صباح الخير ..

كان فيلسوف التشاؤم آرثر شوبنهاور يقول :

" ليس علينا أن نبكي عندما يموت الناس ، بل عندما يولدون "

ويقول السوداوي إميل سيوران :

" إقترفت كل شيء باستثناء أن أكون أباً "

وقبلهما قال حكيم المعرة أبو العلاء :

هذا جناهُ أبي عليّ
وما جنيتُ على أحد

ّ
مرضى صحائحُ .. والقريضُ صنيعةُ المرضى الصحائح

داهية ذلك البدويّ الجبل ..!

إعادة نشر ..

( شنو شفت من هتلر ؟ )

إن الهيمنة الثقافية الغربية تمددت لتسيطر على وعي الناس ولا وعيهم ، وهذه الهيمنة تشكل معتقدات وآراءً لا تمر على الآلة النقدية العقلية وهذا ما أعنيه باللا وعي ..

ومن أعمق وأخطر أشكال هذه الهيمنة هي قراءة الذات بمنظور غربي ، والمستوى الآخر لهذه الهيمنة هو قراءة الآخر بمنظور غربي
كما يقول إبراهيم السكران في كتابه " سلطة الثقافة الغالبة " :
" أنا لا ألوم الغربي أن يُقيم المسائل بما تقرؤه عينه الزرقاء .. لكني ألوم العربي الذي يقيم المسائل بعين مُزرقّة "

لذلك أتسائل لماذا يحتل هتلر المركز الأول في تاريخ الشر والشرور ؟
بالنسبة لنا هل أراق هتلر دم مسلم واحد ؟
على العكس لقد كانت ألمانيا حليفة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى ..

ثم ومن منظور آخر - قومي وطني مثلاً - فإن هتلر يملك الحق فيما فعله فقد أراد النهوض بقومه وبلده بعد القيود والشروط المجحفة التي وضعها الحلفاء على ألمانيا بعد الحرب الأولى والتي كانت ستبقي ألمانيا ذليلة لعقود ..

لماذا لا يكون هاري ترومان مثلاً هو مثال الشر في العالم ، وهو الذي ألقى القنابل النووية على اليابان وأباد الشجر والبشر والحجر ؟
أليس لأننا نُقيّم المسائل بعيون مزرقة ..!

لا شك أن النازية هي أيديولوجية خطيرة فاسدة قامت على تفوق العنصر الآري والفلسفة النيتشوية فلسفة القوة وسحق الضعفاء ، لكن هل تظن أن الليبرالية الغربية بمنظومتها التحررية الزائفة أهون خطراً ؟

افتح الجزيرة وشاهد وجه الليبرالية الحقيقي في مسقط رأسها أمريكا .

أعزَّائي الذينَ غَدَوا وشمسُ الـ
الصِّباحِ الطلقِ تسبحُ في الغيومِ

لآلئُ عُمركِم ضَاعت لتَنمو
دَرَاهمُ صَاحبِ العملِ اللئيمِ

ولستُم كالعَبيدِ لها انعتاقٌ
ولكن في الشَّقاءِ المُستديمِ

فلا أنتم بأصحابِ الملاهي
ولا أنتم بأصحابِ الرَّقيم

_ حذيفة الجابري

ضمائر الشعراء متصلة

ليتَ الحوادثَ باعتني الذي أخذت
مني بحلمي الذي أعطت وتجريبي ..

يا لأبي الطيب من فيلسوف شاعر !

ليتَ الحوادثَ باعتني الذي أخذت
مني بحلمي الذي أعطَت وتجريبي

- قال الأنثربولوجيون أن كل شيء يسير من الفردانية إلى التركيب ومن البساطة إلى التعقيد ، حتى الإنسان يسير " متطوراً " من البساطة إلى التعقيد على مستويات عدة جسدية وفكرية ونفسية لكن صفة التطور هذه صفة حيادية لا تحمل أية مضامين سلبية أو إيجابية ..

أما من ناحية جمالية ووجدانية فالإنسان تواق إلى البساطة فرّار من التعقيد وبيت المتنبي آنف الذكر من شواهد هذا ، ونجد هذا التوق إلى البساطة في مفردة  " الصّبا " التي يشترك في نفس لفظها المعنيان:

صَبَا ( الفعل ) : من الشوق
صِبا ( الاسم ) : المرحلة العمرية

واشتراك معنيين في لفظ دالٌ ولا بد على علاقة ظاهرة كانت أو خفية كما يستفيض في تبيان هذا ابن جني في ( الخصائص ) فكأن الإنسان مطبوعاً يصبو إلى الصِّبا ..
وهذا كثير في الشعر العربي ، يقول المتنبي متنهداً :

سقى اللّٰه أيام الصبا ما يسرها
ويفعل فعل البابليِّ المُعتّقِ

ومن تجليات هذا أيضاً المقارنات الجمالية بين المجتمعات الحضرية والمجتمعات الريفية ، فالإنسان متبرّم دوماً من تعقيدات الحضارة المدنية لا يجد فيها جمالاً كما يجد في بساطة الطبيعة الريفية ، وفي الشعر الياباني يقولون :

" هذا الربيع في كوخي لا شيء على الإطلاق ، كل شيء بالإطلاق "

ويقول المتنبي :
حُسنُ الحضارة مجلوبٌ بتطريةٍ
وفي البداوةِ حسنٌ غير مجلوبِ

وهناك كتاب بعنوان " فن البساطة " لدومينيك لورو تحاول كاتبته إثبات أن الجمال والراحة والهدوء والروحانية تكمن في البساطة وتنفر من التعقيد الذي تعززه المجتمعات الإستهلاكية ..

والفن في ترقّيه الجمالي إنما هو محاكاة لنظام البساطة في الكون ففي فن الشعر هناك عيوب من قبيل ما يسمى بـ ( التعقيد اللفظي والتعقيد المعنوي ) وكذلك وصف النص الشعري بالمطبوع أو المصنوع كمُقابلات أحياناً للبسيط والمعقد ..

وفي فن الرسم محاكاةٌ أيضاً لنظام البساطة في الكون ،
في إحدى حلقات مسلسل black mirror يقف لوك مع حبيبته على ضفة النهر يتأملان جمال الطبيعة فتقول له : " إنه جميل وكأنه منظر من لوحة فنية "
فيقول لوك : " هذا لأن الناس يرسمون المناظر الجميلة "

ولعل السر في نزوع الإنسان إلى البساطة في أنه ينظر إلى الوجود جمالاً وقبحاً بالجانب البسيط من ذاته أي الروح ؛
والروح يعرفونها بأنها : جوهر بسيط مجرد ومبدأ للحياة

فمن حيث أن الروح هي مبدأ الإنسان كانت تنزع إلى مبادئ الأشياء في مثالها الأول ( البسيط ) حتى أن لفظة الروح أُستعيرت لتعبر عن الأشياء في مثالها البسيط المجرد فتقول: روح الشيء ، روح الفكرة ، روح العلاقة

والعلاقة بينهما عكسية ففي البساطة تُوجد الروح والروحانية ، لذلك يرى أهل التصوف أن شهوات الجسد من الطعام والشراب والنوم تُمثّلُ حُجُباً فوق النفس تمنع صفائها وأنه بقدر تخفّفِ الإنسان منها يزداد ارتقاءاً في الحالة العرفانية الوجدانية ، ويرى فريقٌ آخر منهم الترقي في المعارج الإيمانية يكون بالاعتدال والوسطية في الحال بناءاً على " كِلا طَرَفي قَصدِ الأمورِ ذميمُ " يقول البوصيري :

واخشَ الدسائس من جوعِ ومن شِبَعٍ
فرُبَّ مَخمَصةٍ شـرُّ مـن التُّخَمِ

ويصف الدكتور سلمان العودة البساطة رابطاً بينها وبين الروح قائلاً : البساطة هي راحةُ البالِ وأن تكون ذا روحانيةٍ عالية .

هذا الرجل، د. خالد الشموسي، طبيب من عُمان، له مركز طبي كبير في بلده، بروفيسور مساعد، استشاري هضمية و مناظير متقدمة، زمالة امريكية كندية، درس الطب في لوس انجلوس في مسقط عاصمة عُمان وفي الولايات المتحدة وأوتاوا ومانيتوبا في كندا..يعني من أعلى المستويات، والدنيا مفتوحة له على مصراعيها.
ترك هذا كله وتوجه إلى غزة ليساعد إخوانه ويجري عمليات جراحية لهم.
كان بإمكانه أن يترك رفح عندما رأى اشتداد الحرب عليها، لكنه فضَّل أن يبقى مع إخوانه فيها. وكتب اليوم على حسابه على تويتر:
"اليهود استولوا على معبر رفح
الحمد لله، صرنا مع أهل #غزة نعيش معهم ونموت معهم (المحيا محياهم والممات مماتهم)"

ثم استشهد د. خالد بحديث رواه مسلم أن النبي ﷺ قال للأنصار: «كلا إني عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم والمحيا محياكم والممات مماتكم».

انشروا عنه ليعرف الناس أن في أمتنا أبطالاً لا يذكرهم الإعلام.
أسأل الله لك يا دكتور خالد أن يتقبل منك وينفع بك وينجيك ويجمعنا بك على خير في الدنيا والآخرة.

ٖ
هذي المكارمُ والفَخارُ
لا تُستعارُ ولا تعارُ

مطبوعةٌ في أنفُسٍ
غاياتُها أبداً كبارُ

للناسِ في ذِمّاتهم
من كل نائبةٍ جِوارُ

اقرأ ففوقَ جباههم
لحكايةِ المجدِ اختصارُ

هم في البطولةِ أنجمٌ .. وإلى الهدى علمٌ ونارُ


- حذيفة الجابري

_ خفيف لطيف ظريف استرقت له بعض الوقت في زحمة المشاغل فكان جديراً به ، وهذا أول دخولي لعالم المنفلوطي وآخره إن شاء الله لا لسبب فيه وإنما لأنني لا أحب الإنشاء والرواية وما دار في فلكهما ..

مقدمة الكتاب مميزة وعالية بل لعلها أرفع بياناً من محتواه ..
أغضبني السيد مصطفى عندما أتى بأبيات أحبها ليسخر بها من مبالغات الشعراء ثم استرضاني في حديثه عن الحزن ورؤيته له كما أراه ، وإدمانه قراءة قصص وشعر الحزانى والمنكوبين ثم علّل هذا بقوله :

" كأنما كنت أرى أن الدموع مظهر الرحمة في نفوس الباكين ، فلما أحببت الرحمة أحببت الدموع لحبها ، أو كأنما كنت أرى أن الحياة موطن البؤس والشقاء وأن الباكين هم أصدق الناس حديثاً عنها فلما أحببت الصدق أحببت البكاء لأجله "

- كما لفتني تشابه الزمان بيننا وبينهم - في مطلع القرن الماضي - في موضعين :

عندما ذكر انتشار ظاهرة انتحار طلاب المدارس بسبب الفشل في الامتحانات الدراسية ..

وفي ذكره لمناقب السوريين الذين قدموا إلى مصر حينئذٍ هرباً من حكومة الاستبداد ، فقلت لم تزل كذلك يا شيخنا ؛ ثم ذكرت قول شوقي :

ودمع لا يكفكف يا دمشقُ

" الحنين هو محاولة الجسد اللحاق بالروح "

_ دوستويفسكي
( الجريمة والعقاب )

ْ
يسلم لسانك يالذيب ..

ً

" وكم ذا بمصر من المضحكا
تِ ولكنه ضحكٌ كالبكا "

ٓ
جلسات الخلان هذه أحب إلي من المهرجانات والأمسيات لأن كل مُتكلَّفٍ ممجوجٌ ثقيلٌ على النفس ، والروح تخِفُّ للعفوية والبساطة

ولا أروحَ للنفس من اطّراح المروءة مع الأصحاب ، خاصةً إذا كان أصحابك متذوقون للشعر ..
جلسة من اختلاسات الدهر .

جاء في كتاب [ الشوق والفراق ] لابن المرزبان فصلٌ بعنوان ( ترائي القلوب ) يتكلم فيه عن لقيا الأرواح وتناجيها مع تنائي الأجساد ، يقول :

" إذا تعذّر علينا عيانُ المشاهدة ، تلاحظنا بأبصار القلوب ففي تمازج الأرواح وتراوح الأهواء عِوَضٌ عن مناسمة الأبدان "

وقال بشار في هذا المعنى :

اللّٰه صوّرها وصيّرها
لاقتكَ أو لم تلقَها تَرَها

- والترائي والتخاطر والتناجي بالأرواح يحصل حقيقة على أنماط عجيبة ، وقد تتبع ودرس هذه الظاهرة عالم النفس التحليلي كارل يونغ وكتب عنها وسمّاها
" التزامنية " فليطّلع من شاء الاستزادة..

وقد اتفق لي من مثل هذا أشياء منها أن أذكر شخصاً نائياً عني ثم أعلم لاحقاً أنه قد ذكرني في الوقت ذاته ، وفي هذا يقول ابن خلدون ما معناه أن : إذا تتبعت سلسة خواطر النفس وإلهاماتها ستصل إلى خاطر أول لا سبب لوروده على الضمير ، وإنما هو شيء من أمر الله ..

- عالم النفس والروح هذا رحب فسيح عجيب ، لا تحيط به ولا بجزء منه الإدراكات البشرية وتأمل في سورة الشمس والأقسام القرآنية :

والشمس ، والقمر ، والنهار ، والليل ، والسماء ، والأرض .. جاءت كلها معرّفة ثم قال جل قدره :
( ونفسٍ وما سواها ) فأقسم بالنفس على التنكير ، قال المفسرون : التنكير هنا للتعظيم .

قصيدة في غزة ( بلا عنوان )
ألقاها الصديق والشاعر @حذيفة الجابري في افتتاح النادي السياسي (الطلابي) في جامعة ماردين اليوم..

فاعجَبْ لأعزلَ قد تَبخترَ عزةًّ
واعجب لمُدَّرعٍ يَسيرُ ذليلا
.
.
أم هل رأيتَ كمثلنا وكمثلهم
خَصمينِ يخشى القاتل المَقتولا
.
.
إني أسُلُّ من التِّراةِ قَصَائدي
والسَّيفُ أجدرُ أن يُرى مَسلولا
.
والحقُّ لا يُؤتى بغيرِ مهندٍ
جَعلتهُ ثاراتُ الرجالِ صَقيلا

«تذكرنا الكثير من الأشياء مثل بضع دقائق من التفكير العميق، وعمل فني أو عظةٍ ما، أو أزمة شخصية أو خسارة ما؛ بأن أعمق رغباتنا هي أمور لا يمكن تحقيقها مهما حصل؛ رغباتنا بإحياء مرحلة الشباب مجددًا، بوضع حدٍّ للشيخوخة، بعودة أولئك الذين اختفوا من حياتنا، بالحب الأبدي، بالشعور بالأمان والأهمية، والتَّوق للخلود نفسه».

إيرفين يالوم