في السادسةِ مساءً | مارينا كولاسانتي
"في السادسةِ مساءً تبكي النساءُ
في الحمامِ. ليس لهذا أو لذاك
يبكين لأن الدموعَ فاضتْ حتى حناجرهن
نعم، لقد نامَ الأطفالُ
وهم في صحةٍ جيدةٍ
وهناك طعامٌ على الطاولةِ
وقدمَ لهن أزواجهن
أفضلَ الأفضلِ
من كلِ شيءِ.
يبكين لأن في السماءِ وراء النافذةِ اليومَ انتهى
ولأن شيئًا ما
وتوقًا
وجرحًا
هو كل ما تبقى
من أحلامهن.
الآن
في الساعةِ السادسةِ مساءً النساءُ يعدن من العملِ واليومُ انتهى
والأطفالُ كبروا
والموقدُ ينتظرُ
وهن يبكين
لأنهن لا يستطعن
ولأنهن لن يسمحن لأنفسهن
البكاءَ في المواصلاتِ العامةِ".
"في السادسةِ مساءً تبكي النساءُ
في الحمامِ. ليس لهذا أو لذاك
يبكين لأن الدموعَ فاضتْ حتى حناجرهن
نعم، لقد نامَ الأطفالُ
وهم في صحةٍ جيدةٍ
وهناك طعامٌ على الطاولةِ
وقدمَ لهن أزواجهن
أفضلَ الأفضلِ
من كلِ شيءِ.
يبكين لأن في السماءِ وراء النافذةِ اليومَ انتهى
ولأن شيئًا ما
وتوقًا
وجرحًا
هو كل ما تبقى
من أحلامهن.
الآن
في الساعةِ السادسةِ مساءً النساءُ يعدن من العملِ واليومُ انتهى
والأطفالُ كبروا
والموقدُ ينتظرُ
وهن يبكين
لأنهن لا يستطعن
ولأنهن لن يسمحن لأنفسهن
البكاءَ في المواصلاتِ العامةِ".
البحث عن أزهار البرقوق | تشو شو تشن
"المناخ الدافئ والناعم
مثل ربيع معتدل
نحن نبحث عن أزهار البرقوق الشتوية
التي تملأ التلال من قبل
ضاحكةً، أنتزع غصنًا
وأدسه في غيوم الشَعر
وأسأل، «هل ثمة أي شخص
أنيق مثل هذا؟»
ليلة السنة الجديدة
لا حاجة إلى التحسر
الأبراج تتغير.
أنظر: الربيع
على وشك العودة
صحون من الفلفل الحار
تحيط الشموع الحمر
ونبيذ السرو
يفيض في أكواب ذهبية
شموع نهاية العام
تكاد تذوب
ساعة فجر السنة الجديدة
تحث الخطى.
ما هو الأبكر؟
لا يمكن أن يكون إلا
أزهار البرقوق في الحديقة الخلفية".
"المناخ الدافئ والناعم
مثل ربيع معتدل
نحن نبحث عن أزهار البرقوق الشتوية
التي تملأ التلال من قبل
ضاحكةً، أنتزع غصنًا
وأدسه في غيوم الشَعر
وأسأل، «هل ثمة أي شخص
أنيق مثل هذا؟»
ليلة السنة الجديدة
لا حاجة إلى التحسر
الأبراج تتغير.
أنظر: الربيع
على وشك العودة
صحون من الفلفل الحار
تحيط الشموع الحمر
ونبيذ السرو
يفيض في أكواب ذهبية
شموع نهاية العام
تكاد تذوب
ساعة فجر السنة الجديدة
تحث الخطى.
ما هو الأبكر؟
لا يمكن أن يكون إلا
أزهار البرقوق في الحديقة الخلفية".
أجلس وحيدة | تشو شو تشن
"ألمُّ الستائر
وأنتظر القمر الساطع
مريحة يدي على الدرابزين
وأواجه الريح الغربية.
هواء الليل مغمور بلون الخريف.
النهر مرصع بالجواهر
منغمس في الفراغ الأزرق الغامق
في الأسفل في العشب
تغني الصراصر
ومن الجانب الآخر من السماء
يطلق الأوز نداءه.
حدث الكثير
فمن سيسامرني هذه الليلة؟".
"ألمُّ الستائر
وأنتظر القمر الساطع
مريحة يدي على الدرابزين
وأواجه الريح الغربية.
هواء الليل مغمور بلون الخريف.
النهر مرصع بالجواهر
منغمس في الفراغ الأزرق الغامق
في الأسفل في العشب
تغني الصراصر
ومن الجانب الآخر من السماء
يطلق الأوز نداءه.
حدث الكثير
فمن سيسامرني هذه الليلة؟".
أفق مضيء | أحمد شاملو
"ليومٍ نعثرُ فيه من جديد
على حمائمنا
ويأخذُ فيه العطفُ
بيدِ الجَمال.
ليومٍ تستحيلُ فيه أصغرُ الأغاني
إلى قبلات
ويستحيلُ كلُّ إنسانٍ
أخا لكلِّ إنسانْ.
ليومٍ لا تُغلَقُ فيه الأبوابُ
ليومٍ تصيرُ فيه الأقفالُ
حكايةً.. عن زمنٍ بعيدْ
ويومَ يكفيكَ قلبُكَ كي تعيش.
ليومٍ تصيرُ فيهِ "أحِبّك"
معنى لكلِّ حديثٍ
ولا نلهثُ وراءَ الكلماتِ
لنكشفَ عَمّا في الصدور.
ليومٍ تصيرُ فيه "الحياة"
لحنًا لكلِّ حرفٍ
ولا أجهَدُ فيهِ
مِن أجلِ قافية.
ليومٍ تصيرُ فيه كلُّ شَفةٍ.. أغنية
وأقصرُ نشيدٍ.. قبلةً.
ليومٍ تعودينَ فيه..
تعودينَ للأبد
ويستوي فيهِ العطفُ بالجَمال.
ليومٍ كهذا
سأبقى في الانتظار
حتى لو انقضتْ أيامي
قبلَ أن أراه".
"ليومٍ نعثرُ فيه من جديد
على حمائمنا
ويأخذُ فيه العطفُ
بيدِ الجَمال.
