مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚
2.73K subscribers
55 photos
16 videos
352 files
2.15K links
📡ألـشـبـكـة ألـدعـويـة ألـرائـدة،،
ألـمـتخـصـصـة بنقـل الـخـطـ۩ـب ألـمنـبريـه،، والمحـاضـرات ألـمـؤثـرة،،،،

{«مُـلاحظـة»}

🔗رابـط المناقشـة للخطبـاء والـدعـاة۩👇
t.me/+ZWIom4GWBQhjYTI8

🌍رابـط مـوقـع ملتقى الخطباء على الإنترنت👇
WWW.khutabaa.com
Download Telegram
كما أن الاختلاط بين الجنسين بين الرجال والنساء مصيبة عظمى، وطامة كبرى، والبلية كل البلية اختلاط الجنسين في أماكن العمل والبيع والشراء وغير ذلك، هذا الاختلاط الذي ينزع جلباب الحياء، ويحطم الحواجز الإيمانية، ويقضي على القيم والفضائل، ويزيل الحياء من القلوب، هذا الاختلاط له أضرار ومساؤه ومهما غرر له ومهما ابتدع عنه فهو مصيبة وبليلة لا بد تنخر في المجتمع المسلم حتى تقيض أخلاقه وفضائله، فالاختلاط بين الجنسين من أعظم الوسائل والذراع لنشر الفواحش والمنكرات. نسأل الله أن يهدي الجميع للخير، وأن يعصم الجميع بالإيمان وتقوى الله.

ومن الأسباب أيضًا: حصول التبرج والسفور من النساء، فالمرأة المسلمة متى التزمت بالحجاب الشرعي، وابتعدت عن السفور والتبرج كان عونًا له على الخير وإبعادًا عن الشر؛ لكن إذا خرجت إلى الأسواق متبرجة تكشف وجهها أمام البائعين وتخاطبهم بأقوال معسولة، وتبادل الأحاديث الطويلة بلا حاجة، والتسكع في الطرقات وفي الأسواق بلا سبب ولا داعي كل هذه وسائل شر ينبغي للمسلمين الترفع عنها والبعد عنها.

أخي المسلم: إن الله جلَّ وعلا ساق لنا قصة يوسف عليه السلام في سورة كاملة عظيمة يتلوها المسلمون إلى يوم القيامة، هذه الآيات قال الله في أخرها: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف: 111]، نبي الله الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابتُلي وامتُحن؛ ولكن صبر وصابر، أغلقت دونها الأبواب وهيأت له أسباب الفاحشة، شاب فَتِيّ أعطي شطر الحسن، رقيق عند تلك المرأة التي اشتره سيدها أسيرها زوجها رقيق عندها، شاب فتي أعطي شطر الحسن، أغلقت الأبواب دونه وضيق عليه لأجل مقاربة الفاحشة؛ ولكن إيمانه الذي في قلبه إيمانه الصادق وإرادة الخير به ترفع عن هذه الرذائل، وصبر على تلك المحن وقاومها بالالتجاء إلى الله، والتضرع بين يدي الله حتى خرج منها نقيًا سالمًا منها وذلك فضل الله: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف: 24]، فإخلاصه لله وصدق تعامله مع الله، وقوة التوحيد في قلبه، حال بينه وبين معاصي الله: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) [يوسف: 24] الرؤية القلبية الإيمانية الصادقة التي قد حالت بين المعصية فصبر قليلاً وتلذذ كثيرا، عليه وعلى نبينا وسائر أنبياء الله أفضل الصلاة وأتم التسليم.

إن فيها عبر وعظات فأولا: ليعلم المسلم أنه لا قدرة له على التغلب على نزاعات الهوى والشهوات إلا بعون من الله قال جلَّ وعلا: (وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ) [النور: 21]، وقال: (وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء: 83].

ثانيًا: لا يخدع المسلم نفسه، ولا يزكي نفسه، ولا يقول أنا قادر وإن خالطت النسوة وجلست معهن، أنا قادر على نفسي، قلنا: لا، ابتعد حق البعد عن الحرام، ولهذا يوسف عليه السلام لما ضيق عليه وهدد بالسجن (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ*فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ) الآية [يوسف: 33- 34].

أيها المسلم: إذًا فلا بد من اللجوء إلى الله وعدم الانخداع بالنفس والبعد عن أهل السوء، فالنسوة أعنّ امرأة العزيز على ما يراد من الباطل؛ ولكن قابلهم إيمان قوي أثبت في القلوب من الجبال الراسية وتغلب على تلك النزعات والشهوات ونال الخير العظيم قال الله عنه أنه قال: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [يوسف: 102]، أولئك الأخيار الأطهار، أولئك الصلاح الفضلاء الذين قال الله فيهم: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ) [الأنعام: 90]، أسأل الله العلي العظيم أن يحفظنا بالإسلام، وأن يثبتنا على دينه، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدنا إنه ولي ذلك والقادر عليه

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم،
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفور الرحيم.
-------------------------------------------------  
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.

أما بعدُ: فيا أيُّها الناس، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.

عباد الله: هناك نوع من العفة عفة المسلم، عفة يده، عفة نفسه سمو أخلاقه، أن لا يذل نفسه لأحد من الخلق؛ بل يكون في نفسه عزة وكرامة اكتسبها من عزة إيمانه: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون: 8]، فعزته وكرامته تمنعه أن يمد يديه سائلاً طامعًا فيما عند الناس وإنما يسأل ربه يقول الله: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) [النمل: 62]، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ»، فعفة نفسك تمنعك أن تمد للخلق، وأن تكون عزيز النفس باحثًا في مكسب الرزق في كل من الأمكنة المشروعة حتى تكون عزيزًا قويًّا؛ لأن توحيدك لله وإخلاصك لله يجعلك تتجه إلى الله وحده: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة: 5].

ونبينا صلى الله عليه وسلم ربى أصحابه على هذه الخلق الكريم، قال حكيم بن حزام أتيته أساله فأعطاني ثم فأعطاني ثم سألته فأعطاني، ثم قال: «يَا حَكِيمُ إِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ خَضِر، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، والْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى»، قال حكيم: فقالت يا رسول الله والله لا أخذ من أحد شيئًا، فكان الصديق يقول يدعوه ويعطي حق من الفيء فيقول: لا، ويعطيه عمر ويقول: لا، قال عمر: أشهدكم أني عرضت أن أعطي حكيم بن حزام ما له من الفيء فيأبى أن يقبله، فصار حكيم من أثرياء المسلمين وتجار المسلمين وفتح الله له من الخير الكثير ما الله به عليم.

ونبينا صلى الله عليه وسلم جاءه رجلين يسألانه وكان صلى الله عليه وسلم معروف بالحياء وعفة اللسان صلى الله عليه وسلم فلما أتيا يسألانه قلب فيهم النظر صعد بصره ونزله فقال لهما: «إِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا وَلاَ حَظَّ فِيهَا لِغَنِىٍّ وَلاَ لِقَوِىٍّ مُكْتَسِبٍ»، وقال: «لاَ تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بالعبد حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ»، وقال: «إن الرجل يسأل مما عندي فأعطيه فإنما هي جمرة يأخذها فليستقل أو ليستكثر»، رباهم على عزة النفوس، وكرة النفوس وعلاوة الهمم - فصلوات الله وسلامه عليه - وصدق الله: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة: 128] فصلوات الله وسلامه عليه أبدًا دائمًا إلى يوم الدين.

واعلموا رحمكم اللهُ أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.

عباد الله : صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا ، يا رب العالمين، واحفظ رجال أمننا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]
(رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

------------------------------------------------
عذاب أهل النار

الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي عمت رحمته كل شيء ووسعت، وتمت نعمته على العباد وعظمت، ملك ذلت لعزته الرقاب وخضعت، وهابت لسطوته الصعاب وخشعت، وارتاعت من خشيته أرواح الخائفين وجزعت، كريم تعلقت برحمته قلوب الراجين فطمعت، بصير بعباده يعلم ما كنت الصدور وأودعت، عظيم عجزت العقول عن إدراك ذاته فتحيرت.
نحمده على نعم توالت علينا واتسعت، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنجي قائلها من النار يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي جاهد في الله حق جهاده حتى علت كلمة التوحيد وارتفعت، اللهم فصلّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد: أيها الناس: فاتقوا الله حق تقاته، وتأهبوا للانتقال من دار الزوال، وتنافسوا في اكتساب ما يوصل إلى دار القرار، وارغبوا في صالح الأعمال، واعلموا أنكم عما قليل راحلون، وإلى الله صائرون، ولا يغني هنالك عمل إلا صالح قدمتموه، أو حسن ثواب أحرزتموه، فإنكم تقدمون على ما قدمتم، وتجازون على ما أسلفتم، فلا تصدنكم زخارف دنيا دنية عن مراتب جنات علية، واكتسبوا مراضي الرحمن، فإنها أربح المكاسب، واجتنبوا موارد العصيان، فإنها وخيمة العواقب، وحاذروا مواعيد الآمال فإنها آمال كواذب.

أيها الإخوة: تعوذوا بالله من حال أهل النار، تعوذوا بالله من صباح إلى النار، ومن ليلةٍ إلى النار، أو ساعة في النار، أو لحظة في النار؛ فإن أجسامنا لا تقوى على النار، وأحوالنا لا تتحمل ظلمات النار ولا ظلمة القبور، انظروا كيف تضيق أخلاق كثير منا؟، وكيف تتعطل جوارحهم حينما تنطفأ عنا الكهرباء عدة دقائق، ونحن نعلم أنها ستعود؛ وحتى إن لم تعد فلدينا وسائل وبدائل كثيرة نستطيع بواسطتها أن نرى، وأن نستفيد من حياتنا، لكن ما ظنكم فيمن يُوضع في القبر، وتحتويه الظلمات من كل جانب ولا يعلم من أين يأتيه النور؟! لأن نور القبور إنما يُكتسب من سلوك العبد في هذه الدنيا، فمن كان في هذه الدنيا على النور مكنَّه الله -عز وجل- من العيش في القبر على النور، قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) [النور:40].

أيها الإخوة: يوم القيامة هو يوم الحسرة، ومما أدراك ما يومُ الحسرة، قال الله -عز وجل-: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) [مريم: 39] وهذا تخويف وترهيب بيومِ الحسرةِ حين يُقضى الأمرُ، يوم يجمعُ الأولون والآخرون في موقفٍ واحد، يُسألون عن أعمالهم، فمن آمنَ بالله واتبع نبيه سعِدَ سعادةً لا يشقى بعدها أبدًا، ومن تمردَ وعصى شقي شقاءً لا يسعدُ بعده أبدًا، وخسرَ نفسَهُ وأهلَهُ، وتحسرَ وندِمَ ندامةً تتقطعُ منها القلوبُ وتتصدعُ منه الأفئدةُ أسفًا.

وأيُ حسرةٍ أعظمُ من فواتِ رضا الله وجنته، واستحقاقِ سخطهِ وناره على وجهٍ لا يمكنُ معه الرجوعُ ليُستأنف العملُ، ولا سبيلَ له إلى تغييرِ حالهِ ولا أمل. وكثير منا -للأسف- في الدنيا أنهم في غفلةٍ عن هذا الأمرِ العظيم، حتى يواجهوا مصيرَهم فيا للندمِ والحسرة، حيثُ لا ينفعُ ندمُ ولا حسرة.

وأنذرهُم يومَ الحسرة، يوم "يجاءُ بالموت كأنه كبشُ أملح فيوقفُ بين الجنةِ والنار فيقال: يا أهلَ الجنةِ هل تعرفون هذا؟ فيشرأبون وينظرونَ ويقولون نعم هذا الموت. ثم يقالُ يا أهل النارِ هل تعرفون هذا؟ فيشرأبون وينظرونَ ويقولون نعم هذا الموت. قال، فيأمرُ به فيذبحُ، ثم يقال يا أهلَ الجنةِ خلودُ فلا موت، ويا أهلَ النارِ خلودُ فلا موت" [أخرجه البخاري: 4730، ومسلم: 2849].

آه من تأوه حينئذ لا ينفع، ومن عيونٍ صارت كالعيون مما تدمع. إنها حسرةُ بل حسرات، تصدرُ عن معرضين عن الآيات ولاهين ولاهيات عن يومُ الحسرة والحسرات. يوم تبلى السرائر وينكشف المخفي في الضمائر، ويُعرَضُون لا يخفى منهم على الله خافية، ثم يكون المأوى الدرك الأسفل من النار، ثم لا يجدون لهم نصيرًا.

