النبراس
101 subscribers
496 photos
127 videos
267 files
49 links
قناة
ثقافية توثيقية
Download Telegram
*ما لا تعرفه عن جورج مشرقي*

جورج مشرقي شنودة من مواليد حي المسالمة بأمد رمان ، الوالدة من مدينة الأبيض اسمها مريم أما الوالد فهو من قرية بصعيد مصر~
كان مقهى جورج مشرقي الشهير يعج بعدد من الفنانين والمطربين حتى جاء زمن رواد المدرسة الوترية الحديثة التي كانت فاصلا بين غناء الحقيبة والأغنية الحديثة حيث كان روادها حسن سليمان الهاوي وعبدالحميد يوسف والكاشف وحسن عطية فقد كان هؤلاء العمالقة يتواجدون في المقهى بصورة منتظمة بينما الكاشف كان كثير النوم على طاولات المقهى وقليل العمل في ورشتة المخصصة لعمل النجارة للأثاثات المنزلية. ولما كثرت الديون على الكاشف وعدم قدرته على العمل بسبب السهر المتواصل في بيوت الأفراح والمناسبات اقترح عليه جورج مشرقي أن يأخذ أجراً رمزياً من أصحاب المناسبة نظيراً لإحياء الحفل، فقال الكاشف نحن نعمل في الحفلات مجاناً ولا نستطيع المطالبة بأجور لأنها هواية فقط وكان ذلك ديدن كل الفنانين في تلك الفترة، فقال جورج بهذه الطريقة لن تستطيع أن تطور فنك وتطور نفسك وستفقد ورشتك وعملك وأنت لديك مستقبل واقترح جورج أن يقوم هو بدور مدير الأعمال والاتفاق على الحفل إنابة عن الفنان، فوافق الكاشف على ذلك ثم انتظمت أعماله أكثر من زي قبل حتى راق ذلك النظام لعدد كبير من الفنانين وذهبوا لجورج كيما يرتب لهم أعمالهم مثلما يرتبها للكاشف فساعد جورج في ترتيب أعمال الفنانين وساعد في تحسين دخولهم وعوائدهم المادية
بعد ذلك أضحى المقهي مكتباً للتعاقد للحفلات ليل نهار وأصبح جورج مشرقي أول مدير أعمال للفنانين بالسودان ولكن بلا راتب أو حافز، أما عن الشعراء الذين كانوا بمقهى جورج فقد أعطوا المقهى نصيباً من أشعارهم فقدغنى أحدهم قائلاً: ( قهوة جورج ارحكا نزورا.. فيها المنقة القلبي بدورا .. وفيها الزول السمح الصوره. وفيها الجلسة المامنظورة .. سرور وكروما وناس قدورا ويذكر الرواد أن المقهى كان شاهداً على ميلاد عدد من القصائد الوطنية والعاطفية التي شكلت وجدان المجتمع السوداني، فهنا يصف العم عثمان قربينة الناحية الجنوبية للمقهى التي التقى فيها عبدالرحمن الريح عندما كان صغيراً بالعملاق كرومه وسلمه قصيدة (مارايت في الكون ياحبيبي أجمل منك) ووقتها كان في بواكير شبابه بينما كانت هنالك ترابيز بالمقهى بأسماء أغنيات معينة مثلاً تربيزة سيد عبد العزيز التي أسميت بتربيزة (قائد الأسطول) التي نظم فيها تلك القصيدة في ساعة متأخرة من الليل ثم غناها فيما بعد المتميز العملاق الحاج محمد أحمد سرور. في مظاهرات 1964م المناهضة لحكومة الفريق عبود كان وقتها قد امتلأ الشارع عن آخره بالمتظاهرين ولكن وفي حادث مذهل ومفاجئ انهار مقهى جورج مشرقي عن آخره والعم جورج مشرقي بداخله ولكن من عجائب القدرة الإلهية أن تأتي تلك المظاهرة ساعة انهيار المقهى وجورج مشرقي تحت الأنقاض فهب كل المتظاهرين لرفع الأنقاض ولكنهم تفاجأوا بصوت جورج مشرقي وهو يتأوه من تحت الأنقاض فقاموا بإخراجه ووجدوه حياً يرزق فبدلاً من مواصلة المظاهرة حمل المتظاهرون العم جورج على أعناقهم وطافوا به شوارع سوق البوستة وهم يهتفون بحياته وذلك بعد أن سرت شائعة بوفاته قبيل ساعات
بنى جورج فيما بعد المقهى بالطريقة الخرسانية المسلحة الحديثة بعد أن كان مبنياً من (الجالوص). يذكر أحد أبناء العم جورج مشرقي أن أحد رواد المقهى في الزمن الجميل كان يأتي إلى المقهى عدة مرات ويدخل في داخل المقهى الذي تحول إلى سوبر ماركت حديث فيقوم باستنشاق الهواء داخل تلك الرقعة حتى تسيل دموعه وهو يتذكر الأيام الخوالي بتلك الرقعة الحبيبة إلى قلبه ولكنه في نهاية الأمر طلب من أبناء جورج مشرقي أن يتركوه يعمل لافتة للمكان بطريقته الخاصة بعد أن وضع على اللافتة صورة جورج مشرقي وكتب عليها عدداً من الأبيات الشعرية منها (ياشمس أمدرمان عودي وأشرقي .. أين سمارك أين المشرقي )إلى أن يصل في البيت القائل (هنا صدح الخليل بعوده والأزهري غدا كمدفع راشقِ)، ويذكر عدد من أصدقاء جورج أنه بعد وفاته ظهرت أعداد من الأسر والعوائل الذين كان يتكفلهم جورج مشرقي ويرعاهم سراً بعيداً حتى عن أعين أبنائه. انتقل جورج مشرقي إلى الرفيق الأعلى في صبيحة يوم 21-7- 2007م بعد أن ترك سيرة عطرة وحياة مليئة بالبذل والعطاء.. فشيعه كل أهالي أمدرمان في موكب مهيب بحضور كل رجال الفن والثقافة ورموز المجتمع اللهم ارحم جورج مشرقي .
*محي الدين فارس*
...........


*(من دفتر ضابط مرور )*

*في ذات صيف شديد الزحام كثير الغبار،*
*بشارع الموردة بامدرمان. ادرج الشرطي اوراق العربة الصالون ضمن المخالفات المرورية لاجراء تسوية فورية لتلك العربة ...*

*نزل السائق منها وخاطب الشرطي طالبا مقابلة الضابط..!*
*سمح له الشرطي بذاك*

*بعد التحية والمجاملة*

*قال لي :- ( في العربة الاستاذ محي الدين فارس )....*

*صافحت الاستاذ وهو جالس علي المقعد الخلفي للعربة الصالون ....*

*وقفت امام شاعر السودان ومربي الاجيال وعملاق الادب العربي الذي ضعضعه المرض اللعين......*

*قلت في نفسي :-( مابالك ياشاعر الصحراء يلفك* *الصمت المهيب الحزين ...؟*
*ما بالك ياشاعر الادغال* *تنتابك الهواجس والظنون..؟ ماخطبك ياشاعر النيل يسكنك الصمت الرهيب ..؟*

*ماخطبك ياملك القوافي تساورك الآلام والحزان..؟*
*ما بالك ياامير القصيد تهجرك الاشجان والالحان....؟*

*رايت الاستاذ مبتور القدمين متورم اليدين لكنه ما حاد عن الطريق...*

*رايت الاستاذ يقاوم المرض اللعين بقوة. وهناك من يدعي الشعر والادبا وملك الشعر صامت لايقوي علي القصيد...!*

*امير القوافي صامت وفي صمته عبر ودروس ومعاني...!*
*دارت بخاطري ابيات من قصيدة عباس العقاد (العقاب الهرم )*
*يهم ويعييه النهوض فيجثم*
*ويعزم الا ريشه ليس يعزم*
*لقد رنق الصرصور هو علي* *الثري*
*مكب وقد صاح القطا وهو ابكم*
*لعينيك ياشيخ الطيور مهابة يفر بغاث الطير عنها ويهزم*
*ماعجزت عنك الغداة وانما*
*لكل شباب هيبة حين يهرم....*
......... . ...... ......
*تحركت الدورية لفتح الطريق لعربة الاستاذ*

*جلست بجواره*
*وشريط الذكريات بالمدرسة الثانوية وقصيدته الرائعة الخالدة التي ادهشت العالم العربي( ليل ولاجئة )*

*لا .. لاتنامى*
*الليل اوغل لا تنامى*
*الريح اطفات السراج* *وقهقهت خلف الخيام*
*وفراخك الزغب الصغار ..* *تراعشت مثل الحمام*
*وتكومت فوق الحصير ..* *تكومت مثل الحطام*
*ناموا على جوع* .. *فما عرفوا هنا طعم ابتسام*
*وعلى خدودهمو .. بقايا *ادمع .. ورؤى قتام......*
...................
*كما مرت بذاكرتي اغنياته الوطنية.. ومعروف ان محي الدين فارس مولود بقرية ارقو بالشمالية في العام 1936 وكان اصغر فتي يقاوم الاستعمار اذ كان لم يبلغ العشرين ربيعا* .......
.............

*أنا لست رعديداً يُكبل* *خطوه ثِقل الحديد*
*وهناك أسراب الضحايا* *الكادحون*
*العائدون مع الظلام من المصانع والحقول*
*ملؤوا الطريق*
*وعيونهم مجروحة الأغوار* *ذابلة البريق*
*يتهامسون*
*وسياط جلاد تسوق خطاهمو*
*ماتصنعون؟*
*يجلجل الصوت الرهيب*
*كأنه القدر اللعين.......*
...............
*محي الدين فارس اشادت به كل الجامعات العربية و العلمية في كل المحافل الادبية ....*

*عند وصولنا كسر الاستاذ صمت السكون ونعي نفسه فكان رثاء صريحا لنفسه ونعيا حزينا لحياته*
.............
*أغرى الحوادثَ بي أنِّي* *أصانعها*
*وأنني لنعيم الصبر مَن حصدا*

*قد مزَّق الدهر منّي كل آونةٍ*
*شيئا فلم يبق إلا الروحَ لا* *الجسدا*
*لم يبقَ منيِّ سِوى بعضٍ فيا كفني*
*ماذا ستحمل مني إن رحلتُ غدا.*
..................
*مضينا وفي الدواخل الف سؤال عن فارس الكلم وملك القصيد وامير الحروف .... محي الدين فارس*

*توفي بعدها بسنوات في العام 2008 تاركا خلفه دواوين من الشعر الفصيح .... (الطين والاظافر ) (صهيل النهر) ( القنديل المكسور ) (قصائد من الخمسينات )*

*رحم الله المبدع المربي الشاعر الاستاذ محي الدين فارس..*
*


هذه ترجمة للإنجليزية لرائعة الشاعر الثوري السودانى المرحوم محى الدين فارس أحد "فرسان الشعر الثلاثة" في مدرسة الإسكندرية: الجيلى عبدالرحمن ومحى الدين فارس ومحمد الفيتورى (الذين سأكتب عنهم لا حقا). وكنت قد ترجمتها إلى الإنجليزية كجزء من ورقة قدمتها لمؤتمر فكرى فى بوسطن بالولايات المتحدة في سبتمبر عام 1983 وكان عنوانها " البعد الثقافى للوعى الثورى ودور المثقفين في التعبئة الجماهيرية" وقد رأيت الآن أهمية التوثيق لها فى هذه الأجواء الثورية التي تنتظم السودان والجزائر.

لــن أحـــيـد (محى الدين فارس)
------------------------------
أنا لست رعديدا
يكبل خطوه ثقل الحديد
لا لن أحيد عن الكفاح

وهناك أسرابُ الضحايا الكادحون
العائدون مع الظلام من المصانع والحقول
ملأوا الطريق
وعيونهم مجروحة الأغوار ذابلة البريق
يتهامسون

وسياط جلاد تسوق خطاهمو
ما تصنعون؟
يجلجل الصوت الرهيب
كأنه القدر اللعين

وتظل تفغر في الدجى المشؤوم أفواه السجون
ويغمغمون

نحن الشعوب الكادحون
وهناك قافلة تولول في متاهات الزمان

عمياء فاقدة المصير و بلا دليل
تمشى الملايين الحفاة العراة الجائعون مشردون
في السفح في دنيا المزابل والخرائب ينبشون

والمترفون الهانئون يقهقهون ويضحكون
يمزقون الليل في الحانات في دنيا الفتون
والجاز ملتهب يؤج حياله نهد وجيد
وموائد خضراء تطفح بالنبيذ و بالورود
لهب من الشهوات يجتاز المعالم و السدود

هل يسمعون ؟ صخب الرعود ؟
صخب الملايين الجياع يشق أسماع الوجود ؟
لا يسمعون !!!
في اللاشعور حياتهم فكأنهم صم الصخور

وغدا ًنعود
حتماً نعود
للقرية الغناء للكوخ الموشح بالورود
ونسير فوق جماجم الأسياد مرفوعي البنود
تزغرد الجارات
والأطفال ترقص و الصغار
والنخل و الصفصاف والسيال زاهية الثمار
وسنابل القمح المنور في الحقول و في الديار
لا لن نحيد عن الكفاح
ستعود أفريقيا لنا
وتعود أنغام الصباح





WILL NEVER VEER OFF
----------------------------------
By the Sudanese Poet Muhiudeen Faris
Translated by Prof. Abdel-Rahman Mohamed, Ph.D.
Boston University, September 1983 in a Paper entitled
“Intellectual Dimensions of Revolutionary Awareness
And the Role of Intellectuals in Popular Mobilization”

WILL NEVER VEER OFF
----------------------------------
I am not a trembling coward
Whose footsteps are restricted, as if by heavy iron shekels
I will never flinch nor veer off the path of struggle
While the swarms of victimized toilers
Are everyday returning home at the dimming nights
From factories and farm-fields--- packing up roads
In the depth of their eyes are fathomless wounds and wilted glitter
Whispering in murmur
While the whips of an executioner are ---dir---ecting their footsteps,
“What are you doing?” chiding them rattles that
Dreadfully intimidating voice, like an abominable fate
During the inauspiciously gloomy darkness,
The mouths of jails continue to gape
Yet, they continue to mumble in muffled murmur,
“We are the Toiling Peoples”
There is a howling caravan in the labyrinths of times
Without a guide, blind and with lost destiny
Bare-footed, naked, hungry, homeless and vagabond millions walk
In the beneath, in the world of waste-dumpsters and ruins
Digging for food
While the fantasizing affluent are raucously laughing
Piercing the night in their saloons and universes of sinuous lust
Necks and breasts are glowing in matching to the blazing Jazz
Their green gambling tables overflow with wine and roses
Conflagrations of lust that surpass signs and-limit-s
Do they hear the tumultuously roaring thunder?
Do they hear the clamorous rage of starving millions?
Tearing up the auditory receptors of the universe?
NO! They do hear nothing--- for in the realm of unconsciousness they live
And like solidly deaf rocks they are
Tomorrow we will return, definitely we will return
To the luxuriant village
To the hut festooned with roses
We will march over the skulls of masters
With banners hoisted high
Our neighboring women will ululate
Children and the young will dance
Palm trees, willows and raddianas show ruddy fruits
Ears of wheat glowing in the fields and neighborhoods
We will never veer off the struggle´-or-deviate
Africa will come back to us
And harmonious melodies of the morning will return
VID-20210404-WA0034.mp4
17.8 MB
فى ذكرى الراحل المقيم شاعر الشعب محجوب شريف
VID-20210409-WA0006.mp4
11.3 MB
العيون في شعر الحقيبة - بروف علي المك
*قصة الولد السوداني الأخدراني القصيروني الجميل*
ـــــــــ

*المخاليق والأمكنة*

*المخاليق*
*مستورة بت عرضو*
مغنية شعبية في امدرمان القديمة. والدة اللورد كرومة

*الأسطى عبدالله مختار العبادي*
والد اللورد كرومة ، كان شغال فني ساعات حريف
الزمن داك موضة الساعات كانت فنكهة الأفندية السودانيين و المصريين والخواجات .
عايلة العبادي من أعرق العايلات الأمدرمانية
منها طلع الشاعر الجد وسيد الكلام *إبراهيم العبادي*
وملك الغنا وسلطان الطرب *الحاج محمد أحمد سرور*

*اللورد كرومر*
المندوب السامي البريطاني للسودان .
وصل السودان أول مرة سنة ١٩٢٢م وتم استقباله في أمدرمان استقبال رسمي وظيطة وظمبليطة بديعة
بهر الاستقبال ده *الست مستورة* .
وكان ولدها *عبد الكريم* عاجبها وساري بالها لأنه صوتو سمح وزمنو مظبوط وحابي الغنا والطرب زيها طوالي سمتو *كرومه* حسب لسانها في نطق اسم اللورد البريطاني المبجل
فكان هذا الولد
*الأخدراني القصيروني الجميل* .

*الأمكنة 😗
*حي السيد المكي*
من أعرق أحياء البقعة
مؤسسه *السيد المكي الشيخ اسماعين الولي*
أحد شيوخ الصوفية
السيد المكي هو أحد جدود السيد *اسماعيل الأزهري* و الشاعر *محمد المكي ابراهيم* كان الحي يتوسط امدرمان .
والحياة فيهو مدفوسة بالحكايا والنشاط وحركة الناس .
من ضمن الدفيسيبة السمحة دي كان ناس الطريقة الختمية نشيطين في الحوليات وليالي المديح والبهجات .
ده النشاط الفني الوحيد الإلي حدٍ ما مشروع ومتاح ومرضي عنه من الناس
استهوت الشغلة الولد الجميل كرومة فأصبح منشد ختمي وقاريء للأوراد .
هذا الولد
*الأخدراني القصيروني الجميل*
ــــــ

اللورد الجد جد
*عبد الكريم عبد الله مختار كرومة*
إتولد في حي السيد المكي أمدرمان سنة ١٩٠٥م
دخل خلوة *الفكي عبد الرحمن* في الحي وهو طفل درس القرآن وفك الحرف و جود التلاوات و منها دخل مدرسة الهجرة
من الأولية ودوهو أهله لعطبرة يتعلم النجارة في ورش السكة حديد هناك
عطبرة ما دخلت ليهو راسو وهو ود امدرمان القندف
رجع لمحبوبتو امدرمان و فتح دكان مكوجي في حي السيد المكي
ما نفعت معاهو الشغلة خلاها
مسك في شغلة النقاشة والبوهية والجير
أبت ليهو .
روح قلقانة
هذا الولد
*الأخدراني القصيروني الجميل* .
بدا يرتاد مباريات الكورة وشارك فيها .
شويتين انضم لنادي الهلال اندمج في الوسط الرياضي الضاجي ده و اصبح مغني لمات الاصحاب و القعدات
شوية شوية و اتعرف الود كرومة لاعب الهلال والمغني
بدا الناس ينادوهو للحفلات عرس هنا طهور هناك سماية هنا صبحية هناك ...إلخ .
سرقتو شغلانية الغنا بعد ما الناس بقى ما عندها شغلة غير هذا الولد المغني العجيب .
ومن وكتها أصبح اللورد عبدالكريم كرومه صايعاً جميلاً هذا الولد
*الأخدراني القصيروني الجميل* .

كان قصيروني مدغلب أخدراني وسيم قيافة وجيه مشلخ .
واحد من أوجه شباب أمدرمان وأكترهم أناقة وإنتكة .
ما بيلبس هدوم إلا تكون من الماركات العالمية الشهيرة والغالية .
القفاطين والملافح والجلاليب البوبلين والترلين والسكروتة .
البدلة لازم كاملة قميص وصديري وبنطلون وجاكيت وطربوش .
وكلها منفوشة بالنشا ومكوية زيو و زي أي باشا وخديوي .
وبسبب حبه و شغفه بالملابس و التقليعات والأناقة أصبح زبون دايم لمحلات الخواجات والأغاريق والشوام وأولاد الريف في الخرطوم يوصلوا ليهو كل الجديد لحدي عندو .
ونفس الشغف عندو كان بالعطور .
يعشق العطور الفرنسية الراقية والبريطانية
لدرجة مصانع الشبراويشي للعطور في مصر المحروسة عملت عطر مخصوص بإسمه و عليهو صورته .
بقوا تلاتة شخصيات سودانية اتعملت ليها العطور باسمها السيد عبدالرحمن المهدي .
السيد علي الميرغني .
واللورد عبدالكريم كرومة
الولد
*الأخدراني القصيروني الجميل* .

اللورد كان خجول حد الصمت مهذب و راقي وجنتلمان حقيقي في سلوكه
الوحيد في قهاوي امدرمان الشهيرة وكتها البيكون ساكت في خشوع وهو بيستمع للفونوغرافات العتيقة بتطلع من اسطواناتها درر أغاني علي الشايقي واللمين برهان وسرور و البنا وغيرهم من غنى المصريين والشوام
هذا الولد
*الأخدراني القصيروني الجميل* .

سنة ١٩٢٦م كان انضمام اللورد لفرقة المعلم الاسطى الحاج سرور و ما أدراك ما الحاج سرور .
مغني الفرقة الثاني فيها كان اللمين برهان .
وده كمان نصيبة تانية براها .
اشتغل اللورد فترة مغني تالت في الفرقة بعد السيدين الكبيرين ديل .
شويتين وبدا نجاحه يقلق سرور ، الناس انسحرت بهذا الولد الاخدراني ابو صوت عجيب وجديد ومختلف .
اللورد حس انه ده الوكت اليتخارج فيهو من الفرقة
زي ما جا بالمعروف مرق بالمعروف وقد كان .
وفضل هو وسرور يتبادلوا الاحترام و التقدير و تثمين اعمال بعضهم .
من وكتها و بدا صيتو يعلى في امدرمان
هذا الولد
*الأخدراني القصيروني الجميل* .

وتسابق الشعراء الفطاحل وكتها في طلب ود هذا الشاب الأخدراني الفلتة
وانبهل شلال اللورد الإبداعي دفاق و فوار .
سنة بعد سنة و اصبح اللورد هو القانون الفني والسلطان هو وشيخ الطريقة مدعوم بشعر عالي القيمة الفنية من أعالي القمم الشعرية ايامها :
*سيد عبدالعزيز*
٥٩ قصيدة لحنها و غناها كرومة
أشهرها *أنا ما معيون* .

*محمد بشير عتيق*
٢٥ قصيدة لحنها و غناها كرومة
أشهرها *ناعس الأجفان / أرجوك يا نسيم روح ليهو* .

*صالح عبدالسيد أبو صلاح*
٢١ قصيدة لحنها و غناها كرومة
أشهرها *جوهر صدر المحافل* .

*عمر البنا*
٢٠ قصيدة لحنها و غناها كرومة أشهرها *زهرة الروض الظليل* .

*عبدالرحمن الريح*
٧ قصائد لحنها و غناها كرومة *أشهرها لي في المسالمة غزال* .

*و و و و و .....*

اكاد اجزم إنه تلاتة أرباع الغنا السوداني من الخمسينات وإنت نازل هو من ألحان اللورد .
فاللورد كان مجدد حقيقي وبارع خالق لفنون مختلفة على الاضان السودانية
اللورد كسر دائرة الألحان وأتى بالجن الكلكي أيامها
مرق من عباية الطمبارة والمغني ابو شيالين والأداء المدائحي الديني في اللحن
و خش في سكة مغامرة جديدة لنج .
قصيدة مثلاً زي
*نظرة يا السمحة أم عجن*.
كانت فلتة أيامها
خلت كل حسان البلاد يتعجنن ويجدعن النظرة الما بتحتمل غنجها وأنوثتها القاتلة .
وكان اللورد هو من بعث فيها الجن ده .
فاللحن راقص لا يشبه الالحان الرجولية المعسمة القبالو .
قال اللورد إنه :
لقطها من بين تفانين ألحان المديح للسادة الطريقة الاسماعيلية والكانت زاويتها جنب بيته .
كان أهم شي عند اللورد هو الإيقاع فحياته كلها كان ايقاعها المنضبط : الحديث / الأنيق / الجديد / المختلف ، و ده كان تماما مختلف عن الشيء السايد في ذلك الوقت.
كرومة كان مكجن البطء والرتابة والخناتة الدائرية فرقصت امدرمان وانفدعت وحمحمت و صهلت و نقزت وماعت على ايقاعاته ولحونه الفريدة .
شوية شوية وانغلب الحوار علي شيخه السلطان سرور
و شوية شوية بدا سرور في التلحين على نسق كرومة وطريقته وعبدالله الماحي واللمين برهان وعلي الشايقي و غيرهم و غيرهم .
كلهم ركبوا المركب الكرومي
وأصبح اللورد مدرسة
هذا الولد
*الأخدراني القصيروني الجميل* .

*دمعة الشوق*
كانت أسطوانته الأشهر اصدرها سنة ١٩٣٤م في مصر. منها و تقاصرت قامات المغنين وبعدها تقازمت ألحان الملحنين قدام جلال وجمال و سطوة لحون هذا الولد
*الأخدراني القصيروني الجميل* .

و من يومها كرت سبحة الغناء السوداني وتعالي البنيان طوف طوف من بعد ما خت ساسو وحجر زاويته هذا الولد
*الأخدراني القصيروني الجميل* .

*الغياب*
في صباح الأربعاء ٢٩ يناير ١٩٤٧م
في مستشفى أمدرمان / قسم الباطنية
أسلم اللورد الروح لبارئها
و السبب
إلتهاب رئوي حاد
و عمره فقط ٤٢ سنة .


*ولد سوداني أخدراني قصيروني وجميل*.

🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁🍁
*دم الشهيد بغلي 🔥*
*يمه الشهيد ما مات 💓*
*ثورتنا نحميها وتتحقق الغايات 🎶
الكلمات: د. المنشتح درار
الغناء:
د. يوسف الموصلي، هاديه طلسم، عادل مسلم، ابو بكر، وأصوات شبابية جميلة
شاهد + لايك + شير

https://youtu.be/lRBKys7QFb8
VID-20210422-WA0018.mp4
13.2 MB
قصيدة الشهيدة ميادة ست الشاي
جمهوري الحبيب من الأصدقاء والأهل برغم انني أصبت بالكورونا اللعينة في أميريكا الا انني بذلت قصارى جهدي كي اوصل لكم هذا العمل العملاق الذي يحكي قهر الحاكم تحديدا في العالم الثالث و السودان خاصة فإن أمد الله في العمر احتفل معكم به في السودان ان شاء الله 🔥

دعواتكم واعجابكم وشيراتكم بالله 🌹
https://youtu.be/3ltZuISb6Rc
Forwarded from Nadir S. Ahmed
Media is too big
VIEW IN TELEGRAM
سلافة الياس - نحن وين؟

فى الذكرى الثانية للثورة السودانية المجيدة.
كلمات وليد الالفى..
في ذكرى سادن المعرفة التجاني الماحي: حاشية على متن أسطورة ساطعة
مداميك 1 مايو 2021 1 55 7  دقائق
FacebookTwitterWhatsAppTelegramنشر
د. هاشم ميرغني

المشوار الذي قطعَهُ التجاني الماحي ما بين الكوَّةِ على النيل الأبيض منذ يوم الجمعة السابع من أبريل 1911 حتى رحيله بالخرطوم بحري صبيحة الخميس الثامن من يناير 1970 لم يكن طويلا بحسابِ السنوات، ولكنه كانَ عريضًا كثيفًا مكتنزًا بحساب الإنجازِ مثلما هي الحيوات الكبرى للغزالي، والمتنبي، وشكسبير، وطرفة، وتشيخوف، والتجاني، والشابي، ومعاوية نور، وخليل فرح، وعرفات محمد عبد الله وغيرِهم من الذين قطعوا الحياة وثبًا، والتهموا بشراهةٍ جينيةٍ استثنائيةٍ لُبَّ الحياة وعصارتهَا مخلِّفينَ لمعاصريهِم ما تبقَّى من ثُفْلِها وقشورِها.

لا يتغيَّا هذا المقال أن يتناولَ الحياةَ الثقافيةَ العلميَّةَ الباذِخةَ للتجاني الماحي مما هو معروفٌ، ومبذولٌ على أرفف المكتبات، وقارعة الإنترنت بما في ذلك موقعه الذي دشِّن قبل سنوات  على الشبكة الدولية، ولكنه يعاني الآن محنةَ الغياب: http://www.eltiganielmahi.sd/، ومجمل الكتب التي صدرت له أو عنه بعد وفاته سِيَّما ما جمعه العلَّامة أحمد الصافي الذي عكف منذ بواكير السبعينيات على تراثه الثر مخرجًا ما تناثر من علمه الغزير  – في بطون الدوريات العلمية أو المؤتمرات أو غيرها – إلى القارئ العام، كذلك الكتاب القيِّم الذي أصدره عنه ابنه علي التجاني الماحي بالإنجليزية بعنوان: (التجاني الماحي: أبو طب النفس الإفريقي) عن مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي ، وكذلك كتاب «د. التيجاني الماحي: سادن المعرفة» للدكتور حسن أبشر الطيب (1941 – 2013) الذي صدرَ عن مركز عبد الكريم ميرغني أيضًا في العام 2000.

ينضافُ إلى هذه المكتبة التي بدأت تتراكمُ باطِّراد حول التجاني الماحي، بل يتوسطُّها، السِفرُ القيِّم الذي ضمَّ فيه العلامة الراحل قاسم عثمان نور ( 1938 -2020) حزمةً من المقالات الهامة التي كُتِبَتْ إثر رحيله في العام 1970؛ ففي سياقِ مشروعهِ البيبلوغرافي الكبير وسعيهِ الدؤوب النبيل في جمع وتصنيف ودراسة المدوَّنة السودانية  الشاسعة، وهو المشروع الذي نهض به منفرداً في ظل تقاعس الجهات الثقافية المسؤولة – غير المسؤولة في الحقيقة – منذ الاستقلال إلى وقتنا الراهن، وقد اعتمدَ الكتاب في الأساس على العدد الذي خصَّصَتْهُ مجلة الخرطوم لذكرى التجاني الماحي في أبريل 1970 بالإضافة  إلى مقالات أخرى متفرِّقة قام بجمعها والتقديم لها البروفسير قاسم نور، وقد شارك في الكتاب واحدٌ وعشرون كاتبًا، وجاء في مائة واثنتين وثلاثين صفحةً من القطع الصغير، وصدرَ عن دار “مطبعة مصنع إيمان للأدوات المكتبية” في طبعة متواضعة للغاية – ربما في إشارة حزينة لحال إشكاليات النشر الحادة في السودان – وهي طبعةٌ لا تليق بالراحل الجليل أو العلامة المعِدِّ أو المشاركين، أو المقالات القيِّمة التي احتواها الكتاب الذي سنحاولُ عبرَه الإشارةَ إلى أهمِّ صُوَى ومعالمِ هذا الطريق الباهر الذي قطعه التجاني الماحي وثبًا: موسوعيته المذهلة المتداخلة التي يرفد بعضُها بعضًا باتساق يبدو مُلهَمًا.

استبطنَ التجاني الطبيب منذ خطواته الأولى في دراسة الطب عميقًا ما قاله أبو الطبِّ أبوقراط بن إقليدس (460 ق.م – 377 ق.م)؛ فوفقاً لما ذكرَهُ الطبيب أبو الحسن الطبري (ت370هـ) في “المعالجات الأبوقراطية” فإنَّ أبوقراط يقسِّم الأطباءَ إلى نوعين: الطبيب الفيلسوف الذي “يسمو بعلمه وإدراكه إلى طلب الغاية، ولم يقتصر من كل صناعة على أقلِّ ما يمكن”، والطبيبِ غير الفيلسوف الذي “يقتصر علمُهُ وهمَّتهُ على علاج الداء فحسب مع قلَّة المعرفة”.

لم يكتفِ التجاني بفتحِ الطبِّ على الفلسفة فحسب كما طالب أبو الطب؛ فقد اكتشف باكراً، منذ الخمسينيات، الخصوبة المتراكبة التي تنجم عن التداخل المعرفي؛ أي لما صار يُعرف بعده بعقود بالمقاربة البينيَّة متداخلةِ، وليست متعدِّدةَ، التخصصات Interdisciplinary Approach التي تعوِّلُ على المتعدِّد، والمختلف، والهامشي وتعمل على خلخلة السياجات الأيديولوجية الهشَّة التي تطوِّقُ الحقولَ المعرفيةَ المختلفة لفتحِها على بعضها في وحدة معرفة مشتركة لا تعاني عُزلة الانفصام.

هذا التداخل البيني بين التخصصات المختلفة – أي التي تبدو ظاهريا مختلفة في الحقيقة – كان نتاجًا طبيعيًا للتعالق الداخلي لحقول المعرفة الإنسانية التي تتشابك جذورُها في العمق، بينما تختلفُ طعومُ ثمارِها وأشكالها، وهي الحقول التي تتداخل أيضًا مع بعضها باطراد لتولِّدَ المزيدَ من الحقول البينية في متوالية لا تُستنفدُ أبدًا.

وقد عرَّفتِ اليونسكو (1984) البينية أو التناظمية Interdisciplinarity بأنها “نوع من التعاون بين التخصصات المختلفة أمام المشكلات المعقدة والتي تحل فقط بالتضافر والتوليف الحصيف بين وجهات النظر المختلفة”.

نفَذَ التجاني لكل ذلك في وقت مبكر جدًا ؛ فقد اكتشف ذلك من خلال استبطانه العميق ل
لتراث الإنساني برُمَّتهِ؛ وها هو يستهِلُّ دراسته “أهمية الإنسان في عملية الإنتاج” بالقول إنَّ العربَ كانوا أوَّلَ من رادَ فلسفةَ تكامُلِ المعرفة، ويستدلُّ بأبي نصر الفارابي الذي “كان من أوائل القائلين بوحدة العلوم وأنَّ هذه الوحدةَ تفرض في حقيقتها صلات مفروضة، وكان يتمسَّكُ بالمذهب القائل بشمول الحكم، وفحواهُ أنَّ المعرفة الكاملة والإحاطة بالعلوم بقدر ما يتيحه الإمكان الإنساني تسبغ الحكم التي تفتح أبواب الحياة الفاضلة للعقل الفاضل للوصول إلى فهم الحقائق الكلية لأن المعرفة من أي نوع تشمل مبدأ حكيما “( أهمية الإنسان في عملية الإنتاج: الصفحة الأولى)، وهو ما أشار إليه د. حسن أبشر الطيب في مقاله “التجاني الماحي العالم الموسوعي”، ود. عبد المجيد عابدين في مقدمته لكتاب التجاني “مقدمة في تاريخ الطب العربي” 1959.

انفتح التجاني الماحي عقلا وروحًا على رحاب شاسعة من حقول المعرفة الإنسانية مُطيحًا بسياجاتها المفتعلة التي تفصلها عن بعضها: الطب، الفلسفة، التاريخ، الأديان، الآداب، الأنثروبولوجيا، السوسيولوجيا، الآثار، علم اللغة، التراث العربي، التراث الشعبي، الممارسات الشعبية، التصوف، الإدارة، المخطوطات، الخرائط، الموسيقى، اللوحات الفنية، العملات، طوابع البريد… وهَلُمَّ جرَّا ، أما اللغات التي نال منها نصيبا وافرا  – أجاد بشكل كامل اللغات: العربية، الإنجليزية، اللاتينية، الهوسا، الفارسية، الهيروغليفية، والعبرية، وألمَّ بلغات أخرى عديدة –  فهذه قصَّةٌ أخرى.

هذه الموسوعية التجانية التي نفضِّل تسميتَها بالثقافة البينيَّة الواسعة – فقد قامت على تداخل التخصصات وتشابكها لا تعددها وتشرذمها –تجسَّدت في إنتاجه الفكري؛ كما تجلَّت في أرخبيل قراءاته الشاسعة المتشعِّبةِ التي تفصح عن بعضٍ منها مكتبته الهائلة التي يعدُّها بعض الباحثين “أكبر مكتبة شخصية على مستوى العالم العربي”، بما حوته من نفائس الكتب والطبعات النادرة والمخطوطات والخرائط واللوحات والعملات.

ووَفقاً لأحمد يس نابري في مقاله التوثيقي القيِّم “العلامة التجاني الماحي ومكتبته” فإنَّ مكتبة التجاني الماحي “التي جمعها صاحبها من مشارق الأرض ومغاربها، وبذل في جمعها الجهد والمال الكثير والتي آلت إلى جامعة الخرطوم في العام 1972” احتوت على 19 ألف مجلد تتوزَّعُ على النحو التالي : المخطوطات 2650 ، كتب الطب 1000(منها 270 باللغة العربية )،كتب علم النفس 1000(منها 100 باللغة العربية)،كتب عن السودان 1300، كتب عربية 2500، كتب التاريخ القديم 500، كتب التاريخ الحديث 850 ، خرائط 760، أما بقية الكتب فقد “شملت كل علوم المعرفة الأخرى تقريبا” بتعبير نابري – ومن المهم هنا الرجوع للكتاب لتقصِّي أبعاد وتفاصيل هذه المكتبة مما لا يسعه هذا المقال.

ومِن المخزي – لا توجدُ كلمةٌ أخفُّ – أنَّ هذه الثروة النادرة لم تتمَّ المحافظة عليها من قِبَل الجامعة؛ ففي خطاب مفتوح وجهه البروفسير أحمد الصافي إلى مدير جامعة الخرطوم البروفسير مصطفى إدريس في الذكرى الأربعين لرحيل التجاني الماحي في العام 2010  كتب البروفسير الصافي ما نصُّه: “حين جُرِدَتِ المكتبة للمرة الثالثة في 2007، كان المفقودُ من الكتبِ قد وصلَ إلى (2742)، ومن الخرائط (158) خريطة، أي وصلت نسبة الفقد إلى (19%) ،ولاحظتْ كلُّ لجان الجرد، وأثبتت في تقاريرها تردِّيَ أحوالِ المكتبة، وأنَّ الأرْضَة قد أتلفتْ بعض المجموعات، وأشارتْ إلى غياب الصيانة والترميم والتجليد والتطهير لتلك المقتنيات مما أدى إلى تلف بعض الكتب، وأنَّ المخطوطات ليست في المكان المناسب من حيث الحفظ والإضاءة والتهوية. كما أوضحتْ تلك اللجانُ أنَّ المساحةَ المخصصة لتلك المكتبة صغيرة، وأن بيئتها يصعبُ التحكُّمُ فيها بما يناسب طبيعةَ المواد المحفوظة فيها” أ.هـ.

ويُثيرُ كلُّ ذلك حزمةً من الأسئلة المؤلمة حول المسؤول عن كل ذلك؟ وعن طبيعة العقليات التي تعاملت مع هذه الثروة النادرة التي لا تقدِّر بثمن بهذا الاستهتار؟ وعن مدى استفادة جامعة الخرطوم من مخطوطات التجاني؟ وكم تمَّ تحقيقها منها؟ وعن مصائر الكتب والخرائط التي نُهبت من المكتبة؟ وأين انتهى بها المطاف؟ وعما إذا كان ذلك النهب والإتلاف ما زال جاريًا لأنَّ الجرد المشار إليه يعود إلى العام 2007؛ فكم مخطوطةٍ وكم كتابٍ قد مرَّ تحتَ جسرِ النهب والإتلاف والإهمال منذ ذلك الوقت في هذا البلد الذي تُعَدُّ فيه المحاسبة حلمًا مترفًا؟

وتُقرأُ كلُّ هذه الأسئلة بالتزامن مع ما ذكره العلامة قاسم عثمان نور حول أنَّ “إحدى المكتبات العالمية عرضت على التجاني مبلغًا يقارب المليون دولار ثمنًا لمكتبته، ولكنه لم يأبهْ لهذا العرض وآثر الاحتفاظَ بها في السودان ليستفيدَ منها مواطنوه” الأمر الذي لم يحدث للأسف. كما يُقرأ مآلُ مكتبة التجاني تزامنًا مع تلك المعلومة المعروفة في أنَّ مكتبةَ الكونجرس التي تُعدُّ الآنَ المكتبة الأكبرَ في العالم، والتي تبلغ مساحتها 39 هكتارًا، وتمتدُّ رفوفُها على م
دى 856 كيلومترًا، وتحتوي على 130 مليون مادة مختلفة بـ 460 لغة قد بدأت مسيرتها الحالية  بعد أن زودها توماس جيفرسون (1737 – 1826) الذي يشابه التجاني في عدد من السمات كتشعب اهتماماته وموسوعية ثقافته وإجادته عددا من اللغات بمكتبته والتي لا تبلغ محتوياتها ثلثَ محتويات مكتبة التجاني الماحي؛ فمجموع الكتب  التي باعها جيفرسون للحكومة الأمريكية بمبلغ يقارب الأربعة وعشرين ألف دولار لتزوِّدَ بها مكتبةَ الكونغرس بعد احتراق المكتبة خلال الحرب في العام 1812 بلغ 6500 كتاب، بينما ناهزت كتب التجاني التسعة عشر ألفًا.

تجلَّت موسوعية التجاني الماحي وثقافته البينية الواسعة أيضًا في ريادته وتأسيسه؛ فقد قادت خُطاه – تضافرًا مع عبقريته الفردية – إلى شقِّ دروب كان رائداً فيها: فقد كان أولَّ من تخصَّصَ في الطب العقلي من السودانيين وفي أفريقيا بعامة، وأول طبيب نفسي سوداني 1947، ومؤسس أول عيادة للطب النفسي أكتوبر 1950، وصاحب أكبر مجموعة من المخطوطات، والمشرف على أول مؤتمر للصحة النفسية أقيم في جامعة الخرطوم 1966، وأول من أخضع بعض الممارسات الشعبية السودانية كالزار للفحص العلمي والمقاربة البينية.. وهكذا، ولم تكن الريادة في كل ذلك صورية بل كانت ريادة حقيقية فتحت الطريق واسعًا للبناء عليها.

كما تجلَّتْ أيضًا، هذه الموسوعية البينية، في إنتاجيته في الحقول المعرفية المختلفة مستثمرًا قدرةً فذةً على تشبيك حقول معرفية متعددة في وحدة معرفية متناغمة لا تعرف التشرذم، وهو ما يثير ذلك السؤال: هل تناسبت موسوعية التجاني الهائلة طرديًا مع إنتاجه أم التهمه ذئب الشره الهيجلي؟!

وذئبُ الشره المعلوماتي الهيجلي في توصيف عبد الوهاب المسيري في أحد حواراته هو أكثر الذئاب شراسةً، فالتوحُّش الهيجلي يتطلَّبُ من الإنسان أن يصلَ إلى أعلى مستويات التجريد، ويتعامل في الوقت نفسه مع أدنى مستويات التخصص، أيْ الجمع بين التجريد العام بإطلاقه، والتعين المعلوماتي بتخصيصه.

ويرى المسيري أنَّ مشكلة الذئب الهيجلي المعلوماتي أنَّهُ لا يشبعُ أبدًا، وكلما أطعمته ازداد نهمًا وشراهةً؛ فهو لا يعرف أين يتوقَّف، ومن أهمِّ آليات استئناسه في رأيه وضعُهُ داخلَ حدوده عبر التفرقة بين الكمال والاكتمال: الكمال الذي هو خاصية إلهية، والاكتمال الذي هو صفة بشرية؛ فهل التهم هذا الذئب الهيجليُّ الشرس عمر التجاني وشتَّتَ جهودَه؟!

يرى د. جعفر محمد علي بخيت في مقاله القيم عن التجاني،في الكتاب، أنَّ الولهَ الموسوعي بالثقافة قد قاد التجاني “إلى أنْ يكونَ متعدِّدَ المعارف متنوِّعَ الاهتمام قادرًا على ربط العلوم ببعضها وإيجاد الصلة بينها، ولكن هذا الشغف كانت له سلبياتُه فقد حرمه من ابتداع منهجية خاصة به، أو مذهب يفسِّر به ظواهرَ الحياة العامة، كما أنه قوَّى من اتجاه أسلوب تلقي المعاني الذي جعل بعض محاضراته يفقد التركيز الموضوعي حتى يصيرَ أحيانًا مثل مسرحيات اللامعقول عند صمويل بيكيت” أ.هـ.

وقد مدَّ محجوب باشري هذا الخيط إلى نهايتهِ، أي إلى أن لامس حدودَ التطرُّف؛ فقد استنتجَ بتسرُّعٍ يحسد عليه أنَّهُ: “لا شك أن التجاني قد قرأ كثيرا من صنوف المعرفة، واهتم بالتاريخ الروحي والإنساني في وادي النيل ورجع إلى أمهات الكتب، ولكنه لم يسجِّل عملا يستفيد منه الذين جاءوا من بعده”؛ وهو الاستنتاج الذي تكذبه قائمة ببليوغرافيا كتابات التجاني التي أعدها أحمد الصافي وأحمد يس نابري والتي تقدِّم مسحًا تقريبيًا بما تمَّ العثورُ عليه من كتاباته وكتبه التي ما زالت تترى بعد عقود من رحيله.

وربما كان خطأُ صاحب “روَّاد الفكرِ السوداني” أنَّهُ حاسبَ التجاني قياسًا على معرفته الموسوعية، أيْ رأَى أنَّ موسوعية التجاني ينبغي أن تتناسبَ طرديًا مع إنتاجه، وهذا أمر مستحيل تقريبا إلا في حالات نادرة مثل حالة ابن الجوزي (510 – 597هـ) الذي يُنسَب إليه كتابةُ ألفي مجلد، والسيوطي (849 – 911هـ) الذي ينسب إليه أكثر من خمسمائة مؤلف وهكذا.

ولكن ينبغي الاعتراف،بوضوح، أنَّ سادن المعرفة لم يخلِّفَ لنا الكثيرَ من الإنتاج على صعيد الكتب، ولكنه خلَّفَ العديدَ من المحاضرات والبحوث والمقالات التي يصعب حصرها رغم الجهد البيبلوغرافي القيِّم لأحمد الصافي، وطه بعشر، ويس نابري في جمعها وتصنيفها وإصدار بعضها؛ فكثيرٌ من المحاضرات التي قدَّمها بالداخل والخارج – ومن بينها مثلا أكثر من ثلاثين محاضرة بالجامعات العالمية – كان يعتمد فيها على قصاصات تضم رؤوس الموضوعات التي سيتحدث فيها بينما يتكفَّل استطراده الخصب، وذاكرته الحاضرة باستكمال المحاضرة من جميع جوانبها، وقُلْ مثل ذلك في جلساته المنزلية العامرة وأحاديثه الإذاعية، ومحاضراته الجامعية التي لم يتمَّ رصدها ونشرها؛ فذهبت أدراج الرياح، وهو الأمر الذي يمكن سحبُهُ أيضًا على أعلامٍ سودانيين كثر التهمتْ جلساتُ الونسة السودانية، وسحرُ المشافهة التي لا تقاوَم بسهولتها وانسيابيتها ومجانيتها كثيرًا من نتاجهم الفكري والإبداعي، وظلَّ ال
قليل الذي كتبوه موزَّعًا بين أيدي الأصحاب والمهتمين، والصحف والمجلات الغاربة، منتظرًا بيأسٍ من يجمعه ويقدِّمه لجمهرة القُرَّاء – ولهذه الأجيال التي لم تسمع سِوى بطيفِ أسمائهم من بعيد – حتى لا ينسربَ عطاؤهم غير المدوَّن بنهرِ النسيان العظيم حيث تغوص، رويدًا، رويدًا، كنوزُ العالم المهدورة، و
وعطاياه المغدورة
VID-20210511-WA0010.mp4
10.3 MB
وداعاً يا شهر رمضان