• هل حرَّم السَّلفُ النمصَ فأحلَّه الفقهاءُ ؟ (دراسة أثرية وبحث أصولي) .
• فقال صاحبي : قول الشافعية بجواز النمص يخالف مذهب السلف ، فإن عبد الله بن مسعودٍ قد أفتى بحرمته .
• قلتُ : هذا كذبٌ على عبد الله مسعودٍ رضي الله عنها ؛ فإن الرواية في المحاورة التي دارت بين ابن مسعودٍ داخل الصحيحين وخارجهما لم تبين مقصود المرأة ، ففي الرواية أن ابن مسعود حدث بالحديث ، فقالت له المرأة : «فإني أرى شيئًا من ذلك على امرأتك» .
• السؤال الآن : أيُّ شيء من الأشياء الثلاثة التي ذكرها ابن مسعودٍ رضي الله عنه ؟! لم تبين الرواية ذلك ، فحملك لكلمة «ذلك» على النمص رجم بالغيب ، وشيءٌ من عند نفسِك .
• ولم تأتِ رواية مبينة لمراد المرأة اللهم إلا روايتين :
• الأولى : رواية البزار في «مسنده» (ج4/ص295) قال : حدثنا يوسف بن موسى قال: نا جرير قال : نا منصور بن المعتمر أبو عتاب عن إبراهيم، عن علقمة قال: قال عبد الله: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله» ، فاعترضت المرأة ، ثم قالت [ركز في دي الله يسترك] : «إن أوَّلَ شيءٍ من ذلك على امرأتك» .
• جميل ، وما أول شيءٍ من ذلك ؟! إنه الوشم ، فدخلت المرأة ، فلم ترَ شيئًا ، انتبه ! المرأة في هذه الرواية قصدت الوشم لا النمص.
• ورغم أن هذه الرواية رجالها ثقات رجال البخاري ، إلا أن يوسف بن موسى تفرد بهذا الحرف عن مخرج الحديث (جرير بن عبد الحميد) ، فكلهم رووا اللفظ مجملًا (أي : إني أرى شيئًا من ذلك على امرأتك) ، ورواه هو على هذا النحو (أي : قال : إن أول شيءٍ من ذلك على امرأتك) .
• فقد رواه بالإجمال [أي : بلفظ : (شيئًا من ذلك على امرأتك)] : إسحاق بن إبراهيم وعثمان بن أبي شيبة (كما عند مسلم 3/1678) ، ومحمد بن عيسى الطباع (كما عند أبي داود 30/151) ، وهم ثلاثة من الثقات الأثبات .
• أما يوسف بن موسى القطان فتفرد عنهم فقال : (إن أول شيء من ذلك على امرأتك) ، ومثل هذا التفرد عن الثلاثة قد لا يحتمل في مسالك المحدثين .
• الثانية : رواية الشاشي في «مسنده» (ج2/ص377) ، التي يرويها عبد الملك بن عمير عن العريان بن الهيثم عن قبيصة بن جابر قال : «كنا نشارك المرأة في السورة من القرآن نتعلمها ، فانطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود في بيته ، فرأى جبينها يبرق ، فقال : أتحلقينه ؟ فغضبت ، ثم قالت : التي تحلق جبينها امرأتك» ، قال : فادخلي عليها ، فإن كانت تفعله فهي مني بريئة ، فانطلقت ، ثم جاءت فقالت : لا والله ما رأيتها تفعله» .
• وهي رواية عرجاء شلاء من طريق العريان بن الهيثم ، ولم يوثقه إلا ابن حبان ، ومن ثم لا تقوى على مجابهة الرواية السابقة المفسرة لموضع الإنكار بالوشم (مع المقال السابق فيها) ، ولا الرواية المجملة المشهورة (وهي صحيحة).
• الحاصل أن لا يصح عن ابن مسعودٍ تفسير للنمص .
• والعجيب أن الشيخ الألباني رحمه الله وطيب ثراه ضعَّف أثر عائشة المشهور في الحفِّ ؛ احتجاجًا بأن امرأة أبي إسحاق السبيعي مجهولة لم يوثقها إلا ابن حبان ، وحسَّن هذه الرواية ، وهذا عجيب جدًّا ؛ إذ يلزم مَنْ ضَعَّفَ أثر عائشة مهدرًا توثيق ابن حبان أن يضعف رواية ابن مسعودٍ ؛ فكلٌّ من العريان بن الهيثم وامرأة أبي إسحاق مجهولا لم يوثقهما إلا ابن حبان ، أما أن يعتبر توثيق ابن حبان في موضع دون موضع ، فهذا مسلك عجيبٌ .
• فقال لي صاحبي : سلمنا لكَ أن الرواية لم تحدد موقع الإنكار أهو النمص أو الوصل أو التفلج ، فيشهد لي أن عبد الله بن مسعودٍ حمل هذه الألفاظ الثلاثة على عمومها ، ولم يخصصها ، ولم يفصل للمرأة ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة .
• قلتُ : وهذا كلام في الظاهر أصوليٌّ ، ولكن ساقطٌ ، وفيه ثلاثة أغلاط : غلط في التكييف الأصولي ، وغلط في تنزيل القاعدة الأصولية ، وغلط على ابن مسعودٍ رضي الله عنه .
• أما غلطك في التكييف الأصولي للنص محل البحث فهو توصيفك للوقت بأنه وقت حاجة ، وليس ذلك وقت حاجةٍ ، وإنما يسمى عند الأصوليين وقتَ خطابٍ ، ووقت الحاجة هو الوقت الذي يتوجب عليه المكلف العملُ بأمر الشارع على الفور ، ويجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب عند أكثر الأصوليين ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة اتفاقًا .
• وأما غلطك في تنزيل القاعدة الأصولية فهو أن هذه القاعدة ليس محلها الصحابة باتفاق ، إنما محلها النبي صلى الله عليه وسلم ، تستصحب فيه ، لا يجوز له صلى الله عليه وسلم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، أما الصحابة فلا ؛ إذ لا يجوز له صلى الله عليه وسلم أن يؤخر البلاغ عن وقت الحاجة ، بخلاف غيره .
• ومع ذلك فيجوز للعالم أن يترك النصَّ على عمومه للمستفتي منعًا من استهانته ، كما كان سفيان بن عيينة يكره تفسير «من غشنا فليس منا» .
• والمفتي لا يتعين عليه الجواب أو التفصيل إلا بشرائط سبعة ليست متوافرة في هذه الحالة .
• وأما غلطك على ابن مسعود رضي الله عنه فإنك قد وكلت نفسك في تفسير النمص بالنيابة عن ابن مسعودٍ ، وفسرته بأنه نتف ال
• فقال صاحبي : قول الشافعية بجواز النمص يخالف مذهب السلف ، فإن عبد الله بن مسعودٍ قد أفتى بحرمته .
• قلتُ : هذا كذبٌ على عبد الله مسعودٍ رضي الله عنها ؛ فإن الرواية في المحاورة التي دارت بين ابن مسعودٍ داخل الصحيحين وخارجهما لم تبين مقصود المرأة ، ففي الرواية أن ابن مسعود حدث بالحديث ، فقالت له المرأة : «فإني أرى شيئًا من ذلك على امرأتك» .
• السؤال الآن : أيُّ شيء من الأشياء الثلاثة التي ذكرها ابن مسعودٍ رضي الله عنه ؟! لم تبين الرواية ذلك ، فحملك لكلمة «ذلك» على النمص رجم بالغيب ، وشيءٌ من عند نفسِك .
• ولم تأتِ رواية مبينة لمراد المرأة اللهم إلا روايتين :
• الأولى : رواية البزار في «مسنده» (ج4/ص295) قال : حدثنا يوسف بن موسى قال: نا جرير قال : نا منصور بن المعتمر أبو عتاب عن إبراهيم، عن علقمة قال: قال عبد الله: «لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله» ، فاعترضت المرأة ، ثم قالت [ركز في دي الله يسترك] : «إن أوَّلَ شيءٍ من ذلك على امرأتك» .
• جميل ، وما أول شيءٍ من ذلك ؟! إنه الوشم ، فدخلت المرأة ، فلم ترَ شيئًا ، انتبه ! المرأة في هذه الرواية قصدت الوشم لا النمص.
• ورغم أن هذه الرواية رجالها ثقات رجال البخاري ، إلا أن يوسف بن موسى تفرد بهذا الحرف عن مخرج الحديث (جرير بن عبد الحميد) ، فكلهم رووا اللفظ مجملًا (أي : إني أرى شيئًا من ذلك على امرأتك) ، ورواه هو على هذا النحو (أي : قال : إن أول شيءٍ من ذلك على امرأتك) .
• فقد رواه بالإجمال [أي : بلفظ : (شيئًا من ذلك على امرأتك)] : إسحاق بن إبراهيم وعثمان بن أبي شيبة (كما عند مسلم 3/1678) ، ومحمد بن عيسى الطباع (كما عند أبي داود 30/151) ، وهم ثلاثة من الثقات الأثبات .
• أما يوسف بن موسى القطان فتفرد عنهم فقال : (إن أول شيء من ذلك على امرأتك) ، ومثل هذا التفرد عن الثلاثة قد لا يحتمل في مسالك المحدثين .
• الثانية : رواية الشاشي في «مسنده» (ج2/ص377) ، التي يرويها عبد الملك بن عمير عن العريان بن الهيثم عن قبيصة بن جابر قال : «كنا نشارك المرأة في السورة من القرآن نتعلمها ، فانطلقت مع عجوز من بني أسد إلى ابن مسعود في بيته ، فرأى جبينها يبرق ، فقال : أتحلقينه ؟ فغضبت ، ثم قالت : التي تحلق جبينها امرأتك» ، قال : فادخلي عليها ، فإن كانت تفعله فهي مني بريئة ، فانطلقت ، ثم جاءت فقالت : لا والله ما رأيتها تفعله» .
• وهي رواية عرجاء شلاء من طريق العريان بن الهيثم ، ولم يوثقه إلا ابن حبان ، ومن ثم لا تقوى على مجابهة الرواية السابقة المفسرة لموضع الإنكار بالوشم (مع المقال السابق فيها) ، ولا الرواية المجملة المشهورة (وهي صحيحة).
• الحاصل أن لا يصح عن ابن مسعودٍ تفسير للنمص .
• والعجيب أن الشيخ الألباني رحمه الله وطيب ثراه ضعَّف أثر عائشة المشهور في الحفِّ ؛ احتجاجًا بأن امرأة أبي إسحاق السبيعي مجهولة لم يوثقها إلا ابن حبان ، وحسَّن هذه الرواية ، وهذا عجيب جدًّا ؛ إذ يلزم مَنْ ضَعَّفَ أثر عائشة مهدرًا توثيق ابن حبان أن يضعف رواية ابن مسعودٍ ؛ فكلٌّ من العريان بن الهيثم وامرأة أبي إسحاق مجهولا لم يوثقهما إلا ابن حبان ، أما أن يعتبر توثيق ابن حبان في موضع دون موضع ، فهذا مسلك عجيبٌ .
• فقال لي صاحبي : سلمنا لكَ أن الرواية لم تحدد موقع الإنكار أهو النمص أو الوصل أو التفلج ، فيشهد لي أن عبد الله بن مسعودٍ حمل هذه الألفاظ الثلاثة على عمومها ، ولم يخصصها ، ولم يفصل للمرأة ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة .
• قلتُ : وهذا كلام في الظاهر أصوليٌّ ، ولكن ساقطٌ ، وفيه ثلاثة أغلاط : غلط في التكييف الأصولي ، وغلط في تنزيل القاعدة الأصولية ، وغلط على ابن مسعودٍ رضي الله عنه .
• أما غلطك في التكييف الأصولي للنص محل البحث فهو توصيفك للوقت بأنه وقت حاجة ، وليس ذلك وقت حاجةٍ ، وإنما يسمى عند الأصوليين وقتَ خطابٍ ، ووقت الحاجة هو الوقت الذي يتوجب عليه المكلف العملُ بأمر الشارع على الفور ، ويجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب عند أكثر الأصوليين ، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة اتفاقًا .
• وأما غلطك في تنزيل القاعدة الأصولية فهو أن هذه القاعدة ليس محلها الصحابة باتفاق ، إنما محلها النبي صلى الله عليه وسلم ، تستصحب فيه ، لا يجوز له صلى الله عليه وسلم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، أما الصحابة فلا ؛ إذ لا يجوز له صلى الله عليه وسلم أن يؤخر البلاغ عن وقت الحاجة ، بخلاف غيره .
• ومع ذلك فيجوز للعالم أن يترك النصَّ على عمومه للمستفتي منعًا من استهانته ، كما كان سفيان بن عيينة يكره تفسير «من غشنا فليس منا» .
• والمفتي لا يتعين عليه الجواب أو التفصيل إلا بشرائط سبعة ليست متوافرة في هذه الحالة .
• وأما غلطك على ابن مسعود رضي الله عنه فإنك قد وكلت نفسك في تفسير النمص بالنيابة عن ابن مسعودٍ ، وفسرته بأنه نتف ال
شعر من الحاجب ، ولا ندري من أين لكَ نسبة (ركز في كلمة «نسبة» ) ذلك لابن مسعودٍ ؟!
• فإن النمص مختلف في تعريفه لغة على ثلاثة أقوال :
• فيعرفه أهل اللغة بأنه نتف الشعر من الوجه مطلقًا ، ولا يخصصون ذلك بالحاجب إلا إذا دلت قرينة في الكلام على إرادته.
• قال الجوهريُّ رحمه الله في «الصحاح» (ج3/ص1060) : «النَمْصُ: نتفُ الشَعْرِ. وقد تَنَمَّصَتِ المرأةُ ، ونَمَّصَتْ أيضاً ... والنامصة: المرأة التى تزين النساء بالنمص. والمنمص والمنماص: المنقاش» .
• وقال الأزهريُّ في «تهذيب اللغة» (ج12/ص148) : «قال الفراء: النامصة: التي تنتف الشعر من الوجه، ومنه قيل للمنقاش : (منماص)، لأنه ينتف به والمتنمصة هي التي يفعل ذلك بها ... وامرأة نمصاء تتنمص، أي: تأمر نامصة فتنمص شعر وجهها نمصًا؛ أي: تأخذه عنها بخيط» .
• القول الثاني في المسألة ، هو قول أبي داود رحمه الله ، حيث فسَّر النمص في «سننه» فقال : «والنامصة التى تنقش الحاجب حتى ترقه والمتنمصة المعمول بها» .
• القول الثالث : هو قول الماوردي في «الحاوي الكبير» (ج2/ص257) : «فأما النامصة والمتنمصة : فهي التي تأخذ الشعر من حول الحاجبين وأعالي الجبهة» .
• فهذه ثلاثة أقوال في بيان معنى النمص في اللغة (نتف الشعر من الوجه ، نتفه من الحاجب ، نتفه من الحاجب وأعلى الجبهة) ، فيلزمك فيها أمران :
• الأول : أن تثبت نسبة أحدها لعبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه ، وهذا سبيلٌ دونه خرط القتاد .
• الثاني : أن ترجح بينها ؛ طالما أنك رجلٌ مجتهد ترجح بين المذاهب الأربعة والظاهرية، وتختار منها قولًا .
• وإن رجحت فدلل على ترجيحك من لغة العرب .
• فهيَّا يا صاحبي رجِّح لنا بين الفراء والجوهري والأزهري ، في مقابلة أبي داود ، في مقابلة الماوردي !
• وإذا أحببت أن أساعدك فاعلم أن العرب تقول : «رجلٌ أنمص الجبين» ، وقال امرؤ القيس :
• ويَأْكُلْنَ من قَوٍّ لَعاعًا ورِبَّةً * تَجَبَّرَ بعد الأكل وهو نميصُ .
• الأمر ليس بهذه البساطة يا صاحبي !
• قال الشافعيُّ رضي الله عنه في «الرسالة» (ص510) : «ولا يكونُ لأحدٍ أن يقيسَ حتى يكون عالمًا بما مضى قبله من السنن وأقاويل السلف وإجماع الناس واختلافهم ولسان العرب» .
• وهذا في القياس ، فمابالك بمنطوق الشارع !
• طبعًا إذا قلتَ لي : إن النمص من الألفاظ المنقولة من المعنى اللغوي لمعنى شرعي ساعتها ينتهي النقاش ، وتحتاج إلى مطالعة كتاب مبتدئ في أصول الفقه ؛ لتعرف معنى اللفظ المنقول .
• فقال لي صاحبي : دعنا من تفسير النمص ، فلتسلم لي جدلًا أن النمص هنا بمعنى نتف شعر الحاجب لا غيرُ ، فما الحجة على تخصيص الحديث بالمُغَرِّرَة بالخطاب ، وعدم العمل بعمومه ، أجاء نصٌّ عن رسول الله صلى الله عليه يفيد هذا التخصيص ؟
• قلتُ : هذا هو الإشكال الذي يعشش في رأسك ، ويحدث دخنًا يحول بينك وبين فهم مدارك الفقهاء ، وهو أنك تتصور أن النص لا يتخصص عمومُه إلا بنصٍّ آخر ، والفقهاء يخصصون بغير ذلك كما هو معلومٌ عند الأصوليين .
• وقد حكى الإسنوي عن الشافعي رضي الله عنه «التمهيد في تخريج الفروع على الأصول» (ص375) جوازَ أنْ يستنبطَ المجتهدُ من النصِّ معنى يخصصه .
• ووجه التخصيص هنا : أن لا فرقَ معتبرٌ بين أخذ شعر الجبين والشارب واللحية ، وشعر الحاجب : من حيث كون كل منها زينةً تعتادها المرأة .
• فأجزنا أخذ شعر اللحية والشارب وأطراف الوجه بمقتضى التخصيص بالعادة (وهو أنه من المعلوم ضرورة أن نساء المسلمين سلفًا وخلفًا لم يكنَّ يُمْنَعْنَ من هذا الأمر ، ولو منعن لعرف ذلك ، وتوارثه الناس ، مع استقباحه عند جميع العقلاء) .
• وأجزنا أخذ شعر الحاجب بالتخصيص بالمعنى المستنبط ؛ فلا فرقَ مؤثرٌ بين شعر الحاجب وبقية شعور الوجه ، والفروق الموجودة فروقٌ طردية غير مؤثرة ، فوجب حمل النصِّ على المُغَرِّرَة ، فتكون العلة التغرير بالخُطَّابِ ، وليس مجرد الأخذ .
• فإن قلتَ يا صاحبي : بل ثم فرقٌ مؤثرٌ ، وهو أن النمص جاء فيه النصٌّ ؟
• قلتُ لكَ : هذا استدلالٌ بمحل النزاع ، وهو لا يجوز ، فألزمك أثبات ذلك بالترجيح بين الأقوال اللغوية الثلاثة السابق سردها ، والتدليل على ترجيحك من لسان العرب .
• فقال صاحبي : ولكن النمصَ تغيير لخلق الله سبحانه ، وكلُّ تغيير لخلق الله سبحانه محرمٌ .
• قلتُ : قولك : «كلُّ تغيير لخلق الله محرم» غلطٌ ، ليس كل تغيير لخلق الله محرمًا ، بل تغيير خلق الله سبحانه تعتريه الأحكام الخمسة ، فقد يكون محرمًا ، وقد يكون مكروهًا ، وقد يكون مباحًا ، وقد يكون مستحبًّا ، وقد يكون واجبًا .
• فقد يكون محرمًا : نحو نص الفقهاء على تحريم الخصاء وتعليلهم ذلك بأنه تغيير لخلق الله ، كما ذكر الحافظ في «فتح الباري» (9/119) ، وقال النووي رحمه الله في «المجموع» (6/177) : «قال البغويُّ والرافعيُّ : لا يجوزُ خصاءُ حيوانٍ لا يؤكل ، لا في صغره ، ولا في كبره ، قال : ويجوز خصاء المأكول في صغره ؛ لأن فيه غرضًا وهو طيب لحمه ، ولا يجوز في كبره ، ووجه قولهما أ
• فإن النمص مختلف في تعريفه لغة على ثلاثة أقوال :
• فيعرفه أهل اللغة بأنه نتف الشعر من الوجه مطلقًا ، ولا يخصصون ذلك بالحاجب إلا إذا دلت قرينة في الكلام على إرادته.
• قال الجوهريُّ رحمه الله في «الصحاح» (ج3/ص1060) : «النَمْصُ: نتفُ الشَعْرِ. وقد تَنَمَّصَتِ المرأةُ ، ونَمَّصَتْ أيضاً ... والنامصة: المرأة التى تزين النساء بالنمص. والمنمص والمنماص: المنقاش» .
• وقال الأزهريُّ في «تهذيب اللغة» (ج12/ص148) : «قال الفراء: النامصة: التي تنتف الشعر من الوجه، ومنه قيل للمنقاش : (منماص)، لأنه ينتف به والمتنمصة هي التي يفعل ذلك بها ... وامرأة نمصاء تتنمص، أي: تأمر نامصة فتنمص شعر وجهها نمصًا؛ أي: تأخذه عنها بخيط» .
• القول الثاني في المسألة ، هو قول أبي داود رحمه الله ، حيث فسَّر النمص في «سننه» فقال : «والنامصة التى تنقش الحاجب حتى ترقه والمتنمصة المعمول بها» .
• القول الثالث : هو قول الماوردي في «الحاوي الكبير» (ج2/ص257) : «فأما النامصة والمتنمصة : فهي التي تأخذ الشعر من حول الحاجبين وأعالي الجبهة» .
• فهذه ثلاثة أقوال في بيان معنى النمص في اللغة (نتف الشعر من الوجه ، نتفه من الحاجب ، نتفه من الحاجب وأعلى الجبهة) ، فيلزمك فيها أمران :
• الأول : أن تثبت نسبة أحدها لعبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه ، وهذا سبيلٌ دونه خرط القتاد .
• الثاني : أن ترجح بينها ؛ طالما أنك رجلٌ مجتهد ترجح بين المذاهب الأربعة والظاهرية، وتختار منها قولًا .
• وإن رجحت فدلل على ترجيحك من لغة العرب .
• فهيَّا يا صاحبي رجِّح لنا بين الفراء والجوهري والأزهري ، في مقابلة أبي داود ، في مقابلة الماوردي !
• وإذا أحببت أن أساعدك فاعلم أن العرب تقول : «رجلٌ أنمص الجبين» ، وقال امرؤ القيس :
• ويَأْكُلْنَ من قَوٍّ لَعاعًا ورِبَّةً * تَجَبَّرَ بعد الأكل وهو نميصُ .
• الأمر ليس بهذه البساطة يا صاحبي !
• قال الشافعيُّ رضي الله عنه في «الرسالة» (ص510) : «ولا يكونُ لأحدٍ أن يقيسَ حتى يكون عالمًا بما مضى قبله من السنن وأقاويل السلف وإجماع الناس واختلافهم ولسان العرب» .
• وهذا في القياس ، فمابالك بمنطوق الشارع !
• طبعًا إذا قلتَ لي : إن النمص من الألفاظ المنقولة من المعنى اللغوي لمعنى شرعي ساعتها ينتهي النقاش ، وتحتاج إلى مطالعة كتاب مبتدئ في أصول الفقه ؛ لتعرف معنى اللفظ المنقول .
• فقال لي صاحبي : دعنا من تفسير النمص ، فلتسلم لي جدلًا أن النمص هنا بمعنى نتف شعر الحاجب لا غيرُ ، فما الحجة على تخصيص الحديث بالمُغَرِّرَة بالخطاب ، وعدم العمل بعمومه ، أجاء نصٌّ عن رسول الله صلى الله عليه يفيد هذا التخصيص ؟
• قلتُ : هذا هو الإشكال الذي يعشش في رأسك ، ويحدث دخنًا يحول بينك وبين فهم مدارك الفقهاء ، وهو أنك تتصور أن النص لا يتخصص عمومُه إلا بنصٍّ آخر ، والفقهاء يخصصون بغير ذلك كما هو معلومٌ عند الأصوليين .
• وقد حكى الإسنوي عن الشافعي رضي الله عنه «التمهيد في تخريج الفروع على الأصول» (ص375) جوازَ أنْ يستنبطَ المجتهدُ من النصِّ معنى يخصصه .
• ووجه التخصيص هنا : أن لا فرقَ معتبرٌ بين أخذ شعر الجبين والشارب واللحية ، وشعر الحاجب : من حيث كون كل منها زينةً تعتادها المرأة .
• فأجزنا أخذ شعر اللحية والشارب وأطراف الوجه بمقتضى التخصيص بالعادة (وهو أنه من المعلوم ضرورة أن نساء المسلمين سلفًا وخلفًا لم يكنَّ يُمْنَعْنَ من هذا الأمر ، ولو منعن لعرف ذلك ، وتوارثه الناس ، مع استقباحه عند جميع العقلاء) .
• وأجزنا أخذ شعر الحاجب بالتخصيص بالمعنى المستنبط ؛ فلا فرقَ مؤثرٌ بين شعر الحاجب وبقية شعور الوجه ، والفروق الموجودة فروقٌ طردية غير مؤثرة ، فوجب حمل النصِّ على المُغَرِّرَة ، فتكون العلة التغرير بالخُطَّابِ ، وليس مجرد الأخذ .
• فإن قلتَ يا صاحبي : بل ثم فرقٌ مؤثرٌ ، وهو أن النمص جاء فيه النصٌّ ؟
• قلتُ لكَ : هذا استدلالٌ بمحل النزاع ، وهو لا يجوز ، فألزمك أثبات ذلك بالترجيح بين الأقوال اللغوية الثلاثة السابق سردها ، والتدليل على ترجيحك من لسان العرب .
• فقال صاحبي : ولكن النمصَ تغيير لخلق الله سبحانه ، وكلُّ تغيير لخلق الله سبحانه محرمٌ .
• قلتُ : قولك : «كلُّ تغيير لخلق الله محرم» غلطٌ ، ليس كل تغيير لخلق الله محرمًا ، بل تغيير خلق الله سبحانه تعتريه الأحكام الخمسة ، فقد يكون محرمًا ، وقد يكون مكروهًا ، وقد يكون مباحًا ، وقد يكون مستحبًّا ، وقد يكون واجبًا .
• فقد يكون محرمًا : نحو نص الفقهاء على تحريم الخصاء وتعليلهم ذلك بأنه تغيير لخلق الله ، كما ذكر الحافظ في «فتح الباري» (9/119) ، وقال النووي رحمه الله في «المجموع» (6/177) : «قال البغويُّ والرافعيُّ : لا يجوزُ خصاءُ حيوانٍ لا يؤكل ، لا في صغره ، ولا في كبره ، قال : ويجوز خصاء المأكول في صغره ؛ لأن فيه غرضًا وهو طيب لحمه ، ولا يجوز في كبره ، ووجه قولهما أ
نه داخل في عموم قوله تعالى إخبارًا عن الشيطان : (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) ، فخصص منه الختان والوسم ونحوهما ، وبقي الباقي داخلًا في عموم الذم والنهي» .
• وقد يكون مكروهًا : نحو نص أصحابنا على كراهة أخذ شعر الحاجبين للرجل إذا طالا ، قال النووي رحمه الله في «المجموع» (ج1/ص290) : «وأمَّا الأخذُ من الحاجبين إذا طالا فلم أرَ فيه شيئًا لأصحابنا ، وينبغى أن يُكرَهَ ؛ لأنه تغييرٌ لخلق الله لم يثبت فيه شيءٌ ، فَكُرِهَ» ، وكذا نحوُ نصِّ أصحابنا على كراهة تنف اللحية وخضابها للرجل ؛ لأنه تغيير لخلق الله ، كما نص على ذلك الماوردي في «الحاوي الكبير» (ج17/ص151) والروياني في «بحر المذهب» (ج14/ص275) ، حيث قالا : «نتف اللحية من السفه الذي ترد به الشهادة ، وكذلك خضاب اللحية من السفه الذي ترد به الشهادة ، لما فيها من تغيير خلق الله تعالى» .
• وقد يكون مباحًا : وذلك نحو جواز أخذ الرجل شعر صدره ونحو ذلك .
• وقد يكون مستحبًّا : كنص الفقهاء على أنه إذا نبتت للمرأة لحية أو شارب استحب لها أن تزيلها ، قال النووي رحمه الله في «المجموع» (ج1/ص290) : «أما المرأة إذا نبتت لها لحيةٌ فيستحب حلقها صرَّحَ به القاضي حسين وغيره ، وكذا الشاربُ والعنفقةُ لها ، هذا مذهبنا ، وقال محمد بن جرير : لا يجوز لها حلقً شيءٍ من ذلك ، ولا تغـــــــيير شئ من خلقتها بزيادة ولا نقص» .
• وقد يكون واجبًا : كنص أصحابنا على وجوب الختان ، قال النووي – ودلالة كلامه إشارية – في «المجموع» (6/177) : «قوله تعالى - إخبارًا عن الشيطان - (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) فخصص منه الختان» .
• وبهذا يتبدى أن تغيير خلق الله ليس كله محرمًا ، بل تعتريه الأحكام الخمسة .
• وإذا نظرنا في فروع الأصحاب نأخذ من كلامهم أن ضابط تغيير خلق الله المحرم عندهم هو : «تغييرُ أصلِ الخِلقةِ ، على وجه الدوام ، دون مقتضٍ من علاج أو إزالة عيب أو إذن الشارع صراحة أو سكوتًا»
• فقولنا : «تغييرُ أصل الخلقة» يخرُجُ به تغييرُ طارِئها ، كما رُوي أنَّ عرفجة لقد قطعت أنفه يوم الكلاب من فضة ، فأنتن ، فاتخذ أنفًا من ذهب ، والحديث مختلف في تحسينه وتضعيفه ، وقد نص الأصحاب على جواز ذلك .
• ويخرج بقولنا : «على وجه الدوام» ما لو كان التغييرُ لا على وجه الدوام ، فما لا يكون باقيًا لا يكون محرمًا كتكحيل المرأة عينيها وتحمير وجنتيها وشفتيها ونحو ذلك بما يتزين به ، قال ابن الملقن في «التوضيح» (ج23/ص371) : « قال تعالى مخبرًا عنه: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ} [النساء: 119] وهذا إنما فيما يكون باقيًا ، فأما ما لا يكون باقيًا كالكحل والتزين ؛ فقد أجازه مالك وغيره، حكاه القرطبي» ، وهو مستقيم على طريقة الأصحاب .
• وقولنا : «دون مقتضٍ من علاج أو إزالة عيب» يخرج ما لو كان التغيير على وجه العلاج أو إزالة العيب فلا يحرم ، قال ابن الملقن رحمه الله في «التوضيح» (ج23/ص371) : «إذا احتيج إليه لعلاج أو عيب في السن وتحدبه فلا بأس به».
• وقولنا : «أو إذن الشارع» يخرج به ما لو كان مأذونًا فيه من الشارع.
• وقولنا : «صراحة» كأن يرد فيه أمرٌُ محمول على الوجوب أو الندب .
• وقولنا : «سكوتًا» كأن يسكت الشارع عنه .
• وحاصل ذلك : أنه ليس كل تغيير يكون محرمًا ، وضابط التغيير المحرم : «تغييرُ أصلِ الخِلقةِ ، على وجه الدوام ، دون مقتضٍ من علاج أو إزالة عيب أو إذن الشارع صراحة أو سكوتًا » .
• فقال لي صاحبي : ولكن النمصَ زينة ، ومن تكشف وجهها متنمصة تعدُّ متبرجة بزينة ، فهلا قلتم : من تتنمص إنما عليها أن تغطي وجهها .
• أما كون النمص زينة فنعم ، ولكن السؤال : هل كلُّ زينة يحرم إبدائها عند من لا يوجب تغطية الوجه ؟
• الجواب : ليس كلُّ زينة يحرم إبداؤها ، فأخذ المرأة شعر شاربها ولحيتها وجوانب وجهها وجبتها إنما هي التكييف الفقهي زينة ، ولكن لا يحرم إبداؤها ، فكذلك أخذ المرأة شعر حاجبها ، وكل زينة متصلةٍ لا يحرم إبداؤها عند من جوَّز كشف الوجه ، بخلاف المنفضلة كأحمر الشفاة ومبيض الوجه ونحو ذلك .
• ولذلك نجد من متقدمي الشافعية من ينص على جواز كشف المرأة لوجهها ، وينص كذلك على جواز النمص .
• وذلك مثل الإمام الماوردي رحمه الله في «الحاوي الكبير» حيث قال في النمص (ج2/ص257) : «فأما النامصة والمتنمصة : فهي التي تأخذ الشعرَ من حول الحاجبين وأعالي الجبهة ، والنهي في هذا كله على معنى النهي في الواصلة والمستوصلة» .
• أي : على التفصيل المذكور في الواصلة والمستوصلة .
• وقد قال فيه قبله بأسطر : «أن تكون ذات زوج تفعل ذلك للزينة عند زوجها ، أو أمة تفعل ذلك لسيدها ، فهذا غير حرام ؛ لأن المرأة مأمورة بأخذ الزينة لزوجها من الكحل والخضاب .... وحكي عن أحمد بن حنبل : أنه منع من ذلك بكل حال : لأن النهي عام ، وما ذكرناه أصح» .
• فالماوردي ينص على جواز النمص بإذن الزوج .
• وهو أيضًا ينص على جواز إبداء الوجه ، حيث قال في الحاوي الكبير(ج2/ص170) : «وأما العورة فضربان صغرى وكبرى :
• وقد يكون مكروهًا : نحو نص أصحابنا على كراهة أخذ شعر الحاجبين للرجل إذا طالا ، قال النووي رحمه الله في «المجموع» (ج1/ص290) : «وأمَّا الأخذُ من الحاجبين إذا طالا فلم أرَ فيه شيئًا لأصحابنا ، وينبغى أن يُكرَهَ ؛ لأنه تغييرٌ لخلق الله لم يثبت فيه شيءٌ ، فَكُرِهَ» ، وكذا نحوُ نصِّ أصحابنا على كراهة تنف اللحية وخضابها للرجل ؛ لأنه تغيير لخلق الله ، كما نص على ذلك الماوردي في «الحاوي الكبير» (ج17/ص151) والروياني في «بحر المذهب» (ج14/ص275) ، حيث قالا : «نتف اللحية من السفه الذي ترد به الشهادة ، وكذلك خضاب اللحية من السفه الذي ترد به الشهادة ، لما فيها من تغيير خلق الله تعالى» .
• وقد يكون مباحًا : وذلك نحو جواز أخذ الرجل شعر صدره ونحو ذلك .
• وقد يكون مستحبًّا : كنص الفقهاء على أنه إذا نبتت للمرأة لحية أو شارب استحب لها أن تزيلها ، قال النووي رحمه الله في «المجموع» (ج1/ص290) : «أما المرأة إذا نبتت لها لحيةٌ فيستحب حلقها صرَّحَ به القاضي حسين وغيره ، وكذا الشاربُ والعنفقةُ لها ، هذا مذهبنا ، وقال محمد بن جرير : لا يجوز لها حلقً شيءٍ من ذلك ، ولا تغـــــــيير شئ من خلقتها بزيادة ولا نقص» .
• وقد يكون واجبًا : كنص أصحابنا على وجوب الختان ، قال النووي – ودلالة كلامه إشارية – في «المجموع» (6/177) : «قوله تعالى - إخبارًا عن الشيطان - (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله) فخصص منه الختان» .
• وبهذا يتبدى أن تغيير خلق الله ليس كله محرمًا ، بل تعتريه الأحكام الخمسة .
• وإذا نظرنا في فروع الأصحاب نأخذ من كلامهم أن ضابط تغيير خلق الله المحرم عندهم هو : «تغييرُ أصلِ الخِلقةِ ، على وجه الدوام ، دون مقتضٍ من علاج أو إزالة عيب أو إذن الشارع صراحة أو سكوتًا»
• فقولنا : «تغييرُ أصل الخلقة» يخرُجُ به تغييرُ طارِئها ، كما رُوي أنَّ عرفجة لقد قطعت أنفه يوم الكلاب من فضة ، فأنتن ، فاتخذ أنفًا من ذهب ، والحديث مختلف في تحسينه وتضعيفه ، وقد نص الأصحاب على جواز ذلك .
• ويخرج بقولنا : «على وجه الدوام» ما لو كان التغييرُ لا على وجه الدوام ، فما لا يكون باقيًا لا يكون محرمًا كتكحيل المرأة عينيها وتحمير وجنتيها وشفتيها ونحو ذلك بما يتزين به ، قال ابن الملقن في «التوضيح» (ج23/ص371) : « قال تعالى مخبرًا عنه: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللهِ} [النساء: 119] وهذا إنما فيما يكون باقيًا ، فأما ما لا يكون باقيًا كالكحل والتزين ؛ فقد أجازه مالك وغيره، حكاه القرطبي» ، وهو مستقيم على طريقة الأصحاب .
• وقولنا : «دون مقتضٍ من علاج أو إزالة عيب» يخرج ما لو كان التغيير على وجه العلاج أو إزالة العيب فلا يحرم ، قال ابن الملقن رحمه الله في «التوضيح» (ج23/ص371) : «إذا احتيج إليه لعلاج أو عيب في السن وتحدبه فلا بأس به».
• وقولنا : «أو إذن الشارع» يخرج به ما لو كان مأذونًا فيه من الشارع.
• وقولنا : «صراحة» كأن يرد فيه أمرٌُ محمول على الوجوب أو الندب .
• وقولنا : «سكوتًا» كأن يسكت الشارع عنه .
• وحاصل ذلك : أنه ليس كل تغيير يكون محرمًا ، وضابط التغيير المحرم : «تغييرُ أصلِ الخِلقةِ ، على وجه الدوام ، دون مقتضٍ من علاج أو إزالة عيب أو إذن الشارع صراحة أو سكوتًا » .
• فقال لي صاحبي : ولكن النمصَ زينة ، ومن تكشف وجهها متنمصة تعدُّ متبرجة بزينة ، فهلا قلتم : من تتنمص إنما عليها أن تغطي وجهها .
• أما كون النمص زينة فنعم ، ولكن السؤال : هل كلُّ زينة يحرم إبدائها عند من لا يوجب تغطية الوجه ؟
• الجواب : ليس كلُّ زينة يحرم إبداؤها ، فأخذ المرأة شعر شاربها ولحيتها وجوانب وجهها وجبتها إنما هي التكييف الفقهي زينة ، ولكن لا يحرم إبداؤها ، فكذلك أخذ المرأة شعر حاجبها ، وكل زينة متصلةٍ لا يحرم إبداؤها عند من جوَّز كشف الوجه ، بخلاف المنفضلة كأحمر الشفاة ومبيض الوجه ونحو ذلك .
• ولذلك نجد من متقدمي الشافعية من ينص على جواز كشف المرأة لوجهها ، وينص كذلك على جواز النمص .
• وذلك مثل الإمام الماوردي رحمه الله في «الحاوي الكبير» حيث قال في النمص (ج2/ص257) : «فأما النامصة والمتنمصة : فهي التي تأخذ الشعرَ من حول الحاجبين وأعالي الجبهة ، والنهي في هذا كله على معنى النهي في الواصلة والمستوصلة» .
• أي : على التفصيل المذكور في الواصلة والمستوصلة .
• وقد قال فيه قبله بأسطر : «أن تكون ذات زوج تفعل ذلك للزينة عند زوجها ، أو أمة تفعل ذلك لسيدها ، فهذا غير حرام ؛ لأن المرأة مأمورة بأخذ الزينة لزوجها من الكحل والخضاب .... وحكي عن أحمد بن حنبل : أنه منع من ذلك بكل حال : لأن النهي عام ، وما ذكرناه أصح» .
• فالماوردي ينص على جواز النمص بإذن الزوج .
• وهو أيضًا ينص على جواز إبداء الوجه ، حيث قال في الحاوي الكبير(ج2/ص170) : «وأما العورة فضربان صغرى وكبرى :
فأما الكبرى فجميع البدن إلا الوجه والكفان .وأما الصغرى فما بين السرة والركبة . وما يلزمها ستر هاتين العورتين من أجله على ثلاثة أضرب : أحدها : أن يلزمها ستر العورة الكبرى ، وذلك في ثلاثة أحوال : أحدها : في الصلاة ، وقد مضى حكمها .والثاني : مع الرجال الأجانب ، عورة المرأة في حضورهم ، ولا فرق بين مسلمهم وكافرهم ، وحرهم وعبدهم ، وعفيفهم وفاسقهم ، وعاقلهم ومجنونهم في إيجاب ستر العورة الكبرى من جميعهم .... إلى آخر كلامه رحمه الله» .
• قالي لي صاحبي : وما دليلكم معاشر الشافعية على أن العلة إذن الزوج ؟
• قلتُ : وهذا خطأ في فهم نصوص مدوناتنا الفقهية ؛ فإن الحكم هو التحريم ، وعلته : التغرير ، إذا وجدت العلة (التغرير) وجد الحكم (التحريم) ، وإذا انتفت العلة (التغرير) انتفى الحكم ، لذلك قلنا يحرم على الخَلِيَّة (غير المتزوجة) التنمصُ ، أما المزوجة فلا يحرم ؛ لانتفاء التغرير في حقها ؛ إذ ليست تخطب للأزواج .
• أما اشتراطنا إذن الزوج لا من جهة العليَّة ، وإنما من جهة قاعدة معلومة من الشرع ، وهي أن كل ما تعلق بالاستمتاع بالبضع وتوابعه يجب فيه إذن الزوج ، وزينة المرأة من متعلقات الاستمتاع فوجب فيها استئذان الزوج ؛ إذ قد يكره الزوج النمص من جهة الطبع ، فتمنع منه المرأة.
• قال لي صاحبي : فهل يحرم على الخَلِيَّة (غير المتزوجة) مطلقًا .
• قلتُ : بل يحرم إذا كان تغريرًا بخاطبٍ ، فإذا لم يكن كذلك لم يحرم ، كأن تعلمه ونحو ذلك ؛ تخريجًا على قول أصحابنا في التصرية بعلم المشتري وارتفاع الحرمة وعدم ثبوت الخيار .
• قال لي صاحبي : وما أنتم يا معاشر المتمذهبة إلا قومًا من المُمَيِّعة ، تفتون الناس بحل النمص بإذن الزوج ، واستحباب النقاب ، وكراهة الإسبال لغير خيلاء تنزيهًا ، وجواز الألوان للمرأة .
• قلتُ : على رِسلك يا أبا الحارث ، أسائلك ، والحجة بيني وبينك السلف الذين هم فوقنا في علم وفضل .
• قال : سل .
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأن الإسبالَ لغير خيلاء محرمٌ على الراجح ، وليس مكروهًا كراهة تنزيه.
• قال : بلى ، وهذا هو الراجح ، وليس يصح في الأذهان شيءٌ ... إذا احتاج النهارُ إلى دليل .
• قلتُ : لقد ثبت عن ابن عباس وابن مسعودٍ بالأسانيد الصحيحة ما يقتضي قولهما بكراهته كراهة تنزيه [انظر : «الآحاد والمثاني» (ج1/ص314) ، «مصنف ابن أبي شيبة» (ج8/ص202)] .
• فهل كان ابن عباس وابن مسعود والمذاهب المتبوعة في معتمدها مميعين ، وأنت وشيخُك أهل التمسك والدليل ؟!
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأن النقابَ فرضٌ قولًا واحدًا .
• قال صاحبي : بلى .
• قلتُ : لقد ثبت عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما بالأسانيد الصِّحَاح المِلاح ما يفيد قولهما بعدم وجوبه ، ورواية العين الواحدة عن ابن عباس رواية ضعيفة (مع مخالفة ابن مسعود) . [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة (ج4/ص283 – ص284)] .
• فهل كان ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما ومن تابعهما من جمهور الفقهاء مميعين ؟!
• قلتُ : ألم تفتِ المعلمة الجسورُ امرأتَك بأن الألوان لا تجوزُ ، وأن عليها لبس السواد أو البياض .
• قال صاحبي : بلى .
• قلتُ : لقد صحَّ عن إبراهيم النخعي أنه كان يدخل مع علقمة والأسود على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فيراهن في اللحف الحمر ، وصحَّ عن سعيد بن جبير أنه رأى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تطوف بالبيت ، وعليها ثياب معصفرة [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة» (ج8/ص184)].
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأنه لا يجوز لك الأخذ من لحيتك .
• قال : بلى .
• قلتُ : لقد ثبت بالأسانيد الصِّحَاح عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما كان يأخذان من لِحَاهما ما زاد عن القبضة ، وصحَّ عن إبراهيم النخعي أنه قال واصفًا حال من أدركهم : «كانوا يأخذون من عوارضها» [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة» (ج8/ص376)] .
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأن الكحل أمام الأجانب للمرأة حرامٌ قولًا واحدًا .
• قال : بلى .
• قلتُ : وكذلك هو معتمد الشافعية ، ولكن الشافعية وأهل المذاهب لا يدلسون على الناس ، ولا يحكون إجماعًا في غير محله ، ولا يرمون غيرهم بالتمييع ، فقد ثبت عن عطاء أنه فسر الزينة الظاهرة في الآية بـ«الخضاب والكحل» ، وصحَّ عن قتادة أنه فسرها بـ«بالكحل والسوارين والخاتم» ، وصحَّ عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه قال : «الكحل والخضاب والخاتم» ، وصحَّ عن الشعبي أنه فسرها بـ«الكحل والثياب» ، وصحَّ عن عكرمة أنها فسرها بـ«الثياب والكحل والخضاب» [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة» (ج4/ص273-ص284) ، «تفسير الطبري» (ج19/ص157-ص158) ، «جزء يحيى بن معين» (ص201].
• فهل كان عطاء وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والشعبي وعكرمة مميعين يدعون النساء للفتنة ؟!
• والشافعية في معتمدهم يخالفون هؤلاء جميعًا ، ويأخذون بقول غيرهم من السلف ، ولكنهم لا يتهمون غيرهم بالتمييع .
• فقال لي صاحبي : هكذا أنتم تجرون الناس بعرض هذه الأقوال إلى تتبع الرخص ، ومن تتبع الرخص فقد اجتمع فيه الشرُّ كله .
• ق
• قالي لي صاحبي : وما دليلكم معاشر الشافعية على أن العلة إذن الزوج ؟
• قلتُ : وهذا خطأ في فهم نصوص مدوناتنا الفقهية ؛ فإن الحكم هو التحريم ، وعلته : التغرير ، إذا وجدت العلة (التغرير) وجد الحكم (التحريم) ، وإذا انتفت العلة (التغرير) انتفى الحكم ، لذلك قلنا يحرم على الخَلِيَّة (غير المتزوجة) التنمصُ ، أما المزوجة فلا يحرم ؛ لانتفاء التغرير في حقها ؛ إذ ليست تخطب للأزواج .
• أما اشتراطنا إذن الزوج لا من جهة العليَّة ، وإنما من جهة قاعدة معلومة من الشرع ، وهي أن كل ما تعلق بالاستمتاع بالبضع وتوابعه يجب فيه إذن الزوج ، وزينة المرأة من متعلقات الاستمتاع فوجب فيها استئذان الزوج ؛ إذ قد يكره الزوج النمص من جهة الطبع ، فتمنع منه المرأة.
• قال لي صاحبي : فهل يحرم على الخَلِيَّة (غير المتزوجة) مطلقًا .
• قلتُ : بل يحرم إذا كان تغريرًا بخاطبٍ ، فإذا لم يكن كذلك لم يحرم ، كأن تعلمه ونحو ذلك ؛ تخريجًا على قول أصحابنا في التصرية بعلم المشتري وارتفاع الحرمة وعدم ثبوت الخيار .
• قال لي صاحبي : وما أنتم يا معاشر المتمذهبة إلا قومًا من المُمَيِّعة ، تفتون الناس بحل النمص بإذن الزوج ، واستحباب النقاب ، وكراهة الإسبال لغير خيلاء تنزيهًا ، وجواز الألوان للمرأة .
• قلتُ : على رِسلك يا أبا الحارث ، أسائلك ، والحجة بيني وبينك السلف الذين هم فوقنا في علم وفضل .
• قال : سل .
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأن الإسبالَ لغير خيلاء محرمٌ على الراجح ، وليس مكروهًا كراهة تنزيه.
• قال : بلى ، وهذا هو الراجح ، وليس يصح في الأذهان شيءٌ ... إذا احتاج النهارُ إلى دليل .
• قلتُ : لقد ثبت عن ابن عباس وابن مسعودٍ بالأسانيد الصحيحة ما يقتضي قولهما بكراهته كراهة تنزيه [انظر : «الآحاد والمثاني» (ج1/ص314) ، «مصنف ابن أبي شيبة» (ج8/ص202)] .
• فهل كان ابن عباس وابن مسعود والمذاهب المتبوعة في معتمدها مميعين ، وأنت وشيخُك أهل التمسك والدليل ؟!
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأن النقابَ فرضٌ قولًا واحدًا .
• قال صاحبي : بلى .
• قلتُ : لقد ثبت عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما بالأسانيد الصِّحَاح المِلاح ما يفيد قولهما بعدم وجوبه ، ورواية العين الواحدة عن ابن عباس رواية ضعيفة (مع مخالفة ابن مسعود) . [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة (ج4/ص283 – ص284)] .
• فهل كان ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما ومن تابعهما من جمهور الفقهاء مميعين ؟!
• قلتُ : ألم تفتِ المعلمة الجسورُ امرأتَك بأن الألوان لا تجوزُ ، وأن عليها لبس السواد أو البياض .
• قال صاحبي : بلى .
• قلتُ : لقد صحَّ عن إبراهيم النخعي أنه كان يدخل مع علقمة والأسود على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ، فيراهن في اللحف الحمر ، وصحَّ عن سعيد بن جبير أنه رأى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تطوف بالبيت ، وعليها ثياب معصفرة [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة» (ج8/ص184)].
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأنه لا يجوز لك الأخذ من لحيتك .
• قال : بلى .
• قلتُ : لقد ثبت بالأسانيد الصِّحَاح عن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما كان يأخذان من لِحَاهما ما زاد عن القبضة ، وصحَّ عن إبراهيم النخعي أنه قال واصفًا حال من أدركهم : «كانوا يأخذون من عوارضها» [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة» (ج8/ص376)] .
• قلتُ : ألم يُفتِكَ شيخُك بأن الكحل أمام الأجانب للمرأة حرامٌ قولًا واحدًا .
• قال : بلى .
• قلتُ : وكذلك هو معتمد الشافعية ، ولكن الشافعية وأهل المذاهب لا يدلسون على الناس ، ولا يحكون إجماعًا في غير محله ، ولا يرمون غيرهم بالتمييع ، فقد ثبت عن عطاء أنه فسر الزينة الظاهرة في الآية بـ«الخضاب والكحل» ، وصحَّ عن قتادة أنه فسرها بـ«بالكحل والسوارين والخاتم» ، وصحَّ عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه قال : «الكحل والخضاب والخاتم» ، وصحَّ عن الشعبي أنه فسرها بـ«الكحل والثياب» ، وصحَّ عن عكرمة أنها فسرها بـ«الثياب والكحل والخضاب» [انظر : «مصنف ابن أبي شيبة» (ج4/ص273-ص284) ، «تفسير الطبري» (ج19/ص157-ص158) ، «جزء يحيى بن معين» (ص201].
• فهل كان عطاء وقتادة وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم والشعبي وعكرمة مميعين يدعون النساء للفتنة ؟!
• والشافعية في معتمدهم يخالفون هؤلاء جميعًا ، ويأخذون بقول غيرهم من السلف ، ولكنهم لا يتهمون غيرهم بالتمييع .
• فقال لي صاحبي : هكذا أنتم تجرون الناس بعرض هذه الأقوال إلى تتبع الرخص ، ومن تتبع الرخص فقد اجتمع فيه الشرُّ كله .
• ق
لتُ : ما ذنبي وما ذنب الناس إذا كنت تحفظ ما لا تعرف ضابطه عند أهل العلم ، فليس معنى تتبع الرخص أخذ المكلف بالقول اليسير في بضعة مسائل من الفقه ، وإنما تتبع الرخص ضابطه أن يختار المكلف الأيسر له من كل المذاهب في المسائل بحيث تنحل ربقة التكليف من عنقه ، كما ذكره الهيتمي وغيره .
• يا صاحبي ؛ إن شراح كتب السنة إنما هم علماء المذاهب الأربعة ، فهل تتصور أن يطبق أكثرهم على مخالفة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويغفلون عن القاعدة الأصولية الرياضية التي تحفظها : «العام المُحَلَّى بأل الجنس يفيد الاستغراق» ، أم خفي عليه حديثٌ مشهورٌ في الصحيحين !
• يا صاحبي ؛ إن أعلم الناس بوقاق السلف وخلافهم إنما هم علماء المذاهب الأربعة ، فالبيهقيُّ الشافعي استدل على كل كلمة قالها الشافعي – بل وغيره - بآثار السلف الكرام في «السنن الكبرى» و«معرفة السنن والآثار» ، والطحاوي الحنفي صنف «شرح معاني الآثار» ، وهي عاجة بآثار السلف على مسائل أبي حنيفة رضي الله عنه ، وابن قدامة الحنبلي لا ترى له مسألة في «المغني» إلا ويعقبها لكَ بقوله : «وهذا قول فلان وفلان» ، ويذكر لك القائلين به من الصحابة والتابعين ، وابن عبد البر في المالكية لا يذكر مسألة إلا وغاص فقه السلف راويًا لكَ من قال به من السلف ، أتراهم يطبقون على مخالفة السلف !
• يا صاحبي ؛ هون عليك ، ليسَ الفقهُ حفظَ مذاهب الناس ، ولا أنْ يُحسنَ المرءُ سردَ الأقاويلِ وأدلَّتِها ، وإنما الفقهُ : ملَكَةٌ في النفس ، تحْصُل بإدْمَان النَّظر في آلافِ الفروع الفقهيّة ، والتأمُّل في تصرُّف المجتهدِ فيها ، والغوصِ في غَوْر الدِّلالاتِ ومَسَالكها ، وسبْر قَوَادِحها ونوَاقِضَها ، حتى تصيرَ للناظرِ ملكةٌ يتكلمُ بها في غير المنصُوص ككلامِه في المنصُوص ، لذَا قالَ الغزاليُّ - رحمه الله - : « إذَا لم يتكلم الفقيهُ في مسألةٍ لم يَسْمَعْها ككلامِه في مسألةٍ سَمِعَها فليس بفقيه» .
• اللهم إني أعوذ بك ان أَضِلَّ أو أُضَلَّ ، أو أنصر باطلًا أو أُسَوِّغ له .
• والسلام .
• يا صاحبي ؛ إن شراح كتب السنة إنما هم علماء المذاهب الأربعة ، فهل تتصور أن يطبق أكثرهم على مخالفة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويغفلون عن القاعدة الأصولية الرياضية التي تحفظها : «العام المُحَلَّى بأل الجنس يفيد الاستغراق» ، أم خفي عليه حديثٌ مشهورٌ في الصحيحين !
• يا صاحبي ؛ إن أعلم الناس بوقاق السلف وخلافهم إنما هم علماء المذاهب الأربعة ، فالبيهقيُّ الشافعي استدل على كل كلمة قالها الشافعي – بل وغيره - بآثار السلف الكرام في «السنن الكبرى» و«معرفة السنن والآثار» ، والطحاوي الحنفي صنف «شرح معاني الآثار» ، وهي عاجة بآثار السلف على مسائل أبي حنيفة رضي الله عنه ، وابن قدامة الحنبلي لا ترى له مسألة في «المغني» إلا ويعقبها لكَ بقوله : «وهذا قول فلان وفلان» ، ويذكر لك القائلين به من الصحابة والتابعين ، وابن عبد البر في المالكية لا يذكر مسألة إلا وغاص فقه السلف راويًا لكَ من قال به من السلف ، أتراهم يطبقون على مخالفة السلف !
• يا صاحبي ؛ هون عليك ، ليسَ الفقهُ حفظَ مذاهب الناس ، ولا أنْ يُحسنَ المرءُ سردَ الأقاويلِ وأدلَّتِها ، وإنما الفقهُ : ملَكَةٌ في النفس ، تحْصُل بإدْمَان النَّظر في آلافِ الفروع الفقهيّة ، والتأمُّل في تصرُّف المجتهدِ فيها ، والغوصِ في غَوْر الدِّلالاتِ ومَسَالكها ، وسبْر قَوَادِحها ونوَاقِضَها ، حتى تصيرَ للناظرِ ملكةٌ يتكلمُ بها في غير المنصُوص ككلامِه في المنصُوص ، لذَا قالَ الغزاليُّ - رحمه الله - : « إذَا لم يتكلم الفقيهُ في مسألةٍ لم يَسْمَعْها ككلامِه في مسألةٍ سَمِعَها فليس بفقيه» .
• اللهم إني أعوذ بك ان أَضِلَّ أو أُضَلَّ ، أو أنصر باطلًا أو أُسَوِّغ له .
• والسلام .
قالَ بِشرُ بن الحَارث رضي الله عنه : «غَنيمة المُؤمن غفلة النَّاس عنه وإخفاءُ مكانِه عنهم» .
بركة العمر ، وكفى بها نعمة ...
قال التاجُ السُّبكيُّ - رحمه الله - : «اتَّفقَ النَّقَلةُ على أنَّ عمرَ الشَّافعىِّ - رحمه الله - لا يَفِى بعُشر ما أبرزَهُ من التصانيفِ ، مع ما يثبتُ عنه من تلاوةِ القُرآن كلَّ يومٍ ختمة بالتدبر ، وفى رمضانَ كلَّ يومٍ ختمتين كذلك ، واشتغِاله بالدَّرس والفَتاوى والذِّكر والفكر والأمراض التى كانت تعتوره بحيث لم يخل - رضى الله عنه - من علَّة أو علتين أو أكثر ، وربما اجتمَعَ فيه ثلاثونَ مرضًا ....
وكذلك إمامُ الحرمينِ أبو المَعَالى الجُوَينى - رحمه الله - حُسِب عمرُه وما صَنَّفه مع ما كان يُلقِيه على الطلبة ويُذَكِّر به فى مجالس التذكير فوُجِد لا يَفِى به ...
وهذا الإمامُ الربانيُّ الشيخُ محيي الدِّين النووىُّ - رحمه الله - وُزِّعَ عمرُه على تصانيفه فوُجد أنه لو كان ينسَخُها فقط لَمَا كفاها ذلك العمرُ فضلًا عن كونه يصنفها ، فضلًا عمَّا كان يضُمُّه إليها من أنواع العبادات وغيرها .
وهذا الشيخُ الإمامُ الوالدُ - رحمه الله - إذا حُسِب ما كتبَهُ من التصانيف - مع ما كان يواظِبُه من العبادات ويمليه من الفوائد ويذكره فى الدروس من العلوم ويكتبه على الفتاوى ويتلوه من القرآن ويشتغل به من المحاكمات - عُرِف أنَّ عمرَه قطعًا لا يفِى بثُلث ذلك ...
فسُبحانَ من يُبَارك لهم ، ويطوى لهم وينشر» .
«طبقات الشافعية الكبرى» ج2/ص343
قال التاجُ السُّبكيُّ - رحمه الله - : «اتَّفقَ النَّقَلةُ على أنَّ عمرَ الشَّافعىِّ - رحمه الله - لا يَفِى بعُشر ما أبرزَهُ من التصانيفِ ، مع ما يثبتُ عنه من تلاوةِ القُرآن كلَّ يومٍ ختمة بالتدبر ، وفى رمضانَ كلَّ يومٍ ختمتين كذلك ، واشتغِاله بالدَّرس والفَتاوى والذِّكر والفكر والأمراض التى كانت تعتوره بحيث لم يخل - رضى الله عنه - من علَّة أو علتين أو أكثر ، وربما اجتمَعَ فيه ثلاثونَ مرضًا ....
وكذلك إمامُ الحرمينِ أبو المَعَالى الجُوَينى - رحمه الله - حُسِب عمرُه وما صَنَّفه مع ما كان يُلقِيه على الطلبة ويُذَكِّر به فى مجالس التذكير فوُجِد لا يَفِى به ...
وهذا الإمامُ الربانيُّ الشيخُ محيي الدِّين النووىُّ - رحمه الله - وُزِّعَ عمرُه على تصانيفه فوُجد أنه لو كان ينسَخُها فقط لَمَا كفاها ذلك العمرُ فضلًا عن كونه يصنفها ، فضلًا عمَّا كان يضُمُّه إليها من أنواع العبادات وغيرها .
وهذا الشيخُ الإمامُ الوالدُ - رحمه الله - إذا حُسِب ما كتبَهُ من التصانيف - مع ما كان يواظِبُه من العبادات ويمليه من الفوائد ويذكره فى الدروس من العلوم ويكتبه على الفتاوى ويتلوه من القرآن ويشتغل به من المحاكمات - عُرِف أنَّ عمرَه قطعًا لا يفِى بثُلث ذلك ...
فسُبحانَ من يُبَارك لهم ، ويطوى لهم وينشر» .
«طبقات الشافعية الكبرى» ج2/ص343
قالَ بِشرُ بن الحَارث رضي الله عنه : «طُوبَى لمَنْ ترَك شهوةً حاضرة لمَوْعدِ غيبٍ لم يرَه» .
(حوار بين المفتي والمستفتي لتبسيط الدليل)
======
المستفتي : ما الدليل على أن النمص جائزٌ ما لم تغش المرأة به خاطبًا .
المفتي : الدليل حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (لعن الله النامصة والمتنمصة) .
المستفتي : كيف ذلك .
المفتي : النمص في لغة العرب كما قاله الفراء والأزهري والجوهري : نتف شعر الوجه ، فأي نتف من شعر الوجه يسمى نمصًا ، لحية كان أو شاربًا أو جبينًا أو جبهة .
والقرآن والسنة على مقتضى لغة العرب .
فمعنى الحديث إذن : لعن الله من تنتف الشعر من وجهها ، والتي تنتف لها ، فهل يمكن حمله على ظاهره .
الجواب : لا يمكن حمله على ظاهره ، بل يتحتم تأويله .
المستفتي : فكيف يتم تأويله أيها الشيخ ، وما وجه التأويل ؟
المفتي : وجه التأويل استحالة الإجراء على الظاهر ؛ لأنه يقتضي أن أي شعر ينتف من الوجه يرتب اللعن .
فيُأوَّل النص بصرفه عن ظاهره بإخراج شعر اللحية والشارب والجبين والجبهة = بمقتضى إجماع المسلمين العملي على أخذ النساء مثل هذا الشعور ، بلا نكير من أحدٍ ، ولو أنكر ذلك من الصحابة أو التابعين أو من بعدهم لنقل ، ولو كنَّ يتركن هذه الشعور بلا أخذ لنقل واشتهر وشوهد ، فيكون أخذ شعر اللحية والشارب والجبين والجبهة جائز ، خارج من العموم .
ويُأوَّل النصَّ بصرف عن ظاهره فيما يتعلق بشعر الحاجب ؛ بانعدام الفرق المؤثر بين شعر الحاجب وشعر اللحية والشارب والجبيبن والجبهة ، ومن ادعي الفرق فعليه الدليل .
فلو قال قائل : الحاجب جاء فيه النص .
نقول له : هذا وهم ؛ النص حرم النمص ، والنمص كل نتف لأي شعر في الوجه ، فإن حملت النص على الحاجب فقط فأنت المطالب بالدليل .
فالخلاصة : أن أخذ شعر الحاجب يخرج من العموم بمقتضى انعدام الفرق المؤثر بينه وبين شعر الجبين والجبهة واللحية والشارب .
المستفتي : فعلام يحمل النهي إذن أيها الشيخ ؟
المفتي : يحمل على من فعلت ذلك غشًّا للخطاب .
المستفتي : أمال ايه حكاية إذن الزوج دي ؟
المفتي : هذا قيد زائد على النص والعلة ، وهو أن كل ما تعلق بزينة المرأة مما ليس من عادة الناس وجب فيه اسئذان الزوج .
المستفتي : والشافعية يا شيخ كلهم بيقولوا : إن النمص أخذ شعر الوجه كله .
المفتي : لا من الشافعية من يفسره بشعر الوجه كله ، ومن الشافعية من يفسره بأخذ شعر الحاجب فقط .
ثم يتفق جمهورهم على أنه لا فرق بين الحاجب وغيره فكل منهما زينة للزوجة ، يجوز للمرأة أن تأخذه ، ويحملون اللعن على الغاشة للخطاب بجمال حاجبها .
المستفتي : وهو ينفع كده يا شيخ ، نأول كلام النبي صلى الله عليه وسلم ؟
المفتي : نعم ينفع ، التأويل لا بد منه إذا عسر الإجراء على الظاهر .
أضرب لك مثال ، ربنا سبحانه قال : (أو لامستم النساء) .
هل لمس المرأة ينقض الوضوء مطلقًا أو لا ينقض ؟
الإمام أحمد والإمام مالك أولوا هذه الآية بأن المراد اللمس بشهوةٍ ، رغم إن الظاهر إن كل لمس ينقض .
والإمام أبو حنيفة أول هذه الآية فحمل اللمس على الجماع لا على مس البشرة للبشرة ، رغم إن حقيقة اللمس في اللغة مس البشرة للبشرة ، والجماع مجاز ، تقول العرب : (هذه المرأة لا ترد يد لامس) .
والإمام الشافعي رغم إنه قال إن لمس المرأة ينقض الوضوء ، لكنه أول الآية وقال : مس المحرم والبنت الصغيرة غير المشتهاة لا ينقض ، رغم إن الظاهر من الآية عدم الفرق ، والنساء محلاة بأل الجنس التي تفيد العموم .
المستفتي : طيب يا شيخ ، الأئمة في آية اللمس أولوا بدليل ، لكن في النمص أولوا إزاي ؟
المفتي : أولوا برضو بدليل ، أما في شعر اللحية والشارب فالتأويل بالإجماع العملي ، وأما في الحاجب فالتأويل بمقتضى أنه لا فرق بين الحاجب والجبين واللحية وغيرها ، ومن ادعى الفرق عليه الدليل .
المستفتي : وهل كل العلماء أولوا الدليل كده ؟
المفتي : لا ، في علماء أولته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قصد كل نامصة ، وإنما قصد المرأة الممنوعة من الزينة إذا تنمصت ، فالمقصود عندهم : (النامصة الممنوعة من الزينة كمعتدة عن وفاة) ، وهؤلاء هم المالكية في معتمد مذهبهم .
وفي علماء أولته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قصد كل نامصة ، بل قصد المتبرجة بالنمص للأجانب ، وهؤلاء هم الأحناف في معتمد مذهبهم .
وفي علماء أولته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قصد كل نامصة ، بل قصد النامصةالتي تفعل النمص المشابه لشعار الفاجرات والبغايا ، زي بعض الحنابلة كابن الجوزي .
المستفتي : طيب ، وهل في علماء لم تأوله يا شيخ ، وأجرت الحديث على ظاهره ؟
المفتي : نعم ، ولكن هؤلاء قسمان :
القسم الأول : من جرى على ظاهر الحديث ، وخصص النمص بالنتف فقط دون الحلق والقص ، وهذا هو الإمام أحمد بن حنبل عليه رضوان الله .
يعني : لو أن المرأة جملت حاجبها بالأخذ حرام ، لكن لو جملته بالأخذ بالقص أو الحلق حلال ، وطبعًا المعاصرين حتى قول الإمام أحمد مش عاجبهم ، ولا يأخذون به .
القسم الثاني : من جرى على ظاهر الحديث ، وحرموا على النساء أخذ أي شعر من الوجه حتى اللحية والشارب ، فقالوا : حتى لو نبت ل
======
المستفتي : ما الدليل على أن النمص جائزٌ ما لم تغش المرأة به خاطبًا .
المفتي : الدليل حديث النبي صلى الله عليه وسلم : (لعن الله النامصة والمتنمصة) .
المستفتي : كيف ذلك .
المفتي : النمص في لغة العرب كما قاله الفراء والأزهري والجوهري : نتف شعر الوجه ، فأي نتف من شعر الوجه يسمى نمصًا ، لحية كان أو شاربًا أو جبينًا أو جبهة .
والقرآن والسنة على مقتضى لغة العرب .
فمعنى الحديث إذن : لعن الله من تنتف الشعر من وجهها ، والتي تنتف لها ، فهل يمكن حمله على ظاهره .
الجواب : لا يمكن حمله على ظاهره ، بل يتحتم تأويله .
المستفتي : فكيف يتم تأويله أيها الشيخ ، وما وجه التأويل ؟
المفتي : وجه التأويل استحالة الإجراء على الظاهر ؛ لأنه يقتضي أن أي شعر ينتف من الوجه يرتب اللعن .
فيُأوَّل النص بصرفه عن ظاهره بإخراج شعر اللحية والشارب والجبين والجبهة = بمقتضى إجماع المسلمين العملي على أخذ النساء مثل هذا الشعور ، بلا نكير من أحدٍ ، ولو أنكر ذلك من الصحابة أو التابعين أو من بعدهم لنقل ، ولو كنَّ يتركن هذه الشعور بلا أخذ لنقل واشتهر وشوهد ، فيكون أخذ شعر اللحية والشارب والجبين والجبهة جائز ، خارج من العموم .
ويُأوَّل النصَّ بصرف عن ظاهره فيما يتعلق بشعر الحاجب ؛ بانعدام الفرق المؤثر بين شعر الحاجب وشعر اللحية والشارب والجبيبن والجبهة ، ومن ادعي الفرق فعليه الدليل .
فلو قال قائل : الحاجب جاء فيه النص .
نقول له : هذا وهم ؛ النص حرم النمص ، والنمص كل نتف لأي شعر في الوجه ، فإن حملت النص على الحاجب فقط فأنت المطالب بالدليل .
فالخلاصة : أن أخذ شعر الحاجب يخرج من العموم بمقتضى انعدام الفرق المؤثر بينه وبين شعر الجبين والجبهة واللحية والشارب .
المستفتي : فعلام يحمل النهي إذن أيها الشيخ ؟
المفتي : يحمل على من فعلت ذلك غشًّا للخطاب .
المستفتي : أمال ايه حكاية إذن الزوج دي ؟
المفتي : هذا قيد زائد على النص والعلة ، وهو أن كل ما تعلق بزينة المرأة مما ليس من عادة الناس وجب فيه اسئذان الزوج .
المستفتي : والشافعية يا شيخ كلهم بيقولوا : إن النمص أخذ شعر الوجه كله .
المفتي : لا من الشافعية من يفسره بشعر الوجه كله ، ومن الشافعية من يفسره بأخذ شعر الحاجب فقط .
ثم يتفق جمهورهم على أنه لا فرق بين الحاجب وغيره فكل منهما زينة للزوجة ، يجوز للمرأة أن تأخذه ، ويحملون اللعن على الغاشة للخطاب بجمال حاجبها .
المستفتي : وهو ينفع كده يا شيخ ، نأول كلام النبي صلى الله عليه وسلم ؟
المفتي : نعم ينفع ، التأويل لا بد منه إذا عسر الإجراء على الظاهر .
أضرب لك مثال ، ربنا سبحانه قال : (أو لامستم النساء) .
هل لمس المرأة ينقض الوضوء مطلقًا أو لا ينقض ؟
الإمام أحمد والإمام مالك أولوا هذه الآية بأن المراد اللمس بشهوةٍ ، رغم إن الظاهر إن كل لمس ينقض .
والإمام أبو حنيفة أول هذه الآية فحمل اللمس على الجماع لا على مس البشرة للبشرة ، رغم إن حقيقة اللمس في اللغة مس البشرة للبشرة ، والجماع مجاز ، تقول العرب : (هذه المرأة لا ترد يد لامس) .
والإمام الشافعي رغم إنه قال إن لمس المرأة ينقض الوضوء ، لكنه أول الآية وقال : مس المحرم والبنت الصغيرة غير المشتهاة لا ينقض ، رغم إن الظاهر من الآية عدم الفرق ، والنساء محلاة بأل الجنس التي تفيد العموم .
المستفتي : طيب يا شيخ ، الأئمة في آية اللمس أولوا بدليل ، لكن في النمص أولوا إزاي ؟
المفتي : أولوا برضو بدليل ، أما في شعر اللحية والشارب فالتأويل بالإجماع العملي ، وأما في الحاجب فالتأويل بمقتضى أنه لا فرق بين الحاجب والجبين واللحية وغيرها ، ومن ادعى الفرق عليه الدليل .
المستفتي : وهل كل العلماء أولوا الدليل كده ؟
المفتي : لا ، في علماء أولته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قصد كل نامصة ، وإنما قصد المرأة الممنوعة من الزينة إذا تنمصت ، فالمقصود عندهم : (النامصة الممنوعة من الزينة كمعتدة عن وفاة) ، وهؤلاء هم المالكية في معتمد مذهبهم .
وفي علماء أولته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قصد كل نامصة ، بل قصد المتبرجة بالنمص للأجانب ، وهؤلاء هم الأحناف في معتمد مذهبهم .
وفي علماء أولته بأن النبي صلى الله عليه وسلم ما قصد كل نامصة ، بل قصد النامصةالتي تفعل النمص المشابه لشعار الفاجرات والبغايا ، زي بعض الحنابلة كابن الجوزي .
المستفتي : طيب ، وهل في علماء لم تأوله يا شيخ ، وأجرت الحديث على ظاهره ؟
المفتي : نعم ، ولكن هؤلاء قسمان :
القسم الأول : من جرى على ظاهر الحديث ، وخصص النمص بالنتف فقط دون الحلق والقص ، وهذا هو الإمام أحمد بن حنبل عليه رضوان الله .
يعني : لو أن المرأة جملت حاجبها بالأخذ حرام ، لكن لو جملته بالأخذ بالقص أو الحلق حلال ، وطبعًا المعاصرين حتى قول الإمام أحمد مش عاجبهم ، ولا يأخذون به .
القسم الثاني : من جرى على ظاهر الحديث ، وحرموا على النساء أخذ أي شعر من الوجه حتى اللحية والشارب ، فقالوا : حتى لو نبت ل
لمرأة لحية وشارب يحرم عليها أن تأخذها ، تتركها على حالها ، زي الإمام الطبري والشيخ الألباني ، وهو ظاهر قول ابن حزم في المحلى .
قالَ النوويُّ - رحمه الله - : «يُنازِعُوني في الوسيط ، وقد طالعتُه أربعمائة مرَّة» ...
«المنهل العذب الروي» (ص43) .
«المنهل العذب الروي» (ص43) .
ولكن الجاهل لا يعلَمُ رتبة نفسِه فكيفَ يعرفُ رُتبة غيرِه ...
الحافظُ الذَّهبيُّ رحمه الله
الحافظُ الذَّهبيُّ رحمه الله
من طرائف المتعصبين لقول المعاصرين في النمص = أنك إذا سألته عن سلفه لا يستطيع أن ينسب نفسه إلى قول كامل (بتفاصيله) من الأقوال في المسألة ، بل قوله الذي ينصره قول ملفق (كوكتيل) ، أو بعض قول .
فقد اختلف الفقهاء في النمص على ثمانية أقوال :
القول الأول : يحرم أخذ أي شيء من الوجه مطلقًا ، سواءٌ في ذلك الحاجب وغيره ، وهو قول الطبري وابن حزم [«فتح الباري» (ج10/ص377) ، «المحلى» (ج1/ص423) ، (ج2/ص398) ، (ج9/ص229)] .
القول الثاني : يحرم أخذ شعر الحاجب وأطراف الوجه ، ويحل أخذ ما سواه من شعر الوجه ، وهو قول النووي في «شرح مسلم» وابن الحاج من المالكية ، [«شرح النووي على مسلم» (ج14/ص106) ، «المدخل» (ج4/ص107)] .
القول الثالث : يحرم أخذ شعر الوجه (حاجبًا أو غير حاجب) بالنتف ، أما بالحلق والقص فلا يحرم ، وهو معتمد السادة الحنابلة [«مسائل الإمام أحمد» (ج9/ص4897) ، «كشاف القناع» (ج1/ص82] .
القول الرابع : يجوز أخذ شعر الحاجب ما لم تتبرج به للأجانب ، ويحل ما سواه ، وهو معتمد السادة الحنفية [«حاشية ابن عابدين» (ج6/ص373)].
القول الخامس : يجوز أخذ شعر الحاجب ما تكن ممنوعة من الزينة كمعتدة عن وفاة ، وهو معتمد السادة المالكية [«حاشية الصاوي» (ج2/ص599)] .
القول السادس : يجوز أخذ شعر الحاجب ، بشرط عدم التغرير على خاطب إذا كانت خلية ، وبإذن الزوج إذا كانت متزوجة [ «أسنى المطالب» (ج1/ص173) لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري ، «الإيعاب شرح العباب» (ج2/ لوحة 14-أ/ نسخة المكتبة الأزهرية) للهيتمي ، «المغني» (ج1/ص191) للخطيب ، «النهاية» (ج2/ص25) للرملي ]
القول السابع : يجوز أخذ شعر الحاجب ما يكن تدليسًا أو تتشبه فيه بالفاجرات ، وهو قول ابن الجوزي [«الإنصاف» (ج1/ص99)].
القول الثامن : أن الأخذ من الحاجب وأطراف الوجه مكروه لا محرم ، وهوقول بعض الشافعية كصاحب العباب ، ونسبه الهيتمي للنووي في «التحقيق» . [«الإيعاب شرح العباب» (ج2/ لوحة 14-أ/ نسخة المكتبة الأزهرية) للهيتمي] .
واقرأ هذا النص ينفعك ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج1/ص238) : (ويكره الخضاب بالسواد لما روى جابر ... ولأن التسويد يشبه تكون الخلقة ، وذلك تزوير وتغيير لخلق الله ، فيكره كما كره وصل الشعر والنمص والتفلج) .
فإذا سألت المتعصب المعاصر عن سلفه لا سبيل له إلا أن يقول ببعضٍ قولٍ ، أو أن يلفق قولًا (كوكتيل) .
فلا هو يقول بقول الطبري كله بتحريم أخذ أي شعر من الوجه حاجبًا كان أو غيره ، ولا يقول بقول النووي بتحريم أخذ الحاجب «وأطراف الوجه» ، ولا يقول بقول الحنابلة جواز القص والحلق للوجه وحرمة النتف فقط ، ولا يقول بقول البقية الذين عطلوا الدليل من وجهة نظره .
ثمانية أقوال للفقهاء لم يجد فيها موافقة الدليل .
ترى المشكلة الآن في الفقهاء أو في مَنْ !
فقد اختلف الفقهاء في النمص على ثمانية أقوال :
القول الأول : يحرم أخذ أي شيء من الوجه مطلقًا ، سواءٌ في ذلك الحاجب وغيره ، وهو قول الطبري وابن حزم [«فتح الباري» (ج10/ص377) ، «المحلى» (ج1/ص423) ، (ج2/ص398) ، (ج9/ص229)] .
القول الثاني : يحرم أخذ شعر الحاجب وأطراف الوجه ، ويحل أخذ ما سواه من شعر الوجه ، وهو قول النووي في «شرح مسلم» وابن الحاج من المالكية ، [«شرح النووي على مسلم» (ج14/ص106) ، «المدخل» (ج4/ص107)] .
القول الثالث : يحرم أخذ شعر الوجه (حاجبًا أو غير حاجب) بالنتف ، أما بالحلق والقص فلا يحرم ، وهو معتمد السادة الحنابلة [«مسائل الإمام أحمد» (ج9/ص4897) ، «كشاف القناع» (ج1/ص82] .
القول الرابع : يجوز أخذ شعر الحاجب ما لم تتبرج به للأجانب ، ويحل ما سواه ، وهو معتمد السادة الحنفية [«حاشية ابن عابدين» (ج6/ص373)].
القول الخامس : يجوز أخذ شعر الحاجب ما تكن ممنوعة من الزينة كمعتدة عن وفاة ، وهو معتمد السادة المالكية [«حاشية الصاوي» (ج2/ص599)] .
القول السادس : يجوز أخذ شعر الحاجب ، بشرط عدم التغرير على خاطب إذا كانت خلية ، وبإذن الزوج إذا كانت متزوجة [ «أسنى المطالب» (ج1/ص173) لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري ، «الإيعاب شرح العباب» (ج2/ لوحة 14-أ/ نسخة المكتبة الأزهرية) للهيتمي ، «المغني» (ج1/ص191) للخطيب ، «النهاية» (ج2/ص25) للرملي ]
القول السابع : يجوز أخذ شعر الحاجب ما يكن تدليسًا أو تتشبه فيه بالفاجرات ، وهو قول ابن الجوزي [«الإنصاف» (ج1/ص99)].
القول الثامن : أن الأخذ من الحاجب وأطراف الوجه مكروه لا محرم ، وهوقول بعض الشافعية كصاحب العباب ، ونسبه الهيتمي للنووي في «التحقيق» . [«الإيعاب شرح العباب» (ج2/ لوحة 14-أ/ نسخة المكتبة الأزهرية) للهيتمي] .
واقرأ هذا النص ينفعك ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «شرح العمدة» (ج1/ص238) : (ويكره الخضاب بالسواد لما روى جابر ... ولأن التسويد يشبه تكون الخلقة ، وذلك تزوير وتغيير لخلق الله ، فيكره كما كره وصل الشعر والنمص والتفلج) .
فإذا سألت المتعصب المعاصر عن سلفه لا سبيل له إلا أن يقول ببعضٍ قولٍ ، أو أن يلفق قولًا (كوكتيل) .
فلا هو يقول بقول الطبري كله بتحريم أخذ أي شعر من الوجه حاجبًا كان أو غيره ، ولا يقول بقول النووي بتحريم أخذ الحاجب «وأطراف الوجه» ، ولا يقول بقول الحنابلة جواز القص والحلق للوجه وحرمة النتف فقط ، ولا يقول بقول البقية الذين عطلوا الدليل من وجهة نظره .
ثمانية أقوال للفقهاء لم يجد فيها موافقة الدليل .
ترى المشكلة الآن في الفقهاء أو في مَنْ !
رأي الشافعية في وصل الشعر ، وردٌّ لكلام باطل .
• الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعدُ ؛ فقد رأيت منشورين لبعض إخواننا يتكلم عن فيه عن رأي الشافعية في الوصل ، وأورد كلامًا للماوردي ، ومثل عليه بالفقيه الذي يترك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويأخذ بالمذهب.
• وقد ضاق صدري من ساعتها ، وما زلتُ أتخير رقيق الألفاظ في النقد فلا أجد ، فالمنشور مصيبة حقًّا ، والذي خفف عني أن قرأتُ غيره فوجدت ضعفًا ظاهرًا في الاشتغال الفقهي والأصولي وضيق نظر في الأدلة ، فعذرته ، ولا حرج .
• أورد صاحبنا قول الماوردي في مسألة وصل الشعر مستهزئًا بالماوردي بعنوان (هوريك حاجة) ، ثم قال : «هذه فتوى النبي وفتوى إمام عالم لا يشق له غبار» ، وأورد كلام الماوردي في ذكر الحديث ومذهب الشافعية مع اختيار الماوردي مذهب الشافعي ، وكأن الماوردي يترك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمذهبه ، وهذا سوء أدب كبير في تصوير الماوردي .
• وهذا كلام باطلٌ ، وسأنافش من جانبين ؛ الأول يتعلق بالنظر في المسألة الجزئية ، وهي مسألة حكم وصل الشعر عند السادة الشافعية ، والثاني : المنهجية العامة للنظر في مثل هذه النصوص بين سعة مدارك كبار الأئمة وضيق أفق ضعاف المتفقهة .
• أما حكم المسألة : فإن الشافعية يقولون : يحرم على المرأة وصل الشعر بشعر آدمي أو بشعر نجس ، أما بغير ذلك فيجوز للمتزوجة بإذن زوجها ، وإلا فيحرم .
• هذا مذهب السادة الشافعية .
• وقد نصبه صاحبنا معارضًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعًا ؛ لضيق فهمه للحديث وضعف دربته في مسالك الدلالة .
• فهل هناك تعارض فعلًا ؟
• لفظ الحديث عن أسماء بيت أبي بكر رضي الله عنها قال : «إن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إني أنكحت ابنتي ثم أصابها شكوى ، فتمرق رأسها ، وزوجها يستحثني بها ، أفأصل رأسها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعن الله الواصلة والمستوصلة» .
• الجواب : الأصل أن الفقيه يعمل بعموم اللفظ الوارد ، فكلمة الواصلة كلمة محلاة بأل الجنس المفيدة للاستغراق ، ولكن قد يبدو للفقيه وجه تخصيص دقيق ، وذلك بعلمه بحال الناس في زمان رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم ، فينزل النصَّ الذي ظاهره العموم على مقتضى حال الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
• كيف ذلك ؟
• بسؤال : هل كان النساء زمان رسول الله صلى الله يصلن شعورنَّ بشعور الحيوانات ، أو بشعور الآدميين ؟
• الجواب : أن النساءَ كنَّ يصلن شعورهن بشعور الآدميين ، والانتفاع بجزء الآدمي حرام ، فعلى هذا نزل الفقيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
• قال البلقيني رحمه الله في «فتاويه» (ص152) – مجيبًا عن هذا الإشكال - : «والغالب أن النساء يصلن شعورن بشعر آدمي من النساء» .
• ونحو هذا فعل معاوية لما أمسَك قصة من شعرٍ كانت بيد حارس ، وقال : «أين علماؤكم ؛ إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه» .
• قال البلقيني رحمه الله : «قال الأصمعي : القصة : شعر مقدم الرأس المقبل على الجبهة ، وقيل شعر الناصية ، وظاهر تفسير الأصمعي وغيره أن ذلك الشعر كان شعر آدمي ، وحيئذ فيختص النهي به ، فلا تخالف بينه وبين ما صححوه ، وإنما لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم للسائلة : صليه بشعر فرسٍ انفصل من حي أو مذكى ؛ لعدم جريان العادة إذ ذاك بهذا ،فلذلك لم يتعرض له الشارع» .
• قد يكون هذا غريبًا عليكَ ، ولكن من له دربة في تصرفات المجتهدين يرى هذا كالشمس ، إنما الإشكال في التطبيق الرياضي لقواعد الأصول.
• أضرب لكَ مثالًا بتصرف الإمام أحمد رضي الله عنه ، كيف خصص عموم النصِّ الظاهر بعلمه بحال الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
• حديث الترمذي : «مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الجوربين والنعلين» ، ورود ذلك عن تسعة من الصحابة الكرام رضي الله عنهم.
• هذا الحديث ظاهره جواز المسح على الجوربين دون اشتراطٍ زائدٍ على ذلك ، وهذا ما يفهمه صغار المتفقة وعامة الناس .
• ولكن انظر إلى تصرف الفقيه العبقري .
• قال الإمام أحمد رضي الله عنه : «لا يجزئُه المسحُ على الجَوْرب حتَّى يكون : جوربًا صفيقًا ، يقوم قائمًا في رجله ، لا ينكسر مثل الخفين ، إنما مسَحَ القومُ (أي : الصحابة) على الجوربين أنه كان عندهم بمنزلة الخف ؛ يقوم مقام الخف في رجل الرجل ، يذهب فيه الرجل ويجيء» .
• فتأمل كيف خصصَّ الفقيه ظاهر النص عن النبي صلى الله عليه وسلم وما ورد عن الصحابة بعلمه بطبيعة الجوارب زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
• أضرب لكَ مثالًا في صرف الفقيه النصَّ عن ظاهره لعلمه بالواقعة .
• حديث فاطمة بنت قيسٍ : «أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة ، وهو غائب بالشام ، فأرسل إليها وكيله بشعير ، فسخطته ، فقال : والله ما لك علينا من شيء ، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له، فقال: ليس لكِ عليه نفقة، وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك» .
• هذا الحديث : ظاهره أن لا سكنى للمب
• الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعدُ ؛ فقد رأيت منشورين لبعض إخواننا يتكلم عن فيه عن رأي الشافعية في الوصل ، وأورد كلامًا للماوردي ، ومثل عليه بالفقيه الذي يترك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويأخذ بالمذهب.
• وقد ضاق صدري من ساعتها ، وما زلتُ أتخير رقيق الألفاظ في النقد فلا أجد ، فالمنشور مصيبة حقًّا ، والذي خفف عني أن قرأتُ غيره فوجدت ضعفًا ظاهرًا في الاشتغال الفقهي والأصولي وضيق نظر في الأدلة ، فعذرته ، ولا حرج .
• أورد صاحبنا قول الماوردي في مسألة وصل الشعر مستهزئًا بالماوردي بعنوان (هوريك حاجة) ، ثم قال : «هذه فتوى النبي وفتوى إمام عالم لا يشق له غبار» ، وأورد كلام الماوردي في ذكر الحديث ومذهب الشافعية مع اختيار الماوردي مذهب الشافعي ، وكأن الماوردي يترك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمذهبه ، وهذا سوء أدب كبير في تصوير الماوردي .
• وهذا كلام باطلٌ ، وسأنافش من جانبين ؛ الأول يتعلق بالنظر في المسألة الجزئية ، وهي مسألة حكم وصل الشعر عند السادة الشافعية ، والثاني : المنهجية العامة للنظر في مثل هذه النصوص بين سعة مدارك كبار الأئمة وضيق أفق ضعاف المتفقهة .
• أما حكم المسألة : فإن الشافعية يقولون : يحرم على المرأة وصل الشعر بشعر آدمي أو بشعر نجس ، أما بغير ذلك فيجوز للمتزوجة بإذن زوجها ، وإلا فيحرم .
• هذا مذهب السادة الشافعية .
• وقد نصبه صاحبنا معارضًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعًا ؛ لضيق فهمه للحديث وضعف دربته في مسالك الدلالة .
• فهل هناك تعارض فعلًا ؟
• لفظ الحديث عن أسماء بيت أبي بكر رضي الله عنها قال : «إن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت : إني أنكحت ابنتي ثم أصابها شكوى ، فتمرق رأسها ، وزوجها يستحثني بها ، أفأصل رأسها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لعن الله الواصلة والمستوصلة» .
• الجواب : الأصل أن الفقيه يعمل بعموم اللفظ الوارد ، فكلمة الواصلة كلمة محلاة بأل الجنس المفيدة للاستغراق ، ولكن قد يبدو للفقيه وجه تخصيص دقيق ، وذلك بعلمه بحال الناس في زمان رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم ، فينزل النصَّ الذي ظاهره العموم على مقتضى حال الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
• كيف ذلك ؟
• بسؤال : هل كان النساء زمان رسول الله صلى الله يصلن شعورنَّ بشعور الحيوانات ، أو بشعور الآدميين ؟
• الجواب : أن النساءَ كنَّ يصلن شعورهن بشعور الآدميين ، والانتفاع بجزء الآدمي حرام ، فعلى هذا نزل الفقيه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .
• قال البلقيني رحمه الله في «فتاويه» (ص152) – مجيبًا عن هذا الإشكال - : «والغالب أن النساء يصلن شعورن بشعر آدمي من النساء» .
• ونحو هذا فعل معاوية لما أمسَك قصة من شعرٍ كانت بيد حارس ، وقال : «أين علماؤكم ؛ إني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه» .
• قال البلقيني رحمه الله : «قال الأصمعي : القصة : شعر مقدم الرأس المقبل على الجبهة ، وقيل شعر الناصية ، وظاهر تفسير الأصمعي وغيره أن ذلك الشعر كان شعر آدمي ، وحيئذ فيختص النهي به ، فلا تخالف بينه وبين ما صححوه ، وإنما لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم للسائلة : صليه بشعر فرسٍ انفصل من حي أو مذكى ؛ لعدم جريان العادة إذ ذاك بهذا ،فلذلك لم يتعرض له الشارع» .
• قد يكون هذا غريبًا عليكَ ، ولكن من له دربة في تصرفات المجتهدين يرى هذا كالشمس ، إنما الإشكال في التطبيق الرياضي لقواعد الأصول.
• أضرب لكَ مثالًا بتصرف الإمام أحمد رضي الله عنه ، كيف خصص عموم النصِّ الظاهر بعلمه بحال الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
• حديث الترمذي : «مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الجوربين والنعلين» ، ورود ذلك عن تسعة من الصحابة الكرام رضي الله عنهم.
• هذا الحديث ظاهره جواز المسح على الجوربين دون اشتراطٍ زائدٍ على ذلك ، وهذا ما يفهمه صغار المتفقة وعامة الناس .
• ولكن انظر إلى تصرف الفقيه العبقري .
• قال الإمام أحمد رضي الله عنه : «لا يجزئُه المسحُ على الجَوْرب حتَّى يكون : جوربًا صفيقًا ، يقوم قائمًا في رجله ، لا ينكسر مثل الخفين ، إنما مسَحَ القومُ (أي : الصحابة) على الجوربين أنه كان عندهم بمنزلة الخف ؛ يقوم مقام الخف في رجل الرجل ، يذهب فيه الرجل ويجيء» .
• فتأمل كيف خصصَّ الفقيه ظاهر النص عن النبي صلى الله عليه وسلم وما ورد عن الصحابة بعلمه بطبيعة الجوارب زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
• أضرب لكَ مثالًا في صرف الفقيه النصَّ عن ظاهره لعلمه بالواقعة .
• حديث فاطمة بنت قيسٍ : «أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة ، وهو غائب بالشام ، فأرسل إليها وكيله بشعير ، فسخطته ، فقال : والله ما لك علينا من شيء ، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكرت ذلك له، فقال: ليس لكِ عليه نفقة، وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك» .
• هذا الحديث : ظاهره أن لا سكنى للمب
توتة .
• ولكن الفقهية الجليلة أمنا عائشة رضي الله عنها لم تقل بذلك رغم بلوغ الحديث لها .
• لمَ ؟
• لأنها عائشة صرفت هذا الحديث عن ظاهره بما تعلمه من حال الواقعة ، وهو أن فاطمة رضي الله عنها كانت في مكان وحش ، فخاف عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فرخص لها أن تعتد في بيت أم شريك .
• قال عروة بن الزبير لعائشة : «قال ألم تسمعي في قول فاطمة [أي : إفتائها بالحديث وهو واقعتها] ؟ قالت : أما إنه ليس لها خير في ذكر هذا الحديث ، وعابت عائشة أشد العيب ، وقالت : إن فاطمة كانت في مكان وحش ، فخيف على ناحيتها ، فلذلك أرخص لها النبي صلى الله عليه وسلم».
• فانظر كيف صرف الفقيه ظاهر النصِّ بعلمه بالواقعة .
• قل بهذا أو لا تقل ، ولكن لا تتهم قائله بتعطيل النص ؛ لضيق فهمك وقلة دربتك في مسالك الدلالة .
• فكذلك نقول في هذه المسألة ، ظاهر النصِّ أن كل وصل حرامٌ ، ولكن السادة الشافعية حملوا هذا النصَّ على الوصل بشعر آدمي ؛ إذ إن النساء في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم كن يصلن شعورهن بشعور آدمي ، والانتفاع بشعر الآدمي حرام .
• أما ذكر إذن الزوج فليس مشترطًا من جهة العلية ، وإنما مشترط من جهة أخرى ، وهي تقييد زينة الزوجة غير المعتادة بإذن الزوج ، ومن ثم تعلم أن تعقب الشافعية بذكر إذن الزوج في الرواية خطأ ظاهر.
• اتفق مع هذا أو اختلف ، ولكن لا تقل : عطل الشافعية حديث رسول الله ، أو عدلوا عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمنصوص مذهبهم ، هذا سوءُ أدبٍ كبير مع أهل العلم .
• كذلك ذكر صاحبنا في مساق ردِّه عليَّ أنَّ الهيتميَّ رحمه الله قد استشكل على الأصحاب تفريقهم في الوصل بين إذن الزوج وعدمه ، ونسب للهيتمي تحريم النمص مطلقًا بلا تفصيل .
• وهذا فيه أمورٌ ثلاثة : قلة اطلاع على نصوص الهيتمي في تصانيفه ، مع سوء فهمٍ لكلامه رحمه الله ، مع تناقض كبير .
• أما قلة الاطلاع على نصوص الهيتمي فقد استشكل الهيتمي التفصيل في الوصل في «الكبائر» ، ورجع عن ذلك في كتاب «الإيعاب شرح العباب» .
• قال الهيتميُّ رحمه الله في «الإيعاب شرح العباب» (ج2/لوحة14/أ- نسخة المكتبة الأزهرية) : «ويحرم على كل وصل شعره إلا بإذن الحليل للخبر السابق وللتغرير والتعرض للتهمة» .
• فما يقولُ إذن ، أمعطل للنص هو الآن أو مستقيم على الظاهر ؟
• وأما سوء الفهم لكلام الهيتمي فإن الهيتمي ما انتقد الأصحاب في التفصيل في النمص ، وإنما انتقد بعض الأصحاب الذين قالوا بكراهة النمص رغم ورود اللعن فيه .
• فقد قال رحمه الله في «الكبائر» : « وعجيب قولهم بكراهة النمص (تأمل) بمعنييه السابقين [يعني : جرد الوجه ، أو نتف الحاجب] مع اللعن فيه ، ومع قولهم بالحرمة في غيره مطلقًا [أي : في الوشم] أو بغير إذن الزوج على الخلاف فيه [أي : في الوصل] ، وأي فرق في وقوع اللعن على الكل في حديث واحد» .» .
• فالهيتمي إنما استشكل قول بعض الأصحاب بكراهة النمص (وهو غير معتمد مهجور) ، ولم يستشكل التفصيل .
• وأزيدك من الشعر بيتًا بأن الهتيمي نص في «الإيعاب» على التفصيل الذي ذكرته ، حيث قال قال رحمه الله في «الإيعاب شرح العباب» (ج2/ لوحة 14-أ/ نسخة المكتبة الأزهرية) : «(ونتف حواجبها وأطراف وجهها) ذكر ذلك في باب المكروهات تبع فيه ما جزم به في التحقيق [أي : ما جزم به النووي في التحقيق] في باب السواك من أن ذلك لا يحرم ، لكنه في شرح مسلم جزمَ بحرمة التنميص فعلًا وسؤالًا كالوشر ؛ للخبر الآتي إلا بإذن الحليــل».
• ومعلومٌ عند كل مشتغل بالمذهب أن هذا اعتماد .
• وأما تناقضه فالهيتمي يقول بأن النمص جرد الوجه ، ولا يخصص ذلك بالحاجب ، فاختار هو ما يروق له من الكلام الهيتمي ، ثم ترك ما لا يروق له .
• كذلك قال صاحبنا : (التعليل بالتغرير بالخُطَّاب، هو في الحقيقة تفريغ للنص عن محتواه وتعطيل له) فيه أمران عجيبان :
• الأول : أن رميه لأكابر أهل العلم بتفريغ النص عن محتواه وتعطيله سوءُ أدبٍ كبير معهم .
• لو أني أنا مخترع هذه العلة لحق لكَ ذلك ، أما أن ترمي من علل بذلك بتعطيل النص فهذا – مع فيه مما ذكرت – بهتان عظيم ، غفر الله له .
• نصَّ على هذه العلة أصحابنا .
• قال الخطيب الشربيني رحمه الله : « والتنميص : وهو الأخذ من شعر الوجه والحاجب للحسن ؛ لما في ذلك من التغرير ، أما إذا أذن لها الزوج أو السيد في ذلك فإنه يجوز ؛ لأن له غرضا في تزيينها له ، وقد أذن لها فيه ، هذا ما في الروضة وأصلها ، وخالف في التحقيق في الوصل والوشر فألحقهما بالوشم في المنع مطلقا ، والأول أوجه».
• تأمل في هذا النصَّ :
• نصَّ الخطيب على أن العلة التغرير ، يعني : هو معطل للنص عنده.
• حكى عن النووي في الروضة القول بالتفصيل المذكور .
• ثم هل كان ابن الجوزي معطلًا حينما قال بحمله على التدليس أو التشبه بالفاجرات (في الإنصاف : وأباح ابن الجوزي النمص وحده وحمل النهي على التدليس أو أنه شعار الفاجرات) .
• والله أنا إلى الآن لا أدري كيف كتبت يدُه هذه الكلمة ، تصف نظر جماعة أفاضل من
• ولكن الفقهية الجليلة أمنا عائشة رضي الله عنها لم تقل بذلك رغم بلوغ الحديث لها .
• لمَ ؟
• لأنها عائشة صرفت هذا الحديث عن ظاهره بما تعلمه من حال الواقعة ، وهو أن فاطمة رضي الله عنها كانت في مكان وحش ، فخاف عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فرخص لها أن تعتد في بيت أم شريك .
• قال عروة بن الزبير لعائشة : «قال ألم تسمعي في قول فاطمة [أي : إفتائها بالحديث وهو واقعتها] ؟ قالت : أما إنه ليس لها خير في ذكر هذا الحديث ، وعابت عائشة أشد العيب ، وقالت : إن فاطمة كانت في مكان وحش ، فخيف على ناحيتها ، فلذلك أرخص لها النبي صلى الله عليه وسلم».
• فانظر كيف صرف الفقيه ظاهر النصِّ بعلمه بالواقعة .
• قل بهذا أو لا تقل ، ولكن لا تتهم قائله بتعطيل النص ؛ لضيق فهمك وقلة دربتك في مسالك الدلالة .
• فكذلك نقول في هذه المسألة ، ظاهر النصِّ أن كل وصل حرامٌ ، ولكن السادة الشافعية حملوا هذا النصَّ على الوصل بشعر آدمي ؛ إذ إن النساء في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم كن يصلن شعورهن بشعور آدمي ، والانتفاع بشعر الآدمي حرام .
• أما ذكر إذن الزوج فليس مشترطًا من جهة العلية ، وإنما مشترط من جهة أخرى ، وهي تقييد زينة الزوجة غير المعتادة بإذن الزوج ، ومن ثم تعلم أن تعقب الشافعية بذكر إذن الزوج في الرواية خطأ ظاهر.
• اتفق مع هذا أو اختلف ، ولكن لا تقل : عطل الشافعية حديث رسول الله ، أو عدلوا عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمنصوص مذهبهم ، هذا سوءُ أدبٍ كبير مع أهل العلم .
• كذلك ذكر صاحبنا في مساق ردِّه عليَّ أنَّ الهيتميَّ رحمه الله قد استشكل على الأصحاب تفريقهم في الوصل بين إذن الزوج وعدمه ، ونسب للهيتمي تحريم النمص مطلقًا بلا تفصيل .
• وهذا فيه أمورٌ ثلاثة : قلة اطلاع على نصوص الهيتمي في تصانيفه ، مع سوء فهمٍ لكلامه رحمه الله ، مع تناقض كبير .
• أما قلة الاطلاع على نصوص الهيتمي فقد استشكل الهيتمي التفصيل في الوصل في «الكبائر» ، ورجع عن ذلك في كتاب «الإيعاب شرح العباب» .
• قال الهيتميُّ رحمه الله في «الإيعاب شرح العباب» (ج2/لوحة14/أ- نسخة المكتبة الأزهرية) : «ويحرم على كل وصل شعره إلا بإذن الحليل للخبر السابق وللتغرير والتعرض للتهمة» .
• فما يقولُ إذن ، أمعطل للنص هو الآن أو مستقيم على الظاهر ؟
• وأما سوء الفهم لكلام الهيتمي فإن الهيتمي ما انتقد الأصحاب في التفصيل في النمص ، وإنما انتقد بعض الأصحاب الذين قالوا بكراهة النمص رغم ورود اللعن فيه .
• فقد قال رحمه الله في «الكبائر» : « وعجيب قولهم بكراهة النمص (تأمل) بمعنييه السابقين [يعني : جرد الوجه ، أو نتف الحاجب] مع اللعن فيه ، ومع قولهم بالحرمة في غيره مطلقًا [أي : في الوشم] أو بغير إذن الزوج على الخلاف فيه [أي : في الوصل] ، وأي فرق في وقوع اللعن على الكل في حديث واحد» .» .
• فالهيتمي إنما استشكل قول بعض الأصحاب بكراهة النمص (وهو غير معتمد مهجور) ، ولم يستشكل التفصيل .
• وأزيدك من الشعر بيتًا بأن الهتيمي نص في «الإيعاب» على التفصيل الذي ذكرته ، حيث قال قال رحمه الله في «الإيعاب شرح العباب» (ج2/ لوحة 14-أ/ نسخة المكتبة الأزهرية) : «(ونتف حواجبها وأطراف وجهها) ذكر ذلك في باب المكروهات تبع فيه ما جزم به في التحقيق [أي : ما جزم به النووي في التحقيق] في باب السواك من أن ذلك لا يحرم ، لكنه في شرح مسلم جزمَ بحرمة التنميص فعلًا وسؤالًا كالوشر ؛ للخبر الآتي إلا بإذن الحليــل».
• ومعلومٌ عند كل مشتغل بالمذهب أن هذا اعتماد .
• وأما تناقضه فالهيتمي يقول بأن النمص جرد الوجه ، ولا يخصص ذلك بالحاجب ، فاختار هو ما يروق له من الكلام الهيتمي ، ثم ترك ما لا يروق له .
• كذلك قال صاحبنا : (التعليل بالتغرير بالخُطَّاب، هو في الحقيقة تفريغ للنص عن محتواه وتعطيل له) فيه أمران عجيبان :
• الأول : أن رميه لأكابر أهل العلم بتفريغ النص عن محتواه وتعطيله سوءُ أدبٍ كبير معهم .
• لو أني أنا مخترع هذه العلة لحق لكَ ذلك ، أما أن ترمي من علل بذلك بتعطيل النص فهذا – مع فيه مما ذكرت – بهتان عظيم ، غفر الله له .
• نصَّ على هذه العلة أصحابنا .
• قال الخطيب الشربيني رحمه الله : « والتنميص : وهو الأخذ من شعر الوجه والحاجب للحسن ؛ لما في ذلك من التغرير ، أما إذا أذن لها الزوج أو السيد في ذلك فإنه يجوز ؛ لأن له غرضا في تزيينها له ، وقد أذن لها فيه ، هذا ما في الروضة وأصلها ، وخالف في التحقيق في الوصل والوشر فألحقهما بالوشم في المنع مطلقا ، والأول أوجه».
• تأمل في هذا النصَّ :
• نصَّ الخطيب على أن العلة التغرير ، يعني : هو معطل للنص عنده.
• حكى عن النووي في الروضة القول بالتفصيل المذكور .
• ثم هل كان ابن الجوزي معطلًا حينما قال بحمله على التدليس أو التشبه بالفاجرات (في الإنصاف : وأباح ابن الجوزي النمص وحده وحمل النهي على التدليس أو أنه شعار الفاجرات) .
• والله أنا إلى الآن لا أدري كيف كتبت يدُه هذه الكلمة ، تصف نظر جماعة أفاضل من
العلم في النص بأنه تعطيل للنصِّ وتفريغ له .
• كذا فإن كلامه في مسألة النمص فيه قلة تحرير لكلام العرب وضعف تحرير للمذاهب الثمانية في المسألة = يدلُّ عليها اختياره ؛ فإنه يقول : إن المحرم أخذ الحاجب فحسب ، أما باقي الوجه فلا ، ولا سلف بقول بهذا التفصيل .
• فلا هو يقول بقول الطبري كله بتحريم أخذ أي شعر من الوجه حاجبًا كان أو غيره ، ولا يقول بقول النووي بتحريم أخذ الحاجب «وأطراف الوجه» ، ولا يقول بقول الحنابلة جواز القص والحلق للوجه وحرمة النتف فقط ، ولا يقول بقول البقية الذين عطلوا الدليل من وجهة نظره .
• ثمانية أقوال للفقهاء لم يجد فيها موافقة الدليل .
• ترى المشكلة الآن في الفقهاء أو في مَنْ !
• أمر أخير أنبه عليه : ليس لي في أي منشور أي تسفيه للمخالف ، ولا إلغاء للقول المخالف ، وإنما في كل منشوراتي شدة على المتعالمين الذين يوردون على أكابر الفقهاء حججًا ساذجة ، ويظنون أنهم على شيءٍ ، مع ضعف ظاهر في آلة النظر ، فإن كنت ترى تسمية الأشياء بمسمياتها تسفيهًا فتلك مشكلتك .
• أمرٌ ثانٍ : ليسَ في مَسَائل العلم شِلليَّة ولا مُحَاباةٌ ، إذا ذَاعَ باطلٌ رددناه ولو كانَ على لِسان أحبِّ النَّاس إلينا ، وإذا ذاعَ حقٌّ نصرناه ولو كانَ على لسانِ أبغضِ الناس إلينا ، وكلٌّ موقوفٌ مسُئولٌ بين يدي ربِّه سبحانه عمَّا رقمت يدَاه .
• أمرٌ ثالث : لسنا نحب الكلام في هذه المسائل ، بل كل منشوراتي إنما رد فعل لا فعل ، فلما كتبت في النمص كتبت ردًّا على المهندس عبد المنعم الشحات وما كتب على الفيس من منشورات فيها أغلاط صناعية ظاهرة ، وما كتبت في الوصل كتبت ردًّا على صاحبنا ، فمنشوراتي ردة فعل لا فعل .
• أمرٌ هامٌّ : كل الذي ننكره على صاحبنا وأمثاله سوء الأدب مع الأئمة ورميهم بتعطيل النصوص وتفريغها ، لسنا ننكر على أحدٍ اعتقادًا .
هدانا الله والجميع سواء السبيل .
• كذا فإن كلامه في مسألة النمص فيه قلة تحرير لكلام العرب وضعف تحرير للمذاهب الثمانية في المسألة = يدلُّ عليها اختياره ؛ فإنه يقول : إن المحرم أخذ الحاجب فحسب ، أما باقي الوجه فلا ، ولا سلف بقول بهذا التفصيل .
• فلا هو يقول بقول الطبري كله بتحريم أخذ أي شعر من الوجه حاجبًا كان أو غيره ، ولا يقول بقول النووي بتحريم أخذ الحاجب «وأطراف الوجه» ، ولا يقول بقول الحنابلة جواز القص والحلق للوجه وحرمة النتف فقط ، ولا يقول بقول البقية الذين عطلوا الدليل من وجهة نظره .
• ثمانية أقوال للفقهاء لم يجد فيها موافقة الدليل .
• ترى المشكلة الآن في الفقهاء أو في مَنْ !
• أمر أخير أنبه عليه : ليس لي في أي منشور أي تسفيه للمخالف ، ولا إلغاء للقول المخالف ، وإنما في كل منشوراتي شدة على المتعالمين الذين يوردون على أكابر الفقهاء حججًا ساذجة ، ويظنون أنهم على شيءٍ ، مع ضعف ظاهر في آلة النظر ، فإن كنت ترى تسمية الأشياء بمسمياتها تسفيهًا فتلك مشكلتك .
• أمرٌ ثانٍ : ليسَ في مَسَائل العلم شِلليَّة ولا مُحَاباةٌ ، إذا ذَاعَ باطلٌ رددناه ولو كانَ على لِسان أحبِّ النَّاس إلينا ، وإذا ذاعَ حقٌّ نصرناه ولو كانَ على لسانِ أبغضِ الناس إلينا ، وكلٌّ موقوفٌ مسُئولٌ بين يدي ربِّه سبحانه عمَّا رقمت يدَاه .
• أمرٌ ثالث : لسنا نحب الكلام في هذه المسائل ، بل كل منشوراتي إنما رد فعل لا فعل ، فلما كتبت في النمص كتبت ردًّا على المهندس عبد المنعم الشحات وما كتب على الفيس من منشورات فيها أغلاط صناعية ظاهرة ، وما كتبت في الوصل كتبت ردًّا على صاحبنا ، فمنشوراتي ردة فعل لا فعل .
• أمرٌ هامٌّ : كل الذي ننكره على صاحبنا وأمثاله سوء الأدب مع الأئمة ورميهم بتعطيل النصوص وتفريغها ، لسنا ننكر على أحدٍ اعتقادًا .
هدانا الله والجميع سواء السبيل .
• أحكام العيد على مذهب السادة الشافعية ...
•(صَلاةُ العيدِ سُنَّةٌ) لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها ، وعدم وجوبها لقوله ﷺ : «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كتبهن الله على عِبَادِهِ» ، قال له السائل : «هل عَلَيَّ غيرها» ، قال : «لاَ ؛ إلاَّ أَنْ تَطوع» .
• (وَوَقْتُهَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَزَوَالِهَا ، وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا لِتَرْتَفِعَ كَرُمْحٍ) .
• (وَهِيَ رَكْعَتَانِ) بالإجماع (يُحْرِمُ بِهِمَا) أي : بنية صلاة العيد (ثُمَّ يَأْتِي بِدُعَاءِ الافْتِتَاحِ) كغيرها (ثُمَّ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ يَقِفُ بَيْنَ كُلِّ ثِنْتَيْنِ كَآيَةٍ مُعْتَدِلَةٍ ، يُهَلِّلُ ، وَيُكَبِّرُ ، وَيُمَجِّدُ ، وَيَحْسُنُ : «سُبْحَانَ اللهِ ، وَالْحَمْدُ اللهِ ، وَلَا إلَهُ إلَّا اللهُ ، وَاللهُ أَكْبَرُ ، ثُمَّ يَتَعَوَّذُ ، وَيَقْرَأُ ، وَيُكَبِّرُ فِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا) سوى تكبيرة القيام (قَبْلَ الْقِرَاءَةِ) لما روى كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن رسول الله ﷺ كان يكبر في العيدين في الركعة الأولى سبعًا ، وفي الثانية خمسًا قبل القراءة (1) ، قال الترمذي : «هو حديث حسن ، وهو أحسن شيء في الباب ، وسألت البخاري عنه فقال : ليس في هذا الباب شيء أصح منه» (2) .
• وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله ﷺ كان يكبر في الفطر في الأولى سبعًا ، وفي الثانية خمسًا ، سوى تكبيرة الصلاة» (3) ، رواه أبو داود وغيره .
• وقال الترمذي في « العلل» : «سألت البخاري عنه ، فقال : حديث صحيح» (4).
• وروى البيهقي أن الوليد بن عقبة خرج يومًا على عبد الله وحذيفة والأشعري ، وقال : «إن هذا العيد غدًا ، فكيف التكبير ؟» ، فقال عبد الله بن مسعود : «تكبر ، وتحمد ربك ، وتصلي على النبي ﷺ ، وتدعو ، وتكبر ، وتفعل مثل ذلك» (5) ، رواه البيهقي بإسناد حسن ، وهو دليل للوقوف والذكر بين كل ثنتين ، ويسر به واضعًا اليمنى على اليسرى ، ويجهر بالتكبير .
• قال الأصحاب : ولا يأتي بالذكر المذكور بعد السابعة والخامسة ، ولا قبل أولى السبع اتفاقًا ، وكذا أولى الخمس خلافًا لإمام الحرمين (6) .
• ويكره وصل التكبيرات وترك الذكر .
• (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْجَمِيعِ) قياسًا على كل تكبير في موضع قيام ، ووَرَد في الرفع هنا أثرٌ ضعيفٌ (7) (وَلَسْنَ فَرْضًا وَلَا بَعْضًا) فلو تركها عمدًا أو سهوًا لم يسجد للسهو ، وصلاته صحيحة ، لكن يكره تركهن أو ترك واحدة منهن ، والزيادة فيهن .
• ولو صلى خلف من يكبر ثلاثًا أو ستًّا فقولان ، المعتمد : لا يزيد عليه .
• (وَلَوْ نَسِيَهَا وَشَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ فَاتَتْ) ولا خلافَ – في المذهب - أنه لو تركهن حتى تعوذ ، ولم يشرع في القراءة ، أنه يأتي بهن ، وتقديمهن على التعوذ سنةٌ لا شرط ، ولا خلاف أنه لو نسيهن حتى ركع لا يعود إليهن ، فإن عاد إلى القيام ليكبر بطلت صلاته .
• ولو أدرك الإمام في أثناء الفاتحة أو بعض التكبيرات فعلى الجديد : لا يكبر ما فاته .
• ولو أدركه في الثانية كبر معه خمسًا ، ثم في ثانيته خمسًا .
• قَالَ : (وَيَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى «ق» ، وَفِي الثَّانِيَةِ «اقْتَرَبَتْ» بِكَمَالِهِمَا جَهْرًا) أما الجهر فمجمعٌ عليه .
• وأما القراءة ففي «صحيح مسلم» : «كان رسول الله ﷺ يقرأ في الفطر والأضحى بــ(ق) و(اْقتَرَبَتِ الساعَةَ)» (8) ، وفيه أيضًا : «أنه قرأ في صلاة العيد (سَبِّح اسْمَ رَبّك) و (هل أتاك حديث الغاشية» (9) ، فكلاهما سنة .
• (وَيُسَنُّ بَعْدَهُمَا خُطْبَتَانِ ، أَرْكَانُهُمَا كَهِيَ فِي الْجُمُعَةِ ، وَيُعَلِّمُهُمْ فِي الْفِطْرِ الْفِطْرَةَ ، وَالْأَضْحَى الْأُضْحِيَّةَ ، يَفْتَتِحُ الْأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ ، وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ وِلَاءً) وأصل الخطبة في العيد بعد الصلاة معلومٌ في الأحاديث الصحيحة من فعل النبي ﷺ والخلفاء الراشدين .
• فلو خطب قبل الصلاة فهو مُسيءٌ ، ولم يعتد بها على المعتمد .
• والخُطب المشروعة عشرةٌ ، كلها بعد الصلاة إلا الجمعة وخطبة الحج يوم عرفة ، وكلها خطبتان إلا الثلاث الباقية من الحج ، فإنهن فرادى .
• ونص الشافعي والأصحاب على افتتاح الأولى بتسع تكبيرات والثانية بسبعٍ (10) .
• كونهما خطبتين العمدة فيه القياس على الجمعة ، ولا يصح فيه حديث ، ولا ضير ؛ إذ ليس ثم خلافٌ فيه .
• ويجلس بينهما ، وهل يجلس قبل الأولى ؟ فيه وجهان ، الصحيح المنصوص : يجلس ويُسلّم كخطبة الجمعة (11) ، ويقوم فيها كالجمعة ، لكن يجوز هنا القعود فيهما مع القدرة على القيام كما في نفس الصلاة ، وقد خطب النبي ﷺ قاعدًا على بعيره (12) .
• ولو خطب خطبةً واحدة أو ترك الخطبة أو شيئًا منها : قال الشافعي : «فلا إعادة عليه ، وقد أساء» (13).
• وهذه التكبيرات التسع والسبع ليست من الخطبة ، وإنما هي مقدمةٌ لها ، نصَّ عليه الشافعي وكثير من الأصحاب(14).
• وهذه التكبيرات تسمى هي والسبع والخمس والتي في الصلاة بالزوائد .
• وينبغي أن يحث في الخطبة على الصد
•(صَلاةُ العيدِ سُنَّةٌ) لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها ، وعدم وجوبها لقوله ﷺ : «خَمْسُ صَلَوَاتٍ كتبهن الله على عِبَادِهِ» ، قال له السائل : «هل عَلَيَّ غيرها» ، قال : «لاَ ؛ إلاَّ أَنْ تَطوع» .
• (وَوَقْتُهَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَزَوَالِهَا ، وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا لِتَرْتَفِعَ كَرُمْحٍ) .
• (وَهِيَ رَكْعَتَانِ) بالإجماع (يُحْرِمُ بِهِمَا) أي : بنية صلاة العيد (ثُمَّ يَأْتِي بِدُعَاءِ الافْتِتَاحِ) كغيرها (ثُمَّ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ يَقِفُ بَيْنَ كُلِّ ثِنْتَيْنِ كَآيَةٍ مُعْتَدِلَةٍ ، يُهَلِّلُ ، وَيُكَبِّرُ ، وَيُمَجِّدُ ، وَيَحْسُنُ : «سُبْحَانَ اللهِ ، وَالْحَمْدُ اللهِ ، وَلَا إلَهُ إلَّا اللهُ ، وَاللهُ أَكْبَرُ ، ثُمَّ يَتَعَوَّذُ ، وَيَقْرَأُ ، وَيُكَبِّرُ فِي الثَّانِيَةِ خَمْسًا) سوى تكبيرة القيام (قَبْلَ الْقِرَاءَةِ) لما روى كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن رسول الله ﷺ كان يكبر في العيدين في الركعة الأولى سبعًا ، وفي الثانية خمسًا قبل القراءة (1) ، قال الترمذي : «هو حديث حسن ، وهو أحسن شيء في الباب ، وسألت البخاري عنه فقال : ليس في هذا الباب شيء أصح منه» (2) .
• وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله ﷺ كان يكبر في الفطر في الأولى سبعًا ، وفي الثانية خمسًا ، سوى تكبيرة الصلاة» (3) ، رواه أبو داود وغيره .
• وقال الترمذي في « العلل» : «سألت البخاري عنه ، فقال : حديث صحيح» (4).
• وروى البيهقي أن الوليد بن عقبة خرج يومًا على عبد الله وحذيفة والأشعري ، وقال : «إن هذا العيد غدًا ، فكيف التكبير ؟» ، فقال عبد الله بن مسعود : «تكبر ، وتحمد ربك ، وتصلي على النبي ﷺ ، وتدعو ، وتكبر ، وتفعل مثل ذلك» (5) ، رواه البيهقي بإسناد حسن ، وهو دليل للوقوف والذكر بين كل ثنتين ، ويسر به واضعًا اليمنى على اليسرى ، ويجهر بالتكبير .
• قال الأصحاب : ولا يأتي بالذكر المذكور بعد السابعة والخامسة ، ولا قبل أولى السبع اتفاقًا ، وكذا أولى الخمس خلافًا لإمام الحرمين (6) .
• ويكره وصل التكبيرات وترك الذكر .
• (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي الْجَمِيعِ) قياسًا على كل تكبير في موضع قيام ، ووَرَد في الرفع هنا أثرٌ ضعيفٌ (7) (وَلَسْنَ فَرْضًا وَلَا بَعْضًا) فلو تركها عمدًا أو سهوًا لم يسجد للسهو ، وصلاته صحيحة ، لكن يكره تركهن أو ترك واحدة منهن ، والزيادة فيهن .
• ولو صلى خلف من يكبر ثلاثًا أو ستًّا فقولان ، المعتمد : لا يزيد عليه .
• (وَلَوْ نَسِيَهَا وَشَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ فَاتَتْ) ولا خلافَ – في المذهب - أنه لو تركهن حتى تعوذ ، ولم يشرع في القراءة ، أنه يأتي بهن ، وتقديمهن على التعوذ سنةٌ لا شرط ، ولا خلاف أنه لو نسيهن حتى ركع لا يعود إليهن ، فإن عاد إلى القيام ليكبر بطلت صلاته .
• ولو أدرك الإمام في أثناء الفاتحة أو بعض التكبيرات فعلى الجديد : لا يكبر ما فاته .
• ولو أدركه في الثانية كبر معه خمسًا ، ثم في ثانيته خمسًا .
• قَالَ : (وَيَقْرَأُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى «ق» ، وَفِي الثَّانِيَةِ «اقْتَرَبَتْ» بِكَمَالِهِمَا جَهْرًا) أما الجهر فمجمعٌ عليه .
• وأما القراءة ففي «صحيح مسلم» : «كان رسول الله ﷺ يقرأ في الفطر والأضحى بــ(ق) و(اْقتَرَبَتِ الساعَةَ)» (8) ، وفيه أيضًا : «أنه قرأ في صلاة العيد (سَبِّح اسْمَ رَبّك) و (هل أتاك حديث الغاشية» (9) ، فكلاهما سنة .
• (وَيُسَنُّ بَعْدَهُمَا خُطْبَتَانِ ، أَرْكَانُهُمَا كَهِيَ فِي الْجُمُعَةِ ، وَيُعَلِّمُهُمْ فِي الْفِطْرِ الْفِطْرَةَ ، وَالْأَضْحَى الْأُضْحِيَّةَ ، يَفْتَتِحُ الْأُولَى بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ ، وَالثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ وِلَاءً) وأصل الخطبة في العيد بعد الصلاة معلومٌ في الأحاديث الصحيحة من فعل النبي ﷺ والخلفاء الراشدين .
• فلو خطب قبل الصلاة فهو مُسيءٌ ، ولم يعتد بها على المعتمد .
• والخُطب المشروعة عشرةٌ ، كلها بعد الصلاة إلا الجمعة وخطبة الحج يوم عرفة ، وكلها خطبتان إلا الثلاث الباقية من الحج ، فإنهن فرادى .
• ونص الشافعي والأصحاب على افتتاح الأولى بتسع تكبيرات والثانية بسبعٍ (10) .
• كونهما خطبتين العمدة فيه القياس على الجمعة ، ولا يصح فيه حديث ، ولا ضير ؛ إذ ليس ثم خلافٌ فيه .
• ويجلس بينهما ، وهل يجلس قبل الأولى ؟ فيه وجهان ، الصحيح المنصوص : يجلس ويُسلّم كخطبة الجمعة (11) ، ويقوم فيها كالجمعة ، لكن يجوز هنا القعود فيهما مع القدرة على القيام كما في نفس الصلاة ، وقد خطب النبي ﷺ قاعدًا على بعيره (12) .
• ولو خطب خطبةً واحدة أو ترك الخطبة أو شيئًا منها : قال الشافعي : «فلا إعادة عليه ، وقد أساء» (13).
• وهذه التكبيرات التسع والسبع ليست من الخطبة ، وإنما هي مقدمةٌ لها ، نصَّ عليه الشافعي وكثير من الأصحاب(14).
• وهذه التكبيرات تسمى هي والسبع والخمس والتي في الصلاة بالزوائد .
• وينبغي أن يحث في الخطبة على الصد
قة ؛ اتباعًا للنبي ﷺ ، ويفصل بين الخطبتين بالتكبير ، ويكثر من التكبير في فصول الخطبة .
• قال الشافعي : «وإن ترك التكبير أو التسليم على المنبر أو بعض ما أمر به كرهته له ، ولا إعادة عليه في شيءٍ» (15) .
• (وَيُنْدَبُ الْغُسْلُ) صحَّ في «الموطأ» أنَّ ابن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو (16) ، وورد عن النبي ﷺ وعن جماعةٍ من الصحابة بأسانيد ضعيفة(17).
• (وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ [على المعتمد]) لأن الصلاة في أول النهار ، ويقصد من بعد ، فيقدم الغسل ؛ لئلا يفوتهم بخلاف الجمعة ، ثم ضبط بنصف الليل كما في آذان الصبح .
• ونصَّ في «البويطي» على صحة الغسل قبل الفجر صريحًا (18) ، ولذلك قطع به جماعةٌ.
• (وَالطَّيبُ وَالتَّزَيُّنُ كَالْجُمُعَةِ) وورد في الطيب حديث ضعيف(19) ، والقياس المذكور يكفي ، وصح في اللباس قول عمر رضي الله عنه : «يا رسول الله ، ابتع هذه تجمل بها للعيد والوفود» (20) ، رواه البخاري ومسلم.
• ويستوي في استحباب الغسل والطيب والتزين والتنظيف واللباس وإزالة الشعر والرائحة الكريهة : الخارجُ إلى الصلاة والقاعدُ في بيته والمسافرُ ، لأنه يوم زينة .
• (وَفِعْلُهَا بِالْـمَسْجِدِ أَفْضَلُ) لأنه أشرف وأنظف ؛ ولأن الأئمة لم يزالوا يصلون العيد بمكة في المسجد (وَقِيلَ : بِالصَّحْرَاءِ إلَّا لِعُذْرٍ) وصححه جماعةٌ من الخراسانين ؛ لأن في «البخاري» و«مسلم» أنَّ النبي ﷺ خرج إلى المصلى في العيدين» (21) . وأجاب الأولون بأنَّ المسجِدَ كان يضيق عنهم ، وإذا ضاق المسجد فلا خلاف أن الخروج إلى الصحراء أفضل إلا على القول القديم المانع من إقامتها فيها.
• ولا خلاف أن فعلها بمكة في المسجد الحرام أفضل ؛ لاجتماع فضيلة البقعة وسعة الخطة ، وألحق بها البندنيجيُّ والصيدلانيُّ بيتَ المقدس ، وقالا : «الصلاة في المسجد الأقصى أفضل» ، ولم يتعرض له الجمهور (22) .
• وإذا كان لهم عذرٌ في ترك الخروج كمطرٍ أو وحلٍ أو خوفٍ وشبهه فلا خلاف أن المسجد أفضل .
• (وَيَذْهَبُ فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ فِي أُخْرَى) لما روى البخاريُّ عن جابر بن عبد الله قال : «كان النبي ﷺ إذا كان يوم عيد خالف الطريق» (23) .
• واختلف العلماء في سببه فقيل : يمضى في الطريق الأطول ؛ لأن الذهاب أفضل من الرجوع ، وهذا القول صححه الجمهور ، وقيل : ليتصدق في الطريقين ، أو يعلم ويفتي ، أو يحصل لهما الشرف والبركة ، أو ليغيظ المنافقين بإظهار الشعار ، أو يَحذرُهم ؛ لئلا يرصدوه في الطريق الأول ، أو للتفاؤل بتغيير الحال إلى المغفرة والرضا ، أو لأن الزحام في الطريق الأول أكثر ؛ فهذه ثمانية أقوال ، وقيل غير ذلك .
• ثم إن لم يعلم المعنى استحب لنا بلا خلاف ، وإن علمناه ووجد فينا فكذلك ، وكذلك إن لم يوجد على الأصح ؛ لمطلق الأمر بالاقتداء .
• (وَيُبَكِّرُ النَّاسُ) حين ينصرفوا من الصبح ؛ ليأخذوا مواضعهم ، ولا فرق في حقهم بين الفطر والأضحى (وَيَحْضُرُ الْإِمَامُ وَقْتَ صَلَاتِهِ) لظواهر الأحاديث الصحيحة أن النبي ﷺ كان يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى ، فأول شيء يبدأ به الصلاة .
• (وَيُعَجِّلُ) أي : الإمام (فِي الْأَضْحَى) أي : بحيث يصليها في أول الوقت ، ويؤخر الغدو إلى الفطر عن ذلك قليلًا غير كثير ، هكذا نص عليه (24) .
• (وَيَأْكُلُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ ، وَيُمْسِكُ فِي الْأَضْحَى) لما روى أنس أن رسول الله ﷺ كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل تمرات ، ويأكلهن وترًا» (25) ، رواه البخاريُّ .
• والحكمة في ذلك من وجهين :
• أحدهما : ليتميز يوم الفطر عما قبله الذي يحرم فيه الأكل .
• والآخر : أنَّ السُّنَّة أن يتصدق في الفطر قبل الصلاة ، والصدقة في النحر إنما هي بعد الصلاة ، فاستحب مشاركة المساكين في الحالتين.
• (وَيَذْهَبُ مَاشِيًا بِسَكِينَةٍ)
• (وَلَا يُكْرَهُ النَّفَلُ قَبْلَهَا لِغَيْرِ الْإِمَامِ)
• (يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ فِي الْـمَنَازِلِ وَالطُّرُقِ وَالْـمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ بِرَفْعِ الصَّوْتِ) هذا النوع يسمى التكبيرات المرسلة ، ويسمى المطلقة .
• واستدلوا لها في ليلة الفطر بقوله تعالى : ﴿وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ (26) .
• وفي ليلة النحر بالقياس على ليلة الفطر.
• (وَالْأَظْهَرُ إدَامَتُهُ حَتَّى يُحْرِمَ الْإِمَامُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ) نصَّ عليه في «البويطي» (27) ؛ لأن الكلام قبل ذلك مباح فالاشتغال بالتكبير أولى .
• والثاني : إلى أن يخرج الإمام إلى الصلاة ، نصَّ عليه في «الأم» ورواية المزني(28) .
• والثالث : إلى فراغ الإمام من الصلاة ، وقيل : إلى أن يفرغ من الخطبتين ، وهذا نصه في القديم .
• ويظهر فائدته في حق من ليس حاضرًا مع الإمام ، أما الحاضرون فيستمعون الخطبة ، وهذا النوع لا يختص بالمصلي ، بل يستحب لكل أحد .
• (وَلَا يُسَنُّ لَيْلَةَ الْفِطْرِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ فِي الْأَصَحِّ) هذا النوع ال
• قال الشافعي : «وإن ترك التكبير أو التسليم على المنبر أو بعض ما أمر به كرهته له ، ولا إعادة عليه في شيءٍ» (15) .
• (وَيُنْدَبُ الْغُسْلُ) صحَّ في «الموطأ» أنَّ ابن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو (16) ، وورد عن النبي ﷺ وعن جماعةٍ من الصحابة بأسانيد ضعيفة(17).
• (وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ [على المعتمد]) لأن الصلاة في أول النهار ، ويقصد من بعد ، فيقدم الغسل ؛ لئلا يفوتهم بخلاف الجمعة ، ثم ضبط بنصف الليل كما في آذان الصبح .
• ونصَّ في «البويطي» على صحة الغسل قبل الفجر صريحًا (18) ، ولذلك قطع به جماعةٌ.
• (وَالطَّيبُ وَالتَّزَيُّنُ كَالْجُمُعَةِ) وورد في الطيب حديث ضعيف(19) ، والقياس المذكور يكفي ، وصح في اللباس قول عمر رضي الله عنه : «يا رسول الله ، ابتع هذه تجمل بها للعيد والوفود» (20) ، رواه البخاري ومسلم.
• ويستوي في استحباب الغسل والطيب والتزين والتنظيف واللباس وإزالة الشعر والرائحة الكريهة : الخارجُ إلى الصلاة والقاعدُ في بيته والمسافرُ ، لأنه يوم زينة .
• (وَفِعْلُهَا بِالْـمَسْجِدِ أَفْضَلُ) لأنه أشرف وأنظف ؛ ولأن الأئمة لم يزالوا يصلون العيد بمكة في المسجد (وَقِيلَ : بِالصَّحْرَاءِ إلَّا لِعُذْرٍ) وصححه جماعةٌ من الخراسانين ؛ لأن في «البخاري» و«مسلم» أنَّ النبي ﷺ خرج إلى المصلى في العيدين» (21) . وأجاب الأولون بأنَّ المسجِدَ كان يضيق عنهم ، وإذا ضاق المسجد فلا خلاف أن الخروج إلى الصحراء أفضل إلا على القول القديم المانع من إقامتها فيها.
• ولا خلاف أن فعلها بمكة في المسجد الحرام أفضل ؛ لاجتماع فضيلة البقعة وسعة الخطة ، وألحق بها البندنيجيُّ والصيدلانيُّ بيتَ المقدس ، وقالا : «الصلاة في المسجد الأقصى أفضل» ، ولم يتعرض له الجمهور (22) .
• وإذا كان لهم عذرٌ في ترك الخروج كمطرٍ أو وحلٍ أو خوفٍ وشبهه فلا خلاف أن المسجد أفضل .
• (وَيَذْهَبُ فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ فِي أُخْرَى) لما روى البخاريُّ عن جابر بن عبد الله قال : «كان النبي ﷺ إذا كان يوم عيد خالف الطريق» (23) .
• واختلف العلماء في سببه فقيل : يمضى في الطريق الأطول ؛ لأن الذهاب أفضل من الرجوع ، وهذا القول صححه الجمهور ، وقيل : ليتصدق في الطريقين ، أو يعلم ويفتي ، أو يحصل لهما الشرف والبركة ، أو ليغيظ المنافقين بإظهار الشعار ، أو يَحذرُهم ؛ لئلا يرصدوه في الطريق الأول ، أو للتفاؤل بتغيير الحال إلى المغفرة والرضا ، أو لأن الزحام في الطريق الأول أكثر ؛ فهذه ثمانية أقوال ، وقيل غير ذلك .
• ثم إن لم يعلم المعنى استحب لنا بلا خلاف ، وإن علمناه ووجد فينا فكذلك ، وكذلك إن لم يوجد على الأصح ؛ لمطلق الأمر بالاقتداء .
• (وَيُبَكِّرُ النَّاسُ) حين ينصرفوا من الصبح ؛ ليأخذوا مواضعهم ، ولا فرق في حقهم بين الفطر والأضحى (وَيَحْضُرُ الْإِمَامُ وَقْتَ صَلَاتِهِ) لظواهر الأحاديث الصحيحة أن النبي ﷺ كان يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى ، فأول شيء يبدأ به الصلاة .
• (وَيُعَجِّلُ) أي : الإمام (فِي الْأَضْحَى) أي : بحيث يصليها في أول الوقت ، ويؤخر الغدو إلى الفطر عن ذلك قليلًا غير كثير ، هكذا نص عليه (24) .
• (وَيَأْكُلُ فِي عِيدِ الْفِطْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ ، وَيُمْسِكُ فِي الْأَضْحَى) لما روى أنس أن رسول الله ﷺ كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل تمرات ، ويأكلهن وترًا» (25) ، رواه البخاريُّ .
• والحكمة في ذلك من وجهين :
• أحدهما : ليتميز يوم الفطر عما قبله الذي يحرم فيه الأكل .
• والآخر : أنَّ السُّنَّة أن يتصدق في الفطر قبل الصلاة ، والصدقة في النحر إنما هي بعد الصلاة ، فاستحب مشاركة المساكين في الحالتين.
• (وَيَذْهَبُ مَاشِيًا بِسَكِينَةٍ)
• (وَلَا يُكْرَهُ النَّفَلُ قَبْلَهَا لِغَيْرِ الْإِمَامِ)
• (يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَتَيْ الْعِيدِ فِي الْـمَنَازِلِ وَالطُّرُقِ وَالْـمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ بِرَفْعِ الصَّوْتِ) هذا النوع يسمى التكبيرات المرسلة ، ويسمى المطلقة .
• واستدلوا لها في ليلة الفطر بقوله تعالى : ﴿وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ (26) .
• وفي ليلة النحر بالقياس على ليلة الفطر.
• (وَالْأَظْهَرُ إدَامَتُهُ حَتَّى يُحْرِمَ الْإِمَامُ بِصَلَاةِ الْعِيدِ) نصَّ عليه في «البويطي» (27) ؛ لأن الكلام قبل ذلك مباح فالاشتغال بالتكبير أولى .
• والثاني : إلى أن يخرج الإمام إلى الصلاة ، نصَّ عليه في «الأم» ورواية المزني(28) .
• والثالث : إلى فراغ الإمام من الصلاة ، وقيل : إلى أن يفرغ من الخطبتين ، وهذا نصه في القديم .
• ويظهر فائدته في حق من ليس حاضرًا مع الإمام ، أما الحاضرون فيستمعون الخطبة ، وهذا النوع لا يختص بالمصلي ، بل يستحب لكل أحد .
• (وَلَا يُسَنُّ لَيْلَةَ الْفِطْرِ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ فِي الْأَصَحِّ) هذا النوع ال