بعد رمضان والعيد الإنسان محتاج يقرأ "جسر التعب" وهو أوّل فصل في كتاب مَسلكيّات، ولا يملّ الإنسان تكراره ولا تنقطع حاجته إليه..
أخبرتني أنّها تزور لأوّل مرّة بناتها المُغتربات للدراسة، بعدها بدقائق وبينما أمشي؛ رأيتها جالسة قلقة تنتظر الحقائب فشعرت وكأنّ تأخّرها أقلقها، أخبرتها بأنّ لا مُشكلة في تأخّر نزول الحقائب من الطائرة وذلك يحدث بشكل متكرر فزال عنها قلقها واختفى تقطّب الحاجب.. ما أريد قوله هو وكأنّه واجب على كُلّ من وَفّقه الله لخطوة أو أَمّنه من بعد خوف أو جَبره من بعد كَسرٍ أو أعطاه معرفة أن يَنقُل ذلك لغيره حتى يطمئن قلبه وتهدأ نفسه؛ ما أكثر عطشى الكلام وما أقرب الماء إلى أيدينا..
اشتراط فهم الحكمة قبل كلّ أمر من أوامر الله؛ شُعبة من شعب النِفاق. والبحث عن حكمة الله بعد قول "سمعنا وأطعنا" يؤدي إلى نور وفتح أسرار فهم التشريعات..
-د.أحمد عبد المنعم.
-د.أحمد عبد المنعم.
من المعاني المُهمّة التي يجب أن يفهمها الإنسان: الأشياء نفسها يختلف معناها وقيمتها بالتوقيت والأسلوب والنّية التي قيلت فيها..
ولهذا مثلا تجد النّاس تُحبّ من يقف معها في الأوقات الصعبة ولا يتساوى عندها من ساعدها في الشدّة ومن تقرّب إليها في الرخاء.. ويُمكن أن يلتقط المعنى هذا من القرآن الكريم بأنّه لا يتساوى من أنفق من قبل الفتح وقاتل مع من فعل نفس الفِعل بعد الفتح!
ومثال آخر عن الوقت والكلام نفسه، عندما يُعذّب أهل النّار في النار؛ انظر إلى إقرارهم "قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ" ولو قالوا مِثل هذا القول في الدّنيا مثلا وتابوا لتُقبّل منهم ولكن هيهات هيهات بعد فوات الأوان..
وأما عن الأسلوب والنيّة، فالبواعث تُعرَف من لحن القول ومن الحال التي هو عليها قبله.. موسى عليه السلام طَلب من الله عزّ وجل أن يراه وبني إسرائيل فعلوا ذلك أيضًا وكلاهما لم يره سبحانه وتعالى كما لا يُمكن لأحد أن يراه في الدنيا، ولكن شَتّان بين الكبر والمعاندة والاستهزاء في طلب بني اسرائيل، وبين المحبّة والشَوق والإنابة في طَلب كليم الله..
ولهذا مثلا تجد النّاس تُحبّ من يقف معها في الأوقات الصعبة ولا يتساوى عندها من ساعدها في الشدّة ومن تقرّب إليها في الرخاء.. ويُمكن أن يلتقط المعنى هذا من القرآن الكريم بأنّه لا يتساوى من أنفق من قبل الفتح وقاتل مع من فعل نفس الفِعل بعد الفتح!
ومثال آخر عن الوقت والكلام نفسه، عندما يُعذّب أهل النّار في النار؛ انظر إلى إقرارهم "قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ" ولو قالوا مِثل هذا القول في الدّنيا مثلا وتابوا لتُقبّل منهم ولكن هيهات هيهات بعد فوات الأوان..
وأما عن الأسلوب والنيّة، فالبواعث تُعرَف من لحن القول ومن الحال التي هو عليها قبله.. موسى عليه السلام طَلب من الله عزّ وجل أن يراه وبني إسرائيل فعلوا ذلك أيضًا وكلاهما لم يره سبحانه وتعالى كما لا يُمكن لأحد أن يراه في الدنيا، ولكن شَتّان بين الكبر والمعاندة والاستهزاء في طلب بني اسرائيل، وبين المحبّة والشَوق والإنابة في طَلب كليم الله..
في أَوّل طريقي للسَفر كنت أُحاوِل ارتداء أجمل الأشياء فهناك مَحطّات فخمة وأُناس كُثر، ولم أحتج كثيرًا حتى أُدرِك أنني لا أريد أجمل الأشياء بل أكثرها راحة، وصرت أنظر إلى ذلك الطريق على أنّه مسافة وجلوس وحركة وتعب؛ لا أهمّ فيها من المرونة والراحة.. وكُلّما وعيت أكثر في الحياة صِرت أسحب هذا النموذج على أموري كلّها وأُحاوِل القفز من السَطحيّ الجميل إلى ما فيه منفعة وأريده حقيقة،، أتدري؟ من أصعب المَهمّات وأهمّها أن يُميّز الإنسان بين ما يُريده وما يُدفَع إليه..
هل نُدفع للأشياء؟ بلا ريب. بل والأصحّ أن تستنكر أننا نتحرّك إلى ما نُريده حقيقة. ولا أقصد الإرادة الحُرّة في الاختيار فهذه نمتلكها ولكن أقصد أننا أحيانًا يُخَيّل إلينا أننا اخترنا ما نُريد والحقيقة أننا اخترنا ما يُريد غيرنا أن نختاره. ما الذي يدفعنا؟ رُبّما المنظومة كُلّها -ومن يعرف لمحة عن العالمانيّة أو التسويق يدري- أو من حولنا من الأصحاب والأهل أو أقرب من ذلك وساوس الشيطان أو أقرب منها جميعًا؛ ذلك الجزء الذي في داخل أنفسنا ويدفعنا إلى المُتعة اللحظيّة ويُغلِق عينيه عن المآلات.. والإنسان بالعقل الذي في رأسه والوعي الذي يكتسبه عامّة وبالوحي الذي هو بصائر للنّاس؛ عليه أن يُقاوِم، وكُلّ مقاومة صعبة. ولا تُكلَّف نفس إلا وسعها..
هناك سبب نَفسيّ رُبّما هو رُكن أساسيّ في فعل الإنسان أشياء لا يريدها بذاتها، هو ببساطة "الهروب النَفسي"، تجد الإنسان خُذِل في مساحة ما ثُمّ يقفز لأخرى بشكل أعمى ليسدّ ذلك الفراغ فقط أو ليحاول إثبات شيء ما، ولهذا يُنصَح بالهدوء والتأنّي بعد الانفصالات مثلا.. والهروب أوسع من هذا ورُبّما يخاف الإنسان الدخول في شيء فيهرب إلى شيء أصعب منه بسبب خوف المواجهة فقط! والأمثلة كثيرة ولعلّك جاء في ذهنك شيء خاص بك، ولعلّنا في المرّة القادمة نهدأ ونفعل الأشياء التي نُريدها حقيقة؛رأفة بنا وبغيرنا.
من الأشياء الباعثة على الأمل، أنّ نَفسيّة الإنسان المُعقّدة والتي تُشعِره أحيانًا بأنّ كلّ شيء مُنتهي وحَلّ الظلام؛ تَشتعل الروح فيها بلحظة واحدة، بحركة واحدة، بوجود واحد، وسبحان من أضحك وأبكى وضيّق ووسّع..
أطلّ من النافذة، أمامي مبنى مُرتفع مليء بالشبابيك، يقف عليها عامل النظافة ليرتاح والمريض ليتنفّس ومُرافقه ليُدخِّن سيجارته والطبيب ليشرب قهوته، وأقف أنا أُفكِّر بالمرضى الذين نراهم في طريقنا للمحاضرة ولا يذهب عني تساؤل كلّ مرّة: ما كلّ هذه الوجوه المُتعبة، ما كلّ هذا التَعب في الوجه الواحد!؟. فَكّر ثُمّ فَكّر ولن تملك ردًا غير أن تحمد الله.. أُفكِّر في الدوام نَفسه؛ أحيانًا أقول ما كمّية السخافة التي نفعلها أو الأشياء التي ندرسها -نظريًا- ولا قيمة لها -واقعيًا- ولن تجد إجابة سوى أنّها هكذا. ويبدو لي أنّ هذه إجابة منطقيّة لمن لا يملك تغيير الواقع ثُمّ وكأنّ تحصيل أشياء لها معنى لا بدّ أن يمرّ من أشياء عديمة المعنى موجودة في الطريق تُبلَع على مضض.. لماذا لا نجعل الطريق مُفيد يَخدم بعضه بعضًا؟ يبدو أنّك تحمّست وهذه ضريبة حُريّة الأسئلة.. أشرب قهوتي الآن في غُرفتي وكأنّ القهوة ما كان ينقص الوقفة، والقهوة والغُرفة تبدو بيئة خصبة لتحويل التفكير من الخارج إلى الداخل، يا إلهي كيف تَخفُت الحِكمة وتَقلّ الرؤيا ويتحوّل النقد إلى تبرير إذا أتى الإنسان عند نَفسه، رُبّما هناك وصف بعيد وهُنا شعور مشتبك فيه الشوق والحب والخوف والحيرة والأنانيّة والمجهول والمعلوم،
وسهل أن تصِف
صعب أن تعيش..
وسهل أن تصِف
صعب أن تعيش..
في كل سنة بتلاقيلك مادّة تحبها تواسيك وسنة سادسة عِنّا "جراحة ونسا وتوليد "
والاثنين بحبهمش وان شاء الله مش متخصصهم 😅
والاثنين بحبهمش وان شاء الله مش متخصصهم 😅
طبعا زي ما علمتنا الحياة، الرفض بصوت منخفض وبدون تكرار، أما اللي بتبالغ في رفضه ومستحيل ومستحيل، بتلاقي نفسك منوّر فيه 😅
أسوأ النَفسيّات هي التي تجعل خيار البُعد عنها خسارة لك، وأنّ الأذى -الكلاميّ أو الفِعليّ- سيطولك بلا ريب بمجرّد الانسلاخ عنها، وأزعم- وهذه ليست تزكية؛ هو أعلم بمن اتقى ولكن لمحة نفسيّة- أنّ شيء لا بأس به من مشاكلي هو البُعد عندما أرى ذلك لازم وإن كان سيتبعه ما يتبع، وأعرف من النّاس من يخشى قطع علاقته بغيره -المؤذي- خوفًا من لسانه بعدها، ولا عجب أن تكون صِفة المنافق الفجور في الخصومة، وفي الحديث الشريف الجامع للفكرة (يَا عَائِشَةُ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ وَدَعَهُ أَوْ تَرَكَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ) .
في التعامل مع النّاس ومن لنا معرفة بهم؛ أُحِبّ أن يؤخَذ الكلام على ظاهره وبأبسط صوره، أما التعقيد وبأنّ كُلّ كلمة واضحة في بطنها كلمة غامضة تستدعي إعمال العَقل -وغالبا سوء الظَن- فهذا يُبعِد الإنسان عن الرّاحة في الحياة ويُسوِّد نفسيّته،، نحن لسنا في معركة سياسيّة يجب أن تُبنى على سوء الظَنّ والتأويل..
إذا ساء فعلُ المرء ساءت ظنونه
وصدّق ما يعتاده من توهمِ،
وعادى محبّيه بقول عداته
وأصبحَ في ليلٍ من الشك مُظلمِ،
أصادق نفس المرء من قبل جسمِه
وأعرفها في فعله والتكلمِ،
وأحلم عن خلّي وأعلم أنه
متى أجزه حلمًا على الجهلِ يندمِ،
وإن بذل الإنسانُ لي جود عابسٍ
جزيتُ بجود التارك المتبسِّمِ
-المتنبي.
وصدّق ما يعتاده من توهمِ،
وعادى محبّيه بقول عداته
وأصبحَ في ليلٍ من الشك مُظلمِ،
أصادق نفس المرء من قبل جسمِه
وأعرفها في فعله والتكلمِ،
وأحلم عن خلّي وأعلم أنه
متى أجزه حلمًا على الجهلِ يندمِ،
وإن بذل الإنسانُ لي جود عابسٍ
جزيتُ بجود التارك المتبسِّمِ
-المتنبي.
وَالْعَصْرِ (1)
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)
-سورة العصر، القرآن الكريم.
إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ
وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)
-سورة العصر، القرآن الكريم.
يقول الأستاذ بدر في خاطرته الرائعة "لماذا تخيب الآمال" :
نخطىء في تقدير أنفسنا، فنظن مبالغين أننا نستحق دوما فوق ما نحن عليه، وأنّ النّاس لا يقدرون وجودنا بينهم وهذا وهم كبير..
ويقول في موضع آخر : ما رأيت أعون على حسن الخلق وصفاء القلب من ألا ترى لنفسك حقًا على أحد، إنما أُتينا من أوهام الاستحقاق.
نخطىء في تقدير أنفسنا، فنظن مبالغين أننا نستحق دوما فوق ما نحن عليه، وأنّ النّاس لا يقدرون وجودنا بينهم وهذا وهم كبير..
ويقول في موضع آخر : ما رأيت أعون على حسن الخلق وصفاء القلب من ألا ترى لنفسك حقًا على أحد، إنما أُتينا من أوهام الاستحقاق.