❤️أشواق المحبين لرياض العارفين❤️

*تساءل كثير من الناس لماذا لم يستجب الله لدعوات الملايين من الناس أن ينقذ الطفل ريّان بعد أن رفعوا إليه أكف الدعاء والتضرع؟*

https://www.facebook.com/625013901222281/posts/1850049285385397/

ولماذا قدّر الله عليه هذه المحنة وهو الطفل البريء أن يسقط في البئر فيشتدّ عليه الجوع والعطش والظلام والخوف؟ ولماذا لم تنته القصةكما كنا نرجو جميعا فيعود الطفل إلى حضن أمه كي تقرّ عينها ولا تحزن، ويكبر ليكمل حياته في سعادة ونجاح؟

فنقول: بعد أن ندعو الله أن يصبّر والدي الطفل ويلهمهم الأجر والسكينة، نعم: نعتقد أن الله أرحم الراحمين وأنه أرحم بهذا الطفل من أمه وأبيه به؛ لأنَّ الرحيم ليس هو الذي يتعطّف ويحنو في الظاهر ولكنّه هو الذي يريد الخير بالعبد في عاجل أمره وآجله أي في الدنيا والأخرة، كالأب الذي يعطي ولده الدواء المر أو الطبيب الذي يستعمل الكيّ أو الجراحة لينقذ مريضه وطفله من المرض أو الموت، وربما يبدو الدواء المر شرا في الظاهر.

ونحن نؤمن بالقضاء والقدر، خيره وشره، فالله كتب على عباده في هذه الدنيا من أجل أن يمتحنهم ويعرفهم عليه الشدّة والرخاء، والخير والشر، والسعادة والحزن، والألم والفرج، فيتقلبون في سيرهم إليه بين الخوف والرجاء والمحبة والتضرع، والتذلل والدعاء بزيادة الخير، أو باللطف والعافية إذا وقع الشر.

وغالب الحيرة تأتي للناس في فهم صفات الله وأفعاله إذا نظر المؤمن إلى جانب واحد منها، أي إلى جهة واحدة في أفعاله، وهو جانب الجمال والرحمة، دون النظر إلى صفات الجلال كالقهر والإرادة، فما من موجود إلا وأمر الله نافذ في حقه، وما من إنسان إلا وهو مسخر في قدرته وعاجز في قبضته، والله سبحانه له الحكمة البالغة في كل أفعاله.

كما أن نظر الإنسان القاصر واستعجاله للنتائج يجعله أحيانا لا يدرك الخير الكامن في الشر، والله سبحانه أخبر: أن الإنسان خلق عجولا، ونحن نؤمن أن ما من فعل من أفعال الله يقدرّه على عبده المؤمن إلا وفيه خير إذا صبر المؤمن واحتسب ورضي وسلّم الأمر لمولاه.

وقد علمنا الله ذلك في قصة نبي الله موسى مع الخضر عليهما السلام، فهذا الخضر قد خرق السفينة وهو شر في الظاهر، لكنه حمى أصحابها وعمالها من سطوة الملك الظالم، وهو قد أقام الجدار عند أهل قرية رفضوا أن يستضيفوهما، وقضى على الغلام ، وكل ذلك شر في الظاهر، لكنه لما أعلم نبي الله موسى بعاقبة هذه الأفعال وحكمة الله منها ومآلاتها سلّم.

وفي قصة هذا الطفل ربما ننظر إلى جوانب من الخير قد تغيب عنا في الظاهر، فقد يريد الله أن يرفع درجة والده ووالدته بالصبر والرضا، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر: إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك، واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسموه: بيت الحمد.

وقد يريد الله أن يتُوفى هذا الطفل ليسبق إلى الجنة قبل أن يجري عليه امتحان الدنيا وتكاليفها ويكون شفيعا لوالديه يوم القيامة، فإن أطفال المسلمين في الجنة بالإجماع.

وقد رأينا في هذه المحنة كيف ارتفعت أكف الدعاء من الناس إلى الله بأن ينجي الولد من ظلمات البئر، وتضرعوا إلى الله، واجتمعت قلوبهم مع اختلاف أوطانهم وأجناسهم ولغاتهم كأنهم بنيان واحد كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في حق المؤمنين.

وكثير من المصائب الطبيعية التي يترتب عليها المرض أو الهلاك في حق البشر، يُنبّه الله بها عباده للعمل والنظر في الأسباب المؤدية إلى اجتناب تلك الكوارث والشدائد، فيتحقق لهم ثواب عمارة الأرض والسعي على نفع الناس، وابتغاء رضوان الله بحماية الناس ووقايتهم من المصايب والأمراض والشرور.

وأما استجابة الدعاء فليست قاصرة على حصول مراد العبد وتحققه، ولكن الاستجابة تكون كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يصرف عنه من السوء مثلها، أو يدخرها الله ليوم القيامة، ونحن نؤمن أن الدعاء في ذاته هو العبادة.

لقد أحيا الله بمحنة هذا الطفل البريء مشاعر الإنسانية، وجمع قلوب الناس على التعاطف والشعور بآلاف الأطفال المتألمين وآلاف الآباء والأمهات المكلومين، لتسعى البشرية إلى رفع المعاناة عن كل طفل مريض وكل أسرة لا تجد الكساء أو المأوى، وكل بيت لا يجد الماء أو الطعام، وما أكثرهم في عالمنا اليوم، هذا هو الاختبار الحقيقي الذي تواجهه الإنسانية ولا يليق أن يتأخر عنه المؤمنون إذا كانوا صادقين في السعي إلى عبادة الله والاستخلاف في هذه الدنيا وتزكية النفس.

Facebook

See posts, photos and more on Facebook.

351 views17:02