الدُّرّ النَّثِير
27.9K subscribers
2.66K photos
692 videos
309 files
517 links
Download Telegram
"وقد سمعتُ قديما بعض المدرسين يفتخر ويقول: «أنا الذي لا أقف أبدا، إن لم أجد جوابا شغلت السائل بالبحث في سؤاله» وهذا بلاء عظيم اجتمع فيه الجهل واللدد والكبر والرضى عن النفس، نسأل الله العافية"

-العلامة اليوسي تـ١١٠٢
"وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ...".

وعَدَّى " الصابرين " إلى " "البأساء والضراء " بـ"في"- أي والقياس أن يتعدَّى بــ" على" - لأنه لا يُمدَح الإنسان على ذلك إلا إذا صار له الفقرُ والمَرَضُ كالظَّرفِ، وأما الفقرُ وقتًا مَّا، أو المرضُ وقتًا مَّا، فلا يكاد يُمدَح الإنسانُ بالصبر على ذلك؛ لأن ذلك قَلَّ أن يخلو منه أحد.

أبو حيان الأندلسي [ البحر المحيط].

ولا أحسب قومًا أحقَّ بهذا الوعد على الصبر من أهلنا في غزة والسودان، كتب الله أجورهم وضاعَفها لهم، وكبَت عدوّنا وعدوَّهم وجعَل خِزيه بأيديهم وأيدي المؤمنين.
" إِنَّ لِلْقُلُوبِ شَهْوَةً وَإِقْبَالًا وَإِدْبَاراً فَأْتُوهَا مِنْ قِبَلِ شَهْوَتِهَا وَإِقْبَالِهَا؛ فَإِنَّ الْقَلْبَ إِذَا أُكْرِهَ عَمِيَ":

- عليٌّ رضي الله عنه-

والعلة في كون القلب يعمَى إذا أُكرِه على ما لا يُحبّه: أن القلب عضوٌ من الأعضاء، يتعَب ويستريح كما تتعب الجُثة عند استعمالها، وتستريح عند تركِ العمل، كما يتعب اللسان عند الكلام الطويل، ويستريح عند الإمساك.

وإذا تواصَل إكراه القلب على أمرٍ لا يُحبّه ولا يُؤْثِره تَعِبَ، لأنًّ فِعل غير المحبوب مُتعِب، وإذا أُتعِبَ القلب وأعيا، عجَز عن إدراك ما نُكلِّفُه إدراكَه، لأن فِعله هو الإدراك، وكل عضو يتعَب فإنه يعجَز عن فعله الخاص به، فإذا عجَز القلب عن فعله الخاص به وهو العلم والإدراك، فذلك هو عمَاه.

- ابن أبي الحديد-.
والوصْلُ حظٌّ رفيعٌ ، ومرتبةٌ سَرِيَّة ، ودرجةٌ عالية ، وسعدٌ طالع ، بل هو الحياةُ المُجدَّدة والعيشُ السَّنِيّ ، والسُّرور الدائم ، ورحمةٌ من الله عظيمة .

ولولا أنَّ الدنيا مَمَرّ ، ومِحْنةٌ وكَدَر ، والجنّة دارُ جزاءٍ وأمانٍ من المَكاره - لقلنا إنَّ وَصْلَ المحبوب هو الصَّفاءُ الذي لا كَدَر فيه ، والفَرَحُ الذي لا شَائبةَ ولا حُزنَ معه ، وكمالُ الأماني ، ومُنتهى الأراجي .

ولقد جَرَّبْتُ اللَّذَّاتِ على تَصَرُّفِها ، وأدركتُ الحُظوظَ على اختلافها ، فما للدُّنُوِّ من السُّلطان ، ولا المال المستفاد ، ولا الوجود بعد العدم ، ولا الأَوْبَة بعد طُولِ الغيبة ، ولا الأمن بعد الخوف ، ولا التَّرَوُّح على المال - من المَوْقِع في النَّفس ما للوصل ، ولا سيما بعد طول الامتناع ، وحلول الهجر ، حتى يَتأجَّجَ عليه الجَوى ، ويَتَوقَّد لهيبُ الشوق ، وتتَضَرَّم نارُ الرجاء.

[ ابن حزم ].
تنبيهٌ على مَسلك نفساني خطير:

-----

إن الإنسان قد ينشأ في قُطرٍ أَلِفَ أهلُه فنًّا من الفنون وتعوَّدوا على تحصيله، فيُربَّى عليه من الصِغر حتى يصِير ذلك عادةً له وديدنًا كما يتربَّى اللحم والعظام، والعادةُ إذا قوِيتْ غلبَت حُكم الطبيعة، ولذا قيل: هي طبيعةٌ ثانية.

ثم يأتيه مُن يخالفه وهلةً واحدةً، يُريد إزالته وإخراجه مِن قلبه، فيعسُر عليه الانتقال، ويصعُب عليه الزوال.

وهذا أغلب الأسباب على أرباب المقالات والنِحَل، ليس على أكثرهم، بل جميعهم - إلا ما عسى أن يشِذَّ إلا عادةً ومَرْبًى - تربَّى عليه طفلا لا يعرف غيره ولا يُحِسّ به، فالانتقال عنه كالانفكاك عن الطبيعة إلى طبيعة ثانية، وهو في غاية العُسر.

- السيد مُرتضى الزَبيدي/ إتحاف السادة المتقين-
#صدر حديثا، وهو من شروح إيساغوجي الدقيقة جدا.
سنرى وصلات كوميدية كثيرة فيما يبدو
اللهم لُطفَك ورحمتك، مجازر لا تتوقف، حسبنا الله ونعم الوكيل.
خان يونس، جُثث في الشوارع
ما يعوقُ الطالبَ عن حقيقة العلم شيءٌ كالإكثار من المقدمات المُمهِّدات وانقضاء الأزمان النفيسة في التطويل في الكلام على مَداخل العلوم؛ فإن الحارسَ على البيوت مهما بلَغ من اليقَظة والانتباه لن يعرفَ ما في دواخلها ما لم يدخلها أو يُخالط أهلها، ولا شك أن الاطلاع على مَداخل العلوم مُهمٌّ؛ ولكنه أمر يسير يحصل بأدنى شيء من مطالعة بعض الكتب الصغيرة في هذا الغرَض، وإنما الشأن كله في مُعافَسة المسائل ومعالجتها والاصطلام بمشاكل الأبحاث وفهمها وحلِّها، هذا هو العلم على التحقيق، وبدوام النظر في كتب الفنون ينمو فهمُ الطالب ويحصلُ له نوعُ أُنس وأُلفةٍ بها حتى يصير عارفا بكثير من مناهجها وأنماطها وأغراضها وتذهب الوَحشة بينه وبينها، وبدون هذه المُخالطة يظلّ أجنبيا عنها تستعصي عليه وتنفُر منه مهما بالَغ في التغزُّل بها والثناء عليها.
صعبان عليَّا اللى قاسيتُه في الحُبّ من طُول الهجرانْ
معرفش إيه اللي جَنِيتُه من بعد ما رضِيت بالحرمانْ

فِضِلت أقول الزمان غيَّر على البُعد حالَكْ
ولَّا الرِضا بالهوان كتَّر عليَّا دَلالك !!
أشكو الذين أذاقُوني مَودَّتهم
حتى إذا أيقظُوني للهوى رقَدوا.
أتُرى يذكرونه أم نَسُوهُ !
هم سَقَوه الهوى وهم أسكَرُوهُ

علَّلوه، فكان أقتلَ شيءٍ
ذلك الصدُّ بعدما علَّلوهُ

عمرَك اللهَ.. هل عرفتَ فؤاداً
كفؤادي عليه جارَ ذوُوهُ

ليتهم يذكرون ليلة كنَّا
والهوى نحنُ أمه وأبوهُ

وعيون النجوم ترنو إلينا
ولسان الدُّجى يكاد يفوهُ

والنسيم الخفيف يلهو بثوبَينا
كطفلٍ أهلوه ما هذَّبوهُ

ورشَفْنا كأسَ الحُميَّا فباحَت
بالذي في الصدور منا الوجوهُ

قلتُ أهواكِ يا ملاكي فردَّتْ
مُقلتاه لكن تَلعْثَم فُوهُ

قلبُ ليلَى أخٌ لقلبي، فويلٌ
لِأخٍ سامَهُ العذابَ أخوهُ.

- بشارة الخوري-
ممَّا تعلَّمناه من بعض أفاضل الأساتذة- نفعنا الله بهم -: "مَن قال قولا بلا دليل لم يلزمْك أن تَرُدَّه عليه بدليل" وهي قاعدة شريفة صحيحة؛ أمًّا أوَّلًا: فلأن من آداب البحث أن المُدّعِي هو المُطالَب بإثبات دعواه بالبرهان، كما نطَق الشرعُ بذلك " البيّنة على المُدّعي" وإلا فدعواه غير مقبولة وغير مسموعة فكأنها لم توجد؛ والأصل استصحاب العدم الأصلي، وفضلا عن أن النظر في دلالة الالتزام الحاصلة من هذه الدعاوى يكون فيها ما يدل على صدقها أو كذبها، لكنا نقول إن الاشتغال بذلك ليس بواجب أصلا، بل من وظيفة المدّعي أن يُثبت هو دعواه أوّلا، وحقُّه أن يُقابل بالزجر والتعنيف ما لم يقم بذلك.

وأمّا ثانيا: فلأن الاشتغال بردّ دعواه والحال أنه لم يُقم على صحتها دليلا يدفعه إلى كثرة التشغيب، ويُجرِّئه على ادِّعاء غيرها، فيُكثر التنقُّل من موضوع إلى آخر ومن مسألة إلى مسألة، فينتشر الكلام ويكثر اللغط ويدّعي أقوام أشياء لم يقوموا بحقوقها، قال النبي صلى الله عليه وسلم:" لو يُعْطَى الناسُ بدَعْوَاهُم لادَّعى رجالٌ أموالَ قومٍ ودِمَاءَهُم" فبيَّن بهذا أن إرسال الكلام على عواهنه مع ثبوت البراءة الأصلية ضربٌ من الباطل والعبث.
بين القلب والعقل علاقة طَردية، فإذا صلَح القلبُ استقام منطق العقل، وإذا فسَد القلب فسَد العقل فلا يخطُر به إلا الوساوس والتناقضات والحَيرة، وقد كان عمر رضي الله عنه يقول: "إذا التبسَتْ عليكم الأمور فاسألوا المُطيعين؛ فإنهم تتجلى لهم أمورٌ صالحة".

يعني بذلك أنهم يرون بنور الله بما ينطبع في صدورهم من أنوار المعرفة التي تنوِّر العقل وتكشف عنه حُجب الظلمات، فيهتدون إلى الحق والصواب والخير بسهولة في حين يتحيَّر غيرهم في ذلك، ولهذا فإن مصاحبة الصالحين ضرورية جدا في تجلية الصدَأ ليس عن القلوب فحسب بل وعن العقول كذلك، وبالطبع لا نعني بذلك صلاحيتَهم للكلام والفتوى في كل شيء من مناحي الحياة وعلومها وتخصصاتها الكثيرة المتشعبة والمعقّدة، بل نعني قُرب اهتدائهم إلى الأصلح فيما يلتبس على غيرهم من مشاكل الحياة المتكررة التي نلابسها جميعا في واقعنا المَعيش والتي يخفَى فيها الصواب على مَن سواهم لشدّة الظلمة القلبية والانغماس في مطالب الدنيا.
نَهاري نَهارُ الناسِ حَتّى إِذا بَدا
لِيَ اللَيلُ هَزَّتني إِلَيك المَضاجِعُ.
Forwarded from الشريف الرضي
«وضاقَ مِن نفسهِ
ما كانَ مُتَّسِعًا
حتَّى الرَّجاءُ
وحتَّى العَزمُ
والأمَلُ».
- الشريف الرضي
وبالقُرب منك قومٌ هم والله حبيبون إلى قلب الحسين عليه السلام، وهم به أشبَه وعلى طريقته أسْيَر، قريبون من قلب جدِّه - صلى الله عليه وسلم - رضُوا أن يَحملوا عن كل الأمة عزّها وشرَفها، وأن يدفعوا - كما دفَع الحسين - ثمن هذه البطولة وكِفاء تلك المبادئ: حصارا، وجوعا، وعطشا، وقتلا وتشريدا، وصبرا على نذالة العدوّ وخِذلان الصدِيق، تدور الأيام دورتَها ويُعيد التاريخ أحداثه، غير أنهم لا بواكيَ عليهم ولا مُغِيث لهم.
وَقَد عَلِمَت سُلَيمى أَنَّ رَأيِي
وَرَأيَ البُخلِ مُختَلِفٌ شَتيتُ

وَأَنّي لا يُريني البُخلَ رَأيٌ
سَواءٌ إِن عَطِشتُ وَإِن رَوِيتُ

وَأَنّي حينَ تَشتَجِرُ العَوالي
حَوالي اللُبِّ ذو رَأيٍ زَمِيتُ

وَأُكفى ما عَلِمتُ بِفَضلِ عِلمٍ
وَأَسأَلُ ذا البَيانِ إِذا عَمِيتُ.

- عروة بن الورد -