الْحِكْمَةُ الْمُتَعَاَلِيَّة
1.39K subscribers
3 photos
18 files
8 links
أُقدم هذا العمل المتواضع لــ حضرة سلطان الموحدين، أُستاذ أساتيذ العرفاء الكاملين والسُّلاك الواصلين، الحاج الميرزا علي آقا الطباطبائي القاضي -رَحْمَةُ‌الله‌تَعَالَىٰ‌عَلَيْهِ-.

للتواصل:
@M_Aldaamad
Download Telegram
🔰 التنبيه عَلَىٰ فساد قول من زعم أنَّ المحسوس هو الموجود لا غير.

📜 اعلم أَنَّهُ قد يغلب عَلَىٰ أوهام الناس أن الموجود هو المحسوس، وأن ما لا يناله الحس بجوهره ففرض وجوده محال، وأن ما لا يتخصص بمكان أو وضع بذاته -كالجسم- أو بسبب ما هو فيه -كأحوال الجسم- فلا حظ له من الوجود، وأنت يتأتىٰ لك أن تتأمَّل نفس المحسوس فتعلم منه بطلان قول هؤلاء، لأنَّك ومن يستحق أن يخاطب تعلمان أن هذه المحسوسات قد يقع عليها اسم واحد لا عَلَىٰ سبيل الاشتراك الصرف؛ بل بحسب معنىٰ واحد مثل اسم الإنسان.

📜 فإنكما لا تشكان في أن وقوعه عَلَىٰ زيد وعمرو بمعنىٰ واحد موجود فذلك المعنىٰ الموجود لا يخلو إمَّا أن يكون بحيث يناله الحس، أو لا يكون.

📜 فإن كان بعيدًا من أن يناله الحس فقد أخرج التفتيش من المحسوسات ما ليس بمحسوس، وهذا عجبٌ، وإن كان محسوسًا فله لا محالة وضعٌ وأينٌ ومقدارٌ معين وكيفٌ معين لا يتأتىٰ أن يحس بل ولا أن يتخيل إلَّا كذلك، فإن كل محسوس وكل متخيل فإنه يتخصص لا محالة بشيء من هذه الأحوال، وإذا كان كذلك لم يكن ملائمًا لما ليس بتلك الحال فلم يكن مقولًا عَلَىٰ كثيرين مختلفين في تلك الحال، فإذن الإنسان من حيث هو واحد الحقيقة بل من حيث حقيقته الأصلية الَّتي لا تختلف فيها الكثرة غير محسوس؛ بل معقولٌ صرف، وكذلك الحال في كل كلي.

📚 الإشارات والتنبيهات، النمط الرابع: في الوجود وعلله، ص٢٦٢ و٢٦٣ | لــ حضرة صدر الأطباء، ورأس العلماء إمام أئمة الحكماء الشيخ الرئيس ابن سيناء {رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ رَحْمَةً واسِعَة}.

@alhikmat_almutaealie
📌 أنواعُ الإدراك.

📜 أنواعُ الإدراك أربعةٌ:

1️⃣ إحساسٌ؛
2️⃣ وتخيُّلٌ؛
3️⃣ وتوهُّمٌ؛
4️⃣ وتعقُّلٌ.


📜 فـ‹الإحساسُ›: إدراك الشَّيء الموجود في المادَّة الحاضرة عند المُدرِك عَلَىٰ هيئةٍ مخصوصةٍ به محسوسةٍ، من: الأين والوضع والكَيف، وغير ذلك -أو بعض ذلك- لا ينفكُّ ذلك الشَّيء عن أمثالها في الوجود الخارجيِّ ولا يُشاركُه فيها غيرُه.

📜 و‹التَّخيُّل›: إدراكٌ لذلك الشَّيء مع الهَيَآت المذكورة، ولكن في حالَتَي حضوره وغيبته.

📜 و‹التَّوهُّم›: إدراكٌ لمعانٍ غـير محسوسةٍ من الكيفيَّات والإضافات مخصوصةٍ بالشَّيء الجُزئيِّ الموجود في المادَّة لا يُشاركُه فيها غيرُه.

📜 و‹التَّعقُّل›: إدراكٌ للشَّيء من من حيث هو هو فقط، لا من حيث هو شيءٍ آخر، سواءٌ أخِذ وحده أو مع غيره من الصِّفات المدرِكة لهذا النَّوع من الإدراكات.

📜 فهذه إدراكاتٌ متَرَتبةٌ في التَّجريد:

📜 الأَوَّل مشروطٌ بثلاثةِ أشياءَ:

💭 ١. حضورِ المادَّة؛
💭 ٢. واكتنافِ الهَيَآت؛
💭 ٣. وكون المدرَك جزئيًّا.


📜 والثَّاني مجرَّدٌ عن الشَّرط الأَوَّل.

📜 والثَّالث مجرَّدٌ عن الأَوَّلين.

📜 والرَّابع عن الجميع، إلَّا أنَّها إذا قيسَتْ إِلَىٰ مدركٍ واحدٍ سقط الوهمُ عن الاِعتبار؛ لِأَنَّهُ لا يدرِك ما يدرِكُه الحسُّ والخيالُ بانفراده، بل يدرِك ما يدرِكُه بمشاركة الخيال؛ وبذلك يتخصَّص مدرَكُه ويصيرُ جُزئيًّا.

🖌 لــ حضرة أُستاذ البشر، والعقل الحادي عشر سلطان المحقِّقين الخواجة نصير الْمِلِّةِ وَالْدِّينِ الطوسي {رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ رَحْمَةً واسِعَة}.

@alhikmat_almutaealie
🔰 تعريف علم المعرفة.

📜 لا شك أن للتعريف دورًا كبيرًا في رفع الالتباس في المعاني، لا سيما إذا كان للفظ معاني متعددة، والتعريف الَّذي نتوخاه في بيان أُصول المعرفة هو التعريف الاصطلاحي لا اللغوي، ولكن قبل بيان ذلك ينبغي تحديد مفهوم العلم المقصود هنا، لا سيما بعد أن أصبحت هذه المعرفة تواجه اليوم انسباقات فرضتها الحضارة الغربية، حول حصر مفهوم العلم في الجانب التجريبي، وإقصاء البحوث الفلسفية والدينية بل الإنسانية عن وصف العلمية، بحجة كونها مسائل غيبية لا يمكن إخضاعها للتجارب المختبرية، وسوف نبين فساد هذا التصور من خلال مطاوي هذا البحث إن شاء الله تعالىٰ.

📜 فنقول: العلم له إطلاقات متعددة متباينة المعاني:

1️⃣ مطلق الانكشاف، فيرادف الإدراك والمعرفة، وهذا هو مقسم التصور والتصديق.

2️⃣ مطلق الاعتقاد الراجح، سواء منع من النقيض أم لا، فيشمل الظن والجزم، وهذا المعنىٰ مرادف للتصديق ويقابله التصور.

3️⃣ الاعتقاد الجازم المانع من النقيض، ويسمىٰ باليقين، ويقابله الظن.

4️⃣ الاعتقاد الجازم المطابق للواقع، ويقابله الجهل المركب.

5️⃣ الاعتقاد الجازم المطابق للواقع الثابت لا عن تقليد، ويسمىٰ باليقين بالمعنى الأخص.

6️⃣ مجموع المسائل الَّتي تجمعها جهة واحدة.¹


📜 وهذا المعنىٰ الأخير هو المراد هنا، وعليه إذا أردنا أن نعرف أي علم، فعلينا أن نشير إِلَىٰ العنوان الكلي الَّذي تندرج تحته مجموع مسائله، وهو البحث عن أحوال موضوعه الخاصة به، أو كما يسميها الحكماء:

💭 «العوارض الذاتية لموضوع العلم».

📜 فعلىٰ سبيل المثال: إذا أردنا تعريف علم النحو -وموضوعه الكلمة من حيث البناء والإعراب- نقول:

💭 «هو العلم الباحث عن العوارض الذاتية للكلمة من حيث البناء والإعراب»،

📜 وإذا أردنا أن نعرف علم الطبيعيات -وموضوعه الجسم من حيث التغير والسكون- نقول:

💭 «هو العلم الباحث عن العوارض الذاتية للجسم من حيث التغير والسكون»،

📜 وكذلك علم الفلسفة:

💭 «هو العلم الباحث عن العوارض الذاتية للموجود المطلق»،

📜 وهكذا سائر العلوم.

📜 وبناء عَلَىٰ هذا يمكننا أن نعرف علم المعرفة بِأَنَّهُ:

💭 «العلم الباحث عن العوارض الذاتية للمناهج المعرفية الكاشفة عن الواقع والمستعملة في العلوم لتحقيق مسائلها»،

📜 وسيأتي في الأمر الثالث: (موضوع العلم)، أنَّ المناهج المعرفية الَّتي أخذت في تعريف العلم هي موضوع هذا العلم كما سيأتي تفصيله.

📚 أُصول المعرفة والمنهج العقلي، المقدمة: في الرؤوس الثمانية لعلم المعرفة، ص١١ و١٢ | لــ حضرة رئيس مشائية الشرق والإسلام الفيلسوف الْإِلٰهيَّ المتبحر الشيخ أيمن عبد الخالق المصري {دام ظلِّه العالي}.

@alhikmat_almutaealie

🔻 الهوامش:

1️⃣ معجم مصطلحات المنطق، ص۲۰۰؛ دستور العلماء أو جامع العلوم ج٢، ص۲۲۳، وسيأتي في الأمر الثالث أنَّ هذه الجهة الجامعة هي موضوع العلم.
🔰 إثبات أن جوهر النفس مغاير لجوهر البدن.

📜 المراد بالنفس ما يشير إليه كل أحد بقوله «أَنا» وقد اختلف أهل العلم في المشار إليه بهذا اللفظ هل هو هذا البدن المشاهد المحسوس أو غيره، أمَّا الأَوَّل فقد ظن أكثر الناس وكثير من المتكلمين أنَّ الإنسان هو هذا البدن، وكل واحد إنما يشير إليه بقوله «أَنا» وهذا ظن فاسد ورأي باطل، كما سنبينه إن شاء الله تعالىٰ.

📜 والقائلون بِأَنَّهُ غير هذا البدن المحسوس اختلفوا أيضًا فمنهم من قال: إِنَّهُ لا جسم ولا جسماني بل هو جوهر روحاني فاض عَلَىٰ هذا القلب وأحياه واتخذه آلة في اكتساب المعارف والعلوم حَتَّىٰ يستكمل جوهره بها، ويصير عارفًا بربه، عالمًا بحقائق مخلوقاته، فتستعد بذلك للرجوع إِلَىٰ حضرته ويصير ملكًا من ملائكته في سعادة لا نهاية لها، وهذا هو مذهب الحكماء الإلهيين والعلماء الربانيين، ووافقهم في ذلك جماعة من أرباب الرياضة وأصحاب المكاشفة، فإنهم شاهدوا جواهر أنفسهم عند انسلاخهم عن أبدانهم واتصالهم بالأنوار الإلهية.

📜 ولنا في صحة هذا المذهب من البحث والنظر براهين:

1️⃣ البرهان الأَوَّل: تأمَّل أيها العاقل في أنك اليوم في نفسك هو الَّذي كان موجودًا جميع عمرك، حَتَّىٰ إنك تتذكر كثيرًا مما جرىٰ من أحوالك، فأنت إذًا ثابت مستمر لا شك في ذلك وبدنك وأجزاء بدنك ليس ثابتًا مستمرًا بل أبدًا في التحلل، ولهذا يحتاج الإنسان إِلَىٰ الغذاء ليصير بدلًا لما يتحلل من بدنه، فإن البدن حار رطب، والحار إذا أثر في الرطب تحلل جوهر الرطب حَتَّىٰ يفنىٰ بكليته، كما توقد عليه النار دائمًا فإنه يتحلل إِلَىٰ أن لا يبقىٰ منه شيء، ولهذا لو حبس الإنسان عن الغذاء مدة قليلة هزل وانتقص قريبًا من ربع بدنه، فتعلم أنَّ في مدة عشرين سنة لم يبق شيء من أجزاء بدنك، وأنت تعلم بقاء ذاتك في هذه المدة، بل جميع عمرك فذاتك مغايرة لهذا البدن وأجزائه الظاهرة والباطنة، فهذا برهان عظيم يفتح لنا باب الغيب فإن جوهر النفس غائب عن الحواس والأوهام، ومن تحقق عنده هذا البرهان وتصوره في نفسه تصورًا حقيقيًا فقد أدرك ما غاب عن غيره.

2️⃣ البرهان الثاني: هو أنَّ الإنسان إذا كان مُتَّهمًا في أمر من الأُمور فإنه يَستحضِر ذاته حَتَّىٰ يقول: إني فعلت كذا وأفعل كذا وفي مثل هذا الحال يكون غافلًا عن جميع أجزاء البدن ومن المعلوم أن ما يفعل غير ما هو مغفول عنه، فذات الإنسان مغايرة لهذا البدن.

3️⃣ البرهان الثالث: هو أنَّ الإنسان يقول: أدركت الشيء الفلاني ببصري فاشتهيته، أو غضبت منه. وكذا يقول: أخذت بيدي ومشيت برجلي وتكلمت بلساني وسمعت بأذني، وتفكرتُ في كذا وتوهمته وتخيلته. فنحن نعلم بالضرورة أنَّ في الإنسان شيئًا جامعًا يجمع هذه الإدراكات ويجمع هذه الأفعال، ونعلم أيضًا بالضرورة أَنَّهُ ليس شيء من أجزاء هذا البدن مجمِّعًا لهذه الإدراكات والأفعال، فإنه لا يبصر بالأذن ولا يسمع بالبصر ولا يمشي باليد ولا يأخذ بالرجل؛ ففيه شيء مجمع لجميع الإدراكات والأفاعيل الإلهية. فإذن الإنسان الَّذي يشير إِلَىٰ نفسه بـ«أَنا» مغاير لجملة أجزاء البدن، فهو شيء وراء البدن. ثم نقول إن هذا الشيء الَّذي أثبتنا أَنَّهُ هوية الإنسان ومغاير لهذه الجثة لا يمكن أن يكون جسمًا ولا جسمانيًا؛ لِأَنَّهُ لو كان كذلك لكان أيضا منحلًا سيالًا قابلًا للكون والفساد بمنزلة هذا البدن، فلم يكن باقيًا من أَوَّل عمره إِلَىٰ آخره، فهو إذن جوهر فرد روحاني، بل هو نور فائض عَلَىٰ هذا القالب المحسوس بسبب استعداده، وهو المزاج الإنساني، وَإِلَىٰ هذا المعنىٰ أشير في الكتاب الإلهي بقوله: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي﴾ [الحجر: ٢٩]؛ فالتسوية هو جعل البدن بالمزاج الإنسي مستعدًا لأن تتعلق به النفس الناطقة، وقوله: ﴿مِن رُّوحِي﴾ إضافة لها إِلَىٰ نفسه؛ لكونها جوهرًا روحانيًا غير جسم ولا جسماني.

📜 فهذا ما أردنا أن نذكره.

📚 رسالة في معرفة النفس الناطقة وأحوالها، ص٩ و١٠ | لــ حضرة صدر الأطباء، ورأس العلماء إمام أئمة الحكماء الشيخ الرئيس ابن سيناء {رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ رَحْمَةً واسِعَة}.

@alhikmat_almutaealie
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📌 خَطْفَةٌ.

📜 أمَّا الأقدمون من الحُكَماء -كـ‹هِرمِس›، و‹أنباذقلس›، و‹فيثاغورس›، و‹أفلاطون›، وغيرهم- فعلىٰ أنَّ في الوجود عوالمَ أُخر ذواتَ مقاديرَ، وما فيها من الموجودات ألطَفُ ممَّا في هذا العالَم وأكثَفُ ممَّا في عالَم النُّفوس والعُقول، فيها عجائبُ وغرائبُ من البلاد والعباد والأشجار والأنهار والصُّوَر الَمليحة والقَبيحة!، وفيها أقاليمُ يُطلَق عليها ‹جابلقا›، و‹جبرصا›، و‹هورقليا›؛ وقد شاهدها العرفاء الملكوتيُّون حقًّا.

🖌 لــ حضرة الحكيم المتألِّه، والفيلسوف المؤرخ شمس الْدِّينِ الإشراقي الشهرزوري {رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ}.

@alhikmat_almutaealie
🔰 واضع علم المعرفة.

📜 إن البحث حول علم المعرفة بنحو تفصيل كعلم مستقل، يعد من العلوم المستحدثة في منتصف القرن العشرين عَلَىٰ يد بعض أعاظم المفكرين الإسلاميين، وفي مقدمتهم المرحوم الْعَلَّامَة الطباطبائي والشهيد الْعَلَّامَة مرتضىٰ مطهري والشهيد آية الله الْسَّيِّد مُحَمَّد باقر الصدر، وقد جاء ذلك كردة فعل عَلَىٰ الشبهات المعرفية الكثيرة الَّتي تعرض لها المنهج العقلي، والمباني الدينية والفلسفية في المحافل العلمية الغربية، لا سيما مع بداية القرن السابع عشر الميلادي وَإِلَىٰ يومنا هذا.

📜 ولا يعني ذلك أنَّ هذا العلم لم يكن له أي أثر في التراث الفلسفي الإنساني، بل كان له جذور في الصناعات الخمس في المنطق لا سيما في صناعة البرهان، وفي بعض المباحث الفلسفية المتفرقة، كمبحث العلم والوجود الذهني، بل كانت آثاره موجودة قبل الميلاد في فلسفة أعاظم الحكماء اليونانيين، كسقراط وأفلاطون وأرسطو، لا سيما في محاوراتهم مع السفسطائيين والشكاكين.

📜 والسر -من وجهة نظري- في عدم بحث أكابر الحكماء في قديم الزمان حول هذا العلم بنحو مستقل، هو ما تعرضوا له في الصناعات الخمس، وكذلك بداهة ووضوح حجية المنهج العقلي البرهاني لديهم، وولايته عَلَىٰ سائر المناهج المعرفية الأُخرىٰ، وإلَّا فإنَّ البحث عن مسائل علم المعرفة إنَّما يكون بالمنهج العقلي البرهاني مع كونه من مسائلها، وهذا يكشف عن كون حجية المنهج العقلي ذاتية، وأن البحث عن حجيته إنَّما هو للتنبيه عَلَىٰ ذلك من جهة، وللإشارة إِلَىٰ دائرة حجيته وعلاقته بسائر المناهج المعرفية من جهة أُخرىٰ.

📚 أُصول المعرفة والمنهج العقلي، المقدمة: في الرؤوس الثمانية لعلم المعرفة، ص١٣ و١٤ | لــ حضرة رئيس مشائية الشرق والإسلام الفيلسوف الْإِلٰهيَّ المتبحر الشيخ أيمن عبد الخالق المصري {دام ظلِّه العالي}.

@alhikmat_almutaealie
🔰 بقاء النفس بعد بوار البدن.

📜 اعلم أن الجوهر الَّذي هو الإنسان في الحقيقة لا يفنىٰ بعد الموت ولا يَبلىٰ بعد المفارقة عن البدن، بل هو باقٍ؛ لبقاء خالقه تعالىٰ؛ وذلك لِأَنَّ جوهره أقوىٰ من جوهر البدن؛ لِأَنَّهُ محرك هذا البدن ومديره ومتصرف فيه، والبدن منفصل عنه تابع له؛ فإذن لم يضر مفارقته عن الأبدان وجوده، إذ البدن موجود باقي بعد الموت، فإذن لا يضر وجود النفس، وبقاؤه كان أولىٰ ولأن النفس من مقولة الجوهر، ومقارنته مع البدن من مقولة المضاف، والإضافة أضعف الأعراض؛ لِأَنَّهُ لا يتم وجودها بموضوعها، بل يحتاج إِلَىٰ شيء آخر وهو المُضاف إليه؛ فكيف يبطل الجوهر القائم بنفسه ببطلان أضعف الأعراض المحتاج إليه؟ ومثاله أن من يكون مالكًا لشيء متصرفًا فيه، فإذا بطل ذلك الشيء لم يبطل المالك ببطلانه؛ ولهذا فإن الإنسان إذا نام بطلت عنه الحواس والإدراكات وصار ملقىٰ كالميت، فالبدن النائم في حالة شبيهة بحال الموتىٰ كما قال رسول الله {عليه السلام}: «النوم أخو الموت».

📜 ثُمَّ إن الإنسان في نومه يرىٰ الأشياء ويسمعها، بل يدرك الغيب في المنامات الصادقة بحيث لا يتيسر له في اليقظة، فذلك برهان قاطع عَلَىٰ أن جوهر النفس غير محتاج إِلَىٰ هذا البدن، بل هو يضعف بمقارنة البدن ويتقوىٰ بتعطله، فإذا مات البدن وخرب تخلص جوهر النفس عن جنس البدن، فإذا كان كاملًا بالعلم والحكمة والعمل الصالح انجذب إِلَىٰ الأنوار الإلهيَّة وأنوار الملائكة والملأ الأعلىٰ انجذاب إبرة إِلَىٰ جبل عظيم من المغناطيس، وفاضت عليه السكينة وحقت له الطمأنينة، فنودي من الملأ الأعلىٰ:

📜 ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾ [الفجر: ٢٧، ٢٨، ٢٩، و٣٠].

📚 رسالة في معرفة النفس الناطقة وأحوالها، ص١١ | لــ حضرة صدر الأطباء، ورأس العلماء إمام أئمة الحكماء الشيخ الرئيس ابن سيناء {رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ رَحْمَةً واسِعَة}.

@alhikmat_almutaealie
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📌 حكاية سقراطية.

📜 يحكىٰ أن سقراط رأىٰ في المنام، أن فرخ كركي قاعد عَلَىٰ حجره، وَأَنَّهُ زعب فطلع ريشه في الوقت فطار نحو السماء، و هو يصوّت بصوت حسن مطرب ألْهىٰ جميع الناس، فلما جاءه أَفْلَاطُون للتعلم تأوّله ذلك الطائر.

📜 أقول: كأنّه طلوع ريشه في الوقت، اكتسابه الكمالات السقراطية في أقصر مدة، وطيرانه نحو السماء كناية عن علو قدره، وسمو منزلته في الفلسفة الالهية، وصوته الحسن الملهي المطرب انتشار حكمه اللطيفة ومواعظه الشريفة في أقطار الارض، بحيث التذت باستماعها أسماع قلوب المستفيدين من الحكماء المتألّهين، وكان يرمز حكمه ويسترها، ويتكلم بها ملغوزة؛ حَتَّىٰ لا تظهر مقاصده إلَّا لذوي الحكمة المتعالية، والأذهان الصافية.

📜 وكان يعلم الحكمة في أكثر الأوقات وهو ماشٍ؛ لتعظيم الحكمة، ولارتياض البدن مع رياضة النفس، وتحليل الفضول بالسعي المعتدل. وجماعة التلاميذ الّذين تعلموا منه في المشي كأرسطو سموا بالمشّائين.

🖌 لــ حضرة الحكيم المتألِّه، والفيلسوف المؤرخ قطب الْدِّينِ الآشكوري الديلمي اللاهيجي {رَحْمَةُ اللهِ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ}.

@alhikmat_almutaealie
🔰 كَشْفُ الغِطَاء عن وجُوه الألفاظِ اليُونانيَّة المستعملة في الحِكمة المِيزانيَّة.

📜 الَّتي تشتملُ عَلَىٰ تسعة أقسامٍ:

1️⃣ الأَوَّل: إِيساغُوجِي.

💭 الَّذي قد صنَّفه فَرفُورِيُوس. يُراد منه ما الَّذي يُبيَّن فيه أقسامُ الألفاظِ والمعاني من حيث هو معانٍ مفردة.

2️⃣ الثَّاني: قاطِیغُورِیاس.

💭 يعني: المقولات العَشْر، الَّذي قد صنَّفها أَرِسْطاطَالِيس.

3️⃣ الثَّالث: باريرمیناس.

💭 أعني: الَّذي هو في بيان تركُّب المعاني المُفردة؛ لتَصلُحَ أَنْ تصيرَ قضايا وأخبارًا، موجبةً كانت أو سالبةً. وهو أيضًا من كتب هذا الحِبرِ المُبرَّز.

4️⃣ الرَّابع: اتولوطيقا.

💭 الَّذي هو مَظْهرٌ لتركيب القضايا حَتَّىٰ يتألَّفَ منها الأدلَّةُ الَّتي تفيدُ العلمَ بمجهولٍ، وهو القياس -الَّذي هو مِن مُصنَّفاته أيضًا-، ولتحليلها إليها.

5️⃣ الخامس: الوطيقا.

💭 الَّذي يُعرَّفُ فيه شرائط الأقيسة البُرهانيَّة المُفيدة للقطع، قطعًا من صُورِها وموادِّها الَّتي قد تألَّفتْ منها. مشتملًا عليه كتابه المعروف بالوطيقا الثانية؛ وباقوطيقي أعني: البرهان.

6️⃣ السَّادس: بطريقا.

💭 يشتملُ عَلَىٰ معرفة الأقيسة الَّتي تنفع في مخاطبة الفِئَةِ القاصر إِدراكُهُم عمَّا هو المقصود؛ أو عَلَىٰ بيان الأدلَّة البُرهانيَّة في كلِّ شيءٍ، والَّتي لا بُدَّ منها في المحاورات الَّتي يُراد فيها إلزامٌ محمودٌ؛ أو تحرُّزٌ عن إلزام المُجِيبِ والسَّائلِ، مُتَضَمِّنًا له كتابه المعروف بطربيقا -أي: المواضع-، وقد يُرسم أيضًا بالنِّطيقي -أي: الجدل-. وبالجملة إنَّ الأقيسة الإقناعيَّة في الأُمور العلميَّة الكُلِّيَّة موضَحَةٌ فيه.

7️⃣ السَّابع: سوفسطا.

💭 يعني: الشُّبَه المُغالطيَّة الَّتي قد اشتملت عَلَىٰ تعريف المُغالَطات الَّتي قد وقعتْ في الحُجَج والدَّلائل وأنحاء السَّهو، وعدِّها بأنَّها كم هي، ونُبِّهَ عَلَىٰ وجه التَّحَرُّز عنها.

8️⃣ الثَّامن: بريطوريقي.

💭 أعني: باب الخطابة: مشتملًا عَلَىٰ تعريف الأقيسة الَّتي تَنفَعُ في مخاطَبات الجُمهور عَلَىٰ سبيل المُشاجَرات والمُخاصَمات والمُحاوَرات، أو في المَدْح والذَّمِّ والحِيَل النَّافعة والاستِعْطاف، وتصغيرِ الأُمور وتعظيمِها، وجَودةِ المقادير والمعاينات، وجَودةِ ترتيب الكلام في كلِّ وصيَّةٍ وخطبةٍ.

9️⃣ التَّاسع: فراسيطيقي.

💭 يقال له: أَنَّهُ ريطُواريقي -أي: الشعر- مشتملًا عَلَىٰ الكلام الشِّعريِّ، حيث إِنَّهُ كيف يجب أن يكون في كلِّ صنفٍ قوَّةً، وما أنواع التَّقصير والقُوَّة فيه.

📜 فظهر بما تلوناه عليك أَنَّهُ ليس شيءٌ منها مخالفًا للشَّريعة المُصطفَويَّة؛ عَلَىٰ ما ظنَّتْه الفِئَةُ الجاهليَّة.

📜 وأمَّا ماطاطاتواسيا -الَّذي ليس من أبواب المنطق-، فيُعنىٰ منه ما بعد الطَّبيعة.

📚 خطفات القدس، من ص١٤١ إِلَىٰ ص١٤٤ | لــ حضرة الحكيم الإلهيَّ سيِّد المدقِّقين، وأفضل المجتهدين أحمد الفضلاء والمحقِّقين مير أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي {أنار الله قبره}.

@alhikmat_almutaealie
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📌 خَطْفَةٌ ميزانيَّةٌ في بيان أنَّ مرسلات العلوم البُرهانيَّة كلِّيَّاتٌ، وفعليَّاتُها ضروريَّاتٌ.

📜 أمَا تَعرَّفتَ في طبقات الصِّناعة البُرهانيَّة أنَّ مرسلات العلوم البُرهانيَّة كلِّيَّاتٌ، وفعليَّاتُها ضروريَّاتٌ، وذلك عَلَىٰ خلاف شاكلة ما عليه في فنُّ القياس؟!

📜 لتَحكُمَ عَلَىٰ بطلان ما يُتراءىٰ من التَّدافُع، حيث إنَّ الرُّؤساء يحكُمُون عَلَىٰ أنَّ كلِّيَّة القضيَّة الحمليَّة مستتَبَّةٌ بأمرين:

1️⃣ شمول الحكم جميعَ أفراد موضوعه؛ وشموله له في الأزمنةِ جميعًا.

2️⃣ وأُخرىٰ أنَّ كلِّيَّتها مستتَبَّةٌ بالأمر الأوَّل وكلِّيَّة الشَّرط مستتَبَّةٌ بالأمر الثَّاني، بناءً عَلَىٰ ما تَعرَّفتَ أنَّ النَّظر القياسيَّ لمَّا كان في الحَمْل بما هو حَمْلٌ فلا يقتضي كلِّيَّتها إلَّا أمرًا واحدًا؛ وأنَّ النَّظر البُرهانيَّ لمَّا اقتضىٰ كونَ المُطلَقات فيها ضروريَّاتٍ، فليس بُدٌّ من اعتبار أمرين؛ فلا تدافع أصلًا!.

🖌 لــ حضرة الحكيم المتألِّه سيِّد المدقِّقين، وأفضل المجتهدين أحمد الفضلاء والمحقِّقين مير أحمد بن زين العابدين العلوي العاملي {أنار الله قبره}.

@alhikmat_almutaealie
🔰 المدرسة الهمدانية.

📜 المراد بالإباحة، الإباحة في الأكل والشرب، والمراد بالتعطيل، نفي الأحكام كلِّيًا بالمرة، وبعبارة أٌخرىٰ: عدم التكليف، والمراد بالإذاعة، نشر وإشاعة الأسرار الإلـٰهيَّة بين الأجانب.

📜 والأخطار الَّتي ذكرها المصنف رحمه الله من أهم مخاطر السُّلوك، حيث إن استعمال هذه الأذكار وما يشابهها ممنوع من دون إشراف وتربية لأُستاذ كامل وعالم عامل واصل.

📜 قيل إن علة انحراف حسين ابن المنصور الحلاج في إذاعة وإشاعة المطالب الممنوعة والأسرار الإلـٰهيَّة، هي فقدان تعلمه عَلَىٰ يد أُستاذ ماهر وكامل ودليل خبير واصـل، فقد شرع بالسَّير والسُّلوك من تلقاء نفسه، فواجه هذه المخاطر، ولذا فقد رفضه الأعلام من أرباب السُّلوك والعرفان، ولم يعدوا له وزنًا في نهج المعرفة.

📜 وكمثل الشيخ أحمد الأحسائي الَّذي أراد الوصول بنفسه إِلَىٰ مقام الحكمة والعرفان، فاعتبر نفسه من أصحاب النظر بمحض مطالعة الكتب الفلسفيَّة، فصدرت منه أخطاء كثيرة، مثل الإلتزام بتعطيل وانعزال الذات الإلـٰهيَّة المقدَّسة من الأسماء والصفات، وكمثل الإلتزام بأصالة الوجود والماهية معًا، وهي أُمور أسقطته عند أرباب العلم والنقاد المتبصرين ذوي الخبرة، وألقت بمؤلَّفاته في زوايا النسيان والإهمال.

📜 ولم يشاهد أيًا من هذه الأخطار لدىٰ أي تلميذ من تلامذة المدرسة التربويَّة لآية الحق الآخوند الْمَوْلىٰ حُسَينْ قُلي الهمداني رضوان اللهِ عليه مع أن كلًا منهم قد سطع في سماء الفضيلة والكمال سطوعًا بقي نوره إِلَىٰ الأزمنة الَّتي جاءت بعده؛ إذ كانوا يبثون النور والحرارة في شعاع واسع يحيط بمحور ومركز وجودهم المثالي والنفسي.

📜 وأنىٰ يمكن للتأريخ أن يمحو المعارف السُّلوكيَّة العلميَّة والعمليَّة لآيات من أمثال الْسَّيِّد أحمد الكربلائي الطهراني، والحاج الشيخ مُحَمَّد البهاري، والحاج الميرزا جواد الملكي التبريزي، وَالْسَّيِّد مُحَمَّد سعيد الحبوبي، ويودعها في زوايا النسيان؟ ومن هنا كان المرحوم الحاج الميرزا علي القاضي رضوان الله عليه يقول:

💭 «أهم ما يلزم في هذا السبيل هو الأُستاذ الخبير والبصير، والإنسان الكامل المتخطي للهوىٰ، والواصل إِلَىٰ المعرفة الإلـٰهيَّة، الَّذي طوىٰ -مضافًا إِلَىٰ السَّير إِلَىٰ الله- ثلاثة أسفار أُخرىٰ، وغدا سائرًا متأملًا في عالم الخلق بالحق».

📜 وكان المرحوم القاضي يقول:

💭 «لو صرف طالب سلوك طريق الله نصف عمره في التفحص والبحث من أجل العثور عَلَىٰ أُستاذ يدله في طريقه، كان محقًا».

📜 وكان يقول:

💭 «من عثر عَلَىٰ الأُستاذ، طوىٰ نصف الطريق».

📚 شرح رسالة تحفة الملوك في السَّير والسُّلوك، ص٢٣٢ و٢٣٣ | لــ حضرة العارف الكامل، والسَّالك الواصل الْسَّيِّد مُحَمَّد حُسَينْ الطهراني {رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ}.

@alhikmat_almutaealie
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📌 الطريقة الإحراقية لاستئصال جذور الأهواء والنوايا النفسانيَّة.

📜 إنَّ أفضل الطرق وأسرعها في القضاء عَلَىٰ الأغراض والنوايا النفسانيَّة المؤثرة في طريق السُّلوك إِلَىٰ الله، والَّتي لها حكم الطريق المختصر، بحيث تنجي السالك كليًا وتخرجه من كل داعية وباعث غير إلـٰهيَّ، وتخرجه في نهاية الأمر من الصفة:

📜 طريقة الإحراق، وهي الطريقة الَّتي علمنا القرآن إياها.

📜 فالَّذي تنزل به مصيبة -مثلًا- من موت أهل أو ولد أو غير ذلك، يمكنه أن يسكن ألمه بطرق مختلفة، كأن يقول: لعل أهلي وولدي سيلحقون بي الضرر مستقبلًا، أو يتعبونني في تنفيذ طلباتهم، أو أن يقول: لقد فقد الآخرون أهليهم وأولادهم كما فقدت أهلي وولدي؛ ونظائر ذلك.

📜 أمَّا القرآن الكريم، فيقول: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة: ١٥٥، و١٥٦]، أي: أنَّ كُلَّ شيءٍ مُلكٌ مُطلَقٌ للهِ تعالىٰ، وأنَّ الإنسان ليس من حقه أبدًا ادعاء الملكية فالملك إذًا ملك الله، وللمالك أن يتصرف بملكه حيث يشاء دون اعتراض، وهذا النوع من التفكير يريح المُصاب عَلَىٰ الفور.

📜 أو أن شخصًا ما -مثلًا- يريد امتلاك أُمور مادية ومعنوية كثيرة، لكنه لا يقدر عَلَىٰ نيلها، وهو -لذلك- مكدر الخاطر ومشوشه، وحين يلجأ إِلَىٰ القرآن ويرىٰ أن فقره ذاتي، فإن قلقه سيزال، وسيفهم أَنَّهُ مهما أُعطي فإنَّ تلك الأشياء ليست ملكه، بل هي لله تعالىٰ، وَأَنَّهُ سيبقىٰ في فقره الذاتي.

📜 ولو أدرك السَّالك في طريق السُّلوك أنَّ الله تعالىٰ قد جعل نفسه طماعة، وأنَّها تطمع في كل مقام ومكرمة، وَأَنَّهُ ما لم يتخط طمع نفسه ورغباتها، فِإِنَّهُ لن يصل إِلَىٰ المقصود، وذلك بأن يتغاضىٰ بالمرة عن جميع المشتهيات النفسانيَّة من مقام الكرامة والدرجات، ويخلي باطنه من جميع النوايا والرغبات، حيث يجلو ذهنه من جميع غبار الأغيار، فيتجلىٰ فيه جمال الحضرة الإلـٰهيَّة، ونظرًا لِأَنَّ هذا النوع من التفكر كأَنَّهُ يحرق جميع النوايا والصفات، فقد دُعي بـ‹طريقة الإحراق›.

🖌️ لــ حضرة رئيس العرفاء الكاملين، وأُسوة الأولياء الإلٰهيين سلطان الموحدين الحاج السَّيِّد علي آقا الطباطبائي القاضي الكبير {رَحْمَةُ اللهِ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ}.

@alhikmat_almutaealie
🔰 في النفس النباتية.

📜 إنّهُ يُشاهَد مِن النبات أحوالٌ خاصّةٌ كالنموّ والتغذّي؛ فهي لصورةٍ أُفيضتْ عليه لمزاجٍ أعدل ممّا للمعادن وإلّا لكانت عامّة.

📜 وهي كمالٌ أوّلٌ لجسمٍ طبيعيٍّ آليٍّ من جهة ما يغذو وينمو ويولّد مثله، ولمّا كانت الكائنات ذوات النفوس بعُرضِ التحلّل دائمًا ولم توجد عَلَىٰ كمالها الممكن دفعةً ولا بحيث لا يلحقها فسادٌ؛ والعنايةُ تقتضي استبقاءَ ما لا بقاء له لذاته احتاج النبات ونحوه إِلَىٰ ثلاث قُوىٰ:

1️⃣ إحديها: الغاذية؛ وهي الّتي تحيل الغذاءَ إِلَىٰ مشابهة المغتذي وتلصقه به بدلَ ما يتحلّل؛ وتخدمها قُوىٰ أربع: الجاذبة للملائم؛ والماسكة الّتي تمسكه ريثما تتصرّف فيه؛ والهاضمة وهي الّتي تُغيِّر الغذاءَ إِلَىٰ ما يستعدّ لأن يصير جزئًا للمغتذي بالفعل؛ الرابعة الدافعة للفضل الّذي لا يصلح للغذائيّة.

2️⃣ الثانية: النامية؛ وهي الّتي تزيد في أقطار الجسم عَلَىٰ التناسب الطبيعيّ إِلَىٰ كمال النشوىٰ؛ وتخدمها الغاذية.

3️⃣ الثالثة: المولِّدة؛ وهي الّتي تفصل جزئًا من الغذاء بعد تمام الهضم ليصير مبدئًا لشخصٍ آخر مثله؛ وتخدمها الغاذية والنامية خدمةً مُهيّئةً وقوتان أُخريان خدمةً مؤدّيةً: المغيِّرة الأُولىٰ وهي الّتي تُغيِّر المَنِيّ وتفصّل القُوَىٰ الّتي فيه وتقسمه بحسب عضوٍ عضوٍ. والمغيِّرة الثانية وهي الّتي تُفيد صورَ الأعضاء وأشكالها وتخطيطاتها والأعراض الحالّة فيها؛ وتُسمّىٰ مصوّرة.


📜 والنامية تقف عن فعلها عند تمام النشوىٰ؛ و المولِّدة عند ظهور ضعف القوّة؛ والغاذية تبقىٰ إِلَىٰ الهلاك؛ وتفعل المولِّدة لبقاء النوع؛ والأُخريان لبقاء الشخص.

📚 تحلية الأرواح بحقائق الإنجاح، ص٩٩ و١٠٠ | لــ حضرة الشيخ المحقِّق كمال الْمِلِّةِ وَالْدِّيْنِ عبد الرزاق الكاشي {رَحْمَةُ اللهِ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ}.

@alhikmat_almutaealie
This media is not supported in your browser
VIEW IN TELEGRAM
📌 المقالة الخلعية أو الرسالة الربعية.

📜 بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد كله لله رب العالمين، وصلواته عَلَىٰ سيدنا مُحَمَّد وآله الطاهرين.

📜 كنت ذات يوم من أيام شهرنا هذا، وقد كان يوم الجمعة، سادس عشر شهر رسول الله، صلىٰ الله علیه وآله وسلم، شعبان المكرم، لعام ثلاث وعشرين وألف من هجرته المقدَّسة، في بعض خلواتي، أذكر ربي في تضاعيف أذكاري وأورادي، باسمه ‹الغنيّ›، فأكرُّر: «يا غنيّ يا مغني»، مشدوهًا بذلك عن كل شيء إلَّا عن التوغل في حريم سره، والانمحاء في شعاع نوره. وكأن خاطفةٌ قدسيةً قد ابتدرت إلي، فاجتذبتني من الوكر الجسماني، ففككتُ حَلقَ شبكة الحس، وحَللتُ عقد حبالة الطبيعة، وأخذت أطير بجناح الروع في جو ملكوت الحقيقة. وكأني قد خلعت بدني، ورفضت عدني، ومقوت خلدي، ونضوت جسدي، وطويت إقليم الزمان، وصرت إِلَىٰ عالم الدهر.

📜 فإذا أنا بمصر الوجود بجماجم أمم النظام الجملي من الإبداعيات والتكوينيات، والإلهيات والطبيعيات، والقدسيات والهيولانيات، والدهريات والزمانيات، وأقوام الكفر والإيمان، وأرهاط الجاهلية والإسلام، من الدّارجين والدّارجات، والغابرين والغابرات، والسالفين والسالفات، والعاقبين والعاقبات، في الآزال والآباد، وبالجملة، آحاد ومجامع الإمكان، وذوات عوالم الأكوان، بقضها وقضيضها، وصغيرها وكبيرها، بأثباتها وبأبدائها، حالياتها وإنياتها.

📜 وإذ الجميعُ زفةً زفةً، وزمرةً زمرةً، بحزبهم قاطعةً معًا، مُولونَ وجوه ماهياتهم شطر بابه، سبحانه، شاخصون بأبصار إنياتهم تلقاء جنابه، جلَّ سلطانه، من حيث هم لا يعلمون، وهم جميعًا بألسنة فقر ذواتهم الفاقرة، وألسن فاقة هوياتهم الهالكة، في ضجيج الضراعة وصراخ الابتهال ذاكروه وراجوه ومستصرخوه ومنادوا: بـ«يا غنيّ یا مغني»، من حيث هم لا يشعرون.

📜 فطفقت في تلك الضجة العقلية والصرخة الغيبية أخر مغشيًا علي، وكدت من شدة الوله والدهش أنسىٰ جوهر ذاتي العاقلة، وأغيب عن بصر نفسي المجردة، وأُهاجر ساهرة أرض الكون، وأخرج من صقع قطر الوجود رأسًا، إذ قد ودعتني تلك الخلسةُ الخالسةُ شيقًا حنونًا إليها، وخلفتني تلك الخطفة الخاطفة تائقًا لهوفًا عليها. فرجعت إِلَىٰ أرض التيار وكورة البوار وبقعة الزور وقرية الغرور تارةً أُخرىٰ.

🖌️ لــ حضرة سيِّد الأفاضل المعلِّم الثالث مُحَمَّد باقر المِيردَّامَادِ {رَحْمَةُ اللهِ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ}.

@alhikmat_almutaealie
🔺️ خطفة روحانية.

📜 زعيم فرسان الطريقة الحكيم النوعي الْسَّيِّد الداماد {رَحْمَةُ اللهِ تَعَالَىٰ عَلَيْهِ} يروي حادثةً حصلت له أثناء سلوكه الروعي، ومسيره القدسي إِلَىٰ جناب الذات الأقدس للكبرياء جلَّ جلاله.
🔰 آداب المراقبة.

1️⃣ الجزء الأول:


📜 أولًا: ترك المعاصي، وهذا هو الذي بُني عليه قوام التقوىٰ وأسس عليه أساس الآخرة والأولىٰ، وما تقرب المتقربون بشيءٍ أعلىٰ وأفضل منه. ولذلك عندما سألَ موسىٰ الخضر {عليهما السلام} عن العمل الذي قام به فبلغ تلك المرتبة السامية بحيث يأمر الله كليمه بالتعلم منه، فأجاب الخضر:

💠 «بترك المعصية».

📜 لذا فينبغي للإنسان أن يستعظم المعصية ويعرف ثمرة تركها وهي ثمرة عظيمة بلا ريب. وكم هو قبيح من العبد الذليل؛ الذي يتنعم في كل حين بأنواع نعم الله تعالىٰ المطلع عليه في كل أحواله فهو الذي: «مَعَ كُلِّ شَيْء لاَ بِمُقَارَنَة، وَغَيْرُ كُلِّ شيء لا بِمُزَايَلَة»، وهو الذي: «وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ». أن يمزق رغم ذلك ستر الحياء ويتجرأ بجلافة علىٰ ارتكاب مناهي ملك الملوك! ما أشنع هذا الفعل وما أجفا مثل هذا العبد، إنه ولا ريب مستحق للحبس الأبدي في سجن جبار السموات والأرضين إلّا أن يلتجيء إلىٰ التوبة لكي تشمله رحمة الله الواسعة.

📜 ثانيًا: الاشتغال بالطاعات، أي طاعة كانت بعد الفرائض، لكن بشرطِ أن تكون مع حضور القلب، فبدون هذا الحضور لا حياة للقلب، بل إنّ ذلك قد يؤدي إلىٰ قسوةِ القلب. وإذا كان من أهل الأذكار فمن المفيد المناسب أنّ يكون ذكره في البداية الاستغفار ثم ذكر اليونسية وهو: «لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ»، وفي الأواخـر أن يـكـون ذكره الكلمة الطيبة: «لا إله إلا الله». وذلك بشرط الاستمرار إضافة إلىٰ الحضور.

📜 ثالثًا: المراقبة بمعنىٰ عدم الغفلة عن حضور الحقّ جلَّ شأنه، وهذا هو السنام الأعظم والرافع إلىٰ مقام المقربين، ومن كان طالبًا للمحبة والمعرفة فليمسك بهذا الحبل المتين وإلىٰ هذا يشير قولُهُ {صلىٰ الله عليه وآله}: «اعبد الله كأنك تراه فإن لـم تـكـن تـراه فإنّه يراك».

📜 فينبغي أن يكون هذا حاله علىٰ الدوام، فيستشعر في باطنه وكأنّه في محضر مولاه وهو يراه، وفي هذا الحديث الشريف قضية مهمة هي الإشارة إلىٰ عدم لزوم أن يتصور الإنسان ربَّهُ في مقام العبادة ولا أن يعلم ما هو لكي يحتاج إلىٰ وساطةِ معرفٍ من المخلوقات كما يقول بعض جهلة الصوفية، بل يكفي للتوجه إليه تعالىٰ أنّ يعرف بأنّ الله جلَّ شأنه حاضر يراه، وإن لم يعلم أنّه ما هو؟ وكيف هو؟ فتأملْ فإنه دقيق نافع.

📜 رابعًا: الحزن الدائم، إمّا خوفًا من العذاب إنّ كان التائب من الصالحين، وإمّا لشدة الاشتياق إنّ كان من المحبين.

📜 واعلَم أن الفيوضات المعنوية تنقطع عن الإنسان بمجرد خروج الحزن من قلبه، من هنا حكي عن لسان حال التقوىٰ أنها قالت: «إنّي لا أسكن إلّا في قلب محزون»، ويشهد علىٰ ذلك قولُهُ تعالىٰ في الحديث القدسي: «أنا عند المنكسرة قلوبهم».

📜 إذن، فاعلَم يا عزيزي أنّ كلّ ما يردُ علىٰ قلب الإنسان من الواردات الحسنة -سواءٌ كان حزنًا أو فكرًا أو علمًا أو حكمًة وغيرها- هو كالضيف الذي يفسد علىٰ الإنسان، فإذا قمت بواجب الضيافة والإكرام، وطهّرت محلّ الضيافة من الرجس والأوساخ ودفعت عنه المؤذيات، رغبَ في البقاء عندك، أما إذا آذيته فعندها يتعسر الأمر!

🔻 يتبع أيها الأعزة الكرام.

@alhikmat_almutaealie