* أما في الفلسفة الإنجليزية المعاصرة نجد شيخ الفلاسفة الرياضي و المنطقي برتراند راسل أشد المدافعين عن حريات الشعوب و أشد الرافضين لثقافة العنف و الحرب و الدموية و الصراع أكد راسل في مختلف كتاباته السياسية و منها كتاب ما الذي أؤمن به و ايضا كتاب المجتمع البشري في الأخلاق و السياسة و كتاب مبادئ سياسية عليا أن هناك قيم سامية في ممارسة السياسة و لهذا كان دائم الحرص على أن لا يصل إلى تقلد مناصب الحكم رجال لهم رغبة الدموية و الحرب و أكد بأنه قد لا يبقى للإنسانية مستقبل في ظل السياسات العالمية المتصارعة و قد دعى راسل شعوب العالم إلى الاتفاق و الالتفاف فيما بينها من اجل تكوين حكومة عالمية أو دولة كونية من خلال الغاء حق صناعة الأسلحة و امتلاكها لدى جميع الدول ووضع قوة واحدة فقط تعمل على تسيير شؤون العالم حتى لا يبقى الصراع بين الجميع أو ما نسميه الحروب اللامبررة و التي تنشأ بسبب تلك العواطف التي تملكها الدول في نظرتها اتجاه بعضها البعض و منها الكبرياء المتعالي و عاطفة الحسد و القومية و كلها تخلق في الأخير ثقافة الصراع و تبعد الأنظمة السياسة عن القيم الأخلاقية العليا يقول برتراند راسل " الفضائل و القيم السياسية في كل مكان و في جميع الأوقات تتكون من طاعة القواعد الأخلاقية " من كتاب المجتمع البشري في الأخلاق و السياسة ص 35 .
النقد :
كما عودتنا الفلسفة دائما على اعمال ملكة النقد فإن لهذا الموقف رغم صوابه و منطقية طرحه مأخذ مختلفة و متعددة منها أن هذه الأراء الفلسفية هي مجرد تنظيرات فكرية لم ترقى إلى مستوى الواقعية و التطبيق فالمجتمع الإنساني ليس مثاليا مثلما تخيله كانط و ليس خيرا مثلما قال عنه روسو و لا يمكنه أن يبلغ تلك المرتبة الأخلاقية التي قال بها راسل أو أن يتفق في وضع حكومة عالمية لأن مصالح الامم ليست واحدة و تاريخ البشرية يعبر عن الصراع المتواصل كما أن النظام السياسي الذي لا يعمل بمنطق القوة لا يستطيع ان يحمي نفسه و يحقق استقراره خاصة تلك الدول التي تكثر فيها الأزمات السياسية و تتعدد فيها الطوائف و الأعراق .
الموقف الثاني :
لا علاقة بين الأخلاق و السياسية " الممارسة السياسية لا تحتاج للقيم الأخلاقية " توماس هوبز- نيتشه- ميكيافيلي " .
الحجج و البراهين :
* يؤكد الفيلسوف الإيطالي نيكولا ميكيافيلي في كتابه الأمير أنه لا يجب مراعاة القيم الأخلاقية في العمل السياسي و هذا من منطلق أن حفظ الدول و استقرارها يكون من خلال اعتماد القوة كأسلوب سياسي دون الاهتمام بالفضائل العليا وهذا حتى يكون حكم الامير ناجح و يقضي على الشر في دولته و يحقق مصالحه الكبرى و مصالح دولته فلا ينبغي النظر إلى نوع الأسلوب الذي يعتمده الملوك و الأمراء في حكمهم لهذا يقول " الغاية تبرر الوسيلة " واعتبرت هذه القاعدة هي الانطلاقة الأولى التي ينطلق منها كل سياسي ديكتاتوري، حيث يضعها نصب عينه ويتبناها لتبرر له الاستبداد وممارسة الطغيان والقوة ويرى ميكيافيلي ضرورة استخدام العنف و القوة من قبل القائد السياسي مبررا ذلك بأنه يولد الخوف، و الخوف أساسي من أجل السيطرة على الشعوب -حسب اعتقاده- ومن لم يفعل ذلك لا يعتبره قائدا سياسيا ناجحا ولهذا أكد ميكيافيلي أن الملك يجب أن يتصف بصفتين من صفات الحيوانات وهما صفة الثعلب " المكر" و صفة الأسد " القوة " .
* في كتاب اللفياثان عرض توماس هوبز هو الأخر نظريته السياسية و اعتبر ان الانسان عاش في مرحلة ما قبل الدول و عرف بطبيعته الشريرة و بصراعه المتواصل مع الطبيعة و مع غيره ثم التحق بالحياة السياسية و شكل الدولة حتى يقضي على تلك الطبيعة الشريرة التي لازمته منذ ظهوره على وجه الارض و لهذا قال هوبز عن الطبيعة البشرية مقولته الشهيرة " الانسان ذئب لأخيه الإنسان" ففكره السياسي يؤكد على ضرورة وجود سلطة مركزية قوية لتجنب شر الشقاق والحروب الأهلية التي تضعف حكم الدول و تفقدها سيطرتها على شعوبها و يقول هوبز " من يشتكي من أذى الحاكم كمن يشتكي من أنه هو نفسه المجرم" وهذا لأن الأفراد قد تنازلوا عن قراراتهم للملك الذي أصبحت له حرية الحكم المطلق على الرعية دون أية قيود أو نصوص أخلاقية تحكمه حتى لا تبدأ كما يقول هوبز " حرب الكل ضد الكل ".
* و يثبت التاريخ أن الملوك الذي اعتمدوا القوة و لم يبالوا بالقيم الأخلاقية حافظوا على بقاء عروشهم و دولهم لوقت طويل بينما الحكام الذين يوفون بالوعود و الاخلاق لا يمكنهم حفظ ممالكهم و إنما أولئك الذين يحسنون الكذب و التلاعب بعقول الناس هم أفضل القادة السياسيين و مثال ذلك نذكر فرانسوا الأول و هو أحد ملوك فرنسا الذي بقي في الحكم لمدة 32 سنة منذ و طوال تلك المدة لم يقم بالوفاء بأي عهد قطعه على الرعية و حكم فرنسا طوال تلك الفترة بالكذب و النفاق و الخداع .
النقد :
كما عودتنا الفلسفة دائما على اعمال ملكة النقد فإن لهذا الموقف رغم صوابه و منطقية طرحه مأخذ مختلفة و متعددة منها أن هذه الأراء الفلسفية هي مجرد تنظيرات فكرية لم ترقى إلى مستوى الواقعية و التطبيق فالمجتمع الإنساني ليس مثاليا مثلما تخيله كانط و ليس خيرا مثلما قال عنه روسو و لا يمكنه أن يبلغ تلك المرتبة الأخلاقية التي قال بها راسل أو أن يتفق في وضع حكومة عالمية لأن مصالح الامم ليست واحدة و تاريخ البشرية يعبر عن الصراع المتواصل كما أن النظام السياسي الذي لا يعمل بمنطق القوة لا يستطيع ان يحمي نفسه و يحقق استقراره خاصة تلك الدول التي تكثر فيها الأزمات السياسية و تتعدد فيها الطوائف و الأعراق .
الموقف الثاني :
لا علاقة بين الأخلاق و السياسية " الممارسة السياسية لا تحتاج للقيم الأخلاقية " توماس هوبز- نيتشه- ميكيافيلي " .
الحجج و البراهين :
* يؤكد الفيلسوف الإيطالي نيكولا ميكيافيلي في كتابه الأمير أنه لا يجب مراعاة القيم الأخلاقية في العمل السياسي و هذا من منطلق أن حفظ الدول و استقرارها يكون من خلال اعتماد القوة كأسلوب سياسي دون الاهتمام بالفضائل العليا وهذا حتى يكون حكم الامير ناجح و يقضي على الشر في دولته و يحقق مصالحه الكبرى و مصالح دولته فلا ينبغي النظر إلى نوع الأسلوب الذي يعتمده الملوك و الأمراء في حكمهم لهذا يقول " الغاية تبرر الوسيلة " واعتبرت هذه القاعدة هي الانطلاقة الأولى التي ينطلق منها كل سياسي ديكتاتوري، حيث يضعها نصب عينه ويتبناها لتبرر له الاستبداد وممارسة الطغيان والقوة ويرى ميكيافيلي ضرورة استخدام العنف و القوة من قبل القائد السياسي مبررا ذلك بأنه يولد الخوف، و الخوف أساسي من أجل السيطرة على الشعوب -حسب اعتقاده- ومن لم يفعل ذلك لا يعتبره قائدا سياسيا ناجحا ولهذا أكد ميكيافيلي أن الملك يجب أن يتصف بصفتين من صفات الحيوانات وهما صفة الثعلب " المكر" و صفة الأسد " القوة " .
* في كتاب اللفياثان عرض توماس هوبز هو الأخر نظريته السياسية و اعتبر ان الانسان عاش في مرحلة ما قبل الدول و عرف بطبيعته الشريرة و بصراعه المتواصل مع الطبيعة و مع غيره ثم التحق بالحياة السياسية و شكل الدولة حتى يقضي على تلك الطبيعة الشريرة التي لازمته منذ ظهوره على وجه الارض و لهذا قال هوبز عن الطبيعة البشرية مقولته الشهيرة " الانسان ذئب لأخيه الإنسان" ففكره السياسي يؤكد على ضرورة وجود سلطة مركزية قوية لتجنب شر الشقاق والحروب الأهلية التي تضعف حكم الدول و تفقدها سيطرتها على شعوبها و يقول هوبز " من يشتكي من أذى الحاكم كمن يشتكي من أنه هو نفسه المجرم" وهذا لأن الأفراد قد تنازلوا عن قراراتهم للملك الذي أصبحت له حرية الحكم المطلق على الرعية دون أية قيود أو نصوص أخلاقية تحكمه حتى لا تبدأ كما يقول هوبز " حرب الكل ضد الكل ".
* و يثبت التاريخ أن الملوك الذي اعتمدوا القوة و لم يبالوا بالقيم الأخلاقية حافظوا على بقاء عروشهم و دولهم لوقت طويل بينما الحكام الذين يوفون بالوعود و الاخلاق لا يمكنهم حفظ ممالكهم و إنما أولئك الذين يحسنون الكذب و التلاعب بعقول الناس هم أفضل القادة السياسيين و مثال ذلك نذكر فرانسوا الأول و هو أحد ملوك فرنسا الذي بقي في الحكم لمدة 32 سنة منذ و طوال تلك المدة لم يقم بالوفاء بأي عهد قطعه على الرعية و حكم فرنسا طوال تلك الفترة بالكذب و النفاق و الخداع .
* و يؤكد الفيلسوف الألماني نيتشه هو الأخر أنه لا يوجد أي رابط بين العمل السياسي و الاخلاقي بل اعتبر أن كل من ينادي بالأخلاق هو شخص ضعيف و عرف عنه مقولته الشهيرة " الاخلاق من صنع الضعفاء " و لهذا اعتبر ان الملوك الذي يعملون بالقيم الاخلاقية هم اشخاص ضعفاء فالفضائل العليا مثل التسامح و الإخلاص و الوفاء بالعهد و قول الصدق تصبح رذائل في الممارسة السياسية و لهذا على النظام السياسي ان يكون مقتنع بان ارادة القوة هي الارادة الوحيدة التي يجب ان تستعمل مع البشر وبهذا يقسم نيتشه الناس إلى فئتين الأقوياء و الضعفاء و النوع الأول هو القادر على فرض نفسه و هكذا بالنسبة للأنظمة السياسية فالدول القوية تفرض مكانتها و تجعل غيرها يحترم قراراتها و قد عرف عن فلسفة نيتشه هذه انها تسعى لخلق إنسان جديد يسميه بالإنسان الأعلى او السوبر مان.و ليس بعيدا عن نيتشه نجد الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو يؤكد هو الاخر على ضرورة ممارسة السياسة بعيدا عن القيم و المثل الأخلاقية العليا و يظهر هذا في قوله " السياسة ليست ثقافة السلام إنها استمرارية للحرب ".
*أما أنجلز فيرى في كتابه "دور العنف الثوري في التاريخ" أن العنف ضرورة تاريخية لتنظيم الثورة وتأطير العنف الجماهيري فالعنف الثوري وسيلة للقضاء على العنف و تحقيق الوصول إلى مجتمع جديد تغيب فيه العنصرية و يؤكد فرانز فانون في كتابه "المعذبون في الأرض" أن العالم مقسم إلى قسمين مستعمِرين ومستعمَرين وأن الحدود الفاصلة بينهما هي الشرطة والجيش وأن الناطق الرسمي بين الجانبين صاحب القوة المطلقة الذي لا يبالي سوى بتحقيق مكانته دون أي اعتبارات اخلاقية.
* يعتقد أغلب المتخصصين في علم السياسة أن اجتماع الأخلاق بالسياسة قد يكون فقط على مستوى الصياغة اللغوية، بينما في الواقع يرفض بعضهما البعض، بل يصلان لدرجة التنافر والتضاد وهذا تصور تصدقه ممارسات الكثير من السياسيين الذين كانوا يجعلون من الأخلاق مرتكزا لتعاملاتهم أو كانوا يتظاهرون بذلك، فلما فتحت لهم السياسة أبوابها تنافسوا عليها فكانت تلك بداية لسياسة لا مكان فيها للأخلاق والقيم، حيث يصبح كل شيء مبررا ومستباحا وقد يتحجج السياسي فيها بتحقيق مصلحة أو دفع مضرة لكنها فقط تبريرات تقوم عليها الممارسة السياسية ليسهل استقطاب كل من يتصور أن الأخلاق والسياسة قد يجتمعان لمصلحة واحدة.
النقد :
رغم ضرورة القوة في ممارسة السياسة و لكن مع ذلك فإن فن الحكم السليم و الصائب لا يتماشى مع لغة العنف اضافة الى ذلك فإن استعمال الدول للقوة ضد شعوبها دليل على فشل قوانينها و أساليب حكمها الراشد كما يؤدي غياب القيم الأخلاقية في أي نظام سياسي إلى انتشار الظلم و غياب حقوق الإنسان و شيوع حروب غير مبررة و غياب السلام كما أن فطرة الإنسان ليست شريرة كما اعتقده هوبز و الحاكم الصالح ليس ذلك الذي يعتمد القوة مع رعيته كما اكده ميكيافيلي فهذه الأساليب لا تعبر عن الوعي السياسي بل هي من سلوكات البهائم التي لم تصل إلى خلق حياة سياسة مثلما فعل الإنسان ككائن عاقل و لكن غياب الأخلاق في الحياة السياسية هو غياب لصفة التعقل في حد ذاتها كما أن الأخلاق و القيم مطلوبة في كل النواحي و الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية و الدينية و خاصة السياسية .
التركيب :
النظر إلى هذين الموقفين يظهر لنا دغمائية فلسفية و تشدد في الطرح ومع ذلك و تهذيبا لهذا الاختلاف في المواقف يمكن القول أن حياة الإنسان لا تستقر دون القيم الأخلاقية و الإنسانية العليا التي تعبر عن الجانب الإنساني ومنه فالعلاقة بين السياسة و الأخلاق تقتضي التطبيق الكامل للقيم الأخلاقية في أي ممارسة سياسية و أي اهمال لهذه القيم هو تكريس للغة الهمجية و الظلم و نستشهد في هذا المقام بالدولة الإسلامية في زمن الخلفاء الراشدين أين ساد الأمن و الازدهار و انتشر العدل و لكن تبقى القوة و اساليب الردع طرقا جانبية لا يٌؤخذ بها إلى عند الحاجة الماسة و الضرورة القصوى فحتى الإسلام قد شرع القوة في القضاء على التمرد و العصيان الديني الذي قد ترتكبه الرعية.
حل المشكلة :
إن التحليل الذي سبق لمشكلة العلاقة بين السياسة و الأخلاق وصل في ختامه إلى نتيجة وهي ان ممارسة السياسة تتطلب القيم الأخلاقية بالدرجة الأولى و القوة بعد ذلك و لكن يجب أن يكون التعقل سيد المواقف فلا يفرط النظام في تساهله مع الجميع و لا يستعمل القوة ضد الجميع بمعنى يجب أن يكون هناك الحذر السياسي و الفطنة حتى لا يحدث التمرد و العصيان و لا ينتشر الظلم و الاستعباد.
*أما أنجلز فيرى في كتابه "دور العنف الثوري في التاريخ" أن العنف ضرورة تاريخية لتنظيم الثورة وتأطير العنف الجماهيري فالعنف الثوري وسيلة للقضاء على العنف و تحقيق الوصول إلى مجتمع جديد تغيب فيه العنصرية و يؤكد فرانز فانون في كتابه "المعذبون في الأرض" أن العالم مقسم إلى قسمين مستعمِرين ومستعمَرين وأن الحدود الفاصلة بينهما هي الشرطة والجيش وأن الناطق الرسمي بين الجانبين صاحب القوة المطلقة الذي لا يبالي سوى بتحقيق مكانته دون أي اعتبارات اخلاقية.
* يعتقد أغلب المتخصصين في علم السياسة أن اجتماع الأخلاق بالسياسة قد يكون فقط على مستوى الصياغة اللغوية، بينما في الواقع يرفض بعضهما البعض، بل يصلان لدرجة التنافر والتضاد وهذا تصور تصدقه ممارسات الكثير من السياسيين الذين كانوا يجعلون من الأخلاق مرتكزا لتعاملاتهم أو كانوا يتظاهرون بذلك، فلما فتحت لهم السياسة أبوابها تنافسوا عليها فكانت تلك بداية لسياسة لا مكان فيها للأخلاق والقيم، حيث يصبح كل شيء مبررا ومستباحا وقد يتحجج السياسي فيها بتحقيق مصلحة أو دفع مضرة لكنها فقط تبريرات تقوم عليها الممارسة السياسية ليسهل استقطاب كل من يتصور أن الأخلاق والسياسة قد يجتمعان لمصلحة واحدة.
النقد :
رغم ضرورة القوة في ممارسة السياسة و لكن مع ذلك فإن فن الحكم السليم و الصائب لا يتماشى مع لغة العنف اضافة الى ذلك فإن استعمال الدول للقوة ضد شعوبها دليل على فشل قوانينها و أساليب حكمها الراشد كما يؤدي غياب القيم الأخلاقية في أي نظام سياسي إلى انتشار الظلم و غياب حقوق الإنسان و شيوع حروب غير مبررة و غياب السلام كما أن فطرة الإنسان ليست شريرة كما اعتقده هوبز و الحاكم الصالح ليس ذلك الذي يعتمد القوة مع رعيته كما اكده ميكيافيلي فهذه الأساليب لا تعبر عن الوعي السياسي بل هي من سلوكات البهائم التي لم تصل إلى خلق حياة سياسة مثلما فعل الإنسان ككائن عاقل و لكن غياب الأخلاق في الحياة السياسية هو غياب لصفة التعقل في حد ذاتها كما أن الأخلاق و القيم مطلوبة في كل النواحي و الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية و الدينية و خاصة السياسية .
التركيب :
النظر إلى هذين الموقفين يظهر لنا دغمائية فلسفية و تشدد في الطرح ومع ذلك و تهذيبا لهذا الاختلاف في المواقف يمكن القول أن حياة الإنسان لا تستقر دون القيم الأخلاقية و الإنسانية العليا التي تعبر عن الجانب الإنساني ومنه فالعلاقة بين السياسة و الأخلاق تقتضي التطبيق الكامل للقيم الأخلاقية في أي ممارسة سياسية و أي اهمال لهذه القيم هو تكريس للغة الهمجية و الظلم و نستشهد في هذا المقام بالدولة الإسلامية في زمن الخلفاء الراشدين أين ساد الأمن و الازدهار و انتشر العدل و لكن تبقى القوة و اساليب الردع طرقا جانبية لا يٌؤخذ بها إلى عند الحاجة الماسة و الضرورة القصوى فحتى الإسلام قد شرع القوة في القضاء على التمرد و العصيان الديني الذي قد ترتكبه الرعية.
حل المشكلة :
إن التحليل الذي سبق لمشكلة العلاقة بين السياسة و الأخلاق وصل في ختامه إلى نتيجة وهي ان ممارسة السياسة تتطلب القيم الأخلاقية بالدرجة الأولى و القوة بعد ذلك و لكن يجب أن يكون التعقل سيد المواقف فلا يفرط النظام في تساهله مع الجميع و لا يستعمل القوة ضد الجميع بمعنى يجب أن يكون هناك الحذر السياسي و الفطنة حتى لا يحدث التمرد و العصيان و لا ينتشر الظلم و الاستعباد.
14/14
الورقة الأولى أكتب فيها ما يلي
طرح المشكلة 4 نقاط ( افهم و اكتب بأسلوبك الخاص)
موقف1{فلاسفة} 1نقطة
موقف2{فلاسفة} 1نقطة
التركيب 4 نقاط ( افهم و اكتب بأسلوبك الخاص)
حل المشكلة 4 نقاط ( افهم و اكتب بأسلوبك الخاص )
ملاحظة حاول أنك تتحصل على 11 نقطة من أصل 14
6/6
الورقة الثانية أكتب فيها ما يلي
حجج و براهين م1( 2 نقاط ) + النقد ( نقطة )
حجج و براهين م2( 2 نقاط ) + النقد ( نقطة )
ملاحظة حاول أنك تتحصل على 4 أو لا 3 من أصل 6
فهما دون حفظ تقدر تدي حتى 14 / 13 بعد أن تتمكن من كتابة مقالة تاعك خذ مقالة متوسعة و راجع و حفظ منها قليلا باش تتوسع في مقالتك لي خدمتها روحك .
مهيش مستحيلة كل يوم تخدم مقالة بفهامتك لمدة اسبوع تحكم أكثر من 4 مقالات بعدها اقرأ مقالة متوسعة باش تزيد اثراء الحجج و البراهين متنساوش طرح مشكلة و التركيب و حل مشكلة وحدك .
و الاستقصاء اقلب المقالة من الجدل للاستقصاء.
الورقة الأولى أكتب فيها ما يلي
طرح المشكلة 4 نقاط ( افهم و اكتب بأسلوبك الخاص)
موقف1{فلاسفة} 1نقطة
موقف2{فلاسفة} 1نقطة
التركيب 4 نقاط ( افهم و اكتب بأسلوبك الخاص)
حل المشكلة 4 نقاط ( افهم و اكتب بأسلوبك الخاص )
ملاحظة حاول أنك تتحصل على 11 نقطة من أصل 14
6/6
الورقة الثانية أكتب فيها ما يلي
حجج و براهين م1( 2 نقاط ) + النقد ( نقطة )
حجج و براهين م2( 2 نقاط ) + النقد ( نقطة )
ملاحظة حاول أنك تتحصل على 4 أو لا 3 من أصل 6
فهما دون حفظ تقدر تدي حتى 14 / 13 بعد أن تتمكن من كتابة مقالة تاعك خذ مقالة متوسعة و راجع و حفظ منها قليلا باش تتوسع في مقالتك لي خدمتها روحك .
مهيش مستحيلة كل يوم تخدم مقالة بفهامتك لمدة اسبوع تحكم أكثر من 4 مقالات بعدها اقرأ مقالة متوسعة باش تزيد اثراء الحجج و البراهين متنساوش طرح مشكلة و التركيب و حل مشكلة وحدك .
و الاستقصاء اقلب المقالة من الجدل للاستقصاء.
مقالة الحقيقة على "الصيغة الجدلية"
هل الحقيقة مطلقة أم نسبية؟
مقالة مفصلة حول موضوع الحقيقة الغاية منه إيصال أكبر قدر ممكن من الأفكار والمعلومات .
المقدمة وطرح المشكلة.
ليس ثمة أهم من البحث عن الحقيقة وإكتنافها فهي أقصى ما يريده الإنسان ضمن هذه الحياة،فلقد طال وكثر النقاش حولها قديما وحديثا ومعاصرا،إذ لم تتفق التصورات على تحديد تعريف لها —نتيجة تعدد وجهات النظر الفلسفية والإيديولوجية حيالها—غير أنه وبالمجمل إنحصر الجدل الفلسفي بين تيارين:أحدهما إعتبرها قيمة مطلقةفي ذاتها تسعى الإنسانية للوصول إليها كغاية عامة كلية متعالية،وثمة من جعلها منها وسيلة نفعية وعملية وتحقق وجودي فهي نسبية تعرف بتأثيراتها ونتائجها فقط،ولإيضاح هذه المعاني أكثر تبرز أمامنا جملة من التساؤلات:"ماهي البنية المافوقية للحقيقة؟ثم كيف يمكن للإنسان النسبي أن يحيط معرفة بماهو كلي ومطلق؟وهل هي غاية ومبدأ يحمل معناه في ذاته يعرف بالجوهر العقلاني وبالتعالي الديني فهي واحدة وكلية ومطلقة لدى الجميع؟أم أنها أداة ووسيلة عملية ونفعية مرتبطة بالواقع وبالوجود العياني الزماني والمكاني فهي نسبية متعددة ومتغيرة؟
"العرض ومحاولة حل المشكلة".
الموقف الأول.
الحقيقة واحدة كلية وشاملة ومطلقة ومتعالية هي غاية في ذاتها تكمن في الجوهر العقلاني وفي الماهية العاقلة،كما أنها متعالية وميثالية من مبدأ القداسة والنزاهة الدينية الأنطولوجية اللاهوتية،وهذا التصور آمن ودافع عنه وأيده العديد من العلماء والفلاسفة قديما وحديثا ومعاصر ومن أهمهم على الإطلاق نجد:أريستوكل أفلاطون،أرسطو طاليس،روني ديكارت،باروخة سبينوزا،غولفريد لايبنتز،المتصوفةفي الفكر الإسلامي ورجال الدين عموما.
"أدلة الموقف الأول".
ميز أفلاطون بين واقعين واقع ثابت والآخر متغير ،فالواقع الحقيقي الثابت هو عالم المثل أو عالم الفكرةidea بإعتباره عالم الماهيات والجواهر والحقائق المعقولة والمجردة والثابتةوهو عالم خاص بالعقول الموهوبة،إذ لا تدركه الأبصار التي في الأجساد،وفي هذا العالم يعاين الفيلسوف سلسلة من المثل،الخير المطلق والجمال المطلق والدائرة الكاملة ونماذج لكل نوع:الحصان النموذج والمدينة الفاضلة،إنه لعالم دائم وخالد،وهو عالم الحقيقة،وماعالم الأشياء سوى عالم أشباح وظلال،وأعلى حقيقة في السلم مثال الخير،ويليه الجمال والأشكال الهندسية من دائرة ومثلث،والفضيلة الأخلاقية تستوجب التخلي على الفناء بحثا عن الحقيقة المطلقة في العالم المافوقي،وهو عالم مفارق للعالم الحسي،إن العالم الحسي عالم الأشياء ماهو إلا نسخة للحقيقة الثابتة،لذا لا يمكن إدراكها إلا من خلال التأمل العقلي والتجريدي من خلال عملية جدل صاعد أي الإنتقال من المحسوس إلى المعقول والمجرد،طريق فعل تأملي عقلي حيث لا ثقة في الجسد ولا الحواس لأن المعرفة المرتبطة بالجسد والحواس ظنية ومتغيرة ونسبية "بارادوكسا"،فالعلم عنده ليس إحساسا وإنما هو الحكم العقلي على الإحساس،بالنسبة لأفلاطون الوجود الحقيقي هو عالم الأفكار لا يمكن الوصول إليه إلا بالممارسة العقلية الشاقة،للخروج من الكهف—الشفاء من الجهل،التحرر من العبودية—وتجاوز عالم الظلال والنسخ المزورة"السيمولاكر"بالإعتماد على المنطق والتأمل العقلي كممارسة نظرية تؤسس وتهندس قواعد توجيه العقل البشري نحو العالم الحقيقي،وهو مايفيد حسب أفلاطون النزوع إلى تأسيس ممارسة عقلية منطقية تستمد مبادئها من العقل وترفض لغة الجسد على اعتبار أن فعل التفلسف هو فعل ذهني تأملي،والإمساك بالحقيقة مشروط وفق التنظير الأفلاطوني بممارسة الإنشطار داخل الذات انشطار يؤدي إلى أن يتخلى الباحث عن الحقيقة عن جسده ليقيم علاقة تأملية على اعتبار أن الجسد مصدر عمى وغواية،إن التأسيس الأفلاطوني للحقيقة تم على أساس نسيان الجسدي للفكر،إذ يجب إلغاء الجسد ومنح السلطة المطلقة للأفكار والروح وجعل العقل محل الجسد،والفكر محل الواقع،إن الإحساس لا يدفع إلى التفكير بل إنه يخدع الفكر،فالإحساس والحواس هي مصدر الظلال والوهم.
الحقيقة واحدة ومطلقة ضرورية ونهائية تستمد مشروعيتها من ذاتها لإرتباطها بالبرهان،إن البرهان هو أعلى شكل من أشكال إثبات الحقيقة،فالحقائق المبرهن عليها تصبح بلا شك يقينا لا يقبل جدلا،لذا ترتبط الحقيقة بالممارسة اللغوية وهو ما أكده سقراط الذي اعتبر أن الحوار هو الضامن للحقيقة،فالحقيقة وفق هذا المنظور الوحدوي والشمولي تتأطر داخل رؤية فلسفية محكومة بمنطق ثنائي حيث الوصول إليها يتطلب ممارسة منطقية،يتم من خلالها الفصل والتمييز بين الحقيقة واللاحقيقة،الخطأ واليقين حيث الإمساك بها هو فعل مشروط يتحدد بالممارسة التأملية العقلية الخالصة،فالخطأ وفق أفلاطون مصدره من خارج العقل والحواس أو التجربة وفي تصور ديكارت من خلال سوء استخدام العقل لذا يجب احترام المنهج،فالمنهج أهم من العقل ذاته عند أفلاطون،وطريق الحقيقة أهم من الحقيقة ذاتها عند بارمنديس حيث أكد هؤلاء على أن الحقيقة
هل الحقيقة مطلقة أم نسبية؟
مقالة مفصلة حول موضوع الحقيقة الغاية منه إيصال أكبر قدر ممكن من الأفكار والمعلومات .
المقدمة وطرح المشكلة.
ليس ثمة أهم من البحث عن الحقيقة وإكتنافها فهي أقصى ما يريده الإنسان ضمن هذه الحياة،فلقد طال وكثر النقاش حولها قديما وحديثا ومعاصرا،إذ لم تتفق التصورات على تحديد تعريف لها —نتيجة تعدد وجهات النظر الفلسفية والإيديولوجية حيالها—غير أنه وبالمجمل إنحصر الجدل الفلسفي بين تيارين:أحدهما إعتبرها قيمة مطلقةفي ذاتها تسعى الإنسانية للوصول إليها كغاية عامة كلية متعالية،وثمة من جعلها منها وسيلة نفعية وعملية وتحقق وجودي فهي نسبية تعرف بتأثيراتها ونتائجها فقط،ولإيضاح هذه المعاني أكثر تبرز أمامنا جملة من التساؤلات:"ماهي البنية المافوقية للحقيقة؟ثم كيف يمكن للإنسان النسبي أن يحيط معرفة بماهو كلي ومطلق؟وهل هي غاية ومبدأ يحمل معناه في ذاته يعرف بالجوهر العقلاني وبالتعالي الديني فهي واحدة وكلية ومطلقة لدى الجميع؟أم أنها أداة ووسيلة عملية ونفعية مرتبطة بالواقع وبالوجود العياني الزماني والمكاني فهي نسبية متعددة ومتغيرة؟
"العرض ومحاولة حل المشكلة".
الموقف الأول.
الحقيقة واحدة كلية وشاملة ومطلقة ومتعالية هي غاية في ذاتها تكمن في الجوهر العقلاني وفي الماهية العاقلة،كما أنها متعالية وميثالية من مبدأ القداسة والنزاهة الدينية الأنطولوجية اللاهوتية،وهذا التصور آمن ودافع عنه وأيده العديد من العلماء والفلاسفة قديما وحديثا ومعاصر ومن أهمهم على الإطلاق نجد:أريستوكل أفلاطون،أرسطو طاليس،روني ديكارت،باروخة سبينوزا،غولفريد لايبنتز،المتصوفةفي الفكر الإسلامي ورجال الدين عموما.
"أدلة الموقف الأول".
ميز أفلاطون بين واقعين واقع ثابت والآخر متغير ،فالواقع الحقيقي الثابت هو عالم المثل أو عالم الفكرةidea بإعتباره عالم الماهيات والجواهر والحقائق المعقولة والمجردة والثابتةوهو عالم خاص بالعقول الموهوبة،إذ لا تدركه الأبصار التي في الأجساد،وفي هذا العالم يعاين الفيلسوف سلسلة من المثل،الخير المطلق والجمال المطلق والدائرة الكاملة ونماذج لكل نوع:الحصان النموذج والمدينة الفاضلة،إنه لعالم دائم وخالد،وهو عالم الحقيقة،وماعالم الأشياء سوى عالم أشباح وظلال،وأعلى حقيقة في السلم مثال الخير،ويليه الجمال والأشكال الهندسية من دائرة ومثلث،والفضيلة الأخلاقية تستوجب التخلي على الفناء بحثا عن الحقيقة المطلقة في العالم المافوقي،وهو عالم مفارق للعالم الحسي،إن العالم الحسي عالم الأشياء ماهو إلا نسخة للحقيقة الثابتة،لذا لا يمكن إدراكها إلا من خلال التأمل العقلي والتجريدي من خلال عملية جدل صاعد أي الإنتقال من المحسوس إلى المعقول والمجرد،طريق فعل تأملي عقلي حيث لا ثقة في الجسد ولا الحواس لأن المعرفة المرتبطة بالجسد والحواس ظنية ومتغيرة ونسبية "بارادوكسا"،فالعلم عنده ليس إحساسا وإنما هو الحكم العقلي على الإحساس،بالنسبة لأفلاطون الوجود الحقيقي هو عالم الأفكار لا يمكن الوصول إليه إلا بالممارسة العقلية الشاقة،للخروج من الكهف—الشفاء من الجهل،التحرر من العبودية—وتجاوز عالم الظلال والنسخ المزورة"السيمولاكر"بالإعتماد على المنطق والتأمل العقلي كممارسة نظرية تؤسس وتهندس قواعد توجيه العقل البشري نحو العالم الحقيقي،وهو مايفيد حسب أفلاطون النزوع إلى تأسيس ممارسة عقلية منطقية تستمد مبادئها من العقل وترفض لغة الجسد على اعتبار أن فعل التفلسف هو فعل ذهني تأملي،والإمساك بالحقيقة مشروط وفق التنظير الأفلاطوني بممارسة الإنشطار داخل الذات انشطار يؤدي إلى أن يتخلى الباحث عن الحقيقة عن جسده ليقيم علاقة تأملية على اعتبار أن الجسد مصدر عمى وغواية،إن التأسيس الأفلاطوني للحقيقة تم على أساس نسيان الجسدي للفكر،إذ يجب إلغاء الجسد ومنح السلطة المطلقة للأفكار والروح وجعل العقل محل الجسد،والفكر محل الواقع،إن الإحساس لا يدفع إلى التفكير بل إنه يخدع الفكر،فالإحساس والحواس هي مصدر الظلال والوهم.
الحقيقة واحدة ومطلقة ضرورية ونهائية تستمد مشروعيتها من ذاتها لإرتباطها بالبرهان،إن البرهان هو أعلى شكل من أشكال إثبات الحقيقة،فالحقائق المبرهن عليها تصبح بلا شك يقينا لا يقبل جدلا،لذا ترتبط الحقيقة بالممارسة اللغوية وهو ما أكده سقراط الذي اعتبر أن الحوار هو الضامن للحقيقة،فالحقيقة وفق هذا المنظور الوحدوي والشمولي تتأطر داخل رؤية فلسفية محكومة بمنطق ثنائي حيث الوصول إليها يتطلب ممارسة منطقية،يتم من خلالها الفصل والتمييز بين الحقيقة واللاحقيقة،الخطأ واليقين حيث الإمساك بها هو فعل مشروط يتحدد بالممارسة التأملية العقلية الخالصة،فالخطأ وفق أفلاطون مصدره من خارج العقل والحواس أو التجربة وفي تصور ديكارت من خلال سوء استخدام العقل لذا يجب احترام المنهج،فالمنهج أهم من العقل ذاته عند أفلاطون،وطريق الحقيقة أهم من الحقيقة ذاتها عند بارمنديس حيث أكد هؤلاء على أن الحقيقة
واحدة والبرهان والدليل العقلي شرطا لها.
والحقيقة المطلقة عند "أرسطو"تكمن في المحرك الذي لا يتحرك،ويقصد بالمحرك الله يتساءل كيف بدأت الحركة،وكيف تم هندسة الكون الواسع بأشكال لانهائية لها؟وهو لا يقبل إمكانية أن تكون الحركة بلا بداية،فلابد من أن يكون للحركة مصدر،وإذا أردنا ألا تغطس في رجوع لانهائي يجب أن نقوي الإيمان بالله المحرك الأكبر،ولكنه هو نفسه لا يتحرك وهو كائن غير مرئي لايتغير،كائن تام وأبدي،فهو السبب النهائي للطبيعة والقوة الدافعة للأشياء وهدفها إنه بإختصار صورة العالم ومبدأ حياته.
أما في الفلسفة الحديثة فقد برز تصور روني ديكارت وباروخة سبينوزا:لا يعترف روني ديكارت بالتجربة الحسية وجعل من الشك الطريق الأساسي لبلوغ الحقيقة ووسيلة ذلك العقل نفسه فالحقيقة عنده هي ما لا ينته إليه الشك،وعلى هذا الأساس لا يكون الحقيقي إلا ماهو واضح وبديهي ومتميز أو بتعبير آخر إن معيار الحقيقة تتلخص في البداهة والوضوح،ومن هذا المنطلق يمكن فهم كوجار ديكارت:أنا أفكر ،إذن أنا موجود"فخاصية التفكير هي حقيقة الوجود البشري حسب ديكارت فإذا توقف الإنسان عن التفكير توقف عن الوجود،لهذا نجده يؤكد على أن الحكم الصادق يحمل في طياته معيار صدقه وهو الوضوح الذي يرتفع فوق كل شيء ويتجلى هذا في البديهيات الرياضية التي تبدوا ضرورية وواضحة بذاتها كقولنا أن الكل أكبر من الجزء وهو القائل أن الأشياء التي نتصورها تصورا بالغ الوضوح والتمييز هي صحيحة كلها.
أما بالنسبة لسبينوزا فيرى أنه لا معيار للحقيقة خارج عنها،وأنه ليس ثمة معيار أفضل من معيار الوضوح والصدق،يقول:"هل يمكن أن يكون هنالك شيئا أكثر وضوحا ويقينا من الفكرة الصادقة يصلح أن يكون معيارا للحقيقة،فكما أن النور يكشف عن نفسه وعن الظلمات فكذلك الصدق هو معيار نفسه ومعيار الكذب"،والفكرة ذاتها نجدها عند الرياضيين الكلاسيكيين الذين يحطون الحقيقة بالصدق واليقين والثبات وهذا مانجده في الحقائق الرياضية التي تعرف بأنها روح العلم وعلم المفاهيم الكمية المجردة القائمة على أساس الإستنباط العقلي الذي يقتضي التكامل بين المبادئ والنتائج مع العلم،ومن أهم مبادئ الرياضيات الكلاسيكية المسلمات والبديهيات والتعريفات فهي صادقة صدقا عقليا خاصة إذا كنا نعلم أن أساسها الوضوح والوضوح مصدره العقل فالخطان المتوازيان لا يلتقيان أبدا والكل أكبر من أجزائه فهذه البديهيات واضحة وضوحا عقلانيا ولا تزال قائمة إلى اليوم،إضافة إلى ذلك بالتعريفات الرياضية تعريفات ذهنية عقلية فالدائرة مثلا تعرف على أنها منحنى مغلق جميع نقاطه على بعد متساوي من نقطة واحدة ثابتة وعلى هذا الأساس فالرياضيات كحقيقة مطلقة في منهجها ومعطياتها ومبادئها.
"أنصار النزعة الدينية واللاهوتية الأنطولوجية":الحقيقة مطلقة على أساس ديني مقدس يعتبر المتصوفة الحقيقة مطلقة باعتبارها شعور يستولي على المتصوف عند بلوغ الحقيقة الربانية المطلقة عن طريق الحدس،ويصل المتصوف إلى هذه الحقيقة بعدة طرق فقد تكون من خلال الإتحاد بالله عن طريق الفناء كما يؤكد على ذلك أبي يزيد البسطامي أو عن طريق حلول الله في مخلوقاته كما يذهب إليه "الحلاج"أما الطريق الثالث فيجسد التقاء وجود الخالق ووجود المخلوق اثباتا لوحدة الوجود كما يقول"بن عربي"،ولا يتم له ذلك إلا من خلال مجاهدة النفس بدلا من البحث عن الحقيقة الإلهية—الربانية—وهذا من خلال الكشف الذي يقابل البرهان العقلي عند الفلاسفة والمتكلمين،يقول أبو حامد الغزالي:"الكشف هو الإطلاع على ماوراء الحجاب من المعاني الغيبية والأمور الحقيقية وجودا وشهودا الأول طريق الإلهام وهو العلم الذي يقع في القلب بطريق الفيض من غير استدلال ولا نظر بل بنور يقذفه الله في الصدر أما الأمور الحقيقية فطريقنا الحدس".
وفي السياق نفسه وبعيدا عن النظرة الصوفية نجد بن رشد فيلسوف قرطبة يرى أن الحقيقة الدينية واحدة ولكن طرق تبليغها متعددة بتعدد طبائع الناس ومستويات إدراكهم العقلي،وفي إذا كان مصدر الحقيقة الدينية هو الوحي فهي حقيقة واحدة ومطلقة ولا يمكن الشك فيها من قبل الإنسان المؤمن والشيء نفسه فيما يخص الحقيقة الفلسفية التي تتأسس على البرهان العقلي،وانطلاقا من هذا الرأي إن الفلسفة لا تتعارض مع الحقيقة الدينية لأن كليهما مطلقتان ومتوافقتان،فالحق لا يضاد الحق بل يشهد عليه ويؤكده.
"نقد الموقف الأول".
هذه الإعتقادات لا تخلوا من الميتافيزيقية النظرية الخالية من الأبعاد الواقعية والعلمية إذ كيف يمكن البرهنة على عالم المثل الذي يحتضن الحقيقة المطلقة—مثلما ينظر لها أفلاطون—وكيف يمكن تفسير القول بأن الحقيقة ذات أبعاد صورية ماهيتها تكمن في الجوهر العقلاني الصوري،أما فيما يعتقده أنصار النزعة الدينية واللاهوتية فالحقائق الدينية ليست واحدة ولا تتفق على منهج واحد متعددة التفسيرات وهذا مايجعل منها مقياسا تجزيئيا وغير موضوعي،وإذا تعمقنا أكثر فيه فسنجده هو الآخر قائم بالأساس على الميتافيزيقية الغير قابلة
والحقيقة المطلقة عند "أرسطو"تكمن في المحرك الذي لا يتحرك،ويقصد بالمحرك الله يتساءل كيف بدأت الحركة،وكيف تم هندسة الكون الواسع بأشكال لانهائية لها؟وهو لا يقبل إمكانية أن تكون الحركة بلا بداية،فلابد من أن يكون للحركة مصدر،وإذا أردنا ألا تغطس في رجوع لانهائي يجب أن نقوي الإيمان بالله المحرك الأكبر،ولكنه هو نفسه لا يتحرك وهو كائن غير مرئي لايتغير،كائن تام وأبدي،فهو السبب النهائي للطبيعة والقوة الدافعة للأشياء وهدفها إنه بإختصار صورة العالم ومبدأ حياته.
أما في الفلسفة الحديثة فقد برز تصور روني ديكارت وباروخة سبينوزا:لا يعترف روني ديكارت بالتجربة الحسية وجعل من الشك الطريق الأساسي لبلوغ الحقيقة ووسيلة ذلك العقل نفسه فالحقيقة عنده هي ما لا ينته إليه الشك،وعلى هذا الأساس لا يكون الحقيقي إلا ماهو واضح وبديهي ومتميز أو بتعبير آخر إن معيار الحقيقة تتلخص في البداهة والوضوح،ومن هذا المنطلق يمكن فهم كوجار ديكارت:أنا أفكر ،إذن أنا موجود"فخاصية التفكير هي حقيقة الوجود البشري حسب ديكارت فإذا توقف الإنسان عن التفكير توقف عن الوجود،لهذا نجده يؤكد على أن الحكم الصادق يحمل في طياته معيار صدقه وهو الوضوح الذي يرتفع فوق كل شيء ويتجلى هذا في البديهيات الرياضية التي تبدوا ضرورية وواضحة بذاتها كقولنا أن الكل أكبر من الجزء وهو القائل أن الأشياء التي نتصورها تصورا بالغ الوضوح والتمييز هي صحيحة كلها.
أما بالنسبة لسبينوزا فيرى أنه لا معيار للحقيقة خارج عنها،وأنه ليس ثمة معيار أفضل من معيار الوضوح والصدق،يقول:"هل يمكن أن يكون هنالك شيئا أكثر وضوحا ويقينا من الفكرة الصادقة يصلح أن يكون معيارا للحقيقة،فكما أن النور يكشف عن نفسه وعن الظلمات فكذلك الصدق هو معيار نفسه ومعيار الكذب"،والفكرة ذاتها نجدها عند الرياضيين الكلاسيكيين الذين يحطون الحقيقة بالصدق واليقين والثبات وهذا مانجده في الحقائق الرياضية التي تعرف بأنها روح العلم وعلم المفاهيم الكمية المجردة القائمة على أساس الإستنباط العقلي الذي يقتضي التكامل بين المبادئ والنتائج مع العلم،ومن أهم مبادئ الرياضيات الكلاسيكية المسلمات والبديهيات والتعريفات فهي صادقة صدقا عقليا خاصة إذا كنا نعلم أن أساسها الوضوح والوضوح مصدره العقل فالخطان المتوازيان لا يلتقيان أبدا والكل أكبر من أجزائه فهذه البديهيات واضحة وضوحا عقلانيا ولا تزال قائمة إلى اليوم،إضافة إلى ذلك بالتعريفات الرياضية تعريفات ذهنية عقلية فالدائرة مثلا تعرف على أنها منحنى مغلق جميع نقاطه على بعد متساوي من نقطة واحدة ثابتة وعلى هذا الأساس فالرياضيات كحقيقة مطلقة في منهجها ومعطياتها ومبادئها.
"أنصار النزعة الدينية واللاهوتية الأنطولوجية":الحقيقة مطلقة على أساس ديني مقدس يعتبر المتصوفة الحقيقة مطلقة باعتبارها شعور يستولي على المتصوف عند بلوغ الحقيقة الربانية المطلقة عن طريق الحدس،ويصل المتصوف إلى هذه الحقيقة بعدة طرق فقد تكون من خلال الإتحاد بالله عن طريق الفناء كما يؤكد على ذلك أبي يزيد البسطامي أو عن طريق حلول الله في مخلوقاته كما يذهب إليه "الحلاج"أما الطريق الثالث فيجسد التقاء وجود الخالق ووجود المخلوق اثباتا لوحدة الوجود كما يقول"بن عربي"،ولا يتم له ذلك إلا من خلال مجاهدة النفس بدلا من البحث عن الحقيقة الإلهية—الربانية—وهذا من خلال الكشف الذي يقابل البرهان العقلي عند الفلاسفة والمتكلمين،يقول أبو حامد الغزالي:"الكشف هو الإطلاع على ماوراء الحجاب من المعاني الغيبية والأمور الحقيقية وجودا وشهودا الأول طريق الإلهام وهو العلم الذي يقع في القلب بطريق الفيض من غير استدلال ولا نظر بل بنور يقذفه الله في الصدر أما الأمور الحقيقية فطريقنا الحدس".
وفي السياق نفسه وبعيدا عن النظرة الصوفية نجد بن رشد فيلسوف قرطبة يرى أن الحقيقة الدينية واحدة ولكن طرق تبليغها متعددة بتعدد طبائع الناس ومستويات إدراكهم العقلي،وفي إذا كان مصدر الحقيقة الدينية هو الوحي فهي حقيقة واحدة ومطلقة ولا يمكن الشك فيها من قبل الإنسان المؤمن والشيء نفسه فيما يخص الحقيقة الفلسفية التي تتأسس على البرهان العقلي،وانطلاقا من هذا الرأي إن الفلسفة لا تتعارض مع الحقيقة الدينية لأن كليهما مطلقتان ومتوافقتان،فالحق لا يضاد الحق بل يشهد عليه ويؤكده.
"نقد الموقف الأول".
هذه الإعتقادات لا تخلوا من الميتافيزيقية النظرية الخالية من الأبعاد الواقعية والعلمية إذ كيف يمكن البرهنة على عالم المثل الذي يحتضن الحقيقة المطلقة—مثلما ينظر لها أفلاطون—وكيف يمكن تفسير القول بأن الحقيقة ذات أبعاد صورية ماهيتها تكمن في الجوهر العقلاني الصوري،أما فيما يعتقده أنصار النزعة الدينية واللاهوتية فالحقائق الدينية ليست واحدة ولا تتفق على منهج واحد متعددة التفسيرات وهذا مايجعل منها مقياسا تجزيئيا وغير موضوعي،وإذا تعمقنا أكثر فيه فسنجده هو الآخر قائم بالأساس على الميتافيزيقية الغير قابلة
للبرهنة فكل دين وكل طائفة وكل مجموعة تقول أنها منهجها هو الطريق الصحيح نحو بلوغ الحقيقة!؟
إن هذا التصور لا يتماشى مع الواقع لأننا إذا نظرنا إلى الحقيقة من الزاوية العلمية،فإننا نجد النسبية خاصية أساسية من خصائصه كما أنه من التناقض القول بحقيقة مطلقة وربطها بمعيار ذاتي هو الإدراك العقلي،لأن هذا الأخير لا يخلوا من الإعتبارات الشخصية،حيث تتدخل الميول والرغبات والآراء الشخصية لكي تجعل الفكرة صادقة وبديهية،بدليل أن قضية حركة دوران الأرض حول الشمس التي قضية واضحة بالنسبة لنا اليوم،في حين أن ثباتها كانت فكرة صحيحة لدى خصوم غاليلي ولكنها فكرة خاطئة،إن إرجاع الحقيقة إلى الوضوح يجعلنا نسندها إلى معيار ذاتي قد نحسب بأننا على صواب في أحكامنا على أساس البداهة والوضوح لكن يحدث أن يقف أحد بعد ذلك على خطأ وقد يحدث لأحدنا أن يرى البديهي هو مايتوافق مع تربيته وميوله واتجاهاته الفكرية فالرضوخ في هذه الحالة ليس محك الصواب وإنما هو توافق القضية المطروحة لمسودات الفرد وآرائه هو الذي يجعلها صحيحة وواضحة إنه مقياس ملتحم بالحياة السيكولوجية الذاتية والدليل على ذلك أن الكثير من الآراء تجلت صحتها وهي واضحة فترة من الزمن وقد أثبت التفكير بطلانها وقد آمن الناس مدة بأن الأرض هي مركز الكون وأنها ثابتة تدور حولها سائر الكواكب ثم دحضت الأبحاث الدقيقة مثل هذا الإعتقاد الخاطئ،بل إن البديهيات الرياضية قد أثبت العلم اليوم بانها تقوم على مجرد افتراضات،ولو كان الشعور بالوضوح كافيا ليحمل العقول كلها على الأخذ بالقضايا الواضحة فلماذا تقابل الحقائق الجديدة في غالب الأحيان بالرفض؟لقد رفضت افكار غاليلي غاليلي في فكرة ان الأرض ليست مركز الكون بل هي الشمس ولويس باستور الذي حارب فكرة النشوء العفوي للبكتيريا،إن الأفكار الواضحة في غالب الأحيان هي الأفكار الميتة مثلما يقول الفيلسوف "بايي".
"الموقف الثاني":
الحقيقة نسبية متغيرة ومتعددة في الزمان والمكان ليست غاية في ذاتها بل هي وسيلة نفعية ومصلحية مرتبطة بالوجود النفعي والعياني وأهم من طرح هذا التوجه الفلسفي قديما وحديثا ومعاصر :الرواقية والسفسطائية دعاة النسبية العلمانية البراغماتية الذرائعية والوجودية مع كل من :بروتوغوراس،أبيقور أرستيب القورينائي،آينشتاين ،كلود برنارد غاستون باشلارد،وليم جيمس،جرمي بنتام،جون ديوي،بيرس،مارتن هايدغر،فريدريك نيتشه،جون بول سارتر والعديد.
"أدلة الموقف الثاني":
جملة الإنتقادات السالفة الذكر تقودنا للحديث عن نوع آخر من الحقيقة التي تدخل بوصفها مصطلحا مطلقا في إمكانيات هائلة وطرق متعددة من الصيرورة المستمرة التي لا تعرف الثبات لأنها تكون في حالة إعادة وتعديل مفاهيمها فما كان خيالا بالأمس أصبح حقيقة نسبية وما أراه أنا حقيقة راسخة في معتقدي وديني قد لا يكون حقيقة خارج إطار هذا المعتقد وما يعتقد به مجتمع من حقائق تبدوا له ثابتة لا يعتقده مجتمع آخر وماترسخ من تصورات علمية قد يفنده العلم الحديث بدراسات تحليلية ومن بين الفلاسفة تبنوا هذا المفهوم النسبي للحقيقة زعماء الفلسفة البراغماتية بيرس وويليام جيمس وجون ديوي وزعماء الفلسفة الوجودية جون بول سارتر مارتن هايدغر وفلاسفة العلم الحديث آنشتاين ديراك أديسن وهايزنبرغ وغاستون باشلار فقد أكد هؤلاء الفلاسفة أن الحقيقة ذات طابع نسبي متغير قد تأتي هذه المعارف في غالب الأحيان على أنقاض معارف غير حقيقية أخذ بها لسنوات فالحقيقة النسبية متغيرة بحسب الزمان والمكان واختلاف الأمم والشعوب من ذلك:
البداية مع التصور النقدي الميثالي العقلاني الكانطي:تساءل الفيلسوف النقدي الألماني إمانويل كانط هل هنالك معيار كوني ومادي للحقيقة؟وهل هنالك معيار كوني وصوري للحقيقة؟وفي إطار إجابته عن هذين السؤالين،رأى كانط أنه لا يوجد معيار كوني ومادي للحقيقة لأن الحقيقة المادية هي تلك المطابقة لموضوعها،والحال أن موضوعات الحقيقة تختلف وتتعدد مما يتعذر معه وجود معيار كوني لها،بالمقابل يرى أنه يمكن الحديث عن وجود معيار كوني وصوري للحقيقة ،ويتمثل هذا المعيار في مطابقة المعرفة لقواعد المنطق ومبادئ العقل،لكنه يرى أيضا أن العقل يبحث دائما عن المطلق،ولكنه عاجز عن اقتناصه،لأن اقتناصه في رأيه يفقده مطلقيته ويحيله إلى نسبي لأن العقل نسبي بالأساس،إذا فالعقل يدور في دائرة مفرغة يستحيل أن يصل إلى حقيقة مطلقة طالما هو جزء من وجود نسبي،إن الحقيقة هي إعادة بناء وتنظيم للواقع وفق مقولات الفكر ،إلا أن الحقيقة في نظر كانط تظل نسبية ومحدود بحدود التجربة ولا تتتعدى مجال الظواهر الذي هو مجال المعرفة العلمية وكلما تجاوزها العقل ليبحث في موضوعات ميتافيزيقية —الله،النفس،العالم،الروح،حياة مابعد الموت—فإنه حتما ينتهي إلى التناقض،يقول كانط في هذه المعاني:"إن معرفتنا إزاء العالم لا تتعدى كونها معرفة مرتبطة بالظواهر الأشياء فقط،أما الشيء في ذاته —النومين—فهو ليس في إستطاعتنا"أو فيما معنى قوله.
إن هذا التصور لا يتماشى مع الواقع لأننا إذا نظرنا إلى الحقيقة من الزاوية العلمية،فإننا نجد النسبية خاصية أساسية من خصائصه كما أنه من التناقض القول بحقيقة مطلقة وربطها بمعيار ذاتي هو الإدراك العقلي،لأن هذا الأخير لا يخلوا من الإعتبارات الشخصية،حيث تتدخل الميول والرغبات والآراء الشخصية لكي تجعل الفكرة صادقة وبديهية،بدليل أن قضية حركة دوران الأرض حول الشمس التي قضية واضحة بالنسبة لنا اليوم،في حين أن ثباتها كانت فكرة صحيحة لدى خصوم غاليلي ولكنها فكرة خاطئة،إن إرجاع الحقيقة إلى الوضوح يجعلنا نسندها إلى معيار ذاتي قد نحسب بأننا على صواب في أحكامنا على أساس البداهة والوضوح لكن يحدث أن يقف أحد بعد ذلك على خطأ وقد يحدث لأحدنا أن يرى البديهي هو مايتوافق مع تربيته وميوله واتجاهاته الفكرية فالرضوخ في هذه الحالة ليس محك الصواب وإنما هو توافق القضية المطروحة لمسودات الفرد وآرائه هو الذي يجعلها صحيحة وواضحة إنه مقياس ملتحم بالحياة السيكولوجية الذاتية والدليل على ذلك أن الكثير من الآراء تجلت صحتها وهي واضحة فترة من الزمن وقد أثبت التفكير بطلانها وقد آمن الناس مدة بأن الأرض هي مركز الكون وأنها ثابتة تدور حولها سائر الكواكب ثم دحضت الأبحاث الدقيقة مثل هذا الإعتقاد الخاطئ،بل إن البديهيات الرياضية قد أثبت العلم اليوم بانها تقوم على مجرد افتراضات،ولو كان الشعور بالوضوح كافيا ليحمل العقول كلها على الأخذ بالقضايا الواضحة فلماذا تقابل الحقائق الجديدة في غالب الأحيان بالرفض؟لقد رفضت افكار غاليلي غاليلي في فكرة ان الأرض ليست مركز الكون بل هي الشمس ولويس باستور الذي حارب فكرة النشوء العفوي للبكتيريا،إن الأفكار الواضحة في غالب الأحيان هي الأفكار الميتة مثلما يقول الفيلسوف "بايي".
"الموقف الثاني":
الحقيقة نسبية متغيرة ومتعددة في الزمان والمكان ليست غاية في ذاتها بل هي وسيلة نفعية ومصلحية مرتبطة بالوجود النفعي والعياني وأهم من طرح هذا التوجه الفلسفي قديما وحديثا ومعاصر :الرواقية والسفسطائية دعاة النسبية العلمانية البراغماتية الذرائعية والوجودية مع كل من :بروتوغوراس،أبيقور أرستيب القورينائي،آينشتاين ،كلود برنارد غاستون باشلارد،وليم جيمس،جرمي بنتام،جون ديوي،بيرس،مارتن هايدغر،فريدريك نيتشه،جون بول سارتر والعديد.
"أدلة الموقف الثاني":
جملة الإنتقادات السالفة الذكر تقودنا للحديث عن نوع آخر من الحقيقة التي تدخل بوصفها مصطلحا مطلقا في إمكانيات هائلة وطرق متعددة من الصيرورة المستمرة التي لا تعرف الثبات لأنها تكون في حالة إعادة وتعديل مفاهيمها فما كان خيالا بالأمس أصبح حقيقة نسبية وما أراه أنا حقيقة راسخة في معتقدي وديني قد لا يكون حقيقة خارج إطار هذا المعتقد وما يعتقد به مجتمع من حقائق تبدوا له ثابتة لا يعتقده مجتمع آخر وماترسخ من تصورات علمية قد يفنده العلم الحديث بدراسات تحليلية ومن بين الفلاسفة تبنوا هذا المفهوم النسبي للحقيقة زعماء الفلسفة البراغماتية بيرس وويليام جيمس وجون ديوي وزعماء الفلسفة الوجودية جون بول سارتر مارتن هايدغر وفلاسفة العلم الحديث آنشتاين ديراك أديسن وهايزنبرغ وغاستون باشلار فقد أكد هؤلاء الفلاسفة أن الحقيقة ذات طابع نسبي متغير قد تأتي هذه المعارف في غالب الأحيان على أنقاض معارف غير حقيقية أخذ بها لسنوات فالحقيقة النسبية متغيرة بحسب الزمان والمكان واختلاف الأمم والشعوب من ذلك:
البداية مع التصور النقدي الميثالي العقلاني الكانطي:تساءل الفيلسوف النقدي الألماني إمانويل كانط هل هنالك معيار كوني ومادي للحقيقة؟وهل هنالك معيار كوني وصوري للحقيقة؟وفي إطار إجابته عن هذين السؤالين،رأى كانط أنه لا يوجد معيار كوني ومادي للحقيقة لأن الحقيقة المادية هي تلك المطابقة لموضوعها،والحال أن موضوعات الحقيقة تختلف وتتعدد مما يتعذر معه وجود معيار كوني لها،بالمقابل يرى أنه يمكن الحديث عن وجود معيار كوني وصوري للحقيقة ،ويتمثل هذا المعيار في مطابقة المعرفة لقواعد المنطق ومبادئ العقل،لكنه يرى أيضا أن العقل يبحث دائما عن المطلق،ولكنه عاجز عن اقتناصه،لأن اقتناصه في رأيه يفقده مطلقيته ويحيله إلى نسبي لأن العقل نسبي بالأساس،إذا فالعقل يدور في دائرة مفرغة يستحيل أن يصل إلى حقيقة مطلقة طالما هو جزء من وجود نسبي،إن الحقيقة هي إعادة بناء وتنظيم للواقع وفق مقولات الفكر ،إلا أن الحقيقة في نظر كانط تظل نسبية ومحدود بحدود التجربة ولا تتتعدى مجال الظواهر الذي هو مجال المعرفة العلمية وكلما تجاوزها العقل ليبحث في موضوعات ميتافيزيقية —الله،النفس،العالم،الروح،حياة مابعد الموت—فإنه حتما ينتهي إلى التناقض،يقول كانط في هذه المعاني:"إن معرفتنا إزاء العالم لا تتعدى كونها معرفة مرتبطة بالظواهر الأشياء فقط،أما الشيء في ذاته —النومين—فهو ليس في إستطاعتنا"أو فيما معنى قوله.
يرى آينشتاين أن الحقائق التي أفرزها العلم تتضمن نسبة من الخطأ جعلتها عرضة للشك والظن سواء في الرياضيات وفي علوم المادة حيث تجد الحقيقة النسبية،وتعزيزا لهذا الموقف فتطور الرياضيات من المفهوم الكلاسيكي الذي ينطلق من البديهيات والتعريفات التي تؤسس لصدقها صدقا عقليا جعل هذا المفهوم يتلاشى ويضمحل أمام الرياضيات الحديثة التي أدحضت كل تلك المبادئ الرياضية العقلية وانجز عن ذلك رياضيات حديثة تمثلت في هندسة لوباتسوفسكي ورومان فقد تراجع الرياضيين المحدثين عن العديد من المبادئ كالبديهيات التي تحمل مفاهيم اللانهاية،والتعريفات التي طالما أعتقد بأنها معرفة مطلقة وقد عبر روني ديكارت نفسه عن إمكانية حدوث هذا التقييم المفاهيم الرياضية بقوله:"من يدري ربما سيأتي بعدي من يثبت لكم بأن زوايا المثلث لا يساوي 180درجة،حتى علماء الطبيعة أكدوا على نسبية الحقيقة فمع نهاية القرن التاسع عشر وطهور القرن العشرين ومع ظهور العلم وظهور الفيزياء الحديثة أصبح الدفاع عن مبدأ الحتمية المطلقة والذي يقضي بأن توفر نفس الشروط قد يؤدي إلى حصول نفس النتائج مستحيل ذلك لأن الكون يخضع يخضع لمبدأ الحتمية النسبية وهي أن نفس الأسباب قد لا تؤدي إلى نفس النتائج وهذا ماعبر عنه هايزنبرج عندما قال:"إن الطبيعة كثيرا ماتجد نفسها في مفترق طرق فعليها حساب الإحتمالات وقال أيضا:"إن الوثوق في مبدأ الحتمية أصبح وهما ذلك لأن الطبيعة لا تخضع لنظام ثابت ولا تخضع لقوانين لقوانين مطلقة وبالتالي الحتمية المطلقة ،ذلك لأنه لا وجود لشروط مطلقة محدثة للظواهر،وهذا ماجعل إندشقرن يقول:"لقد أصبح الدفاع عن مبدأ الحتمية المطلقة أمرا مستحيلا"،فالعلم المطلق هو مجرد مسلمة عقلية لا يمكن البرهنة عليها وبالتالي قد تحتمل الصدق وقد تحتمل الخطأ وهذا ما يمثل الحقيقة النسبية،وقد عبر عن هذا آينشتاين:"الحقيقة تمثال رخام منتصب في الصحراء تعصف به الرياح بعواصف الرمال ولا يمكن أن يحافظ على نعامته تحت ضوء الشمس إلا إذا تدخل الأيادي النشيطة التي تنفض الغبار عنه باستمرار،فالحقائق النسبية تأتي على أنقاض حقائق أخرى سواء تصحيحا لأخطائها أو التعديل عنها"،ولعل ماقاله آينشتاين أحسن دليل على أن الحقائق قد تجردت من المطلقية واتخذت النسبية أساسا لها حيث قال:"كلما اقتربت القوانين من الواقع أصبحت غير ثابتة وكلما اقتربت من الثبات أصبحت غير واقعية"،إضافة إلى هذا ثمة العديد من الباحثين تراجعوا على آرائهم على أساس أن كل الحقائق التي أفرزها العلم تتضمن نسبية عن الخطأ تتركها عرضة للشك والإرتباك ومن بين هؤلاء العلماء نجد كلود برنارد:"يجب أن نمون مقتنعين بأننا لا نمتلك العلاقات الضرورية الموجودة بين الأشياء إلا بوجه تقريبي كثيرا أو قليلا وأن النظريات التي نمتلكها هي أبعد من أن تشكل علاقات ثابتة إنها حقائق نسبية جزئية مؤقتة".
ويؤكد الإبستيمولوجي صاحب نظرية المعرفة "غاستون باشلارد"أن العلم الحديث في حقيقة الأمر هو معرفة تقريبية والتطورات الحاصلة فيه هدفها دائما بلوغ الدقة واليقين هذا ما أثبته في كتابه التحليل الكيميائي للنار .
تصور الفلاسفة البراغماتيين والنفعيين من كون الحقيقة نسبية وفق رأي أقطاب ورواد هذا المذهب:"جون ديوي"،"وليم جيمس"،جرمي "بنتام"بيرس"جون ستورت مل"والعديد.
يؤكد البراغماتيون على نسبية الحقيقة من مقياس المنفعة،فحقيقة الشيء تكمن في كل ماهو نفعي عملي ومفيد في تغيير الواقع والفكر معا وفي هذا يقول وليام جيمس:"يقوم الصدق بكل بساطة فيما هو مفيد لفكرنا وصائب وفيما هو صائب لسلوكنا"،فلا وجود لحقيقة ثابتة لأن الحقيقة هي ما يتحقق في الواقع و هذا الواقع يتغير باستمرار ،يقول جيمس:"إن الناس يعتقدون في القرون الماضية أن الأرض مسطحة ونحن نعتقد اليوم أنها مستديرة،إذن الحقيقة تغيرت وأنت ربما تقتنع بهذا القول ولا يقتنع به غيرك"،فالحقيقة عند جيمس ليست غاية في ذاتها بل هي مجرد وسيلة لإشباع حاجيات حيوية أخرى،وفي هذا الصدد يقول "بيرس"إن تصورنا لموضوع ما ماهو إلا تصورنا لما قد ينتج عن هذا الموضوع من آثار عملية لا أكثر"،ومعنى هذا أن المعارف الصحيحة إنما تقاس بالنتائج المترتبة عنها على أرض الواقع.
"تصور أنصار الفلسفة الوجودية من كون الحقيقة نسبية":البداية مع بروتوغوراس وهو زعيم ومنظر الفلسفة السفسطائية والذي رأى أن الإنسان مقياس كل شيء مايوجد وما لا يوجد أيضا،ويقصد بذلك أن الفرد يدرك المعرفة بحواسه النسبية المتغيرة،ولذلك فالمعرفة سوف تصبح نسبية أيضا،فلا يوجد معيار ثابت للحقيقة أو الصواب والخطأ،لذلك أكد على أنه مايراه أي فرد بأنه حق فهو حق بالنسبة له وما أراه باطل فهو باطل بالنسبة لي.
ويؤكد الإبستيمولوجي صاحب نظرية المعرفة "غاستون باشلارد"أن العلم الحديث في حقيقة الأمر هو معرفة تقريبية والتطورات الحاصلة فيه هدفها دائما بلوغ الدقة واليقين هذا ما أثبته في كتابه التحليل الكيميائي للنار .
تصور الفلاسفة البراغماتيين والنفعيين من كون الحقيقة نسبية وفق رأي أقطاب ورواد هذا المذهب:"جون ديوي"،"وليم جيمس"،جرمي "بنتام"بيرس"جون ستورت مل"والعديد.
يؤكد البراغماتيون على نسبية الحقيقة من مقياس المنفعة،فحقيقة الشيء تكمن في كل ماهو نفعي عملي ومفيد في تغيير الواقع والفكر معا وفي هذا يقول وليام جيمس:"يقوم الصدق بكل بساطة فيما هو مفيد لفكرنا وصائب وفيما هو صائب لسلوكنا"،فلا وجود لحقيقة ثابتة لأن الحقيقة هي ما يتحقق في الواقع و هذا الواقع يتغير باستمرار ،يقول جيمس:"إن الناس يعتقدون في القرون الماضية أن الأرض مسطحة ونحن نعتقد اليوم أنها مستديرة،إذن الحقيقة تغيرت وأنت ربما تقتنع بهذا القول ولا يقتنع به غيرك"،فالحقيقة عند جيمس ليست غاية في ذاتها بل هي مجرد وسيلة لإشباع حاجيات حيوية أخرى،وفي هذا الصدد يقول "بيرس"إن تصورنا لموضوع ما ماهو إلا تصورنا لما قد ينتج عن هذا الموضوع من آثار عملية لا أكثر"،ومعنى هذا أن المعارف الصحيحة إنما تقاس بالنتائج المترتبة عنها على أرض الواقع.
"تصور أنصار الفلسفة الوجودية من كون الحقيقة نسبية":البداية مع بروتوغوراس وهو زعيم ومنظر الفلسفة السفسطائية والذي رأى أن الإنسان مقياس كل شيء مايوجد وما لا يوجد أيضا،ويقصد بذلك أن الفرد يدرك المعرفة بحواسه النسبية المتغيرة،ولذلك فالمعرفة سوف تصبح نسبية أيضا،فلا يوجد معيار ثابت للحقيقة أو الصواب والخطأ،لذلك أكد على أنه مايراه أي فرد بأنه حق فهو حق بالنسبة له وما أراه باطل فهو باطل بالنسبة لي.
يعتقد الفيلسوف الألماني الوجودي:"مارتن هايدغر"أن للوجود أفق له حقيقته نداءه الخاص يضيء إقامتنا وينسحب أمام كل إرادة للسيطرة،أفق يستسلم الفكر أمامه وينسحب بغية أن تأتي حقيقة آلوجود صوبنا هي حقيقة تتصف بالتحجب واللاتحجب،الحقيقة عند الوجوديين هي إنكشاف وحرية،بعيدا عن التصورات التقليدية التي تعالج الحقيقة ضمن مجال معرفي منطقي باعتبارها صدق التمثل الذاتي وتوافقه مع موضوعه،وهو ما يرفضه الوجوديون بشدة على أساس أن الحقيقة لا تسكن في الخطاب،وأهم ما يميز الوجود هو الإختفاء،فالطبيعة يروق لها الإختفاء لذا فالإختفاء والأفول والإنسحاب هي الميزة الأساسية للوجود الذي يظهر بقدر ما يختفي،ومن ثمة تحقيق الوجود لا تعطي نفسها إلا بقدر ما تحجبها ولا تحظر إلا بقدر ما تتيه وفق هذا التصور تصبح الحقيقة مرتبطة بحالة أنطولوجية شديدة الحساسية تتحقق وفق لحظتين أساسيتين:لحظة انكشاف الوجود ليعبر عن حقيقته ثم انفتاح الفكر اليقظة لحراسة ونقل هذه الحالة حالة الإنفتاح إلى الكلمة والفكرة،بهذا المعنى تصبح اللغة مأوى الوجود والإنسان هو حارس الوجود.
يؤكد نيتشه هو الآخر أن الإنسان ما كان ليعيش مالم يترك الأوهام المنطقية تسود،لذا فالإنصراف عن الأخطاء والأحكام الباطلة معناه الإنصراف عن الحياة،وهنا يؤكد نيتشه على أهمية الخطأ وحيويته للإستمرار في الحياة وهنا يصبح أصل المعرفة ليس أصلا منطقيا،وإنما الرغبة في المعرفة هو رغبة في السيطرة والإستمرار في الحياة،بهذا المعنى تصبح الحقيقة في نظر نيتشه ليست سوى تمثلات وأخطاء أكثر منها حقائق،فالمعرفة الإنسانية ليست معرفة موضوعية أكثر منها معرفة مرتبطة بحاجيات الإنسان البيولوجية والأساسية في نظر نتشه المعرفة لا تقدم لنا معرفة بالأشياء وإنما سلطة عليها،هكذا يصبح العقل باعتباره الوسيلة الأساسية للوصول إلى الحقيقة،والمعرفة وفق تصور الخطاب الميتافيزيقي مجرد قوة لحفظ الحياة واستمرارها فهو ليس ضرورة منطقية بقدر ماهو ضرورة حياتية،
يدعوا نيتشه بتهديم عالم الحقيقة واجتثاثه من جذوره لأنه يلخص أخطاء العقل البشري اعتمادا على منهجه الهدمي أو التهديمي—حين تتكلم المطرقة—الحقيقة في نظره إذن ليست سوى عملية أنسنة الظواهر وتنظيما للفوضى،مانسميه حقائق بسبب بسيط إنها تشبع رغبات الإنسان أو تتيح له إشباع رغباته،فالحقائق المطلقة أوهام صنعها العقل للتحكم والسيطرة وبدافع الرغبة في الهدوء والسلم،الضعفاء والجبناء هم وحدهم من يتحدثون عن السلم كحقيقة فقط لأن ليست لديه مخالب،وخلص نيتشه إلى القول بأن الحقيقة لا توجد محايثة للوجود الإنساني يقول في هذا الصدد:"أنا الحقيقة".
في الإتجاه نفسه يرى الفيلسوف الوجودي جون بول سارتر أن الحقيقة تكمن في الإنسان المشخص في وجوده الحسي وليس الوجود المجرد كما في تصورات الفلسفات الكلاسيكية—سيم العقلانية والميثالية منها—فحقيقة الإنسان تكمن في إنجازه لماهيته لأنه في بداية أمره لا يملك ماهية فهو محكوم عليه بأن يختار مصيره،وقد عبر سارتر عن هذا المعنى بقوله:"سأكون عندما لا أكون"،ويقول كذلك إن الأشجار والأحجار هي مجرد كائنات وأن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يوجد لذاته أي يمتلك وجدانا".
"نقد الموقف الثاني"
رغم أنه لا يمكن إنكار أن الكثير من الحقائق تغيرت مثل تعدد الأنساق الرياضية والحقيقة العلمية،لكن هذه التصورات قد بالغت كثيرا في تمجيد النسبية،فالمعارف السابقة ليست كلها خاطئة وتاريخ العلم يؤكد على أن العلماء توصلوا إلى معارف جديدة انطلاقا مما هو سائد سابقا لأن تاريخ العلم حلقات متصلة والعالم لا يمكنه أن ينطلق من العدم،ويزيد هذا الموقف عيبا هو أن جميع الفلاسفة الذين تبنوا فكرة نسبية الحقائق يجمع بينهم التناقض وهذا راجع إلى الإختلاف في المرجعيات ونسق كل فيلسوف فأين نجد نسبية الحقائق في ظل هذا التباين.
إن إسناد الحقيقة إلى مقياس المنفعة والنجاح ليس أكثر تجديدا من القول بمعيار الوضوح لأن القول بمعيار النجاح قول سلبي عن الحقيقة وليس قولا إيجابيا،ذلك أن أنصار البراغماتية انطلقوا من أن القضايا التي لها آثار عملية قضايا حقيقية أو صحيحة لكن ما يعاب عليهم هم الآخرين أنهم خلطوا بين المجال النظري والمجال العملي بدليل أن هنالك أفكار نافعة ولكنها غير مطبقة وهنالك أفكار غير نافعة ولكنها مطبقة ثم إن مقياس الحقيقة لا يمكن أن يكون المنفعة كما يقر البراغماتيون لأن الحقيقة التي تؤكد نتائجها ومنافعها هي قبل كل شيء مسألة ذاتية متقلبة من فرد لآخر ومتعارضة بين هذا وذاك ما دامت المصالح متعارضة،فكيف يبنى العلم مايؤسس على مبادئ؟ثم إن مفهوم المنفعة واسع جدا هل هي منفعة الفرد الخاص الذي يفكر أم منفعة الجماعة ومن هذه الجماعة وماحدودها؟وفي حالة عدم دقة المفهوم تتضارب المنافع وتتناقض،وعليه منطق البراغماتيين لا يؤهله لأن يكون مقياسا للحقيقة،لأن الحقيقة يجب أن تتميز بالشمولية والموضوعية،فالفكرةفي البراغماتية تكون صحيحة متى انتصرت على الجانب العملي التجريبي،فالحقيقة
يؤكد نيتشه هو الآخر أن الإنسان ما كان ليعيش مالم يترك الأوهام المنطقية تسود،لذا فالإنصراف عن الأخطاء والأحكام الباطلة معناه الإنصراف عن الحياة،وهنا يؤكد نيتشه على أهمية الخطأ وحيويته للإستمرار في الحياة وهنا يصبح أصل المعرفة ليس أصلا منطقيا،وإنما الرغبة في المعرفة هو رغبة في السيطرة والإستمرار في الحياة،بهذا المعنى تصبح الحقيقة في نظر نيتشه ليست سوى تمثلات وأخطاء أكثر منها حقائق،فالمعرفة الإنسانية ليست معرفة موضوعية أكثر منها معرفة مرتبطة بحاجيات الإنسان البيولوجية والأساسية في نظر نتشه المعرفة لا تقدم لنا معرفة بالأشياء وإنما سلطة عليها،هكذا يصبح العقل باعتباره الوسيلة الأساسية للوصول إلى الحقيقة،والمعرفة وفق تصور الخطاب الميتافيزيقي مجرد قوة لحفظ الحياة واستمرارها فهو ليس ضرورة منطقية بقدر ماهو ضرورة حياتية،
يدعوا نيتشه بتهديم عالم الحقيقة واجتثاثه من جذوره لأنه يلخص أخطاء العقل البشري اعتمادا على منهجه الهدمي أو التهديمي—حين تتكلم المطرقة—الحقيقة في نظره إذن ليست سوى عملية أنسنة الظواهر وتنظيما للفوضى،مانسميه حقائق بسبب بسيط إنها تشبع رغبات الإنسان أو تتيح له إشباع رغباته،فالحقائق المطلقة أوهام صنعها العقل للتحكم والسيطرة وبدافع الرغبة في الهدوء والسلم،الضعفاء والجبناء هم وحدهم من يتحدثون عن السلم كحقيقة فقط لأن ليست لديه مخالب،وخلص نيتشه إلى القول بأن الحقيقة لا توجد محايثة للوجود الإنساني يقول في هذا الصدد:"أنا الحقيقة".
