كل يوم حديث
598 subscribers
16 links
للبقاء على اتصال مع حديث رسول الله الصحيح في ظل الأجواء الحالية من هجر له وانتشار الأحاديث الموضوعة
Download Telegram
كَثَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كَذَا وكَذَا، يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّه يَأْتي أهْلَهُ ولَا يَأْتِي، قالَتْ عَائِشَةُ: فَقالَ لي ذَاتَ يَومٍ: يا عَائِشَةُ، إنَّ اللَّهَ أفْتَانِي في أمْرٍ اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ: أتَانِي رَجُلَانِ، فَجَلَسَ أحَدُهُما عِنْدَ رِجْلَيَّ والآخَرُ عِنْدَ رَأْسِي، فَقالَ الذي عِنْدَ رِجْلَيَّ لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي: ما بَالُ الرَّجُلِ؟ قالَ: مَطْبُوبٌ، يَعْنِي مَسْحُورًا، قالَ: ومَن طَبَّهُ؟ قالَ: لَبِيدُ بنُ أعْصَمَ، قالَ: وفيمَ؟ قالَ: في جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ في مُشْطٍ ومُشَاقَةٍ، تَحْتَ رَعُوفَةٍ في بئْرِ ذَرْوَانَ فَجَاءَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقالَ: هذِه البِئْرُ الَّتي أُرِيتُهَا، كَأنَّ رُؤُوسَ نَخْلِهَا رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ، وكَأنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ فأمَرَ به النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَأُخْرِجَ، قالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ فَهَلَّا، تَعْنِي تَنَشَّرْتَ؟ فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا اللَّهُ فقَدْ شَفَانِي، وأَمَّا أنَا فأكْرَهُ أنْ أُثِيرَ علَى النَّاسِ شَرًّا قالَتْ: ولَبِيدُ بنُ أعْصَمَ، رَجُلٌ مِن بَنِي زُرَيْقٍ، حَلِيفٌ لِيَهُودَ.

الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6063 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

شرح الحديث:
في هذا الحَديثِ تُخبرُ أمُّ المُؤمِنينَ عائِشةُ رضِيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سَحَرَه رَجُلٌ مِن بَني زُرَيْقٍ، يُقالُ لَه: لَبيدُ بنُ الأَعْصَمِ، وهو يَهوديٌّ، والسِّحرُ: هو قِراءاتٌ وطَلاسِمُ يَتوصَّلُ بها السَّاحرُ إلى استخدامِ الشَّياطينِ فيما يُريدُه مِن ضَرَرَ المسحورِ.
وكان مِن أثَرِ هذا السِّحرِ الذي صَنَعه لَبِيدٌ لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه كان يُخَيَّلُ إلَيْه أنَّه كانَ يَفعَلُ الشَّيْءَ وما فَعَلَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. وقد جاءت رواياتُ هذا الحديثِ مَبنيَّةً على أنَّ السِّحرَ إنما تسَلَّط على جَسِدِه وظواهِرِ جوارِحِه لا على قَلْبِه وعَقلِه واعتقادِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويكونُ معنى أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُخَيَّلُ إلَيْه أنَّه كانَ يَفعَل الشَّيْءَ وما فَعَلَه: محمولٌ على التخَيُّلِ بالبصَرِ لا بالعَقلِ، وليس فيه ما يَطعَنُ بالرِّسالةِ. أو حتى يَظُنُّ أنَّه يأتي أهْلَه ولا يأتيهِنَّ، والمعنى: أن يَظهَرَ له من نَشاطِه ومُتقَدَّمِ عادتِه القُدرةَ عليهِنَّ، فإذا دنا منهن أخذَتْه أَخذةُ السِّحرِ، فلم يأتِهنَّ ولم يتمكَّنْ مِن ذلك كما يعتري المسحورَ.
وظلَّ هكذا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى إذا كانَ ذاتَ يَوْمٍ أو ذاتَ لَيْلةٍ، وهو عِنْدَ أمِّ المُؤمِنينَ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها في حُجْرتِها، وكانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُشْتَغِلًا بِالدُّعاءِ، أخبر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ أجابه فيما دعاه وسأله، وذكر لها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه أتاه مَلَكانِ، فَقَعَدَ أَحَدُهما عِنْدَ رأسِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، والآخَرُ عِنْدَ رِجْلِه، فَقالَ أَحَدُهما لِصاحِبِه: ما وجَعُ الرَّجُلِ؟ يعني النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فَأَجابَه: بأنه مَطْبوبٌ، أي: مَسْحورٌ. فسأله عمَن سَحَرَه، فقالَ: لَبيدُ بنُ الأَعْصَمِ. قالَ: في أَيِّ شَيْءٍ سَحَره؟ قالَ: في «مُشْطٍ» وهو الأداةُ المعروفةُ الَّتي يُسَرَّحُ بِها شَعْرُ الرَّأْسِ واللِّحْيةِ، «وَمُشاطةٍ» وهي: ما يَخْرُجُ مِن الشَّعرِ عِندَ التَّسْريحِ، «وَجُفِّ طَلْعِ نَخْلةٍ»: الوِعاءِ أو الغِشاءِ الَّذي يَكونُ على طَلعِ النَّخلِ، ويُطلَقُ على الذَّكَرِ والأُنْثى؛ فَلِذا قَيَّدَه بِقَوْلِه: «ذَكَرٍ»، وهي صِفةٌ لِلجُفِّ.
فسأل الملَكُ صاحِبَه: وأَيْنَ هذا السِّحرُ؟ قالَ: في بِئْر «ذَرْوانَ» وهي بِئرٌ بالمدينةِ كانت في بُستانِ بني زريقٍ.
تتمة الشرح:
فَجاءها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في ناسٍ مِن أصْحابِه، ولما رجع وصف لأمِّ المُؤمِنينَ عائشةَ هذا البِئرَ بأنَّ ماءَها كأنَّه «نُقاعةُ الحِنَّاءِ»، يَعْني: أنَّ ماءَ البِئْرِ أحمرُ كالَّذي يُنْقَعُ فيه الحِنَّاءُ، يَعْني أنَّه تَغَيَّرَ لِرَداءتِه، أو لِما خالَطَه مِمَّا أُلْقِيَ فيه، وكَأَنَّ رُؤوسَ نَخْلِها رُؤوسُ الشَّياطينِ، في التَّناهي في كَراهتِها وقُبْحِ مَنظَرِها.
فسألت أمُّ المُؤمِنينَ عائِشةُ رضِيَ اللهُ عنها رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أفلا استخرَجْتَ السِّحرَ الذي خبَّأه لَبِيدٌ في هذه البِئرِ؟ فذكر لها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه كَرِهَ استخراجَه حتى لا يُثيرَ على النَّاسِ مِنه شَرًّا؛ مِثل تَذْكيرِ المُنافِقينَ السِّحْرَ وتَعَلُّمِه، ونَحوِ ذَلِكَ، فَيُؤْذونَ المُؤمِنينَ، فَأَمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بِالبِئْرِ فَدُفِنَتْ.
وفي سُنَنِ النَّسائيِّ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أرسل من يستخرجُ هذا السِّحرَ مِنَ البِئرِ، واستخرجه، وكان فيه خَيطٌ مَعقودٌ إحْدَى عشرةَ عُقدةً، وقرأ عليه جِبريلُ عليه بالمعَوِّذاتِ فانفَكَّت العُقَدُ، فنَشِطَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. وعليه فيكونُ سُؤالُ أمِّ المُؤمِنينَ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها عن استخراجِه بمعنى نَشْرِه للنَّاسِ، فأجابها صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأنَّه لم يَنشُرْه خشيةَ أن تحصُلَ بذلك مَفسَدةٌ أعظَمُ.
وفي الحَديثِ: التَّكْنيةُ عن السِّحْرِ بِالطِّبِّ تَفاؤُلًا.
وَفيه: دَرْءُ المَفاسِدِ مُقَدَّمٌ على جَلْبِ المَصالِحِ.
وَفيه: الصَّبْرُ على الابتِلاءِ والامتِحانِ.
وفيه: الإلْحاحُ في الدُّعاءِ وتَكْرارُه، وأنَّ الدُّعاءَ وَسيلةٌ لفَكِّ السِّحرِ ورَفعِ الضُّرِّ.
وَفيه: مُعْجِزتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وعِصْمتُه فيما يُبَلِّغه عن رَبِّه عَزَّ وجَلَّ، وإخْبارُه بِمَكانِ السِّحرِ.
وَفيه: بَيانُ أَهَمِّيَّةِ الأَخذِ بِالأَسبابِ، وأَنَّها لا تُنافي التَّوَكُّلَ.
وَفيه: أنَّ مِن صِفاتِ اليَهودِ الخيانةَ لِلهِ ولِرَسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولَا وصَبٍ، ولَا هَمٍّ ولَا حُزْنٍ ولَا أذًى ولَا غَمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ.

الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 5641 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] 
مَنِ اغْتَسَلَ يَومَ الجُمُعَةِ غُسْلَ الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَدَنَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَقَرَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ كَبْشًا أقْرَنَ، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ دَجَاجَةً، ومَن رَاحَ في السَّاعَةِ الخَامِسَةِ، فَكَأنَّما قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإمَامُ حَضَرَتِ المَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ.

الراوي: أبو هريرة | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري| الصفحة أو الرقم: 881 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح].

شرح الحديث:
أمَرَ اللهُ سُبحانه وتعالَى عِبادَه المؤمنينَ بالمُسارَعةِ في الخَيراتِ، ومدَحَ مَن يَفعلُ ذلك، فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [الأنبياء: 90]، ولَمَّا كان التَّبكيرُ إلى الصَّلاةِ مِنَ الخيراتِ خاصَّةً في صلاةِ الجُمُعةِ، كان لِلسَّابقِ إليها فضلٌ وثوابٌ أكثَرُ مِن غَيرِه.وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن فضلِ التَّبكيرِ إلى صلاةِ الجُمعةِ، فيَحُثُّ بدايةً على الاغتسالِ لِلصَّلاةِ، ويُخبِرُ أنَّ مَنِ اغتسَلَ غُسلًا كاملًا مِثلَ الَّذي يَغتسِلُه مِنَ الجَنابةِ، ثُمَّ ذهَبَ إلى صلاةِ الجُمعةِ مُبكِّرًا في أوَّلِ النَّهارِ؛ فكأنمَّا تَقرَّبَ إلى اللهِ تعالى بِالتَّصدُّقِ بِبَدَنةٍ، وهي الجمَلُ، ومَن ذَهَب إليها في السَّاعةِ الثَّانيةِ، فكأنَّما تصدَّقَ بِبَقرةٍ للهِ تعالى، ومَن ذَهَب إليها في السَّاعةِ الثَّالثةِ فكأنَّما تصدَّقَ بكَبشٍ أقْرَنَ، يعني: له قرونٌ؛ لِلدَّلالةِ على حُسنِه وكمالِه، ومَن ذَهَب إليها في السَّاعةِ الرَّابعةِ فكأنَّما تصدَّقَ بدَجاجةٍ، ومَن ذَهَب إليها في السَّاعةِ الخامسةِ فكأنَّما تصدَّقَ بِبَيضةٍ. والسَّاعاتُ المقصودةُ في الحديثِ تبدأُ مِن طلوعِ الشَّمسِ، وتُقسَّمُ على حَسَبِ الوقتِ بيْنَ طلوعِ الشَّمسِ إلى الأذانِ الثَّاني خمسةَ أجزاءٍ، ويكونُ كلُّ جزءٍ منها هو المقصودَ بِالسَّاعةِ الَّتي في الحديثِ. ثم أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه إذا خرَجَ الإمامُ وصعِدَ المِنبرَ لِيَخطُبَ، دَخلتِ الملائكةُ وتَرَكتْ كتابةَ مَن يأتي بعْدَ ذلك؛ لِيَستمِعوا إلى خُطبةِ الجُمعةِ وما فيها مِن ذِكْرٍ للهِ تعالى، فتَفوتُ مَن يأتي بعْدَ ذلك فضيلةُ التَّبكيرِ لا ثوابُ الجُمعةِ.
مَن ماتَ ولَمْ يَغْزُ، ولَمْ يُحَدِّثْ به نَفْسَهُ، ماتَ علَى شُعْبَةٍ مِن نِفاقٍ.

الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم

الصفحة أو الرقم: 1910 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح

شرح الحديث:
الغَزْوُ هو الخروجُ للجِهادِ في سَبيلِ اللهِ، وهو مِن كَمالِ الإيمانِ وتَمامِه، وبالجهادِ تَرتفِعُ كَلمةُ اللهِ ويُنشَرُ دِينُه، ويُحفَظُ على المسْلِمين وَحْدتُهم وقُوَّتُهم.

وفي هذا الحديثِ يقولُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «مَن ماتَ ولم يَغْزُ» أي: لم يَخرُجْ للجهادِ والقتالِ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ طُوالَ عُمرِه وحَياتِه، «ولم يُحَدِّثْ به نفْسَه» أي: لم يُوجِّهْ هِمَّتَه إليه ولم يَتمَنَّ مُباشَرةَ الجهادِ والغزوِ مع القُدرةِ عليه، «ماتَ على شُعبةٍ مِن نِفاقٍ»، أي: أشْبَهَ المنافقينَ المتخلِّفِين عن الجهادِ في هذا الوصفِ؛ فإنَّ تَرْكَ الجهادِ أحدُ شُعَبِ النِّفاقِ، ويُحتمَلُ إرادةُ النِّفاقِ الأكبَرِ؛ لأنَّ الَّذي لا يُريدُ نُصرةَ المسْلِمين مُنافِقٌ.

وهذا مِن الحثِّ على الغَزوِ وعلى تَحديثِ النَّفْسِ به، ويكونُ الغَزْوُ والحربُ والجهادُ لِمَن يَستطيعُ، أمَّا تَحديثُ النَّفْسِ لمَن عَجَزَ عنه وحِيلَ بيْنه وبيْنَه؛ فإنَّه يَنبغي أنْ يُحدِّثَ نَفسَه به ويَكونُ على نِيَّةِ الجِهادِ والغَزْوِ، بحيثُ إنَّه لو تَيسَّرَ له لفَعَلَه في أيِّ وقتٍ.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنْهما، أنَّه سَمِعَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَخْطُبُ علَى المِنْبَرِ يقولُ: اقْتُلُوا الحَيّاتِ، واقْتُلُوا ذا الطُّفْيَتَيْنِ والأبْتَرَ، فإنَّهُما يَطْمِسانِ البَصَرَ، ويَسْتَسْقِطانِ الحَبَلَ. قالَ عبدُ اللَّهِ: فَبَيْنا أنا أُطارِدُ حَيَّةً لأقْتُلَها، فَنادانِي أبو لُبابَةَ: لا تَقْتُلْها، فَقُلتُ: إنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ أمَرَ بقَتْلِ الحَيّاتِ قالَ: إنَّه نَهَى بَعْدَ ذلكَ عن ذَواتِ البُيُوتِ، وهي العَوامِرُ.

الراوي : عبدالله بن عمر.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3297.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]


شرح الحديث:
أنَّ ابْنَ عُمَرَ كانَ يَقْتُلُ الحَيَّاتِ ثُمَّ نَهَى، قَالَ: إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هَدَمَ حَائِطًا له، فَوَجَدَ فيه سِلْخَ حَيَّةٍ، فَقَالَ: انْظُرُوا أيْنَ هو؟ فَنَظَرُوا، فَقَالَ: اقْتُلُوهُ. فَكُنْتُ أقْتُلُهَا لذلكَ، فَلَقِيتُ أبَا لُبَابَةَ، فأخْبَرَنِي أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: لا تَقْتُلُوا الجِنَّانَ، إلَّا كُلَّ أبْتَرَ ذِي طُفْيَتَيْنِ؛ فإنَّه يُسْقِطُ الوَلَدَ، ويُذْهِبُ البَصَرَ، فَاقْتُلُوهُ.

الراوي: عبدالله بن عمر.
المحدث: البخاري.
المصدر: صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3310.
خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
التخريج: من أفراد البخاري على مسلم.


كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأمُرُ بقَتْلِ ما يُؤذِي مِن الحيَّاتِ والحيواناتِ والطُّيورِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما عن نفْسِه أنَّه كان يَقتُلُ الحَيَّاتِ مُطلَقًا؛ لأنَّه كان مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يَهدِمُ حائطًا له، فوَجَد فيه سِلْخَ حَيَّةٍ، أي: جِلدَ حَيَّةٍ، فأَمَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالبَحثِ عنها وقتْلِها، فكان ابنُ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عنهما يَقتُلُهُنَّ امتِثالًا لهذا الأمرِ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثمَّ إنَّه نَهَى عن ذلِك مُبيِّنًا سَببَ نَهيه، وهو أنَّه لَقِيَ أبا لُبَابَةَ رَضيَ اللهُ عنه، فأَخبَره أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «لا تَقتُلوا الجِنَّانَ» وهي الحَيَّاتُ الصَّغيرةُ أو البَيْضاءُ التي تَسكُنُ البُيوتَ، وتُسَمَّى العَوامِرَ، وهي ما يَعمُرُ البُيوتَ مِنَ الجِنِّ، فيَتمَثَّلُ في صُوَرِ الحَيَّاتِ وفي غَيرِها.
ثمَّ استَثْنى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن عدَمِ القتْلِ الأبتَرَ، وهو مَقطوعُ الذَّنَبِ أو قَصيرُ الذَّيلِ، «ذِي طُفْيَتَيْنِ» وهو الحَيَّةُ التي على ظَهْرِها خَطَّانِ؛ وقيل: طُولُها قدْرُ شِبرٍ أو أكثَرُ قَليلًا؛ «فإنَّه يُسْقِطُ الوَلَدَ» مِن بَطْنِ أُمِّه إذا رَأَتْه؛ لأنَّها تَخافُ منه وتَفزَعُ، فتُسقِطُ حَمْلَها، «ويُذهِبُ البَصَرَ» أي: يُسبِّبُ العَمَى، ولذلك أَمَر صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقَتْلِه.
جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا ووِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فإنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وإلَّا فَشَأْنَكَ بهَا، قَالَ: فَضَالَّةُ الغَنَمِ؟ قَالَ: هي لكَ أوْ لأخِيكَ أوْ لِلذِّئْبِ، قَالَ: فَضَالَّةُ الإبِلِ؟ قَالَ: ما لكَ ولَهَا؟! معهَا سِقَاؤُهَا وحِذَاؤُهَا، تَرِدُ المَاءَ، وتَأْكُلُ الشَّجَرَ حتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا.

الراوي : زيد بن خالد الجهني
المحدث :البخاري
المصدر :صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2372
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

جَاءَ رجلٌ -قيل: اسْمُه عُميرٌ أبو مالكٍ- إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسَأَلَه عَنِ اللُّقَطةِ، كَيف يَتعامَلُ معها؟ وما يَحِلُّ له فيها وما لا يَحِلُّ؟ واللُّقَطَةُ: هي ما يُلتَقَطُ مِن الأرضِ مِن الأشياءِ والأمْتِعةِ المُحترَمةِ، المَملوكةِ لآدميٍّ، غيرِ المُحرَزةِ، ولا مُمتنِعةٍ بقُوَّتِها. فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «اعْرِفْ عِفَاصَها وَوِكَاءَها»، والعِفَاصُ: هو الوِعاءُ الَّذي تكونُ فيه، والوِكاءُ: هو الخَيطُ الَّذي يُربَطُ به وِعاؤُها، فأَمَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَن وَجَدها أنْ يَعرِفَ مُواصفاتِها مَعْرِفَةً جيِّدةً مِن غَيرِ شَكٍّ، والحِكْمةُ في ذلك: أنْ يَعرِفَ صِدقَ واصِفِها أو كَذِبَه، ولِئلَّا تَختلِطَ بمالِه. قال: «ثُمَّ عَرِّفْها سَنةً»، والمَقصودُ بالتَّعْرِيفِ: أنْ يُخْبِرَ عنها في التَّجمُّعاتِ والأماكنِ التي يَظُنُّ أنَّه يَجِدُ صاحبَها فيها، «فإنْ جاءَ صاحبُها» قبْلَ الفَراغِ مِن التَّعريفِ أو بعْدَه، فأَدِّها إليه، «وإلَّا فشَأْنَكَ بها»، أي: فإنْ لم يَأتِ صاحبُها فهي لِمَن وَجَدها، يَفعَلُ بها ما أرادَ، فإنْ جاء صاحبُها في أيِّ وقْتٍ بعْدَ ذلك تُؤدَّى إليه

ثمَّ سَأَلَ الرَّجلُ عن حكْمِ ضَالَّةِ الإبِلِ، فقال له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ما لَكَ ولها؟!» وهذا استنكارٌ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِأَخْذِ ضَالَّةِ الإبِلِ، وفي رِوايةِ الصَّحيحينِ: «فَغَضِبَ حتَّى احْمَرَّتْ وجْنَتَاهُ» قيل: إنَّما كان غَضَبُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عندَ السُّؤالِ عن ضالَّةِ الإبلِ استقصارًا لعِلمِ السَّائلِ، وسُوءِ فَهمِه؛ إذ لمْ يُراعِ المعنى المُشارَ إليه، ولم يَتنبَّهْ له، فقاس الشَّيءَ على غَيرِ نَظيرِه؛ فإنَّ اللُّقَطةَ إنَّما هي اسمٌ للشَّيءِ الَّذي يَسقُطُ مِن صاحبِه ولا يَدْري أينَ مَوضِعُه؟ وضالَّةُ الإبلِ لَيستْ كذلك؛ لأنَّها قدْ تَرعى أيَّامًا، ثمَّ تَعودُ إلى مَكانِها التي تَعرِفُه أو يَأتي صاحبُها فيَأخُذُها.
وقدْ بيَّن صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ السَّببَ في ذلك بقولِه: «مَعَها سِقاؤُها»، أي: جَوفُها، فإذا وَرَدَتِ الماءَ شَرِبت ما يَكْفِيها حتَّى تَرِدَ ماءً آخَرَ، أو المرادُ بالسِّقاءِ: العُنُقُ؛ لأنَّها تَرِدُ الماءَ وتَشْرَبُ مِن غيرِ ساقٍ يَسقِيها، أو أرادَ أنَّها أَجْلَدُ البهائمِ على العَطَشِ، ومعها حِذَاؤُها، وهو خُفُّها، أي: تَقْوَى بأَخْفافِها على السَّيْرِ وقطْعِ البلادِ الشَّاسِعةِ ووُرُودِ المِياهِ النائيةِ، فشَبَّهها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بمَن كان معه سِقاءٌ وحِذاءٌ في سَفَرِه، «تَرِدُ الماءَ وتَأْكُلُ الشَّجَرَ»، أي: تَأتي الماءَ فتَشْرَبُ، وتَأكُلُ مِن نَباتِ الأرضِ، حتَّى يَجِدَها صاحبُها. وذلك هو الفَرْقُ بيْن الإبِلِ والغَنَمِ: أنَّ الإبِلَ تَمْلِكُ مِن القُوَّةِ ما تَستطيعُ به الحفاظَ على حَياتِها إلى أنْ يَجِدَها صاحبُها، بخِلافِ الغَنَمِ؛ فإنَّها إنْ شَرَدَت عن راعِيها وقَطيعِها هَلَكَت
سُئِلَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن أشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أُكْثِرَ عليه غَضِبَ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: سَلُونِي عَمَّا شِئْتُمْ قَالَ رَجُلٌ: مَن أبِي؟ قَالَ: أبُوكَ حُذَافَةُ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: مَن أبِي يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: أبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى شيبَةَ فَلَمَّا رَأَى عُمَرُ ما في وجْهِهِ قَالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّا نَتُوبُ إلى اللَّهِ عزَّ وجلَّ.
الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 92 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو مُوسَى الأشعريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُئِل عن أشياءَ كرِهَ السُّؤالَ عنها؛ لعدَمِ فائدتِها دِينيًّا ودُنيويًّا، أو قدْ تَنجُمُ عنها مَضرَّةٌ للسَّائلِ أو لغيرِه، فلمَّا أكثَرَ النَّاسُ عليه مِن هذه الأسئلةِ قال لهم: سَلُوني عمَّا شِئتُم، فسُئِل صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن رجُلينِ أرادا أنْ يَتأكَّدَا مِن صِحَّةِ نَسبِهما مِن أبيهما، فأجابَهُما النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بصحَّةِ هذا النَّسَبِ، فلمَّا رَأى عمرُ رَضيَ اللهُ عنه ما في وَجْهِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الغضَبِ، عرَفَ أنَّ هذه الأسئلةَ ما كان يَنْبغي أنْ تُسأَلَ، فأقْبَلَ على النبيِّ يُهدِّئُ مِن غَضَبِه، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنَّنا نَتوبُ إلى اللهِ مِن هذه الأسئلةِ الَّتي أغضبَتْك، حيث كانتْ هذه الأسئلةُ ممَّا لا يَرْضاه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ

وليس في هذا مَنعٌ للسُّؤالِ عمَّا يُحتاجُ إليه مِن أُمورِ الدِّينِ، وإنَّما هو تَوجيهٌ للتَّوقُّفِ عندَ أوامرِ اللهِ ونَواهيهِ، وعدَمِ تَكلُّفِ الأسئلةِ فيما لا يُحتاجُ إليه
لا تَباغَضُوا، ولا تَحاسَدُوا، ولا تَدابَرُوا، وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا، ولا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أيَّامٍ.

الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6065 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كانَ إذَا أتَى مَرِيضًا -أوْ أُتِيَ به- قَالَ: أذْهِبِ البَاسَ رَبَّ النَّاسِ، اشْفِ وأَنْتَ الشَّافِي، لا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لا يُغَادِرُ سَقَمًا.

الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 5675 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

#أدعية
لا أَقُولُ لَكُمْ إلَّا كما كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ؛ كانَ يقولُ: اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ العَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ، وَعَذَابِ القَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَن زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن عِلْمٍ لا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجَابُ لَهَا.

الراوي: زيد بن أرقم | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم: 2722 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح].

#أدعية
لا تقومُ السَّاعةُ حتَّى يتسافَدوا في الطَّريقِ تسافُدَ الحميرِ. قلتُ إنَّ ذلِكَ لكائِنٌ ؟ قال : نعَم ليَكونَنَّ

الراوي: عبدالله بن عمرو | المحدث: ابن حبان | المصدر: صحيح ابن حبان

الصفحة أو الرقم: 6767 | خلاصة حكم المحدث: صحيح

شرح الحديث:
في هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما يَكونُ مِن حالِ النَّاسِ في آخِرِ الزَّمانِ مِن نقصٍ في الدِّينِ والأخلاقِ وتبدُّلِ المعاني، فيروي عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ العاصِ رضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: "لا تقومُ السَّاعةُ"، أي: مِن علاماتِ قُربِ يومِ القيامةِ،"حتَّى يتسافَدوا"، أي: النَّاسُ، "في الطَّريقِ تسافُدَ الحَميرِ"، أي: يَزْنون ويرتكِبون الفاحشةَ في الطَّريقِ دُون حياءٍ ولا سِترٍ مِثلَ الحَميرِ، فسَأَلَ ابنُ عمرٍو النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُتعجِّبًا: "إنَّ ذلك لكائِنٌ؟" كأنَّه استحال في ظنِّه أن يقعَ ذلك مِن البشرِ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "نَعَمْ ليكونَنَّ"، أي: إنَّ هذا سيقع حقيقةً، وهذا مِن قلَّةِ الإيمانِ، واستِحْكامِ الجَهلِ، ورَفْعِ العِلمِ، ومَوتِ العُلماءِ في ذلك الوقتِ؛ بحيثُ لا يَبقى إلَّا الجَهلُ الصِّرفُ، والضلالُ المبينُ، ولا يَمنَعُ مِن ذلك وجودُ طائفةٍ مِن أهلِ العِلْمِ والإيمانِ؛ لأنَّهم يَكونون حينَئذٍ مَغمورينَ في أولئكَ.
أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: رَأْسُ الكُفْرِ نَحْوَ المَشْرِقِ، والفَخْرُ والخُيَلاءُ في أهْلِ الخَيْلِ والإِبِلِ والفَدَّادِينَ أهْلِ الوَبَرِ، والسَّكِينَةُ في أهْلِ الغَنَمِ.

الراوي : أبو هريرة.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3301.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].


شرح الحديث:
في هذا الحديثِ يُخبِرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ رَأْسَ الكُفْرِ -يَعني: ظُهورَه- سَيكونُ مِن ناحيةِ المشَرْقِ؛ فمِنها يَخرُجُ الدَّجَّالُ، ومنها مَنشَأُ الفِتَنِ العَظيمَةِ، وأعظَمُ أسبابِ الكفْرِ مَنْشَؤه منها، وقيل: في ذلك إشارةٌ إلى شِدَّةِ كُفْرِ المجوسِ -وهمْ عبَدةُ النَّارِ-؛ لأنَّ مَملكةَ الفُرسِ ومَن أطاعَهُم مِن العرَبِ كانت مِن جِهةِ المشرقِ بالنِّسبةِ إلى المدينةِ، وكانوا في غايةِ القوَّةِ والتَّكبُّرِ والتَّجبُّرِ، حتَّى مزَّقَ مَلِكُهم كِتابَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليه، واستَمرَّت الفِتَنُ مِن قِبَلِ المشرقِ.

ثُمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ غالبَ ما يكونُ الكِبْرُ -وهو الإعجابُ بالنَّفْسِ- والخُيَلاءُ -وهو احتقارُ الغيرِ- في أصحابِ الخَيْلِ والإبلِ والفَدَّادينَ أهلِ الوَبَرِ، والفَدَّادون: همُ الَّذين يَرفَعونَ أصواتَهم، وهي عادَةُ أصحابِ الإبلِ، وقيل: هي البقرُ الَّتي يُحرَثُ بها، وقيل: هم رُعاةُ الإبلِ والبقرِ والحَميرِ وغيرِها. وهمْ من أَهلِ الوَبَرِ، وهو شَعَرُ الإبلِ، وفي رِوايةٍ في الصَّحيحينِ: «في الفَدَّادِينَ عندَ أُصولِ أذْنابِ الإِبِلِ»، فالمقصودُ سُكَّانُ الصَّحاري ولَيسوا مِن أهْلِ الحضَرِ، بلْ مِن البَدْوِ القاسيةِ قُلوبُهم.
قيل: إنَّما ذمَّ هؤلاء لاشتغالِهِم بمُعالَجةِ ما همْ عليه عن أُمورِ دُنياهم وما ويُلْهِيهم عن أمْرِ الآخرةِ، وتكونُ منها قَساوةُ القلْبِ ونحْوُها.
والمرادُ بذلك اختصاصُ المشرقِ بمَزيدٍ مِن تَسلُّطِ الشَّيطانِ ومِن الكفْرِ، وكان ذلك في عهْدِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِين قال ذلك، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ حِين يَخرُجُ الدَّجَّالُ مِن المشرقِ ومِن عَلاماتِ قِيامِ السَّاعةِ.

ثمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ أَغلَبَ ما تَكونُ السَّكينَةُ والطُّمأنينَةُ والوَقارُ والتَّواضُعُ في أصحابِ الغَنَمِ؛ وذلك لأنَّهم -في الغالبِ- أهلُ مَسكنةٍ، ليس فيهم كِبْرٌ ولا جَبَروتٌ.

وفي الحديثِ:
عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: التَّحذيرُ مِن الكِبرِ والخُيَلاءِ.
وفيه: التَّرغيبُ في التَّواضُعِ.
أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلَاثًا، وإذَا تَكَلَّمَ بكَلِمَةٍ أعَادَهَا ثَلَاثًا

الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6244 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
تَخَلَّفَ عَنَّا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فأدْرَكَنَا - وقدْ أرْهَقَتْنَا الصَّلَاةُ - ونَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ علَى أرْجُلِنَا، فَنَادَى بأَعْلَى صَوْتِهِ: ويْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلَاثًا.

الراوي : عبدالله بن عمرو
المحدث :البخاري
المصدر :صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 60
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

حيثُ إنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان مِن عادتِه أنْ يَسيرَ خلْفَهم، فيَحُثَّ المُتأخِّرَ، ويَصحَبَ الضَّعيفَ، وكانوا إذا حضَرَتْهم الصَّلاةُ نَزَلوا لها، فيَأتي النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيُصلِّي بهم، فأخَّروا الصَّلاةَ عن أوَّلِ الوقتِ؛ طمَعًا أنْ يَلحَقَهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيُصلُّوا معه، فلمَّا ضاق الوقتُ بادَروا إلى الوضوءِ، ولِعَجَلتِهم لم يُكمِلوه، فلم يُسبِغوا الوُضوءَ على كلِّ الأعضاءِ، فغَسَلوا أرجُلَهم غَسلًا خَفيفًا حتى يُرى كأنَّه مسْحٌ، فأدْرَكَهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على ذلك، فأنكَرَ عليهم ما رآهُ منهم، ونادَى بصَوتٍ مُرتفعٍ يَسمَعُه الجميعُ: «وَيلٌ للأعقابِ مِن النَّار»! وفي هذا وَعيدٌ وتَهديدٌ عَظيمٌ لِمَن لم يَستكمِلْ غسْلَ الأعضاءِ في الوُضوءِ، وحثٌّ على إتمامِه والمُبالَغةِ فيه، وإعطاءِ كُلِّ عُضوٍ حقَّه مِن الماءِ، و«وَيلٌ»: كَلمةُ عَذابٍ وهَلاكٍ، والأعقابُ: جمْعُ عَقِبٍ، وهو ما أصابَ الأرضَ مِن مُؤخَّرِ الرِّجلِ إلى مَوضعِ الشِّراكِ. وخصَّ الأعقابَ؛ لأنَّها مَظِنَّةُ عدَمِ وُصولِ الماءِ مع عدَمِ التَّنبُّهِ لها
دَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ يَوْمًا، وَقالَ: «يَا عَائِشَةُ، ما أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ دِينَنَا الذي نَحْنُ عليه».
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6068 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

شرح الحديث:
هذا الحديثُ جُزءٌ مختَصَرٌ من حديثٍ آخَرَ يتكَلَّمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فيه عن المنافِقين، فقال لعائِشةَ: ما أظنُّ فلانًا وفلانًا -وهما من المنافِقينَ- يعرفانِ مِن دينِنا -أي: الإسلامِ الذي نحن عليه- شيئًا؛ وذلك لعَدَمِ إيمانِ قلوبِهم، وكراهيتِهم للدِّينِ؛ فلذلك يُظهِرون الإسلامَ ويُخفون الكُفرَ، ولا يتعَلَّمون الدِّينَ.

وفي الحديثِ بيانُ أنَّ الظَّنَّ المنهيَّ عنه هو الظَّنُّ السَّوءُ بالمسلِمِ السَّالمِ في دينِه وعِرضِه، وأمَّا إن كان الشَّخصُ مُظهِرًا للقَبيحِ، ومجانِبًا لأهلِ الصَّلاحِ، فظَنُّ السَّوءِ به جائِزٌ.
مَن قالَ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، عَشْرَ مِرَارٍ كانَ كَمَن أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِن وَلَدِ إسْمَاعِيلَ.

