واعلم أن أعظَم مخلوق وأحقَره، وكذا أكثر مخلوق وأقلُّه، يستويان في قُدرة الله تعالى، فليس خَلقُ الأحقَر والأقلّ أهونَ عليه من خَلق الأعظم والأكثر، قال تعالى " وما أمرُنا إلا واحدةٌ كلمحٍ بالبَصر " قال البيضاوي: في اليُسر والسُّرعة، وقال تعالى:" إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " فظهَر أن مدار كون الأشياء على قول " كُن " فلا يُتصوَّر الفرق بين تكوين العظيم والحقير، والكثير والقليل " ما خلقكم ولا بعثُكم إلا كنفسٍ واحدة ".
ساجقلي زاده تــ١١٤٥هـ
ساجقلي زاده تــ١١٤٥هـ
هذا يومٌ اجتمعَت فيه مناسبتان متضادتان، كل واحدة منهما تقتضي شعورا خلاف ما تقتضيه الأخرى.
- أما الأولى فإنه يوم نجَّى الله فيه موسى عليه السلام من فرعون وجنوده، وصامَه رسول الله صلى الله عليه وسلم حمدًا لله وشُكرًا على نجاة أخيه، وجعلَه ظَرفا للفرحة، وموعدا للتوسعة على الأهل، وإدخالِ البهجة والسرور عليهم.
- وهو أيضا يوم مُنِيَت فيه هذه الأمة المسكينة بدمِ ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبيبه وسيّد شباب أهل الجنة سيدنا الحسين رضي الله عنه، وبَقِيَ هذا الحَدث الفظيع الجَلل في تاريخها سُبَّة عار لا يمحوه تبدُّلُ الأيام، ونقطة سوداء لا يُنسِيها اختلاف الليل والنهار، وإنْ نحمَد فإنا نحمد الله سبحانه وتعالى على أن طهَّر أيدينا من الولوغ في دمائه الزكية الطاهرة، فأخَّر وجودنا عن تلك الفتنة الصعيبة، ونسأله أن يَعصِم ألسنتنا كذلك عن الخوض دفاعا وتأييدا لأهل البغي والفسق والفجور الذين قتلوه وآذوه ومثّلوا به وفتكوا بآل بيته الأطهار، وكيف لا وإنَّ الخوضَ على هذا النحو يؤذي جدَّه صلى الله عليه وسلم في قبره، كما آذاه وأحزَنه في حياته لمَّا أُخِبر بوقوعه، وقد صحَّ عن إبراهيم النَّخعي أنه كان يقول: " لو كنتُ فيمن قاتَل الحسينَ ثم دخلتُ الجنة، لاستحييتُ أن أنظر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حياءً منه".
غير أن المؤمن الحصيف ما ينبغي أن يَجعل هذا اليوم موعدًا للعويل، والصُّراخ، والبكاء، والندبة، والنحيب؛ فيشابه أهلَ البدع والضلال، فإنه لا يُعرَف في الإسلام تجديد الأحزان، وإن في ذلك مخالفةً لِما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم من كونه يوم بهجةٍ وتوسعة.
وإنما ينتبه العاقل إلى تحصيل المعاني النافعة من ثورته وخروجه رضي الله عنه المتفق على صحّته ومشروعيته، تلك المعاني التي تصلح نهجا في الحياة لا يحيد المرء عنه، ونبراسا في زمن الغواية يُستضاء به، وميزانا صحيحا لكشف أهل الدعوى ومعرفة حقائق النفوس.
ففي ذِكرى الحسين تذكير بوجوب الثبات على المبدأ الحق مهما عظُمت المُغرِيات، وتكاثرت الدواهي والمُهلِكات.
وفي ذكرى الحسين تأكيد على وجوب الاستمساك بالشرف وتثبيتٌ لمعاني التضحية والمروءة والرجولية والفتوة والبطولة.
وفي ذِكرى الحسين رمزٌ لرفض الظلم والاستبداد والقهر والطغيان، الذي إن تغيَّرتْ أسماؤه الظاهرة لم تتبدل حقائقه البغيضة الزائفة.
وفي ذِكرى الحسين تأكيد على وجوب الإنكار على أهل الفساد والبغي مهما كلَّف ذلك من ثمن، وأنَّ قولَ الحق له أهله العاملون الصادقون لا الثرثارون الكذّابون، وعند صليل الزَّيف يَصدُق الابتلا.
وفي ذكرى الحسين تصريح بقبح المجرمين الظالمين الفاسدين، وأنَّ رغَد العيش إنْ غرَّهم اليوم فلن يرحمهم التاريخ والحقائق غدًا، وإن ربك لبالمرصاد.
وهكذا ترى في استنطاق الحوادث دروسا مفيدة هي أولى بالانتباه إليها والتحقُّق بها من الانتحاب والنشيج، وشقّ الصدور وضربِ الظهور.
وسلام الله على أبي عبد الله الحسين في العالمين.
- أما الأولى فإنه يوم نجَّى الله فيه موسى عليه السلام من فرعون وجنوده، وصامَه رسول الله صلى الله عليه وسلم حمدًا لله وشُكرًا على نجاة أخيه، وجعلَه ظَرفا للفرحة، وموعدا للتوسعة على الأهل، وإدخالِ البهجة والسرور عليهم.
- وهو أيضا يوم مُنِيَت فيه هذه الأمة المسكينة بدمِ ريحانة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبيبه وسيّد شباب أهل الجنة سيدنا الحسين رضي الله عنه، وبَقِيَ هذا الحَدث الفظيع الجَلل في تاريخها سُبَّة عار لا يمحوه تبدُّلُ الأيام، ونقطة سوداء لا يُنسِيها اختلاف الليل والنهار، وإنْ نحمَد فإنا نحمد الله سبحانه وتعالى على أن طهَّر أيدينا من الولوغ في دمائه الزكية الطاهرة، فأخَّر وجودنا عن تلك الفتنة الصعيبة، ونسأله أن يَعصِم ألسنتنا كذلك عن الخوض دفاعا وتأييدا لأهل البغي والفسق والفجور الذين قتلوه وآذوه ومثّلوا به وفتكوا بآل بيته الأطهار، وكيف لا وإنَّ الخوضَ على هذا النحو يؤذي جدَّه صلى الله عليه وسلم في قبره، كما آذاه وأحزَنه في حياته لمَّا أُخِبر بوقوعه، وقد صحَّ عن إبراهيم النَّخعي أنه كان يقول: " لو كنتُ فيمن قاتَل الحسينَ ثم دخلتُ الجنة، لاستحييتُ أن أنظر إلى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حياءً منه".
غير أن المؤمن الحصيف ما ينبغي أن يَجعل هذا اليوم موعدًا للعويل، والصُّراخ، والبكاء، والندبة، والنحيب؛ فيشابه أهلَ البدع والضلال، فإنه لا يُعرَف في الإسلام تجديد الأحزان، وإن في ذلك مخالفةً لِما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم من كونه يوم بهجةٍ وتوسعة.
وإنما ينتبه العاقل إلى تحصيل المعاني النافعة من ثورته وخروجه رضي الله عنه المتفق على صحّته ومشروعيته، تلك المعاني التي تصلح نهجا في الحياة لا يحيد المرء عنه، ونبراسا في زمن الغواية يُستضاء به، وميزانا صحيحا لكشف أهل الدعوى ومعرفة حقائق النفوس.
ففي ذِكرى الحسين تذكير بوجوب الثبات على المبدأ الحق مهما عظُمت المُغرِيات، وتكاثرت الدواهي والمُهلِكات.
وفي ذكرى الحسين تأكيد على وجوب الاستمساك بالشرف وتثبيتٌ لمعاني التضحية والمروءة والرجولية والفتوة والبطولة.
وفي ذِكرى الحسين رمزٌ لرفض الظلم والاستبداد والقهر والطغيان، الذي إن تغيَّرتْ أسماؤه الظاهرة لم تتبدل حقائقه البغيضة الزائفة.
وفي ذِكرى الحسين تأكيد على وجوب الإنكار على أهل الفساد والبغي مهما كلَّف ذلك من ثمن، وأنَّ قولَ الحق له أهله العاملون الصادقون لا الثرثارون الكذّابون، وعند صليل الزَّيف يَصدُق الابتلا.
وفي ذكرى الحسين تصريح بقبح المجرمين الظالمين الفاسدين، وأنَّ رغَد العيش إنْ غرَّهم اليوم فلن يرحمهم التاريخ والحقائق غدًا، وإن ربك لبالمرصاد.
وهكذا ترى في استنطاق الحوادث دروسا مفيدة هي أولى بالانتباه إليها والتحقُّق بها من الانتحاب والنشيج، وشقّ الصدور وضربِ الظهور.
وسلام الله على أبي عبد الله الحسين في العالمين.
ومعرفة ما يَقبل التأويل وما لا يَقبله ليس بالهَيِّن، بل لا يَستقِلُّ به إلا الماهر الحاذق في علم اللغة، العارفُ بأصل اللغة، ثم بعادة العرب في الاستعمال، وفي استعارتها وتجوُّزها ومنهاجها في ضربِ الأمثال.
- الإمام الغزالي-
- الإمام الغزالي-
ولا بد من التنبيه على قاعدة أخرى، وهي أن المخالف قد يخالف نصّاً متواتراً، ويزعم أنه مؤوَّل، ولكن ذِكرُ تأويله لا انقداح له أصلاً في اللسان، لا على بُعد، ولا على قُرب، فذلك كُفر، وصاحبه مُكذِّب، وإن كان يزعم أنه مؤوَّل.
مثاله: ما رأيتُه في كلام بعض الباطنية: أن الله تعالى واحد، بمعنى أنه يُعطي الوَحدة ويخلُقها، وعالم، بمعنى أنه يُعطي العِلم لغيره ويخلقه، وموجود، بمعنى أنه يُوجِد غيرَه.
وأمَّا أن يكون واحداً في نفسه، وموجوداً، وعالماً، على معنى اتصافه، فلا، وهذا كفر صُراح ؛ لأن حمل الواحد على إيجاد الوَحدة، ليس من التأويل في شيء ولا تحتمله لغة العرب أصلاً، ولو كان خالقُ الوَحدة يسمى خالقاً ؛ لِخَلقِه الوَحدة لَسُمّي ثلاثاً، وأربعاً؛ لأنه خلق الأعداد أيضاً.
فأمثلة هذه المقالات: تكذيبات، عُبِّر عنها بالتأويلات.
- الإمام الغزالي-
ومعروفٌ عنه رضي الله عنه أنه نقضَ مذهب الباطنية وأسّس القواعد المتينة وذكَر الفروق المُبينة الكاشفة عن مسالك أهل الحق وتلاعبات أهل المقالات البدعية الباطلة في تعاملهم مع نصوص الوحي ومع المُشكِل من ألفاظه، وبعد هذا كله يأتي امرؤ لا خلاق له فيزعم أن كلام الغزالي في التأويل يؤوْل إلى مذهب الباطنية، سبحانك هذا بهتان عظيم.
مثاله: ما رأيتُه في كلام بعض الباطنية: أن الله تعالى واحد، بمعنى أنه يُعطي الوَحدة ويخلُقها، وعالم، بمعنى أنه يُعطي العِلم لغيره ويخلقه، وموجود، بمعنى أنه يُوجِد غيرَه.
وأمَّا أن يكون واحداً في نفسه، وموجوداً، وعالماً، على معنى اتصافه، فلا، وهذا كفر صُراح ؛ لأن حمل الواحد على إيجاد الوَحدة، ليس من التأويل في شيء ولا تحتمله لغة العرب أصلاً، ولو كان خالقُ الوَحدة يسمى خالقاً ؛ لِخَلقِه الوَحدة لَسُمّي ثلاثاً، وأربعاً؛ لأنه خلق الأعداد أيضاً.
فأمثلة هذه المقالات: تكذيبات، عُبِّر عنها بالتأويلات.
- الإمام الغزالي-
ومعروفٌ عنه رضي الله عنه أنه نقضَ مذهب الباطنية وأسّس القواعد المتينة وذكَر الفروق المُبينة الكاشفة عن مسالك أهل الحق وتلاعبات أهل المقالات البدعية الباطلة في تعاملهم مع نصوص الوحي ومع المُشكِل من ألفاظه، وبعد هذا كله يأتي امرؤ لا خلاق له فيزعم أن كلام الغزالي في التأويل يؤوْل إلى مذهب الباطنية، سبحانك هذا بهتان عظيم.
لولا أن الهداية والاستقامة معونةٌ من الله تعالى للعبد وتفضُّلٌ منه عليه لم يحُزها بذكاء ولم يُحصّلها بعلم - لَما كان الأنبياء عليهم السلام وهم أشرف الخلق وأعرفُهم بالله يسألون الله سبحانه الثبات والخاتمة الحسنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك" وقال يوسف عليه السلام " توفّني مُسلِما وألحِقني بالصالحين " والاعتماد في الكل على الله، ولا يفيد التعويل التام على العلوم إلا مزيدا من الغرور المؤذِن بإيكال الله العبدَ لنفسه، فيتيه في مهامه الأفكار ولا يهتدي إلى الحق سبيلا، ومَن اعتمد على عقله زلّ، أيها الناس، لا أحدَ يمنُّ على الله بإيمانه، ولا أحد له مع الله سلطان، " قل لا تمنوا عليّ إسلامكم، بل الله يمنّ عليكم أنْ هداكم للإيمان " وسائر الغفلات تتمكن من القلب بسبب هجْر الجانب الروحي من الدين والاستهتار به وقلة الاكتراث به، وهو في الحقيقة العاصم من هذه الفتن والمُخرِج من ظلماتها، ولا قوة إلا بالله، ولا عصمة إلا به، ولا نجاة إلا بمعيّته، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وأكثرُ الخَلق جاهلون بقلوبهم وأنفسهم، وقد حِيل بينهم وبين أنفسهم، فإن الله يحُول بين المرء وقلبه.
وحَيلولتُه بأن : يمنعَه عن مشاهدته ومراقبته ومعرفة صفاته وكيفية تقلُّبه بين إصبعين من أصابع الرحمن، وأنه كيف يهوي مرةً إلى أسفل السافلين، وينخفض إلى أفق الشياطين، وكيف يرتفع أخرى إلى أعلى عليين، ويرتقي إلى عالم الملائكة المقرّبين.
ومن لم يَعرف قلبه ليراقبه ويُراعِيَه ويترصَّد لِما يلُوح من خزائن الملكوت عليه وفيه فهو ممن قال الله تعالى فيه :" نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون " فمعرفة القلب وحقيقة أوصافه أصلُ الدين وأساسُ طريق السالكين.
- الإمام الغزالي-
وحَيلولتُه بأن : يمنعَه عن مشاهدته ومراقبته ومعرفة صفاته وكيفية تقلُّبه بين إصبعين من أصابع الرحمن، وأنه كيف يهوي مرةً إلى أسفل السافلين، وينخفض إلى أفق الشياطين، وكيف يرتفع أخرى إلى أعلى عليين، ويرتقي إلى عالم الملائكة المقرّبين.
ومن لم يَعرف قلبه ليراقبه ويُراعِيَه ويترصَّد لِما يلُوح من خزائن الملكوت عليه وفيه فهو ممن قال الله تعالى فيه :" نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون " فمعرفة القلب وحقيقة أوصافه أصلُ الدين وأساسُ طريق السالكين.
- الإمام الغزالي-
أشدُّ واللهِ ما أحزنني في أمْر تصريح الأستاذ عا دل ( أبو عبد الرحمن الحنبلي سابقا ) بتركِه الإسلام ونكوصه عنه هو هذه التعليقات القميئة اللزجة التي لا أدري أيّ قلوب قُدَّت هي منها ولا أيّ نفوس جوفاء تمخَّضت عنها ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فالناس هناك بين شامت وساخر ومازح مزاحا ثقيلا ثِقل روحه وسمْجا سماجة وجهه، فمن قائل: " ماتلحد ولّا تغور في ستين داهية " وقائل:" مبروك عليك جهنم مع أبو لهب " وقائل : " انت أصلا شخص مجهول وغالبا في الأصل مش مسلم وجاي تشكك الناس في دينهم " وقائل :" انت بتعمل ده كله عشان تنقد عقيدة السلفيين " وأمواج متلاطمة من التعليقات القبيحة الكفيلة بتدمير أيّ نفسية مهما كانت قوية ومتماسكة، يا ناس، يا قوم، هل ضمنَ الله لكم دوام قلوبكم على دينه وطاعته، هل اتخذتم عند الله عهدا بالخواتيم الحسنة، أو أن الله نزع الشفقة والرحمة من قلوبكم على شخص كان منكم، وكان لبعضكم معه أحاديث وذكريات وأسمار، متى طُمست البصائر حتى أمِنت مكرَ الله بها بكل هذا الحدّ، هل تعتقد حقا في نفسك أنك بمأمن من الفتنة وبمنجاةٍ من الزلل! هل تظنّ في ذاتك أنك أكرم على الله ممن حكم عليهم بالنار وقضى عليهم بالعذاب! إن كنت كذلك فراجع نفسك فإنك والله على خطر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم تمرّ به جنازة الكافر فيبكي ويقول " نفسٌ تفلَّتت مني إلى النار " فادعوا للأخ بالهداية واسألوا الله العافية.
يا إله العالمين، إني أرى الخَلق مُطْبِقين على أنك أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، فكل ما مدَّ به قلمي أو خطَر ببالي فأستشهد، وأقول: إن علمتَ مني أني أردتُّ به تحقيقَ باطل أو إبطال حقٍّ فافعل بي ما أنا أهله، وإن علمتَ مني أني ما سعيتُ إلا في تقرير ما اعتقدتُّ أنه هو الحق وتصورتُ أنه الصدق فلتكن رحمتُك مع قصدي لا مع حاصلي، فذاك جُهد المُقِلّ، وأنت أكرم مِن أن تُضَايق الضعيف الواقع في الزلة، فأغِثني وارحمني واستُر زَلّتي وامْحُ حَوبتي يا من لا يزيد مُلكَه عرفانُ العارفين ولا ينتقص بخطأ المُجرمين.
وأقول: ديني متابعة محمد سيد المرسلين وكتابي هو القرآن العظيم وتعويلي في طلب الدين عليهما
اللّهم يا سامع الأصوات، ويا مجيب الدعوات، ويا مُقيل العثرات، ويا راحم العبرات، ويا قيَّام المُحدَثات والممكنات، أنا كنتُ حسَن الظن بك عظيم الرجاء في رحمتك وأنت قلتَ" أنا عند ظن العبد بي" وأنتَ قلت " أمّن يجيب المضطر إذا دعاه" وأنت قلت " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب" فهب أني ما جئتُ بشيء فأنت الغني الكريم وأنا المحتاج اللئيم، وأعلم أنه ليس لي أحد سواك ولا أجد محسناً سواك، وأنا معترف بالزلة والقصور والعيب والفتور، فلا تخيِّب رجائي، ولا تردَّ دعائي واجعلني آمناً من عذابك قبل الموت وعند الموت وبعد الموت، وسهِّل عليَّ سكرات الموت وخفِّف عني نـزول الموت ولا تضيّق عليَّ فأنت أرحم الراحمين .
- من وصية الإمام الرازي رحمه الله قبل موته -
وأقول: ديني متابعة محمد سيد المرسلين وكتابي هو القرآن العظيم وتعويلي في طلب الدين عليهما
اللّهم يا سامع الأصوات، ويا مجيب الدعوات، ويا مُقيل العثرات، ويا راحم العبرات، ويا قيَّام المُحدَثات والممكنات، أنا كنتُ حسَن الظن بك عظيم الرجاء في رحمتك وأنت قلتَ" أنا عند ظن العبد بي" وأنتَ قلت " أمّن يجيب المضطر إذا دعاه" وأنت قلت " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب" فهب أني ما جئتُ بشيء فأنت الغني الكريم وأنا المحتاج اللئيم، وأعلم أنه ليس لي أحد سواك ولا أجد محسناً سواك، وأنا معترف بالزلة والقصور والعيب والفتور، فلا تخيِّب رجائي، ولا تردَّ دعائي واجعلني آمناً من عذابك قبل الموت وعند الموت وبعد الموت، وسهِّل عليَّ سكرات الموت وخفِّف عني نـزول الموت ولا تضيّق عليَّ فأنت أرحم الراحمين .
- من وصية الإمام الرازي رحمه الله قبل موته -
واعلم أن أصل الأمور راجعة إلى العطايا الربانية، وأن الله تعالى لا يُخْلِي عبادَه وبلادَه من قائمٍ لله بِحُجّة على ما أشارَت إليه الأخبار وذهَب إليه العلماء الأخيار، ولا شك في اختلاف الناس وتباعُد مراتبهم في أمرين:
- في الفهم.
- وفي حسن التعبير عن المفهوم.
- ابن الوزير اليماني تــ٨٤٠هـ
- في الفهم.
- وفي حسن التعبير عن المفهوم.
- ابن الوزير اليماني تــ٨٤٠هـ
خطاب الغرب الأوربي للعالَم المشرقي مليء بالأغاليط والضحك على الذقون بشكل في غاية الاستفزاز، بعد عشرين عاما من احتلال الأفغان ومصادرة حرياتهم وتكميم أفواههم واغتصاب حقوقهم وانتهاب خيراتهم وثرواتهم، حتى نال القوم حقوقهم كِفاحا وجهادا- يتظاهر الغرب الآن أنه قلقٌ جدا على حقوق المرأة في أفغانستان، ومتخوّف جدا على المسار الديمقراطي هناك، ولا ينام الليل حِرصا على الحريات لديهم، لا والنبي يا شيخ! ده ايه البجاحة دي يا أخي!
لا يلزم للمسلم أن يطّلِع على كل ديانات العالم وثقافاته وأن يتخصص في مقارنة الأديان لكي يتأكد أن دينه هو الدين الحق الوحيد، وما سواه باطل، ومحاولة التشكيك بمثل هذا والقول بأنك كيف عرفتَ صحة الإسلام ولم تطالع غيره من الأديان- لا تدخل إلا على ضعاف النفوس، فيكفيه فقط أن ينظر في تعاليم دينه ليعلم أنها كلها حق وخير وجمال وعدل، وفي أوصاف الإله الذي أخبره عنه نبيه صلى الله عليه وسلم، ليجد أنه موصوف بكل كمال ومُنزّه عن كل نقص، ثم ينظر في أحوال رسوله صلى الله عليه وسلم، ويطالع سيرته وأخباره وأوصافه وشمائله، ويعرّج على سيرة أصحابه رضي الله عنهم، ويعرف لماذا آمن به هؤلاء بعد أن كانوا أشد الناس عداء له، وكيف حصل هذا، وهكذا، ثم يتوجه إلى القرآن الكريم فيقرأه قراءة خالصة واعية، ويتعرف منه على الأوامر والنواهي وما الذي يدعو إليه وينهى عنه، وما دام ثبَت له صِدق الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم الأنبياء والمرسلين وأن القرآن كلام الله وأنه آخر كُتبه المنزلة، وأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فهو على هذا الاعتقاد لا يتزحزح عنه حتى يستطيع مخلوق أن يُثبت عكس ذلك بدليل غير محتمل، وبهذا يكون المسلم قد اختار الإسلام بمحض إرادته لم يُجبر عليه ولم يقلّد فيه أبًا ولا أمًّا.
مِثل سفيان الثوري رضي الله عنه يقول:" إني أخاف أن أُسلَب الإيمان قبل موتي " ما معنى هذا !!
بعض قومنا يفهمون أمثال هذه العبارات على ضعف اليقين والتذبذب في الاعتقاد وسرعة التقلب مع الشبهات، ويستعيذون بالله ممن هذه حاله.
والعقلاء يحملونه على التواضع منه والخوف من مكْر الله به والخشية من جرْي القلم عليه بالعذاب ومن القضاء عليه بالنار، بتغيير قلبه وصرْفه عن ربه، فإن القلوب بين يديه يقلّبها كيف يشاء، وهو الغني عن العالمين، لو آمن به من في الأرض جميعا ما زادوه في مُلكه شيئا، ولو كفروا جميعا ما نقصوه شيئا، وسفيان رضي الله عنه خيرُ من يعلم ذلك ويدريه، فيشفق على نفسه ولا يغترّ بفضل الله عليه، فكيف بنا نحن وليس لنا عبادة مثل عبادته ولا يقين كيقينه!
بعض قومنا يفهمون أمثال هذه العبارات على ضعف اليقين والتذبذب في الاعتقاد وسرعة التقلب مع الشبهات، ويستعيذون بالله ممن هذه حاله.
والعقلاء يحملونه على التواضع منه والخوف من مكْر الله به والخشية من جرْي القلم عليه بالعذاب ومن القضاء عليه بالنار، بتغيير قلبه وصرْفه عن ربه، فإن القلوب بين يديه يقلّبها كيف يشاء، وهو الغني عن العالمين، لو آمن به من في الأرض جميعا ما زادوه في مُلكه شيئا، ولو كفروا جميعا ما نقصوه شيئا، وسفيان رضي الله عنه خيرُ من يعلم ذلك ويدريه، فيشفق على نفسه ولا يغترّ بفضل الله عليه، فكيف بنا نحن وليس لنا عبادة مثل عبادته ولا يقين كيقينه!
قرَّر الإمام السبكي رحمه الله قاعدة مشهورة في كتابه " الإبهاج " تتعلق بنظر الأصوليين في كلام العرب، وهي أنهم يُدقّقون في أشياء لا يراعيها اللغويون والنحويون، لِما أنها لا تدخل في صناعتهم بالذات بل بالعرَض، بخلاف نظر الأصولي، فإنه يصل منها إلى فهوم خادمة لصناعته المتعلقة بالذات بالكشف عن مراد الشارع الحكيم، وبهذا الاعتبار فإنه يصح - والله أعلم- أن تكون أنظار الأصوليين نابعة من فهوم العرب للخطاب الشرعي بل ويمكن أن تكون مطابقة لها بحيث لا فرقَ إلا في مجرد الاصطلاح فحسب، وليست أنها مجرد اجتهادات لا يؤبه لها.
وقد ضرَب السبكي أمثلة لهذا الأمر ببعض صيغ العموم، وللقرافي كتاب كامل في أحكام الاستثناء في الأصول وارتباطها بالنحو وفيه دقائق كثيرة، ويمكن والله أعلم إعداد بحث في هذه التدقيقات الأصولية الزائدة على صناعة النحو مع استنباطها منه.
ومن الأمور المذكورة هنا مثلا أننا إذا قلنا: قام القوم إلا زيدا، فهنا ثلاثة أشياء: ما قبل إلا وهو مُخرَج منه، أو مستثنى منه، و" إلا " وهي مُخْرِجة " و " زيدا " وهو مُخرَج، والقاعدة عند جمهور الأصوليين أن ما خرَج من نقيضٍ دخَل في نقيضه.
ثم اختلفوا بعد ذلك : هل " زيد " مُخرَج من القيام، أم هو مُخرَج من الحُكم بالقيام، فعند الجمهور أنه مُخرَج من القيام، وعلى هذا فلما ثبت لِما قبله القيام ثبت لزيد عدم القيام، فمعنى قولك : قام القوم إلا زيدا، أن القوم قيام، وزيد غير قائم، وأما عند الحنفية فهو مُخرَج من الحكم بالقيام، ومعنى قولك : قام القوم إلا زيدا، أنهم قاموا إلا زيدا، وزيد لم يُحكَم عليه لا بقيام ولا بغيره.
ومن اللطائف المتعلقة بذلك ما حكاه الإمام الطاهر ابن عاشور رحمه الله أن جدَّه كان يحضر مأتم عزاء وكان بعض الحاضرين من علماء الحنفية فلما قرأ القارئ" فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبَى " فقال ذلك العالم الحنفي: هذا يشهد لمذهبنا، لأنه لو كان الاستثناء يقتضي وصفَ المستثنى بنقيضِ حُكم المستثنى منه لَمَا كانت هناك فائدة في زيادة قوله " أبَى" لإغناء " إلا " عنها، فقال جدُّ الإمام الطاهر على البديهة: فائدة الزيادة تسجيلُ العصيان والكفر على إبليس، لأن تركَ السجود قد يكون لعذر من عدم حضور أو سوء فهم أو نحو ذلك.
وقد ضرَب السبكي أمثلة لهذا الأمر ببعض صيغ العموم، وللقرافي كتاب كامل في أحكام الاستثناء في الأصول وارتباطها بالنحو وفيه دقائق كثيرة، ويمكن والله أعلم إعداد بحث في هذه التدقيقات الأصولية الزائدة على صناعة النحو مع استنباطها منه.
ومن الأمور المذكورة هنا مثلا أننا إذا قلنا: قام القوم إلا زيدا، فهنا ثلاثة أشياء: ما قبل إلا وهو مُخرَج منه، أو مستثنى منه، و" إلا " وهي مُخْرِجة " و " زيدا " وهو مُخرَج، والقاعدة عند جمهور الأصوليين أن ما خرَج من نقيضٍ دخَل في نقيضه.
ثم اختلفوا بعد ذلك : هل " زيد " مُخرَج من القيام، أم هو مُخرَج من الحُكم بالقيام، فعند الجمهور أنه مُخرَج من القيام، وعلى هذا فلما ثبت لِما قبله القيام ثبت لزيد عدم القيام، فمعنى قولك : قام القوم إلا زيدا، أن القوم قيام، وزيد غير قائم، وأما عند الحنفية فهو مُخرَج من الحكم بالقيام، ومعنى قولك : قام القوم إلا زيدا، أنهم قاموا إلا زيدا، وزيد لم يُحكَم عليه لا بقيام ولا بغيره.
ومن اللطائف المتعلقة بذلك ما حكاه الإمام الطاهر ابن عاشور رحمه الله أن جدَّه كان يحضر مأتم عزاء وكان بعض الحاضرين من علماء الحنفية فلما قرأ القارئ" فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس أبَى " فقال ذلك العالم الحنفي: هذا يشهد لمذهبنا، لأنه لو كان الاستثناء يقتضي وصفَ المستثنى بنقيضِ حُكم المستثنى منه لَمَا كانت هناك فائدة في زيادة قوله " أبَى" لإغناء " إلا " عنها، فقال جدُّ الإمام الطاهر على البديهة: فائدة الزيادة تسجيلُ العصيان والكفر على إبليس، لأن تركَ السجود قد يكون لعذر من عدم حضور أو سوء فهم أو نحو ذلك.
وكم من شخصٍ خاض في العلوم و استضرّ بها، ولو لم يخُض فيها لكان حاله أحسن في الدين مما صار إليه، ولا يُنكَر كونُ العلم ضارًّا لبعض الناس كما يضُرُّ لحمُ الطير وأنواع الحلوى بالصبيّ الرضيع .... وكم من شيء تطّلع عليه فيضُرّك اطّلاعك عليه ضررًا يكاد يُهلكك في الآخرة إن لم يتداركك اللّٰه برحمته.
- الإمام الغزالي-
- الإمام الغزالي-
" وَسُنوح إشكالٍٍ في ذهنِ عالمٍ في مسألة أسَّسها الكُبراء من أهل العلم لا يجعلها غيرَ مُعتدٍّ بها ".
- العلامة عبد اللطيف السّندي تــ١١٨٩هــ
- العلامة عبد اللطيف السّندي تــ١١٨٩هــ
موضوع تاريخية المعجزة وإشكالها الذي لا يملّ الملحدون من التأكيد عليه ليلا ونهارا أصبح أمرا لافتا للنظر، فالقوم لديهم تصور عجيب عن أن معجزةً مثل انشقاق القمر مثلا كان يجب لإثبات وقوعها أن ينقلها رواة الأخبار ومدوّنو التواريخ أو على الأقل أن يكون لها أثر على أرض القمر، مع أن الرحّالة لم يشيروا إلى شيء من هذا من قريب أو بعيد، وهي مصادرة غريبة وإلزام بما لا يلزم لا يقول به عارف بفقه المعجزة؛ إذ من شأن الأمر الخارق للعادة أن يكون واقعا على سبيل الإقناع للمنكرين فحسب دون أن يسلب منهم اختيارهم العقلي للإيمان بطريق استمراره وظهوره الدائم، فلو أن انشقاق القمر مثلا صار أمرا ظاهرا للناس أجمعين وفي كل الأماكن وفي كل العصور لَكان من الممكن جدا أن يقال إنه أمر من طبائع الكون ومن مظاهر الطبيعة ومن نواميس الوجود، وليس مختصا بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا حدث من أجله، ولَتساوَى جميع الناس في الإلجاء إليه والاعتراف به، فلا يكون هناك معنى للتكليف الإلهي بالإيمان أصلا، فيستوي مثل أبي بكر وأبي جهل في الاضطرار إليه، ويُلغَى اختيار العقل من أصله الذي على أساسه يكون التكليف، وهذا مخالف للحكمة ومناهض لها فإن الله يريد من العبد أن يؤمن به مختارا لا مضطرا.
العلم بالدليل لا يُخرِج المقلّدَ عن تقليده، وإنما المعتبَر مَلكةُ استنباط الأحكام الشرعية عن أدلتها، مع انتفاء المُعارِض ومعرفة الناسخ والمنسوخ ونحو ذلك.
العلامة عبد اللطيف السندي تــ١١٨٩هـ
العلامة عبد اللطيف السندي تــ١١٨٩هـ