الشيخ محمد سالم بحيري
14.1K subscribers
417 photos
14 videos
43 files
282 links
قناة تجمع الفوائد المنثورة للشيخ على الشبكة العنكبوتية .. جزاه الله خيرًا و نفعنا بعلومه في الدّارين.
Download Telegram
«حافظُ المذهب ، وصاحبُ المذهب» (منهجية التفقه في المذهب الشافعي بعلومه العشرة) .
ثمَّ فرقٌ بين قولنا : «فلانٌ يحفظ مذهب الشافعية» ، وقولنا : «فلانٌ شافعيٌّ» ، فالأول يحفظ الفروع الفقهية على المذهب ، أما الثاني فإن المذهب قد اختلط بلحمه ودمه ، ذاك الذي يمكن أن يقال فيه : «شافعيٌّ» (حقًّا) ، أو إن شئتَ فقل : «صاحبُ نَفَسٍ شافعي» .
وهذا الاختلاط لا يحصل بدراسة مجموعة من المتون الفروعية بشروحها ؛ إذ دراسة المتون الفروعية بشروحها أحد أركان الدراسة ، ولكن يحصل بالدراسة والمطالعة في عشرة علوم على طريقة أهل المذهب ، وهي دراسة المذهب : أصولًا ، وفروعًا ، وقواعدَ ، وفروقًا ، واصطلاحًا ، وتخريجًا للفروع على الأصول ، وجدلًا ، وخلافًا ، وإفتاءً وتنزيلًا ، وطبقات .
فدراسة أصول الفقه تُكَوِّن لدية الملَكَةَ الاستنباطية وتُعْلِمُه بمآخذ الأحكام ، ودراسة القواعد الفقهية تجمع له شتاتَ كثيرٍ من الفروع وتُكْسِبه المَلَكةَ الاستقرائية للفروع الفقهية ، ودراسة تخريج الفروع على الأصول تربط أصل المذهب بفرعه ، ودراسة الجدل على طريقة المذهب تكسبه ملكة إقامة الحجة ورد الشبهة ، ودراسة تاريخ المذهب واصطلاحه تطلعه على طريقة إمامه وتطور مذهبه وأشهر رجاله ومحققيه ، ومطالعة كتب الطبقات تنفث فيه روح المذهب.
وإذا طبقنا ذلك على مذهب السادة الشافعية ؛ فإن الطالب يمكنه أن يستعين ببرنامجين : برنامج دراسة ، وبرنامج مطالعة في تصانيف الأصحاب
===
أولًا : برنامج الدراسة
===
• أولًا : في أصول الفقه :
1. المرحلة الأولى : «شرح الجلال المحلي على الورقات» ، وأفضل حواشيه : «النفحات» للجاوي و«الشرح الكبير» و«الشرح الصغير» للعبادي ، ولكن لا يستفيد من هاتين الحاشيتين إلا من تمكن في علم المنطق ، وأيسرها حاشيتا الدمياطي وقليوبي ، وحاشية الدمياطي مطبوعة ، وحاشية قليوبي لها نسخة خطية في المكتبة الأزهرية ، ورأيي أن الطالب يكتفي في هذه المرحلة بـ«شرح المحلي» ، فإذا أتقنه نظر نظرة سريعة في الحاشية ، ولا يتوقف عندها كثيرًا ، وإذا منَّ الله عليه بشيخٍ يبسط له الحاشية أثناء شرحه لشرح المحلي فهو خيرٌ.
طبعًا المناهج ليست رياضيات ، يمكن أن يستعاض عن «شرح المحلي على الورقات» بشرح ابن إمام الكاملية عليها ، أو شرح ابن الفركاح ، ولكن أفضِّل للطالب شرح المحلي ؛ إذ إنه أيسر وأعمد في التدريس وأحسن إيلاجًا في المقصود .
وهذه المرحلة لا تتعدى عند الطالب في الغالب ثلاثين محاضرة .
2. المرحلة الثانية : «اللمع» للشيرازي ، وهو كتاب نفيس نافع مبارك ميسر ، جربتُ تدريسه أكثر من مرة ، ورأيت بنفسي نفعه في الطلبة ، وهو أفضل عندي من حيثية سلاسة الدراسة من «غاية الوصول شرح لبِّ الأصول» لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري ، وإن كان شرح الشيخ زكريا أعمدَ وأحكم.
وله شروح مكتوبة كثيرة تنيف على العشرة ، ولكن أكثرها مفقود أو قليل الفائدة ، وأحسن شروحه شرح المصنف نفسه ، فليسعن به الطالب فيما أغلق عليه ، ولكن لا يستغرق معه ؛ إذ إنه مبسوط إلى حدٍ ما .
3. المرحلة الثالثة : شرح المحلي على جمع الجوامع، المسمى : «البدر الطالع في حل جمع الجوامع» ، وله طبعة لا بأس بها في مؤسسة الرسالة ، وأفضل حواشيه «حاشية العطار» ، ولكن لا يستفيد منها إلا متمكن من علمي المنطق والكلام ، وأيسر حواشيه حاشية العلامة البناني ، وحواشيه عمومًا من ناحية التحقيق والتدقيق الأصولي قليلة الفائدة مع ندرة الشيخ القادر على فك كثير من إشكالاتها اللهم إلا في أكابر علماء الأزهر الماضين أو شيوخ الأكراد أو جبال داغستان ، فأُفَضِّل للطالب أن لا يتوقف عند الحاشية ، وإنما يتقن شرح المحلي على الجمع ، ثم يشرع في مطالعة الأمهات.
وقد آثرتُ أن يكون الطريقُ إلى علم أصول الفقه تراثيًّا خالصًا ؛ لما اعترى تصانيف الزمان من عيوب منهجية واضحة ، مع الهوة الشاسعة في التحقيق بينها وبين التصانيف التراثية .
طبعًا يمكن أن يستعاض عن هذا الكتاب بـ«نهاية السول» للإسنوي ، وهو نفيس ، ولكن «شرح المحلي على الجمع» أحبُّ إلي ؛ لولوجه في المقصود وبعده عن الاعتراضات غالبًا.
فإذا أتمَّ الطالب ذلك شرع في مطالعة أمهات الفنِّ وجوامعه إن أرداد التخصص فيه .
أما الأمهات : فيطالع «الرسالة» للإمام عليه رضوان الله ، و«التقريب والإرشاد» للقاضي أبي الطيب ، وهو من أنفس تصانيف الفن ، و«المعتمد» لأبي الحسين البصري ، وكثيرٌ ممن بعده نهلوا من تحقيقاته الأصولية المحضة ، وله تجريد لعلم الأصول عن الكلام كما نصَّ في مقدمته ، و«العدة» للقاضي أبي يعلى ، وهو نفيس في الاستدلال للأصل المُرَجَّح من الأثر والنظر ، مع صنعة عالية في استخراج الأصول من كلام الإمام أحمد رضي الله عنه ، و«أصول الجصاص» ، وهو من نفيس تصانيف السادة الحنفية لا سيما في تحقيق أقوال أئمة المدرسة ، وكذا في رد أصول السادة الحنفية إلى السلف والاستدلال عليها من آثارهم ، مع عناية عجيبة بالتمثيل لا تجدها عند نظيره من تصانيف السادة الحنفية ولا تصانيف الجمهور
.
فإذا أتمَّ الطالب هذه الأمهات الخمسة : شرع في «البرهان» للجويني ، ثمَّ «المستصفى» للغزالي ، والكتابان من فتوح علم الأصول .
فإذا أتمَّ هذه السبعة شرع في «الإحكام» للآمدي ، و«المحصول» للرازي .
فإذا أتمَّ الطالب هذه التسعة : شرع في مطالعة شروح «المنهاج الأصولي» و«مختصر ابن الحاجب» و«جمع الجوامع» ، وأهمُّ ما يعتني به الطالب : شرح السبكيين وشرح الإسنوي على المنهاج ، وشرح الإيجي والتاج السبكي على مختصر ابن الحاجب ، أما «جمع الجوامع» فليُولِ الطالبُ عناية خاصة بـ«تشنيف المسامع» للبدر الزركشي ؛ فإنها نفيس ، وأنفس منه شرح العلامة اليوسي المالكي على «جمع الجوامع» ، ولو كمُل هذا الأخير لكان أنفس ما صُنِّف على «جمع الجوامع» .
هذه أمهات التصانيف ؛ فإذا أتمها الطالبُ شرَع في الجوامع .
وأهمُّ ما يعتني به الطالبُ من الجوامع ذوات التحقيق : «البحر المحيط» للزركشي ، ولا مثيل له ، و«كشف الأسرار عن أصول البزدوي» للعلامة عبد العزيز البخاري ، و«شرح الكوكب المنير» للعلامة ابن النجار الحنبلي .
مع العلم أن اختيار كتب المطالعة هنا له معياران : ما ينفع الطالب من حيث تحقيق القول في مذهبه ، ثم الإلمام بمذاهب أهل العلم عمومًا على نحو توسعي ، ثم النظر في تصانيف غير مذهبه في الأصول .
• ثانيًا : في الفروع الفقهية :
1. المرحلة الأولى : «الإقناع في حلِّ ألفاظ أبي شجاع» للخطيب الشربيني.
آثرتُ أن يكون هذا الكتابُ في المقدمة ، مع علمي بعسر عبارته غالبًا .
ولكن هوِّن عليكَ ؛ فإني سأدلُّك على ما ييسرُ لك :
ييسر لكَ هذا الكتاب بأمرين ؛ بشيخ متقن ، وتصانيف مساعدة .
فإذا منَّ الله عليك بشيخ متقن للكتاب فقد سهل أمرك ، وهناك درس لبعض إخواننا الأفاضل المتقنين سبق إعلاننا عنه ، فلتنتظم فيه إن أردت .
وأما التصانيف المساعدة فيمكنُك أن تستعين بـ«حاشية البيجوري على شرح ابن قاسم الغزي على مختصر أبي شجاع» ، فإنها عبارة عن تيسير لعبارة الإقناع ، كذا فاستعن بـ«حاشية البجيرمي» وإن كان لا يعتني كثيرًا بفك مغلقاته ، ولكن لا تحرم نفسك من النظر بلا تشتيت ؛ لعلك تجد بغيتك .
فإن عسر عليك «الإقناع» ، لا بأس = استعض عنه بـ«كفاية الأخيار» لتقي الدين الحصني ، وهو كتاب ميسر منظم المسائل ، وأكثر بضاعته من «الروضة» و«المجموع» ، فهو معتمد في الغالب .
فإن عسُر عليكَ «الإقناع» و«كفاية الأخيار» فاستعن بكتابٍ ميسر في الفقه الشافعي ، ككتاب «التذهيب شرح متن الغاية والتقريب» للشيخ مصطفى البغا ، أو كتاب «المعتمد في الفقه الشافعي» للدكتور محمد الزحيلي ، أو كتاب «التقريرات السديدة» ، والأخير مشتمل على العبادات فحسب .
فإن كنت من محبي حفظ المنظوم ، ولا تريد «الإقناع» ولا «الكفاية» ، ولا تريد أن تحفظ مختصر أبي شجاع المنثور ، فاحفظ نظم العمريطي له ، المسمى «نهاية التدريب» ، وعليه شرح جيد للشيخ الفشني يسمى «تحفة الحبيب في شرح نهاية التدريب» ، وله تهذيب جيد للشيخ النوري مسمى بـ«تهذيب تحفة الحبيب في شرح نهاية التدريب» .
الخلاصة ؛ أني أحبُّ لكَ «الإقناع» إن وجدت شيخًا متقنًا ، وإلا فـ«كفاية الأخيار» ، وإلا فكتاب معاصر كـ«التذهيب» أو «المعتمد في الفقه الشافعي» أو «التقريرات السديدة» ، وإن كنت محبًّا لحفظ المنظوم فعليك بـ«نهاية التدريب» و«تهذيب شرح الفشني» .
ولكن على الأقل في هذه المرحلة ؛ إما أن تنهي كتابًا تراثيًّا واحدًا ، أو كتابين أحدهما معاصر تمهد به (كالمعتمد لمحمد الزحيلي) ، والآخر تراثي (ككفاية الأخيار).
2. المرحلة الثانية : «كنز الراغبين شرح منهاج الطالبين» للجلال المحلي ، وطبعة المنهاج طبعة جيدة ، وهو كتاب نفيسٌ.
ولتستعن في فهمه بـ«حاشيتي قليوبي وعميرة» ، وكذا بـ«حاشية الجمل على شرح المنهج» ؛ إذ إن شيخ الإسلام اختصر شرح المحلي في شرحه ، ولن تجد كثيرًا من فك مغلقاته مع ذلك أيضًا ، ومن الحواشي الجيدة التي تعتني بفك مغلقاته حاشبة العلامة البكري ، ولكنها مخطوطة ، ثم نفسُه قلَّ قبل ربع الكتاب ، ولو ظلَّ كما بدأ لكان خيرًا عظيمًا .
ولي عليه حاشيةٌ تخرج قريبًا إن شاء الله ، أقيد فيها مُطْلَقاته ، وأخصص عموماته ، وأحرِّرُ محال الخلاف بين الأصحاب ، وأبين مواضع الوفاق والخلاف بين محققي المتأخرين ، مع عناية يسيرة بفكِّ ما يصعب على طالب المنهاج .
3. المرحلة الثالثة : «نهاية المحتاج شرح المنهاج» للرملي ، وفي هذه المرحلة يعتني المتفقه بضبط خلافات محققي المتأخرين (شيخ الإسلام زكريا الأنصاري والهيتمي والخطيب والرملي) ، وذلك من خلال الحواشي التي اعتنت بهذه الخلافات ، أو الكتب التي أفردت هذه الخلافات :
أ- أما الحواشي التي اعتنت بهذه الخلافات فأفضلها حاشيتان ، الأولى : «حاشية الشرواني على تحفة المحتاج» ، وهي أفضل الحواشي اعتناءً بخلافات المحققين الأربعة السابق ذكرهم ، وكذا «الحواشي المدنية» للعلامة الكردي ، وهي تشمل ربع العبادات فقط .
ب- وأما الكتب التي أفردت هذه الخلافات فأوسعها وأفضلها : «المنهل النضاخ في اخ
تلاف الأشياخ» للعلامة ابن القره داغي ، وقد جمع فيه (1814 مسألة فيها خلاف بين الأربعة) ، و«إثمد العينين في بعض اختلاف الشيخين» لعلي بن أحمد بن سعيد باصبرين الحضرمي ، وهو مطبوع ، و«فتح العلي بجمع الخلاف بين ابن حجر والرملي» : لعمر بن حامد بافرج باعلوي ، وهو مطبوع.
ويمكن أن يستبدلَ «نهاية المحتاج» بـ«مغني المحتاج» للخطيب ، أو «تحفة المحتاج» ، والمغني أيسر الثلاثة عبارة ، و«التحفة» أعقدها عبارة ، و«النهاية» قريبٌ منها .
===
• ثالثًا : علم القواعد الفقهية :
1. «إيضاح القواعد الفقهية» للَّحْجِي .
2. ثم «الأشباه والنظائر» لتاج الدين السبكيِّ .
3. ثم قواعد العلائي ، المسماة «المجموع المُذَهَّب في قواعد المَذْهب» ، وهذا نفيس جدًّا ، وعنده ما ليس عند غيره من مباحث ماتعة .
===
• رابعًا : علم الفروق الفقهية
«الجمع والفرق» للشيخ أبي محمد الجويني ، وهو مطبوع في دار الجيل .
===
• خامسًا : تخريج الفروع على الأصول :
«التمهيد في تخريج الفروع على الأصول» للإسنوي .
وكذا لا يفوت الطالب : «مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول» للتلمساني المالكي ، وهو نفيس جدًّا ، وفيه مباحث تعدمها عند غيره .
===
• سادسًا : تاريخ المذهب واصطلاحاته وبيان المعتمدين وفقه عبارته
1. «المذهب عند الشافعية» (وهو بحث منشور) للدكتور محمد إبراهيم أحمد علي ، وهو – على وجازته – من أفضل ما كتب في هذا الباب .
2. ثم «المدخل إلى دراسة المذهب الشافعي» للدكتور أكرم القواسمي .
3. ثم مقدمة العلامة الدكتور عبد العظيم الديب رحمه الله على نهاية المطلب لإمام الحرمين ، وهذا فيه خير كثير وعنده ما ليس عند غيره .
4. ثم : «الفوائد المدنية» للعلامة الكردي ، و«الفوائد المكية» للسقاف ، وكذا – إن استطاع الطالب تحصيله - : «مرشد الأنام لبر أم الإمام» للعلامة أحمد بك الحسيني ، وهو مخطوط في دار الكتب المصرية في أربعة وعشرين مجلدًا ، فيه مجلدان مقدمة في الفقه الشافعي ورجاله وتاريخه ، وهو عبارة عن شرح لربع العبادات في «الأم» للإمام الشافعي .
5. أما عن فنِّ «فقه عبارة المذهب» فقد عقدَ التاجُ السبكيُّ رحمه الله فصولًا نافعة لها في كتابه «ترشيح التوشيح» بما لم أره لغيره من علماء المذهب مع تطبيقات نفيسة ، لكنه لا يزال مخطوطًا ، ولا يزال هذا الفنُّ من الفنون التي تحتاج في المذهب خدمة كبيرة ، فهو باب واسعٌ .
===
• سابعًا : الجدل
1. «المعونة في الجدل» للشيرازي ، وهو مطبوع .
2. ثمَّ «المُلَخَّص في الجدل» له أيضًا، وهذا مخطوط يطبعُ قريبًا بإذن الله.
===
• ثامنًا : الخلافيات
• «الدرة المضية فيما وقع فيه الخلاف بين الشافعية والحنفية» لأبي المعالي الجويني .
• «الاصطلام في الخلاف بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة» لأبي المظفر السمعاني .
• «النكت في الخلافيات» لأبي إسحاق الشيرازي .
===
تاسعًا : الفتوى والتنزيل
• وهو باب مطالعة ، ويستطيع الطالب أن يطالع : «فتاوى القاضي حسين» ، «فتاوى البغوي» ، «فتاوى ابن الصلاح» ، «فتاوى النووي» ، «فتاوى السبكي» ، «فتاوى البلقيني» ، «فتاوى الهيتمي» ، «فتاوى الشهاب الرملي» .
===
• عاشرًا : طبقات الأصحاب

• وهذا باب مطالعة ، وأروعه : «طبقات الشافعية الكبرى» للتاج السبكي رحمه الله ، ثم «طبقات الشافعية» لابن هداية الله الحسيني ، ثم – إن استطاع - «طبقات الشافعية» للشيخ عبد الله الشرقاوي .
===

ثانيًا : برنامج المطالعة
• إذا أتمَّ الطالبُ هذا البرنامجَ الدراسيَّ عكف على مطالعة كتب الأصحاب ، وإنما رتبتُ كتب المذهب في المطالعة من المتأخر إلى المتقدم ؛ لأن الطالب لن يتمكن من فهم عبارة المتقدم وتحقيق مرادها إلا بعبارة المتأخر الجامعة لزبدة ما كتب المتقدمون ، وكذا لن يتمكن من فهم عبارة الإمام الشافعي رضي الله عنه إلا بالاطلاع على طرائق أصحابه في فهم عبارته ، وهذا لا يعني تقديم عبارة المتأخر على عبارة المتقدم ، بل في عبارة المتقدم التحرير والبركة ، ولكن إنما هو السَننُ الموصل إلى التحقيق ، فإذا وصل إلى عبارة المتقدم فيحرر هو .
• ويمكننا تقسيم هذه الكتب إلى خمس طبقات :
الطبقة الأولى : تصانيف أئمة التنقيح الثاني ، وهم شيخ الإسلام زكريا الأنصاري والهيتمي والخطيب والرملي .
الطبقة الثانية : تصانيف ما بين التَّنْقِيحَيْن ، وهي التصانيف التي كتبت على كتابي «الشرح الكبير» للرافعي و«الروضة» للنووي ، ولم يطبع منها إلا «المهمات في شرح الرافعي والروضة» للإسنوي ، وقد كتب الشافعية تصانيف كثيرة في رد نقود الإسنوي على الشيخين ، وأجمعها كتابُ تلميذه ابن العماد المسمى بـ«التعقبات على المهمات» ، وكتاب «خادم الرافعي والروضة» للزركشي ، ولا يزالا في عداد المخطوط ، ولكن نسخهما الخطية كثيرة متوافرة في الظاهرية وغيرها ، ومن نظر في «الخادم» مع «المهمات» كفاه عن كل تصانيف المرحلة .
الطبقة الثالثة : تصانيف أئمة التنقيح الأول ، وهما الرافعي والنووي ، وأهمها : «العزيز شرح الوجيز» و«الشرح الصغير» ، و«روضة الط
البين» ، «المجموع» و«التحقيق» .
الطبقة الرابعة : تصانيف أئمة الطريقتين (الخراسانيين والعراقيين) والجامعين بينهما ، كـ«الحاوي الكبير» للماوردي ، و«التهذيب» للبغوي ، و«المهذب» و«التنبيه» للشيرازي ، «نهاية المطلب» لإمام الحرمين ، «الوسيط» للغزالي ، وفي هذه الطبقة تصانيف كثيرة لم تطبع بعد ؛ كـ«الإبانة» للفوراني ، و«تتمة الإبانة» للمتولي ، و«التعليقة» للقاضي أبي الطيب ، «الشامل» لابن الصباغ ، وهي أنفس من كثير مما طبع لا سيما «التعليقة» و«التتمة» .
الطبقة الخامسة : تصانيف إمام المذهب وما رواه الأصحاب عنه رضي الله عنه ، كـ«الأم» و«مختصر المزني» و«مختصر البويطي» وغيرها .
===
ولا تستكثر ذلك أخي الحبيب ، وتذكر قولة إمام الحرمين رحمه الله للغزالي ، حينما قال له :(يا فقيه) ، فرأى في وجهه التغيرُ ؛ كأنه استقل هذه اللفظة على نفسه ، فقال له : افتح هذا البيت ، ففتحَ مكانًا وجده مملوءًا بالكتب ، فقال له : ما قيل لي : (يا فقيه) حتى أتيت على هذه الكتب كلها .
ولتكن لكَ همَّة كهمة النووي رضي الله عنه إذ قال : (ينازعونني في الوسيط - أي : للغزالي - وقد قرأتُه أربعمائة مرة) .
واعلم أنَّ من علمَ شرفَ ما يطلبُ يسر له كلُّ عسير ؛ إذا عقد قلبَه على الإخلاص .
واتقوا الله ، ويعلمكم الله .
وفضل الله واسع ، والله يرزق من يشاء بغير حسابٍ .
===
نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الإخلاص في القول والعمل والسرِّ والعلن ، وأن يهدينا وإياكم سواء السبيل .
«منهجية التفقه في المذهب الشافعي بعلومه العشرة».

الشيخ محمد سالم بحيري -وفّقه الله-.


https://2u.pw/FfihT
«الإبريز نظم المذهب الوجيز».pdf
900.8 KB
الحمد لله،
أشرحُ بإذن الله منظومتي في فقه الإمام الشافعيّ رضي الله عنه: «الإبريز نظمُ المذهب الوجيز»، بمسجد أسامة بن زيد، بالعاصمة الماليزيّة كوالالمبور ..
وذلك يوم السّبت 15 - فبراير - 2020 ...
والله أسألُ أن يرزقنا الإخلاص والتوفيق والحبّ فيه ...
الحمد لله،
ألقي بإذن الله بالجامعة الإسلاميّة العالميّة بكوالالمبور محاضرة بعنوان:

(تخريج النّوازل على مذهب الشّافعيّة، ضوابطه، ومثارات الغلط فيه).

وذلك يوم الجمعة الساعة 9:30 صباحًا.

والله أسأل أن يرزقنا الإخلاص والتوفيق والحبّ فيه ...
Forwarded from كناشة الفقيه
المسائل المنقولة عن الشّافعيّ رضي الله عنه في مسائل الفروع قريبٌ من ستين ألف مسألة على ما حكى بعض الأصحاب.
الغزاليّ رحمه الله في (حقيقة القولين)
يعيشُ عمرَه مشغوفًا بتأمين مستقبله الدنيويّ، فإذا بلغ مبتغاه .. شُغل بتأمين مستقبل ولده ...
وليس هذا بمعيب؛ فإنّ النفس إذا أحرزت قوتها .. اطمأنّت.
إنما الخذلانِ أن يذهل عن تأمين مستقبله الأخرويّ، فلا يخطر على باله همّ آخرته.
إنما يتّسعُ علمُ العالم بحسب حذق من يسأله، فيطالبه بحقائق الكلام وبمواضع النكت، لأنه إذا طالبه بحقائق الكلام احتاج إلى البحث والتنقير والنظر والفكر، فيتجدَّد حفظه، وتتسع معرفته، وتقوى قريحتُه، ويتذكر ما تقدم.
ثعلب
‏لستُ راضيًا عن شيءٍ منْ تصانيفي؛ لأني عملتها في ابتداء الأمر، ثم لم يتهيّأ لي مَنْ يحرّرُها معي، سوى "شرح البخاري"، و"مقدمته"، و"المشتبه"، و"التهذيب"، و"لسان الميزان" .


الحافظ ابن حجر -رحمه الله-.
منذ أيامٍ قليلة ؛ استمعتُ إلى محاضرة للشيخ العلامة المحدث أبي إسحاق الحويني ، بعنوان : «أيهما آمنُ من صاحبه» ، فهيجت دموعًا حبيسة المآقي ، وأثارت ذكريات .
ولستُ استغرب فللشيخ عندي ارتباط وثيق بالدمع ، ولا أدري سببه ، ولكن الذي أعرفه من نفسي أني كلما أوجعني قلبي تلمستُ أيَّ شيءٍ من دروسه ، أسمع فيها صوته ، وأرى صورته ، فيزول ما بي من وجع القلب .
محبتي له ليست محبة شيخٍ فحسب ، إنها محبة تعلقية ، تعلق ولد بوالده ، يرقب أنفاسَ والده ، ويتعلق بصوته الذي يجد فيه الأمان .
تبدأ قصتي مع الشيخ حينما وقعت يدي على دروس له في علم «مصطلح الحديث» في بداية الطلب، كانت من أعظم ما انتفعتُ به، دروس رائعة أخذت بلبي ، حتى صرتُ لا أنام إلا على صوت الشيخ ، ولا أبالغ إذ أقولُ لك : إني أسمع الشريط الواحد أكثر من ثلاثين مرة ، وفي كل مرة أجد من اللذة مثل ما وجدت في المرة الأولى ، ولا يزال ما سمعتُه حاضرًا في ذهني كأني سمعتُه بالأمس.
والشيخ هو من حبَّبني في علم الحديث .
ثم وقعت عيني على كتاب له اسمه «بذل الإحسان بتقريب سنن النسائي أبي عبد الرحمن» ، حملته من المكتبة ، وكنت في سفر من القاهرة إلى دمياط، وعادتي في السفر أنه لا مشكلة عندي من أني أضع رأسي نائمًا في موقف القاهرة فأفيق في موقف دمياط ، وتمر الساعات الثلاث كأنها ثوانٍ ثلاث ، ولكن يومها ؛ ما ذاقت عيني نومًا ، صرتُ أقلب في الكتاب مذهولًا ، ولم يكن ذاك ذهول الطالب المبتدئ فلا زلتُ إلى الآن وقد منَّ الله عليَّ بما شاء سبحانه أن يمن ، وقرأتُ ما شاء الله أن أقرأ = ما زلتُ مذهولًا بهذا التحقيق النفيس ، وكم تمنيت أن يكمل هذا الكتاب ، فإنه لا نظير له في بابه ، وآخر سمعي أن الشيخ وصل للمجلد الثلاثين ، أمد الله في عمره وبارك فيه .
وأنا في كل ذلك ؛ ألتقط كل ما أجد للشيخ من صوتيات وكتب ، أجمعها كما يجمع المرءُ خطابات محبوب له ، فلستُ أقرأ متعلمًا فحسب ، بل أقرأ محبًّا ، وأرى هذا الحبَّ في كل حرف يُسطره الشيخ .
ومن دروس الشيخ أحببتُ علم أصول الفقه قبل أن ألقي شيخي الذي طلبتُ عليه الأصول ، فقد كان صوتُه يحدر دائمًا بقوله : «علمان إذا درستهما أبصرت بعد العمى : أصول الفقه وأصول الحديث» .
ومن الشيخ تعلمتُ التعلق بالأثر ، فلما دخلتُ إلى رحابِ التمذهب بمذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه ، كان لي ورد في «مصنف ابن أبي شيبة» و«عبد الرزاق» و«البيهقي» و«الأوسط» أطالع آراء السلف في خلافيات الفروع ، وأرد المذهب إلى أصوله الأثرية ، وأرد غيره كذلك ، وهذه من أنفع وصايا الشيخ : كثرة النظر في كتب الآثار .
ولما هممتُ بتحقيقِ تصنيفٍ مذهبي شافعي ، وقابلتُ الشيخ ، وأخبرتُه بذلك تهلل وجهه حفظه الله ، وأسدى إليَّ نصائح ما زالت ترنُّ في أذنى إلى الآن ، نصائح عالمٍ بفن التحقيق ، بعيد الغور فيه .
وإني لأقول والله : إنه أكثر الناس منة عليَّ في العلم ، ولو كانت الأعمار تُوهَبُ لوهبتُ له من عمري .
تلكَ سطورٌ هيجها صوتُ الشيخ وأشياء أخرى ربي عليمٌ بها ، ولو أطلقت العنان للقلم ما سكت .
اللهم اشفِ عبدَك أبا إسحاق الحويني ، وبارك في عمره ، وأعنه على خدمة دينك ، وارفع درجته في عليين .

(منشور قديم).
" ما كابرني أحد على الحق، ودافع؛

إلا سقط من عيني.

ولا قبله؛ إلا هبته،

واعتقدت مودته " .

الإمام الشافعي.
من رحلة ماليزيا.
📚 الشروح السَّبعة السَّيَّارة على مختصر ابن الحاجب.

١- شرح القطب الشيرازي (ت٧١٠).
حقق في مجموعة رسائل بجامعة الإمام، وطُبع (في ٥ مجلدات) بتحقيق د. عبداللطيف الصرامي؛ في جامعة الإمام بالرياض، الطبعة الأولى، عام ١٤٣٣-٢٠١٢ ؛ ضمن سلسلة الرسائل الجامعية (١٢٥).

٢- حَلُّ العُقَد والعُقَل في شرح مختصر منتهى السؤل والأمل، للسيد ركن الدين الموصلي الاستراباذي (ت٧١٥).
(حقق في رسالتين بجامعة أم القرى للباحثين: د. علي باروم ود.عبدالرحمن القرني، ولم يطبع).

٣- غاية الوصول وإيضاح السُّبل، لجمال الدين ابن المطهَّر الحِلِّي (٧٢٦).
(طبع بتحقيق: الشيخ آ. مرداني پور، مؤسسة الإمام الصّادق - إيران، الطبعة الأولى، ١٤٣٠).

٤- مَجمَع الدُّرَر في شرح المختصر، لبدر الدين التُستَري (ت ٧٣٢).
(حقق في مجموعة رسائل بجامعة أم القرى وطبع في دار ابن حزم-بيروت، الطبعة الأولى، ١٤٤٠).

٥- بيان المختصر، لشمس الدين الأصفهاني (ت٧٤٩).
(طبع بتحقيق د. محمد مظهر بقا في مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي - جامعة أم القرى، الطبعة الأولى، ١٤٠٦)

٦- شرح زين الدين الخَنجي.(مخطوط).
٧- شرح شمس الدين الخطيبي. (مخطوط).
لرأيِ ابنِ إدريسَ ابن عم مُحَمَّدٍ ..
ضياءٌ إذا ما أظلمَ الخطبُ صادعُ ..

إذا المُعضلاتُ المُشكلاتُ تشابَهَتْ ..
سما منه نورٌ فِي دُجاهُنَّ ساطعُ ..

أَبى اللهُ إلا رفعَه وعلوَّهُ ..
وليس لما يُعليه ذو العرش واضعُ

سلامٌ على قبرٍ تضمَّن جسمَهُ ..
وجادَتْ عليه المُدجِنات الهوامعُ ..

لقد غيَّبتْ أكفانُه شخصَ ماجدٍ..
جليلٍ إذا التفَّت عليه المجامعُ ..

لئنْ فَجَعَتْنَا الْحَادِثَاتُ بِشَخْصِه
ِ وَهُنَّ بِمَا حُكِّمْنَ فِيهِ فَوَاجِعُ

فَأَحْكَامُهُ فِينَا بُدُورٌ زَوَاهِرُ
وَآثَارُهُ فِينَا نُجُومٌ طَوَالِعُ 

[ابن دريد الأزدي]
الشيخ الحوينيّ والحافظ ابن حجر ...
الحمد لله،
ما من عالمٍ من العلماءِ إلا وله تصانيفُ قد صَنَّفها في «ابتداء الأمر»، يقعُ فيها من الأوهامِ والعيوبِ المنهجيَّة ما لا يسلَمُ منه «متقنٌ» يصنِّف في «ابتداءِ الأمر»؛ إذ ما من متقنٍ مهما بلغت درجة إتقانه إلا وتخفى عليك خافيةٌ في منهج العلم الذي ينبغي، لم يجد تحريرها عمَّن سبقه، أو وجد تحريرًا سيجدّ له نظرٌ فيه، والوهمُ لا يسلمُ منه النَّاسُ، بيد أنه يختلف باختلاف اليقظة في العلم ورسوخ القدم فيه.
فإذا تقدَّم به العمرُ .. قارنَ بين معرفته الحاليَّة ومعرفته القديمة، وتصنيفه الحاليِّ إن وُجِدَ وتصنيفه القديم، فتمنَّى أن لو أخَّر تصنيفه إلى سِنٍّ أخرى، يسلَمُ فيها من تلك الأغلاط المنهجيَّة التي وقعَ فيها قديمًا، والأوهام التي لا بدَّ أن تقعَ للمُصنِّف في «ابتداءِ الأمر».
وكنتُ قد أوردتُ في ذلك قولة الحافظ ابن حجر رحمه الله، التي ينقلُها عنها تلميذُهُ السخاويُّ رحمه الله، حيث قال: «لستُ راضيًا عن شيءٍ من تصانيفي؛ لأني: (أ) عملتها في ابتداء الأمر، ثم: (ب) لم يتهيَّأ لي مَنْ يحرِّرُها معي، سوى "شرح البخاري"، و"مقدمته"، و"المشتبه"، و"التهذيب"، و"لسان الميزان"».
إذا تأمَّلتَ هذا القولَ من الحافظِ رحمه الله وجدتَ أنه يُعلِّل ندمه بأمرين:
الأولُ: أنه قد عملَ تلك الكتب في «ابتداءِ الأمر».
الثاني: أنه لم يتهيَّأ له من يُحرِّرها معه.
وهذا يزيِّفُ لكَ قالة بعض السّطحيّين أنه إنما ندم على أنه لم يتهيَّأ له من يحرِّرها.
بل ندمُهُ هنا علَّلَهُ بأمرين: أنه قد صنَّفها في ابتداءِ الأمر، وأنه لم يتهيَّأ له من يُحرِّرها معه.
وهذا ديدنُ كلِّ منصفٍ مع نفسِه، إذا مرَّت على العالم عشرون سنة ندم على إبراز ما كان قد أبرز من تصانيفه وأبحاثه، وتمنَّى أن لو صبـرَ، لا لكونِه قد تجرَّأ على الله ورسوله، بل لأنه حتمًا سيقعُ له من الأغلاط المنهجيَّة والأوهام الجُزئيَّة ما تمنى أن لو خفي على النَّاس.
أبدى الشيخُ الحوينيُّ ندمَهُ على بعض تلك التصانيف التي صنَّفها في «ابتداءِ الأمر»، كأيٍّ منصفٍ مع نفسِه، لما وقعَ فيها من الأغلاط المنهجيَّة والأوهام الجزئيَّة والعبارات التي لا ينبغي أن تطلق في حقِّ أهل العلم، والتي يجزمُ كلُّ مشتغلٍ بالعلم أنه يتمنَّى أن لو قد خفيت على النّاس.
وليس ذلك لأن الشيخ كان «جاهلًا» بعلم الحديثِ وقتها، كما يزعمُ خصومُهُ الذي يحلُو لهم الخوضُ فيها.
لم يُصرِّح الشيخُ بذلك، ولا هذه التصانيفُ تدلُّ على ذلك.
بل هذه التصانيف على ما فيها من عيوبٍ منهجيَّة كـ «جنة المرتاب بنقد المغني عن الحفظ والكتاب» = لم تكن معتادة في هذه الوقتِ، وكلُّ عارفٍ بالتصانيف الحديثية في هذا الوقتِ (من 1980 – 1990) يعلمُ ما كان عليه حالُ التصانيف الحديثيَّة (اللهم إلا تصانيف الشيخ الألباني ومن تأثر به)، اللهمَّ إلا مغرمًا ببناء الأوهام.
كتاب «بذل الإحسان في تقريب سُنن النَّسائي أبي عبد الرحمن»، صنَّفَهُ الشيخُ في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، خرَّج فيه نحو ثمانين حديثًا من «سنن النَّسائيِّ» في نحو مُجلَّدين، بنفسٍ حديثيٍّ لم يكن موجودًا في الجامعات الشرعيَّة آنذاك.
صحيحٌ، وقع فيها وفي غيرِها ما ذكرنا من عيوبٍ منهجيَّة وأوهامٍ، لكنَّها من جنسِ ما يقعُ في كتب التخريجِ، ولن تمثَّل لي بعيبٍ فيها إلا أتيتُك بنظيره من كتب أهل العلم المتفق على جلالتهم وعلمهم، لا ذبًّا عن الشيخ لأنه الحوينيّ، وإنما ذبًّا عن الحقِّ.
وليست الأوهامُ التي وقع فيها الشيخُ من جنسِ ما يقعُ فيه الجهلة بعلمِ الحديثِ، وإن شئت فاقضِ العجبَ من قومٍ حديثي عهدٍ بالحديثِ يجعلوها من هذا الجنس.
هذا «بذلُ الإحسان» منشورٌ بين يدي كلّ منصفٍ، أخرج منه ما يكون من جنسِ ما يقع فيه الجاهلُ بعلم الحديثِ، ما أنتِ بُمخرجٍ شيئًا منه إلا وأنت عليمٌ – إن كنت ممن شأنه أن يعلم – أنه من جنس ما يقعُ في كتب التخريج المتفق على جلالتها، بل لو كمل هذا الكتابُ لكان نعمة على المشتغلين بالفقه والحديثِ.
هذه الذي يُعدَّ غلطًا منهجيًّا في صنيع الشيخ = ضاربٌ بجذوره في التراث الحديثيٍّ، منه ما هو مهجورٌ، ومنه ما هو شائعٌ، ليس بمبتدعٍ له.
هذه الأوهام التي تجدُها لم يسلمَ منها مصنفٌ قطّ في فنٍّ من الفنون.
إذن، ما الفرقُ بين الحوينيِّ وغيرِه ؟
الفرقُ أنَّ حبّة برٍّ من الحوينيّ عند خصمِهِ جبلٌ، وكل صغيرة من الحوينيّ كبيرةٌ، وكلُّ واقعٍ في علمائنا وموافقينا المعاصرين مغتفرٌ، وفي الحوينيّ غيرُ مغتفر.
للأسفِ، كثيرٌ من إخواننا الأشعريَّة والصوفيَّة مسجونونٌ في مشايخهم، محبوسون عن مخالفيهم، يرون القذاة في عيون مخالفيهم، ويعمون عن الجذع في عيون مشايخهم.
العجيبُ أنّك لا ترى لهؤلاء المُشنِّعين على مخالفيهم نقدًا ولا تعقُّبًا لمشايخهم الذي يفسدون كتب العلم بالشروح الضعيفة الفاسدة، بل تراهم مُعظّمين مبجّلين مبالغين، أو إن شئت الحقّ قل: لن تراهم إلا مسجونين فيهم.
فإذا رأى خطأ لمخالفيهم، كأن غلط في تصوير