#شبكة الحطامي عاجل

#شبكة_الحطامي-عاجل

وكالات / اليمن تقرير 8:20م
الإثنين 21 إبريل.2025م

#معركة السيادة النقدية بين عدن وصنعاء.. هل يُمنح الحوثي شريان حياة من جديد؟

المصدر أونلاين خاص
منذ لحظة نقل البنك المركزي اليمني إلى عدن في سبتمبر 2016، اتّضح أن الحرب لم تعد مجرد صراع سلاح، بل أصبحت صراع سيادة نقدية. جاءت قرارات البنك المركزي في عدن، من "حظر المقاصة الحوثية" إلى "إلزام البنوك بنقل مقارها"، كخطوات تهدف إلى نزع شريان التمويل من ميليشيا الحوثي التي استعاضت عن الدولة ببنك موازٍ في صنعاء. غير أن قذائف السياسة كانت أثقل من أي تعميم؛ فالأذرع الحوثية عطّلت تلك القرارات تارة عبر التهديد المباشر للبنوك، وتارة برفض التعامل بالعملة الجديدة، فيما فُرض على الحكومة الشرعية التراجع تحت ضغوط إقليمية وأممية.
واليوم، مع تصاعد حزمة عقوبات أمريكية جديدة وضغط شعبي واسع لإنقاذ الريال، يتكرر السؤال الجوهري: هل ستستطيع ميليشيا الحوثي كسر القيود التي ستُفرض عليها وعلى المؤسسات التي تعمل في مناطق سيطرتها؟ أم أن موازين الوقت تميل هذه المرة لصالح الشرعية؟ للإجابة على هذا السؤال، يقود هذا التقرير القارئ عبر ثلاثة سيناريوهات متشابكة، منها أن يكون الأمر تفاوضياً بين واشنطن وطهران أو مع كل تهديد صاروخي يستهدف المصالح الخليجية.

لكن في خضم هذه المتغيرات، يبرز ثابتٌ واحد لا يتغير: "بنك عدن هو بوابة استدامة الشرعية". فمن دون مقاصة موحدة وسعر صرف موحَّد، ستبقى الحكومة اليمنية على هامش المعادلة، ويظل اليمنيون رهائن اقتصاد مزدوج تموّله ميليشيا مسلحة لا تؤمن بالدولة. ومع أن الواقع مؤلم، إلا أن تدخل الخزانة الأمريكية بشكل مباشر يجعل الأمل قائما لاستعادة الشرعية زمام السيولة.
وهنا، لا يقتصر التقرير على سرد الوقائع، بل يستعرض وسائل اجهاض القرارات السابقة والأدوات التي قد تُفشل أو تُنجح القرارات الحالية، إنها معركة أرقام ونفوذ، لكن رهانها: "إنقاذ عملة يُنقذ دولة". وإليكم تفاصيل "معركة السيادة النقدية".
جذور الأزمة
حين اجتاحت ميليشيا الحوثي العاصمة صنعاء في أواخر عام 2014، بدا تأثيرها على القطاع المصرفي في البداية محدودا، إذ أبقت البنوك على صلاتها بالنظام المالي الدولي رغم حالة الضبابية التي سادت البلاد. لكن الوضع انقلب رأسا على عقب في 18 سبتمبر 2016، عندما أصدر الرئيس السابق عبدربه منصور هادي قراره بنقل البنك المركزي إلى عدن. جاء القرار بعد تحذيرات صريحة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من نفاد الاحتياطيات الأجنبية في صنعاء، الأمر الذي كان يهدد بانهيار اقتصادي شامل.
هذه الخطوة الإنقاذية كشفت عن ثلاث عقبات جوهرية شلت عمل البنك في عدن. حيث واجه البنك نقصاً حاداً في الكوادر المؤهلة، إذ كانت الخبرات المصرفية ما تزال تحت سيطرة ميليشيا الحوثي في صنعاء، ما أجبر الإدارة الجديدة على العمل بفريق محدود من حيث العدد والخبرة. كما أنه ساد التردد في أوساط البنوك التجارية التي خافت من مصادرة أموالها وأصولها في صنعاء إن هي أظهرت ولاءً للحكومة الشرعية بعد تهديدات تلقتها منهم واعتقالات واسعة لأعضاء من الإدارات العليا، فاتخذت موقفاً رمادياً أدى إلى شلل القرارات التنظيمية لبنك عدن. بالإضافة إلى مراعاة السلطات الشرعية للوضع الإنساني للمواطنين في مناطق سيطرة الميليشيا بضغوط أممية ودولية.
ومع ذلك، نجح بنك عدن في الربع الأول من عام 2017 في إعادة ربط اليمن بشبكة "سويفت" الدولية وفتح حسابات مراسِلة في الخارج حيث كان قد توقف لمدة 6 أشهر. ومع إدراك ميليشيا الحوثي لطول أمد المواجهة، بدأت في العام نفسه بإغراق السوق بما تبقى من العملة القديمة، في محاولة لإرباك الإصلاحات النقدية الناشئة. وردا على ذلك، شرع بنك عدن في إصدار فئات نقدية جديدة، في إشارة إلى بداية جولة جديدة من الصراع على السيادة النقدية.
مرحلة التمايز النقدي
كان عام 2019 نقطة مفصلية في مسار الأزمة، عندما أصدر البنك المركزي في صنعاء الخاضع لسيطرة ميليشيا الحوثي تعميما خطيرا في ديسمبر من ذلك العام، يقضي بمصادرة كافة الأوراق النقدية التي طُبعت بعد انتقال البنك إلى عدن عام 2016. بهذا القرار، فرضت الميليشيا واقعا نقديا مزدوجا؛ فالريال القديم المتداول في المحافظات الشمالية أصبح هو العملة الوحيدة المعترف بها هناك، بينما ظل الريال الجديد المتداول في المناطق المحررة عملة شرعية معترف بها بحكم القانون خارج نطاق سيطرة الميليشيا.
في هذا الواقع المنقسم، انتعشت شبكات صرافة موازية تتولى تهريب العملة بطرق غير قانونية، ما زاد من صعوبة مهمة بنك عدن في ضبط السياسة النقدية على المستوى الوطني. واستغلت ميليشيا الحوثي هذا الوضع لترسيخ سلطتها باعتبارها الجهة الوحيدة المخولة بالسماح بدخول النقد إلى مناطق سيطرتها، بينما اكتفى المجتمع الدولي بإصدار بيانات قلق لا تقدم أي حل.

1.5K views18:08