قصص الأنبياء و السيرة النبوية و أحداث نهاية البداية و الخلفاء الراشدين بقلم إيمان شلبي بالعامية🌴
30K subscribers
125 photos
13 files
1.03K links
prophets_stories
Download Telegram
#الخلفاء_الراشدون_إيمان_شلبي
#سيرة_أبو_بكر_وعمر
#الحلقة_الرابعة_عشرة
#خطبة_أبي_بكر_وأصول_الولاية_العامة_في_الإسلام

كنا قلنا في الحلقة الثانية عشرة إن أبا بكر رضي الله ذهب في اليوم التالي لبيعة السقيفة إلى مسجد رسول الله ﷺ وصعد المنبر وجلس عليه،
وقام عمر رضي الله عنه يخطب في الناس فتكلم قبل ما يتكلم أبو بكر وبعدين حصلت البيعة العامة لأبي بكر رضي الله عنه،
بعد البيعة صعد أبو بكر للمنبر وبدأ يخطب في الناس فحمد اللهَ وأثنى عليه بما هو أهلُه ثم قال:
"أما بعد أيها الناسُ فإني قد وُلِّيتُ عليكم ولستُ بخيرِكم،
فإن أحسنتُ فأَعِينوني وإن أسأتُ فقوِّموني،
الصدقُ أمانةٌ والكذبُ خيانةٌ،
والضعيفُ منكم قويٌّ عندي حتى أزيحَ عِلَّتَه إن شاء اللهُ والقويُّ فيكم ضعيفٌ حتى آخذَ منه الحقَّ إن شاء اللهُ،
لا يدعُ قومٌ الجهادَ في سبيل اللهِ إلا ضربَهم اللهُ بالذُّلِّ،
ولا يُشِيعُ قومٌ قطُّ الفاحشةَ إلا عمَّهم اللهُ بالبلاء،
أَطيعوني ما أَطعتُ اللهَ ورسولَه فإذا عصيتُ اللهَ ورسولَه فلا طاعةَ لي عليكم، قوموا إلى صلاتِكم يرحمْكم اللهُ"
《إسناده صحيح》

مع إن خطبة أبي بكر رضي الله عنه كانت قصيرة وموجزة لكنها كانت بليغة وهادفة واشتملت على أصول الولاية العامة في الإسلام، يعني كان فيها القواعد إللي بيتبنى عليها تولي الخليفة حكم المسلمين، يعني هي منهج كامل في الحُكم👌
وهو كمان بيضع قاعدة مهمة من خلال إلقائه لخطبته وهي إن أي واحد يتولَّى أمرًا من أمور المسلمين لازم يُبيِّن لهم الخطَّة إللي هيمشي عليها ويتّبعها خلال حكمه.

تعالوا كده نشرح خطبته رضي الله عنه ونشوف سياسته في الحكم والأصول الصحيحة للحكم في الإسلام💁

¤أول حاجة قالها رضي الله عنه:
《إني قد وُلِّيتُ عليكم ولستُ بخيرِكم》
يعني بيقول أنه مطلبش الخلافة لنفسه ولكن أهل الشورى هم إللي اختاروه يعني الموضوع تم بالمشاورة والاتفاق وليس بالإكراه أو القوة،
وبعد كده عامة المسلمين وافقوا على الاختيار ده وبايعتوني بالخلافة مع إني مش أحسن واحد فيكم،
وطبعا هذا مِن تَواضُعِه وحُسن أخلاقِه رضي الله عنه وإلا فهو أفضل الناس بعد رسول الله ﷺ زي ما قلنا قبل كده،
فالصديق رضي الله عنه وأرضاه يضع قاعدة هامة لكل مَن يتولى أمراً للمسلمين وبيقول له:《لا تتكبر》👌
فالكِبر مُهلِك، يُهلك الأمة كلها، سواء كان الكِبر في الحاكم أو الهيئة الحاكمة.

ومن خلال أول جملة قالها دي هنستخرج أول أصلين من أصول الولاية العامة في الإسلام وهما:
1️⃣ مفيش أحد له حقَّ في ولاية أمر من أمور الناس إلا إذا الناس نفسهم قاموا بتولية الشخص ده،
يعني الأمة هي صاحبة الحق والسلطة في الولاية والعزل، فلا يتولَّى أحد أمرها إلا برضاها، فلا يُوَرّث الحكم ولا يُؤخَذ بالغصب ولا بالخداع👌
طبعا احنا عارفين إن الواقع غير كده بس هنعمل إيه🤷

2️⃣ الشخص الذي يتولَّى أمرًا من أمور الأمة يكون أكفؤها فيه لا خيرها في سلوكه،
بمعنى إن لو مثلا كان في شخص صوّام قوّام وعلى درجة عالية من الأخلاق لكنه معندوش خبرة ولا كفاءة في إدارة شركة أو مصنع مثلا، وفي واحد تاني أكثر منه خبرة وكفاءة ولكنه أقل منه في الطاعات،
فهنا يُقدم الأكثر كفاءة وخبرة على غيره👌
فالحاكم إللي أقل في الفضل وعنده خبرة وكفاءة في حكم المسلمين يُقدم على غيره حتى لو كان غيره أفضل منه ولكنه أقل في الكفاءة👌

¤ثاني حاجة قالها أبو بكر في خطبته:
《فإن أحسنتُ فأَعِينوني وإن أسأتُ فقوِّموني》
يعني بيقول لو أنا عملت حاجة كويسة ساعدوني إني أستمر عليها، ولو أخطأت عَدِّلوا خَطئِي بحُسنِ النُّصحِ والمشورةِ،
فهو هنا بيوضح العلاقة بين الحاكم والمحكوم وإنهم طرفين في منظومة واحدة هدفها الوصول إلى الحق وإلى الصواب وإلى الخير،
مش إن العلاقة بينهم علاقة تنافسية أو علاقة استعباد أو علاقة تقوم على الحذر والرعب والإرهاب والخوف زي ماهو حاصل دلوقتي في زماننا😓
فالمطلوب من الحاكم أن يُحسن، لكنه في النهاية بشر مُعرّض للخطأ، فممكن يجتهد ويختار رأي خطأ، فهنا هيحتاج للي ينصحه ويرشده للصواب وده دور المحكومين💁
فالحاكم إذا اجتهد فأصاب أعانه شعبه بكل طاقته،
وإذا اجتهد فأخطأ فعلى الشعب التوجيه والتقويم والإرشاد، وعلى الحاكم أن يقبل النصيحة في غير ضجر ولا غضب ولا...ولا....👌

وكمان من خلال كلام أبي بكر رضي الله عنه يظهر أهمية الشورى، فالحاكم مهما بلغت درجة ذكائه وفطنته وورعه وتقواه فهو يحتاج إلى الآخرين،
مش بس محتاجهم في النصيحة لكن كمان في أخذ القرار وتنفيذه،
ودائماً يجعل الله البركة في الجماعة وفي الشورى👌

وهنا نقدر نستخرج ثلاثة أصول أخرى من أصول الولاية العامة في الإسلام وهي:
3️⃣الأمة لها الحق في مراقبة أداء أُولي الأمر من حيث الإصلاح أو الإفساد، لأنَّ الناس هم مصدر سلطة الحاكم وصاحبة النظر في ولايتهم وعزلهم، يعني لو الناس لم تختر الحاكم ده مكنش جاء للحكم من الأول🤷
4️⃣حقُّ الحاكم على الأمة فيما تبذله له من عون،
يعني الحاكم من حقه إن الناس يساعدوه ويؤيدوه في الحاجات الكويسة إللي بيعملها، فهم شركاء معه في المسؤولية.

