غفلة الصالحين مرة أخرى!
اشتهر عند نقاد الحديث وصف (بعض) الرواة الصالحين بأن فيهم غفلة، ويضعفّون رواياتهم بسبب ذلك.
وليس المقصود بالغفلة هنا الانغماس في الذنوب والمعاصي؛ لأن هؤلاء الموصوفين بالغفلة هم في غاية الصلاح والتعبد والخشية لله، وإنما المقصود أنهم غير متيقظين لمداخل الخلل التي يمكن أن تتسلل إلى رواياتهم، وهذا مشهور جدا عن طائفة من الرواة المعروفين، ومنهم مثلا (رشدين بن سعد) قال عنه ابن يونس: (كان صالحًا في دينه فأدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث).
بل إن الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله جعلها قاعدة في الأغلب من العُبّاد الصالحين من رواة الحديث الذين لم يعرفوا بالضبط والإتقان والعلم، وإنما انشغلوا بالزهد والعبادة عن العلم والضبط، فقال تحت عنوان القواعد الكليات: (قاعدة: الصالحون -غير العلماء- يغلب على حديثهم الوهَم والغلَط) شرح العلل (٧١١/٢).
ولئن كانت تلك الحالة من الغفلة قد واجهها النقاد بالكشف والبيان وكان أولئك النقادُ أئمةَ الناس المُسَلَّم لهم بالمرجعية في هذا المجال؛ فإن الحالة اليوم يزداد خطرها مع ضمور المرجعية العلمية النقدية اليقظة في مختلف المجالات؛ فإننا نشاهد اليوم حالة من الغفلة العجيبة -في بعض الأوساط الشرعية وجمهورها- هي أشد وأقبح من التي عاشها المحدّثون وبينوها ونقدوها، وتتمثل في صور كثيرة، منها:
الغفلة في تصدير المجهولين من المتحدثين في بعض المجالات الشرعية على شبكات التواصل، دون تدقيق وتحقيق، وقد رأيت نماذج عجيبة من مسارعة بعض الصالحين في تصدير أفرادٍ من المتحدثين لمجرد أن له برنامجا يوتيوبيا جميلا ومفيدا، أو لأن له بعض الخطب الرنانة التي يرتفع فيها الصوت دون مضمون متين، أو لأن له ردودا على بعض أصحاب الشبهات المنتشرة (وقد يكون رده هو أحد أهم أسباب ترسيخ الشبهات) أو لأنه (فرض) نفسه بأرقام متابعاته، أو لأنّ له تغريدات تدغدغ العواطف نحو الأمة (وكثير منها مسروق مقتبس من حسابات أخرى دون بيان) أو لاعتبارات حزبية: (ولَدْنا يستاهل ندعمه أمام أولاد الجيران).
هذه صورة واحدة من صور الغفلة المؤلمة، توازيها صور أخرى كثيرة من غفلة بعض الصالحين تجاه المنافقين وأعداء الدين من الذين ما فتئوا يعلنون ويجهرون بمحاربة ثوابت الأمة وأصولها وتراثها ورموزها، فتجد حالة من الغفلة في هذا الباب يكاد العقل يعجز عن تصديقها، وقد يكون ذلك بسبب غفلة قبلها أدت إليها، فتتوالى الغفلات وتقود كل واحدة منها إلى التي بعدها، ويزداد التباس الخبيث بالطيب، وتظل المشكلات الداخلية راسخة عميقة عصيّة على الإصلاح حتى يتميز الخبيث من الطيب.
أما مدرسة النبي ﷺ فهي عجيبة في تأسيس اليقظة عند طلابها، فكان بتوجيه الله له وإرشاده شديد اليقظة والحذر، سواء تجاه الأعداء الصرحاء (كإجراءات الهجرة) أو غير الصرحاء كالمنافقين (قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم) بل إن من المقاصد القرآنية التي يريدها الله من بيان آياته: معرفة سبيل المجرمين (وكذلك نفصّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) ومن سنن الله تقدير الابتلاءات داخل الأوساط الصالحة لتمييز الخبيث من الطيب: (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) وكان يحذر المؤمنين -سبحانه وتعالى- من الاغترار ببعض من ظاهره الصلاح دون النظر إلى حقيقة عمله، فقال:
﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُۥ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَیُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِی قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِی ٱلۡأَرۡضِ لِیُفۡسِدَ فِیهَا وَیُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ وَٱلنَّسۡلَۚ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ﴾
إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة، والله المستعان.
اشتهر عند نقاد الحديث وصف (بعض) الرواة الصالحين بأن فيهم غفلة، ويضعفّون رواياتهم بسبب ذلك.
وليس المقصود بالغفلة هنا الانغماس في الذنوب والمعاصي؛ لأن هؤلاء الموصوفين بالغفلة هم في غاية الصلاح والتعبد والخشية لله، وإنما المقصود أنهم غير متيقظين لمداخل الخلل التي يمكن أن تتسلل إلى رواياتهم، وهذا مشهور جدا عن طائفة من الرواة المعروفين، ومنهم مثلا (رشدين بن سعد) قال عنه ابن يونس: (كان صالحًا في دينه فأدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث).
بل إن الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله جعلها قاعدة في الأغلب من العُبّاد الصالحين من رواة الحديث الذين لم يعرفوا بالضبط والإتقان والعلم، وإنما انشغلوا بالزهد والعبادة عن العلم والضبط، فقال تحت عنوان القواعد الكليات: (قاعدة: الصالحون -غير العلماء- يغلب على حديثهم الوهَم والغلَط) شرح العلل (٧١١/٢).
ولئن كانت تلك الحالة من الغفلة قد واجهها النقاد بالكشف والبيان وكان أولئك النقادُ أئمةَ الناس المُسَلَّم لهم بالمرجعية في هذا المجال؛ فإن الحالة اليوم يزداد خطرها مع ضمور المرجعية العلمية النقدية اليقظة في مختلف المجالات؛ فإننا نشاهد اليوم حالة من الغفلة العجيبة -في بعض الأوساط الشرعية وجمهورها- هي أشد وأقبح من التي عاشها المحدّثون وبينوها ونقدوها، وتتمثل في صور كثيرة، منها:
الغفلة في تصدير المجهولين من المتحدثين في بعض المجالات الشرعية على شبكات التواصل، دون تدقيق وتحقيق، وقد رأيت نماذج عجيبة من مسارعة بعض الصالحين في تصدير أفرادٍ من المتحدثين لمجرد أن له برنامجا يوتيوبيا جميلا ومفيدا، أو لأن له بعض الخطب الرنانة التي يرتفع فيها الصوت دون مضمون متين، أو لأن له ردودا على بعض أصحاب الشبهات المنتشرة (وقد يكون رده هو أحد أهم أسباب ترسيخ الشبهات) أو لأنه (فرض) نفسه بأرقام متابعاته، أو لأنّ له تغريدات تدغدغ العواطف نحو الأمة (وكثير منها مسروق مقتبس من حسابات أخرى دون بيان) أو لاعتبارات حزبية: (ولَدْنا يستاهل ندعمه أمام أولاد الجيران).
هذه صورة واحدة من صور الغفلة المؤلمة، توازيها صور أخرى كثيرة من غفلة بعض الصالحين تجاه المنافقين وأعداء الدين من الذين ما فتئوا يعلنون ويجهرون بمحاربة ثوابت الأمة وأصولها وتراثها ورموزها، فتجد حالة من الغفلة في هذا الباب يكاد العقل يعجز عن تصديقها، وقد يكون ذلك بسبب غفلة قبلها أدت إليها، فتتوالى الغفلات وتقود كل واحدة منها إلى التي بعدها، ويزداد التباس الخبيث بالطيب، وتظل المشكلات الداخلية راسخة عميقة عصيّة على الإصلاح حتى يتميز الخبيث من الطيب.
أما مدرسة النبي ﷺ فهي عجيبة في تأسيس اليقظة عند طلابها، فكان بتوجيه الله له وإرشاده شديد اليقظة والحذر، سواء تجاه الأعداء الصرحاء (كإجراءات الهجرة) أو غير الصرحاء كالمنافقين (قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم قد نبأنا الله من أخباركم) بل إن من المقاصد القرآنية التي يريدها الله من بيان آياته: معرفة سبيل المجرمين (وكذلك نفصّل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) ومن سنن الله تقدير الابتلاءات داخل الأوساط الصالحة لتمييز الخبيث من الطيب: (ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب) وكان يحذر المؤمنين -سبحانه وتعالى- من الاغترار ببعض من ظاهره الصلاح دون النظر إلى حقيقة عمله، فقال:
﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن یُعۡجِبُكَ قَوۡلُهُۥ فِی ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا وَیُشۡهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِی قَلۡبِهِۦ وَهُوَ أَلَدُّ ٱلۡخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِی ٱلۡأَرۡضِ لِیُفۡسِدَ فِیهَا وَیُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ وَٱلنَّسۡلَۚ وَٱللَّهُ لَا یُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ﴾
إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة، والله المستعان.
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
من أهم ما نحتاجه اليوم: أن نتلقى القرآن على منهاج النبوة، وهذا يتطلب معرفة معالم المنهج النبوي في تلقي القرآن وتلقينه.
وهذا المقطع فيه واحد من تلك المعالم، وهو جزء من محاضرة ستنشر الليلة بإذن الله ضمن سلسلة مركزيات الإصلاح، بعنوان (تلقي القرآن على منهاج النبوة)
وجعلتها ضمن سلسلة مركزيات الإصلاح لأنها حقاً من أهم مركزيات الإصلاح.