في الإتجاه نفسه يرى الفيلسوف الوجودي جون بول سارتر أن الحقيقة تكمن في الإنسان المشخص في وجوده الحسي وليس الوجود المجرد كما في تصورات الفلسفات الكلاسيكية—سيم العقلانية والميثالية منها—فحقيقة الإنسان تكمن في إنجازه لماهيته لأنه في بداية أمره لا يملك ماهية فهو محكوم عليه بأن يختار مصيره،وقد عبر سارتر عن هذا المعنى بقوله:"سأكون عندما لا أكون"،ويقول كذلك إن الأشجار والأحجار هي مجرد كائنات وأن الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يوجد لذاته أي يمتلك وجدانا".
"نقد الموقف الثاني"
رغم أنه لا يمكن إنكار أن الكثير من الحقائق تغيرت مثل تعدد الأنساق الرياضية والحقيقة العلمية،لكن هذه التصورات قد بالغت كثيرا في تمجيد النسبية،فالمعارف السابقة ليست كلها خاطئة وتاريخ العلم يؤكد على أن العلماء توصلوا إلى معارف جديدة انطلاقا مما هو سائد سابقا لأن تاريخ العلم حلقات متصلة والعالم لا يمكنه أن ينطلق من العدم،ويزيد هذا الموقف عيبا هو أن جميع الفلاسفة الذين تبنوا فكرة نسبية الحقائق يجمع بينهم التناقض وهذا راجع إلى الإختلاف في المرجعيات ونسق كل فيلسوف فأين نجد نسبية الحقائق في ظل هذا التباين.
إن إسناد الحقيقة إلى مقياس المنفعة والنجاح ليس أكثر تجديدا من القول بمعيار الوضوح لأن القول بمعيار النجاح قول سلبي عن الحقيقة وليس قولا إيجابيا،ذلك أن أنصار البراغماتية انطلقوا من أن القضايا التي لها آثار عملية قضايا حقيقية أو صحيحة لكن ما يعاب عليهم هم الآخرين أنهم خلطوا بين المجال النظري والمجال العملي بدليل أن هنالك أفكار نافعة ولكنها غير مطبقة وهنالك أفكار غير نافعة ولكنها مطبقة ثم إن مقياس الحقيقة لا يمكن أن يكون المنفعة كما يقر البراغماتيون لأن الحقيقة التي تؤكد نتائجها ومنافعها هي قبل كل شيء مسألة ذاتية متقلبة من فرد لآخر ومتعارضة بين هذا وذاك ما دامت المصالح متعارضة،فكيف يبنى العلم مايؤسس على مبادئ؟ثم إن مفهوم المنفعة واسع جدا هل هي منفعة الفرد الخاص الذي يفكر أم منفعة الجماعة ومن هذه الجماعة وماحدودها؟وفي حالة عدم دقة المفهوم تتضارب المنافع وتتناقض،وعليه منطق البراغماتيين لا يؤهله لأن يكون مقياسا للحقيقة،لأن الحقيقة يجب أن تتميز بالشمولية والموضوعية،فالفكرةفي البراغماتية تكون صحيحة متى انتصرت على الجانب العملي التجريبي،فالحقيقة
أسمى من أن تقتصر في المنفعة،لأن المنفعة تحمل بعدا ماديا،ولكن لا يمكن أن تكون مقياسا عاما توزن به كل أفكارنا وقيمنا،إنه منطق يحط من قيمة الإنسان،لأن المنفعة كهدف تنجز عنها تجاوزات لا أخلاقية.
أما بالنسبة للفلسفة البراغماتية فقد حصرت الحقيقة في الإنسان وتجاهلت المواضيع الخارجية التي تكون مصدرا هاما لها،فالإنسان قد يعي نفسه ويدرك حقيقتها،وفي الوقت نفسه قد يتوق إلى إدراك العالم الخارجي ألدي ينطوي على الكثير من الظواهر والأشياء التي تستحق البحث والتنقيب،ومن جهة أخرى إن الوجودية تضرب القيم الأخلاقية بعرض الحائط،لأنها تقف في وجه الإنسان وتحول دون تحقيق ذاته أو ماهيته وهذا أمر غير مسلم به على الإطلاق.
"التركيب بين الموقفين".
ومن خلال هذا نجد أن الحقيقة يمكن إعتبارها مطلقة كرغبة جامحة للوصول إلى أقصى المعارف،فالحقائق العلمية في إطارها الخاص تفرض نفسها على كل عقل وبهذا المعنى تكون مطلقة فحين نقول أن الماء يتكون من ذرتين من الهيدروجين وذرة من الأوكسجين لا نعني بذلك كمية الماء التي أجري عليها الإختبار بل نعني أية كمية من الماء على الإطلاق،فهذه الحقيقة لا توجد في عقل الإنسان الذي أجري أمامه الإختبار بل في كل عقل بوجه عام،ولكننا قد نكتشف يوما ما أملاحا في الماء بنسبة ضئيلة فيصبح الحكم نسبيا يصدق في إطاره الخاص،وهذا معناه أن العقل إن هو حاول إدراك المطلق فإنه لا يصنع ذلك إلا بالنسبة للمقيد،كما أنه لا يتصور الثبات إلا في حالة وجود التغير،وما يمكن فهمه من كل هذا أن الحقيقة مطلقة ونسبية في آن،ذلك أن الحقيقة كإعتقاد لا يمكن الإستغناء عنها أو إعتبارها خاطئة،وكمثال آخر عن ذلك مفهوم العبادة واحد لدى جميع الناس لكنه يختلف من مجتمع لآخر ،فنجد المجتمع الإسلامي والمسيحي واليهودي والبوذي والهندوسي...فكل فرد يؤمن باعتقاداته على أنها مطلقة اليقين،ونختلف في الشرائع والتطبيقات التي تجعل من المطلق نسبي من حيث الممارسة والتطبيق.
"الخاتمة وحل المشكلة".
مانخلص إليه من كل هذا أن الحقيقة متغيرة حقا نتيجة تعدد مجالات البحث،لكن تغيرها يأخذ مصطلح التراكمية أي إضافة الجديد للقديم،ومن ثمة فإن نطاق المعرفة التي تنبعث من العلم يتسع باستمرار ومن هنا يكون انتقال العلم إلى مواقع جديدة على الدوام علامة من علامات النقص فيه،بل إن النقص يكمن في تلك النظرة القاصرة التي تتصور أن العلم الصحيح هو العلم الثابت والمكتمل،وفي هذا تأكيد على أن الحقائق كلها نسبية وهي متعددة تابعة لمؤثرات بشرية وفكرية ورغم ذلك فإن الإنسان يطمح دوما إلى بلوغ الحقيقة المطلقة مهما كان مفهوم الثبات.
ختاما:الفلسفة هي البحث عن الحقيقة وفق رأي "كارل ياسبرس"تطلب لذاتها كغاية وكوسيلة أيضا مرتبطة بالمردودية والإشباعات،فهي فضيلة والبحث فيها هو التحقيق الفعلي لإنسانية الإنسان نفسها لممارسة الوجود الإنساني الفعلي فهي الحد الفاصل بين عالم الإنسانية وعالم اللاإنسانية أو عالم التوحش والتحضر بلغة روني ديكارت فهي لا تنفصل عن فعل الفكر والتفكير في نهاية المطاف وهو الأهم في القضية برمتها.
أما بالنسبة للفلسفة البراغماتية فقد حصرت الحقيقة في الإنسان وتجاهلت المواضيع الخارجية التي تكون مصدرا هاما لها،فالإنسان قد يعي نفسه ويدرك حقيقتها،وفي الوقت نفسه قد يتوق إلى إدراك العالم الخارجي ألدي ينطوي على الكثير من الظواهر والأشياء التي تستحق البحث والتنقيب،ومن جهة أخرى إن الوجودية تضرب القيم الأخلاقية بعرض الحائط،لأنها تقف في وجه الإنسان وتحول دون تحقيق ذاته أو ماهيته وهذا أمر غير مسلم به على الإطلاق.
"التركيب بين الموقفين".
ومن خلال هذا نجد أن الحقيقة يمكن إعتبارها مطلقة كرغبة جامحة للوصول إلى أقصى المعارف،فالحقائق العلمية في إطارها الخاص تفرض نفسها على كل عقل وبهذا المعنى تكون مطلقة فحين نقول أن الماء يتكون من ذرتين من الهيدروجين وذرة من الأوكسجين لا نعني بذلك كمية الماء التي أجري عليها الإختبار بل نعني أية كمية من الماء على الإطلاق،فهذه الحقيقة لا توجد في عقل الإنسان الذي أجري أمامه الإختبار بل في كل عقل بوجه عام،ولكننا قد نكتشف يوما ما أملاحا في الماء بنسبة ضئيلة فيصبح الحكم نسبيا يصدق في إطاره الخاص،وهذا معناه أن العقل إن هو حاول إدراك المطلق فإنه لا يصنع ذلك إلا بالنسبة للمقيد،كما أنه لا يتصور الثبات إلا في حالة وجود التغير،وما يمكن فهمه من كل هذا أن الحقيقة مطلقة ونسبية في آن،ذلك أن الحقيقة كإعتقاد لا يمكن الإستغناء عنها أو إعتبارها خاطئة،وكمثال آخر عن ذلك مفهوم العبادة واحد لدى جميع الناس لكنه يختلف من مجتمع لآخر ،فنجد المجتمع الإسلامي والمسيحي واليهودي والبوذي والهندوسي...فكل فرد يؤمن باعتقاداته على أنها مطلقة اليقين،ونختلف في الشرائع والتطبيقات التي تجعل من المطلق نسبي من حيث الممارسة والتطبيق.
"الخاتمة وحل المشكلة".
مانخلص إليه من كل هذا أن الحقيقة متغيرة حقا نتيجة تعدد مجالات البحث،لكن تغيرها يأخذ مصطلح التراكمية أي إضافة الجديد للقديم،ومن ثمة فإن نطاق المعرفة التي تنبعث من العلم يتسع باستمرار ومن هنا يكون انتقال العلم إلى مواقع جديدة على الدوام علامة من علامات النقص فيه،بل إن النقص يكمن في تلك النظرة القاصرة التي تتصور أن العلم الصحيح هو العلم الثابت والمكتمل،وفي هذا تأكيد على أن الحقائق كلها نسبية وهي متعددة تابعة لمؤثرات بشرية وفكرية ورغم ذلك فإن الإنسان يطمح دوما إلى بلوغ الحقيقة المطلقة مهما كان مفهوم الثبات.
ختاما:الفلسفة هي البحث عن الحقيقة وفق رأي "كارل ياسبرس"تطلب لذاتها كغاية وكوسيلة أيضا مرتبطة بالمردودية والإشباعات،فهي فضيلة والبحث فيها هو التحقيق الفعلي لإنسانية الإنسان نفسها لممارسة الوجود الإنساني الفعلي فهي الحد الفاصل بين عالم الإنسانية وعالم اللاإنسانية أو عالم التوحش والتحضر بلغة روني ديكارت فهي لا تنفصل عن فعل الفكر والتفكير في نهاية المطاف وهو الأهم في القضية برمتها.