ليومٍ تستحيلُ فيه أصغرُ الأغاني
إلى قبلات
ويستحيلُ كلُّ إنسانٍ
أخا لكلِّ إنسانْ.
ليومٍ لا تُغلَقُ فيه الأبوابُ
ليومٍ تصيرُ فيه الأقفالُ
حكايةً.. عن زمنٍ بعيدْ
ويومَ يكفيكَ قلبُكَ كي تعيش.
ليومٍ تصيرُ فيهِ "أحِبّك"
معنى لكلِّ حديثٍ
ولا نلهثُ وراءَ الكلماتِ
لنكشفَ عَمّا في الصدور.
ليومٍ تصيرُ فيه "الحياة"
لحنًا لكلِّ حرفٍ
ولا أجهَدُ فيهِ
مِن أجلِ قافية.
ليومٍ تصيرُ فيه كلُّ شَفةٍ.. أغنية
وأقصرُ نشيدٍ.. قبلةً.
ليومٍ تعودينَ فيه..
تعودينَ للأبد
ويستوي فيهِ العطفُ بالجَمال.
ليومٍ كهذا
سأبقى في الانتظار
حتى لو انقضتْ أيامي
قبلَ أن أراه".
قبلات | غابرييلا ميسترال
"هناك قبلاتٌ، تلك التي تنطقُ بحق نفسها
حكمَ إدانة الحبّ،
هناك قبلاتٌ، تلك التي تُمنح مع النظرة،
هناك قبلاتٌ، تلك التي تُمنح مع الذاكرة.
هناك قبلاتٌ صامتة، هناك قبلات نبيلة،
هناك قبلات غامضة، صادقة،
هناك قبلاتٌ، تلك التي تهبها الأرواح
لبعضها البعض،
هناك قبلاتٌ ممنوعة، قبلات حقيقية.
هناك قبلاتٌ تحترق وتتأذى،
هناك قبلاتٌ تزيل الحواس،
هناك قبلاتٌ غامضة
خلّفت آلاف أحلامٍ تائهة وضائعة.
هناك قبلاتٌ مُلغّزة
تضم مفتاحًا لم يقم أحد بفك شفرته،
هناك قبلاتٌ تولِّد مأساة
كم من ورودٍ وليدة أراقت أوراقها.
هناك قبلاتٌ معطرة وقبلات دافئة
ذلك الخفقان في الشوق الحميم،
هناك قبلاتٌ تترك آثارًا على الشفاه
مثل حقلٍ من الشمس بين جليدين.
هناك قبلاتٌ، تلك التي تبدو زنابق
سامية وساذجة ونقيّة،
هناك قبلاتٌ غادرة وجبانة،
هناك قبلاتٌ ملعونة وشريرة.
يقبل يهوذا يسوع ويترك
الجرمَ مطبوعًا على وجهه،
بينما المجدلية بقبلاتها
تقوّي برحمتها عذابه.
منذئذ، والقبلات تبعثُ خفقان
الحب والخيانة والألم،
في أعراسِ البشر تشبه
النسيم الذي يراقص الزهور.
هناك قبلاتٌ، تلك التي تخلق هذيان
حب عاطفي ومجنون،
أنت تعرفها جيدًا، إنها قبلاتي
التي اخترعتها، من أجل فمك.
هناك قبلاتٌ من لهب، تلك التي
تترك أثرًا مطبوعًا للثماتِ حبٍّ ممنوع،
قبلات عاصفة، قبلات برية لم تتذوقها
سوى شفاهنا.
هل تذكر القبلات الأولى؟ بلا حدود،
غطت وجهك بالحمرة وبتشنجات
من المشاعر الرهيبة،
وامتلأت عيناك بالدموع.
هل تتذكر تلك الظهيرة المجنونة حين
رأيتك تغار فيها، وأنت تتخيّل المظالم،
علّقتك بين ذراعي.. انفجرت قبلة،
وماذا رأيتَ بعد ذلك؟ دم على شفتي.
علمتك التقبيل: القبلات الباردة
هي من قلبٍ صخري غير عاطفي،
علمتك أن تقبّل قبلاتي
التي اخترعتها، من أجل فمك".
"هناك قبلاتٌ، تلك التي تنطقُ بحق نفسها
حكمَ إدانة الحبّ،
هناك قبلاتٌ، تلك التي تُمنح مع النظرة،
هناك قبلاتٌ، تلك التي تُمنح مع الذاكرة.
هناك قبلاتٌ صامتة، هناك قبلات نبيلة،
هناك قبلات غامضة، صادقة،
هناك قبلاتٌ، تلك التي تهبها الأرواح
لبعضها البعض،
هناك قبلاتٌ ممنوعة، قبلات حقيقية.
هناك قبلاتٌ تحترق وتتأذى،
هناك قبلاتٌ تزيل الحواس،
هناك قبلاتٌ غامضة
خلّفت آلاف أحلامٍ تائهة وضائعة.
هناك قبلاتٌ مُلغّزة
تضم مفتاحًا لم يقم أحد بفك شفرته،
هناك قبلاتٌ تولِّد مأساة
كم من ورودٍ وليدة أراقت أوراقها.
هناك قبلاتٌ معطرة وقبلات دافئة
ذلك الخفقان في الشوق الحميم،
هناك قبلاتٌ تترك آثارًا على الشفاه
مثل حقلٍ من الشمس بين جليدين.
هناك قبلاتٌ، تلك التي تبدو زنابق
سامية وساذجة ونقيّة،
هناك قبلاتٌ غادرة وجبانة،
هناك قبلاتٌ ملعونة وشريرة.
يقبل يهوذا يسوع ويترك
الجرمَ مطبوعًا على وجهه،
بينما المجدلية بقبلاتها
تقوّي برحمتها عذابه.
منذئذ، والقبلات تبعثُ خفقان
الحب والخيانة والألم،
في أعراسِ البشر تشبه
النسيم الذي يراقص الزهور.
هناك قبلاتٌ، تلك التي تخلق هذيان
حب عاطفي ومجنون،
أنت تعرفها جيدًا، إنها قبلاتي
التي اخترعتها، من أجل فمك.
هناك قبلاتٌ من لهب، تلك التي
تترك أثرًا مطبوعًا للثماتِ حبٍّ ممنوع،
قبلات عاصفة، قبلات برية لم تتذوقها
سوى شفاهنا.
هل تذكر القبلات الأولى؟ بلا حدود،
غطت وجهك بالحمرة وبتشنجات
من المشاعر الرهيبة،
وامتلأت عيناك بالدموع.
هل تتذكر تلك الظهيرة المجنونة حين
رأيتك تغار فيها، وأنت تتخيّل المظالم،
علّقتك بين ذراعي.. انفجرت قبلة،
وماذا رأيتَ بعد ذلك؟ دم على شفتي.
علمتك التقبيل: القبلات الباردة
هي من قلبٍ صخري غير عاطفي،
علمتك أن تقبّل قبلاتي
التي اخترعتها، من أجل فمك".
الشِّعر | ساندرو شيري
"أخبروني أنَّها هكذا،
كالفتاة النحيلة والمتقلبة التي تنتظرها
ولكنها لا تأتي في الموعد أبدًا،
أو مثل كوب الماء الذي نطرقه
بالصدفة وينسكب في كل مكانٍ على
سروالنا المحترم الوحيد،
أو مثل رقم الهاتف الذي
نحاول تذكّره عبثًا بينما تستغرق الحافلة
وقتًا طويلًا في الليل،
أو مثل صديقتكَ الأولى التي صادفتها،
جامحةً ومختلفةً،
بعد سنواتٍ،
في مكتبةٍ قديمة،
ربما مطلقةً وسعيدة،
أو كقطعةِ العلكةِ العنيدة التي
تلتصق بنعل حذائنا وتخنقنا
بصمت،
أو مثل المطر الرماديِّ العنيف
في الربيع الذي يلعن ويهرب،
أو مثل السيارة
التي تأخذنا من
طريق غير مضيافٍ ومهجور.
هكذا كان الشِّعر شاحبًا وقاسيًا جدًا،
يبتعد، أو يهين، أو يهمس
أغنيةً غريبة".
"أخبروني أنَّها هكذا،
كالفتاة النحيلة والمتقلبة التي تنتظرها
ولكنها لا تأتي في الموعد أبدًا،
أو مثل كوب الماء الذي نطرقه
بالصدفة وينسكب في كل مكانٍ على
سروالنا المحترم الوحيد،
أو مثل رقم الهاتف الذي
نحاول تذكّره عبثًا بينما تستغرق الحافلة
وقتًا طويلًا في الليل،
أو مثل صديقتكَ الأولى التي صادفتها،
جامحةً ومختلفةً،
بعد سنواتٍ،
في مكتبةٍ قديمة،
ربما مطلقةً وسعيدة،
أو كقطعةِ العلكةِ العنيدة التي
تلتصق بنعل حذائنا وتخنقنا
بصمت،
أو مثل المطر الرماديِّ العنيف
في الربيع الذي يلعن ويهرب،
أو مثل السيارة
التي تأخذنا من
طريق غير مضيافٍ ومهجور.
هكذا كان الشِّعر شاحبًا وقاسيًا جدًا،
يبتعد، أو يهين، أو يهمس
أغنيةً غريبة".
حزن أولمبيو | فيكتور هوجو
"لم تكن الحقول غبراء، ولا السماء كدراء حين أقبل يقضي ذمام هذه الربوع التي سال في ثراها قلبه الجريح المثخن وإنما كان ضوء النهار يتألق في أفق لازوردي غير محدود، ويتدفق على بساط من أديم الأرض ممدود. وكانت النسائم عابقة بالعطور، والمروج حافلة بالخضرة والزهور.
وكان الخريف طلق الجوانب، والسماء مذهبة الحواشي، والربى حانية الخمائل المونقة على السهل وقد ضربت في خضرتها صفرة قليلة. والطيور هاتفة بأغاريدها الشجية القدسية ووجوها إلى الله الذي ينم عليه كل كائن، ويسبح بحمده كل شيء، كأنما كانت تقول له شيئًا عن الإنسان!!
أراد الولهان أن يرى كل شيء: يرى الغدير الطامي الذي يصطفق بجانب العين، والطلل البالي الذي استنفد ما في كيسيهما بالصدقة، وسرحة الدردار العتيقة المعوجة وخلوات الحبّ في أجواف الغاب المترامية، والشجرة التي استغرقا تحتها في القبلات فذهلا عن كل شيء.
بحث عن الحديقة والبيت المنعزل والبستان الحادر، والدرابزون الذي يغيب البصر من خلاله في ممشى منحرف. وكان يمشي متكسر الوجه من الحزن، شاحب اللون كثير الهم فيرى وا أسفاه لدى كل شجرة شبح الأيام الخوالي يقوم منتصبًا على وقع خطاه المتئدة الثقيلة!
تجول طول النهار على طول المسيل وقد ملك إعجابه وجه السماء الضاحك، ومرآة البحيرة المصقولة. ثم قيد بصره ما راعه من صور الطبيعة في الحقول، فتأملها مليا ثم ذهب مع أحلامه حتى المساء. تجول طيلة النهار ذاكرًا والهفي عليه مخاطره اللذيذة ناظرًا من أعالي السوج دون أن يجرؤ على الولوج كأنه صعلوك من صعاليك الهند. فلما آذنت الشمس بالمغيب أحس في صدره وحشة القبر وفي قلبه لوعة الهم، فجأر بالشكوى وهتف بالنجوى يقول:
أيها الألم! لقد أردت أنا المشترك الخاطر المسعور الفؤاد أن أعلم هل الإناء لا يزال محتفظًا بالسائل؟ وان أرى ماذا فعل هذا الوادي السعيد بما خلفت فيه من قلبي؟ ما أقدر الزمن اليسير على أن يغير كل شيء! ايه أيتها الطبيعة ذات الوجه الضاحك والجبين الأغر! ما أسرع ما تنسين! وما أشد ما تقطعين العلائق الخفية التي تربط قلوبنا بكثرة استحالاتك وتغير حالاتك! أن غرفنا التي اتخذناها من ورق الشجر الألف قد تهدمت. والشجرة التي حفرنا عليها اسمينا قد ماتت أو تحطمت. وورودنا النابتة في الحظيرة قد عبثت بها أيدي الأطفال الذين يقفزون فوق الحفرة! والعين التي كانت تشرب منها ساعة القيظ وهي هابطة من الغاب قد قام على موردها جدار!! لله ما كان أجمل يدها حين كانت تغترف بها الماء ثم تدعه يتساقط من خلال أصابعها كنثير اللؤلؤ الرطب!
لقد رصفوا الطريق الغليظ الوعر الذي كنا نسير فيه جنبًا إلى جنب فترتسم على رمله النقي قدمانا، ويكون أثر قدمك الرقيقة الأنيقة بجانب قدمي سخرية حسناء، وضحكة استهزاء!! والحاجز الحجري الذي قام على حد الطريق حقبة طويلة ذلك الحاجز الذي كان يحلو لها أن تجلس فوقه في انتظاري قد هد ركنه اصطدام العجلات الموقرة بالأعباء، وهي آيبة تئن في المساء!! والغابة أصبحت حطامًا هنا وبسقت أدواحها هناك! ولم يكد يبقى من كل ما حللناه وتقمصناه شيء حي! وأكداس الذكريات تبددها الرياح الأربع ككومة من التراب الخامد البارد قد ألوت بها الريح الدبور!! وا ويلتاه! ألم يعد لنا إذن وجود؟ هل مضت مدتنا وانقضت لذتنا؟ أما يرجعها إلى صرخاتنا الضارعة الضائعة شيء؟
النسيم يداعب الغصون وأنا أبكي! ومنزلي ينظر إلي ولا يعرفني! والآن سيمر غيرنا من حيث مررنا، وسيرد آخرون هذا المورد الذي عنه صدرنا، والحلم الذي بدأناه سيواصلون رؤياه، ولكنهم مثلنا لا يستطيعون أن يبلغوا مداه! وذلك لأن الناس في هذه الحياة لا ينعمون ولا يكملون، سواء في ذلك الخبيثون والطيبون. وسيستيقظون جميعًا في مكان واحد من الحلم، إذ كلهم يبدءون في هذا العالم ثم يتممون في غيره. أجل ستأتي نوبة آخرين، فينعمون في ظلال هذا الكون الساكن الآمن الفاتن بما وهبت الطبيعة للحبّ من خيال وجلال ولذة! وسيرث غيرنا حقولنا وطرقاتنا وخلواتنا، ويستولي من لا تعرفين على غابتك يا حبيبتي! ويقبل بعض النسوة الهوج إلى هذا الماء يبتردن فيه فيكدرن غمره الذي لمسته قدماك العاريتان فتقدس!
يا الله! إذن ذهب الحبّ الذي أحببناه في هذا المكان باطلًا! ولم يبق لنا شيء من هذه الربوات المزهرة التي امتزج فيها لهبانا فانصهر بهما جسمانا واتحد قلبانا. هيهات قد استرجعته الطبيعة التي لا ترحم ولا تتألم! بالله! نبئنني أيتها المسايل الممرعة، والجداول المترعة، والعرائش الموقرة بالعناقيد، والأغصان المثقلة بالأعشاش والأغاريد! وخبرنني أيتها المغائر والآجام والأدغال! هل تطربن قلبًا غير قلبنا بهذه الأغاني، وتناغين حبًّا غير حُبّنا بهذه الأناشيد؟ لقد كنا ندرك مرامي كلامك، ونجعل مشاعرنا كلها أصداء لرجع أنغامك، ونرهف أسماعنا لالتقاط ما يبدر أحيانًا من بليغ شعرك، دون أن نميط الحجاب عن خبيئة سرّك!
"لم تكن الحقول غبراء، ولا السماء كدراء حين أقبل يقضي ذمام هذه الربوع التي سال في ثراها قلبه الجريح المثخن وإنما كان ضوء النهار يتألق في أفق لازوردي غير محدود، ويتدفق على بساط من أديم الأرض ممدود. وكانت النسائم عابقة بالعطور، والمروج حافلة بالخضرة والزهور.
وكان الخريف طلق الجوانب، والسماء مذهبة الحواشي، والربى حانية الخمائل المونقة على السهل وقد ضربت في خضرتها صفرة قليلة. والطيور هاتفة بأغاريدها الشجية القدسية ووجوها إلى الله الذي ينم عليه كل كائن، ويسبح بحمده كل شيء، كأنما كانت تقول له شيئًا عن الإنسان!!
أراد الولهان أن يرى كل شيء: يرى الغدير الطامي الذي يصطفق بجانب العين، والطلل البالي الذي استنفد ما في كيسيهما بالصدقة، وسرحة الدردار العتيقة المعوجة وخلوات الحبّ في أجواف الغاب المترامية، والشجرة التي استغرقا تحتها في القبلات فذهلا عن كل شيء.
بحث عن الحديقة والبيت المنعزل والبستان الحادر، والدرابزون الذي يغيب البصر من خلاله في ممشى منحرف. وكان يمشي متكسر الوجه من الحزن، شاحب اللون كثير الهم فيرى وا أسفاه لدى كل شجرة شبح الأيام الخوالي يقوم منتصبًا على وقع خطاه المتئدة الثقيلة!
تجول طول النهار على طول المسيل وقد ملك إعجابه وجه السماء الضاحك، ومرآة البحيرة المصقولة. ثم قيد بصره ما راعه من صور الطبيعة في الحقول، فتأملها مليا ثم ذهب مع أحلامه حتى المساء. تجول طيلة النهار ذاكرًا والهفي عليه مخاطره اللذيذة ناظرًا من أعالي السوج دون أن يجرؤ على الولوج كأنه صعلوك من صعاليك الهند. فلما آذنت الشمس بالمغيب أحس في صدره وحشة القبر وفي قلبه لوعة الهم، فجأر بالشكوى وهتف بالنجوى يقول:
أيها الألم! لقد أردت أنا المشترك الخاطر المسعور الفؤاد أن أعلم هل الإناء لا يزال محتفظًا بالسائل؟ وان أرى ماذا فعل هذا الوادي السعيد بما خلفت فيه من قلبي؟ ما أقدر الزمن اليسير على أن يغير كل شيء! ايه أيتها الطبيعة ذات الوجه الضاحك والجبين الأغر! ما أسرع ما تنسين! وما أشد ما تقطعين العلائق الخفية التي تربط قلوبنا بكثرة استحالاتك وتغير حالاتك! أن غرفنا التي اتخذناها من ورق الشجر الألف قد تهدمت. والشجرة التي حفرنا عليها اسمينا قد ماتت أو تحطمت. وورودنا النابتة في الحظيرة قد عبثت بها أيدي الأطفال الذين يقفزون فوق الحفرة! والعين التي كانت تشرب منها ساعة القيظ وهي هابطة من الغاب قد قام على موردها جدار!! لله ما كان أجمل يدها حين كانت تغترف بها الماء ثم تدعه يتساقط من خلال أصابعها كنثير اللؤلؤ الرطب!