وهذا المقطع فيه واحد من تلك المعالم، وهو جزء من محاضرة ستنشر الليلة بإذن الله ضمن سلسلة مركزيات الإصلاح، بعنوان (تلقي القرآن على منهاج النبوة)
وجعلتها ضمن سلسلة مركزيات الإصلاح لأنها حقاً من أهم مركزيات الإصلاح.
اليوم الساعة ٥:٠٠ مساء سيفتتح التسجيل في #البناء_المنهجي الدفعة الرابعة بإذن الله تعالى، ونسأله سبحانه التوفيق.
Forwarded from على مُكث | أحمد السيد
تأمل في الآيات المتعلقة بخليل الرحمن (إبراهيم عليه السلام) ستجد أن من أبرز سماته أنه كثيرُ الدعاء لربه، انظر مثلاً سورة إبراهيم، البقرة، الشعراء، مريم، ستجد ذلك حاضراً بجلاء، ولذلك وصفه الله بأنه (أوّاه) وقد رجّح الإمامُ الطبري -بعد أن سرد الأقوال في تفسير كلمة (أواه)- بأنه الدعّاء، أي كثير الدعاء. وهذا من أهم ما ينبغي على المؤمن أن يقتبسه من أنوار الأنبياء.
هذه ثلاث قنوات خصصتُ كُلّاً منها لموضوع محدد:
(١) قناة: (على مُكث): للموضوعات القرآنية (تدبر وتأمل)
https://t.me/alamukth
(٢) بوصلة المصلح:
للقضايا الإصلاحية للقائمين على المشاريع والمهتمين:
https://t.me/almoslih
(٣) المصطفى من الفوائد:
أنتخبُ فيها مقولات تراثية لأهل العلم والفضل مع التعليق على شيء منها:
https://t.me/turaath_ah
(١) قناة: (على مُكث): للموضوعات القرآنية (تدبر وتأمل)
https://t.me/alamukth
(٢) بوصلة المصلح:
للقضايا الإصلاحية للقائمين على المشاريع والمهتمين:
https://t.me/almoslih
(٣) المصطفى من الفوائد:
أنتخبُ فيها مقولات تراثية لأهل العلم والفضل مع التعليق على شيء منها:
https://t.me/turaath_ah
لا يزال التسجيل في برنامج #البناء_المنهجي متاحاً.
ونظرا للضغط على رابط التسجيل السابق تم إنشاء رابط تسجيل جديد:
https://forms.gle/wKrLyHJoRKLQzdEf6
⭕️ مع التنبيه على أن من سجل سابقًا ودخل القناة فلا يحتاج إلى التسجيل فيه مرة أخرى، وفقنا الله وإياكم.
ونظرا للضغط على رابط التسجيل السابق تم إنشاء رابط تسجيل جديد:
https://forms.gle/wKrLyHJoRKLQzdEf6
⭕️ مع التنبيه على أن من سجل سابقًا ودخل القناة فلا يحتاج إلى التسجيل فيه مرة أخرى، وفقنا الله وإياكم.
من أهم المواد المقدَّمة للجيل: مادة (البناء التزكوي للجيل الصاعد) وتُعرَض في اليوتيوب يوم الأحد ويوم الثلاثاء.
وهذا رابط الحلقة الجديدة (الثالثة)
تقبل الله منا ومنكم
https://youtu.be/BKzfDWqZzx0
وهذا رابط الحلقة الجديدة (الثالثة)
تقبل الله منا ومنكم
https://youtu.be/BKzfDWqZzx0
كما هو موضح في إعلان برنامج #البناء_المنهجي فإن التسجيل سيظل مفتوحاً إلى (٣رجب-٢٥يناير) ولن تبدأ الدراسة إلا في (٦رجب - ٢٨يناير) بإذن الله.
ولأجل ذلك فإن كل من سجل في الاستمارة وانتقل لقناة التلجرام فهو مقبول وليس هناك أي متطلبات دراسية إلزامية حتى التاريخ المذكور.
ونسأل الله التوفيق 🤍
ولأجل ذلك فإن كل من سجل في الاستمارة وانتقل لقناة التلجرام فهو مقبول وليس هناك أي متطلبات دراسية إلزامية حتى التاريخ المذكور.
ونسأل الله التوفيق 🤍
دعاء الصالحين طوق نجاة بإذن الله من التحديات المحدقة والمصاعب المحيطة؛ فلا تنسونا من صالح الدعاء وخالصه.
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
وكم قد كتمت الشوق لولا مدامع..
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
الخوف من الوقوع في الذنب ومن أثره نتيجة الشعور بعظيم نعمة الإيمان:
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
من يفعل ذلك فإنه يرتكب جريمة في حق المسلمين: