اخبار الوطن ملك الجميع

بطاقة حزن وفرح !!

🖌 #عبدالسلام_القيسي
http://telegram.me/watYm
تركت تعز منذ سنة وقليل، كان صديقي جابر الذي سوف يتزوج يوم الأحد آخر وجه رأيته وهو الذي داوم أثناء سجني بباب السجن، وهو الذي ينهمر كالماء كلما أصبت بالقحط، وهو الذي يكمن في الروح كمون النار في الحجر وكمون الماء في سحب السماء وكمون الحرف بذاته.

جابر الشرعبي، الصيدلي الذي يبرع بمهنته أدق من كل مهني، والطالب الممتاز بكل صف دراسي، والذي غادر الكلية وقد كسب شهادة الامتياز وايضا كسب قلبا ارتبط به وأصبح نصفه الآخر وأصبح جابر كله.

لمن المبكي أن يرسل جابر دعوته لي بالحضور كما تجري العادة وتتذكر وأنت تتفحص في باقة الطلب وصورته المشعة والمكان والتاريخ أنك بالساحل الغربي، وهذا ليس الأسف الذي أعنيه، بل إنك لا تستطيع العودة إلى تعز ولو ساعة واحدة لتفرح.

هنا نكتشف معنى الحرب، وتتضح معارك التحرير على حقيقتها وتسقط من أعلى إلى هاوية البلاد جوهرية القضية التي بدأت لتحررنا من الحواجز والزنازين والقيود وفقد آلاف الشهداء أرواحهم من أجل ذلك، ولكن ما فائدة تلك التضحيات وأنت تفشل في العودة إلى مدينتك وأنت ابن تلكم الشوارع وربيب تلك الأزقة وعشت تتعثر بتلك الحفر، ونمَت في رأسك بخدوش الطفولة قلعة قاهرة ثانية ثم تكبر لتكتشف أنك يا هذا محروم من مدينتك هذه..!

بعد خمس سنوات منذ أول رصاصة بوجه الكهنوت أعجز أنا عبدالسلام القيسي عن العودة من تعز الساحل إلى تعز المدينة ويفوتني عرس صديقي وفاتتني أشياء كثيرة كان يجب أن لا تفوت، فلماذا حدث معي هذا ولي؟ أنا أم هم؟ أنتم أم نحن؟ من؟
قلت لنفسي: عد يا عبدالسلام فمن أنت ليمنعوك، ثم تذكرت أن بهذا الشهر نفسه منذ سنة مرت قلتها هذه الخاطرة وعدت إلى السجن ومن ثم تذكرت أن تعز أنكرت تضحيات عدنان الحمادي كله وقتلته في بيته، وتذكرت أن تعز سجنت رجال الحرب وأنها تعز قتلتهم وهم شجعان مرحلة التحرير فمن أنت يا عبدالسلام من كتائب العباس المطرودين من مدينتهم وهم الذين سطروا ملاحم الكرامة بمنافذ المدينة.

قلت لجابر: سوف أهنيك في الفيسبوك بنص عظيم يا رفيقي.
ومن ثم تذكرت أن الفيسبوك حتى من حسابي الرسمي إلى حسابي البديل وبديل البديل بخانة الحظر لأشهر وكل الطرق السوداء تؤدي إلى ذات الحزب والجماعة الذين يطاردوننا في سبل الحقيقة وفي الوهم أيضاً.

آسف يا جابر، خانني الوقت وخذلتني العقارب، ومنعتني من حضور فرحك المنافذ الملطخة بالقتلة والطرقات المليئة بالمخبرين والرفاق الذين يقودونك من رسالتك النصية بطرف المدينة إلى الزنازين، كل هؤلاء خذلوني فخذلتك يا صديقي ورفيق السنة الأولى وما قبلها وقرين الفداء الكبير.
ومنتهى الكلام: متى تحررت المدينة؟ لم تتحرر، لا تزال في قمقم الكهنوت بوجهه الآخر، وهل لمثلي أمنيته الكبيرة في حضور فرح رفيقه أن يؤمن بأن تعز محررة، كيف لي ذلك..؟

مبارك لك يا رفيقي، والخزي والعار لسدنة بلا شرف يكتبون بالدم على جدران المدينة التي كانت لا تنام، وتنام الآن من صباح كل يوم، وسيأتي ميقات يا رفيقي يجعلني أحتفل بك وأحتفل معك بيوم النصر الذي يقترب وبيمن بلا كهانة، ثق.
#الوطن_ملك_الجميع
رابط القناة على تليجرام http://telegram.me/watYm