لقد رصفوا الطريق الغليظ الوعر الذي كنا نسير فيه جنبًا إلى جنب فترتسم على رمله النقي قدمانا، ويكون أثر قدمك الرقيقة الأنيقة بجانب قدمي سخرية حسناء، وضحكة استهزاء!! والحاجز الحجري الذي قام على حد الطريق حقبة طويلة ذلك الحاجز الذي كان يحلو لها أن تجلس فوقه في انتظاري قد هد ركنه اصطدام العجلات الموقرة بالأعباء، وهي آيبة تئن في المساء!! والغابة أصبحت حطامًا هنا وبسقت أدواحها هناك! ولم يكد يبقى من كل ما حللناه وتقمصناه شيء حي! وأكداس الذكريات تبددها الرياح الأربع ككومة من التراب الخامد البارد قد ألوت بها الريح الدبور!! وا ويلتاه! ألم يعد لنا إذن وجود؟ هل مضت مدتنا وانقضت لذتنا؟ أما يرجعها إلى صرخاتنا الضارعة الضائعة شيء؟
النسيم يداعب الغصون وأنا أبكي! ومنزلي ينظر إلي ولا يعرفني! والآن سيمر غيرنا من حيث مررنا، وسيرد آخرون هذا المورد الذي عنه صدرنا، والحلم الذي بدأناه سيواصلون رؤياه، ولكنهم مثلنا لا يستطيعون أن يبلغوا مداه! وذلك لأن الناس في هذه الحياة لا ينعمون ولا يكملون، سواء في ذلك الخبيثون والطيبون. وسيستيقظون جميعًا في مكان واحد من الحلم، إذ كلهم يبدءون في هذا العالم ثم يتممون في غيره. أجل ستأتي نوبة آخرين، فينعمون في ظلال هذا الكون الساكن الآمن الفاتن بما وهبت الطبيعة للحبّ من خيال وجلال ولذة! وسيرث غيرنا حقولنا وطرقاتنا وخلواتنا، ويستولي من لا تعرفين على غابتك يا حبيبتي! ويقبل بعض النسوة الهوج إلى هذا الماء يبتردن فيه فيكدرن غمره الذي لمسته قدماك العاريتان فتقدس!
يا الله! إذن ذهب الحبّ الذي أحببناه في هذا المكان باطلًا! ولم يبق لنا شيء من هذه الربوات المزهرة التي امتزج فيها لهبانا فانصهر بهما جسمانا واتحد قلبانا. هيهات قد استرجعته الطبيعة التي لا ترحم ولا تتألم! بالله! نبئنني أيتها المسايل الممرعة، والجداول المترعة، والعرائش الموقرة بالعناقيد، والأغصان المثقلة بالأعشاش والأغاريد! وخبرنني أيتها المغائر والآجام والأدغال! هل تطربن قلبًا غير قلبنا بهذه الأغاني، وتناغين حبًّا غير حُبّنا بهذه الأناشيد؟ لقد كنا ندرك مرامي كلامك، ونجعل مشاعرنا كلها أصداء لرجع أنغامك، ونرهف أسماعنا لالتقاط ما يبدر أحيانًا من بليغ شعرك، دون أن نميط الحجاب عن خبيئة سرّك!
أيتها الطبيعة المجلوة في هذا الخلاء الجميل! متى رقدت أنا وهي تحت صفائح القبر فهل تظلين جامدة أمام موتنا وموت حبّنا، توالين حفلاتك وأعيادك، وتواصلين بسماتك وإنشادك؟ ألا تقولين لطيفنا إذا ما رأيتهما يجولان بين رباك وخلواتك، وفيما ألفا من جبالك وغاباتك، ما يقوله جميع الأصدقاء لإخوانهم القدماء من سرائر القلب ونجاوى الضمير؟ هل تستطيعين أن تري دون أن يلوعك الحزن ويرمضك الأسى شبحينا يطوفان بمواقع خطواتنا، ومواضع خلواتنا، وأن تريها تقودني في عناق مكتئب إلى ينبوع منتحب يئن في خفوت وهمس؟ وإذا ما لجأ عاشقان إلى جوارك، واختفيا عن العواذل تحت ستارك، وخبآ سرورهما بين أزهارك، فهل تسرين إليهما هذه الكلمة:
«أيها الراتعان في رياض الحياة! اذكرا من طوح بهما الدهر في قفار الموت!»
لعمرك ما هذه المروج والعيون والغابات والسماوات والبحيرات والسهول والحزون إلا عادة مستردة! يعيرنا الله إياها لحظة من الزمن لنضع فيها قلوبنا وأحلامنا وغرامنا ثم يستردها. ثم يطفئ بعد ذلك سراجنا ويدفن في حلك الليل شعاعنا. ثم يوحي إلى الوادي الذي انطبعت فيه صورنا ونفوسنا أن يطمس آثارنا، ويمحو أسماءنا وأخبارنا.
لا بأس!! أنسينا أيتها الدار! وانكرينا أيتها الحديقة! ولا تذكرينا يا ظلال! واحتل عتبتنا يا عشب! وغط آثار قدمينا يا عوسج! وغردي أيتها الطيور! وتدفقي أيتها الجداول. وتكاثري أيتها الأوراق. فإن الذين طويتم صحيفة ذكرهما لا ينسيان! وكيف ننسى وأنتم خيال الحبّ نفسه! أنتم الواحة التي يلاقيها المسافر في وقدة الصحراء، والخلوة العظمى التي بكينا بها أحرّ بكاء، وكل منا يده في يد الآخر! كل الأهواء تمضي مع العمر. بعضها يحمل نقابه وبعضها يحمل مديته كدبر النحل يسافر جذلان شاديا وجماعته تضمحل وتقل وراء الأكمة.
إلا إياك أيها الحبّ فلا شيء يمحوك! أنت السحر وأنت الفتنة! وسواء أكنت مشعالًا بدويًا أم مصباحًا حضريًا فأنت الذي تشرق في العيون وبين الضلوع، وتستولي علينا بالبسمات وخاصة بالدموع! أن الناس في الشباب يلعنونك، ولكنهم في المشيب يعبدونك!".
«أيها الراتعان في رياض الحياة! اذكرا من طوح بهما الدهر في قفار الموت!»
لعمرك ما هذه المروج والعيون والغابات والسماوات والبحيرات والسهول والحزون إلا عادة مستردة! يعيرنا الله إياها لحظة من الزمن لنضع فيها قلوبنا وأحلامنا وغرامنا ثم يستردها. ثم يطفئ بعد ذلك سراجنا ويدفن في حلك الليل شعاعنا. ثم يوحي إلى الوادي الذي انطبعت فيه صورنا ونفوسنا أن يطمس آثارنا، ويمحو أسماءنا وأخبارنا.
لا بأس!! أنسينا أيتها الدار! وانكرينا أيتها الحديقة! ولا تذكرينا يا ظلال! واحتل عتبتنا يا عشب! وغط آثار قدمينا يا عوسج! وغردي أيتها الطيور! وتدفقي أيتها الجداول. وتكاثري أيتها الأوراق. فإن الذين طويتم صحيفة ذكرهما لا ينسيان! وكيف ننسى وأنتم خيال الحبّ نفسه! أنتم الواحة التي يلاقيها المسافر في وقدة الصحراء، والخلوة العظمى التي بكينا بها أحرّ بكاء، وكل منا يده في يد الآخر! كل الأهواء تمضي مع العمر. بعضها يحمل نقابه وبعضها يحمل مديته كدبر النحل يسافر جذلان شاديا وجماعته تضمحل وتقل وراء الأكمة.
إلا إياك أيها الحبّ فلا شيء يمحوك! أنت السحر وأنت الفتنة! وسواء أكنت مشعالًا بدويًا أم مصباحًا حضريًا فأنت الذي تشرق في العيون وبين الضلوع، وتستولي علينا بالبسمات وخاصة بالدموع! أن الناس في الشباب يلعنونك، ولكنهم في المشيب يعبدونك!".
سرّ الشرط الإنساني | أوكتافيو باث
"أجل فكل كائن بشري، دون استثناء حتى من هم أشدّ خساسةً، يجسّدُ سرًّا ليس من المغالاة نعته بالقدسيّ أو المقدس. عند المسيحيين والمسلمين يتمثّل السر الأكبر في السقوط: سقوط البشر والملائكة كذلك الحراس السماويين: إبليس. فسقوطه يحمل ويتضمن السقوط الإنساني بأتمّه. لكن إبليس لا يُفتدى، في حدود علمنا: فلعنته أبدية. أما الإنسان، فيمكنه، على العكس افتداء خطيئته، استبدال السقوط بالتحليق. الحبّ امتنانٌ، امتنان في شخص من نحبّ، للّهبة المتمثلة في ذلك التحليق الذي يميز كل المخلوقات الإنسانية. إن سرّ الشرط الإنساني كامنٌ في حريته: السقوط والتحليق. وفي هذا أيضًا يكمن الإغواء الواسع الذي يمارسه علينا الحبّ. لا يقدم لنا طريقًا للخلاص، ولا هو بإلحاد أو وثنية. يبدأ بالإعجاب بشخص معين، ويعقبه الحماس ثم الوله الذي يقودنا إلى السعادة أو إلى الكارثة. إن الحبّ تجربة تشرفنا جميعًا، سعداء كنا أم تعساء".
"أجل فكل كائن بشري، دون استثناء حتى من هم أشدّ خساسةً، يجسّدُ سرًّا ليس من المغالاة نعته بالقدسيّ أو المقدس. عند المسيحيين والمسلمين يتمثّل السر الأكبر في السقوط: سقوط البشر والملائكة كذلك الحراس السماويين: إبليس. فسقوطه يحمل ويتضمن السقوط الإنساني بأتمّه. لكن إبليس لا يُفتدى، في حدود علمنا: فلعنته أبدية. أما الإنسان، فيمكنه، على العكس افتداء خطيئته، استبدال السقوط بالتحليق. الحبّ امتنانٌ، امتنان في شخص من نحبّ، للّهبة المتمثلة في ذلك التحليق الذي يميز كل المخلوقات الإنسانية. إن سرّ الشرط الإنساني كامنٌ في حريته: السقوط والتحليق. وفي هذا أيضًا يكمن الإغواء الواسع الذي يمارسه علينا الحبّ. لا يقدم لنا طريقًا للخلاص، ولا هو بإلحاد أو وثنية. يبدأ بالإعجاب بشخص معين، ويعقبه الحماس ثم الوله الذي يقودنا إلى السعادة أو إلى الكارثة. إن الحبّ تجربة تشرفنا جميعًا، سعداء كنا أم تعساء".
على كتفك تخرّ نجوم | مليندا ڤاركا
"عَبَرتَ تَخُبُّ على دمي، وعَبَرتُ أخُبُّ على دمك
قد هَمد لهيب شوقي الذي كان بالأمس متقدًا.
سأخيط لك شرشفًا فخمًا من الوصالِ،
ومن دفئ الصباحات المشمسة،
وأُطرِّزُ في منتصفه التَجَّول الطويل على الساحل الصامت
وأُحِيكُ بخيوطٍ برَّاقة بَصَمات أناملي،
على ظهركَ، وضوج ذراعك، وعلى كتفِكَ
تخرُّ نجوم، وتنغمر في البحيرة،
حوافِها وحشية، منمقة بأمطار نزقة،
فأما أن تَفُرَّ أو أن تبتلّ،
ونضحك كيف تقبقب في أعقابنا.
عَبَرتَ تَخُبُّ على دمي، وعَبَرتُ أخُبُّ على دمك
قد هَمد لهيب شوقي الذي كان بالأمس متقدًا.
الحين الذي يفصل بين نأمة ونأمة هو زمن وهمي.
مالح مثل لمظة شفاه البحر: بارد وصاخب،
فكم من ساعة رخامية باردة سترن على كتفه المُزبد،
حتى أراكَ مرة أخرى".
"عَبَرتَ تَخُبُّ على دمي، وعَبَرتُ أخُبُّ على دمك
قد هَمد لهيب شوقي الذي كان بالأمس متقدًا.
سأخيط لك شرشفًا فخمًا من الوصالِ،
ومن دفئ الصباحات المشمسة،
وأُطرِّزُ في منتصفه التَجَّول الطويل على الساحل الصامت
وأُحِيكُ بخيوطٍ برَّاقة بَصَمات أناملي،
على ظهركَ، وضوج ذراعك، وعلى كتفِكَ
تخرُّ نجوم، وتنغمر في البحيرة،
حوافِها وحشية، منمقة بأمطار نزقة،
فأما أن تَفُرَّ أو أن تبتلّ،
ونضحك كيف تقبقب في أعقابنا.
عَبَرتَ تَخُبُّ على دمي، وعَبَرتُ أخُبُّ على دمك
قد هَمد لهيب شوقي الذي كان بالأمس متقدًا.
الحين الذي يفصل بين نأمة ونأمة هو زمن وهمي.
مالح مثل لمظة شفاه البحر: بارد وصاخب،
فكم من ساعة رخامية باردة سترن على كتفه المُزبد،
حتى أراكَ مرة أخرى".
خمسة جذور | بابلو نيرودا
"قال: أريد خمسة أشياء فقط
خمسة جذور مفضلة
الأول: حبّ أبديّ
الثاني: أن أشهد الخريف.
لا يمكنني التواجد
دون الأوراق المتطايرة
والمتساقطة على الأرض.
الثالث: شتاء رصين
المطر الذي أحب
وعناق النار في البرد القارس.
رابعًا: الصيف، ريان كالبطيخ.
الخامس: عيناك".
"قال: أريد خمسة أشياء فقط
خمسة جذور مفضلة
الأول: حبّ أبديّ
الثاني: أن أشهد الخريف.
لا يمكنني التواجد
دون الأوراق المتطايرة
والمتساقطة على الأرض.
الثالث: شتاء رصين
المطر الذي أحب
وعناق النار في البرد القارس.
رابعًا: الصيف، ريان كالبطيخ.
الخامس: عيناك".
دائمًا على الطريق | فريدوم نياموبايا
"تسعة أشهر في الرحم
بريئة وساكنة.
ولكنني لم أرتَح بعد ذلك أبدًا.
دائمًا على الطريق من مكان إلى مكان
منذ أن تركت ملاذي الآمن.
أزحف، أمشي
وكثيرًا ما أركض
وفي معظم الأحيان
أتقدم مُكرهة.
طالبة في الصباح الباكر
معلمةً في القيلولة
عاملة بناء وقت الظهر
خادمة في المساء
كلبة وقت العشاء:
مقاتلة بقية حياتي.
للمدارس أعياد
للعمال عطلات
الكلاب أيضًا ترتاح.
لكن النضال
من أجل المضي قدمًا
لا بد أن يمضي قدمًا.
ما زلت على الطريق.
رحلة لا نهاية لها".
"تسعة أشهر في الرحم
بريئة وساكنة.
ولكنني لم أرتَح بعد ذلك أبدًا.
دائمًا على الطريق من مكان إلى مكان
منذ أن تركت ملاذي الآمن.
أزحف، أمشي
وكثيرًا ما أركض
وفي معظم الأحيان
أتقدم مُكرهة.
طالبة في الصباح الباكر
معلمةً في القيلولة
عاملة بناء وقت الظهر
خادمة في المساء
كلبة وقت العشاء:
مقاتلة بقية حياتي.
للمدارس أعياد
للعمال عطلات
الكلاب أيضًا ترتاح.
لكن النضال
من أجل المضي قدمًا
لا بد أن يمضي قدمًا.
ما زلت على الطريق.
رحلة لا نهاية لها".
الشاعر والقصيدة | لويس ليون
"تطلبين مني
قصيدة
يا حبيبتي،
وأنا أُجيبكِ:
القصيدة هي أنتِ.
كل جزء منكِ
هو مقطع شعري
ومجموع جسدكِ هو
الشِّعر.
فلكي أكتُبَكِ
يجب أن أعود
إلى الشِّعر الكلاسيكي،
يجب أن أعود
إلى التمارين البدنية
وإلى الشِّعر النبيل.
فأن أكتُبَكِ بالشِّعر الحر
هو عمل غير لائق
كما أنني عاجز عن الكتابة
بالطريقة الكلاسيكية.
أترُكيني أنتحِلُكِ
عبر مضاجعتِكِ
اجعليني أشعر
بالصدى الكامل
للمقطع الشعري
لأنه على أي حال
إذا كنتِ ياحبيبتي
القصيدة
فأنا الشاعر".
"تطلبين مني
قصيدة
يا حبيبتي،
وأنا أُجيبكِ:
القصيدة هي أنتِ.
كل جزء منكِ
هو مقطع شعري
ومجموع جسدكِ هو
الشِّعر.
فلكي أكتُبَكِ
يجب أن أعود
إلى الشِّعر الكلاسيكي،
يجب أن أعود
إلى التمارين البدنية
وإلى الشِّعر النبيل.
فأن أكتُبَكِ بالشِّعر الحر
هو عمل غير لائق
كما أنني عاجز عن الكتابة
بالطريقة الكلاسيكية.
أترُكيني أنتحِلُكِ
عبر مضاجعتِكِ
اجعليني أشعر
بالصدى الكامل
للمقطع الشعري
لأنه على أي حال
إذا كنتِ ياحبيبتي
القصيدة
فأنا الشاعر".
الحديقة الخضراء | نيكيفوروس فريتاكوس
"لي ثلاثة عوالم.
بحرٌ وسماءٌ
وحديقةٌ خضراءُ
هي عيونك.
سأعبرُها هي الثلاثةَ،
وسأخبركم
أين امتدّ كلّ عالم منها.
البحرُ، أعلمُ أين.
السماءُ، أحدسُ.
أما عن حديقتي الخضراء
فلا تسألوني".
"لي ثلاثة عوالم.
بحرٌ وسماءٌ
وحديقةٌ خضراءُ
هي عيونك.
سأعبرُها هي الثلاثةَ،
وسأخبركم
أين امتدّ كلّ عالم منها.
البحرُ، أعلمُ أين.
