةِ تَقطَّع لها قلبي، كانت تقف فوق قبري وتُنادي :
🌸《يا راد يوسُف على يعقوب رُدَّ عليَّ ولدي》

🔸في تلك اللحظة، إسيقظتُ من نومي مرعوباً خائفاً، قدماي ترتجفان وأشعرُ بعطشٍ شديد..

نهضت لأشربَ الماء، فسمعتُ أنيناً من غرفة أمي، إقتربت بهدوءٍ نحو الغرفة، فسمعتها تبكي وتدعو بنفس الدعاء الذي سمعته في الحلم !
🌸《يا راد يوسف على يعقوب رُدّ عليّ ولدي》

🔹نظرتُ إلى الساعة، إنها الثالثة فجراً ! في تلك اللحظة تقطَّعَت نِياط قلبي.. يا الله ! أيّ عذابٍ سبّبته لأمي😔
لم أتمالك نفسي، دخلتُ عليها ورميتُ نفسي في حضنها وأنا أجهشُ بالبكاء كالطفل الصغير : ▫️ سامحيني يا أمي 😭 وأخذتُ أقبِّل يدَيها وأشمُّهما، قبَّلتُ رأسها ..
فغمرتني بدفئ حنانها وأجابتني والدموع في عينيها : 🌸 وهل يمكن لقلبي أن يقسُو عليك يا ثمرة فؤادي..؟

🔸كيف ردَّت على قسوتي عليها وسوء معاملتي لها بكل هذا العطف والرحمة.. أغمضتُ عيناي في حِجرها، وقلتُ في نفسي : ▫️ربِّي، إذا كانت أمي قد عفَت عني برحمتها وأنت الذي بقُدرتك أودَعتَ في قلبها هذه الرحمة، وليَّنتَ قلبها على ولدها، فكيف وأنت أرحم الراحمين !! أستغفرك يا رب وأتوب إليك💔

🔹لقد كانت هذه الرؤيا العجيبة رحمةً لي من ربّي حتى لا أخسر دنياي وآخرتي، فإن رضا الله مرتبط بالإحسان إلى الوالدين، كيف نسيت كلام الشيخ فواد عندما أخبرني عن قول رسول الله صلى الله عليه وآله : "من أصبح مسخطًا لأبويه، أصبح له بابان مفتوحان إلى النار"

🔸في تلك الليلة راضَيتُ أمي وعاهدتها أني سأتغير، سأعود إن شاء الله أفضل مما كنت، علي رضا الذي كان حُلم أبيه الشهيد أن يكون من الصالحين ومن أنصار الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف..

🔹ودّعتُها ودخلتُ غرفتي.. وقفتُ على شباكي الذي كنت أناجي منه مولاي صاحب الزمان.. وبكل خجلٍ نظرت ناحية الأضواء المتلألئة من بعيد وهمست :
▫️ هل إلى رضا قلبك يا مولاي من سبيل ؟

#يتبع
#كنت_في_انتظارك
#كنت_في_انتظارك 6⃣1⃣

.. وبكل خجلٍ نظرتُ ناحية الأضواء المتلألئة من بعيدٍ وهمست :
▫️ هل إلى رِضا قلبك يا مولاي من سبيل ؟

🔹إنهمرَت دموع الحسرة على خدَّيْ، وكان الندم يعتصِر فؤادي والآهُ بحرقةٍ تخرج من صميم قلبي..
😔 أريدُ أن أعود إلى كنف صاحب الزمان، فأنا منذ أن هجرته لا أعرف طعمَ السعادة والأمان..

🔸هبّ نسيمٌ لطيفٌ في وجهي، خشعَ قلبي، فكلامي ليس محجوبٌ عن إمام زماني..
💔وَيحي! كيف عصيتُ ربّي ! كيف آذيتُ قلب إمامي ! أمَا تكفيه غُربته بيننا ! كيف ظلمتُ نفسي.. !

🔹عند ذلك الشُّباك إستيقظتُ من غفلتي وعزمتُ على التوبة.. أدركتُ أنَّ الشيطان كان يلُّفُ حباله حول عُنقي ويجرّني بحقده إلى الهاوية.. لكن الأوان لم يفُت ! فما زال باب التوبة مفتوحاً، وربّي هو الله التوَّاب على المُذنبين، الرحيم بعبادِه المُسيئين، غفّار ذنوب العاصين !

🔸في لحظة الحبِّ تلك، الممزوجة بالندم والخجل من صاحب الزمان عليه السلام، عزمتُ على التوبة وإصلاح أمري..
في سُكُون هذه الليلة، أَنذُر نفسي لخدمة بَقيَّة الله في أرضه ❤️ سأترك كلّ أمر وكلّ لهوٍ ولغوٍ يحجبني عن مرضاة الله..

🔹إغتسلتُ غُسل التوبة، لا أدري أكان الماء يُطَهِّر جَسدي أم دموعي التي إمتزجَت به😔 ثم صلَّيتُ ركعتين لوجه الله تعالى بنِيَّة التوبة..
بعد التسليم سجدتُ لله ربِّ العالمين، كان الندم يشتعِلُ في قلبي وعلى ظهري ثِقلُ الذنوب قد أجهَدَني، أقرَرْتُ له بِما جنَته يداي ولسان حالي :▫️فَهَلْ يَنْفَعُنِي يَا إلهِي إقْرَارِي عِنْدَكَ بِسُوءِ مَا اكْتَسَبْتُ؟ وَهَلْ يُنْجِيْنِي مِنْكَ اعْتِرَافِي لَكَ بِقَبِيْحِ مَا ارْتَكَبْتُ؟ أَمْ أَوْجَبْتَ لِي فِي مَقَامِي هَذَا سُخْطَكَ؟ أَمْ لَزِمَنِي فِي وَقْتِ دُعَائِي مَقْتُكَ؟ سُبْحَانَكَ ! لاَ أَيْأَسُ مِنْكَ وَقَدْ فَتَحْتَ لِيَ بَابَ التَّوْبَةِ إلَيْكَ💔

🔸بعدها صلّيت صلاة الليل، هدأَت نفسي وإطمأَنَ قلبي في إستغفار قُنوت الوَتر، بقِيتُ مُستيقظاً أنتظر آذان الفجر خَشية أن أغفو ويفوتني أول وقتها..

🔹في هذه الأثناء، أحضرتُ دفتر المراقبة والمحاسبة، نفَضتُ الغُبار عنه، فتحتُ صفحةً جديدةً منه ودوَّنتُ عليها الخطوات التي يجب عليَّ إتباعها ومراقبتها لتكون توبتي توبةً صادِقة، فكان هذا #برنامج_التوبة :

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

❄️ تجنّب الأسباب التي أوقعَتني في الذنوب، والعَزم على عدم ارتكابها أبداً
❄️آداء حقوق الآخرين التي ضيَّعتها (حقّ أبي بِبرِّه وزيارته وإهدائه الأعمال / حقّ أمي ببِرِّها ورِضاها / حقّ الصلاة بقضاء ما فاتني....)
❄️إستشعار الندم والإكثار من الإستغفار، وتكرار التوبة على الأقل كل ليلة جُمعة
❄️قيام وقت السحَر ومناجاة الله تعالى بالأدعية لا سيّما دعاء التوبة للإمام زين العابدين (عليه السلام) ومناجاة التائبين..
❄️ أداء صلاة الليل، والإستغفار ٧٠ مرة بهذه الصيغة "أستغفر الله وأتوب إليه" في وقت السحَر
❄️الإستغفار كل يوم عند العصر ٧٠ مرة
❄️صيام ٣ أيام مُتتالية وهي الأربعاء والخميس والجمعة بنِيّة التوبة، على الأقل في كل شهر مرّة.
❄️التوَجُّه من كل قلبي إلى صاحب الزمان (عليه السلام) في كل يوم على الأقل ٥ دقائق ومناجاته والدعاء له
❄️الصلاة في أول الوقت
❄️الإكثار من الأعمال الصالحة والمُستحبات لأعوِّض الخُسران العظيم وأيام الغفلة التي وقعتُ فيها.
❄️مراقبة نفسي ومحاسبتها قبل النوم.

🔸في صباح هذا اليوم إستيفظتُ متأخراً على مدرستي، نهضتُ مُسرعاً، بدَّلتُ ثيابي ووضعت هاتفي الجديد في محفظتي، ثم توجهت إلى غرفة أمي..

دخلتُ عليها لأُخبرها أنني قد أتأخر اليوم في العودة من المدرسة خَشية أن تقلَق عليّ، لكني وجدتها نائمة، إقتربتُ منها بهدوء، قبّلتُها في جبينها، ثم كتبتُ لها على ورقة اني سأتأخر اليوم في العودة.

🔹في طريقي إلى المدرسة، كنتُ أفكِّر يتلك الفتاة "ريم" : ▫️ هل أتركُها ؟ لكنني ربما أنا أحبُّها ! أي حبٍّ هذا من الحبِّ الأسمى والأقدَّس، حبُّ صاحب الزمان عليه السلام❤️ .. نعم لا شكَّ أن علاقتي بها تُبعدني عنه.. يجب أن أتركها !

🔸وصلتُ إلى الصف، إستأذنتُ الأستاذ ليسمح لي بالدخول واعتذرتُ له عن تأخرّي، دخلتُ وإذ بِريم تنظُر إليَّ متبسِّمة..

#يتبع
#كنت_في_انتظارك
#كنت_في_انتظارك 7⃣1⃣

🔸وصلتُ إلى الصف، إستأذنتُ الأستاذ ليسمح لي بالدخول واعتذرتُ له عن تأخري، دخلتُ وإذ بِريم تنظُر إليَّ متبسِّمة !

🔹لم أكُن أريد أن أَجرَح مشاعرها، لكن لا خَيَار أمامي، فإن لم أكُن حازِماً من أول الطريق لن أتمكَّن من التخلّص من تِلك الأمور التي أَوقعتني في المهالِك..

🔸لم أُعِرها إهتِماماً، تابعتُ سيري وجلستُ على مقعدي.. كنتُ أرغبُ بشِدّة أن أنظر إليها، لكنّي تمَالكتُ نفسي، فأنا لا أريد أن أُفسِد الأمر.

🔹رنّ جرس الفُرصة، وتدافع الطلاب في الخروج إلى الملعب، أمّا ريم فكانت تنتظرُني قُرب الباب لنخرج سويّاً، وقَع نظري عليها فابتسمَت نفس تلك الإبتسامة.. لكني اليوم رأيتُ أن الشيطان يقِف خَلف هذه الإبتسامة على عكس المرّة الأولى حيث أعماني هوى نفسي..
مِلتُ بِبصري ناحية أصدقائي وتوَجّهتُ صَوبهم غير مبالٍ لها، لِتفهم من ذلك أنني لا أريد التكلُّم معها..

🔸أثناء الفُرصة، وصلَتني رسالة على هاتفي، فكانت ريم : ▪️لماذا كل هذا الجَفاء ؟ هل من تفسير لتصرفاتك ؟

🔹عندها أخذتُ قراري الحازِم بصعوبة، فكنتُ مُتضايقاً جداً لكنني إعتصمتُ بالله واستعذتُ به من الشيطان الرجيم، وأرسلتُ لها :
▫️السلام عليكم ريم.. أنا أعتذر منكِ لكن لم يعُد هناك شيء يربطنا، نحن نختلف بأفكارنا وتوَجُّهاتنا، أتمنى لكِ حياةً طيبة.

🔸إنهالَت رسائلُها عليّ، تريدُ تبريراً لفِعلي، لكني لم أُجِبها، فماذا أقولُ لها ؟ هل أقول أن حبِّي لكِ يحجُبني عن حبِّ مولاي وسيّدي صاحب الزمان؟ لكنها حتماً ستَستهزِئ من كلامي، فهي لن تتفَهَّم مُعاناتي وما جرَّتني إليه من ذنوبٍ ومعاصي..

🔹لا أُخفي عنكم أنّي عانَيتُ بِداية الأمر كثيراً، كنتُ أرغب في التكلّم معها مِراراً لكني بحمد الله كنتُ أُصبِّر نفسي بحبِّ صاحب الزمان (عليه السلام)، وكنتُ على ثِقةٍ بأن الله سبحانه سيُعوضني خيراً منها، بفتاةٍ مؤمنةٍ قد اختلَج قلبَها حبُّ الإمام المهدي عليه السلام ..

🔸لكن بعد فترةٍ وجيزة، تغيّرت نظرتي لها فباتَت مثَلُها كمثَل باقي الفتيات لا أملِكُ أدنى مشاعر ناحِيَتها، بل على العكس عندما تخلَّصتُ من عمَى هواها، إستغربتُ من نفسي كثيراً ! فكيف وقعتُ في حبِّها ! هذا الحبّ الدُنيَوي الذي زال وفنَى بكل هذه البساطة تماماً كطبيعة هذه الدنيا !

🔹في ذلك اليوم، عندما عُدتُ من الثانوية، توَجهتُ إلى السوق، بِعتُ هاتفي الجديد وبثمنه اشتريتُ هاتفاً آخر متواضعاً وأقل سعراً، أمّا باقي المبلغ فقد إشتريتُ أغراضاً وحاجاتٍ لأمي كانت قد حرمَت نفسها منها لأجل تلبية مُتطلباتي السخيفة😔

🔸في طريق العودة إلى المنزل، زُرتُ ضريح والدي وتَلَوتُ عنده بعض آيات القرآن الكريم..

🔹منذ ذلك اليوم، شملتني الرحمة الإلهية وبدأَت علاقتي بالله تتحسن، لم أنَم يوماً قبل أن أُقبِّل يد أمي وأسألها الرِضا، كما داوَمتُ على إهداء الأعمال الصالحة والصدَقات إلى والدي الشهيد..

🔸إلتزمتُ ببرنامج التوبة لأكثر من سنة، خاصةً الإستغفار في السحر فكان له أثراً كبيراً في قَبول توبتي..
لا أُنكِر أني قد واجهتُ بعض الصُعوبة في المُداومة على الإلتزام به، لكن عند إدنى تهاوُنٍ مني، كنت أُسارِع في الإستغفار وتجديد العزم مُعتصماً بالله تعالى..

🔹لكن حسرتي الوحيدة أنني لم أتمكّن من الشعور بلذّة الصلاة كما كنتُ في سابِق عهدي، لكن مع المُجاهدة في تأديتَها بحضور قلب، وإهتمامي الشديد بأول وقتها، كانت صلاتي في تحسُّنٍ مستمرٍ بفضل الله.

🔸وفي إحدى الليالي الباردة، كنتُ أفكّرُ بمولاي صاحب الزمان (عليه السلام) قبلَ نومي، كنتُ أبكي لغَيبته عنّا، كنتُ أُناجيه بصوتٍ خافِت : أين أنت يا مولاي في هذا البرد القارِس، كيف أهنأُ بنومي الدافئ وأنا لا أدري بأيّ حالٍ أنت يا مولاي💔

🔹غفَوتُ وأنا على هذه الحالة، فرأيتُ في عالَم الرُؤيا وَجهَ سيدي ومولاي أبا عبد الله الحسين (عليه السلام)، كان ينظرُ إليّ ويبتسِم.. إستيقظتُ من نومي والسرور يغمرُني❤️

🔸فهمتُ من رُؤياي أنها علامة الرِضا، وأن الإمام الحسين عليه السلام قد دَعاني لزيارته، وبالفعل ما هي إلا أياماً معدودة، حتى تيّسرَت أمور الزيارة إلى كربلاء المقدّسة....

