شعر ، كلمات اغاني سودانية ودوبيت
21.8K subscribers
63 photos
166 videos
50 files
40 links
وصف القناة : شعر ، كلمات الاغاني ودوبيت رابط القناة : https://t.me/Diwansha3r
Download Telegram
حن يا قمر
صالح عبدالسيد ( أبوصلاح)
حن يا قمر أوفى لي ميعادا … منامي خاصمني و لي عادا
غمضة اجفانى طال بعادا … وسال دمعي البقـالى عادا
أرجو من شوفتك الإعادا … جفاك شقا ونظرتك ســـعاده
البدور ناظرة ليك حساده … ودون حلى تضوي خلقه ساده
والشعر في القديم تساده … والردف باقـــى ليك وســــاده
المحي اللمـــع تبـــــادا… كم عـــوازل حــــرق كبادا
نوره فرم كلاى ابــــــادا … وكان هواك يبقى لي عـــباده
ما الضمير الرنع تهادا … نظرته بى عيني زاد سهاده
يا نجم سالك الشهادة … كفاي عذاب وروحي طال جهادا
حزت شوقي الكتر ترادا … وبالجمــال حــازت لانفرادا
تومة البــدر قلبي رادا … وأمـــــرى ســلمــته للإراده
الشعور وأخر إمــتدادا … مــع القـــديم اتصــل ودادا
والســـهام زايد إشــتدادا … جروحي هل تدرى بى عدادا
ليك لحاظ ماسكه في القيادا … ولى جروح ماشه في الزياده
أرجو من صاحب السياده … قليـــل مـــراهم من العــــياده
بكرة يا قلبى الحزين تلقى السعاده تغريد محمد
========================
بكره ياقلبى الحزين تلقى السعاده تبقى هانى وإبتسامتك مضاءه والسرور يملأ حياتى ويبقى ذادا وعينى تشع نوم بعد ماطال سهادا وأنسى غلبى والرياحين تملأ دربى وأمسح الدمع البسيل يملأ الوساده كم سهرت الليل وكم سالت دموعى والالم فى قلبى أصبح شئ طبيعى والشباب أفنيتوا أبحث عن وجيعى عشت رأهب بين تراتيلى وخشوعى بكره تتحقق أمانى والفؤاد يرتاح ويتجدد زمــــــــــــــانى والسعاده تكون جزاء صبرى وصنيعى الامانى العزبه تتراقص حيـــــــــــالى والامل بسام يداعب فى خيـــــــــــالى حلمى بكره وزكرى ايامى
حبي انا ليك كان زادي ..

القصة بدأت في قرية وادعة من قرى الشايقية بين فتاة و شاب من نفس القرية كانوا في المرحلة الثانوية . نشأت بينهم علاقة حب عفيفة ، تواعدوا أنهم يكونو لبعض و عاشوا فترة من الحب الجميل مع الأيام ..

المهم الولد سافر و إنقطعت اخبارو و البت تشيل و ترفض في العرسان عشان منتظرة حبيب القلب ، المشكلة و الطامة الكبرى إنو أخونا دا كان عامل ليهو قصة حب تانية مع بت من إحدى القرى المجاورة ليهم
و الفتاة ما عارفة القصة دي و مفتكرة إنو الشاب مخلص ليها هي و بس .

مرت سنين و صاحبنا عمل ليهو قريشات و رجع القرية و هو يفكر في الزواج ،
الفتاة طبعاً فرحت بإنو فارس أحلامها رجع و حيجي يخطبها . في اليوم الرجع فيهو العصر البت مشت إنتظرتو على ضفاف النيل في المكان المتعودين يقعدو فيهو مع بعض زمان ...

إنتظرت و إنتظارها طال بيها لحدي المغرب و صاحبنا لا حس و لا خبر ..
زهجت البت و رجعت على الحلة ، و في الطريق سمعت صوت زغاريد و بدا قلبها يدق بشدة و أسرعت الخطى تمني النفس بإنو يكون سبقها على بيتهم و خطبها من أبوها ...

وصلت البيت و مافي أي خبر ، الزغاريد طالعة من بيت الشاب .. برضو العشم ما إنقطع و إفتكرت إنو صارح أهلو بانو دايرها و ناس بيتم زغردو .. و
هي بين الحلم و الحقيقة سمعت أبوها بيسأل في أمها و بيقول ليها.. إنت ياالحرم الزغاريد العند ناس حاج الضو دي شنو ؟ .. و ردت الحرم : دا وليدهم عادل رجع الليلة من البندر و قالوا خطب بت الحسن ود الأمين في حلة عباس ..

من المفاجاءة الفتاة سقطت مغمى عليها و ما صحت إلا في المستشفى ، و صاحبنا و لا هماهو عرس ، و المسكينة ذبلت زهور عمرها الضاع وراهو و هو ما حاسي بيها و لا بمعاناتها ..

حكت الفتاة قصتها للشاعر علاء الدين عبدالرحيم و حلفت ليهو إنها تعاقب قلبها بإنو ما يحب بعد الزول الخدعها ده ، و إن شاء الله هو يكون سعيد و متهني .. فكتب القصيدة دى و كانت (حبي أنا ليك كان زادي) .. و تغنى بها الفنان عبدالرحيم أرقي .. واحدة من اجمل الأغنيات ...

كلمات أغنية:
(علاء الدين عبدالرحيم) ..

الشاعر الرقيق (بر الحسن بر) كتب القصيدة على لسان الفتاة المخدوعة و أبدع في تلحينها و أدائها بصورة رائعة و موثرة كما ذكرنا الفنان (عبدالرحيم أرقي) و كثيراً ما كانت الدموع تسيل عندما يشاركه الغناء الفنان (صديق أحمد):

حبي انا ليك كان زادي و كان جوه الحنايا دفين
كنت بضاري من الناس
و خايفة عليهو من العين
عليه أنا كنت بصوم و أفطر عليه بكابد النارين
كت بحسب سنين الغربة
لما تعود وكت لقانا يحين
نونس في براءة أطفال من الحب نروي ننهل زين
و كل مايوم يزيد البينا
لما بقينا غاب قوسين

ثم تنتقل بعد وصفها للأيام الخوالى موجهة اللوم للحبيب بعد إكتشاف غدره:

أتاري أنا كنت فيك مخدوعه و كم من زيي مخدوعين
ما قايلاك تلعب بي
تعيش اللحظه بس و الحين
ما قايلاك حبيب آلاف و قلبك قبلة للضالين
و ما قايلاك تنسى حبيب
صبر راجيك ستة سنين
كيفن هان عليك تنساه زولاً كان عليك حنين
و تشغل بالك الأشواق
لمن تزبل الياسمين
كنت داايراك وكت الحارة تبقى لى دخري خزين
و كنت دايراك مقنع حوبه
وكتين المضاري يبين
و كنت دايراك فارس أحلام تشاركني و نتم الدين
و كنت دايراك شريك الروح
أخدمك حافية القدمين
و كنت بحلمبك إنت معاي مجرتق بالعديل و الزين
و جنبك في شمالك قاعدة
تسمع في دقر يا عين
تبشر زين مع الأصحاب و تتشبل من الوزين
و أنا الأبحرت راكبه الموج
أكيد مرساي بين موجتين

ثم تدلف الحبيبة بعدها لوداع حبيبها و تواصل في ألم:

وداعاً ..
وداعاً ..
وداعاً ..

وداعاً ياسراب خداع محال ما بيروي عطشانين
وداعاً ياحلم عابر
يسعد و يفرح النايمين
وداعاً ياكلام معسول حدو و مكمنو الشفتين
وداعاً ياقلب قساي
لا بيحن و لا بيلين
وداعاً ياسحابة صيف شايله مطر ضليل و رهين
و تبشر بخريف جايينا
ياما الناس رجوه سنين
و كل زولاً يفكر فيها ما معروفه تنزل وين

ثم تلتفت لقلبها و مكمن أشواقها مطيبه من خاطره:

و ألف سلامة عليك ياقلبي
مسالم و ديمة طبعو حنين
يتاورو الشوق و يلعب بيهو تنحر في حشاه السكين
تعاودو الذكرى تنخر جوه
و حالو يحنن المسكين

و تعود الحبيبة على لسان الشاعر في الأبيات التالية لعريس الغفله في أخر كلماتها له:

و أخيراً ليك ألف سلام قبل ما تجف دموع العين
و قبال مني ما تعدي
و قبال الفراق ما يحين
بخيت و سعيد عليك ان شاء الله يبقالك عمار و بنين
و قلبي أنا خلى في أناتو
بعدك ياما راجي أنين

و قمة الألم في ختام القصيدة حيث تقسم على قلبها ألا يحن ثانية:

لو كان يا قلب حبيت بعدو بعد حلفت يمين
إن شاء الله ما ينتم ليك مراد
لا تضوق حلو لا زين
و عمرك ما تجيك سعاده ما تتهنا قول أمين
و تاني الحب عليك حرمان
وعد الحر أمانه و دين
انا والاشواق فى بعدك
بقينا اكتر من قرايب
ما بنغيب عن بعض ابدا
زى اعز اتنين حبايب

كنت فاكر الشوق يغيب
لحظة واحدة عن فؤادى
مع الزمن يتلاشى وجدى
قلبى يسلاك فى بعادى
وشوقى قال لى مستحيل
مرة يتحقق مرادى
ولازمنى زى خلى الوفى
واصبح حبيبي الما بعادى

اى لحظة بعيدة عنك
ضايعة من ايام زمانى
وكل يوم كان لى فى قربك
اتمنى لو احياه تانى
وروحى لو غنيتا ليك ما
تصور كم اعانى
وشوقي ابلغ من غناى
وحبى اسمى من المعانى

كم رسالة يا حبيبى بسطرا
اشكى بالبعد يا ناسينى
واحلى كلمة منى ليك بضمنا
باقة من شوقى وحنيني
بين حروفا اشوف خيالك
وانت تتبسم لعينى
وقبل ما اختم سلامى
بتمنى لو ردك يجينى
أعز مكان وطني السودان -

●كلمات الشاعرسيف الدين الدسوقي●
●غناء ابراهيم عوض●

احب مكان وطنى السودان
أعز مكان عندى السودان
لانو حسانه أعف حسان
طير و صوادح وروض جنان
الانسام بالطيب تغشاهو
والاقمار حفت بسماهو
والازهار تبسم فى رباهو
فيها رقة وفيها حنان
أحب مكان وطنى السودان
فيهو النيل النيل الخالد

فيهو الخال والعم والوالد
فيهو تراث من طارف وتالد
والخيرات اشكال والوان
احب مكان عندى السودان
السودان اشراقة جديدة
فى افريقيا وبسمه سعيده
فيهو عروبه وجوها عديدة
من ادآب وفنون وبيـــــان

الانسام بالطيب تغشاهو
والاقمار حفت بسماهــو
والازهار تبسم فى رباهو
فيها رقة وفيها حنـــــــان

احب مكان.. وطنى السودان
أعز مكان.. عندى السودان
لانو حسانه أعف حسان
طير و صوادح وروض جنان
ﻭﺍﺣﺸﺎﻧﻲ ﺷﻮﻓﺘﻚ ﻭﻃﻠﺘﻚ
ﻭﺍﺍﺍﺣﺸﻨﻲ ﺑﺎﻟﺠﺪ ﺍﻟﻬﻈﺎﺍﺍﺍﺍﺭ
ﻟﻤﺤﺔ ﻋﻴﻮﻧﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻜﻮﺕ
ﺣﺎﺍﺍﻝ ﺍﻟﺘﻌﺎﺍﺑﻴﺮ ﺍﻟﻜﺘﺎﺍﺭ
ﺑﺴﻤﺔ ﺧﺪﻭﺩﻙ ﻭﺍﻟﺨﺠﻞ
ﻭﺑﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻨﺎﺍﺍﺱ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ
ﺩﻫﺸﺔ ﺣﻨﺎﻧﻚ ﻳﻮﻡ ﺍﺟﻴﻚ
ﻭﺍﻟﻘﻪ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﺍﻧﺎ ﻛﻠﻮ ﻃﺎﺍﺭ
ﻋﺎﺭﻓﻨﻲ ﻭﺍﻟﺸﻮﻕ ﻭﺍﻟﺤﻨﻴﻦ
ﻃﻮﺍﻟﻲ ﻧﺤﻦ ﻧﻔﺴﻨﺎ ﺣﺎﺍﺍﺭ
ﻃﻴﺐ ﺷﻨﻮ ﺍﻻﺧﺮ ﻣﺠﻴﻴﻚ
ﻳﺎﺍﺍ ﺳﻴﺪﻱ ﻃﺎﺍﺍﻝ ﺍﻻﻧﺘﻈﺎﺭ
ملطووووووووووش علي السريع .......سيد عبد العزيز شاعر [ نظرة نظرة ] و هي أغنية نظرة يالسمحة أم عجن يحكي عبيد عبد الرحمن عن سبب تأليف أغنية ظبية الريم قائلاً : لكل جميلة أغنية ترقص على نغماتها . و في عام 1930 و بمدينة المسلمية كنا بحفل ، فرقصت إحدى الجميلات في غير ذات بال . فلم أخفِ المي و اشمئزازي . فتصاعد الأمر ليبلغ مبلغ التحدي ، بأن أنظم للفتاة أغنيتها التي ترقص عليها . و بالسؤال عن خلفيات الفتاة وجدت أنها من صلب سلالة تتميز بالجمال و الوجاهة و الجاه . فكانت ظبية الريم التي تشكل هارموني متماسك مع رقصة الملهمة .
في مساء نفس اليوم كانت المسلمية منتشية تتمايل مع صوت الحاج حاج الصافي و هو يؤدي هذه الأغنية في نفس الحفل و ترقص الفتاة الملهمة على نغماتها و نغماته ... و من هنا تمخضت أحداث و أحاديث أدت أخيراً لإبعادنا من المسلمية بقرار رسمي ) .

و في تاليف أغنيته :
أذاك يا عيوني جزاك
درتي السهر لروحك براك
و ريني كيف زتي انهمال
و ريني ليه شفتِ الجمال
يقول عبيد ( الأغنية نتيجة أحاسيس خفية تسببت فيها العيون . و ما أكثر ما تسبب فيه العيون ) .

( يوم جمعة أنا و أصدقائي العبيد و خالد نسير في سوق أم درمان و كان مملوءاً بأشكال و ألوان الحسان من كل الأعمار و إذا بشخصية بارعة الجمال التفتت عليها كل الأنظار رجال و نساء ، كبار و صغار . و عند ذلك قلت مخاطباً أصدقائي بصفة لا شعورية :
غصباً عنك يلفت نظرك
مهما تحافظ و تاخد حذرك
تصبح عاشق . ــــ سيد عبد العزيز ــ ) .

الشاعر الغنائي قديماً يلتفت فيقول ( أغنية ) . هذه الالتفاتة يسمونها هم ملهمة الأغنية . حين يصبح الإلهام التفاتةً فإن نوع هذا الإلهام يـُـنــْـجز بنمطين ثابتين عندهما لصناعته : النمط الأول هو أنَّ هناك مطلع في الأغنية هو مطلع متحقق مع مدارك الالتفاتة نفسها . [ المدارك : هي العين و الشوف فقط ] ( شيء لفته يعني سيُـخرج مطلعاً يصبح أغنية ) . ثانياً : ما يأتي لاحقاً لمطلع الالتفاتة لا يكون غالباً في نفس لحظة الالتفاتة ؛ بل هو هذا اللاحق و يمتاز دائماً ( بإظهار التأوه و الألم و إظهار الأوجاع ) كما يقول عبيد عبد الرحمن .
الالتفاتة لا تقول التجربة إذ هي ليست عن أي تجربة في حقيقة الأمر . فالذي تضعه هذه الالتفاتة هو تجربة الغزل في نسيان تجربة العشق . النسيان ، في هذه الحال ، لا يعني أنك كنت تعرف شيئاً فنسيته ؛ بل يعني (نسياً منسيا) بمعنى غير موجود في الأساس . الرقص الذي كان حافزاً لـ ( ظبية الريم ) هو رقص أضداد . فمن جهة المرأة مسموح لها ذلك الرقص ( بروز المفاتن ) بحكم موقف اجتماعي قيد العرس . و من جهة هو ممنوع لهذه المفاتن أن تغادر أيَّ مكان آخر سوى العيون التي تنظر لحظة الالتفاتة . أما و أن ينتقل (بروز المفاتن) لأي مجال آخر ينقل هذه الالتفاتة في شعر يدور على الألسنة أو مكتوب في الورق يتداوله الناس فقد خرج من ذلك الموقف الاجتماعي المألوف . خرج من الالتفاتة في صون أضدادها .

التراث العربي لم يعرف كلمة ( فنان) أو مؤخراً (أستاذ) للمغني ــ أقصد التراث الشفاهي في لغتهم المتداولة اليومية وقتئذ ــ بل كانوا يطلقون عليهم ( المغبرة ) . و هذه اللفظة ترتبط بـ ( الغابرة ) أي الدنيا الفانية . فيما قبل أحمد المصطفى كانوا مجرد ( صعاليك ) كما يقال عنهم . ( مليح الزي ساحر المحاجر لسيد عبد العزيز يقول فيها : في عام 30 كانت معنا انسانة سامية أديبة ظلت متعشقة .. ناقشتنا كثيراً ، فلم يعجب أمرَها هذا ذووها ، فرحلوا بها للخرطوم تاركين بيننا بحر و بنفوسنا ذكرى ، فكانت مليح الزي ) .

رحل ذووها خوف مخالطة الصعاليك ( المغبرة ) ؛ فكانت الالتفاتة هنا إلى ( الزي ) . فمنتج الغزل نفسه يكبح جماح هذه الالتفاتة . مرت في الأغنية مليح المحاجر عبوراً في سبيل إظهار مثل ( يا مثال اللي عرضو ساتر ) . فهل الالتفاتة التفاتة مدنسة تنتمي لكل مضمرات أسطورة مجنون ليلي التي تقترن بـ ( أحاديث أدت بنا لإبعادنا من المسلمية بقرار رسمي ) .

ربما كان لهذه الالتفاتة جانباً آخر ؛ جانباً مقدساً . يحمل معناه في حدود هذه الرواية ( قالت لي إحدى حسان الخرطوم : أخي لقد خلدتم حسان أم در بأغانيكم و تناسيتمونا . فترك هذا الحديث آثاره العميقة الغور بشغاف قلبي . فرجعت و كان الطريق ما بين الخرطوم و أم در يشهد مولد أغنية الملكة الكامل جمالك . و لم تمضِ أيام حتى سمعت الفتاة المعنية أغنيتها . و قبل أن تجيب استجابت الخرطوم متعصبة تردد حور أم در يتمنو حالك ــ سيد عبد العزيز ) . فالالتفاتة من ناحية مدنسة / إظهاراً ؛ و من ناحية أخرى مقدسة / إخفاءً . و لاتنتمي الالتفاتة في كلتا الناحيتين إلى : الذات العاشق .
كنتُ عابراً في يوم لي مضن حدائق المقرن ، فإذا صيوان منصوب على الحدائق و صوت المايكرفون يردد صوت الفنان الطيب عبد الله . قلت لنفسي لأرتاح قليلاً هنا قبل البيت . بدأ الحفل في الرابعة مساء . دخلت .. لا حظت وجه الفنان محمراً ؛ و حين انتبهت للجمهور رجال و نساء ( حيث كنا نجلس على موائد ) ؛ و جدته غارقاً في مناديله يبكي . أيَّ راحة تطلبها يا فتي ( جملة هامسة لأنَّ العشق لم يضرب سناه قلبه آنذاك فـكان خالياً ) . فلربما هذه راحة لهم و لهن . أما أنا فلم يأتني كدر العشق أو أجربه حتى تأتيني دموعه . لأي شيء تنتمي الدموع هنا ؟ هنا في هذا الحفل ؟ ــــ هذا السؤال لم يخطر ببال الفتى لحظات هذا الحفل . لنترك تاريخ الدموع الآن حتى موعد ( سيد في أذاك يا عيوني ) . أما الفتى فسوف نتركه بلا موعد .

فمنذ العشق دخل الذات الإنسانية شيءٌ فجوي لا ترتقه هذه الالتفاتة . الالتفاتة هذى في نمطها الثاني (في التأوه و الألم و إظهار المواجع ) تصلح لكل مطلق . يحكي حسن نجيلة حكاية الشيخ قريب الله مع الفنان سرور . فحين كان الشيخ يسهر في فروته متعبداً ــ أحكيها بلغتي في معنى حكاية نجيلة ــ طاف صوت المغني يا نجوم الليل أشهدي .. أرسل إليه الشيخ .. فتهيب الفنان كل ذلك ؛ فكيف يغني في حضرة الشيخ .. جلس متهيباً فطلب منه الشيخ الأغنية نفسها .. و حين تمالك الفنان و أرسل صوته سجد الشيخ يبكي .. فكان على تلك الحالة حتى غادر الفنان خلوة الشيخ . الشيخ يوجــه الالتفاتة نحو المطلق . لأن الالتفاتة في نمطها الثاني تتخير دائماً المسائل الجوهرية في الدلالة اللغوية . سأضرب مثالاً عابراً لهذه المسائل الجوهرية في الدلالة اللغوية . يقولون ( الرجال ديل أصلهم كده / النسوان ديل أصلهن كده / يا زول الرجال ديل بعملو عمايل إنت ما شفتهم ساكت / يا زول النسوان ديل مكارات مكر إنت ما شفتهم ساكت .. إن كيدكن عظيم .. الخ ؛ ) . فكل هذه الجمل جمل جوهرية في دلالتها لا سياق لها . تصلح لكل من يقع في هنــَّـة من هنات عثراته أو عثراتها . فيدخل أو تدخل في الجوهر .

الالتفاتة تعمل هذا الجوهر الذي يلاقي جوهراً في دلالتنا اللغوية اليومية . لذلك يصبح النمط الثاني في خبرة هؤلاء جزءاً من حياتنا اليومية في ذلك الجوهر . و من هنا يستمد ( إطلاقه ) و صلاحيته للكل : الصوفي و من هو في تجربة عشق فاشل . لذلك فخبرتهم في هذه اللغة هي في جوهر الدلالة اللغوية .

الريدة تتبع اللغة لأنك تقول أريد أن أعمل كذا . العشق لا يتبع اللغة لأنك لا تقول ــ في كلامك ــ أعشق أن أفعل كذا. العشق كنائي يقود نحو الاطلاق : الله . و يقود نحو الجسد : جسد الآخر بالنسبة إلى الذات العاشق . و هنا الجسد ينقسم قسمين : قسم ما تلمسه (اللمس) ، و قسم ما تسمعه (الصوت) . الالتفاتة ليست لها هذه القسمة . لها أحادية العين و الشوف فقط من جانب الملتفت ( إنها عند الملتفت ريدة ) . تلك ( الملهمة ) التي لا تتكلم يستنطق أطرافها و شعرها و فمها و ردفها و مسايرها هذا المغني ( صاحب الريدة ) الذي يلتفت . الأغنية كانت هي هذا الاستنطاق في حدود هذه الالتفاتة .

التفاتة سيد ، حسب مقاييسها ، هي هذه ( نظرة يالسمحة أم عجن ) أما باقي الأغنية كله فيتبع إلى النمط الثاني . ( الملهمة الحقيقية أقل الحسان إشارة إلى ذلك ــ سيد ) . كان مجال الالتفاتة ، إذاً ، مجموعة نساء . دائرة من الحملقة لا تعرف العشق ( تنازع الكثير من الحسان لشرف استلهام هذه الأغنية ــ سيد ) . الملهمة هي واحدة من مجموعة [ حـِسان ] لا تنازعهنَّ شرفاً لتنال ذلك الجانب المقدس . الصامتة ؛ و الصمت في روح المغني غزلاً أمضى سلاحاً للأغنية نفسها التي وظيفتها الأساسية الاستنطاق . فكان الصمت ( أم عجن ) أي (أصل العجن ) فأم الشيء أصله .
لو كان قليل تبري الشجن
فبرء الشجن ينتمي إلى النمط الثاني للالتفاتة . و لاينتمي إلى مجال الالتفاتة في الجمهرة ، الآن ، التي يصرح بها صاحب الالتفاتة نفسه . فالقليل من النظر ؛ انعدام الالتفات الذي يؤدي إلى الوصف بـ ( العجن ) يزيد الالتفاتة إنعاماً نحو الانقياد لهذا الصامت . فما كان إلا ( نظرة يالسمحة أم عجن ) . الطلب المباشر الذي يأتي و كأن هناك قد كانت تجربة لها تاريخها في :ــ

أعرف صفا الأيام أفيـــــق .
أنظر جمال تلك الوجـــــن .
الحرب و العشق يقترضان اللغة فيما بينهما ( بارت ) . فنجد : الأسر ، و الفتنة ، و النصر ، و الهزيمة ، و السهام. فخارج هذا الاقتراض ؛ نستحضر المغنية ماريا ديبورا التي اعتزلت الغناء و هي في التاسعة عشرة من عمرها بسبب انبهال الدموع الذي يحبس صوتها أثناء الغناء . دموعي اضطرتني أن أعتزل الغناء تقول هذه المغنية . دموع ماريا و دموع عبد الرحمن الريح دموعان لا يتميزان بعضهما من بعض . بل يوحدان طرفين ـ ليسا ضدين ـ داخل العلامة المصاحبة للغناء . الغناء ليس شيئاً سوى دموع الذات العاشق . خارج هذه الدموع لا شيء سوى الملاحم : هدير انتصارات الحرب . إنها هي حرب علاقات رأس المال . العشق يتحرك خارج علاقات رأس المال ؛ خارج التدبير الزواجي

نظرة .. نظرة

• من أغاني عام 1929م

• لحن وغناء عبد الله الماحى .. كما غناها آخرون

• حينما أستمع أو اتذكر اغنية نظرة يعتلى ذهنى تنازع الكثير من الحسان لشرف استلهام هذه الأغنية أما الملهمة الحقيقية فانها أقل الحسان اشارة لذلك وبمثلما أتذكر الاستلهام والملهمات فاننى أتذكر كلمة الكاتب الفرنسى فوليتر ( الشعر موسيقى الألفاظ ) الا ترون ذلك معى ؟

نظرة يا السمحة أم عجن

لو كان قليل تبرى الشجن

أعرف صفا الأيام أفيق

أنظر جمال تلك الوجن
*** ***

دولات صدودك ماوعن

الام وبى اتدرعن

ابكى واصيح متضرعاً

يا ناس دموع عينى ترعاً
*** ***

ارحمونى مارضنى الظعن

أمالى جور لى قاطعن

أحشاي هديل أتقطعن

وبالفرقة نشابك طعن
*** ***

يا منبع النور والفطن

يا الفقتى يعرب والرطن

فى جوفى من حبك قطن

يا جاهلة مليون ألف طن
*** ***

كيف أسلى عينيك والوجن

يالبسمتك نور الدجن

جسمك حرير ناسجة العجن

ناضر وباللون انعجن
*** ***

الضاوية زى خديك من

فى الدنيا يا نور الزمن

أرواح نسائمك لى رمن

نرجس مزج لى مسك اليمن
*** ***

ما احلاك يا الجيدك شدن

يالعمرى فيك ضائع سدىً

انا عندى شوفتك يا اللدن

أحسن من الروح فى البدن
*** ***

يا منبع الذوق آه يا من

حبك غرز فى الجوف كمن

يا غالية قط ما ليك تمن

إن هب او جار الزمن
*** ***

ليك السلام ما ولعن

خديك بالنور يلمعن

وعدد النجوم ما يطلعن

يرضيك وبيك لى يجمعن
لأن الأولى تتبع للعشق ؛ و الثانية لبلاغة الانقسام . ما أودُّه هو هذه الهالة نفسها . قبل مضاهاتها بالعشق أو دخولها في بلاغتها . فهذه (النظرة) تعمل طبيعياً عمل ( الحملقة ) . الحملقة في هذه الحال ليست هي التحديق في الأشياء و الوجوه . الحملقة هنا هي كل تلك الصورة الظلية التي تعشعش في الذاكرة كصورة حية منتقاة . فكانت العملية الأولى في مبتدئها : [ الالتفاتة ــ النظرة ــ الحملقة ] ؛ ثم لاحقاً العملية الثانية [ إظهار المواجع ] . و هو ( إظهار ) يعمل في الكشف عن ظلال تلك الصورة المنتقاة الممغنطة . و لأنها صورة حية لا تنكشف بالتشبيهات و بيان البلاغة ؛ بل تنكشف بتفاصيل أوجاع الجسد : ( ما بيسلم ناظر جمالك ــ سيد في الملكة الكامل جمالك ) . يقول عبيد في أغنية ( جسدي حالك لا تهزلي ) و هي الأغنية التي قدمها عام 1927 بلحن و غناء حسن التوم : ( و لازم مر الشكوى من الهجر و البعد و تدلل المحبوب . و لهذا كانت التوسلات ترسل مع النسايم و توطيد النفس على تحمل الصعاب ) .

في هـذا الأثناء لقد تـمَّ رفع كل ما هو يؤدي لتدبير الجسد في سبيل نصاعة الحملقة ( نصاعة ظلال الصورة الظلية). فالنظرة حاسة من الحواس الخمس أما الحملقة فشيء آخر ، حاسة أخرى . يقول الصوفي ابن الدباغ ( إذا شاهدنا وجهاً حسناً قد تجمعت فيه صفات الكمال اللائقة به أدركنا بقوة أخرى فينا غير حاسة البصر ذات الجمال التي كان الوجه مطلعها ) . هذه القوة الأخرى يطلق عليها ( حاسة النفس ) . الحملقة هي هذه الحاسة .

من مبتدأ العلاقات الفيزيائية لـ( الجسد ) لا تنتمي ( النفس ــ هنا في حاسة النفس ) إلى السيكولوجيا / علم النفس . إنها تتبع في هذه الحال ظاهرة الإدراك . فدخول الالتفاتة هالة الحملقة ، و الحملقة هي من صميم حاسة الإدراك ، يبقى الإدراك في هذه الحال النظام اليومي لمعيشة المعاني (ميرلوـ بونتي) . في هذا النظام اليومي تدخل



رهافة الذات و اكتساب الوجدان العام : هي الصيغة الطبيعية للغناء ؛ أما ما هو غير طبيعي فعكس ذلك . يشير بارت منذ المسيحية تعمقت الرهافة في الذات البشرية . حين وصل اسماعيل حسن العاصمة اندهش من محجوب سراج ( عاد الحبيب المنتظر عوداً حميداً مستطاب ) ؛ فكان اسماعيل حسن يعـتبر الغناء لحبيب عائد مفارق للغناء.

العلامة المصاحبة للغناء ؛ مـاهي ؟ . أصل السؤال يتجه نحو ( العلامة ) و ( الغناء ) و ليس نحو الرمز و الغنائية.
فالعلامة تنبني حركتها داخل التراكم ؛ في هذه الحال ، تراكم الدموع . و من ثم َّ يضيــِّـع هذا التراكم أصله و هـــــو ( التفاتة شاعر الأغنية ) ليبقى تراكماً داخل تجربة من هو يستمع ( المسموع : الصوت / الموسيقى ) . أو في بعض الحالات : من هو يترنم وحيداً بصوت مسموع ( المسموع : بحة صوته / بحة صوتها ) . يأخذ تراكم الدموع هذا ؛ تراثه من المديح ( حصراً على هذه الثقافة / خارج هذه الثقافة على الهايمز عموماً ) . العشق النبوي المتحول إلى العاشق : [ جوهر الدلالة اللغوية ؛ عكس مشهد الشيخ قريب الله حيث لا عكس في هذا الجوهر ] . فالذي يبكي في ساحة المديح يطلقون عليه : هو عِشِق [بكسر العين و الشين ] .
فالغناء مزدوج هنا : استماع / ترنم . في الاستماع ( النص المسموع بكل مشهده الصوتي الموسيقي ) هو الذي يحوّل الاستماع نفسه إلى وسم ( الأثر العيني في الأشياء ) في النفس . هذه النفس معبـّر عنها في الغناء بالجوف .
( ناري حارقة الجوف ) يقول عبد الرحمن الريح في ( يا جميل يا مدلل ـ غناء عوض الجاك ) . فالدموع هنا عند عبد الرحمن الريح ترتبط بمجرد أن يطراه : ( كلما أطراك بالدموع أتبلل ) . فتنتقل ( الدموع ) للعبارة عن كثرتها انتقالاً مزدوجاً : ففي جانب هي كثيرة تهتف ( طرفي لي رؤياك دمعو هلل و كبــّـر ) ، و في جانب آخر هي تقتحم (هلل و كبر ) . فتخوض الدموع المعركة المقدسة ذات التهليل و التكبير ؛ في مقابل ( الرؤية هي المعركة المقدسة)
ففي غاية هذا المعركة المقدسة : ( أهدي ليك الروح و انت بي ما تقبل ) لا لشيء سوى ( عذابي يدوم ) ؛ و كذلك (جفاني النوم ) و ( أكون مظلوم ) و ( تحن يا ظلوم ) و ( يزيد كل يوم ) أما هالة هذا التقديس فهو ( علوت نجوم).
العلو الذي يبرر كل هذه الحرب المقدسة التي تستبطن درجة من درجات التواصل في نفي الحرب ( يا حلو النغمات) التي تجعله في موقع المتكلم الذي يسمع كمخاطب و لكن هيهات هذه النغمات . ما أضافة عبد الرحمن الريح لتراثه الغنائي هذه : ( قداسة الدموع ) هنا . فتتحول العلامة المصاحبة للغناء من كثرة الدموع ( في سيل دموعك عايمة عوم ) إلى قداسة الدموع نفسها ( طرفي لي رؤياك هلل و كبر ) .
تـُـحوِّل ممانعة (الملهمـة) الالتفاتة كلها إلى قصة صد : ( دولات صدودك ما رعن ) ؛ تصل آلامها و أوجاعها فيتقمص المغني عمل العاشق بحكم خبرة المغني في الجوهر ؛ الجوهر اللغوي الدلالي : ( آلام و بي ادَّرعن ) . الدموع عند العاشق لا تقال ، لأن [ الدموع ] لا تستأذن هذا العاشق/هذه العاشق ( عبارة عاشق محايدة : هو عاشق / هي عاشق ) . فانعدام الاستئذان ، في هذه الحال ، إشارة قوية في أنَّ الدموع عند العاشق علامات لحقيقة الموقف ( أي موقف المشاعر في تلك اللحظة العابرة نفسها ، لحظة خرم الخطاب و سيلانه خارج الكلام بوساطة الدموع ) . فعند خرم الخطاب تنحني الرؤوس حتى تعبر هذه العاصفة الحقيقية . و حين يفترقان ، و يختلي العاشق وحده ينسى الدموع . عندنا الآن ميزتان : ( انعدام استئذان الدموع ) و ( نسيان الدموع ) ؛ فبدون الميزة الأولى ( ميزة الانعدام) لا يراكم العشق أصالة عشق . و بدون الميزة الثانية ( النسيان ) لا يستطيع العشق أن يستمر . فالدموع عند العاشق هنَّ السر الذي لا يباح إلاّ سراً لهذا الآخـــر حين يرى الذات تـُبهَـل الدموع بهلاً .

المغني من جهته يؤكـد الدموع و يصر على استمرارها :
( أبكي و أصيح متضرعاً ياناس دموع عيني ترَّعن ) .
التأكيد الذي يعلنه للناس . العشق شيء لا يفشيه العاشق للناس . إذا انفتق العشق ؛ إذا انفتقت بنيــة العشق : فـ( لمن ) تشكو هذه البنية ؟ . المغني يعلن الفتـــق للناس ؛ العاشق يكتم الفتـق و يأخذ الأمور بفروقها . لمـــــاذا ؟ لأن أساس العشق هو الرغبة ؛ و أساس المغني هو الوجدان العام . لا حظ ( راحموني ) في :
( راحموني ما رضني الظعن آمالي جور لي قاطعن )

الرغبة تضاد الوجدان العام في بعض الأحيان و ليس ضرورة أن تصبح أيقونة له . المغني أيقونة هذا الوجدان العام يفتحه على مصراعيه . و قمة نجاح هذا الانفتاح هو الاتجاه نحو كل علاقات البكاء :

الليلة ليك كم ليل و يوم
ولهانه سهرانه النجوم
في سيل دموعك عايمه عوم
لا شايفه زول لا لاقيه نوم
يا عيوني إيه الكان هداك تشابي لي شوفت الملاك
سببتِ لي يا عيوني نوح
و هديتي لي قلبي الجروح
هزيتي جسمي أذيتي روح
و بعدتِ بي عن النصوح
وقعتِ في شبك الشباك و احترتَ كيف أعمل معاك

طالما كانت مدارك الالتفاتة كلها هي ( العين و الشوف ) ، فإن هذه المدارك هي المدارك التي تتهيب الجسد : (أ)الجسد جسداً . (ب) متعلقات الجسد ( في الصوت و في النطق بالاسم و في فيتشات الجسم ) . و في هذا التهيب تنقسم ( النظرة ) نظرة المدارك . النظرة المؤذية للجسم . و هي التي تجعله مبتعداً عن النصوح و وافر صحته و أن يعوم مهيضاً في سيلان دموعه . يبدأ في كل هذه الحال ديالوج الانقسام : الجسم ( يشكو اعتلال القلب و الروح و البكاء و النواح و الدموع ) لــ ( العين ) سبب كل هذا الأذى و مصدر الالتفاتة . فكان الانقسام في ( وقعتِ ) مخاطباً العين ، و ( احترتَ ) متكلماً الجسم عن نفسه . ما بين الوقوع و الحيرة لا تبقى الالتفاتة التفاتةً ؛ بل مأزقاً يعمـِّـق من لواحق النمط الثاني في الالتفاتة ( التأوه و الألم و إظهار المواجع ) . و ذلك حين تستفهم مصادر لواحق الالتفاتة مصدر الالتفاتة نفسه . و ظيفة هذا الانقسام يريد أن يعكس سلوى هذا الوجدان العام ؛ يريد أن يقول من الطبيعي للعين أن تلتفت للجمال و من الطبيعي للجسم أن ينال من الأذى ما ينال . فضريبة الجسم لهذا الجمال تأكيد في رؤية الجمال . [ إنه مصدر الوجدان : في انقسام: العين / الجسم ] .

يبقى من الآن فصاعداً ؛ تفاصيل لواحق النمط الثاني في الالتفاتة ( التأوه و الألم و إظهار المواجع ) و الدموع
و تصوير (الملهمة) لهذه الالتفاتة في إطارها الكلاسيكي في كونها النائمة الساهية الجاهلة بكل هذا الأذى و فوق ذلك ( أصدق كفانا مطول ) كما عند سيد في قائد الأسطول ؛ و ( صبري ضاع و اتقسم ) كما عند عبيد في لحن عوض و إبراهيم شمبات ؛ كل ذلك يبقى مبرراً لـ ( مصدر الوجدان ) . المصدر المنقسم ما بين العين و الجسم حين يشكو الجسم العين ؛ او ما بين القلب و الجسم حين يشكو الجسم القلب . كل الأغاني تنبع من هـالة هذا الانقسام . فليس بعيداً أن نطلق على الأغنية : دمعةً أو زفرةً أو ألماً يهز الجسم .

يقول سيد عبد العزيز ( هذه الأغنية ــ أباكي الطير و أرجع أفاكر ــ من بواكير دمعاتي فقد قيلت عام 1927 ) . الدموع في أيقونة النظرة تتبع للجسم لا للعين . فهنَّ من مظاهر شكوى الجسم للعين مصدراً للنظر . لنحاول الآن في داخل هالة هذا الانقسام [ العين / الجسم ] أن نرى من قرب هذه ( النظرة ) . و هي النظرة التي لا تتبع لهذه العبارة ( حب من أول نظرة ) ؛ كما و أنها لا تتبع أيضاً لهذا التقديس و القدر الكبير في قول سيد في نظرة يالسمحة أم عجن :
( أنا عندي شوفتك يااللدن أفضل من الروح و البدن ) .
حيران في الحب أنا اعشق مين
اميل شمال ام اميل
أصبحت حائر بين اتنين
بين اخضر ساحر العينين
وبين اسمر خاطف لونين
أقول اهوا دا واترك دا
ضميري يقول لي برضو كدا
ما دمت تميل طاوعني وميل
على كل جميل جمال طبيعي
وطبعو رزين .........
آآآآآآآه كل واحد ليهو لون
وليهو في الاسحار فنون
واحد يسحر بالعيون
وواحد يجذب الخدود
في قلبي الهوي لعب ادوار
اعاين هنا اشوف انوار
وانظر هنا اجد نوار
الدنيا ورود باسمة وازهار
جمال مرآها يسر العين
يا الملكة الكامل جمالك
شايلة النوم من عيني مالك

مقسم بالحسن النمالك
والصدر البرنعه مالك
ما بيسلم ناظر جمالك
يا الدولة البعجب كمالك

ما البدر الظاهر انجلالك
في جبينك وحاجبك هلالك
يا الصيدة الواديك ظلالك
الهلك العالم دلالك

قامتك لينة وعودها سالك
ومن ردفك دام اكتسالك
ربك بي ثوب نور كسالك
وما منظور في الحور مثالك

حسن الكون كله انحصالك
وبخلاصة العفة انفصالك
ما لاموا اللوام خصالك
يا القمرة البصعب وصالك

حالي البي ما اظن في غبالك
من هجري وعقلي انسبالك
لي قلبا طايع صبا لك
وفوق أحشائي تلعب نبالك

يا الفاكهة القلبي اشتهالك
كم عازل وعاشق سها لك
وما شافوا الحسن الزهالك
بس تعبوا ولاقوا المهالك

كل انسان لمحك هوالك
وصار يشتاق شوفة زوالك
ما طايلين شئ من نوالك
فالعشاق لا شك هوالك

تيهي دلال وابدي البد لك
يا الهيفا السمح انهدالك
لي قلبا ما اختار بدالك
ولي روح إن راحت فدالك

بدر الكون لو كان وفالك
وشاف نورك خجل انطفأ لك
وما الكفل العالي وكفالك
يا الحفلة الفطرة احتفالك

في الوجن الدربه حالك
يعرب عن آيات بخالك
والشافك يا ملاك بخال
سمعنى نشيدك
(( الشاعر / محمد علي عبدالله ))
----------------
أسمعنى نشيدك
ورينى كمان فى الفن تجديدك
يا حمام الدوح
أسالنى أفيدك
عن حالى البى وأحسبنى شهيدك
ولهى ما بفيدك
أبقالى رسول أو خذنى فى أيدك
أترك تهديدك
أسمعنى درر وواظب ترديدك
وين القى نديدك
يا جالى الهم زيد شجوى وأزيدك
عقب تغريدك
يا ساجع الدوح خلينى أريدك
وأًلا ليه بريدك
وألأ بس روحى يا حمام فى وريدك
لا تخش هجيرك
سافر يا حمام مولاك يجيرك
سارع فى سيرك
لو لى جناح أنا كنت وزيرك
رحماك فى صعيدك
أندب حظى وأدنى لى بعيدك
يوم عيدى وعيدك
يوم الأيام لديارى تعيدك *** *** ***
ملطووووش ...الشلوخ في حقبة الحقيبة .. ونماذج من شعر أبوصلاح ‌‎

في (الدلال والغرام عيوني)
ليلي اذا جنّ زاد جنوني
وشوقي للمجلى حاجبه نوني
الشلوخ حركن فنوني
والعيون بالغرويد فنوني

والشلوخ تستخدم كعلامة في الخدود تضيف نوع من الجمال في الحقبة الماضية أما الفصود فهي اصغر من الشلوخ ويسميها البعض درب الطير أو النقرابى وغالبا ما تكون لميزه جمالية ،
أما الوسم فهو علامة ترسم في الخد ورمز بها أبوصلاح لجمال الخدود في الكثير من قصائده كما قال :

في ( فريع البانه المن نسمه )
نار قلبـــي بتوقـــد من وسمه
تلمع فـي خديــده تفـر بسمه
الفــم زى خاتــم نص قسمه
يا الماك داريابى الغى قسمه

وفي (شوف العين قالت دا لالا) قال
يا ام شـــلاخ تعـــــــب الرجالا
فيـــــك خدين نايــــــرات خجالا
وعين هلكت فرســـــــان مجالا

وأيضاً : في (الفريد اللي الريد قسيم)
هاك وصفـــو وخلّى الاسم
سندس أخضر لون الجسم
في خديـــدو يلالى الوسم
والكون ينـــور حين يبتسم

وعملية التشليخ تقوم بها البصيره أو المزينه أو بعض المتخصصين وتجرى دائما في سن مبكرة دون الخامسة عشر حتى يمتلئ الوجه وتكتنز الخدود لتسهل عملية رسم الشلخ بشكل جمالي ناضخ حسب مقاييس الجمال في تلك الحقبة .
وايضا وصفها ابوصلاح في قصيدته (يا بليبلة)
مصقـــوله نايره في لموعه
وزي جدله لينه في الموعه
شلاخـــها عشره مجموعه
قدر هجـري بحبسو دموعه

وفي قصيدته (يا حمام ورق الخدور)
الشلـــــــوخ باقيات نهور
والرشيمـــــــات كالزهور
كالجــــــدل لينه الضهور
ونازله فــي دروع المهور

وفي قصيدته (ياحمام)
الخدود بي نورها ناضحالي
والشلــوخ كحيله واضحالي
والعيــــــون أزمنه جارحالي
ماشفيت لي وقتنا الحالي

وفي قصيدته (الطيور غردت ثميله)
رئيت رشوم في خدود اسيله
ورئيت درر بين ثمار عسيله
تجدني ازري الدموع اسيلا

وفي قصيدته (ازاي الحالي تكسيرا)
الشلوخ يجهرني تبحيره
رشيمك يروى في بحيره
الجديه العينــــه سحيره
سبتني وصرت في حيره

وفي (ليالي العيد)
شليخك فوق نور خدك خال
مع الطرف المكحول والخال
فدع ضهـــــرك عرجون انخال
شبك شعرك فوق الخلخال

وفي (بدور القعه)
الرشيــم والرشمـة الخضرا
زي فريـــــع في موية منضرا
هل خليلي نسـى أم لي طــرا
يا ام شلوخــــاً عشره مسطرا

وفي (سبعه زينة الدنيا وسعوده)
تطرق للعوارض وهي أيضاً نوع من أنواع الشلوخ
العوارض معرض خدوده
والضفيره الدرعين حدوده
والبريق الفي العتمه دوده
نور سناها ولمعة خدوده

وفي ( مالها كواكب السما لامعين)
عقلي وداخل الجوف حارقين
هم الخــــــــــــدين الرايقين
والشــــــــــلاخ البيك لايقين
حرقن جوفـــــي واعلم يقين
هم كاتلنــــي ولي شايقين

فالشلوخ كانت عادة جمالية تميز كل قبيلة عن الأخرى وهذه القبائل لم تختلط بالعرب في ذلك الوقت عرقيآ أو ثقافيآ مما يدل على أن مفهومها القبلي كان سودانيآ خالصآ أيضآ وإكتسب العرب الشكل والدلالة مع تطوير الرسومات لتضيف علامة جمالية كانت مصدر عشق والهام لشعراء الحقيبة في تلك الحقبة تغنو بجمالها وابدعو في وصفها واصبحت الآن من علامات الخجل للجيل الجديد كانت السودان حكاية
صالح عبد السيد

الدلال والغرام عيوني
ياهنده جافو المنام عيوني

قال لي عياك زي مرض جفوني
قت ليهو عقلي وذكاي نفوني
القلب قال اذا جفوني
والنهود برزن ارجفوني

ليلي إذ جن زاد جنوني
وشوقي لي المجلي حاجبه نوني
الشلوخ حركن فنوني
والعيون بالغرويد فنوني

العيون خلقه اتلفوني
في الهوى عترت مالفوني
شوقي واسقامي والفوني
صحتي ونومي خالفوني

قلت ألحاظه قابلوني
وظلما أسهامه ينبلوني
قالت لي ارداف تقال بلوني.
والسنون تضوي قالبه لوني.

الخديد قال لي أروي لوني
واروي شلاخه كيف جلوني
قت له أنوارك أوجلوني
كيف أرويهن اخجلوني

الضمير قال لي أخبروني
الصدر والرداف بروني
بالتقل كادو يبتروني
وديسه حاجبني مابتروني

أربعه الفي هواك دعوني
الخدود سقما اودعوني
ولحظك أسهامه جادعوني
مهجتي وعقلي ودعوني

فاطره بقول لي فسروني
يا كرام درا انثروني
أما شلاخه اسروني
ديمه ف و ٩ يأسروني

ساقه قال كيف يحسبوني
و لي حجر مرمر ينسبوني
القديمات تبر سبوني
بالجمال قطعا يكسبوني
صبرك مرة واحدة يا ضابط السجن

أمر الرئيس نميرى بأعتقال مجموعة من الناضلين الأحرار بما يسمى معتقلى حركة يوليو 71 .وايداعهم فى سجن الأبيض، وبعد خمسة أشهر سمح لذويهم بالزيارة وحدد لها ميقاتاً من الساعة التاسعة صباحاً حتى الساعة والواحدة ظهراً .
حضرت فتاة حسناء فى مقتبل العمر لزيارة أحد المساجين وطلبت من الضابط السماح لها بزيارة النزيل محمد حامد آدم فرفض لها الضابط المناوب بحجة إن وقت الزيارة إنتهى فألحت عليه بالطلب وزرفت الدموع سخينة ولكنه رفض رفضاً باتاً فرجعت مكسورة الخاطر مغلوبة الحيلة.
سمع النزيل الشاعر محمد حامد آدم بزيارة حبيبته له ورفض ضابط السجن السماح لها بالزيارة فذهب الى الضابط النبطشى وطلب منه ورقة وقلم وكتب..
صبرك لحظة واحدة ..يا ضابط السجن
أتزود بنظرة..وأرجع أنسجن

خمسة شهور طويلة .. مرت ليلة ليلة
ودمعة شوق هميلة ..ورا الدمعة الهميلة

تسرح شايلة حالى..وتكتب في مثيله
قصة وردة جفت ..من فرق الخميله

يشلع نور بسيمه.. زى نور الوجن
يحكى دوام فرايحو..دا الما فيه ظن

بتحكى حنين مغرد... بلبل شاف عشيشو
وراح ولهان يردد..شوق الطير لريشو

وشوق للنادى خدو ..لى البجرح رميشو
لجهلا يعذب ..صدو يحلى طيفو

طيب نفسو طيبة... فرحان بى شبابو
كامل حسنو هيبة..والأنظار تهابو

دا لين نى صغير..زى الزهرة دابو
وبى بلور أصابعو..يتصفح كتابو
ما تسمح أشوفو ..يا ضابط السجن

تسلقت القصيدة جدران السجن ووصلت للفنان عبد الرحمن عبد الله فأعمل فيها ريشته الرائعة وصدح بها فى ربوع كردفان فانتشرت وانتشرت قصتها ونالت الإعجاب والإستحسان ثم رحل بها الى العاصمة فكانت من ضمن ما شدى به وأطرب ..
جمالا. الاصلو مالاقاني في وش فرد
شلا حواسي. واقع في الكببد هرد
وقت لاقيـتا تنثر في العبير كالورد
نملتـا. وخدرتـا وجاتني موجة برد
قلبــي بتــطوي مــرة ومرة مرة تشري
ســـالبة افـراحو لي اوجاعو كدي بتدري
ساعـــة تابـــي تَفرحـِــي يالمكملة ضري
ارفــعي حاجــبك الايمـن شــوية وصري
الفرح اصلو ماخــد بسمـتك كاسيـبا
فيكي هدية لي بر الامان راسيبا
جيتـك ليـا وجع ازماني متناسيبا
بي تهتمي حاجة مقدرة وحاسيبا