( بوح )
10.7K subscribers
1.1K photos
206 videos
4 files
708 links
في رحاب الأفكار والمفاهيم ندق جرس الذكرى ونصنع مباهج التغيير .
Download Telegram
كلما رأيت ضياعاً في البيوت وتهاوناً في تعظيم شعائر الله تعالى وفوضى في الأولويات وضياعاً لأعظم القيم والأهداف تذكرت وصيته صلى الله عليه وسلم للأزواج (فاظفر بذات الدين تربت يداك) !
إذا أردت أن تعرف الفرق فانظر لبيتين : الأول يجل أبناؤه الصلاة،ومتفوقون في حلق التحفيظ، ومنظرهم مدهش نظافة وخلقاً وانتظاماً في مدارسهم، وبيوت متخلفة عن المساجد، ولا علاقة لها بحلق التحفيظ، ومناظر الأبناء في المدارس تقتل فيك كل صور الجمال.
تقدم لوظيفة فطلبوا منه سيرته الذاتية فكتب فيها كل شيء ، ونسي أن يكتب (ما زلت متخلفاً عن صلاة الجماعة من سنوات، ولم أنتظم فيها بعد)
فإن نجح من خلال تلك السيرة فسيكون السطر الذي نسيه هو الذي سيناقش فيه في أول لقاء له بين يدي ربه في عرصات القيامة، فليكن ذلك منه على بال.
كان يدعوني لجلسة الشاي في مساء كل أسبوع ويتعاهدتي في الأيام البيض برسالة عن القمر ولياليه ومباهجه وأنا أمنّيه أنني سأخرج معه قريباً وفاته أنني أطارد واحداً من أبهج مشاريعي وأبذل له خمسة عشر ساعة في كل يوم، وعثر علىّ هذا المساء في مناسبة اجتماعية واقتادني من الطريق إلى استراحته تاركاً ذلك المشروع وما بقي من أهدافه اليومية، وما تصنع بأصدقاء الروح في عرض الطريق!
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
هذه وجهة نظر صديقي للعاكفين على مشاريعهم!!
صديقي البارحة كثيراً ما قال لي ليلة واحدة توقف فيها أهدافك لا تؤثر على مشروعك،، وفطرت اليوم مع أحد العمال وكان يحاول جاهداً أن آكل كل ما جاء به وحين اعتذرت منه بلطف قال لي لك أن تتجاوز اليوم في وجبتك ثم تعود لنظامك،وزميلك يحاول بكل ما يملك أن يكسر عاداتك لتسافر معه للخارج مرة واحدة، وكل يحاول أن يغريك بالتمرد على عاداتك وقناعاتك، وفي المقابل تشتهي من يحرّضك على بناء عادة جديدة،أو التمسك بقيمة مؤثرة، أو التحلّق حول فكرة ملهمة فلا تكاد تجد من يغريك بالجمال.
تذكّر في كل مرة أن ابتساماتك الجميلة ومواقفك الإيجابية، وعطاءاتك الكثيرة لن تضيع يوماً من الدهر،ستظل بلسماً للجروح، وملهماً للأرواح، وضوءاً يدفع عنا ظلام الليل ومشكلات الدهر وملمات الزمان، وتطل بنا في ذات الوقت على مباهج الفجر ومشاهد الجمال ومفاتن الربيع،وستبقى ياصديقي ذكرى مدهشة ما بقيت بنا الأيام ، وعند الله لك أوفر الجزاء !
واشوقاه للذين يكفكفون دمعك ، ويمسحون جراحك، ويداون كدر الأيام من قلبك وروحك!
بنا شوق يارفاق للذين يحسنون العمل ويلازمون الثغور ويمسكون برايات المشاريع ويرفضون التخلي عنها مهما كانت ظروف الزمان، ويفعلون كل ذلك وقلوبهم مليئة بالفأل والأمل وأن صبح الأفراح قاب قوسين أو أدنى من واقع الحياة.
يارفاق الروح:
تذكروا أن ملازمتكم للثغور، وتحلّقكم حول المشاريع، ونضالكم من أجل الغايات الكبرى هو الذي يصنع لكم الذكريات الملهمة في الدارين، وما عدا ذلك فليس من أعماركم على الإطلاق.
مدهش إلى أقصى مدى مشهد تلك المرأة التي رغم ظروفها والتزاماتها ما تزال متحلّقة حول مشروعها وفكرتها، وملازمة لثغرها، وتبذل كل يوم لدينها ومنهجها (من خلال تعليم كتاب الله تعالى، أو تربية وتأهيل أبنائها، أو البذل في محاضن العلم والتربية ، أو من خلال دورها الدعوي والاجتماعي) وقررت أن تكون وصلاً للحياة، وجزءاً من الربيع، وبعضاً من مشاهد الجمال، ومن حولها يتحدث عن المشكلات وهي تبني مشاهد للجمال والإبداع.
وا أسفاه على رجل فراغه أكثر من شغله، وهمومه لاتسقي من حوله شربة ماء، ومرابط على شهواته وملذاته، ويصبح ويمسي وليس لديه مشروع يحركه، ولا فكرة تأسره، ولا قضية يصنع من خلالها الفأل في واقعه، وثغور العمل تنتظره وما زال في ساحات الفراغ!
وا أسفاه على أرواح لا حظ لها في المشاريع، وعلى قلوب لا تشاركك هموم الجادين في ساحات الحياة.
في مثل هذا الزمان الذي تتغيّر فيه القناعات، وتتبدل فيه الآراء، وتنقلب فيه المواقف، وتتبعثر فيه المفاهيم يدهشك أولئك الثابتون على الطريق كما هم تماماً منذ شرقت شمس الهداية على قلوبهم وما زادتهم الأيام إلا شغفاً بمشاريعهم وتركيزاً على ثغورهم وعطاء ووهجاً لدينهم ويطول زمان الفتن في واقعهم ويطول في المقابل زمان الفأل والأمل في قلوبهم ومشاعرهم وبمثل هؤلاء تزدان الحياة في قلوب العالمين.
لا أعلم متعة في حياتي كلها أعظم ولا أدهش على قلبي ومشاعري بعد الهداية من علاقتي بكتاب الله تعالى (حفظاً وتفسيراً وتدبراً) ولو حدثتك ما بقي من عمري عن لحظات الورد الذي لا أنظر فيه للمصحف، والأوقات التي أقضيها في مساحات التفسير والتدبر لما أوصلت إليك بعضاً من الأفراح التي تزدلف في قلبي ومشاعري، والمشهد ياصديقي فوق ما أصف ومثله تتقاصر الحروف والكلمات عن نقله وعرضه وتصويره كما هو، وفرق بين موقف تعرض فيه حالاً، وتجربة تحس وتذاق في كل لحظة من عمر إنسان.
مات ابن كثير رحمه الله تعالى في شعبان سنة (٧٧٤) وكان عمره (٧٣) عاماً قال رحمه الله تعالى وهو يؤلف كتابه (جامع المسانيد) لا زلت في الليل والسراج ينونص حتى ذهب بصري معه. وكان رحمه الله قد ذهب بصره قبل وفاته بسنوات وأبقى الله تعالى بصيرته وأحيا الله تعالى به أمماً من العالمين، وهذه القصاصة وهو في الطريق إلى أعظم المشاريع التي كتبها للأمة في زمانه.
قابلته هذا المساء في غاية سروره، قلت له ما هذا السرور على وجهك؟ فقال لي : بدأت ختمتي الأسبوعية وكنت أعاني من تفلت الورد اليومي وأجزاء من القرآن ثم ما زلت مستمراً حتى فتح الله تعالى علىّ حتى أني أعود لختمتي في الأسبوع الآخر وكأنني قرأتها كلها مجتمعة البارحة، هذا أفراحي ياصديقي التي تبدت لك حينما رأيتني، وصدق من قال يوماً أن الورد المستمر وكثرة المراجعة مفضية بصاحبها للأفراح!
كل الذين يتوفون في زمانك يهرع الناس بعد وقاتهم إلى تاريخهم وسجلاتهم وإنتاجهم ومشاريعهم إن وجدوا شيئاً وأعادوا بها ذكرياته في العالمين، وكم من مخبوء أُخرج في مشاهد تلك الوفاة، ومن فقهك وكمال عقلك أن تترك وراءك ما يحيي ذكرك ويمد في أثرك ويصنع لك أماني ذلك الكبير (واجعل لي لسان صدق في الآخرين)
قال لي : سأقول لك سراً ما بحت به لأحد من قبلك: كنت أعاني من فوضى وضياع أوقات وعدم تركيز، وهدر في مالي، وبيتي ليس كما أريد حتى أقبلت على الصلاة ويممت وجهي إلى الله تعالى فرتبت صلاتي انضباطاً وتبكيراً وخشوعاً فأجرى الله تعالى علىّ الخيرات وأغاثني بالطمأنينة وبارك لي في وقتي ومالي وبيتي وأبشرك في قلبي من الأفراح، وفي حياتي من التوفيق ما لا عهد لي به من زمان طويل، وما كنت أدري أن الصلاة تصنع كل هذا حتى جربت بنفسي فوجدت في النهاية كل شيء.
كم مرة حركك الأذان للصلاة؟ وكم مرة كنت من أوائل الداخلين إلى بيوت الله تعالى ؟ وهل تذكر صلاة وقفت فيها وشعرت أنك تقف بين يدي الله وأنت في كامل طمأنينتك وخشوعك؟وما ذا بقي في ذاكرتك من لحظة تشعر أنك خرجت من المسجد وأنت مشبع بأثر الصلاة في قلبك وروحك ومشاعرك ؟ وهل مر بك في صلاة من صلواتك أنك شعرت بلذة المناجاة بينك وبين ربك أثناء قراءتك للفاتحة؟ قل لنا متى آخر مرة عشت هذه المشاهد المدهشة في حياتك؟ فإن لم يكن من ذلك شيء فهذا أوان البدايات.
العودة بمشاعرك للأخطاء التي وقعت منك، واسترجاع تلك العثرات في ذاكرتك واحد من أخطر السجون التي تواجهك في حياتك على الإطلاق، سجن يجعلك منغلق على ذلك الظلام بين الجدران الأربعة حتى لا تكاد ترى سواه ويبقى تفكيرك منحصر في الأحداث التي وقعت، ولماذا وقعت؟ حتى أنك لا تكاد ترى ثقباً من نور ولا نافذة تطل بك على نجاحاتك التي هي الأصل وتلك الأخطاء من عوارض الطريق، ولو أنك جاوزتها بقليل لخضت بقلبك ومشاعرك زماناً من الدهر في مباهج الربيع.
ما مشروع التركيز لديك خلال الفترة القادمة من عمرك ؟ وما أهم ثلاث أولويات تديرها كل يوم مع مشروع التركيز ؟
(إذا استطعت أن تجيب على هذين السؤالين بوضوح واستعنت بالله تعالى وسألته ملحاً في كل وقت وقدمت بين يدي نجواك صدقات وقربات صالحة فسيدهشك تعالى بالنهايات.
كان نشيطاً في الدعوة ، ويدير مشروعاً، وباذلاً من وقته وماله ثم غاب عني فالتقينا على غير ميعاد ودار بيني وبينه حديث طويل عرض فيه بعضاً من الظروف التي واجهته والمشكلات التي يعاني منها ثم أدهشني حين قال : ولكن ما زال وردي ثلاثة أجزاء كل يوم وأختم في عشرة أيام عن ظهر قلب، وقريباً سأعود لحياض المشاريع من جديد، وأدركت حينها أن صاحب القرآن لا يضيعه الله ولو طال زمان القعود.
قابلني في الحرم في المسعى وسألني عن السعي فلما أجبته استثمرت الموقف فدعوت الله تعالى له طويلاً وقلت له أتظن أنك قدمت من بلادك وتكبدت سفرك الطويل وتركت أهلك تريد ما عند الله تعالى ولن يكرمك ؟ والله لئن أحسنت الظن به وسألته ملحاً ليدهشنّك بما لم يكن لك على بال، فغمرته الأفراح، وثارت مشاعر البهجة في نفسه، ودعا لي، وتركته مدهوشاً باللحظة التي عرضت له، فيارفاق استثمروا اللحظات العارضة، وهبوا للآخرين من قلوبكم ومشاعركم، وافتحوا لهم أبواباً على الربيع، ودعوهم يعيشون مبتهجين بالحياة.
جزء من مشكلاتنا أنه حتى خيارتنا الشخصية وقراراتنا الخاصة المؤثرة في حياتنا بقوة نُشارك الآخرين في صناعتها ولا علاقة لهم بها في شيء (الزواج ، وشراء السيارة، وبناء البيت أنموذجاً) ولا أعني الاستشارة الشرعية وإنما أعني المواصفات غير المؤثرة في تلك القرارات والمُكْلفة في ذات الوقت على صاحب القرار)