مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚
2.6K subscribers
55 photos
16 videos
352 files
2.11K links
📡ألـشـبـكـة ألـدعـويـة ألـرائـدة،،
ألـمـتخـصـصـة بنقـل الـخـطـ۩ـب ألـمنـبريـه،، والمحـاضـرات ألـمـؤثـرة،،،،

{«مُـلاحظـة»}

🔗رابـط المناقشـة للخطبـاء والـدعـاة۩👇
t.me/+ZWIom4GWBQhjYTI8

🌍رابـط مـوقـع ملتقى الخطباء على الإنترنت👇
WWW.khutabaa.com
Download Telegram
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا ، يا رب العالمين، واحفظ رجال أمننا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

-----------------------------------------------
أعمال يسيرة تغفر الذنوب الكثيرة - الشيخ عبدالله الطريف

الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أيها الإخوة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ"[رواه مسلم].

قال المناوي -رحمه الله-: "وإنما يخلى الله بين المؤمن والذنب ليبلغه هذه الدرجة" -درجة الاستغفار- ولو لم يخل بينه وبين الذنوب وسعى العبد في محاب الله كلِها، وتجنب مساخطه كلَها ربما وجد نفسه قائمة بوظائف الله، وساعية في طاعته، ويرى لسانه ذاكراً؛ فأعجبته نفسه، واستكثر فعلَه، واستحسن عملَه، فيكون قد انصرف عن الله إلى نفسه العاجزة الحقيرة الضعيفة".

وقال رحمه الله: "ومن فوائد إيقاع العبدِ في الذنوبِ أحياناً اعترافُ المذنبِ بذنبِه، وتنكيسُ رأسه عن العجب، واعترافُه بالعجز".

وقال: "وكما أحب الله -تعالى- أن يحسن إلى المحسن أحب التجاوز عن المسيء، والغفار يستدعي مغفوراً، والسرُ فيه إظهارُ صفةِ الكرمِ والحلمِ، وإلا لانثلم طرف من صفات الألوهية".

والاستغفار من أعظم أبواب المغفرة وأيسرِها؛ فعن زيدٍ مولى رسولِ الله أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ"[رواه أبو داود والترمذي والحاكم وقال على شرط الشيخين وصححه الألباني].

أيها الإخوة: وليست مغفرة الذنوب مقتصرة على الاستغفار، وإن كان أعظمها وأظهرها، فهناك أعمال أخرى كثيرة نص عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبين أن عملها سبب في مغفرة الذنوب؛ منها ما هو من أركان الإسلام ومبانيه العظام، ومنها ما هو من الأعمال اليسيرة السهلة، وما شرع ذلك سبحانه إلا كرماً منه ورحمة بعبادة فهو القائل بالحديث القدسي لهم: "... يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ... "[رواه مسلم].

أيها الأحبة: وإن المؤمن ليتعجب أعظم العجب من فضل الله -تعالى- وكرمه وجوده وإحسانه بعباده، وكيف أنه يغفر الذنوب العظام بأعمال يسيرة في جهدها قليلة في وقتها يستطيعها كل أحد، لكن لا يوفق لها كل أحد، جعلنا الله -تعالى- من الموفقين لها إنه جواد كريم.

ومن هذه الأعمال الصالحة اليسيرة: الوضوء ثلاثاً، وصلاة ركعتين بعده لا يحدث فيهما نفسه؛ عَنْ حُمْرَانَ، مَوْلَى عُثْمَانَ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ دَعَا بِإِنَاءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، -الاستنثار هو إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق- ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[رواه البخاري ومسلم].
"لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ" المراد لا يحدثها بشيء من أمور الدنيا وما لا يتعلق بالصلاة، ولو عرض له حديث فأعرض عنه بمجرد عروضه عفي عن ذلك، وحصلت له هذه الفضيلة -إن شاء الله تعالى-؛ لأن هذا ليس من فعله، وقد عفي لهذه الأمة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر".

ومن وافق تأمينه في الصلاة تأمين الملائكة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) [الفاتحة: 7] فَقُولُوا: آمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[رواه البخاري ومسلم].

وكذلك وافق تحميده فيها تحميد الملائكة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ -أي في الصلاة- فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[رواه البخاري ومسلم].

وهنا تنبيهان ينبغي للمصلين التنبه لهما:

الأول: أن لا يسرع الإمام بقول آمين، بل يمدها كما هو حقها.

الأمر الثاني: أكثر المأمومين يبادر بالرفع والتحميد قبل إتمام الإمام قول: "سمع الله لمن حمده" فيقع بالخطأ ويفوت على نفسه هذا الفضل، لكن من صبر راكعاً حتى يتم الإمام قول: "سمع الله لمن حمده" ثم يرفع قائلا: "اللهم ربنا لك الحمد" فإنه يوفق بإذن الله.

ومن الأعمال السهلة التي تكون سبباً بمغفرة الذنوب؛ ما رواه سَعْدُ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ"[رواه مسلم].

قال شيخنا محمد العثيمين -رحمه الله-: "هذه تقال إذا قال المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، وقلت معه فقل هذا".

ومن ذلك التسبيح والتحميد والتكبير بعد الفريضة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ: تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ" [رواه مسلم].

أي في الكثرة والعظمة وهو ما يعلو على وجه البحر عند هيجانه وتموجه.

أيها الإخوة: كم نفرط فيها مع الأسف وهي لا تأخذ من وقتنا إلا دقيقتين فقط، وقد شخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبب تركنا لبعض الأذكار مع عظيم أجرها؛ فقال لأصحابه -رضي الله عنهم- لما قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ؟ قَالَ: "يَأْتِي أَحَدَكُمْ -يَعْنِى الشَّيْطَانَ- فِي مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ، وَيَأْتِيهِ فِي صَلاَتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حَاجَةً قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا"[رواه أبو داود وصححه الألباني].

ومن ذلك المشي إلى المسجد متوضئاً؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ لَمْ يَرْفَعْ قَدَمَهُ الْيُمْنَى إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ -عز وجل- لَهُ حَسَنَةً، وَلَمْ يَضَعْ قَدَمَهُ الْيُسْرَى إِلاَّ حَطَّ اللَّهُ -عز وجل- عَنْهُ سَيِّئَةً؛ فَلْيُقَرِّبْ أَحَدُكُمْ أَوْ لِيُبَعِّدْ، فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى فِي جَمَاعَةٍ غُفِرَ لَهُ، فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا بَعْضًا وَبَقِىَ بَعْضٌ صَلَّى مَا أَدْرَكَ وَأَتَمَّ مَا بَقِىَ كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا فَأَتَمَّ الصَّلاَةَ كَانَ كَذَلِكَ"[رواه أبو داود وصححه الألباني].

ومن أيسر الأعمال التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل؛ فعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَ غُصْنًا فَنَفَضَهُ فَلَمْ يَنْتَفِضْ، ثُمَّ نَفَضَهُ فَلَمْ يَنْتَفِضْ، ثُمَّ نَفَضَهُ فَانْتَفَضَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، تَنْفُضُ الْخَطَايَا كَمَا تَنْفُضُ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا" [رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني].
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد:

أيها الإخوة: اتقوا الله، واعلموا أن الحج سبب عظيم من أسباب مغفرة الذنوب؛ فعن أَبَي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"[رواه البخاري ومسلم].

ويتأكد الحج على من لم يؤد فرضها؛ فقد قال الله: (وَلِلهِ عَلَى الناسِ حِجُ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَ اللهَ غَنِيٌ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 97].

وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "أَيُهَا النَاسُ، قَدْ فَرَضَ اللَهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَ فَحُجُوا"، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُل عَامٍ يَا رَسُولَ اللَهِ؟! فَسَكَتَ حَتَى قَالَهَا ثلاثًا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا استطعتم"[رواه مسلم].

ففريضة الحج ثابتة بكتاب الله، وسنة رسوله، وبإجماع المسلمين عليها إجماعًا قطعيًّا؛ فمن أنكر فرضية الحج فقد كفر، ومن أقر بها وتَرَكَها فهو على خطر، فإن الله يقول بعد إيجابها على الناس: (وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 97].

وقَالَ صلى الله عليه وسلم: "تَعَجَلُوا إلَى الْحَجِ -يَعْنِي الْفَرِيضَةَ- فَإِنَ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ"[رَوَاهُ أَحْمَدُ وهو حسن لغيره].

وقال شيخ الإسلام -رحمه الله- بعدما ساق الأحاديث: "وهذا التغليظ يعم من مات قبل أن يغلب على ظنه الفوات، وهم أكثر الناس، ومن غلب على ظنه ففي تأخيره -أي: الحج- تَعَرُّضٌ لمثل هذا الوعيد وهذا لا يجوز؛ وإنما لحقه هذا لأن سائرَ أهلِ الملل من اليهود والنصارى لا يحجون وإن كانوا قد يصلون، وإنما يحج المسلمون خاصة". ا. هـ.

والخير كل الخير في مبادرة المسلم بحج الفريضة عن نفسه ومساعدة من تحت يده ممن ولاّه الله أمرهم من النساء وغيرهن.

فمن النساء من تستطيع الحج ببدنها ومالها لكنها لا تستطيع أداء الفريضة بسبب اعتذار المحرم عن مرافقتها، احتسبوا -وفقكم الله- الأجر فيمن ولاكم الله عليهن من النساء؛ فإن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "استوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنهن عوان عندكم" أي: أسيرات.

ويقول: "لا يكرِم النساء إلا كريم، ولا يهينهن إلا لئيم" نعوذ بالله من ذلك.

ومن تنفيذ وصيته بهن، وإكرامهن، مرافقتهنّ إلى أداء فريضة الحج.

أيها الإخوة: وممن ولانا الله أمرهم وجعل موافقتنا لهم على الحج لازمة، من تحت كفالتِنا من العمالة ممن يرغبون الحجَ وأداءَ الفريضة فقط، وقد توفرت فيهم شروط الوجوب، لكن الكفيل يرفض بحجة أن أعماله ستتوقف بذهابهم للحج، أقول لهم: اتقوا الله في إخوانكم؛ ولا تمنعوهم مما أوجب الله عليهم، وأخشى أن تدخلوا فيمَن منعَ مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، أو فيمَن يصد عن الخير.

وأعينوا إخوانكم على أداء الفريضة إداريًّا ومعنويًّا وماديًّا لعلكم تدخُلون فيمن عناهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فيما رواه زيدُ بنُ خالد الجهني -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَن جهَز غازيًا، أو جهز حاجًّا، أو خلَفَه في أهلِه، أو فطَرَ صائمًا، كان له مثلُ أجورِهم من غيْرِ أن ينقصَ من أُجُورِهم شيءٌ"[رواه ابن خزيمة والنسائي وصححه الألباني].

أيها الإخوة: ومما يجب التفطن له التزام أمر ولي الأمر بعدم الحج إلا بتصريح، ومن لم تنطبق عليه الشروط فلْيُعِنْ حاجًّا أو يخلفه في أهله؛ فمن فعل ذلك فله مثل أجر الحاج، كما ثبت عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم، ثم هناك من الأعمال الصالحة السهلة اليسيرة ما يكفر الذنوب، ولله الحمد، فاستكثروا منها فإنها ميسرة.

عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
جديد الصفحة الرئيسية لموقع ملتقى الخطباء [787]

الأمن والاستقرار أهميته وأسبابه - خطب مختارة
https://khutabaa.com/ar/article/الأمن-والاستقرار-أهميته-وأسبابه-خطب-م
أهمية الكتاب وحقوق المؤلف - خطب مختارة
https://khutabaa.com/ar/article/أهمية-الكتاب-وحقوق-المؤلف-خطب-مختارة
المسجد النبوي - ملف علمي
https://khutabaa.com/ar/article/المسجد-النبوي-ملف-علمي
شرف السلام في الإسلام، الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
https://khutabaa.com/ar/article/شرف-السلام-في-الإسلام
الأمنُ بالإيمان، الشيخ عبدالعزيز التويجري
https://khutabaa.com/ar/discussions/الأمن-بالإيمان-مختصرة-17-10-1445ه
اللهم آمنا وثبتنا على الإيمان، الشيخ عبدالله البصري
https://khutabaa.com/ar/discussions/خطبة-اللهم-آمنا-وثبتنا-على-الإيمان
رب اجعل هذا البلد آمنا، الشيخ نواف الحارثي
https://khutabaa.com/ar/discussions/رب-اجعل-هذا-البلد-آمنا
جزاء الشكر وعاقبة الجحود، الشيخ راكان المغربي
https://khutabaa.com/ar/discussions/جزاء-الشكر-وعاقبة-الجحود-قصتان-قصيرة
أولئك لهم الأمن، الشيخ احمد الشاوي
https://khutabaa.com/ar/discussions/أولئك-لهم-الأمن
مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَي بِلَادِنَا، الشيخ صالح العصيمي
https://khutabaa.com/ar/discussions/من-نعم-الله-علي-بلادنا-2
جماعة المسلمين وإمامهم، الشيخ هلال الهاجري
https://khutabaa.com/ar/discussions/جماعة-المسلمين-وإمامهم
يوم الحساب، الشيخ تركي الميمان
https://khutabaa.com/ar/discussions/يوم-الحساب-1
بِحَمْدِ اللهِ أَمْنٌ وَاسْتِقْرَارٌ وَشُكْرٌ وَقَرَارٌ، الشيخ خالد القرعاوي
https://khutabaa.com/ar/discussions/بحمد-الله-أمن-واستقرار-وشكر-وقرار-17101445هـ
شكر الله على نعمة الأمن وأثره باستقرار الأمة، الشيخ عبدالله الطريف
https://khutabaa.com/ar/discussions/شكر-الله-على-نعمة-الأمن-وأثره-باستقرار-الأمة
مقال: استراتيجية مكافحة الخرافات والأساطير (الجزء الأول) أ. محمود الفقي - عضو الفريق العلمي
https://khutabaa.com/ar/article/استراتيجية-مكافحة-الخرافات-والأساطير-الجزء-الأول
مقال : فن الخطابة (التعريف - الأركان - الخصائص) عطية محمد سالم
https://khutabaa.com/ar/article/فن-الخطابة-التعريف-الأركان-الخصائص_
نِعْمَةُ الأَمْنِ وَالاسْتِقَرَارِ، الشيخ محمد الشرافي
https://khutabaa.com/ar/discussions/نعمة-الأمن-والاستقرار-17-شوال-1445هـ
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ رجال أمننا و جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ.
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

-------------------------------------------------
🕌أهمية (إعداد الخطبة)🎤
———•———•———
1️⃣(إذا كنت ممن يرتجل الخطبة)؛ فعليك بالإعداد الجيد لها، ولا تتهاون أبدًا في ذلك، وإن بدا لك أنَّ الموضوع يسير وسهل.
———•———•———
2️⃣ (إذا كنت ممن يقرأ من ورقة)؛ فاحذر أن تداوم على أَخْذِ خطب غيرك، فقد يُرخص لك في البداية، لكن لا عذر لك بعد طول الخبرة والتجربة.
———•———•———
3️⃣ (الإعداد الجيِّد) من ألذ الأمور عند الخطباء، بل إنهم يتشوقون ليوم الجمعة؛ لطرح ما أعدوه، وتعبوا عليه!

———•———•———
📕تجربتي في الخطابة،أحمدالطيار (٦٨)
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
الملفات العلمية - ملتقى الخطباء
https://khutabaa.com/ar/scientific_files/all
#الخطيب
زاوية الكشاف العلمي - ملتقى الخطباء
https://khutabaa.com/ar/scientific_discoveries
يحتوي على أكثبر من 600 مادة علمية وبحثية.. تساعد الخطيب والباحث وغيرهم من تحضير الخطب والأبحاث والرسائل والدراسات وغيرها..
#الخطيب
جديد خطب الملتقى بما يتوافق مع تعميم الوزارة (الزينة في الصلاة)
https://khutabaa.com/ar/forums/134701
#الخطيب
جديد الصفحة الرئيسية لموقع ملتقى الخطباء [788]

الزينة - خطب مختارة
https://khutabaa.com/ar/article/الزينة-خطب-مختارة
العمل - خطب مختارة
https://khutabaa.com/ar/article/العمل-خطب-مختارة-
خذوا زينتكم عند كل مسجد، الشيخ هلال الهاجري
https://khutabaa.com/ar/discussions/خذوا-زينتكم-عند-كل-مسجد
أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (8) حفصة بنت عمر رضي الله عنها، الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
https://khutabaa.com/ar/article/أمهات-المؤمنين-رضي-الله-عنهن-8-حفصة-بنت-عمر-رضي-الله-عنها
اهتمام الاسلام بأخذ الزينة للصلاة والنظافة، الشيخ عبدالله الطريف
https://khutabaa.com/ar/discussions/اهتمام-الاسلام-بأخذ-الزينة-للصلاة-والنظافة
التَّجَمُّل وَالتَّزَيُّن لِلْصَّلَاةِ، الشيخ صالح العصيمي
https://khutabaa.com/ar/discussions/التجمل-والتزين-للصلاة
خُذُوا زينَتَكُم عندَ كلِ مسجِدٍ، الشيخ راشد البداح
https://khutabaa.com/ar/discussions/خذوا-زينتكم-عند-كل-مسجد-وزاري
خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، الشيخ خالد القرعاوي
https://khutabaa.com/ar/discussions/خذوا-زينتكم-عند-كل-مسجد-24101445هـ-ـ
خُطْبَةُ رِسَالَةٌ إلى رُوادِ المَسَاجِدِ، الشيخ محمد السبر
https://khutabaa.com/ar/discussions/خطبة-رسالة-إلى-رواد-المساجد-وفق-التعميم-وبصيغتي-وورد-pdf
تنبيه الساجد ببعض آداب المساجد، الشيخ محمد المهوس
https://khutabaa.com/ar/discussions/تنبيه-الساجد-ببعض-آداب-المساجد-حسب-تعميم-الوزارة-وبصيغتين-وورد-pdf
وأن إلى ربك المنتهى، الشيخ تركي الميمان
https://khutabaa.com/ar/discussions/وأن-إلى-ربك-المنتهى
أَخْذُ الزِّينَةِ فِي الْمَسَاجِدِ، الشيخ محمد الشرافي
https://khutabaa.com/ar/discussions/أخذ-الزينة-في-المساجد-24-شوال-1445هـ
مَفاتيحُ الرِّزق الحَلال، الشيخ محمود الدوسري
https://khutabaa.com/ar/discussions/مفاتيح-الرزق-الحلال
الإمام علاء الدين الكاساني: ملك العلماء صاحب البدائع، أ. شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي
https://khutabaa.com/ar/article/الإمام-علاء-الدين-الكاساني-ملك-العلماء-صاحب-البدائع-
خُذُوا زينَتَكُم عندَ كلِ مسجِدٍ - الشيخ راشد البداح

الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيهِ تَسْلِيْمًاكَثِيْرًا، أَمَّا بَعْدُ:

فاتقُوا اللهَ وعظِمُوا ما عظمَه اللهُ تعالَى. وإن من تعظيمِ اللهِ تعظيمَتلكَ البلادِ التي يحبُها اللهُ، إنها ليست مكةَ والمدينةَ فحسبُ؛ بل هيَبلادٌ أخرَى حبيبةٌ إلى اللهِ، حبيبةٌ إلى رسولِ اللهِ، بل حبيبةٌ إلى عبادِاللهِ. فقد روَى مسلمٌ أن النبيَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا().

إنها بيوتُ اللهِ، ومَهابطُ رحمتهِ، ومُلتقَى ملائكتهِ، والصالحينَ من عبادهِ، وقد أضافها الربُ إلى نفسهِ إضافةَ تشريفٍ وإجلالٍ، فقالَسبحانَه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}[الجن18].

ولكنّ بعضَ هذهِ المساجدِ أُحدِثَ فيها إساءاتٌ تتنافَى مع مكانتِها وقدسيتِها، فعلينا أن نَحذَرَها، ونُحذِرَ منها، فمنها:

- دخولُ المساجدِ بالرائحةِ الكريهةِ كالثومِ والبصلِ، ففي الصحيحينِأن النبيَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا وَلْيَقْعُدْ فِى بَيْتِهِ(). ويَدخلُفيه من ابتُليَ برائحةِ فمهِ أو آباطهِ، أن يسعَى جُهدَه بقطعِ تلك الرائحةِ، أو يلبسَ كماماً عندَ الصلاةِ، وأشدُ منه إيذاءً رائحةُ دخانِالسجائرِ، فليتقِ اللهَ المدخنونَ في إيذائهِم للملائكةِ وللمصلينِ.
فعلى الآتيْ للمسجدِ أن يتنظفَ ويتطيبَ، ويواظبَ على استعمالِ السواكِ، لقولهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ. متفقٌ عليهِ().

وعلى الآتيْ للمسجدِ أن يتجملَ بثيابٍ نظيفةٍ، وحتى أهلُ الحِرَفِليخصِصُوا ثوباً للصلاةِ، والتجملُ للجمعةِ آكدُ، وعلى الذينَ يزاوِلونَالرياضةَ، أن يتوقفُوا عن رياضتِهم قبلَ الصلاةِ بوقتٍ كافٍ؛ ليغتسِلُوا ويتزينُوا، ويَلبسُوا لصلاتِهِم ما يَلبسونَه لضيوفِهم،امتثالاً لقولِ ربِهم: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف31].

فأينَ هذا الأدبُ اليومَ ممن يأتونَ للمساجدِ بثيابِ النومِ، أو بالألبسةِ الرياضيةِ ولو كانَ أحدُهم في مناسبةٍ لما لبِسَها!

قَالَ نَافِعٌ: رَآنِي ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَا أُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ: أَلَمْ أَكْسِكَ ثَوْبَيْنِ؟ فَقُلْتُ: بَلَى. قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَرْسَلْتُكَ إِلَى فُلَانٍ؛ أَكُنْتَ ذَاهِبًا فِي هَذَا الثَّوْبِ؟ فَقُلْتُ: لَا، فَقَالَ: اللَّهُ أَحَقُّ مَنْ تُزُيِّنَ لَهُ().

وهكذا يقالُ لمَنْ يصلّي في ملابسِ النومِ أو الرياضةِ أو ثيابِالحِرفةِ أو النزهةِ: أفكنتَ تخرجُ بها إلى مقرِ عملِك، أو تُقابِلُ بها ضيوفَك؟!

(فيستحبُ أن يكونَ المصليْ في أكملِ اللباسِ اللائقِ به، ومن الكمالِ تغطيةُ الرأسِ بما جرتْ عادةُ البلدِ لُبسُه، ولم يثبتْ أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى في غيرِ الإحرامِ وهو حاسرُ الرأسِ، دونَعمامةٍ، مع توفّرِ الدّواعي لنقلِه أو فعلِه)().

ولذا قالَ الشيخانِ ابنُ بازٍ وابنُ عثيمينَ: الأفضلُ أن يغطيَه إذا كان في أناسٍ عادتُهم أنهم يغطونَ رؤوسَهم، فإن غطَى رأسَه،وأخذَ زينتَه فهوَ أفضلُ؛ لقولهِ جلَ وعلا: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} أي عندَ كلِ صلاةٍ().

ومما يَغفَلُ عنه بعضُ القائمينَ لصلاةِ الليلِ في بيوتِهم: أنهم قد يُصلونَ بملابسِهم الداخليةِ، أو بملابسِ نومِهم، وفي صحيحِالبخاريِ أن رجلاً سَأَلَ عُمَرَ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ، فَقَالَ: إِذَاوَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا().

وقد كانَ السَّلَفُ يَسْتَحِبُّوْنَ الِاغْتِسَالَ لَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَالتَّطَيُّبَ، وَلُبْسَالثِّيَابِ الْحَسَنَةِ. وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَدِ اشْتَرَى حُلَّةً بِأَلْفٍ، كَانَ يُصَلِّي فِيهَا مِنَ اللَّيْلِ. وَقَالَ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ عِنْدَ قِيَامِهِ مِنَ اللَّيْلِ طِيبًا يَمْسَحُ بِهِ شَارِبَيْهِ، وَمَا أَقْبَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ().

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ على عظيمِ إحسانهِ، وصلى اللهُ وسلمَ على الداعي إلى رضوانِه. أما بعدُ: فمن التساهلاتِ الفادحةِ التي تظهرُ في الصيفِ، الصلاةُ بما يسمونهُ بـ: الشُورتِ، أو الصلاةُ بثيابٍ خفيفةٍتصِفُ البشرةَ، ويلبسُونَ تحتَها سراويلَ قصيرةً، فيشاهَدَ منتصفُالفَخِذِ من وراءِ الثوبِ، فما حكمُ صلاةِ هؤلاءِ؟

أجابَ الشيخُ ابنُ عثيمينَ قائلاً: الثيابُ الشفافةُ التي تصِفُالبشرةَ غيرُ ساترةٍ، ووجودُها كعدَمِها، وصلاتُهم غيرُ صحيحةٍ على أصحِ قولَيِ العلماءِ، فالواجبُ عليهم أحدُ أمرينِ: إما أن يلبسُوا سراويلَ تسترُ ما بينَ السرةِ والركبةِ، وإما أنْ يلبسُوا فوقَ هذهِالسراويلِ القصيرةِ ثوباً صفيقاً لا يصِفُ البشرةَ().

عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ رجال أمننا و جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ.
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
الشائعات أخطار وموبقات - الشيخ عبدالله الطوالة

الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

معاشر المؤمنين الكرام: الكلِمةُ عمارٌ أو دمار.. مَغنمٌ أو مَغرم.. هِدايةٌ أو غِواية.. وما على وجه الأرضِ أقوى ولا أخطرَ من الكلمة إذا أُجيدَ توظِيفُها، فهي القوة المسؤولةُ عن كل حركات البناءِ والهدمِ في التاريخ.. القرآن العظيم كلمة، ورسالة الأنبياء كلمة، وصروح العلم كلمة، وهذا المنبر كلمة، فكم هي عجيبةٌ والله هذه الكلمة: فهي ترتقي حتى تكون أفضلَ الأعمال، كما في الحديث الصحيح: “ألا أنبئكم بخير أعمالكم... وفي آخر الحديث قال: “ذكر الله”.. وتسفلُ الكلمةُ وتنحطُّ؛ حتى تكونَ شرَّ الأعمال، كما في الحديث الصحيح: “وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِم إِلاَّ حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِم”.. ومعلومٌ انَّ دخول الجنة بكلمة، ودخولُ النارِ أيضاً بكلمة.

والشائعات: نوعٌ من الكلمات، ولكنها ظُنُونٌ وَتَخَرُّصَاتٌ، وأوهامٌ وتلفيقات، تتناقلها الأفواهُ والجوالات، فتتدحرجُ بينهم ككرة الثلج، تبدأ صغيرةً، لكنها كلما تحركت تضاعفَ حجمها، وتعاظمَ خطرها، حتى تفتك بكل ما يقع في طريقها، أولسنا نراها تُفسدَ في لحظات، ما يُفسدهُ غيرها في سنوات، في صحيح البخاري قال -صلى الله عليه وسلم-: “وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِى أَتَيْتَ عَلَيْهِ يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَمَنْخِرُهُ إِلَى قَفَاهُ، وَعَيْنُهُ إِلَى قَفَاهُ، فَإِنَّهُ الرَّجُلُ يَغْدُو مِنْ بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الْكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفَاقَ”.

الشائعات: أوبئةُ مُهلكة، وأخطارٌ موبقة، تسري سريانَ النَّارِ في الهشيم، وتُفسدُ إفسادَ الوباءِ المعدي، كم خربت من ديارٍ وعلاقات، وكم قطعت من رحمٍ وصلات، وكم ولَّدت من خلافاتٍ وعداوات، وكم نَدِمَ الكثيرُ على تصديقِها؛ لكن بعدَ الفوات، وصدق الله: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً) [الأحزاب:60]..

الإشاعات: داءٌ دويّ، وبلاءٌ خفيّ، بسببِها يبرأُ المجرِّمُ، ويُجرَّمُ البريء، في الحديث الصحيح، قال -صلى الله عليه وسلم-: “سَيأتي على الناسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فيها الكَاذِبُ، ويُكَذَّبُ فيها الصَّادِقُ، ويُؤْتَمَنُ فيها الخَائِنُ، ويُخَوَّنُ فيها الأَمِينُ، ويَنْطِقُ فيها الرُّوَيْبِضَةُ”. قيل: وما الرُّوَيْبِضَةُ؟ قال: “الرجلُ التَّافِهُ، يتكلَّمُ في أَمْرِ العَامَّةِ”.

الشائعات: من أقوى وأخطرِ وسائلِ التدميرِ للأفراد والمجتمعات.. وكم من رسالةٍ مسمومة، قالت لمرسِلها دعني، وكم من تغريدةٍ ملْغومةٍ هوت بكاتبها في وادٍ سحيق، وكم من شَائِعَةٍ مُلفَّقة، تسببت في وُقُوعِ كَوارثَ محققة، في الحديث المُتَّفَقِ عَلَيْهِ، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بالكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا يَزِلُّ بِهَا إِلَى النَّارِ أبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ”..

ألا وإنَّ أعظمَ الشائعات ضرراً وأشدُّها خطراً، ما كان منها مُستهدِفٌ أمنَ المسلمين في أوطانهم، وخلخلة عقائدهم وأديانهم، وإضعافَ صِلتهم بربهم وخالِقهم، وموهِنٌ لروابط الاخوّةِ فيما بينهم.
ثم إنَّ الغالبَ على من ينشرُ الشَّائِعاتِ، أنهم حمقى مُغفلون، لا يَتَرَيَّثُون ولا يَتَثَبَّتُونَ، ولا يراجعون، ولا يتراجعون؛ فَكَمْ من خبر ٍكاذبٍ طاروا به وأذاعوه.. فلمَّا تَجَلَّتْ شَمسُ الحقِيْقَةِ أَدْرَكوا أَنَّهُم كانوا مطيةً حمقاءَ للأعداء، وأنهم حَمَلُوا إِثْماً مبينا، وأَشاعُوا بهتاناً وزُوْراً عظيماً، وحتى إن ندِموا فبعدَ فَواتِ الأَوانِ، وصدق الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) [الحجرات:6].

ولئن كان في ذلك الزمان فاسقٌ واحدٌ هو من يأتي بالأخبار الكاذبة، ويروجُ الشائعاتِ الملفقة، فقد تطورَ الأمرُ إلى هيئاتٍ وإلى منظمات، ومواقعَ مُتخصصةٍ وقنوات، مُهمتها جمعُ البيانات، ودراسةُ المجتمعات، وصناعةُ ونشرِ الشائعات.

إنها -يا كرام- حربٌ إِعلامِيَّةٌ قذرة، ومن أَشَدَّ الأَنوَاعِ خطراً وفتكاً، حربٌ نَاعِمَةً خَفِيَّة، أهدافُها خَبِيثَةٌ ملتوية، وأسلحتُها وقذائِفُها رَسَائِلُ وكَلِمَات، وَصُوَرٌ وَمَقَالاتٌ، وَبرامجُ ومقابلات، وأفلامٌ ومُسلسلات.. تُعدُّ إِعدَادًا مدروساً، وتُخرجُ إخراجاً محبوكاً، فيه من فنون العرض، وقوةِ الطَّرح ما يُبهرُ العقول، ويستميلُ القُلُوب، ويغير القناعات، ويضربُ المجتمعَ ضرباتٍ موجعات، وما لوثاتُ الالحادِ والزندقةِ والتنصير والانتحارِ، والتي عانى منها المجتمع الويلات، عنا وعنكم ببعيد، (فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُون) [البقرة:79]، (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ) [الجاثية:7]، (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) [الهمزة:1].

ألا فاعلموا -يا عباد الله- إنَّ إِشاعَةَ المُنْكراتِ مِن أكبر الكبائرِ وأَعظَمِ المُوبِقات، تأمل: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) [النور:19]، قالَ العلامة السَّعْدِيُّ رحمه الله: “فَإذَا كانَ هَذَا الوَعِيْدُ، لِمُجَرَّدِ مَحَبَّةِ أَنْ تَشِيْعَ الفَاحِشَةُ، فَكَيْفَ بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ”.. في الحديث الصحيح، َقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: “مَنْ قَالَ فِي مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيهِ أَسْكَنَهُ اللَّهُ رَدْغَةَ الْخَبَالِ حَتَّى يَخْرُجَ مِمَّا قَالَ”، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ فَقَالَ: “يا مَعْشَرَ مَن أسلم بلسانِه ولم يَدْخُلِ الإيمانُ قلبَه، لا تُؤْذُوا المسلمينَ، ولا تُعَيِّرُوهم، ولا تَتَّبِعُوا عَوْراتِهِم، فإنه مَن تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيه المسلمِ، يَتَتَبَّعِ اللهُ عَوْرَتَه، ومَن يَتَتَبَّعِ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ ولو في جوفِ بيتِه”، الحديث صححه الألباني.. وفي الحديث المُتَّفَقٌ عَلَيهِ، قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: “وَمَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيرًا أَو لِيَصمُتْ”، وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: “مِن حُسنِ إِسلامِ المَرءِ تَركُهُ مَا لا يَعنِيهِ”، والحديث صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.. وفي الحديث الصحيح: “المسلم مَن سَلِمَ المُسلمون من لسانه ويده”.

إنها -يا عباد الله- رسائلُ قويةً، وتحذيراتٌ شديدة، نوجهها لكل مَنْ لا يَتَوَرَّعُ عَنْ إِرسالِ المقاطِعِ المحرَّمَةِ، ولكل مفتونٍ إذا سمِعَ خبرًا طارَ به، وسارع لينشُرُه على أوسع نِطاق، ويُفاخِر بأنه حازَ السَّبْقَ في نشره.. ومع سهولة بلوغ الكلمةِ للآفاق، وتخطِّيها حواجِزِ الزمان والمكان في أجزاءٍ من الثانية، وبلمسة زرٍ واحدة، فيا لهُ من بلاءٍ، وفتنةٍ عمياء، والمعصوم من عصمه الله، والمخذول من خذلتهُ نفسه، وَمـا مِـنْ كَـاتِـبٍ إِلا سَـيَـْفنَى ويُبْقِي الدَهرُ ما كَتَبتَ يَداهُ.. فَـلا تَـكـتُـب بِكَفِّكَ غَيرَ شَيءٍ يَـسُـرُّكَ فِيْ القِيامةِ أَنْ تَراهُ.. (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيد * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيد * مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد) [ق:16].

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلاماً على عباده الذين اصطفى.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد اللهِ-، وكونوا مع الصادقين، وكونوا من (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب) [الزمر:18].

معاشر المؤمنين الكرام: الْمُسْلِمُ الْحَقُّ لا تراه إلا مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ، مِغْلَاقًا لِلشَّرِّ، مُنصفٌ مع نفسهِ ومع غيره.. يُحبُّ لغيره ما يُحبُّ لنفسِه، ويكرهُ لغيره ما يكرههُ لنفسِه، ويؤدي إلى النَّاسِ ما يحبُّ أن يؤديهِ النَّاسُ إليه، ويمنعُ عن النَّاس ما يُحبَّ أن يمنعهُ النَّاسُ عنه، ويفعلُ الخيرَ بنفسٍ طيبةٍ مع من يَستحِقهُ ومن لا يَستحِقه، لأنهُ لا يُريدُ إلا وجهَ الله.. ومن يتساءل، وما هو التصرفُ الصحيحُ مع الشائعات، فالجوابُ الحكيم، في كتاب الله الكريم.

وأن أولَ الواجباتِ على من سمع الشائعات هو حُسنُ الظنِّ بمن نُقِلَ عنه السوء ما دامَ ظاهرهُ السلامة، يقول تعالى: (لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ) [النور:12].

وثانيها: مطالبتهُ بالبينة والدليلِ على ما جاءَ به من شائعات، فالله عزَّ وجلَّ يقول: (لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ) [النور:13]، نعم: من تكلَّم في عرض إنسان، ولم يأتِ على ذلك بالدليل والبرهان، فهو كاذبٌ فتَّان، يستحقُ عقوبةً تردعهُ طولَ الزمان، وتجعله عظةً وعبرةً للقاصي والدان، (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون) [النور:4].

وثالثها: إمساك اللسان واليدان عن المشاركة في نشر الشائعات: (وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ * يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِين) [النور:16].

ورابعها: نهيُ من يرددُ الشائعةَ عن ترديدها؛ لأنها كبيرةٌ من كبائر الذنوب: (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) [النور:15].

وَالمُؤْمِنُ الصادق.. لَهُ ورَعٌ يَحْمِيْهِ مِنْ قَولِ الباطِلِ وَمِنْ سَماعِه. فَلا يَقُولُ إِلا بِعْلْمٍ، ولا يُصدِّقُ إِلا بِبَيِّنَة، ولا يحكُم إلا بيقين، وتأمَّل ما فعله أبو أيوب الأنصاريُّ في التَّعاملِ مع الإشاعةِ، فحين قَالَتْ له أُمُّ أَيُّوبَ: أَلَا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِي عَائِشَةَ؟ قَالَ: بَلَى، وَذَلِكَ الْكَذِبُ، أَفَكُنْتِ يَا أُمَّ أَيُّوبَ فَاعِلَةً ذَلِكَ؟ قَالَتْ: لَا وَاَللَّهِ، قَالَ: فَعَائِشَةُ وَاَللَّهِ خَيْرٌ مِنْكِ، ثُمَّ قَالَ: مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَمَ بِهَذا، سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ، فَأنْزَلَ اللهُ عَزّ وجَلّ: (وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَّا يَكُونُ لَنَآ أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَـاذَا سُبْحَانَكَ هَـاذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ) [النور:16].

والقرآنُ الكريمُ يؤكدُ أنّ كلامَ الانسانِ محفوظٌ عليه، (سَنَكتُبُ ما قَالوا) [آل عمران:181]، (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق:18]، فإن كان خيراً كوفئَ عليه، قال تعالى: (فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا) [المائدة:85]، وإنَّ كان شراً عوقِبَ به، قال تعالى: (وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا) [المائدة:64] (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيد) [فصلت:46].

واللسان ضَمانٌ للإنسان؛ ففي الحديث الصحيح: “مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بيْنَ رِجْلَيْهِ أضْمنْ لهُ الجَنَّة”.. ولذلك قال الصحابي عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-: “ما تكلمت بكلمةٍ منذ بايعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلا مزمومةً مخطومة”.

فحقٌّ على من أرادَ السلامةَ لنفسه ولمجتمعه أن يُراقبَ نفسَهُ قبل أن يُطلِقَ لسانَه، أو يُرسلَ رِسالتهُ، أو يَخُطَّ مَقالَته.. نعم: ليسأل المرسلُ نفسهُ: هل المصدرُ موثوق، وهل الخبرُ مؤكدٌ وصحيح، هل المصلحةُ راجحةٌ في نشره، فإن رابهُ أدنى شكٍّ فليتوقف، فإنَّ السلامةَ لا يعدلها شيء، واللهُ تعالى يقول: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) [النساء:83]، قالَ العلامة السَّعْدِيُّ رحمه الله: “وأُوْلِيْ الأَمْرِ مِنْهُمْ: هم
أَهْلُ الرَأَيِ، وَالعِلْمِ والنُّصْحِ والعَقْلِ والرَّزَانَةِ، الذيْنَ يَعْرِفُونَ الأُمُوْرَ وَيَعْرِفُوْنَ المصَالحَ وَضِدَّهَا. فَإِنْ رَأَوْا في إِذَاعَتِهِ مَصْلَحةً فَعَلُوا، وإِنْ رَأَوْا أَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فيهِ، لم يفعلوا”.. واللهُ -جلَّ وعلا- يقولُ أيضاً: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) [الإسراء:36]؛ أي لا تَتحدث عمَّا لَيْسَ لَك بهِ عِلْم، ولا تَنْقُلْ مِن الأَخبارِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ علم، (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء:36].

أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ -يا عباد الله-، وَلا نتساهل بأمر الشَّائِعَاتِ، ولا يُغرينا سهولةَ نشرها عبر الجَوَّالاتِ، فإنها آثَامَ وسيئات، تَتَراكمُ لأيامٍ وشهورٍ وسنوات، يعقُبها ألمٌ وندمٌ وحسرات، في صحيح مسلم، قال عليه الصلاة والسلام: “من دعا إلى هُدى كان له من الأجر مثلِ أجورِ من تبعه، لا ينقصُ من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالةٍ كان عليه من الإثم مثلَ آثامِ من تبعه، لا ينقصُ ذلك من آثامهم شيئًا”، تأمل: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ) [النور:24]، وقال تعالى: (لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلاَ سَاء مَا يَزِرُون) [النحل:25].

فيا ابن آدم عِش ما شئت فإنك ميت، واحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ رجال أمننا و جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ.
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
التفكر في خلق الله - الشيخ عبدالله الطيار

الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي يسبح كل شيء بحمده وتخضع جميع المخلوقات لكبريائه وجلاله وعظمته وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً

أما بعد: فاتقوا الله أيها المؤمنون وانظروا ماذا في السماوات والأرض وما حولكم من العوالم لتروا فيها بديع صنع الله وعظيم خلقه كيف قامت على أحسن نظام وأدق إحكام فلا إله إلا الله الحكيم العليم تأملوا رحمكم الله كيف أن كل صنعة لها بصانعها ارتباط وهكذا الكون الفسيح العريض فلا يكون مكتوب بلا كاتب ولا مخلوق بلا خالق ولا كلام بلا مخاطب ولا نبات بلا ماء ولا بيت بلا بناء وأعمدة فكل صنعة تدل على صانعها.

أيها الإنسان فكر بالعوالم وأكنافها وأحجامها وأطرافها وتحركها ودورانها وتناسبها ونظامها، فكر في النباتات والشجر والفاكهة والثمر وفي البحر والنهر، فكر في الحيوانات على أشكالها وفي الطيور على أجناسها.

فكر في الإناث والذكور والتوالد على مر الدهور، فكر في الظلام والنور، فكر في الريح والهواء والمطر والماء، فكر في عظمة الليل والنهار والجبال والأحجار والأشجار.

أيها الإنسان إذا طاف عقلك في الكائنات ونظرك في الأرض والسماوات رأيت على صفحاتها قدرة الله الباهرة وامتلأ قلبك بالإيمان بالله وانطلق لسانك بالتنزيه والتعظيم والتسبيح والتهليل وخضعت مشاعرك وجوارحك لسلطان الخالق العظيم والمبدع الحكيم فلا خالق غيره ولا رب سواه.

وصدق الله العظيم: [الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ](آل عمران الآية191).

عباد الله الكون كله بمخلوقاته العظيمة وبأحيائه من الإنس والجن والطير وبجماداته من الشجر والحجر والماء والزرع والثمار وعالم الملائكة المسبحة بحمد ربها وغيرها من العوالم التي تدل على عظمة الخالق فتبارك الله أحسن الخالقين.

لقد جاءت آيات القرآن تأخذ المسلم في جولات تعمق الإيمان في النفوس وتزيد اليقين في الصدور أحياناً في آفاق السماء وأخرى في جنبات الأرض وثالثة في مدارات النجوم ورابعة تسبح في عالم البحار تذكر بأعماقها وأسرار خلقها وإبداعها فسبحان الذي خلق ذلك كله وأبدعه.

عباد الله أليس الله جل وعلا هو الذي خلق الْحَبِّ وَالنَّوَى وأخرج الميت من الحي وأخرج الحي من الميت.

أليس خالقنا سبحانه هو الذي فلق الإِصْبَاحِ وجعل الليل ساكناً والشمس والقمر في حسبان واستمعوا إلى ذلك كله في كلمات وجيزة وعبارات بليغة تدل على عظيم صنع الله [إِنَّ اللَّهَ فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنْ الْحَيِّ ذَلِكُمْ اللَّهُ فَأَنَّا تُؤْفَكُونَ * فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ](الأنعام الآيتان 95، 96).

عباد الله وتأملوا كيف يُكون الله السحاب ويؤلف المطر ويتجمع البرد في مشهد عجيب وترتيب بديع ينتفع به أقوام ويحرم منه آخرون ويكون عذابا على من شاء الله من المعاندين الجاحدين وصدق الله العظيم: [أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ * يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأَبْصَارِ] (النور الآيتان 43، 42).

تفكر أيها الإنسان أليس الله جل وعلا هو الذي يحي الأرض بعد موتها وينبت فيها من الحبوب والثمار ما يكون فيه معاش الخلائق وهم يرون ذلك بأم أعينهم صباح مساء وهي مشاهد واقعية تدل على عظمة الخالق سبحانه قال تعالى: [وَآيَةٌ لَهُمْ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنْ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ * سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ](يس الآيات33، 34، 35، 36).

أيها الإخوة إن في مخلوقات الله عظة وعبرة لمن تأمل ووقف عندها عوالم كثيرة وأسرار عجيبة ومخلوقات متنوعة فهذا عالم الملائكة بما فيه من أسرار عظيمة وما أناط الله بهم من أعمال كثيرة وكلهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يرون وعالم النحل ومملكته التي تدل على عظيم إبداع الخالق سبحانه وعالم النمل وسائر الطير والحيوان فسبحان من أعطى كل
شيء خلقه وهدى.

وصدق الله العظيم [إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ](البقرة الآية 164).

بارك الله لي ولكم في القرآن الكريم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم
أقول ما سمعتم فاستغفروا الله يغفر لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي خضعت لعظمته الرقاب وذلت لجبروته الصلاب الشداد خلق عظائم المخلوقات وأبدع دقائق الموجودات وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً

أما بعد: فاتقوا الله أيها المؤمنون وتأملوا في خلق هذه الحيوانات على اختلاف صفاتها وأجناسها وأشكالها ومنافعها وألوانها وعجائب خلق الله المودعة فيها فمنها الماشي على بطنه ومنها الماشي على رجلين ومنها الماشي على أربع.

ومنها ما يجعل سلاحه المناقير ومنها ما يكون سلاحه في أسنانه ومنها ما يكون سلاحه القرون ومنها ما يكون سلاحه في قوته وعظم خلقه فسبحان من خلقها على هذه الصفات.

قال تعالى: [وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ](النور الآية45).

قال ابن القيم رحمه الله: (تأمل العبرة في موضوع هذا العالم وتأليف أجزائه ونظمها على أحسن نظام وأدلِّه على كمال قدرة خالقه وكمال علمه وكمال حكمته وكمال لطفه فإنك إذا تأملت العالم وجدته كالبيت المبني المعد فيه جميع آلاته ومصالحه وكل ما يحتاج إليه فالسماء سقفه المرفوع عليه والأرض مهاد وبساط وفراش ومستقر المساكن والشمس والقمر سراجان يزهران فيه والنجوم مصابيح له وزينة وأدلة للمنتقل في طريق هذه الدار)(انتهى كلامه).

عباد الله وللتفكر في مخلوقات الله فوائد عظيمة منها:
1) أنه طريق موصل إلى رضوان الله ومحبته.
2) فيه انشراح للصدر وسكينة للقلب.
3) التفكر يورث الخوف والخشية من الله جل وعلا.
4) التفكر سبيل لكثرة الاعتبار والاتعاظ من سير السابقين وأحوالهم.
5) التفكر يحي القلب ويربطه بخالقه فيحجزه ذلك عن الوقوع فيما حرم الله.

عباد الله : صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا ، يا رب العالمين، واحفظ رجال أمننا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر