زاد الطريق
34K subscribers
144 photos
6 videos
36 files
432 links
قناة تُعنى باقتباسات مميزة من دروس أ. أناهيد السميري، وبعض الدروس المفرغة، مع العلم أن هذه الدروس والاقتباسات لم تعرض على الأستاذة حفظها الله ، لكنها مراجعة ومدققة من أستاذات فاضلات.
Download Telegram
عشر ذي الحجة (1)


الله الحكيم الكريم الرب الرحيم
علم ضعفك؛ فرغبك وحدد لك : أياما معلومات،
قليلة في العدد، عظيمة في الأثر !

وهبها لك؛ فاستح من رد هبته ،
لاتجعلها كبقية الأيام، فما جعلها الله كبقية الأيام !

اجعلها أياما مميزة في قلبك ، مميزة في حياتك .

إن مجرد تعظيمها قربة إلى الله، ولو قضيت الوقت الأكبر منها في حبس نفسك على تعظيمها لكان في ذلك خيرا كثيرا .

كلنا مسافرون، ومحطتنا الأخيرة عند رب العالمين،  ومثل هذه المواسم تختصر الكثير الكثير من وعورة الطريق؛ فبادر وتلق هبات الله بالشوق والترحيب والتعظيم ؛ فهي أهل للتعظيم
كيف لا وقد أقسم بها العظيم بترك التعريف ؛ فقال عز من قائل  : { والفجر} •  { وليال عشر } ؛ تعظيما لها ، وتنبيها منه لعباده على شرفها وفضلها

وأخبرنا رسوله الكريم أن العمل الصالح فيها أحب إليه من كل الأعمال؛ فقال
صلى الله عليه وسلم :
"مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ اْلأيَّامِ الْعَشْرِ" .

وانظر إلى كلمة (أحب) :
كل أحد يتطلع لمعرفة مايحب محبوبه ؛ أفلست تشتاق لمعرفة محاب الله ومبادرة لقياها ؟!
هاهو من تحب قد شرفك وأخبرك بما يحب- وكفى بهذا الإخبار (كرما) منه سبحانه- أفستعرض عن إكرامه بعد هذا ؟!
عشر ذي الحجة  (3)

أيام معلومات :
قد اجتمعت فيها  أمهات العبادات؛ كما قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في الفتح: "والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره".

فلا تبخل على نفسك بالعمل الصالح فيها ، وقدم الأهم فالأهم ،
ولتكن عينك ورأس عنايتك بالفرائض؛ فإن أحب مايتقرب به إلى الله ماافترضه على عباده ، وماجعلها فروضا إلا لتأكد أهميتها.

وإليك أهم ماتعتني به من الأعمال  :

  🌾 الصلاة  :
اعتن بحضور وخشوع قلبك في الفرائض منها ،والنوافل، محتسبا مضاعفة الأجور على تعظيمك لها في أيام العشر ، راجيا أن يكون هذا سببا لاستمرار تعظيمها في سائر الأيام .

🌾 الحج  لمن استطاع إليه سبيلا :
روى البخاري ومسلم أيضاً عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"من حج لله فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه" !

وعنهما أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم:
" العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" .

🌾 الصيام :
لاتبخل على نفسك بصيام هذه الأيام، وآكدها صيام يوم عرفة لغير الحاج ، واحذر أن تحول وقت الصيام إلى نوم؛ فتخسر الذكر، وتخسراحتساب كل ثانية في تعظيم الأيام التي عظمها الله .

🌾  الإنفاق  :
انظر - وكرر النظر- في قوله تعالى :
{مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } (11) الحديد

يستقرضك الكريم !
فلا تبخل على نفسك بشرف إقراضه !
ولاتنس أن الإنفاق لايقتصر على المال ؛ بل إن من أعظم مايريد الله منك هو
حسن الخلق :
تصدق على الناس بالكلمة الطيبة، وطلاقة الوجه - خصوصا أهل بيتك وخاصتك وأرحامك - واصبر على أذاهم في هذه الأيام الفاضلة، وابذل لهم من واسع خلقك !

روى أبو داود، وأحمد، من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم". صححه الألباني.

ونحوه حديث عبد الله بن عمرو قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن المسلم المسدَّد، ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله -عز وجل-؛ لكرم ضريبته وحسن خلقه" رواه أحمد، وصححه الألباني.
وضريبته: أي طبيعته وسجيته.

🌾 أما الأضحية؛ فلاتسل عن عظيم فضلها بعد أن قرن الله تعالى بين النحر و الصلاة ؛
فقال عز وجل :
{ فصل لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} الكوثر .

وبعد أن قال تعالى فيها :
{ لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} (28) الحج .

يتبع ..
عشر ذي الحجة (4)

وفيها عبادة من أجل العبادات :
هي عبادة (الذكر) عموما ، بأنواعه ومراتبه
- وأعلى مراتبه: ماتحرك به القلب؛ فتداعى له اللسان .
ولايحظى بهذا الشرف أيًّا كان ؛ بل عليك أن تدفع مهره ، وليس أقل من مهجة القلب مهره !
إن الودود حين خلقك؛ أراد أن يكون له أغلى مافيك،
وكل سعادة الحياة لك إن لبيت،
وكل ضنك الحياة إن بغيره تعلقت !
- ثم يليه ذكر القلب دون اللسان ،
- ثم ذكر اللسان دون القلب .

أما إن تعلقت عيناك بشرف أعلى مراتب الذكر -كشأن عالي الهمة -؛ فعليك باغتنام هذه العشر ؛ فهي مدرسة الذكر :

إن أحسنت فيها خرجت بفائدة العمر :
خرجت تعلم كيف يصبح لسانك رطبا من ذكر الله !
خرجت تعلم كيف تجد لذة وحلاوة الذكر .


📚إليك أهم مايعينك على لذة وحلاوة الذكر :

1- أشغل قلبك بالتفكر في نعم الله عليك وعطاياه وآلائه
وقد كان الصالحون يتذاكرون نعم الله مذاكرة؛ لعظم أثر هذا على القلب؛ فإن الذي يحاول ذلك سترى عيناه أن نعم الله أينما تلفت تغمره؛ فلا يملك إلا أن ينطق لسانه :  (الحمدلله )!

وهنا سيكون لحمده طعم مختلف أشد الاختلاف عمن يقول : (الحمدلله) بلسانه دون أن يشعر لبه بفيض الحب العذب ، وفوران دموعه؛ التي لابد أن تعلو لتطفئ لهيب التقصير !

أيها الذاكرون
شتان بين هذا الحمد وذاك !
...وفي كل خير ..!

وإن زدت فقرنت ذاك بتذكر ذنوبك، وجرائمك، وعوراتك ؛ فلا بد أن ينطق لسانك ب :  (أستغفر الله العظيم ) !

كثيرون كثيرون هم المستغفرون لكن
من ذاق طعم الاستغفار بعد تذكر الذنب وحرقة الذنب ؟!!

اجلس لتذكر الذنوب كما تجلس للمهم من شأنك ؛ فإن هذا من مهمات شأنك !

ستذوق بعدها طعوم كلمات سيد الاستغفار متمايزة متغايرة؛ تتداعى لكل جملة فيه صور من المعاني ( الجليلة ، الرقيقة )، ولن يجتمع هذان الوصفان في غير مقام أوبتك إلى مولاك !

ستعرف بعدها معنى أن لك ( ربا ) تعصيه؛ ثم لا تجد غيره يزيل مرارة المعصية، وذلها عن كاهلك !

تعصيه ..ثم لاتجد غيره تفيء إليه !!!

تعصيه ..وحين تفيء إليه تجد فيئا لايشوبه مر الفيء إلى البشر  !

....تجد مأوى..بكل مايتداعى إلى ذاكرتك من صور سكن وأمن (المأوى)!

كل الفطر تبحث عن (مأوى) ، وماعرف طعم (المأوى) إلا المستغفر الذي سبق استغفاره تذكر لذنوبه !

وما عرف طعم (المأوى) إلا الذي جلس وتأمل  :
كيف كان ربه ينظر إليه حينها ويرخي عليه ستره !

ياأيها المستغفرون، شتان بين هذا الاستغفار وذاك !
وفي كلٍّ خير.

يتبع...
عشر ذي الحجة (5)

ومما يعينك على لذة وحلاوة الذكر:
2- تدبّر كلام الله إليك.

يامن تشتهي أن يكلمك فلان وعلان، مهما بلغوا من الشأن
قل لنفسك :
إنّ ربي (ملك الملوك) له كلام يكلمني به أنا  !

قل لنفسك :
ليس هنا العجب ؛ بل العجب أن الخلق مشغولون عني معرضون ؛ وربي ملك الملوك يدعوني أن أكلمه ، ثم يثيبني على ذلك !! 

ويحب مني أن أخلص له فكري بترك استعراض كلام البشر في ذهني؛ لأتفرغ للاشتغال بكلامه:
تكرارا ، وفهما ، وتدبرا، وطلبا لهداه ، وذكراه، وشفائه :
لعل آية منه تثور هذا القلب عن خموده ؛  بل لعل آية منه تنهض به ؛ فلا يقعد بعدها أبدا ! .

هذا بالإضافة إلى أن قراءة القرآن بنفسها ذكر ؛ فتحظى بهذا بشرف مواطأة القلب للسان في ذكر الرب العظيم !

ومما يعينك على لذة وحلاوة الذكر:
3- الاستعاذة من وساوس الشيطان

كيف ينشط الشيطان في مواسم الخيرات؟
يأتيك أثناء التفكر بنعم الله؛ فيذكرك بالذي تسبب بهذه النعم ؛ فيشغلك به عن المنعم الحق
وإنها لصخرة صلبة ترجعك للخلف خطوات، لو كنت تعلم !

إذا وضعت يدك على هذا التفكير بالمخلوق ؛ فسارع بطرده قبل أن يستحكم في فؤادك ، وقل - معيدا له  إلى حجمه الذي يناسبه- :

هو سبب سخره الله !
هو رزق ساقه الله !

واعلم أن الشياطين في أيام العشر ليست مصفدة كأيام رمضان ؛ فاستعن ، وأكثر من الاستعاذة لتخنس عنك ،

واعلم أن للإنسان طبيعة عجيبة خاصة به، وهي أنه لايستطيع الانفكاك أبدا عن التفكير ؛ فإن لم تعتبرها غنيمة تشغلها بالتفكر بالنعم والذنوب ، وتدبر كتاب الله، وتفهم أسمائه وصفاته ؛ فترقى بها في سلم الدرجات؛ فلاشك ستغبن بهذه الميزة ؛ بل وستردى بها ؛ لأنك إن لم تنشغل بالحق فسيشغلك الباطل،  لافكاك عن أحدهما !

أزل -لأجل هذا- عن قلبك غشاوات التعلق بالخلق؛ وأشغله بالتفكر في عظمة الخالق ،وآلاء الخالق ، وآيات الخالق .

أشغله بالاستعاذة من كل الملهيات، وخواطر السوء، ووساوس الشيطان .

أشغل لسانك بالتهليل  والتحميد والتكبير ؛ فقد
روى الإمام أحمد رحمه الله عن ابن عمر رضي الله عنهما  قال : ( ما من أيام أعظم ولا احب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد )

يتبع ..
عشر ذي الحجة  (6)
والأخير

من أخصّ أنواع الذكر في عشر ذي الحجة
التكبير

وما أدراك ما التكبير ؟!

أيها المهموم !
أيها المحزون!
أيها الراغب!
أيها العبد بكل تقلّباتك:
من غيركُ يحتاج أن يعلم أن الله أكبر ؟!

لو علمت كيف تصنع بك الله أكبر !

الله أكبر :
هي الغوث الرطْب لجدب قلبك!  وما أشد جدب قلبك !

الله أكبر:
هي السقيا العذبة التي إن مرت على القلب قبل اللسان؛ غسلته من رانه وأدرانه ؛ثم تربعت على طهارة المكان !

الله أكبر :
لو أعطيت فرصة لفكرك ليسأل وأنت تجيب :
الله أكبر من ماذا ؟

الله أكبر من همومك!
الله أكبر من مخاوفك!
الله أكبر من ذنوبك!
الله أكبر من طاعاتك!
الله أكبر من رغباتك!

الله أكبر من الذي تحت يده مصلحتك، وقد خبأت تحت ظله  رجاءك !

الله أكبر؛ لو أراد لك أمرا لأتاك  يسعى إليك سعيا !

الله أكبر من أن يتركك على غيره عالة !
الله أكبر من أن يجعل لقلبك قبلة سواه؛ وأنت خلقه !

الله أكبر :
لأجلك مواسمُ الخيرات جعلت !
ولأجلك الأجور ضوعفت!

الله أكبر :
إن غفلت عن حاجاتك فما غفل عنها الذي خلقك !
🔺 لا سبيل إلى الهداية ولا سبيل إلى إصلاح النفس إلا بمعرفة الحق، ولا سبيل إلى معرفة الحق إلا بكلام الرب، سبحانه وتعالى، وكلام رسوله ﷺ الذي أرسل بهذا الحق، وما سوى ذلك فهو إما يشرح كلام الرب سبحانه وتعالى، وكلام رسوله
ﷺ فهو يوافق ذاك الحق، أو هو خلاف ذلك، فإن كان خلاف ذلك فهو ظلم النفس البين، لأن ظلم النفس هو أن نمنعها الحقيقة، ونتركها من غير هدى، فتدخل دروب التيه، فتتعس أعظم تعاسة، ألم يقل رب العالمين: {إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}، فإن لم تكن هناك هداية بالقرآن فما ثمّ إلا التيه والضياع والشقاء، وقد ذمّ رب العالمين الذين غيروا وبدلوا وتركوا الحق، وأمرهم أن يكونوا ربانيين، فقال تعالى:  {وَلَٰكِن كُونُوا رَبَّانِيِّينَ}، والربانية لا تكون إلا بالأخذ من كلام الرب، لأن الأخذ من كلام الرب هو الذي يجعل في الروح روحا، فكلامه سبحانه روح الحياة وحياة الروح، قال تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا}.

أمسيات تربوية ١
🔺{وَكَذَٰلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا}

تشترك روح الإنسان مع القرآن في كونهما سببا للحياة، فكما أن كل الأجساد تحيا بالأرواح التي يخلقها الله، وحين تفارقها تموت؛ فكذلك القرآن روح لأهل الإيمان، فهو سبب حياتهم كأفراد، وسبب حياتهم كأمم، فلا يموت قلب خالطت نبضاته آيات القرآن، ولا حياة لقلب خلا من القرآن.

أمسيات تربوية ١
🔺 وجودك في الحياة فرصة عظيمة، ووجود الفرص داخل الحياة نعمة عظيمة وفضل من الله تعالى، ومن أكثر مايعين العبد على اغتنام الفرص مافي نفسه من تذكر لقاء الله، وتذكر الدار الآخرة، وقد مدح الله تعالى الكمل من خلقه بأن لهم هذه الصفة المهمة، وأثنى عليهم بهذا التذكر للدار الآخرة، وأمرنا بذكرهم لنقتدي بهم، فقال تعالى:

. ﴿وَٱذۡكُرۡ عِبَـٰدَنَاۤ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ وَإِسۡحَـٰقَ وَیَعۡقُوبَ أُو۟لِی ٱلۡأَیۡدِی وَٱلۡأَبۡصَـٰرِ﴾

🌾 ﴿إِنَّاۤ أَخۡلَصۡنَـٰهُم بِخَالِصَةࣲ ذِكۡرَى ٱلدَّارِ﴾.

ذكرى الدار ١
🔺 {إنا أخلصناهم}

هؤلاء قوم أعانهم الله ففرغ قلوبهم من الالتفات للخلق والالتفات لنفوسهم، وهذه قوة يهبها الله لمن يشاء، لكن لهذه القوة أسباب يأخذ بها العبد ليسلك مسلكهم، منها:

١- أن يكون العبد شديد الرغبة في أن يكون من المخلصين لله الخالصين من ذكر الدنيا إلى ذكر الله، ويعبر عن شدة رغبته هذه بكثرة سؤال الله الإخلاص، وسؤاله الإعانة على الثبات، وأن لا يلتفت قلبه عن رب العالمين.

٢- أن يطلب العلم النافع، ويصبه على نفسه، وليس المعلومات المجردة التي لاتلامس القلب.

٣- أن يديم استظهار العلم ومناقشته والتأمل فيه ليكون حاضرا دائما في قلبه، فيتحول هذا العلم إلى إبصار.  

٤- أن يكون من الصادقين في مراقبة نفسه وملاحظة مراده، وتحسس حركة قلبه.

بهذه الأمور يدخل العبد طريق هؤلاء الذين أخلصهم الله، فلابد من جهد يبذله في هذه الأمور الأربعة، فهي ليست أمرا تلقائيا، وذلك حتى تُنزع النفس من هواها، وتصرف إلى رضا الله، فلايبقى فيها إلا نزعات خفيفة يتمكن من ردها بدون شدة تعب.

ذكرى الدار ١
Forwarded from زاد الطريق
🔺 لفتة من قول النبي ﷺ:  "أيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ":

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى:

"في قول النبي ﷺ ((أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّهِ)) إشارة إلى أن الأكل في أيام الأعياد والشرب إنما يُستعان به على ذكر الله تعالى وطاعته،

وذلك من تمام شكر النعمة أن يُستعان بها على الطاعات، و قد أمر الله تعالى في كتابه بالأكل من الطيبّات والشكر له،

فمن استعان بنعم الله على معاصيه؛ فقد كفر نعمة الله وبدّلها كُفرًا، و هو جدير أن يسلبها، كما قيل: 

إذا كنت في نعمة فارعها    فإن المعاصي تزيل النعم

وداوم عليها بشكر الإله     فشكر الإله يزيل النقم

وخصوصًا نعمة الأكل من لحوم بهيمة الأنعام كما في أيام التشريق؛ فإن هذه البهائم مطيعة، وهي مسبحة له قانتة كما قال تعالى:

{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}،

وإنها تسجد له كما أخبر بذلك في سورة النحل و سورة الحج،
وربما كانت أكثر ذكرًا لله من بعض بني آدم!

وفي المسند مرفوعًا: ((رب بهيمة خير من راكبها و أكثر له منه ذكرًا)).

وقد أخبر الله تعالى في كتابه أن كثيرًا من الجن والإنس كالأنعام بل هم أضلّ،

فأباح الله -عزّ وجلّ- ذبْح هذه البهائم المطيعة الذاكرة له لعباده المؤمنين حتى تتقوّى بها أبدانهم، وتكمل لذّاتهم في أكلهم اللحوم، فإنها من أجلّ الأغذية وألذّها، مع أن الأبدان تقوم بغير اللحم من النباتات وغيرها، لكن لا تكمل القوة والعقل واللذة إلا باللحم،

فأباح للمؤمنين ذبح هذه البهائم والأكل من لحومها، ليكمل بذلك قوّة عباده وعقولهم، فيكون ذلك عونًا لهم على علوم نافعة وأعمال صالحة يمتاز بها بنو آدم على البهائم ويتقوون بها على ذكر الله -عزّ وجلّ-،

فلا يليق بالمؤمن مع هذا إلا مقابلة هذه النعم بالشكر عليها، والاستعانة بها على طاعة الله-عزّ وجلّ- و ذكره، حيث فضل الله ابن آدم على كثير من المخلوقات، وسخر له هذه الحيوانات،

قال الله تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

فأما من قتل هذه البهيمة المطيعة الذاكرة لله -عزّ وجلّ- ثم استعان بأكل لحومها على معاصي الله -عزّ وجلّ- ونسي ذكر الله -عزّ وجلّ- فقد غلب الأمر، وكفر النعمة،

فلا كان من كانت البهائم خيرًا منه وأطوع!".

انتهى كلامه رحمه الله.

وهذا كلام عجيب يجعلك تستحي مِن كرم الله عليك، وتتمسك غاية التمسك بذكره وشكره.


من لقاء يوم العيد ١٤٣١

https://t.me/zadaltareq/1147
.
🌟 تربية الأبناء على الفرح بالعيد 🌟 

🔹 العيد بالنسبة للمسلمين أمر عظيم جدًّا; فعيد المسلمين:
▫️عبادة
▫️وطاعة
▫️وبهجة
▫️وسعادة بالله
▫️وسعادة بدين الله
▫️وسعادة بالطيبات
▫️وسعادة بالوفاء بالعهد.

🔸لذلك ينبغي أن نعلِّم أولادنا الفرق الكبير بين عيد المسلمين وعيد الكافرين!

العيد بالنسبة للمسلمين كله طهارة وفرح بالوفاء;

فلمّا أكمل الصائمون العدة في الصيام، ووفّوا ما عليهم ؛ جاء عيد الفطر.

ولما أكمل الحجاج حجهم،  ووفّوا ماعليهم،
و لما صام  غير الحجاج يوم عرفة، وعبدوا الله في عشر ذي الحجة، وقربوا لله ضحاياهم، ووفّوا ماعليهم؛ جاء عيد الأضحى.

وهذا من أعجب الأشياء التي ينبغي للإنسان أن يقف عندها، ويفكر كثيرًا كيف جعلت الشريعة العيد يوم بهجةٍ بإكمال وتوفية عبادة، وكيف جعلته هو نفسه سببًا لزيادة الإيمان أيضا;  فيوم الجمعة يوم يزيد فيه إيمان المؤمنين بسبب أعمال يوم الجمعة، ويوم عيد الفطر يوم يزيد فيه إيمان المؤمنين بسبب أعمال يوم الفطر، ويوم عيد الأضحى يوم يزيد فيه إيمان المؤمنين بسبب أعمال يوم الأضحى!


🔹 حتى عيسى عليه السلام لما طلب منه الحواريون نزول مائدة من السماء قال:
﴿اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا ( عيدًا)  لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين﴾!

لقد سأل الله نفس ماطلبوه; لكنه وجّه   اهتماماتهم لغاية أسمى; 
فبعد أن قالوا  :
نريد أن :
نأكل منها،،  وتطمئن قلوبنا،،  ونعلم أن قد صدقتنا،، ونكون عليها من الشاهدين; 
قال  عليه السلام: 

"تكون لنا عيدًا لأولنا وآخرنا"!!

يعني يكون وقت نزول المائدة عيدًا وموسمًا للعبادة يتذكرون فيه هذه الآية العظيمة، و يُحفَظ ولا يُنْسى مع مرور السنين، ويكون سببًا لزيادة شكرهم، وأصل كلمة العيد من العود، يعني يعود عليهم موسم طاعةٍ وعبادةٍ لله تعالى،

وهذا يدل على أن العيد إنما هو موسم لطاعة الله، وللتقرب منه، و لهذا لا بد أن يُربّى الأبناء  على:

١. تعظيمه.
٢. وربطه بالفرح الحقيقي.
٣. وجعْله يومًا يبتدئ بالطاعات وتتخلله المسرات;

فيُربط  عند الأبناء بالاغتسال والتنظف والتبخر، فهذا لوحده يدخل البهجة إلى نفوسهم ،

ثم يُبدَأُ بالصلاة كما يبتدئ يوم الجمعة بالصلاة،

ثم زيارة الأحباب وصلة الأرحام.
.
لا بد أن يرتبط العيد في ذهن الصغار بالسعادة، لا أن يرتبط بالكآبة بسبب قضاء الكبار وقت العيد بالنوم!

لا بد من إدخال السرور على أبنائنا، وأن ينطبع في نفوسهم أن هذا يوم بهجة، حتى لا يتجهوا لغيره، فبهذا نتفادى مسألة الاحتفال بالأعياد الأخرى.

نحن مع الأسف مقصرون في هذه المسألة؛ لذلك يتشتت الأبناء ويبحثون عن أعياد الآخرين! .

مع أن هذه البهجة ليست بدعًا في ديننا; فالنبي صلى الله عليه وسلم قد قال لأبي بكر رضي الله عنه حين نهى الجواري اللاتي كنّ يغنين عند عائشة رضي الله عنها:

"إنّ لكل قومٍ عيدًا، وهذا عيدنا".

ولهذا كان من التربية الصالحة أن نجعل العيد يومًا للبهجة عند أبنائنا;  فإن هذا يبعد عن تفكيرهم فكرة أن الدين مرتبط بالاكتئاب - كما يصورونه لهم- !

🔸 لا نريد التفلُّت، ولا نريد التزمُّت; بل  نريد أن نوفّي لكلِّ وقت حقَّه، فكلُّ ساعة من أيامنا وليالينا لها وظيفة.


(مقتبس من درس سورة المائدة)

https://t.me/zadaltareq/1998
🔺 لماذا تمثل الصلاة على النبي ﷺ  الدين كله؟

للجواب على هذا ننظر في مضامين الصلاة على النبي ﷺ :

  1- المصلي على النبي  ﷺ  يضمن في صلاته الاعتراف بكمال الله حيث اصطفى هذا الرسول الكامل في علمه، الكامل في عمله وخلُقه، فحين تصلي وتثني عليه كأنك بلسان حالك تثني على مرسله فتقول:

أنا مقرٌّ بأنك ياربنا حكيم عظيم عليم بأن قلوب عبادك  لا تستطيع بفطرتها إلا متابعة الكامل، وحب وتوقير الكامل الكمال البشري؛ فاصطفيت هذا الرسول، وربيته وكملته لتسهل علينا متابعته.


2-  المصلي على النبي ﷺ يضمن في صلاته الاعتراف بأن الله سبحانه وتعالى قد أعطاه من الأدلة مايدل على صدق  رسالته، وصدق ما جاء به، فالإيمان بالأساس هو أن تصدق بالأخبار الغيبية، والذي أتى بالأخبار الغيبية هو  الرسول ﷺ، فحين تثني وتصلي عليه كأنك بلسان حالك تقول: 
أنا مصدق بكل ما جاء به النبي ﷺ.


3- المصلي على النبي ﷺ يضمن في صلاته الرضا التام عن الشرع الذي جاء به النبي ﷺ، والاعتراف بكماله، فحين تثني وتصلي عليه كأنك بلسان حالك تقول:
  أنا راضٍ تمام الرضا عن الشرع الذي جاء به.

أنت بالصلاة على النبي ﷺ  تقول:

أنا أثني على رسولك الذي اصطفيته إيمانًا مني بأنك كامل، قد اصطفيت هذا الكامل، وأرسلته بالشرع الكامل!

لأجل هذا اجتمع في الصلاة على النبي ﷺ الدين كله،  ففيها:

-  الثناء على النبي ﷺ.

- الثناء على الله مرسله.

- الثناء على رسالته.


ولأجل هذا تعتبر الصلاة والسلام على رسول الله من أعظم الطاعات والعبادات، لأنها تتضمن هذه المعاني كلها.

ثم لا بد أن تكون على بينة من أن شكر نعمة اصطفاء هذا الرسول وإرساله إلينا تكون بتوحيد متابعته ﷺ، وتعلم سنته، وعدم استبدال كلامه بكلام غيره من  كلام الناس؛ فإن فيما جاء به غناء عن كل ماسواه.

https://t.me/zadaltareq/1168
💡جديدنا في مدونة علم ينتفع به

🔖سبل الشيطان
https://anaheedblogger.blogspot.com/2024/07/blog-post_11.html

🔖ذكرى الدار الآخرة
https://anaheedblogger.blogspot.com/2024/07/blog-post.html