😷 #بائعة_الكمامات_في_زمن_الحرب 🧨
أسيرُ وحيداً في الشارع لا يرافقني سوى ظلّي المُجهد مسحوباً ورائي على الأسفلت، لا أعتقد أنه إخلاصاً منهُ بل قد يكون نوعاً من المجاملة وخشية أن يُتهم بالتخلي عني والخيانة .
الشارع يكاد يخلو من المآرة إلا من قلة قليلة أجبرتهم ظروفهم الحياتية على النزول، معظم المحلات لم تفتح أبوابها بعد أو بالأحرى لن تفتح ، النوافذ مغلقة وكذلك الشرفات، وتكاد تسمع شخير النيام متسللاً عبر جدران المنازل ......
وصلت إلى تقاطع الشارع الآخر.. كان خالياً تماما من كُل مظاهر الحياة... لا شيء يمرُقُ من هناك سوى عويل أصوات الرياح، ونباح الكلاب الضالة.... تتراقص أكياس النفايات فوق أرصفة الشارع مُعلنة حفلة سنفوانية ترحيباً بجثة أضاعت طريقها...
أستمريت بإختراق الشوارع الواحد تلوى الآخر واستمر ظلي بتعقبي بكل صمت وإذعان.. وما أن وطئت قدماي دهاليز الحي القديم الذي أصبح الآن مهجوراً بعد تفشى الفيرس فيه ...سمعت بقايا تردداتٍ صوتية تنتقل بين بنايات الحي وكأن المباني تناجي بعضها... كان ذاك الصوت عائداً لبائعة الكمامات التي ما أن لمحت ظلي حتى ركضت اليّ وهي تصرخ
#كمااااامات ، #كمامات ، #كمامات........
- هيْ أيها السيد أتود كمامات لتحمي نفسك من كورونا ؟
نظرتُ إليها بعينين شبه مغلقتين 😑😑 ثم بدأتُ أتفحص جسدها الذي عبثت به مخالب الفقر.. وقلتُ
- إن كانت تحمي فلماذا لا ترتديها وتحمي نفسكِ من كورونا ؟
فردت عليّ بصوتٍ متحشرج يكادُ يختفي من كثرة الصراخ
- وهل تظن بأن حياةً كحياة فتاة مثلي تستاهل أن يُحافظ عليها أو أن يُرتدى من أجلها كمامة ؟
- هههه ولما كل هذا... مازلتي صغيرةً وفي ريعان شبابك ؟؟
- ربما.. مازلتُ صغيرةً ولكن لم يعُد بمقدوري أن أحافظ على حياتي لكي لا تستمر بتعسفي... أود الخلاص منها بأي طريقة لأرتاح ..
- إن هذا انتحار بأُم عينيه يا فتاة !!! قلتها وأنا أشعرُ بناراً تلسع دواخلي..... فقالت
- أوليس بإنتحار أيضاً أن أجُوب كل هذه الشوارع مُذ أن تشرق الشمس حتى غروبها ولا أبيع سوى كمية محدودة من الكمامات لا تكفي لأخذ قطعة رغيف.!!!
- نعم والله إنهُ لبئس الإنتحار..
- إذا فلا داعي أن نكذب على أنفُسِنا أيها السيد الموقر.. فنحن بكلا الحالتين أموات
- هو كذلك أيتها الصغيرة... نحن مُتنا عندما ولدنا...لقد كانت حياتنا تكتض بالرفاهية والسعادة عندما كُنا في بطون أُمهاتنا..أم الآن فنحن مطالبون بدفع ثمن تلك الأيام السعيدة
- نعم ولكن هذا الثمن قاسياً جداً أيها السيد ..
ثم أومت بيدها بتجاه أحد الشوارع قائلة:
- انظر إلى كُبر هذه الشوارع من حولك ووحشتها لقد نمت ُفي كُل شبرٍ بها... واسئل هذه الحيطان وهذه الارصفة كلها تعرفني.. فقد كانت هي الأم التي تستقبُلني في كل مساء بصدرٍ رحب وحضنٍ يكتض بالدفئ والحنان.....
- وأين أهلكِ...؟
- لقد أُستشهدُوا جراء غارة من غارات العدوان الغاشم.
