منارات السلف بين ضجيج المُحدِثين💡✨
في كلِّ زمانٍ تُثار فيه موجاتُ التشكيكِ في معالمِ الوحي، وتتيهُ العقولُ بين تياراتِ الأفكارِ المحدثةِ؛ يبرزُ كلامُ الأئمّةِ كالمناراتِ في ليلٍ كثيفٍ، يردُّ الناسَ إلى الأصلِ الأصيلِ والمنهجِ الجليل؛ إلى فقهِ السلف، حيثُ النورُ صافٍ، والدينُ كما نزل من عندِ ربِّ العالمين.
يقول الشاطبي ـ رحمه الله ـ كلمةً تختصرُ منهجَ السلفِ في التعاملِ مع نصوصِ الوحي: «فلهذا يجب على كلِّ ناظرٍ في الدليلِ الشرعيِّ مراعاةُ ما فُهِم منه الأوّلون وما كانوا عليه من العمل، فهو أحرى بالصواب وأقوم في العلم والعمل» الموافقات (٢٨٩/٣)
وهذه الجملة – على قِصَرها – تُعَدُّ فصلَ الخطابِ في زمانٍ تكدّرت فيه الأفهامُ وتزاحمت حولَه القراءاتُ؛ فما كان عند الشاطبي واجبًا صار اليوم عند بعضِ المتأخرين ترفًا معرفيًا، يلوذون عنه إلى أدواتٍ بشريةٍ ومناهجَ عقليةٍ جافةٍ، يزنون بها الوحيَ وكأنهم أعلمُ بمقاصده من أهله.
ولذا؛ فإنَّ مراعاةَ فَهمِ الأوّلين ليست موقفًا تراثيًّا جامدًا، بل هي صيانةٌ للمنهج، وحراسةٌ للدين، وبابٌ من أبوابِ البصيرةِ في زمنٍ تعددت فيه الأصواتُ التجديدية، وكثُر دعاتُها ومُنظِّروها.
وما أنفعَ أن يكونَ فكرُ طالبِ العلمِ امتدادًا لا انقطاعًا، وأن يستنيرَ في فهمِ النصوصِ بما فهمه أولئك الذين تلقّوا الدينَ غضًّا طريًّا من فمِ النبوّة؛ فمن رام الوصولَ إلى اليقين بغير طريقهم، فقد أضَلَّ نفسَه وإن ظنَّ أنَّه مهتدٍ.
في كلِّ زمانٍ تُثار فيه موجاتُ التشكيكِ في معالمِ الوحي، وتتيهُ العقولُ بين تياراتِ الأفكارِ المحدثةِ؛ يبرزُ كلامُ الأئمّةِ كالمناراتِ في ليلٍ كثيفٍ، يردُّ الناسَ إلى الأصلِ الأصيلِ والمنهجِ الجليل؛ إلى فقهِ السلف، حيثُ النورُ صافٍ، والدينُ كما نزل من عندِ ربِّ العالمين.
يقول الشاطبي ـ رحمه الله ـ كلمةً تختصرُ منهجَ السلفِ في التعاملِ مع نصوصِ الوحي: «فلهذا يجب على كلِّ ناظرٍ في الدليلِ الشرعيِّ مراعاةُ ما فُهِم منه الأوّلون وما كانوا عليه من العمل، فهو أحرى بالصواب وأقوم في العلم والعمل» الموافقات (٢٨٩/٣)
وهذه الجملة – على قِصَرها – تُعَدُّ فصلَ الخطابِ في زمانٍ تكدّرت فيه الأفهامُ وتزاحمت حولَه القراءاتُ؛ فما كان عند الشاطبي واجبًا صار اليوم عند بعضِ المتأخرين ترفًا معرفيًا، يلوذون عنه إلى أدواتٍ بشريةٍ ومناهجَ عقليةٍ جافةٍ، يزنون بها الوحيَ وكأنهم أعلمُ بمقاصده من أهله.
ولذا؛ فإنَّ مراعاةَ فَهمِ الأوّلين ليست موقفًا تراثيًّا جامدًا، بل هي صيانةٌ للمنهج، وحراسةٌ للدين، وبابٌ من أبوابِ البصيرةِ في زمنٍ تعددت فيه الأصواتُ التجديدية، وكثُر دعاتُها ومُنظِّروها.
وما أنفعَ أن يكونَ فكرُ طالبِ العلمِ امتدادًا لا انقطاعًا، وأن يستنيرَ في فهمِ النصوصِ بما فهمه أولئك الذين تلقّوا الدينَ غضًّا طريًّا من فمِ النبوّة؛ فمن رام الوصولَ إلى اليقين بغير طريقهم، فقد أضَلَّ نفسَه وإن ظنَّ أنَّه مهتدٍ.
سبيل القلب إلى ربيع القرآن 🌧️🌱
أجملُ الوصايا وأجلُّها تلك التي تمسُّ دينَ المرء، فيغشاه نورُها، وتفتح له من الهداية أبوابًا، وتُقرّبه من مولاه زُلفى، حتى يجد قلبَه وقد أُخذ من يده إلى سبيل الهدى والرشاد أخذًا لطيفًا.
وما حاجةُ للقلب أشدُّ من حاجته إلى ربِّه! يفتقر إليه وينطرح بين يديه؛ فإذا هُدي إلى ذلك؛ انفتح له من الفتح ما تطيب به الحياة كلها.
ومن أكرم الوصايا وأنفعها تلك الوصيةُ التي خرجت من قلبِ عالمٍ قد فُتح عليه في العلم والتزكية، فكان كلامه كالماء الزلال يردُّ إلى النفس حياتها وصفائها.
وخلاصة وصيته المباركة: أن يُكثر المسلم من هذه الدعوة العظيمة، ولا سيما إذا هَمَّ أن يفتح وِرده من القرآن، أو أصابه همٌّ أو ضيق، فيطرق بها بابَ السماء طرقًا رقيقًا:
"اللهم إني عبدُك، ابنُ عبدِك، ابنُ أمتِك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمُك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألُك بكل اسمٍ هو لك: سمّيتَ به نفسك، أو أنزلتَه في كتابك، أو علّمتَه أحدًا من خلقك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجلاءَ حزني، وذهابَ همّي."
ويا لها من دعوةٍ ما قالها قلبٌ صادق إلا انفتحت له أبواب الرحمة، وما لهج بها مؤمنٌ قبل ورده إلا أقبل على كتاب الله بقلبٍ أرقّ، وروحٍ أصفى، وهمّةٍ أمضى.
وقد ندب إليها النبي ﷺ بقوله: "ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها"، وما ذلك إلا لما جمعت من الأصول العظيمة في ألفاظ يسيرة، ومنها:
ـ توحيدُ الرب جل جلاله.
ـ والإيمانُ بالقضاء والقدر، والرضا بأمر الله.
ـ والتوسّلُ إلى الله بأسمائه الحسنى.
ـ وأن يكون القرآن ربيعًا للقلب، ونورًا للصدر، وجلاءً للحزن، وذهابًا للغم والهم.
وما أحرى القارئَ أن يقدّم بين يدي وِرده من كتاب الله دعاءً يهيّئ به قلبه، ويجمع به شتات روحه، ليهبط وِرده على فؤاده هبوطَ الغيث على الأرض المهيَّأة للإنبات والزرع.
وكلُّ دعوةٍ ـ يا صاحبي ـ تُقيمك بين يدي الله مقامَ العبد الفقير، وتُعلن بها افتقارَك؛ تفتح لك من أبواب الهداية أبوابًا واسعة، وتُدنيك من عتبات التوفيق والسداد.
فما أسعد القلب الذي عرف طريقه إلى مولاه، وما أكرم الفتح إذا أقبل على قلبٍ يطرق بابه مستمدًا العون من الله، قد علم أن لا ملجأ من الله إلا إليه.
جرّب أن تفتتح يومك بتلك الدعوة المباركة، وأن تجعلها مقدّمة وِردك؛ لا تجربةَ مَن يجرّب، ولكن يقينَ مَن يعلم أنه بين يدي ربّ يسمع نجواه. فإن فعلت ذلك؛ رأيت القرآن ينزل على روحك نزول الغيث على الأرض الظمأى، ووجدت صدق الوعد الذي أخبر به الصادق المصدوق:
"إلا أذهب الله همَّه وحزنَه، وأبدلَه مكانه فَرَجًا".
وهو وعدٌ لا ينال بركتَه من يردده تجربةً، بل من يقوله يقينًا بموعود نبيِّه ﷺ.
اللهم اجعل القرآن ربيعَ قلوبنا، ونورَ صدورنا، وجلاءَ أحزاننا، وذهابَ همومنا، اللهم انفعنا وارفعنا به، واجعلنا من أسعد عبادك ببركاته وأنواره وهداياته.
أجملُ الوصايا وأجلُّها تلك التي تمسُّ دينَ المرء، فيغشاه نورُها، وتفتح له من الهداية أبوابًا، وتُقرّبه من مولاه زُلفى، حتى يجد قلبَه وقد أُخذ من يده إلى سبيل الهدى والرشاد أخذًا لطيفًا.
وما حاجةُ للقلب أشدُّ من حاجته إلى ربِّه! يفتقر إليه وينطرح بين يديه؛ فإذا هُدي إلى ذلك؛ انفتح له من الفتح ما تطيب به الحياة كلها.
ومن أكرم الوصايا وأنفعها تلك الوصيةُ التي خرجت من قلبِ عالمٍ قد فُتح عليه في العلم والتزكية، فكان كلامه كالماء الزلال يردُّ إلى النفس حياتها وصفائها.
وخلاصة وصيته المباركة: أن يُكثر المسلم من هذه الدعوة العظيمة، ولا سيما إذا هَمَّ أن يفتح وِرده من القرآن، أو أصابه همٌّ أو ضيق، فيطرق بها بابَ السماء طرقًا رقيقًا:
"اللهم إني عبدُك، ابنُ عبدِك، ابنُ أمتِك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمُك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألُك بكل اسمٍ هو لك: سمّيتَ به نفسك، أو أنزلتَه في كتابك، أو علّمتَه أحدًا من خلقك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجلاءَ حزني، وذهابَ همّي."
ويا لها من دعوةٍ ما قالها قلبٌ صادق إلا انفتحت له أبواب الرحمة، وما لهج بها مؤمنٌ قبل ورده إلا أقبل على كتاب الله بقلبٍ أرقّ، وروحٍ أصفى، وهمّةٍ أمضى.
وقد ندب إليها النبي ﷺ بقوله: "ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها"، وما ذلك إلا لما جمعت من الأصول العظيمة في ألفاظ يسيرة، ومنها:
ـ توحيدُ الرب جل جلاله.
ـ والإيمانُ بالقضاء والقدر، والرضا بأمر الله.
ـ والتوسّلُ إلى الله بأسمائه الحسنى.
ـ وأن يكون القرآن ربيعًا للقلب، ونورًا للصدر، وجلاءً للحزن، وذهابًا للغم والهم.
وما أحرى القارئَ أن يقدّم بين يدي وِرده من كتاب الله دعاءً يهيّئ به قلبه، ويجمع به شتات روحه، ليهبط وِرده على فؤاده هبوطَ الغيث على الأرض المهيَّأة للإنبات والزرع.
وكلُّ دعوةٍ ـ يا صاحبي ـ تُقيمك بين يدي الله مقامَ العبد الفقير، وتُعلن بها افتقارَك؛ تفتح لك من أبواب الهداية أبوابًا واسعة، وتُدنيك من عتبات التوفيق والسداد.
فما أسعد القلب الذي عرف طريقه إلى مولاه، وما أكرم الفتح إذا أقبل على قلبٍ يطرق بابه مستمدًا العون من الله، قد علم أن لا ملجأ من الله إلا إليه.
جرّب أن تفتتح يومك بتلك الدعوة المباركة، وأن تجعلها مقدّمة وِردك؛ لا تجربةَ مَن يجرّب، ولكن يقينَ مَن يعلم أنه بين يدي ربّ يسمع نجواه. فإن فعلت ذلك؛ رأيت القرآن ينزل على روحك نزول الغيث على الأرض الظمأى، ووجدت صدق الوعد الذي أخبر به الصادق المصدوق:
"إلا أذهب الله همَّه وحزنَه، وأبدلَه مكانه فَرَجًا".
وهو وعدٌ لا ينال بركتَه من يردده تجربةً، بل من يقوله يقينًا بموعود نبيِّه ﷺ.
اللهم اجعل القرآن ربيعَ قلوبنا، ونورَ صدورنا، وجلاءَ أحزاننا، وذهابَ همومنا، اللهم انفعنا وارفعنا به، واجعلنا من أسعد عبادك ببركاته وأنواره وهداياته.
هذه قناة خاصة بموضوع الصلاة على النبي ﷺ تُجمع فيها المواد الصوتية والكتب والكتابات والخواطر والأحاديث، وكل ما يتعلّق بالصلاة على النبي ﷺ.
لتصير مرجعًا في ذلك، يجد فيها المسلم كل ما يحتاجه في هذا الباب العظيم باب الصلاة على النبي ﷺ.
https://t.me/Rahmah1111
لتصير مرجعًا في ذلك، يجد فيها المسلم كل ما يحتاجه في هذا الباب العظيم باب الصلاة على النبي ﷺ.
https://t.me/Rahmah1111
Telegram
رحمة للعـالمـين ﷺ
قناة خاصة بموضوع الصلاة على النبي ﷺ تُجمع فيها المواد الصوتية والكتب والكتابات والخواطر والأحاديث، وكل ما يتعلّق بالصلاة على النبي ﷺ.
لتصير مرجعًا في ذلك، يجد فيها المسلم كل ما يحتاجه في هذا الباب العظيم باب الصلاة على النبي ﷺ.
لتصير مرجعًا في ذلك، يجد فيها المسلم كل ما يحتاجه في هذا الباب العظيم باب الصلاة على النبي ﷺ.
العصمةُ في الخلوات… حين ينهضُ المؤمنُ برايةِ المعوّذتين 🌿🌧️
أرزاقُ اللهِ على عباده موفورةٌ لا يحصيها العدُّ، ولا يحيط بها الفكر؛ غير أنّ رزقًا منها أعلى اللهُ قدرَه، ورفع ذكرَه، ووصفه بأحسن الوصف، فقال جلّ شأنه: ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا﴾.
فذلك هو أحسن الرزق؛ لأنه قوتُ الأرواح، ونعيمُ القلوب، الذي به قِوامُ حياةِ الدنيا وسعادةُ الآخرة، وهو الذي يُعطي القلبَ الحياة، والروحَ الضياء، والنفسَ قوّةً على الطريق.
وما أحوجَ القلبَ إلى أن يحوط هذا الرزق بسياجٍ من العناية، ويحرسه من غوائل الشهوات والشبهات؛ فالسعادةُ كلُّ السعادة متعلّقةٌ بسلامة الإيمان وصلاح العمل.
وإنَّ أخطرَ ما يفتك بهما، ويُذيب صلابتهما في خفاء، ذنوبُ الخلوات؛ التي عمّت طُرُقُها، وتيسّرت أسبابُها، وتجرّأ عليها من لم يكن يجرؤ بالأمس القريب.
فهي الداءُ الخفيّ الذي يأكل الإيمانَ أكلًا لَمًّا، ويترك الروحَ خاويةً من نورها.
وليس للعبدِ من ملجأٍ يعتصم به من غوائلها إلا أن يلوذ بربه، ويهتدي بنوره، ويسأله العصمةَ والسداد. وقد سُئل أحد العلماء ـ وكان من أهل البصيرة ـ عن دواءٍ ناجعٍ لذنوب الخلوات، فقال كلمةً كأنما خرجت من قلبٍ مسّه نور القرآن: «عليك بتكرار قراءة المعوّذتين بتدبّر: الفلقِ والناس».
وهذا قولٌ صدّقه الدليل، وشهِد به القلب؛ فقد قال نبينا ﷺ لعقبةَ بن عامر، وهو يُرشده إلى مفتاح العصمة: «تَعَوَّذْ بِهِمَا ـ أي: بسورتي الفلق والناس ـ فما تعوَّذ مُتعوِّذٌ بمثلِهما»؛
أي: لن تجد في أبواب التعوّذ أبلغَ ولا أَنْجى من هاتين السورتين، ولا في أبواب الحماية مثلَ هذين البابين، ولا في مسالك النجاة مثلَ هذا المسلك.
فهاتان السورتان سيفان من نور، يقطعان طريقَ الشيطان إلى النفس، ويدفعان عنه كيدَه حين يقوى، ويكبحان جماحَ وسوسته؛ التي تنفذ من خلالها الخطيئةُ إلى القلب.
فالشيطان لا يكون أجرأَ منه في الخلوات، ولا أضعفَ منه عند ذكر الله؛ فإذا خَلا العبدُ، خَلا الشيطانُ به؛ فإن وجد قلبًا ضعيفَ العزيمة، هشًّا أمام الإغراء؛ أوقعه في شَرَكِه، وأصاب منه ما يريد.
ومن فضل الله على عبده أن يفتح له باب القرآن عند الفتنة، وأن يرشده إلى الآيات التي تسند القلبَ عند الاضطراب، وتثبّته عند السقوط، وتضيء له فجواتِ الخلوة حين يتسلل الشيطان من الظلمة.
فإذا رفع العبدُ رايةَ القرآن، واستعان بالمعوّذتين أمام ذنوب الخلوات ووسوسة الشيطان، مفتقرًا إلى ربّه، ومستغيثًا به؛ نزلت عليه العصمةُ والمعونةُ من السماء، وأقبل عليه التوفيقُ من حيث لا يشعر، وشدّ الله أزرَه، ووقاه شرَّ نفسه والشيطان، وهداه إلى سواء السبيل.
والخلاصة:
إذا أحاطت بك ظلماتُ الخلوة، ولوّح لك الشيطانُ براية الخطيئة؛ فارفع في وجهه رايةَ المعوّذتين؛ عندها يرتدّ على عقبيه خاسئًا وهو حسير.
أرزاقُ اللهِ على عباده موفورةٌ لا يحصيها العدُّ، ولا يحيط بها الفكر؛ غير أنّ رزقًا منها أعلى اللهُ قدرَه، ورفع ذكرَه، ووصفه بأحسن الوصف، فقال جلّ شأنه: ﴿وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا﴾.
فذلك هو أحسن الرزق؛ لأنه قوتُ الأرواح، ونعيمُ القلوب، الذي به قِوامُ حياةِ الدنيا وسعادةُ الآخرة، وهو الذي يُعطي القلبَ الحياة، والروحَ الضياء، والنفسَ قوّةً على الطريق.
وما أحوجَ القلبَ إلى أن يحوط هذا الرزق بسياجٍ من العناية، ويحرسه من غوائل الشهوات والشبهات؛ فالسعادةُ كلُّ السعادة متعلّقةٌ بسلامة الإيمان وصلاح العمل.
وإنَّ أخطرَ ما يفتك بهما، ويُذيب صلابتهما في خفاء، ذنوبُ الخلوات؛ التي عمّت طُرُقُها، وتيسّرت أسبابُها، وتجرّأ عليها من لم يكن يجرؤ بالأمس القريب.
فهي الداءُ الخفيّ الذي يأكل الإيمانَ أكلًا لَمًّا، ويترك الروحَ خاويةً من نورها.
وليس للعبدِ من ملجأٍ يعتصم به من غوائلها إلا أن يلوذ بربه، ويهتدي بنوره، ويسأله العصمةَ والسداد. وقد سُئل أحد العلماء ـ وكان من أهل البصيرة ـ عن دواءٍ ناجعٍ لذنوب الخلوات، فقال كلمةً كأنما خرجت من قلبٍ مسّه نور القرآن: «عليك بتكرار قراءة المعوّذتين بتدبّر: الفلقِ والناس».
وهذا قولٌ صدّقه الدليل، وشهِد به القلب؛ فقد قال نبينا ﷺ لعقبةَ بن عامر، وهو يُرشده إلى مفتاح العصمة: «تَعَوَّذْ بِهِمَا ـ أي: بسورتي الفلق والناس ـ فما تعوَّذ مُتعوِّذٌ بمثلِهما»؛
أي: لن تجد في أبواب التعوّذ أبلغَ ولا أَنْجى من هاتين السورتين، ولا في أبواب الحماية مثلَ هذين البابين، ولا في مسالك النجاة مثلَ هذا المسلك.
فهاتان السورتان سيفان من نور، يقطعان طريقَ الشيطان إلى النفس، ويدفعان عنه كيدَه حين يقوى، ويكبحان جماحَ وسوسته؛ التي تنفذ من خلالها الخطيئةُ إلى القلب.
فالشيطان لا يكون أجرأَ منه في الخلوات، ولا أضعفَ منه عند ذكر الله؛ فإذا خَلا العبدُ، خَلا الشيطانُ به؛ فإن وجد قلبًا ضعيفَ العزيمة، هشًّا أمام الإغراء؛ أوقعه في شَرَكِه، وأصاب منه ما يريد.
ومن فضل الله على عبده أن يفتح له باب القرآن عند الفتنة، وأن يرشده إلى الآيات التي تسند القلبَ عند الاضطراب، وتثبّته عند السقوط، وتضيء له فجواتِ الخلوة حين يتسلل الشيطان من الظلمة.
فإذا رفع العبدُ رايةَ القرآن، واستعان بالمعوّذتين أمام ذنوب الخلوات ووسوسة الشيطان، مفتقرًا إلى ربّه، ومستغيثًا به؛ نزلت عليه العصمةُ والمعونةُ من السماء، وأقبل عليه التوفيقُ من حيث لا يشعر، وشدّ الله أزرَه، ووقاه شرَّ نفسه والشيطان، وهداه إلى سواء السبيل.
والخلاصة:
إذا أحاطت بك ظلماتُ الخلوة، ولوّح لك الشيطانُ براية الخطيئة؛ فارفع في وجهه رايةَ المعوّذتين؛ عندها يرتدّ على عقبيه خاسئًا وهو حسير.
استقامة القلب بين مشاهدة المِنّة وشهود التقصير ✨🌿
معنيان جليلان من معاني السلوك، من وعاهما، وجعلهما نصب عينيه، وألقى إليهما سمعه وقلبه؛ نال من الخير أوفره، وسلك في هذا الباب طريقًا مستقيمًا لا اعوجاج فيه ولا اضطراب، وهما:
ـ أن لا يفخر العبدُ بما لا يأمن أن يُسلَب منه.
ـ وأن لا يعيب ولا يسخر مما لا يأمن أن يُبتلَى به.
وهذه – والله – قاعدة من أجلّ قواعد السير إلى الله، ومفتاح التزكية لمن أرادها، من وُفِّق إليها؛ اختصر على نفسه طريق السير وطول المجاهدة، وقطع المنازل بقلبٍ خفيف، وقفز في سماء الإيمان والهدى قفزاتٍ عالية.
فحقيق بالمؤمن أن يعيش بين خوفٍ ورجاء وافتقار:
ـ خوفٍ من عقوبة السلب،
ـ ورجاءٍ في رحمة الله،
ـ وافتقارٍ دائمٍ إلى مولاه، يسأله أن يُديم عليه لطفه، ويكلؤه بستره، ويغمره بفضله، فلا يوكله إلى نفسه طرفة عين.
والسلب ليس فقد المال ولا ذهاب الجاه، ولكن أعظمه وأشدّه: أن يُسلَب العبد ما أُعطيه من النعم الدينية والمقامات الإيمانية؛ كنعمة الهداية وصلاح القلب، ونعيم الأنس بالله وحلاوة الافتقار والدعاء والمناجاة، وكثرة الذكر وشرف حفظ القرآن، وحب العلم وانشراح الصدر له، ولذة قيام الليل، وبرّ الوالدين، وصلة الأرحام وصلاح الذرية، وحب الصدقة، وسائر المنح التي يتفضّل الله بها على من شاء من عباده.
وغالب أسباب هذا السلب أمران:
أولهما: التقصير في شكر النعمة، والتفريط في آدابها.
وثانيهما: احتقارُ الخلق وازدراءُ من لم يُفتح له بما فُتح لك به.
فإذا أيقن العبد أن ما بين يديه من الهدى والخير محضُ فضلٍ من الله، ومِنّةٌ خالصة لم يسبق لها استحقاق، ولا تقدّم لها عمل، ولا مهَّد لها استئذان؛ لان قلبه للشكر، وسلِم صدره من الغرور، وتأدّب مع عباد الله، فلم يحتقر محرومًا، ولم يزدرِ مبتلًى، وأصبح يسير بين شهود نعمة الله عليه، واستحضار تقصيره في حق مولاه.
وكلما تعمّق هذا المعنى في قلب العبد: أن يرى الفضل كلَّه لله، ويشهد الذنب من نفسه، ويحتقرها بين يدي ربّه؛ كان على هُدىً ونورٍ من ربّه، ومشى سويًّا على صراطٍ مستقيم.
ومن أراد الله به خيرًا فتح له هذا الباب، ونبّهه إلى هذه الحقائق، وبصّره بهذه الأسرار؛ فبمثلها تُختصر المسافات، وتُطوى المراحل في معارج العبودية.
وكذلك على سَنَنِ هذا الأصل: لا تعِب ولا تحتقر ما لا تأمن أن يُلبسك الله إياه، ولا خلقًا سيئًا ابتُلي به شخصٌ لا تدري لعلّك تُبتلى به، ولا معصيةً وقع غيرك فيها، فما بينك وبينه إلا ستر الله ولطفه، ولو رُفع هذا الستر عنك لحظةً واحدة؛ لتخبّطت في أودية الهوى، وتردّيت في مزالق الانحراف.
ولهذا بقيت كلمةٌ قرأتها قديمًا لشيخٍ فاضل تعمل عملها في قلبي، لا تبلى مع الأيام، ولا يفتر أثرها، إذ قال:
«اللائق بمن خبر تقلّبات الحياة أن لا يشمت بأحد؛ فما منا إلا وشيطانه واقف على باب نزواته، يجرّب مفاتيحه، يوشك أن يجدها لولا ستر الله».
معنيان جليلان من معاني السلوك، من وعاهما، وجعلهما نصب عينيه، وألقى إليهما سمعه وقلبه؛ نال من الخير أوفره، وسلك في هذا الباب طريقًا مستقيمًا لا اعوجاج فيه ولا اضطراب، وهما:
ـ أن لا يفخر العبدُ بما لا يأمن أن يُسلَب منه.
ـ وأن لا يعيب ولا يسخر مما لا يأمن أن يُبتلَى به.
وهذه – والله – قاعدة من أجلّ قواعد السير إلى الله، ومفتاح التزكية لمن أرادها، من وُفِّق إليها؛ اختصر على نفسه طريق السير وطول المجاهدة، وقطع المنازل بقلبٍ خفيف، وقفز في سماء الإيمان والهدى قفزاتٍ عالية.
فحقيق بالمؤمن أن يعيش بين خوفٍ ورجاء وافتقار:
ـ خوفٍ من عقوبة السلب،
ـ ورجاءٍ في رحمة الله،
ـ وافتقارٍ دائمٍ إلى مولاه، يسأله أن يُديم عليه لطفه، ويكلؤه بستره، ويغمره بفضله، فلا يوكله إلى نفسه طرفة عين.
والسلب ليس فقد المال ولا ذهاب الجاه، ولكن أعظمه وأشدّه: أن يُسلَب العبد ما أُعطيه من النعم الدينية والمقامات الإيمانية؛ كنعمة الهداية وصلاح القلب، ونعيم الأنس بالله وحلاوة الافتقار والدعاء والمناجاة، وكثرة الذكر وشرف حفظ القرآن، وحب العلم وانشراح الصدر له، ولذة قيام الليل، وبرّ الوالدين، وصلة الأرحام وصلاح الذرية، وحب الصدقة، وسائر المنح التي يتفضّل الله بها على من شاء من عباده.
وغالب أسباب هذا السلب أمران:
أولهما: التقصير في شكر النعمة، والتفريط في آدابها.
وثانيهما: احتقارُ الخلق وازدراءُ من لم يُفتح له بما فُتح لك به.
فإذا أيقن العبد أن ما بين يديه من الهدى والخير محضُ فضلٍ من الله، ومِنّةٌ خالصة لم يسبق لها استحقاق، ولا تقدّم لها عمل، ولا مهَّد لها استئذان؛ لان قلبه للشكر، وسلِم صدره من الغرور، وتأدّب مع عباد الله، فلم يحتقر محرومًا، ولم يزدرِ مبتلًى، وأصبح يسير بين شهود نعمة الله عليه، واستحضار تقصيره في حق مولاه.
وكلما تعمّق هذا المعنى في قلب العبد: أن يرى الفضل كلَّه لله، ويشهد الذنب من نفسه، ويحتقرها بين يدي ربّه؛ كان على هُدىً ونورٍ من ربّه، ومشى سويًّا على صراطٍ مستقيم.
ومن أراد الله به خيرًا فتح له هذا الباب، ونبّهه إلى هذه الحقائق، وبصّره بهذه الأسرار؛ فبمثلها تُختصر المسافات، وتُطوى المراحل في معارج العبودية.
وكذلك على سَنَنِ هذا الأصل: لا تعِب ولا تحتقر ما لا تأمن أن يُلبسك الله إياه، ولا خلقًا سيئًا ابتُلي به شخصٌ لا تدري لعلّك تُبتلى به، ولا معصيةً وقع غيرك فيها، فما بينك وبينه إلا ستر الله ولطفه، ولو رُفع هذا الستر عنك لحظةً واحدة؛ لتخبّطت في أودية الهوى، وتردّيت في مزالق الانحراف.
ولهذا بقيت كلمةٌ قرأتها قديمًا لشيخٍ فاضل تعمل عملها في قلبي، لا تبلى مع الأيام، ولا يفتر أثرها، إذ قال:
«اللائق بمن خبر تقلّبات الحياة أن لا يشمت بأحد؛ فما منا إلا وشيطانه واقف على باب نزواته، يجرّب مفاتيحه، يوشك أن يجدها لولا ستر الله».
حياة القلب في محراب الاستماع 🌧️🌱
عبادةُ الاستماعِ إلى القرآنِ بابٌ من أبواب الهداية، يطرقهُ الموفَّقون.
ولا أقصد بالاستماع هنا الاستماعَ العابر، بل استماعَ المُقبِلِ الذي يجلسُ بكليَّته، ويجمعُ شعثَ فكره، ويُهيِّئُ روحه لاستقبال هذا النور.
نعم، إن للآياتِ نورًا تشعرُ به القلوبُ إذا خلصت، وتنعمُ به الأرواحُ إذا صفَت؛ ولربَّ آيةٍ سمعها العبدُ على هذا الوجه، تكون أبلغَ في التأثير من عشرات الخُطب، وأوقعَ في النفس من كثيرٍ من المواعظ، وأعمقَ في القلب من قراءة عديدٍ من الكتب.
وليس المقصود أن تسمع القرآن وأنت في زحمة الطريق، أو بين شواغل الدنيا ــ وإن كان في ذلك خيرٌ وبركة ــ بل أن تخصَّ آياته بوقتٍ معلوم، تُعطي فيه القلبَ حقَّه من الحضور، وتُلقي السمعَ وأنت شهيد، وتستقبل المعاني كما يستقبل الظمآنُ الماءَ الزلال.
ومن تمام هذا الباب، وكمال الانتفاع به، أن يجعل العبدُ لنفسه خَتمةً في الاستماع إلى القرآن كاملًا؛ لا على سبيل العجلة، ولا بدافع الإنجاز، بل خَتمةَ تربيةٍ وبناء، تُسقى فيها الروحُ آيةً آية، وتُنشأ بها الألفةُ مع كلام الله، حتى يصير القرآن أنيسَ السمع، ورفيقَ الخلوة، ومؤنسَ الطريق، فإن ختمة السماع أثرها عظيم على القلب، وتُعيد ترتيب الداخل، وتربط القلب بالقرآن ربطًا هادئًا عميقًا، وتفتح من معانيه أبوابًا قد لا تفتحها كثرة القراءة وحدها.
فاختر قارئًا ينهضُ بك صوته إلى المعاني، ويأخذُ بيد روحك إلى أبواب السماء، ثم اجعل لك ولأهلك وِردًا يوميًّا ولو عشرَ دقائق، تُطفئون به وهجَ الدنيا، وتفتحون به نافذةً على رحمة الله؛ ففي امتثال هذا الأمر الإلهي: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ تتنزَّل الرحمة، ويصلح القلب، وتُقاد الروحُ إلى ربِّها برفقٍ ونور.
فالرحمةُ تُطلب من هنا، ومن فوَّت هذا المجلس؛ فوَّت من الهدايات خيرًا كثيرًا.
عبادةُ الاستماعِ إلى القرآنِ بابٌ من أبواب الهداية، يطرقهُ الموفَّقون.
ولا أقصد بالاستماع هنا الاستماعَ العابر، بل استماعَ المُقبِلِ الذي يجلسُ بكليَّته، ويجمعُ شعثَ فكره، ويُهيِّئُ روحه لاستقبال هذا النور.
نعم، إن للآياتِ نورًا تشعرُ به القلوبُ إذا خلصت، وتنعمُ به الأرواحُ إذا صفَت؛ ولربَّ آيةٍ سمعها العبدُ على هذا الوجه، تكون أبلغَ في التأثير من عشرات الخُطب، وأوقعَ في النفس من كثيرٍ من المواعظ، وأعمقَ في القلب من قراءة عديدٍ من الكتب.
وليس المقصود أن تسمع القرآن وأنت في زحمة الطريق، أو بين شواغل الدنيا ــ وإن كان في ذلك خيرٌ وبركة ــ بل أن تخصَّ آياته بوقتٍ معلوم، تُعطي فيه القلبَ حقَّه من الحضور، وتُلقي السمعَ وأنت شهيد، وتستقبل المعاني كما يستقبل الظمآنُ الماءَ الزلال.
ومن تمام هذا الباب، وكمال الانتفاع به، أن يجعل العبدُ لنفسه خَتمةً في الاستماع إلى القرآن كاملًا؛ لا على سبيل العجلة، ولا بدافع الإنجاز، بل خَتمةَ تربيةٍ وبناء، تُسقى فيها الروحُ آيةً آية، وتُنشأ بها الألفةُ مع كلام الله، حتى يصير القرآن أنيسَ السمع، ورفيقَ الخلوة، ومؤنسَ الطريق، فإن ختمة السماع أثرها عظيم على القلب، وتُعيد ترتيب الداخل، وتربط القلب بالقرآن ربطًا هادئًا عميقًا، وتفتح من معانيه أبوابًا قد لا تفتحها كثرة القراءة وحدها.
فاختر قارئًا ينهضُ بك صوته إلى المعاني، ويأخذُ بيد روحك إلى أبواب السماء، ثم اجعل لك ولأهلك وِردًا يوميًّا ولو عشرَ دقائق، تُطفئون به وهجَ الدنيا، وتفتحون به نافذةً على رحمة الله؛ ففي امتثال هذا الأمر الإلهي: ﴿وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ تتنزَّل الرحمة، ويصلح القلب، وتُقاد الروحُ إلى ربِّها برفقٍ ونور.
فالرحمةُ تُطلب من هنا، ومن فوَّت هذا المجلس؛ فوَّت من الهدايات خيرًا كثيرًا.
﴿أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾
هذه الآية ليست مجرد وعدٍ بالإجابة، بل تأسيسٌ لعقيدةٍ في الدعاء، تُصلح بها علاقة العبد بربه، وتُهذَّب بها نظرته إلى الطلب والسؤال.
فالإجابة هنا لا تنفكّ عن الحكمة، ولا تنفصل عن الرحمة؛ فقد تكون عطاءً عاجلًا، وقد تكون صرفَ بلاء، وقد تكون ادّخارًا للآخرة.
ومن لم يُجب على الوجه الذي أراده، فقد أُجيب على الوجه الذي اختاره الله له، والله أرحم بالعبد من نفسه، وهو اللطيف الخبير.
وحين يفقه القلب هذا المعنى، يتحرر الدعاء من القلق، ويصفو من العجلة، ويغدو عبادةَ افتقارٍ ويقين.
فما ضاع دعاءٌ خرج من قلبٍ صادق، ولا رُدّ طلبٌ أحسن العبد فيه الظن بربه، وإنما تتنوّع صور الإجابة، ويبقى الوعد حقًّا لا يتخلّف.
هذه الآية ليست مجرد وعدٍ بالإجابة، بل تأسيسٌ لعقيدةٍ في الدعاء، تُصلح بها علاقة العبد بربه، وتُهذَّب بها نظرته إلى الطلب والسؤال.
فالإجابة هنا لا تنفكّ عن الحكمة، ولا تنفصل عن الرحمة؛ فقد تكون عطاءً عاجلًا، وقد تكون صرفَ بلاء، وقد تكون ادّخارًا للآخرة.
ومن لم يُجب على الوجه الذي أراده، فقد أُجيب على الوجه الذي اختاره الله له، والله أرحم بالعبد من نفسه، وهو اللطيف الخبير.
وحين يفقه القلب هذا المعنى، يتحرر الدعاء من القلق، ويصفو من العجلة، ويغدو عبادةَ افتقارٍ ويقين.
فما ضاع دعاءٌ خرج من قلبٍ صادق، ولا رُدّ طلبٌ أحسن العبد فيه الظن بربه، وإنما تتنوّع صور الإجابة، ويبقى الوعد حقًّا لا يتخلّف.
نصيحةُ مُحبٍّ 🤍
أظلّك عصر الجمعة، وهو من أحرى أوقات الإجابة، دع ما في يديك الآن؛ وامضِ إلى بيتٍ من بيوت ربك، أو انتبذ لك مكانًا قصيًّا من بيتك، واخلُ بربك خلوةَ المُحبّ الواثق، فأكثر من حمده الذي تُستجلب به النِّعم، ومن الثناء الذي تُستنزل به الرحمات، وصلِّ على نبيّه صلى الله عليه وسلم صلاةً تطيب بها المجالس، وتُفتح بها أبواب الإجابة، ثم ارفع حاجتك إليه رفعَ من يعلم أن الخزائن بيده، وأن العطاء عنده لا ينفد، فاسأله من خيري الدنيا والآخرة ما شئت، فما ضاق بابٌ طُرق بالدعاء، ولا تؤجِّل الدعاء، أو تزهد به؛ فإنّ الدعاءَ حياةُ القلوب، وسبيلُ السعادة، وبه يكون التوفيق، وهو سلاحُ الضعفاء، وبوابةُ الفرج، ومفتاحُ خيري الدنيا والآخرة.
سلْه وأنت موقن، واطلبْه وأنت حاضر القلب؛ فما رُدَّ من وقف بباب الكريم، ولا خاب من أحسن الظنّ بربه.
أظلّك عصر الجمعة، وهو من أحرى أوقات الإجابة، دع ما في يديك الآن؛ وامضِ إلى بيتٍ من بيوت ربك، أو انتبذ لك مكانًا قصيًّا من بيتك، واخلُ بربك خلوةَ المُحبّ الواثق، فأكثر من حمده الذي تُستجلب به النِّعم، ومن الثناء الذي تُستنزل به الرحمات، وصلِّ على نبيّه صلى الله عليه وسلم صلاةً تطيب بها المجالس، وتُفتح بها أبواب الإجابة، ثم ارفع حاجتك إليه رفعَ من يعلم أن الخزائن بيده، وأن العطاء عنده لا ينفد، فاسأله من خيري الدنيا والآخرة ما شئت، فما ضاق بابٌ طُرق بالدعاء، ولا تؤجِّل الدعاء، أو تزهد به؛ فإنّ الدعاءَ حياةُ القلوب، وسبيلُ السعادة، وبه يكون التوفيق، وهو سلاحُ الضعفاء، وبوابةُ الفرج، ومفتاحُ خيري الدنيا والآخرة.
سلْه وأنت موقن، واطلبْه وأنت حاضر القلب؛ فما رُدَّ من وقف بباب الكريم، ولا خاب من أحسن الظنّ بربه.
هذا كتابٌ هُذِّبت فيه جملةٌ من الكتب المسندة التي وصلتنا، فجُرِّدت نصوصُها من الأسانيد اختصارًا، وحُذِف مكرَّرها تحريرًا،
ليُقَدَّم للقارئ علمٌ صافٍ، ومتنٌ محكَم، وخلاصةُ تراثٍ جليل، يُقرِّب المقاصد، ويختصر الطريق، ويجمع بين الأمانة العلمية وحُسن العرض، دون إخلالٍ بالأصول.
وفي الكتاب جمعٌ مُحكم، ودقّةُ اختيار، ومعونةٌ لطالب العلم على التزكية والفهم والانتفاع.
ليُقَدَّم للقارئ علمٌ صافٍ، ومتنٌ محكَم، وخلاصةُ تراثٍ جليل، يُقرِّب المقاصد، ويختصر الطريق، ويجمع بين الأمانة العلمية وحُسن العرض، دون إخلالٍ بالأصول.
وفي الكتاب جمعٌ مُحكم، ودقّةُ اختيار، ومعونةٌ لطالب العلم على التزكية والفهم والانتفاع.
عليكم بالصِّدْق 🌱🌧️
إذا جاء صِدْقُ الطَّلَبُ، هيّأ الله السبب.
نعم، إن الله لا يُخيِّب قلبًا أخلص القصد، ولا يخذل نفسًا أقبلت عليه بوجهها كلِّه، وقد قال الأوَّلون: الصدقُ دلّال؛ لأنَّه الدليل الأمين الذي يأخذ بيدك إلى ما تريد، فإذا صدقتَ في الطلب، دلّك الصدق على بابه، وفتح لك مغاليقه.
فطالبُ العلم إذا صدق، ساقه الله إلى الطريق القويم، وقرَّبه من الشيوخ الربانيين، وجعل له في خطاه بركة، وفي وقته نماء.
والداعية إذا صدق، فتح الله على يديه فتحًا من لدنه، وألقى القبول في قوله، وجعل كلمته حيَّةً في القلوب لا تموت.
وما الخير كلُّه إلا في وصية الصادق المصدوق ﷺ: «عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر»؛
فاسأل الله صدقًا لا يخون، وقلبًا لا يلتفت، وأن يُحليك بالصدق ظاهرًا وباطنًا، حتى تبلغ به ما ترجوه من خير الدنيا ورفعة الآخرة.
إذا جاء صِدْقُ الطَّلَبُ، هيّأ الله السبب.
نعم، إن الله لا يُخيِّب قلبًا أخلص القصد، ولا يخذل نفسًا أقبلت عليه بوجهها كلِّه، وقد قال الأوَّلون: الصدقُ دلّال؛ لأنَّه الدليل الأمين الذي يأخذ بيدك إلى ما تريد، فإذا صدقتَ في الطلب، دلّك الصدق على بابه، وفتح لك مغاليقه.
فطالبُ العلم إذا صدق، ساقه الله إلى الطريق القويم، وقرَّبه من الشيوخ الربانيين، وجعل له في خطاه بركة، وفي وقته نماء.
والداعية إذا صدق، فتح الله على يديه فتحًا من لدنه، وألقى القبول في قوله، وجعل كلمته حيَّةً في القلوب لا تموت.
وما الخير كلُّه إلا في وصية الصادق المصدوق ﷺ: «عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر»؛
فاسأل الله صدقًا لا يخون، وقلبًا لا يلتفت، وأن يُحليك بالصدق ظاهرًا وباطنًا، حتى تبلغ به ما ترجوه من خير الدنيا ورفعة الآخرة.
هذه حلقةٌ نافعة للشيخ صالح الزهراني ـ وفّقه الله ـ أحسن فيها البيان، ووضع النقاط على كثيرٍ من الحروف، وإن كان عنوانها لا يُعبّر بدقّةٍ عن فحوى مضمونها.
فقد تضمّنت فوائد عامة في باب الرقية والتحصين والسحر، وأبرزت أهمية الذكر والالتجاء إلى الله، وبيّنت أن كثيرًا من الناس إنما أُتوا من جهة تفريطهم في أوامر الله، والتهاون بالصلاة والذكر، وضعف التحصين، وظلم الخلق، والمباهاة والتصوير.
هي حلقةٌ تقوم على عرضٍ متزن، لا إفراط فيه ولا تفريط، مع تسليط ضوءٍ هادئ على حسن التعامل مع الخادمات، وشرحٍ لكثيرٍ مما يعتريهن من معتقدات وتصرفات.
أنصح بها
https://youtu.be/4dTzJebXcRU?si=8P7kWUa4ij0K5a6N
فقد تضمّنت فوائد عامة في باب الرقية والتحصين والسحر، وأبرزت أهمية الذكر والالتجاء إلى الله، وبيّنت أن كثيرًا من الناس إنما أُتوا من جهة تفريطهم في أوامر الله، والتهاون بالصلاة والذكر، وضعف التحصين، وظلم الخلق، والمباهاة والتصوير.
هي حلقةٌ تقوم على عرضٍ متزن، لا إفراط فيه ولا تفريط، مع تسليط ضوءٍ هادئ على حسن التعامل مع الخادمات، وشرحٍ لكثيرٍ مما يعتريهن من معتقدات وتصرفات.
أنصح بها
https://youtu.be/4dTzJebXcRU?si=8P7kWUa4ij0K5a6N
YouTube
لماذا ينتشر سحر الخادمات ؟ | بودكاست شرفة | الشيخ صالح الزهراني
يأخذنا في هذه الحلقة ضيفنا الشيخ صالح الزهراني في رحلةٍ مثيرة حول عالمٍ مجهولٍ عند الكثير .. ألهمته الرحلة مفاهيم جددت تصوّراته ووسّعت مداركه ..
تعمّق تجربته المُغايرة آثار الفهم الشامل لقيمة الأذكار في حياة الإنسان ..
وكيف يُعتبر الظلم مصيبةً موقوتة للظالم…
تعمّق تجربته المُغايرة آثار الفهم الشامل لقيمة الأذكار في حياة الإنسان ..
وكيف يُعتبر الظلم مصيبةً موقوتة للظالم…