جهاد حلس
96.1K subscribers
48 photos
9 videos
كاتب وداعية فلسطيني ، غزة .
Download Telegram
بالأمس احترقت خيام النازحين بفعل القصف الشديد، والآن تحترق بفعل الحر الشديد، والناس في كرب عظيم، وبلاء كبير لا يعلم به سوى الله !!
‏فاللهم كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم، اجعل هذا الحر الشديد برداً وسلاماً على أهل الخيام في غزة !!
كم هو مؤلم أن تعتاد المشهد وكأنه روتين، ويتلاشى ضميرك بلا رحمة ولا دين !!
ليلة ساخنة جداً على رفح، لا تنسوا أهلها من دعائكم !!
كانت شامتي الجميلة تبكي بلا توقف في الخيمة من شدة الحر، فأشفقت عليها، وقررت أن أخرجها من هذا الفرن وأصنع لها سعادة يومها، فأخذتها إلى شاطئ البحر، فردت الروح إليها، وأزهرت من بعد ذبول، وعادت إليها ضحكتها، وكأنها خرجت من الظلمات إلى النور ، وحق لها ذلك، فما تحمله أطفال غزة من هم وغم، وخوف وجوع، تعجز عن حمله الجبال !!
اللهم إنا نستودعك أطفال غزة، فالطف بهم وارحمهم، وأوقف هذه الحرب لأجلهم فلا طاقة لهم بها !!
‏اللهم جبراً لخواطر أناس عزيزة كُسرت وخُذلت في غزة، اللهم لا يأتي يوم عرفة إلا وقد جبرتهم جبراً يليق بجلالك !!
المجاعة تضرب شمال غزة من جديد، لكن هذه المرة بدون ترند ولا ضجة إعلامية !!
‏كانت عندنا في غزة عادة قديمة، أن يكون طعام يوم الجمعة طعاماً دسماً تتزين فيه موائد الناس بما لذ وطاب من اللحوم، وأصناف الطعام والشراب !!
‏كنا نذهب إلى صلاة الجمعة مصطحبين أطفالنا بكامل زينتهم، وكأننا ذاهبون إلى صلاة العيد، ثم نعود من الصلاة مسرعين من أجل المكافاة التي ننتظرها على مدار الأسبوع، فنجد سفرة الطعام الجميلة بانتظارنا، فنأكل ونشبع ونحمد الله !!
‏أما اليوم فلم تعد هناك مساجد، ولم تعد هناك صلاة جمعة، ولم تعد هناك منازل، ولم تعد هناك سفرة طعام، لا في يوم الجمعة ولا في غيره، وصار طعامنا طيلة أيام الأسبوع متشابهاً، كسرة من الخبز وبعض المعلبات الرديئة، يأكلها الناس إذا وجدوها مضطرين ليسدوا جوعة أطفالهم !!
‏نسأل الله أن يرزقنا الجنة لقاء صبرنا هذا، حتى إذا أكلنا من طعامها، وشربنا من شرابها، واستمتعنا بظلالها، تذكرنا هذه الأيام الثقيلة، وتذكرنا خوفنا وجوعنا، فضحكنا وحمدنا الله وقلنا، "الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور، الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب"
اللهم لأجل صغار رُضع، وشيوخ رُكع، ونساء عُجز، ارفع عن غزة هذا البلاء، ورد هجوم الأعداء !!
شكت لي زوجتي من الشدة التي نعيشها، وقسوة الحرب التي قلبت حياتنا، فقلت لها؛ أتحبين أن تعيشي في أعظم قصور الدنيا، وكل كنوز الأرض تحت قدميك، وجميع ملذات الدنيا بين يديك، لكن بشرط واحد، أن يُسلب منك دينك !!
‏فقالت؛ لا والله، فالموت أحب إليَّ من ذلك !!
‏فقلت لها؛ أرأيت كم نحن في زحام من النعم، أن جعلنا الله مسلمين، وهدانا إلى صراطه المستقيم، فهل هناك نعمة أعظم من هذه ؟!
‏فقالت لا والله، فقلت لها، فصبر جميل، فغداً يُقال في جنة الأبرار، سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار !!
الحرب على غزة تدخل شهرها التاسع، لا تعتادوا المشهد، فالله يرى ويشهد !!
‏وأنا أمشي في شوارع غزة، وأسير في أزقتها، وأتنقل بين خيامها، تكاد العبرة تخنقني حين أتأمل في وجوه أطفالها الكالحة، وأرى الشيب يغزو مفارق شعورهم، والجوع ينهش أجسادهم الضعيفة، وكأنهم قد كبروا خمسين سنة من كثرة الهم والغم !!
‏كيف لا، وهذه الأهوال التي يعيشونها تشبه أهوال يوم القيامة، الذي قال الله في وصفه، يوماً يجعل الولدان شيباً !!
‏اللهم أطفئ هذه الحرب لأجلهم، وعوضهم عن كل مُر مر بهم، وكل ألم ألمَّ بهم، واجعل أيامهم القادمة هانئة آمنة، لا خوف فيها ولا جوع ولا وجع !!
اللهم أبدل أصحاب هذه الخيام قصوراً في الجنة !!
لا توجد في حياة الخيام خصوصية بسبب تلاصقها، فأنت تسمع همس جارك، وتمتمات حديثه !!
‏فكيف إذا كان جارك قد أوتي مزماراً من مزامير آل داود، يصدح بالقرآن آناء الليل وأطراف النهار بصوته العذب الذي يبعث في القلب السكينة والأمان، ما أجمل التنصت حينها، وما أروع استراق السمع !!
‏أليس أهل السودان مسلمون مثلكم، فلماذا تخذلونهم، ولماذا تنسونهم، ولماذا لا تنقلوا أخبارهم، ولا تنشروا مآسيهم !!
‏لا يكن تعاطفك مع قضايا المسلمين انتقائياً، ولا حسب ما يطلبه الترند، فنحن أمة واحدة، وجسد واحد، إذا اشتكى مسلم في أقصى الأرض فإن ذلك يهمنا ويؤلمنا !!
‏أرجوك لا تسقط في هذا الاختبار، فطعم الخذلان أشد مرارة من العلقم، واسألوا أهل غزة إن شئتم، فقد ذاقوه وجربوه !!
اللهم كما أريتنا هلال ذي الحجة، فأرنا هلال الفرج والفرح في غزة !!
بابا اكتب للمسلمين، انه احنا ولعنا من الحر في الخيام، عشان يحسوا فينا !!
اللهم لا تأتي وقفة عرفة إلا وقد أوقفت حرب غزة، ولا يأتي العيد إلا وغزة في عيد !!
لا تقولوا كيف حالكم، ولا تسألوا ما هي أخباركم، نحن لسنا بخير !!
لولا هذا القرآن لطاشت عقولنا من هول ما نرى ونشاهد، كذلك لنثبت به فؤادك ❤️
لا زلنا ننتظر في غزة تلك الليلة التي لن ننام فيها من شدة الفرح، وعسى أن تكون قريبة !!