5️⃣حقُّ الوالي على الأمة في نصحه وإرشاده،
يعني كذلك من حق الحاكم على الناس إنهم يدلوه ويرشدوه إلى الحق إذا أخطأ أو ابتعد عن طريق الحق،
وبالتالي لهم الحق في مناقشة أولي الأمر، ومحاسبتهم على أعمالهم، وإنهم يعملوا إللي الناس عايزينه وفيه مصلحتهم مش العكس👌

¤ثالث حاجة قالها الصديق في خطبته:
《الصدقُ أمانةٌ والكذبُ خيانةٌ》
شوفوا،
المجتمع كله لا يكون متماسك إلا على أساسٍ من الصدق،
أمَّا المجتمع إللي الكل بيكذب فيه فهو مجتمعٌ مُمَزَّقٌ؛ لأنَّ الكلَّ يخون الكلَّ🤷
عشان كده وضح أبو بكر رضي الله عنه أهمية الصدق وأنه أمانة يجب الحفاظ عليها، وإنه مش هيكذب عليهم وهيكون صادق معاهم؛
لأن إللي يفقد الصدق؛ يفقد الأمانة وإللي يفقد الأمانة؛ يفقد دينه👌
قال رسول الله ﷺ:
"لا إيمانَ لِمَن لا أمانةَ له، ولا دِينَ لِمن لا عهدَ له"
《صحيح الترغيب》

وقال إن الكذب خيانة ومش من صفات المؤمن الكذب، فرسول الله ﷺ قال:
"آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ"
《صحيح البخاري》
وفي حديث تاني فيه《ضعف》لكنه بيوضح المعنى أكثر، الحديث بيقول: كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحَدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ بِهِ مُصَدِّقٌ، وَأَنْتَ لَهُ بِهِ كَاذِبٌ"《رواه أبو داود》
فإذا كذبَ الحاكم على الناس فقد خانهم، وإذا كَذَبَ الناس على الحاكم فقد خانوه،
فلو قام الحكم على الكذب والتصريحات الخادعة والإعلام الكاذب إللي بيخدع الناس فلا أمل في قيام أي دولة، بالعكس هتلاقوا الاقتصاد بتاعها اتدمر ونسبة الفقر زادت😕
فالمصارحة بين الحاكم وشعبه وعدم الكذب أساس رئيسي من أُسس الحكم في الإسلام، وركن لا بديل عنه لضمان علو الأمة ورُقيّها👌

¤رابع حاجة قالها أبو بكر رضي الله عنه:
《والضعيفُ منكم قويٌّ عندي حتى أزيحَ عِلَّتَه إن شاء اللهُ والقويُّ فيكم ضعيفٌ حتى آخذَ منه الحقَّ 》
أبو بكر رضي الله عنه بيقول لنا قاعدة مهمة جدا في بناء الأمم وفي قيادة الشعوب وهي قاعدة:
《العدل》، فلا تقوم أمة بغير العدل،
واحنا كلنا تقريبا عارفين كلام شيخ الإسلام ابن تيمية لما قال:
"إنَّ اللَّهَ يُقِيمُ الدَّوْلَةَ الْعَادِلَةَ وَإِنْ كَانَتْ كَافِرَةً؛ وَلَا يُقِيمُ الظَّالِمَةَ وَإِنْ كَانَتْ مُسْلِمَةً"《مجموع الفتاوى》
وأبو بكر أخذ منهجه في العدل من حديث رسول الله ﷺ:
"إنَّما أهْلَكَ النَّاسَ قَبْلَكُمْ: أنَّهُمْ كانُوا إذا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وإذا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أقامُوا عليه الحَدَّ،
والذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لو أنَّ فاطِمَةَ بنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ، لَقَطَعْتُ يَدَها"《صحيح البخاري》
يعني رسول الله ﷺ بيقول إن من أسباب هلاك الناس قبلكم هو الظلم؛ لأنهم كانوا مش بيعاقبوا الشريف أو الرئيس أو حد له مكانة عالية لما بيغلط ومش بيقيموا عليه الحد،
أما بقى لو واحد ضعيف وَضِيع ملوش شرف ولا له حد يسند عليه ولا أَتْباع؛ أقاموا عليه الحد👌
وضرب لهم مثال عملي على إقامته للعدل ﷺ بإنه قال إن فاطمة ابنته التي هي أشرف الناس نسبا لو أنها سرقت مش هيمنعها شرفها ونسبها أو حتى حبه لها من إنه يقيم عليها حد السرقة👌

☆وطبعا احنا اتكلمنا عن القصة دي بالتفصيل في الحلقة مائة وتسعة وستون من السيرة النبوية للي عايز يرجع لها.

فمفيش واسطة في العدل، ولا اعتبار لقرابة أو لمنصب أو لمال أو لمُلك، فالاعتبار الوحيد هو العدل حتى لو كان مع شخص تكرهه،
ربنا قال:
"وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى"《سورة المائدة آية(8)》
يعني مش معنى إنك بتكره واحد يبقى تظلمه، لأ، خليك عادل معاه في القول والفعل فإن عدم العدل في الأقوال والأحكام يتنافى مع تعاليم دين الإسلام الذي آمنت به👌
فمحدش يفكر إنه عشان ضعيف معندوش مال ولا منصب إنه مش هياخد حقه،
ولا واحد تاني قوي يفكر إن منصبه أو ماله مديله حَصانة ومحدش يقدر ياخد منه حقه،
فكل واحد هياخد حقه سواء كان ضعيف أو قوي👌

ومن جملة أبي بكر هنستخرج كمان ثلاثة أصول أخرى من أصول الولاية العامة في الإسلام:
6️⃣ الناس كلُّهم سواء أمام القانون فكل واحد حقه محفوظ، مفيش فرق بين قويِّهم وضعيفهم، فيُطبق القانون على القوي دون رهبة لقوته، وعلى الضعيف دون رِقَّة لضعفه.

7️⃣التوازن بين طبقات الأمة عند حفظ الحقوق،
يعني لما يُؤخذ الحقُّ من القويِّ لا يُقسَى عليه بحجة إنه قوي، يعني لا يُتعدَّى عليه مثلا ولا نتعامل معاه بقسوة حتى يضعف وينكسر ويذل،
وكذلك الضعيف، لما يُعطى حقَّه لا يُدلَّل لضعفه، فيقوم يطغَى على القوي وينقلب معتديًا على غيره،
فلازم يكون في توازن حتى في العدل واسترداد الحقوق من القوي والضعيف👌
¤خامس حاجة قالها أبو بكر:
《لا يدعُ قومٌ الجهادَ في سبيل اللهِ إلا ضربَهم اللهُ بالذُّلِّ》
يعني بيقول لهم إن حركة الجهاد لن تتوقف بعد موت رسول الله ﷺ بل هي مستمرة؛ لأن إللي يترك الجِهادَ في سَبيلِ اللهِ ونشْرِ دَعوتِه يعاقبه الله بإنه يكون ذليل لعدوه؛
لأنه لما يترك الجهاد والدعوة فده معناه إنه أقْبَل على الدُّنيا وبقت هي همه وغايته👌
وطبعا أبو بكر تعلم معنى التمسك بالجهاد من حديث رسول الله ﷺ الذي لا ينطق عن الهوى لما قال:
"إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ، سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ"
《صحيح أبي داود》
والحديث معناه إن المسلمين لو تعاملوا《بالعينة》وهو نوع من أنواع الربا، واشتغلوا بالحرث ورضيوا بالزرع وقالوا احنا هنزرع ونبني لحد ما بقى ده كل همهم وانشغلوا بالدنيا لدرجة إنهم تركوا طاعة الله ومرضاته وخصوصا الجهاد في سبيله؛
كانت النتيجة أن الله يعاقبهم بالذل والمهانة فيكونوا أذلة أمام أعدائهم ليس لهم أي قيمة،
والذل ده هيستمر عليهم حتى يرجعوا إلى إقامة الدين كما أراد الله عز وجل، فيطيعوا الله في أوامره، ويجتنبوا ما نهاهم الله عنه، ويقدموا الآخرة على الدنيا، ويجاهدوا في سبيل الله👌
فالأمة الناجحة لازم هيقابلها أعداء، والحق دايما أمامه باطل يحاربه وعايز يقضي عليه، فبالتالي الحق هيكون محتاج قوة تحميه، فكان ده من أسباب وجود الجهاد في سبيل الله.

¤سادس حاجة قالها أبو بكر رضي الله عنه:
《ولا يُشِيعُ قومٌ قطُّ الفاحشةَ إلا عمَّهم اللهُ بالبلاء》
يعني بيقول لهم إن قضية الأخلاق من أولوياتي؛ لأن مفيش قوم ينشروا الفاحشة إلا انتشرت فيهم الأمراض والمصائب والكوارث،
والفاحشة هي كل شيء زادت شناعته، يعني حاجة غلط جدا سواء فعل أو كلام، زي الزِّنا واللِّواطَ، وشُربَ الخمْرِ، والكلام في الأعراض وغيرها من الفواحش،
فهو هنا رضي الله عنه بيحذرهم من الذنوب وانتشارها وأد إيه هي مُهلكة👌
وهتلاقوا إن في القرآن اتكرر سبب هلاك الأمم السابقة إللي هو الذنوب والمعاصي، فمثلا ربنا قال:
"أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ [فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ] وَأَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ"《الأنعام آية(6)》
فبعد ما كانوا في قمة التمكين؛ ربنا أهلكهم بسبب ذنوبهم،
فالأمة التي تنتشر فيها الذنوب والميوعة والخلاعة والفاحشة لا تقوم لها قائمة وينتشر فيها المصائب والكوارث والأمراض ويتسلط عليهم الحكام الظلمة👌
حتى رسول الله ﷺ قال:
"لم تَظْهَرِ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ؛ حتى يُعْلِنُوا بها؛ إلا فَشَا فيهِمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ مَضَتْ في أسلافِهِم الذين مَضَوْا"
《صحيح الجامع》
زي مثلا ما ظهر الإيدز والكورونا وجدري القرود وغيرها وكل ده مكنش موجود قبل كده👌

¤آخر حاجة قالها أبو بكر في خطبته وهي أساس جامع لكل شيء:
《أَطيعوني ما أَطعتُ اللهَ ورسولَه فإذا عصيتُ اللهَ ورسولَه فلا طاعةَ لي عليكم》
الجملة دي أو خلونا نقول القاعدة دي بتحدد لنا المرجعية التي بها نُعرّف كل حاجة قالها قبلها،
يعني مثلا مين إللي يقدر يوضح الفرق بين العدل والظلم، وبين الكبر والتواضع، وبين الصدق والكذب، وبين الجهاد والقعود، وبين الأفعال الحميدة والآثام القبيحة؟
ممكن شخص يشوف فعل معين ظلم، في حين إن واحد تاني يشوف نفس الفعل عدل، أو يشوف إن فعل معين ده ذنب وفاحشة وواحد تاني يقول لأ دي حرية شخصية، طيب مين إللي يَفصل في الكلام ده؟!
القرآن والسنة👌
فأبو بكر هنا يحدد ببساطة المرجعية للحاكم وللأمة، والمرجعية دي لا تكون إلا لله عز وجل ولرسوله الكريم ﷺ،
فالناس لا تطيع أبا بكر لذاته هو، لكنهم يطيعون الله باتِّباع الشرع الذي وضعه لهم، فهو مكلف من الناس بتنفيذ الشرع ده على نفسه وعليهم، فإذا عصى وخالف؛ لا ينفذوا أوامره المخالفة لشرع الله.

وبكده انتهت خطبة أبي بكر البسيطة إللي جمع فيها أصول قيام دولة الإسلام👌

تعالوا كده نلخص الأصول دي سريعا:

1️⃣ لا يتولى أحد أمور الناس إلا برضاهم.

