تلاشي الإنسان ودقّ ناقوس الخطر
إن الأزمة التي تسببت فيها التكنولوجيا متعددة الأوجه وتمس كل جانب من جوانب حياتنا: صحتنا، وسُبل عيشنا، ونوعية بيئتنا وعلاقاتنا الاجتماعية، واقتصادنا، وتقنيتنا، وسياستنا؛ باختصار: بقاؤنا ذاته على هذا الكوكب. على سبيل المثال، لقد قامت دول العالم، منذ أواخر القرن العشرين، بتخزين أكثر من 50000 رأس نووي، وهو ما يكفي لتدمير العالم بأسره عدة مرّات، واستمر سباق التسلح وما زال بسرعة ثابتة. وبينما يبلغ الإنفاق العسكري في جميع أنحاء العالم أكثر من مليار دولار يوميًا، يموت أكثر من خمسة عشر مليون شخص من الجوع سنويًا؛ إذْ يموت اثنان وثلاثون شخص كل دقيقة، ومعظمهم من الأطفال. ومما يزيد الواقع سوءًا أن البلدان النامية تنفق على التسلح أكثر من ثلاثة أضعاف ما تنفقه على الرعاية الصحية. وبينما نجد أن خمسة وثلاثين في المائة من البشر يفتقرون إلى مياه الشرب الصحية، ويعمل ما يقرب من نصف العلماء والمهندسين في تكنولوجيا صنع الأسلحة! أما الاقتصاديون فمهووسون ببناء اقتصاديات تقوم على نموّ غير محدود، وبينما تتضاءل مواردنا المحدودة بسرعة؛ تقوم الشركات الصناعية بإلقاء النفايات السّامة في مكانٍ آخر، بدلاً من تحييدها (سبريتناك، وكابرا، ن).
ومن هذا المنطلق فإن الأزمة التي يعيشها الإنسان المعاصر هي أزمة شاملة ونابعة من عدة أسباب، على رأسها خطط إعادة التسلح، التي تفضي في نهاية المطاف إلى الإبادة، باعتبارها المرحلة الأخيرة من الحضارة الصناعية. ولا تشير الإبادة هنا إلى التدمير العسكري أو إلى القنبلة النيوترونية، إنما تشير إلى مآل الحضارة الصناعية ككل وإلى العديد من جوانبها، وليس فقط الجوانب المادية رغم أن الأخيرة هي التي تفرض سيطرتها على العيان. وفي ضوء هذه الأوضاع، نكون بإزاء: «منطق إبادة الذات» (Logic of Self-Extermination)، الذي يشير إلى «التصميم المتزايد لعملية الإبادة، والخلل الوظيفي الأخير للبشرية، وتدميرها الذاتي التام»: فقد ازداد عدد المنبوذين والبؤساء بشكلٍ لا يُصدق مع انتشار الحضارة الصناعية والتكنولوجية، ولم يسبق في التاريخ كله أن تم التضحية بالكثير من الناس الذين يعانون من الجوع والمرض والموت المبكر كما هو الحال اليوم. ولا يتزايد عدد هؤلاء فحسب، بل تتزايد أيضًا نِسْبَتهم من البشرية جمعاء. وكنتيجة لا يمكن فصلها عن التقدّم التكنولوجي والعسكري والاقتصادي، فإننا نعمل على تدمير الكائنات الحيَّة وبيئتها التي تحمينا وتبقينا على قيد الحياة. (باهرو، 19).
هكذا فبالرغم مما أنتجه التطور التكنولوجي من فضاءاتٍ جديدة وتقريبٍ للمسافات بين الأفراد والشعوب، فإنه أتى بنتيجة عكسية. ومن ثمّ سرعان ما اهتزت الثقة في إمكانيات التكنولوجيا: فبعد أن كانت ثقة مطلَقة لا حدود لها، أصبحت ثقة محدودة تبعث على الشك أكثر مما تبعث على اليقين، ومن ثم بدأ التوتر بين الوعي بحدود التقدم وبين الفكرة التقليدية عن إمكانية تحقيق تقدّم مستمر، وطفت إلى السطح مشكلات عديدة؛ كنقص الموارد، وسباق التسلح، والتنبؤ أو العلاقة بين الكائنات الحية وبيئتها. ومثل هذه المشكلات أوجدت ما يشبه السخط أو التذمر تجاه مسئولية التكنولوجيا (الجزيري، 235-236)، على تدمير العالم، خاصة مسؤوليتها عن الأزمة البيئية وتغير المناخ، التي تمثّل التحدي الوجودي الأخطر الذي يواجه الإنسان والبيئة، وكذلك مسؤوليتها عن تدمير الروابط المجتمعية وعن دمار جزء كبير من إنسانيتنا، وبل تهديدها الجنس البشري بأكمله بالفناء.
من هذا المنطلق نزع معظم الفلاسفة المعاصرين إلى تناول العلاقة المتوترة بين الإنسان والآلة، وهذا ما يظهر عند كل من أورتيجا أي جاست (Ortega y Gasset)، وكارل ياسبرز (Karlr Jaspers)، وبيرديائف (Nicolas Berdiaev)، وجابريل مارسيل (Gabriel Marcel)، وهيدجر. عند هؤلاء وغيرهم يتبدى الإحساس العميق بالقلق تجاه الحفاظ على ذاتية الإنسان واستقلاليته في مواجهة التكنولوجيا. على سبيل المثال، نلمس عند كارل ياسبرز إدانة شاملة للتكنولوجيا في ضوء ما أدّت إليه من تحوّل الإنسان إلى مجرد وظيفة من الوظائف العاجزة عن أن تجد سبيلاً إلى العلو الجدير بالوجود الإنساني الأصيل.
أما بيرديائف فنجده في العديد من مؤلفاته يدين التكنولوجيا التي قُصد بها أن تكون طريقًا للتحرّر، فإذا بها تتخذ كيانًا موضوعيًا مغتربًا عن الوجود الإنساني.
ويتخذ الاهتمام بالتكنولوجيا بعدًا أنطولوجيًا عند «هيدجر» من خلاله اتجاهه إلى البحث في الوجود العام، حيث يرى أن التكنولوجيا المعاصرة تتحدى الطبيعة وتدمرها وتسلبها ما تنطوي عليه من طاقات يمكن تخزينها ونقلها؛ الأمر الذي ينعكس بالسلب على الإنسان، ويخلق علاقة متوترة بين الوجود الإنساني وبين الآلة أو التكنولوجيا (الجزيري، 248-253).
إن الأزمة التي تسببت فيها التكنولوجيا متعددة الأوجه وتمس كل جانب من جوانب حياتنا: صحتنا، وسُبل عيشنا، ونوعية بيئتنا وعلاقاتنا الاجتماعية، واقتصادنا، وتقنيتنا، وسياستنا؛ باختصار: بقاؤنا ذاته على هذا الكوكب. على سبيل المثال، لقد قامت دول العالم، منذ أواخر القرن العشرين، بتخزين أكثر من 50000 رأس نووي، وهو ما يكفي لتدمير العالم بأسره عدة مرّات، واستمر سباق التسلح وما زال بسرعة ثابتة. وبينما يبلغ الإنفاق العسكري في جميع أنحاء العالم أكثر من مليار دولار يوميًا، يموت أكثر من خمسة عشر مليون شخص من الجوع سنويًا؛ إذْ يموت اثنان وثلاثون شخص كل دقيقة، ومعظمهم من الأطفال. ومما يزيد الواقع سوءًا أن البلدان النامية تنفق على التسلح أكثر من ثلاثة أضعاف ما تنفقه على الرعاية الصحية. وبينما نجد أن خمسة وثلاثين في المائة من البشر يفتقرون إلى مياه الشرب الصحية، ويعمل ما يقرب من نصف العلماء والمهندسين في تكنولوجيا صنع الأسلحة! أما الاقتصاديون فمهووسون ببناء اقتصاديات تقوم على نموّ غير محدود، وبينما تتضاءل مواردنا المحدودة بسرعة؛ تقوم الشركات الصناعية بإلقاء النفايات السّامة في مكانٍ آخر، بدلاً من تحييدها (سبريتناك، وكابرا، ن).
ومن هذا المنطلق فإن الأزمة التي يعيشها الإنسان المعاصر هي أزمة شاملة ونابعة من عدة أسباب، على رأسها خطط إعادة التسلح، التي تفضي في نهاية المطاف إلى الإبادة، باعتبارها المرحلة الأخيرة من الحضارة الصناعية. ولا تشير الإبادة هنا إلى التدمير العسكري أو إلى القنبلة النيوترونية، إنما تشير إلى مآل الحضارة الصناعية ككل وإلى العديد من جوانبها، وليس فقط الجوانب المادية رغم أن الأخيرة هي التي تفرض سيطرتها على العيان. وفي ضوء هذه الأوضاع، نكون بإزاء: «منطق إبادة الذات» (Logic of Self-Extermination)، الذي يشير إلى «التصميم المتزايد لعملية الإبادة، والخلل الوظيفي الأخير للبشرية، وتدميرها الذاتي التام»: فقد ازداد عدد المنبوذين والبؤساء بشكلٍ لا يُصدق مع انتشار الحضارة الصناعية والتكنولوجية، ولم يسبق في التاريخ كله أن تم التضحية بالكثير من الناس الذين يعانون من الجوع والمرض والموت المبكر كما هو الحال اليوم. ولا يتزايد عدد هؤلاء فحسب، بل تتزايد أيضًا نِسْبَتهم من البشرية جمعاء. وكنتيجة لا يمكن فصلها عن التقدّم التكنولوجي والعسكري والاقتصادي، فإننا نعمل على تدمير الكائنات الحيَّة وبيئتها التي تحمينا وتبقينا على قيد الحياة. (باهرو، 19).
هكذا فبالرغم مما أنتجه التطور التكنولوجي من فضاءاتٍ جديدة وتقريبٍ للمسافات بين الأفراد والشعوب، فإنه أتى بنتيجة عكسية. ومن ثمّ سرعان ما اهتزت الثقة في إمكانيات التكنولوجيا: فبعد أن كانت ثقة مطلَقة لا حدود لها، أصبحت ثقة محدودة تبعث على الشك أكثر مما تبعث على اليقين، ومن ثم بدأ التوتر بين الوعي بحدود التقدم وبين الفكرة التقليدية عن إمكانية تحقيق تقدّم مستمر، وطفت إلى السطح مشكلات عديدة؛ كنقص الموارد، وسباق التسلح، والتنبؤ أو العلاقة بين الكائنات الحية وبيئتها. ومثل هذه المشكلات أوجدت ما يشبه السخط أو التذمر تجاه مسئولية التكنولوجيا (الجزيري، 235-236)، على تدمير العالم، خاصة مسؤوليتها عن الأزمة البيئية وتغير المناخ، التي تمثّل التحدي الوجودي الأخطر الذي يواجه الإنسان والبيئة، وكذلك مسؤوليتها عن تدمير الروابط المجتمعية وعن دمار جزء كبير من إنسانيتنا، وبل تهديدها الجنس البشري بأكمله بالفناء.
من هذا المنطلق نزع معظم الفلاسفة المعاصرين إلى تناول العلاقة المتوترة بين الإنسان والآلة، وهذا ما يظهر عند كل من أورتيجا أي جاست (Ortega y Gasset)، وكارل ياسبرز (Karlr Jaspers)، وبيرديائف (Nicolas Berdiaev)، وجابريل مارسيل (Gabriel Marcel)، وهيدجر. عند هؤلاء وغيرهم يتبدى الإحساس العميق بالقلق تجاه الحفاظ على ذاتية الإنسان واستقلاليته في مواجهة التكنولوجيا. على سبيل المثال، نلمس عند كارل ياسبرز إدانة شاملة للتكنولوجيا في ضوء ما أدّت إليه من تحوّل الإنسان إلى مجرد وظيفة من الوظائف العاجزة عن أن تجد سبيلاً إلى العلو الجدير بالوجود الإنساني الأصيل.
أما بيرديائف فنجده في العديد من مؤلفاته يدين التكنولوجيا التي قُصد بها أن تكون طريقًا للتحرّر، فإذا بها تتخذ كيانًا موضوعيًا مغتربًا عن الوجود الإنساني.
ويتخذ الاهتمام بالتكنولوجيا بعدًا أنطولوجيًا عند «هيدجر» من خلاله اتجاهه إلى البحث في الوجود العام، حيث يرى أن التكنولوجيا المعاصرة تتحدى الطبيعة وتدمرها وتسلبها ما تنطوي عليه من طاقات يمكن تخزينها ونقلها؛ الأمر الذي ينعكس بالسلب على الإنسان، ويخلق علاقة متوترة بين الوجود الإنساني وبين الآلة أو التكنولوجيا (الجزيري، 248-253).
كذلك فقد انطلق الفيلسوف الفرنسي جاك إيلول في مناقشة القضايا المتعلقة بالتقنية ومدى تأثير وطغيان التكنولوجيا الحديثة على المجتمع، حيث ندد بالآثار السلبية للتكنولوجيا بسبب الاعتماد المتزايد عليها في الحياة اليومية. وعلى الرغم من إقراره بالمنافع التي تقدِّمها التكنولوجيات الحديثة، فقد قال إنه يوجد دومًا ثمنٌ ينبغي على المجتمع سداده مقابل تبنِّيها؛ حيث يعتقد إيلول أن كل ابتكارٍ يخلِّف «آثارًا مؤذيةً لا سبيلَ لفصلها عن الآثار المحبَّبة». ويرى كذلك أنّ هذه القوى «عناصرُ متضادة متصلة دومًا على نحوٍ يتعذَّر معه فَصْلُها»، مضيفًا أن تبنِّيَ المجتمع للتكنولوجيا (بالمعنى الشامل لها الذي عرَّفَه) «يطرح مشكلات أكثر من المشكلات التي يحلّها»، وأن «كلَّ تقنيةٍ تنطوي على نتائج غير منظورة» (سيل، 50-51).
وهكذا في ضوء الاهتمام بالعلاقة بين الإنسان والآلة، انطلق العديد من الفلاسفة في التنديد بمساوئ التكنولوجيا ونقد الآلة. وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل عن: مسار عمل التكنولوجيا، وخاصة الذكاء الاصطناعي، في عالمنا المعاصر؟
وهكذا في ضوء الاهتمام بالعلاقة بين الإنسان والآلة، انطلق العديد من الفلاسفة في التنديد بمساوئ التكنولوجيا ونقد الآلة. وهذا ما يدفعنا إلى التساؤل عن: مسار عمل التكنولوجيا، وخاصة الذكاء الاصطناعي، في عالمنا المعاصر؟
الحضارة الصناعية وعصر المحاكاة الآلية
إن التطور الهائل للتكنولوجيا وصناعة الآلة، وتعقيد تقنياتنا الذكية المشتركة، يمثّل صلب التحول إلى «ما بعد المركزية البشرية» في الحضارة المعاصرة.
أ- محددات النجاح الحضاري
تُعد «أخلاقيات الآلة» جزءًا من أخلاقيات الذكاء الاصطناعي المعنية بإضافة أو ضمان السلوكيات الأخلاقية للآلات التي صنعها الإنسان، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، وتختلف عن المجالات الأخلاقية الأخرى المتعلقة بالهندسة والتكنولوجيا، فلا ينبغي الخلط مثلاً بين أخلاقيات الآلة وأخلاقيات الحاسوب، إذ تركز هذه الأخيرة على القضايا الأخلاقية المرتبطة باستخدام الإنسان لأجهزة الحاسوب؛ كما يجب أيضًا تمييز مجال أخلاقيات الآلة عن فلسفة التكنولوجيا، التي تهتم بالمقاربات الإبستمولوجية، والأنطولوجية، والأخلاقية، والتأثيرات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية الكبرى للممارسات التكنولوجية على تنوعها. أما أخلاقيات الآلة فتعني بضمان أن سلوك الآلات تجاه المستخدمين من البشر، وربما تجاه الآلات الأخرى أيضًا، مقبول أخلاقيًا. الأخلاقيات التي نعنيها هنا إذن هي أخلاقيات يجب أن تتحلى بها الآلات كأشياء، وليس البشر كمصنعِّين ومستخدمين لهذه الآلات! (عثمان، 2012).
وبالنسبة لعلاقة الإنسان بالآلة، فقد أُثيرت بعض القضايا المهمة حول درجة الاستقلالية الذاتية التي توصّلت إليها الروبوتات الصناعية. الأمر الذي يدعو المجتمع إلى ضرورة وضع قواعد جديدة لإدارتها. فعلى النقيض من رؤية الحداثة للروبوت باعتباره خاضعًا للإنسان، نواجه الآن وضعًا جديدًا، ما يجعل التدخل البشري هامشيًا إِنْ لم يكن غير ذي قيمة تمامًا.
الروبوتات أصبحت أكثر استقلالية؛ ففكرة الآلات التي يتحكم فيها الكمبيوتر، والتي تواجه القرارات الأخلاقية، تنتقل من عالم الخيال العلمي إلى العالم الواقعي. وتشترك معظم هذه الروبوتات الجديدة في ميزةٍ أساسية: حيث أصبح من الممكن تقنيًا، ومن خلال الروبوتات، الاستغناء عن الإنسان لاتخاذ القرارات على المستويين التشغيلي والأخلاقي. وفي ضوء هذا يمكن أن يتغيّر دور الإنسان من صانع القرار إلى مشغّل القرار، ويراقب الروبوتات في عملها عوضًا عن التحكم بها (بريدوتي، 58).
في هذا الصدد يشير «والتر باجت»([2]) منذ أكثر من مئة وخمسين عامًا في كتابه «الفيزياء والسياسة» إلى محددات النجاح الحضاري؛ حيث يذهب إلى أن الحضارات إذا كانت تريد التقدّم والمحافظة على نفسها، فإن من الضروري أن تقاوم التقاليد والأعراف المتشددة وأن تتجاوز الطرق البدائية والعسكرية التي اضطرتها الطبيعة إلى أن تسلكها للحفاظ المادي على نفسها في المراحل الأولى للحضارة. وإذا كانت بعض المجتمعات قد نجحت في ذلك، فإن البعض الآخر لم يستطع الوصول إلى هذه المراحل المتقدمة في سلّم التقدّم الحضاري. وفي ضوء ذلك فإن التقدّم الحضاري يعتمد على الفعل القائم على فكرة المنافسة بين المجتمعات والتغلب على الظروف المحيطة (باجت، 12-13 32-33).
وبغض النظر عن النزعة العنصرية التي تصطبغ بها آراء باجت، ورغم تأثره الشديد بنظرية التطور عند داروين، فإن الشيء المهم في حديثه هو منظوره للربط بين الفيزياء والسياسة؛ فكما أن التغيير في القوانين العلمية التي يكتشفها العلماء حول الطبيعة يأتي بشكل تدريجي، كذلك الأمر في السياسة؛ وعليه، فإن أصل السياسة لن يبدو في جوهره تغييرًا كبيرًا؛ على أقل تقدير في المراحل الأولى لهذا التغيير؛ لأن المهم هو تجاوز الأعراف والتقاليد السياسية التي تقف حائلًا دون التطور، والاتجاه إلى قيم الليبرالية الحديثة المنفتحة والقابلة للتجدد باستمرار (باجت، 17).
وإذا كان التقدّم لا يأتي دفعة واحدة، فكيف الحال ونحن في عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي؟
ب- السيناريوهات المستقبلية للحضارة
يشير «نيك بوستروم» (2003، 243) إلى وجود سيناريوهات أو افتراضات أو احتمالات عديدة لمسار الحضارة في عالم اليوم، لكنه يقدّم ثلاثة افتراضات مؤكدًا بأن واحدًا منها على الأقلّ يظلّ صحيحًا، وهي على النحو الآتي:
الاحتمال الأول: من المرجح إلى حدٍّ كبير، لأيّ سبب من الأسباب، أن ينقرض الجنس البشري قبل أن يصل إلى مرحلة «ما بعد الإنسان» أيّ قبل أن تتمكن الحضارات المتقدمة وغير المتقدمة من بناء أجهزة وآلات ضخمة لديها القدرة والإمكانيات التكنولوجية لمحاكاة الواقع الذي نعيش فيه كلية بصورةٍ رقمية متطورة. وهذا السيناريو لا يمثّل مشكلة على الإطلاق ما دام أن البشرية ستفنى قبل أن تصل إلى المراحل الكبرى من التطور التكنولوجي الذي سيمكّنها من صناعة أجهزة محاكاة بديلة للبشر.
الاحتمال الثاني: من غير المرجح أن تقوم أيّ حضارة من الحضارات المتقدمة، التي بلغت ذروة التطور التكنولوجي، بإنشاء عدد كبير من عمليات المحاكاة (رغم قدرتها على ذلك) لأسباب أخلاقية، أو نفعية (الأخطار الناجمة عنها)، أو لعدم المبالاة أو لغير ذلك.