#يتبع_الحلقة_الأخيرة
#كنت_في_انتظارك
1⃣8⃣



...ما هي إلا أياماً معدودة، حتى تيّسرَت أمور الزيارة إلى كربلاء المقدّسة..

🔸لا أصدّق نفسي ! أنا في حَضرة مولاي الإمام الحسين (عليه السلام) 💔 كانت تنهمرُ الدموع من عينيّ وكنت أشعر بحرارتها التي تحكي حرارة الحبِّ وشدّة الحزن الذي يحرق قلبي على مولاي الحسين المظلوم الشهيد..

🔹تقدَّمتُ خطواتٍ وقلبي يرتجف من هَيْبة المكان، وما إن وقعَت عيناي على الضريح الشريف حتى عَلا صوتي بالبكاء... في تلك اللحظة، نسيتُ كل شيءٍ حولي، تفجَّر في نفسي ندمٌ رهيبٌ على كل ما اقترفتُه من ذنوبٍ وإسرافٍ على نفسي..

😔 تُرى يا مولاي هل ترحم قلبَ عبدٍ مُنيبٍ أتاكَ بعد مُرور أكثر من عامٍ أذاب فيه الندم لحمه؟ وسلَبه الحزن والحسرة نَومه؟ فقام في الأسحار مستغفراً، وتضرع لربّه منيباً، وبكى على خسارة علاقته بإمام زمانه(عجل الله فرجه الشريف) بكاء الأم الثَكلى على ولدها؟

🔸أردتُ أن أقابِل الإمام الحسين بقلبٍ طاهر.. وبكلِّ ما أعطاني ربّي من عزمٍ، عاهدتُ نفسي على هجران كل الذنوب ما دُمت حياً.. رَمَقتُ الضريح الشريف بنظرةٍ ومن أعماق قلبي قلتُ {أستغفر الله ربّي وأتوب إليه}

🔹لم أتمكّن من الإقتراب لِتقبيل الضريح بسبب الحُشود المتدافعة.. رُحتُ أنظر إلى الضريح من بعيدٍ ولسان حالي :
💔 السَّلَامُ عَلَى الشِّفَاهِ الذَّابِلَاتِ‏..
💔السَّلَامُ عَلَى الدِّمَاءِ السَّائِلَاتِ، السَّلَامُ عَلَى الْأَعْضَاءِ الْمُقَطَّعَاتِ..
💔السَّلَامُ عَلَى الشَّيْبِ الْخَضِيبِ، السَّلَامُ عَلَى الْخَدِّ التَّرِيبِ‏ ، السَّلَامُ عَلَى الْبَدَنِ السَّلِيبِ، السَّلَامُ عَلَى الثَّغْرِ  الْمَقْرُوعِ بِالْقَضِيبِ..
😭سَلَامَ مَنْ لَوْ كَانَ مَعَكَ بِالطُّفُوفِ لَوَقَاكَ بِنَفْسِهِ حَدَّ السُّيُوفِ..

🔸في تلك اللحظة، شعرتُ أن غليان العشق في قلبي قد تأجّج ثم تفجَّر، وأن نفسي قد تقطَّعت لأشلاء..
إن الدنيا قد سقطَت من عيني من غير رَجعة {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ۖ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ...}
لقد تمَّت البَيعة.. لكَ يا ربِّ دَمي ولَحمي وروحي ونفسي، وإنّ جنَّتي هي رضاكَ، فاجعَلني من أنصار حُجّتك على خلقِك واشفِي بِلحمي ودَمي ألَم إمامي الحسين ووَجع سيّدتي الزهراء عليهما السلام..

🔹وبينما أنا مُستغرقٌ في مناجاتي، شعرتُ وكأنّ أحدهم قد إقترب من خَلفي ووضع يدَه على كَتِفي، إلتفتُ إليه فإرتجفَ بَدني من أعلى رأسي إلى قدمَي..
إنّه هو ! ذلك الوَليّ الذي رأيته في صِغري عند الإمام الرضا ! إنه صاحب الزمان💓

🔸كنتُ أرتجف من هَيبته، مدهوشاً من جماله، آهٍ وكيف يَخفى عليكَ سيّدي كم بكَت عيناي لخسارتك، وكم لطمتُ صدري، وكيف أذاب الندم لَحمي على ذنوبٍ حالَت بيني وبينك، آهٍ كم أشتاق لتلك المَسحة التي مسحتَها يوماً على رأسي، وتلك البسمة التي تعلَّق بها قلبي.. آهٍ.. آهٍ..

🔹 أمسكَ بيدي واحتضنَني، ومسح على رأسي، كنتُ أستطيعُ سماع نبضاتِ قلبه الشريف في أُذني، وبينما أنا واضعٌ رأسي على صدره الشريف، همس في أذني :
#كنت_في_انتظارك، ثم أكملَ {..وَمَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ الله ۚ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ ۚ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}

🔸إقشَعَّر بدني من كلامه لكنّ ابتسامته قد أذابَت قلبي، ولو قلت أنها كانت بالنسبة لي أعظم من نعيم الجنّة ما كذَبت..
1⃣9⃣
🔹ثم جرَّني بيَدِه الشريفة ومشيتُ معه بِضع خُطواتٍ، وإذ بي أرى نفسي في مكّة المكرّمة ! الكعبةُ الشريفة أمامي ! كنتُ واقفاً على يمين الإمام، نظرت حولي وإذ هناك جَمعٌ من الأنصار !
كنتُ أنظرُ إليهم مدهوشاً وأنا أحمدُ الله جلّ جلاله، فوقَع نظري على شيخٍ نورانيّ الوجه، إنه الشيخ فؤاد ! تبادلنا إبتسامات الحبّ والشوق، الحمد لله الذي مَنَّ علينا فأصبحنا من بين ٣١٣ ناصراً للإمام

🔸تقدَّم الإمام المهدي (عليه السلام) إلى الكعبة الشريفة ووجهه الكريم يتلألأ نوراً، أسند ظهره الشريف إلى الكعبة المكرَّمة ونادى بنداءٍ سمِعه الإنس والجِنُّ:
ألَا يا أهل العالم ! إنَّ جدِّيَ الحُسين قتلوه عطشانا !
ألَا يا أهل العالم ! إنَّ جدِّيَ الحُسين سحقوه عُدوانا !

لقد أشرقَت الأرض بنور ربِّها ! لقد ظهر قائِم آل محمد !!

🔹وفجأةً رأيتُ نفسي مُلصقاً بشُبّاك ضريح الإمام الحسين (عليه السلام) واضِعاً خدّي عليه !! وفحَّت رائحة مِسك الإمام في المقام !

🔸أين هو ! رُحت أبحثُ يميناً وشمالاً عنه بين الزُوّار، أين اختفى ؟! كيف اجتَزتُ هذا الحشد من الزُوّار ووصلت إلى الضريح ؟! هل ما رأيته كان في حلم أم يقظة ؟!! كيف يُمكنني أن أغفو وأحلم وأنا وسط هذا التدافع بين الزوّار ؟؟!

🔹في ذلك اليوم؟ شعرت أن الله قد نفخ الروح فيَّ فأحياني، ومنذ ذلك الحين ما أحزنتُ قلبَ إمامي بذنبٍ ولا غاب ذكرُه عن بالي..

إمامك في انتظارك وبيدك مفتاح الفرج

فهل من تائبٍ صادق حتى يمسح الإمام بيده الشريفة على رأسه؟

هل من باكٍ على ذنبه حتى يضمّه الإمام إلى صدره ؟

《يَبِست القلوب من الإيمان ونور المعرفة، افحصوا عن القلب العامِر بالإيمان وذكر الله، حتى نُوَقع لكم أن إمام الزمان (عج) حاضرٌ هناك》 [العارف بالله الشيخ محمد تقي البهجة(قده)]

والحمد لله رب العالمين 🌹
#كنت_في_انتظارك