دَخَلْنَا علَى عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرٍو، حِينَ قَدِمَ مع مُعَاوِيَةَ إلى الكُوفَةِ، فَذَكَرَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ فَاحِشًا ولَا مُتَفَحِّشًا، وقَالَ: قَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ مِن أخْيَرِكُمْ أحْسَنَكُمْ خُلُقًا.
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6029 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6029 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فيه كانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، ومَن كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ منهنَّ كَانَتْ فيه خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حتَّى يَدَعَهَا: إذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وإذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وإذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وإذَا خَاصَمَ فَجَرَ.
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 34 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 34 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
آيَةُ الإيمَانِ حُبُّ الأنْصَارِ، وآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأنْصَارِ.
الراوي: أنس بن مالك | المحدث: البخاري | المصدر :صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 17 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
في الحديثِ: دَلالةٌ على التَّرغيبِ في حُبِّ أولياءِ الرَّحمنِ، والاعترافِ بفضلِهم، والتَّحذيرِ مِن بُغضِهم ومُعاداتِهم؛ فمَحبَّةُ أولياءِ اللهِ وأحبابِه مِن الإيمانِ.
الراوي: أنس بن مالك | المحدث: البخاري | المصدر :صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 17 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
في الحديثِ: دَلالةٌ على التَّرغيبِ في حُبِّ أولياءِ الرَّحمنِ، والاعترافِ بفضلِهم، والتَّحذيرِ مِن بُغضِهم ومُعاداتِهم؛ فمَحبَّةُ أولياءِ اللهِ وأحبابِه مِن الإيمانِ.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّه قال في هذه الآيةِ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: 13]، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: رَأَيتُ جِبريلَ عندَ سِدرةِ المُنتَهى، عليه سِتُّ مِئةِ جَناحٍ، يَنتثِرُ مِن رِيشِه التَّهاويلُ؛ الدُّرُّ والياقوتُ.
الراوي: عبدالله بن مسعود | المحدث: أحمد بن حنبل | المصدر: مسند الإمام أحمد
الصفحة أو الرقم: 3915 | خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن
الراوي: عبدالله بن مسعود | المحدث: أحمد بن حنبل | المصدر: مسند الإمام أحمد
الصفحة أو الرقم: 3915 | خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن
أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الجَنَّةَ صُورَتُهُمْ علَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، لا يَبْصُقُونَ فِيهَا، ولَا يَمْتَخِطُونَ، ولَا يَتَغَوَّطُونَ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ، ومَجَامِرُهُمُ الألُوَّةُ، ورَشْحُهُمُ المِسْكُ، ولِكُلِّ واحِدٍ منهمْ زَوْجَتَانِ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِما مِن ورَاءِ اللَّحْمِ مِنَ الحُسْنِ، لا اخْتِلَافَ بيْنَهُمْ ولَا تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ واحِدٌ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وعَشِيًّا.
الراوي : أبو هريرة.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3245.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
شرح الحديث:
في هذا الحديثِ يَصِفُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أهلَ الجنَّةِ جَميعًا بالحُسنِ والجَمالِ، وأنَّهم يَتفاوَتونَ في ذلك حسَبَ دَرَجاتِهم وأعمالِهِم؛
فأوَّلُ طائفةٍ تَدخُلُ الجنَّةَ تكونُ كالقمَرِ لَيلةَ البدْرِ، وهي لَيلةُ الرَّابعَ عشَرَ حِين تَكمُلُ استدارتُه، ويَتِمُّ نُورُه، فيكونُ أكثرَ إشراقًا، وأعظَمَ حُسنًا وبَهاءً. وفي رِوايةٍ عندَ البُخاريِّ: «يَدخُلُ الجنَّةَ مِن أُمَّتي سَبْعون ألْفًا تَضِيءُ وُجوهُهم إضاءةَ القمَرِ لَيلةَ البدْرِ».
أمَّا الطَّائفةُ الثَّانيةُ فإنَّها تُشبِهُ في صُورتِها أقْوى الكواكبِ نُورًا وضِياءً، وقد ورَدَ في هذا المعْنى ما يَقْتضي ما هو أبلَغُ مِن ذلك؛ فرَوى التِّرمذيُّ مِن حَديثِ سَعْدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه مرفوعًا: «لو أنَّ رجُلًا مِن أهْلِ الجنَّةِ اطَّلَع، فبَدا أساورُه؛ لَطمَسَ ضَوءَ الشَّمسِ، كما تَطمِسُ الشَّمسُ ضَوءَ النُّجومِ».
أمَّا صِفاتُهم النَّفسيَّةُ والخُلقيَّةُ، فهمْ كما وصَفَهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: على قَلْبِ رجُلٍ واحدٍ، أي: في غايةِ الاجتماعِ والاتِّفاقِ، حتَّى كأنَّ قُلوبَهم جميعًا قلْبٌ واحدٌ، لا اختِلافَ بيْنهم ولا تَباغُضَ؛ فإنَّ نُفوسَهم صافيةٌ نقيَّةٌ خاليةٌ مِن العَداوةِ والبَغضاءِ، عامرةٌ بالحُبِّ والمودَّةِ؛ لطَهارةِ قُلوبِهم عن الأخلاقِ الذَّميمةِ، وفي رِوايةِ مُسلمٍ: «ثمَّ هم بعْدَ ذلك مَنازِلُ»؛ أي: إنَّ دَرَجاتِهم في إشراقِ اللَّونِ مُتفاوِتةٌ بحَسبِ عُلوِّ دَرَجاتِهم، وتَفاوُتِ فضْلِهم.
وأخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ لكلِّ واحدٍ منهم زَوجتينِ، وفي الصَّحيحينِ: «أنَّهما مِن الحُورِ العِينِ»، وأنَّهما في غايةِ الحُسنِ والصَّفاءِ، حتَّى إنَّه يَرى الرَّائي مُخَّ ساقِها مِن وَراءِ اللَّحمِ؛ مِن الحُسنِ، فهي -لِصَفاء جَسدِها، ورِقَّة بَشَرَتِها- جِسمٌ شفَّافٌ يَكشِفُ عمَّا بداخِلِه، فيَرى النَّاظرُ إليها مُخَّ عِظامِ ساقِها مِن وَراءِ لَحْمِها؛ قال تعالَى: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 58].
ثمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أهْلَ الجنَّةِ يُسبِّحونَ اللهَ بُكرةً وعَشيًّا، أي: في أوَّلِ النَّهارِ وآخِرِه مُتلذِّذينَ بالتَّسبيحِ، والمرادُ أنَّهم يُسبِّحونَ في وقْتِهما؛ وإلَّا فلا بُكرةَ في الجنَّةِ ولا عَشيَّةَ، أمَّا هذا التَّسبيحُ فإنَّه ليس عن تَكليفٍ؛ وإنَّما يُلهَمونَه كما يُلهَمونَ النَّفَسَ.
ولا يَمرَضونَ فيها، ولا يَمْتخِطونَ ولا يَبصُقونَ؛ لأنَّ اللهَ طَهَّرَ أهلَ الجنَّةِ مِن هذه الأقذارِ، وبَعضُ آنِيتِهم مِن فِضَّةٍ، وبَعضُها مِن ذَهَبٍ، وأمشاطُهم مِن الذَّهبِ الخالِصِ، ووَقُودُ مَجَامِرِهم الأَلُوَّةُ؛ يعني أنَّ بَخُورَهم الَّذي تتَّقدُ به مَجامرُهم هو العُودُ الهِنديُّ، الَّذي هو مِن أطيبِ الطِّيبِ وأَزكى البَخورِ، ورَشْحُهُمُ الَّذي يَعرَقونَه هو المِسْكُ، فالطَّعامُ الَّذي يَأكُلونه يَخرُجُ منهم عَرَقًا تَفوحُ منه رائحةٌ زكيَّةٌ كَرائحةِ المِسكِ، كما جاء في حَديثِ مُسلمٍ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما، قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يَأكُلُ أهلُ الجنَّةِ فيها ويَشرَبون، ولا يَتغوَّطون ولا يَمتخَّطون ولا يَبولونَ، ولكنْ طَعامُهم ذلك جُشاءٌ كرَشْحِ المِسكِ».
وفي الحديثِ:
أنَّ أهْلَ الجنَّةِ يَتنعَّمون بكلِّ مَظاهرِ النَّعيمِ والتَّرَفِ.
وفيه: أنَّ الجنَّةَ مُطهَّرةٌ عن الأقذارِ.
وفيه: دَليلٌ على دُخولِ أهْلِ الجنَّةِ إليها جَماعةً بعْدَ جَماعةٍ، وقد صُرِّحَ به في قولِه تعالَى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر: 73].
الراوي : أبو هريرة.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3245.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
شرح الحديث:
في هذا الحديثِ يَصِفُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أهلَ الجنَّةِ جَميعًا بالحُسنِ والجَمالِ، وأنَّهم يَتفاوَتونَ في ذلك حسَبَ دَرَجاتِهم وأعمالِهِم؛
فأوَّلُ طائفةٍ تَدخُلُ الجنَّةَ تكونُ كالقمَرِ لَيلةَ البدْرِ، وهي لَيلةُ الرَّابعَ عشَرَ حِين تَكمُلُ استدارتُه، ويَتِمُّ نُورُه، فيكونُ أكثرَ إشراقًا، وأعظَمَ حُسنًا وبَهاءً. وفي رِوايةٍ عندَ البُخاريِّ: «يَدخُلُ الجنَّةَ مِن أُمَّتي سَبْعون ألْفًا تَضِيءُ وُجوهُهم إضاءةَ القمَرِ لَيلةَ البدْرِ».
أمَّا الطَّائفةُ الثَّانيةُ فإنَّها تُشبِهُ في صُورتِها أقْوى الكواكبِ نُورًا وضِياءً، وقد ورَدَ في هذا المعْنى ما يَقْتضي ما هو أبلَغُ مِن ذلك؛ فرَوى التِّرمذيُّ مِن حَديثِ سَعْدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه مرفوعًا: «لو أنَّ رجُلًا مِن أهْلِ الجنَّةِ اطَّلَع، فبَدا أساورُه؛ لَطمَسَ ضَوءَ الشَّمسِ، كما تَطمِسُ الشَّمسُ ضَوءَ النُّجومِ».
أمَّا صِفاتُهم النَّفسيَّةُ والخُلقيَّةُ، فهمْ كما وصَفَهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: على قَلْبِ رجُلٍ واحدٍ، أي: في غايةِ الاجتماعِ والاتِّفاقِ، حتَّى كأنَّ قُلوبَهم جميعًا قلْبٌ واحدٌ، لا اختِلافَ بيْنهم ولا تَباغُضَ؛ فإنَّ نُفوسَهم صافيةٌ نقيَّةٌ خاليةٌ مِن العَداوةِ والبَغضاءِ، عامرةٌ بالحُبِّ والمودَّةِ؛ لطَهارةِ قُلوبِهم عن الأخلاقِ الذَّميمةِ، وفي رِوايةِ مُسلمٍ: «ثمَّ هم بعْدَ ذلك مَنازِلُ»؛ أي: إنَّ دَرَجاتِهم في إشراقِ اللَّونِ مُتفاوِتةٌ بحَسبِ عُلوِّ دَرَجاتِهم، وتَفاوُتِ فضْلِهم.
وأخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ لكلِّ واحدٍ منهم زَوجتينِ، وفي الصَّحيحينِ: «أنَّهما مِن الحُورِ العِينِ»، وأنَّهما في غايةِ الحُسنِ والصَّفاءِ، حتَّى إنَّه يَرى الرَّائي مُخَّ ساقِها مِن وَراءِ اللَّحمِ؛ مِن الحُسنِ، فهي -لِصَفاء جَسدِها، ورِقَّة بَشَرَتِها- جِسمٌ شفَّافٌ يَكشِفُ عمَّا بداخِلِه، فيَرى النَّاظرُ إليها مُخَّ عِظامِ ساقِها مِن وَراءِ لَحْمِها؛ قال تعالَى: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 58].
ثمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أهْلَ الجنَّةِ يُسبِّحونَ اللهَ بُكرةً وعَشيًّا، أي: في أوَّلِ النَّهارِ وآخِرِه مُتلذِّذينَ بالتَّسبيحِ، والمرادُ أنَّهم يُسبِّحونَ في وقْتِهما؛ وإلَّا فلا بُكرةَ في الجنَّةِ ولا عَشيَّةَ، أمَّا هذا التَّسبيحُ فإنَّه ليس عن تَكليفٍ؛ وإنَّما يُلهَمونَه كما يُلهَمونَ النَّفَسَ.
ولا يَمرَضونَ فيها، ولا يَمْتخِطونَ ولا يَبصُقونَ؛ لأنَّ اللهَ طَهَّرَ أهلَ الجنَّةِ مِن هذه الأقذارِ، وبَعضُ آنِيتِهم مِن فِضَّةٍ، وبَعضُها مِن ذَهَبٍ، وأمشاطُهم مِن الذَّهبِ الخالِصِ، ووَقُودُ مَجَامِرِهم الأَلُوَّةُ؛ يعني أنَّ بَخُورَهم الَّذي تتَّقدُ به مَجامرُهم هو العُودُ الهِنديُّ، الَّذي هو مِن أطيبِ الطِّيبِ وأَزكى البَخورِ، ورَشْحُهُمُ الَّذي يَعرَقونَه هو المِسْكُ، فالطَّعامُ الَّذي يَأكُلونه يَخرُجُ منهم عَرَقًا تَفوحُ منه رائحةٌ زكيَّةٌ كَرائحةِ المِسكِ، كما جاء في حَديثِ مُسلمٍ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما، قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يَأكُلُ أهلُ الجنَّةِ فيها ويَشرَبون، ولا يَتغوَّطون ولا يَمتخَّطون ولا يَبولونَ، ولكنْ طَعامُهم ذلك جُشاءٌ كرَشْحِ المِسكِ».
وفي الحديثِ:
أنَّ أهْلَ الجنَّةِ يَتنعَّمون بكلِّ مَظاهرِ النَّعيمِ والتَّرَفِ.
وفيه: أنَّ الجنَّةَ مُطهَّرةٌ عن الأقذارِ.
وفيه: دَليلٌ على دُخولِ أهْلِ الجنَّةِ إليها جَماعةً بعْدَ جَماعةٍ، وقد صُرِّحَ به في قولِه تعالَى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر: 73].
كُنَّا مع رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَجْنِي الكَبَاثَ، وإنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: علَيْكُم بالأسْوَدِ منه؛ فإنَّه أَطْيَبُهُ. قالوا: أَكُنْتَ تَرْعَى الغَنَمَ؟ قالَ: وهلْ مِن نَبِيٍّ إلَّا وقدْ رَعَاهَا؟!
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3406 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
شرح الحديث
يُخبِرُ جابرُ بنُ عبْدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان مع بَعضِ أصحابِه بمَرِّ الظَّهْرانِ، كما في الصَّحيحَينِ، وهو وادٍ على خَمسةِ أميالٍ (8 كم تَقريبًا) مِن مكَّةَ إلى جِهَةِ المدينةِ، وكانوا يَجْنُون ثَمَرَ الكَباثِ، أي: يَقتِطفون مِن ثَمَرِها لِيَأكُلوه، والكَبَاثُ: هو ثَمَرُ الأراكِ، وهو يُشبِهُ التِّينَ، يَأكُلُه النَّاسُ والإبلُ والغَنَمُ. وكان هذا في أوَّلِ الإسلامِ عِندَما كان الطَّعامُ قَليلًا.
فقال لهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أثناءَ الْتقاطِهم هذا الثَّمَرَ: «عَليكمْ بالأَسودِ منه؛ فإنَّه أَطيبُه»، أي: أفضَلُه في الطَّعمِ والمَذاقِ، فقالوا له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أكنْتَ ترعَى الغَنمَ؟»؛ إذْ لا يُميِّزُ بيْن أنواعِه -غالبًا- إلَّا مَن يُلازِمُ رَعْيَ الغَنَمِ، فأهْلُ الرَّعيِ همْ مَن يَألَفون هذه النَّبتةَ الصَّحراويَّةَ ويَعرِفونها. فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «وهلْ مِن نَبِيٍّ إلَّا وقدْ رَعاها؟!» يعني: أنَّ الأنبياءَ عليهم السَّلامُ قدْ رَعَوُا الغَنمَ، وفيه إشارةٌ إلى أنَّ النُّبوَّةَ لم يَضَعْها اللهُ تعالَى في أبناءِ الدُّنيا والمُتْرَفينَ منهم، وإنَّما جَعَلَها في أهلِ التَّواضُعِ؛ فمِن الحِكمةِ في رِعايةِ الأنبياءِ صُلواتُ اللهِ وسَلامُه عليهم للغَنمِ: أنْ يَأخُذوا أنفُسَهم بالتَّواضعِ، وتُصفَّى قُلوبُهم بالخَلْوةِ، ويَترَقَّوا مِن سِياستِها بالنَّصيحةِ إلى سَياسةِ أُمَمِهم بالهِدايةِ والشَّفقةِ
الراوي : جابر بن عبدالله | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3406 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
شرح الحديث
يُخبِرُ جابرُ بنُ عبْدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان مع بَعضِ أصحابِه بمَرِّ الظَّهْرانِ، كما في الصَّحيحَينِ، وهو وادٍ على خَمسةِ أميالٍ (8 كم تَقريبًا) مِن مكَّةَ إلى جِهَةِ المدينةِ، وكانوا يَجْنُون ثَمَرَ الكَباثِ، أي: يَقتِطفون مِن ثَمَرِها لِيَأكُلوه، والكَبَاثُ: هو ثَمَرُ الأراكِ، وهو يُشبِهُ التِّينَ، يَأكُلُه النَّاسُ والإبلُ والغَنَمُ. وكان هذا في أوَّلِ الإسلامِ عِندَما كان الطَّعامُ قَليلًا.
فقال لهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أثناءَ الْتقاطِهم هذا الثَّمَرَ: «عَليكمْ بالأَسودِ منه؛ فإنَّه أَطيبُه»، أي: أفضَلُه في الطَّعمِ والمَذاقِ، فقالوا له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أكنْتَ ترعَى الغَنمَ؟»؛ إذْ لا يُميِّزُ بيْن أنواعِه -غالبًا- إلَّا مَن يُلازِمُ رَعْيَ الغَنَمِ، فأهْلُ الرَّعيِ همْ مَن يَألَفون هذه النَّبتةَ الصَّحراويَّةَ ويَعرِفونها. فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «وهلْ مِن نَبِيٍّ إلَّا وقدْ رَعاها؟!» يعني: أنَّ الأنبياءَ عليهم السَّلامُ قدْ رَعَوُا الغَنمَ، وفيه إشارةٌ إلى أنَّ النُّبوَّةَ لم يَضَعْها اللهُ تعالَى في أبناءِ الدُّنيا والمُتْرَفينَ منهم، وإنَّما جَعَلَها في أهلِ التَّواضُعِ؛ فمِن الحِكمةِ في رِعايةِ الأنبياءِ صُلواتُ اللهِ وسَلامُه عليهم للغَنمِ: أنْ يَأخُذوا أنفُسَهم بالتَّواضعِ، وتُصفَّى قُلوبُهم بالخَلْوةِ، ويَترَقَّوا مِن سِياستِها بالنَّصيحةِ إلى سَياسةِ أُمَمِهم بالهِدايةِ والشَّفقةِ
ذَكَرَ عبدُ اللَّهِ بنُ عَمْرٍو عَبْدَ اللَّهِ بنَ مَسْعُودٍ فقالَ: لا أزالُ أُحِبُّهُ، سَمِعْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: خُذُوا القُرْآنَ مِن أرْبَعَةٍ مِن عبدِ اللَّهِ بنِ مَسْعُودٍ، وسالِمٍ، ومُعاذِ بنِ جَبَلٍ، وأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ.
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4999 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
شرح الحديث:
يَرفَعُ اللهُ سُبحانَه وتعالَى بالقُرآنِ مَن يَشاءُ مِن عِبادِه؛ فبِه يَنالُ المؤمِنُ شرَفَ الدُّنْيا والآخِرةِ، وقدْ نال عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه هذا الشَّرفَ في الدُّنْيا، وما أعَدَّه اللهُ تعالَى خَيرٌ وأبْقى؛ فإنَّه رَضيَ اللهُ عنه كان مِن أَقْرأِ الصَّحابةِ للقُرآنِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ مَسْروقُ بنُ الأجدَعِ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه ذكَرَه بَعضُ النَّاسِ عنْدَ عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنهما، فأخبَرَ أنَّه ما يَزالُ يُحِبُّ عبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه منذُ سَمِعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «اسْتَقرِئوا القُرآنَ مِن أربَعةٍ: مِن عبدِ اللهِ بن مَسعودٍ -فبَدأَ به-، وسالِمٍ مَوْلى أبي حُذَيْفةَ، وأُبَيِّ بنِ كَعبٍ، ومُعاذِ بنِ جَبلٍ»، أي: اطْلُبوا القِراءةَ على هؤلاءِ الأربَعةِ، وذكَر عبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أوَّلَهم، وتَخْصيصُ هؤلاء الأربَعةِ بأخْذِ القُرآنِ عنهم؛ إمَّا لأنَّهم كانوا أكثَرَ ضَبطًا له وأتقَنَ لأدائِه، أو لأنَّهم تَفرَّغوا لأخْذِه منه مُشافَهةً، وتَصدَّوْا لأدائِه مِن بعْدِه؛ فلذلك ندَبَ إلى الأخْذِ عنهم، لا أنَّه لم يَجمَعْه غَيرُهم.
قال عمرُو بنُ العاصِ: «لا أدْري بَدأَ بأُبَيٍّ أو بمُعاذٍ»، أي: ذَكَرَ أُبيًّا أوَّلًا أو مُعاذًا.
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 4999 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
شرح الحديث:
يَرفَعُ اللهُ سُبحانَه وتعالَى بالقُرآنِ مَن يَشاءُ مِن عِبادِه؛ فبِه يَنالُ المؤمِنُ شرَفَ الدُّنْيا والآخِرةِ، وقدْ نال عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه هذا الشَّرفَ في الدُّنْيا، وما أعَدَّه اللهُ تعالَى خَيرٌ وأبْقى؛ فإنَّه رَضيَ اللهُ عنه كان مِن أَقْرأِ الصَّحابةِ للقُرآنِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ التَّابِعيُّ مَسْروقُ بنُ الأجدَعِ أنَّ عبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه ذكَرَه بَعضُ النَّاسِ عنْدَ عبدِ اللهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ رَضيَ اللهُ عنهما، فأخبَرَ أنَّه ما يَزالُ يُحِبُّ عبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه منذُ سَمِعَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «اسْتَقرِئوا القُرآنَ مِن أربَعةٍ: مِن عبدِ اللهِ بن مَسعودٍ -فبَدأَ به-، وسالِمٍ مَوْلى أبي حُذَيْفةَ، وأُبَيِّ بنِ كَعبٍ، ومُعاذِ بنِ جَبلٍ»، أي: اطْلُبوا القِراءةَ على هؤلاءِ الأربَعةِ، وذكَر عبدَ اللهِ بنَ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه أوَّلَهم، وتَخْصيصُ هؤلاء الأربَعةِ بأخْذِ القُرآنِ عنهم؛ إمَّا لأنَّهم كانوا أكثَرَ ضَبطًا له وأتقَنَ لأدائِه، أو لأنَّهم تَفرَّغوا لأخْذِه منه مُشافَهةً، وتَصدَّوْا لأدائِه مِن بعْدِه؛ فلذلك ندَبَ إلى الأخْذِ عنهم، لا أنَّه لم يَجمَعْه غَيرُهم.
قال عمرُو بنُ العاصِ: «لا أدْري بَدأَ بأُبَيٍّ أو بمُعاذٍ»، أي: ذَكَرَ أُبيًّا أوَّلًا أو مُعاذًا.
لَمْ يَكُنِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَبَّابًا، ولَا فَحَّاشًا، ولَا لَعَّانًا، كانَ يقولُ لأحَدِنَا عِنْدَ المَعْتِبَةِ: ما له تَرِبَ جَبِينُهُ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6031 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6031 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ علَى الطُّرُقَاتِ، فَقالوا: ما لَنَا بُدٌّ، إنَّما هي مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قالَ: فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجَالِسَ، فأعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا، قالوا: وَما حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قالَ: غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ.
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2465 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2465 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعَثَ مُعَاذًا رَضِيَ اللَّهُ عنْه إلى اليَمَنِ، فَقالَ: ادْعُهُمْ إلى شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ قَدِ افْتَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لذلكَ، فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عليهم صَدَقَةً في أمْوَالِهِمْ تُؤْخَذُ مِن أغْنِيَائِهِمْ وتُرَدُّ علَى فُقَرَائِهِمْ.
الراوي: عبدالله بن عباس | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 1395 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
الراوي: عبدالله بن عباس | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 1395 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
أنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَتَى علَى سَلْمَانَ، وَصُهَيْبٍ، وَبِلَالٍ في نَفَرٍ، فَقالوا: وَاللَّهِ ما أَخَذَتْ سُيُوفُ اللهِ مِن عُنُقِ عَدُوِّ اللهِ مَأْخَذَهَا، قالَ: فَقالَ أَبُو بَكْرٍ: أَتَقُولونَ هذا لِشَيخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهِمْ؟! فأتَى النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فأخْبَرَهُ، فَقالَ: يا أَبَا بَكْرٍ، لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ، لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ، لقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ. فَأَتَاهُمْ أَبُو بَكْرٍ فَقالَ: يا إخْوَتَاهْ، أَغْضَبْتُكُمْ؟ قالوا: لا، يَغْفِرُ اللَّهُ لكَ يا أَخِي.
الراوي : عائذ بن عمرو | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2504 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
شرح الحديث:
يَرْوي الصَّحابيُّ عائذُ بنُ عَمرٍو المُزَنيُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ أبا سُفْيانَ بنَ حَرْبٍ -كان مِن زُعَماءِ قُرَيشٍ- مَرَّ ذاتَ يومٍ على سَلْمانَ الفارسيِّ وصُهَيْبٍ الرُّوميِّ وبلالٍ الحَبَشيِّ رَضيَ اللهُ عنهم، وكانوا في «نَفَرٍ»، والنَّفرُ مِن ثلاثةٍ إلى عَشرةٍ مِنَ الرِّجالِ، ولم يكنْ أبو سُفْيانَ أسلَمَ بعْدُ، وكانَ في زَمَنِ الهدنةِ بعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ الَّذي وقَعَ في السَّنةِ السَّادسةِ مِن الهجرةِ، فقال سَلمانُ وأصحابُه: «ما أخذَتْ سيوفُ اللهِ مِن عُنقِ عدوِّ اللهِ مَأْخَذَهَا»، أي: حقَّهَا، والمعنى: ما استَوْفَتْ سُيوفُ اللهِ حقَّها مِن عُنقِ هذا الكافرِ، وهو قَطعُها، ويُحمَلُ التَّمنِّي أنْ تَنالَ هذه السُّيوفُ مِن هذا العدوِّ في المستقبَلِ، فسَمِعَهم أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، وقال لهم: أَتَقولونَ هذا لِشيخِ قَريشٍ؟! أي: لِكبيرِهم وسيِّدِهم ورَئيسهم، وهذا الاستفهامُ الإنكاريُّ بمعنى النَّهيِ، أي: لا تَقولوا ذلك له.
ثُمَّ ذَهَبَ أبو بكرٍ إلى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَأخبرَه الخبرَ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يا أبا بكرٍ، لَعلَّكَ أَغضبْتَهم» بما قُلتَ وإنكارِكَ عليهم قَوْلَهم، وأقسَمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باللهِ: «لَئِنْ كنتَ أَغضبْتَهم» حيثُ إنَّهم مُؤمِنون مُحِبونَ مَحْبوبون للهِ تَعالَى، فلقدْ أغضَبْتَ ربَّكَ، حيثُ راعيْتَ جانِبَ الكافِرِ بِربِّه؛ لأنَّهم لم يَقولوا نُكرًا ولا هُجرًا، بلْ هي منْهم كَلمةُ حقٍّ وصِدقٍ، وفيها تَحمُّسٌ للإسلامِ وعِزُّ أهلِه، وكَبتُ أعدائهِ.
فذَهَبَ إليهم أبو بَكرٍ ليَتأكَّدَ منهم أنَّه لم يُغضِبْهم، وقال مُتسائلًا: «يا إِخوتَاهُ، أَغضَبْتُكم؟» فإنْ كان ذلك فَاعْفوا عنِّي، «فقالوا: لا» ما أغضَبْتَنا، ولا حَرَجَ عليكَ، أو لا غَضَبَ لنا بِالنِّسبةِ إليكَ، ويَغفِرُ اللهُ لكَ يا أَخِي، ضُبِطت بفَتحِ الهمزةِ وكسرِ الخاءِ، وبضَمِّ الهمزةِ وفَتحِ الخاءِ بالتَّصغيرِ؛ تَصغيرُ مُلاطَفةٍ لا تَصغيرُ تَحقيرٍ.
الراوي : عائذ بن عمرو | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2504 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
شرح الحديث:
يَرْوي الصَّحابيُّ عائذُ بنُ عَمرٍو المُزَنيُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ أبا سُفْيانَ بنَ حَرْبٍ -كان مِن زُعَماءِ قُرَيشٍ- مَرَّ ذاتَ يومٍ على سَلْمانَ الفارسيِّ وصُهَيْبٍ الرُّوميِّ وبلالٍ الحَبَشيِّ رَضيَ اللهُ عنهم، وكانوا في «نَفَرٍ»، والنَّفرُ مِن ثلاثةٍ إلى عَشرةٍ مِنَ الرِّجالِ، ولم يكنْ أبو سُفْيانَ أسلَمَ بعْدُ، وكانَ في زَمَنِ الهدنةِ بعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ الَّذي وقَعَ في السَّنةِ السَّادسةِ مِن الهجرةِ، فقال سَلمانُ وأصحابُه: «ما أخذَتْ سيوفُ اللهِ مِن عُنقِ عدوِّ اللهِ مَأْخَذَهَا»، أي: حقَّهَا، والمعنى: ما استَوْفَتْ سُيوفُ اللهِ حقَّها مِن عُنقِ هذا الكافرِ، وهو قَطعُها، ويُحمَلُ التَّمنِّي أنْ تَنالَ هذه السُّيوفُ مِن هذا العدوِّ في المستقبَلِ، فسَمِعَهم أبو بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه، وقال لهم: أَتَقولونَ هذا لِشيخِ قَريشٍ؟! أي: لِكبيرِهم وسيِّدِهم ورَئيسهم، وهذا الاستفهامُ الإنكاريُّ بمعنى النَّهيِ، أي: لا تَقولوا ذلك له.
ثُمَّ ذَهَبَ أبو بكرٍ إلى النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَأخبرَه الخبرَ، فقال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يا أبا بكرٍ، لَعلَّكَ أَغضبْتَهم» بما قُلتَ وإنكارِكَ عليهم قَوْلَهم، وأقسَمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باللهِ: «لَئِنْ كنتَ أَغضبْتَهم» حيثُ إنَّهم مُؤمِنون مُحِبونَ مَحْبوبون للهِ تَعالَى، فلقدْ أغضَبْتَ ربَّكَ، حيثُ راعيْتَ جانِبَ الكافِرِ بِربِّه؛ لأنَّهم لم يَقولوا نُكرًا ولا هُجرًا، بلْ هي منْهم كَلمةُ حقٍّ وصِدقٍ، وفيها تَحمُّسٌ للإسلامِ وعِزُّ أهلِه، وكَبتُ أعدائهِ.
فذَهَبَ إليهم أبو بَكرٍ ليَتأكَّدَ منهم أنَّه لم يُغضِبْهم، وقال مُتسائلًا: «يا إِخوتَاهُ، أَغضَبْتُكم؟» فإنْ كان ذلك فَاعْفوا عنِّي، «فقالوا: لا» ما أغضَبْتَنا، ولا حَرَجَ عليكَ، أو لا غَضَبَ لنا بِالنِّسبةِ إليكَ، ويَغفِرُ اللهُ لكَ يا أَخِي، ضُبِطت بفَتحِ الهمزةِ وكسرِ الخاءِ، وبضَمِّ الهمزةِ وفَتحِ الخاءِ بالتَّصغيرِ؛ تَصغيرُ مُلاطَفةٍ لا تَصغيرُ تَحقيرٍ.
أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ علَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، والذينَ علَى إثْرِهِمْ كَأَشَدِّ كَوْكَبٍ إضَاءَةً، قُلُوبُهُمْ علَى قَلْبِ رَجُلٍ واحِدٍ، لا اخْتِلَافَ بيْنَهُمْ ولَا تَبَاغُضَ، لِكُلِّ امْرِئٍ منهمْ زَوْجَتَانِ، كُلُّ واحِدَةٍ منهما يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِن ورَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الحُسْنِ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وعَشِيًّا، لا يَسْقَمُونَ، ولَا يَمْتَخِطُونَ، ولَا يَبْصُقُونَ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ والفِضَّةُ، وأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، ووَقُودُ مَجَامِرِهِمُ الألُوَّةُ -قالَ أَبُو اليَمَانِ: يَعْنِي العُودَ-، ورَشْحُهُمُ المِسْكُ.
الراوي : أبو هريرة.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3246.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
شرح الحديث:
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصِفُ الجنَّةَ وما فيها مِن النَّعيمِ؛ حثًّا للنَّاسِ على الاجتهادِ في الطَّاعاتِ حتَّى يَنالوا الجنَّةَ، كما كان يُبيِّنُ أسبابَ الأسبقيَّةِ في دُخولِها.
وفي هذا الحديثِ يَصِفُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أهلَ الجنَّةِ جَميعًا بالحُسنِ والجَمالِ، وأنَّهم يَتفاوَتونَ في ذلك حسَبَ دَرَجاتِهم وأعمالِهِم؛ فأوَّلُ طائفةٍ تَدخُلُ الجنَّةَ تكونُ كالقمَرِ لَيلةَ البدْرِ، وهي لَيلةُ الرَّابعَ عشَرَ حِين تَكمُلُ استدارتُه، ويَتِمُّ نُورُه، فيكونُ أكثرَ إشراقًا، وأعظَمَ حُسنًا وبَهاءً. وفي رِوايةٍ عندَ البُخاريِّ: «يَدخُلُ الجنَّةَ مِن أُمَّتي سَبْعون ألْفًا تَضِيءُ وُجوهُهم إضاءةَ القمَرِ لَيلةَ البدْرِ».
أمَّا الطَّائفةُ الثَّانيةُ فإنَّها تُشبِهُ في صُورتِها أقْوى الكواكبِ نُورًا وضِياءً، وقد ورَدَ في هذا المعْنى ما يَقْتضي ما هو أبلَغُ مِن ذلك؛ فرَوى التِّرمذيُّ مِن حَديثِ سَعْدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه مرفوعًا: «لو أنَّ رجُلًا مِن أهْلِ الجنَّةِ اطَّلَع، فبَدا أساورُه؛ لَطمَسَ ضَوءَ الشَّمسِ، كما تَطمِسُ الشَّمسُ ضَوءَ النُّجومِ».
أمَّا صِفاتُهم النَّفسيَّةُ والخُلقيَّةُ، فهمْ كما وصَفَهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: على قَلْبِ رجُلٍ واحدٍ، أي: في غايةِ الاجتماعِ والاتِّفاقِ، حتَّى كأنَّ قُلوبَهم جميعًا قلْبٌ واحدٌ، لا اختِلافَ بيْنهم ولا تَباغُضَ؛ فإنَّ نُفوسَهم صافيةٌ نقيَّةٌ خاليةٌ مِن العَداوةِ والبَغضاءِ، عامرةٌ بالحُبِّ والمودَّةِ؛ لطَهارةِ قُلوبِهم عن الأخلاقِ الذَّميمةِ، وفي رِوايةِ مُسلمٍ: «ثمَّ هم بعْدَ ذلك مَنازِلُ»؛ أي: إنَّ دَرَجاتِهم في إشراقِ اللَّونِ مُتفاوِتةٌ بحَسبِ عُلوِّ دَرَجاتِهم، وتَفاوُتِ فضْلِهم.
وأخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ لكلِّ واحدٍ منهم زَوجتينِ، وفي الصَّحيحينِ: «أنَّهما مِن الحُورِ العِينِ»، وأنَّهما في غايةِ الحُسنِ والصَّفاءِ، حتَّى إنَّه يَرى الرَّائي مُخَّ ساقِها مِن وَراءِ اللَّحمِ؛ مِن الحُسنِ، فهي -لِصَفاء جَسدِها، ورِقَّة بَشَرَتِها- جِسمٌ شفَّافٌ يَكشِفُ عمَّا بداخِلِه، فيَرى النَّاظرُ إليها مُخَّ عِظامِ ساقِها مِن وَراءِ لَحْمِها؛ قال تعالَى: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 58].
ثمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أهْلَ الجنَّةِ يُسبِّحونَ اللهَ بُكرةً وعَشيًّا، أي: في أوَّلِ النَّهارِ وآخِرِه مُتلذِّذينَ بالتَّسبيحِ، والمرادُ أنَّهم يُسبِّحونَ في وقْتِهما؛ وإلَّا فلا بُكرةَ في الجنَّةِ ولا عَشيَّةَ، أمَّا هذا التَّسبيحُ فإنَّه ليس عن تَكليفٍ؛ وإنَّما يُلهَمونَه كما يُلهَمونَ النَّفَسَ.
ولا يَمرَضونَ فيها، ولا يَمْتخِطونَ ولا يَبصُقونَ؛ لأنَّ اللهَ طَهَّرَ أهلَ الجنَّةِ مِن هذه الأقذارِ، وبَعضُ آنِيتِهم مِن فِضَّةٍ، وبَعضُها مِن ذَهَبٍ، وأمشاطُهم مِن الذَّهبِ الخالِصِ، ووَقُودُ مَجَامِرِهم الأَلُوَّةُ؛ يعني أنَّ بَخُورَهم الَّذي تتَّقدُ به مَجامرُهم هو العُودُ الهِنديُّ، الَّذي هو مِن أطيبِ الطِّيبِ وأَزكى البَخورِ، ورَشْحُهُمُ الَّذي يَعرَقونَه هو المِسْكُ، فالطَّعامُ الَّذي يَأكُلونه يَخرُجُ منهم عَرَقًا تَفوحُ منه رائحةٌ زكيَّةٌ كَرائحةِ المِسكِ، كما جاء في حَديثِ مُسلمٍ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما، قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يَأكُلُ أهلُ الجنَّةِ فيها ويَشرَبون، ولا يَتغوَّطون ولا يَمتخَّطون ولا يَبولونَ، ولكنْ طَعامُهم ذلك جُشاءٌ كرَشْحِ المِسكِ».
وفي الحديثِ:
أنَّ أهْلَ الجنَّةِ يَتنعَّمون بكلِّ مَظاهرِ النَّعيمِ والتَّرَفِ.
وفيه: أنَّ الجنَّةَ مُطهَّرةٌ عن الأقذارِ.
وفيه: دَليلٌ على دُخولِ أهْلِ الجنَّةِ إليها جَماعةً بعْدَ جَماعةٍ، وقد صُرِّحَ به في قولِه تعالَى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر: 73].
الراوي : أبو هريرة.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3246.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
شرح الحديث:
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَصِفُ الجنَّةَ وما فيها مِن النَّعيمِ؛ حثًّا للنَّاسِ على الاجتهادِ في الطَّاعاتِ حتَّى يَنالوا الجنَّةَ، كما كان يُبيِّنُ أسبابَ الأسبقيَّةِ في دُخولِها.
وفي هذا الحديثِ يَصِفُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أهلَ الجنَّةِ جَميعًا بالحُسنِ والجَمالِ، وأنَّهم يَتفاوَتونَ في ذلك حسَبَ دَرَجاتِهم وأعمالِهِم؛ فأوَّلُ طائفةٍ تَدخُلُ الجنَّةَ تكونُ كالقمَرِ لَيلةَ البدْرِ، وهي لَيلةُ الرَّابعَ عشَرَ حِين تَكمُلُ استدارتُه، ويَتِمُّ نُورُه، فيكونُ أكثرَ إشراقًا، وأعظَمَ حُسنًا وبَهاءً. وفي رِوايةٍ عندَ البُخاريِّ: «يَدخُلُ الجنَّةَ مِن أُمَّتي سَبْعون ألْفًا تَضِيءُ وُجوهُهم إضاءةَ القمَرِ لَيلةَ البدْرِ».
أمَّا الطَّائفةُ الثَّانيةُ فإنَّها تُشبِهُ في صُورتِها أقْوى الكواكبِ نُورًا وضِياءً، وقد ورَدَ في هذا المعْنى ما يَقْتضي ما هو أبلَغُ مِن ذلك؛ فرَوى التِّرمذيُّ مِن حَديثِ سَعْدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه مرفوعًا: «لو أنَّ رجُلًا مِن أهْلِ الجنَّةِ اطَّلَع، فبَدا أساورُه؛ لَطمَسَ ضَوءَ الشَّمسِ، كما تَطمِسُ الشَّمسُ ضَوءَ النُّجومِ».
أمَّا صِفاتُهم النَّفسيَّةُ والخُلقيَّةُ، فهمْ كما وصَفَهم صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: على قَلْبِ رجُلٍ واحدٍ، أي: في غايةِ الاجتماعِ والاتِّفاقِ، حتَّى كأنَّ قُلوبَهم جميعًا قلْبٌ واحدٌ، لا اختِلافَ بيْنهم ولا تَباغُضَ؛ فإنَّ نُفوسَهم صافيةٌ نقيَّةٌ خاليةٌ مِن العَداوةِ والبَغضاءِ، عامرةٌ بالحُبِّ والمودَّةِ؛ لطَهارةِ قُلوبِهم عن الأخلاقِ الذَّميمةِ، وفي رِوايةِ مُسلمٍ: «ثمَّ هم بعْدَ ذلك مَنازِلُ»؛ أي: إنَّ دَرَجاتِهم في إشراقِ اللَّونِ مُتفاوِتةٌ بحَسبِ عُلوِّ دَرَجاتِهم، وتَفاوُتِ فضْلِهم.
وأخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ لكلِّ واحدٍ منهم زَوجتينِ، وفي الصَّحيحينِ: «أنَّهما مِن الحُورِ العِينِ»، وأنَّهما في غايةِ الحُسنِ والصَّفاءِ، حتَّى إنَّه يَرى الرَّائي مُخَّ ساقِها مِن وَراءِ اللَّحمِ؛ مِن الحُسنِ، فهي -لِصَفاء جَسدِها، ورِقَّة بَشَرَتِها- جِسمٌ شفَّافٌ يَكشِفُ عمَّا بداخِلِه، فيَرى النَّاظرُ إليها مُخَّ عِظامِ ساقِها مِن وَراءِ لَحْمِها؛ قال تعالَى: {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 58].
ثمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أهْلَ الجنَّةِ يُسبِّحونَ اللهَ بُكرةً وعَشيًّا، أي: في أوَّلِ النَّهارِ وآخِرِه مُتلذِّذينَ بالتَّسبيحِ، والمرادُ أنَّهم يُسبِّحونَ في وقْتِهما؛ وإلَّا فلا بُكرةَ في الجنَّةِ ولا عَشيَّةَ، أمَّا هذا التَّسبيحُ فإنَّه ليس عن تَكليفٍ؛ وإنَّما يُلهَمونَه كما يُلهَمونَ النَّفَسَ.
ولا يَمرَضونَ فيها، ولا يَمْتخِطونَ ولا يَبصُقونَ؛ لأنَّ اللهَ طَهَّرَ أهلَ الجنَّةِ مِن هذه الأقذارِ، وبَعضُ آنِيتِهم مِن فِضَّةٍ، وبَعضُها مِن ذَهَبٍ، وأمشاطُهم مِن الذَّهبِ الخالِصِ، ووَقُودُ مَجَامِرِهم الأَلُوَّةُ؛ يعني أنَّ بَخُورَهم الَّذي تتَّقدُ به مَجامرُهم هو العُودُ الهِنديُّ، الَّذي هو مِن أطيبِ الطِّيبِ وأَزكى البَخورِ، ورَشْحُهُمُ الَّذي يَعرَقونَه هو المِسْكُ، فالطَّعامُ الَّذي يَأكُلونه يَخرُجُ منهم عَرَقًا تَفوحُ منه رائحةٌ زكيَّةٌ كَرائحةِ المِسكِ، كما جاء في حَديثِ مُسلمٍ عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضيَ اللهُ عنهما، قال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يَأكُلُ أهلُ الجنَّةِ فيها ويَشرَبون، ولا يَتغوَّطون ولا يَمتخَّطون ولا يَبولونَ، ولكنْ طَعامُهم ذلك جُشاءٌ كرَشْحِ المِسكِ».
وفي الحديثِ:
أنَّ أهْلَ الجنَّةِ يَتنعَّمون بكلِّ مَظاهرِ النَّعيمِ والتَّرَفِ.
وفيه: أنَّ الجنَّةَ مُطهَّرةٌ عن الأقذارِ.
وفيه: دَليلٌ على دُخولِ أهْلِ الجنَّةِ إليها جَماعةً بعْدَ جَماعةٍ، وقد صُرِّحَ به في قولِه تعالَى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} [الزمر: 73].
أُرْسِلَ مَلَكُ المَوْتِ إلى مُوسَى عليهما
السَّلَامُ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ، فَرَجَعَ إلى رَبِّهِ، فَقَالَ: أرْسَلْتَنِي إلى عَبْدٍ لا يُرِيدُ المَوْتَ، فَرَدَّ اللَّهُ عليه عَيْنَهُ وقَالَ: ارْجِعْ، فَقُلْ له: يَضَعُ يَدَهُ علَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بكُلِّ ما غَطَّتْ به يَدُهُ بكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ، قَالَ: أيْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ المَوْتُ، قَالَ: فَالْآنَ، فَسَأَلَ اللَّهَ أنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بحَجَرٍ، قَالَ: قَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فلوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، إلى جَانِبِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ الكَثِيبِ الأحْمَرِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 1339 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] |
شرح الحديث
يُخبِرُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَلَكَ الموتِ جاءَ إلى مُوسى عليه السَّلامُ في صُورةِ رجُلٍ، فلمَّا جاءَه وأخبرَه أنَّه جاءَ يَقبِضُ رُوحَه، لم يَعلَمْ موسى أنَّه مَلَكُ الموتِ، فصَكَّه، يعني: ضرَبَه على وجْهِه، فَفُقِئَتْ عيْنُه، وفَقْأُ العَينِ وقَع للملَكِ وهو على صورتِه البشريَّةِ وليست الملائكيَّة، وإنَّما ضرَبه موسى على وجْهِه لدُخولِه عليه في غيرِ إذنٍ أو معرفةٍ، كما في قِصَّةِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ وغيرِه مِن الرُّسلِ، قال اللهُ تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} [هود: 69، 70].
فرجَعَ ملَكُ الموتِ إلى اللهِ تعالَى، وقال له: «أرسَلْتَني إلى رجُلٍ لا يُريدُ الموتَ»، ولعلَّ مَلَكَ الموتِ قال ذلك ظنًّا منه أنَّ مُوسَى عليه السَّلامُ لَطَمَه لأنَّه لا يُحِبُّ أنْ يَموتَ، فقال المولَى تَبارَك وتعالَى لمَلَكِ الموتِ: «ارجِعْ، فقُلْ له: يَضعُ يدَه على ظهْرِ ثَورٍ، فله بِكلِّ ما غطَّتْ به يدُه بِكلِّ شَعْرةٍ سَنةٌ»؛ فكلُّ شَعرةٍ ممَّا لَمسَتْ يدُه مِن شَعْرِ الثَّورِ يَعيشُ بها سَنَةً، فلمَّا رجعَ ملَك المَوتِ إلى موسَى عليه السَّلامُ وأخبرَه وعلِمَ أنَّه ملَكُ الموتِ، قال: أيْ رَبِّ، ثُمَّ ماذا؟ قال: ثُمَّ الموتُ، قال: فالآنَ! فما دام أنَّ كلَّ حياةٍ يَعقُبُها موتٌ وفَناءٌ، فاقبِضْ رُوحي في هذا الأجَلِ، ثُمَّ سألَ ربَّه أنْ يُقرِّبَه مِن بيتِ المَقْدِسِ مَسافةَ رَمْيِ حجَرٍ، بحيثُ لو رَمى رامٍ حجَرًا مِن ذلك الموضعِ الَّذي هو مَوضِعُ قبرِه لَوصلَ إلى بيتِ المَقدِسِ، فاستجابَ له ربُّه، ثمَّ أخبَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه رَضيَ اللهُ عنهم أنَّه لو كان هناكَ لحدَّد لهم مَوضِعَ قبرِه عليه السَّلامُ عندَ الرَّملِ الأحمرِ المُجتَمِعِ. وملَكُ المَوتِ لم يبْعثُه الله إلى موسَى عليه السَّلامُ وهو يريدُ قبْضَ رُوحِه حينَئذٍ، وإنَّما بعَثَه إليه اختِبارًا وابتِلاءً، كما أمَر اللهُ خليلَه إبراهيمَ بذَبْحِ ابنِه، ولم يُرِدْ تعالَى إمْضاءَ الفعلِ ولا قتْلَ ابنِه، ففَداهُ بذِبْحٍ عظيمٍ، ولو أرادَ اللهُ قبْضَ رُوحِ موسى عليه السَّلامُ حينَ ألْهَمَ ملَكَ المَوتِ لكان ما أرادَ.
السَّلَامُ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ، فَرَجَعَ إلى رَبِّهِ، فَقَالَ: أرْسَلْتَنِي إلى عَبْدٍ لا يُرِيدُ المَوْتَ، فَرَدَّ اللَّهُ عليه عَيْنَهُ وقَالَ: ارْجِعْ، فَقُلْ له: يَضَعُ يَدَهُ علَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بكُلِّ ما غَطَّتْ به يَدُهُ بكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ، قَالَ: أيْ رَبِّ، ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ المَوْتُ، قَالَ: فَالْآنَ، فَسَأَلَ اللَّهَ أنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الأرْضِ المُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بحَجَرٍ، قَالَ: قَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فلوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ، إلى جَانِبِ الطَّرِيقِ، عِنْدَ الكَثِيبِ الأحْمَرِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 1339 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] |
شرح الحديث
يُخبِرُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَلَكَ الموتِ جاءَ إلى مُوسى عليه السَّلامُ في صُورةِ رجُلٍ، فلمَّا جاءَه وأخبرَه أنَّه جاءَ يَقبِضُ رُوحَه، لم يَعلَمْ موسى أنَّه مَلَكُ الموتِ، فصَكَّه، يعني: ضرَبَه على وجْهِه، فَفُقِئَتْ عيْنُه، وفَقْأُ العَينِ وقَع للملَكِ وهو على صورتِه البشريَّةِ وليست الملائكيَّة، وإنَّما ضرَبه موسى على وجْهِه لدُخولِه عليه في غيرِ إذنٍ أو معرفةٍ، كما في قِصَّةِ إبراهيمَ عليه السَّلامُ وغيرِه مِن الرُّسلِ، قال اللهُ تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (69) فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ} [هود: 69، 70].
فرجَعَ ملَكُ الموتِ إلى اللهِ تعالَى، وقال له: «أرسَلْتَني إلى رجُلٍ لا يُريدُ الموتَ»، ولعلَّ مَلَكَ الموتِ قال ذلك ظنًّا منه أنَّ مُوسَى عليه السَّلامُ لَطَمَه لأنَّه لا يُحِبُّ أنْ يَموتَ، فقال المولَى تَبارَك وتعالَى لمَلَكِ الموتِ: «ارجِعْ، فقُلْ له: يَضعُ يدَه على ظهْرِ ثَورٍ، فله بِكلِّ ما غطَّتْ به يدُه بِكلِّ شَعْرةٍ سَنةٌ»؛ فكلُّ شَعرةٍ ممَّا لَمسَتْ يدُه مِن شَعْرِ الثَّورِ يَعيشُ بها سَنَةً، فلمَّا رجعَ ملَك المَوتِ إلى موسَى عليه السَّلامُ وأخبرَه وعلِمَ أنَّه ملَكُ الموتِ، قال: أيْ رَبِّ، ثُمَّ ماذا؟ قال: ثُمَّ الموتُ، قال: فالآنَ! فما دام أنَّ كلَّ حياةٍ يَعقُبُها موتٌ وفَناءٌ، فاقبِضْ رُوحي في هذا الأجَلِ، ثُمَّ سألَ ربَّه أنْ يُقرِّبَه مِن بيتِ المَقْدِسِ مَسافةَ رَمْيِ حجَرٍ، بحيثُ لو رَمى رامٍ حجَرًا مِن ذلك الموضعِ الَّذي هو مَوضِعُ قبرِه لَوصلَ إلى بيتِ المَقدِسِ، فاستجابَ له ربُّه، ثمَّ أخبَر النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أصحابَه رَضيَ اللهُ عنهم أنَّه لو كان هناكَ لحدَّد لهم مَوضِعَ قبرِه عليه السَّلامُ عندَ الرَّملِ الأحمرِ المُجتَمِعِ. وملَكُ المَوتِ لم يبْعثُه الله إلى موسَى عليه السَّلامُ وهو يريدُ قبْضَ رُوحِه حينَئذٍ، وإنَّما بعَثَه إليه اختِبارًا وابتِلاءً، كما أمَر اللهُ خليلَه إبراهيمَ بذَبْحِ ابنِه، ولم يُرِدْ تعالَى إمْضاءَ الفعلِ ولا قتْلَ ابنِه، ففَداهُ بذِبْحٍ عظيمٍ، ولو أرادَ اللهُ قبْضَ رُوحِ موسى عليه السَّلامُ حينَ ألْهَمَ ملَكَ المَوتِ لكان ما أرادَ.
وَاللَّهِ لقَدْ أخَذْتُ مِن في رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِضْعًا وسَبْعِينَ سُورَةً، واللَّهِ لقَدْ عَلِمَ أصْحَابُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنِّي مِن أعْلَمِهِمْ بكِتَابِ اللَّهِ، وما أنَا بخَيْرِهِمْ. قَالَ شَقِيقٌ: فَجَلَسْتُ في الحِلَقِ أسْمَعُ ما يقولونَ، فَما سَمِعْتُ رَادًّا يقولُ غيرَ ذلكَ.
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 5000 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
شرح الحديث:
حَرَص الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم على تَلقِّي القرآنِ الكريمِ مِنَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُباشَرةً ولازَموه لذلك، وتفاوتت أقدارُهم في هذا الشَّأنِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبرُ عبدُ اللهِ بنُ مَسْعودٍ رضِيَ اللهُ عنه أَنَّه تَلَقَّى مِن فَمِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دونَ واسِطةٍ بِضعًا وسَبْعينَ سُورةً من القُرآنِ، والبِضْعُ: ما بيْن الثَّلاثةِ والتِّسعةِ.
والذي حمَلَه على قَوْلِ ذلك هو ما أَمَرَ به عَثْمانُ رضِيَ اللهُ عنه مِنْ جَمْعِ القرآنِ في مُصْحَفٍ واحدٍ على رَسْمٍ وَاحدٍ، وكان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم عَزَموا على كِتابةِ المُصحفِ بلُغةِ قُريشٍ، وعيَّنوا لذلك أربعةً لم يكُنْ منهم ابنُ مسعودٍ، مع أنَّه أسبَقُهم لحِفْظِ القُرآنِ، ومِن أعلَمِهم به، كما شَهِدوا له بذلك، غيرَ أنَّه رضِيَ اللهُ عنه كان هُذَلِيًّا، وكانتْ قِراءتُه على لُغةِ هُذيلٍ، وبيْنها وبيْن لُغةِ قُريشٍ تَباينٌ عَظيمٌ؛ فلذلك لم يُدْخِلوه معهم، فَساءَه ذلك فقال ما قال، ثُمَّ أكَّد مَقولتَه بأنَّ الصَّحابةَ رضِي اللهُ عنهم عَلى عِلمٍ بأَنَّهُ مِنْ أَعلمِهم بِكتابِ اللهِ، ثُمَّ بَيَّنَ حَالةَ نَفْسِه تواضُعًا ونفيًا للفَخرِ والإعجابِ، فقال: «وما أنا بِخيْرِهم»، يعني: ما أنا بأَفْضَلِ الصَّحابةِ؛ إذْ لا يلزمُ مِن زيادةِ الفَضلِ في صِفةٍ مِن صِفاتِه الأفضليَّةُ المُطلَقةُ.
وفي الحديثِ: ذِكْرُ الإنسانِ نَفْسَه بالفضيلةِ؛ لِلحاجةِ، وليس للتَّزكيةِ والفَخْرِ والإعجابِ.
الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 5000 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
شرح الحديث:
حَرَص الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم على تَلقِّي القرآنِ الكريمِ مِنَ النَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُباشَرةً ولازَموه لذلك، وتفاوتت أقدارُهم في هذا الشَّأنِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبرُ عبدُ اللهِ بنُ مَسْعودٍ رضِيَ اللهُ عنه أَنَّه تَلَقَّى مِن فَمِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دونَ واسِطةٍ بِضعًا وسَبْعينَ سُورةً من القُرآنِ، والبِضْعُ: ما بيْن الثَّلاثةِ والتِّسعةِ.
والذي حمَلَه على قَوْلِ ذلك هو ما أَمَرَ به عَثْمانُ رضِيَ اللهُ عنه مِنْ جَمْعِ القرآنِ في مُصْحَفٍ واحدٍ على رَسْمٍ وَاحدٍ، وكان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم عَزَموا على كِتابةِ المُصحفِ بلُغةِ قُريشٍ، وعيَّنوا لذلك أربعةً لم يكُنْ منهم ابنُ مسعودٍ، مع أنَّه أسبَقُهم لحِفْظِ القُرآنِ، ومِن أعلَمِهم به، كما شَهِدوا له بذلك، غيرَ أنَّه رضِيَ اللهُ عنه كان هُذَلِيًّا، وكانتْ قِراءتُه على لُغةِ هُذيلٍ، وبيْنها وبيْن لُغةِ قُريشٍ تَباينٌ عَظيمٌ؛ فلذلك لم يُدْخِلوه معهم، فَساءَه ذلك فقال ما قال، ثُمَّ أكَّد مَقولتَه بأنَّ الصَّحابةَ رضِي اللهُ عنهم عَلى عِلمٍ بأَنَّهُ مِنْ أَعلمِهم بِكتابِ اللهِ، ثُمَّ بَيَّنَ حَالةَ نَفْسِه تواضُعًا ونفيًا للفَخرِ والإعجابِ، فقال: «وما أنا بِخيْرِهم»، يعني: ما أنا بأَفْضَلِ الصَّحابةِ؛ إذْ لا يلزمُ مِن زيادةِ الفَضلِ في صِفةٍ مِن صِفاتِه الأفضليَّةُ المُطلَقةُ.
وفي الحديثِ: ذِكْرُ الإنسانِ نَفْسَه بالفضيلةِ؛ لِلحاجةِ، وليس للتَّزكيةِ والفَخْرِ والإعجابِ.
ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 969 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
شرح الحديث:
وفي هذا الحَديثِ يُرشِدُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى فَضْلِ العملِ الصَّالحِ في العَشْرِ الأوائلِ مِن ذي الحِجَّةِ، ويُبيِّنُ أنَّ أجْرَ العَملِ الصَّالحِ فيها يَتضاعَفُ ما لا يَتضاعَفُ في سائرِ الأيَّامِ؛ فعلَى المُسلِمِ أنْ يَغتَنِمَها ويُكثِرَ فيها الطاعاتِ، ومِن أجَلِّ الطاعاتِ فيها ذِكرُ اللهِ عزَّ وجلَّ، وأعظمُ الذِّكرِ قِراءةُ القُرآنِ، والتَّكبيرُ والتَّهليلُ والتَّحميدُ، وفي مُسنَدِ أحمدَ وغيرِه: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ قال: «ما مِن أيَّامٍ أعظمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَملِ فيهنَّ مِن هذه الأيَّامِ العَشرِ؛ فأَكْثِروا فيهِنَّ مِن التَّهليلِ، والتَّكبيرِ، والتَّحْمِيد». ويَشملُ العَملُ الصالحُ الفَرائضَ والواجِباتِ وكلَّ أعْمالِ البِرِّ والمَعروفِ وأعمالَ التَّطوُّعِ مِن العِباداتِ؛ مِن صَلاةٍ وصَدَقةٍ وصِيامٍ وبالأخصِّ صِيامُ يومِ عَرفةَ؛ فكلُّ ما فُعِلَ مِن فرْضٍ في العَشرِ فهو أفْضلُ مِن فرْضٍ فُعِلَ في غيرِه، وكذا النَّفْلُ في العَشرِ أفضلُ مِن النَّفْلِ في غيرِها، كما يَشمَلُ أيضًا ترْكَ المنهيَّاتِ والمنكَراتِ؛ فمَنْ ترَكَ المعصيةَ في هذه الأيَّامِ فلا شكَّ أنَّ أجْرَه أفضلُ مِن تَركِه للمَعصيةِ في غيرِها.
فسَأَلَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الجِهادِ في غَيرِ هذه الأيَّامِ العَشْرِ؛ هلِ العَملُ الصَّالحُ فيها يَفضُلُه أيضًا؟ وإنَّما اختصَّ سُؤالُهم عن الجِهادِ لِمَا تقرَّرَ عِندَهم أنَّه مِن أفضلِ الأعمالِ؛ ولذلِك وُزِنَ به أيَّامُ ذِي الحِجَّةِ، فأجاب النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَعَم؛ يَفضُلُ العَمَلُ الصَّالحُ في هذِه الأيَّامِ الجِهادَ في غَيرِها، إلَّا رجُلٌ خرَجَ مُخاطِرًا بنفْسِه ومالِه في سَبيلِ اللهِ، ففَقَدَ مالَه وفاضَتْ رُوحُه في سَبيلِ اللهِ؛ فهذا الجِهادُ بهذه الصُّورةِ هو الذي يَفضُلُ على العَملِ الصالحِ في هذه الأيَّامِ المبارَكاتِ، وهذا بَيانٌ لفَخامةِ جِهادِه، وتَعظيمٌ له بأنَّه قد بَلَغَ مَبلَغًا لا يَكادُ يَتفاوَتُ بشَرَفِ الأيَّامِ والأزمانِ وعَدَمِ شَرَفِها.
وظاهِرُ هذا الحَديثِ أنَّ هذه العَشَرةَ أفضَلُ مِن العَشرِ الأواخِرِ مِن رَمضانَ. وقيل: إنَّ عَشْرَ ذي الحِجَّةِ هي الأفضلُ أيَّامًا، وعشْرَ رَمَضانَ هي أفضَلُ لَياليَ؛ لوُجودِ لَيلةِ القَدْرِ فيها.
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 969 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
شرح الحديث:
وفي هذا الحَديثِ يُرشِدُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى فَضْلِ العملِ الصَّالحِ في العَشْرِ الأوائلِ مِن ذي الحِجَّةِ، ويُبيِّنُ أنَّ أجْرَ العَملِ الصَّالحِ فيها يَتضاعَفُ ما لا يَتضاعَفُ في سائرِ الأيَّامِ؛ فعلَى المُسلِمِ أنْ يَغتَنِمَها ويُكثِرَ فيها الطاعاتِ، ومِن أجَلِّ الطاعاتِ فيها ذِكرُ اللهِ عزَّ وجلَّ، وأعظمُ الذِّكرِ قِراءةُ القُرآنِ، والتَّكبيرُ والتَّهليلُ والتَّحميدُ، وفي مُسنَدِ أحمدَ وغيرِه: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ قال: «ما مِن أيَّامٍ أعظمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَملِ فيهنَّ مِن هذه الأيَّامِ العَشرِ؛ فأَكْثِروا فيهِنَّ مِن التَّهليلِ، والتَّكبيرِ، والتَّحْمِيد». ويَشملُ العَملُ الصالحُ الفَرائضَ والواجِباتِ وكلَّ أعْمالِ البِرِّ والمَعروفِ وأعمالَ التَّطوُّعِ مِن العِباداتِ؛ مِن صَلاةٍ وصَدَقةٍ وصِيامٍ وبالأخصِّ صِيامُ يومِ عَرفةَ؛ فكلُّ ما فُعِلَ مِن فرْضٍ في العَشرِ فهو أفْضلُ مِن فرْضٍ فُعِلَ في غيرِه، وكذا النَّفْلُ في العَشرِ أفضلُ مِن النَّفْلِ في غيرِها، كما يَشمَلُ أيضًا ترْكَ المنهيَّاتِ والمنكَراتِ؛ فمَنْ ترَكَ المعصيةَ في هذه الأيَّامِ فلا شكَّ أنَّ أجْرَه أفضلُ مِن تَركِه للمَعصيةِ في غيرِها.
فسَأَلَ الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن الجِهادِ في غَيرِ هذه الأيَّامِ العَشْرِ؛ هلِ العَملُ الصَّالحُ فيها يَفضُلُه أيضًا؟ وإنَّما اختصَّ سُؤالُهم عن الجِهادِ لِمَا تقرَّرَ عِندَهم أنَّه مِن أفضلِ الأعمالِ؛ ولذلِك وُزِنَ به أيَّامُ ذِي الحِجَّةِ، فأجاب النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: نَعَم؛ يَفضُلُ العَمَلُ الصَّالحُ في هذِه الأيَّامِ الجِهادَ في غَيرِها، إلَّا رجُلٌ خرَجَ مُخاطِرًا بنفْسِه ومالِه في سَبيلِ اللهِ، ففَقَدَ مالَه وفاضَتْ رُوحُه في سَبيلِ اللهِ؛ فهذا الجِهادُ بهذه الصُّورةِ هو الذي يَفضُلُ على العَملِ الصالحِ في هذه الأيَّامِ المبارَكاتِ، وهذا بَيانٌ لفَخامةِ جِهادِه، وتَعظيمٌ له بأنَّه قد بَلَغَ مَبلَغًا لا يَكادُ يَتفاوَتُ بشَرَفِ الأيَّامِ والأزمانِ وعَدَمِ شَرَفِها.
وظاهِرُ هذا الحَديثِ أنَّ هذه العَشَرةَ أفضَلُ مِن العَشرِ الأواخِرِ مِن رَمضانَ. وقيل: إنَّ عَشْرَ ذي الحِجَّةِ هي الأفضلُ أيَّامًا، وعشْرَ رَمَضانَ هي أفضَلُ لَياليَ؛ لوُجودِ لَيلةِ القَدْرِ فيها.
أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: بَيْنا رَجُلٌ يَمْشِي، فاشْتَدَّ عليه العَطَشُ، فَنَزَلَ بئْرًا، فَشَرِبَ مِنْها، ثُمَّ خَرَجَ فإذا هو بكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فقالَ: لقَدْ بَلَغَ هذا مِثْلُ الذي بَلَغَ بي، فَمَلَأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أمْسَكَهُ بفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ له، فَغَفَرَ له، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، وإنَّ لنا في البَهائِمِ أجْرًا؟ قالَ: في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 2363 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
* يَأكُل الثَّرى: يَلعَقُ بفَمِه الأرضَ النَّديَّةَ بسَببِ العطش
* الخُفُّ: ما يُلبَسُ في الرِّجلَينِ مِن جِلدٍ رَقيقٍ
* في كلِّ كَبِدٍ رَطْبةٍ أجرٌ: أي في كلِّ شَيءٍ فيه رُوحٌ ثَوابٌ ما دام الإنسانُ يُحسِنُ إليه
في الحديثِ: الحثُّ على الإحسانِ إلى النَّاسِ؛ لأنَّه إذا حَصَلَت المَغفرةُ بسَببِ سَقْيِ الكلْبِ، فسَقْيُ بَني آدَمَ أعظَمُ أجْرًا.
وفيه: فضْلُ سَقْيِ الماءِ وكَونُه مِن أعظَمِ القُرُباتِ.
وفيه: التَّنفيرُ مِن الإساءةِ إلى البَهائمِ والحَيوانِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 2363 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
* يَأكُل الثَّرى: يَلعَقُ بفَمِه الأرضَ النَّديَّةَ بسَببِ العطش
* الخُفُّ: ما يُلبَسُ في الرِّجلَينِ مِن جِلدٍ رَقيقٍ
* في كلِّ كَبِدٍ رَطْبةٍ أجرٌ: أي في كلِّ شَيءٍ فيه رُوحٌ ثَوابٌ ما دام الإنسانُ يُحسِنُ إليه
في الحديثِ: الحثُّ على الإحسانِ إلى النَّاسِ؛ لأنَّه إذا حَصَلَت المَغفرةُ بسَببِ سَقْيِ الكلْبِ، فسَقْيُ بَني آدَمَ أعظَمُ أجْرًا.
وفيه: فضْلُ سَقْيِ الماءِ وكَونُه مِن أعظَمِ القُرُباتِ.
وفيه: التَّنفيرُ مِن الإساءةِ إلى البَهائمِ والحَيوانِ.
أنَّ ابْنَةً للنَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرْسَلَتْ إلَيْهِ، وهو مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وسَعْدٌ وأُبَيٌّ -نَحْسِبُ- أنَّ ابْنَتي قدْ حُضِرَتْ فاشْهَدْنا، فأرْسَلَ إلَيْها السَّلامَ، ويقولُ: إنَّ لِلَّهِ ما أخَذَ وما أعْطَى، وكُلُّ شَيءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى، فَلْتَحْتَسِبْ ولْتَصْبِرْ. فأرْسَلَتْ تُقْسِمُ عليه، فَقامَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وقُمْنا، فَرُفِعَ الصَّبِيُّ في حَجْرِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ونَفْسُهُ تَقَعْقَعُ، فَفاضَتْ عَيْنا النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ له سَعْدٌ: ما هذا يا رَسولَ اللَّهِ؟! قالَ: هذِه رَحْمَةٌ وضَعَها اللَّهُ في قُلُوبِ مَن شاءَ مِن عِبادِهِ، ولا يَرْحَمُ اللَّهُ مِن عِبادِهِ إلَّا الرُّحَماءَ.
الراوي: أسامة بن زيد | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 5655 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
شرح الحديث:
في هذا الحديثِ يَروي أسامةُ بنُ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّه وسعْدَ بنَ أبي وقَّاصٍ وأُبَيَّ بنَ كَعْبٍ كانوا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأرسَلتْ له ابنتُه، وهي زينبُ رَضيَ اللهُ عنها، تُخبِرُه أنَّ ابنتَها قد حُضِرَتْ، أي: حضَرتْها الوفاةُ، وطلَبتْ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يَحْضُرَ إليهم، فأرسَلَ إليها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَدْعوها أنْ تَصْبِرَ وتَحْتَسِبَ، أي: تَطلُبَ الأجرَ من اللهِ، ولتجعَلَ الوَلَدَ في حسابِ اللهِ راضيةً بقِضائِه. وقال لها: إنَّ للهِ ما أخَذ وما أَعطى، فكلُّ مِنحةٍ يَتَحصَّلُ عليها العبدُ هي مِن اللهِ سُبحانه وتعالَى يُؤتيها مَن يَشاءُ، وكلُّ نِعمةٍ يَسْلُبُها اللهُ مِن العبدِ فهي أيضًا منه، يَنزِعُها ممَّن يَشاءُ، وكلُّ شَيءٍ راجعٌ إليه ومُقدَّرٌ عنْدَه سُبحانه وتعالَى، فلمَّا رأتْ زَيْنبُ ذلك أرسَلتْ إليه تُقسِمُ عليه أنْ يَحضُرَ، فأبَرَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَسَمَها وذهَبَ إليها، فلمَّا حضَر رفَعوا له الطِّفلَ ووضَعُوه في حَجْرِه، ونفْسُه تَقَعْقَعُ، أي: تَضطرِبُ وتَتحرَّكُ ويُسمَعُ لها صَوتٌ، ففاضتْ عَينَا النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالدَّمعِ رَحمةً بالصَّغير، فلمَّا رَأى ذلك سَعدُ بنُ أبي وقَّاص رَضيَ اللهُ عنه قال للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما هذا يا رَسولَ اللهِ؟! يَسألُه عن بُكائِه، مُستغرِبًا صُدورَه من النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه خِلافُ ما يَعهَدُه منه مِن مُقاومةِ المُصيبةِ بالصَّبرِ، فأخْبَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها رَحْمةٌ جَعَلها اللهُ في قُلوبِ الرُّحماءِ، وليس مِن بابِ الجَزَعِ وقِلَّةِ الصَّبر، وأنَّ رحمةَ اللهِ تختَصُّ بمن اتَّصف بالرَّحمةِ وتحقَّق بها، وبكاؤه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يدُلُّ على أنَّ المنهيَّ عنه من البكاءِ ما صَحِبَه النَّوحُ والجَزَعُ وعَدَمُ الصَّبرِ.
وقَولُه: «الرُّحماءُ» جمع رحيمٍ، من صِيَغِ المبالغةِ، ومقتضاه: أنَّ رحمةَ اللهِ تختصُّ بمن اتَّصَف بالرَّحمةِ وتحقَّق بها بخِلافِ من فيه أدنى رحمةٍ، لكن ثبت في حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو عند أبي داودَ وغيرِه: «الراحمون يَرحمُهم الرَّحمنُ»، والراحمون جمعُ راحمٍ، فيدخُلُ كُلُّ من فيه أدنى رحمةٍ.
الراوي: أسامة بن زيد | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 5655 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
شرح الحديث:
في هذا الحديثِ يَروي أسامةُ بنُ زَيدٍ رَضيَ اللهُ عنهما: أنَّه وسعْدَ بنَ أبي وقَّاصٍ وأُبَيَّ بنَ كَعْبٍ كانوا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأرسَلتْ له ابنتُه، وهي زينبُ رَضيَ اللهُ عنها، تُخبِرُه أنَّ ابنتَها قد حُضِرَتْ، أي: حضَرتْها الوفاةُ، وطلَبتْ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ يَحْضُرَ إليهم، فأرسَلَ إليها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَدْعوها أنْ تَصْبِرَ وتَحْتَسِبَ، أي: تَطلُبَ الأجرَ من اللهِ، ولتجعَلَ الوَلَدَ في حسابِ اللهِ راضيةً بقِضائِه. وقال لها: إنَّ للهِ ما أخَذ وما أَعطى، فكلُّ مِنحةٍ يَتَحصَّلُ عليها العبدُ هي مِن اللهِ سُبحانه وتعالَى يُؤتيها مَن يَشاءُ، وكلُّ نِعمةٍ يَسْلُبُها اللهُ مِن العبدِ فهي أيضًا منه، يَنزِعُها ممَّن يَشاءُ، وكلُّ شَيءٍ راجعٌ إليه ومُقدَّرٌ عنْدَه سُبحانه وتعالَى، فلمَّا رأتْ زَيْنبُ ذلك أرسَلتْ إليه تُقسِمُ عليه أنْ يَحضُرَ، فأبَرَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَسَمَها وذهَبَ إليها، فلمَّا حضَر رفَعوا له الطِّفلَ ووضَعُوه في حَجْرِه، ونفْسُه تَقَعْقَعُ، أي: تَضطرِبُ وتَتحرَّكُ ويُسمَعُ لها صَوتٌ، ففاضتْ عَينَا النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالدَّمعِ رَحمةً بالصَّغير، فلمَّا رَأى ذلك سَعدُ بنُ أبي وقَّاص رَضيَ اللهُ عنه قال للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما هذا يا رَسولَ اللهِ؟! يَسألُه عن بُكائِه، مُستغرِبًا صُدورَه من النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه خِلافُ ما يَعهَدُه منه مِن مُقاومةِ المُصيبةِ بالصَّبرِ، فأخْبَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّها رَحْمةٌ جَعَلها اللهُ في قُلوبِ الرُّحماءِ، وليس مِن بابِ الجَزَعِ وقِلَّةِ الصَّبر، وأنَّ رحمةَ اللهِ تختَصُّ بمن اتَّصف بالرَّحمةِ وتحقَّق بها، وبكاؤه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يدُلُّ على أنَّ المنهيَّ عنه من البكاءِ ما صَحِبَه النَّوحُ والجَزَعُ وعَدَمُ الصَّبرِ.
وقَولُه: «الرُّحماءُ» جمع رحيمٍ، من صِيَغِ المبالغةِ، ومقتضاه: أنَّ رحمةَ اللهِ تختصُّ بمن اتَّصَف بالرَّحمةِ وتحقَّق بها بخِلافِ من فيه أدنى رحمةٍ، لكن ثبت في حديثِ عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو عند أبي داودَ وغيرِه: «الراحمون يَرحمُهم الرَّحمنُ»، والراحمون جمعُ راحمٍ، فيدخُلُ كُلُّ من فيه أدنى رحمةٍ.
ما مِن أيَّامٍ أَعظَمَ عِندَ اللهِ، ولا أَحَبَّ إلَيهِ مِنَ العملِ فيهِنَّ مِن هذِه الأَيَّامِ العَشرِ؛ فأَكثِرُوا فيهِنَّ مِنَ التَّهليلِ، والتَّكبيرِ، والتَّحميدِ.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : أحمد بن حنبل | المصدر : مسند الإمام أحمد
الصفحة أو الرقم: 5446 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
شرح الحديث:
يرشد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحَديثِ إلى فَضلِ العَمَلِ الصَّالحِ في العَشْرِ الأوائِلِ مِن ذي الحِجَّةِ؛ فيقولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ما مِن أيَّامٍ أعظَمَ عِندَ اللهِ، ولا أحَبَّ إليه من العَمَلِ فيهِنَّ"، والمَعْنى: أنَّ أفضَلَ أيَّامِ السَّنةِ عِندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، والَّتي يكونُ فيها العَمَلُ الصَّالِحُ أقرَبَ أنْ يُقبَلَ ويُزادَ في الأجْرِ، "من هذه الأيَّامِ العَشْرِ" يَعْني: العَشْرَ الأوائِلَ مِن ذي الحِجَّةِ "فأكْثِروا فيهِنَّ من التَّهْليلِ"، وهو قَولُ لا إلهَ إلَّا اللهُ "والتَّكْبيرِ"، وهو قَولُ: اللهُ أكبَرُ "والتَّحْميدِ"، وهو قَولُ: الحَمدُ للهِ، وهذا الذِّكْرُ هو الباقياتُ الصَّالِحاتُ، ويَحسُنُ عَمَلُ الطَّاعاتِ بأنْواعِها في هذه الأيَّامِ مع الذِّكْرِ والدُّعاءِ.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : أحمد بن حنبل | المصدر : مسند الإمام أحمد
الصفحة أو الرقم: 5446 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
شرح الحديث:
يرشد النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في هذا الحَديثِ إلى فَضلِ العَمَلِ الصَّالحِ في العَشْرِ الأوائِلِ مِن ذي الحِجَّةِ؛ فيقولُ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ما مِن أيَّامٍ أعظَمَ عِندَ اللهِ، ولا أحَبَّ إليه من العَمَلِ فيهِنَّ"، والمَعْنى: أنَّ أفضَلَ أيَّامِ السَّنةِ عِندَ اللهِ عزَّ وجلَّ، والَّتي يكونُ فيها العَمَلُ الصَّالِحُ أقرَبَ أنْ يُقبَلَ ويُزادَ في الأجْرِ، "من هذه الأيَّامِ العَشْرِ" يَعْني: العَشْرَ الأوائِلَ مِن ذي الحِجَّةِ "فأكْثِروا فيهِنَّ من التَّهْليلِ"، وهو قَولُ لا إلهَ إلَّا اللهُ "والتَّكْبيرِ"، وهو قَولُ: اللهُ أكبَرُ "والتَّحْميدِ"، وهو قَولُ: الحَمدُ للهِ، وهذا الذِّكْرُ هو الباقياتُ الصَّالِحاتُ، ويَحسُنُ عَمَلُ الطَّاعاتِ بأنْواعِها في هذه الأيَّامِ مع الذِّكْرِ والدُّعاءِ.
لَيَدْخُلَنَّ مِن أُمَّتي سَبْعُونَ أَلْفًا، أَوْ سَبْعُ مِئَةِ أَلْفٍ، لا يَدْخُلُ أَوَّلُهُمْ حتَّى يَدْخُلَ آخِرُهُمْ، وُجُوهُهُمْ علَى صُورَةِ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ.
الراوي : سهل بن سعد الساعدي.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3247.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
شرح الحديث:
كرَّمَ اللهُ سُبحانَه وتعالَى هذه الأُمَّةَ وفَضَّلها على غيرِها مِنَ الأُمَمِ في الدُّنيا والآخرةِ.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صُورةً مِن كَرامةِ هذه الأُمَّةِ وتَفضيلِه تعالَى لهذه الأمَّةِ وكرَمِه لها، فأخبَرَ أنَّه سيَدخَلُ مِن أُمَّةِ الإسلامِ سَبعون ألفًا -أو سَبْعُ مئةِ ألفٍ، شَكَّ الرَّاوي في أحدِهما- إلى الجنَّةِ بِغيرِ حِسابٍ، كما في الصَّحيحينِ، يَدخُلون كلُّهم صفًّا واحدًا، وهذا تَصريحٌ بعِظَمِ سَعةِ بابِ الجنَّةِ، فلا يَدخُلُ أوَّلُهم حتَّى يَدخُلَ آخرُهم، فَيدخُلُ الجميعُ دَفْعةً واحدةً، وزاد البُخاريُّ في رِوايةٍ: «مُتماسِكون آخِذٌ بَعضُهم بَعضًا»، ووصَفَهم بِالأوَّليَّةِ والآخِريَّةِ باعتبارِ الصِّفةِ الَّتي جازُوا فيها على الصِّراطِ، وتكونُ وُجوهُهم عندَ دُخولِهم الجنَّةَ على صُورةِ القمرِ لَيلةَ البدْرِ مِن حُسنِها وبَهائِها.
وقد ورَدَ في هذا المعْنى ما يَقْتضي ما هو أبلَغُ مِن ذلك؛ فرَوى التِّرمذيُّ مِن حَديثِ سَعْدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه مَرفوعًا: «لو أنَّ رجُلًا مِن أهْلِ الجنَّةِ اطَّلَع، فبَدا أساورُه؛ لَطَمَسَ ضَوءَ الشَّمسِ، كما تَطمِسُ الشَّمسُ ضَوءَ النُّجومِ»
وقد وَرَدَ وَصْفُهم في الصَّحيحينِ أنَّهم: «الذين لا يَسْتَرْقُون، ولا يَتطيَّرون، ولا يَكْتَوُون، وعلى ربِّهم يَتوكَّلون».
الراوي : سهل بن سعد الساعدي.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3247.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].
شرح الحديث:
كرَّمَ اللهُ سُبحانَه وتعالَى هذه الأُمَّةَ وفَضَّلها على غيرِها مِنَ الأُمَمِ في الدُّنيا والآخرةِ.
وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صُورةً مِن كَرامةِ هذه الأُمَّةِ وتَفضيلِه تعالَى لهذه الأمَّةِ وكرَمِه لها، فأخبَرَ أنَّه سيَدخَلُ مِن أُمَّةِ الإسلامِ سَبعون ألفًا -أو سَبْعُ مئةِ ألفٍ، شَكَّ الرَّاوي في أحدِهما- إلى الجنَّةِ بِغيرِ حِسابٍ، كما في الصَّحيحينِ، يَدخُلون كلُّهم صفًّا واحدًا، وهذا تَصريحٌ بعِظَمِ سَعةِ بابِ الجنَّةِ، فلا يَدخُلُ أوَّلُهم حتَّى يَدخُلَ آخرُهم، فَيدخُلُ الجميعُ دَفْعةً واحدةً، وزاد البُخاريُّ في رِوايةٍ: «مُتماسِكون آخِذٌ بَعضُهم بَعضًا»، ووصَفَهم بِالأوَّليَّةِ والآخِريَّةِ باعتبارِ الصِّفةِ الَّتي جازُوا فيها على الصِّراطِ، وتكونُ وُجوهُهم عندَ دُخولِهم الجنَّةَ على صُورةِ القمرِ لَيلةَ البدْرِ مِن حُسنِها وبَهائِها.
وقد ورَدَ في هذا المعْنى ما يَقْتضي ما هو أبلَغُ مِن ذلك؛ فرَوى التِّرمذيُّ مِن حَديثِ سَعْدِ بنِ أبي وقَّاصٍ رَضيَ اللهُ عنه مَرفوعًا: «لو أنَّ رجُلًا مِن أهْلِ الجنَّةِ اطَّلَع، فبَدا أساورُه؛ لَطَمَسَ ضَوءَ الشَّمسِ، كما تَطمِسُ الشَّمسُ ضَوءَ النُّجومِ»
وقد وَرَدَ وَصْفُهم في الصَّحيحينِ أنَّهم: «الذين لا يَسْتَرْقُون، ولا يَتطيَّرون، ولا يَكْتَوُون، وعلى ربِّهم يَتوكَّلون».
خُفِّفَ علَى دَاوُدَ عليه السَّلَامُ القُرْآنُ، فَكانَ يَأْمُرُ بدَوَابِّهِ فَتُسْرَجُ، فَيَقْرَأُ القُرْآنَ قَبْلَ أَنْ تُسْرَجَ دَوَابُّهُ، وَلَا يَأْكُلُ إِلَّا مِن عَمَلِ يَدِهِ.
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3417 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه خُفِّف على نَبيِّ اللهِ داوُدَ عليه السَّلامُ القُرآنُ، وقُرآنُ كُلِّ نَبيٍّ هو الكِتابُ الَّذي أُنزِلَ عليه، فيُسِّرُ له قِراءةُ الكِتابِ السَّماويِّ الَّذي أُنزِلَ عليه مِن ربِّه؛ وهو الزَّبُورُ، كما قال تعالَى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: 163]؛ فكان يَأْمُرُ بوَضْعِ السُّرُج على دابَّتِه ودَوابِّ أتْباعِه، فلا يَنتَهي خَدَمُه وعُمَّالُه مِن وضْعِ السُّرُجِ على ظُهورِها، إلَّا وقدْ قَرَأ الزَّبُورَ مِن أوَّلِه إلى آخِرِه
الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3417 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه خُفِّف على نَبيِّ اللهِ داوُدَ عليه السَّلامُ القُرآنُ، وقُرآنُ كُلِّ نَبيٍّ هو الكِتابُ الَّذي أُنزِلَ عليه، فيُسِّرُ له قِراءةُ الكِتابِ السَّماويِّ الَّذي أُنزِلَ عليه مِن ربِّه؛ وهو الزَّبُورُ، كما قال تعالَى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: 163]؛ فكان يَأْمُرُ بوَضْعِ السُّرُج على دابَّتِه ودَوابِّ أتْباعِه، فلا يَنتَهي خَدَمُه وعُمَّالُه مِن وضْعِ السُّرُجِ على ظُهورِها، إلَّا وقدْ قَرَأ الزَّبُورَ مِن أوَّلِه إلى آخِرِه