ذكرياتٌ لم تقع بعد:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
انظر إليه يا أبت، كان سعيدا!
غده ليس حاضرا في ذهنه ينغّص عليه لحظات هنائه بالخشية منه، وماضيه منسيّ ذكراه مبهمة ليست تكدّره بالأحزان ..
وهمّه يا أبت، همّ ملبسه ومأكله ومشربه ودوائه ومصاريف مدرسته وأدواته وألعابه همّ واحد لا يتعدّد = كيف يقنعني أن آتيه بما يريد؟
فلم تتفرّق همومه بين القبائل، ولا تناثرت على جنبات الطّرق كغبار السّنين تذروه رياح الأمل الطّويل الّذي لا ينتهي ..
انظر إليه يا أبت، ما عاد يتميّز حزنه من هناه!
صار وجومه طويلا، ينظر إلى لا شيء، ويرمح ذهنه في وديان الشّرود .. على المائدة وهو يأكل، وبين صفحات دفتره الّذي ولد فجأة بين يديه يكتب فيه سرّا ما لا يريد أن يراه أحد .. وفي ساعات الدّرس .. وهو يمسح قطرات العرق بعد التّمرين ..
صار لأغاني أمّ كلثوم والكلمات الّتي تغزلها بالباريتون معنى بالنّسبة له وكلمات (السّهاد، واللّظى، والهوى العطشان) لا ينوب عنها غيرها .. ولصوت (سيلين ديون) مفعول السّحر حين تصرخ بأعلى صوتها وتتجاوز الألتو وهي تطوف حول (ذو باور أوف لوف) .. ويغمض عينيه وهو يسمع الأيرلنديّ بصوته المبحوح يعد وعده المشؤوم عند كلّ نبيل (إيفري ثينغ آي دو .. آي دو إيت فور يو) ..
هناك وجه صبوح .. وعينان نجلاوان .. وغمّازتان تتورّدان خجلا عند إلقاء التّحيّة .. يزوران خياله يا أبت .. فيبتسم ويغمض عينيه يلاحق الطّيف الذّائب ..
إنّه يجتاز البوّابة يا أبت .. ويوقن أن لا أحد يفهمه، ولا أحد يدري ما يحصل له ..
والجميع يعلم إلّا هو لا يعلم أنّنا نعلم ..
بدأت همومه تتعدّد يا أبت!
وتعلّم سريعا أنّني لا أقدر على كلّ شيء .. لا أقدر على هذه ..
وهذه كلّ شيء!
ماذا يا أبت؟!
فعلت أنا هذا؟!
وأنت كنت تعلم .. وفقط أنا لم أكن أعلم أنّك تعلم؟!
أنا حالة خاصّة يا أبت!
حالة خاصّة!
وبكلّ حال هذا ليس موضوعنا يا أبت ..
ستضطرّني حينها أن أتكلّم عمّا كان يعلمه جدّي .. أرجوك!

بئس ولله الرّجلُ يحوجك أن تقول فيه كما قال المتنبّي:

يَقِلُّ لهُ القيامُ على الرُّؤوسِ *** وبذلُ المكرماتِ من النّفوسِ

إذا خانته في يومٍ ضحُوكٍ *** فكيف تكونُ في يومٍ عَبُوسِ

بثّ:
ــــــ

قال صاحبي: ألا يعلمون أنّه عدوّ؟
قلت: بلى، غير أنّه لا تلازم بين معرفة أنّ هذا عدوّ، ومعاملته معاملة العدوّ، كما يتصوّر الأكثرون، ألم تر قول ربّنا جلّ وعلا: "إنّ الشّيطان لكم عدوّ فاتّخذوه عدوّا"، فيه بيان انفكاك الجهة؟!
والعلم لا يلزم عنه العمل والمعرفة لا تُلزِم بالمعروف، وإلى الله المعاد.
ربّ يسّر وأعن!

وسط كلّ هذه التّفاهة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
انغمست ثلاثة أشهر في قراءة كلّ ما وصلت إليه ووقعت عليه عيني حول الرّسم التّجريديّ ..
نشأته تاريخه هدفه ومقاصده وأبرز روّاده وأعمالهم وتطوّراته ...
لا شيء يا أخي .. ظلّت البطّيخة الّتي تحاول التّظاهر بأنّها سلحفاة ماء بطّيخة واضحة تماما في ذهني وعينيّ ونظري ...
وظلّت التّكعيبيّة نفسها تشويها لا أكثر في ذوقي ..
حاولت حتّى استدعاء كلّ ما أعرفه من خارج المنظومة الضّيّقة للرّسم، ولم أجد حتّى الذّوق الصّوفيّ والتّخيّليّة الفلسفيّة والهيندونيزم نفسه يمكن أن يساعد ... فكلّ هذه في النّهاية تخضع لبعض الصّرامة الحكميّة الّتي نقدر معها على التّمييز والتّعيير.
هذا شيء منفلت ويراد له الانفلات تماما ويحاولون فلسفته ... ولأجل أن تتذوّقه أعتقد أنّك لا بدّ ان تتعاطى جرعة (ال اس دي) ... أو تتظاهر بأنّك تفهم وتهزّ رأسك (لاحسن يقولوا عليّا حمار).
هذا لا فنّ بكلّ المقاييس الوجدانيّة قبل العقليّة في نظري ..
وإلى أن أكتب مقالا مفصّلا أقول فيه كلّ ما عندي ... هذه تنفيسة مكلوم ضاعت بعض أيّامه هباء في لا شيء ...
كلّ ما خرجت به حكم أقدر أن أدافع عنه بأدلّة كافية .. نعم هذا شيء لكنّ مضمونه لا شيء كما أخبرتك ..
من سألك عن علم لا ينفع، قل له غير مجمجم = القراءة عن الرّسم والنّحت التّجريديّ (على الأقلّ).
وللأسف الآن أثناء كتابتي لهذه الحروف ذكرت فيلما إيطاليّا شاهدته وقد راهقت البلوغ عن رسّام كان مدينا برسم لوحة لقاعة عرض عملاقة، وقد ضيّع كلّ ما أخذه من تسبقة مال على الخمر وحان موعد التّسليم في العشيّ، فاشترى بآخر ما معه من مال زجاجة خمر واحتساها ونام ينتظر أن يصحو على خراب بيته وإعلان إفلاسه، فإذا حمار قد دخل المرسم وكان يحرّك ذيله فيصيب الدّهان والألوان ويرشّها على لوحة كان المفترض أنّ الرّسّام يحيل بياضها ألوانا فنّيّة ..
فاستيقظ المخمور ليجد المرسم وقد احتشد النّقّاد فيه مبهورين بجمال اللّوحة الفنّيّة المعجزة الّتي رسمها عملاق الفنّ ... وبيعت بالملايين .... ووقّعت باسم ذلك الفنّان زورا وظلموا الحمار!
ويبدو أنّ ما ذكّرني هذه القصّة الّتي زادت (تعاستي) قولة يونس شلبي - رحمه الله - الّتي في الأعلى ...
آه لأحسن يقولو عليّا حمار!
سحقا للتّفاهة من عند آخرها

سئل الشيخ:
"الدولة الاسلامية تطبق حدود الله ولا ينتهك شرع الله في ارضها يكفي انهم لا يتركون سارقا ولا زانيا الا اقاموا عليه الحد وطهروا الارض منه يا احذية السلاطين"



فأجاب:
"حين ترى جوقات داعش تهلّل لتطبيق الحدود - بزعمهم - تعلم أنّ القوم صرعى تهلّل لتطبيق غير شرع الله وتحكم بغير ما أنزل الله.
فإنّ الحدود منظومة كاملة لا مجرّد تطبيق شكليّ يوصل إليه بأيذ نحو كان، ومن أقرب شيء يدلّك على المباينة أنّه لا يتشوّف الشّرع لتطبيق الحدود بل يدرؤها بالشّبهة، ويلغيها بأوّل طريق ولو بتلقين الإنكار.
فأين هذا من تشوّفهم وبحثهم وتفتيشهم وتبقيرهم وفرحهم بالظّفر بمن واقع حدّا من حدود الله، حتّى إنّ أوّل ما ينصبونه في السّاحة الّتي يدخلونها ساحة الحدود!
فالقوم لا فقه ولا عقل ولا فطرة كما خبّرنا كثيرا.
انظر مثلا بابا عقده عبد الرّزّاق في مصنّفه:
في الرّجل يؤتى به فيقال : أسرقت ؟ قل : لا.
( 1 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا وكيع عن سفيان عن علي بن الأقمر عن يزيد بن أبي كبشة أن أبا الدرداء أتي بامرأة قد سرقت ، فقال لها : سلامة ، أسرقت ؟ قولي : لا .
( 2 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا شريك عن جابر عن مولى لأبي مسعود عن أبي مسعود قال : أتي برجل سرق ، فقال : أسرقت ؟ قل : وجدته ، قال : وجدته ، فخلى سبيله .
( 3 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن سليمان الناجي عن أبي المتوكل أن أبا هريرة أتي بسارق وهو يومئذ أمير ، فقال : أسرقت ، أسرقت ، قل : لا قل : لا مرتين أو ثلاثا .
( 4 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا ابن عيينة عن يزيد بن خصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان أن رجلا سرق شملة ، فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا رسول الله ، هذا سرق شملة ، فقال : ما أخاله سرق .
( 5 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن حسن بن صالح عن غالب أبي الهذيل قال : سمعت سبيعا أبا سالم يقول : شهدت الحسن بن علي وأتي برجل أقر بسرقة ، فقال له الحسن : لعلك اختلست ، لكي يقول : لا .
( 6 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا محمد بن بكر عن ابن جريج عن عكرمة بن خالد قال : أتي عمر بسارق قد اعترف ، فقال عمر : إني لأرى يد رجل ما هي بيد سارق ، قال الرجل : والله ما أنا بسارق ، فأرسله عمر ولم يقطعه .
( 7 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا محمد بن بكر عن ابن جريج عن عطاء يقول : كان من مضى يؤتى بالسارق فيقول : أسرقت ؟ قل : لا ولا أعلم إلا سمى أبا بكر وعمر [ ص: 526 ]
( 8 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا عيسى بن يونس عن ابن عون قال : حدثني مسكين رجل من أهلي ، قال : شهدت عليا أتي برجل وامرأة وجدا في خربة ، فقال له علي : أقربتها ؟ فجعل أصحاب علي يقولون له : قل : لا ، فقال : لا ، فخلى سبيله .
( 9 ) حدثنا أبو بكر قال حدثنا ابن مبارك عن معمر عن يحيى عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لماعز بن مالك : لعلك قبلت أو لمست أو باشرت ؟ .
هذا ونحن لا نرى حتّى في تطبيقهم الشّكليّ رشدا ولا عقلا، وجسبك الرّجل الّذي ضربوه على يده ثمانية مرّات ليقطعوها وهو يصرخ في وحشيّة دمويّة رعناء هوجاء لا يقرّها شرع ولا عقل ولا فطرة.
هذا ومن قطعت يده مثلا وجب على وليّ الأمر كفالته ومن يعول وجوبا لا فضلا، وداعش لا تعول نفسها الآن لتعول غيرها.
فهذا شرع الله وذاك شرع داعش!
والكلام أوسع من هذا وأكثر اجتزأت منه ما يكفي من له أدنى نظر ليعرف الحقّ."

" يتكون نصف العالم من أناس لديهم ما يقولونه ولا يستطيعون، أما النصف الآخر فليس لديهم ما يقولونه ويعيدونه مرارا وتكرارا". اهـ
- روبرت فروست -
::::::::::::::::::::::
قلت: النّصف الأوّل ليس بمحصور سكوتهم في عدم القدرة، بل منهم القادر الّذي رجّح عدم القول، ولعلّه أغلبهم، فإنّه قلّ ما رأيت جاهلا صبر عن الكلام.
والمناصفة تجوّز في الكلام، وإلاّ فسواد النّاس في النّصف الثّاني.

لفتة:
ـــــــ
من خير ما شكرت به نعمة الله تعالى عليك، وأعلاها نعمة العلم، أن لا تكون للظّالمين عونا ولا ظهيرا.
" قال ربّ بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيرا للمجرمين "
" وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلّا رحمة من ربّك فلا تكوننّ ظهيرا للكافرين "
ربّ يسّر وأعن!

