لقد وصل سعر كيس الطحين في الحرب 1000 دولار، وارتقى في سبيل الحصول عليه آلاف الجائعين، واليوم لا يتجاوز سعره بضع دولارات، فالحمد لله الذي أطعمنا وسقانا بعد مسغبة وجوع !!
نرجوك يارب، كما أطفأت حرب غزة، وأطعمت أهلها من جوع، أن تنقذها من حياة الخيام، وتعجل عمارة بيوتها، وترد النازحين إلى بيوتهم رداً كريماً، برحمتك يا أرحم الراحمين !!

يا من خلقت البرد وخلقت معه الدفء، اصرف البرد عن أجساد أطفال غزة وأنزل عليهم الدفء !!

‏قال طفل من أهل الخيام لأخيه، الدنيا برد كتير، فرد عليه أخوه رداً مبكياً؛ الدنيا مش برد، احنا اللي ما النا بيوت !!
‏اللهم هون برد الشتاء على أهل غزة، اللهم عوضهم بيوتاً خيراً من بيوتهم، واجبر قلوبهم جبراً يتعجب منه أهل السماء والأرض، برحمتك يا أرحم الراحمين !!

اللهم بقدر القهر الذي أصابنا، والحزن الذي أذابنا، اجعل عامنا القادم عام الفرج والفرح !!

لقد علمتني الحرب على غزة أنك أيها الإنسان مهما علا قدرك، وارتفع ذكرك، واشتد حضورك، ومهما ظننت أن الناس يحبونك ويكرمونك، يوماً ما سوف تموت وتُنسى،حتى من أقرب الناس إليك، ولن تتخيل تلك السرعة التي ينساك الناس بها، ولن ينفعك حينها سوى عملك الصالح يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فاجعل رضا الله غايتك، ولا تسعى لإرضاء أحد على حساب دينك مهما اشتدت الظروف، ومهما كانت الأعذار !!

ما قام به نصارى غزة أثناء الحرب شيٌ يثلج الصدر، ويدعو للفخر، فقد فتحت كنائسهم أبوابها للنازحين، وكانت مؤسساتهم نعم العون والسند لنا، لقد وقفوا معنا وقفة يذكرها التاريخ ولا تُنسى، فقد اختلطت دماؤهم بدمائنا، ودموعهم بدموعنا، وكانت وقفتهم معنا أعظم من وقفة بعض المسلمين !!
فإذا كنا نحترمهم قبل الحرب مرة فنحن الآن نحترمهم ألف مرة، ونبرهم، ونقسط إليهم، وندافع عن المظلوم منهم حتى لو كلفنا ذلك أرواحنا، نشاركهم في أفراحهم وأحزانهم، وجميع مناسباتهم ما لم تمس عقيدتنا، فهم بلا أدنى شك، سيعذروننا في عقائدنا، فلنا ديننا ولهم دينهم، فكما يعتزون بدينهم، ولا يصومون معنا رمضان، ولا يضحون معنا في عيد الأضحى، فنحن أيضاً نعتز بديننا، فالاحتفال بالكريسماس فيه مخالفة عظيمة لأصل معتقد عندنا، ولا يلزم منا أن نبيع ديننا لأجل دنيا غيرنا، فمن أرضى الناس في سخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، فالأمر سهل جداً لا يحتاج إلى تعقيد ولا تشديد ولا صخب ولا فتنة، قاعدة وضعها لنا ربنا "لكم دينكم ولي دين"، هذا والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل !!

‏حدث في المسجد الحرام مساء أمس، قام شاب باكستاني بإلقاء نفسه من الأدوار العلوية، فرآه أحد رجال الأمن في الحرم فلم يتركه ويهرب، بل سارع لتلقفه عسى أن يخفف صدمة ارتطامه بالأرض، فأصيب حارس الأمن ولم يمت المعتمر !!
‏نسأل الله أن يسلم هذا البطل ويعجل بشفائه، ويكتب أجره ويكثر من أمثاله !!

حتى لا يأتي أحد ويقول لم نكن نعلم، غداً سوف يضرب غزة منخفض جوي قاسٍ، مصحوب برياح عاصفة، وأمطار جارفة، سوف تغرق معه الخيام وتقتلع أوتادها، وتتساقط معه البيوت المتصدعة كما تتساقط أوراق الشجر !!
فأدخلوا الكرافانات إلى غزة وأغيثوا أهلها، فإن ما يحدث لأهلها بلاء يفوق الوصف، ومأساة لا يحتملها قلب، ولا يتصورها عقل !!
اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد !!

عامٌ مضى على اعتقال هذا الجبل، كونوا أوفياء له، ولا تنسوه من دعائكم !!

رياح شديدة وعواصف مطرية تجتاح مدينة غزة الآن، لا تنسوا أهل الخيام من الدعاء !!

عاجل جداً، خيام أهل غزة تتطاير الآن بفعل الرياح العاصفة والأمطار الشديدة، وفراشهم يسبح في الوحل والطين، وأطفالهم يرجفون في العراء من شدة البرد، في مشهد من أقسى وأوجع مشاهد الحـ رب على الإطلاق !!
اللهم لأجل الصغار الرُضع، والشيوخ الرُكع، والنساء العُجز، ارفع عن غزة هذا البلاء، وأنزل على أهلها دفء رحمتك، وعاجل لطفك وفرجك !!

