قناة عبدالرحمن السديس
10.1K subscribers
322 photos
6 videos
9 files
146 links
قناة علمية.
عبدالرحمن بن صالح السديس
الرياض.
‏تويتر https://x.com/assdais?t=bamsawh__YRgDV1YxYVNdQ&s=35
Download Telegram
خطأ منتشر في قراءة بعض الأئمة الفاتحة.

فتسمعه يقرأ: {مالكْ يوم الدين * إياك نعبدْ وإياك}،
فلا يكسر الكاف من {مالكِ} بل يسكن ويكتفي بالياء التي بعدها في {يوم}، والواجب أن ينطق الكسرة ثم الياء.

ولا يضم الدال في {نعبدُ} بل يسكن ويكتفي بالواو التي بعدها في {وإياك}، والواجب أن ينطق الضمة ثم الواو.

فلينتبه لذلك!
عادة ذكية من قاضي الحجرية!

قال المعلمي في كتابه «التنكيل» :٩٢/١

«كان في اليمن في قضاء «الحجرية» قاض كان يجتمع إليه أهل العلم ويتذاكرون، وكنت أحضر مع أخي، فلاحظت أن ذلك القاضي -مع أنه أعلم الجماعة فيما أرى- لا يكاد يجزم في مسألة، وإنما يقول: في حفظي كذا، في ذهني كذا، ونحو ذلك.
= فعلمت أنه ألزم نفسه تلك العادة حتى فيما يجزم به، حتى إذا اتفق أن أخطأ= كان عذره بغاية الوضوح».
الحكايات الفاجرة في الكتب ونسبتها للفضلاء

«كتب التاريخ وكتب الأدب ك‍ «الأغاني» ونحوها= يكثر فيها الكذب والحكايات الفاجرة، كان فجرة الإخباريين يضعون تلك الحكايات لأغراض: 

منها: دفع الملامة عن أنفسهم، يقولون: ليس هذا العيب خاصاً بنا، بل كان من قبلنا، كذلك حتى المشهورون بالفضل.

ومنها: ترويج الفجور والدعاية إليه؛ ليكثر أهله= فيجد الداعي مساعدين عليه ويقوى عذره.

ومنها: ترغيب الأمراء والأغنياء في الفجور وتشجيعهم عليه= ليجد الدعاة المتأدبون مراعي خصبة يتمتعون فيها بلذاتهم وشهواتهم.

ومنها: التقرب إلى الأمراء والأغنياء بالحكايات الفاجرة التي يلذ لهم سماعها، إلى غير ذلك..

وما يوجد في تلك الكتب من الصدق، إنما يصور طائفة مخصوصة، كالأمراء المترفين، والشعراء، والأدباء، ونحوهم».

قاله المعلمي رحمه الله في «التنكيل» ٤٤/١.
الانتباه للطائف المعاني وتأملها

قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
«سألت شيخ الإسلام عن معنى دعاء النبي ﷺ: «اللهم طهرني من خطاياي بالماء والثلج والبرد»،
كيف يطهر الخطايا بذلك؟
وما فائدة التخصيص بذلك؟
وقوله في لفظ آخر: «والماء البارد»، والحار أبلغ فى الإنقاء؟

فقال: «الخطايا توجب للقلب حرارة ونجاسة وضعفا= فترخي القلب وتضرِم فيه نار الشهوة وتنجسه؛ فإن الخطايا والذنوب له بمنزلة الحطب الذى يمد النار ويوقدها.
ولهذا كلما كثرت الخطايا= اشتدت نار القلب وضعفه،
والماء يغسل الخبث ويطفئ النار،
فإن كان باردا= أورث الجسم صلابة وقوة،
فإن كان معه ثلج وبرد= كان أقوى فى التبريد وصلابة الجسم وشدته= فكان أذهب لأثر الخطايا».
هذا معنى كلامه.

وهو محتاج إلى مزيد بيان وشرح.

فاعلم أن هاهنا أربعة أمور:
أمران حسيان،
وأمران معنويان.
فالنجاسة التي تزول بالماء هي ومزيلها حسيان،
وأثر الخطايا التي تزول بالتوبة والاستغفار هي ومزيلها معنويان،
وصلاح القلب وحياته ونعيمه لا يتم إلا بهذا وهذا.
فذكر النبي ﷺ من كل شطر قسما نبه به على القسم الآخر.
فتضمنت كلاماته الأقسام الأربعة في غاية الاختصار، وحسن البيان».

«إغاثة اللهفان» ٩٦/١.


ما معنى قول أبي بن كعب للنبي ﷺ كم أجعل لك من صلاتي؟

الحديث رواه أحمد والترمذي وغيرهم، وهذا نص الترمذي:

«قال أُبي: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟
فقال: ما شئت. قال: قلت: الربع؟ قال: ما شئت؛ فإن زدت فهو خير لك، قلت: النصف؟ قال: ما شئت؛ فإن زدت فهو خير لك، قال: قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت؛ فإن زدت فهو خير لك، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذا تُكفى همك، ويُغفر لك ذنبك».

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «له دعاء يدعو به لنفسه، فيمكن أن يجعل ثلثه دعاء للنبي ﷺ، فالصلاة عليه صلاة، ويمكن أن له شطره، ويمكن أن يكون جميع دعائه دعاء للنبي، مثل أن يصلي عليه بدل دعائه.
وقد ثبت أنه من صلى عليه مرة= صلى الله عليه عشرا= فيكون أجر صلاته كافيا له. 
ولهذا قال: «يكفي همك ويغفر ذنبك»، أي: إنك إنما تطلب زوال سبب الضرر الذي يعقب الهم ويوجب الذنب، فإذا صليت علي بدل دعائك= حصل مقصودك، وهذا معنى مناسب، فإنه قد ثبت أن من دعا لأخيه بظهر الغيب بدعوة= قال الملك الموكل به: آمين، ولك بمثل.
وثبت عنه أنه قال: «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»، فإذا كان بدل دعائه لنفسه يدعو للنبي ﷺ= حصل له أعظم مما كان يطلب لنفسه».

«جامع المسائل» ٢٥٧/٤.

وقال أيضا: «فيكون مقصود السائل أي: يا رسول الله إن لي دعاء أدعو به أستجلب به الخير وأستدفع به الشر، فكم أجعل لك من الدعاء؟
قال: «ما شئت»، فلما انتهى إلى قوله: أجعل لك صلاتي كلها؟
قال: «إذا تُكفى همك ويغفر ذنبك».
وفي الرواية الأخرى: «إذا يكفيك الله ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك».
وهذا غاية ما يدعو به الإنسان من جلب الخيرات ودفع المضرات؛ فإن الدعاء فيه تحصيل المطلوب، واندفاع المرهوب».

« مجموع الفتاوى» ٣٤٩/١.

وقد استحسن هذا الجواب، تلميذه ابن القيم ونقله في «جلاء الأفهام» ص٧٦.
ما معنى قوله تعالى:  ‏(إنما يتقبل الله من المتقين)؟

قال ابن القيم: «أحسن ما قيل في تفسيرها:
«إنما يتقبل عمل من اتقاه في ذلك العمل، بأن يكون: لوجهه تعالى، على موافقة أمره».

«مفتاح دار السعادة» ٢٢٩/١.
رأي ابن تيمية في كلمة ابن الجوزي في المفاضلة بين التسبيح والاستغفار

قال ابن القيم في «الوابل الصيب» ص٢٣٣:
«وقلت لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يوماً: سُئِل بعض أهل العلم: أيما أنفع للعبد التسبيح أو الاستغفار؟
فقال: إذا كان الثوب نقياً؛ فالبخور وماء الورد أنفع له،
وإن كان دَنِساً؛ فالصابون والماء الحار أنفع له.
فقال لي رحمه الله تعالى: فكيف والثياب لا تزال دنسة؟!». اهـ.

يريد شيخ الإسلام أن العبد لا ينفك عن الذنب، فحاجته للاستغفار دائمة.
فمن هذه الجهة؛ صار جواب ابن الجوزي فيه نظر.
والعبد بحاجة لهما دوما، كحاجته للطعام والشراب.
خطأ من منع زيادة «صالح الأعمال» بعد «تقبل الله منكم»

انتشر مقطع لشيخ يقول: (جرى على ألسن بعض من المسلمين: تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، أنت أضمن أن يكون صالحا وثق أنه مقبول، كان الصحابة إذا لقي بعضهم بعضا خصوصا في العيد يقولون: تقبل الله منا ومنكم بس، ما يضيفون شيء، ما يقولون: صالح الأعمال.. لا يقول الإنسان: تقبل الله صالح الأعمال، لا، تقبل الله منكم؛ لأن العمل الصالح مقبول).

وهذا المنع خطأ، ولا وجه له لا من جهة اللغة، ولا من جهة الشرع.
فالصحابة لما قالوا لبعض: تقبل الله منا ومنكم لا يقصدون إلا العمل الصالح الذي عملوا في رمضان.
فإذا كان هذا هو المنوي -وهو كذلك قطعا- = فلا وجه لمنع التصريح به.
وإذا كان العمل الصالح مقبولا؛ فلا يحتاج لدعاء كما زعمت؛ إذن فأنت تدعو له بأن يتقبل منه ماذا بقولك: (تقبل الله منكم)، أهو ما فعل من غير الصالحات: من المباح أو الذنوب أو عمل فيه خلل؟!

والدعاء بقبول العمل الصالح هو طريقة أهل الإيمان من الرسل وأتباعهم؛ فقد ذكر الله عز وجل عن الخليل وإسماعيل: {وَإِذۡ يَرۡفَعُ إِبۡرَٰهِـۧمُ ٱلۡقَوَاعِدَ مِنَ ٱلۡبَيۡتِ وَإِسۡمَٰعِيلُ رَبَّنَا ‌تَقَبَّلۡ ‌مِنَّآۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ}
وفي صحيح مسلم أن النبي قال عند ذبح أضحيته: «باسم الله، اللهم ‌تقبل ‌من ‌محمد، وآل محمد، ومن أمة محمد..».

أفما كانت هذه الأعمال صالحة؟!
وغير ذلك مما روي كحديث دعاء سجود التلاوة وفيه (وتقبلها مني)، وحديث تفسير (والذين يأتون ما آتوا وقلوبهم وجلة)، وغيرها.

ولولا أن جمعا من العامة ظنوه صوابا؛ فاجتهدوا في نشره لما كتبت هذا.
دع المناقشات اللفظية واقصد إلى المعاني

قال ابن القيم في «التبيان في أيمان القرآن» ص٢٩٤:

«إذا فهمت الحقائق؛ فلا يناقش في العبارة إلا ضيق العطن، صغير العقل، ضعيف العلم».

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فهذه مناقشات لفظية، وإذا ظهر المعنى؛ فلا عليك في ترك المناقشة اللفظية».
«جامع المسائل» ٤٥٣/٩.

وقال في «الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق» ٧٨٩/٢:
«وأما قوله: (واستعمل النقض في القياس، وهو إنما توصف به العلة) فهو مع أنه من المؤاخذات اللفظية، التي لو فتح المجيب بابها على المعترض؛ لطال الزمان بكثرة ما يرد عليه منها، فإن هذا الاعتراض يدل على جهل صاحبه، وأنه لم يعرف من كلام الناس في هذا الباب إلا شيئا يسيرا، وإلا فالنقض لا تختص به العلة، كما ادعى هذا المعترض الذي برز على أقرانه وبان فضله عليهم في فعله ما يعجزون عن فعله؛ فإنه يتكلم كثيرا فيما لا يحققه، ويقْفُ ما ليس له به علم، ويخوض من المنقول والبحوث فيما لا يعرف حقيقته».

وقال أيضا في «الرد على السبكي» ٦٦٤/٢: بعد نقل قول السبكي: 
«(ودعواه أن الصحابة أفتوا في العتق دعوى عريضة، فإن الصحابة جمع معرف بالألف واللام يقتضي العموم، ولم يثبت له إلى الآن عن ثلاثة من المتأخرين منهم صريحا؛ فكيف يسوغ هذا الإطلاق؟).

والجواب: أن مثل هذا السؤال لا يستحق جوابا، إذ غايته منازعة لفظية، ولو فتح هذا الباب على المعترض؛ لكثرت الأسئلة المتوجهة عليه، ولكن هو يفتحه على المجيب مع أن ما يقوله معلوم الخطأ، فإنه إنما تكون الدعوى عريضة: إذا كان المجيب قد ادعى أن كل واحد من الصحابة قال ذلك، والمعترض يعلم -وكل من تدبر كلام المجيب- أنه لم يرد هذا، وإنما أراد جنس الصحابة، والمقصود: هم الصحابة المذكورون.. [وأسهب في الجواب عن شبهته، ثم ختمه بقوله] من عنت المعترض الذي يضيع الزمان بمثل هذا الهذيان». اهـ.

قلت: ورده هذا على السبكي يصلح ردا من أنكر على الداعي بـ (اللهم عليك باليهود ومن هاودهم)، ففعله كفعل السبكي تماما حين زعم أن ال هنا تفيد عموم الجنس، وأعرض عن قرائن الحال، وسياق الكلام.
والشيء بالشيء يذكر، فهذا تعليق كتبته تعليقا على مقال من أنكر على الداعي، في «ملتقى أهل الحديث»، أنقله من المكتبة الشاملة، كتبته قبل ١٧ عاما، أنقله كما هو:

(هذا الكلام المذكور فيه نظر:
وجهه:
أنه حمل "ال" في كلمة "يهود" على الجنس؛ فجعلها للعموم.
والصواب هنا: أنها للعهد لا للجنس فلا تفيد العموم؛ وليت الأخ رجع لكلام الأصوليين في باب العام ونظر في معاني "ال" ومتى تفيد العموم وشرط ذلك.

ومما هو بين ظاهر: أن الداعي لا يريد إلا دولة يهود هذه، ولم يخطر في باله اليهود قبل مائة عام فضلا عن حيي بن أخطب وبني قومه في وقته.
وحمل كلام المتكلم على مراده: متعين.
ثم من معاني المهاودة المنقول في الكلام السابق: الممايلة وغيرها، ويهود الآن في حال حرب مع المسلمين فالداعي يريد من يعينهم على المسلمين كأمريكا ومن وقف في صفها وأعان يهود على إخواننا، هذا المتبادر، ومراد الداعي ينبغي أن يعرف منه قبل أن يحمل كلامه على معنى من المعاني لم يخطر بباله ثم يحاكم عليه!
كما فعل الشيخ وفقه الله حين جعل المعنى "المصالحة" ثم جعل اللام "للجنس" ثم غلط الداعي.
ثم أتى هذا الأخ وجهّل الداعي وجعلها من الرزايا في حين أنه هو الذي لم يفهم معاناها ومدلوها لا من دعى بها!
ولا يحسن تغليط الناس في مثل هذه الأدعية المنتشرة بمثل هذا العجالات من الإجابات من غير تأمل ونظر في معاني الكلام ومدلولاته.
والله أعلم.)
قاعدة (الفقهاء أعلم بالتأويل من أهل اللغة)

أي: أن العلماء بالشريعة يقدم تفسيرهم لمراد الله ورسوله على علماء اللغة العربية.

قرره:
القاسم بن سلام في «غريبه»
الطبري في «تفسيره»
الرامهرمزي في «المحدث الفاصل»
ابن تيمية في عدد من كتبه
ابن رجب في «الفتح»
وغيرهم.

الصور بالترتيب👇

لـ«تفسير الطبري» 125/13
«المحدث الفاصل» 259
«شرح التدمرية» 321
«جواب الاعتراضات المصرية» ص35.

وفي الصور زيادة إحالات.
نموذج من صبر الرسول ﷺ على مريد العلم

قال أبو رفاعة: انتهيت إلى النبي ﷺ -وهو يخطب- فقلت: يا رسول الله، رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه.
قال: فأقبل علي رسول الله ﷺ وترك خطبته حتى انتهى إلي، فأتي بكرسي -حسبت قوائمه حديدا- فقعد عليه رسول الله ﷺ، وجعل يعلمني مما علمه الله، ثم أتى خطبته فأتم آخرها.

رواه مسلم.
الجود بالعلم من أعلى مراتب الجود

قال ابن القيم: «الجود بالعلم وبذْله، وهو من أعلى مراتب الجود، والجودُ به أفضلُ من الجود بالمال؛ لأنّ العلم أشرف من المال.

والنّاس في الجود به على مراتب متفاوتةٍ، وقد اقتضت حكمةُ الله وتقديره النّافذ أن لا ينفعَ به بخيلًا أبدًا.
ومن الجود به: أن تبذله لمن لم يسألك عنه، بل تَطْرحه عليه طَرْحًا.
ومن الجود به: أنّ السّائل إذا سألك عن مسألةٍ استقصيتَ له جوابَها شافيًا، لا يكون جوابك له بقدرِ ما تُدفع به الضّرورة، كما كان بعضهم يكتب في جواب الفتيا «نعم» أو «لا»، مقتصرًا عليها.
ولقد شاهدتُ من شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك أمرًا عجيبًا: كان إذا سُئل عن مسألةٍ حكميّةٍ، ذكر في جوابها مذاهبَ الأئمّة الأربعة إذا قدَرَ عليه، ومأخذَ الخلاف، وترجيحَ القول الرّاجح، وذكر متعلّقاتِ المسألة التي ربّما تكون أنفعَ للسّائل من مسألته، فيكون فرحُه بتلك المتعلّقات واللّوازم أعظمَ من فرحه بمسألته.
وهذه فتاواه بين النّاس، فمن أحبَّ الوقوفَ عليها رأى ذلك.

فمن جود الإنسان بالعلم: أنّه لا يقتصر على مسألة السّائل، بل يذكر له نظيرَها ومتعلَّقها ومأخذَها، بحيث يشفيه ويكفيه.
وقد سأل الصّحابة -رضي الله عنهم- النّبيَّ ﷺ عن التَّوضِّي بماء البحر؟ فقال: «هو الطَّهور ماؤه، الحلُّ مَيتتُه».
فأجابهم عن سؤالهم، وجاد عليهم بما لعلَّهم في الأحيان إليه أحوجُ ممّا سألوه عنه.
وكانوا إذا سألوه عن الحكم نبَّهَهم على علّته وحكمته، كما سألوه عن بيع الرُّطَب بالتّمر؟ 
فقال: «أيَنقُصُ الرُّطَب إذا جَفَّ؟»، قالوا: نعم. قال: «فلا إذَنْ».

ولم يكن يخفى عليه ﷺ نقصان الرُّطب بجفافه، ولكن نبَّههم على علّة الحكم.
وهذا كثيرٌ جدًّا في أجوبته ﷺ، مثل قوله: «إن بِعتَ من أخيك ثَمَرًا فأصابتْها جائحةٌ، فلا يحلُّ لك أن تأخذ من مال أخيك شيئًا، بِمَ يأخذُ أحدكم مالَ أخيه بغير حقٍّ؟». 
وفي لفظٍ: «أرأيتَ إن منعَ الله الثّمرة بِمَ يأخذ أحدكم مالَ أخيه بغير حقٍّ؟».
فصرّح بالعلّة التي يَحرُم لأجلها إلزامُه بالثّمن، وهي منعُ اللهِ الثّمرة الذي ليس للمشتري فيه صنعٌ.

وكان خصومه [أي: ابن تيمية] يعيبونه بذلك، ويقولون: يسأله السّائل عن طريق مصر مثلًا، فيذكر له معها طريق مكّة والمدينة وخراسان والعراق والهند، وأيُّ حاجةٍ بالسّائل إلى ذلك؟!
ولَعَمرُ الله ليس ذلك بعيبٍ، وإنّما العيب: الجهل والكبر، وهذا موضع المثل المشهور:
لَقَّبوه بحامضٍ وهو حُلْوٌ ... مثلَ من لم يَصِلْ إلى العُنْقود».
«مدارج السالكين» ٦/٣-٩.
كلمة «بلدة» و«بلد» لا تدل على التصغير كما ظن بعض الغالطين

سمعت مقطعا مفاده: أن قولك مثلا: (بلدة كذا) لبلد كبير، أنه تصغير، وأن هذا يحتاج لتصويب! قاله معترضا ومصححا لغيره!

وكلامه هو الخطأ، الذي يحتاج لتصويب.

وكيف غفل عن ما جاء في كتاب الله عز وجل عن مكة
{إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها}،
{لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد}،
{وهذا البلد الأمين}،
{لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور}
وغيرها من الآيات؟!

وفي «لسان العرب»
«بلد: البَلْدَةُ والبَلَدُ: كُلُّ مَوْضِعٍ أَو قِطْعَةٍ مُسْتَحِيزَةٍ، عَامِرَةً كَانَتْ أَو غَيْرَ عَامِرَةٍ.
الأَزهري: الْبَلَدُ كُلُّ مَوْضِعٍ مُسْتَحِيزٍ مِنَ الأَرض، عَامِرٍ أَو غَيْرِ عَامِرٍ، خَالٍ أَو مَسْكُونٍ، فَهُوَ بَلَدٌ وَالطَّائِفَةُ مِنْهَا بَلْدَةٌ...وَالْجَمْعُ بِلَادٌ وبُلْدانٌ؛
والبُلدانُ: اسْمٌ يَقَعُ عَلَى الكُوَر.
قَالَ بَعْضُهُمْ: البَلَدُ جنسُ المكان كالعراق والشام، والبَلدةُ: الجزءُ المخصصُ مِنْهُ كالبصرة ودمَشق.
والبلدُ: مكةُ تَفْخِيمًا لَهَا، كَالنَّجْمِ لِلثُّرَيَّا، والعودُ للمَنْدَل...».

واستعمال (البلد) للمدن الكبار، كثير في الحديث والشعر وكلام العرب وأهل العلم، والأمر أوضح من أن يطول فيه لمن تأمل أدنى تأمل!
من هو المجتهد الذي يؤجر أو يغفر له، ومن ليس كذلك؟

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» ٤٤/٢٩: 👇