إسلامنا

بسم الله الرحمن الرحيم
ملخص #الدرس_الرابع من الدورة الأولى في:
🎬 #مبادئ_واصول_الوعي_السياسي 101
💫 تحت عنوان: عوامل تقوية الوعي السياسيّ.. متابعة الفاعلين في صناعة الواقع السياسي
✍️ للمفكر والكاتب التربوي: السيد عباس نورالدين

يمكن تقسيم الناشطين في المجال السياسي إلى فئتين أساسيتين:
1- الفئة الأولى: الفاعلة
2- والفئة الثانية: المنفعلة.
أما الفاعل فهو الذي يمتلك هدفًا ويسعى لتحقيقه.
وأمّا المنفعل فهو ذاك الذي ينفعل تجاه فاعلية الأول، فهو لا يملك هدفًا، وإن كان يمتلك رغبات أو طموحات أو أماني ووضعها في قالب الأهداف، فإنّه لا يسعى لتحقيقها بل يكون منفعلًا وشهوانيًا وغضوبًا، بكل ما تعنيه هذه الكلمات من معنى.
بالطبع، هناك فئة ثالثة لا تدخل ضمن النشاط السياسي، وهي الفئة التي ارتضت لنفسها أن تكون منقادة ومنساقة وغافلة وغير مكترثة.
الشهوة في العالم السياسي تتجلّى بالسعي الحثيث نحو الرئاسة والمكتسبات والشهرة.
يُقال أنّ السياسات الكبرى للقوى العظمى هي سياسات هادفة واستراتيجية، ويُقال لنا أحيانًا كثيرة أنّ هذه القوى لديها مخططات لمئات السنين وأنّها تعمل بالنفس الطويل؛ لكن في واقع الأمر، وكما أثبتت أحداث العالم، إنّ هذه القوى إنّما تتحرّك بصورة إنفعالية وتسيطر عليها هذه الحالة، فأحيانًا يحركها الغضب الذي يتجلى بالعصبية، والعدوانية، والحقد وأمثال ذلك وهذه أيضًا عوامل مؤثّرة جدًّا في النشاط السياسي كما ستلاحظون يومًا بعد يوم.
الانفعال يخرج الإنسان عن الهدفية وبخروج الإنسان عن الهدفية يفقد الرؤية الواضحة للسياسة، وحين يتخذّ المواقف أو يطلق تصريحات معينة فإنّنا لا نستطيع أن نستفيد منها ما ينبغي أن نستفيده على مستوى الوعي السياسي.
الفئة التي تهمنا هي الفئة الفاعلة التي تنطلق من أهداف كبيرة واستراتيجية، ومن رؤى وأطروحات تعمل على تطبيقها، لأنّها فاعلة لا مجرّد منظّرة، أي إنّها تمتلك أدوات وطاقات وإمكانات تستعملها في مجال الوصول إلى تلك الأهداف. فهذه الفئة يمكن أن تكون بعملها وأدائها صانعةً للواقع السياسي؛ و حين تتحرّك نحو تلك الأهداف، فسوف تمتلك الوعي السياسي وتكتشف القوانين والسنن الحاكمة على حياة البشر والمجتمعات والتاريخ. وهذه الاكتشافات هي أهم ما يميّز تصريحاتها ومواقفها، فنجدها عابقة بهذا الوعي وهذا العمق وهذه البصيرة. لذلك أعتقد أنّ مواكبة ومتابعة هذه الفئة في مواقفها وتصريحاتها وفي دروسها وشروحاتها هذه، يعطينا وعيًا سياسيًا مميزًا.
وعلى رأس هؤلاء يقف صاحب المشروع الحضاري الكبير وهو الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظلّه)، الذي أعلن عنه مرارًا وأوضحه تكرارًا. وهدفه في هذا المشروع هو بناء حضارة إسلامية جديدة؛ لذا من المهم أن نتعرّف إلى مشروعه لأنّه الشخص الأول في العالم الذي يمتلك مثل هذه الأطروحة الكونية، حيث حدد كيف ينبغي أن يكون مستقبل العالم، وأوضح كيف يمكن الوصول إلى هذا المستقبل المشرق الذي ينسجم مع الوعد الالهي، واعتبر أنّ هذا المشروع يمرّ بمراحل أساسية، وقد تعرّضت لهذه المراحل بالتفصيل في كتاب تحت عنوان "الخامنئي القائد". فأنا اعتبر أنّ متابعة تصريحات الإمام السيد علي الخامنئي وخطبه على مدى سنة من الزمن، كفيلة بأن ترفع من منسوب وعينا السياسي بدرجة كبيرة جدًا.
بالتأكيد يوجد أشخاص مهمون على مستوى مواكبة هذا القائد، سواء من ناحية العمل أو من ناحية التحليل والوعي والبصيرة، هؤلاء كلهم يمكن أن نستفيد منهم كأشخاص مؤثرين للغاية في هذا المجال، ولديهم حراك سياسي نشط وفاعل جدًا في منطقتنا.
إنّ فهمنا لهذا المشروع الحضاري الكبير هو عمدة أساسية لبناء وعينا السياسي. وقد قيل أنّ أفضل طريقةٍ لفهم المستقبل هي المشاركة في صناعته. وحين نتعرّف إلى الصانعين الحقيقيين للمستقبل فسوف نمشي على طريق الوعي السياسي الذي يزداد يومًا بعد يوم حتى يصل بنا إلى مرحلة الاستشراف التام.
إنّ استشراف المستقبل ليس من الأمور الصعبة، ويمكن إدراجه كعلمٍ مستقل، وإن لم يطرح في الجامعات ولا في الحوزات؛ إلا أنّ معرفة المستقبل هي معرفة متاحة للإنسان، فحين سُئل أمير المؤمنين (ع) عن كيفية معرفته بالملاحم والفتن التي ستقع، كما هو مشهور في هذه الكلمة التي تشير إلى مستقبل العالم، قال: إنّه ليس بالغيب، لأنّ هذا السائل كان يظن أنّه من الغيب الذي لا يعلمه أحد، فأجابه أمير المؤمنين (ع): "بل إنّه علم علمنيه رسول الله (ص)" أي إنّ هذا علمٌ يتعلّمه الإنسان، ولو أنّ المسلمين لحقوا بأمير المؤمنين وطلبوا علمه لعلّمهم هذا العلم. لكن للأسف الشديد أعرض المسلمون عن علم باب رسول الله (ص) ولم يطلبوا منه أن يعلّمهم والذين كانوا يطلبون علمه كانوا يطلبون الغريب من العلم يعني لأجل تسخير الدنيا.

630 viewsedited 11:49