ملحظ:
ـــــــــ

على برنامج الآسك المعمور بالمجاهيل ألاحظ ازديادا في عدد الخلائق الّتي تسمّي الأشياء بغير اسمها، وتحسب أنّها بذلك قد برئت!
يأتيك من يسألك مثلا:
1- لي أخ أنا أكره أن أرى نعمة عليه وأتمنّى أن تزول، لست أحسده لكن هذا هو شعوري.
يعني في ذهنه ما دام يقول: لست أحسده، فهذا الّذي صوّره ليس حسدا!
2- هل يجوز وضع الماكياج بغرض إخفاء عيوب الوجه مثل بعض الحبوب والإرهاق تحت العينين وليس بقصد الزّينة؟
كأنّ الزّينة ليست متضمّنة لإخفاء عيوب الوجه الّتي منها الحبوب الخ الخ
وكأنّ نفي الزّينة مع وضع الزّينة ليس زينة وليلتنا زينة
3- تقول له: كفّ عن التّعالم، فيقول لك لست أتعالم
كأنّ المتعالم يستفتح بالحمد ثمّ بالتّحذير من أنّ كلامه القادم تعالم وتفاصح وتشدّق

يا قوم عوا أنّ تسمية الأشياء بغير اسمها لا يغيّر حكم الأعيان، وأنّ نفي الشّيء باللّسان لا شيء إن أثبته البرهان، وأنّ الصّادق المصدوق أخبر أنّ هذه من علامات تصرّم الزّمان، وإلى الله المشتكى والملتجى وعليه التّكلان.
ربّ يسّر وأعن، يا رحمن!

سئل الشيخ: "أنا صرت شيعيا بحمد الله ما رأيك؟"


فأجاب:
"كان لبشار أيضاً صديق يقال له هلال، فقال لبشار يوما: يا أبا معاذ! إنَّ الله لم يذهب بصر أحد إلاّ عوضه منه شيئاً، فما عوضك؟
قال: الطويل العريض.
قال: وما هو؟
قال: ألاّ أراك ولا أرى الثقلاء أمثالك!
ثمّ قال: يا هلال، أتطيعني في نصيحة أخصك بها؟
قال: نعم!
قال: إنّك كنت تسرق الحمير زمانا، ثم تبت وصرت رافضيا؛ فعد إلى سرقة الحمير، فهي والله خير لك من الرفض!"

سئل الشيخ:
"الجيش اللى قال النبى اميره مغفور له من كان الأمير ياشيخ كمال؟"


فأجاب:
"أوّل جيش غزا القسطنطينيّة هو جيش عبد الرّحمن بن خالد وهو الرّاجح، وقيل فضالة بن عبيد.
وادّعاء أنّه يزيد غلط وقع فيه بعض المؤرّخين كابن كثير وغيره.
وعلى فرض أنّه أوّل جيش فالعموم الّذي في الحديث لا يلزم منه وقوع المغفرة لكلّ فرد في الجيش، وعلى فرض الاستغراق في العموم فلبست المغفرة فيه عامّة لما تقدّم وما تأخّر، بل قد تغفر ما سبق وسؤخذ بما بعد ذلك الغزو ومنه جريمة قتل ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
بل نفس الحديث لا يلزم منه أن تكون المغفرة لأوّل جيش يغزوها بل قد يكون المعنى أوّل من يفتحها، ويشهد له حديث لتفتحنّ القيطنيطينيّة فلنعم الأمير أميرها ونعم الجيش ذلك الجيش، وهذا يجعله محمد الفاتح.
وقد يكون المقصود فتح القسطنطينيّة آخر الزّمان بعد نزول الرّوم بالأعماق، كما جاء في مسلم.
فالتّعلّق بهذا وأمثاله كقول محمّد ابن الحنفيّة وبعض المنقول عن الإمام أحمد مع نصّه على ما يخالفه بالقطع كلّه واه لا يسعف في إنكار أو تبرير جريمة يزيد الشّنعاء."

- ابتسامة -
ــــــــــــــــــ

أحد أصحابنا الشّناقيط كان في الحرم يكرّر لاميّة الأفعال لابن مالك مع الطّرة لابن زين وطرة بحرق، بهذرمة الشّناقيط السّريعة في التّكرار، فلمّا بلغ:
مضاعفا مدغما أم لا كحسّ به *** وعضّ مصّ وحمّ ملّه مللا
وخبّ صبّ وطبّ لجّ بحّ وودّ *** برّ لذّ وشلّت كفّه شللا

نزلت عليه الهيئة فانتشلوه فما درى أفي سماء هو أم أرض، فاستصرخ الرّجل يطلب النّجدة ومعرفة جرمه، فقالوا له: أنت تقرأ طلاسم وتسحر في الحرم؟
ما تستحي على وجهك؟
فما أنقذه إلّا شيخ استقرأه الأبيات فقرأ، فقال لهم:
يا جماعة الخير هذا متن في علم الصّرف، فأطلقوه وما كادوا يفعلون!

سئل الشيخ:
"كلامك انت ومشايخ الأسك مش مقنع ليه زي كلام مصطفى حسني والدعاة الي بنشوفهم في التلفزيون؟"


فأجاب:
"أنا أقول لك لماذا:
«في جدال عن الغذاء يدور أمام جمهورٍ من الأطفال، فإن الحلوانيّ كفيل بأن يهزم الطبيب؛ وفي جدال أمام جمهور من الكبار فإن سياسيًّا تسلّح بالقدرة الخطابيّة وحيل الإقناع كفيل بأن يهزم أيّ مهندس أو عسكريّ حتّى لو كان موضوع الجدال هو من تخصّص هذين الأخيرين، وليكن تشييد الحصون أو الثّغور.
إنّ دغدغة عواطف الجمهور ورغباته لأشدّ إقناعًا من أيّ احتكام إلى العقل».اهـ
من محاورة جورجياس لأفلاطون."

من عانى القراءات يجد أنّ (قالون واندرج معه جميعهم) أحلى من شرب الماء البارد.
أمانيّ من سعدى رواء كأنَّمَا *** سقتك بهَا سعدى على ظمإ بردا

مثلا يعني:
ــــــــــــــــ

"واللّيل إذا يسر"، من سورة الفجر
قرأ قالون بحذف الياء، واندرج معه الجميع إلّا المدنيّين والبصريّ فأثبتوا الياء وصلا، وابن كثير أثبتها وقفا ووصلا.
ابنتي لينة تسألني: يصحّ قراءتها: يسري
قلتُ: نعم
::::::::::::::::::::::::::
تذهب للمدرسة، ترفض المعلّمة أن تسمعها لأنّها لا تحسن القراءة، ولأنّ الأطفال الّذين تعلّموا في الكتّاب يقرؤون (يسر) بالحذف.
هل سنعرف نحن خيرا من أطفال الكتّاب؟!
:::::::::::::::::::::::::

أنت مع المدارس والمعلّمين في صراع مستديم بين خيارين أحلاهما مرّ:
إثبات جهل المعلّم، أو إنكار الحقيقة!
ربّ يسّر وأعن!

من سمع النّاس فكلّهم مظلوم.
ومن عرفهم ثمّ خبرهم، فكلّهم ظالم.

ربّ يسّر وأعن!

اعلموا:
ــــــــــ

أعلى اللّذّات الحسّيّة لذّة الجماع .. وإنّك لترى من النّاس عجبا في إرادتها والسّعي للظّفر بها والبذل في سبيل ذلك حتّى لترى البخيل جوادا والكسول نشيطا والحرّ عبدا خادما والكريم وضيعا.
ايمنُ الله إنّ لذّة العلم والإيمان لفوقها غير أنّ النّاس ذاقوا تلك ولا يعرفون هذه، فلأجل ذلك ترى زهدهم في هذه وحرصهم على الأخرى، بل ولعلّك تجد الغافل الأحيمق يتهكّم بهكذا لذّة، ومن أنكر ما لا يدريه فلا تعجب له من حال!
ولعمر الله إنّ كلّ هوان في سبيل لذّة العلم والإيمان لرفعة في الدّارين، ولا تكاد ترى من يهون بل يصرفه الشّيطان بنفخه وتذكيره بعزّة نفسه.
وإنّهم ليلحسون الثّرى في سبيل الأخرى وهي في الحلال هوان فكيف بها حراما؟!
ما أحسن جواب الوليد بن يزيد لهشام حين عاب عليه شراءه عمامة بألف درهم، فقال:
- يا أمير المؤمنين إنّها لأكرم أطرافي، وقد اشتريت أنت جارية بعشرين ألفاً لأخسّ أطرافك.
وبه أقول:
هن وجد لأكرم أطرافك عقلك وقلبك، ولا يكن هوانك لأخسّها، أفلحت وأنجحت، والله الهادي والعاصم.
ربّ يسّر وأعن!

