الدُّرّ النَّثِير
27.3K subscribers
2.62K photos
683 videos
309 files
513 links
Download Telegram
Forwarded from كتب المعقولات (MOURAD CHEGDANE)
hodouthAlemAttar.pdf
5.6 MB
رسالة في حدوث العالم والفرق بين أزلية الإمكان وإمكان الأزلية
العلامة المحقق حسن العطار

🔶مطبوع


🌷 @kobPDF 🌷
Forwarded from العلوم العقلية | سامي السميري (سامي السميري)
[الفخر الرازي يرى في مطالبه أنّ شبه محمد بن زكريا الرازي الطبيب المعروف على القائلين بالتحسين والتقبيح العقلي لا يمكنهم التفصي عنها، ويكفيك أنّ الذي يرى ذلك الفخر الرازي 😁]
ولعلَّنا طَوَّلْنا بجلبِ هذه الأنقال لنُزِيلَ ما انتقَش في أذهان القاصرين المقلِّدين لبعض المتأخرين؛ حيث يُصرِّح بتكفير كلّ مَن خالَف أهل السُّنة، وهو كلام لا يَحِلُّ السكوتُ عليه، ولعلَّه قاله تنفيرًا عن اتِّبَاعِهم، ومع ذلك ففيه ما فيه، والحمد لله رب العالمين.

- البرهان اللقَّاني تــ1041هـ -
Forwarded from العلوم العقلية | سامي السميري (سامي السميري)
وصلني ولله الحمد هذا العمل قبل مدة، وكنت أتناوله بشكل انتقائي، ولكنه عمل رائع بالفعل وإن كان هناك أخطاء يمكن استدراكها من المتخصص، ومما يميز العمل جدا ربط المحققين بين اعتراضات نصير الدين الحلي في شرحه وأجوبة السيد الشريف الجرجاني عليها أو استداركات السيد على تقريرات الحلي، وكذلك المقدّمة التي كتبها المحققون للترجمة بالمصنفين، وللتعريف بمنزلة الحاشية في الدرس التعليمي، ولك أن تتخيل أنّ هذا الكتاب مقرر في (مدارس العشرينات) عند العثمانيين، وهذه المدارس (أدنى) مراحل التعليم العالي*، وكذلك حصل من المحققين بيان لتوهم الدكتور سعيد فودة بأنّ رسالة مراتب الموجودات هي بعينها رسالة السيد الشريف في وحدة الوجود، والتي نسبها كثير من المحشين له وقد أصل فيها لوحدة الوجود تأصيلا نظريا على خلاف التأصيل الصوفي المعهود.

*أتمنى ألا يكتب التاريخ عنا شيئا.
نفور بعض الناس من كل ما هو قديم أو موروث، واحتفالهم البالغ بكل ما هو جديد، وصبغُهم له بالأوصاف البرّاقة والمدح البالغ - إنما هو حالةٌ نفسية تربط بين القديم والجمود وبين الجديد والنهضة والتطور، وقد عزَّز الغربيّون تثبيت هذه الحالة وتدعيمها وتقويتها في نفوسنا حتى غدَت من الثوابت الراسخة عند البعض، فينفر من كل القديم بشتى صوره فقط لأنه قديم بالٍ، ويهشّ ويبشّ ويطرب للجديد لأنه كذلك، مع أن من شأن العاقل المتّزن أن يزِن الأمور بميزان الحق والعدل والصواب والاتساق مع المبادئ الحقّة من الدين والأعراف، فما جرى منها في مضمارها فهو الأحقّ بالقَبول، وما خالفها وخرجَ عنها فهو المطروح المهجور، ولِحاظ هذا الجانب النفسي ومراقبة انفعالات النفس تجاه مفاهيم القديم والجديد من أهم الأشياء، هذا فضلا عما يستتر وراء الدعوة إلى كل جديد من الانبتات عن أصولنا وجذورنا وهُويّتنا الدينية والعربية، وهذا حديث آخر.
المجتمع العربي القديم الذي يروق لأكثر مَن يَدَّعون المدنية الآن أن يَصِفوه بالتخلُّف والرجعية والأمّية وسائر ما يُعطَف على هذه المعاني- كان أكثر وعيًا وحضارة ورُقِيّا وجمالا في كثير من نواحي الحياة الاجتماعية مما عليه نحن الآن.

وانظر مثلا إلى مسألة الزواج التي اقتَربت أن تكون الآن في مجتمعنا أقرَب إلى الصورة المسيحية، إذ تَحكُم الظروفُ الاقتصادية والأوضاع العرفية الاجتماعية على أكثر الناس بأبدِيَّة الزواج، مهما كانت مشاكله، ومهما لاقى الزوجان من العنتِ والضيق والنفور وعدم الراحة والاستقرار، فالزوج مُكَبَّل بالتكاليف الاقتصادية والمسؤوليات، والزوجة ممنوعة بنظرةِ المجتمع وطريقة معاملته البئيسة وتعامله القاسي المُجحِف مع المُطلَّقة، وهو واقع كئيب لم تستطع الكلمات الإنشائية والندوات والمؤتمرات والجمعيات أن تُغيّر منه شيئا، فتتحوَّل الحياة بينهما إلى سجن حقيقي، إلا أنه يسمح لكل منهما فيه بالتحرك في مساحة أوسع قليلا من السجن المعهود، والأعزَب يلاقي من الإرهاقِ في تحمُّل أعباء الزواج ما يُؤثر معه العُزوبية على ما فيها من نَصَب وكَرب وكَبت، إن كان قويَّ الدين، ومن عَبَثٍ وضياعٍ وعربدة إن لم يكن كذلك.

أما ذاك الشأن في المجتمع العربي العتيق فقد كان أسهلَ وأيسَر مما تتصوّر، الأعزب ينكح مطلقة، لِتحفظَ إخوته الصغار، كما في خبر جابر رضي الله عنه، والشيخ الكبير ينكح فتاة صغيرة تصغره بأكثر من أربعين سنة، كما في خبر عمر رضي الله عنه مع أم كلثوم بنت سيدنا علي رضي الله عنه، ويتزوّج الواحد منهم زوجة صديقه الذي مات، يحفظها، ويصونها، ويعفها، ويرعاها، كما في خبر زواجات أسماء بنت عميس رضي الله عنها، فقد كانت أوًّلا زوجة سيدنا جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، ثم مات فتزوّجها سيدنا أبو بكر رضي الله عنه، ثم مات، فتزوّجها سيدنا علي رضي الله عنه، والرجل له أكثر من زوجة، بنات عمات وخالات، بعضهن أبكار، وبعضهن ثَيّبات.

وأظن أن تلك العلاقات الشرعية الحاصلة في هذا المجتمع العتيق الراقي، مع سهولتها ويسرها وبساطتها قد صبَغته بالطهارة العامة والعفة الشاملة، حتى تضاءلت حوادث الزنا إلى أبعد غاية، فلم تُؤثَر إلا عدة حوادث لا تُمثّل نسبةً ذات بال .

ثم انظر الآن إلى المجتمعات المدنية، واعقد مقارنة عابرة، ليتبيّن لك البون الشاسع بين المُجتمعَينِ.

وهذا الأمر كان ينبغي أن يكون أولى الموضوعات للمُولَعين بالكلام عن حقوق المرأة، بدلَ أن يشغلونا بأشياء بعيدة كل البعد عن طبيعة المجتمع الشرقي، وهي دخيلة عليه، ولا تناسبه من قريب أو بعيد.
Forwarded from نهاية العقول
من تراث إمام العقلاء ظل الله على الانام
فخرالدين الرازي🙏👇

١=كتاب المحصل للإمام فخر الدين الرازي يحتوي على جل كلام المتكلمين وأدلتهم مع دقائق لطيفة ونكت شريفة من مباحث الحكماء المتقدمين والمتأخرين
- الإمام نجم الدين الكاتبي -

المحصل للإمام فخر الدين الرازي، وهو لعمري كتاب محذق
- الإمام ابن بزيزة -

٢=أجود ما للإمام الرازي المطالب العالية في العلم الإلهي
- الإمام الزركشي ناقلا عن بعض المشايخ -

٣=نهاية العقول للإمام الرازي لم يؤلف أحد مثله.
- العلامة الخسروشاهي -

٤=كتاب الملخص للإمام فخر الدين الرازي أشرف ما صنف في العلوم العقلية.
- الإمام نجم الدين الكاتبي -

٥=كتاب المعالم للإمام فخر الدين الرازي من أنفع المختصرات المصنفة في علم الكلام وأشدها تحقيقا وتدقيقا.
- عز الدولة ابن كمونة -

(افاده استاذ العلوم العقلية عبدالله شوكى🙏)
مما ذكره كثير من العلماء أن الأخلاق مكتسبة بالنسبة إلى جميع الناس ما عدا النبي صلى الله عليه وسلم، فإن أخلاقه وأوصافه جِبِلِّيّة، مطبوعٌ عليها من أول الأمر، من غير رياضة ولا تعَب، فلا يتكلَّفها ولا يُعانيها، وأنَّ ما ورد من نحو قوله " اهدِني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت" وقوله :" اللهم كما حسَّنت خَلقي فحسن خُلقي " فهو إما المقصود به كمال أوصاف العبودية والخضوع لله تعالى، أو هو على سبيل التشريع لأمَّته.

وذكروا أن من أسرار التعبير القرآني أنه وصَف خُلُقَه بالعَظمة، فقال: " وإنك لعلى خلقٍ عظيم " مع أن المعهود في كلام الناس أن يصفوا الخُلق بالحُسن، أو بالسماحة، أو بالكَرَم.

والسر في ذلك أن التعبير بالعظمة يشمل جانبين: جانب إيقاعه على المؤمنين، فهو رحيم بالمؤمنين، رؤوف بهم، حريص عليهم، وجانب إيقاعه على الكافرين، فهو شديد عليهم، مَهِيب في صدورهم، منصورٌ عليهم بالرعب مسيرة الشهر، فوصَف خُلقه بالعظيم، لِيَعُمَّ الإنعام والانتقام، وإن كانت مظاهر الإنعام أكثر.

ولهذا قالت السيدة عائشة رضي الله عنها: " كان خُلقه القرآن " ولشيخ الإسلام السهروردي تفسير بديع جدا لهذه العبارة وهو أن عائشة رضي الله عنها احتشَمتِ الحضرةَ الإلهيةَ بأن تقول: بأنه صلى الله عليه وسلم كان مُتخَلّقا بأخلاق الله تعالى، فعبَّرَتْ بقولها: " كان خُلقه القرآن" استحياءً من سُبحاتِ الجلال، وسترًا للحالِ بلطفِ المَقال، وهذا من وُفُور عِلمها، وكمالِ أدَبِها.
من جميل ما ذَكره الناظم رحمه الله في شرحه الكبير على الجوهرة أن العبدَ لا يَبلغُ حقيقةَ التواضع إلا إذا دام تَجَلِّي نورِ شهودِ جلال الحق سبحانه وتعالى في قلبه؛ لأن هذا الشهود حينئذ يُذيب النفس، ويُصَفِّيها مِن غِشّ التكبُّر والتعالي والعُجب، فتلين وتطمئن للحق، والحق هو محوُ آثارها، وسكونُ ثورتها، ونسيانُ حقّها، والذهولُ عن النظر إلى قدرها.