أيها الإخوة: والحذر من مصير أهل النار أمر ضروري جدًا، ليسلم العبد في الدنيا والآخرة، ولذلك فإن التذكير بعذاب النار وقاية للعباد من الوقوع في المهالك، ولذلك كان هذا التذكير بعذابهم، نسأل الله ألا يوردنا موردهم، وأن ينجينا من النار وعذابها.

أيها الإخوة: ومن صور عذاب أهل النار: منع الماء وعدم إجابة الدعاء ولا الرجاء، وقد ذكر الله -تبارك وتعالى- أنه تحصل محادثة بين أهل الجنة وأهل النار، قال -عز وجل- في سورة الأعراف: (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ) [الأعراف:44] النداء يأتي من الجنة لأهل النار: (أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقاً) [الأعراف:44] يقولون: وجدنا الذي وعدنا الله من النعيم، إنه موجود حقاً ونحن فيه الآن (فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقاً قَالُوا نَعَمْ)[الأعراف:44] أهل النار يقولون: نعم. وما أدرك ما الحسرة التي تصيبهم وهم يقولون نعم.
نعم فقط! لم يطيلوها؛ لأنه ليس هناك مجال للتطويل؛ لأنهم في النار والذي في النار لا يستطيع أن يتكلم كثيراً: (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [الأعراف:44] أعاذنا الله وإياكم من النار.

ثم يأتي نداء من أهل النار: (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ) [الأعراف:50] لا يريدون إلا الماء؛ لأنهم في نار تشوي أجوافهم وأكبادهم (أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) [الأعراف:50]، نعوذ بالله من سوء المصير.

عباد الله: هل تفكرنا يومًا فيمن هو الرابح مع الله، ومن هو الخاسر؟ اسمعوا ماذا يقول الله -عز وجل-: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [الزمر:15] هذا هو الخاسر، ليس الخاسر الذي ضاعت عمارته أو انقلبت سيارته، بل الخاسر الذي إذا مات خسر نفسه وأهله ودخل النار (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) [الزمر:15-16] هذه الخسارة يوم يكون الظلال ناراً، ومن تحتك نار، وأنت بين ناري السماء والأرض (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ) [الأعراف:41] هذه الخسارة الحقيقية، وهي صورة بشعة من عذاب لا ينقطع ولا يخفف، بل يستمر شديدًا صعبًا.

إن الخاسرين الحقيقيين هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين، ما هو الخسران؟ قال: (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) [الزمر:16] أي: اتقوا عذابي، هذا كلام الله، أخوفكم يا عبادي! من عذابي فاتقوا عذابي.

أيها الإخوة: هل تدرون أعظم أماني أهل النار؟! إنه الموت، نعم فالموت أعظم أمنية عند أهل النار، ومن شديد عذاب أهل النار أن النار ليس فيها موت، ينادون وهم في شعابها بُكِيّاً من توالي عذابها، ينادون: يا مالك -خازن النار- قد نضجت منا الجلود، يا مالك! قد تقطعت منا الكبود، يا مالك! قد أثقلنا الحديد، يا مالك! أخرجنا منها فإنا لا نعود، فلا يجيبهم، بعد ذلك يدعون مالكاً في الهلاك يقولون: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ) [الزخرف:77] يعني: أمتنا (قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ) [الزخرف:77-78].

أيها الإخوة: وإن من أشد أهل النار عذاباً إبليس عليه لعنة الله، وهو أول من يُكسى حلة من النار؛ لأنه إمام كل كفر وشرك وشر، فما عُصي الله إلا على يديه وبسببه، قال الله تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا * ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا) [مريم: 68-70]، وقال -سبحانه-: (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ) [ق: 24-26]، ثم الأخبث فالأخبث من نوابه في الأرض ودعاته، كفرعون وقارون وأمثالهما، قال الله تعالى: (وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) [غافر: 45، 46]، ويزيد الله في عذاب الكافرين الذين صدوا عن سبيله، قال الله تعالى: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ) [النحل: 88]. ومن أشد أهل النار عذابًا المنافقون، فهم في أسفل دركاتها، قال الله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا) [النساء: 145].

أيها الإخوة: ومما جاء في السنة النبوية عن أشد الناس عذابًا في الآخرة طوائف من الناس، منهم المصورون، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَذَاباً عِنْدَ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ" [أخرجه البخاري: 5950، ومسلم:2109]. ومنهم الجبابرة غلاظ القلوب والقساة، والمشركون بالله تعالى، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : "تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ يَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثَةٍ بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ،
وَبِالْمُصَوِّرِينَ" [أخرجه أحمد:8411، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 512].

ومن أصناف المعذبين يوم القيامة: النساء، وذلك أنهن ينسين كثيرًا من المعروف الذي يقدمه لهن أزواجهن، وينكرن الخير، وسريًعا ما يجحدن الإحسان، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أُرِيتُ النَّارَ، فَإذَا أكْثَرُ أهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْن". قِيل: أيَكْفُرْنَ بِالله؟ قال: "يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإحْسَانَ، لَوْ أحْسَنْتَ إلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ" [أخرجه البخاري: 29، ومسلم: 907].

عباد الله: أما أهون أهل النار عذاباً فقد جاء خبره في الحديث الصحيح، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أهْوَنَ أهْلِ النَّارِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ، عَلَى أخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ، يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ وَالْقُمْقُمُ" [أخرجه البخاري: 6562 ، ومسلم: 213]، يا الله، أحدنا اليوم يتألم بشدة لألم في الضرس، أو لقليل من الصداع، فما بالك بمن يغلي دماغه من النار، يا رب سلم سَلِّم.

ومن هؤلاء أبو طالب عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فالله الملك العدل، رفعه في النار لأقل النار عذابًا نظرًا لما كان قام به من الدفاع عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أهْوَنُ أهْلِ النَّارِ عَذَابًا أبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ" [أخرجه مسلم: 212].

أيها الإخوة: وكثيرا من أصحاب الأموال اليوم يظن أنه يفدي نفسه بماله عندما يقع في المشكلات والمصائب فهل هذا يمكن في الآخرة؟! كلا وألف كلا، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ) [المائدة: 36، 37]. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يَقُولُ الله تَعَالَى لأهْوَنِ أهْلِ النَّارِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ: لَوْ أنَّ لَكَ مَا فِي الأرْضِ مِنْ شَيْءٍ أكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أرَدْتُ مِنْكَ أهْوَنَ مِنْ هَذَا، وَأنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أنْ لا تُشْرِكَ بِي شَيْئاً، فَأبَيْتَ إِلا أنْ تُشْرِكَ بِي" [أخرجه البخاري: 6557 ، ومسلم: 2805].

أيها الإخوة: والعذاب في جهنم أنواع ودرجات، وشدته وخفته بحسب الكفر والذنوب. وهو نوعان:

بدني: على الأبدان بالنار والإحراق، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) [فاطر: 36]، فهناك عذاب على ظاهر الجسد، وهناك عذاب على باطن الجسد، وهناك عذاب على الأعضاء والجوارح، وهناك عذاب تملأ الأحشاء فيه جحيماً وناراً، كلما نضجت الجلود بدلهم الله غيرها، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) [النساء: 56].

والثاني عذاب نفسي: على الأرواح بالإهانة والصغار، قال الله تعالى: (سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ) [الأنعام: 124]، وهناك عذاب الإهانة والصغار، وهو أشد وأعظم، وهناك عذاب كعذاب الكفار، وهناك عذاب منقطع كعذاب عصاة الموحدين، وهناك عذاب خفيف، وليس في النار خفيف، ولكنه عذاب دون عذاب، قال تعالى: (سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ) [الأنعام: 124].

وأعظم العذاب: أن يحرم العباد من النظر إلى وجه الله في الجنة، ولذلك كان أشد عذاب أهل النار: حجابهم عن رؤية ربهم -سبحانه وتعالى-، قال الله تعالى عن أهل النار: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ) [المطففين: 15، 16].

اللهم جنبنا النار وحرها وغصصها، وكل ما قرب إليها من قول أو عمل، إنك على كل شيء قدير.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله، الحمد لله الذي جعل لكل شيء قدرًا، وأحاط بكل شيء خبرًا، أحمده -سبحانه- وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُ الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد: أيها الناس: اتقوا الله حق التقوى، وخذوا من دنياكم لأخراكم، فإن أجسامكم على النار لا تقوى، وتواصوا بالحق، وليعنْ بعضكم بعضاً.

عباد الله: ومن صور عذاب أهل النار أنهم يربطون بسلاسل وأغلال ويضربون بمقامع، فقد خلق الله في جهنم سلاسل يُقرن بها كل كافر ومثله، وأغلالاً تُغَلّ بها أيدي الكفار والعصاة إلى أعناقهم، ويوثقون بها، ومقامع يُضربون بها، قال الله تعالى: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا) [الإنسان: 4].

وما أشد حسرة الكافر حين يؤمر به إلى جهنم، ويقال للزبانية الغلاظ الشداد: (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ) [الحاقة: 30-32]، فيجعل في عنقه غُلاً يخنقه، ثم يقلب على جمر جهنم ولهبها، ثم يُنظم في سلسلة من سلاسل الجحيم في غاية الحرارة، ذرعها سبعون ذراعاً، تدخل في دبره، وتخرج من فمه، ويعلق فيها، فلا يزال يعذب هذا العذاب العظيم.

تصور -يا عبد الله- أن سلسلة من سلاسل النار، طولها سبعون ذراعاً بذراع أهل النار يسلك فيها، تُدخل من فمه وتخرج من دبره ليشوى في النار كما تشوى الدجاجة في المقلاة، -ولا حول ولا قوة إلا بالله-. والسبب الذي أوصله إلى هذه المكانة، وهذه الحال، كفره بربه، ومعاندة رسله: (إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ) [الحاقة: 33-37].

فيا إخوتي في الله: من كان مستقيماً وملتزماً بمنهج الله؛ فليحمد الله وليطلب من الله الثبات حتى يلقى الله، ومن كان مقصراً وكلنا ذاك الرجل؛ كلنا مقصرون، فلنتب إلى الله -عز وجل-.

ولنحذر فإن في جهنم من النكال والعذاب الشديد، والألم الموجع، والطعام الكريه المر ما تقشعر لهوله الأبدان، وتتفطر له الأكباد، وتذهل منه العقول كما قال -سبحانه-: (إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا * وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا) [المزمل: 12، 13]. ويُضرَب الكفار بمقامع من حديد في النار كما قال سبحانه: (وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) [الحج: 21، 22].

ويُقرن الكفار مع أمثالهم وشياطينهم بالسلاسل، وتغلّ أيديهم إلى أعناقهم، ثم يسحبون في الحميم الذي اشتد غليانه وحرّه، ثم يوقد عليهم اللهب العظيم، ويُسجرون في النار، ثم يوبخون على شركهم وكذبهم. (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ * ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ) [غافر: 70-74].

قل لي -يا أخي- بربك إذا وقفت ذلك الموقف الرهيب، تصور -يا أخي- ولا تعش في الخيالات ولا تلغِ عقلك.

مثِّل لنفسك أيها المغرور *** يوم القيامة والسماء تمور
قد كورت شمس النهار وأدنيت*** حتى على رأس العباد تفور
وإذا الجبال تقلعت بأصولها *** ورأيتها مثل السحاب تسير
وإذا البحار تأججت نيرانها *** ورأيتها مثل الحميم تفور
وإذا الجنين بأمه متعلق *** يخشى الحساب وقلبه مذعور

يقول الله: (يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً) [المزمل:17]،كيف أنا وأنت ذلك اليوم؟ الأمر أصعب من ذلك، بم تجيب إذا سُئلت هذا السؤال؟ ماذا كنت تعمل؟ ماذا تقول؟ أعد من الآن الجواب.

أيها الإخوة: عودوا إلى ربكم، واعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئًا، واستقيموا على شرعه، ولا تغرنكم الحياة الدنيا.

عباد الله : صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56]
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا ، يا رب العالمين، واحفظ رجال أمننا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

-----------------------------------------------
أعمال يسيرة تغفر الذنوب الكثيرة - الشيخ عبدالله الطريف

الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أيها الإخوة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ"[رواه مسلم].

قال المناوي -رحمه الله-: "وإنما يخلى الله بين المؤمن والذنب ليبلغه هذه الدرجة" -درجة الاستغفار- ولو لم يخل بينه وبين الذنوب وسعى العبد في محاب الله كلِها، وتجنب مساخطه كلَها ربما وجد نفسه قائمة بوظائف الله، وساعية في طاعته، ويرى لسانه ذاكراً؛ فأعجبته نفسه، واستكثر فعلَه، واستحسن عملَه، فيكون قد انصرف عن الله إلى نفسه العاجزة الحقيرة الضعيفة".

وقال رحمه الله: "ومن فوائد إيقاع العبدِ في الذنوبِ أحياناً اعترافُ المذنبِ بذنبِه، وتنكيسُ رأسه عن العجب، واعترافُه بالعجز".

وقال: "وكما أحب الله -تعالى- أن يحسن إلى المحسن أحب التجاوز عن المسيء، والغفار يستدعي مغفوراً، والسرُ فيه إظهارُ صفةِ الكرمِ والحلمِ، وإلا لانثلم طرف من صفات الألوهية".

والاستغفار من أعظم أبواب المغفرة وأيسرِها؛ فعن زيدٍ مولى رسولِ الله أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ"[رواه أبو داود والترمذي والحاكم وقال على شرط الشيخين وصححه الألباني].

أيها الإخوة: وليست مغفرة الذنوب مقتصرة على الاستغفار، وإن كان أعظمها وأظهرها، فهناك أعمال أخرى كثيرة نص عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبين أن عملها سبب في مغفرة الذنوب؛ منها ما هو من أركان الإسلام ومبانيه العظام، ومنها ما هو من الأعمال اليسيرة السهلة، وما شرع ذلك سبحانه إلا كرماً منه ورحمة بعبادة فهو القائل بالحديث القدسي لهم: "... يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ... "[رواه مسلم].

أيها الأحبة: وإن المؤمن ليتعجب أعظم العجب من فضل الله -تعالى- وكرمه وجوده وإحسانه بعباده، وكيف أنه يغفر الذنوب العظام بأعمال يسيرة في جهدها قليلة في وقتها يستطيعها كل أحد، لكن لا يوفق لها كل أحد، جعلنا الله -تعالى- من الموفقين لها إنه جواد كريم.

ومن هذه الأعمال الصالحة اليسيرة: الوضوء ثلاثاً، وصلاة ركعتين بعده لا يحدث فيهما نفسه؛ عَنْ حُمْرَانَ، مَوْلَى عُثْمَانَ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ دَعَا بِإِنَاءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، -الاستنثار هو إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق- ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[رواه البخاري ومسلم].
"لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ" المراد لا يحدثها بشيء من أمور الدنيا وما لا يتعلق بالصلاة، ولو عرض له حديث فأعرض عنه بمجرد عروضه عفي عن ذلك، وحصلت له هذه الفضيلة -إن شاء الله تعالى-؛ لأن هذا ليس من فعله، وقد عفي لهذه الأمة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر".

ومن وافق تأمينه في الصلاة تأمين الملائكة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) [الفاتحة: 7] فَقُولُوا: آمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[رواه البخاري ومسلم].

وكذلك وافق تحميده فيها تحميد الملائكة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ -أي في الصلاة- فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[رواه البخاري ومسلم].

وهنا تنبيهان ينبغي للمصلين التنبه لهما:

الأول: أن لا يسرع الإمام بقول آمين، بل يمدها كما هو حقها.

الأمر الثاني: أكثر المأمومين يبادر بالرفع والتحميد قبل إتمام الإمام قول: "سمع الله لمن حمده" فيقع بالخطأ ويفوت على نفسه هذا الفضل، لكن من صبر راكعاً حتى يتم الإمام قول: "سمع الله لمن حمده" ثم يرفع قائلا: "اللهم ربنا لك الحمد" فإنه يوفق بإذن الله.

ومن الأعمال السهلة التي تكون سبباً بمغفرة الذنوب؛ ما رواه سَعْدُ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ"[رواه مسلم].

قال شيخنا محمد العثيمين -رحمه الله-: "هذه تقال إذا قال المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، وقلت معه فقل هذا".

ومن ذلك التسبيح والتحميد والتكبير بعد الفريضة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ: تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ" [رواه مسلم].

أي في الكثرة والعظمة وهو ما يعلو على وجه البحر عند هيجانه وتموجه.

أيها الإخوة: كم نفرط فيها مع الأسف وهي لا تأخذ من وقتنا إلا دقيقتين فقط، وقد شخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبب تركنا لبعض الأذكار مع عظيم أجرها؛ فقال لأصحابه -رضي الله عنهم- لما قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ؟ قَالَ: "يَأْتِي أَحَدَكُمْ -يَعْنِى الشَّيْطَانَ- فِي مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ، وَيَأْتِيهِ فِي صَلاَتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حَاجَةً قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا"[رواه أبو داود وصححه الألباني].

ومن ذلك المشي إلى المسجد متوضئاً؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ لَمْ يَرْفَعْ قَدَمَهُ الْيُمْنَى إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ -عز وجل- لَهُ حَسَنَةً، وَلَمْ يَضَعْ قَدَمَهُ الْيُسْرَى إِلاَّ حَطَّ اللَّهُ -عز وجل- عَنْهُ سَيِّئَةً؛ فَلْيُقَرِّبْ أَحَدُكُمْ أَوْ لِيُبَعِّدْ، فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى فِي جَمَاعَةٍ غُفِرَ لَهُ، فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا بَعْضًا وَبَقِىَ بَعْضٌ صَلَّى مَا أَدْرَكَ وَأَتَمَّ مَا بَقِىَ كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا فَأَتَمَّ الصَّلاَةَ كَانَ كَذَلِكَ"[رواه أبو داود وصححه الألباني].

ومن أيسر الأعمال التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل؛ فعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَ غُصْنًا فَنَفَضَهُ فَلَمْ يَنْتَفِضْ، ثُمَّ نَفَضَهُ فَلَمْ يَنْتَفِضْ، ثُمَّ نَفَضَهُ فَانْتَفَضَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، تَنْفُضُ الْخَطَايَا كَمَا تَنْفُضُ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا" [رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني].
بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد:

أيها الإخوة: اتقوا الله، واعلموا أن الحج سبب عظيم من أسباب مغفرة الذنوب؛ فعن أَبَي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"[رواه البخاري ومسلم].

ويتأكد الحج على من لم يؤد فرضها؛ فقد قال الله: (وَلِلهِ عَلَى الناسِ حِجُ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَ اللهَ غَنِيٌ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 97].

وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "أَيُهَا النَاسُ، قَدْ فَرَضَ اللَهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَ فَحُجُوا"، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُل عَامٍ يَا رَسُولَ اللَهِ؟! فَسَكَتَ حَتَى قَالَهَا ثلاثًا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا استطعتم"[رواه مسلم].

ففريضة الحج ثابتة بكتاب الله، وسنة رسوله، وبإجماع المسلمين عليها إجماعًا قطعيًّا؛ فمن أنكر فرضية الحج فقد كفر، ومن أقر بها وتَرَكَها فهو على خطر، فإن الله يقول بعد إيجابها على الناس: (وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 97].

وقَالَ صلى الله عليه وسلم: "تَعَجَلُوا إلَى الْحَجِ -يَعْنِي الْفَرِيضَةَ- فَإِنَ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ"[رَوَاهُ أَحْمَدُ وهو حسن لغيره].

وقال شيخ الإسلام -رحمه الله- بعدما ساق الأحاديث: "وهذا التغليظ يعم من مات قبل أن يغلب على ظنه الفوات، وهم أكثر الناس، ومن غلب على ظنه ففي تأخيره -أي: الحج- تَعَرُّضٌ لمثل هذا الوعيد وهذا لا يجوز؛ وإنما لحقه هذا لأن سائرَ أهلِ الملل من اليهود والنصارى لا يحجون وإن كانوا قد يصلون، وإنما يحج المسلمون خاصة". ا. هـ.

والخير كل الخير في مبادرة المسلم بحج الفريضة عن نفسه ومساعدة من تحت يده ممن ولاّه الله أمرهم من النساء وغيرهن.

فمن النساء من تستطيع الحج ببدنها ومالها لكنها لا تستطيع أداء الفريضة بسبب اعتذار المحرم عن مرافقتها، احتسبوا -وفقكم الله- الأجر فيمن ولاكم الله عليهن من النساء؛ فإن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "استوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنهن عوان عندكم" أي: أسيرات.

ويقول: "لا يكرِم النساء إلا كريم، ولا يهينهن إلا لئيم" نعوذ بالله من ذلك.

ومن تنفيذ وصيته بهن، وإكرامهن، مرافقتهنّ إلى أداء فريضة الحج.

أيها الإخوة: وممن ولانا الله أمرهم وجعل موافقتنا لهم على الحج لازمة، من تحت كفالتِنا من العمالة ممن يرغبون الحجَ وأداءَ الفريضة فقط، وقد توفرت فيهم شروط الوجوب، لكن الكفيل يرفض بحجة أن أعماله ستتوقف بذهابهم للحج، أقول لهم: اتقوا الله في إخوانكم؛ ولا تمنعوهم مما أوجب الله عليهم، وأخشى أن تدخلوا فيمَن منعَ مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، أو فيمَن يصد عن الخير.

وأعينوا إخوانكم على أداء الفريضة إداريًّا ومعنويًّا وماديًّا لعلكم تدخُلون فيمن عناهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فيما رواه زيدُ بنُ خالد الجهني -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَن جهَز غازيًا، أو جهز حاجًّا، أو خلَفَه في أهلِه، أو فطَرَ صائمًا، كان له مثلُ أجورِهم من غيْرِ أن ينقصَ من أُجُورِهم شيءٌ"[رواه ابن خزيمة والنسائي وصححه الألباني].

أيها الإخوة: ومما يجب التفطن له التزام أمر ولي الأمر بعدم الحج إلا بتصريح، ومن لم تنطبق عليه الشروط فلْيُعِنْ حاجًّا أو يخلفه في أهله؛ فمن فعل ذلك فله مثل أجر الحاج، كما ثبت عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم، ثم هناك من الأعمال الصالحة السهلة اليسيرة ما يكفر الذنوب، ولله الحمد، فاستكثروا منها فإنها ميسرة.

عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
جديد الصفحة الرئيسية لموقع ملتقى الخطباء [787]

الأمن والاستقرار أهميته وأسبابه - خطب مختارة
https://khutabaa.com/ar/article/الأمن-والاستقرار-أهميته-وأسبابه-خطب-م
أهمية الكتاب وحقوق المؤلف - خطب مختارة
https://khutabaa.com/ar/article/أهمية-الكتاب-وحقوق-المؤلف-خطب-مختارة
المسجد النبوي - ملف علمي
https://khutabaa.com/ar/article/المسجد-النبوي-ملف-علمي
شرف السلام في الإسلام، الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
https://khutabaa.com/ar/article/شرف-السلام-في-الإسلام
الأمنُ بالإيمان، الشيخ عبدالعزيز التويجري
https://khutabaa.com/ar/discussions/الأمن-بالإيمان-مختصرة-17-10-1445ه
اللهم آمنا وثبتنا على الإيمان، الشيخ عبدالله البصري
https://khutabaa.com/ar/discussions/خطبة-اللهم-آمنا-وثبتنا-على-الإيمان
رب اجعل هذا البلد آمنا، الشيخ نواف الحارثي
https://khutabaa.com/ar/discussions/رب-اجعل-هذا-البلد-آمنا
جزاء الشكر وعاقبة الجحود، الشيخ راكان المغربي
https://khutabaa.com/ar/discussions/جزاء-الشكر-وعاقبة-الجحود-قصتان-قصيرة
أولئك لهم الأمن، الشيخ احمد الشاوي
https://khutabaa.com/ar/discussions/أولئك-لهم-الأمن
مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَي بِلَادِنَا، الشيخ صالح العصيمي
https://khutabaa.com/ar/discussions/من-نعم-الله-علي-بلادنا-2
جماعة المسلمين وإمامهم، الشيخ هلال الهاجري
https://khutabaa.com/ar/discussions/جماعة-المسلمين-وإمامهم
يوم الحساب، الشيخ تركي الميمان
https://khutabaa.com/ar/discussions/يوم-الحساب-1
بِحَمْدِ اللهِ أَمْنٌ وَاسْتِقْرَارٌ وَشُكْرٌ وَقَرَارٌ، الشيخ خالد القرعاوي
https://khutabaa.com/ar/discussions/بحمد-الله-أمن-واستقرار-وشكر-وقرار-17101445هـ
شكر الله على نعمة الأمن وأثره باستقرار الأمة، الشيخ عبدالله الطريف
https://khutabaa.com/ar/discussions/شكر-الله-على-نعمة-الأمن-وأثره-باستقرار-الأمة
مقال: استراتيجية مكافحة الخرافات والأساطير (الجزء الأول) أ. محمود الفقي - عضو الفريق العلمي
https://khutabaa.com/ar/article/استراتيجية-مكافحة-الخرافات-والأساطير-الجزء-الأول
مقال : فن الخطابة (التعريف - الأركان - الخصائص) عطية محمد سالم
https://khutabaa.com/ar/article/فن-الخطابة-التعريف-الأركان-الخصائص_
نِعْمَةُ الأَمْنِ وَالاسْتِقَرَارِ، الشيخ محمد الشرافي
https://khutabaa.com/ar/discussions/نعمة-الأمن-والاستقرار-17-شوال-1445هـ
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ رجال أمننا و جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ.
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

-------------------------------------------------
🕌أهمية (إعداد الخطبة)🎤
———•———•———
1️⃣(إذا كنت ممن يرتجل الخطبة)؛ فعليك بالإعداد الجيد لها، ولا تتهاون أبدًا في ذلك، وإن بدا لك أنَّ الموضوع يسير وسهل.
———•———•———
2️⃣ (إذا كنت ممن يقرأ من ورقة)؛ فاحذر أن تداوم على أَخْذِ خطب غيرك، فقد يُرخص لك في البداية، لكن لا عذر لك بعد طول الخبرة والتجربة.
———•———•———
3️⃣ (الإعداد الجيِّد) من ألذ الأمور عند الخطباء، بل إنهم يتشوقون ليوم الجمعة؛ لطرح ما أعدوه، وتعبوا عليه!

———•———•———
📕تجربتي في الخطابة،أحمدالطيار (٦٨)
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
الملفات العلمية - ملتقى الخطباء
https://khutabaa.com/ar/scientific_files/all
#الخطيب
زاوية الكشاف العلمي - ملتقى الخطباء
https://khutabaa.com/ar/scientific_discoveries
يحتوي على أكثبر من 600 مادة علمية وبحثية.. تساعد الخطيب والباحث وغيرهم من تحضير الخطب والأبحاث والرسائل والدراسات وغيرها..
#الخطيب
جديد خطب الملتقى بما يتوافق مع تعميم الوزارة (الزينة في الصلاة)
https://khutabaa.com/ar/forums/134701
#الخطيب
جديد الصفحة الرئيسية لموقع ملتقى الخطباء [788]

الزينة - خطب مختارة
https://khutabaa.com/ar/article/الزينة-خطب-مختارة
العمل - خطب مختارة
https://khutabaa.com/ar/article/العمل-خطب-مختارة-
خذوا زينتكم عند كل مسجد، الشيخ هلال الهاجري
https://khutabaa.com/ar/discussions/خذوا-زينتكم-عند-كل-مسجد
أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (8) حفصة بنت عمر رضي الله عنها، الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
https://khutabaa.com/ar/article/أمهات-المؤمنين-رضي-الله-عنهن-8-حفصة-بنت-عمر-رضي-الله-عنها
اهتمام الاسلام بأخذ الزينة للصلاة والنظافة، الشيخ عبدالله الطريف
https://khutabaa.com/ar/discussions/اهتمام-الاسلام-بأخذ-الزينة-للصلاة-والنظافة
التَّجَمُّل وَالتَّزَيُّن لِلْصَّلَاةِ، الشيخ صالح العصيمي
https://khutabaa.com/ar/discussions/التجمل-والتزين-للصلاة
خُذُوا زينَتَكُم عندَ كلِ مسجِدٍ، الشيخ راشد البداح
https://khutabaa.com/ar/discussions/خذوا-زينتكم-عند-كل-مسجد-وزاري
خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، الشيخ خالد القرعاوي
https://khutabaa.com/ar/discussions/خذوا-زينتكم-عند-كل-مسجد-24101445هـ-ـ
خُطْبَةُ رِسَالَةٌ إلى رُوادِ المَسَاجِدِ، الشيخ محمد السبر
https://khutabaa.com/ar/discussions/خطبة-رسالة-إلى-رواد-المساجد-وفق-التعميم-وبصيغتي-وورد-pdf
تنبيه الساجد ببعض آداب المساجد، الشيخ محمد المهوس
https://khutabaa.com/ar/discussions/تنبيه-الساجد-ببعض-آداب-المساجد-حسب-تعميم-الوزارة-وبصيغتين-وورد-pdf
وأن إلى ربك المنتهى، الشيخ تركي الميمان
https://khutabaa.com/ar/discussions/وأن-إلى-ربك-المنتهى
أَخْذُ الزِّينَةِ فِي الْمَسَاجِدِ، الشيخ محمد الشرافي
https://khutabaa.com/ar/discussions/أخذ-الزينة-في-المساجد-24-شوال-1445هـ
مَفاتيحُ الرِّزق الحَلال، الشيخ محمود الدوسري
https://khutabaa.com/ar/discussions/مفاتيح-الرزق-الحلال
الإمام علاء الدين الكاساني: ملك العلماء صاحب البدائع، أ. شريف عبدالعزيز - عضو الفريق العلمي
https://khutabaa.com/ar/article/الإمام-علاء-الدين-الكاساني-ملك-العلماء-صاحب-البدائع-
خُذُوا زينَتَكُم عندَ كلِ مسجِدٍ - الشيخ راشد البداح

الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ،وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيهِ تَسْلِيْمًاكَثِيْرًا، أَمَّا بَعْدُ:

فاتقُوا اللهَ وعظِمُوا ما عظمَه اللهُ تعالَى. وإن من تعظيمِ اللهِ تعظيمَتلكَ البلادِ التي يحبُها اللهُ، إنها ليست مكةَ والمدينةَ فحسبُ؛ بل هيَبلادٌ أخرَى حبيبةٌ إلى اللهِ، حبيبةٌ إلى رسولِ اللهِ، بل حبيبةٌ إلى عبادِاللهِ. فقد روَى مسلمٌ أن النبيَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: أَحَبُّ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلاَدِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا().

إنها بيوتُ اللهِ، ومَهابطُ رحمتهِ، ومُلتقَى ملائكتهِ، والصالحينَ من عبادهِ، وقد أضافها الربُ إلى نفسهِ إضافةَ تشريفٍ وإجلالٍ، فقالَسبحانَه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}[الجن18].

ولكنّ بعضَ هذهِ المساجدِ أُحدِثَ فيها إساءاتٌ تتنافَى مع مكانتِها وقدسيتِها، فعلينا أن نَحذَرَها، ونُحذِرَ منها، فمنها:

- دخولُ المساجدِ بالرائحةِ الكريهةِ كالثومِ والبصلِ، ففي الصحيحينِأن النبيَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا وَلْيَقْعُدْ فِى بَيْتِهِ(). ويَدخلُفيه من ابتُليَ برائحةِ فمهِ أو آباطهِ، أن يسعَى جُهدَه بقطعِ تلك الرائحةِ، أو يلبسَ كماماً عندَ الصلاةِ، وأشدُ منه إيذاءً رائحةُ دخانِالسجائرِ، فليتقِ اللهَ المدخنونَ في إيذائهِم للملائكةِ وللمصلينِ.
فعلى الآتيْ للمسجدِ أن يتنظفَ ويتطيبَ، ويواظبَ على استعمالِ السواكِ، لقولهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاَةٍ. متفقٌ عليهِ().

وعلى الآتيْ للمسجدِ أن يتجملَ بثيابٍ نظيفةٍ، وحتى أهلُ الحِرَفِليخصِصُوا ثوباً للصلاةِ، والتجملُ للجمعةِ آكدُ، وعلى الذينَ يزاوِلونَالرياضةَ، أن يتوقفُوا عن رياضتِهم قبلَ الصلاةِ بوقتٍ كافٍ؛ ليغتسِلُوا ويتزينُوا، ويَلبسُوا لصلاتِهِم ما يَلبسونَه لضيوفِهم،امتثالاً لقولِ ربِهم: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}[الأعراف31].

فأينَ هذا الأدبُ اليومَ ممن يأتونَ للمساجدِ بثيابِ النومِ، أو بالألبسةِ الرياضيةِ ولو كانَ أحدُهم في مناسبةٍ لما لبِسَها!

قَالَ نَافِعٌ: رَآنِي ابْنُ عُمَرَ، وَأَنَا أُصَلِّي فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، فَقَالَ: أَلَمْ أَكْسِكَ ثَوْبَيْنِ؟ فَقُلْتُ: بَلَى. قَالَ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَرْسَلْتُكَ إِلَى فُلَانٍ؛ أَكُنْتَ ذَاهِبًا فِي هَذَا الثَّوْبِ؟ فَقُلْتُ: لَا، فَقَالَ: اللَّهُ أَحَقُّ مَنْ تُزُيِّنَ لَهُ().

وهكذا يقالُ لمَنْ يصلّي في ملابسِ النومِ أو الرياضةِ أو ثيابِالحِرفةِ أو النزهةِ: أفكنتَ تخرجُ بها إلى مقرِ عملِك، أو تُقابِلُ بها ضيوفَك؟!

(فيستحبُ أن يكونَ المصليْ في أكملِ اللباسِ اللائقِ به، ومن الكمالِ تغطيةُ الرأسِ بما جرتْ عادةُ البلدِ لُبسُه، ولم يثبتْ أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى في غيرِ الإحرامِ وهو حاسرُ الرأسِ، دونَعمامةٍ، مع توفّرِ الدّواعي لنقلِه أو فعلِه)().

ولذا قالَ الشيخانِ ابنُ بازٍ وابنُ عثيمينَ: الأفضلُ أن يغطيَه إذا كان في أناسٍ عادتُهم أنهم يغطونَ رؤوسَهم، فإن غطَى رأسَه،وأخذَ زينتَه فهوَ أفضلُ؛ لقولهِ جلَ وعلا: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} أي عندَ كلِ صلاةٍ().

ومما يَغفَلُ عنه بعضُ القائمينَ لصلاةِ الليلِ في بيوتِهم: أنهم قد يُصلونَ بملابسِهم الداخليةِ، أو بملابسِ نومِهم، وفي صحيحِالبخاريِ أن رجلاً سَأَلَ عُمَرَ عَنِ الصَّلاَةِ فِي الثَّوْبِ الوَاحِدِ، فَقَالَ: إِذَاوَسَّعَ اللَّهُ فَأَوْسِعُوا().

وقد كانَ السَّلَفُ يَسْتَحِبُّوْنَ الِاغْتِسَالَ لَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَالتَّطَيُّبَ، وَلُبْسَالثِّيَابِ الْحَسَنَةِ. وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَدِ اشْتَرَى حُلَّةً بِأَلْفٍ، كَانَ يُصَلِّي فِيهَا مِنَ اللَّيْلِ. وَقَالَ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ-:كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَمَسَّ الرَّجُلُ عِنْدَ قِيَامِهِ مِنَ اللَّيْلِ طِيبًا يَمْسَحُ بِهِ شَارِبَيْهِ، وَمَا أَقْبَلَ مِنَ اللِّحْيَةِ().

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ على عظيمِ إحسانهِ، وصلى اللهُ وسلمَ على الداعي إلى رضوانِه. أما بعدُ: فمن التساهلاتِ الفادحةِ التي تظهرُ في الصيفِ، الصلاةُ بما يسمونهُ بـ: الشُورتِ، أو الصلاةُ بثيابٍ خفيفةٍتصِفُ البشرةَ، ويلبسُونَ تحتَها سراويلَ قصيرةً، فيشاهَدَ منتصفُالفَخِذِ من وراءِ الثوبِ، فما حكمُ صلاةِ هؤلاءِ؟

أجابَ الشيخُ ابنُ عثيمينَ قائلاً: الثيابُ الشفافةُ التي تصِفُالبشرةَ غيرُ ساترةٍ، ووجودُها كعدَمِها، وصلاتُهم غيرُ صحيحةٍ على أصحِ قولَيِ العلماءِ، فالواجبُ عليهم أحدُ أمرينِ: إما أن يلبسُوا سراويلَ تسترُ ما بينَ السرةِ والركبةِ، وإما أنْ يلبسُوا فوقَ هذهِالسراويلِ القصيرةِ ثوباً صفيقاً لا يصِفُ البشرةَ().

عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ رجال أمننا و جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ.
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين