حكّاءٌ بالفطرة
2.41K subscribers
4.03K photos
9 videos
230 files
217 links
للتواصل (سؤال، أو اقتراح). رجاء بدون تبادل أو نشر قناة، هذه الأمور ما أحبها..
@mart_29_25
Download Telegram
---------
أنا… والمدينة- أحمد عبد المعطي حجازي:

هذا أنا،
وهذه مدينتي،
عند انتصاف الليل
رحابة الميدان، والجدران تل
تبين ثم تختفي وراء تلّ
وريقة في الريح دارت، ثم حطت، ثم
ضاعت في الدروب،
ظل يذوب
يمتد ظل
وعين مصباح فضولي ممل
دست على شعاعه لمّا مررت
وجاش وجداني بمقطع حزين
بدأته، ثم سكت
من أنت يا.. من أنت؟
الحارس الغبيّ لا يعي حكايتي
لقد طردت اليوم
من غرفتي
وصرت ضائعا بدون اسم
هذا أنا،
وهذه مدينتي!
---------
Forwarded from La soif de poésie (زهرة)
تنصّل من جرحي إن استطعت
أو اسقف تلك الذكرى
بالقش و العيدان اليابسة.
لكنه سيخترقنا
ذلك الخوف الذي عانقناه
عندما ظننا أنه حب.

نور نصرة
---------
تُنسى، كأنَّكَ لم تَكُنْ- محمود درويش:

تُنسى، كأنَّكَ لم تَكُنْ
تُنْسَى كمصرع طائرٍ
ككنيسةٍ مهجورةٍ تُنْسَى،
كحبّ عابرٍ
وكوردةٍ في الليل... تُنْسَى
أَنا للطريق... هناك من سَبَقَتْ خُطَاهُ خُطَايَ
مَنْ أَمْلَى رُؤاهُ على رُؤَايَ. هُنَاكَ مَنْ
نَثَرَ الكلام على سجيَّتِه ليدخل في الحكايةِ
أَو يضيءَ لمن سيأتي بعدَهُ
أَثراً غنائياً... وحدسا
تُنْسَى، كأنك لم تكن
شخصاً، ولا نصّاً... وتُنْسَى
أَمشي على هَدْيِ البصيرة، رُبّما
أُعطي الحكايةَ سيرةً شخصيَّةً. فالمفرداتُ
تسُوسُني وأسُوسُها. أنا شكلها
وهي التجلِّي الحُرُّ. لكنْ قيل ما سأقول.
يسبقني غدٌ ماضٍ. أَنا مَلِكُ الصدى.
لا عَرْشَ لي إلاَّ الهوامش. والطريقُ
هو الطريقةُ. رُبَّما نَسِيَ الأوائلُ وَصْفَ
شيء ما، أُحرِّكُ فيه ذاكرةً وحسّا
تُنسَى، كأنِّكَ لم تكن
خبراً، ولا أَثراً... وتُنْسى
أَنا للطريق... هناك مَنْ تمشي خُطَاهُ
على خُطَايَ، وَمَنْ سيتبعني إلى رؤيايَ.
مَنْ سيقول شعراً في مديح حدائقِ المنفى،
أمامَ البيت، حراً من عبادَةِ أمسِ،
حراً من كناياتي ومن لغتي، فأشهد
أَنني حيُّ
وحُرُّ
حين أُنْسَى!
-------
أعمق من الوردة، انطوان ابو زيد.
حيدر قحطان
------

الفتى الذي لا يسمعُ الكلام
عبدالعزيز البرتاوي


سأكتب عن أشياء حلوة. أشياء سخيفة بعض الشيء، ومغرية بالمتابعة، في عالم سخيف. سأحاول جلب حكاية أو اثنتين، في المطلع. رائقة كأغنية، جاذبة كغزل، حتى أتمكن من لفت أنظاركم، جذب انتباهكم، ولو قليلا، لأفاجئكم بعد ذلك بالحقيقة، حقيقة أننا حزينون وعالقون، وأننا نقطع ليلنا كما يقول فتحي بالبكاء والأغنيات، وأن كل شيء لا يمضي، إلا ليعود بصورة أخرى.

فيما يختص بالحكاية المغرية، سنقرّب بعض سيرتها بالوصف. والعرب شفاهيّون، يحبون تلاوة أوراد المحاسن، وترتيل أذكار الغزل والملاحة، وكتبهم بذلك مكتنزة، وسيَرهم فيها كثير، وحبيبتي أيضًا، شفاهيّة. وأنا منذ كنت صغيرًا، كنت بارعًا في الاختبارات الشفويّة، حتى تعلمت الكذب. منحني أبي عصًا، ومنعتني أمي الثقة.

وفي الليل، حين لا تعود لديّ أي حكاية، ولا في هاتفي أي رصيد، أفكر في أوّل من قال: ليس بالصوت وحده يحيا الإنسان، وأعلم أنه أبكم.

واتلُ عليّ نبأ التي أسهرتنا طويلًا، وحين نمنا، لم تأتِ حتى في أحلامنا. واقصص علينا بعضًا من سيرتها، وإن لم تفعلْ، يفعلُ عطرها في الشارع الذي تعبر، سحرها في المكان الذي تخطو وتخطر، شَعرها في الريح التي تحسّ به وتشعر، وعينُها، يا لعينِها، من غير عينِها ينهى ويأمر؟

وفي باب التغزّل بها، عليك أن لا تأتي بوصف مشتبهٍ فيه. كأنْ تقول للرماديّ من سترتها، أبيضٌ غامقٌ، أو تقول للأزرق الداكن كحليٌّ، ها أنت تضع نفسك في حميّ الوطيس، وطيسِ أن تشتبه بأي الملابس علِقت عينك، ومن لابسوها، وأين كانوا، وكيف ساروا، وتخرج من سعة باب الغزل، إلى ضيق نافذة التبرير.

ولا تعجل في وصف شعرها أو نحرها أو خصرها أو ظهرها. خذ كل جزء على تؤدة، بما يكفيه من كلمات أو قبلات. وإياك والتشابه أو الاشتباه. فاحذر مديح الشعر الطويل، ما دام شعرها مقصوصًا. واحذر التغني بدعج العين، إن كان للقهوة في لون عينها فنجان، أو لصفاوة الشّهدِ في مآقيها حلاوة. واحذر التماهي مع الياسمينِ، حين يكون النّرجسُ رفيقَ عبيرها. ولا تأتينّ على ذكْر كلبٍ أليفٍ، إن كانت صاحبتها في الليالي قطّة.

وإياك أن تتوانى في وصف عينها في حينها، لأن الغزل حين يجيء باردًا بائتًا، لا يستساغ. وإياك أن تبطّئنّ في مديحِ شَعرها المقصوص أو شِعرها المرصوص، والشَعر شِعرٌ بلا جديلة ولا قافية. ولا تنسَ التغنّي بخصرها، أو ذِكْر شيء من عمرها، بغير التقليل والتدليل، وهي في كل ما عداهما كثير.

وعليك التنبّه لدرجات البنّي في شعرها. لا يشبه شَعرُ فتاة شعرَ أخرى، ولا لونه ولا طوله ولا انسيابه أو التفافه أو انكماشه. والأشقرُ ليس الأصفر، والأسود ليس الرماديّ في أطراف الثلاثينية، نجماتٌ زاهيات في بهاء سماء ليلها الأعتم. والمجدولُ يلتفّ حبلَ مشنقة، حين تُعجب بالانسيابيّ المنثور للريح والحكايات.

ولكم أذكر تلك التي في ناصيةٍ قالت لي: هل رأيت هذا الفيلم؟ وحكت لي مشيرةً إلى غلافٍ بيدها، عن فيلم طويل، لا أذكر منه إلا بياض ذراعها وسواد عينها. ولولا أنْ دوّنت اسمه في الهاتف، لكدتُ لا أتذكره. وحين شاهدته لاحقًا، في قرابة ساعتين ونصف، ما كان فيه إلا صوتها، بموسيقى السحر يحكي ما أراه، وعيناها، بتلألؤ الإغراء تؤطّر ما أشاهد. فاحذر أيها المشاهد، هواية الرواية، حين تسحبك إلى هاوية الراوي.

وحين وقفنا آخر الأمر، على قبر بوكوفسكي. كان الأمر حزينًا، ويذكّرنا أننا عالقون. كانت بلاطة قبره تقول بأسى: “لا تحاول”. وكلما حدقت يمنة ويسرة، في كل هذي البلاطات المديدة، لجنود وقتلاهم، عاهرات وقواديهن، كتّاب وقارئيهم. مجهولين وعارفيهم. في مقبرة شرق لوس أنجلوس، “المدينة الحقيقية الوحيدة” في عالم أميركا الكاذب، والتي لم أطق البقاء فيها أكثر من ثلاث ساعات، نصفها عند قبر بوكوفسكي، والنصف الآخر للاهتداء إلى جدث ميللر. كانت الخارطة تشير إلى مئتي كيلو متر وبضعة كتب، تفصل بين القبرين. لكن تفصيلا صغيرًا منعني إكمال الرحلة: جثمان ميللر، مسكوب ثمة في قارورة من رماد، على عرض البحر والموج والزهو والشمس. وبحزن وجدت قبر بوكوفسكي يقول لي: ألم أقل لك: “لا تحاول”. ولكنك فتى لا يسمع الكلام.

يمرّ الآن عامل مسكين. من أمام شرفة المقهى. ثلاث فتيات يحتسين -يحتسين لرقّتها عن يشربنَ، وتقصّيها التجرّعَ شيئًا فشيئًا- قهوتهنَّ، ويحدقنَ إليه. ينظر المأخوذ بحسرة إلى عالم تفصله عنه طبقة سميكة من الزجاج والنقود والنفوذ. يتذكر حبيبةً، ابنةً، أمًّا، وجه امرأة أربعينية في آخر قطار ركبه من قريته نحو مدينة تقوده نحو الجنون. يحركنَ أكوابهنّ برقة ويضحكنَ. يلتفتُ بأسىً، يكمل طريقه، ويكملن كذباتهن.

------
--------
يحدث أنْ تُنكرنا المرآيا- عبد العزيز البرتاوي:

مخرج:
«إن الأشخاص الذين لا يقومون بشيء في حياتهم سوى الوقوع في الحُب، هم وحدهم الجادون بشأنه، باعتباره واجبًا مقدسًا، أكثر من هؤلاء الذين يضحُّون بالحبّ، وبقلوبهم، من أجل فكرةٍ طارئة.»

يحدث بعد أمدٍ أن أتذكّر نسياناتي. يحدث بعد أمدٍ آخرَ، أن أنسى هذه الذكرى.

يحدث دائمًا، ما يجعل روحي لاهثةً، راكضةً، منطلقةً في سهول الذكرى، وآجام القلب، أيّ فرائس الأيام تصيد، وعلى أي طرائد الليالي تقع؟

يحدث أن أفتح قلبي مديدًا، على مصراعي اللحظة، ودفّتي الحين، يُدخل من شاء، ويُخرج من شاء. يحدث أن يُغلق قلبي بابه، فجأةً، فإذا بأحدهم يطرق: أريد الخروج من كل هذا السواد.

يحدث أن أقيل بفيء شجرة. يحدث أن أكسر غصنًا منها، يحدث أن أسنّ حجرًا، وأصنع فأسًا، أجذّ به هامة الشجرة كلها، فتصبح الشمس عليها، ولا فيءَ لها، ولا من مقيل. يحدث أني لست الإنسان البدائيّ الأول، ولست البشريّ الأنانيّ الأخير.

يحدث بعد أمد، أن تُثقل الليالي كاهلك، أي فضائل تترى، وهبك إياها الغرباء؟ وأي رذائل أخرى، شنّعك بها الأقرباء؟ يحدث أن تتحسس مع ابن العبدِ وقْعها؛ أشدُّ مضاضةً، من وقع الحسام المهند، المرفوع لليالي الرقص والعرضة، بين يدي رئيس أعجمي؛ سُنّ هذا السيف لذبح جدّه.

يحدث أن تصقل الليالي وجوه الذين أدنيتَ بساحِ القلب، فوجه كأنّه البدر في كالح الليالي، لمّاعُ أعطياتٍ مورقات كاللاليء، ووجه كأنه المرّ في مالح الفيافي، يزيد العطِش صدىً، ويُقفر من أيامك ما قد اخضرّ.

يحدث أن تُمضي العمر، لتقول لأحدهم: شكرًا، ولا تطيق. يحدث أن تقطع الزمان، لتبصق على أحدهم، ولا يكفي. يحدث أن لا يحدث شيء، ويحدث أن تحدث أشياء كثيرة حدّ الذهول.

يحدث أن تقرأ كتابًا فيأتيك وجه بين السطور، وفوق الحروف، وخلال الجمل، وطيّات الكلام. يحدث أن تسمع لحنًا، فتبصر بين مقاماته صوتًا، نعم، تبصر، لأن القلب يلحظ كما تلحظ العين، ويسمع كالأذن، ويصغي كالعقل، ويتعب كالقدمين وأيدي الفلاحين.

يحدث أن تكون شهادتك الكبرى، بعد كل ما أثخنوك به من معارف ومخاوف ومخارف، أن يقول لك أحدهم: كم هو حلوٌ قلبك هذا، فلا تدعه لمرارات الزمان.

يحدث أن تتخطى العشرين، وتجتاز الثلاثين، وتواشك الأربعين، ميمّمًا صوب رياح خُماسين الخمسين، لكنّ قلبك طفل أبديّ، يغفو ويسهو ويعفو ويحبو ويكبو، ولكنهم لا يعلمون.

يحدث أن تنسى العمر كله إلا ليلة، وتنمحي الأيام كلها إلا يومًا، وتغيب الوجوه كلها إلا ملمحًا خَالِدًا وبسمة. يحدث أن لا تتحكم بحيطان قلبك، لقد علّقوا مكارمهم على ساحهِ فغدى مِلكًا لا تقوى عليه منهم من فِكاك.

يحدث أن تحاصرك الغصص والقصص من كل مكان، وما أنت بباكٍ، وتهمي عليك الدموع المسحّات من كل سفح، وما أنت بسافح ولا صافح، فيقول لك وجه يتبدّى وسط غبش الدموع، وما يشبه المطر ليلًا على إضاءات الطريق: لا تبكِ، فتصبح الدنيا غيمةً، والكون جنة.

يحدث أن يغيب الرفاق، أو يُغيّبون. تغيّبهم مصائب الدهر، وتفرمهم فرمانات الحكومات. يحدث أن تفتقد ضحكاتهم، وأن تتحسس ضلوع صدرك النحيل، وقلبك يجِب تحته، متسائلًا: متى تغيب ضحكتي أيضًا؟

يحدث أن تكبر غزلان، تلغو بعد أن كانت تثغو، وتقلّب بعد أن كانت تقبّل، وتعبس بعد أن كانت تهمس، وتقسّي ملامح الحاجبين المقوسين كرّ الثواني، أنْ لا تواني. يحدث أن تصبح الحياة وحشًا، و«غزلان» طريدة.

يحدث أن يقول لك قلبك: أيها الغريب، لقد تعبنا. يحدث أن تقول لقلبك: أيها الغريب، كيف لنا أن نرتاح؟ يحدث أن تلتقي قلبك في مطار ناءٍ يحمله غريب في حقيبة، ويذهب بعيدًا، ولا من رحلة للحاق، ولا مقعد للبقاء.

يحدث أن يصبح كلامك شتمًا، وأيامك همًّا، ولياليك غمًّا. يحدث أن تصبح النسائم خمشًا، وتزيدك النداوات عمَشًا. يحدث أن تسوّد أيامك بيضات الشيب الذي برأسك، وتصعّر لك الأيام خدودها، وتؤرق عليك الليالي جدودها.

يحدث أن تُعجبَ بعيبٍ، وأن تتقرّف من حلاوة. يحدث أن تستثقل خفة الكائن الذي يحتمل، ويحدث أن تستخفّ ثقالة الكائن الذي لا يحتمل. يحدث أن تحبّ بغيضك، ويحدث أن تبغض حبيبك. يحدث أن يصبح البسّام سيّد العبوس، والمكفهرّ أستاذ الانشراح. يحدث أن تبدّل الليالي لياليها، وأن تعلن النهارات تواريها.

يحدث أن تخبيء وجوهنا الأقنعة. يحدث أن لا نعود إلى معرفة وجوهنا. يحدث أن نختلف مع الآخرين، ونتفق مع قلوبنا، ويحدث أن نتفق مع الآخرين، ونبيت مهمومين، في خلاف مع تلك التي كانت قلوبنا، فأخذوها. يحدث أن تُنكرنا المرايا، نمسح عنها الغبار، ونزيل عنها الشظايا، وننسى وجوهنا.

يحدث أن يكون أحدهم شجرةً، في صحراء العمر. كل الفيافي قيظٌ، ووجهه يمام، كل الدروب هجيرٌ، وضحكته غمام. يحدث أن يكون نبع أيامنا، صوتٌ، ونهر ليالينا، همسٌ، وبوصلة حياتنا، تلويحة.
------
_*_*_
_*_*_
_*_*_
فرانتيشيك كوبكا
(بالتشيكية: František Kupka)‏
هو رسام ومصمم جرافيك تشيكي ولد في يوم 23 سبتمبر 1871 في قرية أوبتشنو في الإمبراطورية النمساوية المجرية، يعتبر رائد ومؤسس مشارك في الفن التجريدي و التكعيبية الأورفية (أورفية) وكانت أعماله مستندة على الواقعية، توفي في يوم 24 يونيو 1957.
The Way of Silence _1903
The Yellow Scale_1907
The Black Idol (Resistance) _1903
The Gallien Girl_1910