هل تذكرون الطفل المغربي ريان كيف انتفضت الأمة لأجله، وكيف هزَّنا جميعاً خبر موته ؟!
بالأمس سقط الطفل عطا من غزة في نفس عمر ريان في بئر بجوار خيمته، ومات ولم يعرف به أحد من المسلمين، حتى أمه لم تبكِه ولم تطبع على خده قبلة الوداع الأخيرة، فقد ارتقت في الحرب قبله !!
ما الذي اختلف، وما الذي تغير؟، أنا أقول لكم الحقيقة؛ لقد اعتادت الأمة على مشاهدة وجع غزة وألفت مصابها، فصار خبر موت طفلٍ فيها رقماً عابراً لا قيمة له ولا معنى !!

كتب إليَّ أحدهم يزعم أنه يرى في منشوراتي رائحة الشكوى والبكائية !!
ألا يدري هذا المسكين أنه قد خذلنا فوق خذلانه، وأساء لنا فوق إساءته، ولم يأخذ العبرة مما نكتب، ولم يلتقط الاشارة، ولم يقم بواجب النـصرة !!
ألا يعلم هذا المسكين أننا لا نكتب له، وإنما نكتب لنقيم عليه الحجة، ونعذر إلى الله، حتى لا يأتي أحد يوم القيامة ويقول يارب لم أسمع ولم أشاهد !!
ألا يعلم هذا المسكين أني صوت من أصوات غزة المؤثرة، ودوري أن أنشر معاناتهم، وأنقل مأساتهم، وأوصل صوتهم، وإذا لم أفعل ذلك فقد خنتهم وخذلتهم !!
فيا من ترى في كتاباتنا تثبيطاً وتخذيلاً، فأهل البلاء يرونها غاية الحث والتحريض على نصـرة المستضعفين، فأنت أيها الآمن في بيته، الهانئ في فراشه، المُنعَّم بين أطفاله، من الطبيعي جداً أن يضايقك من يشعرك بحجم تقصيرك، من يكشف عظيم خذلانك، من يوخز ضميرك النائم، من ينغص عليك حياتك، من يقرع أسماعك، فأنت لا تريد سوى العيش على الأمجاد، والتفرج على البطولات، وتذوق لذة الانتصارات من دون أدنى ثمن تدفعه، وتشيح بوجهك عن معاناة غزة ومأساتها لأنها ستفضحك وتُعرِّيك !!
لو كنت منصفاً وتأملت في كتاباتي جيداً ستعلم أني الحريص المشفق على الناس وحالهم، المثبت لهم، والله كلما قابلني الناس في الشارع قالوا لي جزاك الله خيرا على دعائك وتثبيتك لنا، استمر يا شيخ في نشر معاناتنا، أوصل صوتنا ولا تتوقف، لكن كما قال الشاعر؛ إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه،، وصدق ما كان يعتاده من توهم !!
والله أشفق وأتعجب كيف تأتي هذه الجرأة لتزاودوا على من تلظوا تحت نار القـ صـ ف عامين كاملين وبدلاً من أن تنصروهم، تقيموا لهم المحاكمات الفيسبوكية وتدخلوا في نواياهم !!
هل انقلبت الآية وصرنا نحن المتهمين وأنتم ناشدوا العدالة وقضاة الحق !!
نعوذ بالله من قسوة القلب وموت الضمير !!

‏كنا في الحرب نخشى من قدوم الليل، ففيه يشتد القصف وتحترق الخيام، واليوم نخشى من قدوم الليل أيضاً، ففيه يشتد المطر وتغرق الخيام !!
‏اللهم الطف بأهل غزة، واجعل هذه الليلة ساكنة هادئة لا عواصف فيها ولا غرق !!

‏اللهم ارحمه وتقبله في الصالحين، إلى روحٍ وريحان وربٍ راضٍ غير غضبان بإذن الله !!

اللهم إنه قد عظُم الكرب، واشتد البلاء، وبلغت القلوب الحناجر، وأنت أعلم بحال عبادك المستضعفين في غزة، اللهم لا ملجأ لهم إلا إليك، ولا رجاء إلا فيك، ولا نصير إلا أنت !!
اللهم انقطعت بهم السُبُل إلا سبيلك، وانغلقت الأبواب إلا بابك، وخاب الأمل إلا في رحمتك، فكن لهم عوناً ونصيراً، وسنداً وظهيراً !!
اللهم اجعل لهم من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن كل بلاء عافية !!
اللهم إنهم مظلومون فانتصر لهم ، وضعفاء فقوِّهم، وجياع فأطعمهم، وخائفون فأمِّنهم !!
اللهم أبدل خوفهم أمناً، وذلّهم عزاً، ويأسهم أملاً، وأحزانهم فرحاً، وانصرهم نصراً عزيزاً مؤزراً !!
حسبنا الله ونعم الوكيل،
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم !!