Forwarded from قناة || محمد محمود فكري
اشتهر في كتب الكلام بدءًا من «الشامل» لإمام الحرمين مرورًا بالرازي في غير وضع له، والبيضاوي في «طوالع أنواره» وشراحه، وانتهاء بكتب جمع غفير من المتأخرين أن القاضي لسان الأمة الباقلاني (ت. 403هـ) يُنقل عنه قولان في ثبوت الأحوال، تارة بالإثبات وتارة بالنفي والرد، ومنذ سنوات كنت أعمل على كتابه: «كشف الأسرار» في الرد على الباطنية، فوقفت في تضاعيف كلامه على نص مهم يؤيد أن آخر قول للقاضي هو القول بثبوت الأحوال، يقول رحمه الله: «وإذا لم يَقُلِ المتكلِّمُ بالأحوالِ فما يَثبُتُ في العالَمِ عِلِّيَّةٌ ولا معلولٌ» ومما يعضد هذا الذي نحوت إليه أن «كشف الأسرار» من أواخر ما صنف القاضي.
وعلى كل فثم درس آخر، وهو أن الفوائد التي قد يحصلها القارئ من غير مظانها قد تغير مسار بحث، وتفتح آفاقًا جديدة للمجدين من أهل العلم والدرس.
https://t.me/mmf_azhary2/140
وعلى كل فثم درس آخر، وهو أن الفوائد التي قد يحصلها القارئ من غير مظانها قد تغير مسار بحث، وتفتح آفاقًا جديدة للمجدين من أهل العلم والدرس.
https://t.me/mmf_azhary2/140
قال حرملة بن يحيى: سمعت عبد الله بن وهب يقول: سمعت مالك بن أنس يقول: من وصف شيئا من ذات الله مثل قوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} وأشار بيده إلى عنقه، ومثل قوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} فأشار إلى عينيه وأذنيه أو شيء من بدنه قطع ذلك منه لأنه شبه الله بنفسه، ثم قال مالك: أما سمعت قول البراء حين حدث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يضحى بأربع من الضحايا» وأشار البراء بيده كما أشار النبي صلى الله عليه وسلم بيده قال البراء: ويدي أقصر من يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكره البراء أن يصف رسول الله صلى الله عليه وسلم إجلالا له وهو مخلوق فكيف الخالق الذي ليس كمثله شيء؟!.
روي أن الإمام أحمد بن حنبل قرأ عليه رجل قول الله تعالى: ﴿وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعًا قبضته يوم القيامه والسموات مطويات بيمينه﴾ فأومأ الرجل بيده، فقال له الإمام أحمد رحمه الله: قطعها الله قطعها الله قطعها الله! ثم حرد وقام.
اعلم أن التصوف له ظاهر وباطن، فظاهره استعمال الأدب مع الخلق بالأخلاق الحسنة معهم، وباطنه منازلة الأحوال والمقامات مع الحق، فالظاهر علامة الباطن، والباطن حقيقة الظاهر، ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نظر إلى المصلي وهو يعبث فقال: (لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه)؟! قال الله تعالى (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم)
عماد الدين الأموي الإسنوي: حياة القلوب في كيفية الوصول إلى المحبوب
عماد الدين الأموي الإسنوي: حياة القلوب في كيفية الوصول إلى المحبوب
سئل بعضهم عن معنى الصوفي فقال:
إن العبد إذا تحقق بالعبودية، وصافاه الحق حتى صفا من كدر البشرية، ونزل منازل الحقيقة، وقارن أحكام الشريعة، فإذا فعل ذلك فهو الصوفي لأنه صُوْفِيَ.
أبو نصر السراج الطوسي: اللمع
إن العبد إذا تحقق بالعبودية، وصافاه الحق حتى صفا من كدر البشرية، ونزل منازل الحقيقة، وقارن أحكام الشريعة، فإذا فعل ذلك فهو الصوفي لأنه صُوْفِيَ.