إن التطور الهائل للتكنولوجيا وصناعة الآلة، وتعقيد تقنياتنا الذكية المشتركة، يمثّل صلب التحول إلى «ما بعد المركزية البشرية» في الحضارة المعاصرة.
أ- محددات النجاح الحضاري
تُعد «أخلاقيات الآلة» جزءًا من أخلاقيات الذكاء الاصطناعي المعنية بإضافة أو ضمان السلوكيات الأخلاقية للآلات التي صنعها الإنسان، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي، وتختلف عن المجالات الأخلاقية الأخرى المتعلقة بالهندسة والتكنولوجيا، فلا ينبغي الخلط مثلاً بين أخلاقيات الآلة وأخلاقيات الحاسوب، إذ تركز هذه الأخيرة على القضايا الأخلاقية المرتبطة باستخدام الإنسان لأجهزة الحاسوب؛ كما يجب أيضًا تمييز مجال أخلاقيات الآلة عن فلسفة التكنولوجيا، التي تهتم بالمقاربات الإبستمولوجية، والأنطولوجية، والأخلاقية، والتأثيرات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية الكبرى للممارسات التكنولوجية على تنوعها. أما أخلاقيات الآلة فتعني بضمان أن سلوك الآلات تجاه المستخدمين من البشر، وربما تجاه الآلات الأخرى أيضًا، مقبول أخلاقيًا. الأخلاقيات التي نعنيها هنا إذن هي أخلاقيات يجب أن تتحلى بها الآلات كأشياء، وليس البشر كمصنعِّين ومستخدمين لهذه الآلات! (عثمان، 2012).
وبالنسبة لعلاقة الإنسان بالآلة، فقد أُثيرت بعض القضايا المهمة حول درجة الاستقلالية الذاتية التي توصّلت إليها الروبوتات الصناعية. الأمر الذي يدعو المجتمع إلى ضرورة وضع قواعد جديدة لإدارتها. فعلى النقيض من رؤية الحداثة للروبوت باعتباره خاضعًا للإنسان، نواجه الآن وضعًا جديدًا، ما يجعل التدخل البشري هامشيًا إِنْ لم يكن غير ذي قيمة تمامًا.
الروبوتات أصبحت أكثر استقلالية؛ ففكرة الآلات التي يتحكم فيها الكمبيوتر، والتي تواجه القرارات الأخلاقية، تنتقل من عالم الخيال العلمي إلى العالم الواقعي. وتشترك معظم هذه الروبوتات الجديدة في ميزةٍ أساسية: حيث أصبح من الممكن تقنيًا، ومن خلال الروبوتات، الاستغناء عن الإنسان لاتخاذ القرارات على المستويين التشغيلي والأخلاقي. وفي ضوء هذا يمكن أن يتغيّر دور الإنسان من صانع القرار إلى مشغّل القرار، ويراقب الروبوتات في عملها عوضًا عن التحكم بها (بريدوتي، 58).
في هذا الصدد يشير «والتر باجت»([2]) منذ أكثر من مئة وخمسين عامًا في كتابه «الفيزياء والسياسة» إلى محددات النجاح الحضاري؛ حيث يذهب إلى أن الحضارات إذا كانت تريد التقدّم والمحافظة على نفسها، فإن من الضروري أن تقاوم التقاليد والأعراف المتشددة وأن تتجاوز الطرق البدائية والعسكرية التي اضطرتها الطبيعة إلى أن تسلكها للحفاظ المادي على نفسها في المراحل الأولى للحضارة. وإذا كانت بعض المجتمعات قد نجحت في ذلك، فإن البعض الآخر لم يستطع الوصول إلى هذه المراحل المتقدمة في سلّم التقدّم الحضاري. وفي ضوء ذلك فإن التقدّم الحضاري يعتمد على الفعل القائم على فكرة المنافسة بين المجتمعات والتغلب على الظروف المحيطة (باجت، 12-13 32-33).
وبغض النظر عن النزعة العنصرية التي تصطبغ بها آراء باجت، ورغم تأثره الشديد بنظرية التطور عند داروين، فإن الشيء المهم في حديثه هو منظوره للربط بين الفيزياء والسياسة؛ فكما أن التغيير في القوانين العلمية التي يكتشفها العلماء حول الطبيعة يأتي بشكل تدريجي، كذلك الأمر في السياسة؛ وعليه، فإن أصل السياسة لن يبدو في جوهره تغييرًا كبيرًا؛ على أقل تقدير في المراحل الأولى لهذا التغيير؛ لأن المهم هو تجاوز الأعراف والتقاليد السياسية التي تقف حائلًا دون التطور، والاتجاه إلى قيم الليبرالية الحديثة المنفتحة والقابلة للتجدد باستمرار (باجت، 17).
وإذا كان التقدّم لا يأتي دفعة واحدة، فكيف الحال ونحن في عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي؟
ب- السيناريوهات المستقبلية للحضارة
يشير «نيك بوستروم» (2003، 243) إلى وجود سيناريوهات أو افتراضات أو احتمالات عديدة لمسار الحضارة في عالم اليوم، لكنه يقدّم ثلاثة افتراضات مؤكدًا بأن واحدًا منها على الأقلّ يظلّ صحيحًا، وهي على النحو الآتي:
الاحتمال الأول: من المرجح إلى حدٍّ كبير، لأيّ سبب من الأسباب، أن ينقرض الجنس البشري قبل أن يصل إلى مرحلة «ما بعد الإنسان» أيّ قبل أن تتمكن الحضارات المتقدمة وغير المتقدمة من بناء أجهزة وآلات ضخمة لديها القدرة والإمكانيات التكنولوجية لمحاكاة الواقع الذي نعيش فيه كلية بصورةٍ رقمية متطورة. وهذا السيناريو لا يمثّل مشكلة على الإطلاق ما دام أن البشرية ستفنى قبل أن تصل إلى المراحل الكبرى من التطور التكنولوجي الذي سيمكّنها من صناعة أجهزة محاكاة بديلة للبشر.
الاحتمال الثاني: من غير المرجح أن تقوم أيّ حضارة من الحضارات المتقدمة، التي بلغت ذروة التطور التكنولوجي، بإنشاء عدد كبير من عمليات المحاكاة (رغم قدرتها على ذلك) لأسباب أخلاقية، أو نفعية (الأخطار الناجمة عنها)، أو لعدم المبالاة أو لغير ذلك.
لكن يبقى هذا الاحتمال مجرد ضرب من ضروب الخيال؛ لأنه يبتعد عمّا يقول به الواقع حاليًا، وعن نزعات الإنسان الأنانية. ومن ثم يأتي الاحتمال الثالث الأقرب للواقع الذي تؤكده الشواهد، لكنه يمثّل الاحتمال الأخطر والأكثر قسوة.
الاحتمال الثالث: من شبه المؤكد أننا نعيش بالفعل داخل عالم من المحاكاة بفضل القوة الحاسوبية الهائلة والمتطورة، خاصة وأن الحضارات كانت قد بدأت وما تزال ماضية في بناء هذه الأجهزة بفضل التطور التقني حاليًا. ونتيجة لذلك فإن العوالم الافتراضية ستتزايد بسرعة يومًا بعد يوم، وينسحب البساط من العوالم الواقعية حتى تتلاشى تمامًا.
وفي ضوء هذا الاحتمال الثالث، نكون بإزاء عالم اصطناعي يقوم على المحاكاة بالدرجة الأولى؛ بل إن الأجهزة الحاسوبية يمكن أن تصل إلى درجة محاكاة الوعي الإنساني. فإذا كان الافتراض الشائع في فلسفة العقل هو أن الإنسان يتميز عن غيره بمقوّم الوعي، وأن الحالات العقلية يمكن أن تتفوق على أي فئة واسعة من الأشياء المادية، فإن الأنظمة الحاسوبية في تطويرها للهياكل والعمليات الحسابية، يمكن أن تطور الوعي ذاته. فلا ينحصر تنفيذ هذه العمليات على الشبكات العصبية البيولوجية القائمة على الكربون داخل الجمجمة، إذ يمكن للمعالجات القائمة على السيليكون داخل الكمبيوتر أن تقوم أيضًا بهذه الوسيلة من حيث المبدأ (بوستروم، 2003، 244).
ومن هنا ربما كان هذا الموقف الأخير الذي أفضى بتوجه بعض الناس إضفاء النظرة الأسطورية على التكنولوجيا من خلال اعتقادهم بإمكانية اكتشاف تماثل وتطابق بين أجهزة الحاسب الآلية وبين العقول البشرية؛ فجهاز الحاسب الآلي قادر على الفعل، وعلى العديد من مظاهر السلوك الغرضي الشبيه بالسلوك الإنساني؛ وعليه، فهو قادر على الشعور، والوعي، والإحساس. ومن هذا المنطلق اتجه البعض إلى تقديم نظرة معرفية للسيبرنطيقاCybernetics باعتبارها تفسيرًا نظريًا لمعلومات الوعي في ضوء مصطلحات مادية جدلية، ونتيجة للتصرف الغرضي للحاسوب رأى بضعهم إمكانية تناوله باعتباره وسيلة عقلية من نوعٍ ما (الجزيري، 259).
ووفقًا لـ«بوستروم» فإن الاحتمالين الأوليين نسبة تحققهما قريبة جدًا من الصفر، ولذا فإن الاحتمال الثالث هو الأكثر صحة في ضوء الواقع المُعاش حاليًا، خاصة في ظل التطور التكنولوجي الهائل في الأجهزة والتقنيات الحاسوبية الذي تعيشه المجتمعات الآن، الأمر الذي يؤكد أننا بصدد عالم يرتكز على الوسائل والتقنيات الإلكترونية القائمة على خلق محاكاة دقيقة للواقع الفعلي (بوستروم، 2003، 255). بيدَ أن هذا لا ينبغي أن يكون دافعًا للتشاؤم، إذ يعتقد «بوستروم» (2019) أن التكنولوجيا لن تعمل في المستقبل على تغيير العالم الخارجي فحسب؛ بل ستوفر أيضًا إمكانيات لتغيير الطبيعة الإنسانية، وذلك بواسطة توسيع قدراتنا البشرية.
إن هذا يعني أن فوائد التكنولوجيا قد تفوق المخاطر التي يمكن أن تنجم عنها، وكل ما في الأمر أننا بحاجةٍ إلى أخلاقيات جديدة للتعامل مع الآلة بغية التحسين الإنساني Human Enhancement؛ وعليه، فإن التساؤلات المهمة هي: كيف يمكننا تحسين أنفسنا؟ هل يجب أن نقتصر على الأساليب التقليدية مثل الدراسة والتدريب؟ أم يجب علينا أيضًا استخدام العلم لتعزيز بعض قدراتنا العقلية والبدنية بشكلٍ مباشر أكثر؟ (بوستروم، 2009، 1). إذ يتوجب علينا العمل الذي يمكن أن يعمل على تحسين القدرات البشرية، من خلال تطبيق الوسائل التقنية والتكنولوجية على البشر بغية إعداد أو تخليق كائن يتمتع بقدرة واحدة على الأقل من القدرات التي تسعى ما بعد الإنسانية إلى توزيعها بإنصاف على جميع أفراد المجتمع (ياسين، 44).
انطلاقًا من الاحتمال الثالث، لا ينبغي التنديد ومعارضة التكنولوجيا باعتبارها كارثة وتهديدًا للبشرية، إنما يجب دراسة المخاطر التي قد تنتج عنها حتى لا يصبح مصير الحضارة معتمدًا عليها. وهو ما يوجّب علينا الالتفات وبسرعةٍ إلى إمكانية تطويرها لنفسها لتتمكن في فترةٍ زمنية قصيرة من تجاوز ذكائنا البشري، وحتى لا تصبح مهيمنة وقوية ويصعب التحكم فيها، وحتى لا نكون أمام تهديد في شكل كارثة وجودية كنتيجة افتراضية لانفجار التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي؛ إذْ يتمثّل الخطر الوجودي في التهديد بانقراض الحياة البشرية على سطح الأرض أو تدمير إمكاناتها بشكل دائم وجذري في المستقبل. وفي هذا الصدد لا يمكننا الافتراض بأن الذكاء الاصطناعي سيشارك الإنسان بالضرورة في عالم القيم العليا المرتبطة بحكمة الإنسان وتطوره الفكري، والاهتمام الخيري بالآخرين، والتنوير والتأمل الذاتي، والتخلي عن الاستحواذ المادي، وما إلى ذلك (بوستروم، (2014، 115-116).
الخاتمة
الاحتمال الثالث: من شبه المؤكد أننا نعيش بالفعل داخل عالم من المحاكاة بفضل القوة الحاسوبية الهائلة والمتطورة، خاصة وأن الحضارات كانت قد بدأت وما تزال ماضية في بناء هذه الأجهزة بفضل التطور التقني حاليًا. ونتيجة لذلك فإن العوالم الافتراضية ستتزايد بسرعة يومًا بعد يوم، وينسحب البساط من العوالم الواقعية حتى تتلاشى تمامًا.
وفي ضوء هذا الاحتمال الثالث، نكون بإزاء عالم اصطناعي يقوم على المحاكاة بالدرجة الأولى؛ بل إن الأجهزة الحاسوبية يمكن أن تصل إلى درجة محاكاة الوعي الإنساني. فإذا كان الافتراض الشائع في فلسفة العقل هو أن الإنسان يتميز عن غيره بمقوّم الوعي، وأن الحالات العقلية يمكن أن تتفوق على أي فئة واسعة من الأشياء المادية، فإن الأنظمة الحاسوبية في تطويرها للهياكل والعمليات الحسابية، يمكن أن تطور الوعي ذاته. فلا ينحصر تنفيذ هذه العمليات على الشبكات العصبية البيولوجية القائمة على الكربون داخل الجمجمة، إذ يمكن للمعالجات القائمة على السيليكون داخل الكمبيوتر أن تقوم أيضًا بهذه الوسيلة من حيث المبدأ (بوستروم، 2003، 244).
ومن هنا ربما كان هذا الموقف الأخير الذي أفضى بتوجه بعض الناس إضفاء النظرة الأسطورية على التكنولوجيا من خلال اعتقادهم بإمكانية اكتشاف تماثل وتطابق بين أجهزة الحاسب الآلية وبين العقول البشرية؛ فجهاز الحاسب الآلي قادر على الفعل، وعلى العديد من مظاهر السلوك الغرضي الشبيه بالسلوك الإنساني؛ وعليه، فهو قادر على الشعور، والوعي، والإحساس. ومن هذا المنطلق اتجه البعض إلى تقديم نظرة معرفية للسيبرنطيقاCybernetics باعتبارها تفسيرًا نظريًا لمعلومات الوعي في ضوء مصطلحات مادية جدلية، ونتيجة للتصرف الغرضي للحاسوب رأى بضعهم إمكانية تناوله باعتباره وسيلة عقلية من نوعٍ ما (الجزيري، 259).
ووفقًا لـ«بوستروم» فإن الاحتمالين الأوليين نسبة تحققهما قريبة جدًا من الصفر، ولذا فإن الاحتمال الثالث هو الأكثر صحة في ضوء الواقع المُعاش حاليًا، خاصة في ظل التطور التكنولوجي الهائل في الأجهزة والتقنيات الحاسوبية الذي تعيشه المجتمعات الآن، الأمر الذي يؤكد أننا بصدد عالم يرتكز على الوسائل والتقنيات الإلكترونية القائمة على خلق محاكاة دقيقة للواقع الفعلي (بوستروم، 2003، 255). بيدَ أن هذا لا ينبغي أن يكون دافعًا للتشاؤم، إذ يعتقد «بوستروم» (2019) أن التكنولوجيا لن تعمل في المستقبل على تغيير العالم الخارجي فحسب؛ بل ستوفر أيضًا إمكانيات لتغيير الطبيعة الإنسانية، وذلك بواسطة توسيع قدراتنا البشرية.
إن هذا يعني أن فوائد التكنولوجيا قد تفوق المخاطر التي يمكن أن تنجم عنها، وكل ما في الأمر أننا بحاجةٍ إلى أخلاقيات جديدة للتعامل مع الآلة بغية التحسين الإنساني Human Enhancement؛ وعليه، فإن التساؤلات المهمة هي: كيف يمكننا تحسين أنفسنا؟ هل يجب أن نقتصر على الأساليب التقليدية مثل الدراسة والتدريب؟ أم يجب علينا أيضًا استخدام العلم لتعزيز بعض قدراتنا العقلية والبدنية بشكلٍ مباشر أكثر؟ (بوستروم، 2009، 1). إذ يتوجب علينا العمل الذي يمكن أن يعمل على تحسين القدرات البشرية، من خلال تطبيق الوسائل التقنية والتكنولوجية على البشر بغية إعداد أو تخليق كائن يتمتع بقدرة واحدة على الأقل من القدرات التي تسعى ما بعد الإنسانية إلى توزيعها بإنصاف على جميع أفراد المجتمع (ياسين، 44).
انطلاقًا من الاحتمال الثالث، لا ينبغي التنديد ومعارضة التكنولوجيا باعتبارها كارثة وتهديدًا للبشرية، إنما يجب دراسة المخاطر التي قد تنتج عنها حتى لا يصبح مصير الحضارة معتمدًا عليها. وهو ما يوجّب علينا الالتفات وبسرعةٍ إلى إمكانية تطويرها لنفسها لتتمكن في فترةٍ زمنية قصيرة من تجاوز ذكائنا البشري، وحتى لا تصبح مهيمنة وقوية ويصعب التحكم فيها، وحتى لا نكون أمام تهديد في شكل كارثة وجودية كنتيجة افتراضية لانفجار التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي؛ إذْ يتمثّل الخطر الوجودي في التهديد بانقراض الحياة البشرية على سطح الأرض أو تدمير إمكاناتها بشكل دائم وجذري في المستقبل. وفي هذا الصدد لا يمكننا الافتراض بأن الذكاء الاصطناعي سيشارك الإنسان بالضرورة في عالم القيم العليا المرتبطة بحكمة الإنسان وتطوره الفكري، والاهتمام الخيري بالآخرين، والتنوير والتأمل الذاتي، والتخلي عن الاستحواذ المادي، وما إلى ذلك (بوستروم، (2014، 115-116).
الخاتمة
في ضوء ما سبق تتضح لنا أهمية الفلسفة في مواجهة الآثار السلبية للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على الحضارة الإنسانية، ونحن بحاجة، كما يقول د. صلاح عثمان، إلى أخلاقيات للتعامل مع الآلة، وتقنيات الذكاء الاصطناعي، حتى نواجه تحديات اتخاذ القرار؛ فالتكنولوجيا بطبيعتها محايدة، أو هي، في حدّ ذاتها، سلاح ذو حدين، والاستعمال البشري لها هو الذي يحدد الأوجه، والأبعاد المختلفة في حياة البشر سواءً بطريقة إيجابية بنّاءة أو بطريقة سلبية هدامة.
على سبيل المثال، فإذا كانت الآلات الضخمة والأسلحة التكنولوجية المعقدة يمكن أن تحقق المزيد من العنف والبطش والإرهاب، إلا أنها من ناحية أخرى تخلق نظامًا بين أنصارها من جنود وقادة يخضع الحياة العائلية ومختلف الأنشطة كاللعب والموسيقى إلى أهدافٍ وأغراضٍ عسكرية خالصة؛ عليه، يصح القول إنّ خطورة التكنولوجيا، وسلبياتها، وآثارها المدمرة تتوقف على الإيمان الأسطوري بالآلة، أو سيادة التقنية، ومن ثم تكتسب التكنولوجيا قيمة مطلَقة فتصبح أسطورة أو عقيدة لا تتزعزع متى نظرنا إليها في ضوء قدرتها المطلَقة على تحقيق المعجزات.
لذا تتضح لنا أهمية محاولات بعض النقاد والفلاسفة مثل لويس ممفورد لتحرير التكنولوجيا من الطابع الأسطوري عن طريق مناقشة القيمة الحقيقية لها في ضوء الواقع نفسه. فالقول بعجزنا أمام الآلات العملاقة مع تأكيد فائدتها المطلَقة هو قول أسطوري لا علاقة له بالواقع. ومن هذا المنطلق، يمكننا مواجهة التكنولوجيا ويمكننا أيضًا تحديد إمكانياتها الفعلية. فالتكنولوجيا في نهاية المطاف تعتمد على الإنسان، ولا يجب أن نضعها محله، فهي ما وُجدت إلا لأغراض إنسانية خالصة، وخضوع الإنسانية لما صنعته معناه تحولها من مجرد وسيلة إلى غاية مستقلة في ذاتها (الجزيري، 258).
من ناحية أخرى فإن سيادة التقنية، أو منطق التصنيع والآلة، وما تبعه من أزمة بيئية متفاقمة، يفرض علينا الالتزام بـ«منطق الحياة» الذي يتطلب «قفزة في الوعي»، وتجاوز منطق إنكار الحياة الذي أحدثه جهاز «الآلة» (Mega-Machine) الضخمة الصناعية، وإعادة تجديد حياتنا في ضوء قيم جديدة بديلة يمكن الاعتماد عليها في التغيير الاجتماعي، والإيكولوجي، والثقافي والروحي. أما الأصوات والدعوات الليبرالية، التي تنادي بالتحسين التدريجي للبيئة والاهتمام بالمناخ، فإنها تظلّ جوفاء؛ لأن اقتصاد السوق الإيكولوجي يُعَدُّ مجرد إضافة جديدة لمنطق إبادة الذات. ويتمثّل تأثيره الفوري في خفض مستوى الضرر البيئي الخاص بالمنتَج أو التكنولوجيا، ولكن التأثير الكلي على المدى الطويل هو زيادته (باهرو، 22، 79).
ولذا يمكن إنقاذ الإنسان من مثالب التطور العلمي والتكنولوجي الذي بدأ يتحوّل معه الأفراد إلى تروسٍ في آلة التقدّم.
[1] هو الفيلسوف السويدي «نيك بوستروم» (Nick Bostrom) (1973-…؟)، وقد ناقش المخاطر الوجودية التي تهدد الإنسان في ظل تزايد التكنولوجيا وعمليات خلق الذكاء الاصطناعي، وذلك في بعض مقالاته وكتبه منها بحثه المعنون: «قضايا أخلاقية في الذكاء الاصطناعي المتقدم» 2004. وفي هذا الصدد لابد من الإشارة إلى كتابه المهم: «الذكاء الفائق: المسارات، المخاطر، والاستراتيجيات» (Superintelligence: Paths, Dangers, Strategies) عام 2014
[2] «والتر باجت» (Walter Bagehot) (1826-1877): مفكر وكاتب صحفي بريطاني، وقد كتب بإسهاب عن القضايا المتصلة بالحكومة والاقتصاد والأدب والعرق، ومن بين مؤلفاته: «الدستور الإنجليزي» عام 1867، والذي يستكشف فيه طبيعة دستور المملكة المتحدة، وبالأخص برلمانها ونظام الملكية فيها، وكذلك «الفيزياء والسياسة» عام 1872.
على سبيل المثال، فإذا كانت الآلات الضخمة والأسلحة التكنولوجية المعقدة يمكن أن تحقق المزيد من العنف والبطش والإرهاب، إلا أنها من ناحية أخرى تخلق نظامًا بين أنصارها من جنود وقادة يخضع الحياة العائلية ومختلف الأنشطة كاللعب والموسيقى إلى أهدافٍ وأغراضٍ عسكرية خالصة؛ عليه، يصح القول إنّ خطورة التكنولوجيا، وسلبياتها، وآثارها المدمرة تتوقف على الإيمان الأسطوري بالآلة، أو سيادة التقنية، ومن ثم تكتسب التكنولوجيا قيمة مطلَقة فتصبح أسطورة أو عقيدة لا تتزعزع متى نظرنا إليها في ضوء قدرتها المطلَقة على تحقيق المعجزات.
لذا تتضح لنا أهمية محاولات بعض النقاد والفلاسفة مثل لويس ممفورد لتحرير التكنولوجيا من الطابع الأسطوري عن طريق مناقشة القيمة الحقيقية لها في ضوء الواقع نفسه. فالقول بعجزنا أمام الآلات العملاقة مع تأكيد فائدتها المطلَقة هو قول أسطوري لا علاقة له بالواقع. ومن هذا المنطلق، يمكننا مواجهة التكنولوجيا ويمكننا أيضًا تحديد إمكانياتها الفعلية. فالتكنولوجيا في نهاية المطاف تعتمد على الإنسان، ولا يجب أن نضعها محله، فهي ما وُجدت إلا لأغراض إنسانية خالصة، وخضوع الإنسانية لما صنعته معناه تحولها من مجرد وسيلة إلى غاية مستقلة في ذاتها (الجزيري، 258).
من ناحية أخرى فإن سيادة التقنية، أو منطق التصنيع والآلة، وما تبعه من أزمة بيئية متفاقمة، يفرض علينا الالتزام بـ«منطق الحياة» الذي يتطلب «قفزة في الوعي»، وتجاوز منطق إنكار الحياة الذي أحدثه جهاز «الآلة» (Mega-Machine) الضخمة الصناعية، وإعادة تجديد حياتنا في ضوء قيم جديدة بديلة يمكن الاعتماد عليها في التغيير الاجتماعي، والإيكولوجي، والثقافي والروحي. أما الأصوات والدعوات الليبرالية، التي تنادي بالتحسين التدريجي للبيئة والاهتمام بالمناخ، فإنها تظلّ جوفاء؛ لأن اقتصاد السوق الإيكولوجي يُعَدُّ مجرد إضافة جديدة لمنطق إبادة الذات. ويتمثّل تأثيره الفوري في خفض مستوى الضرر البيئي الخاص بالمنتَج أو التكنولوجيا، ولكن التأثير الكلي على المدى الطويل هو زيادته (باهرو، 22، 79).
ولذا يمكن إنقاذ الإنسان من مثالب التطور العلمي والتكنولوجي الذي بدأ يتحوّل معه الأفراد إلى تروسٍ في آلة التقدّم.
[1] هو الفيلسوف السويدي «نيك بوستروم» (Nick Bostrom) (1973-…؟)، وقد ناقش المخاطر الوجودية التي تهدد الإنسان في ظل تزايد التكنولوجيا وعمليات خلق الذكاء الاصطناعي، وذلك في بعض مقالاته وكتبه منها بحثه المعنون: «قضايا أخلاقية في الذكاء الاصطناعي المتقدم» 2004. وفي هذا الصدد لابد من الإشارة إلى كتابه المهم: «الذكاء الفائق: المسارات، المخاطر، والاستراتيجيات» (Superintelligence: Paths, Dangers, Strategies) عام 2014
[2] «والتر باجت» (Walter Bagehot) (1826-1877): مفكر وكاتب صحفي بريطاني، وقد كتب بإسهاب عن القضايا المتصلة بالحكومة والاقتصاد والأدب والعرق، ومن بين مؤلفاته: «الدستور الإنجليزي» عام 1867، والذي يستكشف فيه طبيعة دستور المملكة المتحدة، وبالأخص برلمانها ونظام الملكية فيها، وكذلك «الفيزياء والسياسة» عام 1872.
"نهاية الحضارة".. الموجات الحارة والقلق حول مستقبل البشرية
شادي عبد الحافظ
خلال شهري (أبريل/نيسان) و(أيار/مايو) سنة 2015 اجتاحت موجة شديدة الحرارة أرض الهند(1) وقتلت في البداية 1118 شخص ثم ارتفع العدد ليصل إلى 1700 شخص في نهاية شهر (أيار/مايو)، في تلك الفترة أُعلنت حالات الترقب القصوى في البلاد، ورغم محاولات جاهدة تلقت البلاد في الأسبوع الأخير من الموجة ضربة قتلت 551 شخص، لم تمر أيام قليلة حتى ضربت موجة شديدة الحرارة باكستان(2) في (يونيو/حزيران) التالي وقتلت 1300 شخص في كراتشي بشكل رئيسي، ثم توغلت بعد ذلك في البلاد لتقتل 770 شخص، كانت تلك هي أعلى درجة حرارة حصلت عليها باكستان منذ 36 عامًا وقتها، ما الذي يحدث على كوكب الأرض؟!
موجات حارة
قبل عدة أسابيع، نُشرت دراسة جديدة(3) في مجلة "ساينز أدفانسز" (Science Advances) تربط بين الارتفاع السريع بمقدار 0.5 درجة مئوية في متوسط درجات الحرارة بالهند خلال الفترة بين 1960 و 2009 وارتفاع معدلات ضرب الموجات الحارة لها بمقدار 25% أكثر من الأعوام الخمسة والعشرون السابقة لتلك الفترة، بل إن هناك ارتفاع بمقدار 50% في تردد الموجات الحارة بجنوب وغرب البلاد، بذلك ارتفعت احتمالات حدوث حالات الوفاة المرتبطة بالموجات الحارة لتصل إلى 146%، لقد دخلت كل من الهند وباكستان -واللتين سجلتا درجات حرارة في (أيار/مايو) الفائت بمقدار 44 و 54 درجة وهي الأعلى بالنسبة لـ(أيار/مايو) في تاريخ العالم كله- في نطاق موجات الحر القاتلة، ويعني ذلك ارتفاع حالات الوفاة بسبب الموجة الحارة عن 100 شخص.
قبل الخوض في تفاصيل أكثر إثارة وخطورة دعنا نبدأ بتعلم بعض الشيء عمّا تعنيه الموجة الحارة(4) (Heat wave)، وهي هجمات ذات درجات حرارة مرتفعة عن المعدلات المرصودة في منطقة ما، وعادة ما تُصاحب تلك الموجات بارتفاع في درجات الرطوبة، نحتاج هنا أن نوضح أن درجات الحرارة التي تعد عادية في بعض المناطق تمثل موجة حارة بالنسبة لمناطق أخرى، حيث يتوقف تعريفنا للموجة الحارة على المعدلات الطبيعية للمنطقة التي نتحدث عنها، في الوطن العربي مثلا نمر حاليًا بموجة ترتفع فيها درجات الحرارة بدول كالعراق، الكويت، السعودية لموجة حارة تتخطى في الدرجات حاجز ال50، تلك هي موجة حارة.
وترتبط المشكلات الصحية المتعلقة بالموجات الحارة بدرجات الرطوبة، فكلما ارتفعت الرطوبة كانت درجات الحرارة الأقل أكثر تأثيرًا، يشرح ما نسميه مؤشر الحرارة (Heat Index) تلك الفكرة(5)، وهو مؤشر يجمع بين درجة حرارة الهواء والرطوبة النسبية في محاولة لتحديد درجة الحرارة التي يشعر بها الإنسان حقاً، في القاهرة مثلًا سوف تكون درجة الحرارة في الأسبوع المقبل هي 41 درجة، لكنك ستشعر بها كـ 47 درجة، ويمكن للجدول التالي أن يوضح لك بشكل أفضل تأثير ارتفاع الرطوبة والحدود التي يقف عندها المؤشر على حافة الخطر.
قد يبدو للشخص العادي أن ارتفاع بمقدار درجتين في المعدلات العالمية الطبيعية ربما لا يتسبب في فارق واضح، إذ ما الذي يمكن أن يحدث إن كانت درجة الحرارة 34 فأصبحت 36؟ لكن الأمور لا تُحسب بتلك الطريقة، فبجانب قدرة هاتين الدرجتين على ضرب النظام البيئي للكوكب بالكامل، وعلى إغراق مدن بأكملها، وعلى قتل مئات الآلاف من الحيوانات بشكل سنوي في المعدلات العالمية في كارثتين أساسيتين.
مستقبل مسكون بالشك
الكارثة الأولى -كما رأينا في الدراسة- هي ارتفاع معدلات الشذوذ والتطرف في الظروف المناخية، في الحقيقة تندرج تحت تلك المشكلة عدة عوامل أخرى شديدة القسوة، فمثلًا بقياس ارتفاع معدلات الإجهاد الحراري (Heat Stress) في 44 من أصل 101 مدينة عملاقة في العالم، تلك التي يرتفع عدد سكانها عن 10 مليون شخص كـ نيو-دلهي أو القاهرة، وجد الباحثون(6) أن ارتفاع معدلات الحرارة فقط بمقدار 1.5 درجة يتسبب في تضاعف الإصابة بحالات الإجهاد الحراري سنويًا بتلك المدن، مما يعرّض أكثر من 350 مليون شخص إضافي لمشكلات طبية تتعلق بارتفاع درجات الحرارة بحلول عام 2050.
الإجهاد الحراري(7) هو عدم قدرة الجسم على التكيف مع الحرارة الشديدة بسبب تعرضه لها لمدد طويلة، مما يتسبب في مشكلات طبيّة قد تكون خطيرة، تبدأ بأعراض العطش والجفاف وقد تصل إلى صدمة حرارية يصاب خلالها الشخص بصداع شديد، تهيج في الجلد، مع فقدان للتركيز، لتنتهي بفقدان كامل للوعي مع اختلاج (Convulsion)، عادة ما تصيب تلك الحالة مجموعات معيّنة من العاملين في المهن التي تتعرض للشمس بشكل أكبر كعمّال البناء أو عساكر المرور. دعنا في تلك النقطة نتأمل دراسة أخيرة نُشرت في الدورية الشهيرة نيتشر قبل عدة شهور.
شادي عبد الحافظ
خلال شهري (أبريل/نيسان) و(أيار/مايو) سنة 2015 اجتاحت موجة شديدة الحرارة أرض الهند(1) وقتلت في البداية 1118 شخص ثم ارتفع العدد ليصل إلى 1700 شخص في نهاية شهر (أيار/مايو)، في تلك الفترة أُعلنت حالات الترقب القصوى في البلاد، ورغم محاولات جاهدة تلقت البلاد في الأسبوع الأخير من الموجة ضربة قتلت 551 شخص، لم تمر أيام قليلة حتى ضربت موجة شديدة الحرارة باكستان(2) في (يونيو/حزيران) التالي وقتلت 1300 شخص في كراتشي بشكل رئيسي، ثم توغلت بعد ذلك في البلاد لتقتل 770 شخص، كانت تلك هي أعلى درجة حرارة حصلت عليها باكستان منذ 36 عامًا وقتها، ما الذي يحدث على كوكب الأرض؟!
موجات حارة
قبل عدة أسابيع، نُشرت دراسة جديدة(3) في مجلة "ساينز أدفانسز" (Science Advances) تربط بين الارتفاع السريع بمقدار 0.5 درجة مئوية في متوسط درجات الحرارة بالهند خلال الفترة بين 1960 و 2009 وارتفاع معدلات ضرب الموجات الحارة لها بمقدار 25% أكثر من الأعوام الخمسة والعشرون السابقة لتلك الفترة، بل إن هناك ارتفاع بمقدار 50% في تردد الموجات الحارة بجنوب وغرب البلاد، بذلك ارتفعت احتمالات حدوث حالات الوفاة المرتبطة بالموجات الحارة لتصل إلى 146%، لقد دخلت كل من الهند وباكستان -واللتين سجلتا درجات حرارة في (أيار/مايو) الفائت بمقدار 44 و 54 درجة وهي الأعلى بالنسبة لـ(أيار/مايو) في تاريخ العالم كله- في نطاق موجات الحر القاتلة، ويعني ذلك ارتفاع حالات الوفاة بسبب الموجة الحارة عن 100 شخص.
قبل الخوض في تفاصيل أكثر إثارة وخطورة دعنا نبدأ بتعلم بعض الشيء عمّا تعنيه الموجة الحارة(4) (Heat wave)، وهي هجمات ذات درجات حرارة مرتفعة عن المعدلات المرصودة في منطقة ما، وعادة ما تُصاحب تلك الموجات بارتفاع في درجات الرطوبة، نحتاج هنا أن نوضح أن درجات الحرارة التي تعد عادية في بعض المناطق تمثل موجة حارة بالنسبة لمناطق أخرى، حيث يتوقف تعريفنا للموجة الحارة على المعدلات الطبيعية للمنطقة التي نتحدث عنها، في الوطن العربي مثلا نمر حاليًا بموجة ترتفع فيها درجات الحرارة بدول كالعراق، الكويت، السعودية لموجة حارة تتخطى في الدرجات حاجز ال50، تلك هي موجة حارة.
وترتبط المشكلات الصحية المتعلقة بالموجات الحارة بدرجات الرطوبة، فكلما ارتفعت الرطوبة كانت درجات الحرارة الأقل أكثر تأثيرًا، يشرح ما نسميه مؤشر الحرارة (Heat Index) تلك الفكرة(5)، وهو مؤشر يجمع بين درجة حرارة الهواء والرطوبة النسبية في محاولة لتحديد درجة الحرارة التي يشعر بها الإنسان حقاً، في القاهرة مثلًا سوف تكون درجة الحرارة في الأسبوع المقبل هي 41 درجة، لكنك ستشعر بها كـ 47 درجة، ويمكن للجدول التالي أن يوضح لك بشكل أفضل تأثير ارتفاع الرطوبة والحدود التي يقف عندها المؤشر على حافة الخطر.
قد يبدو للشخص العادي أن ارتفاع بمقدار درجتين في المعدلات العالمية الطبيعية ربما لا يتسبب في فارق واضح، إذ ما الذي يمكن أن يحدث إن كانت درجة الحرارة 34 فأصبحت 36؟ لكن الأمور لا تُحسب بتلك الطريقة، فبجانب قدرة هاتين الدرجتين على ضرب النظام البيئي للكوكب بالكامل، وعلى إغراق مدن بأكملها، وعلى قتل مئات الآلاف من الحيوانات بشكل سنوي في المعدلات العالمية في كارثتين أساسيتين.
مستقبل مسكون بالشك
الكارثة الأولى -كما رأينا في الدراسة- هي ارتفاع معدلات الشذوذ والتطرف في الظروف المناخية، في الحقيقة تندرج تحت تلك المشكلة عدة عوامل أخرى شديدة القسوة، فمثلًا بقياس ارتفاع معدلات الإجهاد الحراري (Heat Stress) في 44 من أصل 101 مدينة عملاقة في العالم، تلك التي يرتفع عدد سكانها عن 10 مليون شخص كـ نيو-دلهي أو القاهرة، وجد الباحثون(6) أن ارتفاع معدلات الحرارة فقط بمقدار 1.5 درجة يتسبب في تضاعف الإصابة بحالات الإجهاد الحراري سنويًا بتلك المدن، مما يعرّض أكثر من 350 مليون شخص إضافي لمشكلات طبية تتعلق بارتفاع درجات الحرارة بحلول عام 2050.
الإجهاد الحراري(7) هو عدم قدرة الجسم على التكيف مع الحرارة الشديدة بسبب تعرضه لها لمدد طويلة، مما يتسبب في مشكلات طبيّة قد تكون خطيرة، تبدأ بأعراض العطش والجفاف وقد تصل إلى صدمة حرارية يصاب خلالها الشخص بصداع شديد، تهيج في الجلد، مع فقدان للتركيز، لتنتهي بفقدان كامل للوعي مع اختلاج (Convulsion)، عادة ما تصيب تلك الحالة مجموعات معيّنة من العاملين في المهن التي تتعرض للشمس بشكل أكبر كعمّال البناء أو عساكر المرور. دعنا في تلك النقطة نتأمل دراسة أخيرة نُشرت في الدورية الشهيرة نيتشر قبل عدة شهور.
على نفس الوتر الأول، تحاول الدراسة التي قام بها فريق دولي بجامعة هاواي(8) أن تربط بين مشكلات ارتفاع درجة حرارة الطقس في الموجات الحارة، وارتفاع درجة ترددها، بنسب الوفيات في 164 مدينة من 34 بلدًا، لكن الهدف هنا كان تحديد معايير عالمية دقيقة تمثل النقاط الخطرة التي تتسبب في حالات وفاة ذات علاقة بارتفاع درجات الحرارة وأيضًا الرطوبة النسبية، فكما قلنا أنه بارتفاع نسبة الرطوبة ترتفع المخاطر عنان السماء، نحن نعرف أن إحدى آليات تفادي الجسم لارتفاع درجات الحرارة هي التعرق، لكن مع نسب الرطوبة المرتفعة تنخفض فاعلية تلك الآلية.
بعد تحديد تلك المعايير بدقة يمكن لنا أن نحدد إن كانت الموجات الحارة التي تتعرض لها منطقة ما مميتة أم لا، هنا تقول الدراسة أن هناك أكثر من 30% من سكان العالم يتعرضون لمدة 20 يوم على الأقل لظروف تتجاوز عتبة التعرض لخطر الوفاة، وبحلول العام 2100 سوف ترتفع تلك النسبة إلى 48% في حال أخذنا حذرنا وبدأنا في التقليل من نفث غازات الصوبة الزجاجية بالغلاف الجوي وستصل إلى 74% في حال ظل السيناريو الحالي لأفعالنا ولاستجابات الطبيعة قائمًا، يبدو إذن أن التهديد المتزايد للحياة البشرية من الحرارة الزائدة هو كارثة حتمية تقريبا، ولكن سيزداد تفاقما كبيرا إذا لم تنخفض غازات الصوبة الزجاجية إلى حد كبير.
التغير المناخي يحدث أسرع مما نعتقد، دعنا في تلك المرحلة وانطلاقًا من تلك الفكرة نتأمل أثر ارتفاع تكرار تلك الموجات الحارة على البشر من وجهة نظر مختلفة تمامًا (بكساباي)
بالطبع تؤكد الدراسة أن المناطق الاستوائية سوف تكون أكثر عرضة دون غيرها لتلك الضربات المميتة، والتي يتفق الجميع أنها قد دخلت حيز التأثير بالفعل، ويتوقع الباحثون في كلا الدراستين أن تتميز الموجات الحارة القادمة بثلاثة صفات أساسية، سوف تضرب بدرجات حرارة أعلى في كل مرة بحيث تسجل أرقام قياسية، سوف تستمر لمدد أطول من المدد السابقة أو المتوقعة، وسوف تتكرر بمعدلات أعلى سنويًا، هنا نحتاج أن ننتقل إلى الكارثة التالية.
الكارثة الثانية المتعلقة بالتغير المناخي، وقد تعرضنا لها بالحديث المفصل في تقرير سابق(9)، ذات علاقة بإمكانية توقع شكل المستقبل بدقة مع تلك الشذوذات في استجابة الطقس -وغيره- للتغير المناخي، نحن لن نعرف شيئا مهما امتلكنا من نظريات وتقنيات عالية، نضع توقعات عن تصرفات الطبيعة تجاهنا؛ لكننا دائما نتفاجأ بردة فعل أكثر عنفًا وغزارة، تتصرف الطبيعة فوضويًا بشكل لا يمكن توقع آثاره مهما امتلكنا من أدوات قياس وآليات تنبؤ عملية ونظرية، دائمًا ما نحصل على انحراف طفيف في متغير لم نكن نضعه في الحسبان فيؤدي لتطور مهول، لاخطِّي، يعتمد على حلقات تغذية رجعية، في سير العملية؛ لنتفاجأ في كل مرة بنتيجة واحدة أساسية: التغير المناخي يحدث أسرع مما نعتقد، دعنا في تلك المرحلة وانطلاقًا من تلك الفكرة نتأمل أثر ارتفاع تكرار تلك الموجات الحارة على البشر من وجهة نظر مختلفة تمامًا.
نهاية الحضارة؟!
في كتابه الصادر مترجمًا في سنة 2014 بعنوان "مدار الفوضى: تغير المناخ والجغرافيا الجديدة للعنف" ضمن سلسلة عالم المعرفة يضع كريستيان بارينتي تصورًا يربط من خلاله بين الأزمات السياسية والاجتماعية العنيفة والتي واجهت، أو تواجه، الدول الموجودة بين مداري السرطان والجدي، كالصومال، غينيا، ساحل العاج، أفغانستان.. إلخ، بالتغيرات المناخية، حيث في هذا الشريط بين المدارين(10) -والذي تقع فيه 46 دولة بتعداد سكّاني حوالي 3 مليار نسمة- بدأ التغير المناخي يضرب بقسوة وبشكل مفاجئ، وتعتمد المجتمعات ضمن هذا الشريط بقوة على الزراعة وصيد الأسماك، وبالتالي فهي مهددة بشكل أكبر من غيرها بالتغيرات في أنماط الطقس، مما يتسبب في النهاية بتغيرات مجتمعية قاسية.
في الحقيقة تشير العديد من الدراسات(11،12،13،14،15) إلى ارتباط واضح بين ارتفاع درجات الحرارة وحالات العنف، التعصب، والجرائم كالقتل، الاغتصاب، والتعدي على الآخرين بأي غرض، وحتى انخفاض مقدار الدخل السنوي. ويمكن تقبل ذلك في إطار حجم الإجهاد الجسدي والنفسي الذي تضيفه الارتفاعات المتكررة في درجات الحرارة إلى المواطن العادي في دولة ما، يمتد ذلك بالبعض ليرسم صورة أكبر عن مجتمع ككل يتعرض للمشكلات المناخية بوتيرة أكبر، ليصل إلى نتيجة مفادها أن الأحداث العنيفة، والتي تظهر على شكل جريمة وقمع وعصيان مدني وحرب وظهور جماعات مسلحة وانقلابات دموية وحتى انهيار الدولة، مرتبطة بالتغيرات المناخية، بل أن هناك دراسات(16) صدرت مؤخرًا تربط بين الحرب السورية والتغير المناخي.
الأًولى -في نظر بارينتي- هو أن تعمل تلك الدول على تحسين اقتصاد المنطقة بين المدارين والذي كان التغير المناخي عاملًا رئيسيا في انهياره بالمقام الأول، وأن تعمل على تخفيف آثار التغير المناخي (رويترز)
الجزيرة
هاواي.. أرخبيل "خارج" الجغرافيا الأميركية
ولاية على شكل أرخبيل من الجزر بالمحيط الهادي، تبعد عن الشواطئ الأميركية بـ3860 كلم، كانت أحد أسباب دخول الولايات المتحدة الحرب الكونية الثانية بعد تعرض ميناء بيرل هاربر لهجوم ياباني.
في تلك النقطة يمكن القول أن الصورة تزداد قتامة، يرى بارينتي أن السيناريو المتوقع، وهو ما يحدث بالفعل كما يقول، أن هناك مخططون عسكريون غربيون وزعماء سياسيون، يعرفون بالفعل أخطار تجمع الاضطراب السياسي مع تغير المناخ، وهم يتوقعون ظهور تطرفات قاسية في صورة حروب أهلية وتدفقات لاجئين ومذابح جماعية وانهيارات اجتماعية مدفوعة كلها مناخيا -بتعبير بارينتي- واستجابة لذلك يتصور هؤلاء العسكريون والسياسيون مشروع مفتوح لمكافحة التمرد يطبق على المستوى العالمي، من أجل قمع اللجوء، ومنع دخول هذا العنف إلى بلادهم، إنهم يتجهزون لعالم ما بعد الفوضى المناخية.
لكن بارينتي يؤكد أن ذلك لن يكون كافيًا، بين المدارين يعيش أكثر من ثلاثة مليارات شخص، لن تنفع الجدران العازلة ولا الأسلاك الشائكة أو الأسلحة الثقيلة في قمع ذلك الهجوم المهيب من بشر ضربهم الجوع، المرض، التعصب، والفقر، وسوف تفنى الحضارة البشرية حتمًا إن كانت تلك هي الخطة، والأًولى -كما يرى- هو أن تعمل تلك الدول على تحسين اقتصاد المنطقة بين المدارين والذي كان التغير المناخي عاملًا رئيسيا في انهياره بالمقام الأول، وأن تعمل على تخفيف آثار التغير المناخي. لكن، هل الأمور حقًا بتلك الصورة السوداوية؟! هل نحن أمام أبوكاليبس جديد للعالم تنهار خلاله الحضارة البشرية؟!
لازالت تصوّرات بارينتي التي يبنيها في كتابه، أو حتى الدراسات التي تشير لذلك، هي فرضيات مبنية على ترابط يُقال أنه يعني السببية لكنه لا يمتلك بعد دلائل بالدقة الكافية(17) لدعمه، فذلك النطاق البحثي الحديث والمطروح بقوة للنقاش يحتاج لجمع الكثير من البيانات قبل أن نتحدث عن تأكيدات، لكن المؤكد هو أن التغير المناخي يحدث، وأن موجات الحر المميتة قد بدأت في العمل بالفعل، وما هو مؤكد أيضًا أن النشاط البشري له دور في (إحداث/تسريع) هذا التغير، وما هو مؤكد أيضًا أننا قد دخلنا نقطة اللاعودة بالفعل، فكما رأينا، محاولاتنا فقط تخفف من النسب التي سوف ترتفع حتمًا، أضف لتلك الحقائق أنه لا يمكن لنا بحال توقع مستقبل ذلك كله بدقة، وهذه هي أكثر صورة متفائلة يمكن أن ننقلها لك!
بناء الإنسان والحضارة
عادل أعياشي
الإنسان هو أساسُ كل حضارة بشرية، فهو الأصل، وهو المادّة الخام، وهو الجذر الذي تتفرّع منه كل المجالات الأخرى لتنموا وتُزهر، وهو بمثابة قطراتِ الماء التي تبعثُ الروح من جديدٍ في شجرة الحضارة الجدباء بعد أن كادتُ تذبلُ وتموتُ أوراقها من شحّ المياه، وبالتالي فإن أي تطلّع لمستقبل أفضل رهينٌ بمدى جاهزية هذا الإنسان للتحديات والإكراهات التي تصاحب بالضرورة عملية التطور والانبعاث.
إعلان
والحالة هذه، كان لزاماً على الإنسان نفسه البحث عن سبل تشقّ طريقَه نحو التقدم والرقي، في أفقِ تأسيس مجتمعٍ منتجٍ محقّق للركائز الأساسية للتطور، وليس التطور مرتبطاً بمجتمعٍ من المجتمعات على وجه التحديد، لكنه قابلٌ للتطبيق على كل المجتمعات الإنسانية التي اعتمدتْ مشروعاً قائماً بذاته يسيرُ بها في مصفّ الدول المتقدمة جنباً إلى جنب، بشرط أن تتوفّر الإرادة الصريحة الجادّة، والنية الصادقة المُنبثقة من وعيٍ كاملٍ بمكامنِ الخلل ومواطنِ الضعف والطموح إلى بلوغ الأهداف المسطّرة مسبقاً.
أعتقد أن بناء الإنسان هو من أكبر التحديات التي يُمكن أن تواجه عملية التطوّر، وهو يتطلّب إعادةَ تقييمِ المبادئ الأساسية التي تتوفّر لدى الفرد الواحد، وهذا لا يتأتى إلا بتربية النّشء منذُ نعومة أظفاره على الأخلاق والمثل بطريقة علمية صحيحة، ولا يُمكن زرع المبادئ إلا في الجيلِ الصاعد القابلِ للتوجيه والتأهيل، حتى نتمكّن من قطفِ الثّمار على المدى البعيد أو المتوسط، مع الصبر والاستمرارية، فتسلّق الجبل لا يتمُّ إلا من السفح، وطلوعُ المبنى الشاهق لا يتم إلا من الطابق الأول، وقرارُ بناءِ نهضة حقيقية اعتماداً على خيارِ الإصلاح والانطلاقِ من نُقطة الحالة القائمة قرار لا طائل من وراءه، فهو بمثابة محاولة تحديدِ الطريق السالكة من بين عدّة طرق متشابكة بعضها مع بعض، إذ لا يُمكن تعيينها إلا إذا تتبّعتَ الطريق من نقطة بدايتها.
"
الطاقة العربية تُهدر نسبةٌ كبيرة منها في البحث عن تأمين الحد الأدنى من مستلزمات العيش وضمان لقمة الخبز بشكل يومي، لذا نلاحظ تراجع الإبداع العربي
"
إنّ أي مشروع نهضة لا بد وأن يكون الإنسان فيه هو محور الانشغال والاهتمام، بل واللبنة الأولى التي تُشيّد في تأسيس هياكل هذا المشروع الطويل المُنهك، وبالتالي فكل مشروع نهضة لا يقوم على أسسٍ إنسانية متينة وموثوقٍ بها لا يمكنه الصمود أمام تيارات التحديات المختلفة التي تواجه العالم. وليس التطور إعادة لتجارب الآخرين، فذاك ليس بالضرورة صائباً، لأن كلَّ حالة تتفرّد بخصوصياتها وظروفها المعينة كما كان يرى المُفكر مالك بن نبي حن قال: "لا نَستطيع أن نستورد من الغرب كل آلياته التي بلغها، لأنها لا توافق بعدنا الفكري".
لا يمكننا تهيئ الفرد الذي بفضله تُبنى النهضة وتُقام، إلا إذا واكبتْ تنشئتُه برنامجاً محكماً يُلازمه في كلّ أطوار حياته، يُنصتُ لمعاناته، يُساعده في تعثراته وعقباته لينهضَ ويُواصل، كالزهرة التي تحتاج لجرعات من الماء حتى تنمو وتُعطي ريحها، فمن جانبٍ لا يجب أن تزيد هذه الجرعات إلى درجة أن تُغير للفرد نمطه الطبيعي في الحياة، ولا يجب لها من جانبٍ آخر أن تنقص بحيث تُؤثر على السير العادي لتنزيل المشروع، ولا بد أن تخضع التنشئةُ كذلك لاهتمامٍ متزايدٍ بالتنمية الذاتية والنفسية منذ السنوات الأولى للطفل، بل وعليها أن تُشكل المادة الأساسية في المنظومة التعليمية لما لها من فوائد جمّة في بناء شخصية الإنسان وصناعة وعيه واستعداده النفسي لمجابهة تحديات الحياة وما أكثرها، فشخصية الإنسان عامل مهم في بناء مجتمعات سليمة آمنة واعية بنظامها الداخلي ومسؤولة عن كل ما تُصدرهُ من أفعال وأحاسيس.
إن الطاقة العربية تُهدر نسبةٌ كبيرة منها في البحث عن تأمين الحد الأدنى من مستلزمات العيش وضمان لقمة الخبز بشكل يومي، لذا نلاحظ تراجع الإبداع العربي الذي يتطلب قدراً كافياً من الاستقرار والتركيز، فالإنسان عندما يجد عنصر الاستقرار يُبدع ويُنتج أكثر، وهذا ما يفسر تألق العقول العربية المهاجرة إلى أمريكا وكندا وأوربا كونها تجد هناك أرضية ملائمة ومساعدة على الإبداع والعطاء، فنجدُ الفرد في الدول المتقدمة يُركز ذهنُه أكثر على ما يتصف به من قدراتٍ ومؤهلات، من أي نوع كانت، فيَسهرُ على تطويرها وصقلها وإظهارها للآخرين ضامناً في الوقت ذاته دخلاً يُؤمن به بقاءه ومستقبله، وهذا ما يجعل نسبة الإبداع الفني والعلمي والأدبي ترتفع بشكل ملحوظ في الدول المتقدمة مقارنةً مع الدول التي تُعاني الفقر والتهميش.
لا بدّ لنا إن نحن قرّرنا المُضي قدُماً في بناءِ صرح لنهضة عربية فاعلة أن نُعيد الاعتبار للتعليم وأن نُخرجه من تقوقعه الحجري ببثّ دماءٍ جديدة فيه، والتعليم ليس تشييد المدارس والجامعات فقط، إنما هو النتيجة المُنتظرة من إنسان بعد أن يقضي سنوات طويلة من عُمره في التعلم، فالتعليم في دولنا العربية أصبح مُقترناً مع الأسف ببعبع النجاح والعلامة، ولا علاقة له
عادل أعياشي
الإنسان هو أساسُ كل حضارة بشرية، فهو الأصل، وهو المادّة الخام، وهو الجذر الذي تتفرّع منه كل المجالات الأخرى لتنموا وتُزهر، وهو بمثابة قطراتِ الماء التي تبعثُ الروح من جديدٍ في شجرة الحضارة الجدباء بعد أن كادتُ تذبلُ وتموتُ أوراقها من شحّ المياه، وبالتالي فإن أي تطلّع لمستقبل أفضل رهينٌ بمدى جاهزية هذا الإنسان للتحديات والإكراهات التي تصاحب بالضرورة عملية التطور والانبعاث.
إعلان
والحالة هذه، كان لزاماً على الإنسان نفسه البحث عن سبل تشقّ طريقَه نحو التقدم والرقي، في أفقِ تأسيس مجتمعٍ منتجٍ محقّق للركائز الأساسية للتطور، وليس التطور مرتبطاً بمجتمعٍ من المجتمعات على وجه التحديد، لكنه قابلٌ للتطبيق على كل المجتمعات الإنسانية التي اعتمدتْ مشروعاً قائماً بذاته يسيرُ بها في مصفّ الدول المتقدمة جنباً إلى جنب، بشرط أن تتوفّر الإرادة الصريحة الجادّة، والنية الصادقة المُنبثقة من وعيٍ كاملٍ بمكامنِ الخلل ومواطنِ الضعف والطموح إلى بلوغ الأهداف المسطّرة مسبقاً.
أعتقد أن بناء الإنسان هو من أكبر التحديات التي يُمكن أن تواجه عملية التطوّر، وهو يتطلّب إعادةَ تقييمِ المبادئ الأساسية التي تتوفّر لدى الفرد الواحد، وهذا لا يتأتى إلا بتربية النّشء منذُ نعومة أظفاره على الأخلاق والمثل بطريقة علمية صحيحة، ولا يُمكن زرع المبادئ إلا في الجيلِ الصاعد القابلِ للتوجيه والتأهيل، حتى نتمكّن من قطفِ الثّمار على المدى البعيد أو المتوسط، مع الصبر والاستمرارية، فتسلّق الجبل لا يتمُّ إلا من السفح، وطلوعُ المبنى الشاهق لا يتم إلا من الطابق الأول، وقرارُ بناءِ نهضة حقيقية اعتماداً على خيارِ الإصلاح والانطلاقِ من نُقطة الحالة القائمة قرار لا طائل من وراءه، فهو بمثابة محاولة تحديدِ الطريق السالكة من بين عدّة طرق متشابكة بعضها مع بعض، إذ لا يُمكن تعيينها إلا إذا تتبّعتَ الطريق من نقطة بدايتها.
"
الطاقة العربية تُهدر نسبةٌ كبيرة منها في البحث عن تأمين الحد الأدنى من مستلزمات العيش وضمان لقمة الخبز بشكل يومي، لذا نلاحظ تراجع الإبداع العربي
"
إنّ أي مشروع نهضة لا بد وأن يكون الإنسان فيه هو محور الانشغال والاهتمام، بل واللبنة الأولى التي تُشيّد في تأسيس هياكل هذا المشروع الطويل المُنهك، وبالتالي فكل مشروع نهضة لا يقوم على أسسٍ إنسانية متينة وموثوقٍ بها لا يمكنه الصمود أمام تيارات التحديات المختلفة التي تواجه العالم. وليس التطور إعادة لتجارب الآخرين، فذاك ليس بالضرورة صائباً، لأن كلَّ حالة تتفرّد بخصوصياتها وظروفها المعينة كما كان يرى المُفكر مالك بن نبي حن قال: "لا نَستطيع أن نستورد من الغرب كل آلياته التي بلغها، لأنها لا توافق بعدنا الفكري".
لا يمكننا تهيئ الفرد الذي بفضله تُبنى النهضة وتُقام، إلا إذا واكبتْ تنشئتُه برنامجاً محكماً يُلازمه في كلّ أطوار حياته، يُنصتُ لمعاناته، يُساعده في تعثراته وعقباته لينهضَ ويُواصل، كالزهرة التي تحتاج لجرعات من الماء حتى تنمو وتُعطي ريحها، فمن جانبٍ لا يجب أن تزيد هذه الجرعات إلى درجة أن تُغير للفرد نمطه الطبيعي في الحياة، ولا يجب لها من جانبٍ آخر أن تنقص بحيث تُؤثر على السير العادي لتنزيل المشروع، ولا بد أن تخضع التنشئةُ كذلك لاهتمامٍ متزايدٍ بالتنمية الذاتية والنفسية منذ السنوات الأولى للطفل، بل وعليها أن تُشكل المادة الأساسية في المنظومة التعليمية لما لها من فوائد جمّة في بناء شخصية الإنسان وصناعة وعيه واستعداده النفسي لمجابهة تحديات الحياة وما أكثرها، فشخصية الإنسان عامل مهم في بناء مجتمعات سليمة آمنة واعية بنظامها الداخلي ومسؤولة عن كل ما تُصدرهُ من أفعال وأحاسيس.
إن الطاقة العربية تُهدر نسبةٌ كبيرة منها في البحث عن تأمين الحد الأدنى من مستلزمات العيش وضمان لقمة الخبز بشكل يومي، لذا نلاحظ تراجع الإبداع العربي الذي يتطلب قدراً كافياً من الاستقرار والتركيز، فالإنسان عندما يجد عنصر الاستقرار يُبدع ويُنتج أكثر، وهذا ما يفسر تألق العقول العربية المهاجرة إلى أمريكا وكندا وأوربا كونها تجد هناك أرضية ملائمة ومساعدة على الإبداع والعطاء، فنجدُ الفرد في الدول المتقدمة يُركز ذهنُه أكثر على ما يتصف به من قدراتٍ ومؤهلات، من أي نوع كانت، فيَسهرُ على تطويرها وصقلها وإظهارها للآخرين ضامناً في الوقت ذاته دخلاً يُؤمن به بقاءه ومستقبله، وهذا ما يجعل نسبة الإبداع الفني والعلمي والأدبي ترتفع بشكل ملحوظ في الدول المتقدمة مقارنةً مع الدول التي تُعاني الفقر والتهميش.
لا بدّ لنا إن نحن قرّرنا المُضي قدُماً في بناءِ صرح لنهضة عربية فاعلة أن نُعيد الاعتبار للتعليم وأن نُخرجه من تقوقعه الحجري ببثّ دماءٍ جديدة فيه، والتعليم ليس تشييد المدارس والجامعات فقط، إنما هو النتيجة المُنتظرة من إنسان بعد أن يقضي سنوات طويلة من عُمره في التعلم، فالتعليم في دولنا العربية أصبح مُقترناً مع الأسف ببعبع النجاح والعلامة، ولا علاقة له
بالمعرفة والاستفادة، والمهم لدى النّشء الصاعد اليوم أن يحصل على معدلات تضمن له الانتقال إلى المرحلة الدراسية التالية، بغض النظر عن نجاحه في تجميع محصول معرفي جيد ينفعه في مستقبله.
فالتعليم هو بمثابة الحقنة التي تُنقلُ بها الأخلاق والقيم والمعارف إلى الأجيال القادمة، فإذا فسدت الحقنة فسد الجيل بأكمله وجَنَينا من ذلك كوارث اجتماعية كبيرة، كما أن المواد التطبيقية كالفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية لا يُمكن تدريسها بطريقةٍ نظرية، فهي تُدرّس في المختبرات والمعامل العلمية، لأن ذلك يُفقدُها بريقها وجوهرها فتتحول إلى مواد منبوذة مُملّة للطلبة، في حين أنها العصب الرئيسي في تقدم العلوم والتكنولوجيا للدول، ولا يمكن أن نتخيّل تعليماً دون أنشطة موازية، تفتحُ المجال أمام التلميذ أو الطالب لإبراز مواهبه وفرض نفسه، لأن ذلك يساعده بشكلٍ كبير على التحصيل العلمي الجيّد وانفتاح أفكاره وتنمية تواصله مع محيطه، ولا بد أن يكون التعليم الذي يتلقاه الفرد متماشياً مع نوعية فرص الشغل المتاحة، إذ أن الهدف من العلم هو تطبيقه، وإلا ما فائدة أن يقضي الإنسان حياته في دراسة علم لا ينفعه بعد تخرجه.
نحن بحاجة ماسة لفكرٍ سهلٍ قابل للإنجاز على أرض الواقع، سئمنا من النظريات المعقدة والأفكار الضبابية التي يطغى عليها الكلام والتنظير على الفعل السليم السديد
وتبقى التربية القائمة على أسسٍ علمية متعارف عليها دوليا من أهم ما يُمكن أن يصاحب تكويناً متماشياً مع سوق الشغل، دون إهمال الفئات الخاصة من المتعلمين الذين يُبدون تصرفاتٍ عدوانية منذ طفولتهم أو ميلٍ إلى الانحراف والتطرف في سن مبكرة جدّا، فهؤلاء يحتاجون إلى رعاية خاصةٍ وإلى تربيةٍ دقيقة حتى نجعلهم أهلاً لتجاوز محنتهم، خصوصا وأنهم مُجبرون على هذه التصرفات، وإن إهمالهم مضرّة كبيرة للمجتمع وجناية في حقهم، ولا ريب أنهم يجيدون فنّاً من الفنون أو تقنية من التقنيات يجب استثمارها، فالإنسان مبدعٌ بطبيعته لكنه يجهل قدراته ونقاط قوته.
لا نتخيّل حضارة عربية تتبلور في أفق المستقبل دون الأخذ بعين الاعتبار اللغة العربية الأم، فبدونها لن نبلغَ المنى ولو كان الاعتماد على اللغات الرائدة الأخرى كاملاً، وهذا أساس كل نهضة إنسانية، فكما يقال تدريس اللغات الأجنبية واجب، والتدريس باللغات الأجنبية جريمة. إن الأبحاث والاكتشافات التي يحققها العلماء العرب في الخارج تُحسب على الدول المستقبلة، وتُكتب باللغة الأجنبية عادةً ولا تُترجم إلى العربية، وبالتالي لا نصيب للعرب من هذه الاكتشافات العلمية حتى وإن كان أصحابها يُتقنون اللغة العربية إتقاناً، ولأنّنا كذلك نتعلّم أفضل باللغة التي نَفهمها ونُتقنها ونكبر في كنفها، وبالتالي يكون التركيزُ أكثر في العطاء نفسه وليس في الوسيلة التي يُقدَّم بها هذا العطاء، وهذا في حد ذاته مكسب مهم للطاقة والجهد.
نحن في حاجة ماسة إلى فكرٍ سهلٍ قابل للانجاز على أرض الواقع، سئمنا من النظريات المعقدة والأفكار الضبابية التي يطغى عليها الكلام والتنظير على الفعل السليم السديد، إن النيّة في التطور والرُقي كائنة، ولعلها من المواصفات الفطرية التي تتصف بها الإنسانية بشكلٍ عام، إلا أن الطريقة المتّبعة عادة ما تكون بعيدة كل البعد عن الصواب في كل مرّة تتضافر الجهود بنية إنجاحها ودفعها قدما نحو الأمام.
فالتعليم هو بمثابة الحقنة التي تُنقلُ بها الأخلاق والقيم والمعارف إلى الأجيال القادمة، فإذا فسدت الحقنة فسد الجيل بأكمله وجَنَينا من ذلك كوارث اجتماعية كبيرة، كما أن المواد التطبيقية كالفيزياء والكيمياء والعلوم الطبيعية لا يُمكن تدريسها بطريقةٍ نظرية، فهي تُدرّس في المختبرات والمعامل العلمية، لأن ذلك يُفقدُها بريقها وجوهرها فتتحول إلى مواد منبوذة مُملّة للطلبة، في حين أنها العصب الرئيسي في تقدم العلوم والتكنولوجيا للدول، ولا يمكن أن نتخيّل تعليماً دون أنشطة موازية، تفتحُ المجال أمام التلميذ أو الطالب لإبراز مواهبه وفرض نفسه، لأن ذلك يساعده بشكلٍ كبير على التحصيل العلمي الجيّد وانفتاح أفكاره وتنمية تواصله مع محيطه، ولا بد أن يكون التعليم الذي يتلقاه الفرد متماشياً مع نوعية فرص الشغل المتاحة، إذ أن الهدف من العلم هو تطبيقه، وإلا ما فائدة أن يقضي الإنسان حياته في دراسة علم لا ينفعه بعد تخرجه.
نحن بحاجة ماسة لفكرٍ سهلٍ قابل للإنجاز على أرض الواقع، سئمنا من النظريات المعقدة والأفكار الضبابية التي يطغى عليها الكلام والتنظير على الفعل السليم السديد
وتبقى التربية القائمة على أسسٍ علمية متعارف عليها دوليا من أهم ما يُمكن أن يصاحب تكويناً متماشياً مع سوق الشغل، دون إهمال الفئات الخاصة من المتعلمين الذين يُبدون تصرفاتٍ عدوانية منذ طفولتهم أو ميلٍ إلى الانحراف والتطرف في سن مبكرة جدّا، فهؤلاء يحتاجون إلى رعاية خاصةٍ وإلى تربيةٍ دقيقة حتى نجعلهم أهلاً لتجاوز محنتهم، خصوصا وأنهم مُجبرون على هذه التصرفات، وإن إهمالهم مضرّة كبيرة للمجتمع وجناية في حقهم، ولا ريب أنهم يجيدون فنّاً من الفنون أو تقنية من التقنيات يجب استثمارها، فالإنسان مبدعٌ بطبيعته لكنه يجهل قدراته ونقاط قوته.
لا نتخيّل حضارة عربية تتبلور في أفق المستقبل دون الأخذ بعين الاعتبار اللغة العربية الأم، فبدونها لن نبلغَ المنى ولو كان الاعتماد على اللغات الرائدة الأخرى كاملاً، وهذا أساس كل نهضة إنسانية، فكما يقال تدريس اللغات الأجنبية واجب، والتدريس باللغات الأجنبية جريمة. إن الأبحاث والاكتشافات التي يحققها العلماء العرب في الخارج تُحسب على الدول المستقبلة، وتُكتب باللغة الأجنبية عادةً ولا تُترجم إلى العربية، وبالتالي لا نصيب للعرب من هذه الاكتشافات العلمية حتى وإن كان أصحابها يُتقنون اللغة العربية إتقاناً، ولأنّنا كذلك نتعلّم أفضل باللغة التي نَفهمها ونُتقنها ونكبر في كنفها، وبالتالي يكون التركيزُ أكثر في العطاء نفسه وليس في الوسيلة التي يُقدَّم بها هذا العطاء، وهذا في حد ذاته مكسب مهم للطاقة والجهد.
نحن في حاجة ماسة إلى فكرٍ سهلٍ قابل للانجاز على أرض الواقع، سئمنا من النظريات المعقدة والأفكار الضبابية التي يطغى عليها الكلام والتنظير على الفعل السليم السديد، إن النيّة في التطور والرُقي كائنة، ولعلها من المواصفات الفطرية التي تتصف بها الإنسانية بشكلٍ عام، إلا أن الطريقة المتّبعة عادة ما تكون بعيدة كل البعد عن الصواب في كل مرّة تتضافر الجهود بنية إنجاحها ودفعها قدما نحو الأمام.
د. سليمان صالح
هل يتطلع العالم للإسلام لبناء حضارة المستقبل؟
أصبحت الإنسانية تحتاج إلى نوعية جديدة من العلماء والمفكرين يمتلكون الشجاعة لطرح أسئلة جديدة تثير الخيال، وتفتح آفاقا جديدة للتفكير. ومشكلة الغرب أن العلماء فيه فقدوا القدرة على التفكير خارج صندوق الرأسمالية المادية، ومشروع التنوير الغربي الذي كان سببا في المأساة التي تتعرض لها الشعوب.
أما في الجنوب الفقير فقد قيدت النظم الاستبدادية حرية التفكير والتعبير والبحث العلمي، وأصبح العلماء يتمتعون بحقهم في الاختيار بين السجن والمنفى.
هل نستطيع أن نكرر التجربة التاريخية؟!
لذلك سأطرح عليك أنت هذا السؤال: هل يمكن أن يقود الإسلام الشعوب لبناء حضارة جديدة تحقق للناس العدل والحرية والكرامة، ويتم فيها توظيف الثروات الطبيعية والمادية والبشرية لحماية الحق في الحياة، والتمتع بنعم الله سبحانه وتعالي دون إسراف وتبذير أو تقتير أو جباية.
قبل أن تجيب سأقدم لك بعض الحقائق التي يمكن أن تضيئ الطريق من أهمها أن المسلمين تمكنوا من بناء حضارة عظيمة تمتع فيها الناس بكل هذه الحقوق طوال قرون عديدة، وفي هذه الحضارة تم حماية كرامة الناس وحريتهم، فانطلقت عقولهم تبتكر وتنتج وتقدم أفكارا جديدة وتطور العلوم، وعاش الناس حياة طيبة.
دراسة تاريخ الحضارة الاسلامية بمناهج علمية جديدة، وبرؤية متحررة من التبعية للغرب يمكن أن توضح لنا كيف يمكن أن نبني حضارة المستقبل.. لكن هل يمكن أن تشارك أنت في توعية الشعوب، ومحاربة التزييف والتضليل الغربي؟.
بالتأكيد أنت تستطيع عندما تستعيد وعيك بالتجربة العظيمة التي قدمها أجدادك المسلمون للبشرية.. ففي خلال فترة قصيرة من الزمن حطم المسلمون طغيان الامبراطوريتين الفارسية والرومانية، ووفروا للإنسانية المعرفة التي تشكل الأساس للحرية والكرامة والازدهار والغنى والتقدم العلمي والثقافي.
لكن لكي نفهم كيف تحققت هذه التجربة يجب أن نعرف الأسس التي قامت عليها هذه الحضارة العظيمة، وما أهداف الذين بنوها وغاياتهم.
كان التوحيد هو أهم الأسس الذي قامت عليها هذه الحضارة، لذلك كانت الوظيفة الحضارية للمسلمين هي تحرير الناس من الوثنية والشرك والخضوع للطغيان والعبودية لغير الله ليصبحوا عبادا لله سبحانه وتعالي وحده الذي خلقهم وأنعم عليهم بالكرامة المرتبطة بالمعرفة.
لذلك حمل المسلمون القرآن وهو كلام الله ورسالته الخاتمة، ليعلموه للبشرية فاطلق عقولهم وطاقاتهم عندما تعلقت قلوبهم بالله وحده، فأصبحوا كراما يشعرون بالفخر بالانتماء إلى خير أمة أخرجت للناس.
ونحن نستطيع أن نكرر التجربة، ونبني الحضارة الإسلامية في المستقبل عندما نستعيد الوعي بالهوية والوظيفة الحضارية والكرامة والحرية، وندرك أننا عباد لله وحده، ونقرأ القرآن بفهم ووعي لنبني به الحضارة ونقيم مجتمعات معرفية يتمتع فيها كل إنسان بحقه في المعرفة.
وهناك الكثير من المؤشرات على أن الواقع سوف يشهد قريبا أحداثا لا يتوقعها العلماء، وأن العالم سوف يتطلع للمسلمين ليقوموا بوظيفتهم في بناء حضارة جديدة. والذين سيقيمون هذه الحضارة هم المؤمنون الذين يربطون حريتهم بإيمانهم، وتقواهم بصلاحهم واصلاحهم للمجتمعات، وعبادتهم لله بكفاحهم لإعمار الأرض،
لذلك اقرأ القرآن بوعي وفهم وحب وإيمان لتصبح مشاركا فعالا في بناء حضارة المستقبل، ولتؤهل نفسك لقيادة شعوب تتطلع للتحرر من الاستعمار والاستبداد.
المسلمون الذين حرروا البشرية من العبودية، وبنوا الحضارة، واجهوا واقعا أقسى بكثير مما تشاهده الآن، وتمكنوا من تغييره في سنوات قليلة، وأنت كمسلم يؤمن بالله تستطيع أن تغير الواقع وتبني لحضارة المستقبل، فاقرأ معي القرآن، واطلق لخيالك العنان.
هل يتطلع العالم للإسلام لبناء حضارة المستقبل؟
أصبحت الإنسانية تحتاج إلى نوعية جديدة من العلماء والمفكرين يمتلكون الشجاعة لطرح أسئلة جديدة تثير الخيال، وتفتح آفاقا جديدة للتفكير. ومشكلة الغرب أن العلماء فيه فقدوا القدرة على التفكير خارج صندوق الرأسمالية المادية، ومشروع التنوير الغربي الذي كان سببا في المأساة التي تتعرض لها الشعوب.
أما في الجنوب الفقير فقد قيدت النظم الاستبدادية حرية التفكير والتعبير والبحث العلمي، وأصبح العلماء يتمتعون بحقهم في الاختيار بين السجن والمنفى.
هل نستطيع أن نكرر التجربة التاريخية؟!
لذلك سأطرح عليك أنت هذا السؤال: هل يمكن أن يقود الإسلام الشعوب لبناء حضارة جديدة تحقق للناس العدل والحرية والكرامة، ويتم فيها توظيف الثروات الطبيعية والمادية والبشرية لحماية الحق في الحياة، والتمتع بنعم الله سبحانه وتعالي دون إسراف وتبذير أو تقتير أو جباية.
قبل أن تجيب سأقدم لك بعض الحقائق التي يمكن أن تضيئ الطريق من أهمها أن المسلمين تمكنوا من بناء حضارة عظيمة تمتع فيها الناس بكل هذه الحقوق طوال قرون عديدة، وفي هذه الحضارة تم حماية كرامة الناس وحريتهم، فانطلقت عقولهم تبتكر وتنتج وتقدم أفكارا جديدة وتطور العلوم، وعاش الناس حياة طيبة.
دراسة تاريخ الحضارة الاسلامية بمناهج علمية جديدة، وبرؤية متحررة من التبعية للغرب يمكن أن توضح لنا كيف يمكن أن نبني حضارة المستقبل.. لكن هل يمكن أن تشارك أنت في توعية الشعوب، ومحاربة التزييف والتضليل الغربي؟.
بالتأكيد أنت تستطيع عندما تستعيد وعيك بالتجربة العظيمة التي قدمها أجدادك المسلمون للبشرية.. ففي خلال فترة قصيرة من الزمن حطم المسلمون طغيان الامبراطوريتين الفارسية والرومانية، ووفروا للإنسانية المعرفة التي تشكل الأساس للحرية والكرامة والازدهار والغنى والتقدم العلمي والثقافي.
لكن لكي نفهم كيف تحققت هذه التجربة يجب أن نعرف الأسس التي قامت عليها هذه الحضارة العظيمة، وما أهداف الذين بنوها وغاياتهم.
كان التوحيد هو أهم الأسس الذي قامت عليها هذه الحضارة، لذلك كانت الوظيفة الحضارية للمسلمين هي تحرير الناس من الوثنية والشرك والخضوع للطغيان والعبودية لغير الله ليصبحوا عبادا لله سبحانه وتعالي وحده الذي خلقهم وأنعم عليهم بالكرامة المرتبطة بالمعرفة.
لذلك حمل المسلمون القرآن وهو كلام الله ورسالته الخاتمة، ليعلموه للبشرية فاطلق عقولهم وطاقاتهم عندما تعلقت قلوبهم بالله وحده، فأصبحوا كراما يشعرون بالفخر بالانتماء إلى خير أمة أخرجت للناس.
ونحن نستطيع أن نكرر التجربة، ونبني الحضارة الإسلامية في المستقبل عندما نستعيد الوعي بالهوية والوظيفة الحضارية والكرامة والحرية، وندرك أننا عباد لله وحده، ونقرأ القرآن بفهم ووعي لنبني به الحضارة ونقيم مجتمعات معرفية يتمتع فيها كل إنسان بحقه في المعرفة.
وهناك الكثير من المؤشرات على أن الواقع سوف يشهد قريبا أحداثا لا يتوقعها العلماء، وأن العالم سوف يتطلع للمسلمين ليقوموا بوظيفتهم في بناء حضارة جديدة. والذين سيقيمون هذه الحضارة هم المؤمنون الذين يربطون حريتهم بإيمانهم، وتقواهم بصلاحهم واصلاحهم للمجتمعات، وعبادتهم لله بكفاحهم لإعمار الأرض،
لذلك اقرأ القرآن بوعي وفهم وحب وإيمان لتصبح مشاركا فعالا في بناء حضارة المستقبل، ولتؤهل نفسك لقيادة شعوب تتطلع للتحرر من الاستعمار والاستبداد.
المسلمون الذين حرروا البشرية من العبودية، وبنوا الحضارة، واجهوا واقعا أقسى بكثير مما تشاهده الآن، وتمكنوا من تغييره في سنوات قليلة، وأنت كمسلم يؤمن بالله تستطيع أن تغير الواقع وتبني لحضارة المستقبل، فاقرأ معي القرآن، واطلق لخيالك العنان.
# الحضارة الإسلامية المستقبلية المشرقة: نور القيم الإلهية والعدالة الإنسانية
## مقدمة: رؤية مستقبلية تنبض بالقيم الإلهية
إن الحضارة الإسلامية المستقبلية ليست مجرد حلمٍ بعيد، بل هي واقعٌ قادمٌ تتجلى فيه أسمى القيم الدينية والإنسانية، حيث تُبنى الحياة على أساس المحبة والعدل، وتُستلهم المبادئ من نور أهل بيت النبوة (عليهم السلام)، الذين هم مصابيح الهداية وأبواب الرحمة الإلهية. إنها حضارةٌ ترفض الظلم والاستبداد، وتؤسس لمجتمعٍ يعيش بالكفاف والعفاف، ويجعل الآخرة نصب عينيه، فلا يلهث وراء المادية والترف، بل يسمو بروحه نحو القرب من الله تعالى.
## أهل البيت (ع): القيادة النورانية والولاية التكوينية
في قلب هذه الحضارة المشرقة يقف أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) كمناراتٍ للهداية، فهم الذين عرَّفهم رسول الله (ص) بأنهم "أمانٌ لأهل الأرض"، وهم حُماة الشريعة وحملة الأسرار الإلهية. بمقاماتهم النورانية وولايتهم التكوينية، يمدون الأمة بالبركات الغيبية، ويوجهونها نحو الخير والصلاح. إن محبتهم ليست مجرد عاطفة، بل هي طريقٌ إلى معرفة الله، لأنهم "الباب الذي يؤتى منه"، وبهذا النور تسمو الأخلاق وتزدهر العدالة.
## العدل والحق: أساس الحضارة الإسلامية
لا تقوم الحضارة الإسلامية المستقبلية إلا على أساس العدل، ذلك المبدأ الذي جعله الله تعالى غاية الرسالات السماوية. فالعدل هنا ليس مجرد قانونٍ يُطبق، بل هو قيمةٌ تنبثق من الإيمان بالله وبرسوله وبأهل بيته (ع). إنها عدالةٌ تشمل كل جوانب الحياة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فلا ظلمَ ولا طغيان، بل مساواةٌ واحترامٌ لحقوق الإنسان الفطرية.
والحقُّ هو الآخر ركيزةٌ أساسية، فلا مكان للأكاذيب ولا للتضليل، بل الكلُّ يسعى نحو الحقيقة بقلوبٍ صافيةٍ وعقولٍ منيرة. فالحقُّ من الله، والباطل زائلٌ لا محالة، وهذه الحضارة تُبنى على الصدق والشفافية في كل المجالات.
## التربية الإنسانية الإسلامية: بناء الإنسان المتكامل
التربية في هذه الحضارة ليست تلقينًا للمعلومات، بل هي بناءٌ للإنسان المتكامل روحًا وعقلًا وجسدًا. إنها تربيةٌ تستمد قيمها من الفطرة الإلهية، فالإنسان خُلق ليعبد الله ويعمر الأرض بالعدل والإحسان. وهنا تبرز أهمية التربية الأخلاقية التي تجعل الفردَ زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة، غيرَ طامعٍ في المال ولا في السلطة، بل يسعى لنفع الآخرين وإصلاح المجتمع.
إن هذه التربية تُخرج جيلًا يرفض المنافسة السلبية والجشع، جيلًا يعيش بالكفاف، قانعًا بما رزقه الله، لا ينافس إلا في الخير والعلم والإتقان. فليس الهدفُ الترفَ ولا الاستهلاكَ المفرط، بل العيشُ الكريم الذي لا يُلهي عن ذكر الله.
## رفض النموذج الغربي: الترف والاستهلاك واللذة الزائلة
الحضارة الإسلامية المستقبلية ترفض النموذج الغربي القائم على المادية والاستهلاك واللذة العابرة، ذلك النموذج الذي جعل من الشهوات هدفًا، ومن الترفِ غاية. إن الإسلام يدعو إلى الاعتدال، فلا إفراط ولا تفريط، لأن الحياة الدنيا ليست إلا جسرًا يعبر منه الإنسان إلى دار الخلود.
ولهذا، فإن هذه الحضارة تقدِّم نموذجًا راقيًا في الاقتصاد، حيث لا احتكارَ ولا استغلال، بل تعاونٌ وتكافل. وفي العلم، لا يكون التقدم وسيلةً للهيمنة، بل للخدمة والإبداع النافع. وفي السياسة، لا مكان للطغاة والمستبدين، بل القيادةُ الحكيمةُ التي تستشير وتعمل بالعدل.
## مواجهة الآخرين بالحكمة والنموذج الحضاري
لا تعتمد هذه الحضارة على القوة العسكرية أو الإكراه، بل على الحوار العقلاني والنصيحة الحكيمة. إنها تواجه الآخرين – من كل الديانات والطوائف – بالمنطق والإقناع، وتقدم لهم نموذجًا إنسانيًّا رائعًا يجذبهم بالعدل والأخلاق، لا بالعنف والإجبار.
وهنا يأتي دور التسديد الإلهي، فالأمة التي تتقي الله وتلتزم بالعدل، ينصرها الله بالمدد الغيبي، كما وعد في كتابه: "وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ" (الحج: 40). وقد يمنُّ الله عليها بالمعجزات والنصر المبين، بعد أن تبذل الجهد والتضحيات في سبيل إقامة الحق.
## خاتمة: نحو مستقبلٍ مشرقٍ بالإيمان والعدل
الحضارة الإسلامية المستقبلية ليست ضربًا من الخيال، بل هي مشروعٌ إلهيٌ قائمٌ على القيم النبيلة، قيادةً وجماهيرَ. إنها حضارةٌ تُحيي العدل، وتُعلي الحق، وتربي الإنسان على الزهد والقناعة، وتواجه العالمَ بالنموذج الأخلاقي الراقي.
فليكن شعارنا: "بالعدل نُقيم الحضارة، وبمحبة أهل البيت (ع) نستمد البركة، وبالإيمان بالله ننال النصر". فهذه هي الحضارة التي ينتظرها العالم، والتي ستكون – بإذن الله – نورًا يهدي البشرية كلها إلى الخير والصلاح.
"وعد الله لا يُخلف الله وعده" (الروم: 6).
## مقدمة: رؤية مستقبلية تنبض بالقيم الإلهية
إن الحضارة الإسلامية المستقبلية ليست مجرد حلمٍ بعيد، بل هي واقعٌ قادمٌ تتجلى فيه أسمى القيم الدينية والإنسانية، حيث تُبنى الحياة على أساس المحبة والعدل، وتُستلهم المبادئ من نور أهل بيت النبوة (عليهم السلام)، الذين هم مصابيح الهداية وأبواب الرحمة الإلهية. إنها حضارةٌ ترفض الظلم والاستبداد، وتؤسس لمجتمعٍ يعيش بالكفاف والعفاف، ويجعل الآخرة نصب عينيه، فلا يلهث وراء المادية والترف، بل يسمو بروحه نحو القرب من الله تعالى.
## أهل البيت (ع): القيادة النورانية والولاية التكوينية
في قلب هذه الحضارة المشرقة يقف أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) كمناراتٍ للهداية، فهم الذين عرَّفهم رسول الله (ص) بأنهم "أمانٌ لأهل الأرض"، وهم حُماة الشريعة وحملة الأسرار الإلهية. بمقاماتهم النورانية وولايتهم التكوينية، يمدون الأمة بالبركات الغيبية، ويوجهونها نحو الخير والصلاح. إن محبتهم ليست مجرد عاطفة، بل هي طريقٌ إلى معرفة الله، لأنهم "الباب الذي يؤتى منه"، وبهذا النور تسمو الأخلاق وتزدهر العدالة.
## العدل والحق: أساس الحضارة الإسلامية
لا تقوم الحضارة الإسلامية المستقبلية إلا على أساس العدل، ذلك المبدأ الذي جعله الله تعالى غاية الرسالات السماوية. فالعدل هنا ليس مجرد قانونٍ يُطبق، بل هو قيمةٌ تنبثق من الإيمان بالله وبرسوله وبأهل بيته (ع). إنها عدالةٌ تشمل كل جوانب الحياة: السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فلا ظلمَ ولا طغيان، بل مساواةٌ واحترامٌ لحقوق الإنسان الفطرية.
والحقُّ هو الآخر ركيزةٌ أساسية، فلا مكان للأكاذيب ولا للتضليل، بل الكلُّ يسعى نحو الحقيقة بقلوبٍ صافيةٍ وعقولٍ منيرة. فالحقُّ من الله، والباطل زائلٌ لا محالة، وهذه الحضارة تُبنى على الصدق والشفافية في كل المجالات.
## التربية الإنسانية الإسلامية: بناء الإنسان المتكامل
التربية في هذه الحضارة ليست تلقينًا للمعلومات، بل هي بناءٌ للإنسان المتكامل روحًا وعقلًا وجسدًا. إنها تربيةٌ تستمد قيمها من الفطرة الإلهية، فالإنسان خُلق ليعبد الله ويعمر الأرض بالعدل والإحسان. وهنا تبرز أهمية التربية الأخلاقية التي تجعل الفردَ زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة، غيرَ طامعٍ في المال ولا في السلطة، بل يسعى لنفع الآخرين وإصلاح المجتمع.
إن هذه التربية تُخرج جيلًا يرفض المنافسة السلبية والجشع، جيلًا يعيش بالكفاف، قانعًا بما رزقه الله، لا ينافس إلا في الخير والعلم والإتقان. فليس الهدفُ الترفَ ولا الاستهلاكَ المفرط، بل العيشُ الكريم الذي لا يُلهي عن ذكر الله.
## رفض النموذج الغربي: الترف والاستهلاك واللذة الزائلة
الحضارة الإسلامية المستقبلية ترفض النموذج الغربي القائم على المادية والاستهلاك واللذة العابرة، ذلك النموذج الذي جعل من الشهوات هدفًا، ومن الترفِ غاية. إن الإسلام يدعو إلى الاعتدال، فلا إفراط ولا تفريط، لأن الحياة الدنيا ليست إلا جسرًا يعبر منه الإنسان إلى دار الخلود.
ولهذا، فإن هذه الحضارة تقدِّم نموذجًا راقيًا في الاقتصاد، حيث لا احتكارَ ولا استغلال، بل تعاونٌ وتكافل. وفي العلم، لا يكون التقدم وسيلةً للهيمنة، بل للخدمة والإبداع النافع. وفي السياسة، لا مكان للطغاة والمستبدين، بل القيادةُ الحكيمةُ التي تستشير وتعمل بالعدل.
## مواجهة الآخرين بالحكمة والنموذج الحضاري
لا تعتمد هذه الحضارة على القوة العسكرية أو الإكراه، بل على الحوار العقلاني والنصيحة الحكيمة. إنها تواجه الآخرين – من كل الديانات والطوائف – بالمنطق والإقناع، وتقدم لهم نموذجًا إنسانيًّا رائعًا يجذبهم بالعدل والأخلاق، لا بالعنف والإجبار.
وهنا يأتي دور التسديد الإلهي، فالأمة التي تتقي الله وتلتزم بالعدل، ينصرها الله بالمدد الغيبي، كما وعد في كتابه: "وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ" (الحج: 40). وقد يمنُّ الله عليها بالمعجزات والنصر المبين، بعد أن تبذل الجهد والتضحيات في سبيل إقامة الحق.
## خاتمة: نحو مستقبلٍ مشرقٍ بالإيمان والعدل
الحضارة الإسلامية المستقبلية ليست ضربًا من الخيال، بل هي مشروعٌ إلهيٌ قائمٌ على القيم النبيلة، قيادةً وجماهيرَ. إنها حضارةٌ تُحيي العدل، وتُعلي الحق، وتربي الإنسان على الزهد والقناعة، وتواجه العالمَ بالنموذج الأخلاقي الراقي.
فليكن شعارنا: "بالعدل نُقيم الحضارة، وبمحبة أهل البيت (ع) نستمد البركة، وبالإيمان بالله ننال النصر". فهذه هي الحضارة التي ينتظرها العالم، والتي ستكون – بإذن الله – نورًا يهدي البشرية كلها إلى الخير والصلاح.
"وعد الله لا يُخلف الله وعده" (الروم: 6).
👍1
*الجيل الخامس في علم النفس: نقلة تكاملية تتجاوز علم النفس التقليدي الأوروبي*
منذ نشأته في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر، انطلق علم النفس كعلم تجريبي يسعى لفهم السلوك الإنساني من خلال أدوات منهجية وصرامة علمية. مرّ هذا العلم بعدة مراحل بدأت مع التحليل النفسي (فرويد)، ثم السلوكية (سكنر)، والإنسانية (مازلو وروجرز)، وصولًا إلى علم النفس الإيجابي (سيليجمان) فيما يُعرف بالجيل الرابع.
*لكن في خضم هذا التطور، بقي الإنسان يُختزل غالبًا إلى بُعد واحد: إما بيولوجي، أو سلوكي، أو إدراكي. وهنا جاءت الحاجة إلى نقلة نوعية في التفكير النفسي: الجيل الخامس من علم النفس، الذي يُعتبر ثورة فكرية ونقدية تجاه النهج الغربي التقليدي.*
نقد علم النفس الأوروبي التقليدي
علم النفس الغربي في مراحله الأولى ارتكز على أسس مادية ومخبرية، منها:
التحليل النفسي: ركّز على الغرائز واللاشعور، وأهمل الجانب الروحي والإيجابي للإنسان.
السلوكية: رأت الإنسان كآلة استجابة للمثيرات، دون أي اعتبار للنوايا أو المعنى أو الوعي.
النزعة العلمية الصارمة: تعاملت مع النفس وكأنها ظاهرة ميكانيكية، مما أدى لتجريد الإنسان من إنسانيته وتكوينه المتعدد.
*هذا المنهج غالبًا ما تجاهل القيم، والمعنى، والروح، والوعي العميق للإنسان، واكتفى بتقديم نماذج تصلح في المختبر لكنها لا تلامس التجربة الوجودية الحقيقية.*
ظهور الجيل الخامس: النفس المتكاملة
*يأتي الجيل الخامس كرد فعل ونقض للمسار التجزيئي في علم النفس. إنه يمثل تحولاً من الاختزال إلى الشمول، ومن المادة إلى المعنى، ومن العقل إلى الوعي.*
الركائز الأساسية للجيل الخامس:
1. الإنسان ككائن متعدد الأبعاد: جسدي، نفسي، اجتماعي، روحي.
2. الدمج بين العلم والروحانية: بدون تعارض، بل كتعاون نحو فهم أعمق للنفس.
3. الوعي المتسامي: دراسة الوعي، والتجارب الروحية، والتوسع الذاتي
4. رفض المركزية الغربية: تبنّي رؤى من ثقافات أخرى لفهم النفس (الشرق، الصوفية، الفلسفة)
5. المعالجة التكاملية: استخدام أدوات متعددة (العلاج النفسي، التأمل، التمارين الجسدية، العمل الطاقي، وغير ذلك).
*أهم منظري الجيل الخامس:*
*كين ويلبر (Ken Wilber)*
يُعتبر من أبرز الأسماء المرتبطة بعلم النفس المتكامل. طور "النموذج التكاملي" (Integral Model) الذي يجمع بين عدة أبعاد للوجود الإنساني: الجسدي، النفسي، الثقافي، والروحي.
*دان سيغل (Dan Siegel)*
مختص في علم الأعصاب والعلاقات، يركز على "الدمج التكاملي" بين الدماغ والعاطفة والعلاقات الاجتماعية.
*ستانيسلاف جروف (Stanislav Grof)*
أحد مؤسسي علم النفس التحولي، وركز على أهمية التجارب العابرة للذات والوعي الموسع، خاصة من خلال النفس العميق والروحانيات.
*إريش فروم (Erich Fromm)*
رغم أنه أقدم زمنيًا، لكن أفكاره حول الحب، والحرية، والتكامل بين الفرد والمجتمع ألهمت الكثير من نظريات الجيل الخامس.
*روبرت كينغ (Robert Kegan)*
يُعرف بنظرية "التنمية الذاتية" التي ترى أن الإنسان يمر بمراحل من التوسع في الوعي والنضج النفسي والاجتماعي.
*مقاربات عربية مع الجيل الخامس*
رغم أن الجيل الخامس لم يتبلور رسميًا في العالم العربي، إلا أن هناك عدد من المفكرين والمعالجين العرب الذين يتقاطعون مع مبادئه، خاصة في ما يتعلق بالتكامل بين النفس والروح والثقافة. منهم ؛
*د. مصطفى محمود (رحمه الله):*
لم يكن عالم نفس بالمعنى الأكاديمي، لكن أعماله الفكرية والفلسفية تربط بين النفس، العقل، والروح، وهو من أوائل من تحدثوا عن النفس من منظور متكامل في الثقافة العربية.
*د. طارق الحبيب:*
طبيب نفسي سعودي، يقدم منهجًا أقرب إلى النفس التكاملية، مع محاولات ربط النفس بالدين والمجتمع، وإن كان لا يُصنف رسميًا كأحد منظري الجيل الخامس.
*د. عبدالكريم بكار:*
مفكر يهتم كثيرًا بالتنمية البشرية والفكر التكاملي، ويتناول النفس في علاقتها بالقيم والهوية، لكن من زاوية فكرية أكثر من كونها علاجية نفسية.
*د. عدنان إبراهيم:*
يتناول النفس والروح والوعي من منظور فلسفي وروحاني وعلمي في آنٍ واحد، ويقترب كثيرًا من منظور الجيل الخامس رغم أنه ليس متخصصًا في علم النفس.
*د. إيهاب حمارنة (أردني):*
متخصص في تطوير الذات والوعي، ومهتم بمفاهيم مثل "الرسالة الروحية"، والتكامل بين النفس والعقل والجسد والكون، وهو من الأقرب حاليًا لروح الجيل الخامس في المجال العربي.
الجيل الخامس: علم نفس بمذاق اسلامي وعربي؟
*هذا الجيل يوفر فرصة فريدة للثقافة الإسلامية لتقديم رؤية نفسية منسجمة مع الدين، القيم، والتقاليد، دون أن تكون أسيرة لنماذج علم النفس الغربي.*
إنه دعوة لإعادة النظر في علاقتنا بأنفسنا، لا من باب العلاج فحسب، بل من باب التحول، والوعي، والتكامل.
منذ نشأته في أوروبا في أواخر القرن التاسع عشر، انطلق علم النفس كعلم تجريبي يسعى لفهم السلوك الإنساني من خلال أدوات منهجية وصرامة علمية. مرّ هذا العلم بعدة مراحل بدأت مع التحليل النفسي (فرويد)، ثم السلوكية (سكنر)، والإنسانية (مازلو وروجرز)، وصولًا إلى علم النفس الإيجابي (سيليجمان) فيما يُعرف بالجيل الرابع.
*لكن في خضم هذا التطور، بقي الإنسان يُختزل غالبًا إلى بُعد واحد: إما بيولوجي، أو سلوكي، أو إدراكي. وهنا جاءت الحاجة إلى نقلة نوعية في التفكير النفسي: الجيل الخامس من علم النفس، الذي يُعتبر ثورة فكرية ونقدية تجاه النهج الغربي التقليدي.*
نقد علم النفس الأوروبي التقليدي
علم النفس الغربي في مراحله الأولى ارتكز على أسس مادية ومخبرية، منها:
التحليل النفسي: ركّز على الغرائز واللاشعور، وأهمل الجانب الروحي والإيجابي للإنسان.
السلوكية: رأت الإنسان كآلة استجابة للمثيرات، دون أي اعتبار للنوايا أو المعنى أو الوعي.
النزعة العلمية الصارمة: تعاملت مع النفس وكأنها ظاهرة ميكانيكية، مما أدى لتجريد الإنسان من إنسانيته وتكوينه المتعدد.
*هذا المنهج غالبًا ما تجاهل القيم، والمعنى، والروح، والوعي العميق للإنسان، واكتفى بتقديم نماذج تصلح في المختبر لكنها لا تلامس التجربة الوجودية الحقيقية.*
ظهور الجيل الخامس: النفس المتكاملة
*يأتي الجيل الخامس كرد فعل ونقض للمسار التجزيئي في علم النفس. إنه يمثل تحولاً من الاختزال إلى الشمول، ومن المادة إلى المعنى، ومن العقل إلى الوعي.*
الركائز الأساسية للجيل الخامس:
1. الإنسان ككائن متعدد الأبعاد: جسدي، نفسي، اجتماعي، روحي.
2. الدمج بين العلم والروحانية: بدون تعارض، بل كتعاون نحو فهم أعمق للنفس.
3. الوعي المتسامي: دراسة الوعي، والتجارب الروحية، والتوسع الذاتي
4. رفض المركزية الغربية: تبنّي رؤى من ثقافات أخرى لفهم النفس (الشرق، الصوفية، الفلسفة)
5. المعالجة التكاملية: استخدام أدوات متعددة (العلاج النفسي، التأمل، التمارين الجسدية، العمل الطاقي، وغير ذلك).
*أهم منظري الجيل الخامس:*
*كين ويلبر (Ken Wilber)*
يُعتبر من أبرز الأسماء المرتبطة بعلم النفس المتكامل. طور "النموذج التكاملي" (Integral Model) الذي يجمع بين عدة أبعاد للوجود الإنساني: الجسدي، النفسي، الثقافي، والروحي.
*دان سيغل (Dan Siegel)*
مختص في علم الأعصاب والعلاقات، يركز على "الدمج التكاملي" بين الدماغ والعاطفة والعلاقات الاجتماعية.
*ستانيسلاف جروف (Stanislav Grof)*
أحد مؤسسي علم النفس التحولي، وركز على أهمية التجارب العابرة للذات والوعي الموسع، خاصة من خلال النفس العميق والروحانيات.
*إريش فروم (Erich Fromm)*
رغم أنه أقدم زمنيًا، لكن أفكاره حول الحب، والحرية، والتكامل بين الفرد والمجتمع ألهمت الكثير من نظريات الجيل الخامس.
*روبرت كينغ (Robert Kegan)*
يُعرف بنظرية "التنمية الذاتية" التي ترى أن الإنسان يمر بمراحل من التوسع في الوعي والنضج النفسي والاجتماعي.
*مقاربات عربية مع الجيل الخامس*
رغم أن الجيل الخامس لم يتبلور رسميًا في العالم العربي، إلا أن هناك عدد من المفكرين والمعالجين العرب الذين يتقاطعون مع مبادئه، خاصة في ما يتعلق بالتكامل بين النفس والروح والثقافة. منهم ؛
*د. مصطفى محمود (رحمه الله):*
لم يكن عالم نفس بالمعنى الأكاديمي، لكن أعماله الفكرية والفلسفية تربط بين النفس، العقل، والروح، وهو من أوائل من تحدثوا عن النفس من منظور متكامل في الثقافة العربية.
*د. طارق الحبيب:*
طبيب نفسي سعودي، يقدم منهجًا أقرب إلى النفس التكاملية، مع محاولات ربط النفس بالدين والمجتمع، وإن كان لا يُصنف رسميًا كأحد منظري الجيل الخامس.
*د. عبدالكريم بكار:*
مفكر يهتم كثيرًا بالتنمية البشرية والفكر التكاملي، ويتناول النفس في علاقتها بالقيم والهوية، لكن من زاوية فكرية أكثر من كونها علاجية نفسية.
*د. عدنان إبراهيم:*
يتناول النفس والروح والوعي من منظور فلسفي وروحاني وعلمي في آنٍ واحد، ويقترب كثيرًا من منظور الجيل الخامس رغم أنه ليس متخصصًا في علم النفس.
*د. إيهاب حمارنة (أردني):*
متخصص في تطوير الذات والوعي، ومهتم بمفاهيم مثل "الرسالة الروحية"، والتكامل بين النفس والعقل والجسد والكون، وهو من الأقرب حاليًا لروح الجيل الخامس في المجال العربي.
الجيل الخامس: علم نفس بمذاق اسلامي وعربي؟
*هذا الجيل يوفر فرصة فريدة للثقافة الإسلامية لتقديم رؤية نفسية منسجمة مع الدين، القيم، والتقاليد، دون أن تكون أسيرة لنماذج علم النفس الغربي.*
إنه دعوة لإعادة النظر في علاقتنا بأنفسنا، لا من باب العلاج فحسب، بل من باب التحول، والوعي، والتكامل.
خاتمة
علم النفس في الجيل الخامس ليس مجرد تطوير نظري، بل هو ثورة معرفية ووجودية، تحاول تحرير الإنسان من قفص التجزيء الغربي، وإعادته إلى أصالته ككائن روحاني، عاقل، متكامل.
إنه جيل المستقبل... وربما هو الطريق لبناء علم نفس عربي الهوية، إنساني الرؤية، عالمي الأثر، اسلامي النشأة.
Fifth-Generation Psychologists: A Holistic Shift Beyond Traditional European Psychology
علم النفس في الجيل الخامس ليس مجرد تطوير نظري، بل هو ثورة معرفية ووجودية، تحاول تحرير الإنسان من قفص التجزيء الغربي، وإعادته إلى أصالته ككائن روحاني، عاقل، متكامل.
إنه جيل المستقبل... وربما هو الطريق لبناء علم نفس عربي الهوية، إنساني الرؤية، عالمي الأثر، اسلامي النشأة.
Fifth-Generation Psychologists: A Holistic Shift Beyond Traditional European Psychology
Fifth-Generation Psychologists: A Holistic Shift Beyond Traditional European Psychology
Since its emergence in Europe in the late 19th century, psychology has developed as an experimental science seeking to understand human behavior using methodological tools and scientific rigor. It evolved through several phases: from psychoanalysis (Freud) to behaviorism (Skinner), then humanistic psychology (Maslow and Rogers), and finally positive psychology (Seligman), known as the fourth wave.
However, throughout these phases, the human being was often reduced to a single dimension: biological, behavioral, or cognitive. This reductionist view sparked the need for a deeper and more integrative understanding of the human psyche—this is where the fifth generation of psychology emerged as a critical and transformative alternative to the dominant Western paradigm.
Critique of Traditional European Psychology
Early Western psychology was deeply rooted in materialistic and mechanistic views:
Psychoanalysis focused heavily on instincts and the unconscious, often ignoring the spiritual and positive aspects of the self.
Behaviorism viewed humans as machines responding to stimuli, dismissing intention, meaning, or consciousness.
Strict scientific reductionism treated the human mind as a mechanical phenomenon, stripping it of its existential, emotional, and spiritual complexity.
This framework largely ignored values, meaning, transcendence, and higher consciousness, offering models that might work in a lab but fail to grasp the full depth of human experience.
The Emergence of the Fifth Generation: The Integrated Self
The fifth generation of psychology emerged as a response to this fragmented view. It represents a paradigm shift—from reduction to integration, from matter to meaning, from mind to consciousness.
Core Foundations of Fifth-Generation Psychology:
The human being as multidimensional: physical, psychological, social, and spiritual.
A fusion of science and spirituality: seeing them as complementary, not contradictory.
Transcendent consciousness: studying spiritual states, altered awareness, and personal transformation.
A critique of Western centrism: embracing insights from other worldviews (Eastern philosophy, Sufism, indigenous traditions).
Integrative therapeutic practices: combining psychotherapy, meditation, bodywork, energy healing, and more.
Leading Figures of the Fifth Generation Globally
Ken Wilber: Creator of the “Integral Theory,” which synthesizes four key dimensions of human existence—individual, collective, inner, and outer.
Stanislav Grof: Pioneer of transpersonal psychology, exploring altered states of consciousness and spiritual experience.
Dan Siegel: Developed the concept of “interpersonal neurobiology,” integrating brain science with relationships and consciousness.
Arab Perspectives Resonating with the Fifth Generation
Although the fifth generation is not formally defined in the Arab world, several thinkers and practitioners reflect its spirit:
Dr. Mostafa Mahmoud: Though not a psychologist, he offered profound insights into the human soul, existence, and spirituality.
Dr. Tareq Al-Habib: A Saudi psychiatrist blending psychological insights with religious and cultural contexts.
Dr. Ehab Hamarneh: One of the most prominent Arab advocates for integrated self-development and spiritual awareness.
Dr. Adnan Ibrahim and Dr. Abdulkarim Bakkar: Philosophers and thinkers who explore the intersections of psychology, spirituality, and identity.
The Fifth Generation: A Chance for an Arab Psychological Renaissance?
This emerging generation presents a unique opportunity for Islamice cultures to develop a psychological model rooted in faith, tradition, and values, while remaining globally relevant.
It invites us to rethink the self—not just in terms of treatment or disorders, but as a path to awakening, growth, and inner harmony.
Conclusion
Since its emergence in Europe in the late 19th century, psychology has developed as an experimental science seeking to understand human behavior using methodological tools and scientific rigor. It evolved through several phases: from psychoanalysis (Freud) to behaviorism (Skinner), then humanistic psychology (Maslow and Rogers), and finally positive psychology (Seligman), known as the fourth wave.
However, throughout these phases, the human being was often reduced to a single dimension: biological, behavioral, or cognitive. This reductionist view sparked the need for a deeper and more integrative understanding of the human psyche—this is where the fifth generation of psychology emerged as a critical and transformative alternative to the dominant Western paradigm.
Critique of Traditional European Psychology
Early Western psychology was deeply rooted in materialistic and mechanistic views:
Psychoanalysis focused heavily on instincts and the unconscious, often ignoring the spiritual and positive aspects of the self.
Behaviorism viewed humans as machines responding to stimuli, dismissing intention, meaning, or consciousness.
Strict scientific reductionism treated the human mind as a mechanical phenomenon, stripping it of its existential, emotional, and spiritual complexity.
This framework largely ignored values, meaning, transcendence, and higher consciousness, offering models that might work in a lab but fail to grasp the full depth of human experience.
The Emergence of the Fifth Generation: The Integrated Self
The fifth generation of psychology emerged as a response to this fragmented view. It represents a paradigm shift—from reduction to integration, from matter to meaning, from mind to consciousness.
Core Foundations of Fifth-Generation Psychology:
The human being as multidimensional: physical, psychological, social, and spiritual.
A fusion of science and spirituality: seeing them as complementary, not contradictory.
Transcendent consciousness: studying spiritual states, altered awareness, and personal transformation.
A critique of Western centrism: embracing insights from other worldviews (Eastern philosophy, Sufism, indigenous traditions).
Integrative therapeutic practices: combining psychotherapy, meditation, bodywork, energy healing, and more.
Leading Figures of the Fifth Generation Globally
Ken Wilber: Creator of the “Integral Theory,” which synthesizes four key dimensions of human existence—individual, collective, inner, and outer.
Stanislav Grof: Pioneer of transpersonal psychology, exploring altered states of consciousness and spiritual experience.
Dan Siegel: Developed the concept of “interpersonal neurobiology,” integrating brain science with relationships and consciousness.
Arab Perspectives Resonating with the Fifth Generation
Although the fifth generation is not formally defined in the Arab world, several thinkers and practitioners reflect its spirit:
Dr. Mostafa Mahmoud: Though not a psychologist, he offered profound insights into the human soul, existence, and spirituality.
Dr. Tareq Al-Habib: A Saudi psychiatrist blending psychological insights with religious and cultural contexts.
Dr. Ehab Hamarneh: One of the most prominent Arab advocates for integrated self-development and spiritual awareness.
Dr. Adnan Ibrahim and Dr. Abdulkarim Bakkar: Philosophers and thinkers who explore the intersections of psychology, spirituality, and identity.
The Fifth Generation: A Chance for an Arab Psychological Renaissance?
This emerging generation presents a unique opportunity for Islamice cultures to develop a psychological model rooted in faith, tradition, and values, while remaining globally relevant.
It invites us to rethink the self—not just in terms of treatment or disorders, but as a path to awakening, growth, and inner harmony.
Conclusion
Fifth-generation psychology is more than a theoretical evolution—it is an existential and intellectual revolution. It seeks to liberate the human psyche from the reductionist mold of the West and restore its essence as a spiritual, conscious, and holistic being.
It is the psychology of the future—and perhaps the gateway to creating a uniquely Arab psychology: deeply human, spiritually grounded, and globally influential.
It is the psychology of the future—and perhaps the gateway to creating a uniquely Arab psychology: deeply human, spiritually grounded, and globally influential.
تاريخ : 2023-12-15 09:04قاوموا التذبذب والشك والترديد في العقيدة، هذا، مرض عصر التكنولوجيا
قاوموا التذبذب والشك والترديد في العقيدة، هذا، مرض عصر التكنولوجيا
هناك قلق متزايد بشأن تأثير أنواع التلوث في عصر التكنولوجيا ونموذج الحياة الغربية على الصحة النفسية، فجميع أنواع التلوث الناتجة عن العولمة الغربية تزيد حالة التذبذب النفسي والعقلي وحالة الشك والترديد عند البشر ولذلك من المهم جدا التمسك بالمقدمات العقلية والمنطقية الثابتة للخروج من هذا التذبذب في العقائد الثابتة عقلا.
إن استخدامنا للأجهزة الإلكترونية يجب ألا يطغى على احتياجاتنا الإنسانية الأساسية الأخرى. "نحن نحتاج للنوم لعدة ساعات يوميا، كما نحتاج لتخصيص ساعتين لممارسة الأنشطة البدنية، ونحتاج للخروج في الهواء الطلق والتعرض للضوء الطبيعي. فإذا كان استخدامك للأجهزة الإلكترونية يجعلك تهمل أنشطتك الأساسية الأخرى، فهذا يعد خطرا على حياة الناس".
لعل المجتمعات المدنية لم تعد تهنأ بالراحة النفسية كما كانت في العقود الماضية، كما لم تعد تحصل على الراحة الجسدية من النوم، اذ تجدها تستيقظ من ليلها لتعاني من آلام كثيرة وتشنجات عضلية ومزاجات متعكرة، خلافا للايام الخالية وخلافا لما قد تشعر به عند زيارة القرى النائية او قضاء بعض الليالي في رحاب الطبيعة، بعيدا عن صخب وضوضاء المدينة.
ومرد هذه الاعراض وما قد يرافقها من حالات ارق قبل النوم، هو أيضا ناتج عن التلوث الكهرومغناطيسي الناجم عن مصادر الطاقة الكهربائية والامواج اللاسلكية المنبعثة من اجهزة الاتصالات الخلوية. فضلا عن المنبهات الرقمية واجهزة الراديو والتلفزيون وما يتشعب عن قائمة الكهربائيات المنزلية والتي تتضمن المايكرويف والمكنسة الكهربائية والدفايات المنزليية او المكتبية الصغيرة.
فمصادر التلوث، كما تفيد الابحاث كثيرة. رغم ان أقلها كالمنبهات الرقمية، قد تكون كافية لتوليد مجال كهرومغناطيسي يربك عمل الخلايا الدماغية الحسية ويخل بالإيقاع الحيوي Biorythm، ليؤثر سلبا على الدورة الطبيعية للنوم واليقظة، فيحول دون النوم الهانىء الكفيل بتجديد قوى الفرد وطاقته.
اذ تتسم الموجات الكهرومغناطيسية بقدرتها على اختراق الاجسام البشرية والتفاعل مع الخلايا الحية وإحداث تغييرات بيولوجية فيها بشكل ينتج خللاً واضطراباً في أداء أجهزة الجسم المختلفة وخصوصاً الجهاز الدوري والجهاز التناسلي والمخ والأعصاب. كما توصل عدد كبير من العلماء إلى أن الاقتراب طويلاً من مجال الكهرباء يسبب ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الدم وأورام المخ وإجهاض الحوامل. ناهيك عن ارتفاع الضغط وفقدان الذاكرة بصورة تدريجية وضعف الابصار. فمن جهة أخرى كل عامل و كل تلوث يسبب ضعف القوى العقلية فهو يزيد من حالة التذبذب والشك في العقيدة، مهما كانت عقيدته صح أو غلط.
اذ تؤثر هذه الموجات على سريان المواد الكيماوية عبر الأغشية الداخلية وتتدخل في تركيب المادة الوراثية ، لتغير أيضاً في نشاط الهرمونات والكيماويات للجسم، مما قد يؤدي إلى تشوه الأجنة، أو التخلف العقلي ، فضلاً عن حدوث اضطرابات في ضربات القلب واضطرابات في أنماط الأكل والتنفس والنوم.
أيضا كشفت العديد من الدراسات عن وجود ارتباط بين تلوث الهواء، وظهور بعض المشاكل العصبية، حيثُ إنّ زيادة التعرض للجسيمات الملوثة أدى إلى ارتفاع مستويات السيتوكينات (Cytokines)؛ وهي تلك الجزيئات التي تنظم الاستجابة الالتهابية للجسم، وظهور بعض الأمراض العصبية المرتبطة بالتهاب الدماغ؛ كالقلق، والاكتئاب، وقد تتفاقم شدة هذه على المدى البعيد حتى تصل إلى العديد من اضطرابات الجهاز العصبي المركزي؛ مثل مرض ألزهايمر، ومرض باركنسون، والسكتات الدماغية.
تظهر الدراسات الحديثة الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة وشركائه أن كل شيء بدءاً من تغير المناخ والضوضاء وتلوث الهواء وصولاً إلى التلوث الكيميائي يؤثر على صحة الناس النفسية و تزيد حالة الشك والترديد.
أيضا وجد تقرير آفاق عام 2022 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أنه مع نمو المدن، فإن التعرض لفترات طويلة لمستويات عالية من الضوضاء الناجمة عن الطرق والسكك الحديدية والمطارات والصناعة يضر بالصحة النفسية للأشخاص من خلال التسبب في اضطرابات نفسيه
ويُظهر تقرير اليونيسف المعنون ’’خطر في الهواء‘‘ أن التعرض لمستويات عالية من تلوث الهواء يمكن أن يؤدي إلى مشاكل نفسية وسلوكية في وقت لاحق من الطفولة، بما في ذلك اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط والشعور بالقلق والاكتئاب.
تسلط الحملة الضوء على أهمية معالجة تلوث الهواء الناجم عن قطاعات الصناعة والنقل وإدارة النفايات والأسر المعيشية والزراعة وتحسين إدارة نوعية الهواء من خلال اعتماد معايير نوعية الهواء الجيد . أما
قاوموا التذبذب والشك والترديد في العقيدة، هذا، مرض عصر التكنولوجيا
هناك قلق متزايد بشأن تأثير أنواع التلوث في عصر التكنولوجيا ونموذج الحياة الغربية على الصحة النفسية، فجميع أنواع التلوث الناتجة عن العولمة الغربية تزيد حالة التذبذب النفسي والعقلي وحالة الشك والترديد عند البشر ولذلك من المهم جدا التمسك بالمقدمات العقلية والمنطقية الثابتة للخروج من هذا التذبذب في العقائد الثابتة عقلا.
إن استخدامنا للأجهزة الإلكترونية يجب ألا يطغى على احتياجاتنا الإنسانية الأساسية الأخرى. "نحن نحتاج للنوم لعدة ساعات يوميا، كما نحتاج لتخصيص ساعتين لممارسة الأنشطة البدنية، ونحتاج للخروج في الهواء الطلق والتعرض للضوء الطبيعي. فإذا كان استخدامك للأجهزة الإلكترونية يجعلك تهمل أنشطتك الأساسية الأخرى، فهذا يعد خطرا على حياة الناس".
لعل المجتمعات المدنية لم تعد تهنأ بالراحة النفسية كما كانت في العقود الماضية، كما لم تعد تحصل على الراحة الجسدية من النوم، اذ تجدها تستيقظ من ليلها لتعاني من آلام كثيرة وتشنجات عضلية ومزاجات متعكرة، خلافا للايام الخالية وخلافا لما قد تشعر به عند زيارة القرى النائية او قضاء بعض الليالي في رحاب الطبيعة، بعيدا عن صخب وضوضاء المدينة.
ومرد هذه الاعراض وما قد يرافقها من حالات ارق قبل النوم، هو أيضا ناتج عن التلوث الكهرومغناطيسي الناجم عن مصادر الطاقة الكهربائية والامواج اللاسلكية المنبعثة من اجهزة الاتصالات الخلوية. فضلا عن المنبهات الرقمية واجهزة الراديو والتلفزيون وما يتشعب عن قائمة الكهربائيات المنزلية والتي تتضمن المايكرويف والمكنسة الكهربائية والدفايات المنزليية او المكتبية الصغيرة.
فمصادر التلوث، كما تفيد الابحاث كثيرة. رغم ان أقلها كالمنبهات الرقمية، قد تكون كافية لتوليد مجال كهرومغناطيسي يربك عمل الخلايا الدماغية الحسية ويخل بالإيقاع الحيوي Biorythm، ليؤثر سلبا على الدورة الطبيعية للنوم واليقظة، فيحول دون النوم الهانىء الكفيل بتجديد قوى الفرد وطاقته.
اذ تتسم الموجات الكهرومغناطيسية بقدرتها على اختراق الاجسام البشرية والتفاعل مع الخلايا الحية وإحداث تغييرات بيولوجية فيها بشكل ينتج خللاً واضطراباً في أداء أجهزة الجسم المختلفة وخصوصاً الجهاز الدوري والجهاز التناسلي والمخ والأعصاب. كما توصل عدد كبير من العلماء إلى أن الاقتراب طويلاً من مجال الكهرباء يسبب ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الدم وأورام المخ وإجهاض الحوامل. ناهيك عن ارتفاع الضغط وفقدان الذاكرة بصورة تدريجية وضعف الابصار. فمن جهة أخرى كل عامل و كل تلوث يسبب ضعف القوى العقلية فهو يزيد من حالة التذبذب والشك في العقيدة، مهما كانت عقيدته صح أو غلط.
اذ تؤثر هذه الموجات على سريان المواد الكيماوية عبر الأغشية الداخلية وتتدخل في تركيب المادة الوراثية ، لتغير أيضاً في نشاط الهرمونات والكيماويات للجسم، مما قد يؤدي إلى تشوه الأجنة، أو التخلف العقلي ، فضلاً عن حدوث اضطرابات في ضربات القلب واضطرابات في أنماط الأكل والتنفس والنوم.
أيضا كشفت العديد من الدراسات عن وجود ارتباط بين تلوث الهواء، وظهور بعض المشاكل العصبية، حيثُ إنّ زيادة التعرض للجسيمات الملوثة أدى إلى ارتفاع مستويات السيتوكينات (Cytokines)؛ وهي تلك الجزيئات التي تنظم الاستجابة الالتهابية للجسم، وظهور بعض الأمراض العصبية المرتبطة بالتهاب الدماغ؛ كالقلق، والاكتئاب، وقد تتفاقم شدة هذه على المدى البعيد حتى تصل إلى العديد من اضطرابات الجهاز العصبي المركزي؛ مثل مرض ألزهايمر، ومرض باركنسون، والسكتات الدماغية.
تظهر الدراسات الحديثة الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة وشركائه أن كل شيء بدءاً من تغير المناخ والضوضاء وتلوث الهواء وصولاً إلى التلوث الكيميائي يؤثر على صحة الناس النفسية و تزيد حالة الشك والترديد.
أيضا وجد تقرير آفاق عام 2022 الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة أنه مع نمو المدن، فإن التعرض لفترات طويلة لمستويات عالية من الضوضاء الناجمة عن الطرق والسكك الحديدية والمطارات والصناعة يضر بالصحة النفسية للأشخاص من خلال التسبب في اضطرابات نفسيه
ويُظهر تقرير اليونيسف المعنون ’’خطر في الهواء‘‘ أن التعرض لمستويات عالية من تلوث الهواء يمكن أن يؤدي إلى مشاكل نفسية وسلوكية في وقت لاحق من الطفولة، بما في ذلك اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط والشعور بالقلق والاكتئاب.
تسلط الحملة الضوء على أهمية معالجة تلوث الهواء الناجم عن قطاعات الصناعة والنقل وإدارة النفايات والأسر المعيشية والزراعة وتحسين إدارة نوعية الهواء من خلال اعتماد معايير نوعية الهواء الجيد . أما
الغذاء المعدل وراثيا فقد رصد علماء الوراثة أضرارا صحية ناجمة عن تلك الأغذية والمحاصيل المعدلة وراثيا التي يمكن أن نجدها في زيوت الطبخ والوجبات الجاهزة المجمدة والحبوب التي يتناولها الأطفال كوجبة فطور، حتى أن بعضها قد يتسبب بتلف في الدماغ والوفاة. هذه مشكلة من مشاكل الدول الصناعية.. أو دول العالم الثالث أو الدول التي تحت التنمية لأنهم يستوردون هذه البذور لزراعتها. إن هذه النباتات بعد ما يتم زرعها لمدة عام لم تنتج بذور جديدة و للحصول على بذور جديدة ، يجب استيرادها من جديد، رغم أن ليس هناك أي ضمانات بعدم وجود مخاطر جسدية في المنتوجات الزراعية المعدلة وراثيا، بل ليس هناك ضمانات بل حتى لايوجد دراسات بتاثير هذه المنتجات على النفس والنفسية بل هناك أدلة كثيرة على ذلك
التعديل الوراثي على المنتجات الزراعية هي نقل (Gene) أو مُوِّرث من كائن حي إلى كائن حي آخر بواسطة طرق الهندسة الوراثية، هذه الطرق هي عبارة عن قطع (Gene) من هذا الكائن ودمجه في الكائن الآخر إما عن طريق ناقلات بيولوجية كالفيروسات والبكتيريا أو من خلال حقن مباشر، بحيث إنه بعد حقن هذا الـ (Gene) في الكائن المستَقبِل يندمج هذا الـ (Gene) الجديد في الكائن المستَقبِل وهذا الكائن الجديد أصبح معدلا وراثيا أو مُحوَّرا وراثيا.
فعلا المخاوف أنه لما ينتقل _أحكي من ناحية علمية _هذا الـ (Gene) من الكائن هذا إلى الكائن الآخر أحيانا عند انتقال هذا الـ (Gene) واندماجه في المادة الوراثية للكائن المُستقبِل قد يحدث إخلال أو عطب في الجينات القريبة منه وبالتالي في الصفات التي سوف تُترجم من هذه الجينات القريبة، نتائج التعديل الوراثي لا يظهر في ليلة و نهار بل يحتاج لسنوات طويلة، ليظهر تاثيره على الجسد و لسنوات أكثر ليتجلى تأثيره على السلوك والأخلاق و النفسية و يسمى في العلوم البيولوجية والوراثة طفرة، ممكن أيضا هذا الـ (Gene) المدمج في الكائن الجديد مثلا ان يسبب حساسية للناس، فممكن إن التعديل وراثيا يؤدى إلى إنتاج أو تطوير بروتينات تزيد من الإفراط في الحساسية.
لها الحق بأن تفقد الثقة عندما يتوصل خبراء المفوضية الأوروبية إلى وجود نسبة الأحماض الفسفورية في أغذية الأطفال الجاهزة تفوق ضعف الكمية المسموح بها يوميا من قِبَّل الاتحاد حسب قيمة (ADI)، أيضا عُثر على الفسفور.. كي لا ندخل بقضايا تفصيلية علمية هذه النسب الأعلى من المسموح بها بـ 7.7% تؤدي إلى مرض الزهايمر عند تقدم السن، تؤدي إلى نمو البكتيريا المرضية في أمعاء الأطفال، الأطباء في المفوضية أشاروا إلى أن هذه السلفات التي وجدت بنسب عالية تخشى منها شركات تنقيب عن النفط بسبب أن هذه المواد تُخرب الأنابيب التي تنقب عن النفط فما بالكِ بأمعاء الإنسان؟ وبالتالي تحدث أبواب مفتوحة أو نخور تتسرب منها البكتريا العدائية وهذا حسب تقرير المفوضية والمواد المسببة للحساسيات والمواد المسببة للسرطان، ناهيك عن التأثير النفسي و اثارة التذبذب والشك و الترديد في العقيدة.
وسائل التواصل الاجتماعي مثل الانستغرام والتيك توك
تسبب وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة تشتيت الانتباه، يقول احد العلماء "إذا لم تستطع التخلي عن هاتفك لدقائق، فالأفضل أن تجرب قوة إرادتك لتحقيق ذلك". فكمية المعلومات التي توفرها وسائل التواصل بكل سهولة تشتت انتباهك.
تسبب وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة حالة التشويش في الذهن . حيث تُلتقط أكثر من تريليون صورة سنويا حول العالم، لتظهر على منصات التواصل للفوز بإعجاب المتابعين، فتحرمنا من الاستمتاع بجوانب أخرى من الحياة تشتمل على كثير من اللحظات الشائقة وصحبة الأهل الأصدقاء، وتساهم في التشويش على ذاكرتنا الفعلية.
تسبب وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة الإدمان الذي يجعلنا نشعر بضرورة فتح فيسبوك وإنستغرام وتويتر، والقفز بينها مرارا وتكرارا، مما يسبب حالة تسمى "التمزق" تدفع الشخص لتتبع التحديثات في جميع ساعات النهار والليل.
جميع هذه الأنواع من التلوث الناتجة عن الحياة الغربية تزيد حالة التذبذب النفسي والعقلي و حالة الشك والترديد عند البشر و لذلك من المهم جدا التمسك بالمقدمات العقلية والمنطقية الثابتة والواردة في الديانات السماوية و من ثم المفاهيم العقلية والمنطقية الثابتة والواردة في "الدين الحق الخاتم" لمواجهة حالة التذبذب والشك والترديد المنتشر في العالم بين كل الديانات السماوية و خاصة الدين الحق الخاتم للاديان السماوية و هذا وارد في روايات اهل البيت سلام الله عليهم حيث تتكلم عن "فتن أخر الزمان". مواجهة التذبذب في العقيدة اليوم يجب ان تكون شعارنا في اي عمل ثقافي و توعوي.
التعديل الوراثي على المنتجات الزراعية هي نقل (Gene) أو مُوِّرث من كائن حي إلى كائن حي آخر بواسطة طرق الهندسة الوراثية، هذه الطرق هي عبارة عن قطع (Gene) من هذا الكائن ودمجه في الكائن الآخر إما عن طريق ناقلات بيولوجية كالفيروسات والبكتيريا أو من خلال حقن مباشر، بحيث إنه بعد حقن هذا الـ (Gene) في الكائن المستَقبِل يندمج هذا الـ (Gene) الجديد في الكائن المستَقبِل وهذا الكائن الجديد أصبح معدلا وراثيا أو مُحوَّرا وراثيا.
فعلا المخاوف أنه لما ينتقل _أحكي من ناحية علمية _هذا الـ (Gene) من الكائن هذا إلى الكائن الآخر أحيانا عند انتقال هذا الـ (Gene) واندماجه في المادة الوراثية للكائن المُستقبِل قد يحدث إخلال أو عطب في الجينات القريبة منه وبالتالي في الصفات التي سوف تُترجم من هذه الجينات القريبة، نتائج التعديل الوراثي لا يظهر في ليلة و نهار بل يحتاج لسنوات طويلة، ليظهر تاثيره على الجسد و لسنوات أكثر ليتجلى تأثيره على السلوك والأخلاق و النفسية و يسمى في العلوم البيولوجية والوراثة طفرة، ممكن أيضا هذا الـ (Gene) المدمج في الكائن الجديد مثلا ان يسبب حساسية للناس، فممكن إن التعديل وراثيا يؤدى إلى إنتاج أو تطوير بروتينات تزيد من الإفراط في الحساسية.
لها الحق بأن تفقد الثقة عندما يتوصل خبراء المفوضية الأوروبية إلى وجود نسبة الأحماض الفسفورية في أغذية الأطفال الجاهزة تفوق ضعف الكمية المسموح بها يوميا من قِبَّل الاتحاد حسب قيمة (ADI)، أيضا عُثر على الفسفور.. كي لا ندخل بقضايا تفصيلية علمية هذه النسب الأعلى من المسموح بها بـ 7.7% تؤدي إلى مرض الزهايمر عند تقدم السن، تؤدي إلى نمو البكتيريا المرضية في أمعاء الأطفال، الأطباء في المفوضية أشاروا إلى أن هذه السلفات التي وجدت بنسب عالية تخشى منها شركات تنقيب عن النفط بسبب أن هذه المواد تُخرب الأنابيب التي تنقب عن النفط فما بالكِ بأمعاء الإنسان؟ وبالتالي تحدث أبواب مفتوحة أو نخور تتسرب منها البكتريا العدائية وهذا حسب تقرير المفوضية والمواد المسببة للحساسيات والمواد المسببة للسرطان، ناهيك عن التأثير النفسي و اثارة التذبذب والشك و الترديد في العقيدة.
وسائل التواصل الاجتماعي مثل الانستغرام والتيك توك
تسبب وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة تشتيت الانتباه، يقول احد العلماء "إذا لم تستطع التخلي عن هاتفك لدقائق، فالأفضل أن تجرب قوة إرادتك لتحقيق ذلك". فكمية المعلومات التي توفرها وسائل التواصل بكل سهولة تشتت انتباهك.
تسبب وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة حالة التشويش في الذهن . حيث تُلتقط أكثر من تريليون صورة سنويا حول العالم، لتظهر على منصات التواصل للفوز بإعجاب المتابعين، فتحرمنا من الاستمتاع بجوانب أخرى من الحياة تشتمل على كثير من اللحظات الشائقة وصحبة الأهل الأصدقاء، وتساهم في التشويش على ذاكرتنا الفعلية.
تسبب وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة الإدمان الذي يجعلنا نشعر بضرورة فتح فيسبوك وإنستغرام وتويتر، والقفز بينها مرارا وتكرارا، مما يسبب حالة تسمى "التمزق" تدفع الشخص لتتبع التحديثات في جميع ساعات النهار والليل.
جميع هذه الأنواع من التلوث الناتجة عن الحياة الغربية تزيد حالة التذبذب النفسي والعقلي و حالة الشك والترديد عند البشر و لذلك من المهم جدا التمسك بالمقدمات العقلية والمنطقية الثابتة والواردة في الديانات السماوية و من ثم المفاهيم العقلية والمنطقية الثابتة والواردة في "الدين الحق الخاتم" لمواجهة حالة التذبذب والشك والترديد المنتشر في العالم بين كل الديانات السماوية و خاصة الدين الحق الخاتم للاديان السماوية و هذا وارد في روايات اهل البيت سلام الله عليهم حيث تتكلم عن "فتن أخر الزمان". مواجهة التذبذب في العقيدة اليوم يجب ان تكون شعارنا في اي عمل ثقافي و توعوي.
ساعة الصفر الكوني
تاريخ لبنان، يثبت أن كل من طار وقع. و كل طلعة يليها نزلة، اذا لم نقل سقطة. يجرى تقييم الوضع اليوم على هذا الاساس.
لكن هذا التقييم ينقصه، معلومة. هي ان الزمن غير كل الأزمنة، العالم يسير تجاه النظام العالمي الواحد الموحد، التكنولوجيا جعل العالم قرية صغيرة لم تقبل التعددية والتنوع الاصيل، ابتداءا من الدولة المهيمنة حتى النظام السيبراني الواحد، و(العشرين ثلاثين) هو الحد النهائي للتصفيات العالمية ولعل ساعة الصفر فيها.
هذا فتح شهية بعض التيارات الكلونيالية المدعومة بالاقتصاد الخفي لنيل حصة ما في العالم، من نيلها الى فراتها .
و في نفس الوقت، فرض الاستسلامات الشاملة على الاكثر من "ميليار مسلم" دون أن يكون لهم حصة ثقافية و اقتصادية في العالم، هذه الاستسلامات الشاملة انتج ردة فعل عند طائفة منهم لديها بعض النخوة والعقيدة الصلبة و تؤمن بثقافة التضحية في سبيل الحرية حتى آخر شخص،
الثقافة الغربية الفردية منها عندهم تعني استسلام مطلق أمام الهيمنة الكلونيالية الحديثة، فاذا سافر إبنهم الى الغرب لغير التعلم، يعتبرونه أصبح ضحية العدو و قتيل ثقافتهم.
هؤلاء لا يعتبرون أن الحرب في العالم حُسم لصالح جهة أو حان وقت الاستسلام المبطن و تسليم عناصر القوة لديهم، التضحية قد تكون في الاقتصاديات والتجارات و حتى بعض الكيانات منهم، لكن الاستسلام لا معنى لها عندهم ابدا و بتاتا. والاقتصاد عندهم اذا فاق ما يسد الرمق، يكون كماليات وتبذير واصراف.
هم لا يعتبرون ان معركتهم انتهت بل يعتبرون الحرب قد بدأ و كل ما جرى حتى اليوم كان تحمية وتسلية قبل ساعة الصفر. و كل ما جرى عليهم من قصف وحصار سيجري على كل العالم، لكن تجاربهم المريرة ستكون حصانة لهم ساعة الصفر الكوني.
هم لا يعتقدون بأن المنتصر في هذا المعركة يجب أن يكون من القوى العظمى، بل الفائز قد يكون قوة اقليمية لديها استقلالية أمنية وغذائية وعلاجية و قليل من القوة النووية والصاروخية الرادعة و الكثير من الرجولية والعنفوان.
هؤلاء يحضرون أنفسهم لساعة الصفر حيث ينشغل القوى العظمى ببعضهم البعض، حتى يقوموا بحركتهم على صغحة الشطرنج العالمية.
من المفترض، ان يستسلم "المليار مسلم" للقوة السرطانية في المنطقة، حتى لا تكون لهم في ساعة الصفر، أي حركة أو تكون حركاتهم عبثية داعشية ضد بعضهم البعض، ليحدد القوى العظمى المنتصر فيما بينهم و يحتفل المنتصر بالساكي او بايجيو او الشاي او الكولا او البيرة او الفودكا او النبيذ. ثم يحددوا مصير الشرق الاوسط الموجعة للراس والغنية بالبترول الرخيص بفضاوة واريحية في اورشليم.
نعم، هؤلاء يؤمنون بأن الحرب قد بدأ في العالم. والمنتصر هو وحده من يحافظ على كيانه ولو كالجمرة تحت الرماد. هذه هي البداية ، لا تعني عندهم الاستسلام أمام الموجة الأولى اي معنى، قد يختبئون عند بروز تسونامي مصطنع بحكم الحنكة و العقل، لكن كل تخطيطهم هو لساعة الصفر، عندما تموج الامواج العاتية على بعضها البعض، هنا يحسم الفائز، هنا يحسم المنتصر، هنا يحسم المؤمن بالحي الباقي.
هؤلاء لديهم خريطة شاملة لبناء حضارة مشرقة ومثالية، الانسان فيها عاقل حر وليس حيوان جشع او مفترس متوحش و ليس انسان مكينة او روبوت. يعتبرون تضحياتهم ستكون في سبيل الانسانية بل هدية للكرة الأرضية ممن يريد تدميرها ابتداء من طبقة الاوزون حتى القيم الانسانية والهوية الروحية له.
لا تستعجلوا بتقييمكم لهؤلاء بل عليكم أن تحددوا من أنتم قبلها ؟ هل أنتم ضحايا الثقافة الغربية و قتلاها؟ او لايزال هناك نخوة و عنفوان فيكم.
https://mohammadabbaskawrani.com
https://t.me/M_Civilization
تاريخ لبنان، يثبت أن كل من طار وقع. و كل طلعة يليها نزلة، اذا لم نقل سقطة. يجرى تقييم الوضع اليوم على هذا الاساس.
لكن هذا التقييم ينقصه، معلومة. هي ان الزمن غير كل الأزمنة، العالم يسير تجاه النظام العالمي الواحد الموحد، التكنولوجيا جعل العالم قرية صغيرة لم تقبل التعددية والتنوع الاصيل، ابتداءا من الدولة المهيمنة حتى النظام السيبراني الواحد، و(العشرين ثلاثين) هو الحد النهائي للتصفيات العالمية ولعل ساعة الصفر فيها.
هذا فتح شهية بعض التيارات الكلونيالية المدعومة بالاقتصاد الخفي لنيل حصة ما في العالم، من نيلها الى فراتها .
و في نفس الوقت، فرض الاستسلامات الشاملة على الاكثر من "ميليار مسلم" دون أن يكون لهم حصة ثقافية و اقتصادية في العالم، هذه الاستسلامات الشاملة انتج ردة فعل عند طائفة منهم لديها بعض النخوة والعقيدة الصلبة و تؤمن بثقافة التضحية في سبيل الحرية حتى آخر شخص،
الثقافة الغربية الفردية منها عندهم تعني استسلام مطلق أمام الهيمنة الكلونيالية الحديثة، فاذا سافر إبنهم الى الغرب لغير التعلم، يعتبرونه أصبح ضحية العدو و قتيل ثقافتهم.
هؤلاء لا يعتبرون أن الحرب في العالم حُسم لصالح جهة أو حان وقت الاستسلام المبطن و تسليم عناصر القوة لديهم، التضحية قد تكون في الاقتصاديات والتجارات و حتى بعض الكيانات منهم، لكن الاستسلام لا معنى لها عندهم ابدا و بتاتا. والاقتصاد عندهم اذا فاق ما يسد الرمق، يكون كماليات وتبذير واصراف.
هم لا يعتبرون ان معركتهم انتهت بل يعتبرون الحرب قد بدأ و كل ما جرى حتى اليوم كان تحمية وتسلية قبل ساعة الصفر. و كل ما جرى عليهم من قصف وحصار سيجري على كل العالم، لكن تجاربهم المريرة ستكون حصانة لهم ساعة الصفر الكوني.
هم لا يعتقدون بأن المنتصر في هذا المعركة يجب أن يكون من القوى العظمى، بل الفائز قد يكون قوة اقليمية لديها استقلالية أمنية وغذائية وعلاجية و قليل من القوة النووية والصاروخية الرادعة و الكثير من الرجولية والعنفوان.
هؤلاء يحضرون أنفسهم لساعة الصفر حيث ينشغل القوى العظمى ببعضهم البعض، حتى يقوموا بحركتهم على صغحة الشطرنج العالمية.
من المفترض، ان يستسلم "المليار مسلم" للقوة السرطانية في المنطقة، حتى لا تكون لهم في ساعة الصفر، أي حركة أو تكون حركاتهم عبثية داعشية ضد بعضهم البعض، ليحدد القوى العظمى المنتصر فيما بينهم و يحتفل المنتصر بالساكي او بايجيو او الشاي او الكولا او البيرة او الفودكا او النبيذ. ثم يحددوا مصير الشرق الاوسط الموجعة للراس والغنية بالبترول الرخيص بفضاوة واريحية في اورشليم.
نعم، هؤلاء يؤمنون بأن الحرب قد بدأ في العالم. والمنتصر هو وحده من يحافظ على كيانه ولو كالجمرة تحت الرماد. هذه هي البداية ، لا تعني عندهم الاستسلام أمام الموجة الأولى اي معنى، قد يختبئون عند بروز تسونامي مصطنع بحكم الحنكة و العقل، لكن كل تخطيطهم هو لساعة الصفر، عندما تموج الامواج العاتية على بعضها البعض، هنا يحسم الفائز، هنا يحسم المنتصر، هنا يحسم المؤمن بالحي الباقي.
هؤلاء لديهم خريطة شاملة لبناء حضارة مشرقة ومثالية، الانسان فيها عاقل حر وليس حيوان جشع او مفترس متوحش و ليس انسان مكينة او روبوت. يعتبرون تضحياتهم ستكون في سبيل الانسانية بل هدية للكرة الأرضية ممن يريد تدميرها ابتداء من طبقة الاوزون حتى القيم الانسانية والهوية الروحية له.
لا تستعجلوا بتقييمكم لهؤلاء بل عليكم أن تحددوا من أنتم قبلها ؟ هل أنتم ضحايا الثقافة الغربية و قتلاها؟ او لايزال هناك نخوة و عنفوان فيكم.
https://mohammadabbaskawrani.com
https://t.me/M_Civilization
Mohammadabbaskawrani
العلوم الإنسانية الإسلامية
طريقنا إلى الحضارة المشرقة القادمة
العلوم الإنسانية الإسلامية
اكتشف المزيد
العلوم الإنسانية الإسلامية
اكتشف المزيد