( بوح )
11.1K subscribers
1.17K photos
209 videos
4 files
708 links
في رحاب الأفكار والمفاهيم ندق جرس الذكرى ونصنع مباهج التغيير .
Download Telegram
لست مع الذين يرون المال كل شيء ويكنزونه رغم حاجتهم إليه ويشحون على أنفسهم به، ولا مع الذين يعبثون به ويصبحون مع الزمان عالة على الآخرين، ومنهج الوحي (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواماً) وقلت مرة لزميل في صورة مزاح وأنا جاد فيما أقول (المال جالب لراحتك وخشوعك في صلاتك) ولن تدرك هذا المعنى حتى ترى أثر الديون على أصحابها وما خلفته من شتات وهموم وأمراض، ودور التوازن على أهله وكيف يعيشون ومشاعرهم خالية من رهق الظروف والأزمات.
ثمة فارق ضخم جداً بين ثمن ما تشتريه من الصيدليات (من الصابون والشامبو والمعجون) وثمنها من الأسواق العادية فسألت طبيباً متخصصاً عن ذلك الفارق وهل يعتبر ما في تلك الصيدليات أفضل صحياً ؟ فقال لي : لافرق، وتلك الزيادة التي تأخذها تلك الأمكنة مقابل ديكورها الجديد ولا علاقة لها بالصحة في شيء.
لي ولع بالبخور وما زلت شغوفاً به، ولا بد أن يأخذ حظه من البيت كل يوم، وحتى الأبناء لا يخرجون لمدارسهم في الصباح الباكر إلا وقد أخذوا حظاً منه، ويصعب علىّ أن أخرج من البيت دون عبقه وريحه وجماله، وما أكثر ما كنت أعاني في السفر لتكاليفه (مبخرة، وفحم، وولاعة) حتى عثرت على هذه المبخرة ورافقتني لأول مرة في سفري ولا حاجة لها بتلك التكاليف.
لا تعرف قدر نعمة الله تعالى عليك حتى ترى من حولك من المكلومين، أنت في كامل صحتك وعافيتك وأفراحك وغيرك يرزح في الأوجاع والأمراض والمصائب والأزمات،ومن تبصّر في أحوال الناس من حوله أدرك أنه لا ثمن لعافية جسده ، وطمأنينة روحه، واستقرار حياته، وصدق الله تعالى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) وكم من صبح أطل بك على الأفراح، وفجعك المساء من ذات اليوم بالأتراح! فدونك الذكرى قبل الفوات.
لا تفقد قلبك !
حاول بكل ما تملك ألا تختلف مع أحد من العالمين من حولك، لا تشغل نفسك، ولا تخلق لها عداوات، وفك أسرها من الخصام والنزاع، وقرر ألا تعكّر صفو مشاعرك مهما كان ثمن ذلك.
الحياة يا صديقي أجل ألف مرة من عراك على دنيا فارغة، وصراع على مساحات لاعلاقة لها بالآخرة في شيء، يمم وجهك إلى الله ودعك من عوارض الطريق.
حين ترى صراعات هذه الحياة وخصامات الناس فيها انفث على قلبك بقصة ذلك الواعي في قول رسولك صلى الله عليه وسلم (يدخل عليكم الآن رجل من أهل الجنة)، واملأ سمعك بقوله (ما بت ليلة وفي قلبي غل ولا حقد على أحد من المسلمين)، وانفث على مشاعرك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مد يده وهو في صلاة الكسوف فقال (رأيت الجنة ورأيت فيها عنقوداً فلو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا) ويمم وجهك إلى دار الكرامات.
كثيرون حرموا أنفسهم السعادة، قرروا ألا يذوقوا بعضاً من أفراح ومباهج الحياة، لا هم الذين أصلحوا ما بينهم وبين الله تعالى، ولا هم الذين رضوا بما أعطاهم في الحياة، عاشوا وأعينهم ممدودة لما يملك الآخرون من بيوت وسيارات ووظائف وأزواج وأولاد وممتلكات، وكلما تجددت لهم نعمة قتلوا مشاهدها بمقارنتها بما عند الآخرين وعادوا في الشقاء من جديد.
ياليتهم تلذذوا بما لقوا، وعاشوا سعداء بما جرى لهم من نعيم ! وياليتهم فكوا مشاعرهم من أسر المقارنات!
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في سورة الشعراء في التعليق على قصة المناظرة بين نبي الله تعالى موسى عليه السلام والسحرة: أرادوا أن يطفؤوا نور الله تعالى فأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، وهذا شأن الكفر والإيمان ما تواجها وتقابلا إلا غلبه الإيمان (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق) وقوله تعالى (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً)
تقول: تزوجت من سنوات طويلة ووجدته زوجاً متحلّقاً حول ذاته مشغولاً بهمومه الشخصية، غارقاً في الفوضى والهوامش، قل ما يلتفت إلىّ، لا يكاد يقوم للصلاة إلا لماماً ولا علاقة له بالمسجد، في تعامله غلظة وشدة مستقبحة وقد طرقت أبواب المستشارين وأعطوني مهارات للتعامل معه وكلها باءت بالفشل حتى لقيت من قال لي : يممي وجهك إلى الله وأصلحي ما بينك وبين ربك، وانشغلي بالقرآن حفظاً وتدريساً وسل الله تعالى ملحة أن يهبك الحياة وإذا بلطف الله تعالى يحل علىّ ويعود زوجي للمسجد وينشغل بالقرآن، ويعود لأسرته ويتخلى عن كل تلك الفوضى وها أنا أعيش أدهش أيامي التي حرمت منها زماناً طويلاً، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين العالمين.
قالت ذات يوم من تفقه الطريق إلى الله تعالى : إذا غضب زوجي بمزاجه تركته وتوجهت لسجادتي وأقبلت على الله تعالى وأكثرت من الحوقلة والله ثلاثاً ما يأتي المساء إلا وهو بين يدي يعتذر عن ما حدث وتعود الحياة، وتقول : أيظن أني لا أعرف الطريق ؟
كلا ! قد قالها الأول : من أصلح ما بينه وبين الله تعالى أصلح ما بينه وبين المخلوقين.
يا أيها الآباء ، ويا أيها الأزواج، ويا أصحاب المشاريع : إذا ضاق بكم الحال، وكثرت في حياتكم العقبات، وزادت عليكم شُقة الطريق، وتعسرت بعض أموركم فيمموا وجوهكم إلى الله تعالى، أصلحوا ما بينكم وبينه، وعبّدوا الطريق إليه بإمعان، واصنعوا خلوات وخبايا صالحة، ولازموا أوقات الإجابة وألحوا في الدعاء، وثقوا أنكم ستخوضون الربيع بقلوبكم ومشاعركم وستجري مشاهد النعيم في حياتكم إلى أقصى مدى، أما قال الله يارفاق ﴿من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ﴾ فدونكم الحياة.
فإن قالت فتاة يوماً من الزمان : أما والله إني صالحة وفي الطريق إليه منذ عرفت نفسي وما وأغلق باب في وجهي إلا وأدمنت القرع على باب الله تعالى إلا أنني وجدت ما لا يعرف الحياة ولا يقدّر شأن الزوجية فأقول لها هذا أصل الطريق وبدايته وأوله وآخره ثم لا تنس الأسباب فهي من الطريق إلى الله تدربي وتأهلي على أن تعصفي بمشاعره وتستلبي قلبه وتبعثي في روحه ألف معنى للجمال، ثم إن لم تجد مع كل ذلك ما تأملين فاللهم لا عيش إلا عيش الآخرة.
تخلّص من السلبيين من حولك، فِرّ من تلك البيئات والصداقات التي لا تحدثك إلا عن الظلام والظروف الصعبة والأزمات، فرّغ مشاعرك من الهزيمة، وسوء الحظ، وتعثّر الظروف، لا تسمح لنفسك أن تخالط الفارغين والكسالى، كوّن صداقات فاعلة، واختر من يبعث همومك للمشاريع الجادة، ويكسر من فكرك حواجز الأوهام، لا تستسلم ولو سقطت ألف مرة، وتذكّر أن الإخفاقات المتكررة تصنع أرضاً صلبة للصعود من جديد.
فقط ياصديقي : انبهر بما تملك حتى لو كان في نظرك بسيطاً، حدّق بعمق في مساحات الجمال التي تجدها في نفسك، ركّز على المدهش في حياتك، قرر ألا تلتفت إلا لما يشبع نهمك ويملأ روحك ومشاعرك وتستطيع في ذات الوقت أن تجعله جزءاً منك، تذكّر وأنت في بيتك أو في سفرك، أو في رحاب فكرتك ومشروعك أنك نسيج من الجمال لا يشبه غيرك، كن ياصديقي قطعة من ربيع، ومساحة من الجمال، وبعضاً من مشاهد الفجر، وفألاً في قلوب العالمين، ودع العالم من حولك يشرب حتى يروى من فألك وأملك، ويشبع من أفكارك ومفاهيمك، ويحلّق زماناً من العمر على أفراح روحك وهتاف مشاريعك، واصنع إدهاشاً يبقى ذكرى في قلوب العالمين.
غبّر قدمك في صباح يوم الجمعة، وبكّر لمشاهد التوفيق، وتحلّق حول كل معنى يصنع لك الحياة في الدارين وقد قال نبيك صلى الله عليه وسلم (من بكّر وابتكر، وغسّل واغتسل، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، واستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها) ولو أنك حسبت خطوك من بيتك إلى الجامع وعددته على أصابع يدك وتأملت أنك قضيته صائماً قائماً لما طاب لك مقام في بيتك وهذه الأفراح تختال في فجر الجمعة من كل أسبوع بين يديك.
تعرض لفشل كلوي وعانى منه زماناً ثم كتب في وسائل التواصل الاجتماعي رغبته في متبرع بكليته فإذا بمتصل لا علاقة له به يخبره برغبته في التبرع له وتجري التحاليل ويتم التبرع دون سابق معرفة أو مقابل مادي سوى رغبة المتبرع فيما عند الله تعالى، وأنا هنا لا أحدثك عن قصة خيالية وإنما أسرد لك واقعاً معاشاً حتى تعلم أن الله تعالى إذا أراد شيئاً هيأ أسبابه وأجرى أحداثه دون عناء، وتدرك في المقابل أن الدنيا التي تثقلك بهمومها لا تمثل عند آخرين شيئاً، فتحرر من أوهامك وتخفف من هموم دنياك تعش سالماً من أثقال الطريق.
لحقائق التي تقرؤها في الوحي لا تحتاج إلى تجربة، يقينك بها وتشبعك منها وصدقك في تمثلها سيجري لك أحداثها أعجل ما تكون، قال لي صديقي ذات يوم: ما أكثر ما قرأت هذه الحقيقة في كتاب الله تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) ولم أر لها صوراً واقعية زماناً من عمري حتى يممت وجهي للقرآن،وجلسة الضحى،والتبكير للجمعة، وملازمة ساعتها في المسجد،وكثرة الصدقة، والإلحاح في الدعاء، وقيام الليل وعزمت على عدم التخلّف عنها مهما كانت عوارض الطريق فتحول ذلك العناء إلى أفراح وانقلبت حياتي مسرات،وذقت نعيماً ما عشته من سنوات، وأدركت أن حقائق الوحي لا تحتاج إلا يقين القلوب وصبر الأيام الطوال ثم تجري لك الحياة.
يريد أن يحفظ القرآن ولا يهبه إلا فتات الأوقات، ويدعي أنه حريص على بناء عادة القراءة ولا علاقة له بالكتاب، ويسأل عن لذة الصلاة وهو لم يدرك تكبيرة إحرامها من زمان طويل، وما أكثر ما يقول ما وجدت فكرة ولا مشروعاً يلامس شغاف قلبي ولم يجرّب يوماً عراك الأفكار الملهمة ومشاريع التحديات.
ياصديقي:
إذا كنت صادقاً في الطلب، وجاداً في الطريق، وعازماً على الوصول فهب لما تريد قلبك ومشاعرك وهمك وتفكيرك ومالك ووقتك ثم حدثنا بعد ذلك كيف ذقت الحياة!
الجادون كمثال في حفظ كتاب الله تعالى تجدهم يدفعون لهذا المشروع من ثلاث إلى خمس ساعات يومية كحد أدنى، ولا يعرفون صاحب تجربة إلا زاروه أو تواصلوا معه، ويقضون زماناً من أعمارهم على اليوتيوب كمثال يبحثون عن الأفكار والتجارب، ويقرؤون ويسمعون ويشاهدون من أجل تلك الأمنية حتى يكوّنوا ثقافة ضخمة عن تلك الأمنية، ثم إذا اجتمعت بهم في مكان لا يتحدثون إلا في همومهم وشغفهم ومشاريعهم وتحدياتهم، وهم مع هذا وذاك أشح الناس بالأوقات، ومن رام هذه الأمنية بغير ما قلت له فليحدثنا بعد زمان من عمره كيف كانت تجربته مع الأوهام.
(الذكاء الصناعي)
يوجه لك رسالة
يقول لك فيها
(هذا أنت)
إذا رآك تقضي
وقتاً على فكرة
أو مشهداً زاد
من صور عرضه
عليك في المرات
القادمة في كل
وسائل التواصل
فانظر من أنت ؟