- أكُلهم استشهُدوا...؟
- نعم.... كلهم لم يبقى أحداً سواي
- وأين كنتِ في تلك اليوم...؟
- كُنت في المدرسة.. وعندما عدتُ ، كانوا سكان الحي مجتمعين على مقربةٍ من سور منزلِنا، وكانت هناك أعمدةً من الدخان تتصاعد من منزلنا ، كنت حينها أرتجف من الرعب، وكلما زاد إقترابي من المنزل أزادت نبضات قلبي،......... كانت أجساد الناس تحجبُ الروية عني لصغر حجمي فصرختُ متوسلةً
- أرجووووووووووكم دعوني أرى 👁
وبعد ما أنقشعت تلك الأجساد البشرية من أمامي...نظرت باحثةً عن منزلنا..... ولكنني لم أجده .... لقد أصبح كومة من الانقاض ... وفجأة هبتْ فرقة من الشباب وبدأوا ينفضون تلك الأنقاض ، ويخرخون أشلاء أخواتي التي تطايرت تحت الأنقاض .... كنتُ أشعرُ بأن قلبي يتمزق من الالم..... ثم صمتت ، واحنت راسِها إلى الأرض ، وبدأ وجُوهها يزداد شحوباً، ..فأسئلتها وأنا أمسِكُ بعضدها الأيسر محاولاً مواساتِها..
- وماذا حدث بعد ذلك ...؟؟
- لا أعلم لقد فقدتُ وعيي ولم أستيقظ الا بعد مرور خمس ساعات ٠وبقية القصة هاهيَ كما تراها بأُم عينيك ....
- وما هو اسمك أيتها الصغيرة...؟؟
- صمــــــــود.
- إذاً يجبُ عليكِ الصمود حتى الأنتصار
- وماذا عنك أيها السيد... أوليس لك اسماً
- يمكنكِ أن تناديني بالسيد تِيم التعزي ٠
- اسمك غريباً نوعاً ما...
- ربما.. ولكن يجب أن نكون تيماً واحداً ليكون وراء صمُودنا إنتصاراً سأحق....
#Team_al_taizi
#Sana'a university
👨🔬 tele: @doctor_headache
أسيرُ وحيداً في الشارع لا يرافقني سوى ظلّي المُجهد مسحوباً ورائي على الأسفلت، لا أعتقد أنه إخلاصاً منهُ بل قد يكون نوعاً من المجاملة وخشية أن يُتهم بالتخلي عني والخيانة .
الشارع يكاد يخلو من المآرة إلا من قلة قليلة أجبرتهم ظروفهم الحياتية على النزول، معظم المحلات لم تفتح أبوابها بعد أو بالأحرى لن تفتح ، النوافذ مغلقة وكذلك الشرفات، وتكاد تسمع شخير النيام متسللاً عبر جدران المنازل ......
وصلت إلى تقاطع الشارع الآخر.. كان خالياً تماما من كُل مظاهر الحياة... لا شيء يمرُقُ من هناك سوى عويل أصوات الرياح، ونباح الكلاب الضالة.... تتراقص أكياس النفايات فوق أرصفة الشارع مُعلنة حفلة سنفوانية ترحيباً بجثة أضاعت طريقها...
أستمريت بإختراق الشوارع الواحد تلوى الآخر واستمر ظلي بتعقبي بكل صمت وإذعان.. وما أن وطئت قدماي دهاليز الحي القديم الذي أصبح الآن مهجوراً بعد تفشى الفيرس فيه ...سمعت بقايا تردداتٍ صوتية تنتقل بين بنايات الحي وكأن المباني تناجي بعضها... كان ذاك الصوت عائداً لبائعة الكمامات التي ما أن لمحت ظلي حتى ركضت اليّ وهي تصرخ
#كمااااامات ، #كمامات ، #كمامات........
- هيْ أيها السيد أتود كمامات لتحمي نفسك من كورونا ؟
نظرتُ إليها بعينين شبه مغلقتين 😑😑 ثم بدأتُ أتفحص جسدها الذي عبثت به مخالب الفقر.. وقلتُ
- إن كانت تحمي فلماذا لا ترتديها وتحمي نفسكِ من كورونا ؟
فردت عليّ بصوتٍ متحشرج يكادُ يختفي من كثرة الصراخ
- وهل تظن بأن حياةً كحياة فتاة مثلي تستاهل أن يُحافظ عليها أو أن يُرتدى من أجلها كمامة ؟
- هههه ولما كل هذا... مازلتي صغيرةً وفي ريعان شبابك ؟؟
- ربما.. مازلتُ صغيرةً ولكن لم يعُد بمقدوري أن أحافظ على حياتي لكي لا تستمر بتعسفي... أود الخلاص منها بأي طريقة لأرتاح ..
- إن هذا انتحار بأُم عينيه يا فتاة !!! قلتها وأنا أشعرُ بناراً تلسع دواخلي..... فقالت
- أوليس بإنتحار أيضاً أن أجُوب كل هذه الشوارع مُذ أن تشرق الشمس حتى غروبها ولا أبيع سوى كمية محدودة من الكمامات لا تكفي لأخذ قطعة رغيف.!!!
- نعم والله إنهُ لبئس الإنتحار..
- إذا فلا داعي أن نكذب على أنفُسِنا أيها السيد الموقر.. فنحن بكلا الحالتين أموات
- هو كذلك أيتها الصغيرة... نحن مُتنا عندما ولدنا...لقد كانت حياتنا تكتض بالرفاهية والسعادة عندما كُنا في بطون أُمهاتنا..أم الآن فنحن مطالبون بدفع ثمن تلك الأيام السعيدة
- نعم ولكن هذا الثمن قاسياً جداً أيها السيد ..
ثم أومت بيدها بتجاه أحد الشوارع قائلة:
- انظر إلى كُبر هذه الشوارع من حولك ووحشتها لقد نمت ُفي كُل شبرٍ بها... واسئل هذه الحيطان وهذه الارصفة كلها تعرفني.. فقد كانت هي الأم التي تستقبُلني في كل مساء بصدرٍ رحب وحضنٍ يكتض بالدفئ والحنان.....
- وأين أهلكِ...؟
- لقد أُستشهدُوا جراء غارة من غارات العدوان الغاشم.
- أكُلهم استشهُدوا...؟
- نعم.... كلهم لم يبقى أحداً سواي
- وأين كنتِ في تلك اليوم...؟
- كُنت في المدرسة.. وعندما عدتُ ، كانوا سكان الحي مجتمعين على مقربةٍ من سور منزلِنا، وكانت هناك أعمدةً من الدخان تتصاعد من منزلنا ، كنت حينها أرتجف من الرعب، وكلما زاد إقترابي من المنزل أزادت نبضات قلبي،......... كانت أجساد الناس تحجبُ الروية عني لصغر حجمي فصرختُ متوسلةً
- أرجووووووووووكم دعوني أرى 👁
وبعد ما أنقشعت تلك الأجساد البشرية من أمامي...نظرت باحثةً عن منزلنا..... ولكنني لم أجده .... لقد أصبح كومة من الانقاض ... وفجأة هبتْ فرقة من الشباب وبدأوا ينفضون تلك الأنقاض ، ويخرخون أشلاء أخواتي التي تطايرت تحت الأنقاض .... كنتُ أشعرُ بأن قلبي يتمزق من الالم..... ثم صمتت ، واحنت راسِها إلى الأرض ، وبدأ وجُوهها يزداد شحوباً، ..فأسئلتها وأنا أمسِكُ بعضدها الأيسر محاولاً مواساتِها..
- وماذا حدث بعد ذلك ...؟؟
- لا أعلم لقد فقدتُ وعيي ولم أستيقظ الا بعد مرور خمس ساعات ٠وبقية القصة هاهيَ كما تراها بأُم عينيك ....
- وما هو اسمك أيتها الصغيرة...؟؟
- صمــــــــود.
- إذاً يجبُ عليكِ الصمود حتى الأنتصار
- وماذا عنك أيها السيد... أوليس لك اسماً
- يمكنكِ أن تناديني بالسيد تِيم التعزي ٠
- اسمك غريباً نوعاً ما...
- ربما.. ولكن يجب أن نكون تيماً واحداً ليكون وراء صمُودنا إنتصاراً سأحق....
#Team_al_taizi
#Sana'a university
👨🔬 tele: @doctor_headache