ولمَّا كان الحظُّ الأوفر من ذلك كله لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم- كان أشَدَّ الناس تواضعًا، وحسبُك شاهدا على ذلك أن الله تعالى خَيَّره بين أن يكون ملِكا نبيًّا، أو عبدًا نبيّـًا، فاختار أن يكون عبدا نبيـًّا، ومِن ثَمَّ لم يكن يأكل متكئا حتى فارَق الدنيا، ولم يقل لشيء فعله أنس بن مالك خادمه أفّ قط، وما ضرَب أحدا مِن خَدَمِه قطّ، وما كان يغضب لنفسه قط، وهذه أمور لا يتسع لها الطبع البشري لولا التأييد الإلهي، وفي صحيح مسلم من حديث أنس رضي الله عنه : " ما رأيت أحدا كان أرحَم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
ذكر بعض أهل السِّيَر، مثل المُحبّ الطبري، والشامي صاحب سُبل الهدى والرشاد أنّ النبي صلى الله عليه وسلم ذات مرةٍ رَكِبَ حِمَارًا إلى قُبَاءٍ ، وَمَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.

فَقَالَ لأبي هريرة : أَحْمِلُكَ معي؟

فَقَالَ : مَا شِئْتَ يَا رَسُولَ الله.

فَقَالَ : ارْكَبْ، فَوَثَبَ أبو هريرة لِيَرْكَبَ فَلَمْ يَقْدِرْ فَاسْتَمْسَكَ بِهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَقَعَا جَمِيعًا. ثُمَّ رَكِبَ صلى الله عليه وسلم.
وَقَالَ لأبي هريرة : أحملك؟

فقال: ما شئتَ يا رسول الله.

فَفَعَلَ، فَوَقَعَا جَمِيعًا، ثُمَّ رَكِبَ صلى الله عليه وسلم ، وَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ.

فَقَالَ أبو هريرة: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، لا رَمَيْتُكَ ثَالِثًا.

هل يتحمّل الواحد منا على نفسه مثل ذلك، أن يقع من فوق الدابة مرتين بسبب أنه يريد أن يُريح صاحبَه من المشي، ولا يتذمر، ولا يتضايق، ولا يجد في نفسه الكراهة مع ذلك كله، فكيف إذا انضمّ إلى هذا مثلا أن يكون ذا منزلة أو منصب أو من أصحاب الجاه في قومه وبلده ! فهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وخير الخلق وسيّد ولد آدم.
في ترجمة الإمام الكبير السيّد الشريف، كبير السادة الأشراف ونقيبهم في وقته: أبي السعادات هِبة الله ابن الشَّجَرِيّ تــ542هــ:

قال تلميذه ابن الأنباري: كان أنحَى من رَأيْنَا من علماء العربية، وآخِرَ مَن شاهَدْنا من حُذَّاقِهم وأكابرِهم ...
وكان فصيحا، بليغا، مَهِيبًا، حُلْوَ الكلام، حَسَن البيان والإفهام.
وكان وَقورًا في مجلسه، ذا سَمْتٍ، لا يكاد يَتَكلَّمُ في مجلسِه بكلمةٍ إلا وتَتضمَّنُ أدَبَ نَفْسٍ، أو أدَبَ دَرْسٍ.

ولقد اختَصَم إليه يوما رجلان من الأشراف العَلوِيّين، فجعَل أحدهما يشكو الآخر ويقول عنه: قال فيَّ كذا وكذا، فقال له الشريف ابن الشَّجَري: يا بُنَيَّ، احتمِلْ، فإنَّ الاحتمالَ قبرُ المَعايِب.

قال ابن الأنباري: وهذه كلمة حَسنة، فإن كثيرا من الناس تكون لهم عُيوب، فَيَغُضُّون عن عيوب الناس ويَسكتون عنها، فتَذهب عيوبٌ لهم، وكثير من الناس يَتعرَّضُون لعيوب الناس، فتصير لهم عيوب لم تكن فيهم.
" الأصل الذي اتفقَت عليه الأمة قلّما يُوجَد؛ فإن في القدماء من المتكلمين كثرةً، وقلما يوجد احتمال في مسألة من المسائل إلا وهو مذهبٌ لبعض المتقدمين، ومن أراد الوقوف عليه فعليه بمطالعة كتب المقالات ". 😁

- الإمام الرازي-
اعلم أن العقلاء وإن اتفَقُوا على أن الحق سبحانه وتعالى متصِفٌ بجميع صفات الكمال ومُنزَّه عن جميع صفات النقص - لكنهم اختلفوا في الكمال والنقص، فتراهم يُثبِت أحدُهم لله ما يظنه كمالا، وينفي الآخر عينَ ما أثبتَه الأول لظنِّه نقصًا.

وسببُ ذلك أنهم سَلَّطوا الأفكار على ما لا سبيل إلى الوصول إليه من طريق الفكر، فإن الله سبحانه وتعالى خَلق العقول وأعطاها قوة الفكر وجعل لها حدًّا تقف عنده من حيث ما هي مُفكِّرة، لا من حيث ما هي قابلةٌ للوهب الإلهي، فإذا استعملتِ العقولُ أفكارَها فيما هو في طورها وحَدِّها ووفّتِ النظرَ حقَّه أصابت بإذن الله، وإذا سلطتِ الأفكارَ على ما هو خارج عن طورها ووراء حَدِّها الذي حَدَّه الله لها - رَكِبَتْ متنَ عمياء، وخبطَتْ خبطَ عشواء، فلم يَثبُت لها قدَم، ولم تَركن على أمر تطمئن إليه، فإن معرفة الله التي وراء طورها مما لا تستقل العقول بمعرفتها من طريق الفكر وترتيب المقدمات.

- الشيخ إبراهيم الكوراني المدني تــ1101 هــ
باللهِ يا ليلى صِليني إنَّني
دنِفٌ عرَتْني كلُّ أنواعِ العللْ
ليلى .. أما يُرضيكِ أنِّي عاكِفٌ
في باب حُبّكِ ما سئمتُ و لن أمَلّ
هذا فؤادي قَلِّبيهِ وفتِّشي
إن كان فيه الغَير فالهجرانُ حَلّ
قد كان شرطٌ في المحبَّةِ بيننا
ألّا أميلَ إلى السّوى قالت: أجَلْ
فإليك برهانًا يؤيِّد حالتي
ويردُّ عنّي عَودَ صدٍّ محتمَلْ
فلقد عرفتِ بأنّ بين جوانحي
قلباً لرحبِ الوصل غيركِ ما سألْ
ليلايَ أنت الكلّ بل ذاتي وعقلي
ثم سمعي بل ودمعي و المُقَلْ
كُلِّي إليكِ فقد كتبتُ بهمَّتي
عنوان حبّي في البلاد وفي الدّول
فإذا سكتُّ فكل عضوٍ ناطقٌ
وإذا نطقت فكلُّ حرفٍ عنكِ دلّ.
توهُّم السذاجة والسطحية في أقوال الخصوم هو من أبرز أسباب الجرأة الحاصلة عند البعض، ومن دواعي الرغبة الشديدة عندهم في التصدي لجواب شبهات المخالفين في العقيدة من غير تأهُّل واستعداد، فيحمله هذا الوهم والتصور الفاسد لواقع المقالات على الخوض في الجدال والردّ ضاحكا وساخرا، ثم يتبين له بعد حين - إنْ كان من أهل التبيُّن - أنَّ ما ظنه تافها وسخيفا ظهر له أنه مبني على أصول ومرجعيات فلسفية هي الحاملة في الأصل على تلك المزاعم العقدية.

لأن اجتماع هذا العدد الغفير من العقلاء على شيء لا بد وأن تكون له علة معقولة قد لا تظهر في بادئ الأمر إلا بعد فحص وبحث، بصرف النظر عن كونها صحيحة وموافقة للنقل والعقل أو لا.

قل مثل هذا في عقيدة التثليث، وتقديس البقر، وغير ذلك مما يُظن أنه في غاية السخافة، بل وفي عبادة الحجارة؛ فإن هناك شيئا حاملا لصانع الصنم على عبادته مع أنه معترف بأنه لم يَخلق صانعَه أصلا فضلا عن أن يكون خالقا للسماوات والأرض ومتصرفا فيهما، بل فساد هذا التصور يكاد يكون مغروزا في طباع كل عاقل، فالحامل إذن لهذا المجموع من الناس على عبادة الحَجر شيء آخر وراء صورة هذا الجماد.

وقد ذَكر العقلاء منهم عدة أمور باعثة لهم على هذا الصنيع، منها أن أسلافهم كانوا يعبدون الكواكب، وكانوا يعتقدون أنها حية ناطقة عالمة، ولمَّا كانت هذه الكواكب تظهر وتغيب، فكَّروا في أن يتخذوا لكل واحد منها هيكلا مخصوصا لا يغيب عنهم، ويتقربوا إليه لا على أن المعبود في حقيقة الأمر هو ذلك الهيكل، بل المعبود هو الكوكب الذي صار هذا التمثال حاكيا عنه.
أو أن هذه التماثيل لأناس صالحين، فكان هؤلاء يعتقدون أنهم بهذا الصنيع يرضون عنهم ويشفعون لهم بذلك عند الله، أو أنها علائم على جهة الصلاة ورمزية للطقوس فحسب، كما أن الكعبة قِبلة الصلاة عندنا، فكما أنك حينما تسجد أمام الكعبة لا يقال إنك تعبد الكعبة فكذلك السجود عند الصنم لا يستلزم أن فاعل ذلك يعبده.
وبالطبع ليس المقصود تصحيح هذه الأوضاع الباطلة، معاذ الله، فإنا نبرأ إلى الله من كل ما يخالف دين الإسلام، وإنما هو التنبيه على ما وراء هذه الظواهر التي يظنها بعضنا ساذجة وسخيفة، وطبعا هذا لا يعارض أن ضعفاء العقول من هذه المِلل يعتقد أنها أنفسَها هي الإله الذي ينفع ويضر، ولكن حين المنازعة والمناقشة لابد أن يُقتصر على حجج العقلاء من كل طائفة دون غيرهم، فعليهم وحدهم المعوَّل.

ولذلك يقول الإمام الرازي في هذا المقام كلمة جليلة طربتُ لما قرأتها، يقول : "إنما العبرة بقول الأذكياء من كل فريق".

ولو أنّ المرء يأخذ هذه الكلمة العظيمة قاعدة في سائر ما يتعامل معه من كلام أهل الطوائف والفِرق لأراح نفسه وأراح الناس من متابعة السخافات التي يقولها الضعفاء والبُله من كل الطوائف، ثم يعيش سنين طويلة متوهّما فسادَ هذه العقائد وهو لم يقف أصلا على حقائقها، وما يتداوله بعض الأصدقاء من مقاطع عوامّ الشيعة وسفهائهم خير دليل على هذا، والعلم شيء وراء هذا كله، نسأل الله أن يبصرنا به على ما يحب ويرضى.
" من المهمات تعظيمُ الكتب واحترامُها، فلا يضعها على الأرض، ولا عند رجليه أو تحت رأسه، والكتب كلها مشتركة في هذا المعنى، وإن كانت تتفاوت في شدة الاعتناء ببعضها أكثر من بعض".

- أبو علي اليوسي-
" ومع هذا فإن الأعداء والحُسَّاد لا يزالون يطعنون فينا وفي ديننا، مع ما بَذلْنا من الجِدّ والاجتهاد في نصر اعتقاد أهل السنة والجماعة، ويعتقدون أني لستُ على مذهب أهل السنة والجماعة، وقد علم العالِمون أنه ليس مذهبي ولا مذهب أسلافي إلا مذهب أهل السنة والجماعة، ولم تزل تلامذتي وتلامذة والدي في سائر أطراف العالَم يدْعون الخَلق إلى الدين الحق والمذهب الحق، وقد أبطلوا جميع البدع.

وليس العَجب من طعن هؤلاء الأضداد الحُسّاد، بل العجب من الأصحاب والأحباب كيف قعدوا عن نصري والرد على أعدائي؟! .
ومن المعلوم أنه لا يتيسر شيء من الأمور إلا بالمعاونة والمساعدة، ولو أمكن ذلك من غير مساعدة لَمَا كان كليم الله موسى عليه السلام - مع حُجَجه الباهرة وبراهينه القاهرة - يقول مخاطبا للرب سبحانه وتعالى : " وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا يصدقني إني أخاف أن يكذبون".

- الإمام الرازي رحمه الله بعد أنْ ذَكر طائفة من كتبه في الرد على الفلاسفة-
ِ
"وأما الكتب التي صنّفتُها، واستكثرتُ فيها من إيراد السؤالات فلْيذكُرني مَن نظَر فيها بصالح دعائه، على سبيل التفضُّل والإنعام، وإلَّا فليحذِف القول السيّئ، فإني ما أردتُّ إلا تكثيرَ البحث، وشحذَ الخاطر، والاعتماد في الكل على الله".

- الإمام الرازي-
الهداية محض توفيق واصطفاء من الله تعالى للعبد، فهي من أجلّ النعم على المسلم، وكم من ذكيّ ألمعيّ ضلّ به عقلُه في مهامه التيه ومهاوي الضلال، والاسترسال مع افتراضيات العقول والشكوك لا يكاد ينتهي، وما من دليل إلا ويمكن أن ترِد عليه شُبهٌ واحتمالات، وما من طائفة إلا وتتمسك بظواهر من صحيح النصوص، وما من مذهب فاسد إلا وله مُحاجُّون عنه، بل حتى أهل الفسق منهم من يستدل بأشياء على فسقه وينسبها إلى الشريعة، فإذا ألقَى الله في نفسك تعظيمه وتقديسه والتسليم لأحكامه فاعلم أن هذه غنيمة باردة لك، فارعَها بالشكر، وصُنها بدوام الثناء والحمد.
الدُّرّ النَّثِير
"وأما الكتب التي صنّفتُها، واستكثرتُ فيها من إيراد السؤالات فلْيذكُرني مَن نظَر فيها بصالح دعائه، على سبيل التفضُّل والإنعام، وإلَّا فليحذِف القول السيّئ، فإني ما أردتُّ إلا تكثيرَ البحث، وشحذَ الخاطر، والاعتماد في الكل على الله". - الإمام الرازي-
تعليق له طعم من أحد الإخوة من أفغانستان:


أحكي لكم عن السنة الماضية، كنت في مدرسة الشيخ المرغيناني الواقعة في مدينة بلخ، وكان الكتاب الذي كنت أقرأه علي الشّيخ شرح الشمسيّة المشهور عندنا بالقطبي للقطب الرازي-رحمه الله- و من القوانين في المدرسة أنْ يُغلّف الكتاب بغلاف غير غلافه و أنْ يكون في يد الطّالب و لا يضعه علي الأرض أبدا.

ففي يوم من الأيام جلست أمام باب الصّف في انتظار خروج الطلبة الذين كانوا يقرأون مختصر المعاني و كان بعد هذا الكتاب دور درسنا نحن، سهواً وضعتُ الكتاب علي الأرض و اشتغلت بالهاتف فخرج مولانا الشيخ عبدالخالق الحنفي-رحمه الله- رئيس المدرسة و التفت إليّ فقال، من صاحب هذا الكتاب؟ فاحمرّ وجهي من الخجل و أردت أنْ أكذب في أول الأمر لكن لم أستطع فقلت أنا يا سيّدي، فنظر إليّ ثواني و تبسّم وقال يا بنيّ كيف تتمنّي أنْ يعطيك الله العلم النّافع و لا تحترم كتب العلماء حيث كتبوها بدمائهم؟

احترِم كتب العلم و بجّلها، أضمنْ لك العلم النّافع، فأخذت الكتاب و دخلت الغرفة.