ربّنا المجيد، يا مبدئ يا معيد، اجعل يومنا خيرا من أمسنا، وغدنا خيرا من يومنا، واجعل خير أيّامنا يوم لقاك، بكرمك ورحمتك يا كريم يا رحيم!
ربّ يسّر وأعن!

مغالطات التّقسيم:
ـــــــــــــــــــــــــــ
مشكلة من يميل للتّصنيف والاختزال وحذف البسط والمقام - وهم أغلب النّاس - أنّهم ينظرون للواقع والأشياء نظرة حدّيّة تظنّ أنّ كلّ الأمور لا بدّ أن تكون مدرجة فيها.
والحقيقة أنّ الواقع والأشخاص والأشياء والأفكار مركّبة تتداخل مع استقلالها ولا تعارض!
فحين نقول هذا ظنّيّ وهذا قطعيّ لا يصحّ لك اعتراض بأنّ هذه أمور نسبيّة كلّها بمجرّد سوقك لمثال اختلف فيه النّاس هل هو ظنّيّ أم قطعي؟
ذلك أنّ وجود جملة من المسائل المختلف فيها لا ينفي وجود الظّنّيّ والقطعيّ واشتمالهما على مسائل نقطع بظنّيّتها أو قطعيّتها في نفسها.
وخطأ من جعل كلّ شيء ظنّيّا كخطأ من جعل كلّ شيء قطعيّا، كلاهما عاجز عن التّفريق بين القطعيّ والظّنّيّ.
والقائل بإطلاق النّسبيّة في القطعيّة والظّنّيّة قائل بالعدميّة في أفجّ صورة لها، إذ لازم قوله أن لا حقيقة، ويلزم من هذا بطلان كلامه نفسه!
ومثالا على هذا = قوس قزح
هذا القوس من الألوان الّذي تميّز فيه العين العاديّة سبعة ألوان: الأحمر في الأعلى فالبرتقالي فالأصفر فالأخضر فالأزرق فالنّيلي ثمّ البنفسجي من الأسفل.
وهذه الألوان لا شكّ متداخلة فيما بينها تداخلا تامّا برغم هذا الاستقلال بينها الّذي يجعلنا نجزم أنّ هناك أحمر وبرتقاليّا.
لكن لا وجود لبداية حادّة ولا نهاية حادّة لهذا البرتقاليّ مثلا، فأنت تجزم بوجوده، لكنّ هناك نقاطا لا يمكنك عندها أن تقول هذا برتقاليّ أو أحمر؟ برتقاليّ أو أصفر؟
ولا وجود كذلك لوسط مطلق، فأنت يمكنك افتراض وجود وسط وحدّ من النّاحية التّحليليّة، لكنّك واقعيّا عاجز أن تقول هذا هو البرتقاليّ الّذي في الوسط تماما، أو هنا يبدأ وهنا ينتهي.
ولا يحملنا كلّ هذا على أن نقول: لا برتقاليّ في الوجود، فهذا كذاك.
ولا يحملنا هذا أيضا على إلغاء استعمال لفظ البرتقاليّ أو الاصطلاح لعدم فائدته الّتي استلزمناها من عدم دقّته، فإنّ المعتبر في الألفاظ والمصطلحات وما يحدّد نفعها إنّما هو مدى تفسيريّتها لا مدى دقّتها أو خضوعها للمعايير المجرّدة في الأذهان!
ربّ يسّر وأعن!

تمام الهيبة:
ـــــــــــــــــ

صمتٌ من غير عيّ ولا حصر.

ربّ يسّر وأعن!

#بريستيج_العمامة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــ

وسئل غفر الله له عنهم أفيهم من يحفظ ثلاثمائة حديث، فقال: لا.
فقالوا: مائتان، قال: لا.
فقالوا: مائة، فقلّب كفيّه وقال: أرجو.

الله مولانا .. يسّر وأعن!