(ركّز)
حوّل كل وقتك وجهدك وفكرك وقراءتك باتجاه مشروع واحد يتيم لا يشاركه غيره مهما كانت أعذارك، قرر أن تدفع كل ما تملك من وقت وجهد لصالح ذلك المشروع، دعك من تعدد المشاريع، وكثرة الأهداف، وتنوّع البرامج، يمم وجهك باتجاه فكرة صالحة للحياة، ومشروع يصنع أحلامك ثم حدثنا كيف صنع التركيز مباهجك في النهايات؟
حوّل كل وقتك وجهدك وفكرك وقراءتك باتجاه مشروع واحد يتيم لا يشاركه غيره مهما كانت أعذارك، قرر أن تدفع كل ما تملك من وقت وجهد لصالح ذلك المشروع، دعك من تعدد المشاريع، وكثرة الأهداف، وتنوّع البرامج، يمم وجهك باتجاه فكرة صالحة للحياة، ومشروع يصنع أحلامك ثم حدثنا كيف صنع التركيز مباهجك في النهايات؟
يا أصحاب القرآن ، ويامن تريدون حفظه وضبطه وإتقانه اجعلوه أقصى أولوياتكم لهذا العام، ولا تشركوا معه مشروعاً آخر، وادفعوا له كل أوقاتكم وأفكاركم، وابدؤوا (بنصف صفحة كمحفوظ جديد، وكرروها ما لا يقل عن عشرين مرة، واقرؤوا بها في نوافل الصلاة، ولا تبدؤوا حفظ الجديد إلا بعد سرد القديم كاملاً، وأقول لكم ألف مرة (كل محفوظ من أول يوم يجب أن يتحوّل إلى ورد أسبوعي مهما طال لايتخلّف مهما كانت ظروفك) ثم انتظر فصولاً مبهجة من الخواتيم.
يا طلاب العلم :
(الأربعون النووية، والأجرومية، وقواعد السعدي) قواعد في الطريق وسلالم البدايات ركّزوا عليها وادفعوا لها أوقاتكم ولا تغادروها حتى تبلغوا منها أمانيكم في النهايات، وثلاثة أشهر من عمرك كافية جداً في بلوغك منها ما تريد وتبقى معك بعد ذلك مدى العمر ، فتخلّص من الشتات وركّز وستلقى الحياة.
(الأربعون النووية، والأجرومية، وقواعد السعدي) قواعد في الطريق وسلالم البدايات ركّزوا عليها وادفعوا لها أوقاتكم ولا تغادروها حتى تبلغوا منها أمانيكم في النهايات، وثلاثة أشهر من عمرك كافية جداً في بلوغك منها ما تريد وتبقى معك بعد ذلك مدى العمر ، فتخلّص من الشتات وركّز وستلقى الحياة.
يشتكي من الهوامش، ويقضي نصف عمره على جواله، ويسأل كيف يتخلّص من الفوضى ؟ والحل أن تعكف على مشروع تعلّم (فكرة، مهارة، تخصص، مجال) حتى تنتهي منها وسترى كيف تتشكّل جديتك ويتحسّن تركيزك، وتحقق أهدافك، وتصبح جزءاً من النور وبعضاً من الربيع وشيئاً من الحياة.
الخمس الصفحات التي تقرؤها كل يوم والصفحتان التي تكتبها ضمن مشروعك الشخصي، والمهارة التي تضع لها جدولاً في أسبوعك،وربع الصفحة التي تضبطها من كتاب الله تعالى يومياً مع الاستمرار وعدم التخلّف مفضية بك لنتائج لم تكن لك على بال وفي الوحي (أدومه وإن قل) فجرّب وحاول وقرر أن تكوّن لنفسك نجاحات من خلال تلك التجارب ثم حدثنا عن الفرق الذي صنعته العادات البسيطة في حياتك في قادم الأيام.
ماذا لو قررت خلال هذه الثلاثة الأشهر المتبقية من عامك الهجري (١٤٤٥) أن تتحول من دور الجماهير التي تكتفي بالقراءة ومشاهدة أحداث النجاح إلى دور صانع الحدث وكاتب فصول التحديات من خلال العكوف على فكرة أو مشروع أو تعلم مهارة أو بناء عادة من العادات ؟! لماذا لا تكون واحداً من النماذج الفاعلة في واقعك؟ وتكسر تلك القناعات المترهلة في نفسك وتكون شيئاً في قادم الأيام؟
أين وصلت في مشروع حفظ كتاب الله تعالى؟ حدثنا كم هي المسافة المقطوعة في هذا المشروع حتى هذه اللحظة ؟ هل تستطيع أن تقول لنا أنك تضبط ثلاثة أجزاء أو خمسة دون النظر إلى مصحفك؟ كم مرة جربت أن تقرأ وردك في السيارة؟ وفي طريقك لمسجدك؟ هل لديك عدداً من الأجزاء ضمن ورد أسبوعي لم يتخلّف يوماً في حياتك؟ بنا شوق للتحديات فأثر مشاعرنا ياصديقي بما لديك!
لي سنوات ما أذكر مرة مر بي شهر رمضان وأنا أجلس وأراجع الجزء الذي أريد أن أصلي به في الليل، حاشا لله، لايمكن، أنا أدخل في الصلاة على طول، والحمد لله القرآن سلس على لساني لسببين الأول : حب القرآن، الجد والاجتهاد في الليل والنهار والصباح والمساء.
(ش عبد الرشيد صوفي)
(ش عبد الرشيد صوفي)
أصحاب (المشروع الواحد) أكثر الناس تركيزاً وأقواهم أثراً، وأعجلهم نجاحاً فيمم كل ما تملك من طاقات وأوقات وأفكار تجاه فكرة ملهمة ومشروع يتيم ثم حدثنا عن فصول الجمال والأحداث والآثار التي تحققت لك خلال عام واحد وقل لنا حينها كيف يطوي التركيز أهدافاً كبرى في زمان قصير!!
واحدة من صور الشعث في حياتك أن تظل تجهد وتعمل وتلهث ثم تتفاجأ بعد زمان من عمرك الطويل أنك لاتملك منجزاً يُبقي لك أثراً ويصنع لك لسان صدق في الآخرين.
يمكنك أن تجعل (التعليم في المدرسة، أو التربية في المحاضن، أو تعليم كتاب الله تعالى،أو إمامة المسجد، أو العلم الشرعي، أو العمل في الإعلام، أو تأهيل الطاقات القادمة، أو الإصلاح بين الناس، أو بناء الأسرة، أو العمل الاجتماعي، أو الدعوة إلى الله مشروعاً في حياتك بشرط أن تتفرّغ له، وتصرف له كل أوقاتك، وتوجه قراءاتك، وتتعلم فيه وتتدرب له وتتحلّق حوله حتى تصنع فيه إبداعاً وتترك فيه أثراً صالحاً مع الأيام.
الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله تعالى من أدهش الشخصيات التي علمتنا أثر فكرة المشروع الواحد في النجاح، ودور التركيز في خلق الإبداعات من خلال مشروعه العلمي حتى ترك لنا تراثاً مرتباً وممنهجاً، وصنع لنا علماء يقومون على أفكاره ويعيدون مشاهد قدوته ويصنعون واقعاً ملهماً بالجمال، وحين ترى (كتبه ، وقناته، وبرامجه العلمية) بعد وفاته تشعر أنك أمام مشهد ضخم من مشاهد التركيز (ولقد رأيته بعيني وهو يحرص على تسجيل دروسه غاية الحرص، وتنسخ تلك الدروس مباشرة، وسمعته بإذني في إجازة الصيف وهو يعتذر من حضور جلسة هيئة كبار العلماء لوجود طلاب العلم) وكذلك القدوات.
كل الذين لم يضبطوا القرآن، أو لم يتقنوا مهارة ما، أو لم يبلغوا آمالهم في متن من متون العلم لم يجعلوا ما يريدون مشروعهم اليتيم وفكرتهم الأساسية وأوليتهم الكبرى، وإنما خلطوا تلك الأماني بغيرها، وقسموا لها بعضاً من أوقاتهم وزاحموها بكثير من المشتات ومضت أعمارهم وهم يراوحون في ذات المكان ولم يجدوا بعد شيئاً يستحق الأفراح.
إذا أردت أن تحقق منجزاً ضخماً وحلماً رائداً ومشروعاً مبهجاً وأمنية تبقى حية لزمان طويل في الحياة (فركّز ولا تزاحمه بغيره وادفع له بهمومك وفكرك ووقتك ودعائك زماناً من عمرك) وسترى في النهاية ما لم يخطر لك على بال، وما عدا ذلك فشتات وضياع.
دفع الحافظ بن حجر على فتح الباري قريباً من الثلاثين عاماً فجاء الشوكاني بعده بمئات السنين فقال (لاهجرة بعد الفتح) وقال الشيخ عبد الكريم الخضير : نَفَسُ الحافظ بن حجر في حديث النية أول حديث في الكتاب كنفسه تماًماً في آخر حديث في الكتاب (كلمتان حبيبنان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان)، وبذل ابن عاشور أربعين عاماً من عمره ليصنع للأمة (التحرير والتنوير) فيمم وجهك للحياة ودعك من بنيات الطريق.
اطلعت على إجازة في كتاب الله تعالى لفتاة يقول الشيخ الذي كتب الإجازة : عرضت علىّ فلانة القرآن الكريم كاملاً برواية حفص عن عاصم من أوله إلى آخره غيباً عن ظهر قلب في قرابة عشر ساعات في يوم واحد وقد كان حفظها غاية في الاتقان لدرجة أبهرتني حيث لم تخطئ أي خطأ طوال الختمة) .
( رسالة في أثر التركيز في صناعة الإبداع)
( رسالة في أثر التركيز في صناعة الإبداع)
ماذا لو أن طالب علم قرر أن يكون علماً ورمزاً ومرجعاً من خلال التركيز على مشروع تأليف، أو تخصص دقيق، أو فكرة ملهمة بنهاية عام (١٤٥٠) ؟ وصنع للأمة فألاً وترك لها إرثاً، وصنع لنفسه ذكريات تبقى ما بقي الزمان؟ ما أسرع مضي الأوقام! وما أعمق أثر التركيز !