السماءُ، أحدسُ.
أما عن حديقتي الخضراء
فلا تسألوني".
حلاوة | ستيفن دن
"ولمّا بدا أنّي لم أُطِق احتمالَ
صديقٍ آخرَ
يمشي بورم، مجنونٍ آخرَ
بسببٍ وجيه، باتت حلاوةٌ
تأتي أغلبَ الأحيانِ
ولا تُغيّر شيئًا في العالمِ
سوى الطريقةِ التي أتعثّر بها خلالَه،
تائهًا لبُرهةٍ
في غيهب غرامٍ
بشخصٍ أو بشيء، والعالم قد انكمش
إلى حجم فمٍ،
حجمِ يدٍ، ولا يبدو صغيرًا على الإطلاق.
أشهد أن لا حلاوةَ
إلّا وتتركُ لطخةً،
لا حلاوةَ أبدًا حلوةٌ بما فيه الكفاية...
الليلةَ اتّصل بي صديق ليخبرني بأنّ حبيبته
قد قُتِلَتْ في سيّارةٍ
كان يقودها. صوته كان خافتًا
وأجشّ، أعاد ما احتاج إلى
أن يعيدَه، وأعدتُّ
الكلمة أو الكلمتين اللتين تُقَالان في حزنٍ كهذا
حتى بتنا نتحدّث بالنغمات فحسب.
تأتي حلاوةٌ أغلبَ الأحيان
كما لو كانت مُعَارَةً، تلبث ما يكفي من الوقت
كي تمنح معنًى لمعنى أن تكون حيًّا،
ثمّ تعود إلى منبعها
المظلم. شخصيًّا، لا يعنيني
أين كانت، أو أيّةَ طريقٍ مريرةٍ
سَلكَتْ
لتبلغَ غايةً بهذا البعد، مذاقًا بهذه الحلاوة".
"ولمّا بدا أنّي لم أُطِق احتمالَ
صديقٍ آخرَ
يمشي بورم، مجنونٍ آخرَ
بسببٍ وجيه، باتت حلاوةٌ
تأتي أغلبَ الأحيانِ
ولا تُغيّر شيئًا في العالمِ
سوى الطريقةِ التي أتعثّر بها خلالَه،
تائهًا لبُرهةٍ
في غيهب غرامٍ
بشخصٍ أو بشيء، والعالم قد انكمش
إلى حجم فمٍ،
حجمِ يدٍ، ولا يبدو صغيرًا على الإطلاق.
أشهد أن لا حلاوةَ
إلّا وتتركُ لطخةً،
لا حلاوةَ أبدًا حلوةٌ بما فيه الكفاية...
الليلةَ اتّصل بي صديق ليخبرني بأنّ حبيبته
قد قُتِلَتْ في سيّارةٍ
كان يقودها. صوته كان خافتًا
وأجشّ، أعاد ما احتاج إلى
أن يعيدَه، وأعدتُّ
الكلمة أو الكلمتين اللتين تُقَالان في حزنٍ كهذا
حتى بتنا نتحدّث بالنغمات فحسب.
تأتي حلاوةٌ أغلبَ الأحيان
كما لو كانت مُعَارَةً، تلبث ما يكفي من الوقت
كي تمنح معنًى لمعنى أن تكون حيًّا،
ثمّ تعود إلى منبعها
المظلم. شخصيًّا، لا يعنيني
أين كانت، أو أيّةَ طريقٍ مريرةٍ
سَلكَتْ
لتبلغَ غايةً بهذا البعد، مذاقًا بهذه الحلاوة".
أهلًا وسهلًا بالصباح السعيد | مايكل سيمز
"الراحة النفسية تأتي من الحديقة في الصيف،
ومن سقف البيت في الشتاء
في الحديقة وعاليًا سهم الرياح يدور
وفي الباحة الخلفية يشيد ابني مأوى للنباتات
لكن في الشتاء تذوب مونوغيلا تحت الجليد
حتى نيأس ونطلب الموت من الرب.
هلا تفضّلت بأغنية أخرى
ونحن نترافق على هذا الطريق.
واحبكي لي باقة ورد أبيض
فالأيام الناصعة تكون معك، والليالي السعيدة أيضًا".
"الراحة النفسية تأتي من الحديقة في الصيف،
ومن سقف البيت في الشتاء
في الحديقة وعاليًا سهم الرياح يدور
وفي الباحة الخلفية يشيد ابني مأوى للنباتات
لكن في الشتاء تذوب مونوغيلا تحت الجليد
حتى نيأس ونطلب الموت من الرب.
هلا تفضّلت بأغنية أخرى
ونحن نترافق على هذا الطريق.
واحبكي لي باقة ورد أبيض
فالأيام الناصعة تكون معك، والليالي السعيدة أيضًا".
كل حبّ | جاغان جيل
"عندما يصل إلى عتبة بابك
كل حبّ سيسألك أول شيء:
هل ستقفز من النافذة من أجلي؟
هل ستطعن قلبك وتعطيه لي؟
كل حبّ سيسأل:
هل ستطير معي ولو بأشلاء ذراعيك؟
عندما يصل الحبّ إلى عتبة دارك
لن يتركك ولن ينساك
ولكن عليه دائمًا أن يغادر إلى جبل أو وادٍ
أو إلى محيط أو نهر.
ثم يأتي إلى بابك مُلِحًا وبدون سابق إنذار
ويريد أن يعرف
هل ستأتي معه
لتغرقا معًا أم لا.
كل حبّ يمنحك وقتًا كافيًا
لتموت من أجله".
"عندما يصل إلى عتبة بابك
كل حبّ سيسألك أول شيء:
هل ستقفز من النافذة من أجلي؟
هل ستطعن قلبك وتعطيه لي؟
كل حبّ سيسأل:
هل ستطير معي ولو بأشلاء ذراعيك؟
عندما يصل الحبّ إلى عتبة دارك
لن يتركك ولن ينساك
ولكن عليه دائمًا أن يغادر إلى جبل أو وادٍ
أو إلى محيط أو نهر.
ثم يأتي إلى بابك مُلِحًا وبدون سابق إنذار
ويريد أن يعرف
هل ستأتي معه
لتغرقا معًا أم لا.
كل حبّ يمنحك وقتًا كافيًا
لتموت من أجله".