شوبنهاور - سيوران
23.8K subscribers
69 photos
2 videos
42 files
29 links
شوبنهاور سيوران: آلهة العدم والسوداوية.


للتواصل
@dan_mh

باروخ سبينوزا
@spinoza_2021
كامو
@Camus_Al
نيتشه
@Nietzsche1
دوستويفسكي
@Dostoyevsky_Kafka
كافكا
@kafka2022
Download Telegram
وهنا يرى شوبنهاور أن الإرادة تتجلى، من حيث إنها شيء في ذاته، في الفكرة "التصور أو التمثل" قبل أن تتجلى في كثرة من أشياء مفردة ؛من هنا فإن الإرادة هي جوهر وجود الإنسان ففيها يجد الإنسان، بالتأمل الباطن المباشر، الجوهر الباطن الحقيقي للإنسان، والذي لايمكن أن يفنى، وفي هذا المعنى تكون الإرادة هي، وفق شوبنهاور الشيء في ذاته ؛وهو يؤكد أولوية الإرادة على العقل وفي هذا قلباً للوضع الذي وضعنا فيه الفلاسفة حتى شوبنهاور، الذي يقول عن نفسه إنه أول من قال بالنزعة الإرادية التي تجعل من الإرادة الجوهر الحقيقي، بينما كان كل الفلاسفة ينظرون إلى العقل على أنه هو الجوهر.
والإرادة لا هدف لها ولا غاية تقف عندها، فهي رغبة غامضة ومجهود دائب لا يعرف الكلل أو التعب؛ فإذا اعترض طريق الإرادة معترض تولد عن ذلك "الشقاء"، وإذا تم لها ما تريد في اللحظة الحاضرة كانت السعادة، وهذه السعادة لا يمكن أن تدوم؛ لأن كل رغبة تنشأ عن نقص أو عن حالة لا ترضينا ؛وترتبط الرغبة بالشقاء طالما لم تصل إلى سد هذا النقص أو إشباع تلك الحاجة .
والواقع أن كل إشباع لرغباتنا هو بداية لرغبات أخرى جديدة ،وهكذا فلا وجود لحد تقف عنده الرغبة، ومن ثم لا حد ينتهي عنده الشقاء؛ وهنا يقول "شوبنهاور": "إن الشقاء يزداد حدة وشدة تبعاً للارتفاع في سلم الكائنات حتى يصل إلى أعلى درجاته عند الفرد العبقري ،وكلما نفذ الإنسان إلى أعماق الوجود؛ أدرك أن ماهيته الأصلية هي الشقاء، ورأى أن الوجود ما هو إلا سقوط مستمر في الموت"، ويمضى "شوبنهاور" في تصوير الحياة على هذه الصورة التشاؤمية، مما يؤكد أن خوفه من الحياة هو الذي دفعه إلى نشدان الخلاص في "النرفانا" أو العدم، فالحياة عنده ليست شيئاً إيجابياً؛ وإنما هروب من الموت، ومع ذلك فماذا تكون الحياة سوى الهروب من ذلك الموت نفسه ؟ وهذا الهروب يكون بقتل الوقت كما يقول العامة !
إذن فالشقاء لامهرب منه، وكل ألم يزول ليحتل غيره مكانه، ولكل فرد نصيبه المحدد من الشقاء وفقاً لطبيعته التي تتحدد مرة وإلى الأبد، والشقاء الذي يلاقيه الفرد في حياته لا تفرضه قوة خارجية؛ وإنما فطرته نفسها هي التي تحدد كمية الآلام التي سيتعرض لها طوال حياته، ولما كانت حياة الإنسان سلسلة من الحاجات والآلام التي تنتهي لتبدأ من جديد، إذن ليست السعادة شيئاً إيجابياً بل هي سلبية في ماهيتها، فلا وجود للسعادة في ذاتها؛ وإنما تأتى السعادة من إرضاء حاجة أو لنفي ألم من الآلام، لذلك فالألم شيء أولي وشرط ضروري لوجوب السعادة .

2
والغريب في أمر الإنسان - كما رأى شوبنهاور - أنه حينما لا يجد الصعاب يخترعها، وعندما يحيا في يسر يحاول أن يدخل في حياته التعقيد، وهذا ما نلاحظه في الشعوب التي سارت حياتها هينة لينة بما وهبتها الطبيعة من مناخ معتدل وأرض خصبة؛ فإن هذه الشعوب تخترع عالماً خيالياً بآلهته وشياطينه وقديسيه؛ لتقدم له الضحايا والقرابين والصلوات والاعترافات...إلخ، وخدمة هذا العالم الخيالي تملأ فراغ الحياة الواقعية وخلوها من الآلام والمتاعب، فتصبح كل حادثة من حوادث العالم نتيجة لعمل من أعمال تلك الكائنات المخترعة اختراعاً، هذه الصورة المظلمة التي يرسمها "شوبنهاور" لحياة الإنسان ليس فيها سوى نتيجة واحدة، وهي - كما يقول - "من الأفضل للإنسان أن يختار العدم، وأن يؤثر الموت على الحياة" ،وهذا هو معنى عبارة "هاملت": "أكون أو لا أكون"، وعبارة "هيرودوت" الخالدة : "ليس هناك إنسان لم يتمن أكثر من مرة ألا يأتي عليه الغد" ،ولو أن الموت -انتحاراً- معناه العدم المطلق لانتحر الناس جميعاً؛ لكن الانتحار لا يصلح ما أفسده الوجود، والعزاء الوحيد عما في الحياة من شر هو قصرها، وهذا أفضل ما فيها" !
ولا معنى للتفاؤل كما رأى "شوبنهاور"، ويكفي أن يتطلع أشد الناس تفاؤلاً على أماكن البؤس والتعاسة والمرض والقتال والجريمة ليروا إلى أي حد كان هذا العالم هو أفضل عالم ممكن، والمذاهب التي تدعو إلى التفاؤل ما هي إلا مذاهب لفظية خالية من المعنى تصدر عن رؤوس خالية من الذكاء، ولا أحد يظن أن الإيمان الدينى يدعو إلى التفاؤل، وإنما - على العكس من ذلك - يجعل الحياة والشر كلمتين مترادفتين !
لكن ما مصدر هذا التعلق بالحياة ؟ يرى "شوبنهاور" أن مصدر التعلق بالحياة ليس مبعثه العقل والتفكير، فقليل من التأمل كاف لإقناعنا بأن الحياة ليست خليقة بشيء من الحب، وليس من المؤكد أن الوجود خير من اللاوجود، والحياة خير من الموت، ولو استطعت أن تسعى إلى قبور الموتى وتقرع أبوابها سائلاً إياهم :
هل تريدون العودة إلى الحياة ؟ إذن لرأيتهم ينفضون إليك رؤوسهم رافضين العودة !
إن هذا التعلق بالحياة - فيما يرى شوبنهاور- حركة عمياء غير عاقلة، ولا تفسير لها إلا أن كياننا كله إرادة للحياة الخالصة، والحياة - تبعاً لذلك- يمكن أن تعد الخير الأسمى، مهما يكن من مرارتها وقصرها واضطرابها، والإرادة في ذاتها وبطبيعتها عمياء خالية من كل عقل ومعرفة، أما المعرفة فعلى العكس من ذلك أبعد ما تكون عن هذا التعلق بالحياة؛ لأنها تكشف لنا عما لهذه الحياة من ضآلة وهشاشة، ولهذا تحارب الخوف من الموت، ويتناول "شوبنهاور" مشكلة الموت، فيقرر أن "الموت" لا يصيب إرادة الحياة؛ وإنما يتعلق بمظاهرها العرضية الزائلة كي يحددها باستمرار؛ أما إرادة الحياة فخالدة أبد الدهر، والطبيعة قد ضمنت لها الخلود بواسطة أداة قوية تلعب الدور الأكبر في الحياة العضوية ،وهذه الإرادة هي "الغريزة الجنسية" ففيها مظهر من أوضح مظاهر تأكيد إرادة الحياة نفسها؛ لأن معناها هو أن الطبيعة مهمومة بحفظ النوع باستمرار، وأن في شدة هذه الغريزة وكونها "أقوى الغرائز" ما يدل بوضوح على أن إرادة الحياة هي سر الأسرار في الطبيعة.


3

شوبنهاور
"أمام كل هذه الآلام والكوارث ألا يكون التفاؤل سخرية من ويلات البشر؟!

—آرثر #شوبنهاور
هناك تجارب لا يمكننا البقاء على قيد الحياة بعد انتهائها . تجارب نشعر إثرها أنه لن يعود هناك معنى لأي شيء بعد بلوغ تخوم الحياة .
فبعد أن نكون قد عشنا كل ممكنات الاقاصي الخطرة بغيظ، تفقد الأفعال والحركات كل سحرها، كل فتنتها. فإذا استمررنا في الحياة وقتها فلن يكون ذلك إلا بمِنِة الكتابة، والتي حين نجعلها موضوعية تخفف هذا التوتر اللامحدود !

إميل #سيوران من كتاب : على مرتفعات اليأس.
في النهاية، إذا أظهرنا للجميع المعاناة و الآلام الرهيبة التي قد نتعرض لها خلال حياتنا ، سيصابون بالرعب حتماً.
إذا قمنا باصطحاب أقوى وأكثر المتفائلين في هذا العالم الى المستشفيات والمستوصفات ومسارح العمليات و عبر السجون وغرف التعذيب وحفر العبيد، إلى ساحات القتال وأماكن الإعدام ؛ إذا فتحنا لهم كل أماكن البؤس المظلمة و إذا كان علينا السماح لهم بإلقاء نظرة خاطفة على زنزانة "أوجولينو" حيث هناك سجناء يتضورون جوعاً حتى الموت، فسوف يرون في النهاية و بكل تأكيد، أي نوع من العالم هذا .
هل هو أفضل العوالم الممكنة على الإطلاق كما يعتقد المتفائلون ؟
و إلا من أين حصل "دانتي" على المواد اللازمة لصنع جحيمه، إن لم تكن من عالمنا الحقيقي هذا ؟

- آرثر #شوبنهاور/ من كتاب " Le Monde comme volonté et comme représentation"
‏"الفرق بيني وبين الآخرين : لقد متُّ مرّاتٍ لا حصر لها، أمّا هم فلم يموتوا قَطّ."

- إميل #سيوران
إقرأوا علي الوردي بتمعن.. فقد شخَّص أمراض العرب وسبب تراجعهم وتناحرهم كلها حينما حلل شخصية الفرد العربي عامة والعراقي خاصةً..

في هذه القناة جميع مؤلفاته ومقالاته وبعضٍ من أقواله
.

https://t.me/Ali_AlWardi
‏"أُسْلِّمُ نفسي إلى الفراغ كدموع أعمى."

- إميل #سيوران
" الرغبة في المجد هي سمة أساسية للشيخوخة. كما أن لكل عصر شغفه و دافعه، بهدف الاتجاه صوب "إرادة الحياة"
في الشباب هي الحب و أوهامه، في منتصف العمر تكون القوة والاستحواذ و في الشيخوخة هي المجد و التقدير.
هذا ما يبقى لكبار السن عندم
ا تهدأ أو تموت كل الرغبات الأخرى. حتى في أكثر المواقف تواضعًا ، فإنهم يحبون التباهي بما فعلوه في السابق ؛ ومن هو الذي لم يمض يومًا في حياته يفعل شيئًا ولا يتفاخر به؟ ".

- أرثر #شوبنهاور/ من كتاب "Pensées et fragments"
-ترجمة Abdelhafid Bensaid
‏"أرى نفسي شريراً مثل الجميع، ولكنني لستُ سبباً في معاناة أحد."

- إميل #سيوران
" لا يمر وقت ولا تمضي لحظة دون أن تؤكد لنا التجارب المتتالية بأن السعادة واللذة سراب، سراب إذا اقتربت منه لن تجد شيئاً. وبالمقابل، المعاناة والألم أمران واقعيان، مباشران، ولا يحتاجان إلى وسيط، ولا يَعِدان بالوهم ولا بما سينتج عنه الإنتظار. وأكبر دليل على أن المرء استخلص ما يكفي من الدروس من هذه التجارب، هو توقفه الفوري عن الركض وراء السعادة واللذة وابتعاده، ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، عن كل صنوف الألم والمعاناة. عندئذ فقط، يدرك المرء إدراكاً جازماً بأن أفضل ما يمكن لهذا العالم أن يهبه هو حياة خالية من المعاناة، حياة هادئة، حياة قابلة للتحمل"

آرثر #شوبنهاور / كتاب: فن العيش الحكيم.
‏"لإتقَانِ الحُزن، تِلكَ الحِرفَةُ اليَدَوِيّة المُتَعَلِقَةُ بِمَا هُو ضَبَابِي، بَعضُهُم يَحتَاجُ إلى ثَانِيَةً وَبَعضَهُم يَحتَاجُ إلى حَيَاةً كَامِلة."

المياه كلها بلون الغرق - إميل #سيوران
‏"الفكرة المُتجلّية، الفكرة الخالصة، هي ألدّ أعداء النوم."

- إميل #سيوران
‏"أردتُ أن أستقر في الزمن فإذا هو غير قابل للسكنى. وحين التفتّ إلى الخلود، زلّت بي القدَم."

إميل #سيوران - المياة كلها بلون الغرق
أرتور شوبنهاور.. الإقصاء من صخب العالم
- شوقي بن حسن


يرقد شوبنهاور في الـ"فرانكفورتر هوبت فريدهوف" (المقبرة الرئيسية لمدينة فرانكفورت). وكمعظم الفلاسفة، وبقية الأعلام من الموسيقيين والرسامين والأدباء والسياسيين، تُرجِّح أن يكون الوصول إلى ضريحه يسيراً. لكن الحال ليس كذلك مع شوبنهاور، ولك أن تتساءل وقتها: هل الأمر متعمّد؟ هل توجد رغبة - ربما لاواعية - بمحاولة إخفاء أثر فيلسوف كان يثير الرعب في النفوس البشرية؟ ألم يحدث معه الأمر ذاته حين يكتب تاريخ الفلسفة؟

لن تجد وأنت تبحث عن مكان القبر ما يدلّك من الإشارات، وستجد الكثير من القبور الفخمة، فتقول لا بد أن يكون شوبنهاور صاحب أحدها ثم تقرأ اسماً آخر، وفي التعريف ستجد أن صاحب القبر كان مدير بنك أو صاحب شركة، وحتى إن سألت عمّال البلدية الذين كانوا يكنسون أوراق الخريف فإن اسم أرتور شوبنهاور لا يعني لهم شيئاً. ولم يبق بعد ذلك سوى اختراع منهجية هندسية لمسح المقبرة والعثور على ضريح صاحب "العالم كإرادة وتمثّل".

أخيراً، ستقف أمام ضريح مسوّى بالأرض تقريباً، محفور فيه اسم الفيلسوف الألماني في الحجر، ولا بدّ من تدقيق النظر كي تقرأ: أرتور شوبنهاور مكتوبة بأسلوب قوطيّ، فتفرح بأنّ العراقيل المنصوبة حول الفيلسوف لم تحل دون أن تجد ضالتك. صحيح أن المكان يشبه حديقة صغيرة مسيّجة داخل المقبرة، ولكن لا شيء يدلّ على أن الرجل الذي تستقر رفاته تحت الحجر علم من أعلام الفكر.

أذكر أنني قرأتُ عن شوبنهاور بأنه كان يخشى أن تتحوّل أفكاره إلى دروس، لأنه كان يحدس أن مهمّة إلقائها ستكون على عاتق بعض الأكاديميين الذين جعلوا من المعرفة مجرّد وظيفة، وهؤلاء سيسيئون نقلها إلى عقول الشباب بالتأكيد. من هذا المنظور، لن يتألّم الفيلسوف لأن قليلين يأتون لزيارته، عكس فلاسفة آخرين من نفس عصره يحجّ الناس إلى أضرحتهم، مثل هيغل وماركس، ويلتقطون هناك الصور التذكارية. الأرجح أنه مرتاح لهذا الوضع، كما كان مرتاحاً لعقود من العزلة قضاها يكتب ويتأمّل بعيداً عن صخب الحياة الثقافية والجامعية.

فضّل شوبنهاور السكينة والعزلة طوال حياته، إذن فإن ما يحدث حول قبره يبدو مثل تنفيذ وصيّة. بالتأكيد لن يستسيغ أن يجد اسمه اليوم ضمن الخريطة السياحية لمدينة فرانكفورت، كما هو الحال مع غوته. لقد سبق أن لفظ شوبنهاور حياة القصور الباذخة، ورفض المستقبل الذي أعدّه له والده كتاجر، ثمّ ترك النجومية المعرفية غير آسف. ما يهمّه هو الذهاب بأفكاره إلى مداها، وحين لاحقها وجد نفسه في مواجهة الحقائق الأليمة لسكنى العالم، وبدأ في تفريغ ذلك بمفردات الفلسفة.

كان إحضار تلك "الحقائق" إلى الحياة اليومية للبشر نوعاً من الإزعاج. يرى شوبنهاور في أمجاد الحرب والعلم مجرّد ترتيب ديكوري للأشياء، لا يقوم على أي منطق. ويرى الحياة العامة معركة بين تماسيح وكلاب وسلاحف. ويرى في معظم القيم، من العدالة إلى الحب، أوهاماً مضلّلة.

كيف يقبل الناس من يقول لهم إن الحياة تنوس بين المعاناة والملل. بالنسبة له، كانت المسألة بسيطة وواضحة؛ ما رغبنا في شيء إلا وعشنا معه ألم الحرمان، وما إن نلبّي رغبتنا حتى تزول الشرارة التي تحرّكنا فنقع في الملل. حتى لو كانت تلك هي الحقيقة بمعايير العقل والمنطق، فالناس في حاجة إلى وهم يلطّف الواقع الذي يعيشونه، ولذا فإن صوت شوبنهاور غير مرحّب به.

أن يكون صوت الفيلسوف مقصياً من الحياة العامة فذلك أمر غير نادر، لكن شوبنهاور كان مقصياً أيضاً من الحياة الفكرية. تقريباً مطروداً من كل مكان. التقى في ذلك قرار الجماعة وقراره الذاتي. كان يسخر علانية من فلاسفة عصره، ومنهم هيغل الذي حوّله إلى عدو شخصيّ، وكذلك فيشته وشيلنغ. لم يكن يعترف من المعاصرين إلا بالفيلسوف كانط، واعتبر بأنه وريثه الوحيد، وهو ما جلب له عداء الكانطيين ودارت معهم معارك فكرية ضارية كانوا يتهمون فيها شوبنهاور باستعمال مفاهيم كانط في دلالات بعيدة عن مراد صاحب "نقد العقل المحض"، أما هو فكان يردّ عليهم بأنهم يتخبّطون في سوء فهم مزمن، ليس لكانط وحده، بل للفلسفة في مجملها.

قد يوحي هذا الإقصاء من الفضاء العمومي للثقافة في النصف الأول من القرن التاسع عشر بأن شوبنهاور قد خسر معاركه، لكن الخروج من تلك الحقبة الزمنية أظهر أنه أكثر المفكّرين تأثيراً. بدأ الأمر مع فريدريك نيتشه وريشار فاغنر في ألمانيا، ثم ظهر الأثر الشوبنهاوري في دوائر أوسع؛ في أدب الروسيين فيودور دوستويوفسكي وليون تولستوي، والفرنسي إيميل زولا، والأرجنتيني خورخي لويس بورخس، وأقام فرويد وبرغسون نظرياتهم حول مفاهيم شوبنهاور؛ إذ وجدوا أن إمكانية قول شيء فكري جديد يمرّ عبر الخروج من تتبّع الجذر الرئيسي للفلسفة، وخارجه كان شوبنهاور ينتظرهم بمفاهيم الإرادة والفردانية والشعور بالآخر والحدس.

1
هكذا فشلت كل المحاولات من أجل إقصاء الأفكار المزعجة. باتت كوابيس شوبنهاور الفكرية هي العملة الثقافية الرائجة بعد رحيله، ومن ثمّ بدا كأحد آباء القرن العشرين. لقد كُذّب شوبنهاور حين أشار إلى الوحشية العميقة التي تكمن في النفوس البشرية، وأرجع ذلك إلى حالة قصوى من "كره البشر"، لكنّ حروب أوروبا في الداخل والخارج كانت تؤكّد على أن الفيلسوف الألماني لم يكن ينطق عن الهوى، وكان أولى أن يُنظر إلى فكره بجدية أكبر فلا يختزل في "فلسفة للتشاؤم". لكأنها قبره الذي يحبّ كثيرون أن يضعوه فيه.

ربما علينا اليوم أن نتصالح مع تشاؤم شوبنهاور، فداخله توجد إشارات إلى حقائق تعمل البشرية على إنكارها، ولا ينفع في ذلك إقصاء مفكّر أو شاعر يجهر بما يرى. شوبنهاور المنسيُّ في تربةٍ في فرانكفورت لا يزال ينهض من حين إلى آخر مذكّراً بما رأى. وما تزال الهواجس والمخاوف تعمل بكل طاقتها من حولنا، وبالتالي فهي تستدعيه رغم جهود تناسيه، وفي كل مرة ينتفض شوبنهاور ويزول عنه القبرُ والكفنُ.

2
أرثر #شوبنهاور
كان من السهل أن نتأقلم مع الأحزان لولا أنها تجهز على العقل والكبد!

إميل #سيوران
الوعي لعنة مُزمنة، كارثة مَهولة، إنه منفانا الحقيقي، فالجهل وطن، والوعي منفى.،!

إميل #سيوران
‏رأي (آرثر #شوبنهاور) في فلسفة (هيغل)

’’إنّ الأفكَارَ الأسَاسِيَةَ لِفَلسَفَةِ هِيغَل هيَ الوَهمُ الأسخَف، عَالَمٌ مَقلُوبٌ رأساً على عَقِب، تَهرِيجٌ فَلسَفِي، أمَا مَضَامِينُهَا فَهِيَ التَمَظهُر الأجوَف والأشَدُ خَوَاءً لِلكَلِمَات حِينَ يَنْطِقُ بِهَا المُغَفَلُون. ‘‘