أيوب الجهني
12.8K subscribers
106 photos
12 videos
4 files
40 links
#نفثة شاعر مصدور.
.
@ayuob00
Download Telegram
Forwarded from عمار الشهري
#نفثة

صبرتُ على النوى صبرًا جميلا
فأعْقَبني النوى حزنًا طويلا

ركبتُ من المُنى صعبًا ذَلُولًا
فعُدتُّ مِن النوى نِضْوًا ذليلا

كأني لا أرى الآمالَ صَرْعى
مُجَدَّلةً وقد أَعْيَتْ وُصولا

أرى الآمالَ تُكرم طالِبِيها
وآمالي أذاقتني الوبيلا

كأنّ اليأسَ صَحَّفها فصارتْ
ليَ الآمالُ آلامًا نُكُولا

١٤٤٤/٦/١٠ ـ
#نفثة

يا مُنْيَةً تَتجدَّدْ = ويا جوًى ليس يَنفَدْ
ويا هوًى كلّما قلـ = ـتُ: قد فنَى، يَتولّدْ
ويا حديثَ فؤادي = إذا خلوتُ تردَّدْ
ويا مكذّبَ عزمي =إن رمْتُ أنْ أتجلّدْ
ويا مخرّقَ وهمي = بأنْ سلوتُ فيشهدْ
الحُسْنُ فيك جميعٌ = وأنت في الحُسْنِ مفرَدْ
فكلُّ حسْنٍ أرى فيـ = ـهِ مُتَّكًا لك مُعْتَدْ
لكنما الحسن بلوى = لكل صَبٍّ مُقصّدْ
إذ يترك الكَبْدَ حَرَّى = ويترك العينَ تَسْهَدْ
والنومَ يَقْصُر عني = وليلتي تتمدّدْ

ـ ١٤٤٤/٦/١٤
#فائدة

مما هو جارٍ على ألسنة العلماء المتقدِّمين تسميتهم الجمهورَ وعمومَ العلماء: (عامَّةً وعوامَّ). كقول سيبويه: (الرفع فيه وجه الكلام. ‌‌وهو قول ‌العامة)، وكقوله: (ولا مستحسنة عند ‌العامة). أي: جمهور العرب. وكقول الفراء: ({يوم ‌التنادِ} قرأها العوام على ‌التناد بالتخفيف). يعني جمهور القُرَّاء. وكقول الشافعي: (عامًّا عند أهل الإسلام ينقله ‌عَوَامُّهم عن من مضى من ‌عوامهم)، أي: جمهورهم عن جمهورهم.
فيظنُّ من عَزَب فَهمه عن لغة العلم وأهله أنهم يعنون العامة الذين هم خلاف الخاصة من الجهلَة وغير أهل العلم. حتى إنَّ "باحثًا" خطَّأ سيبويه لقولِه: (ولكن أبَتِ العامَّةُ إلا القراءة بالرفع)، يعني في القراءة المتواترة: {والسارقُ والسارقة}. فقال الباحث العَجِلُ غيرُ الفَهِمِ: (كيف يُنكرها سيبويه وينسُبها للعامة وقد اتفق العشرة عليها؟).

وأكثَرُ ما يَدْخُل الفسادُ من ناحيته حَمْلُ كلام المتقدِّمين على ما استقرَّ عليه كلام المتأخرين، فكم من كلمةٍ تبدَّلت دلالتها وتغيَّرت!
#فائدة

ما من علم ولا فَنٍّ إلا وتمام أمره قائم على أمرين: الملَكَةِ، والاكتساب.

والملَكَةُ شيء مغروس في الإنسان راسخ في غريزته به يكون قابلًا لِأنْ يستقر العلم أو الفن في نفسه.
والأصل ألَّا يدَ للإنسان في تحصيل الملكة، فهي كالصوت الحسَن يولد مع الإنسان ولا يُحصِّلهُ من عَدَم. لكنها قد تكون خافيةً على صاحبها، مطمورةً في نفسه، ولو جرب المرء نفسه في العلم الذي يروم، وشَامَّ الفن الذي يطلب، فعسى أن تظهر له من مكمنها.

والاكتساب يكون بتحصيل قواعد العلم، حفظًا ودرايةً، وبحثًا ونظرًا، حتى تكون مسائل العلم منطبعة في نفسه. وهذا لا يكون إلا ببذل الوقت والجهد، وطول الملازمة للعلم وأهله.
أما الذي يُشامُّ العلم مُشَامَّة الذئبِ الغنمَ، ويأخذ منه أخْذَ المتفكِّهِ المجرّب، ويُعطيه فضلة فِكْره ووقته= فليس له من العلم إلا قشوره، ولو تربَّع على كرسيه وتُحُلِّقَ حوله وقيل له: يا شيخنا.


والذي يحصّل العلمَ بالاكتساب وحده ولم تكن له ملَكَتُه، خيرٌ ممن له فيه مَلَكة ثم لا يعوِّل إلا عليها ويَدع الاكتساب.
فهذا خير مبلِّغ للعلم، يؤديه كما تلقَّاه، ولعله يُودِعُه أذنًا واعيةً، وقلبًا حاضرًا فيكون خير سبب للمنفعة. ورُب مبلَّغٍ أوعى من سامع، وحاملِ فقهٍ إلى مَن هو أفقه منه.

والمعوِّلُ على الملَكة وحدَها منقوصٌ ولا بُدَّ، فلو أنَّ امرءًا وجَد من نفسه قدرةً على نظم الشعر وأن له مَلَكَةً فيه، ثم شرَع في نظمه لا يَلوي على عِلم يكتسبه يقوِّم له ما اعوجّ من وزن أو بنية أو تركيب أو معنى= فما أحسَن لنفسه ولا لشِعره. وإن رأيته أجاد في بعض ما قاله فإنه لن يعْدوَ محلَّه الذي هو فيه ما لم يرفعه الاكتسابُ.
أما إذا تزوَّد زادًا من علوم العربية وفيرًا، وأدمن النظر في الأشعار وحِفْظها= عاد ذلك على شعره بالنماء والزيادة.

ومثله المرء وهَبه الله صوتًا حسَنًا فيُحسن في بَدْءِ أمره مما لا يعجِز عنه كل ذي صوت حسن، حتى إذا رام الترقي والتفنن وسلوكَ مسلك أهل البراعة في الأداء والتغني، خرج إلى ما لا يحسن ووقع فيما فرَّ منه، وما أوقعه إلا عدم تزوّده بما يقوّم نغَمَاته ويسدِّد حركاتِه وسكَناتِه.

وضدُّ ذلك مثلُه مَنْقَصَةً.
فلو أنَّ امرءًا تعلَّم العَروض وأحكمَه إحكامَ الخليل، لكنه لم يُوهَبْ في ذلك ملَكَة، فلو نظم على الستة عشرَ بحرًا لم يخرج نظمه إلا جثة هامدة لا روح فيها، وصورة باهتة لا لون لها.

هذا في أمر الفن، وأمر العلم أعلى وأجل.

والمَلَكَةُ مع الاكتساب بهما يستحق أن يُنسب المرء إلى العلم، فلا يقال: نحوي، مفسر، فقيه. إلا لمن تحققتا فيه معًا.
وبهما يكون المرء قادرًا على رد شبهات العلم، وسد ثغَراته، والتجديد في فروعه، والنهوض في نوازله.
أما المنفرد بالملَكة، والمنفرد بالاكتساب، فليس لهما من ذلك شيء.

فلو أن امرءًا نظر في علم النحو وأحكم أبوابه وحفظها وفهمها، ثم لم يجاوز ذلك. فلا يقال له حين إذٍ: نحوي، وإن سئل عما عرف من أحكام وأجاب، لأن علمَه لا يجاوز ما حفظه وعرفه. فلو أنه سئل عن نازلة ليس لها في محفوظه ومعلومه ذكرٌ بَلَّحَ وأَعْيا، ولو اجتهد لقالَ بُطْلًا، وفالَ رأيًا.

ومن أدام النظر في مسائل العلم ولازَمَه وزاوَله وأفنى أوقاته فيه، وصحب المُطَوَّلات تفتيشًا وبحثًا، وأهل العلم أخذًا ورَدًّا= قام له ذلك -غالبًا- مقام الملَكَة إن لم يكن من أهلها ابتداءًا.

والناس تتفاوت مَلَكاتُهم، فمنهم من يكفيه قليل التحصيل، فيظهر أثرُها بأدنى قراءة وأقل محفوظ، فيبلغ ما لا يبلغه بعضهم بالنظر الطويل.
ومنهم من يَكُدُّ ذهنه، ويُكِلُّ فِكْرَهُ، ويُنفق لياليَه، فلا يحصّل مما يؤمّل إلا بعضه.
{ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء}. "والذي يقرؤه ويَتتعتع فيه وهو عليه شاقٌّ فله أجران".

والأصل في العلم، وفي الترقي في كل شأن، والنبوغ في كل فن= المشقَّة. فلا يخدعنَّك زيف الأغرار غيرِ المجرِّبين.

فمن هنا يُرى من بعضم بُعْدُ ما بين العلم الذي معه وأثره الظاهر عليه. ففي علم العربية -مثلًا- ترى من هو محكم لمسائله إذا بُوحِثَ فيها ونُوظِرَ، قادر على بسطها وشرحها، حسن التفهيم لها والتعليم، ثم أنت لا ترى من ذلك العلم على بيانه في قلمه أو لسانه كبيرَ أثرٍ، وما ذاك إلا لفِقدانه ملكَةً من ملَكات هذا الباب، وهي ملكة البيان خاصة. ولعلَّه وُهب من ملَكات هذا العلم غير ذلك.
أو يُرى من وُهب لسانًا حُلْوًا، وبيانًا رفيعًا، وليس معه من علم البيان شيءٌ مذكورٌ، فلعله وُهب ملكَةَ البيان وحُرِم غيرَها.
مع أنهما نظرا في علم واحد، لكن فرّقت بينهما المَلَكات. {يُسقى بماء واحد ونفضّل بعضها على بعض في الأُكُل}.

والله أعلم.
#نفثة

لن تنتهي ما عشتَ من حاجاتِها
تَفْنى، وما أَفْنيتَ من طَمَعاتِها

تِلْقامَةٌ غَرْثى، ولا تَرضى وإنْ
ألقيتَ ما ألقيتَ في لَهَواتِها

ولو امتطيتَ الريحَ في إرضائها
أَعْيَتْ ولم تَبلغْ مدى غاياتِها

يَكفيك من سَوْءاتِها أنَّ الفتى
إنْ صار عبدًا عُدَّ من حسناتِها

شَقِيَ امرؤٌ يسعى لِيَطْلبَ صَفْوَها
أنَّى وقد جُبِلَتْ على كَدَراتِها؟

فإذا أَرَدتَّ سلامةً وغنيمةً
فاقبَلْ لياليَها على عِلَّاتِها

ولِعَيْنِ عَيشِكَ -فارْتَقِبْها- غَفْلةٌ
فانهَبْ لنفسِكَ مِن يدَي غَفَلاتِها

فلقد أظلَّتْنا ليالٍ لن نرى
مما مضى فيها سوى ذِكَرَاتِها

ـ ١٤٤٤/٦/٢١
#فائدة

من كلام العرب الدارس قولهم: (مِمَّا) بمعنى (ربّما).
في البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: (كان رسول الله ﷺ يعالج من التنزيل شدة، وكان مما يحرك شفتيه). أي: ربما يحركهما.

ولأبي حيّة النميري:
وإنا لَمِمَّا نضرب الكبشَ ضربةً
على رأسه تلقي اللسان من الفمِ
وقال آخر:
وإني لَمِمَّا أُصْدِر الأمرَ وجهَهُ
إذا هو أعيا بالسبيل مصادرُهْ
وقال النابغة:
فحلفتُ يا زرع بن عمرو إنني
مما يشق على العدوِّ ضراري

وفي كلام لأبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- يصف البقرة: (إذا صغر رأسها ودقّ قرنها واتسع جلدها، فإنها مِمّا تكون كريمة).
وفي كلام لوهب بن منبه: (إن الحمار ممّا يتذكر آرِيَّهُ [مربطه] الذي شبع عليه فيراجعه، وإن الثور ممّا يتذكر مَرْجَه فيَنْتابُه، وإن البعير ممّا يتذكر وطنه فينزع إليه).

واستعمل هذا سيبويه في الكتاب كثيرًا، كقوله: (اعلم أنهم مما يحذفون الكَلِم). وقوله: (اعلم أنهم مما يغيرون من الحروف الأعجمية)، وقوله: (لأنهم مما يغيرون في الأكثر من كلامهم)، وقوله: (لأنهم مما يستغنون بالشيء عن الشيء). وقوله: (فإنهم مما يغيرونه عن حاله).
#فائدة

سألتني -أقالك الله من العثرة، ووقى لك عزمك من الفترة- عمّا يحملك على الإقبال بعد الصدود، والشِرَّة بعد الفترة، والحماسة بعد المَلال.

فأجبتك ولست السالمَ المعافى، ولا الخبير العارف، ولكن بما جربته فعرفته، فأنا أقف بك عند تجربتي، فأقول:

هذه أمنيّة المتمني: النفس الوقّادة، والهمة الماضية التي لا يعوقها عائق، ولا يَقتَعدها مُقتعِد، دعْ أن تختلق الأعذار والعقبات.

وهل تخلو الدنيا من ساعة كدَر، ولحظات ضجَر، وفتور بعد نفور؟
على هذا جبَلَ الخالقُ الحكيمُ الإنسانَ الضعيف.

لكنّ العاقل من يأخذ من صحته لمرضه، ومن فراغه لشغله، ومن شِرَّتِه وحماستِه لفتوره ومَلالِه، ويفترص الفرص، ولا يفرّط ما دام قادرًا. وقديمًا ما قالوا: "التفريط مصيبة القادر".
والعاقل كذلك يعرف طبعَ نفسه، وأنها جُبِلت على الملال والسأَم، فلا يظنن أن من نال ما نال من أولي العزم كان ذاك منه بغير انقطاع ولا فترة. كلا، لكنه بفتَراتٍ يُسْكَنُ فيها إلى راحة وجَمام، تُشحذ فيها العزائم، وتُصَلح فيها الركاب.

وما أحسن قول النبي ﷺ: "إنَّ لكلِّ عمَلٍ شِرَّةً، وإنَّ لكلِّ شِرَّةٍ فَتْرةً، فإنْ صاحبُها سَدَّد وقرَّب فارجوهُ".

والعاقل أيضًا لا يحمّل نفسه ما لا طاقة لها به، ولا يجري بها إلى غير غايتها. بل يقْدُر لها قدْرَها، ويعرف ما يصلح لها.

ولا ينبغي له أن يجعل شأنها كلَّه جِدًّا وحزْمًا، فإن في هذا مظِنَّةَ عطَبِها ونُكْسِها، وارتدادِها من مطالبها إلى عكسها.
بل يفعل فعْلَ أبي الدرداء -رضي الله عنه- إذ قال: "إني لَأَستَجِمُّ نفسي ببعض الباطل، مخافةَ أنْ أحمِلَ عليها مِن الحق ما يُمِلُّها".
ويعني بالباطل ما ليس بجدٍّ مما أحله الله.
وهذا معنى وصية النبي ﷺ لحنظلة الأُسَيْدي -رضي الله عنه- لما شكا إلى النبي ﷺ ما يجد في نفسه من ميل إلى شئون الدنيا وأمورها مِن مالٍ وولد، فخشي أن يكون ذلك منه نفاقًا مع ما هو مأمور به من أمور الدين، فقال له النبي الرءوف الرحيم ﷺ: "والذي نفسي بيده! لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكْر لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم. ولكن يا حنظلة، ساعةً وساعةً» ثلاث مرات.

ومما يعين أيضًا مصاحبةُ أهل الهمم ومجالستهم، واتخاذ رفيقٍ مصاحب في طريق الطلب يشد الأزْرَ والعَضُد، وقراءة سير أهل العلم والجِدِّ. وأوصي بهذه الكتب الثلاثة: (صفحات من صبر العلماء، وقيمة الزمن عند العلماء، والمشوق إلى القراءة وطلب العلم)، فهي -فيما اطلعت عليه- من خير ما صُنّف في إذْكاءِ الهمّة كلما خَبَتْ، أو رفْعِها إذا دنَتْ، ففيها صوَرٌ لِبَشَرٍ توقّدوا هممًا، وطاروا حماسَةً، وعملوا صدقًا وإخلاصًا، حتى انتصبوا على قمم التاريخ أطوادًا لا تخفى على عين بصير.
ولم يخلقهم الله من نورِ الملائكة، ولم يضعْ في صدورهم قلوبَ الأنبياء فنتعذرَ بعجْزنا عن اقتفاء آثارهم. بل كانوا بشرًا مثلنا، لهم ما لنا، وقد صار عندنا خير مما كان عندهم.

ومثل هذه الكتب أرى أنها لا تصلح أن تُقرَأ كغيرها قراءةً متصلة من أولها إلى آخرها، لأنّ فائدتها ستكون بنتَ ساعتِها، تخبو سريعًا، كَنارٍ أُهَرِيقَ عليها وَقود فعظُمَتْ حتى هالَتْ، ثمّ لم تلبثْ أن صغُرَتْ حتى زالَت.
وإنما تُجعَل عندَ مكان الدّرس أو المطالعة، فيُنظَرُ فيها قبل الدرس، أو في خلاله، أو متى ما مدّ السَأَمُ قدمَه، إلى خبرٍ أو خبرَين يَرِيْ بهما الزَّنْد، ويخفقُ البَنْد.

والله أعلم.
#نفثة

عادَةُ الدهْرِ أن يَحُلَّ عُرَى الوَجْـ
ـدِ، ومَرُّ الأيامِ يُسْلِيْ ويُنْسِي

غيرَ وَجْدي، فَكُلَّ يومٍ بثوبٍ
نَسَجَتْهُ الأيامُ مِن خَيْطِ أَمْسي

لا يَغُرَّنْكَ ظاهِرِيْ باصطبارٍ
إنَّ تحت الضلوعِ أَشْلاءَ نَفْسِ

لا تَرى في الأنامِ جَلْدًا ضَحُوكًا
لَمْ يُرَقِّعْ ثوبَ انْتِحابٍ وبُؤْسِ

لا، ولا شاربًا بِعَذْبٍ فُرَاتٍ
لَمْ يَكُنْ لِلأُجَاجِ بِالـمُتَحَسِّي
#نفثة

أطْفَأَك من أراق ماء بُرودِه على حرارة إقبالك.
#نفثة

مصارِعُ آمالٍ ومَبْعَثُ آلامِ
ورَكْضُ شُهورٍ مسْرِعاتٍ وأَعْوامِ

كأني أُقَضِّي العمْرَ هَدْرًا، فلا أرى
سِوى خَلْسِ دهري مِن تِضاعيفِ أيامي

رميتُ بِدَلْوِ العمْرِ في كلِّ جَمَّةٍ
فَذُقْتُ الزُّعَاقَ المُرَّ، والصافيَ النَّامي

إلى أنْ تَهَدَّيْتُ لِأَعْذَبِ جَمَّةٍ
صَفا مُسْتَقَاها مِن قَذَى الـمَنِّ والذَّامِ

فلَمَّا ملأتُ الدلْوَ حتى وِذَامِها
تَدارَكَني حَظِّي فقَطَّعَ أَوْذامي

وسُقْتُ رِكابَ العَزْمِ في كلِّ مَسْلَكٍ
إذا ما وَنَتْ قَنَّعْتُها سَوْطَ إقدامي

وخَلَّفْتُ أَنْضَاءَ الهُوَيْنَى وراءَها
وأَجْرَيْتُ أَجْيَادَ المشَقَّةِ قُدَّامي

وقد رابَ أَمْري مَن رأى جِدَّ مَطْلَبي
أَأَطْلُبُ أثآري؟ أَمَ اطْلُبُ أحلامي؟

فلمَّا غدَتْ مني بِمَرْأًى ومسْمَعٍ
تبَيَّنتُ أني خلْفَ أَضْغاثِ أحلامِ!

فما نِلْتُ منها طائلًا، غيرَ أنني
قَدَ ابْلَيْتُ عُذْرًا لو تَقَطَّعُ أَرْمَامي

لقد ماتَ مني كلُّ حيٍّ، سِوى شَجًى
يُراوِحُني بين ارتفاعٍ وإرغامِ

وعاثَتْ يَدُ الأيامِ في صَفْحَتي، فهل
يَدٌ -لا رماها الله- تمسحُ أسقامي؟

كأنيَ أطلالٌ مَحَتْها يَدُ البِلَى
وعَفَّى عليها مَرُّ عامٍ على عامِ

عسى أنْ يُغَاديها من الغيث جائدٌ
مُلِحٌّ مِسَحٌّ يتركُ القاعَ كالهامِ

فما يَنجلي إلا بِعَينٍ قَريرةٍ
وبَالٍ رَخِيٍّ، وافْتِرارَةِ بَسَّامِ

الأحد ١٤٤٤/٧/٧
#نفثة

إذا أنت لم تلفحْكَ مِن بارح الجوى
سَمومٌ فدعْ عنك اجترارَ المَلاومِ

يُغنّي بحسْنِ الصبر مَن باتَ خاليًا
ويحسب أنَّ الهمَّ أحلامُ نائمِ

ومَن يعتصمْ مِن لُجَّةِ الماء لا يَدَعْ
مَلامًا لِمَن في مَوْجِهِ المتلاطمِ

ـ ١٤٤٤/٧/١٤
{إن ربي لطيف لِمَا يشاء، إنه هو العليم الحكيم}
{وهو اللطيف الخبير}
اللُطْفُ: خفاء المَسْلَك ودِّقَّتُه. ومنه اسم الله -جل سبحانه وعلا- إذ تأتي رحَماتُه وأفضاله في خفاء ودقة من حيثُ لا يتوقع العبد ولا يشعر. فبَيْنا هو في غمَّاءَ مظلمةٍ أيقن فيها بالهلاك وانسدادِ السبيل، إذ يكشف الله عنه من حيثُ ظنَّ ألَّا مكشِفَ ولا مخرج.
وهو مع لُطْفِه -سبحانه- حكيمٌ عليمٌ، إن أخَّر ذلك عن العبد فلسابق علمه وتمام حكمته بأنَّ في تأخيره ما هو خير للعبد من تعجيله.
فاللهمَّ لا تمنع المسلمين ألطافَك، وأنزل عليهم رحماتك، وغشِّهم السكينةَ، وآتهم أجرهم مرتين بما صبروا.
Forwarded from خالِد
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
خيرُ الشراب..
Forwarded from خالِد
أيوب الجهني
خيرُ الشراب..
‏أكمل أيوب الجهني :
ما صانه الصينيُّ دهرًا عنده
‏إلا لفضلٍ ليس بالممحوقِ

‏فلقد رآه يصون عقلَ مُعِدِّهِ
‏ورأى صنيعَ الخمر بالمخلوقِ

‏فمضى عليه الدهر في صَونٍ، وذي
‏مبذولةُ التصبيح والتغبيقِ
لا أعرف المنشدَين. بارك الله لهما فيما أعطاهما.
#نفثة

أراك عن الموت في غفلةٍ
كأنك تأْمَنُ أن يَّصْرعَكْ!

وللموت داعٍ سَميعٌ وما
حَذِرْتَ مُنادِيْهِ إذْ أسمعَكْ

وللموت سهمٌ مُصيبٌ، فإنْ
تَخَطّاكَ يومًا فما أخْطأَكْ

فسَرْعانَ ما يَنثني راجعًا
ليأخذَ منك الذي قد تَرَكْ

ـ ١٤٤٤/٨/٤