2️⃣الشخص الكُفؤ هو الذي يتولَّى أمر المسلمين

3️⃣الأمة لها الحق في مراقبة أداء أُولي الأمر من حيث الإصلاح أو الإفساد

4️⃣من حق الحاكم على الأمة عونه ومساعدته في الخير

5️⃣من حقُّ الحاكم على الأمة أن تنصحه وترشده إلى الخير

6️⃣ كل إنسان حقه محفوظ سواء قوي أو ضعيف

7️⃣التوازن بين طبقات الأمة عند حفظ الحقوق.
طبعا أكيد كلنا نتمنى نعيش في دولة دي الأسس بتاعتها، مفيش ظلم وكل واحد بياخد حقه بغض النظر هو مين، مفيش كذب ولا خيانة،
مفيش فواحش ولا ذنوب ولا معاصي منتشرة،
لكن واقعنا الحالي صعب يتحقق فيه ده دلوقتي، فاحنا بقى كأفراد إزاي نستفيد من خطبة أبي بكر رضي الله عنه والقواعد إللي قالها دي في حياتنا العملية🤔

شوفوا،
¤كل واحد فينا يقدر يبعد عن الكِبر ويربي نفسه على التواضع، الموضوع ممكن يحتاج مجاهدة وتعلم بس نقدر نتخلق بالخلق ده.

¤كل واحد فينا يقدر يكون صادق ويبعد عن الكذب وخصوصا إن الكذب من صفات المنافقين.

¤كل واحد فينا يقدر يساعد ويُعين الشخص المحسن إللي بيبذل مجهود في أي حاجة كويسة، سواء كان في طاعة الله أو في أمر من أمور الدنيا المباحة زي الدراسة والشغل مثلا،
ويقدر برده ينصح الشخص المخطئ بأسلوب كويس ويساعده على تصحيح الخطأ.

¤كل واحد فينا يقدر ينصر شخص مظلوم ولو حتى بإنه يدعو له إن ربنا يرفع عنه الظلم ويرد له حقه.

¤كل واحد فينا يقدر يجاهد، ممكن يجاهد بنفسه في سبيل الله لو يقدر أو يجاهد بماله سواء بمساعدة شخص يجاهد أو حتى بالصدقة في سبيل الله على الفقراء، أو يجاهد نفسه على طاعة الله أو إبعادها عن معصيته.

¤كل واحد فينا يقدر إنه يبتعد عن الفواحش ولا يجهر بها ولا ينشرها بين الناس.

¤أخيرا كل واحد فينا يقدر تكون مرجعيته في التعامل مع الناس ومع كل شيء هي القرآن والسنة👌

يا جماعة إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فاللي متضايق من الواقع وعايز يعيش واقع أفضل؛ يبدأ بنفسه أولا بإنه يعمل إللي عليه،
زي لما المصلين في صلاة الجماعة وقت الصلاة كل واحد بيظبط نفسه في الصف فبتلاقوا الصف بقى معدول،
فعشان أمتك تكون واقعها أفضل؛ ابدأ بنفسك واعمل إللي بإيدك وتقدر عليه💁
وحتى لو انت عملت إللي عليك وغيرك معملش فانت مش هتخسر أي شيء، بالعكس انت كسبت في الآخرة جنة عرضها السماوات والأرض غمسة واحدة فيها تنسيك أي شقاء أو بلاء مريت بيه في الدنيا👌

أبو بكر رضي الله عنه وضع القواعد أو الخارطة إللي هيمشي عليها خلال فترة حكمه، ومن خلال الحلقات الجاية هنشوف إزاي إنه رضي الله عنه نفذ كل كلمة قالها ولم يخالف أي قاعدة من القواعد دي👌

آخر حاجة خلونا نقرأ تاني مع بعض خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال:
"أما بعد أيها الناسُ فإني قد وُلِّيتُ عليكم ولستُ بخيرِكم،
فإن أحسنتُ فأَعِينوني وإن أسأتُ فقوِّموني،
الصدقُ أمانةٌ والكذبُ خيانةٌ،
والضعيفُ منكم قويٌّ عندي حتى أزيحَ عِلَّتَه إن شاء اللهُ والقويُّ فيكم ضعيفٌ حتى آخذَ منه الحقَّ إن شاء اللهُ،
لا يدعُ قومٌ الجهادَ في سبيل اللهِ إلا ضربَهم اللهُ بالذُّلِّ،
ولا يشيعُ قومٌ قطُّ الفاحشةَ إلا عمَّهم اللهُ بالبلاء،
أَطيعوني ما أَطعتُ اللهَ ورسولَه فإذا عصيتُ اللهَ ورسولَه فلا طاعةَ لي عليكم قوموا إلى صلاتِكم يرحمْكم اللهُ"
《إسناده صحيح》

ألقاكم على خير الحلقة الجاية إن شاء الله.

♡إللي عايز ياخد القصص وينشرها عنده في أي مكان يتفضل ياخدها من غير ما يستأذن مع ذكر المصدر أو حتى يكتب منقول😊

وزي مانتم عارفين؛ لو في أي ملاحظة ياريت تقولوا لي؛
فالمؤمن مرآة أخيه👌

مصادر حلقة النهاردة في التعليقات👇

¤إن شاء الله مع كل حلقة هيكون في صورة زي دي👇 تلخص أهم الأحداث في الحلقة زي خطوط عريضة كده عشان المعلومة تثبت أكتر في دماغنا👌

#Eman_Shalapy
#الخلفاء_الراشدون_إيمان_شلبي
#سيرة_أبو_بكر_وعمر
#الحلقة_الخامسة_عشرة
#ردة_العرب_وإنفاذ_بعث_أسامة

اتكلمنا المرة إللي فاتت عن خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه إللي وضح فيها منهجه إللي هيتبعه خلال فترة حكمه،
خلاص تم دفن رسول الله ﷺ وتولى أبو بكر رضي الله عنه أمور الخلافة،
لكن حصل إن علي بن أبي طالب والزبير بن العوام إللي قلنا إنهم كانوا مشغولين بتجهيز رسول الله ﷺ للغسل والدفن غضبوا من بيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه،
ليه🤔
يجاوبنا على السؤال ده علي والزبير رضي الله عنهما بنفسهم، قالا:
"ما غضِبْنا إلا لأنا أخِّرنا عن المشورةِ وإنا نرى أنَّ أبا بكرٍ أحقَّ الناسِ بها إنه لَصاحبُ الغارِ وإنا لَنعرفُ شرفَه وخبرَه ولقد أمرَه رسولُ اللهِ ﷺ أن يُصلِّيَ بالناسِ وهو حَيٌّ"《إسناده جيد》

يعني هم زعلوا إن التشاور في اختيار الخليفة حصل وهم مش موجودين، وغضبهم ده حاجة طبيعية؛ لأن علي والزبير رضي الله عنهما كانا من أهم الصحابة ومن أصحاب الرأي والمشورة،
فإزاي محدش يقول لهم على أمر مهم زي كده🤷
ومع ذلك هم مش معترضين خالص على تولي أبو بكر للخلافة، بالعكس ده هم شايفين إنه أحق واحد بالخلافة حتى إن رسول الله ﷺ خلاه يصلي بالمسلمين وهو حي👌
لكن زي ما شفنا في الحلقات إللي قبل كده إن أبا بكر وعمر وأبا عبيدة كانوا معذورين في غياب علي والزبير وحتى غياب كل المهاجرين عن التشاور في اختيار الخليفة في السقيفة،
وفي نفس الوقت الفريق المقابل معذور هو كمان💁
يعني احنا شوفنا إزاي إن أبا بكر وعمر كانا في بيت رسول الله ﷺ وقت اجتماع الأنصار في السقيفة وجاء إليهما رجل فأخبرهما بالخبر، فذهبا إلى الأنصار بسرعة قبل ما تحصل حاجة تفرق وحدة المسلمين وتحصل فتنة، وهم في الطريق شافوا أبو عبيدة بن الجراح فأخذاه معهما وذهبوا جميعاً إلى السقيفة، وكل ده بدون اتفاق أو ترتيب،
ولما وصلوا السقيفة تسارعت الأحداث وكان لازم ساعتها اختيار خليفة وإلا كان ممكن يحصل فتنة كبيرة في المدينة ويكثر القيل والقال والخلاف والتفرق،
فكل فريق معاه عذره دلوقتي، ومع ذلك خطب أبو بكر في المهاجرين وقال لهم:
"ما كنتُ حريصًا على الإمارةِ يومًا ولا ليلةً ولا سألتُها في سرٍّ ولا علانيةٍ"《إسناده جيد》
يعني أنا مطلبتش إني أكون حاكم عليكم ولا حتى كنت عايز كده ولا طلبت الحكم في أي حال من الأحوال،
فقبِل المهاجرون وهم عارفين صدق أبي بكر وزهده ومكانته وقدره وإيمانه،
وفي النهاية بايع علي والزبير رضي الله عنهما أبا بكر في اليوم التالي وانتهى الموضوع،
يعني الغضب والزعل ده كان حاجة عابرة انتهت بسرعة وتمت البيعة لأبي بكر رضي الله عنه.

انتشر خبر موت رسول الله ﷺ، فارتدت كل جزيرة العرب ما عدا مكَّة والطائف وقرية هَجَر في شرق الجزيرة العربية وطبعا المدينة👌
والردة دي كانت واحدة من أكبر الأزمات في تاريخ الأمَّة الإسلامية،
متخلين إن كل المسلمين ارتدوا ما عدا ثلاثة مدن فقط😶
يعني لو فكرنا بمنظور الدنيا هنقول إن تعب رسول الله ﷺ ومجهوده مع الصحابة في نشر الإسلام في الجزيرة العربية راح عالفاضي😓
طبعا هو أجره محفوظ في الآخرة وهو عليه البلاغ فقط وليس عليه النتيجة، لكن الموضوع يعتبر مؤلم، تخيلوا مجهود سنين يروح كده في لحظة😞

☆وانتم ممكن تستغربوا وتسألوا ليه حصلت الردة مع إن هرقل ملك الروم نفسه عرف إن من صدق رسالة رسول الله ﷺ إن إللي يدخل في الإسلام لا يرتد عنه في الحوار إللي حصل بينه وبين أبي سفيان وشرحناه في الحلقة 133 من السيرة،
فليه بقى ارتدت كل جزيرة العرب كده🤔

هرقل سأل أبو سفيان وقال له هل في أحد بيرتد من أتباع النبي ﷺ سَخْطَةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فقال له أبو سفيان: لأ،
فرد عليه هرقل وقال له:
وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.
يعني لما القلب يشعر بحلاوة الإيمان بيبقى مش عايز يترك شعور الإطمئنان القلبي والراحة النفسية،
وهو ده مربط الفرس👌
بمعنى إن إللي حصل إن الإيمان لم يستقر في قلوب الناس إللي ارتدت دي من الأساس🤷
فبالتالي كان سهل عليهم يتخلوا عن الإسلام مع أول شبهة أو رغبة في زعامة العرب مثلا،
فالإسلام كان انتشر في العرب من غير ما يتفقهوا في الدين ويتعلموه كويس زي باقي الصحابة إللي كانوا في المدينة مع رسول الله ﷺ،
والسبب في عدم تعلمهم هو قلة عدد الدعاة إللي يقدروا يعلموهم، ده غير المخاطر إللي واجهها الدعاة في الطريق إلى الدعوة زي إللي حصل في حادثة ماء الرجيع وبئر معونة لما قُتل فيهم كل الصحابة إللي كانوا خرجوا لتعليم الناس الدين، فكل ده أدى ردة العرب.

☆طبعا أحداث ماء الرجيع وبئر معونة احنا شارحينها مع بعض في السيرة قبل كده فصعب إني أعيد الكلام هنا تاني😅
الردة إللي حصلت في العرب كانت أنواع، يعني مش كلهم رجعوا لعبادة الأصنام تاني وكفروا بالله، لأ،
في مجموعة مثلا قالوا إنهم هيستمروا على الإسلام لكنهم مش هيدفعوا الزكاة، هم كانوا فاهمين فريضة الزكاة غلط،
كانوا مفكرين إنها نوع من الضرائب بيدفعوها لرسول الله ﷺ، ومادام رسول الله ﷺ مات؛ خلاص مش هيدفعوها تاني،
وهنتكلم عن النقطة دي بالتفصيل الحلقة الجاية إن شاء الله،
وبعد كده في عصر الخلافة هيقوم المسلمون بترسيخ العلم في القبائل بعد إعادة المرتدين إلى الإسلام فمش هتحصل أي ردة جماعية تاني👌

ظهر كمان أفراد حابين الزعامة فاستغلوا العصبية القبلية وادعوا النبوة وجمعوا أقوامهم حولهم عشان يحكموا العرب،
والصنف ده كان ظهر بدايته في حياة رسول الله ﷺ بقيادة اثنين من إللي ادعوا النبوة، هما الأسود العنسي إللي ظهر في اليمن و قُتل قبل وفاة رسول الله ﷺ بقليل،
ومسيلمة الكذاب إللي موجود مع بني حنيفة في اليمامة حتى بعد وفاة رسول الله ﷺ وده كان له أتباع كتير وهنعرف الأحداث إللي حصلت معاه بعدين إن شاء الله👌
وبعد موت رسول الله ﷺ ظهر اثنين آخرين ادعوا النبوة، وهما طُلَيْحة بن خُوَيْلِد من بني أسد، وامرأة اسمها سَجاح من بني تميم،
فكده المدينة بقت محاصرة من العرب إللي ممكن يهجموا عليها من أي مكان،
لكن مع ذلك أبو بكر رضي الله عنه قرر إنفاذ أو إرسال جيش أسامة رضي الله عنه إللي رسول الله ﷺ كان مجهزه قبل ما يموت لقتال الروم، ودي حاجة ملهاش دعوة خالص بالأزمة إللي بتواجه المدينة حاليا😬

تعالوا الأول نعرف سريعا كده إيه قصة الجيش ده وبعدها هنعرف ليه أبو بكر رضي الله عنه صمم إن الجيش ده يخرج بالرغم من اعتراض كل الصحابة تقريبا على القرار ده👌

القصة تبدأ لما رسول الله ﷺ أرسل رسائل للملوك والأمراء يدعوهم للإسلام بعد صلح الحديبية زي ما أرسل لملك الفرس وملك الروم وملك مصر وغيرهم،
فكان من ضمن إللي أرسل لهم رسائل ملك الغَساسِنة وكان تابع لملك الروم أقوى دولة في الزمن ده،
فلما وصلت له رسالة رسول الله ﷺ غضب إن إزاي واحد يدعوه للدخول في دين مجهول ويهدده بإنه هيرسل له جيش يقاتله😡
فقتل ملك الغساسنة حامل رسالة رسول الله ﷺ، ومعروف بين كل الناس إن الرسل لا تُقتَل وإن دي حاجة شنيعة،
فجهز رسول الله ﷺ في السنة الثامنة من الهجرة جيش مكون من ثلاثة آلاف مقاتل بقيادة زيد بن حارثة أبو أسامة بن زيد لقتال الغساسنة،
فاستعان الغساسنة بالروم وجهزوا جيش من مائتين ألف مقاتل،
وحصل القتال بين جيش المسلمين وجيش الغساسنة والروم في مُؤْتَة،
فقُتل عدد كبير من الروم وقُتل زيد بن حارثة رضي الله عنه وقُتل القائدين إللي تولوا قيادة الجيش بعده جعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة،
وبعد كده تولى قيادة الجيش خالد بن الوليد رضي الله عنه إللي انسحب بجيش المسلمين للمدينة،
في السنة العاشرة من الهجرة خرج رسول الله ﷺ في جيش مكون من عشرة آلاف مُقاتل إلى منطقة تبوك لقتال الروم مرة تانية لأنهم كانوا بيجهزوا للهجوم على المدينة،
فلما وصل رسول الله ﷺ لتبوك الروم خافوا ولم يأتوا لقتال جيش رسول الله ﷺ،
تمام لحد كده👌
قبل بقى مرض موت رسول الله ﷺ بقليل؛ الرومان قتلوا واحد اسمه فَرْوَة بن عمرو الجُذامي، والرجل ده كان الرومان نفسهم عيّنوه حاكم على مدينة مَعَان في الشام، لكنه أسلم، فراحوا قتلوه حقدا وغيظا😑
فلما وصل الخبر لرسول الله ﷺ كان لازم يكون في رد حاسم على إللي عملوه ده،
وخصوصا إن دولة الإسلام دلوقتي دولة قوية، يعني تقدر ترد على أي حد يعتدي عليها،
واحنا عارفين إن الاعتداء على فرد واحد من المسلمين يعتبر اعتداء على دولة الإسلام كلها،
فرسول الله ﷺ جهز جيش لقتال الروم في أرض البلقاء في الشام بقيادة أسامة بن زيد رضي الله عنه إللي الروم كانوا قتلوا أباه في معركة مؤتة👌
وأسامة رضي الله عنه كان ساعتها عمره سبعة عشرة سنة، والجيش ده كان فيه كل كبار الصحابة زي عمر وعثمان وغيرهم،
وأنا كنت قلت في السيرة إن أبا بكر رضي الله عنه كان من ضمن الجيش، لكن الصحيح إن أبا بكر مكنش من ضمن جيش أسامة؛ لأن رسول الله ﷺ كان أمره إنه يُصلي بالناس، يعني هو كان قائم مكان رسول الله ﷺ فمكنش ينفع إنه يخرج في جيش أسامة🤷

المنافقين بقى استغلوا صغر سن أسامة وإنه ابن مَوْلى وبدأوا يتكلموا عشان يوقعوا بين المسلمين ويقولوا إزاي رسول الله ﷺ يجعل شاب لم يبلغ مبلغ الرجال قائد لجيش فيه كبار الرجال،
فانتشر القيل والقال في موضوع أسامة و تأميره وتوليته أمر قيادة الجيش الإسلامي وإن رسول الله ﷺ خلاه هو القائد عشان هو بيحبه فقط،
فالكلام انتشر بين الناس ووصل لرسول الله ﷺ وساعتها كان رسول الله ﷺ مريض فخرج للناس وهو رابط رأسه من شدة الصداع، فخطب فيهم وقال:
"قدْ بَلَغَنِي أنَّكُمْ قُلتُمْ في أُسَامَةَ وإنَّه أحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ،
أنْ تَطْعُنُوا في إمارَتِهِ، فقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ في إمارَةِ أبِيهِ مِن قَبْلُ،
وايْمُ اللَّهِ إنْ كانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمارَةِ، وإنْ كانَ لَمِنْ أحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ، وإنَّ هذا لَمِنْ أحَبِّ النَّاسِ إلَيَّ بَعْدَهُ،《أَنْفِذُوا بَعَثَ أُسَامَةَ》"
《صحيح البخاري》
يعني رسول الله ﷺ بيقولهم إنه وصل له كلام إنهم بيطعنوا في أسامة وإنه لايستحق الإمارة وأنه بقى القائد عشان رسول الله ﷺ بيحبه،
زي ما كانوا اتكلموا قبل كده في زيد بن حارثة رضي الله عنه لما رسول الله ﷺ خلّاه قائد على على سرية مؤتة وهو كان مَوْلى،
فأقسم لهم بالله إن أسامة يستحق الإمارة وجدير بها زي بالضبط ما كان أبوه زيد مُستحق للقيادة،
فأمرهم أمر واضح إنهم يرسلوا جيش أسامة لقتال الروم،
وفعلا الجيش كان تجمع وتجهز وخرج من المدينة وخيّم في منطقة اسمها 《الجُرْف》 على بعد خمسة كيلو مترات ونصف من المدينة،
لكن الجيش لم يخرج للشام بسبب الأخبار المُقلِقة عن اشتداد مرض رسول الله ﷺ،
فكانوا مستنيين يطمنوا على رسول الله ﷺ قبل ما يخرجوا للمعركة وخصوصا إن دي أول مرة يمرض فيها رسول الله ﷺ المرض الشديد ده،
كان الجيش خلاص قرر الخروج يوم الإثنين من ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة فجاء أسامة لرسول الله ﷺ يوم الأحد لتوديعه قبل الخروج،
في اليوم التالي لخروج الجيش جاء الخبر بوفاة رسول الله ﷺ فتوقف الجيش ولم يخرج لأنهم مش عارفين الأوضاع هترسى على إيه👌
فبعد ما انتشر خبر موت رسول اللهﷺ وارتداد العرب؛ بقت المدينة معرضة لخطر الهجوم عليها من المرتدين زي ما قلنا من شوية، الجيش الوحيد المنظم دلوقتي القادر على حماية المدينة هو جيش أسامة رضي الله عنه،
وبالعقل كده أُخرِج جيش لقتال الروم وهم خطرهم يعتبر بعيد في الوقت الحالي، ولّا أخلي الجيش يحرس المدينة إللي ممكن أي حد يهجم عليها خصوصا بعد ما انتشر خبر موت رسول الله ﷺ ومعظم قبائل العرب ارتدت؟💁
أكيد المنطق والعقل بيقول إن الجيش يكون موجود يحرس المدينة، وفعلا ده كان رأي كل الصحابة حتى عمر رضي الله عنه، طلبوا من أبي بكر إنه يرجع جيش أسامة للمدينة لحمايتها،
يعني إزاي الجيش يخرج واحنا في أزمة وبني حنيفة متجمع فيهم المرتدين بقيادة مسيلمة الكذاب وممكن يستغل الفرصة ويهجم على المدينة😳
لكن أبو بكر رضي الله عنه رفض رفضا شديدا إنه يرجع الجيش وأمر بإخراج جيش أسامة لقتال الروم زي ما كان مخطط له👌

☆طيب ليه أبو بكر مصمم كده على إخراج جيش أسامة على الرغم من اعتراض كل الصحابة؟🤔

في الموقف ده ظهر علم أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي قيل عنه:"وكانَ أبو بَكْرٍ أعْلَمَنَا"《صحيح البخاري》

لما اعترض الصحابة على إخراج جيش أسامة قال لهم أبو بكر رضي الله عنه بكل وضوح:
"وَالَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَوْ جَرَتِ الْكلَابَ بأَرْجُلِ أَزوَاجِ رَسُولِ اللهِ ﷺ مَا رَدَدْتُ جَيْشًا وَجَّهَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ وَلَا حَلَلْتُ لِوَاءً عَقَدَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ"《سنده حسن》
وفي رواية تانية قال:
"وَالَّذِي نَفْسُ أَبِي بَكْرٍ بِيَدِهِ لَوْ ظَنَنْتُ أَنَّ السِّبَاعَ تَخْطَفُنِي لَأَنْفَذْتُ بَعْثَ أُسَامَةَ كَمَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَلَوْ لَمْ يَبْقَ فِي الْقُرَى غَيْرِي لَأَنْفَذْتُهُ"《البداية والنهاية الجزء6》

معنى الكلام إن مهما حصل ومهما كانت الأزمة في المدينة حتى لو مفيش حد يدافع عن زوجات رسول الله ﷺ لو تعرضوا للأذى أو حتى لو أنا نفسي معرض للهلاك ومفيش حد يحميني؛ مش هرجع جيش كان رسول الله ﷺ أمر بإخراجه حتى لو مكنش في ولا واحد هيخرج في الجيش ده غيري👌

فاكرين لما أبو بكر قال لعمر عن رسول الله ﷺ: إلزم غرسه؛ أهه أبو بكر بيطبق النصيحة دي عملي دلوقتي،
رسول الله ﷺ أمر بإخراج الجيش آجي أنا وأخالف رسول الله ﷺ وأقول ميخرجش؟!
لأ طبعا الجيش يخرج مهما كانت الظروف👌
ماهو ﷺ لا ينطق عن الهوى، هو مؤيد بالوحي ومش هيجيب حاجة من دماغه🤷
معنى إنه قال إن الجيش يخرج يبقى في حكمة حتى لو احنا منعرفهاش،
وفعلا استجاب الصحابة لكلام أبو بكر رضي الله عنه بإرسال جيش أسامة زي ما قال رسول الله ﷺ👌

☆ملحوظة:
أبو بكر رضي الله عنه لم يخالف الشورى،
بمعنى إن أبا بكر لم يستبد برأيه وخالف رأي كل الصحابة إللي كانوا رافضين خروج جيش أسامة،
هي الشورى بتكون في الأمور إللي مفيهاش نص، يعني مينفعش نجتمع للمشاورة في حاجة فيها أمر أو نهي من الشرع ونأخذ برأي الأغلبية،
وهو ده إللي حصل هنا، رسول الله ﷺ أمره كان واضح بإرسال جيش أسامة وهو عارف إنه هيموت وعارف أوضاع الجزيرة العربية وعارف بوجود الردة،
فمينفعش نقعد نتشاور في أخذ قرار تاني مخالف لقرار رسول الله ﷺ،
والصحابة رضي الله عنهم مكنوش فاهمين ولا مستوعبين إن الموضوع كده، هم كانوا بينظروا للموضوع من الناحية السياسية فقط، يعني ينفع نطلع الجيش وينفع نرجعه عادي،
فلما شرح لهم أبو بكر رضي الله عنه الوضع كلهم سلموا لرأيه ونفذوا قراره👌

وخرج جيش أسامة فعلا باتجاه أرض البلقاء في الشام زي ما كان قال له رسول الله ﷺ،
وشوفوا بقى بركة اتباع أمر رسول الله ﷺ حصل إيه،
الجيش كان كل ما يمر على حي من أحياء العرب كانوا بيترعبوا منهم ويقولوا:
"مَا خَرَجَ هَؤُلَاءِ مِنْ قَوْمٍ إِلَّا وَبِهِمْ مَنَعَةٌ شَدِيدَةٌ"
《البداية والنهاية الجزء6》
يعني الناس دي أكيد عندهم في المدينة أعداد كبيرة تقاتل وتحرس المدينة وإلا مكنوش أخرجوا جيش زي ده يحارب الروم والعرب كلهم مرتدة🤷
فكانوا بيخافوا إنهم يرتدوا زي باقي العرب، فكان خروج جيش أسامة سبب في ثبات القبائل إللي مر عليها أسامة على الإسلام ولم يحصل بينهم وبين المسلمين حروب زي باقي قبائل العرب إللي ارتدت👌

إيه بقى قصة الحروب إللي حصلت بين المسلمين وبين المرتدين؟
ده إللي هنعرفه الحلقة الجاية إن شاء الله 👌

♡إللي عايز ياخد القصص وينشرها عنده في أي مكان يتفضل ياخدها من غير ما يستأذن مع ذكر المصدر أو حتى يكتب منقول😊

وزي مانتم عارفين؛ لو في أي ملاحظة ياريت تقولوا لي؛
فالمؤمن مرآة أخيه👌

مصادر حلقة النهاردة في التعليقات👇

¤إن شاء الله مع كل حلقة هيكون في صورة زي دي👇 تلخص أهم الأحداث في الحلقة زي خطوط عريضة كده عشان المعلومة تثبت أكتر في دماغنا👌

#Eman_Shalapy
#الخلفاء_الراشدون_إيمان_شلبي
#سيرة_أبو_بكر_وعمر
#الحلقة_السادسة_عشرة
#أسباب_قتال_المرتدين

اتكلمنا المرة إللي فاتت عن ارتداد العرب بعد وفاة رسول الله ﷺ وقلنا إن السبب الرئيسي في ردة العرب عن الإسلام هو عدم تفقههم في الدين وبالتالي عدم استقرار الإيمان في قلوبهم،
ففي آخر سنتين قبل وفاة رسول الله ﷺ دخلت أعداد كبيرة جدا من العرب في الإسلام بسبب انبهارهم بسيطرة المسلمين على الجزيرة العربية، فجاء الناس أفواجًا يدخلون في دين الله، ولكن مش كلهم كانوا دخلوا فيه عن اقتناع،
يعني فيهم إللي دخل في الإسلام رغبة في المال والغنائم والارتباط بالقوة الأولى الجديدة في الجزيرة،
ومنهم إللي دخل فيه بسبب خوفهم من قوة المسلمين، ومنهم إللي أسلم اتباعًا لزعمائهم وقادتهم،
يعني القادة أسلموا فدخلت أقوامهم الإسلام تبعا لهم بدون ما يعرفوا حدود الدين ولا فروضه ولا تكاليفه ولم يفقهوا حقيقة رسالة رسول الله ﷺ ولم يعيشوا مع القرآن ولا مع السُّنَّة،
فطبعا ناس بالعقلية دي فكروا بقى إن خلاص كده الدولة الإسلامية انهارت بموت مؤسسها ﷺ كما تنهار الكثير من الأعمال المعتمدة على شخص بعينه إذا غاب هذه الشخص،
فكان طبيعي جدا إنهم يرتدوا بعد موت رسول الله ﷺ🤷

وارتداد العرب كان على درجات، فمن العرب من مَنع الزكاة <وهنعرف كمان شوية ليه منع الزكاة من الردة> ، ومن العرب مَن ترك الإسلام وعاد إلى عبادة الأصنام، ومن العرب مَن سارع بادِّعاء النبوة زي ما قلنا المرة إللي فاتت،
فهنا قرر أبو بكر رضي الله عنه أن يقاتل المرتدين عن الإسلام👌

☆ممكن تسألوا وتقولوا طيب وهو ليه أبو بكر رضي الله عنه يقاتل المرتدين عن الإسلام، هو مش كل واحد حر يؤمن بالدين إللي هو عايزه وربنا نفسه قال: لا إكراه في الدين🤔

شوفوا،
شريعة الإسلام فعلا تضمن للشخص حرية الاعتقاد، بمعنى إن الشخص غير المسلم يتم عرض الإسلام عليه وشرحه له وتعريفه بعاقبة الذي لا يسلم في الآخرة،
وبعد كده هو حر بقى يدخل في الإسلام أو لأ، فلا يجوز إكراه الناس على الدخول في الإسلام،
لكن لو الشخص دخل فعلا في الإسلام فهنا مبقاش حر، بقى محكوم بقوانين الإسلام، زي كده مثلا إللي يسرق أو يزني من المسلمين وثبت عليه السرقة والزنا هنا تحكمهم قوانين الإسلام من قطع اليد أو الجلد للزاني غير المُحصَن،
فلما نعرف إن أهم قانون في الإسلام هو التوحيد وأنه لا يقبلُ عبادةَ غير الله وإن ده أصل دين الإسلام؛ هنلاقي إن الطبيعي جدا إن عقوبة خرق أصل الدين تكون أشد عقوبة👌
فالكفر أعظم الذنوب على الإطلاق فهو أشد من القتل ومن الزنا ومن الاغتصاب ومن كل شيء،
وربنا ممكن يغفر أي ذنب مهما كان إلا إن الواحد يشرك به شيئا سبحانه ويموت على الشرك ده،
قال الله عز وجل:
"إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِۦ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَٰلًۢا بَعِيدً"
《النساء آية(116)》
وقال:
"وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون"
《البقرة آية(217)》

والمجتمعُ المسلمُ في الأساس يقومُ أوَّلَ ما يقومُ على العقيدة والإيمان بالله فلا يُسْمَحُ لأحدٍ أن يَنالَ من هذا الأساس،
عشان كده الردة هي أكبر الجرائم في الإسلام؛ لأنَّها خطرٌ على شخصيَّة المجتمع وكِيَانِه،
فأول ضروة من الضَّرورات الخَمْس هي حفظ الدِّين، ثم يتبعها بعد ذلك حفظ النَّفْس، والنَّسْل، والعَقْل، والمال،
فالشخص المرتد الذي يجهر بردته ده مُعلن الحرب على الله والإسلام، ويرفع راية الضَّلال، ويدعو إليها المُنفَلتين من الشرائع،
وبكده بقى مُحارِبٌ للمسلمينَ،
والمحاربة مش لازم تكون بالسلاح فقط، المحاربة لدين الله ممكن تكون كمان باللسان، زي إللي يَسُب الإسلام أو النبي ﷺ أو يطعن في القرآن وسنة رسول الله ﷺ وهكذا،
فكده بقت عقوبة المرتد نفس عقوبة المحاربون لدين الله بالسلاح،
أما الشخص الذي لم يجهر بردته فهو منافق، فيكون حكمه أنه يُعامل معاملة المسلمين وحسابه على الله في الآخرة👌

فيبقى إقامة الحَد على المُرتَد ليس لإكراهه على الدُّخول في الدِّين، وإنَّما عقوبة له على كفره برَبِّ العالمين سبحانه ومحاربته لدين الله👌
وآية لا إكراه في الدين بتتكلم عن موقِف المسلمينَ من الكافر الأصليِّ إللي لم يدخل أصلا في الإسلام، وده غير المُرْتَدِّ إللي كان مسلمًا وترك الإسلام،
فمعنى آية لا إكراه في الدين:
"لا تُكْرِهُوا أحدًا على الدُّخول في الإسلام؛ فإنَّه بَيِّنٌ واضحٌ، جَلِيَّةٌ دلائلُهُ وبراهينُهُ، لا يحتاجُ إلى أن يُكْرَهَ أحدٌ على الدُّخول فيه"
《تفسير ابن كثير》