لقد مرت سريعاً على النسخ الإلكترونية للمادة ولم تستطع إستيعاب شيئ ... و ها هي الآن تُراقب السقف بقلة حيلة ... هل تتصل عليه وتخبره بوضعها الذي يعرفه مسبقاً وتطلب منه أن يتم تأجيل موعد الإختبار ؟
ولكن ... من هي اصلاً لتطالب بشيئ كهذا ؟ وهل سيقبله منها ؟
أم تُحاول الدراسة فقط في خلال هذا اليوم و غداً وتتوكل على الله وانتهينا ؟
وضعت كفيها على رأسها وكادت أن تصرخ ... كيف ستقرأ شيئ لا تفهمه أصلاً ؟
ما الحل ؟
حملت جوالها لتتصل بهِ ... وما إن وضعته على أُذنها وسمعت نغمة الإنتظار الرتيبة ... فصلته بسرعة ... واللعنة لما تتصل به ؟
وهي لا تعرف أصلاً ماذا ستقول ...
رمت الجوال بالقرب منها ثم جلست وهي تُفكر كيف ستتصرف ...
أما بالجهة الأُخرى فكان هو يمارس بنشاط تمرينات الضغط التي يقوم بها كل صباح .... تساقطت حبات العرق من على جبينه و توقف بالكامل عندما سمع صوت نغمة الرنين تعلو من جواله ... هو عادة لا يقطع تمارينه لأي سبب كان ... ولكن ... نغمة الرنين المخصصة من أجلها جعلته يفعلها ... سحب المنشفة الصغيرة من على الطاولة ليجفف به عرقه .. ثم خلع قميصه القُطني الذي ابتل من العرق ... ليحمل جواله معاوداً الإتصال بها .
ارتجف جسدها واتسعت مُقلتيها عند قراءتها لإسمه و شعرت بالتوتر يضرب بدواخلها ... ماذا ستقول له الآن ؟
أجابت وهي تتنحنح على استيحاء ... جاءها صوته الهادئ مرحباً بها :
" صباح الخير "
ازدردت ريقها :
" ص...صباح النور يا نبيل "
"اولاً معليش أنا مقصر معاك جداً والله ... انشغلت شديد الفترة الفاتت عشان كدا م كنت لاقي وقت اطمن عليك فيه ... ان شاء الله انتي بخير و صحتك بقت أفضل "
نالت هذه الكلمات استحسانها كثيراً وشعرت بامتنان بداخلها لسؤاله عن وضعها ... ومباشرة شعرت بأن ذلك التوتر خف قليلاً ...
" امم... لا ولا يهمك ... م مشكلة ... انا ... انا كويسة الحمدلله وماشا ف تحسن "
" طيب الحمدلله "
" كنت عايزة اسألك بخصوص قالو انو ف تيست حيتعمل في الدروس حقت الاسبوع الفات .. وانا م كنت حاضرة ..."
صمتت ولم تستطع إكمال حديثها ... لانها لم تعرف ما التالي ... ماذا ستقول له أصلاً ؟
وكأنه عرف ما يدور برأسها ليقول :
" طيب شوفي بما إنك م كنتي حاضرة ... ممكن اعمل لي كويز براك نهاية الأسبوع دا ... كيف معاك ؟ "
إلتقى حاجبيها بتساؤل :
" طيب ماف حل تاني يعني ؟ "
" حل غير دا ؟
لا م اعتقد ... تاني إلا تحضري مع زمايلك عادي "
" انا م عندي مشكلة ... بس انا م فاهمة الدروس "
" طيب ولا يهمك ... انا حشرح ليك ... م فاهمة شنو بالضبط ؟ "
ارتسمت ابتسامة صغيرة على ثغرها من تلك الطريقة التي تحدث بها .... خصوصاً ان صوته انخفض قليلاً وهو يقولها ... مما جعل الوضع لطيفاً للغاية .
" الجزئيات الفيها رياضيات "
" طيب تعالي كافيه **** ... ساعة كدا ونتقابل هناك "
" ها ؟ كافيه ؟ ... م ... م ممكن بالتلفون يعني ؟ "
" لا لازم تكوني قدامي "
" بس الكافي حيكون زحمة وجوطة وناس انا كدا م حقدر أركز "
" لا م حيكون زحمة ... او لو م عايزة تعالي لي بكرة ف الجامعة ... بس وقتك للقراية حيكون ضيق ... بفضل تجي هسه ويكون عندك باقي الليلة وبكرة تقري فيهم "
صمتت قليلاً وكأنها تُقلب الأمر في رأسها ... لترد في النهاية :
" خلاص طيب ... ساعة وحكون هناك ان شاء الله "
" تمام ... يلا لي بعدين "
أنهى المكالمة لتنهض هي بسرعة من على سريرها لتستعد لمقابلته ...
__. _. __
كانت الشمس تظهر وتختفي بهدوء من بين السحب المنتشرة في السماء ... وبدا الجو لطيفاً للغاية .
أوقفت سيارتها أمام بوابة المقهى ... لتنزل منها وهي ترتب مظهرها قبل أن تدلف إلى الداخل ... أثار حيرتها لثواني الهدوء المريب للمقهى ... فهو من أشهر المقاهي عموماً في المكان ودائماً ما يكون ممتلئ بالزبائن ... فعلى غير العادة كان هادئاً للغاية ... بل ولم يكن هُناك أحد سوى العُمال الذي توزعوا في المكان ... والذين كانو يُخفضون رؤوسهم باحترام كلما مرت بأحدهم .
لم تنتبه إلى عينيه اللتين تفحصتاها باهتمام من على البُعد ... بدت جذابة وهي تتمشى في الممر المُحاط بالزهور لتتقدم نحو الطاولة الموضوعة في الهواء الطلق في حديقة المقهى ... كانت ترتدي بنطالاً قماشياً واسعاً طويل الخصر وكريمي اللون ... ومعه ( بلوزة ) بيضاء اللون بينما ارتدت قميصاً ازرقاً فاتحاً من عليها ... وكان طرحتها بنفس لون البنطال .
وبدا وكأن العطر ينتشر مع أنفاسها ، فكانت رائحتها أقرب إلى رائحة ( باودر ) الأطفال مع رائحة التوت الأزرق المنعشة .
ولكن ... من هي اصلاً لتطالب بشيئ كهذا ؟ وهل سيقبله منها ؟
أم تُحاول الدراسة فقط في خلال هذا اليوم و غداً وتتوكل على الله وانتهينا ؟
وضعت كفيها على رأسها وكادت أن تصرخ ... كيف ستقرأ شيئ لا تفهمه أصلاً ؟
ما الحل ؟
حملت جوالها لتتصل بهِ ... وما إن وضعته على أُذنها وسمعت نغمة الإنتظار الرتيبة ... فصلته بسرعة ... واللعنة لما تتصل به ؟
وهي لا تعرف أصلاً ماذا ستقول ...
رمت الجوال بالقرب منها ثم جلست وهي تُفكر كيف ستتصرف ...
أما بالجهة الأُخرى فكان هو يمارس بنشاط تمرينات الضغط التي يقوم بها كل صباح .... تساقطت حبات العرق من على جبينه و توقف بالكامل عندما سمع صوت نغمة الرنين تعلو من جواله ... هو عادة لا يقطع تمارينه لأي سبب كان ... ولكن ... نغمة الرنين المخصصة من أجلها جعلته يفعلها ... سحب المنشفة الصغيرة من على الطاولة ليجفف به عرقه .. ثم خلع قميصه القُطني الذي ابتل من العرق ... ليحمل جواله معاوداً الإتصال بها .
ارتجف جسدها واتسعت مُقلتيها عند قراءتها لإسمه و شعرت بالتوتر يضرب بدواخلها ... ماذا ستقول له الآن ؟
أجابت وهي تتنحنح على استيحاء ... جاءها صوته الهادئ مرحباً بها :
" صباح الخير "
ازدردت ريقها :
" ص...صباح النور يا نبيل "
"اولاً معليش أنا مقصر معاك جداً والله ... انشغلت شديد الفترة الفاتت عشان كدا م كنت لاقي وقت اطمن عليك فيه ... ان شاء الله انتي بخير و صحتك بقت أفضل "
نالت هذه الكلمات استحسانها كثيراً وشعرت بامتنان بداخلها لسؤاله عن وضعها ... ومباشرة شعرت بأن ذلك التوتر خف قليلاً ...
" امم... لا ولا يهمك ... م مشكلة ... انا ... انا كويسة الحمدلله وماشا ف تحسن "
" طيب الحمدلله "
" كنت عايزة اسألك بخصوص قالو انو ف تيست حيتعمل في الدروس حقت الاسبوع الفات .. وانا م كنت حاضرة ..."
صمتت ولم تستطع إكمال حديثها ... لانها لم تعرف ما التالي ... ماذا ستقول له أصلاً ؟
وكأنه عرف ما يدور برأسها ليقول :
" طيب شوفي بما إنك م كنتي حاضرة ... ممكن اعمل لي كويز براك نهاية الأسبوع دا ... كيف معاك ؟ "
إلتقى حاجبيها بتساؤل :
" طيب ماف حل تاني يعني ؟ "
" حل غير دا ؟
لا م اعتقد ... تاني إلا تحضري مع زمايلك عادي "
" انا م عندي مشكلة ... بس انا م فاهمة الدروس "
" طيب ولا يهمك ... انا حشرح ليك ... م فاهمة شنو بالضبط ؟ "
ارتسمت ابتسامة صغيرة على ثغرها من تلك الطريقة التي تحدث بها .... خصوصاً ان صوته انخفض قليلاً وهو يقولها ... مما جعل الوضع لطيفاً للغاية .
" الجزئيات الفيها رياضيات "
" طيب تعالي كافيه **** ... ساعة كدا ونتقابل هناك "
" ها ؟ كافيه ؟ ... م ... م ممكن بالتلفون يعني ؟ "
" لا لازم تكوني قدامي "
" بس الكافي حيكون زحمة وجوطة وناس انا كدا م حقدر أركز "
" لا م حيكون زحمة ... او لو م عايزة تعالي لي بكرة ف الجامعة ... بس وقتك للقراية حيكون ضيق ... بفضل تجي هسه ويكون عندك باقي الليلة وبكرة تقري فيهم "
صمتت قليلاً وكأنها تُقلب الأمر في رأسها ... لترد في النهاية :
" خلاص طيب ... ساعة وحكون هناك ان شاء الله "
" تمام ... يلا لي بعدين "
أنهى المكالمة لتنهض هي بسرعة من على سريرها لتستعد لمقابلته ...
__. _. __
كانت الشمس تظهر وتختفي بهدوء من بين السحب المنتشرة في السماء ... وبدا الجو لطيفاً للغاية .
أوقفت سيارتها أمام بوابة المقهى ... لتنزل منها وهي ترتب مظهرها قبل أن تدلف إلى الداخل ... أثار حيرتها لثواني الهدوء المريب للمقهى ... فهو من أشهر المقاهي عموماً في المكان ودائماً ما يكون ممتلئ بالزبائن ... فعلى غير العادة كان هادئاً للغاية ... بل ولم يكن هُناك أحد سوى العُمال الذي توزعوا في المكان ... والذين كانو يُخفضون رؤوسهم باحترام كلما مرت بأحدهم .
لم تنتبه إلى عينيه اللتين تفحصتاها باهتمام من على البُعد ... بدت جذابة وهي تتمشى في الممر المُحاط بالزهور لتتقدم نحو الطاولة الموضوعة في الهواء الطلق في حديقة المقهى ... كانت ترتدي بنطالاً قماشياً واسعاً طويل الخصر وكريمي اللون ... ومعه ( بلوزة ) بيضاء اللون بينما ارتدت قميصاً ازرقاً فاتحاً من عليها ... وكان طرحتها بنفس لون البنطال .
وبدا وكأن العطر ينتشر مع أنفاسها ، فكانت رائحتها أقرب إلى رائحة ( باودر ) الأطفال مع رائحة التوت الأزرق المنعشة .
ما إن اقتربت منه حتى نهض من على مكانه وهو يخلع نظارته الشمسية ليُلقي التحية عليها ... وبالرغم من أن آن تُعتبر من الإناث صاحبات الطول الفارع ... إلا أنها لم تتجاوز بطولها كتفه حتى .
إبتسمت وهي تُصافحه ... لم تدري لم واللعنة يبدو وسيماً هكذا ... هل جاء ليشرح لها أم ليقوم بجلسة تصوير لإحدى مجلات الموضة والأزياء .
سحب لها الكرسي ثم سألها :
" أول شي قبل م نبدا ... فطرتي ؟ "
ابتسمت بخجل حاولت اخفاءه ولكن نبيل لا يُخفى عليه شيئ :
" لا ... لكن م جعانه ... إحنا نبدا نشرح عشان الوقت ولا كيف ؟ "
" صراحة ما بفضل انو اشرح لواحد من طلابي وهو م فاطر ... عشان بعدين الفهم م يبقى لينا تقيل "
" لكن ... "
" إنتي خجلانة لي ؟ "
قالها وقد ارتسمت ابتسامة جانبية جذابة على شفتيه ...
مما جعلها تمط شفتيها لا إرادياً وقد اتسعت عينيها :
" لا .. لا م خجلانة ... بس يعني ... شوية ... مستعجلة عشان ... الوقت "
" اوعدك ٤ ساعات بالكتير وحتكوني مستوعبة الدروس كلها بكل بساطة ... كدا كيف معاك ؟ "
هزت كتفيها :
" كويس "
" يلا ريلاكس و خليك عادية ... انا حطلب لينا فطور تركي خفيف وبعدها حنبدا شرح "
" طيب تمام "
كانت نسمات الهواء تتلاعب بشعره وتنشر عطره الرجولي القوي في المكان ... تمنت لثواني لو أنها أحضرت معها نظارتها الشمسية لترتديها ثم تتمكن من رؤيته بشكل جيد ... ولكنها بهذا الحال لن تستطيع التحديق فيه لأن نظراتها مكشوفة و واضحة .... استغلت قدوم النادل ليُدون طلبه ... و طالعته بنظرات خاطفة .... شعره الحريري الطويل الذي وصل إلى نهاية أكتافه والذي كان شديد السواد ... ولأول مرة تنتبه إلى خصلات الشيب التي تتخلله ... عينيه الضيقتان ، وبشرته الخمرية ... و لحيته الخفيفة المرتبة ...
استغربت من تلك الإبتسامة التي إلتوى بسببها ثغره ... ليُطالعها فجأة ... وكأنه يُعلن لها بأنه يعرف بأنها تنظر إليه ... ابعدت عينيها بسرعة وهي تمرر كفيها بتوتر على الطاولة الخشبية .
ابتعد عنهما النادل ... ليلتفت عليها مبادراً بسؤالها :
" م وريتيني ... لحدي هسه ... لي سبتي التدريب ؟ "
" إيييييك "
قالتها وهي تعدل طرحتها ثم أردفت :
" الموضوع دا انا حتى نسيتو "
" بس انا م نسيتو ... إنتي كنتي موهوبة جداً ... شنو البيخليك تسيبي حاجة انتي مميزة جداً فيها ؟ "
" كنت مشغولة مع الجامعة وكدا "
" الجامعة نظامها م اتغير ... وانتي من البداية كنتي بتدربي عادي والجامعة شغالة ... انا متأكد دا م السبب الحقيقي "
" لا ماف شي غير كدا يخليني اسيب ال.."
اخفض رأسه قليلاً وهو يقول بجدية :
" عايني لي في عيوني "
إلتقت أبصارهما ... ليعيد سؤاله على مسامعها :
" دا السبب الحقيقي ورا انك تقدمي استقالتك ؟ "
بللت شفتيها وهي تبعد أنظارها عنه ...
" شوفي بغض النظر عن انو السبب الحقيقي شنو ... بس إنتي كنتي ولا زلتي خسارة كبيرة للنادي ... لانو م اعتقد حتجي واحدة زيك ... انتي كنتي متمكنة وبترقصي باليه عن رغبة و حُب ... و زي م انتي عارفة ... الباليه نطاقو ضيق جداً ف مجتمعنا ... عشان كدا حقيقي م حتكون ف واحدة بنفس مهاراتك ... مهما حصل م تتخلي عن حاجة بتحبيها بالسهولة دي "
تنهدت بضيق وهي تنظر بعيداً عنه :
" م كان بيدي ... الموضوع كان برة إراداتي "
" برة إرادتك ؟ "
هزت رأسها بصمت ...
" منو الطلب منك كدا ؟ "
لم تجب عليه ليفاجئها هو :
" أُمك ؟ "
ضحكت بسخرية ... وكانت هذه الضحكة الصغيرة إجابة كافية بالنسبة له ...
" انا م عارف عمرك كم بالضبط ... بس اتوقع بين ال٢٢ و ٢٤ ... اذا إنتي ف عمر زي دا ... ولسا ف زول بيملي عليك تتصرفي كيف ... ف انتي هنا الملامة ... انا م عارف منو السبب ورا انك تنسحبي من النادي ... بس عموماً في حاجات مفروض يكون قرارها انتي الوحيدة المسؤولة منو ... يعني ماف اي زول تاني يقرر عنك فيه "
طالعته باستهجان :
" كيف يعني ؟ ... "
ضحك وهو ينظر أرضاً :
" ما هو يا اما تختاري رايك و موقفك يكونو قويين ... يا اما تقبلي إنو تكوني زي الطفلة ... اي يعني اي ولا يعني لا "
بدا واضحاً انها تُقلب الكلام في رأسها ... وفي النهاية اكتفت بأن تهز كتفيها من دون أن تتفوه بأي كلمة ...
أخرج حاسوبه المحمول ثم ارتدى نظارته الطبية وهو يقول بعد أن شعر بتأثير كلماته عليها :
" ممكن نبدا نشرح مسافة الأكل يجهز "
لم تُجب على سؤاله بل تلفتت حواليها ثم تسائلت بفضول :
" المكان دا لي فاضي كذا ؟ ... غريبة يعني ... م حصل مريت بيه ف يوم كان فاضي بالصورة دي "
اخفض مقدمة حاسوبه وهو يقول :
" مش قلتي م عايزة المكان يكون فيه ازعاج ؟ "
" ايوه "
" فحجزتو لينا "
" نعم ؟ "
قالتها بصدمة ...
كان هادئاً وهو يسألها :
" مالك ؟ "
" حجزتو كلو ؟ "
" أيوه ... "
إبتسمت وهي تُصافحه ... لم تدري لم واللعنة يبدو وسيماً هكذا ... هل جاء ليشرح لها أم ليقوم بجلسة تصوير لإحدى مجلات الموضة والأزياء .
سحب لها الكرسي ثم سألها :
" أول شي قبل م نبدا ... فطرتي ؟ "
ابتسمت بخجل حاولت اخفاءه ولكن نبيل لا يُخفى عليه شيئ :
" لا ... لكن م جعانه ... إحنا نبدا نشرح عشان الوقت ولا كيف ؟ "
" صراحة ما بفضل انو اشرح لواحد من طلابي وهو م فاطر ... عشان بعدين الفهم م يبقى لينا تقيل "
" لكن ... "
" إنتي خجلانة لي ؟ "
قالها وقد ارتسمت ابتسامة جانبية جذابة على شفتيه ...
مما جعلها تمط شفتيها لا إرادياً وقد اتسعت عينيها :
" لا .. لا م خجلانة ... بس يعني ... شوية ... مستعجلة عشان ... الوقت "
" اوعدك ٤ ساعات بالكتير وحتكوني مستوعبة الدروس كلها بكل بساطة ... كدا كيف معاك ؟ "
هزت كتفيها :
" كويس "
" يلا ريلاكس و خليك عادية ... انا حطلب لينا فطور تركي خفيف وبعدها حنبدا شرح "
" طيب تمام "
كانت نسمات الهواء تتلاعب بشعره وتنشر عطره الرجولي القوي في المكان ... تمنت لثواني لو أنها أحضرت معها نظارتها الشمسية لترتديها ثم تتمكن من رؤيته بشكل جيد ... ولكنها بهذا الحال لن تستطيع التحديق فيه لأن نظراتها مكشوفة و واضحة .... استغلت قدوم النادل ليُدون طلبه ... و طالعته بنظرات خاطفة .... شعره الحريري الطويل الذي وصل إلى نهاية أكتافه والذي كان شديد السواد ... ولأول مرة تنتبه إلى خصلات الشيب التي تتخلله ... عينيه الضيقتان ، وبشرته الخمرية ... و لحيته الخفيفة المرتبة ...
استغربت من تلك الإبتسامة التي إلتوى بسببها ثغره ... ليُطالعها فجأة ... وكأنه يُعلن لها بأنه يعرف بأنها تنظر إليه ... ابعدت عينيها بسرعة وهي تمرر كفيها بتوتر على الطاولة الخشبية .
ابتعد عنهما النادل ... ليلتفت عليها مبادراً بسؤالها :
" م وريتيني ... لحدي هسه ... لي سبتي التدريب ؟ "
" إيييييك "
قالتها وهي تعدل طرحتها ثم أردفت :
" الموضوع دا انا حتى نسيتو "
" بس انا م نسيتو ... إنتي كنتي موهوبة جداً ... شنو البيخليك تسيبي حاجة انتي مميزة جداً فيها ؟ "
" كنت مشغولة مع الجامعة وكدا "
" الجامعة نظامها م اتغير ... وانتي من البداية كنتي بتدربي عادي والجامعة شغالة ... انا متأكد دا م السبب الحقيقي "
" لا ماف شي غير كدا يخليني اسيب ال.."
اخفض رأسه قليلاً وهو يقول بجدية :
" عايني لي في عيوني "
إلتقت أبصارهما ... ليعيد سؤاله على مسامعها :
" دا السبب الحقيقي ورا انك تقدمي استقالتك ؟ "
بللت شفتيها وهي تبعد أنظارها عنه ...
" شوفي بغض النظر عن انو السبب الحقيقي شنو ... بس إنتي كنتي ولا زلتي خسارة كبيرة للنادي ... لانو م اعتقد حتجي واحدة زيك ... انتي كنتي متمكنة وبترقصي باليه عن رغبة و حُب ... و زي م انتي عارفة ... الباليه نطاقو ضيق جداً ف مجتمعنا ... عشان كدا حقيقي م حتكون ف واحدة بنفس مهاراتك ... مهما حصل م تتخلي عن حاجة بتحبيها بالسهولة دي "
تنهدت بضيق وهي تنظر بعيداً عنه :
" م كان بيدي ... الموضوع كان برة إراداتي "
" برة إرادتك ؟ "
هزت رأسها بصمت ...
" منو الطلب منك كدا ؟ "
لم تجب عليه ليفاجئها هو :
" أُمك ؟ "
ضحكت بسخرية ... وكانت هذه الضحكة الصغيرة إجابة كافية بالنسبة له ...
" انا م عارف عمرك كم بالضبط ... بس اتوقع بين ال٢٢ و ٢٤ ... اذا إنتي ف عمر زي دا ... ولسا ف زول بيملي عليك تتصرفي كيف ... ف انتي هنا الملامة ... انا م عارف منو السبب ورا انك تنسحبي من النادي ... بس عموماً في حاجات مفروض يكون قرارها انتي الوحيدة المسؤولة منو ... يعني ماف اي زول تاني يقرر عنك فيه "
طالعته باستهجان :
" كيف يعني ؟ ... "
ضحك وهو ينظر أرضاً :
" ما هو يا اما تختاري رايك و موقفك يكونو قويين ... يا اما تقبلي إنو تكوني زي الطفلة ... اي يعني اي ولا يعني لا "
بدا واضحاً انها تُقلب الكلام في رأسها ... وفي النهاية اكتفت بأن تهز كتفيها من دون أن تتفوه بأي كلمة ...
أخرج حاسوبه المحمول ثم ارتدى نظارته الطبية وهو يقول بعد أن شعر بتأثير كلماته عليها :
" ممكن نبدا نشرح مسافة الأكل يجهز "
لم تُجب على سؤاله بل تلفتت حواليها ثم تسائلت بفضول :
" المكان دا لي فاضي كذا ؟ ... غريبة يعني ... م حصل مريت بيه ف يوم كان فاضي بالصورة دي "
اخفض مقدمة حاسوبه وهو يقول :
" مش قلتي م عايزة المكان يكون فيه ازعاج ؟ "
" ايوه "
" فحجزتو لينا "
" نعم ؟ "
قالتها بصدمة ...
كان هادئاً وهو يسألها :
" مالك ؟ "
" حجزتو كلو ؟ "
" أيوه ... "
لقد قام بحجز مقهى كامل من أجل أن يشرح لها دروس فاتتها ... ماذا وإن كان موعداً غرامياً؟ ... هذا الرجل غريب للغاية ولا يُمكن فهمه بل حتى أن تصرفاته غير متوقعة ... عندما أُصيبت في الحادث قبل أُسبوع ... وبعد تلك الطريقة التي تعامل بها معها ... توقعت أنه سيكون على تواصل معها ليطمئن على حالها ... ولكنه فاجئها بالعكس ... فهو لم يُرسل اليها اطلاقاً ولم يتصل بها طوال الايام السابقة ... و آخر عهدها مع صوته عندما كان يتحدث مع والدتها قبل صعودها إلى الأعلى ... و ها هو الآن يقوم بحجز مكان كامل لأنها أخبرته بأنها ستنزعج من تواجد الناس وإزعاجهم ... والحقيقة اصلاً انها لا مشكلة لها مع ازعاج الناس ... كل ما في الأمر أنها كانت تبحث عن أي طريقة لتتحجج بها لكي لا تُقابله بالخارج .
هذا لُحسن حظها فقط أنها تتعامل مع رجل مثله ... وفكرت لثواني كيف يتعامل مع حبيبته إن وُجدت ... في حال أنه يتعامل معها هكذا وهي مُجرد طالبة لديه .
طالبة !
ثواني ....
هل ما تقوم به صحيح ؟
هل من الصحيح ان تتواجد مع استاذها اصلاً في مقهى ؟
ها قد بدء الوُسواس الداخلي و تأنيب الضمير ... ما الذي تقدم عليه ؟
إنها مُعجبة بأُستاذها ؟
هل هذا قانوني؟
قانوني ؟!
اعني أخلاقي ؟ ... رُبما عليها أن تُراجع نفسها قليلاً وافعالها وافكارها في الفترة الأخيرة ...
هل تعتبره استاذها أم زميلها في النادي ؟
كيف تتعامل معه ؟
ثواني ... هي لم تتعامل مع شاب اصلاً من قبل ... لطالما كانت علاقتها بهم محدودة و رسمية للغاية حتى قيل عنها أنها معقدة ... و رُبما كان هذا صحيحاً نوعاً ما ... فوجودهم حولها يثير قلقها وتوترها ... وكان هو الوحيد بعد حسان ... الذي شعرت بقبول اتجاهه و استطاعت أن تتعامل معه .
مرحباً في الفخ .... المشاعر العاطفية تضرب بقلبها مجدداً ...
اعادتها طقطقة اصابعه لواقعها .... سألها:
" إنتي معاي ؟ "
" ها ... ايوه ... أيوه معاك "
" نبدا "
" ممكن "
في هذه اللحظات جاء النادل وهو يحمل صينية بها بعض الأطباق ليبدأ برصها على الطاولة الخشبية ... وهنا ابعد هو حاسوبه قائلاً بتحسر :
" فرصتنا راحت "
انتظر ليبتعد النادل ثم قال :
" بالمناسبة انتي م حكيتي لي عن اسرتك ... عندك أخت غير هانية ؟ "
" عرفتها كيف اسمها هانية ؟ "
" كيف م حعرفها وانا شلتها بيدي للمستشفى ؟ "
" اه اه صح "
قالتها باستدراك ثم أضافت :
" هانية دي الصغيرة وانا الكبيرة "
" اختين بس ؟ "
" ايوه "
" ماشاء الله "
بدأت تحكي وقليلاً تعمقت في الحديث ... لتخبره بالكثير عن والدتها و اختها .... بينما ظل هو صامتاً يحدق بها بهدوء وبتركيز ... يُنصت بتمعن لكل كلمة تتفوه بها .
أحضر النادل بقية الأطباق ... و وضع أكواب الشاي أمامهما ثم انصرف .
____. ____. ____
تقدم زياد من غرفة أخيه زين ... ثم طرق الباب قبل أن يدخل ... وجد أخاه يدرس بهدوء على مكتبه وقد أحاطت به مراجعه واوراقه .
شعر بنوع ما من السعادة ... أن اخاه ليس مثله وهاهو يدرس على الاقل ... بينما هو لم يستطع الذهاب للجامعة منذ وفاة والدته .
" ممكن أدخل ؟ "
قالها زياد ...
رفع رأسه وهو يجيب :
" ايوه اتفضل "
تقدم نحوه :
" القراية كيف ؟ "
" الحمدلله زي م شايف "
جلس على طرف مكتبه ثم ابتسم بحزن :
" انا م مشيت الجامعة من يوم الوفاة "
" لي ؟ "
" زين ... انا ... انا م قادر اعمل شي ... م قادر حتى اطلع اتمشى برا اوضتي ... لانو اي شي بيذكرني بيها "
" تفتكر لو كانت قاعدة كانت حتقبل بي كدا ؟ "
ادمعت عينيه في الحال :
" لو كانت قاعدة ؟ ... يعني ... يعني هي مشت بالجد ؟ "
اعتصر قبضته وهو يقول بألم :
" لي ؟ لي ياخ لي ؟ "
نهض زين من على كرسيه ثم تقدم نحوه ...
" زياد ... اطلع من الجو دا ... ارجع النادي تاني ... ارجع لتدريباتك ... وارجع لقرايتك ... امي مشت ... لكن الدنيا م وقفت ... قيس اي شي بوجودها ... يعني هي لو هسه قاعدة حتقبل بالتصرف دا ولا لا .. بيقولو الخلف م مات ... انا وانت بنمثلها وبنعكسها ... ف خلينا نخليها فخورة حتى لو م كانت موجودة "
لم يكن زياد يتوقع أن يسمع مثل هذه الكلمات من زين ... وان يراه ثابتاً بهذه الطريقة ... فهو لم يراه حتى الآن يبكي او يذرف الدموع على رحيلها الأمر الذي اثار استغرابه لأنه يدري جيداً بتعلقه بوالدته أكثر منه ...
وضع رأسه على كتفه وهو يبكي بصمت ... فهو على كل حال كل ما تبقى له من رائحة هدى ... بل أنه يراها فيه الآن .... ربت زين بهدوء على رأسه وكأنه يهدئ من روعه .... ثم اعاد على مسامعه :
" ارجع لي تمريناتك ... ومن بداية الاسبوع انزل جامعتك عادي ... طيب ؟ "
هذا لُحسن حظها فقط أنها تتعامل مع رجل مثله ... وفكرت لثواني كيف يتعامل مع حبيبته إن وُجدت ... في حال أنه يتعامل معها هكذا وهي مُجرد طالبة لديه .
طالبة !
ثواني ....
هل ما تقوم به صحيح ؟
هل من الصحيح ان تتواجد مع استاذها اصلاً في مقهى ؟
ها قد بدء الوُسواس الداخلي و تأنيب الضمير ... ما الذي تقدم عليه ؟
إنها مُعجبة بأُستاذها ؟
هل هذا قانوني؟
قانوني ؟!
اعني أخلاقي ؟ ... رُبما عليها أن تُراجع نفسها قليلاً وافعالها وافكارها في الفترة الأخيرة ...
هل تعتبره استاذها أم زميلها في النادي ؟
كيف تتعامل معه ؟
ثواني ... هي لم تتعامل مع شاب اصلاً من قبل ... لطالما كانت علاقتها بهم محدودة و رسمية للغاية حتى قيل عنها أنها معقدة ... و رُبما كان هذا صحيحاً نوعاً ما ... فوجودهم حولها يثير قلقها وتوترها ... وكان هو الوحيد بعد حسان ... الذي شعرت بقبول اتجاهه و استطاعت أن تتعامل معه .
مرحباً في الفخ .... المشاعر العاطفية تضرب بقلبها مجدداً ...
اعادتها طقطقة اصابعه لواقعها .... سألها:
" إنتي معاي ؟ "
" ها ... ايوه ... أيوه معاك "
" نبدا "
" ممكن "
في هذه اللحظات جاء النادل وهو يحمل صينية بها بعض الأطباق ليبدأ برصها على الطاولة الخشبية ... وهنا ابعد هو حاسوبه قائلاً بتحسر :
" فرصتنا راحت "
انتظر ليبتعد النادل ثم قال :
" بالمناسبة انتي م حكيتي لي عن اسرتك ... عندك أخت غير هانية ؟ "
" عرفتها كيف اسمها هانية ؟ "
" كيف م حعرفها وانا شلتها بيدي للمستشفى ؟ "
" اه اه صح "
قالتها باستدراك ثم أضافت :
" هانية دي الصغيرة وانا الكبيرة "
" اختين بس ؟ "
" ايوه "
" ماشاء الله "
بدأت تحكي وقليلاً تعمقت في الحديث ... لتخبره بالكثير عن والدتها و اختها .... بينما ظل هو صامتاً يحدق بها بهدوء وبتركيز ... يُنصت بتمعن لكل كلمة تتفوه بها .
أحضر النادل بقية الأطباق ... و وضع أكواب الشاي أمامهما ثم انصرف .
____. ____. ____
تقدم زياد من غرفة أخيه زين ... ثم طرق الباب قبل أن يدخل ... وجد أخاه يدرس بهدوء على مكتبه وقد أحاطت به مراجعه واوراقه .
شعر بنوع ما من السعادة ... أن اخاه ليس مثله وهاهو يدرس على الاقل ... بينما هو لم يستطع الذهاب للجامعة منذ وفاة والدته .
" ممكن أدخل ؟ "
قالها زياد ...
رفع رأسه وهو يجيب :
" ايوه اتفضل "
تقدم نحوه :
" القراية كيف ؟ "
" الحمدلله زي م شايف "
جلس على طرف مكتبه ثم ابتسم بحزن :
" انا م مشيت الجامعة من يوم الوفاة "
" لي ؟ "
" زين ... انا ... انا م قادر اعمل شي ... م قادر حتى اطلع اتمشى برا اوضتي ... لانو اي شي بيذكرني بيها "
" تفتكر لو كانت قاعدة كانت حتقبل بي كدا ؟ "
ادمعت عينيه في الحال :
" لو كانت قاعدة ؟ ... يعني ... يعني هي مشت بالجد ؟ "
اعتصر قبضته وهو يقول بألم :
" لي ؟ لي ياخ لي ؟ "
نهض زين من على كرسيه ثم تقدم نحوه ...
" زياد ... اطلع من الجو دا ... ارجع النادي تاني ... ارجع لتدريباتك ... وارجع لقرايتك ... امي مشت ... لكن الدنيا م وقفت ... قيس اي شي بوجودها ... يعني هي لو هسه قاعدة حتقبل بالتصرف دا ولا لا .. بيقولو الخلف م مات ... انا وانت بنمثلها وبنعكسها ... ف خلينا نخليها فخورة حتى لو م كانت موجودة "
لم يكن زياد يتوقع أن يسمع مثل هذه الكلمات من زين ... وان يراه ثابتاً بهذه الطريقة ... فهو لم يراه حتى الآن يبكي او يذرف الدموع على رحيلها الأمر الذي اثار استغرابه لأنه يدري جيداً بتعلقه بوالدته أكثر منه ...
وضع رأسه على كتفه وهو يبكي بصمت ... فهو على كل حال كل ما تبقى له من رائحة هدى ... بل أنه يراها فيه الآن .... ربت زين بهدوء على رأسه وكأنه يهدئ من روعه .... ثم اعاد على مسامعه :
" ارجع لي تمريناتك ... ومن بداية الاسبوع انزل جامعتك عادي ... طيب ؟ "
رفع رأسه لينظر إليه وهو يمسح آثار دموعه :
" طيب ... ان شاء الله "
إن كلام زين صحيح على كل حال ... فهو يجب عليه أن يعود تدريجياً إلى حياته ... او بالأحرى الى الأشياء التي تشغله قليلاً وتشغل إنتباهه عن مغادرة والدته لهم للأبد ... المغادرة التي ستبقى كطعنة مؤلمة له ما دام به عرقاً ينبض ولا يعتقد أن ألمها سيزول يوماً ....
اليوم ... الساعة الثانية ظهراً ستكون هُناك تدريبات لم يكن ينوي حضورها ولكن كلام أخيه حفزه ليعود مجدداً ... غادر غرفة زين متجهاً إلى غرفته ليبدأ بتجهيز حقيبته الرياضية .
_. __. __
أشارت الساعة إلى الواحدة ظُهراً ... عندما وضع نبيل القلم وهو ينظر إليها متسائلاً :
" كدا فهمتيها ؟ "
" أيوه ايوه فهمتها "
" شاطرة ... إحنا كدا خلاص انتهينا انا كنت فاكرك حتاخدي وقت اكتر من كدا لكن برافو عليك بتفهمي بسرعة وذكية ... وانا بحب الطلاب الذكيين شديد "
ابتسمت ابتسامة صغيرة كامتنان لهذا الثناء ... اهتز جوالها مُعلناً عن وصول مكالمة ... تفحصت الاسم بسرعة لتجده حسان ... فاكتفت بإرسال رسالة نصية محتواها ( مشغولة ) ... ولم تكن تدري أن نبيل بكامل تركيزه معها .
" عندك حاجة تاني ؟ "
" لا ... حرجع البيت بعد كدا "
" م ممكن تجي معاي ؟ "
" اجي معاك وين ؟ "
" م اشتقتي للنادي ؟ "
ضحكت وهي تضع كفها خلف عنقها :
" والله ياخ ... ايوه اشتقت ليه ... لكن ماف شي يوديني هناك تاني "
" تعالي احضري تدريبات الليلة "
" تدريباتكم عنيفة ... انا اي شي فيه عُنف ما بحبو "
" طيب خلاص لو كدا .. لانو فعلاً حتكون عنيفة "
" كيف بتستحمل تشوفهم بيضربو في بعض ؟ "
" انتي عايني ليها من الجهة التانية ... انو انا بعلم فيهم يكونو رجال قويين ويقدرو يدافعو عن نفسهم "
صمتت قليلاً لتقول :
" صح فعلاً "
تواصلا بصرياً لثواني ... وانتهى الأمر بإبعاد أنظارها عنه .. بعد أن بعثر دواخلها بنظراته تلك ... الأمر الذي جعلها تُحاول سحب كوب الماء الموضوع امامها لتتجرع قليلاً منه .. ولكن ولإضطراب حركتها انزلق الكوب منها ليبتل بنطالها بالماء .. نهضت بسرعة وهي تنفض بكفيها عبثاً على بنطالها .. ليقوم هو بتعديل الكوب ...
" عن إذنك "
قالتها وهي تنوي التوجه نحو دورة المياه ... توقفت بصوته وهو يقول :
" آن ...ممكن لو سمحتي تضربي لي ف تلفوني ؟ عشان م لاقيه "
" اه .. جداً "
فتحت حقيبتها الصغيرة ثم اخرجت هاتفها لتتصل برقمه ثم تركت الجوال بيده وهي تنسحب نحو الحمام .
أمسك بجوالها وظل يُتابعها بنظراته إلى أن اختفت وبحركة سريعة حرك اصابعه على الشاشة عدة مرات ليقوم بإغلاق الجوال في النهاية ثم مداه نحو أنفه ... مستنشقاً إياه بهدوء ... فهو الشيئ الذي يحتضناه كفيها طوال الوقت ... اشار للنادل ليعطيه الفاتورة ثم وضع الجوال وظل ينتظر قدومها .
_. __. ___
توقفت أمام سيارتها و بدت سعيدة وهي تتحدث إليه :
" بالجد انا م عارفة اشكرك كيف يا نبيل "
" على شنو ؟ "
" يعني على الشرح وانك تعبت نفسك و جيتني "
" طيب م دا الطبيعي ... انا برضو استاذك واهم شي عندي انك تكوني فاهمة ... وبعدين لو انتي م عارفة تشكريني كيف انا اوريك "
" طيب كيف ؟ "
" إنك تقبلي دعوتي ليك على الغداء نهاية الأسبوع "
زالت الإبتسامة من على وجهها لا إرادياً ... ثم اعادت رسمها مجدداً وهي تقول باستدراك :
" ممممم ... م عارفة ... م اعتقد الموضوع حيكون ساهل "
" كيف ؟ "
بدت مرتبكة للغاية :
" ص ... صراحة انا م بحب كدا ... يعني الطلعات والنزلات وكدا ... شكراً على الدعوة بس الحاجة دي ممكن تضايقني "
" طيب ممكن توضحي لي اكتر عشان م فهمتك "
" انا م متعودة على الأجواء دي ... انو يعني .. "
" انو تطلعي مع راجل قصدك ؟ "
لقد اختصر بخمس كلمات فقط ما كانت ستحتاج لأيام لصياغته ... مررت أصابعها على جبينها وهي تهز رأسها بمعنى نعم ...
" اه ... طيب "
اتجهت ابصاره نحو كف يدها وخصوصاً ذلك الخاتم ... فسألها بهدوء وجرأة :
" انتي مخطوبة ؟ "
انتبهت لنظراته فرفعت كفها أمام وجهها ثم نظرت إليه :
" لا ... "
" مرتبطة ؟ "
ضحكت :
" لا برضو "
" طيب لي الخاتم ؟ "
ضاقت عينيها وهي تضحك بمكر طفولي ...
" ممممم ... اوكي فهمت "
قالها نبيل ...
لقد كانت ترتدي خاتماً لإبعاد الرجال عنها ... ليتوهم كل من يراها بأنها مخطوبة لرجل آخر فلا يقترب حتى منها .
مد كفه ليُمسك بكفها ... وبالكف الآخر سحب الخاتم من اصبعها ... كان كفيه باردين للغاية الأمر الذي أثار استغرابها ولكن ... استغرابها من خلعه لخاتمها بهذه السرعة كان أكبر ...
" لي شلتو ؟ "
" أحجزي لي موعد مع أُمك "
التقى حاجبيها :
" لي ؟ "
" عشان بدل الخاتم حق الخطوبة المزيف ... يكون في خاتم حقيقي "
" عفواً ! م فهمتك !"
" طيب ... ان شاء الله "
إن كلام زين صحيح على كل حال ... فهو يجب عليه أن يعود تدريجياً إلى حياته ... او بالأحرى الى الأشياء التي تشغله قليلاً وتشغل إنتباهه عن مغادرة والدته لهم للأبد ... المغادرة التي ستبقى كطعنة مؤلمة له ما دام به عرقاً ينبض ولا يعتقد أن ألمها سيزول يوماً ....
اليوم ... الساعة الثانية ظهراً ستكون هُناك تدريبات لم يكن ينوي حضورها ولكن كلام أخيه حفزه ليعود مجدداً ... غادر غرفة زين متجهاً إلى غرفته ليبدأ بتجهيز حقيبته الرياضية .
_. __. __
أشارت الساعة إلى الواحدة ظُهراً ... عندما وضع نبيل القلم وهو ينظر إليها متسائلاً :
" كدا فهمتيها ؟ "
" أيوه ايوه فهمتها "
" شاطرة ... إحنا كدا خلاص انتهينا انا كنت فاكرك حتاخدي وقت اكتر من كدا لكن برافو عليك بتفهمي بسرعة وذكية ... وانا بحب الطلاب الذكيين شديد "
ابتسمت ابتسامة صغيرة كامتنان لهذا الثناء ... اهتز جوالها مُعلناً عن وصول مكالمة ... تفحصت الاسم بسرعة لتجده حسان ... فاكتفت بإرسال رسالة نصية محتواها ( مشغولة ) ... ولم تكن تدري أن نبيل بكامل تركيزه معها .
" عندك حاجة تاني ؟ "
" لا ... حرجع البيت بعد كدا "
" م ممكن تجي معاي ؟ "
" اجي معاك وين ؟ "
" م اشتقتي للنادي ؟ "
ضحكت وهي تضع كفها خلف عنقها :
" والله ياخ ... ايوه اشتقت ليه ... لكن ماف شي يوديني هناك تاني "
" تعالي احضري تدريبات الليلة "
" تدريباتكم عنيفة ... انا اي شي فيه عُنف ما بحبو "
" طيب خلاص لو كدا .. لانو فعلاً حتكون عنيفة "
" كيف بتستحمل تشوفهم بيضربو في بعض ؟ "
" انتي عايني ليها من الجهة التانية ... انو انا بعلم فيهم يكونو رجال قويين ويقدرو يدافعو عن نفسهم "
صمتت قليلاً لتقول :
" صح فعلاً "
تواصلا بصرياً لثواني ... وانتهى الأمر بإبعاد أنظارها عنه .. بعد أن بعثر دواخلها بنظراته تلك ... الأمر الذي جعلها تُحاول سحب كوب الماء الموضوع امامها لتتجرع قليلاً منه .. ولكن ولإضطراب حركتها انزلق الكوب منها ليبتل بنطالها بالماء .. نهضت بسرعة وهي تنفض بكفيها عبثاً على بنطالها .. ليقوم هو بتعديل الكوب ...
" عن إذنك "
قالتها وهي تنوي التوجه نحو دورة المياه ... توقفت بصوته وهو يقول :
" آن ...ممكن لو سمحتي تضربي لي ف تلفوني ؟ عشان م لاقيه "
" اه .. جداً "
فتحت حقيبتها الصغيرة ثم اخرجت هاتفها لتتصل برقمه ثم تركت الجوال بيده وهي تنسحب نحو الحمام .
أمسك بجوالها وظل يُتابعها بنظراته إلى أن اختفت وبحركة سريعة حرك اصابعه على الشاشة عدة مرات ليقوم بإغلاق الجوال في النهاية ثم مداه نحو أنفه ... مستنشقاً إياه بهدوء ... فهو الشيئ الذي يحتضناه كفيها طوال الوقت ... اشار للنادل ليعطيه الفاتورة ثم وضع الجوال وظل ينتظر قدومها .
_. __. ___
توقفت أمام سيارتها و بدت سعيدة وهي تتحدث إليه :
" بالجد انا م عارفة اشكرك كيف يا نبيل "
" على شنو ؟ "
" يعني على الشرح وانك تعبت نفسك و جيتني "
" طيب م دا الطبيعي ... انا برضو استاذك واهم شي عندي انك تكوني فاهمة ... وبعدين لو انتي م عارفة تشكريني كيف انا اوريك "
" طيب كيف ؟ "
" إنك تقبلي دعوتي ليك على الغداء نهاية الأسبوع "
زالت الإبتسامة من على وجهها لا إرادياً ... ثم اعادت رسمها مجدداً وهي تقول باستدراك :
" ممممم ... م عارفة ... م اعتقد الموضوع حيكون ساهل "
" كيف ؟ "
بدت مرتبكة للغاية :
" ص ... صراحة انا م بحب كدا ... يعني الطلعات والنزلات وكدا ... شكراً على الدعوة بس الحاجة دي ممكن تضايقني "
" طيب ممكن توضحي لي اكتر عشان م فهمتك "
" انا م متعودة على الأجواء دي ... انو يعني .. "
" انو تطلعي مع راجل قصدك ؟ "
لقد اختصر بخمس كلمات فقط ما كانت ستحتاج لأيام لصياغته ... مررت أصابعها على جبينها وهي تهز رأسها بمعنى نعم ...
" اه ... طيب "
اتجهت ابصاره نحو كف يدها وخصوصاً ذلك الخاتم ... فسألها بهدوء وجرأة :
" انتي مخطوبة ؟ "
انتبهت لنظراته فرفعت كفها أمام وجهها ثم نظرت إليه :
" لا ... "
" مرتبطة ؟ "
ضحكت :
" لا برضو "
" طيب لي الخاتم ؟ "
ضاقت عينيها وهي تضحك بمكر طفولي ...
" ممممم ... اوكي فهمت "
قالها نبيل ...
لقد كانت ترتدي خاتماً لإبعاد الرجال عنها ... ليتوهم كل من يراها بأنها مخطوبة لرجل آخر فلا يقترب حتى منها .
مد كفه ليُمسك بكفها ... وبالكف الآخر سحب الخاتم من اصبعها ... كان كفيه باردين للغاية الأمر الذي أثار استغرابها ولكن ... استغرابها من خلعه لخاتمها بهذه السرعة كان أكبر ...
" لي شلتو ؟ "
" أحجزي لي موعد مع أُمك "
التقى حاجبيها :
" لي ؟ "
" عشان بدل الخاتم حق الخطوبة المزيف ... يكون في خاتم حقيقي "
" عفواً ! م فهمتك !"
" لمن ترجعي البيت حفهمك ... يلا اركبي عربيتك عشان أنا أتحرك "
" طيب م تتحرك عادي "
" لا م حسيبك وراي "
قالها بجدية ... وهو يشير إليها لتصعد سيارتها ... لم يُعد إليها خاتمها ولم تطلبه منه ... بل وبهدوء فتحت باب سيارتها ...لتصعد عليها ... ودعها لتنطلق هي بعدها وظلت طول الطريق تُفكر في ما قاله لها ... هل هو جاد في ما قاله أم أنه مُجرد مزاح ؟
توقفت عند احدى اشارات المرور الحمراء ... وبينما كانت شاردة في افكارها ... سمعت صوت نغمة الرسائل .... فتحت جوالها لتجد رسالة من حسان ... واذا بها تتفاجئ بصورة لها وهي تقف أمام نبيل بينما أمسك بكفها وهو يسحب الخاتم ... مُرسلة لها مع تعليق بدا التهكم واضحاً فيه .
( واضح إنك كنتي مشغولة شديد )
تلفتت حواليها .. وهي ترمي جوالها على الكرسي المجاور لها ... من اين اتى حسان بهذه الصورة ؟
هل كان يُراقبها ؟
لقد طفح الكيل ... تجاوز حده كثيراً هذه المرة وهي لن ترحمه إطلاقاً .... ارتجف جسدها انفعالاً وكانت تنتظر بفارغ الصبر وصولها إلى سكنها لتتصل به .
_. _. __
بدل ثيابه الرسمية التي كان يرتديها بطقم رياضي ... ثم اتجه نحو الشباب الذي انقسموا الى صفين والذين كانو بانتظاره ...
وقعت أبصاره على زياد الذي بدا نحيلاً وشاحباً للغاية وهو يقف آخر الصف ... قال بصوته الجهور :
" اعملوا تمارين الإحماء بسرعة "
امتثل الشُبان لأمره في الحال ... كان يقف ممشوقاً بينما تشابك كفيه خلف ظهره وهو يراقبهم بهدوء ... أشار بيده لزياد والذي تقدم منه في الحال .
نظر إليه من الأعلى للأسفل ثم قال :
" إنت ليك اسبوعين م حضرت معانا ... الفايتك كتير شديد "
" ححصلكم "
ابتسم بسُخرية :
" هو القديم انت اصلاً متذكرو عشان تحصل ف الجديد ؟"
" أيوه متذكر "
" متأكد ؟ "
" آي "
" يعني هسه أي حركة مني حتقدر تصدها ؟ "
هز رأسه بمعنى نعم ..
ليُفاجأه نبيل بركلة قوية مفاجأة على صدره ... وعلى عكس كلامه ... لم يستطع صدها بل ارتطم بظهره مع الأرض ... ليُغمض عينيه ألماً من شدة تلك الضربة ... اقترب نبيل منه ثم انحنى عليه قائلاً بهمس :
" شايف يا زياد ؟ م قدرت تصدها ... اسمعني كويس ... العالم م حيقيف لي وفاة امك ... كل الحاصل إنك بقيت ضعيف وزمايلك فاتوك ... واتذكر دايماً الضعيف مكانو هنا "
ضرب بكفه على الأرض مردفاً :
" مكانو الأرض ... واقع زيك كدا ... م عندو أي مكانة ... يا إما تقوم على حيلك وترجع زي م كنت يا إما تفضل كدا ... ضعيف فاقد قوتك وممدد على الأرض ... واي واحد تاني اقوى منك قادر يدوس عليك زيك وزي أحقر شي "
قال كلماته ثم نهض مبتعداً عنه ... تاركاً إياه ممدداً أرضاً يُعاني من ألم الركلة التي تلقاها ... ومن ألم كلمات نبيل والتي كان وقعها عليه أشد ألماً وشعر لثواني وكأن نبيل لا يملك قلباً ليتعاطف به معه ... لم يستطع تحمل ما حدث فما كان منه إلا أن نهض ببطئ وظل ينظر إلى نبيل الذي يتجول في انحاء المكان مراقباً الشباب ... ثم انسحب بهدوء تاركاً القاعة وهو ينتحب بحزن وشفقة على حاله و تمنى لثواني لو أن بإمكانه أن يضع رأسه على صدر والدته فقط ... هو على ثقة أن ما يشعر به كان سيختفي تماماً لو سمع فقط صوتها ... ظن أن حاله سيتحسن إن عاد للتدريبات ولكن النبيل نبيل زاد حاله سوءاً بكل سهولة .
________________________________________
See you soon
22
" طيب م تتحرك عادي "
" لا م حسيبك وراي "
قالها بجدية ... وهو يشير إليها لتصعد سيارتها ... لم يُعد إليها خاتمها ولم تطلبه منه ... بل وبهدوء فتحت باب سيارتها ...لتصعد عليها ... ودعها لتنطلق هي بعدها وظلت طول الطريق تُفكر في ما قاله لها ... هل هو جاد في ما قاله أم أنه مُجرد مزاح ؟
توقفت عند احدى اشارات المرور الحمراء ... وبينما كانت شاردة في افكارها ... سمعت صوت نغمة الرسائل .... فتحت جوالها لتجد رسالة من حسان ... واذا بها تتفاجئ بصورة لها وهي تقف أمام نبيل بينما أمسك بكفها وهو يسحب الخاتم ... مُرسلة لها مع تعليق بدا التهكم واضحاً فيه .
( واضح إنك كنتي مشغولة شديد )
تلفتت حواليها .. وهي ترمي جوالها على الكرسي المجاور لها ... من اين اتى حسان بهذه الصورة ؟
هل كان يُراقبها ؟
لقد طفح الكيل ... تجاوز حده كثيراً هذه المرة وهي لن ترحمه إطلاقاً .... ارتجف جسدها انفعالاً وكانت تنتظر بفارغ الصبر وصولها إلى سكنها لتتصل به .
_. _. __
بدل ثيابه الرسمية التي كان يرتديها بطقم رياضي ... ثم اتجه نحو الشباب الذي انقسموا الى صفين والذين كانو بانتظاره ...
وقعت أبصاره على زياد الذي بدا نحيلاً وشاحباً للغاية وهو يقف آخر الصف ... قال بصوته الجهور :
" اعملوا تمارين الإحماء بسرعة "
امتثل الشُبان لأمره في الحال ... كان يقف ممشوقاً بينما تشابك كفيه خلف ظهره وهو يراقبهم بهدوء ... أشار بيده لزياد والذي تقدم منه في الحال .
نظر إليه من الأعلى للأسفل ثم قال :
" إنت ليك اسبوعين م حضرت معانا ... الفايتك كتير شديد "
" ححصلكم "
ابتسم بسُخرية :
" هو القديم انت اصلاً متذكرو عشان تحصل ف الجديد ؟"
" أيوه متذكر "
" متأكد ؟ "
" آي "
" يعني هسه أي حركة مني حتقدر تصدها ؟ "
هز رأسه بمعنى نعم ..
ليُفاجأه نبيل بركلة قوية مفاجأة على صدره ... وعلى عكس كلامه ... لم يستطع صدها بل ارتطم بظهره مع الأرض ... ليُغمض عينيه ألماً من شدة تلك الضربة ... اقترب نبيل منه ثم انحنى عليه قائلاً بهمس :
" شايف يا زياد ؟ م قدرت تصدها ... اسمعني كويس ... العالم م حيقيف لي وفاة امك ... كل الحاصل إنك بقيت ضعيف وزمايلك فاتوك ... واتذكر دايماً الضعيف مكانو هنا "
ضرب بكفه على الأرض مردفاً :
" مكانو الأرض ... واقع زيك كدا ... م عندو أي مكانة ... يا إما تقوم على حيلك وترجع زي م كنت يا إما تفضل كدا ... ضعيف فاقد قوتك وممدد على الأرض ... واي واحد تاني اقوى منك قادر يدوس عليك زيك وزي أحقر شي "
قال كلماته ثم نهض مبتعداً عنه ... تاركاً إياه ممدداً أرضاً يُعاني من ألم الركلة التي تلقاها ... ومن ألم كلمات نبيل والتي كان وقعها عليه أشد ألماً وشعر لثواني وكأن نبيل لا يملك قلباً ليتعاطف به معه ... لم يستطع تحمل ما حدث فما كان منه إلا أن نهض ببطئ وظل ينظر إلى نبيل الذي يتجول في انحاء المكان مراقباً الشباب ... ثم انسحب بهدوء تاركاً القاعة وهو ينتحب بحزن وشفقة على حاله و تمنى لثواني لو أن بإمكانه أن يضع رأسه على صدر والدته فقط ... هو على ثقة أن ما يشعر به كان سيختفي تماماً لو سمع فقط صوتها ... ظن أن حاله سيتحسن إن عاد للتدريبات ولكن النبيل نبيل زاد حاله سوءاً بكل سهولة .
________________________________________
See you soon
22
تعلم اللغة الانجليزية من البداية
حتي مرحلة التحدث بطلاقة
https://t.me/joinchat/Pv_sO0kkkLmHwU1L
مركز تعليم اللغة الانجليزية:
تواصل مع المدرب @almahi2020
واتساب
https://wa.me/966582233524
حتي مرحلة التحدث بطلاقة
https://t.me/joinchat/Pv_sO0kkkLmHwU1L
مركز تعليم اللغة الانجليزية:
تواصل مع المدرب @almahi2020
واتساب
https://wa.me/966582233524
Telegram
تعلم الانجليزية Learn English
تعلم اللغة الانجليزية :
افضل قناة علي تلغرام:
https://t.me/joinchat/Pv_sO0kkkLmHwU1L
القناة علي تويتر:
https://twitter.com/Learn201
بوت للكتب الإنجليزية
@English_language_files_bot
تواصل معنا واتساب وتلغرام
https://wa.me/966583656428
@almahi2020
افضل قناة علي تلغرام:
https://t.me/joinchat/Pv_sO0kkkLmHwU1L
القناة علي تويتر:
https://twitter.com/Learn201
بوت للكتب الإنجليزية
@English_language_files_bot
تواصل معنا واتساب وتلغرام
https://wa.me/966583656428
@almahi2020
إعتذار :
بتأسف جداً ... الفصل كان مفروض ينزل من الفجر .. بس الوايفاي حقي فصل ... يادوب شحنتو و قدرت افتح ... لكم العُتبى جميعاً .
#كسارة_البندق
#الجزء_الثاني
( حبيبي )
{ ٢٣ }
" عندما دخلت حياتي ظننتك
التعويض الذي جاء ليُحلي مرار
أيامي ... وبقدر حبي لك وسعادتي
بوجودك كان دماري "
أوقفت سيارتها أمام المبنى السكني و بدا واضحاً عليها الغضب ... هي بالرغم عن كل شيئ لا تقبل بأي شكل من الأشكال أن يتدخل أحد في شؤونها الخاصة ... اللهم إلا والدتها لأنها لا تملك خيار رفض أوامرها التي تُمليها عليها أصلاً ... ولكن أن يبدر تصرف كهذا من شخص آخر فهذا ما لا تستطيع تحمله أو القُبول به ... لقد أقبل حسان على تصرف سيئ و وقح للغاية لم تتوقعه منه إطلاقاً .
أوقفت مُحرك السيارة ثم حملت جوالها لتطلب رقمه وما هي إلا ثواني حتى أجابها :
" آلو "
" ممكن أعرف دا شنو العملتو دا ؟ بقيت تراقبني يعني ولا شنو يا حسان ؟ "
كان صوتها متهدجاً وهي تهدر فيه بعصبية ...
وعلى عكسها جاء صوت حسان هادئاً مستنكراً لما قالته :
" لا طبعاً ... انتي عارفة انو انا م كدا "
" طيب جبت الصورة دي من وين ؟ "
" أولاً ممكن تهدي ؟ "
" حسان معليش خلينا ف موضوعنا وسيب هدوئي ف حالو ... جبت الصورة دي من وين ؟ وبعدين دا شنو الاسلوب دا ؟
واضح انك مشغولة ... انت قاصد شنو ؟ "
" انا ضربت ليك و اكتفيتي بمسج قلتي فيه مشغولة وبعد..."
قاطعته بسرعة :
" م انا فعلاً كنت مشغولة يعني فاكرني بهظر ولا شنو ؟ "
" كيف تقولي لي انك مشغولة وبعدها بشوية القاك واقفة مع الزول دا وهو ماسك يدك "
" انا م محتاجة ابرر اطلاقاً لانو دا م شي بيخصك بأي شكل من الأشكال ... بس لمن انت ضربت هو كان بيشرح لي ف دروس انا ممتحنة فيها بعد بكرة ... وهو م كان ماسك يدي بالمناسبة ... و م من حقك اطلاقاً إنو تراقبني يا حسان "
" افهمي ... انا م مراقبك ولا ف شي بيخليني اعمل كدا ... ولا انا من الصنف المريض دا ... الحكاية وم فيها إنو انا كان عندي إجتماع ف المطعم القُصاد الكافيه الكنتي واقفة فيه ... ولمن جيت داخل شفت عربيتك ف ضربت عشان اعرف انتي هنا ولا لا ؟
بعدها بشوية طلعت برا عشان جاتني مكالمة لمن انتهيت ... لقيتك واقفة ... م ... معاه "
" و منو السمح ليك انك تصورني ؟ ولا دا نظام انا مسكتك بالثابتة وانو انت رهيب بعرف اي حاجة بتحصل ؟ "
انخفض صوته وهو يقول :
" أنا آسف "
" لا ... أسفك م مقبول ... م ممكن تتصرف تصرف زي دا وتجي تقول انا آسف ... طالما عارفو من البداية حيوجب عليك انك تتأسف ف النهاية عاملو اصلاً لي ؟ "
لم يُجب عليها واكتفى بصمت ثقيل ...
لتردف هي :
" شوف يا حسان .... انت لو عايز تخرب مكانك عندي بنفسك ... أعمل تصرف زي دا تاني ... لو سمحت ... انت عندك زوجة وطفل وحياة تانية خاصة بيك ... انا م حصل يوم ادخلت فيهم ... ف زي م انا محترمة حياتك ون بتحشر ف شي م بيخصني ... اتمنى انت تعمل زيي "
" أنا م كنت قاصد اضايقك "
" الحصل حصل ... حعتبرها أول و آخر مرة ... تصرف زي دا لو اتكرر تاني يا حسان والله الحيحصل بعدها م حيعجبك ولا حيكون فيه رجعة "
" آن أنا ... "
قاطعته باستعجال بعد أن رأت ( باص ) مدرسة أختها يتوقف وأُختها تُسرع في النزول منه :
" تمام ... مع السلامة "
انهت المُكالمة ثم سحبت مفتاح السيارة لتنزل من عليها بعد أن تنهدت بتضايق شديد ... فهي بالرغم عن غضبها لم تشأ أن تتحدث معه هكذا ... ولكن تصرفه اللعين أجبرها على هذا الأُسلوب حتى لا يتعدى حدوده مجدداً .
شدت هانية على يدي حقيبة الظهر وهي تنظر إلى أُختها التي ترجلت من سيارتها باستغراب :
" انتي مش قالو ليك م تنزلي من السرير ؟ "
أحاطت كتف أختها بذراعها وهي تجيبها بسخرية :
" انتو قايلني حامل ولا شنو ؟ "
" ماما قالت م تتحركي "
" عندي امتحان بعد بكرة كان لازم اطلع عشان ف حاجات كتيرة م فاهماها عشان تتشرح لي "
" منو الشرح ليك "
رطبت شفتيها وهي تقول بتأني :
" استاذ نبيل "
طالعتها هانية بطرف عينها بينما ارتسمت ابتسامة شقية على وجهها :
" الراجل السمح ؟
ممممم يعني شرح ليك هو ف النهاية "
توقف آن عن السير :
" ايوه ... خير ان شاء الله دي شنو النظرات دي "
" لا ولا شي سلامتك .... بس كانو بقا كتير شديد ف حياتك "
" لا .... عادي ... يعني ... ماف شي ... بس عشان انا الكوردينيتر حقتو "
" طيب ذكريني لمن ادخل الجامعة بالحاجة دي "
" حاجة شنو ؟ "
التقى حاجبيها وهي تسألها ...
لتجيب الأخرى بشقاوة مراهقات :
" إنو اختار الأساتذة السمحين عشان ابقى كوردينتر ليهم "
علا صوت ضحكات آن :
" غايتو انتو شفع الزمن دا م هينين خالص "
ثم أردفت :
" كيف كان يومك ف المدرسة الليلة ؟ كل حاجة تمام ؟ "
بتأسف جداً ... الفصل كان مفروض ينزل من الفجر .. بس الوايفاي حقي فصل ... يادوب شحنتو و قدرت افتح ... لكم العُتبى جميعاً .
#كسارة_البندق
#الجزء_الثاني
( حبيبي )
{ ٢٣ }
" عندما دخلت حياتي ظننتك
التعويض الذي جاء ليُحلي مرار
أيامي ... وبقدر حبي لك وسعادتي
بوجودك كان دماري "
أوقفت سيارتها أمام المبنى السكني و بدا واضحاً عليها الغضب ... هي بالرغم عن كل شيئ لا تقبل بأي شكل من الأشكال أن يتدخل أحد في شؤونها الخاصة ... اللهم إلا والدتها لأنها لا تملك خيار رفض أوامرها التي تُمليها عليها أصلاً ... ولكن أن يبدر تصرف كهذا من شخص آخر فهذا ما لا تستطيع تحمله أو القُبول به ... لقد أقبل حسان على تصرف سيئ و وقح للغاية لم تتوقعه منه إطلاقاً .
أوقفت مُحرك السيارة ثم حملت جوالها لتطلب رقمه وما هي إلا ثواني حتى أجابها :
" آلو "
" ممكن أعرف دا شنو العملتو دا ؟ بقيت تراقبني يعني ولا شنو يا حسان ؟ "
كان صوتها متهدجاً وهي تهدر فيه بعصبية ...
وعلى عكسها جاء صوت حسان هادئاً مستنكراً لما قالته :
" لا طبعاً ... انتي عارفة انو انا م كدا "
" طيب جبت الصورة دي من وين ؟ "
" أولاً ممكن تهدي ؟ "
" حسان معليش خلينا ف موضوعنا وسيب هدوئي ف حالو ... جبت الصورة دي من وين ؟ وبعدين دا شنو الاسلوب دا ؟
واضح انك مشغولة ... انت قاصد شنو ؟ "
" انا ضربت ليك و اكتفيتي بمسج قلتي فيه مشغولة وبعد..."
قاطعته بسرعة :
" م انا فعلاً كنت مشغولة يعني فاكرني بهظر ولا شنو ؟ "
" كيف تقولي لي انك مشغولة وبعدها بشوية القاك واقفة مع الزول دا وهو ماسك يدك "
" انا م محتاجة ابرر اطلاقاً لانو دا م شي بيخصك بأي شكل من الأشكال ... بس لمن انت ضربت هو كان بيشرح لي ف دروس انا ممتحنة فيها بعد بكرة ... وهو م كان ماسك يدي بالمناسبة ... و م من حقك اطلاقاً إنو تراقبني يا حسان "
" افهمي ... انا م مراقبك ولا ف شي بيخليني اعمل كدا ... ولا انا من الصنف المريض دا ... الحكاية وم فيها إنو انا كان عندي إجتماع ف المطعم القُصاد الكافيه الكنتي واقفة فيه ... ولمن جيت داخل شفت عربيتك ف ضربت عشان اعرف انتي هنا ولا لا ؟
بعدها بشوية طلعت برا عشان جاتني مكالمة لمن انتهيت ... لقيتك واقفة ... م ... معاه "
" و منو السمح ليك انك تصورني ؟ ولا دا نظام انا مسكتك بالثابتة وانو انت رهيب بعرف اي حاجة بتحصل ؟ "
انخفض صوته وهو يقول :
" أنا آسف "
" لا ... أسفك م مقبول ... م ممكن تتصرف تصرف زي دا وتجي تقول انا آسف ... طالما عارفو من البداية حيوجب عليك انك تتأسف ف النهاية عاملو اصلاً لي ؟ "
لم يُجب عليها واكتفى بصمت ثقيل ...
لتردف هي :
" شوف يا حسان .... انت لو عايز تخرب مكانك عندي بنفسك ... أعمل تصرف زي دا تاني ... لو سمحت ... انت عندك زوجة وطفل وحياة تانية خاصة بيك ... انا م حصل يوم ادخلت فيهم ... ف زي م انا محترمة حياتك ون بتحشر ف شي م بيخصني ... اتمنى انت تعمل زيي "
" أنا م كنت قاصد اضايقك "
" الحصل حصل ... حعتبرها أول و آخر مرة ... تصرف زي دا لو اتكرر تاني يا حسان والله الحيحصل بعدها م حيعجبك ولا حيكون فيه رجعة "
" آن أنا ... "
قاطعته باستعجال بعد أن رأت ( باص ) مدرسة أختها يتوقف وأُختها تُسرع في النزول منه :
" تمام ... مع السلامة "
انهت المُكالمة ثم سحبت مفتاح السيارة لتنزل من عليها بعد أن تنهدت بتضايق شديد ... فهي بالرغم عن غضبها لم تشأ أن تتحدث معه هكذا ... ولكن تصرفه اللعين أجبرها على هذا الأُسلوب حتى لا يتعدى حدوده مجدداً .
شدت هانية على يدي حقيبة الظهر وهي تنظر إلى أُختها التي ترجلت من سيارتها باستغراب :
" انتي مش قالو ليك م تنزلي من السرير ؟ "
أحاطت كتف أختها بذراعها وهي تجيبها بسخرية :
" انتو قايلني حامل ولا شنو ؟ "
" ماما قالت م تتحركي "
" عندي امتحان بعد بكرة كان لازم اطلع عشان ف حاجات كتيرة م فاهماها عشان تتشرح لي "
" منو الشرح ليك "
رطبت شفتيها وهي تقول بتأني :
" استاذ نبيل "
طالعتها هانية بطرف عينها بينما ارتسمت ابتسامة شقية على وجهها :
" الراجل السمح ؟
ممممم يعني شرح ليك هو ف النهاية "
توقف آن عن السير :
" ايوه ... خير ان شاء الله دي شنو النظرات دي "
" لا ولا شي سلامتك .... بس كانو بقا كتير شديد ف حياتك "
" لا .... عادي ... يعني ... ماف شي ... بس عشان انا الكوردينيتر حقتو "
" طيب ذكريني لمن ادخل الجامعة بالحاجة دي "
" حاجة شنو ؟ "
التقى حاجبيها وهي تسألها ...
لتجيب الأخرى بشقاوة مراهقات :
" إنو اختار الأساتذة السمحين عشان ابقى كوردينتر ليهم "
علا صوت ضحكات آن :
" غايتو انتو شفع الزمن دا م هينين خالص "
ثم أردفت :
" كيف كان يومك ف المدرسة الليلة ؟ كل حاجة تمام ؟ "
" ايوه كلو تمام الحمدلله "
" ف شي كدا ولا كدا عايزة تحكيه لي ؟ "
" لا ماف ... هو المدرسة الملل دي فيها حاجة عشان تتحكي ؟! "
" مصيرها تنتهي وتشتاقي ليها "
" هي ايوه حتنتهي بس عمري م حشتاق ليها "
ابتسمت آن بعاطفة الأُخت الكبيرة ... ولم تتجادل معها فهي تعي تماماً تضجر المراهقين من المرحلة الثانوية ثم ابتسامهم بحنين لتفاصيلها وذكرياتها بعد تجاوزها بسنوات .
—— —— ——
تمددت على فراشها بعد أن أخذت حماماً دافئاً وذاكرت بعض الدروس التي حُددت في الإختبار ... غاصت أصابع كفها بداخل خُصلات شعرها الناعم بينما سرحت بأبصارها في السقف وهي تفكر بما حدث اليوم .
ستكون كاذبة لا مُحالة إن أنكرت أن تصرفات نبيل لم تؤثر عليها ... جزء ما بداخلها أحب ما يقوم به ... ليس ما حدث بينهما اليوم وفقط ... بل منذ اول مرة تراه بها ... إن نبيل لا يُشبه أي رجل آخر ... وهذا ليس على سبيل التعامل وحسب ... فهي على كل حال باستثناء حسان فكل تعاملاتها مع الجنس الآخر كانت بحدود و رسمية ... بل حتى على سبيل المظهر ... فنبيل يبدو و كأنه جاء من عالم آخر ... ابتداء من لون بشرته غير المفهوم وصولاً إلى شعره الطويل للغاية ... في مجتمع يرفض بشدة اي نوع من انواع اشكال الشعر الغريب بالنسبة للرجال .... حتى اهتماماته غريبة ولا تُشابه اهتمامات الآخرين ... على الرغم من ذلك الغموض الكثيف الذي لا زال يحيط به ...
رفعت رأسها بصوت والدتها التي كانت تُنادي بصوت عالي :
" الخاتا قهوة ف النار منو "
قفزت بسرعة من على سريرها فلقد نسيت قهوتها على النار ... اتجهت نحو المطبخ لتصب قهوتها على الكوب ثم نظفت آثارها من على الموقد ... حررت شعرها من ربطته و وقفت على اطراف اصابعها لا إرادياً ثم استدارت برشاقة حول نفسها لتحمل كوبها و تتجه نحو الشرفة ... استرخت بكسل على الأريكة الموضوعة لترفع ساقيها على الطاولة أمامها ثم ارتشفت بعض القهوة الساخنة ... ابتسامة صغيرة ارتسمت على شفتيها .
إنها تخوض مشاعر جديدة عليها تماماً ... هي على كل حال لا تريد التفكير فيما يلي ... ماذا سيحدث بعد كل هذا ؟
تكفيها هذه المشاعر اللطيفة التي تملكتها ... شيئ آخر يثير حيرتها ... لماذا يتعامل معها بهذه الطريقة ؟
تصرفاته لا يمكن التكهن بها إطلاقاً ... منذ اول يوم الى آخر لحظة إلتقت به فيها .
إنها تعرف شيئاً واحداً فقط ... إنه جريئ للغاية إتجاهها .
————————————————
أشارت الساعة إلى الحادية عشر مساءً ... كان الجو بارداً نوعاً ما بينما علا صوت صراصير الحقل في تلك المزرعة الواقعة على ضفة النيل ... جلس في الصوبة الزجاجية العالية والتي كانت الحل الأمثل للحماية من الحشرات والبعوض المتواجد في المكان .
وضع ساق على ساق و هو يُقلب سيجارته بين إصبعيه بتأني ... بدت ملامح وجهه صارمة بالرغم عن تلك الإبتسامة غير المفهومة التي ارتسمت على شفتيه وهو يُراقب بهدوء الرجل صاحب الشعر الأشقر والبشرة الشاحبة والعينين الزرقاوتين الذي يجلس أمامه و الذي بدا متردداً للغاية وهو يتحدث بالإنجليزية :
" سيد نبيل .... هذا الثمن باهظ للغاية "
بلل شفتيه ثم سحب نفساً عميقاً قبل أن ينفثه وهو يُطالعه بطرف عينه :
" إنه المبلغ المناسب الذي يستحقه كنز كهذا "
" أجل أنا أتفق معك على أنه كنز ... ولكن ... أقصد مليون ومئتي الف دولار .. إنه مبلغ ضخم للغاية "
نفض سيجارته على مطفئة السجائر ثم إعتدل في جلسته :
" إن هذا الكنز يعود لملكة عظيمة ... الكنداكة أماني شاخيتي التي هزمت الإمبراطور أغسطس واستخدمت رأسه كمداس لقدمها ... كنز ثمين و نادر وكان ملكاً لسيدة لن يكررها التاريخ "
" مليون دولار ... اتفقنا ؟ "
قالها الرجل وهو يمد يده ليُصافحه كدلالة على الإتفاق ... ولكنهُ فوجئ بنبيل الذي لم يمد يده ... وبالمقابل حدجه بنظرات بارده .
" عفواً سابيستيان ... انا لم أذكر أن المبلغ قابل للتفاوض ... هذا سعري النهائي ... أنت لا تدري المخاطر التي خاضها رجالي للحصول على هذه القِطع ..إن لم تكن لديك المقدرة على شرائه يُمكنك إخباري مباشرة ... لأن لدي مشتري آخر لن يفوت هذه الفرصة "
صمت الرجل وهو يُطالع نبيل بحيرة بينما مط شفتيه الرقيقتين بضجر... وفي النهاية لم يجد بد من قبول هذا العرض .
" حسناً سيد نبيل ... كما تشاء ...اتفقنا "
نهض نبيل من على كرسيه بتروي وهو يقول :
" يمكنني مصافحتك الآن "
بدا سابيستيان قصيراً وعجوزاً بالقرب من نبيل الذي كان في عز شبابه وقوته .... تصافحا بقوة من دون أي وُد أو حميمية .
أمسك سابيستيان بجواله ليقوم بمكالمة قصيرة للغاية ... ولم تمضي دقيقة حتى جاء ستة من رِجال نبيل برفقة ثلاثة رجال آخرين بدا واضحاً أنهم يتبعون إلى سابيستيان وكان كل منهم يحمل حقيبتين ضخمتين رُصت بها الدولارات ... وُضِعت ماكينات عد المال واكتشاف العُملات المزورة على طاولة عريضة في نهاية الصوبة...
" ف شي كدا ولا كدا عايزة تحكيه لي ؟ "
" لا ماف ... هو المدرسة الملل دي فيها حاجة عشان تتحكي ؟! "
" مصيرها تنتهي وتشتاقي ليها "
" هي ايوه حتنتهي بس عمري م حشتاق ليها "
ابتسمت آن بعاطفة الأُخت الكبيرة ... ولم تتجادل معها فهي تعي تماماً تضجر المراهقين من المرحلة الثانوية ثم ابتسامهم بحنين لتفاصيلها وذكرياتها بعد تجاوزها بسنوات .
—— —— ——
تمددت على فراشها بعد أن أخذت حماماً دافئاً وذاكرت بعض الدروس التي حُددت في الإختبار ... غاصت أصابع كفها بداخل خُصلات شعرها الناعم بينما سرحت بأبصارها في السقف وهي تفكر بما حدث اليوم .
ستكون كاذبة لا مُحالة إن أنكرت أن تصرفات نبيل لم تؤثر عليها ... جزء ما بداخلها أحب ما يقوم به ... ليس ما حدث بينهما اليوم وفقط ... بل منذ اول مرة تراه بها ... إن نبيل لا يُشبه أي رجل آخر ... وهذا ليس على سبيل التعامل وحسب ... فهي على كل حال باستثناء حسان فكل تعاملاتها مع الجنس الآخر كانت بحدود و رسمية ... بل حتى على سبيل المظهر ... فنبيل يبدو و كأنه جاء من عالم آخر ... ابتداء من لون بشرته غير المفهوم وصولاً إلى شعره الطويل للغاية ... في مجتمع يرفض بشدة اي نوع من انواع اشكال الشعر الغريب بالنسبة للرجال .... حتى اهتماماته غريبة ولا تُشابه اهتمامات الآخرين ... على الرغم من ذلك الغموض الكثيف الذي لا زال يحيط به ...
رفعت رأسها بصوت والدتها التي كانت تُنادي بصوت عالي :
" الخاتا قهوة ف النار منو "
قفزت بسرعة من على سريرها فلقد نسيت قهوتها على النار ... اتجهت نحو المطبخ لتصب قهوتها على الكوب ثم نظفت آثارها من على الموقد ... حررت شعرها من ربطته و وقفت على اطراف اصابعها لا إرادياً ثم استدارت برشاقة حول نفسها لتحمل كوبها و تتجه نحو الشرفة ... استرخت بكسل على الأريكة الموضوعة لترفع ساقيها على الطاولة أمامها ثم ارتشفت بعض القهوة الساخنة ... ابتسامة صغيرة ارتسمت على شفتيها .
إنها تخوض مشاعر جديدة عليها تماماً ... هي على كل حال لا تريد التفكير فيما يلي ... ماذا سيحدث بعد كل هذا ؟
تكفيها هذه المشاعر اللطيفة التي تملكتها ... شيئ آخر يثير حيرتها ... لماذا يتعامل معها بهذه الطريقة ؟
تصرفاته لا يمكن التكهن بها إطلاقاً ... منذ اول يوم الى آخر لحظة إلتقت به فيها .
إنها تعرف شيئاً واحداً فقط ... إنه جريئ للغاية إتجاهها .
————————————————
أشارت الساعة إلى الحادية عشر مساءً ... كان الجو بارداً نوعاً ما بينما علا صوت صراصير الحقل في تلك المزرعة الواقعة على ضفة النيل ... جلس في الصوبة الزجاجية العالية والتي كانت الحل الأمثل للحماية من الحشرات والبعوض المتواجد في المكان .
وضع ساق على ساق و هو يُقلب سيجارته بين إصبعيه بتأني ... بدت ملامح وجهه صارمة بالرغم عن تلك الإبتسامة غير المفهومة التي ارتسمت على شفتيه وهو يُراقب بهدوء الرجل صاحب الشعر الأشقر والبشرة الشاحبة والعينين الزرقاوتين الذي يجلس أمامه و الذي بدا متردداً للغاية وهو يتحدث بالإنجليزية :
" سيد نبيل .... هذا الثمن باهظ للغاية "
بلل شفتيه ثم سحب نفساً عميقاً قبل أن ينفثه وهو يُطالعه بطرف عينه :
" إنه المبلغ المناسب الذي يستحقه كنز كهذا "
" أجل أنا أتفق معك على أنه كنز ... ولكن ... أقصد مليون ومئتي الف دولار .. إنه مبلغ ضخم للغاية "
نفض سيجارته على مطفئة السجائر ثم إعتدل في جلسته :
" إن هذا الكنز يعود لملكة عظيمة ... الكنداكة أماني شاخيتي التي هزمت الإمبراطور أغسطس واستخدمت رأسه كمداس لقدمها ... كنز ثمين و نادر وكان ملكاً لسيدة لن يكررها التاريخ "
" مليون دولار ... اتفقنا ؟ "
قالها الرجل وهو يمد يده ليُصافحه كدلالة على الإتفاق ... ولكنهُ فوجئ بنبيل الذي لم يمد يده ... وبالمقابل حدجه بنظرات بارده .
" عفواً سابيستيان ... انا لم أذكر أن المبلغ قابل للتفاوض ... هذا سعري النهائي ... أنت لا تدري المخاطر التي خاضها رجالي للحصول على هذه القِطع ..إن لم تكن لديك المقدرة على شرائه يُمكنك إخباري مباشرة ... لأن لدي مشتري آخر لن يفوت هذه الفرصة "
صمت الرجل وهو يُطالع نبيل بحيرة بينما مط شفتيه الرقيقتين بضجر... وفي النهاية لم يجد بد من قبول هذا العرض .
" حسناً سيد نبيل ... كما تشاء ...اتفقنا "
نهض نبيل من على كرسيه بتروي وهو يقول :
" يمكنني مصافحتك الآن "
بدا سابيستيان قصيراً وعجوزاً بالقرب من نبيل الذي كان في عز شبابه وقوته .... تصافحا بقوة من دون أي وُد أو حميمية .
أمسك سابيستيان بجواله ليقوم بمكالمة قصيرة للغاية ... ولم تمضي دقيقة حتى جاء ستة من رِجال نبيل برفقة ثلاثة رجال آخرين بدا واضحاً أنهم يتبعون إلى سابيستيان وكان كل منهم يحمل حقيبتين ضخمتين رُصت بها الدولارات ... وُضِعت ماكينات عد المال واكتشاف العُملات المزورة على طاولة عريضة في نهاية الصوبة...
ليدخل إلى المكان عدة رجال آخرين يتبعون لنبيل ...
فُتحت الحقائب... وبدأ الرجال بوضع رُزم الأموال على المكينات ليتأكدوا من المبلغ النهائي ... كانت زرقاوتي سابيستيان تتفحصان بهدوء وحِرص حركة رجال نبيل الدؤوبة ونظراتهم الثاقبة عليه وعلى رجاله ... وانتبه كذلك أن كل رجل من رجاله أُحيط برجلين من رِجال نبيل .
كان صوت ماكينات المال هو الوحيد الذي يُسمع في المكان ... وحل صمت ثقيل بين الرجال إنتهى بصوت قداحة سابيستيان وهو يُشعل سيجارته ليقول :
" لم كل هذا الكم من الرِجال سيد نبيل ؟ ألا تثق بي ؟ أعني هذا ليس اول تعامل بيننا "
طالعه بطرف عينه ليجيب بلا تردد :
" عذراً سابيستيان ... أنا لا أثق بالإيطاليين كثيراً "
كان واضحاً أن هذا الرجل صاحب البشرة البرونزية والشعر الطويل صريح إلى درجة اللعنة .
ازدرد الرجل ريقه واكتفى بابتسامة صغيرة :
" بربك ... نحن لسنا بهذا السوء "
" لا يستطيع أحد أن يكون سيئاً معي أصلاً "
قالها بينما لم تُفارق عينيه رُزم المال التي تُوضع الواحدة تلو الأُخرى على الماكينات التي تحسبها بسرعة .
" وما السر خلف هذا ؟ "
" السر في تصرف جدتي "
طالعه باستغراب :
" جدتك ؟! "
" جدتي التي سأُسلمك كنزها بعد قليل ... من يتجرأ على مجرد التفكير في معاملتي بسوء ... سأجعل رأسهُ دواسة لقدمي "
هز سابيستيان رأسه ببطئ وهو ينفث دخان سيجارته .... إنتهى الرجال من الحساب وكان المبلغ تاماً وصحيحاً ... وهنا طلب نبيل من أحد رجاله أن يُحضر له الحقيبة الجلدية الفخمة التي تحتوي على أحد كنوز الكنداكة العظيمة والذي تكون من خاتمين و إسورة لليد وعِقد من الذهب وبردية ... بدا شكل القِطع حابساً للأنفاس خصوصاً مع تلك النقوش القديمة جداً والتي تأخذك إلى عظمة ودقة إنسان كوش القديم الذي أسس إحدى أقوى وأعظم الحضارات القديمة والتي اندثرت بهدوء ولم تجد الرواج أو الإهتمام الكافي لعكسها و نشر صيتها لتُبقي في النهاية على بعض آثارها ... التي وقفت في وجه الزمن بشموخ وكأنها تقول كنا نحن العُظماء يوماً ما هنا .
تفحص الرجل القطع بحرص ... لُيغلق الحقيبة في النهاية ثم سلمها لأحد رجاله ... أدخل كفيه بهدوء في جيبيه :
" أتمنى لك ليلة سعيدة سيد نبيل "
" و أتمنى لك ليلة سعيدة أيضاً سيد سابيستيان "
_____________________________________
هب نسيم الصباح من النافذة المُشرعة ليداعب خُصلات شعر التي وقفت أمام المرآة باهتمام ولأول مرة منذ فترة طويلة للغاية ...
كانت لديها دوماً ثقة كافية أن هيئتها تبدو مرتبة ونظيفة كل يوم ... ولكن لسبب ما ... اليوم تحديداً صباح إختبارها ... وقفت وهي تتفحص نفسها ... ابتداء من شعرها حتى الحذاء الرياضي الذي انتعلته مع زِيها الجامعي .... ربما هو الفُضول الأُنثوي الذي يصيب النساء عند الإعجاب برجل ما .
كيف سأبدو أمامه ؟
و كيف سيراني ؟
وضعت القليل من ملمع الشفاه ثم ابتسمت بُلطف وإعجاب بنفسها ... لفت طرحتها بطريقة جذابة ثم وضعت بعض العطر لتحمل حقيتها ومفتاح سيارتها ثم هبطت إلى الأسفل ...
لم تتوقع إتصال منه بعد ذلك الموقف بينهما في المقهى وخاتمها الذي اقتلعه من إصبعها ... بالرغم من رغبتها العميقة من الداخل بأن يفعلها ... لم تشأ أن تتوقع شيئ ثم تُحبط في النهاية ... ولعل هذا أفضل ما قامت به ... لأنه لم يتصل بها فعلاً ... وكان هذا سيكون مخيباً للآمال ... أعني ... إن توقعت إتصاله بتشوق ولم يتصل في النهاية ... لذلك كان هذا خياراً جيداً من البداية .
تحركت بسيارتها في أوساط شوارع الخرطوم المزدحمة صباحاً لتصل أخيراً إلى الجامعة ومن حسن حظها أنها وجدت رفيقتيها فادية و سلام أمام البوابة ... عانقتهما بوُد ثم سألتهما :
" ها القراية كيف ؟ "
لتجيب سلام :
" الناس تتخاوى بس يا آن .... يمين بالله الشيتات زاتها فيها شنو انا م عارفة "
" انتي دايماً ف الحالة دي يا سلام ؟ غايتو واي منك "
قالتها فادية بضجر
نظرت إلى الأعلى بجدية وهي تُحرك مُقلتيها باتجاه السماء :
" والله شايفة ناس الطقس قالو جايا مطرة ... قلت خلاص يا سلام م تقري بتجي مطرة وحيأجلوه لينا... المهم هسه م علينا ... أهم شي آنئونة تكون قارية عشان اشتغل معاها هيهيهيهيهي "
وفي هذه اللحظات تحديداً جاء نبيل عابراً إياهن ... لم ينتبهوا كيف ومتى وصل ... بل فجأة وجدنه يعبرهن بهدوء ... يحمل حقيبة حاسوبه المحمول بيد ... واليد الأُخرى دسها في جيب بنطاله ... كانت خُطواته واسعة ... وحذائه الجلدي اللامع يُصدر صوت طقطقة لذيذة وهو يسير به على البلاط ... وبالرغم عن عبوره السريع بهن إلا أن رائحة عطره ظلت عالقة بالهواء حولهن .
وضعت سلام كفها على فمها وهي تقول برعب :
" واي يا اخوانا م يكون سمعني "
ظلت عينا آن معه بينما تجيب :
" لا ، م اعتقد ... م تخافي "
أبعدت عينيه عنه بعد أن إختفى لتنظر إلى الساعة في معصمها :
" خلونا ندخل ... فاضل ٥ دقايق على بداية اللكشر "
فُتحت الحقائب... وبدأ الرجال بوضع رُزم الأموال على المكينات ليتأكدوا من المبلغ النهائي ... كانت زرقاوتي سابيستيان تتفحصان بهدوء وحِرص حركة رجال نبيل الدؤوبة ونظراتهم الثاقبة عليه وعلى رجاله ... وانتبه كذلك أن كل رجل من رجاله أُحيط برجلين من رِجال نبيل .
كان صوت ماكينات المال هو الوحيد الذي يُسمع في المكان ... وحل صمت ثقيل بين الرجال إنتهى بصوت قداحة سابيستيان وهو يُشعل سيجارته ليقول :
" لم كل هذا الكم من الرِجال سيد نبيل ؟ ألا تثق بي ؟ أعني هذا ليس اول تعامل بيننا "
طالعه بطرف عينه ليجيب بلا تردد :
" عذراً سابيستيان ... أنا لا أثق بالإيطاليين كثيراً "
كان واضحاً أن هذا الرجل صاحب البشرة البرونزية والشعر الطويل صريح إلى درجة اللعنة .
ازدرد الرجل ريقه واكتفى بابتسامة صغيرة :
" بربك ... نحن لسنا بهذا السوء "
" لا يستطيع أحد أن يكون سيئاً معي أصلاً "
قالها بينما لم تُفارق عينيه رُزم المال التي تُوضع الواحدة تلو الأُخرى على الماكينات التي تحسبها بسرعة .
" وما السر خلف هذا ؟ "
" السر في تصرف جدتي "
طالعه باستغراب :
" جدتك ؟! "
" جدتي التي سأُسلمك كنزها بعد قليل ... من يتجرأ على مجرد التفكير في معاملتي بسوء ... سأجعل رأسهُ دواسة لقدمي "
هز سابيستيان رأسه ببطئ وهو ينفث دخان سيجارته .... إنتهى الرجال من الحساب وكان المبلغ تاماً وصحيحاً ... وهنا طلب نبيل من أحد رجاله أن يُحضر له الحقيبة الجلدية الفخمة التي تحتوي على أحد كنوز الكنداكة العظيمة والذي تكون من خاتمين و إسورة لليد وعِقد من الذهب وبردية ... بدا شكل القِطع حابساً للأنفاس خصوصاً مع تلك النقوش القديمة جداً والتي تأخذك إلى عظمة ودقة إنسان كوش القديم الذي أسس إحدى أقوى وأعظم الحضارات القديمة والتي اندثرت بهدوء ولم تجد الرواج أو الإهتمام الكافي لعكسها و نشر صيتها لتُبقي في النهاية على بعض آثارها ... التي وقفت في وجه الزمن بشموخ وكأنها تقول كنا نحن العُظماء يوماً ما هنا .
تفحص الرجل القطع بحرص ... لُيغلق الحقيبة في النهاية ثم سلمها لأحد رجاله ... أدخل كفيه بهدوء في جيبيه :
" أتمنى لك ليلة سعيدة سيد نبيل "
" و أتمنى لك ليلة سعيدة أيضاً سيد سابيستيان "
_____________________________________
هب نسيم الصباح من النافذة المُشرعة ليداعب خُصلات شعر التي وقفت أمام المرآة باهتمام ولأول مرة منذ فترة طويلة للغاية ...
كانت لديها دوماً ثقة كافية أن هيئتها تبدو مرتبة ونظيفة كل يوم ... ولكن لسبب ما ... اليوم تحديداً صباح إختبارها ... وقفت وهي تتفحص نفسها ... ابتداء من شعرها حتى الحذاء الرياضي الذي انتعلته مع زِيها الجامعي .... ربما هو الفُضول الأُنثوي الذي يصيب النساء عند الإعجاب برجل ما .
كيف سأبدو أمامه ؟
و كيف سيراني ؟
وضعت القليل من ملمع الشفاه ثم ابتسمت بُلطف وإعجاب بنفسها ... لفت طرحتها بطريقة جذابة ثم وضعت بعض العطر لتحمل حقيتها ومفتاح سيارتها ثم هبطت إلى الأسفل ...
لم تتوقع إتصال منه بعد ذلك الموقف بينهما في المقهى وخاتمها الذي اقتلعه من إصبعها ... بالرغم من رغبتها العميقة من الداخل بأن يفعلها ... لم تشأ أن تتوقع شيئ ثم تُحبط في النهاية ... ولعل هذا أفضل ما قامت به ... لأنه لم يتصل بها فعلاً ... وكان هذا سيكون مخيباً للآمال ... أعني ... إن توقعت إتصاله بتشوق ولم يتصل في النهاية ... لذلك كان هذا خياراً جيداً من البداية .
تحركت بسيارتها في أوساط شوارع الخرطوم المزدحمة صباحاً لتصل أخيراً إلى الجامعة ومن حسن حظها أنها وجدت رفيقتيها فادية و سلام أمام البوابة ... عانقتهما بوُد ثم سألتهما :
" ها القراية كيف ؟ "
لتجيب سلام :
" الناس تتخاوى بس يا آن .... يمين بالله الشيتات زاتها فيها شنو انا م عارفة "
" انتي دايماً ف الحالة دي يا سلام ؟ غايتو واي منك "
قالتها فادية بضجر
نظرت إلى الأعلى بجدية وهي تُحرك مُقلتيها باتجاه السماء :
" والله شايفة ناس الطقس قالو جايا مطرة ... قلت خلاص يا سلام م تقري بتجي مطرة وحيأجلوه لينا... المهم هسه م علينا ... أهم شي آنئونة تكون قارية عشان اشتغل معاها هيهيهيهيهي "
وفي هذه اللحظات تحديداً جاء نبيل عابراً إياهن ... لم ينتبهوا كيف ومتى وصل ... بل فجأة وجدنه يعبرهن بهدوء ... يحمل حقيبة حاسوبه المحمول بيد ... واليد الأُخرى دسها في جيب بنطاله ... كانت خُطواته واسعة ... وحذائه الجلدي اللامع يُصدر صوت طقطقة لذيذة وهو يسير به على البلاط ... وبالرغم عن عبوره السريع بهن إلا أن رائحة عطره ظلت عالقة بالهواء حولهن .
وضعت سلام كفها على فمها وهي تقول برعب :
" واي يا اخوانا م يكون سمعني "
ظلت عينا آن معه بينما تجيب :
" لا ، م اعتقد ... م تخافي "
أبعدت عينيه عنه بعد أن إختفى لتنظر إلى الساعة في معصمها :
" خلونا ندخل ... فاضل ٥ دقايق على بداية اللكشر "
____________________________
أشارت الساعة إلى الثامنة و خمس دقائق عندما أغلق نبيل باب القاعة ثم وقف على المنصة العالية وهو يراقب طلابه الذين توزعوا في القاعة بطريقة تسمح لبعضهم بالغش ... وبدا أنهم متفقين ... كسلام مثلاً التي جلست بالقرب من آن لتستطيع رؤية ما تُدونه على الورقة بسهولة .
كان صوته جهوراً وهو يقول :
" لو سمحتوا ... الطلاب الفي البينش الأول يتبادلو لي مع ناس البينش الأخير ... والفي البينش التاني مع ناس القبل الأخير ، وناس التالت مع القبل قبل الأخير وهكذا "
اتسعت أعين البعض بدهشة ... فقد فرقهم بمنتهى البساطة و من كان يعتمد على الذي يجلس خلفه أو أمامه قد ضاعت فُرصته ...
" انتي "
أشار إلى سلام التي أشارت بصدمة إلى نفسها :
" انا ؟! "
" أيوه إنتي ... تعالي اقعدي لي قدام هنا "
عضت على شفتها السُفلى بقهر وبدا التوتر و الذعر جلياً على ملامحها ... لتحمل حقيبتها وتنفذ أوامره على مضض .
أمسك بالأوراق وبدأ بتوزيعها وهو يقول :
" أي زول فيكم عينو في ورقتو .. البيحاول بأي شكل من الأشكال يعمل فالح او يغش ... ححرمو من دخول المحاضرة لآخر السنة ... دا غير تصرف الإدارة معاه وإحتمالية تصحيح المادة ليهو من ٥٠ ... فخليكم طلاب واعيين وكبار ... وماف زول يغش عشان عيب في حقكم وانتو مفروض بعد فترة تكونو الناس المسيطرة على سوق العمل "
شُدت الأعصاب من هذا الحديث خصوصاً من اولئك المهملين الذين لم يدرسوا جيداً ... اكتفى نبيل بهز رأسه عندما أحس بتأثير كلماته على الجميع ... وفي النهاية أعطاهم الإشارة الخضراء ليبدأوا بالحل بينما أحاطهم بنظراته جيداً .
لم يتجرأ أحد إطلاقاً على رفع رأسه أو مُحاولة الغش ... على الرغم من الإختبار الذي كان من ٣ صفحات ولم تكن اسئلته مباشرة .
إنتهى الوقت المحدد وبدأ الطُلاب بجمع الأوراق و عمت حالة من الإحباط بين الطلبة وهم يتلفتون بقلة حيلة والبعض الآخر بدأ يُراجع ويتأكد من أجوبة بعض الأسئلة .... وضع نبيل الأوراق في ظرف كبير ... و دسه داخل الحقيبة ثم غادر القاعة ليبدأ الطُلاب بعده بالمغادرة .
" هو لو كان عايزنا نسقط يعني كان يقولها لينا عديل بدل يسوي فينا كدا "
قالت فادية بغضب ...
آن :
" الاسئلة بس م مباشرة ... محتاجة زول مركز شديد "
" أنا كنت عايزة بعد الإختبار دا نطلع ونمشي أي مطعم ونلف ... لكن خلاص ... نفسي اتسدت ... ورقتي فاااضية ... الراجل دا أنا أصلو م اتسترت معاه ... فادية رجعيني البيت معاك عليك الله ، م حنتظر الترحيل "
أجابت سلام ...
فادية :
" آن حترجعي البيت طوالي ؟ "
" ايوه "
" طيب مع السلامة نتلاقى قريب "
توادعن ... ثم توجهت آن نحو موقف سيارات الطلبة لتُخرج سيارتها .... ابطأت من حركة سيرها ... والتقى حاجبيها باستغراب عندما وجدته يتكئ على سيارتها بظهره بينما كتف ذراعيه وكأنه ينتظرها ... وما إن رآها حتى انتصب ظهره و ابتعد من السيارة وهو يبتسم برزانة .
بادلته الإبتسام باستغراب ليبادر هو قائلاً :
" ها الإختبار كان كيف ؟ "
" صراحة انا م قادرة أفهم ... لو دا الإختبار ... الإمتحان حتسوي فينا شنو ؟ "
" أفهم إنو صعب ؟ "
" ما أي طالب حيقدر يشتغلو "
" غريبة ... دا مجرد إختبار لي ناس باعتبارهم فاينل وخلاص خريجين ... إتعاملت معاكم تعامل طُلاب كُبار "
" لا ... عليك الله تاني م تتعامل معانا كطُلاب كُبار ... عشان إحنا كرامتنا إتهانت الليلة "
اومأ برأسهِ بهدوء ثم أخرج مفتاح سيارته ليضغط على زر التأمين كي تفتح أبواب السيارة :
" يلا "
" طيب مع السلامة "
" مع السلامة شنو ؟ ... اقصد يلا معاي "
" يلا وين ؟! "
" تعالي حتعرفي "
بدا التردد واضحاً عليها وهي تقول :
" معليش بس وريني عشان أنا م بحب كدا "
لم ينظر إليها بل فتح باب سيارته ... ليدفعها بلطف نحوه قائلاً :
" اركبي "
ثم اتجه نحو باب كرسي السائق ... لتجد هي نفسها فجأة تمتثل لأوامره على مضض... جلست على كرسيها وما إن ركب وربط حزامه ثم أدار المُحرك ... حتى التقى حاجبيها باستغراب وهي تسأل نفسها ... لما وافقت على الركوب معه ؟ وإلى أين سيأخذها ؟ أين كان عقلها ؟ وماذا إن رآها زملائها ؟ ستصبح مادة دسمة للقيل والقال في الكُلية .
إلتفتت نحوه عندما توقف بسيارته في إحدى إشارات المرور الحمراء .
" نبيل ؟ عفواً يعني إحنا ماشين وين ؟ "
كان أحد كفيه على المِقود ، و الآخر على تعشيقة التروس عندما إلتفت نحوها بهدوء ... و أحست لثواني بأن عينيه تلمعان :
" أنا شايف إنو بعد دا انا و إنتي مفروض نرتبط "
شعرت وكأن هُناك سطل ماء مُثلج سُكب فوق رأسها .... ادعت الهدوء من الخارج بالرغم عن عينيها اللتين اتسعتا بشكل مُلاحظ ... هزت رأسها بعد ذلك التواصل البصري الذي تم بينهما ... بحثت في معالم وجهه عن أي علامة تدل على المزاح ... ولكنها فوجئت بمعالم وجهه الجادة للغاية .
أشارت الساعة إلى الثامنة و خمس دقائق عندما أغلق نبيل باب القاعة ثم وقف على المنصة العالية وهو يراقب طلابه الذين توزعوا في القاعة بطريقة تسمح لبعضهم بالغش ... وبدا أنهم متفقين ... كسلام مثلاً التي جلست بالقرب من آن لتستطيع رؤية ما تُدونه على الورقة بسهولة .
كان صوته جهوراً وهو يقول :
" لو سمحتوا ... الطلاب الفي البينش الأول يتبادلو لي مع ناس البينش الأخير ... والفي البينش التاني مع ناس القبل الأخير ، وناس التالت مع القبل قبل الأخير وهكذا "
اتسعت أعين البعض بدهشة ... فقد فرقهم بمنتهى البساطة و من كان يعتمد على الذي يجلس خلفه أو أمامه قد ضاعت فُرصته ...
" انتي "
أشار إلى سلام التي أشارت بصدمة إلى نفسها :
" انا ؟! "
" أيوه إنتي ... تعالي اقعدي لي قدام هنا "
عضت على شفتها السُفلى بقهر وبدا التوتر و الذعر جلياً على ملامحها ... لتحمل حقيبتها وتنفذ أوامره على مضض .
أمسك بالأوراق وبدأ بتوزيعها وهو يقول :
" أي زول فيكم عينو في ورقتو .. البيحاول بأي شكل من الأشكال يعمل فالح او يغش ... ححرمو من دخول المحاضرة لآخر السنة ... دا غير تصرف الإدارة معاه وإحتمالية تصحيح المادة ليهو من ٥٠ ... فخليكم طلاب واعيين وكبار ... وماف زول يغش عشان عيب في حقكم وانتو مفروض بعد فترة تكونو الناس المسيطرة على سوق العمل "
شُدت الأعصاب من هذا الحديث خصوصاً من اولئك المهملين الذين لم يدرسوا جيداً ... اكتفى نبيل بهز رأسه عندما أحس بتأثير كلماته على الجميع ... وفي النهاية أعطاهم الإشارة الخضراء ليبدأوا بالحل بينما أحاطهم بنظراته جيداً .
لم يتجرأ أحد إطلاقاً على رفع رأسه أو مُحاولة الغش ... على الرغم من الإختبار الذي كان من ٣ صفحات ولم تكن اسئلته مباشرة .
إنتهى الوقت المحدد وبدأ الطُلاب بجمع الأوراق و عمت حالة من الإحباط بين الطلبة وهم يتلفتون بقلة حيلة والبعض الآخر بدأ يُراجع ويتأكد من أجوبة بعض الأسئلة .... وضع نبيل الأوراق في ظرف كبير ... و دسه داخل الحقيبة ثم غادر القاعة ليبدأ الطُلاب بعده بالمغادرة .
" هو لو كان عايزنا نسقط يعني كان يقولها لينا عديل بدل يسوي فينا كدا "
قالت فادية بغضب ...
آن :
" الاسئلة بس م مباشرة ... محتاجة زول مركز شديد "
" أنا كنت عايزة بعد الإختبار دا نطلع ونمشي أي مطعم ونلف ... لكن خلاص ... نفسي اتسدت ... ورقتي فاااضية ... الراجل دا أنا أصلو م اتسترت معاه ... فادية رجعيني البيت معاك عليك الله ، م حنتظر الترحيل "
أجابت سلام ...
فادية :
" آن حترجعي البيت طوالي ؟ "
" ايوه "
" طيب مع السلامة نتلاقى قريب "
توادعن ... ثم توجهت آن نحو موقف سيارات الطلبة لتُخرج سيارتها .... ابطأت من حركة سيرها ... والتقى حاجبيها باستغراب عندما وجدته يتكئ على سيارتها بظهره بينما كتف ذراعيه وكأنه ينتظرها ... وما إن رآها حتى انتصب ظهره و ابتعد من السيارة وهو يبتسم برزانة .
بادلته الإبتسام باستغراب ليبادر هو قائلاً :
" ها الإختبار كان كيف ؟ "
" صراحة انا م قادرة أفهم ... لو دا الإختبار ... الإمتحان حتسوي فينا شنو ؟ "
" أفهم إنو صعب ؟ "
" ما أي طالب حيقدر يشتغلو "
" غريبة ... دا مجرد إختبار لي ناس باعتبارهم فاينل وخلاص خريجين ... إتعاملت معاكم تعامل طُلاب كُبار "
" لا ... عليك الله تاني م تتعامل معانا كطُلاب كُبار ... عشان إحنا كرامتنا إتهانت الليلة "
اومأ برأسهِ بهدوء ثم أخرج مفتاح سيارته ليضغط على زر التأمين كي تفتح أبواب السيارة :
" يلا "
" طيب مع السلامة "
" مع السلامة شنو ؟ ... اقصد يلا معاي "
" يلا وين ؟! "
" تعالي حتعرفي "
بدا التردد واضحاً عليها وهي تقول :
" معليش بس وريني عشان أنا م بحب كدا "
لم ينظر إليها بل فتح باب سيارته ... ليدفعها بلطف نحوه قائلاً :
" اركبي "
ثم اتجه نحو باب كرسي السائق ... لتجد هي نفسها فجأة تمتثل لأوامره على مضض... جلست على كرسيها وما إن ركب وربط حزامه ثم أدار المُحرك ... حتى التقى حاجبيها باستغراب وهي تسأل نفسها ... لما وافقت على الركوب معه ؟ وإلى أين سيأخذها ؟ أين كان عقلها ؟ وماذا إن رآها زملائها ؟ ستصبح مادة دسمة للقيل والقال في الكُلية .
إلتفتت نحوه عندما توقف بسيارته في إحدى إشارات المرور الحمراء .
" نبيل ؟ عفواً يعني إحنا ماشين وين ؟ "
كان أحد كفيه على المِقود ، و الآخر على تعشيقة التروس عندما إلتفت نحوها بهدوء ... و أحست لثواني بأن عينيه تلمعان :
" أنا شايف إنو بعد دا انا و إنتي مفروض نرتبط "
شعرت وكأن هُناك سطل ماء مُثلج سُكب فوق رأسها .... ادعت الهدوء من الخارج بالرغم عن عينيها اللتين اتسعتا بشكل مُلاحظ ... هزت رأسها بعد ذلك التواصل البصري الذي تم بينهما ... بحثت في معالم وجهه عن أي علامة تدل على المزاح ... ولكنها فوجئت بمعالم وجهه الجادة للغاية .
وبذلك التمنع الأُنثوي الموجود في فطرة أي امرأة حتى وإن كان من أمامها هو أحب رجل إلى قلبها قالت :
" ومنو القال أنا ممكن أوافق يعني ؟ "
" ما ضروري توافقي ... إحنا خلاص ارتبطنا "
شيئ ما أغضبها في نبرة حديثه تلك لتقول باستنكار :
" نبيل ؟! "
بدا صوتهُ خشناً هادئاً وهو يجيبها بسرعة :
" حبيبي "
وكأنه تعمد أن يجيبها بتلك الطريقة التي جعلتها تصمت تماماً وهي تنظر إليه كالقطة الصغيرة ... إنها في الحقيقة معجبة به كثيراً وهذه الطريقة التي نطق بها حبيبي قبل قليل أثارت جنونها بالرغم من أنها لم تُظهر هذا ... كانت ستثير إشمئزازها و لربما تصيبها بالغثيان إن سمعتها من أي رجل آخر ولكن الأمر كان مختلفاً تماماً مع هذا الرجل ... وبينما كانت هي تنظر إليه بتلك الطريقة ... كان هو مسترخياً بظهره على الكرسي ... وعاد برأسه إلى الوراء بينما كان يطوف بنظراته على وجهها ... بينما ارتسمت شبه ابتسامة صغيرة جانبية على ثغره ... كان يعلم جيداً تأثير تصرفاته عليها حتى وان ادعت العكس .
كتفت ذراعيها بقوة وهي تقول بتنهد :
" إحنا ماشين وين ؟ "
تحرك بالسيارة بعد أن فُتحت الإشارة الخضراء ثم أجابها :
" لو م بقيتي إنسانة صبورة حتتعبي معاي شديد "
إلتفتت عليه :
" أنا أصلاً م كان ينفع أركب معاك "
لم يُجب عليها واكتفى بابتسامته تلك والتي اتخذت طابعاً استفزازياً مفاجئاً .
إتجه نحو شارع النيل ... ليتوقف في النهاية بالقرب من إحدى الضفاف ... ولاحظت هي للافتات التي تحذر من الإقتراب للمكان ... و كان هُناك الكثير من العُمال الذين يتجولون في المكان ويعملون بحركة دؤوبة .... ارتدى نظارته الشمسية ثم نزل من السيارة لتتبعه هي مُحاولة أن تُجاري سرعته .
" نبيل إنت ماشي وين ؟ ... م شايف انو محذرين من إنو يدخلو هنا ؟ "
توقف ثم إلتفت نحوها ... كان قد تقدمها بعدة خطوات ... فعاد نحوها مجدداً وهو يخلع نظارته :
" انا مسموح لي أدخل "
طالعت المكان حولها باستغراب ثم سألته بفضول طفولي :
" إنت شغال هنا ؟ "
" لا ... انا المالك "
اتسعت مُقلتيها باستغراب لتهمس :
" مالك شنو ؟ "
فوجئت به و هو يسحبها من كفها :
" تعالي حوريك "
سحبت كفها من بين كفه وبدا التضايق واضحاً في وجهها :
" معليش انا م حدخل اكتر من كدا ... انت موديني وين ؟ "
( سيد نبيل )
إلتفتت خلفها بسرعة لترى الرجل القصير والذي بدت ملامحه الآسيوية واضحة للغاية ... كان يرتدي خوذة صفراء بينما يحمل أوراق في يده .
وضع يده بداخل جيبه ثم حياه :
" مرحباً هانغ "
" انا بخير ... ها ... ما رأيك في سير العمل إلى الآن؟ "
تلفت حوله قائلاً بجدية :
" بالرغم من أن الشكل النهائي لم يظهر بعد ... ولكنني واثق من عملك "
" ثقتك ستكون في مكانها ... شهر بالكثير وسيكون المكان جاهزاً للإفتتاح "
" أتمنى هذا "
علا صوت مجموعة من العُمال فجأة وكأنهم اختلفوا على شيئ ما .
ليقول الرجل :
" اسمح لي بالذهاب ... يبدو أن البعض يحتاج للإشراف "
" تفضل "
كانت آن تستمتع إليهما بينما تنظر إلى العُمال الذي يحيطون بها ... والذين بدا أنهم يعرفون جيداً ما يقومون بهِ.... نظرت إليه مجدداً وبدا صوتها شديد الجدية :
" لو سمحت ممكن توريني جايبني المكان دا لي ؟ "
نظر في مُقلتيها وهو يقول :
" إحنا مفروض نتعرف على بعض "
" أيوه دخل دا بي إنك تجيبني هنا شنو ؟ "
" عشان نتكلم براحتنا "
ضحكت بسخرية وهي تتلفت حولها :
" نتكلم براحتنا هنا ؟ وسط العُمال ديل كلهم ؟ "
إرتدى نظارته مجدداً :
" لا ... إنتي لو صبرتي حتعرفي ... تعالي معاي "
تحركت بالقرب منه ... وفجأة إنتبهت إلى تلك الباخرة النيلية الكبيرة بيضاء اللون التي رست بالقرب من الضفة ... وكان هُناك جسر خشبي أنيق يقود إليها ... بالرغم عن الجمال المهيب الذي أحاط بالباخرة ... إلا أنها توقفت تماماً عن السير ... وأحست كأن الأرض كبلتها لكي لا تتحرك إطلاقاً ... ازدردت ريقها بصعوبة ... ولمع بريق في عينيها ... هب بعض الهواء والذي تحمل بنسيم الماء الرطب ليرتطم بوجهها الذي اصفر بطريقة واضحة ... توقف نبيل عندما انتبه لتوقفها ... نده عليها وعندما لم تُجبه عاد نحوها ... كانت تسمع صوته وكأنه بعيد للغاية منها وليس أنه حقيقة يقف قريباً جداً منها .
هذه الباخرة الراسية في النيل .... ذكرتها بشيئ واحد فقط .... الحادثة التي تُوُفيّ فيها والدها .
ربت نبيل برفق على ذقنها ... مما جعلها تنظر إليه .... ليقول لها متسائلاً :
" مالك ف شنو ؟ "
هزت رأسها :
" انا م عايزة أقرب من المكان دا "
إلتفت خلفه للباخرة ثم سألها :
" خايفة ؟! "
" ومنو القال أنا ممكن أوافق يعني ؟ "
" ما ضروري توافقي ... إحنا خلاص ارتبطنا "
شيئ ما أغضبها في نبرة حديثه تلك لتقول باستنكار :
" نبيل ؟! "
بدا صوتهُ خشناً هادئاً وهو يجيبها بسرعة :
" حبيبي "
وكأنه تعمد أن يجيبها بتلك الطريقة التي جعلتها تصمت تماماً وهي تنظر إليه كالقطة الصغيرة ... إنها في الحقيقة معجبة به كثيراً وهذه الطريقة التي نطق بها حبيبي قبل قليل أثارت جنونها بالرغم من أنها لم تُظهر هذا ... كانت ستثير إشمئزازها و لربما تصيبها بالغثيان إن سمعتها من أي رجل آخر ولكن الأمر كان مختلفاً تماماً مع هذا الرجل ... وبينما كانت هي تنظر إليه بتلك الطريقة ... كان هو مسترخياً بظهره على الكرسي ... وعاد برأسه إلى الوراء بينما كان يطوف بنظراته على وجهها ... بينما ارتسمت شبه ابتسامة صغيرة جانبية على ثغره ... كان يعلم جيداً تأثير تصرفاته عليها حتى وان ادعت العكس .
كتفت ذراعيها بقوة وهي تقول بتنهد :
" إحنا ماشين وين ؟ "
تحرك بالسيارة بعد أن فُتحت الإشارة الخضراء ثم أجابها :
" لو م بقيتي إنسانة صبورة حتتعبي معاي شديد "
إلتفتت عليه :
" أنا أصلاً م كان ينفع أركب معاك "
لم يُجب عليها واكتفى بابتسامته تلك والتي اتخذت طابعاً استفزازياً مفاجئاً .
إتجه نحو شارع النيل ... ليتوقف في النهاية بالقرب من إحدى الضفاف ... ولاحظت هي للافتات التي تحذر من الإقتراب للمكان ... و كان هُناك الكثير من العُمال الذين يتجولون في المكان ويعملون بحركة دؤوبة .... ارتدى نظارته الشمسية ثم نزل من السيارة لتتبعه هي مُحاولة أن تُجاري سرعته .
" نبيل إنت ماشي وين ؟ ... م شايف انو محذرين من إنو يدخلو هنا ؟ "
توقف ثم إلتفت نحوها ... كان قد تقدمها بعدة خطوات ... فعاد نحوها مجدداً وهو يخلع نظارته :
" انا مسموح لي أدخل "
طالعت المكان حولها باستغراب ثم سألته بفضول طفولي :
" إنت شغال هنا ؟ "
" لا ... انا المالك "
اتسعت مُقلتيها باستغراب لتهمس :
" مالك شنو ؟ "
فوجئت به و هو يسحبها من كفها :
" تعالي حوريك "
سحبت كفها من بين كفه وبدا التضايق واضحاً في وجهها :
" معليش انا م حدخل اكتر من كدا ... انت موديني وين ؟ "
( سيد نبيل )
إلتفتت خلفها بسرعة لترى الرجل القصير والذي بدت ملامحه الآسيوية واضحة للغاية ... كان يرتدي خوذة صفراء بينما يحمل أوراق في يده .
وضع يده بداخل جيبه ثم حياه :
" مرحباً هانغ "
" انا بخير ... ها ... ما رأيك في سير العمل إلى الآن؟ "
تلفت حوله قائلاً بجدية :
" بالرغم من أن الشكل النهائي لم يظهر بعد ... ولكنني واثق من عملك "
" ثقتك ستكون في مكانها ... شهر بالكثير وسيكون المكان جاهزاً للإفتتاح "
" أتمنى هذا "
علا صوت مجموعة من العُمال فجأة وكأنهم اختلفوا على شيئ ما .
ليقول الرجل :
" اسمح لي بالذهاب ... يبدو أن البعض يحتاج للإشراف "
" تفضل "
كانت آن تستمتع إليهما بينما تنظر إلى العُمال الذي يحيطون بها ... والذين بدا أنهم يعرفون جيداً ما يقومون بهِ.... نظرت إليه مجدداً وبدا صوتها شديد الجدية :
" لو سمحت ممكن توريني جايبني المكان دا لي ؟ "
نظر في مُقلتيها وهو يقول :
" إحنا مفروض نتعرف على بعض "
" أيوه دخل دا بي إنك تجيبني هنا شنو ؟ "
" عشان نتكلم براحتنا "
ضحكت بسخرية وهي تتلفت حولها :
" نتكلم براحتنا هنا ؟ وسط العُمال ديل كلهم ؟ "
إرتدى نظارته مجدداً :
" لا ... إنتي لو صبرتي حتعرفي ... تعالي معاي "
تحركت بالقرب منه ... وفجأة إنتبهت إلى تلك الباخرة النيلية الكبيرة بيضاء اللون التي رست بالقرب من الضفة ... وكان هُناك جسر خشبي أنيق يقود إليها ... بالرغم عن الجمال المهيب الذي أحاط بالباخرة ... إلا أنها توقفت تماماً عن السير ... وأحست كأن الأرض كبلتها لكي لا تتحرك إطلاقاً ... ازدردت ريقها بصعوبة ... ولمع بريق في عينيها ... هب بعض الهواء والذي تحمل بنسيم الماء الرطب ليرتطم بوجهها الذي اصفر بطريقة واضحة ... توقف نبيل عندما انتبه لتوقفها ... نده عليها وعندما لم تُجبه عاد نحوها ... كانت تسمع صوته وكأنه بعيد للغاية منها وليس أنه حقيقة يقف قريباً جداً منها .
هذه الباخرة الراسية في النيل .... ذكرتها بشيئ واحد فقط .... الحادثة التي تُوُفيّ فيها والدها .
ربت نبيل برفق على ذقنها ... مما جعلها تنظر إليه .... ليقول لها متسائلاً :
" مالك ف شنو ؟ "
هزت رأسها :
" انا م عايزة أقرب من المكان دا "
إلتفت خلفه للباخرة ثم سألها :
" خايفة ؟! "
زمت شفتيها وأغمضت عينها بإرهاق واضح ... ولم تُجب عليه بل تراجعت إلى الخلف لتبتعد عن المكان ... ولم تكن تعرف أن رد فعلها هذا كان إجابة كافية جداً لنبيل ... الذي بدأ ينتبه لنقاط ضعفها التي تكشفها بدون وعي منها .... رافقها بهدوء ... ليعودا أدراجهما نحو السيارة ... نظرت إلى ساعة معصمها التي اشارت الى الحادية عشر ظهراً ... ثم نظرت إليه وهي تقول :
" م حتوريني لي جبتني هنا ؟ "
" عشان نتعرف "
" لي نتعرف ؟ "
" حتتخطبي لي زول م بتعرفيه ؟! "
انطلقت تلك الجُملة بجدية منهُ...
" الباخرة دي قصتها شنو ؟ "
هكذا كانت إجابتها عليه ... وهكذا كانت الطريقة المُثلى لتخطي ما قاله ... وانقاذ نفسها من كتلة الإحراج تلك .... انتقلت أنظار نبيل نحو السفنية التي تبدو من على البُعد :
" دا بزنس جديد شغال فيه "
" كيف ؟ "
" أنا بحب النيل شديد .... ف الفكرة إنو الباخرة دي حيكون فيها مطاعم ... مع الإطلالة النيلية حتكون حاجة جميلة شديد "
" انت بزنس مان ولا استاذ ولا مُدرب ولا حكايتك شنو ؟ "
" انا كلو "
" انت كوز ؟ "
ضحك بصوت عالٍ وهو يقول بثقة :
" لو الكيزان بنفس أفكاري يبقو ذكيين شديد "
" الباخرة حقتك إنت براك ؟ يعني ماف شركاء معاك ؟ "
" لا عندي شريك واحد "
" عمرك كم ؟ "
" إنتي لي متفاجأة ؟ "
" آسفة لكن يعني ... ماشاء الله ... كيف زول لسا صغير وعندو ... "
صمتت ... ليُكمل هو :
" عندو قروش قصدك ؟ "
" م تفهمني غلط بس ... "
قاطعها مجدداً :
" لا عادي ... بواجه الحاجة دي كتير ... بس عموماً بستغرب من الأفكار العند الشباب ... اللي هو الأغلبية رابطين الثراء بالكوزنة أو اني أكون كبير في السن ... النجاح وجمع ثروة م محتاج اكون عجوز وبشيب و كرش ... باختصار عايز زول مؤمن بنفسو ومجتهد و أهم شي ذكي "
" انت بتشكر ف نفسك ؟ "
" لا انا بقول ليك ف الحقيقة بس ... لكن م بشكر نفسي "
انقطع حديثه بصوت جواله الذي علا فجأة ... وما إن رأى الرقم حتى قام بإنزال زجاج السيارة ليشير إلى الشاب الذي يقود دراجة نارية والذي بدا من ثيابه أنهُ يتبع لإحدى المطاعم ... تقدم من السيارة ثم مد لنبيل صندوقين من البيتزا ومعهما بعض المشروبات ... ليعطيه نبيل ثمن الفاتورة وبقشيش مجزي ... ثم عاد لإغلاق النافذة .
" إنت مجهز لليوم دا من بدري ولا شنو ؟ "
" أيوه ممكن تقولي كدا ... قلت حتطلعي من التست جعانة "
" م كان ف داعي تتعب نفسك "
" إنتي تعبك بالذات .... راحة "
ظلت تنظر إليه قبل أن تقول :
" نبيل ... إنت عايز شنو ؟ "
" م فهمتك ! "
" يعني ... أقصد ... عايز شنو ؟! .... إنت فجأة ظهرت في حياتي ... وبتتعامل معاي بطريقة غريبة "
" ودا م لفت انتباهك لي حاجة ؟ "
هزت رأسها نفياً ...
نظر بتمعن أمامه وهو يشد بكفيه على المِقود :
" ماف راجل حيحب يتواجد ف حياتك إلا لي تلاتة أسباب ... يا إما يكون عندو مصلحة منك ... او عايز يقضي بيك فترة ... أو عندو مشاعر ليك "
" و إنت أي واحد ؟! "
إبتسم :
" تفتكري أي واحد ؟! "
بللت شفتيها ثم نظرت إليه :
" انت جادي إنك عايز تقابل ماما ؟ "
فتح صندوق البيتزا ليأخذ قطعة منه :
" هل ف طريقة غير كدا أثبت بيها جديتي ؟ "
" بس ... يعني ... إحنا م بنعرف بعض ... إنت م بتعرفني ... و ... انا م بعرفك كويس م شايف انو ف تسرع ؟ "
" طيب الخطوبة لي ؟ مش عشان الناس تتعرف على بعض ؟! "
قالها وهو يمد لها من صندوق البيتزا ... ولكنها هزت رأسها :
" شكراً "
صمتت قليلاً ثم أردفت :
" ححتاج إني أفكر في الموضوع "
" أُخدي وقتك ... انا م عندي مشكلة "
" مفروض ارجع الجامعة عشان امشي البيت "
" مش كأنو بدري إحنا م أخدنا وقتنا ... الساعة م حصلت ١٢ لسا "
" لا لازم أرجع "
" بتذكريني بقصة واحدة من الأميرات ... لازم ترجع قبل ١٢ عشان سحرها م يزح "
ضحكت :
" سندريلا "
" أيوه سندريلا "
قضم المزيد من قطعة البيتزا وهو يسألها :
" لي رفضتي تطلعي الباخرة ؟! "
زمت شفتيها ... وظهرت مسحة من الحزن في تقاسيمها ... كانت سريعة للغاية عدة ثواني واختفت لتجيب :
" حوريك يوماً ما ... بس عموماً أنا م بحب النيل ... ولا أي مسطح مائي "
" بتعرفي تسبحي ؟! "
" لا ... الرياضة الوحيدة الما من مشجعيها "
هز رأسه بتفهم ... ثم ناولها كوب مخفوق الحليب البلاستكي الشفاف .... ولأنه كان بالكراميل نكهتها المفضلة ... لم ترفضه و أخذته مباشرة .
استرسل نبيل معها في الحديث وبطريقة ما إستطاع أن يجعل دفة الحديث لصالحه ... فمعظم حديثهما كان عنها هي و أُسرتها ... بينما لم يتحدث نبيل عن نفسه إطلاقاً ... وأخذ دور المستمع ... الدور الذي يجيده بجدارة.... وكأنه يتعظ بقصة السمكة والصنارة ... فالسمكة التي يكون فمها مفتوحاً تكون فريسة سهلة للصيادين بينما التي تُبقي فهما مُغلقاً تكون أقل عرضة للخطر .
________________________________
" م حتوريني لي جبتني هنا ؟ "
" عشان نتعرف "
" لي نتعرف ؟ "
" حتتخطبي لي زول م بتعرفيه ؟! "
انطلقت تلك الجُملة بجدية منهُ...
" الباخرة دي قصتها شنو ؟ "
هكذا كانت إجابتها عليه ... وهكذا كانت الطريقة المُثلى لتخطي ما قاله ... وانقاذ نفسها من كتلة الإحراج تلك .... انتقلت أنظار نبيل نحو السفنية التي تبدو من على البُعد :
" دا بزنس جديد شغال فيه "
" كيف ؟ "
" أنا بحب النيل شديد .... ف الفكرة إنو الباخرة دي حيكون فيها مطاعم ... مع الإطلالة النيلية حتكون حاجة جميلة شديد "
" انت بزنس مان ولا استاذ ولا مُدرب ولا حكايتك شنو ؟ "
" انا كلو "
" انت كوز ؟ "
ضحك بصوت عالٍ وهو يقول بثقة :
" لو الكيزان بنفس أفكاري يبقو ذكيين شديد "
" الباخرة حقتك إنت براك ؟ يعني ماف شركاء معاك ؟ "
" لا عندي شريك واحد "
" عمرك كم ؟ "
" إنتي لي متفاجأة ؟ "
" آسفة لكن يعني ... ماشاء الله ... كيف زول لسا صغير وعندو ... "
صمتت ... ليُكمل هو :
" عندو قروش قصدك ؟ "
" م تفهمني غلط بس ... "
قاطعها مجدداً :
" لا عادي ... بواجه الحاجة دي كتير ... بس عموماً بستغرب من الأفكار العند الشباب ... اللي هو الأغلبية رابطين الثراء بالكوزنة أو اني أكون كبير في السن ... النجاح وجمع ثروة م محتاج اكون عجوز وبشيب و كرش ... باختصار عايز زول مؤمن بنفسو ومجتهد و أهم شي ذكي "
" انت بتشكر ف نفسك ؟ "
" لا انا بقول ليك ف الحقيقة بس ... لكن م بشكر نفسي "
انقطع حديثه بصوت جواله الذي علا فجأة ... وما إن رأى الرقم حتى قام بإنزال زجاج السيارة ليشير إلى الشاب الذي يقود دراجة نارية والذي بدا من ثيابه أنهُ يتبع لإحدى المطاعم ... تقدم من السيارة ثم مد لنبيل صندوقين من البيتزا ومعهما بعض المشروبات ... ليعطيه نبيل ثمن الفاتورة وبقشيش مجزي ... ثم عاد لإغلاق النافذة .
" إنت مجهز لليوم دا من بدري ولا شنو ؟ "
" أيوه ممكن تقولي كدا ... قلت حتطلعي من التست جعانة "
" م كان ف داعي تتعب نفسك "
" إنتي تعبك بالذات .... راحة "
ظلت تنظر إليه قبل أن تقول :
" نبيل ... إنت عايز شنو ؟ "
" م فهمتك ! "
" يعني ... أقصد ... عايز شنو ؟! .... إنت فجأة ظهرت في حياتي ... وبتتعامل معاي بطريقة غريبة "
" ودا م لفت انتباهك لي حاجة ؟ "
هزت رأسها نفياً ...
نظر بتمعن أمامه وهو يشد بكفيه على المِقود :
" ماف راجل حيحب يتواجد ف حياتك إلا لي تلاتة أسباب ... يا إما يكون عندو مصلحة منك ... او عايز يقضي بيك فترة ... أو عندو مشاعر ليك "
" و إنت أي واحد ؟! "
إبتسم :
" تفتكري أي واحد ؟! "
بللت شفتيها ثم نظرت إليه :
" انت جادي إنك عايز تقابل ماما ؟ "
فتح صندوق البيتزا ليأخذ قطعة منه :
" هل ف طريقة غير كدا أثبت بيها جديتي ؟ "
" بس ... يعني ... إحنا م بنعرف بعض ... إنت م بتعرفني ... و ... انا م بعرفك كويس م شايف انو ف تسرع ؟ "
" طيب الخطوبة لي ؟ مش عشان الناس تتعرف على بعض ؟! "
قالها وهو يمد لها من صندوق البيتزا ... ولكنها هزت رأسها :
" شكراً "
صمتت قليلاً ثم أردفت :
" ححتاج إني أفكر في الموضوع "
" أُخدي وقتك ... انا م عندي مشكلة "
" مفروض ارجع الجامعة عشان امشي البيت "
" مش كأنو بدري إحنا م أخدنا وقتنا ... الساعة م حصلت ١٢ لسا "
" لا لازم أرجع "
" بتذكريني بقصة واحدة من الأميرات ... لازم ترجع قبل ١٢ عشان سحرها م يزح "
ضحكت :
" سندريلا "
" أيوه سندريلا "
قضم المزيد من قطعة البيتزا وهو يسألها :
" لي رفضتي تطلعي الباخرة ؟! "
زمت شفتيها ... وظهرت مسحة من الحزن في تقاسيمها ... كانت سريعة للغاية عدة ثواني واختفت لتجيب :
" حوريك يوماً ما ... بس عموماً أنا م بحب النيل ... ولا أي مسطح مائي "
" بتعرفي تسبحي ؟! "
" لا ... الرياضة الوحيدة الما من مشجعيها "
هز رأسه بتفهم ... ثم ناولها كوب مخفوق الحليب البلاستكي الشفاف .... ولأنه كان بالكراميل نكهتها المفضلة ... لم ترفضه و أخذته مباشرة .
استرسل نبيل معها في الحديث وبطريقة ما إستطاع أن يجعل دفة الحديث لصالحه ... فمعظم حديثهما كان عنها هي و أُسرتها ... بينما لم يتحدث نبيل عن نفسه إطلاقاً ... وأخذ دور المستمع ... الدور الذي يجيده بجدارة.... وكأنه يتعظ بقصة السمكة والصنارة ... فالسمكة التي يكون فمها مفتوحاً تكون فريسة سهلة للصيادين بينما التي تُبقي فهما مُغلقاً تكون أقل عرضة للخطر .
________________________________
توقفت سيارة زين أمام قصر سبيمان البدري ... حمل حقيبة ظهره وبدا منهكاً للغاية من دوامه الجامعي ... اتجه بسرعة نحو الداخل وسأل العاملة من موجود بالمكان لتخبره لا أحد باستثناء سويداء و زوجة أبيه سارة .
صعد مدرجات السلم بسرعة ليفتح باب غرفته .... رمى الحقيبة على السرير ثم خرج مجدداً وبحركة لا إرادية إتجه نحو غرفة والدته ليفتح الباب ... كان يحمل هاتفه عندما قال بصوت مسموع :
" أُمي أنا جعان الغداء شنو الليلة ؟"
وقف لثواني وفجأة تجهم وجهه ... عندما تذكر ... أنها تُوفيت .... ظل أمام الباب لقرابة الدقيقة وعلا صوت أنفاسه ... ليقوم بإغلاق الباب بهدوء والتراجع نحو غرفته ... لا يدري لما فجأة تذكر صوتها وهي تنده عليه ... تلك الثانية التي التفت عليها فيها ... وتحول المشهد بطريقة غريبة ... صوت اصطدام السيارة بها ... والطريقة التي طار بها جسدها إلى الأعلى قبل إرتطامه بالأرض .
منذ تلك اللحظة ولم تسقط دمعة منه عليها ... ولم يكن يدري ما السبب بالضبط خلف هذا ... وكأن عقله لم يكن يستوعب الفكرة بعد .. كيف للمرء أن يتفهم حقيقة رحيل والدته ؟!
كان يظن أنه الله قد منّ عليه بالصبر ... ولكنه الآن بدأ يستوعب أنه كان في صدمة ... صدمة أفقدته المقدرة على التفاعل مع الحدث الذي كان كبيراً جداً عليه ... و هاهو الآن يعي تماماً كل شيئ ... الحادث و وفاة هدى .
شعر بغصة حارقة تُلهب حلقه ، وشعر وكأن جسده فقد قوته فجأة ... فتح باب غرفته ... وبحركة مضطربة حاول أن يمشي إلى الداخل ... ولكن حتى ساقيه خذلتاه ... جلس أرضاً ورمى جواله بعيداً عنه ... شعر أن أي شيئ ثقيل عليه ... احتضن نفسه عندما شعر بارتعاشة جسده تلك وفجأة ... دوت صرخة رِجالية عالية أرجاء المكان ...
ومع تلك الصرخة أُزيل ذلك الشيئ الذي منعه البُكاء كل تلك الفترة ... لتنفجر الدموع الحارة من عينيه بغزارة .... سال لُعابه وهو يضرب الأرض بهستيرية مفرطة وتلك الصرخة أفرغت مخزون الأوكسجين من رئتيه ... فتحت سويداء باب غرفتها لتركض بذعر نحو مصدر الصوت ... وما إن فتحت الباب حتى صُعقت من منظره ذاك ... تقدمت نحوه بسرعة وهي تتسائل بهلع :
" في شنووووو ؟ مالك ؟ "
شق قميصه بقوة و تحولت عيناه إلى لون الدماء وهو يتسائل بطريقة مؤلمة :
" أُمي ماتت ؟؟ أُمي ماتت ؟؟ "
وضعت سويداء كفيها على رأسها وهي تنظر إليه بقلة حيلة ... ولكن الطريقة التي وقف و ضرب بها رأسه بكفيه جعلتها تقترب منه بسرعة لكي لا يؤذي نفسه ... كان يبكي بصوت عالي وهو يردد سؤاله ذاك :
" أُمي ماتت ؟"
حاولت الإمساك به ... ولكن زين لم يعد ذاك الصبي الصغير ... فبنيته أقوى منها بكثير ... لم تجد بد في النهاية من صفعه ... صفعة قوية دوى صوتها في المكان ليستفيق من تلك الحالة التي دخل فيها فجأة ...
نجحت تلك الطريقة في أن تجعله يتوقف عما كان يفعله ... جلس أرضاً مجدداً وبدا منظره مثيراً للشفقة ... كانت دموعه تتساقط بلا هُوادة ... عندها ربتت على كتفه بقوه وهي تقول :
" أبكي ... أبكي ... أنا كنت خايفة من اللحظة دي ... إنت مسكت دموع إبتلاء عظيم يا زين ... أبكي على أُمك دا حقك "
أبعد يدها من كتفه بغلظة وصرخ عليها :
" امشي ... اطلعي خليني براي "
نهض بسرعة وركض باتجاه الحمام ثم أغلق الباب خلفه بقوة ... لتستمع سويداء لصوته وهو يفرغ ما بمعدته ... اتجهت سويداء نحو باب الحمام ... ثم جلست بالقرب منه وهي تذرف الدموع وتهمس :
" ياربي صبرنا .... يا ربي أربط على قلوبنا ... لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ... اللهم لا اعتراض على حُكمك "
______________________________
جلست آن مساء ذلك اليوم على الشرفة وهي تُداعب خُصلات شعرها وبدت شاردة للغاية ... جاءت أسماء لتضع طبق به كعكة قامت بخبزها على الطاولة الزجاجية الموضوعة على الشرفة ... كانت تتصفح جوالها عندما قالت :
" آن كُبي لي شاي بي ملعقة سكر واحدة "
قليلاً حتى رفعت أنظارها نحو آن التي لا زالت شاردة ... أبعدت نظارتها للأسفل قليلاً و كررت عبارتها :
" آن ... كبي لي شاي "
فوجئت بابنتها التي بدت غارقة في مكان آخر تماماً ... ارتفع صوتها وبدت نبرتها ناهرة وهي تقول:
" يا بت "
قفزت من مكانها لتتلفت حولها :
" ها ... ف شنو ؟ "
" يعني انتي م سامعاني ولا شنو ؟ "
مررت كفها على جبينها بحرج :
" م ... معليش يا ماما ... م كنت مُركزة ... ف شنو ؟ "
" قلت ليك كبي لي شاي "
انحنت بسرعة على براد الشاي لتصب منه في الكوب ... طالعتها والدتها بشك :
" انتي سرحانة وين كدا ؟ "
" لا ... بس كنت ... يعني عندي موضوع كدا بفكر فيه "
" مممممم .... و دا موضوع شنو البيخليك تسرحي للدرجة دي ؟ "
" لا لا م شي مهم "
" واضح ياختي ... واضح إنو م مهم "
ازدردت ريقها وهي تنهض عندما وجدت أن جوالها يرن بمكالمة من فادية :
" عن اذنك يا ماما "
" م عايزة تشربي شاي ؟ "
" جايا ... فادية ضاربة لي "
" طيب أمشي "
صعد مدرجات السلم بسرعة ليفتح باب غرفته .... رمى الحقيبة على السرير ثم خرج مجدداً وبحركة لا إرادية إتجه نحو غرفة والدته ليفتح الباب ... كان يحمل هاتفه عندما قال بصوت مسموع :
" أُمي أنا جعان الغداء شنو الليلة ؟"
وقف لثواني وفجأة تجهم وجهه ... عندما تذكر ... أنها تُوفيت .... ظل أمام الباب لقرابة الدقيقة وعلا صوت أنفاسه ... ليقوم بإغلاق الباب بهدوء والتراجع نحو غرفته ... لا يدري لما فجأة تذكر صوتها وهي تنده عليه ... تلك الثانية التي التفت عليها فيها ... وتحول المشهد بطريقة غريبة ... صوت اصطدام السيارة بها ... والطريقة التي طار بها جسدها إلى الأعلى قبل إرتطامه بالأرض .
منذ تلك اللحظة ولم تسقط دمعة منه عليها ... ولم يكن يدري ما السبب بالضبط خلف هذا ... وكأن عقله لم يكن يستوعب الفكرة بعد .. كيف للمرء أن يتفهم حقيقة رحيل والدته ؟!
كان يظن أنه الله قد منّ عليه بالصبر ... ولكنه الآن بدأ يستوعب أنه كان في صدمة ... صدمة أفقدته المقدرة على التفاعل مع الحدث الذي كان كبيراً جداً عليه ... و هاهو الآن يعي تماماً كل شيئ ... الحادث و وفاة هدى .
شعر بغصة حارقة تُلهب حلقه ، وشعر وكأن جسده فقد قوته فجأة ... فتح باب غرفته ... وبحركة مضطربة حاول أن يمشي إلى الداخل ... ولكن حتى ساقيه خذلتاه ... جلس أرضاً ورمى جواله بعيداً عنه ... شعر أن أي شيئ ثقيل عليه ... احتضن نفسه عندما شعر بارتعاشة جسده تلك وفجأة ... دوت صرخة رِجالية عالية أرجاء المكان ...
ومع تلك الصرخة أُزيل ذلك الشيئ الذي منعه البُكاء كل تلك الفترة ... لتنفجر الدموع الحارة من عينيه بغزارة .... سال لُعابه وهو يضرب الأرض بهستيرية مفرطة وتلك الصرخة أفرغت مخزون الأوكسجين من رئتيه ... فتحت سويداء باب غرفتها لتركض بذعر نحو مصدر الصوت ... وما إن فتحت الباب حتى صُعقت من منظره ذاك ... تقدمت نحوه بسرعة وهي تتسائل بهلع :
" في شنووووو ؟ مالك ؟ "
شق قميصه بقوة و تحولت عيناه إلى لون الدماء وهو يتسائل بطريقة مؤلمة :
" أُمي ماتت ؟؟ أُمي ماتت ؟؟ "
وضعت سويداء كفيها على رأسها وهي تنظر إليه بقلة حيلة ... ولكن الطريقة التي وقف و ضرب بها رأسه بكفيه جعلتها تقترب منه بسرعة لكي لا يؤذي نفسه ... كان يبكي بصوت عالي وهو يردد سؤاله ذاك :
" أُمي ماتت ؟"
حاولت الإمساك به ... ولكن زين لم يعد ذاك الصبي الصغير ... فبنيته أقوى منها بكثير ... لم تجد بد في النهاية من صفعه ... صفعة قوية دوى صوتها في المكان ليستفيق من تلك الحالة التي دخل فيها فجأة ...
نجحت تلك الطريقة في أن تجعله يتوقف عما كان يفعله ... جلس أرضاً مجدداً وبدا منظره مثيراً للشفقة ... كانت دموعه تتساقط بلا هُوادة ... عندها ربتت على كتفه بقوه وهي تقول :
" أبكي ... أبكي ... أنا كنت خايفة من اللحظة دي ... إنت مسكت دموع إبتلاء عظيم يا زين ... أبكي على أُمك دا حقك "
أبعد يدها من كتفه بغلظة وصرخ عليها :
" امشي ... اطلعي خليني براي "
نهض بسرعة وركض باتجاه الحمام ثم أغلق الباب خلفه بقوة ... لتستمع سويداء لصوته وهو يفرغ ما بمعدته ... اتجهت سويداء نحو باب الحمام ... ثم جلست بالقرب منه وهي تذرف الدموع وتهمس :
" ياربي صبرنا .... يا ربي أربط على قلوبنا ... لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ... اللهم لا اعتراض على حُكمك "
______________________________
جلست آن مساء ذلك اليوم على الشرفة وهي تُداعب خُصلات شعرها وبدت شاردة للغاية ... جاءت أسماء لتضع طبق به كعكة قامت بخبزها على الطاولة الزجاجية الموضوعة على الشرفة ... كانت تتصفح جوالها عندما قالت :
" آن كُبي لي شاي بي ملعقة سكر واحدة "
قليلاً حتى رفعت أنظارها نحو آن التي لا زالت شاردة ... أبعدت نظارتها للأسفل قليلاً و كررت عبارتها :
" آن ... كبي لي شاي "
فوجئت بابنتها التي بدت غارقة في مكان آخر تماماً ... ارتفع صوتها وبدت نبرتها ناهرة وهي تقول:
" يا بت "
قفزت من مكانها لتتلفت حولها :
" ها ... ف شنو ؟ "
" يعني انتي م سامعاني ولا شنو ؟ "
مررت كفها على جبينها بحرج :
" م ... معليش يا ماما ... م كنت مُركزة ... ف شنو ؟ "
" قلت ليك كبي لي شاي "
انحنت بسرعة على براد الشاي لتصب منه في الكوب ... طالعتها والدتها بشك :
" انتي سرحانة وين كدا ؟ "
" لا ... بس كنت ... يعني عندي موضوع كدا بفكر فيه "
" مممممم .... و دا موضوع شنو البيخليك تسرحي للدرجة دي ؟ "
" لا لا م شي مهم "
" واضح ياختي ... واضح إنو م مهم "
ازدردت ريقها وهي تنهض عندما وجدت أن جوالها يرن بمكالمة من فادية :
" عن اذنك يا ماما "
" م عايزة تشربي شاي ؟ "
" جايا ... فادية ضاربة لي "
" طيب أمشي "
ركضت نحو الغرفة لتجيب على عجل :
" آلو "
جاء صوت فادية عالياً :
" أنا يادوب فتحت النت وقريت رسايلك ... دا شنو التطور المفاجئ دا ؟ الزول دا جاي يخطب عديل ؟ "
" دا الكلام القالو لي "
". وانتي مصدقاه ؟ "
" انا م حصل جربت حاجة زي دي ... م عارفة هو كذاب ولا جادي "
" انتي حاسا اتجاهو بحاجة ؟ "
" م قادرة احدد ... بس تقريباً آي "
" غايتو هو شكلو م شكل ناس كذابين ... لكن عموماً يعني م تصدقي اي شي إلا لمن يجي بالدرب "
ضحكت :
" انا م قادرة اصدق البيحصل دا "
" الريتم حقو سريع شديد ... غايتو لو أي راجل طوالي بيقول ليك عايز موعد مع امك اتقدم ليك فيه ... كان الناس دي انتهت زمان من الجرجرة دي "
صمتت فادية قليلاً ثم تسائلت بسرعة :
" هو عارف أبوك متوفي ؟! "
" لا ... م كلمتو لسا ... إحنا م قعدنا كتير مع بعض ... بس لي ؟ "
" طالما إنو م عارف ... لي قال ليك موعد مع امك ؟ مع انو الناس بيخطبو البنات من ابهاتهم يعني "
حل صمت ثقيل على المُكالمة ... كان حديث فادية بالرغم من تركيزه في تفاصيل دقيقة صحيحاً ... لما لم يقل لها أُريد موعد مع والدك وبالمقابل قال والدتك ... هل يعرف بأنها يتيمة الأب .
" إحتمال لأنو كل المواقف البينا ماما بس الكانت موجودة ... أو احتمال عرف بالصدفة م عارفة "
" جايز ... عموماً تيك كير ... وربنا يكتب الفيه خير .. وعايزة اقول ليك حاجة ... م تتوتري و تخافي ماف شي بيستدعي دا كلو ... استمتعي باللحظة ... م اظن في شي أجمل من تلقي راجل يحبك ويهتم بيك ويكون كمان جادي عايزك ... ف انبسطي ... بس خليك واعية وم تكوني هبلة "
كانت كلمات فادية ذات تأثير لطيف على نفس آن التي إبتسمت بحبور وهي تقول :
" إن شاء الله "
انهت المُكالمة ثم ارتمت على فراشها ... شعرت بأن وُجود نبيل المفاجئ في حياتها جاء كتعويض لها عن أشياء كثيرة ... و شعرت بامتنان كبير لتلك الصُدفة التي جمعتهما في النادي ذاك اليوم ... وبالرغم من المشاعر التي بدأت تدغدغ روحها إلا أنها كانت تعي بأنها يجب أن تتماسك حتى تتأكد من صدقه إتجاهها ... نهضت من الفراش واتجهت مجدداً إلى الشُرفة لتشرب الشاي مع والدتها ...
_________________________________
عادة ما تكون دوامات الجامعة مملة ومرهقة بالنسبة لآن ... ولكن فجأة أصبحت العكس تماماً ... لأنها المكان الذي تُقابل فيه ذاك الرجل الذي بعثر كيانها فجأة وجعلها تقضي ساعات طويلة يومياً وهي تُفكر به وبتصرفاته غير المتوقعة ... وأكثر ما يروق لها هو أنها تراه هنا في أقصى مراحل جده ... مشيته السريعة تلك ... والملامح الرسمية التي تعتلي وجهه ... وفجأة بدأ ينتابها بعض الضيق عند رؤيتها لنظرات الإعجاب التي تُوجه إليه من بقية الطالبات ... على الرغم من أنها لم تكن تكترث أو تنتبه لهم حتى في البداية .... شبعت رئتيها بالهواء لتتجه نحو مكتبه كما طلب منها لتحمل منه ظرف أوراق الإختبار الأخير لتُوزعه على زُملائها لمراجعة درجاتهم .... طرقت الباب بهدوء ... لتسمع صوته و هو يقول :
" اتفضلي "
دلفت إلى المكتب و بدا واضحاً أنها تتحاشى أي تواصل بصري بينهما ...
" السلام عليكم "
" وعليكم السلام حبيبي "
نطق بالكلمة الأخيرة بهمس مليئ بالخبث ... وبدت الطريقة التي تحدث بها جذابة للغاية ... رفعت حاجبيها وهي تتنهد :
" وين الورق ؟ "
نهض من على كرسيه ثم اتجه نحو الباب ليُغلقه ... وقف بطوله الفارع أمامها وهو يراقبها باستمتاع :
" إنتي مالك خجلانة كدا ؟ "
رفعت أنظارها نحوه :
" حخجل من شنو يعني ؟ "
وتمنت لو لم تفعلها ... فقد إنتبهت إلى نظراته التي توجهت مباشرة نحو شفتيها ... بطريقة أربكتها للغاية ... تراجعت عدة خطوات للخلف ليتقدم هو منها ... جاء صوتها متوتراً وهي تتسائل وبدا واضحاً أنها تدعي عدم الإكتراث :
" خير إن شاء الله في شنو ؟ "
حمل منديل ورقي من على مكتبه ... لتتفاجئ به وهو يمسح ملمع الشفاه الذي تضعه ... كانت ملامح جادة للغاية وهو يفعلها ... أحاط إحدى كفيه برأسها من الخلف ليُثبتها ولا يسمح لها بالتحرك او الهرب منه .... أما هي فقد تجمدت تماماً وظلت تنظر إليه بارتباك حاد .
" كأنو كان تو متش ... كدا أحسن "
همس وكأنه يُحادث نفسه ...
زمت شفتيها وهي تنظر إليه بطريقة مُضحكة ولم تستطع أن تُبدي أي رد فعل ... كل ما كانت تعيه هو أنها يجب أن تُغادر هذا المكان فوراً ... إلتفت بسرعة لتتجه للخارج ولكنه أمسك بها برفق من ذراعها جاذباً إياها نحوه ثم أشار بحاجبيه للورق ... فجأة فُتح باب المكتب ... وعلى كل حال ... الذي سيدخل ... سيشك فيهما ... خصوصاً مع إقتراب نبيل منها وإمساكه بذراعها بتلك الطريقة ... في وضعية تليق بحبيبين وليس أُستاذ وطالبته ... جف حلقها وشعرت أن نبضات قلبها مسموعة للغاية و شعرت لثواني أن هُنالك فضيحة على وشك الحدوث ... وبينما كانت تُفكر في الشخص الذي سيراها وفي المشكلة التي ستقع فيها ...
" آلو "
جاء صوت فادية عالياً :
" أنا يادوب فتحت النت وقريت رسايلك ... دا شنو التطور المفاجئ دا ؟ الزول دا جاي يخطب عديل ؟ "
" دا الكلام القالو لي "
". وانتي مصدقاه ؟ "
" انا م حصل جربت حاجة زي دي ... م عارفة هو كذاب ولا جادي "
" انتي حاسا اتجاهو بحاجة ؟ "
" م قادرة احدد ... بس تقريباً آي "
" غايتو هو شكلو م شكل ناس كذابين ... لكن عموماً يعني م تصدقي اي شي إلا لمن يجي بالدرب "
ضحكت :
" انا م قادرة اصدق البيحصل دا "
" الريتم حقو سريع شديد ... غايتو لو أي راجل طوالي بيقول ليك عايز موعد مع امك اتقدم ليك فيه ... كان الناس دي انتهت زمان من الجرجرة دي "
صمتت فادية قليلاً ثم تسائلت بسرعة :
" هو عارف أبوك متوفي ؟! "
" لا ... م كلمتو لسا ... إحنا م قعدنا كتير مع بعض ... بس لي ؟ "
" طالما إنو م عارف ... لي قال ليك موعد مع امك ؟ مع انو الناس بيخطبو البنات من ابهاتهم يعني "
حل صمت ثقيل على المُكالمة ... كان حديث فادية بالرغم من تركيزه في تفاصيل دقيقة صحيحاً ... لما لم يقل لها أُريد موعد مع والدك وبالمقابل قال والدتك ... هل يعرف بأنها يتيمة الأب .
" إحتمال لأنو كل المواقف البينا ماما بس الكانت موجودة ... أو احتمال عرف بالصدفة م عارفة "
" جايز ... عموماً تيك كير ... وربنا يكتب الفيه خير .. وعايزة اقول ليك حاجة ... م تتوتري و تخافي ماف شي بيستدعي دا كلو ... استمتعي باللحظة ... م اظن في شي أجمل من تلقي راجل يحبك ويهتم بيك ويكون كمان جادي عايزك ... ف انبسطي ... بس خليك واعية وم تكوني هبلة "
كانت كلمات فادية ذات تأثير لطيف على نفس آن التي إبتسمت بحبور وهي تقول :
" إن شاء الله "
انهت المُكالمة ثم ارتمت على فراشها ... شعرت بأن وُجود نبيل المفاجئ في حياتها جاء كتعويض لها عن أشياء كثيرة ... و شعرت بامتنان كبير لتلك الصُدفة التي جمعتهما في النادي ذاك اليوم ... وبالرغم من المشاعر التي بدأت تدغدغ روحها إلا أنها كانت تعي بأنها يجب أن تتماسك حتى تتأكد من صدقه إتجاهها ... نهضت من الفراش واتجهت مجدداً إلى الشُرفة لتشرب الشاي مع والدتها ...
_________________________________
عادة ما تكون دوامات الجامعة مملة ومرهقة بالنسبة لآن ... ولكن فجأة أصبحت العكس تماماً ... لأنها المكان الذي تُقابل فيه ذاك الرجل الذي بعثر كيانها فجأة وجعلها تقضي ساعات طويلة يومياً وهي تُفكر به وبتصرفاته غير المتوقعة ... وأكثر ما يروق لها هو أنها تراه هنا في أقصى مراحل جده ... مشيته السريعة تلك ... والملامح الرسمية التي تعتلي وجهه ... وفجأة بدأ ينتابها بعض الضيق عند رؤيتها لنظرات الإعجاب التي تُوجه إليه من بقية الطالبات ... على الرغم من أنها لم تكن تكترث أو تنتبه لهم حتى في البداية .... شبعت رئتيها بالهواء لتتجه نحو مكتبه كما طلب منها لتحمل منه ظرف أوراق الإختبار الأخير لتُوزعه على زُملائها لمراجعة درجاتهم .... طرقت الباب بهدوء ... لتسمع صوته و هو يقول :
" اتفضلي "
دلفت إلى المكتب و بدا واضحاً أنها تتحاشى أي تواصل بصري بينهما ...
" السلام عليكم "
" وعليكم السلام حبيبي "
نطق بالكلمة الأخيرة بهمس مليئ بالخبث ... وبدت الطريقة التي تحدث بها جذابة للغاية ... رفعت حاجبيها وهي تتنهد :
" وين الورق ؟ "
نهض من على كرسيه ثم اتجه نحو الباب ليُغلقه ... وقف بطوله الفارع أمامها وهو يراقبها باستمتاع :
" إنتي مالك خجلانة كدا ؟ "
رفعت أنظارها نحوه :
" حخجل من شنو يعني ؟ "
وتمنت لو لم تفعلها ... فقد إنتبهت إلى نظراته التي توجهت مباشرة نحو شفتيها ... بطريقة أربكتها للغاية ... تراجعت عدة خطوات للخلف ليتقدم هو منها ... جاء صوتها متوتراً وهي تتسائل وبدا واضحاً أنها تدعي عدم الإكتراث :
" خير إن شاء الله في شنو ؟ "
حمل منديل ورقي من على مكتبه ... لتتفاجئ به وهو يمسح ملمع الشفاه الذي تضعه ... كانت ملامح جادة للغاية وهو يفعلها ... أحاط إحدى كفيه برأسها من الخلف ليُثبتها ولا يسمح لها بالتحرك او الهرب منه .... أما هي فقد تجمدت تماماً وظلت تنظر إليه بارتباك حاد .
" كأنو كان تو متش ... كدا أحسن "
همس وكأنه يُحادث نفسه ...
زمت شفتيها وهي تنظر إليه بطريقة مُضحكة ولم تستطع أن تُبدي أي رد فعل ... كل ما كانت تعيه هو أنها يجب أن تُغادر هذا المكان فوراً ... إلتفت بسرعة لتتجه للخارج ولكنه أمسك بها برفق من ذراعها جاذباً إياها نحوه ثم أشار بحاجبيه للورق ... فجأة فُتح باب المكتب ... وعلى كل حال ... الذي سيدخل ... سيشك فيهما ... خصوصاً مع إقتراب نبيل منها وإمساكه بذراعها بتلك الطريقة ... في وضعية تليق بحبيبين وليس أُستاذ وطالبته ... جف حلقها وشعرت أن نبضات قلبها مسموعة للغاية و شعرت لثواني أن هُنالك فضيحة على وشك الحدوث ... وبينما كانت تُفكر في الشخص الذي سيراها وفي المشكلة التي ستقع فيها ...
وجدت نبيل بسرعة و قوة يلُفها ليُصبح وجهها مُقابلاً الباب و في نفس اللحظة دفع رأسها لتهبط للأسفل ... رفعت رأسها للأعلى وهي تنظر إليه باستغراب ثم حاولت التحرك ولكنه أحاطها بساقه من عند كتفها ليمنعها تماماً عن الحركة التي ستودي بكلاهما إلى كارثة ... قد يكون نبيل تلافى الإحراج بإخفائها ولكن هي ... تمنت أن تنشق الأرض وتبلعها ... فقد كانت جرعة الإحراج هذه المرة أكبر بكثير بل أبشع من كل المواقف المُحرجة التي خاضتها معه ... لقد كانت بين ساقيه مباشرة ... أخفضت رأسها وهي تُغطي عينيها من شدة الحرج ... سمعت صوت المرأة والتي كانت إحدى المعيدات في الكُلية ... وبدا واضحاً الإدعاء وذاك الغنج ( الماسخ ) الذي تتحدث به :
" صباح الخير يا أُستاذ نبيل "
" صباح النور "
" في إجتماع لي أساتذة الكلية الليلة عارف ؟ "
" أيوه عارف "
قالها وهو يبتسم برزانة بينما يضيق بساقه على آن التي حاولت التحرك مجدداً .
" أنا قُلت أمر عليك ونمشي قاعة الإجتماعات سوا ... جبت ليك معاي قهوة "
" انا كم دقيقة كدا وبجي القاعة ... وشكراً على القهوة "
وضعت الكوب على مكتبه ثم ابتسمت :
" طيب بحيث كدا نتلاقى هناك ... عن إذنك "
" اتفضلي "
استغربت آن كثيراً من ذلك الهدوء و الثبات الإنفعالي الذي تحدث به و كأنه لا توجد فتاة أسفله يخفيها خلف طاولة مكتبه... و تُقسم إن كانت بمحله ... لما كانت ستستطيع أن تتفوه بحرف واحد وكانت ستُكشف .... أرتفع رأسها للأعلى ما إن سمعت صوت الباب وهو يُغلق لتجده ينظر إليها وكانت هُناك ابتسامة جانبية صغيرة على شفتيه :
" حبيتي الوضع كدا ؟ م عايزة تقومي ؟ "
نهضت بسرعة وهي تُعدل طرحتها ولم تستطع أن تقول أي شيئ ... لتجده يعتدل في وقفته وهو ينظر إلى الباب :
" واضح إنو الأُستاذة لازم تاخد درس في الإستئذان قبل ما تفتح الباب "
اسرعت بخطواتها نحو الخارج ... ولكنها توقفت بصوته وهو يقول :
" الورق "
عادت للخلف بسرعة ثم حدجته بنظرات غاضبة لتسحب الورق بسرعة ثم تُغادر المكان .
ظل ينظر إلى الباب الذي خرجت منه ... وبهدوء سحب جواله ... وباليد الأُخرى سحب كوب القهوة .
وضع الجوال على أُذنه وقليلاً جاء صوت سليمان والده :
" آلو "
" سليمان "
" أيوه يا نبيل "
" بخصوص الموضوع القلتو ليك "
" موضوع البت الحتتقدم ليها ؟! "
" أيوه "
" اها "
" عايز أطلب منك طلب "
" اتفضل "
" إحنا حنمشي على أساس إنو تعارف ... بس عايزك تقنع أُمها إنو الأفضل نعقد طوالي "
" أبشر "
قالها سليمان في الوقت الذي سكب فيه نبيل القهوة التي قدمتها له زميلته في سلة الزبالة .
_______________________________________
See you soon
23
" صباح الخير يا أُستاذ نبيل "
" صباح النور "
" في إجتماع لي أساتذة الكلية الليلة عارف ؟ "
" أيوه عارف "
قالها وهو يبتسم برزانة بينما يضيق بساقه على آن التي حاولت التحرك مجدداً .
" أنا قُلت أمر عليك ونمشي قاعة الإجتماعات سوا ... جبت ليك معاي قهوة "
" انا كم دقيقة كدا وبجي القاعة ... وشكراً على القهوة "
وضعت الكوب على مكتبه ثم ابتسمت :
" طيب بحيث كدا نتلاقى هناك ... عن إذنك "
" اتفضلي "
استغربت آن كثيراً من ذلك الهدوء و الثبات الإنفعالي الذي تحدث به و كأنه لا توجد فتاة أسفله يخفيها خلف طاولة مكتبه... و تُقسم إن كانت بمحله ... لما كانت ستستطيع أن تتفوه بحرف واحد وكانت ستُكشف .... أرتفع رأسها للأعلى ما إن سمعت صوت الباب وهو يُغلق لتجده ينظر إليها وكانت هُناك ابتسامة جانبية صغيرة على شفتيه :
" حبيتي الوضع كدا ؟ م عايزة تقومي ؟ "
نهضت بسرعة وهي تُعدل طرحتها ولم تستطع أن تقول أي شيئ ... لتجده يعتدل في وقفته وهو ينظر إلى الباب :
" واضح إنو الأُستاذة لازم تاخد درس في الإستئذان قبل ما تفتح الباب "
اسرعت بخطواتها نحو الخارج ... ولكنها توقفت بصوته وهو يقول :
" الورق "
عادت للخلف بسرعة ثم حدجته بنظرات غاضبة لتسحب الورق بسرعة ثم تُغادر المكان .
ظل ينظر إلى الباب الذي خرجت منه ... وبهدوء سحب جواله ... وباليد الأُخرى سحب كوب القهوة .
وضع الجوال على أُذنه وقليلاً جاء صوت سليمان والده :
" آلو "
" سليمان "
" أيوه يا نبيل "
" بخصوص الموضوع القلتو ليك "
" موضوع البت الحتتقدم ليها ؟! "
" أيوه "
" اها "
" عايز أطلب منك طلب "
" اتفضل "
" إحنا حنمشي على أساس إنو تعارف ... بس عايزك تقنع أُمها إنو الأفضل نعقد طوالي "
" أبشر "
قالها سليمان في الوقت الذي سكب فيه نبيل القهوة التي قدمتها له زميلته في سلة الزبالة .
_______________________________________
See you soon
23
Forwarded from رواياتي📖📚
🔘الان روايه #كساره_البندق #حصريا علي قناتنا الأخرى
♻️ هترشات 💠 وروايات♻️
https://t.me/joinchat/PdDUb53M8atAPyR1
♻️ هترشات 💠 وروايات♻️
https://t.me/joinchat/PdDUb53M8atAPyR1
Forwarded from رواياتي📖📚
🔘الان روايه #كساره_البندق #حصريا علي قناتنا الأخرى
♻️ هترشات 💠 وروايات♻️
https://t.me/joinchat/PdDUb53M8atAPyR1
♻️ هترشات 💠 وروايات♻️
https://t.me/joinchat/PdDUb53M8atAPyR1