الراوي : [أبو أيوب الأنصاري] | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 2693 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
أنَّ رَجُلًا، مِنَ اليَهُودِ قالَ له: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لو عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدًا. قالَ: أيُّ آيَةٍ؟ قالَ: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] قالَ عُمَرُ: قدْ عَرَفْنَا ذلكَ اليَومَ، والمَكانَ الذي نَزَلَتْ فيه علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو قَائِمٌ بعَرَفَةَ يَومَ جُمُعَةٍ.

الراوي: عمر بن الخطاب | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: [45] | خلاصة حكم المحدث: [صحيح].

شرح الحديث:
للقرآنِ الكريمِ مَكانتُه المُقدَّسةُ في قُلوبِ كلِّ المسلمينَ، وقدِ اعتَنى الصَّحابةُ الكرامُ رَضيَ اللهُ عنهم بمَعرفةِ كلِّ ما يَتعلَّقُ به، كأسبابِ ومُناسباتِ النُّزولِ وتَوقيتاتِها، مع مَعرفةِ ما فيه مِن أحكامٍ ومَعانٍ.وفي هذا الأثرِ يَروي التابعيُّ طارقُ بنُ شِهابٍ أنَّ رجُلًا مِن اليهودِ جاء إلى أميرِ المؤمنينَ عمرَ رَضيَ اللهُ عنه -وهذا الرجُلُ هو كَعبُ الأحبارِ قَبْل أنْ يُسلِمَ، كما جاء في تَفسيرِ الطَّبريِّ، والأوسَطِ للطَّبرانيِّ- وقال لعُمَرَ رَضيَ اللهُ عنه: آيةٌ في كِتابِكم تَقرَؤونها، لو علينا -مَعشرَ اليهودِ- نزَلَتْ، لاتَّخَذْنا ذلك اليومَ عِيدًا، أي: لجعَلْناهُ عِيدًا نَحتفِلُ به؛ تَقديرًا وتَكريمًا لذلك اليومِ، وإشادةً بفضْلِه، قال: أيُّ آيةٍ؟ قال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3]، أي: بالنَّصرِ والإظهارِ على الأديانِ كلِّها، {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}، أي: بالهدايةِ والتَّوفيقِ، وإكمالِ الدِّينِ، وبفتْحِ مكَّةَ، وهدْمِ مَناراتِ الجاهليَّةِ؛ فهي آيةٌ عظيمةٌ جَديرةٌ بأنْ يُحتَفَلَ بيومِ نُزولِها. فقال عمَرُ رَضيَ اللهُ عنه: قد عَرَفْنا ذلك اليومَ والمكانَ الَّذي نزَلَتْ فيه هذه الآيةُ الكريمةُ، فلم تُنبِّهْنا إلى شَيءٍ كنَّا نَجهَلُه؛ فهي قدْ نزَلَتْ على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو قائمٌ بعَرَفةَ يومَ جُمعةٍ؛ فهو يومٌ اجتَمَعَ فيه عِيدانِ؛ يومُ عَرفةَ، ويومُ الجُمعةِ.وقَولُ كَعبِ الأحبارِ: «لاتَّخَذْنا ذلك اليومَ عِيدًا»، يُريدُ: ولم تَتَّخِذوه أنتُم، يُحاوِلُ نقْضَ كَونِ الآيةِ حقًّا بإهمالِ المسلِمينَ ليومِ نُزولِها، فبَيَّنَ له عُمَرُ أنَّهم احتَفَلوا فيه احتفالينِ، واتَّخَذوه عِيدينِ.
وفي الحديثِ: دَلالةٌ على أنَّ الأعيادَ لا تكونُ بالرَّأيِ والاختراعِ، كما يَفعَلُه أهلُ الكِتابينِ مِن قَبلِنا، إنَّما تكونُ بالشَّرعِ والاتِّباعِ.
وفيه: أنَّ الإيمانَ يَزيدُ ويَنقُصُ، حيث إنَّ هذا الدِّينَ قدْ كَمَلَ بتَمامِ أعمالِه.
كَانَ زَكَرِيَّاءُ نَجَّارًا

الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم

الصفحة أو الرقم: 2379 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح

شرح الحديث:
قد كان لِكُلِّ نَبيٍّ صنْعَةٌ يَعملُ فيها ويَبتَغي رِزقَ اللهِ مِنها، وَمِن هَؤلاءِ الأَنبياءِ نَبيُّ اللهِ زَكريَّا عليه السَّلامُ؛ حيثُ كان يَعمَلُ نَجَّارًا، والنَّجَّارُ هو مَن يَنحِتُ الأخشابَ ويُشكِّلُها، ويَتَّخِذُ النَّاسُ منها حاجتَهم، كالأسِرَّةِ والأبوابِ ونحوِها، وقدْ كان زَكريَّا عليه السَّلامُ مِن ذُرِّيَّةِ سُليمانَ بنِ داودَ عليهما السَّلامُ، وَزوجتُه مِن ذُرِّيَّةِ هارونَ عليه السَّلامُ، وهي أُختُ امرأةِ عِمرانَ أُمِّ مَريمَ، فكانت زَوجةُ زكَريَّا عليه السَّلامُ خالةً لمَريمَ عليها السَّلامُ، ومع هذا النَّسبِ الشَّريفِ والمكانةِ العاليةِ عندَ اللهِ، فقدْ كان يَعمَلُ بيَدِه، وقدْ قُتِل زَكريَّا بعْدَ قَتلِ يَحْيى ابنِه صَلواتُ اللهِ وسَلامُه عليهما.
وهذه الحِرَفُ والصِّناعاتُ زِيادةٌ في فَضيلةِ أهلِ الفضلِ، يَحصُلُ لهم بذلك التَّواضُعُ في أنفُسِهم، والاستغناءُ عن غَيرِهم، وكَسبُ الحلالِ الخالي عن الامتنانِ الَّذي هو خَيرُ المكاسِبِ؛ حيث قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «ما أكَلَ أحدٌ طعامًا قطُّ خَيرًا مِن أنْ يَأكُلَ مِن عَملِ يَدِه، وإنَّ نَبيَّ اللهِ داودَ عليه السَّلامُ، كان يَأكُلُ مِن عَملِ يَدِه» رواهُ البُخاريُّ.
أَشَارَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيَدِهِ نَحْوَ اليَمَنِ فَقالَ: الإيمَانُ يَمَانٍ هَاهُنَا، ألَا إنَّ القَسْوَةَ وغِلَظَ القُلُوبِ في الفَدَّادِينَ، عِنْدَ أُصُولِ أذْنَابِ الإبِلِ، حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ في رَبِيعَةَ ومُضَرَ.

الراوي : أبو مسعود عقبة بن عمرو.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3302.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].


شرح الحديث:
النَّاسُ مُتفاوِتون في الإيمانِ والتَّقوى والعمَلِ، وكذلك يَتفاوَتون في دَرَجاتِ الشَّرِّ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعلِّمُنا صِفاتِ كَثيرٍ مِن أنواعِ النَّاسِ بما يَغلِبُ عليهم؛ حتَّى نكونَ على عِلمٍ بهذه الصِّفاتِ، فنَتعامَلَ مع أصحابِها بما يُلائِمُهم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ الصَّحابيُّ أبو مَسعودٍ عُقبةُ بنُ عمْرٍو رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أشارَ بيَدِه نحْوَ اليمَنِ في جَنوبِ الجزيرةِ العربيَّةِ على ساحلِ البحْرِ الأحمَرِ، فقال: «الإيمانُ يَمَانٍ هاهنا» فهو مَنسوبٌ إلى أهلِ اليمَنِ، والمقصودُ مِن نِسبةِ الإيمانِ إليهم كَمالُ إيمانِهم، وقوَّةُ إيمانِهم، وإسراعُهم إلى الإيمانِ، وقيل: أراد بذلك مكَّةَ؛ لأنَّ مكَةَ مِن أرضِ اليمَنِ، وقيل: أراد بذلك مكَّةَ والمدينةَ؛ لأنَّهما مِن جِهةِ اليمينِ بالنِّسبةِ إلى الشَّامِ، ويُؤيِّدُ هذا قولُه في حَديثِ جابرٍ رَضيَ اللهُ عنه: «الإيمانُ في أهلِ الحجازِ»، أخرَجَه مُسلمٌ، وقيل: أرادَ بذلك الأنصارَ؛ لأنَّ أصلَهم اليمَنُ، وهمْ ناصِرو الإسلامِ وداعِموه.

ثمَّ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ القسوةَ وغِلَظَ القلوب في «الفَدَّادِينَ» مِن الفَدِيدِ، وهو الصَّوتُ الشَّديد؛ فهمُ الَّذين تَعلو أصواتُهم في إبلِهم وخَيلِهم وحُروثِهم ونحْوِ ذلك، «عندَ أصولِ أذْنابِ الإبلِ»، والمقصودُ بهم سُكَّانُ الصَّحاري، ولَيسوا مِن أهَلِ الحضَرِ. وذمَّ هؤلاء لاشتغالِهِم بمُعالَجةِ ما همْ عليه من أُمورِ دُنياهم وما يُلْهِيهم عن أمورِ أُخراهم، وتكونُ منها قَساوةُ القلْبِ ونحْوُها.
ومَكانُهم جِهةُ الشَّرقِ حَيث يَطلُعُ قَرْنَا الشَّيطانِ، أي: جانبَا رَأسِه؛ لأنَّه يَنتصِبُ في مُحاذاة مَطلِعِ الشَّمس، حتَّى إذا طلَعتْ كانتْ بيْن قَرنَي رَأسِه وجانبَيْه، فتَقَعُ السَّجدةُ له حِين يَسجُدُ عبَدَةُ الشَّمسِ لها، في قَبيلتَي رَبيعةَ ومُضَرَ، وهما مُنتشِرَتانِ في أرضِ الجزيرةِ العربيَّةِ والعراقِ، والمقصودُ جَميعُ المَشرقِ الأدنى والأقصى والأوسَطِ، ومِن ذلك فِتنةُ مُسَيلِمةَ وفِتنةُ المُرتدِّينَ مِن رَبيعةَ ومُضرَ وغيرِهما في الجزيرةِ العربيَّةِ، والمرادُ اختصاصُ المشرقِ بمَزيدٍ مِن تَسلُّطِ الشَّيطانِ ومِن الكفْرِ، وكان ذلك في عهْدِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِين قال ذلك، ويَحتمِلُ أنْ يكونَ حِين يَخرُجُ الدَّجَّالُ مِن المشرقِ ومِن عَلاماتِ قِيامِ السَّاعةِ.

وفي الحديثِ:
- بَيانُ فضْلِ أهلِ اليمَنِ ومَنقَبَتِهم.

- عَلامةٌ مِن عَلاماتِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حيث ظهَرَ ما أخبَرَ به.

- التَّحذيرُ مِن القَسوةِ وغِلَظِ القلوبِ.
ثَلَاثَةٌ لهمْ أجْرَانِ: رَجُلٌ مِن أهْلِ الكِتَابِ، آمَنَ بنَبِيِّهِ وآمَنَ بمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والعَبْدُ المَمْلُوكُ إذَا أدَّى حَقَّ اللَّهِ وحَقَّ مَوَالِيهِ، ورَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أمَةٌ فأدَّبَهَا فأحْسَنَ تَأْدِيبَهَا، وعَلَّمَهَا فأحْسَنَ تَعْلِيمَهَا، ثُمَّ أعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أجْرَانِ، ثُمَّ قَالَ عَامِرٌ: أعْطَيْنَاكَهَا بغيرِ شيءٍ، قدْ كانَ يُرْكَبُ فِيما دُونَهَا إلى المَدِينَةِ.

الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 97 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

والخِطابُ في قولِه: «أعْطَيْناكَها بغَيرِ شَيءٍ؛ قدْ كان يُرْكَبُ فِيما دُونَها إلى المَدِينةِ» لرجُلٍ مِن أهلِ خُراسانَ، سَأَلَ عامرًا الشَّعبيَّ عمَّن يُعتِقُ أَمَتَه ثم يَتزوَّجُها، فكان جَوابُه بهذا الحديثِ