أبو نصر السراج الطوسي: اللمع
اعلم أن الأوائل والمشايخ الذين تكلموا في مسائل التصوف، وأشاروا إلى هذه الإشارت، ونطقوا بهذه الحكم، إنما تكلموا بعد قطع العلائق، وإماتة النفوس بالمجاهدات والرياضات والمنازلات والوجد والاحتراق، والمبادرة والاشتياق إلى قطع كل علاقة قطعتهم عن الله -عز وجل- طرفة عين، وقاموا بشرط العلم، ثم عملوا به، ثم تحققوا في العمل فجمعوا بين العلم والحقيقة والعمل.
أبو نصر السراج الطوسي: اللمع
أبو نصر السراج الطوسي: اللمع
نقل عماد الدين الأموي الإسنوي في كتابه (حياة القلوب في كيفية الوصول إلى المحبوب) عن أبي نصر السراج الطوسي في كتابه (اللمع):
الأدب سند للفقراء وزين للأغنياء، والناس في الأدب متفاوتون، وهم على ثلاث طبقات: أهل الدنيا، وأهل الدين، وأهل الخصوصية من أهل الدين:
- فأما أدب أهل الدنيا ففي الفصاحة والبلاغة وحفظ العلوم والتاريخ والشعر، ومعرفة صنائع.
- وأما أدب أهل الدين ففي رياضة النفوس، وتأديب الجوارح، وطهارة الأسرار، وحفظ الحدود، وترك الشهوات، واجتناب الشبهات، وتجريد الطاعات، والمسارعة إلى الخيرات.
- وأما أدب أهل الخصوصية من أهل الدين ففي حفظ وطهارة القلوب، ومراعاة الأسرار، والوفاء بالعقود بعد العهود، وحفظ الوقت، واستواء السر والعلانية، والنظر إلى الأعداء بعين الرحمة كما كان دأبه صلى الله عليه وسلم ودأب سائر الأنبياء مع أعدائهم.
كسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم وشج وجهه في بعض غزواته فجعل يمسح على وجهه ويقول: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)، ومسكه أعرابي بردائه حتى أثرت حاشية الرداء في عنقه -وما كلمه بكلام قط خشن- وقال له: اعدل يا محمد، فقال له صلى الله عليه وسلم : (ويحك! من يعدل إن لم أعد؟! خبتُ وخسرتُ إذا لم أعد)، وفي كتب السنن شيء كثر.
ومر المسيح على قوم من اليهود فقالوا له شرًا، فقال لهم خيرًا، فقال له بعض الحواريين يقولون لك شرًا فتقول لهم خيرًا؟! فقال له عيسى: كل ينفق مما عنده.
ولما فتح صلى الله عليه وسلم مكة ودخلها جاء أهلها فلما رآهم قال: أقول كما قال أخي يوسف: (لا تثريب عليكم اليوم).
الأدب سند للفقراء وزين للأغنياء، والناس في الأدب متفاوتون، وهم على ثلاث طبقات: أهل الدنيا، وأهل الدين، وأهل الخصوصية من أهل الدين:
- فأما أدب أهل الدنيا ففي الفصاحة والبلاغة وحفظ العلوم والتاريخ والشعر، ومعرفة صنائع.
- وأما أدب أهل الدين ففي رياضة النفوس، وتأديب الجوارح، وطهارة الأسرار، وحفظ الحدود، وترك الشهوات، واجتناب الشبهات، وتجريد الطاعات، والمسارعة إلى الخيرات.
- وأما أدب أهل الخصوصية من أهل الدين ففي حفظ وطهارة القلوب، ومراعاة الأسرار، والوفاء بالعقود بعد العهود، وحفظ الوقت، واستواء السر والعلانية، والنظر إلى الأعداء بعين الرحمة كما كان دأبه صلى الله عليه وسلم ودأب سائر الأنبياء مع أعدائهم.
كسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم وشج وجهه في بعض غزواته فجعل يمسح على وجهه ويقول: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)، ومسكه أعرابي بردائه حتى أثرت حاشية الرداء في عنقه -وما كلمه بكلام قط خشن- وقال له: اعدل يا محمد، فقال له صلى الله عليه وسلم : (ويحك! من يعدل إن لم أعد؟! خبتُ وخسرتُ إذا لم أعد)، وفي كتب السنن شيء كثر.
ومر المسيح على قوم من اليهود فقالوا له شرًا، فقال لهم خيرًا، فقال له بعض الحواريين يقولون لك شرًا فتقول لهم خيرًا؟! فقال له عيسى: كل ينفق مما عنده.
ولما فتح صلى الله عليه وسلم مكة ودخلها جاء أهلها فلما رآهم قال: أقول كما قال أخي يوسف: (لا تثريب عليكم اليوم).
وأما عقيدة الصوفية فعقيدة شيخ السنة أبي الحسن الأشعري وأصحابه من فاتحتها إلى خاتمتها... حتى قالوا: طريقة أبي الحسن الأشعري هي باب الفتح، وقالوا: لا تنال حالة سَنِيَّة إلا بطريقة سُنِّيَّة، وعنوا بها طريقة أبي الحسن الأشعري.
وهم يتبرؤن من المعتزلة والجهمية والمشبة والمعطلة والخوارج والروافض وسائر أهل البدع..
عماد الدين الأموي الإسنوي في كتابه (حياة القلوب في كيفية الوصول إلى المحبوب)
وهم يتبرؤن من المعتزلة والجهمية والمشبة والمعطلة والخوارج والروافض وسائر أهل البدع..
عماد الدين الأموي الإسنوي في كتابه (حياة القلوب في كيفية الوصول إلى المحبوب)
وأجمع الصوفية على أن الإيمان قول وعمل واعتقاد، وأن من ترك الإقرار فهو كافر، ومن ترك التصديق فهو منافق، ومن ترك العمل فهو فاسق، وأن الإيمان يزيد وينقص، وأن المعرفة بالقلب لا تنفع ما لم يتكلم بكلمتي الشهادة إلا أن يكون له عذر يثبته الشرع.
عماد الدين الأموي الإسنوي في كتابه (حياة القلوب في كيفية الوصول إلى المحبوب)
عماد الدين الأموي الإسنوي في كتابه (حياة القلوب في كيفية الوصول إلى المحبوب)
وأجمع الصوفية على أن الأنبياء متعبدون بإظهار المعجزة لإثبات الحجة، والأولياء متعبدون بكتمان الكرامة لدفع الفتنة.
عماد الدين الأموي الإسنوي في كتابه (حياة القلوب في كيفية الوصول إلى المحبوب)
عماد الدين الأموي الإسنوي في كتابه (حياة القلوب في كيفية الوصول إلى المحبوب)
المنطق وإن كان غرضه تقويم المعاني فإنه ينظر في الألفاظ ليصحح فيها المعاني الحقيقية، فالنحوي ينظر في الألفاظ بالذات وبالقصد الأول، وينظر في المعاني بالعرض بالقصد الثاني، والمنطقي ينظر في المعاني بالذات وبالقصد الأول، وينظر في الألفاظ بالعرض بالقصد الثاني.
فقد تبين أن من جهل صناعة المنطق عرض له بالضرورة ألا يقف على صواب من أصاب: كيف أصاب، ومن أي جهتي أصاب؛ ولا على سهو من سها، أو غلط غالط: كيف، ومن أين سها، أو غلط؟ وتحير في الآراء.
فمنها ما يُصحِّحه من غير ثقة، ومنها ما يتوقف عنه ولا يدري بماذا يحكم له. ثم لا يأمن:
- فيما يصححه اليوم أن ترد عليه في غدٍ ما ينقضه عليه ويشككه فيه.
- وفيما زيفه الآن، أن يصح عنده في وقت آخر، فيظن في ما هو مصحح عنده، أنه يجوز أن يفسد، وفي ما هو فاسد، أنه يجوز أن يصح.
وعسى أن يرجع إلى ضد ما هو عليه في الأمرين جميعًا، إما بخاطر ورد عليه من نفسه فيزيله عن اعتقاده الأول، وإما أن يرى غيره. فإذا عرض عليه - ممن يدعي الكمال في العلم والثقافة بالجدل رأيًا، ونصره ببراعته، لم يكن عنده ما يمتحنه به: فإما أن يحسن الظن به فيقبله. وإما أن يتهمه فیرده. وليس يخلو في حاليه من أشياء ترد على عقله، فتوهم في شيء أنه حق، وفي آخر أنه باطل. فالمنطق يدله على هذه المواضع، ويصحح له الصحيح ويعلمه لم صار صحيحًا، ويزيف الباطل ويريه لمه صار باطلًا
فنحن مضطرون إلى:
- تصحيح المعاني في أنفسنا بقوانين صناعية نثق بها، تحوطنا من الغلط.
- وإلى تصحيح ألفاظ لا تدل بالمواطأة على تلك المعاني لئلا نغلط غيرنا بما نغلط فيها.
وكلا هذين يسمى: «صناعة المنطق»، إلا أن أحدهما ينظر فيه بالذات والآخر بالعرض.
أبو علي مسكويه
فقد تبين أن من جهل صناعة المنطق عرض له بالضرورة ألا يقف على صواب من أصاب: كيف أصاب، ومن أي جهتي أصاب؛ ولا على سهو من سها، أو غلط غالط: كيف، ومن أين سها، أو غلط؟ وتحير في الآراء.
فمنها ما يُصحِّحه من غير ثقة، ومنها ما يتوقف عنه ولا يدري بماذا يحكم له. ثم لا يأمن:
- فيما يصححه اليوم أن ترد عليه في غدٍ ما ينقضه عليه ويشككه فيه.
- وفيما زيفه الآن، أن يصح عنده في وقت آخر، فيظن في ما هو مصحح عنده، أنه يجوز أن يفسد، وفي ما هو فاسد، أنه يجوز أن يصح.
وعسى أن يرجع إلى ضد ما هو عليه في الأمرين جميعًا، إما بخاطر ورد عليه من نفسه فيزيله عن اعتقاده الأول، وإما أن يرى غيره. فإذا عرض عليه - ممن يدعي الكمال في العلم والثقافة بالجدل رأيًا، ونصره ببراعته، لم يكن عنده ما يمتحنه به: فإما أن يحسن الظن به فيقبله. وإما أن يتهمه فیرده. وليس يخلو في حاليه من أشياء ترد على عقله، فتوهم في شيء أنه حق، وفي آخر أنه باطل. فالمنطق يدله على هذه المواضع، ويصحح له الصحيح ويعلمه لم صار صحيحًا، ويزيف الباطل ويريه لمه صار باطلًا
فنحن مضطرون إلى:
- تصحيح المعاني في أنفسنا بقوانين صناعية نثق بها، تحوطنا من الغلط.
- وإلى تصحيح ألفاظ لا تدل بالمواطأة على تلك المعاني لئلا نغلط غيرنا بما نغلط فيها.
وكلا هذين يسمى: «صناعة المنطق»، إلا أن أحدهما ينظر فيه بالذات والآخر بالعرض.
أبو علي مسكويه
نقل إبراهيم المرشدي كلامًا عن العلامة السعد يدعي به أن أهل السنة الأشاعرة لا يقطعون بعد ورود الشرع بخلود الكافر في النار، ونص كلام السعد الذي نقله هكذا:
«وهاهنا بطلان ما وقع عليه الإجماع من القطع بخلود الكفار في النار؛ فإن غاية الأمر شهادة النصوص القاطعة بذلك، وإذا جاز الخُلْفُ لم يبق القطع إلا عند شرذمة لا يجوزون العفو عنهم في الحكمة على ما يشعر قوله تعالى: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ وغير ذلك من الآيات». انتهي ما نقله المرشدي من كلام السعد.
أقول: نقله هذا، بهذا الفهم السطحي السقيم دال على أنه لم يمر على علوم المعقول ولا الكلام أصلًا، إذ المتخصص المتقن الممارس لكلام المتقدمين والمتأخرين من الأشاعرة متى وقف على هذا الكلام بهذا الشكل المقطوع عن سياقه، مع تمكنه في العقائد، بل دعك من التمكن، بل من قرأ شرح الباجوري على الجوهرة ووقف جوابه بمنع تبديل القول في وعيد الكافر، بل دعك ممن قرأ، بل من كان مسلمًا عالما بضروريات الإسلام -تردد جدًا في نسبة هذا السخف والضلال الذي لا يقوله مسلم عامي إلى السعد، فيجيل نظره في المسألة وينظر سباقها ولحاقها، ليقف على المراد ويدفع التوهم والإيراد، ومن فعل ذلك علم أن سعد الملة والدين ليس من المتجاسرين على إنكار إجماع المسلمين ولا الخارجين عن سبيل المؤمنين.
وظهر له أيضًا أن كلام السعد ليس إلا دفعًا لما أجاب به الإمام الرازي من إلزام المعتزلة بحسن الكذب في إخبار الله إذا لزم منه مصلحة، كالعفو الذي هو غاية الإكرام، -بناء على قولهم بأن الكذب ممتنع عليه سبحانه لكونه قبيحًا- حيث قال أولًا:
«للإمام الرازي هاهنا جواب إلزامي و هو أن صدق كلامه لما كان عندنا أزليا، امتنع كذبه، لأن ما ثبت قدمه امتنع عدمه. و أما عندكم فإن امتنع كذبه لكونه قبيحا فلم قلتم: إن هذا الكذب قبيح، و قد توقف عليه العفو الذي هو غاية الكرم؟...».
ثم قال السعد بعد أن اورد كلام الإمام الرازي:
«ويمكن دفعه [أي دفع إلزم الإمام للمعتزلة] بأن الكذب في إخبار الله تعالى قبيح وإن تضمن وجوها من المصلحة، وتوقف عليه أنواع من الحسن؛ لما فيه من مفاسد لا تحصى ومطاعن في الإسلام لا تخفى».
ومن هذه المفاسد والمطاعن التي اوردها السعد هاهنا ما يلزم من هذا القول من بطلان ما أجمع المسلمون عليه من القطع بخلود الكفار في النار، قال السعد:
«يمكن دفعه بأن الكذب في إخبار الله تعالى قبيح وإن تضمن وجوها من المصلحة، وتوقف عليه أنواع من الحسن؛ لما فيه من مفاسد لا تحصى ومطاعن في الإسلام لا تخفى... وهاهنا بطلان ما وقع عليه الإجماع من القطع بخلود الكفار في النار...».
ولأجل تلك المفاسد والمطاعن بطل القول بحسن بعض صور الكذب، فكلام السعد كما ظهر ليس تقريرًا بعدم قطعية خلود الكافرين في النار كم يتوهم إبراهيم المرشدي بل دفع لكلام الإمام، مع أنه كلام ظاهر لا وجه فيه للتوهم!
لكن ماذا نفعل؟! إن عذرناه بأنه متخصص في الدعوة وأنه أجنبي عن علومنا، لم نعذره بكونه لا يعرف أمثال جوهرة التوحيد، وإن عذرناه بجهل كتب المبتدئين، لم نعذره بجهل ضروري من أوليات الإسلام! والعجيب المؤسف أن تجد بعض المشايخ يعلقون على هذا الهبل بالمدح والدعاء، وليس هذا إلا لأن كثير من هؤلاء اتخذوا أحبارهم ورهبانهم قطب الكون ومركزه يدور الحق حوله دوران طرف دائرة الرحى حول قطبها، وأنا لله وإنا إليه راجعون.
نسأل الله السلامة من تحريف عقائد المسلمين لتصحيح ضلالة أو بدعة.
«وهاهنا بطلان ما وقع عليه الإجماع من القطع بخلود الكفار في النار؛ فإن غاية الأمر شهادة النصوص القاطعة بذلك، وإذا جاز الخُلْفُ لم يبق القطع إلا عند شرذمة لا يجوزون العفو عنهم في الحكمة على ما يشعر قوله تعالى: أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ وغير ذلك من الآيات». انتهي ما نقله المرشدي من كلام السعد.
أقول: نقله هذا، بهذا الفهم السطحي السقيم دال على أنه لم يمر على علوم المعقول ولا الكلام أصلًا، إذ المتخصص المتقن الممارس لكلام المتقدمين والمتأخرين من الأشاعرة متى وقف على هذا الكلام بهذا الشكل المقطوع عن سياقه، مع تمكنه في العقائد، بل دعك من التمكن، بل من قرأ شرح الباجوري على الجوهرة ووقف جوابه بمنع تبديل القول في وعيد الكافر، بل دعك ممن قرأ، بل من كان مسلمًا عالما بضروريات الإسلام -تردد جدًا في نسبة هذا السخف والضلال الذي لا يقوله مسلم عامي إلى السعد، فيجيل نظره في المسألة وينظر سباقها ولحاقها، ليقف على المراد ويدفع التوهم والإيراد، ومن فعل ذلك علم أن سعد الملة والدين ليس من المتجاسرين على إنكار إجماع المسلمين ولا الخارجين عن سبيل المؤمنين.
وظهر له أيضًا أن كلام السعد ليس إلا دفعًا لما أجاب به الإمام الرازي من إلزام المعتزلة بحسن الكذب في إخبار الله إذا لزم منه مصلحة، كالعفو الذي هو غاية الإكرام، -بناء على قولهم بأن الكذب ممتنع عليه سبحانه لكونه قبيحًا- حيث قال أولًا:
«للإمام الرازي هاهنا جواب إلزامي و هو أن صدق كلامه لما كان عندنا أزليا، امتنع كذبه، لأن ما ثبت قدمه امتنع عدمه. و أما عندكم فإن امتنع كذبه لكونه قبيحا فلم قلتم: إن هذا الكذب قبيح، و قد توقف عليه العفو الذي هو غاية الكرم؟...».
ثم قال السعد بعد أن اورد كلام الإمام الرازي:
«ويمكن دفعه [أي دفع إلزم الإمام للمعتزلة] بأن الكذب في إخبار الله تعالى قبيح وإن تضمن وجوها من المصلحة، وتوقف عليه أنواع من الحسن؛ لما فيه من مفاسد لا تحصى ومطاعن في الإسلام لا تخفى».
ومن هذه المفاسد والمطاعن التي اوردها السعد هاهنا ما يلزم من هذا القول من بطلان ما أجمع المسلمون عليه من القطع بخلود الكفار في النار، قال السعد:
«يمكن دفعه بأن الكذب في إخبار الله تعالى قبيح وإن تضمن وجوها من المصلحة، وتوقف عليه أنواع من الحسن؛ لما فيه من مفاسد لا تحصى ومطاعن في الإسلام لا تخفى... وهاهنا بطلان ما وقع عليه الإجماع من القطع بخلود الكفار في النار...».
ولأجل تلك المفاسد والمطاعن بطل القول بحسن بعض صور الكذب، فكلام السعد كما ظهر ليس تقريرًا بعدم قطعية خلود الكافرين في النار كم يتوهم إبراهيم المرشدي بل دفع لكلام الإمام، مع أنه كلام ظاهر لا وجه فيه للتوهم!
لكن ماذا نفعل؟! إن عذرناه بأنه متخصص في الدعوة وأنه أجنبي عن علومنا، لم نعذره بكونه لا يعرف أمثال جوهرة التوحيد، وإن عذرناه بجهل كتب المبتدئين، لم نعذره بجهل ضروري من أوليات الإسلام! والعجيب المؤسف أن تجد بعض المشايخ يعلقون على هذا الهبل بالمدح والدعاء، وليس هذا إلا لأن كثير من هؤلاء اتخذوا أحبارهم ورهبانهم قطب الكون ومركزه يدور الحق حوله دوران طرف دائرة الرحى حول قطبها، وأنا لله وإنا إليه راجعون.
نسأل الله السلامة من تحريف عقائد المسلمين لتصحيح ضلالة أو بدعة.
حين يقول التفتازني: «أجمع المسلمون على خلود أهل الجنة في الجنة وخلود الكفار في النار».
ثم يقول بعد ذلك في دفع إلزام الإمام الرازي للمعتزلة بحسن الكذب في إخبار الله إذا لزم منه مصلحة:
«ويمكن دفعه بأن الكذب في إخبار الله تعالى قبيح وإن تضمن وجوها من المصلحة، وتوقف عليه أنواع من الحسن؛ لما فيه من مفاسد لا تحصى ومطاعن في الإسلام لا تخفى، منها:
- مقال الفلاسفة في المعاد و مجال الملاحدة في العناد.
- ومنها بطلان ما وقع عليه الإجماع من القطع بخلود الكفار في النار. فإن غاية الأمر شهادة النصوص القاطعة بذلك، وإذا جاز الخلف لم يبق القطع إلا عند شرذمة لا يجوزون العفو عنهم في الحكمة على ما يشعر قوله تعالى: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ وغير ذلك من الآيات، و وجه التفرقة أن العاصي قلما يخلو عن خوف عقاب، و رجاء رحمة، و غير ذلك من خيرات تقابل ما ارتكب من المعصية اتباعا للهوى، بخلاف الكافر. و أيضا الكفر مذهب، و المذهب يعتقد للأبد، و حرمته لا تحتمل الارتفاع أصلا. فكذلك عقوبته، بخلاف المعصية، فإنها لوقت الهوى و الشهوة، و أما من جوز العفو عقلا، و الكذب في الوعيد، إما قولا لجواز الكذب المتضمن لفعل الحسن، أو بأنه لا كذب بالنسبة إلى المستقبل، فمع صريح إخبار اللّه تعالى بأنه لا يعفو عن الكافر، و يخلده في النار. فجواز الخلف، و عدم وقوع مضمون هذا الخبر محتمل. و لما كان هذا باطلا، علم أن القول بجواز الكذب في إخبار اللّه تعالى باطل قطعا».اهـ
ثم أنت تفهم بعد ذلك أن الأشاعرة لا يقطعون بعد ورود الشرع بخلود الكافر في النار، بل وتكابر وتجادل المتخصصين في الفلسفة الإسلامية والمعقولات مع وضوحه وضوح الشمس فأنت حمار بليد الذهن لا تفهم!
ثم يقول بعد ذلك في دفع إلزام الإمام الرازي للمعتزلة بحسن الكذب في إخبار الله إذا لزم منه مصلحة:
«ويمكن دفعه بأن الكذب في إخبار الله تعالى قبيح وإن تضمن وجوها من المصلحة، وتوقف عليه أنواع من الحسن؛ لما فيه من مفاسد لا تحصى ومطاعن في الإسلام لا تخفى، منها:
- مقال الفلاسفة في المعاد و مجال الملاحدة في العناد.
- ومنها بطلان ما وقع عليه الإجماع من القطع بخلود الكفار في النار. فإن غاية الأمر شهادة النصوص القاطعة بذلك، وإذا جاز الخلف لم يبق القطع إلا عند شرذمة لا يجوزون العفو عنهم في الحكمة على ما يشعر قوله تعالى: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾ وغير ذلك من الآيات، و وجه التفرقة أن العاصي قلما يخلو عن خوف عقاب، و رجاء رحمة، و غير ذلك من خيرات تقابل ما ارتكب من المعصية اتباعا للهوى، بخلاف الكافر. و أيضا الكفر مذهب، و المذهب يعتقد للأبد، و حرمته لا تحتمل الارتفاع أصلا. فكذلك عقوبته، بخلاف المعصية، فإنها لوقت الهوى و الشهوة، و أما من جوز العفو عقلا، و الكذب في الوعيد، إما قولا لجواز الكذب المتضمن لفعل الحسن، أو بأنه لا كذب بالنسبة إلى المستقبل، فمع صريح إخبار اللّه تعالى بأنه لا يعفو عن الكافر، و يخلده في النار. فجواز الخلف، و عدم وقوع مضمون هذا الخبر محتمل. و لما كان هذا باطلا، علم أن القول بجواز الكذب في إخبار اللّه تعالى باطل قطعا».اهـ
ثم أنت تفهم بعد ذلك أن الأشاعرة لا يقطعون بعد ورود الشرع بخلود الكافر في النار، بل وتكابر وتجادل المتخصصين في الفلسفة الإسلامية والمعقولات مع وضوحه وضوح الشمس فأنت حمار بليد الذهن لا تفهم!