كل يوم حديث
598 subscribers
16 links
للبقاء على اتصال مع حديث رسول الله الصحيح في ظل الأجواء الحالية من هجر له وانتشار الأحاديث الموضوعة
Download Telegram
لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِن أُمَّتي خَلِيلًا، لاتَّخَذْتُ أبا بَكْرٍ، ولَكِنْ أخِي وصاحِبِي.

الراوي : عبدالله بن عباس
المحدث : البخاري
المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3656
خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

لو كُنتُ مُتَّخِذًا صَديقًا أنقَطِعُ إليه، وأُفرِّغُ قَلْبي لمَودَّتِه، لاتَّخَذْتُ أبا بَكرٍ. وقيلَ: أصْلُ الخُلَّةِ: الافْتِقارُ والانْقِطاعُ، فخَليلُ اللهِ: المُنقَطِعُ إليه، وقيلَ: لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَصَرَ حاجَتَه على اللهِ تعالَى، وقيلَ: الخُلَّةُ: الاخْتِصاصُ، وقيلَ: الاصْطِفاءُ، والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ليس له خَليلٌ؛ لأنَّ اللهَ تعالَى قدِ اتَّخَذَه خَليلًا، وهذا لا يُنافي ما ذكَرَه الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم مِن اتِّخاذِهم إيَّاه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَليلًا؛ إذ لا يُشترَطُ في الخُلَّةِ أنْ تكونَ مِن الطَّرَفَينِ، ولوِ اتَّخَذَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحَدًا خَليلًا لَاتَّخَذَ أبا بَكرٍ رَضيَ اللهُ عنه؛ لأنَّه أهلٌ لذلك لولا المانِعُ؛ فإنَّ خُلَّةَ الرَّحمَنِ تعالَى لا تسَعُ مُخالَّةَ شَيءٍ غَيرِه أصْلًا، ولم يكُنْ بيْن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وبيْنه رَضيَ اللهُ عنه إلَّا أُخوَّةُ الإسْلامِ
قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، أيُّ الذَّنْبِ أعْظَمُ؟ قَالَ: أنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وهو خَلَقَكَ قُلتُ: ثُمَّ أيُّ؟ قالَ: أنْ تَقْتُلَ ولَدَكَ خَشْيَةَ أنْ يَأْكُلَ معكَ قالَ: ثُمَّ أيُّ؟ قالَ: أنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ وأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ قَوْلِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مع اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} [الفرقان: 68] الآيَةَ.

الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6001 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَدْعُو: أعُوذُ بكَ مِنَ البُخْلِ والكَسَلِ، وأَرْذَلِ العُمُرِ، وعَذَابِ القَبْرِ، وفِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وفِتْنَةِ المَحْيَا والمَمَاتِ.
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 4707 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] 

* أَرْذَلِ العُمُرِ، أي: الهَرَمِ، وهو كِبَرُ السِّنِّ المؤدِّي إلى ضَعْفِ القُوَى، وسَببُ استعاذةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم منه: ما فيه مِن الخَرَفِ واختلالِ العَقلِ والحَوَاسِّ والضَّبطِ والفَهمِ، وتَشويهِ بعضِ المَناظِرِ، والعَجزِ عن كَثيرٍ مِن الطَّاعاتِ والتَّساهُلِ في بعضِها.
- ودعا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يُعيذَه اللهُ مِن عذابِ القَبْرِ لأنَّه أوَّلُ مَنزِلٍ مِن منازِلِ الآخرةِ، وإذا سَلِمَ صاحبُهُ منه سلَّمَه اللهُ مِن عَذابِ جَهنَّمَ في الآخِرةِ.
- ودعا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يُعيذَه اللهُ مِن فِتنةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، وهي مِن أعْظَمِ الفِتَنِ وأخطَرِها، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَستعِيذُ مِن فِتنتِه في كلِّ صلاةٍ، وسُمِّيَ مَسِيحًا لأنَّه مَمْسوحُ العَيْنِ مَطْموسُها؛ فهو أَعْوَرُ، وسُمِّي الدَّجَّالَ تَمْيِيزًا له عن المَسِيحِ عِيسَى ابنِ مَرْيَمَ عليه السَّلامُ، لأنَّه كَذَّابٌ يُغَطِّي الحقَّ ويَستُرُه، ويُظهِرُ الباطِلَ. وهو علامةٌ كُبرى من علاماتِ آخِرِ الزَّمانِ.
* فِتنةُ المَحْيَا: ما يَعرِض للإنسانِ مُدَّةَ حَياتِه مِنَ الافتِتَانِ بالدُّنيا والشَّهَوَاتِ والجَهَالاتِ، وأعظمُها -والعِياذُ باللهِ- أمرُ الخاتِمَةِ عندَ الموتِ.
* فِتنةُ المَمَاتِ قِيل: كفِتنةِ الإنسانِ في دِينِه عِندَ المَوتِ، وقيل: كسُؤالِ الملَكَينِ ونَحوِ ذلك مما يقَعُ في القَبرِ، والمرادُ: مِن شَرِّ سُؤالِهما، وإلَّا فأصلُ السُّؤالِ واقِعٌ لا محالةَ.

وفي الحَديثِ: إثباتُ عَذابِ القَبرِ وفِتنتِه.
وفيه: ضَرورةُ الاستعانةِ باللهِ لبُلوغِ النجاةِ في الدُّنيا والآخرةِ.
وفيه: قُبحُ صِفةِ البُخلِ في الإنسانِ
كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قالَ: اللَّهُمَّ لكَ الحَمْدُ أنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ لكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ ومَن فِيهِنَّ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ، ولَكَ الحَمْدُ أنْتَ الحَقُّ ووَعْدُكَ الحَقُّ، ولِقَاؤُكَ حَقٌّ، وقَوْلُكَ حَقٌّ، والجَنَّةُ حَقٌّ، والنَّارُ حَقٌّ، والنَّبِيُّونَ حَقٌّ، ومُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حَقٌّ، والسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لكَ أسْلَمْتُ، وبِكَ آمَنْتُ، وعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وإلَيْكَ أنَبْتُ، وبِكَ خَاصَمْتُ، وإلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ، وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ - أوْ: لا إلَهَ غَيْرُكَ - قالَ سُفْيَانُ: وزَادَ عبدُ الكَرِيمِ أبو أُمَيَّةَ: ولَا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ.

الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 1120 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

شرح الحديث:
والقَيِّمُ معناه: القائمُ بأُمورِ الخَلْقِ، ومُدبِّرُهم، ومُدبِّرُ العالَمِ في جَميعِ أحوالِه.
«وإليكَ أنَبْتُ»: ورجَعْتُ، والإنابةُ الرُّجوعُ إلى اللهِ تعالَى بالتَّوبةِ.

#أدعية
إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ وكَّلَ بالرَّحِمِ مَلَكًا، يقولُ: يا رَبِّ نُطْفَةٌ؟ يا رَبِّ عَلَقَةٌ؟ يا رَبِّ مُضْغَةٌ؟ فإذا أرادَ أنْ يَقْضِيَ خَلْقَهُ قالَ: أذَكَرٌ أمْ أُنْثَى، شَقِيٌّ أمْ سَعِيدٌ، فَما الرِّزْقُ والأجَلُ، فيُكْتَبُ في بَطْنِ أُمِّهِ.

الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 318 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] |

شرح الحديث:
وكَّلَ اللهُ عزَّ وجلَّ بِالرَّحِمِ الذي هو مَوضعِ تكوينِ الجنينِ ملَكًا كما في هذا الحديثِ، فإذا تكوَّنَتِ النُّطفةُ قال هذا الملَكُ: «يا ربِّ نُطفةٌ»؟ وهو استِفهامٌ مِن المَلَكِ للربِّ جلَّ جلالُه، أي: أهو نُطفةٌ فأكتُبَها؛ فإنَّه لا يعلمُ ما في الأرحامِ إلَّا اللهُ، وإنَّما المَلَكُ مُوكَّلٌ بالحِفظِ والكِتابةِ ومِثلُه ما سيأتي: «يا ربِّ عَلَقةٌ...إلخ»،
وهذا إشارةٌ إلى قدرةِ الله وعِلمِه الأزَليِّ، وتقديرِه لأمورِ الخَلقِ، فيَنبغي للعبدِ أن يُجْمِلَ في طَلَبِ الدُّنْيا؛ فإنَّ كُلًّا مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ له، والَّذي سيَكونُ مِن أهلِ الجنَّةِ سيَعمَلُ بالأعمالِ الَّتي توصِلُه إلى الجنَّةِ، والَّذي يَكونُ مِن أهلِ النَّارِ سيَعمَلُ ويختارُ بمَشيئتِه وإرادتِه الأعمالَ الَّتي تُوصِلُه إلى النَّارِ، فالحقُّ سُبحانَه هَيَّأ الخَيرَ لأصحابِ السَّعادةِ، وهيَّأ لهم أسبابَها، وهيَّأ الشَّرَّ لأصحابِ الشَّقاءِ، وهيَّأ لهم أسبابَها؛ وذلك لأنَّ اللهَ أوضَح الخيرَ والشَّرَّ للجَميعِ، فكُلٌّ يَعمَلُ على بَصيرةٍ، ويَختارُ ما يُريدُ، فمَنِ اخْتارَ عمَلَ أهْلِ الجَنَّةِ وفَّقَه اللهُ لذلك، ثُمَّ أَدخَلَه الجنَّةَ، وهو يَعلَمُ أزَلًا أنَّه مِن أهْلِها، وكذلك مَنِ اخْتارَ لنَفْسِه عمَلَ أهلِ النَّارِ تَرَكَه اللهُ حتَّى يُدخِلَه النَّارَ يَومَ القيامةِ، وهو سُبحانَه يَعلَمُ أزَلًا أنَّه سيَعمَلُ بعَمَلِ أهلِ النَّارِ.وهذا لا يُنافي الأمْرَ بالعَملِ والسَّعيِ في الأرضِ لابتِغاءِ الرِّزقِ وطلَبِ الجنَّةِ بالعَملِ الصَّالحِ، ولكنَّه تهذيبٌ للسَّعيِ، وعدَم الحُزنِ على ما فات؛ فعلى المَرءِ أن يَبذُلَ جُهدَه ويُجاهِدَ نفْسَه في عمَلِ الطَّاعةِ، ولا يَترُكَ العملَ توكُّلًا على ما يَؤولُ إليه أمْرُه المقدَّرُ له أزَلًا.
أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ لَهَا: يا عَائِشَةُ هذا جِبْرِيلُ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ، فَقالَتْ: وعليه السَّلَامُ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ، تَرَى ما لا أرَى، تُرِيدُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.


الراوي : عائشة أم المؤمنين.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3217.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].

شرح الحديث:
خَصَّ اللهُ سُبحانَه وتَعالى نَبيَّه بخَصائِصَ ومُمَيِّزاتٍ عَظيمةٍ، منها اصِطفاؤُه بالوَحْيِ والرِّسالةِ، وقد كان يُبَلِّغُ كُلَّ ما يَقولُه جِبريلُ عليه السَّلامُ.
وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ أُمُّ المُؤمِنينَ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال لها: يا عائِشةُ، هذا جِبريلُ يَقرَأُ عليكِ السَّلامَ، أي: يُحَيِّيكِ بتَحيَّةِ الإسلامِ، فقالَتْ: «وعليه السَّلامُ ورَحمةُ اللهِ وبَرَكاتُه»، فرَدَّتِ التَّحيَّةَ بأحسَنَ منها، ثمَّ قالَتْ: «تَرى ما لا أرى»، أي: إنَّكَ يا رَسولَ اللهِ، تَرى جِبريلَ الذي لا أراهُ، فهَنيئًا لكَ الوَحْيُ والنُّبُوَّةُ، ورُؤيةُ المَلائِكةِ الكِرامِ البَرَرةِ.

وفي الحَديثِ: فَضيلةٌ ظاهِرةٌ لِأُمِّ المُؤمِنينَ عائشةَ رَضيَ اللهُ عنها.
وفيه: اختِصاصُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بإحدى الحالاتِ التي يَرى فيها الوَحْيَ، وإلَّا فقدْ رآهُ الصَّحابةُ في صُورةِ رَجُلٍ يُشبِهُ فيها الصَّحابيَّ دِحيةَ الكَلبيَّ.
وفيه: إثباتُ وُجودِ المَلائكةِ، ومنهم جِبريلُ الأمينُ، سَفيرُ اللهِ إلى أنبيائِه.
  أَوَّلَ ما اتَّخَذَ النِّسَاءُ المِنْطَقَ مِن قِبَلِ أُمِّ إسْمَاعِيلَ؛ اتَّخَذَتْ مِنْطَقًا لِتُعَفِّيَ أَثَرَهَا علَى سَارَةَ، ثُمَّ جَاءَ بهَا إبْرَاهِيمُ وبِابْنِهَا إسْمَاعِيلَ وهي تُرْضِعُهُ، حتَّى وضَعَهُما عِنْدَ البَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ فَوْقَ زَمْزَمَ في أَعْلَى المَسْجِدِ، وليسَ بمَكَّةَ يَومَئذٍ أَحَدٌ، وليسَ بهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُما هُنَالِكَ، ووَضَعَ عِنْدَهُما جِرَابًا فيه تَمْرٌ، وسِقَاءً فيه مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إسْمَاعِيلَ فَقالَتْ: يا إبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وتَتْرُكُنَا بهذا الوَادِي الَّذي ليسَ فيه إنْسٌ ولَا شَيءٌ؟ فَقالَتْ له ذلكَ مِرَارًا، وجَعَلَ لا يَلْتَفِتُ إلَيْهَا، فَقالَتْ له: آللَّهُ الَّذي أَمَرَكَ بهذا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَتْ: إذَنْ لا يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إبْرَاهِيمُ حتَّى إذَا كانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لا يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بوَجْهِهِ البَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بهَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ، ورَفَعَ يَدَيْهِ فَقالَ: رَبِّ {إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} حتَّى بَلَغَ: {يَشْكُرُونَ} [إبراهيم: 37]، وجَعَلَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ تُرْضِعُ إسْمَاعِيلَ وتَشْرَبُ مِن ذلكَ المَاءِ، حتَّى إذَا نَفِدَ ما في السِّقَاءِ عَطِشَتْ وعَطِشَ ابنُهَا، وجَعَلَتْ تَنْظُرُ إلَيْهِ يَتَلَوَّى -أَوْ قالَ: يَتَلَبَّطُ- فَانْطَلَقَتْ كَرَاهيةَ أَنْ تَنْظُرَ إلَيْهِ، فَوَجَدَتِ الصَّفَا أَقْرَبَ جَبَلٍ في الأرْضِ يَلِيهَا، فَقَامَتْ عليه، ثُمَّ اسْتَقْبَلَتِ الوَادِيَ تَنْظُرُ: هلْ تَرَى أَحَدًا؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَهَبَطَتْ مِنَ الصَّفَا حتَّى إذَا بَلَغَتِ الوَادِيَ رَفَعَتْ طَرَفَ دِرْعِهَا، ثُمَّ سَعَتْ سَعْيَ الإنْسَانِ المَجْهُودِ حتَّى جَاوَزَتِ الوَادِيَ، ثُمَّ أَتَتِ المَرْوَةَ فَقَامَتْ عَلَيْهَا ونَظَرَتْ: هلْ تَرَى أَحَدًا؟ فَلَمْ تَرَ أَحَدًا، فَفَعَلَتْ ذلكَ سَبْعَ مَرَّاتٍ -قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَذلكَ سَعْيُ النَّاسِ بيْنَهُما- فَلَمَّا أَشْرَفَتْ علَى المَرْوَةِ سَمِعَتْ صَوْتًا، فَقالَتْ: صَهٍ -تُرِيدُ نَفْسَهَا-، ثُمَّ تَسَمَّعَتْ، فَسَمِعَتْ أَيْضًا، فَقالَتْ: قدْ أَسْمَعْتَ إنْ كانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ، فَإِذَا هي بالمَلَكِ عِنْدَ مَوْضِعِ زَمْزَمَ، فَبَحَثَ بعَقِبِهِ -أَوْ قالَ: بجَنَاحِهِ- حتَّى ظَهَرَ المَاءُ، فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ وتَقُولُ بيَدِهَا هَكَذَا، وجَعَلَتْ تَغْرِفُ مِنَ المَاءِ في سِقَائِهَا وهو يَفُورُ بَعْدَ ما تَغْرِفُ. قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إسْمَاعِيلَ، لو تَرَكَتْ زَمْزَمَ -أَوْ قالَ: لو لَمْ تَغْرِفْ مِنَ المَاءِ- لَكَانَتْ زَمْزَمُ عَيْنًا مَعِينًا. قالَ: فَشَرِبَتْ وأَرْضَعَتْ ولَدَهَا، فَقالَ لَهَا المَلَكُ: لا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ؛ فإنَّ هَاهُنَا بَيْتَ اللَّهِ، يَبْنِي هذا الغُلَامُ وأَبُوهُ، وإنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَهْلَهُ، وكانَ البَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الأرْضِ كَالرَّابِيَةِ، تَأْتِيهِ السُّيُولُ، فَتَأْخُذُ عن يَمِينِهِ وشِمَالِهِ، فَكَانَتْ كَذلكَ حتَّى مَرَّتْ بهِمْ رُفْقَةٌ مِن جُرْهُمَ -أَوْ أَهْلُ بَيْتٍ مِن جُرْهُمَ- مُقْبِلِينَ مِن طَرِيقِ كَدَاءٍ، فَنَزَلُوا في أَسْفَلِ مَكَّةَ، فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا، فَقالوا: إنَّ هذا الطَّائِرَ لَيَدُورُ علَى مَاءٍ، لَعَهْدُنَا بهذا الوَادِي وما فيه مَاءٌ، فأرْسَلُوا جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ فَإِذَا هُمْ بالمَاءِ، فَرَجَعُوا فأخْبَرُوهُمْ بالمَاءِ، فأقْبَلُوا، قالَ: وأُمُّ إسْمَاعِيلَ عِنْدَ المَاءِ، فَقالوا: أَتَأْذَنِينَ لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عِنْدَكِ؟ فَقالَتْ: نَعَمْ، ولَكِنْ لا حَقَّ لَكُمْ في المَاءِ، قالوا: نَعَمْ، قالَ ابنُ عَبَّاسٍ: قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فألْفَى ذلكَ أُمَّ إسْمَاعِيلَ وهي تُحِبُّ الإنْسَ، فَنَزَلُوا وأَرْسَلُوا إلى أَهْلِيهِمْ فَنَزَلُوا معهُمْ، حتَّى إذَا كانَ بهَا أَهْلُ أَبْيَاتٍ منهمْ، وشَبَّ الغُلَامُ وتَعَلَّمَ العَرَبِيَّةَ منهمْ، وأَنْفَسَهُمْ وأَعْجَبَهُمْ حِينَ شَبَّ، فَلَمَّا أَدْرَكَ زَوَّجُوهُ امْرَأَةً منهمْ، ومَاتَتْ أُمُّ إسْمَاعِيلَ، فَجَاءَ إبْرَاهِيمُ بَعْدَما تَزَوَّجَ إسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إسْمَاعِيلَ، فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عنْه، فَقالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، ثُمَّ سَأَلَهَا عن عَيْشِهِمْ وهَيْئَتِهِمْ، فَقالَتْ: نَحْنُ بشَرٍّ، نَحْنُ في ضِيقٍ وشِدَّةٍ، فَشَكَتْ إلَيْهِ، قالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عليه السَّلَامَ، وقُولِي له: يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا
جَاءَ إسْمَاعِيلُ كَأنَّهُ آنَسَ شيئًا، فَقالَ: هلْ جَاءَكُمْ مِن أَحَدٍ؟ قالَتْ: نَعَمْ، جَاءَنَا شَيخٌ كَذَا وكَذَا، فَسَأَلَنَا عَنْكَ فأخْبَرْتُهُ، وسَأَلَنِي: كيفَ عَيْشُنَا؟ فأخْبَرْتُهُ أنَّا في جَهْدٍ وشِدَّةٍ، قالَ: فَهلْ أَوْصَاكِ بشَيءٍ؟ قالَتْ: نَعَمْ، أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ السَّلَامَ، ويقولُ: غَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِكَ، قالَ: ذَاكِ أَبِي، وقدْ أَمَرَنِي أَنْ أُفَارِقَكِ، الْحَقِي بأَهْلِكِ، فَطَلَّقَهَا، وتَزَوَّجَ منهمْ أُخْرَى، فَلَبِثَ عنْهمْ إبْرَاهِيمُ ما شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَتَاهُمْ بَعْدُ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَدَخَلَ علَى امْرَأَتِهِ فَسَأَلَهَا عنْه، فَقالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، قالَ: كيفَ أَنْتُمْ؟ وسَأَلَهَا عن عَيْشِهِمْ وهَيْئَتِهِمْ، فَقالَتْ: نَحْنُ بخَيْرٍ وسَعَةٍ، وأَثْنَتْ علَى اللَّهِ، فَقالَ: ما طَعَامُكُمْ؟ قالتِ: اللَّحْمُ، قالَ: فَما شَرَابُكُمْ؟ قالتِ: المَاءُ. قالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لهمْ في اللَّحْمِ والمَاءِ، قالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ولَمْ يَكُنْ لهمْ يَومَئذٍ حَبٌّ، ولو كانَ لهمْ دَعَا لهمْ فِيهِ. قالَ: فَهُما لا يَخْلُو عليهما أَحَدٌ بغيرِ مَكَّةَ إلَّا لَمْ يُوَافِقَاهُ، قالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عليه السَّلَامَ، ومُرِيهِ يُثْبِتُ عَتَبَةَ بَابِهِ، فَلَمَّا جَاءَ إسْمَاعِيلُ قالَ: هلْ أَتَاكُمْ مِن أَحَدٍ؟ قالَتْ: نَعَمْ، أَتَانَا شَيخٌ حَسَنُ الهَيْئَةِ، وأَثْنَتْ عليه، فَسَأَلَنِي عَنْكَ فأخْبَرْتُهُ، فَسَأَلَنِي: كيفَ عَيْشُنَا؟ فأخْبَرْتُهُ أنَّا بخَيْرٍ، قالَ: فأوْصَاكِ بشَيءٍ؟ قالَتْ: نَعَمْ، هو يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ، ويَأْمُرُكَ أَنْ تُثْبِتَ عَتَبَةَ بَابِكَ، قالَ: ذَاكِ أَبِي، وأَنْتِ العَتَبَةُ، أَمَرَنِي أَنْ أُمْسِكَكِ، ثُمَّ لَبِثَ عنْهمْ ما شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذلكَ وإسْمَاعِيلُ يَبْرِي نَبْلًا له تَحْتَ دَوْحَةٍ قَرِيبًا مِن زَمْزَمَ، فَلَمَّا رَآهُ قَامَ إلَيْهِ، فَصَنَعَا كما يَصْنَعُ الوَالِدُ بالوَلَدِ والوَلَدُ بالوَالِدِ، ثُمَّ قالَ: يا إسْمَاعِيلُ، إنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي بأَمْرٍ، قالَ: فَاصْنَعْ ما أَمَرَكَ رَبُّكَ، قالَ: وتُعِينُنِي؟ قالَ: وأُعِينُكَ، قالَ: فإنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أَبْنِيَ هَاهُنَا بَيْتًا، وأَشَارَ إلى أَكَمَةٍ مُرْتَفِعَةٍ علَى ما حَوْلَهَا، قالَ: فَعِنْدَ ذلكَ رَفَعَا القَوَاعِدَ مِنَ البَيْتِ، فَجَعَلَ إسْمَاعِيلُ يَأْتي بالحِجَارَةِ وإبْرَاهِيمُ يَبْنِي، حتَّى إذَا ارْتَفَعَ البِنَاءُ، جَاءَ بهذا الحَجَرِ فَوَضَعَهُ له فَقَامَ عليه، وهو يَبْنِي وإسْمَاعِيلُ يُنَاوِلُهُ الحِجَارَةَ، وهُما يَقُولَانِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127]، قالَ: فَجَعَلَا يَبْنِيَانِ حتَّى يَدُورَا حَوْلَ البَيْتِ وهُما يَقُولَانِ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127].

الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3364 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
أَوْتَرَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ العِشَاءِ برَكْعَةٍ، وعِنْدَهُ مَوْلًى لِابْنِ عَبَّاسٍ، فأتَى ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: دَعْهُ؛ فإنَّه قدْ صَحِبَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.

الراوي : عبدالله بن أبي مليكة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3764 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وضَعَ صَبِيًّا في حَجْرِهِ يُحَنِّكُهُ، فَبَالَ عليه، فَدَعَا بمَاءٍ فأتْبَعَهُ.

الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6002 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

من الحديث:
- التَّيسيرِ في التَّطهُّرِ مِن بَولِ الطِّفلِ الرَّضيعِ الذي لم يَأكُلْ
- حُسنُ خُلقِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
"مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أوْ لِيصمُتْ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جارَهُ، ومَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ."

الراوي : أبو هريرة | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 47 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] 
أَتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَالٌ فأعْطَى قَوْمًا ومَنَعَ آخَرِينَ، فَبَلَغَهُ أنَّهُمْ عَتَبُوا، فَقالَ: إنِّي أُعْطِي الرَّجُلَ وأَدَعُ الرَّجُلَ، والذي أدَعُ أحَبُّ إلَيَّ مِنَ الذي أُعْطِي، أُعْطِي أقْوَامًا لِما في قُلُوبِهِمْ مِنَ الجَزَعِ والهَلَعِ، وأَكِلُ أقْوَامًا إلى ما جَعَلَ اللَّهُ في قُلُوبِهِمْ مِنَ الغِنَى والخَيْرِ منهمْ عَمْرُو بنُ تَغْلِبَ، فَقالَ عَمْرٌو: ما أُحِبُّ أنَّ لي بكَلِمَةِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حُمْرَ النَّعَمِ.

الراوي: عمرو بن تغلب | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 7535 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
يَخْرُجُ الدَّجَّالُ، فَيَتَوَجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَتَلْقَاهُ الْمَسَالِحُ ؛ مَسَالِحُ الدَّجَّالِ، فَيَقُولُونَ لَهُ : أَيْنَ تَعْمِدُ ؟ فَيَقُولُ : أَعْمِدُ إِلَى هَذَا الَّذِي خَرَجَ. قَالَ : فَيَقُولُونَ لَهُ : أَوَمَا تُؤْمِنُ بِرَبِّنَا ؟ فَيَقُولُ : مَا بِرَبِّنَا خَفَاءٌ. فَيَقُولُونَ : اقْتُلُوهُ. فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : أَلَيْسَ قَدْ نَهَاكُمْ رَبُّكُمْ أَنْ تَقْتُلُوا أَحَدًا دُونَهُ ؟ قَالَ : فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الدَّجَّالِ، فَإِذَا رَآهُ الْمُؤْمِنُ قَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَذَا الدَّجَّالُ الَّذِي ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ : فَيَأْمُرُ الدَّجَّالُ بِهِ فَيُشَبَّحُ، فَيَقُولُ : خُذُوهُ، وَشُجُّوهُ. فَيُوسَعُ ظَهْرُهُ وَبَطْنُهُ ضَرْبًا، قَالَ : فَيَقُولُ : أَوَمَا تُؤْمِنُ بِي ؟ قَالَ : فَيَقُولُ : أَنْتَ الْمَسِيحُ الْكَذَّابُ. قَالَ : فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُؤْشَرُ بِالْمِئْشَارِ مِنْ مَفْرِقِهِ حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، قَالَ : ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بَيْنَ الْقِطْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ : قُمْ. فَيَسْتَوِي قَائِمًا، قَالَ : ثُمَّ يَقُولُ لَهُ : أَتُؤْمِنُ بِي ؟ فَيَقُولُ : مَا ازْدَدْتُ فِيكَ إِلَّا بَصِيرَةً. قَالَ : ثُمَّ يَقُولُ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَا يَفْعَلُ بَعْدِي بِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ. قَالَ : فَيَأْخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ، فَيُجْعَلَ مَا بَيْنَ رَقَبَتِهِ إِلَى تَرْقُوَتِهِ نُحَاسًا، فَلَا يَسْتَطِيعُ إِلَيْهِ سَبِيلًا، قَالَ : فَيَأْخُذُ بِيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، فَيَقْذِفُ بِهِ، فَيَحْسِبُ النَّاسُ أَنَّمَا قَذَفَهُ إِلَى النَّارِ، وَإِنَّمَا أُلْقِيَ فِي الْجَنَّةِ ". فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هَذَا أَعْظَمُ النَّاسِ شَهَادَةً عِنْدَ رَبِّ الْعَالَمِينَ "

الراوي: أبو سعيد الخدري | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 2938 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

شرح الحديث:
المسالح: قوم معهم سلاح يرتبون في المراكز كالخفراء، سموا بذلك لحملهم السلاح.
فيأمر الدجال به فيشبح: أي مدوه على بطنه.
فيقول: خذوه وشجوه: من الشج، وهو الجرح في الرأس.
فيؤشر بالمئشار من مفرقه: يُنشر بالمنشار في وسط رأسه.
الترقوة: هي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق.
قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِجِبْرِيلَ: ألَا تَزُورُنَا أكْثَرَ ممَّا تَزُورُنَا؟، قالَ: فَنَزَلَتْ: {وَما نَتَنَزَّلُ إلَّا بأَمْرِ رَبِّكَ له ما بيْنَ أيْدِينَا وما خَلْفَنَا} [مريم: 64] الآيَةَ.

الراوي : عبدالله بن عباس.
المحدث : البخاري.
المصدر : صحيح البخاري.
الصفحة أو الرقم: 3218.
خلاصة حكم المحدث : [صحيح].

شرح الحديث:
كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَشتاقُ لِلقاءِ جِبريلَ عليه السَّلامُ، فقال له مَرَّةً: «ألَا تَزورُونا أكثَرَ مِمَّا تَزورُنا»، و«ألَا» لِلحَثِّ على فِعلِ الشَّيءِ، فكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَرْجو نُزولَ جِبريلَ السَّلامُ عليه بالوَحْيِ أكثَرَ مِمَّا كان يَنزِلُ؛ اشتِياقًا لِمَا يَحمِلُه مِن كَلامِ اللهِ تَعالى، فنَزَلَ قَولُه تَعالى: {وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64]، يَعني: لا تَنزِلُ المَلائِكةُ بالوَحْيِ إلَّا بأمْرٍ مِنَ اللهِ تَعالى، فهو يَعلَمُ ما أمامَنا، وما وَراءَنا مِنَ الأماكِنِ والأزمانِ، لا نَنتَقِلُ مِن مَكانٍ إلى مَكانٍ إلَّا بأمْرِه، ولا نَنزِلُ في زَمانٍ دُونَ زَمانٍ إلَّا بمَشيئَتِه، فلا يَفوتُه شَيءٌ، ولا تَجوزُ عليه الغَفلةُ والنِّسيانُ.

وفي الحَديثِ: طَلَبُ زِيارةِ أهلِ الخَيرِ إلى البَيتِ؛ مِن أجْلِ الانتِفاعِ بصُحبَتِهم.
قُلتُ يا رَسولَ اللَّهِ، أيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأرْضِ أوَّلَ؟ قالَ: المَسْجِدُ الحَرَامُ قالَ: قُلتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ المَسْجِدُ الأقْصَى قُلتُ: كَمْ كانَ بيْنَهُمَا؟ قالَ: أرْبَعُونَ سَنَةً، ثُمَّ أيْنَما أدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ، فإنَّ الفَضْلَ فِيهِ.

الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 3366 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

شرح الحديث
أخَذَ أبو ذُرٍّ رَضيَ اللهُ عنه يَستزِيدُ مِن عِلمِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فسَأَلَه عن المسجِدِ الَّذي بُنِيَ بعْدَ المسجدِ الحرامِ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «المَسجِدُ الأَقصى» الموجودُ بالقُدْسِ في فِلَسطينَ. وسُمِّيَ بـ«الأَقْصى»؛ قِيلَ: لبُعدِ المَسافةِ بيْنهُ وبيْن المسجِدِ الحرامِ.
فسَأَلَ أَبو ذَرٍّ رَضيَ اللهُ عنهُ: كَم الوقتُ بيْنَ بِناءِ المَسجدَينِ؟ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أربعونَ»، أي: سَنةً، كما جاء في رِوايةِ الصَّحيحينِ.
ثمَّ أخبَرَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه أيْنما كانَ وحضَرَ وقْتُ الصَّلاةِ، فلْيُصَلِّ؛ فالأَرضُ طاهِرةٌ صالحةٌ للصَّلاةِ، فإيقاعُ الصَّلاةِ إذا حَضَرَت لا يَتوقَّفُ على المكانِ الأفضَلِ، ولا يَختَصُّ السُّجودُ فيها بمَوضعٍ دونَ آخَرَ، بلْ كلُّها صالحةٌ للسُّجودِ والصَّلاةِ، عَدا ما استُثنِيَ مِن ذلك، كمَواضعِ النَّجاساتِ.
وفي الحديثِ: إشارةٌ إلى المُحافَظةِ على الصَّلاةِ في أوَّلِ وقْتِها.
وفيه: بَيانُ فضْلِ المسجدِ الحرامِ، حيثُ إنَّه أوَّلُ مَوضعٍ وُضِعَ للعبادةِ، وفضْلِ المسجدِ الأقصى؛ فهو ثاني مَسجِدٍ وُضِعَ في الأرضِ، كما أنَّه أُولى القِبلتَينِ، ومَسرَى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
الطُّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ المِيزانَ، وسُبْحانَ اللهِ والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ -أَوْ تَمْلأُ- ما بيْنَ السَّمَواتِ والأرْضِ، والصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ، والصَّبْرُ ضِياءٌ، والْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ، أوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُها، أوْ مُوبِقُها.

الراوي : أبو مالك الأشعري | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم : 223 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
    
شرح الحديث
هذا حَديثٌ عَظيمٌ، وأصلٌ من أُصولِ الإسلامِ، يَذكُرُ فيه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كُلَّ ما يُهِمُّ المسلمَ في حَياتِه وآخِرتِهِ؛ ففيه يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ «الطُّهورَ» -وهو الوُضوءُ، والطَّهارةُ أصلُها: النَّظافةُ والتَّنَزُّهُ- «شَطْرُ الإِيمانِ»، أي: نِصفُهُ، والمرادُ أنَّ الأجرَ في الوُضوءِ يَنتهي إلى نِصفِ أجرِ الإيمانِ.
وقدِ اختُلِفَ في المُرادِ بكَونِ الطُّهورِ شَطرَ الإيمانِ؛ فقيل: المُرادُ أنَّ خِصالَ الإيمانِ منَ الأعمالِ والأقوالِ كلُّها تُطهِّرُ القَلبَ وتُزَكِّيه، وأمَّا الطَّهارةُ بالماءِ فهي تَختصُّ بتَطهيرِ الجسَدِ وتَنظيفِه؛ فصارَت خِصالُ الإيمانِ قِسمَينِ: أحدُهما يُطهِّرُ الظَّاهِرَ، والآخَرُ يُطهِّرُ الباطِنَ؛ فهُما نِصفانِ بهذا الاعتبارِ. أوِ المُرادُ بالإيمانِ هنا الصَّلاةُ، كما في قَولِ اللهِ تَعالَى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة: 143]، والكَلامُ على تَقديرِ مُضافٍ، أي: إكمالُ الوُضوءِ شَطرُ كَمالِ الصَّلاةِ، والصلاةُ لا تُقبَلُ إلَّا بطُهورٍ؛ فصار الطُّهورُ شَطرَ الإيمانِ بهذا الاعتِبارِ، وليس يَلزَمُ في الشَّطرِ أن يكونَ نِصفًا حَقيقيًّا.
«والحمدُ للهِ تَملَأُ الميزانَ»، أي: إنَّها تُوزنُ وتَملأُ الميزانَ بالأجرِ والثَّوابِ، فتُرَجَّحُ كِفَّتُها، وذلك يومَ القيامةِ يومَ تُوزَنُ أعمالُ العبادِ، ويُجازي عليها اللهُ عزَّ وجلَّ، والميزانُ الذي تُوزَنُ به الأعمالُ يَومَ القيامةِ ميزانٌ حَقيقيٌّ لا يُشبِه مَوازينَ الخَلقِ، وهو من أُمورِ الغَيبِ التي يَجِبُ الإيمانُ بها، «وسُبحانَ اللهِ» ومعناه: التَّنزيه الكاملُ لله تَعالَى عن كلِّ نقصٍ، ووَصفُه بالكَمالِ التَّامِّ الَّذي يَليقُ بجَلالِه، «والحمْدُ للهِ»، ومعناها: الاعترافُ بأنَّ اللهَ هو المُستحِقُّ وحدَه لمعاني الشُّكرِ والثَّناءِ، وهاتان الجملتان «تَمْلَآنِ»، أي: إنَّ أجرَ ذِكرِهما يَملَأُ «ما بَيْنَ السَّمواتِ والأرضِ»؛ لاشتمالِهِما على تَنزيه اللهِ تَعالَى في قَولِه: «سُبحانَ اللهِ»، والتَّفويضِ والافتِقارِ إلى اللهِ في قَولِه: «الحَمْدُ للهِ» فهي: وَصفٌ للمَحمودِ بالكَمالِ معَ المَحبَّةِ والتَّعظيمِ.
«والصَّلاةُ نورٌ»، قيل: المَعنَى: إنَّ من أجرِها أن يَجعَلَ اللهُ عزَّ وجَلَّ نورًا لصاحِبِها يَومَ القيامةِ، ويَكونُ في الدُّنيا أيضًا على وَجهِه البَهاءُ، بخِلافِ مَن لم يُصَلِّ، وقيل: هي تَمنَعُ منَ المَعاصي وتَنهَى عنِ الفَحشاءِ والمُنكَرِ، وتَهدي إلى الصَّوابِ، كما أنَّ النُّورَ يُستَضاءُ به، وقيل: كُلُّ هذا؛ فهي نُورٌ للعَبدِ في قَلبِه، وفي وَجهِه، وفي قَبرِه، وفي حَشرِه.
«والصَّدَقةُ بُرهانٌ»؛ فهي دَليلٌ على إيمانِ المؤمِنينَ واختلافِهِم عَنِ المنافِقينَ؛ فإنَّ المُنافِقَ يَمتَنِعُ منها لكَونِه لا يَعتَقِدُها، فمَن تَصدَّق استُدِلَّ بصَدَقَتِه على صِدقِ إيمانِه. وقيل: تَكونُ بُرهانًا يَفزَعُ إليها كما يُفزَعُ إلى البَراهينِ، كأنَّ العَبدَ إذا سُئل يَومَ القيامةِ عن مَصرِفِ مالِه، كانت صَدَقاتُه بَراهينَ في جَوابِ هذا السُّؤالِ، فيَقولُ: تَصَدَّقتُ به.
«والصَّبْرُ ضِياءٌ»، والضِّياءُ هو النُّورُ الذي يَحصُلُ فيه نَوعُ حَرارةٍ وإحراقٍ، كضياءِ الشَّمسِ، بخِلافِ القَمَرِ؛ فإنَّه نورٌ مَحضٌ، فيه إشراقٌ بغَيرِ حَرارةٍ، ولمَّا كان الصَّبرُ شاقًّا على النُّفوسِ يَحتاجُ إلى مُجاهدةِ النَّفسِ وحَبسِها وكَفِّها عمَّا تَهواهُ، كان ضياءً؛ فإنَ مَعنَى الصَّبرِ في اللُّغةِ: الحَبسُ، ويُقصَدُ به هنا الوُقوفُ مع البَلاءِ بِحُسنِ الأدَبِ، والصَّبرُ المَحبوبُ في الشَّرعِ يَكونُ على طاعةِ اللهِ تَعالَى، والصَّبرُ عن مَعصيتِه، والصَّبرُ على النَّائباتِ وأنواعِ المَكاره في الدُّنيا؛ كلُّ هذا ضياءٌ لصاحبِه، والمُرادُ أنَّ الصَّبرَ مَحمودٌ، ولا يَزالُ صاحِبُه مُستضيئًا مُهتَديًا مُستَمِرًّا على الصَّوابِ.
«والقُرْآنُ حُجَّةٌ لكَ أو علَيْكَ»، أي: يَكونُ بتِلاوتِه والعملِ به حُجَّةً مع صاحبِه يومَ القيامةِ، ويَكونُ بِتَركِه دُونَ عَملٍ أو تِلاوةٍ حُجَّةً وخُسرانًا على صاحبِه.
وأخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ «كلَّ النَّاسِ يَغْدُو» بمَعنَى يُبَكِّر، والغُدُوُّ: سَيرُ أوَّلِ النَّهارِ، «فَبايِعٌ نَفْسَه؛ فَمُعْتِقُها أَوْ مُوبِقُها»، أي: كلُّ إنسانٍ يَسعى بنفسِه إلى طاعةِ اللهِ، فيكونُ مُنقِذًا لها منَ النَّار، أو يَسعَى بنفسِه إلى طاعةِ الشَّيطانِ وهَواه، فَيُهلِكُها بدُخولِها النَّارَ.
وفي الحديثِ: فضلُ الوُضوءِ والطَّهارةِ وبَيانُ ما لهما من الأجرِ.
وفيه: بَيانُ بعضِ الأقوالِ والأعمالِ الإيمانيَّةِ التي تُعتِقُ صاحبَها من النَّارِ.
وفيه: تَنبيهٌ على أنَّ الإنسانَ يُؤخَذُ بجَريرةِ عملِه؛ فليَعمَل لنَفسِه ما أرادَ.
كانَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَأْخُذُنِي فيُقْعِدُنِي علَى فَخِذِهِ، ويُقْعِدُ الحَسَنَ علَى فَخِذِهِ الأُخْرَى، ثُمَّ يَضُمُّهُمَا، ثُمَّ يقولُ: اللَّهُمَّ ارْحَمْهُما؛ فإنِّي أرْحَمُهُمَا.

الراوي : أسامة بن زيد | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم : 6003 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

شرح الحديث:
رَحمةُ الولدِ الصَّغيرِ ومُعانقتُه وتَقبيلُه والرِّفقُ به مِنَ الأعمالِ الَّتي يَرضاها اللهُ ويُجازي عليها، وقدْ كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم برًّا رحيمًا بالنَّاسِ جميعًا لا سيَّما الصِّغارِ، فضرب أروعَ الأمثلةِ في تَواضُعِه ورَحمتِه بالصِّغارِ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أسامةُ بنُ زيدِ بنِ حارِثةَ رَضِيَ اللهُ عنهما -حِبُّ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومَولاه، وابنُ مَولاه-: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان يَأخُذُه فيُقعِدُه على فَخِذِه الشَّريفِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويُقعِدُ الحسَنَ بنَ عليٍّ على فَخِذِه الأخرى، ثمَّ يضُمُّهما إليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ يقول: «اللَّهمَّ ارحَمْهُما؛ فإنِّي أرحَمُهما»، أي: أرِقُّ لهما وأتعطَّفُ عليهما.
واستُشكِلَ بأنَّ أُسامةَ رَضِيَ اللهُ عنه أسَنَّ مِنَ الحَسَنِ بكثيرٍ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَّره على جيشٍ عند وفاتِه، وكان عُمُرُه -فيما قيل- عشرينَ سنة حينئذٍ، وكان سِنُّ الحسَنِ إذ ذاك ثماني سنينَ.
وأجيب: باحتِمالِ أن يكونَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أقعد أسامةَ رَضِيَ اللهُ عنه على فَخِذِه لنَحوِ مَرَضٍ أصابه، فمرَّضه بنَفْسِه لمزيدِ محبَّتِه له، وجاء الحسَنُ فأقعده على الآخَرِ، أو عَبَّرَ عن إقعاده بحذاءِ فَخِذِه لينظُرَ في مَرَضِه بقولِه: فيُقعِدُني على فَخِذِه؛ مُبالغةً في شِدَّةِ قُربِه منه.
سَمِعْتُ رَجُلًا قَرَأَ آيَةً سَمِعْتُ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خِلافَها، فأخَذْتُ بيَدِهِ، فأتَيْتُ به رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: كِلاكُما مُحْسِنٌ. قالَ شُعْبَةُ: أظُنُّهُ قالَ: لا تَخْتَلِفُوا؛ فإنَّ مَن كانَ قَبْلَكُمُ اخْتَلَفُوا فَهَلَكُوا.

الراوي : عبدالله بن مسعود | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 2410 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

- الشرح:
"خلافها" : المقصود انه قرأها بوجه آخر وليس ما يخالفها بالمعنى.. فقد أَنزَلَ اللهُ تعالَى القرآنَ الكريمَ على وُجوهٍ؛ تَيسيرًا لِقراءتِه على جَميعِ العرَبِ وإعجازًا.
- معنى الحديث: إنَّ الاختلافَ في القُرآنِ غيرُ جائزٍ؛ لأنَّ كلَّ لفْظٍ منه إذا جازَ قِراءتُه على وَجهَين أو أكثَرَ، لو أنْكَرَ إنسانٌ وَجْهًا واحدًا، فقدْ أنْكَرَ القرآنَ، ولا يَجوزُ في القرآنِ القولُ بالرَّأيِ؛ لأنَّ قِراءةَ القرآنِ سُنَّةٌ مُتَّبعةٌ، بلْ عَليهما أنْ يَسأَلا عن ذلك مَن هو أعلَمُ مِنهما.
- وفي الحَديثِ: النَّهيُ عنِ الفُرقةِ والاخْتِلافِ.
لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ لِشَيءٍ ما أذِنَ للنَّبيِّ أنْ يَتَغَنَّى بالقُرْآنِ. وقالَ صاحِبٌ له: يُرِيدُ يَجْهَرُ بهِ.

الراوي: أبو هريرة | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 5023 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

شرح الحديث:
جمالُ الصَّوتِ في قِراءةِ القرآنِ ممَّا يُعينُ على الخشوعِ والتَّدبُّرِ لدَى القارئِ والمستمِعِ، وفي هذا الحَديثِ دَعوةٌ إلى تَحسينِ الصَّوتِ بقِراءةِ القرآنِ الكريمِ قَدْرَ الوُسْعِ والطَّاقةِ، فيُخبِرُ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لَم يَستَمِعْ لشَيءٍ كاستِماعِه لِلنَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يَتَغَنَّى بِالقُرآنِ؛ فالفِعلُ (أَذِنَ) هنا بمعنَى: استمَعَ؛ واللهُ سُبحانَه وتعالَى يَسمَعُ أصواتَ العِبادِ كلِّهم؛ بَرِّهم وفاجِرِهم، ولكنَّ استِماعَه لقِراءةِ النَّبيِّ استِماعٌ خاصٌّ، وهو أعظَمُ وأبلغُ. والتَّغنِّي بالقُرآنِ هو أنْ يَجهَرُ بقِراءتِه، ويُحسِّنَ صَوتَه به، كما جاء في رِوايةٍ لمسلمٍ: «ما أَذِنَ اللهُ لشَيءٍ كأَذَنِه لنبيٍّ يَتغنَّى بالقُرآنِ يَجهَرُ به»؛ لأنَّه يَجتمِعُ في قِراءةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم طِيبُ الصَّوتِ، وتَمامُ الخَشيةِ، وذلك هو الغايةُ في ذلك.

وفي الحَديثِ: أنَّ في قِراءةِ الأنبياءِ طِيبَ الصَّوتِ لِكَمالِ خَلْقِهِم، وَتَمامِ الخَشيةِ، وهذا هو الغايةُ في ذلك.
وفيه: استحبابُ الاستماعِ لقراءةِ قارئٍ حَسَنِ الصَّوَتِ.
وفيه: إثباتُ صِفةِ الأَذَنِ -بفتحَتَين- بمعنى الاستماعِ لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- على ما يليقُ بجلالِه.
 لا تَسُبُّوا أصْحابِي؛ فلوْ أنَّ أحَدَكُمْ أنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، ما بَلَغَ مُدَّ أحَدِهِمْ ولا نَصِيفَهُ.

الراوي : أبو سعيد الخدري | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 3673 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

شرح الحديث:
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أبو سَعيدٍ الخُدْريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهى عن سَبِّ الصَّحابةِ رِضْوانُ اللهِ عليهم، والمَقْصودُ بـ«أصْحابي» هنا: يَحتَمِلُ أمرَيْنِ؛ فإنْ كان خاطَبَ أصْحابَه، فالخِطابُ للمُتأخِّرينَ منهم، فأعلَمَهم أنَّهم لنْ يَبلُغوا مَرْتَبةَ المُتقدِّمينَ، وإنْ كان قال لمَن سيَأْتي فعَلى مَعنى: بَلِّغوا مَن يَأْتي، ثمَّ يؤكِّدُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على هذا المَعنى بقَولِه: «فلو أنَّ أحَدَكم أنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهبًا، ما بَلَغ مُدَّ أحَدِهم ولا نَصِيفَه»، ومَعْناه: لو أنفَقَ أحَدُكم مِثلَ جبَلِ أُحدٍ ذَهبًا، ما بَلَغ ثَوابُه في ذلك ثَوابَ نَفَقةِ أحَدِ أصْحابي مُدًّا، وهو ما يَمْلأُ الكَفَّينِ، والنَّصيفُ: النِّصفُ.
فبيَّنَ أنَّ جُهدَ المُقِلِّ منَ الصَّحابةِ، واليَسيرَ منَ النَّفَقةِ الَّذي أنْفَقوه في سَبيلِ اللهِ، معَ شدَّةِ العَيشِ والضِّيقِ الَّذي كانوا فيه، أوْفى عندَ اللهِ، وأزْكى منَ الكَثيرِ الَّذي يُنفِقُه مَن بَعدَهم، فالقَليلُ الَّذي أنفَقَه أحَدُهم أكثَرُ ثَوابًا منَ الكَثيرِ الَّذي يُنفِقُه غَيرُهم؛ وذلك لمَّا كان يُقارِنُ عمَلَ الصَّحابةِ منَ السَّبْقِ، ومَزيدِ الإخْلاصِ، وصِدقِ النِّيَّةِ، وكَمالِ النَّفْسِ، بخِلافِ غيرِهم.