مين وصلى الله وسلم وبارك على خير خلقه أجمعين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد: أيها المسلمون: ففي خارج المساجد تظهر سلسلة من الأخطاء تعبّر عن انعدام في الذوق عند أناس وتجلّي عند أناس مظهرًا من مظاهر انعدام الأخوة وغياب مفهوم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
فطريقة الوقوف تنبئ عن أنانية وحب للذات، فأحدهم لا يبالي إذا هو أوقف سيارته أن يحرم الآخرين، ولا يبالي أن يغلق على الآخرين أبواب بيوتهم، أو يغلق عليهم سيارتهم، ولا يبالي أن يكون وقوفه يشكل خطرًا أو أذى.. يأتي أحدهم متأخرًا ويوقف سيارته كيفما شاء ويتأخر في الخروج انشغالاً بحديث أو قراءة لقرآن أو تتبعًا لجنازة تاركًا سيارته في عرض الطريق، وكم سبّب ذلك من مآسي ومشكلات..
ويتواصل مسلسل الأخطاء والتجاوزات ليظهر صورة عند انقضاء الصلاة وقد قال ربنا (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الجمعة: 10]، فهل ما يفعله البعض يعبر عن تأثر وانتفاع بما سمع؟ وهل من آداب الدين وأمارات المنتفعين المتعظين أن ينصرف أناس من الصلاة وكأنهم في حلبة سباق سرعة جنونية ومعاكسة للطريق وإثارة للأتربة وإيذاء للبشر.. فيا مسلمون: أين سكينة المسلم ووقار المصلي؟! وأين الشعور بحقوق المسلمين؟ وأين الالتزام بآداب الطريق؟!
ويتواصل مسلسل الأخطاء لنصل إلى الساعة الأخيرة من الجمعة؛ حيث الساعة التي لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئًا إلا أعطاه إياه، وأشار بيده صلى الله عليه وسلم يقللها، وهذه الساعة في أكثر قول السلف هي آخر ساعة بعد العصر.. وعلى هذا تدل أكثر الأحاديث ومنها حديث "فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر" فما هو حالنا معها؟ أليس كثير منا قد جعل تلك الساعة إتمامًا لساعات غفلته ولهوه !!
فيا ليت قومي يعلمون، ويا ليتهم يدركون كم من المغانم تفوتهم وكم من الأجور يضيعون؟!!
ألا ما أحرانا أن نلتمس تلك الساعة ونستثمرها، وما أحوجنا إلى نفحات ربنا ولطفه وما أحوجنا إلى دعوات مستجابة لأنفسنا وإخواننا.
وختامًا -أيها المسلمون- لنعد إلى الجمعة هيبتها وروحانيتها، ولنرسم أجمل صور التنافس في الخيرات تبكيرًا واستعدادًا واستغلالاً، ولنبرز للجمعة خصائصها وتميزها بالتهيؤ لها والتجمل للقاء ربنا.
وإذا كان يوم الجمعة إجازة عن أعمال الدنيا، فلن يكون أبدًا تعطيلاً للعبادة وغفلة عن ذكر الله، وإن عبادة الله لا يحدّها زمن ولا يحصرها مكان (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99].
ولنعبر عن عبوديتنا لله وعن تأدبنا بآداب الإسلام بمراعاة مشاعر الناس، واحترام مصالحهم وكرامتهم، وبالسكينة والوقار وبالذوق الرفيع في التعامل والسلوك.
وليكن يوم الجمعة فرصة لتغيير الحال، وتعديل السلوك المعوج، وتقويم الخطأ من خلال الاستفادة من خطبة الجمعة بحسن الاستماع وجميل الانتفاع.
ولن يكون ذلك إلا بالإخلاص لله، والتواضع للحق، وتجنب الكبر وهو بطر الحق وغمط الناس و(مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا) [الكهف: 17].
اللهم صل وسلم وبارك على من بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده..
أما بعد: أيها المسلمون: ففي خارج المساجد تظهر سلسلة من الأخطاء تعبّر عن انعدام في الذوق عند أناس وتجلّي عند أناس مظهرًا من مظاهر انعدام الأخوة وغياب مفهوم "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".
فطريقة الوقوف تنبئ عن أنانية وحب للذات، فأحدهم لا يبالي إذا هو أوقف سيارته أن يحرم الآخرين، ولا يبالي أن يغلق على الآخرين أبواب بيوتهم، أو يغلق عليهم سيارتهم، ولا يبالي أن يكون وقوفه يشكل خطرًا أو أذى.. يأتي أحدهم متأخرًا ويوقف سيارته كيفما شاء ويتأخر في الخروج انشغالاً بحديث أو قراءة لقرآن أو تتبعًا لجنازة تاركًا سيارته في عرض الطريق، وكم سبّب ذلك من مآسي ومشكلات..
ويتواصل مسلسل الأخطاء والتجاوزات ليظهر صورة عند انقضاء الصلاة وقد قال ربنا (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [الجمعة: 10]، فهل ما يفعله البعض يعبر عن تأثر وانتفاع بما سمع؟ وهل من آداب الدين وأمارات المنتفعين المتعظين أن ينصرف أناس من الصلاة وكأنهم في حلبة سباق سرعة جنونية ومعاكسة للطريق وإثارة للأتربة وإيذاء للبشر.. فيا مسلمون: أين سكينة المسلم ووقار المصلي؟! وأين الشعور بحقوق المسلمين؟ وأين الالتزام بآداب الطريق؟!
ويتواصل مسلسل الأخطاء لنصل إلى الساعة الأخيرة من الجمعة؛ حيث الساعة التي لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئًا إلا أعطاه إياه، وأشار بيده صلى الله عليه وسلم يقللها، وهذه الساعة في أكثر قول السلف هي آخر ساعة بعد العصر.. وعلى هذا تدل أكثر الأحاديث ومنها حديث "فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر" فما هو حالنا معها؟ أليس كثير منا قد جعل تلك الساعة إتمامًا لساعات غفلته ولهوه !!
فيا ليت قومي يعلمون، ويا ليتهم يدركون كم من المغانم تفوتهم وكم من الأجور يضيعون؟!!
ألا ما أحرانا أن نلتمس تلك الساعة ونستثمرها، وما أحوجنا إلى نفحات ربنا ولطفه وما أحوجنا إلى دعوات مستجابة لأنفسنا وإخواننا.
وختامًا -أيها المسلمون- لنعد إلى الجمعة هيبتها وروحانيتها، ولنرسم أجمل صور التنافس في الخيرات تبكيرًا واستعدادًا واستغلالاً، ولنبرز للجمعة خصائصها وتميزها بالتهيؤ لها والتجمل للقاء ربنا.
وإذا كان يوم الجمعة إجازة عن أعمال الدنيا، فلن يكون أبدًا تعطيلاً للعبادة وغفلة عن ذكر الله، وإن عبادة الله لا يحدّها زمن ولا يحصرها مكان (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) [الحجر: 99].
ولنعبر عن عبوديتنا لله وعن تأدبنا بآداب الإسلام بمراعاة مشاعر الناس، واحترام مصالحهم وكرامتهم، وبالسكينة والوقار وبالذوق الرفيع في التعامل والسلوك.
وليكن يوم الجمعة فرصة لتغيير الحال، وتعديل السلوك المعوج، وتقويم الخطأ من خلال الاستفادة من خطبة الجمعة بحسن الاستماع وجميل الانتفاع.
ولن يكون ذلك إلا بالإخلاص لله، والتواضع للحق، وتجنب الكبر وهو بطر الحق وغمط الناس و(مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا) [الكهف: 17].
اللهم صل وسلم وبارك على من بلغ الرسالة وأدى الأمانة، ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده..
واحة الداعية والخطيب
عنوان خطبة الجمعة
(يوم عبد من عبيد الله)
عناصر الخطبة:
1/برنامج مختصر للمسلم في ليله ونهاره 2/بعض واجبات المسلم تجاه أهله وأولاده 3/بعض واجبات المسلم تجاه مجتمعه 4/واجب المسلم تجاه نفسه 5/أداء المسلم لفريضة الحج
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله...
أما بعد:
أيها المسلمون: راقب حياة يوم كامل لأحد الأشخاص من حولك، إما قريب أو صديق، أو أحد الجيران، أو حتى راقب حياة يوم كامل من أيامك أنت، وكن منصفاً في ذلك.
هل من أول ما تستيقظ من نومك، حتى تعود إلى فراشك مرة أخرى وأنت أو صديقك الذي لاحظته تعيش يوماً إسلامياً كاملاً، أو شبه كامل؟!
هل أيامك كأيام من سبقونا من المسلمين؟ أم أن المادية المعاصرة، والمدنية قد فرضت نفسها حتى على بيوت المسلمين، وأنت أصبحت تسير معها بدلاً من أن تُسيّرها؟!
هل يومك هذا الذي راقبته يوم إسلامي، بمعنى أن كل ما تفعله شرعي لا مخالفة فيه، ولا تفريط فيه ولا تقصير! أم أن التقصير تعدى المستحبات ووصل إلى الواجبات؟!
أيها الأخ الكريم: لا أطيل معك بهذه المقدمة، ولا أزيد في العتاب أكثر من هذا، لكني لأسرد لك برنامجاً عملياً ليومٍ من يوميات عبدٍ مسلم، يفترض في كل مسلم أن يأتي بهاكاملاً، فإن لم يأتي بها كاملاً، فعلى أقل تقدير يأتي بأغلبها، فإن هناك الكثير والكثير من السنن والأدعية المأثورة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صارت منسية في حياتنا -والله المستعان-.
مضى الثلث الأول من الليل، فقام عبد الله فتوضأ، ثم صلى بعدها ركعتين، ثم ذهب إلى فراشه لينام، فوضع جنبه الأيمن على الفراش، وهو يدعو، ويقول: "باسمك اللهم وضعت جنبي، وبك أرفعه، اللهم إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين، اللهم إني أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك، لا منجا ولا ملجأ منك إلا إليك، رهبةً ورغبةً إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت".
ثم قرأ آية الكرسي وسورة الكافرون والإخلاص، والفلق والناس، ثم راح في نومه مطمئن القلب، هادئ النفس.
وتمضي ساعات قليلة، فيدق جرس المنبه، فيتململ -عبد الله- في فراشه، تململ السليم على صوت لا يميّزه، أهو في حُلمٍ أم في يقظة؟!
(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)[السجدة: 16].
(قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا)[المزمل: 2-3].
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا)[الإسراء: 79].
(كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[الذاريات: 17-18].
فيهب عبد الله من فراشه قائلاً: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. سبحان الذي أحيانا بعدما أماتنا، وإليه النشور".
فتنفك عنه عقدة عقدها الشيطان، ثم يقوم فيتوضأ فتنحل العقدة الثانية، ثم يقول فيصلى ركعتين خفيفتين يفتتح بهما قيامه لتلك الليلة مقتدياً بهدي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فتنحل العقدة الثالثة، ثم يصلي من الليل ما شاء الله له أن يصلي، فما أحلى الصلاة في جوف الليل والناس نيام.
عن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيها الناس، أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام".
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا، أو صلى ركعتين جميعاً، كتبا في الذاكرين والذاكرات".
إن عبد الله يعرف فضل قيام الليل، وهو ليس من الذين لا يعرفون الصلاة بالليل إلا في رمضان، ويعلم عبد الله أن زاده وقوته ونشاطه في النهار، إنما يستمده من صلاته بالليل.
ثم جلس عبد الله في مكانه يستغفر ربه، ويسبح ويهلل، فإذا بصوت المؤذن، يشق ظلام الليل ينادي لصلاة الفجر، الصلاة خير من النوم.
فيقوم عبد الله، ويخرج من منزله متوجهاً إلى المنزل، فيفتح بابه، وهو يقول: "بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أسألك خير المخرج وخير المولج، بسم الله خرجنا، وبسم الله ولجنا، أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد لله، لا شريك له وإليه النشور، أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، وعلى دين نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين".
ويأتي عبد الله المسجد فيدخله برجله اليمنى، ويقول: "بسم الله، اللهم صلعلى محمد، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فيصلي ركعتي الفجر الراتبة، فيقرأ في الأولى ب"الكافرون" والثانية ب"لإخلاص".
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- على شيءٍ من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر"[متفق عليه].
وفي صحيح مسلم عنها عن النبي -صلى الله عليه
عنوان خطبة الجمعة
(يوم عبد من عبيد الله)
عناصر الخطبة:
1/برنامج مختصر للمسلم في ليله ونهاره 2/بعض واجبات المسلم تجاه أهله وأولاده 3/بعض واجبات المسلم تجاه مجتمعه 4/واجب المسلم تجاه نفسه 5/أداء المسلم لفريضة الحج
الخطبة الأولى:
إن الحمد لله...
أما بعد:
أيها المسلمون: راقب حياة يوم كامل لأحد الأشخاص من حولك، إما قريب أو صديق، أو أحد الجيران، أو حتى راقب حياة يوم كامل من أيامك أنت، وكن منصفاً في ذلك.
هل من أول ما تستيقظ من نومك، حتى تعود إلى فراشك مرة أخرى وأنت أو صديقك الذي لاحظته تعيش يوماً إسلامياً كاملاً، أو شبه كامل؟!
هل أيامك كأيام من سبقونا من المسلمين؟ أم أن المادية المعاصرة، والمدنية قد فرضت نفسها حتى على بيوت المسلمين، وأنت أصبحت تسير معها بدلاً من أن تُسيّرها؟!
هل يومك هذا الذي راقبته يوم إسلامي، بمعنى أن كل ما تفعله شرعي لا مخالفة فيه، ولا تفريط فيه ولا تقصير! أم أن التقصير تعدى المستحبات ووصل إلى الواجبات؟!
أيها الأخ الكريم: لا أطيل معك بهذه المقدمة، ولا أزيد في العتاب أكثر من هذا، لكني لأسرد لك برنامجاً عملياً ليومٍ من يوميات عبدٍ مسلم، يفترض في كل مسلم أن يأتي بهاكاملاً، فإن لم يأتي بها كاملاً، فعلى أقل تقدير يأتي بأغلبها، فإن هناك الكثير والكثير من السنن والأدعية المأثورة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صارت منسية في حياتنا -والله المستعان-.
مضى الثلث الأول من الليل، فقام عبد الله فتوضأ، ثم صلى بعدها ركعتين، ثم ذهب إلى فراشه لينام، فوضع جنبه الأيمن على الفراش، وهو يدعو، ويقول: "باسمك اللهم وضعت جنبي، وبك أرفعه، اللهم إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين، اللهم إني أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، ووجهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك، لا منجا ولا ملجأ منك إلا إليك، رهبةً ورغبةً إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت".
ثم قرأ آية الكرسي وسورة الكافرون والإخلاص، والفلق والناس، ثم راح في نومه مطمئن القلب، هادئ النفس.
وتمضي ساعات قليلة، فيدق جرس المنبه، فيتململ -عبد الله- في فراشه، تململ السليم على صوت لا يميّزه، أهو في حُلمٍ أم في يقظة؟!
(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)[السجدة: 16].
(قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا)[المزمل: 2-3].
(وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا)[الإسراء: 79].
(كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[الذاريات: 17-18].
فيهب عبد الله من فراشه قائلاً: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. سبحان الذي أحيانا بعدما أماتنا، وإليه النشور".
فتنفك عنه عقدة عقدها الشيطان، ثم يقوم فيتوضأ فتنحل العقدة الثانية، ثم يقول فيصلى ركعتين خفيفتين يفتتح بهما قيامه لتلك الليلة مقتدياً بهدي المصطفى -صلى الله عليه وسلم- فتنحل العقدة الثالثة، ثم يصلي من الليل ما شاء الله له أن يصلي، فما أحلى الصلاة في جوف الليل والناس نيام.
عن عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أيها الناس، أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام".
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا، أو صلى ركعتين جميعاً، كتبا في الذاكرين والذاكرات".
إن عبد الله يعرف فضل قيام الليل، وهو ليس من الذين لا يعرفون الصلاة بالليل إلا في رمضان، ويعلم عبد الله أن زاده وقوته ونشاطه في النهار، إنما يستمده من صلاته بالليل.
ثم جلس عبد الله في مكانه يستغفر ربه، ويسبح ويهلل، فإذا بصوت المؤذن، يشق ظلام الليل ينادي لصلاة الفجر، الصلاة خير من النوم.
فيقوم عبد الله، ويخرج من منزله متوجهاً إلى المنزل، فيفتح بابه، وهو يقول: "بسم الله، توكلت على الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أسألك خير المخرج وخير المولج، بسم الله خرجنا، وبسم الله ولجنا، أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد لله، لا شريك له وإليه النشور، أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، وعلى دين نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين".
ويأتي عبد الله المسجد فيدخله برجله اليمنى، ويقول: "بسم الله، اللهم صلعلى محمد، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، فيصلي ركعتي الفجر الراتبة، فيقرأ في الأولى ب"الكافرون" والثانية ب"لإخلاص".
عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- على شيءٍ من النوافل أشد تعاهداً منه على ركعتي الفجر"[متفق عليه].
وفي صحيح مسلم عنها عن النبي -صلى الله عليه
وسلم- قال: "ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها".
وفي رواية: "لهما أحبّ إليّ من الدنيا جميعاً".
ثم يجلس عبد الله، ويتلو كتاب الله، حتى تقام الصلاة، فيؤديها مع الإمام جماعة، ثم يجلس بعد الصلاة ليقرأ وِرده.
ثم يقوم عبد الله ويخرج من المسجد مقدماً رجله اليسرى، ويقول: "بسم الله، اللهم صل على محمد، اللهم إني أسألك من فضلك".
ويعود عبد الله إلى بيته مطمئن النفس، منشرح الصدر قرير العين، لقد اغتسل في محطة التطهير الأولى في يومه، لقد كفرت صلاته ما اقترف قبلها من صغار الذنوب، هكذا عَلم من حديث رسول الله، كما أنه نجح في الاختبار، وخرج من زمرة المنافقين، إذ ليس أشد على المنافقين من صلاة الفجر وصلاة العشاء ولو يعلمون ما فيهما من خير لأتوهما ولو حبواً.
ثم يرتاح عبد الله قليلاً، فيقوم بعدها، ليخرج إلى عمله.
فإذا كنت -يا عبد الله- أميراً، فتذكر قول الله -تبارك وتعالى-: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)[ص: 26].
وتذكر قول رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".
وأن أول السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: "الإمام العادل".
وإذا كنت -يا عبد الله- قاضياً، فتذكر قول الله -تبارك وتعالى-: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)[المائدة: 8].
وتذكر أن القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وواحد في الجنة، فاحرص على أن تكون الثالث.
وإذا كنت -يا عبد الله- تاجراً، فتذكر قول الله -جل وعلا-: (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ)[النور: 37].
وقوله سبحانه: (وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ)[الرحمن: 6-9].
وتذكر: أن الدين النصيحة لله ولرسوله وخاصة المسلمين وعامتهم، وتذكر أن "من غشنا فليس منا".
وإذا كنت -يا عبد الله- موظفاً تقوم على مصالح المسلمين في المستشفى، أو الجامعة، أو المدرسة، أو الوزارة، اعلم -يا عبد الله- أنك مسئول أمام الله قبل الناس عما استرعاك الله، وأن من أخذ الأجر حاسبه الله على العمل، وعملك أمانة فأدّ الأمانة إلى أهلها، وأن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه.
يا عبد الله: استر عورات المسلمين، فمن ستر عورة مسلم ستر الله عورته يوم القيامة.
وإذا كنت -يا عبد الله- عاملاً، فتذكر قول الله -جل وعز-: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[الملك: 15].
وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "ما أكل أحد طعاماً خيراً من عمل يده، وأن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده".
وكن متوكلاً على الله يرزقك الله كما يرزق الطير تغدو خماصاً، وتروح بطاناً.
ثم إن عبد الله يقتنص دقائق من وقته في العمل، فيصلي فيها سنة الضحى.
وهكذا تمضي فترة العمل اليومي يقضيها عبد الله مراقباً لله في كل أمر من أموره.
ويحين وقت الظهر، فيؤدي صلاته جماعة في المسجد، وكذلك العصر والمغرب والعشاء، فهو يحب كثرة الخطى إلى المساجد، فهي كفارات الذنوب، ويعلم أن كل صلاة محطة تطهير لما سبقتها من صغائر الذنوب، ويعلم أن ممن يظلهم الله في ظل عرشه: "رجلاً قلبه معلق في المساجد".
ويمضي عبد الله بقية يومه وأمسيته، يعود مريضاً، ويزور أخاً له في الله، ويتفقد يتيماً أو أرملة، ويقضي حاجةً لأخيه المسلم.
ثم إن عبد الله يهتم بحلقات العلم، فما أن يسمع بمحاضرة هنا أو هناك، إلا ورتَّب أموره، ورتب أوقاته لحضور هذه المحاضرات في المساجد؛ لأنه يدرك أهميتها، وفي الغالب ما يحرص أن يأخذ أهله معه إلى هذه المحاضرات، ليستفيدوا هم أيضاً، كما يستفيد هو، ولو حالت ظروف الأهل من عدم تمكنهم لحضور هذه المحاضرات والدروس العلمية في المساجد، فإن عبد الله، يحملها إليهم، وكذلك إلى أقاربه وأصحابه، فيجلس بين أبنائه يعلمهم أمور دينهم، ويقص عليهم من سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وسير أصحابه الكرام، ويرشدهم إلى ما ينفع وينهاهم عن اللهو والمفاسد.
ثم إن عبد الله يتفقد أولاده كل ليلة قبل نومهم، هل حلَوّا دروسهم، وقضوا واجباتهم، فيجلس معهم بعض الوقت، ويساعدهم فيما أشكل عليهم، ثم يتوجه الصغار إلى منامهم.
وقبل أن ينام عبد الله يدخل مكتبته الصغيرة في بيته والتي أعدها ووضع بها بعض الكتب النافعة، فيتناول كتاباً فيقرأ فيه بعض الوقت، يتزود منه بعلمٍ ينفع به نفسه، والناس من حوله.
فيوماً يفتح كتاباً في التفسير، فيطلع على معاني كلام الله، وتفسير بعض الآيات التي يحفظها.
ويوماً يطلع على كتاب في الفقه يتعلم
وفي رواية: "لهما أحبّ إليّ من الدنيا جميعاً".
ثم يجلس عبد الله، ويتلو كتاب الله، حتى تقام الصلاة، فيؤديها مع الإمام جماعة، ثم يجلس بعد الصلاة ليقرأ وِرده.
ثم يقوم عبد الله ويخرج من المسجد مقدماً رجله اليسرى، ويقول: "بسم الله، اللهم صل على محمد، اللهم إني أسألك من فضلك".
ويعود عبد الله إلى بيته مطمئن النفس، منشرح الصدر قرير العين، لقد اغتسل في محطة التطهير الأولى في يومه، لقد كفرت صلاته ما اقترف قبلها من صغار الذنوب، هكذا عَلم من حديث رسول الله، كما أنه نجح في الاختبار، وخرج من زمرة المنافقين، إذ ليس أشد على المنافقين من صلاة الفجر وصلاة العشاء ولو يعلمون ما فيهما من خير لأتوهما ولو حبواً.
ثم يرتاح عبد الله قليلاً، فيقوم بعدها، ليخرج إلى عمله.
فإذا كنت -يا عبد الله- أميراً، فتذكر قول الله -تبارك وتعالى-: (يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)[ص: 26].
وتذكر قول رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".
وأن أول السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: "الإمام العادل".
وإذا كنت -يا عبد الله- قاضياً، فتذكر قول الله -تبارك وتعالى-: (وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى)[المائدة: 8].
وتذكر أن القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وواحد في الجنة، فاحرص على أن تكون الثالث.
وإذا كنت -يا عبد الله- تاجراً، فتذكر قول الله -جل وعلا-: (رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ)[النور: 37].
وقوله سبحانه: (وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ)[الرحمن: 6-9].
وتذكر: أن الدين النصيحة لله ولرسوله وخاصة المسلمين وعامتهم، وتذكر أن "من غشنا فليس منا".
وإذا كنت -يا عبد الله- موظفاً تقوم على مصالح المسلمين في المستشفى، أو الجامعة، أو المدرسة، أو الوزارة، اعلم -يا عبد الله- أنك مسئول أمام الله قبل الناس عما استرعاك الله، وأن من أخذ الأجر حاسبه الله على العمل، وعملك أمانة فأدّ الأمانة إلى أهلها، وأن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه.
يا عبد الله: استر عورات المسلمين، فمن ستر عورة مسلم ستر الله عورته يوم القيامة.
وإذا كنت -يا عبد الله- عاملاً، فتذكر قول الله -جل وعز-: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)[الملك: 15].
وقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "ما أكل أحد طعاماً خيراً من عمل يده، وأن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده".
وكن متوكلاً على الله يرزقك الله كما يرزق الطير تغدو خماصاً، وتروح بطاناً.
ثم إن عبد الله يقتنص دقائق من وقته في العمل، فيصلي فيها سنة الضحى.
وهكذا تمضي فترة العمل اليومي يقضيها عبد الله مراقباً لله في كل أمر من أموره.
ويحين وقت الظهر، فيؤدي صلاته جماعة في المسجد، وكذلك العصر والمغرب والعشاء، فهو يحب كثرة الخطى إلى المساجد، فهي كفارات الذنوب، ويعلم أن كل صلاة محطة تطهير لما سبقتها من صغائر الذنوب، ويعلم أن ممن يظلهم الله في ظل عرشه: "رجلاً قلبه معلق في المساجد".
ويمضي عبد الله بقية يومه وأمسيته، يعود مريضاً، ويزور أخاً له في الله، ويتفقد يتيماً أو أرملة، ويقضي حاجةً لأخيه المسلم.
ثم إن عبد الله يهتم بحلقات العلم، فما أن يسمع بمحاضرة هنا أو هناك، إلا ورتَّب أموره، ورتب أوقاته لحضور هذه المحاضرات في المساجد؛ لأنه يدرك أهميتها، وفي الغالب ما يحرص أن يأخذ أهله معه إلى هذه المحاضرات، ليستفيدوا هم أيضاً، كما يستفيد هو، ولو حالت ظروف الأهل من عدم تمكنهم لحضور هذه المحاضرات والدروس العلمية في المساجد، فإن عبد الله، يحملها إليهم، وكذلك إلى أقاربه وأصحابه، فيجلس بين أبنائه يعلمهم أمور دينهم، ويقص عليهم من سيرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وسير أصحابه الكرام، ويرشدهم إلى ما ينفع وينهاهم عن اللهو والمفاسد.
ثم إن عبد الله يتفقد أولاده كل ليلة قبل نومهم، هل حلَوّا دروسهم، وقضوا واجباتهم، فيجلس معهم بعض الوقت، ويساعدهم فيما أشكل عليهم، ثم يتوجه الصغار إلى منامهم.
وقبل أن ينام عبد الله يدخل مكتبته الصغيرة في بيته والتي أعدها ووضع بها بعض الكتب النافعة، فيتناول كتاباً فيقرأ فيه بعض الوقت، يتزود منه بعلمٍ ينفع به نفسه، والناس من حوله.
فيوماً يفتح كتاباً في التفسير، فيطلع على معاني كلام الله، وتفسير بعض الآيات التي يحفظها.
ويوماً يطلع على كتاب في الفقه يتعلم
حكماً جديداً، أو يبحث في مسألة أشكلت عليه.
ويوماً يقرأ في التاريخ، وربما تناول بعض الأشرطة النافعة، فاستمع إلى كلام طيب لأحد العلماء قبل نومه.
ثم يدعو عبد الله بعد ذلك بدعاء النوم وينام.
أمضيت يوماً في طاعة الله يا عبد الله، فهنيئاً لك فأنت إن شاء الله من الصالحين الأخيار.
أقول قولي هذا...
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على...
أما بعد:
قبل عدة أيام دخل عبد الله لبيت من بيوت الله ليؤدي أحد الصلوات، وبعد ما صلى ما كتب الله له أن يصلي، تناولاً مصحفاً ليقرأ فيه قبل أن تقام الصلاة، ففتح المصحف وصار يقرأ بعض الآيات من سورة آل عمران، فقرأ قوله تعالى: (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)[آل عمران: 97].
فتحركت مشاعره لحج بيت الله الحرام، وعبد الله قد حج من قبل، وأدَّى فريضة الله، لكنه تذكر قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد".
فعزم عبد الله على أن يحج هذا العام.
ومازال في الوقت متسع، فهو الآن في منتصف شهر ذي القعدة، وهناك وقت كافٍ لترتيب الأمور، وتهيئة الأسباب، لقد تحركت مشاعر عبد الله، واشتاقت نفسه بالطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، تحركت مشاعر عبد الله، وصار يتخيل نفسه وهو يتنقل بين المشاعر، فتارةً واقف بعرفه، وتارةً واقف بمزدلفة، وتارةً يرمي الجمار، محيياً لسنة أبينا إبراهيم -عليه السلام- وسنة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
تذكَّرَ عبد الله التقصير الذي حصل منه طوال العام، تذكَّرَ عبد الله ما اقترفت جوارحه من المعاصي، فأراد أن يغسل هذا كله، وأن يقف بعرفه ثم ينفر مع الحجيج، عسى الله أن يجعله من المقبولين فيرجع كيوم ولدته أمه.
استخار عبد الله، وهذه الاستخارة لا تعود إلى الحج نفسه، فإنه خير لا شك فيه، وإنما تعود إلى الوقت والرفيق والراحلة.
سوف يبحث عبد الله عن رفقة صالحة طيبة ليخرج معهم في حج هذا العام.
فنسأل الله -جل وعلا- أن ييسر أمر عبد الله، وأمر كل من يريد الحج هذا العام، وأن لا يواجهوا الصعوبات والمشاكل، وإقفال الطرقات أمامهم، والتي واجهت وحصلت للبعض فيما مضى. وأن يتمكنوا من دخول عرفه إنه سميع مجيب.
قال الله تعالى: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)[الحـج: 27-30].
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من حجّ فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه"[رواه البخاري ومسلم].
أما والذي حج المحبون بيته * ولبسوا له عند المهل وأحرموا
وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعاً * لعزة من تعنو الوجوه وتُسلم
يهلون بالبيداء لبيك ربنا * لك الملك والحمد الذي أنت تعلم
دعاهم فلبوه رضاً ومحبة * فلما دعوه كان أقرب منهم
وراحوا إلى التعريف يرجون رحمة * ومغفرة ممن يجود ويُكرم
فلله ذاك الموقف الأعظم الذي * كموقف يوم العرض بل ذاك أعظم
ويدنو به الجبار جل جلاله * يباهي بهم أملاكه فهو أكرم
يقول عبادي قد أتوني محبة * وأنى بهم برٌ أجود وأرحم
فأشهدكم أني غفرت ذنوبهم * وأعطيتهم ما أملوه وأنعم
فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي * به يغفر الله الذنوب ويرحم
ويوماً يقرأ في التاريخ، وربما تناول بعض الأشرطة النافعة، فاستمع إلى كلام طيب لأحد العلماء قبل نومه.
ثم يدعو عبد الله بعد ذلك بدعاء النوم وينام.
أمضيت يوماً في طاعة الله يا عبد الله، فهنيئاً لك فأنت إن شاء الله من الصالحين الأخيار.
أقول قولي هذا...
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على...
أما بعد:
قبل عدة أيام دخل عبد الله لبيت من بيوت الله ليؤدي أحد الصلوات، وبعد ما صلى ما كتب الله له أن يصلي، تناولاً مصحفاً ليقرأ فيه قبل أن تقام الصلاة، ففتح المصحف وصار يقرأ بعض الآيات من سورة آل عمران، فقرأ قوله تعالى: (وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ)[آل عمران: 97].
فتحركت مشاعره لحج بيت الله الحرام، وعبد الله قد حج من قبل، وأدَّى فريضة الله، لكنه تذكر قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: "تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد".
فعزم عبد الله على أن يحج هذا العام.
ومازال في الوقت متسع، فهو الآن في منتصف شهر ذي القعدة، وهناك وقت كافٍ لترتيب الأمور، وتهيئة الأسباب، لقد تحركت مشاعر عبد الله، واشتاقت نفسه بالطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة، تحركت مشاعر عبد الله، وصار يتخيل نفسه وهو يتنقل بين المشاعر، فتارةً واقف بعرفه، وتارةً واقف بمزدلفة، وتارةً يرمي الجمار، محيياً لسنة أبينا إبراهيم -عليه السلام- وسنة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.
تذكَّرَ عبد الله التقصير الذي حصل منه طوال العام، تذكَّرَ عبد الله ما اقترفت جوارحه من المعاصي، فأراد أن يغسل هذا كله، وأن يقف بعرفه ثم ينفر مع الحجيج، عسى الله أن يجعله من المقبولين فيرجع كيوم ولدته أمه.
استخار عبد الله، وهذه الاستخارة لا تعود إلى الحج نفسه، فإنه خير لا شك فيه، وإنما تعود إلى الوقت والرفيق والراحلة.
سوف يبحث عبد الله عن رفقة صالحة طيبة ليخرج معهم في حج هذا العام.
فنسأل الله -جل وعلا- أن ييسر أمر عبد الله، وأمر كل من يريد الحج هذا العام، وأن لا يواجهوا الصعوبات والمشاكل، وإقفال الطرقات أمامهم، والتي واجهت وحصلت للبعض فيما مضى. وأن يتمكنوا من دخول عرفه إنه سميع مجيب.
قال الله تعالى: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ)[الحـج: 27-30].
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من حجّ فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه"[رواه البخاري ومسلم].
أما والذي حج المحبون بيته * ولبسوا له عند المهل وأحرموا
وقد كشفوا تلك الرؤوس تواضعاً * لعزة من تعنو الوجوه وتُسلم
يهلون بالبيداء لبيك ربنا * لك الملك والحمد الذي أنت تعلم
دعاهم فلبوه رضاً ومحبة * فلما دعوه كان أقرب منهم
وراحوا إلى التعريف يرجون رحمة * ومغفرة ممن يجود ويُكرم
فلله ذاك الموقف الأعظم الذي * كموقف يوم العرض بل ذاك أعظم
ويدنو به الجبار جل جلاله * يباهي بهم أملاكه فهو أكرم
يقول عبادي قد أتوني محبة * وأنى بهم برٌ أجود وأرحم
فأشهدكم أني غفرت ذنوبهم * وأعطيتهم ما أملوه وأنعم
فبشراكم يا أهل ذا الموقف الذي * به يغفر الله الذنوب ويرحم
واحة الداعية والخطيب
عنوان خطبة الجمعة
(يوم في بيت النبوة)
عناصر الخطبة:
1/ موقف عجيب في بيت النبوة 2/ أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في معيشته وحياته الدنيوية 3/ تأملات في حياة الصحابة 4/ كمال خُلق النبي صلى الله عليه وسلم، وحسن عشرته لأزواجه 5/ فضل عائشة ورفعة مكانة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
ففي يوم من أيام المدينة، العابقة بأنفاسه الشريفة -صلى الله عليه وسلم-دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ – رضي الله عنه-يَسْتَأْذِنُ يوماً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم-، فَوَجَدَ النَّاسَ جُلُوسًا بِبَابِهِ لَمْ يُؤْذَنْ لأَحَدٍ مِنْهُمْ، فلما استأذن أبو بكر أُذن له فَدَخَلَ.
ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ، فَوَجَدَ النبي -صلى الله عليه وسلم-جَالِسًا حَوْلَهُ نِسَاؤُهُ، وَاجِمًا سَاكِتًا بسبب الهَمُّ والكآبةُ التي غشته -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ عمر -رضي الله عنه-: "لأَقُولَنَّ شَيْئًا أُضْحِكُ النبي-صلى الله عليه وسلم-"!
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ رَأَيْتَ بِنْتَ خَارِجَةَ - وهي زوجة عمر - سَأَلَتْنِي النَّفَقَةَ! فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَوَجَأْتُ عُنُقَهَا -أي ضربتها-! فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ: «هُنَّ حَوْلِي - كَمَا تَرَى- يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ».
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَائِشَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، وَقَامَ عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، كِلاَهُمَا يَقُولُ: تَسْأَلْنَ رَسُولَ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم- مَا لَيْسَ عِنْدَهُ؟! فَقُلْنَ: وَاللَّهِ لاَ نَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا أَبَدًا لَيْسَ عِنْدَهُ.
ثُمَّ اعْتَزَلَهُنَّ شَهْرًا أَوْ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةُ:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ)[الأحزاب: 28]حَتَّى بَلَغَ(لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 29]، قَالَ: فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكَ أَمْرًا أُحِبُّ أَنْ لاَ تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَوَيْكِ»! قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَتَلاَ عَلَيْهَا الآيَةَ، قَالَتْ: أَفِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْتَشِيرُ أَبَوَيّ؟ بَلْ أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ لاَ تُخْبِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِكَ بِالَّذِى قُلْتُ! قَالَ: «لاَ تَسْأَلُنِي امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إِلاَّ أَخْبَرْتُهَا إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلاَ مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا» (هو في الصحيح من حديث جابر، وقد تصرفت في سياقته بما يناسب مقام الخطبة).
إخوة الإسلام:هذا الحديث يطل على بيت النبوة إطلالة تكشف البساطة في أشرف بيت عرفته الدنيا!
ومع علو شرف هذا البيت فلم يخصص بشيء من الأموال، ولا الهبات، بل هو يعيش كسائر الناس، وهذا من رفعة الله لدرجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولدرجات أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- فإنهن لما تشرفن بزواجهن منه، ظنن أن لهن مزية، ولما ضاق العيش بهن، واشتد عليهن الأمر، فسألن النفقة.
وكان من قدر الله أن يوافق هذا المشهد دخول أبي بكر وعمر–رضي الله عنهما-، وهو في هذه الحالة في الوجوم، كيف لا؟! ونفقة تسع نسوة ليست بالأمر الهين! وكثير من الناس تضيق يده عن نفقة زوجة أو زوجتين!
فأراد عمر - رضي الله عنه - أن يُذْهِبَ حُزْنَ النبي -صلى الله عليه وسلم-بموقف طريف، فذكر ما كان منه مع زوجته بنت خارجة، حينما سألت النفقة، ولم يكن عمر يدري ما سبب وجومه - وهذا من الموافقات الكثيرة لعمر -رضي الله عنه -!
فلما أخبره عليه الصلاة والسلام، قام هو وأبو بكر لابنتيهما لعتابهما، وذلك لحقهم عليهن فهما آباءٌ لهما.
إلى هنا ينتهي مشهد طلب النفقة، ويأتي اعتزالهن من أجل مراجعة أمرهن، والنظر في النفقة!
وقد يكون من أجل أن يستشير أحداً من خاصة أصحابه، أو من أجل انتظار الوحي - كل هذا محتمل -.
فاعتزلهن-صلى الله عليه وسلم- شهراً، ثم نزلت عليه الآية، فتلاها على عائشة أولاً؛ لما لها من الحب، وليتعزى بردها، فهي أصغر زوجاته، وأحبهن إلى قلبه.
وبالرغم من صغرها، فقد جاءت بذلك الجواب الحكيم، الذي يدل على كمال عقلها –رضي الله عنه-، فلم تفرِّط في صحبته، ولكمال غيرتها طلبت أن لا يخبر أزواجه بما قالت، فرد عليها أنه لن يخبرهن ابتداءً، ولكن من سألته فسيخبرها؛ لأن الله لم يبعثه معنتاً ولا متعنتاً، وهذا ليس سرّاً، فالقضية مشتركة بينهن.
إن هذا الموقف النبوي العظيم، ليحمل في طياته دروساً وعبراً عظيمة، نتوقف عند بعضها فحسب، فإن مقاماً كهذا لا يتسع لاستعراض جميع دروس هذا الموقف:
عنوان خطبة الجمعة
(يوم في بيت النبوة)
عناصر الخطبة:
1/ موقف عجيب في بيت النبوة 2/ أحوال النبي صلى الله عليه وسلم في معيشته وحياته الدنيوية 3/ تأملات في حياة الصحابة 4/ كمال خُلق النبي صلى الله عليه وسلم، وحسن عشرته لأزواجه 5/ فضل عائشة ورفعة مكانة أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
الخطبة الأولى:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
ففي يوم من أيام المدينة، العابقة بأنفاسه الشريفة -صلى الله عليه وسلم-دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ – رضي الله عنه-يَسْتَأْذِنُ يوماً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم-، فَوَجَدَ النَّاسَ جُلُوسًا بِبَابِهِ لَمْ يُؤْذَنْ لأَحَدٍ مِنْهُمْ، فلما استأذن أبو بكر أُذن له فَدَخَلَ.
ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ فَاسْتَأْذَنَ فَأُذِنَ لَهُ، فَوَجَدَ النبي -صلى الله عليه وسلم-جَالِسًا حَوْلَهُ نِسَاؤُهُ، وَاجِمًا سَاكِتًا بسبب الهَمُّ والكآبةُ التي غشته -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ عمر -رضي الله عنه-: "لأَقُولَنَّ شَيْئًا أُضْحِكُ النبي-صلى الله عليه وسلم-"!
فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَوْ رَأَيْتَ بِنْتَ خَارِجَةَ - وهي زوجة عمر - سَأَلَتْنِي النَّفَقَةَ! فَقُمْتُ إِلَيْهَا فَوَجَأْتُ عُنُقَهَا -أي ضربتها-! فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ: «هُنَّ حَوْلِي - كَمَا تَرَى- يَسْأَلْنَنِي النَّفَقَةَ».
فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَائِشَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، وَقَامَ عُمَرُ إِلَى حَفْصَةَ يَجَأُ عُنُقَهَا، كِلاَهُمَا يَقُولُ: تَسْأَلْنَ رَسُولَ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم- مَا لَيْسَ عِنْدَهُ؟! فَقُلْنَ: وَاللَّهِ لاَ نَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا أَبَدًا لَيْسَ عِنْدَهُ.
ثُمَّ اعْتَزَلَهُنَّ شَهْرًا أَوْ تِسْعًا وَعِشْرِينَ، ثُمَّ نَزَلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةُ:(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ)[الأحزاب: 28]حَتَّى بَلَغَ(لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 29]، قَالَ: فَبَدَأَ بِعَائِشَةَ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْرِضَ عَلَيْكَ أَمْرًا أُحِبُّ أَنْ لاَ تَعْجَلِي فِيهِ حَتَّى تَسْتَشِيرِي أَبَوَيْكِ»! قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَتَلاَ عَلَيْهَا الآيَةَ، قَالَتْ: أَفِيكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسْتَشِيرُ أَبَوَيّ؟ بَلْ أَخْتَارُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ لاَ تُخْبِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِكَ بِالَّذِى قُلْتُ! قَالَ: «لاَ تَسْأَلُنِي امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ إِلاَّ أَخْبَرْتُهَا إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْنِي مُعَنِّتًا وَلاَ مُتَعَنِّتًا، وَلَكِنْ بَعَثَنِي مُعَلِّمًا مُيَسِّرًا» (هو في الصحيح من حديث جابر، وقد تصرفت في سياقته بما يناسب مقام الخطبة).
إخوة الإسلام:هذا الحديث يطل على بيت النبوة إطلالة تكشف البساطة في أشرف بيت عرفته الدنيا!
ومع علو شرف هذا البيت فلم يخصص بشيء من الأموال، ولا الهبات، بل هو يعيش كسائر الناس، وهذا من رفعة الله لدرجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولدرجات أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- فإنهن لما تشرفن بزواجهن منه، ظنن أن لهن مزية، ولما ضاق العيش بهن، واشتد عليهن الأمر، فسألن النفقة.
وكان من قدر الله أن يوافق هذا المشهد دخول أبي بكر وعمر–رضي الله عنهما-، وهو في هذه الحالة في الوجوم، كيف لا؟! ونفقة تسع نسوة ليست بالأمر الهين! وكثير من الناس تضيق يده عن نفقة زوجة أو زوجتين!
فأراد عمر - رضي الله عنه - أن يُذْهِبَ حُزْنَ النبي -صلى الله عليه وسلم-بموقف طريف، فذكر ما كان منه مع زوجته بنت خارجة، حينما سألت النفقة، ولم يكن عمر يدري ما سبب وجومه - وهذا من الموافقات الكثيرة لعمر -رضي الله عنه -!
فلما أخبره عليه الصلاة والسلام، قام هو وأبو بكر لابنتيهما لعتابهما، وذلك لحقهم عليهن فهما آباءٌ لهما.
إلى هنا ينتهي مشهد طلب النفقة، ويأتي اعتزالهن من أجل مراجعة أمرهن، والنظر في النفقة!
وقد يكون من أجل أن يستشير أحداً من خاصة أصحابه، أو من أجل انتظار الوحي - كل هذا محتمل -.
فاعتزلهن-صلى الله عليه وسلم- شهراً، ثم نزلت عليه الآية، فتلاها على عائشة أولاً؛ لما لها من الحب، وليتعزى بردها، فهي أصغر زوجاته، وأحبهن إلى قلبه.
وبالرغم من صغرها، فقد جاءت بذلك الجواب الحكيم، الذي يدل على كمال عقلها –رضي الله عنه-، فلم تفرِّط في صحبته، ولكمال غيرتها طلبت أن لا يخبر أزواجه بما قالت، فرد عليها أنه لن يخبرهن ابتداءً، ولكن من سألته فسيخبرها؛ لأن الله لم يبعثه معنتاً ولا متعنتاً، وهذا ليس سرّاً، فالقضية مشتركة بينهن.
إن هذا الموقف النبوي العظيم، ليحمل في طياته دروساً وعبراً عظيمة، نتوقف عند بعضها فحسب، فإن مقاماً كهذا لا يتسع لاستعراض جميع دروس هذا الموقف:
1-إن هذا الحديث ليكشف لك بوضوح الحال التي كان عليها رسولنا -صلى الله عليه وسلم- في معيشته وحياته الدنيوية، وأنه كان يعيش كغيره من الناس, بل من أوساطهم، فلم يتميز عنهم بلباس ولا طعام ولا مركب؛ ولذلك لما دخل عليه عمر - رضي الله عنه - ووجده جالساً على الحصير، وقد أثَّر في جنبه الشريف -صلى الله عليه وسلم- تأثر، وقال له: يا رسول الله! كسرى وقيصر فيما هم فيه من النعيم، وأنت على حصير؟!
فصحح له الرسول-صلى الله عليه وسلم- هذه المعلومة، وهذا الفهم - الذي دافعه الحب والتوقير لرسول الله صلى الله عليه وسلم- وقال: يا عمر! أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟!
وهذا من أعظم الدروس، وهو أن لا يكون الإنسان ركوضاً وراء الدنيا، فإنها لو كانت نعيماً وكرامة لرضيها الله لرسوله-صلى الله عليه وسلم-،ولكنه ارتضى له الحياة الآخرة.
وعلى هذا الفهم سار أصحابه من بعده، فلم تكن الدنيا أكبر همهم، بل كانوا يرون أن ازدياد الدنيا وانفتاحها عليهم نوعاً من الاستدراج، وقصة عبدالرحمن بن عوف في هذا مشهورة، فإنه - رضي الله عنه - كان من أغنياء الصحابة، ولما جيء إليه بطعام - في يوم كان فيه صائماً - بكى! وقال: قتل مصعب بن عمير -وهو خير مني- ولم يجدوا له إلا كفناً إن غُطِّيت قدماه ظهر رأسه، وإن غُطِّي رأسه ظهرت قدماه، فبكى ولم يكمل طعامه.
وهذا دليل على حياة قلب المؤمن، فهو يخشى أن يكون ما فتح عليه من الدنيا استدراجاً، بعكس أكثر الناس، فإنهم يعتبرون هذا من كرامتهم على الله، وهذا من الجهل والغرور، ولو تأمل الإنسان لعرف أن زيادة النعم لو كانت علامة على الرضى مطلقاً، أو خيراً على كل حال لكان أولى الناس بها الأنبياء وأتباعهم بإحسان.
وأما الدرس الثاني الذي سندع باقي الحديث له.. فهوكمال خلقه -صلى الله عليه وسلم-، وحسن عشرته لأزواجه، فلم يعنفهن، أو يزجرهن، أو يستدعي آبائهن، ولم يُشِعْ ما حصل منهن، وإنما كان دخول الفاروق والصديق من قدر الله..
ولقد كان الموقف يتردد في حلقة نقاش حول موضوع النفقة، وفي ذلك تأصيل لمبدأ الحوار بين الزوجين، ولو أن الأزواج أحيوا الحوار والتفاهم؛ لحصل الخير وزالت كثير من المشاكل.
واسمعوا -أيها الإخوة- قول النبيلعمر عندما قال له: "لو رأيت ابنة زيد سألتني النفقة.. قالهن حولي يسألنني". ويكاد الإنسان يجزم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نطقها بنبرة هادئة:«هن حولي يسألنني النفقة»!! لأنهكان يضحك قبلها.. ولأنه كان هادئاً، ولأن المعالجة التي أتت بعد ذلك معالجة هادئة..
انظروا ابتداءً إلى سكوت النبي-صلى الله عليه وسلم-عن حقه وهو نبي، وهو صاحب رسالة، ولم يستدع أبا بكر ولا عمر، ولم يكن مجيئهما ليشتكي إليهما! بل جعل مجالاً للزوجة للتنفس ببعض طلباتها..
حتى طلباتها التي قد يظن الزوج أنها ليست مناسبة، فمن الأدب - في العلاقةالزوجية - بل من العقل أن يعطي الزوجة مجالاً لتتحدث لماذا؟ لكي يعرف الزوج طريقة تفكيرها، ومن خلال ذلك يستطيع أن يتجه إلى المعالجة..
إن ذوي القلوب القوية العنيفة في الحياة الزوجية لن يغلبوا نساءهم بتلك القلوب!
قد تسكن الزوجة أمام صاحب القلب العنيف والفض.. لكنها تعيش ألماً وضجيجاً، وقلقاً ينتشر على حياتك أيها الزوج، ومن ثَمَّ ينتقل أثره على أبنائك..
ولنعد إلى ذلك الموقف:ماذا قال حينماقال عمر قولته قال:هن حولي يسألنني النفقة؟!
ما قال النبي - بلغتنا التفكيرية المباشرة -:سألنني النفقة لكنما ضربتهن! حتى هذه العبارة ما قالها، إنما ذكر الجزء الأول: هن يسألنني النفقةفماذا فعل؟ وظّف أبا بكر وعمر؛ لأنهما أبوين لزوجتين عنده؛ ليقوما بإصلاح ذلك الوضع.. ثم حينما انطلقا ليضربا زوجتيه، قام النبي -صلى الله عليه وسلم، وهو المغلوب في تلك القصة - مدافعاً عنهما-صلى الله عليه وسلم-.
فتأملوا - أيها الأزواج -إلى هذا التصرف النبوي الذي يفيض خلقاً ورحمة، وتعظيماً للعلاقة الزوجية في، فلم تكن حاله التي كان عليها من الحزن، أو الكآبة لتهوّن من قداسة هذا الرباط في نفسه.. لا.. لا.. إنه رابط معظّم عنده في لحظة الغضب وفي لحظة الرضا.. ولهذا لما نطق نهى أبا بكر وعمر عن ضربهما.. لماذا؟ - مع أن أبا بكر وعمر أبوان - وللأب الحق أن يضرب ابنته ضرباً غير مبرح، ويوجهها.. لكن ماذا؟.
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يعالج القضية باحترام الزوجة، ولما علم -صلى الله عليه وسلم- أن الدرس قد بلغ إلى هذه الزوجة، فقد انتهى المقصود، ولا حاجة لمزيد من التأديب.
ولحديثنا بقية نفعني الله وإياكم بهدي كتابه...
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فلم تتوقف عجائب هذا الموقف النبوي:ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد لفت نظر حفصة –رضي الله عنها-، فكأنه يقول: انظري يا حفصة! يا ابنة عمر! انظري لما يفعل أبوك عمر بزوجته، وأنا النبيالأقوى من عمر ما فعلت بك كما فعل، ولا شيئاً من ذ
فصحح له الرسول-صلى الله عليه وسلم- هذه المعلومة، وهذا الفهم - الذي دافعه الحب والتوقير لرسول الله صلى الله عليه وسلم- وقال: يا عمر! أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟!
وهذا من أعظم الدروس، وهو أن لا يكون الإنسان ركوضاً وراء الدنيا، فإنها لو كانت نعيماً وكرامة لرضيها الله لرسوله-صلى الله عليه وسلم-،ولكنه ارتضى له الحياة الآخرة.
وعلى هذا الفهم سار أصحابه من بعده، فلم تكن الدنيا أكبر همهم، بل كانوا يرون أن ازدياد الدنيا وانفتاحها عليهم نوعاً من الاستدراج، وقصة عبدالرحمن بن عوف في هذا مشهورة، فإنه - رضي الله عنه - كان من أغنياء الصحابة، ولما جيء إليه بطعام - في يوم كان فيه صائماً - بكى! وقال: قتل مصعب بن عمير -وهو خير مني- ولم يجدوا له إلا كفناً إن غُطِّيت قدماه ظهر رأسه، وإن غُطِّي رأسه ظهرت قدماه، فبكى ولم يكمل طعامه.
وهذا دليل على حياة قلب المؤمن، فهو يخشى أن يكون ما فتح عليه من الدنيا استدراجاً، بعكس أكثر الناس، فإنهم يعتبرون هذا من كرامتهم على الله، وهذا من الجهل والغرور، ولو تأمل الإنسان لعرف أن زيادة النعم لو كانت علامة على الرضى مطلقاً، أو خيراً على كل حال لكان أولى الناس بها الأنبياء وأتباعهم بإحسان.
وأما الدرس الثاني الذي سندع باقي الحديث له.. فهوكمال خلقه -صلى الله عليه وسلم-، وحسن عشرته لأزواجه، فلم يعنفهن، أو يزجرهن، أو يستدعي آبائهن، ولم يُشِعْ ما حصل منهن، وإنما كان دخول الفاروق والصديق من قدر الله..
ولقد كان الموقف يتردد في حلقة نقاش حول موضوع النفقة، وفي ذلك تأصيل لمبدأ الحوار بين الزوجين، ولو أن الأزواج أحيوا الحوار والتفاهم؛ لحصل الخير وزالت كثير من المشاكل.
واسمعوا -أيها الإخوة- قول النبيلعمر عندما قال له: "لو رأيت ابنة زيد سألتني النفقة.. قالهن حولي يسألنني". ويكاد الإنسان يجزم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نطقها بنبرة هادئة:«هن حولي يسألنني النفقة»!! لأنهكان يضحك قبلها.. ولأنه كان هادئاً، ولأن المعالجة التي أتت بعد ذلك معالجة هادئة..
انظروا ابتداءً إلى سكوت النبي-صلى الله عليه وسلم-عن حقه وهو نبي، وهو صاحب رسالة، ولم يستدع أبا بكر ولا عمر، ولم يكن مجيئهما ليشتكي إليهما! بل جعل مجالاً للزوجة للتنفس ببعض طلباتها..
حتى طلباتها التي قد يظن الزوج أنها ليست مناسبة، فمن الأدب - في العلاقةالزوجية - بل من العقل أن يعطي الزوجة مجالاً لتتحدث لماذا؟ لكي يعرف الزوج طريقة تفكيرها، ومن خلال ذلك يستطيع أن يتجه إلى المعالجة..
إن ذوي القلوب القوية العنيفة في الحياة الزوجية لن يغلبوا نساءهم بتلك القلوب!
قد تسكن الزوجة أمام صاحب القلب العنيف والفض.. لكنها تعيش ألماً وضجيجاً، وقلقاً ينتشر على حياتك أيها الزوج، ومن ثَمَّ ينتقل أثره على أبنائك..
ولنعد إلى ذلك الموقف:ماذا قال حينماقال عمر قولته قال:هن حولي يسألنني النفقة؟!
ما قال النبي - بلغتنا التفكيرية المباشرة -:سألنني النفقة لكنما ضربتهن! حتى هذه العبارة ما قالها، إنما ذكر الجزء الأول: هن يسألنني النفقةفماذا فعل؟ وظّف أبا بكر وعمر؛ لأنهما أبوين لزوجتين عنده؛ ليقوما بإصلاح ذلك الوضع.. ثم حينما انطلقا ليضربا زوجتيه، قام النبي -صلى الله عليه وسلم، وهو المغلوب في تلك القصة - مدافعاً عنهما-صلى الله عليه وسلم-.
فتأملوا - أيها الأزواج -إلى هذا التصرف النبوي الذي يفيض خلقاً ورحمة، وتعظيماً للعلاقة الزوجية في، فلم تكن حاله التي كان عليها من الحزن، أو الكآبة لتهوّن من قداسة هذا الرباط في نفسه.. لا.. لا.. إنه رابط معظّم عنده في لحظة الغضب وفي لحظة الرضا.. ولهذا لما نطق نهى أبا بكر وعمر عن ضربهما.. لماذا؟ - مع أن أبا بكر وعمر أبوان - وللأب الحق أن يضرب ابنته ضرباً غير مبرح، ويوجهها.. لكن ماذا؟.
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يعالج القضية باحترام الزوجة، ولما علم -صلى الله عليه وسلم- أن الدرس قد بلغ إلى هذه الزوجة، فقد انتهى المقصود، ولا حاجة لمزيد من التأديب.
ولحديثنا بقية نفعني الله وإياكم بهدي كتابه...
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فلم تتوقف عجائب هذا الموقف النبوي:ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد لفت نظر حفصة –رضي الله عنها-، فكأنه يقول: انظري يا حفصة! يا ابنة عمر! انظري لما يفعل أبوك عمر بزوجته، وأنا النبيالأقوى من عمر ما فعلت بك كما فعل، ولا شيئاً من ذ
لك. وهذا في حق عمر الذي عرف بشدته وحزمه..
وأما أبو بكر - وهو الهادئ جدا - فلما كان المقام مقام دفاع عمن ملك حبه قلبه، حتى صار أحب إليه من والده وولد والناس أجمعين، فلم يتمالك نفسه، بل قام إلى ابنته، وأنّبها..
وهو إشارةٌ موجهةٌ إلى عائشة من زوجها -صلى الله عليه وسلم-، فكأنه يقول لها: انظري يا عائشة! هذا أبوك قام ليضربك، وأنا الزوج، وأنا المخول، وأنا المسئول عن نفقتك، وأنا النبي، ومع ذلك ما قلت شيئاً... وهنا.. لا تجد شيئاً أبلغ من أن تقول: صدق الله إذ يقول عن هذا النبي الكريم-صلى الله عليه وسلم-:(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[القلم: 4].
والعجيب أنك حينما تتحدث عن هذا الموقف النبوي الرائع، لعل زوجًا من الأزواج يستفيد منه في حياته، ربما يضحك، أو يبتسم ساخراً، وربما نطق وقال: وهل نساؤنا كعائشة؟! أو حفصة؟! وهنا ببساطة نقول: وهل أنت كأبي بكر وعمر، فضلاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟!
وربما سمعت ثانياً يقول:يا أخي أنا لو فعلت ذلك مع زوجتي مثل هذا الموقف فستتنمر عليَّ، وستتكبر! ولهؤلاء يقال: ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نُزع من شيء إلا شانه!
لقد وظّف النبي -صلى الله عليه وسلم-ذلك الموقف العجيب، ثم دافع عن زوجتيه–رضي الله عنهما-، ولذلك جاء ذلك الرد الانفعاليالجميل من جميع أزواجه -رضي الله عنهن أجمعين- بعدم سؤال النفقة، وقلن جميعاً: "بل نختار الله ورسوله والدار الآخرة"!
الله أكبر.. لماذا يا ترى؟!لأنهن تعلمن من ذلك الدرس الجميل الذي صوَّره النبي -صلى الله عليه وسلم-، ووظف الخليفتين –رضي الله عنهما- لكي يقوما بتلك الأدوار من حيث لا يشعرا، هو السببالذي جعل الزوجات يحترمن ذلك النبي العظيم -صلى الله عليه وسلم-، وهن يحترمنه من قبل لكنهن يحترمنه أكثر وأكثر، وقلن: "والله لا نسألك النفقة مرة أخرى".
وأما أبو بكر - وهو الهادئ جدا - فلما كان المقام مقام دفاع عمن ملك حبه قلبه، حتى صار أحب إليه من والده وولد والناس أجمعين، فلم يتمالك نفسه، بل قام إلى ابنته، وأنّبها..
وهو إشارةٌ موجهةٌ إلى عائشة من زوجها -صلى الله عليه وسلم-، فكأنه يقول لها: انظري يا عائشة! هذا أبوك قام ليضربك، وأنا الزوج، وأنا المخول، وأنا المسئول عن نفقتك، وأنا النبي، ومع ذلك ما قلت شيئاً... وهنا.. لا تجد شيئاً أبلغ من أن تقول: صدق الله إذ يقول عن هذا النبي الكريم-صلى الله عليه وسلم-:(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[القلم: 4].
والعجيب أنك حينما تتحدث عن هذا الموقف النبوي الرائع، لعل زوجًا من الأزواج يستفيد منه في حياته، ربما يضحك، أو يبتسم ساخراً، وربما نطق وقال: وهل نساؤنا كعائشة؟! أو حفصة؟! وهنا ببساطة نقول: وهل أنت كأبي بكر وعمر، فضلاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟!
وربما سمعت ثانياً يقول:يا أخي أنا لو فعلت ذلك مع زوجتي مثل هذا الموقف فستتنمر عليَّ، وستتكبر! ولهؤلاء يقال: ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نُزع من شيء إلا شانه!
لقد وظّف النبي -صلى الله عليه وسلم-ذلك الموقف العجيب، ثم دافع عن زوجتيه–رضي الله عنهما-، ولذلك جاء ذلك الرد الانفعاليالجميل من جميع أزواجه -رضي الله عنهن أجمعين- بعدم سؤال النفقة، وقلن جميعاً: "بل نختار الله ورسوله والدار الآخرة"!
الله أكبر.. لماذا يا ترى؟!لأنهن تعلمن من ذلك الدرس الجميل الذي صوَّره النبي -صلى الله عليه وسلم-، ووظف الخليفتين –رضي الله عنهما- لكي يقوما بتلك الأدوار من حيث لا يشعرا، هو السببالذي جعل الزوجات يحترمن ذلك النبي العظيم -صلى الله عليه وسلم-، وهن يحترمنه من قبل لكنهن يحترمنه أكثر وأكثر، وقلن: "والله لا نسألك النفقة مرة أخرى".
واحة الداعية والخطيب
عنوان الخطبة
(يونس عليه السلام)
عناصر الخطبة:
1/ قصة يونس عليه السلام 2/ العظات والعبر من قصة يونس عليه السلام
معاشر المسلمين: مع القصة والقصص، تهفو النفوس، وتُصغي الآذان، وتسترسل المشاعِر؛ ولذا تبوَّأتِ القصص مساحةً واسعة في آيات الذِّكْر الحكيم؛ (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ) [يوسف: 3]، (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الأعراف: 176].
وقصص القرآن -يا أهلَ القرآن- هي جزء من مواعظِ الفرقان، التي أمرَنا الله -جلا وعلا- أن نوردها القلوب؛ (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) [ق:45].
نقف -إخوة الإيمان- مع نبأٍ من أنباء الغيب، ومدرسةٍ من مدارس النبوة المصطفاة، مع قصَّة قصيرة في حلقاتها، مليئة بعظاتها؛ (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ)
نقف مع خبر الرسول الكريم، والرجل الصالِح ذي النون، صاحب الحوت، يونس ابن متى -عليه السلام- ارْتضاه ربُّه واجتباه، فخصه بالنبوة، وفوقها الرسالة؛ (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) [الصافات:139].
قال بعض العلماء: "لم يُنسبْ نبيٌّ إلى أمِّه إلا عيسى ابن مريم، ويونس ابن متى".
أرسله ربُّه -تعالى- إلى قرية نِينَوى، وهي مدينة بالعِراق، كانت عاصمةً للدولة الآشورية، ولها شهرتُها التاريخيَّة، وهي اليومَ أطلالٌ وآثار، تقع على الضفة اليُسرى لنهر دجْلة.
كان عددُ أهل هذه القرية مائة ألف أو يزيدون، عبدوا الأصنام، وتعلَّقوا بالأموات والخُرافات، فقام فيهم يونس -عليه السلام- مبلغًا رسالة ربه، ومجددًا لمعالِم التوحيد التي اندرستْ، رغَّبهم نوال ربهم إنْ تابوا ووحَّدوا، وأنذرهم عقابَه وبأسه إن كفروا وأشركوا، ولبث فيهم ناصحًا مصلحًا ما شاء الله له أن يلبث.
فما كان موقف قومه إلا الإعراضَ والجفاء، والصد والاستعصاء، ولشدَّة يقينه بدعوته، وعِظَم تشبُّعه بها؛ غضب على قومه وغاضبهم، فخَرج من ديارهم، وقد بَلَغ به الحنقُ منهم مبلغه؛ (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا)، فارَقَ يونسُ ابن متى قريتَه نينوى، قبل أن يُؤذنَ له من ربه.
والأصل: أنَّ كل نبي يمكث في مقر دعوته، حتى يؤذن له بالهجرة والمفارقة، فهذا نبيُّنا -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان يتشوَّف للهجرة، وكان أبو بكر يستأذنه في ذلك، فكان - عليه الصلاة والسلام- يقول له: "انتظر؛ فإني أنتظر أن يؤذن لي"، ثم أتى إلى أبي بكر بعدَ ذلك يبشِّره، ويقول له: "إني قد أذن لي بالهجرة".
استعجل يونس ابن متى -عليه السلام- الخروجَ من ديار قومه، وكان يظنُّ أن ربَّه لن يضيِّق عليه بسبب هذا الخروج؛ (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) [الأنبياء:87]
مضى العبد الصالح، ميمِّمًا وجهه شطر البحر، وهو لا يدري عن المصير الذي ينتظره، والبلاء الذي يتحيَّنه، وحين وَصَل شاطئ البحر، وَجَد سفينةً قد ضاقتْ بأهلها، فركب مع من ركب؛ (إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [الصافات:140]
أقلعتْ تلك السفينةُ المتواضعة بأمْر ربِّها، وسارتْ في عُرْض البحر، حتى إذا توسَّطت البحر، تلاطمتْ بها الأمواج، وتقاذفتْها الرِّياح، فاضطربت السفينة ومادتْ، ومالتْ براكبيها وماجتْ، وظنَّ أهلُ السفينة أنه قد أُحيط بهم، وتيقَّنوا أنهم على شفا مَهْلَكة ومتلَفة.
في هذه الحال المفجعة، والساعة المهولة، اجتمع أهلُ السفينة وتشاوروا، ثم قرَّروا: أنه لا بدَّ من التضحية ببعض أفراد السفينة، حتى يخفَّ الحمل عليها؛ لينجوَ من بقي بعد ذلك؛ فهلاك البعض أهون من هلاك الجميع.
واختاروا طريقة عادلة لمن سيكون ضحيةً في البحر، فوضعوا قرعةً بينهم، والكل يرجو ألاَّ يكون هو.
اقترعوا، وسقطت القرعة على النبيِّ الكريم، الذي خرج مغاضبًا، وظنَّ أن ربَّه لن يضيِّق عليه، فأُعيدت القرعة ثانية، فوقعتْ عليه، ثم أعيدت ثالثة، فكان هو صاحب القرعة؛ قال تعالى: (فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ)؛ أي: من المغلوبين في القرعة.
عندها، لم يكن بُدٌّ من إلقاء النبي الكريم وسطَ لجَّة البحر، وتقدَّم يونس بن متى إلى البحر الهائج، ليستقبل برُوحه هذا المصيرَ المجهول، واحتمالاتِ الهلاك المنتظَرة.
إنَّه مصير ليس له مخرج، إلا من يكشف السوء، ويُفرِّج الكرب -سبحانه وتعالى-، سقط العبد الصالح في وسط البحر، وقد تعالتْ أمواجُه، وأظلم ماؤه؛ من بُعْد قعره، فابتلعه البحر الهائج المائج، ولم ينتظر طويلاً حتى كان الابتلاع الآخر مِن حوت البحر؛ (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ)؛ أي: أتى فِعلاً يُلام عليه، وهو خروجه بغير إذنِ ربه.
الْتقم الحوت نبيَّ الله يونسَ، ومرَّ النبي الكريم بين فكي الحوت، ثم إلى جوفه، فكانتِ احتمالات الهلكة مضاعفةً متيقَّنة؛ فلا نور هناك ولا هواء، ولا طعام ولا ماء، إنها -وربِّي - كرباتٌ في كربات، وظلماتٌ في ظلمات.
هنا تذكَّر هذا النبيُّ الصالح أن له رب
عنوان الخطبة
(يونس عليه السلام)
عناصر الخطبة:
1/ قصة يونس عليه السلام 2/ العظات والعبر من قصة يونس عليه السلام
معاشر المسلمين: مع القصة والقصص، تهفو النفوس، وتُصغي الآذان، وتسترسل المشاعِر؛ ولذا تبوَّأتِ القصص مساحةً واسعة في آيات الذِّكْر الحكيم؛ (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ) [يوسف: 3]، (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الأعراف: 176].
وقصص القرآن -يا أهلَ القرآن- هي جزء من مواعظِ الفرقان، التي أمرَنا الله -جلا وعلا- أن نوردها القلوب؛ (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآَنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ) [ق:45].
نقف -إخوة الإيمان- مع نبأٍ من أنباء الغيب، ومدرسةٍ من مدارس النبوة المصطفاة، مع قصَّة قصيرة في حلقاتها، مليئة بعظاتها؛ (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ)
نقف مع خبر الرسول الكريم، والرجل الصالِح ذي النون، صاحب الحوت، يونس ابن متى -عليه السلام- ارْتضاه ربُّه واجتباه، فخصه بالنبوة، وفوقها الرسالة؛ (وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) [الصافات:139].
قال بعض العلماء: "لم يُنسبْ نبيٌّ إلى أمِّه إلا عيسى ابن مريم، ويونس ابن متى".
أرسله ربُّه -تعالى- إلى قرية نِينَوى، وهي مدينة بالعِراق، كانت عاصمةً للدولة الآشورية، ولها شهرتُها التاريخيَّة، وهي اليومَ أطلالٌ وآثار، تقع على الضفة اليُسرى لنهر دجْلة.
كان عددُ أهل هذه القرية مائة ألف أو يزيدون، عبدوا الأصنام، وتعلَّقوا بالأموات والخُرافات، فقام فيهم يونس -عليه السلام- مبلغًا رسالة ربه، ومجددًا لمعالِم التوحيد التي اندرستْ، رغَّبهم نوال ربهم إنْ تابوا ووحَّدوا، وأنذرهم عقابَه وبأسه إن كفروا وأشركوا، ولبث فيهم ناصحًا مصلحًا ما شاء الله له أن يلبث.
فما كان موقف قومه إلا الإعراضَ والجفاء، والصد والاستعصاء، ولشدَّة يقينه بدعوته، وعِظَم تشبُّعه بها؛ غضب على قومه وغاضبهم، فخَرج من ديارهم، وقد بَلَغ به الحنقُ منهم مبلغه؛ (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا)، فارَقَ يونسُ ابن متى قريتَه نينوى، قبل أن يُؤذنَ له من ربه.
والأصل: أنَّ كل نبي يمكث في مقر دعوته، حتى يؤذن له بالهجرة والمفارقة، فهذا نبيُّنا -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان يتشوَّف للهجرة، وكان أبو بكر يستأذنه في ذلك، فكان - عليه الصلاة والسلام- يقول له: "انتظر؛ فإني أنتظر أن يؤذن لي"، ثم أتى إلى أبي بكر بعدَ ذلك يبشِّره، ويقول له: "إني قد أذن لي بالهجرة".
استعجل يونس ابن متى -عليه السلام- الخروجَ من ديار قومه، وكان يظنُّ أن ربَّه لن يضيِّق عليه بسبب هذا الخروج؛ (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) [الأنبياء:87]
مضى العبد الصالح، ميمِّمًا وجهه شطر البحر، وهو لا يدري عن المصير الذي ينتظره، والبلاء الذي يتحيَّنه، وحين وَصَل شاطئ البحر، وَجَد سفينةً قد ضاقتْ بأهلها، فركب مع من ركب؛ (إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ) [الصافات:140]
أقلعتْ تلك السفينةُ المتواضعة بأمْر ربِّها، وسارتْ في عُرْض البحر، حتى إذا توسَّطت البحر، تلاطمتْ بها الأمواج، وتقاذفتْها الرِّياح، فاضطربت السفينة ومادتْ، ومالتْ براكبيها وماجتْ، وظنَّ أهلُ السفينة أنه قد أُحيط بهم، وتيقَّنوا أنهم على شفا مَهْلَكة ومتلَفة.
في هذه الحال المفجعة، والساعة المهولة، اجتمع أهلُ السفينة وتشاوروا، ثم قرَّروا: أنه لا بدَّ من التضحية ببعض أفراد السفينة، حتى يخفَّ الحمل عليها؛ لينجوَ من بقي بعد ذلك؛ فهلاك البعض أهون من هلاك الجميع.
واختاروا طريقة عادلة لمن سيكون ضحيةً في البحر، فوضعوا قرعةً بينهم، والكل يرجو ألاَّ يكون هو.
اقترعوا، وسقطت القرعة على النبيِّ الكريم، الذي خرج مغاضبًا، وظنَّ أن ربَّه لن يضيِّق عليه، فأُعيدت القرعة ثانية، فوقعتْ عليه، ثم أعيدت ثالثة، فكان هو صاحب القرعة؛ قال تعالى: (فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ)؛ أي: من المغلوبين في القرعة.
عندها، لم يكن بُدٌّ من إلقاء النبي الكريم وسطَ لجَّة البحر، وتقدَّم يونس بن متى إلى البحر الهائج، ليستقبل برُوحه هذا المصيرَ المجهول، واحتمالاتِ الهلاك المنتظَرة.
إنَّه مصير ليس له مخرج، إلا من يكشف السوء، ويُفرِّج الكرب -سبحانه وتعالى-، سقط العبد الصالح في وسط البحر، وقد تعالتْ أمواجُه، وأظلم ماؤه؛ من بُعْد قعره، فابتلعه البحر الهائج المائج، ولم ينتظر طويلاً حتى كان الابتلاع الآخر مِن حوت البحر؛ (فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ)؛ أي: أتى فِعلاً يُلام عليه، وهو خروجه بغير إذنِ ربه.
الْتقم الحوت نبيَّ الله يونسَ، ومرَّ النبي الكريم بين فكي الحوت، ثم إلى جوفه، فكانتِ احتمالات الهلكة مضاعفةً متيقَّنة؛ فلا نور هناك ولا هواء، ولا طعام ولا ماء، إنها -وربِّي - كرباتٌ في كربات، وظلماتٌ في ظلمات.
هنا تذكَّر هذا النبيُّ الصالح أن له رب
ًّا يسمع النداء، ويغيث الكرب، فهتف واستغاث بكلمات مِن قلبه قبل لسانه؛ إذ نادى وهو مكظوم، ردَّد -عليه الصلاة والسلام-: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء:87]
إنها كلمة التوحيد والعبودية، والتعظيم والاعتراف؛ لا إله إلا أنت، إفراد وإقرار بالعبودية للواحد القهار؛ فهو -سبحانه- الملِك الحق، لا ربَّ غيرُه، ولا معبود سواه، فأعظم ما يُنادي به العبدُ ربَّه، ويتقرَّب إلى بابه، اعتقادُه واعترافه باستحقاق العبودية لله -سبحانه-.
ثم نزَّه العبدُ الصالِح ربَّه، وعظَّمه وقدَّسه، فقال: (سبحانك)، ثم تواضع لربه، واعترف بخطئه وتقصيره واستعجاله: (إني كنت من الظالمين)، فاجتمعت في هذه الكلمة المختصَرة أسبابُ إجابة الدعاء؛ قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)، فإنه لم يَدْعُ بها رجل مسلِم في شيء قط إلا استجاب الله له"؛ رواه الإمام أحمد والترمذي وصحَّحه الألباني.
وبعدَ زفرات التعظيم، ولهجات الاعتراف، والجأر بالدُّعاء والشكاية، كانتْ معية الله، ورحمة الله مع عبْده المكروب الملهوف.
فهذا النِّداء في جوف البحار، سَمِعَه مَن وَسِعَ سمعُه الأصوات، وهذه الحال المكروبة، رآها عالِمُ الخفيات، يعلم ما في البر وما في البحر، وما تسقط مِن ورقة إلا يعلمها، ولا حبَّة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين.
هنا، وبأمرٍ من الله -جل جلالُه- الذي يدبِّر الكون بيْن الكاف والنون، توقَّفتْ عواملُ الهلاك لنبي الله -تعالى-؛ فشاء الله -تعالى- أن يعيشَ يونس بن متى في بطن الحوت، كما يعيش الجنين في رَحِم أمه.
ومكث يونس -عليه السلام- أمدًا في هذا المكان المظلِم، فقيل: مكث في بطن الحوت أربعين يومًا، وقيل: عشرين يومًا، وقيل: ثلاثة أيام، وقيل: الْتقمه الحوت ضحًى، ولفظه عشاءً، وكلها أقوال واجتهادات لا يعضدها نصٌّ صحيح، لكن -والعلم عند الله- أنَّه مكث في بطن الحوت مدة ليست بالقصيرة، بدليل تغيُّر جسمِه وبدنه، حين خرج من بطن الحوت.
بقي الرجل الصالح في كربته يسبّح ويناجي ويدْعو، فأدركتْه نعمةٌ من ربِّه ورحمة، فلفظه الحوت في مكان قفْرٍ خالٍ من الأشجار؛ (لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ) [القلم:49]
خرج يونس ابن متى من بطن الحوت يلهج بالحمد والثناء، قد كَتَبَ الله له حياةً جديدة، خرَج من بطن الحوت، وحالُه غير الحال التي دخل عليها، خرَج وقد اعتلَّت صحتُه، وتغيَّر بدنه، ورقَّ جلده؛ (فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) [الصافات:145]
قال ابن مسعود: "خرج كهيئة الفَرْخ، ليس عليه ريش، ثم توالتْ نِعمُ الله ولطفُه على عبده، فأنبَتَ الله عندَه شجرةً من يقطين، شجرة القَرْع، فكان ورقُ تلك الشجرة غطاءً ناعمًا يظلل جسمَه، ويَقيه حرَّ الشمس، وجفافَ الهواء".
حتى إذا رجعتْ إليه صحتُه، وعادتْ له عافيته، رجع إلى قومه الذين تركهم مغاضبًا لهم، وعاد يتمِّم مهمَّتَه الأولى، فدعاهم ودعاهم، فآمنوا كلُّهم أجمعون، فكانتْ عودته ودعوته بركةً عليهم ونجاة لهم، وكان أهل نينوى هم الأمَّةَ الوحيدة من أمم الأرض التي آمنتْ بنبيِّها دون أن يتخلَّف أحد منها؛ (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ) [الصافات: 147-148].
وكان إيمانهم ذاك سببًا في كشف العذاب عنهم؛ (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ) [يونس: 98].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدِّين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا إخوة الإيمان: وفي نبأ يونس -عليه السلام- وخبره عِبرٌ وعظات، ودروس ووقفات، منها: أن السر في نجاة يونس -عليه السلام- وكشف غمّته قد جاء مبينًا مزبورًا في القرآن: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [الصافات:143-144].
والتسبيح هنا ليس حالَ كونه في بطن الحوت فقط؛ وإنما هو حكاية عن حال يونس -عليه السلام- الدائِمة، فحياتُه كلها كانت تسبيحًا وطاعة وعبادة، فلمَّا سبَّح في بطن الحوت، كان تسبيحه في هذا المكان امتدادًا لتسبيحه في حياته السابقة.
ومِن عِبر القصة -أيضًا-: أنَّ الأعمال الصالحات في أيام الرَّخاء تُرافِق العبدَ في شدته، وتكون سببًا بعون الله في إزالة كربته، ورفْع محنته، ومِصداقُ ذلك قول النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لابن عباس: "تعرَّف إلى الله في الرخاء، يعرفْك في الشدة"؛ رواه الترمذي.
فيونس -عليه السلام- عرَف ربَّه في رخائه،
إنها كلمة التوحيد والعبودية، والتعظيم والاعتراف؛ لا إله إلا أنت، إفراد وإقرار بالعبودية للواحد القهار؛ فهو -سبحانه- الملِك الحق، لا ربَّ غيرُه، ولا معبود سواه، فأعظم ما يُنادي به العبدُ ربَّه، ويتقرَّب إلى بابه، اعتقادُه واعترافه باستحقاق العبودية لله -سبحانه-.
ثم نزَّه العبدُ الصالِح ربَّه، وعظَّمه وقدَّسه، فقال: (سبحانك)، ثم تواضع لربه، واعترف بخطئه وتقصيره واستعجاله: (إني كنت من الظالمين)، فاجتمعت في هذه الكلمة المختصَرة أسبابُ إجابة الدعاء؛ قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: "دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)، فإنه لم يَدْعُ بها رجل مسلِم في شيء قط إلا استجاب الله له"؛ رواه الإمام أحمد والترمذي وصحَّحه الألباني.
وبعدَ زفرات التعظيم، ولهجات الاعتراف، والجأر بالدُّعاء والشكاية، كانتْ معية الله، ورحمة الله مع عبْده المكروب الملهوف.
فهذا النِّداء في جوف البحار، سَمِعَه مَن وَسِعَ سمعُه الأصوات، وهذه الحال المكروبة، رآها عالِمُ الخفيات، يعلم ما في البر وما في البحر، وما تسقط مِن ورقة إلا يعلمها، ولا حبَّة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين.
هنا، وبأمرٍ من الله -جل جلالُه- الذي يدبِّر الكون بيْن الكاف والنون، توقَّفتْ عواملُ الهلاك لنبي الله -تعالى-؛ فشاء الله -تعالى- أن يعيشَ يونس بن متى في بطن الحوت، كما يعيش الجنين في رَحِم أمه.
ومكث يونس -عليه السلام- أمدًا في هذا المكان المظلِم، فقيل: مكث في بطن الحوت أربعين يومًا، وقيل: عشرين يومًا، وقيل: ثلاثة أيام، وقيل: الْتقمه الحوت ضحًى، ولفظه عشاءً، وكلها أقوال واجتهادات لا يعضدها نصٌّ صحيح، لكن -والعلم عند الله- أنَّه مكث في بطن الحوت مدة ليست بالقصيرة، بدليل تغيُّر جسمِه وبدنه، حين خرج من بطن الحوت.
بقي الرجل الصالح في كربته يسبّح ويناجي ويدْعو، فأدركتْه نعمةٌ من ربِّه ورحمة، فلفظه الحوت في مكان قفْرٍ خالٍ من الأشجار؛ (لَوْلَا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ) [القلم:49]
خرج يونس ابن متى من بطن الحوت يلهج بالحمد والثناء، قد كَتَبَ الله له حياةً جديدة، خرَج من بطن الحوت، وحالُه غير الحال التي دخل عليها، خرَج وقد اعتلَّت صحتُه، وتغيَّر بدنه، ورقَّ جلده؛ (فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ) [الصافات:145]
قال ابن مسعود: "خرج كهيئة الفَرْخ، ليس عليه ريش، ثم توالتْ نِعمُ الله ولطفُه على عبده، فأنبَتَ الله عندَه شجرةً من يقطين، شجرة القَرْع، فكان ورقُ تلك الشجرة غطاءً ناعمًا يظلل جسمَه، ويَقيه حرَّ الشمس، وجفافَ الهواء".
حتى إذا رجعتْ إليه صحتُه، وعادتْ له عافيته، رجع إلى قومه الذين تركهم مغاضبًا لهم، وعاد يتمِّم مهمَّتَه الأولى، فدعاهم ودعاهم، فآمنوا كلُّهم أجمعون، فكانتْ عودته ودعوته بركةً عليهم ونجاة لهم، وكان أهل نينوى هم الأمَّةَ الوحيدة من أمم الأرض التي آمنتْ بنبيِّها دون أن يتخلَّف أحد منها؛ (وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ) [الصافات: 147-148].
وكان إيمانهم ذاك سببًا في كشف العذاب عنهم؛ (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ) [يونس: 98].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدِّين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيا إخوة الإيمان: وفي نبأ يونس -عليه السلام- وخبره عِبرٌ وعظات، ودروس ووقفات، منها: أن السر في نجاة يونس -عليه السلام- وكشف غمّته قد جاء مبينًا مزبورًا في القرآن: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) [الصافات:143-144].
والتسبيح هنا ليس حالَ كونه في بطن الحوت فقط؛ وإنما هو حكاية عن حال يونس -عليه السلام- الدائِمة، فحياتُه كلها كانت تسبيحًا وطاعة وعبادة، فلمَّا سبَّح في بطن الحوت، كان تسبيحه في هذا المكان امتدادًا لتسبيحه في حياته السابقة.
ومِن عِبر القصة -أيضًا-: أنَّ الأعمال الصالحات في أيام الرَّخاء تُرافِق العبدَ في شدته، وتكون سببًا بعون الله في إزالة كربته، ورفْع محنته، ومِصداقُ ذلك قول النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لابن عباس: "تعرَّف إلى الله في الرخاء، يعرفْك في الشدة"؛ رواه الترمذي.
فيونس -عليه السلام- عرَف ربَّه في رخائه،
فعرفه ربُّه في شدته حين دعاه، وفي المقابل، عرَف فرعون ربَّه ودعاه في كربته عندما أدركه الغَرَق، فماذا كان الجواب؟ نَزَل جبرائيل -عليه السلام- سريعًا، لا لينقذَه؛ وإنما ليأخذَ من وحْل البحر ترابًا، ليدسَّه في فم فرعون؛ خشيةَ أن تدركه رحمةُ أرحم الراحمين.
ومن دروس القصة -أيضًا-: أن الإيمان مخرجٌ من الفتن، وسبب للنجاة من البلاء والمحن؛ فقد نجَّى الله عبدَه يونسَ مِن كرباته، ثم وعد فقال: (وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 88]، وحين آمن قوم يونس، كان ذاك الإيمان دافعًا عنهم سوءَ العذاب المنتظر؛ (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).
ومن فوائد القصة -أيضًا-: أهمية عبادة التسبيح، وأنها سببٌ لدفع الهمّ، واستدفاع الغَمّ، هذا ما نَطَق به الذِّكر الحكيم: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) [الحجر:97-98]، (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) [طه:130].
وفي قصة يونس -عليه السلام- رسالةٌ لكل داعية ومربٍّ، ومصلِح وأب، ألا ييْئَسَ ولا يضيق مِن دعوته وتوجيهاته؛ فهذا يونس -عليه السلام- غاضَبَ قومَه حين جفوا دعوته، ثم عاد إليهم مرَّةً ثانية، وواصل مشروعه الأول، فكان نتيجته: آمن قومه أجمعون.
وفي هذا دلالة وإشارة أنَّ الدعوة والنصيحة والتوجيه ليستْ جولةً واحدة؛ بل هي جولة وجولات، فقد لا يكون للكلمة المشفِقة أثرٌ في مهدها، ولكن مع الصِّدق والصبر، يفتح الله -تعالى- للكلمات الناصحة مغاليقَ القلوب.
وفي دروس القصة -أيضًا-: أنَّ الصبر على البلاء ممَّا يَزيد العبدَ رفعةً عند ربِّه، ومقدارًا بين خلقه، فهذا يونس -عليه السلام- رفَع الله ذِكرَه بعد أن ابتلاه، فالتفَّ عليه قومه وآمنوا به، وصدَّقوا دعوته، وساروا على شريعته، وكثرةُ أتباع الأنبياء من جملة فضائلهم.
وفي قصَّة يونس -عليه السلام-: دليلٌ على القاعدة الأصولية المشهورة، وهي: ارتكاب أخف الضررين لدفْع أعلاهما، فإلقاء بعض أفراد السفينة، وإن كان فيه ضررٌ متحقِّق، إلا أنَّ فيه دفعًا لضرر أعلى، وهو هلاكهم جميعًا.
تلك -عبادَ الله- قصة وخبر النبي الكريم، والرجل الصالح، يونس ابن متى، وشيء من عِبَرها وإشاراتها، نسأل الله -تعالى- أن يسلكَ بنا سبيل أنبيائه، وأن يحشرنا في زمرتهم، ويجعلنا من أهل الاقتداء بهم.
صلوا بعد ذلك على أكرم المرسلين، وخير العالمين، النبي الأمين، كما أمركم ربُّكم - تعالى- فقال في كتابه المبين: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
ومن دروس القصة -أيضًا-: أن الإيمان مخرجٌ من الفتن، وسبب للنجاة من البلاء والمحن؛ فقد نجَّى الله عبدَه يونسَ مِن كرباته، ثم وعد فقال: (وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 88]، وحين آمن قوم يونس، كان ذاك الإيمان دافعًا عنهم سوءَ العذاب المنتظر؛ (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا).
ومن فوائد القصة -أيضًا-: أهمية عبادة التسبيح، وأنها سببٌ لدفع الهمّ، واستدفاع الغَمّ، هذا ما نَطَق به الذِّكر الحكيم: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ) [الحجر:97-98]، (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) [طه:130].
وفي قصة يونس -عليه السلام- رسالةٌ لكل داعية ومربٍّ، ومصلِح وأب، ألا ييْئَسَ ولا يضيق مِن دعوته وتوجيهاته؛ فهذا يونس -عليه السلام- غاضَبَ قومَه حين جفوا دعوته، ثم عاد إليهم مرَّةً ثانية، وواصل مشروعه الأول، فكان نتيجته: آمن قومه أجمعون.
وفي هذا دلالة وإشارة أنَّ الدعوة والنصيحة والتوجيه ليستْ جولةً واحدة؛ بل هي جولة وجولات، فقد لا يكون للكلمة المشفِقة أثرٌ في مهدها، ولكن مع الصِّدق والصبر، يفتح الله -تعالى- للكلمات الناصحة مغاليقَ القلوب.
وفي دروس القصة -أيضًا-: أنَّ الصبر على البلاء ممَّا يَزيد العبدَ رفعةً عند ربِّه، ومقدارًا بين خلقه، فهذا يونس -عليه السلام- رفَع الله ذِكرَه بعد أن ابتلاه، فالتفَّ عليه قومه وآمنوا به، وصدَّقوا دعوته، وساروا على شريعته، وكثرةُ أتباع الأنبياء من جملة فضائلهم.
وفي قصَّة يونس -عليه السلام-: دليلٌ على القاعدة الأصولية المشهورة، وهي: ارتكاب أخف الضررين لدفْع أعلاهما، فإلقاء بعض أفراد السفينة، وإن كان فيه ضررٌ متحقِّق، إلا أنَّ فيه دفعًا لضرر أعلى، وهو هلاكهم جميعًا.
تلك -عبادَ الله- قصة وخبر النبي الكريم، والرجل الصالح، يونس ابن متى، وشيء من عِبَرها وإشاراتها، نسأل الله -تعالى- أن يسلكَ بنا سبيل أنبيائه، وأن يحشرنا في زمرتهم، ويجعلنا من أهل الاقتداء بهم.
صلوا بعد ذلك على أكرم المرسلين، وخير العالمين، النبي الأمين، كما أمركم ربُّكم - تعالى- فقال في كتابه المبين: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
*□ واحة الداعية والخطيب (اختيار_الجليس_الصالح)
۩ العلاَّمة :-
#محمد_بن_عبدالله_السبيل رحمه الله┉┈
الخطبة الأولــــــــــــــى💫
الحمد لله الهادي إلى طريق السلامة،
مَنَّ على من شاء من عباده فوفقهم للاستقامة،
أحمده سبحانه وأشكره على فضله وإحسانه،
*وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له*،
*وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله* المصطفى المختار، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه الأخيار.
_أَمَّـــا بَعْــــدُ:_
فيا عباد الله: اتقوا الله ربكم، وأخلصوا له العبادة، واستقيموا في جميع أحوالكم،
واحذروا الأسباب الموجبة لسخطه وأليم عقابه،
وابتعدوا عن كل مايصدكم عن الله خالقكم وبارئكم،
وعن مايصدكم عن طريق الوصول إلى مرضاته،
فإن الشواغل والقواطع كثيرة في كل مكان، لكنها في هذا الزمان أكثر،
فقد تنوعت المغريات وتفننت الملهيات، وكثر الصادون عن سبيل الحق والرشاد؛ الداعون إلى سبيل البغي والفساد.
إن دعاة السوء قد أجلبوا بخيلهم ورجلهم على كثير من الناس، فصدوهم عن طريق الهدى، وانحرف الكثيرون عن جادة الصواب بسبب دعاة السوء؛
دعاة اللهو والفجور؛
دعاة الانحلال والشهوات،
دعاة الانحراف والشبهات،
أتباع كل ناعق، وأعوان كل منافق.
وإن من أضر مايكون على العبد جلساء السوء،
لاسيما على الناشئة وعلى الشباب الذين لم يتحصنوا بالعلم النافع، العلم الموروث عن سيد البشر ﷺ،
ولم يعرفوا حقيقة مايهدف إليه أعداؤهم، أعداء الدين، أعداء الأخلاق الفاضلة والصفات العالية،
فهم يحاولون دوما اختطاف شباب الإسلام، وصدهم عن التمسك بعقيدتهم، ودينهم، وأخلاقهم؛ ليهبطوا بهم إلى درجة الحيوان، أو إلى ماهو دون الحيوان منزلة: *{إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}*[الفرقان: 44].
ولقد حذركم الناصح الأمين، نبيكم الكريم ﷺ من هؤلاء وأمثالهم غاية التحذير،
وضرب لنا الأمثال بأبلغ عبارة، وأوضح إشارة، بكلام وجيز واضح، وبتشبيه دقيق بين، حذر فيه من جلساء السوء الذين هم أعداء الأخلاق والاستقامة،
شبههم بشيء محسوس يفهمه كل أحد من متعلم أو غير متعلم،
وقسم ﷺ الجلساء إلى قسمين:
👍🏻صالح: يستفاد منه ومن مجالسته كل خير بالدعوة إلى الفضيلة والاتصاف بها.
👎🏻وجليس سوء: يكسب جليسه كل شر الدعوة إلى الرذيلة والاتصاف بها.
- فقد جاء في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي تلله عنه قال: قال ﷺ: *((مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير؛*
*فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة.*
*ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة))*.
فلقد أرشدنا وهو الحكيم الناصح الأمين ﷺ في هذا الحديث: إلى الحرص على اختيار الجليس الصالح، والتحذير من جليس السوء.
وأخبر عليه أفضل الصلاة والسلام:
● أن الجليس الصالح: لاتعدم منه خيرا بقوله وفعله وإرشاده وتوجيهه؛ فهو يدعوك إلى فعل الخير والإحسان، ويرغبك فيه، ويحثك عليه، ويحسنه لك، ويفعله هو، فيرغبك في فعله، وفي قوله، والفعل أبلغ من القول، فبذلك تكتسب من صفاته الحميدة، ويكون لك سمعة طيبة بمجالسة من هذه صفته.
● وأما جليس السوء: الذي وصفه رسول اللهﷺ بأنه كنافخ الكير؛ إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة فهذا مثل جليس السوء ومايصيب جليسه من شره؛ من إحراقه لصاحبه بشؤم الذنوب والمعاصي، ونتن رائحتها وتدنيس عرض جليسه.
فيكون عرضه وسخا بين الناس يتحاشون من قربه، ويبتعدون عنه، ولا يرغبون مجالسته، ولا الاجتماع به، كراهية له، وتقذرًا منه، وخوفا من أن يدنس أعراضهم، فمضرة جليس السوء تتعداه إلى غيره، وتحصل منه العدوى كما حصلت له من جليسه. وكم هلك بسبب جليس السوء من أقوام كانوا قبل ذلك مستقيمين في أعمالهم، قادهم جلساؤهم إلى المهالك من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون.
☆ وإن من أعظم نعم الله على العبد: أن يوفقه الله لصحبة الأخيار.
☆ ومن عقوبة الله لعبده: أن يبتله بصحبة الأشرار، فصحبة الأشرار تقذفه في أسفل السافلين.
■ وعلامة الجليس الصالح:
- استقامته على طاعة مولاه،
ومحافظته على مافرض الله عليه،
- واتصافه بمكارم الأخلاق،
- وكف شره عن الناس،
- وابتعاده عن المعاصي.
■ وعلامة جليس السوء:
- استخفافه بالواجبات الدينية،
- وارتكابه ماحرم الله عليه،
- وتعرضه لعباد الله وأذيته لهم بلسانه ويده.
💡فاحذروهم، وحذروا من تحت أيديكم منهم.
عباد الله: إن أصدق النصائح، وأبلغ المواعظ، ماذكره ربنا في محكم كتابه،
فقد حذرنا - سبحانه - من جلساء السوء ومعاشرتهم وصحبتهم،
وأبان لنا سوء عاقبة ذلك بقوله - تعالى -: *{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا}*[الفرقان: 27 - 29].
نفعني الله وإي
۩ العلاَّمة :-
#محمد_بن_عبدالله_السبيل رحمه الله┉┈
الخطبة الأولــــــــــــــى💫
الحمد لله الهادي إلى طريق السلامة،
مَنَّ على من شاء من عباده فوفقهم للاستقامة،
أحمده سبحانه وأشكره على فضله وإحسانه،
*وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له*،
*وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله* المصطفى المختار، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه الأخيار.
_أَمَّـــا بَعْــــدُ:_
فيا عباد الله: اتقوا الله ربكم، وأخلصوا له العبادة، واستقيموا في جميع أحوالكم،
واحذروا الأسباب الموجبة لسخطه وأليم عقابه،
وابتعدوا عن كل مايصدكم عن الله خالقكم وبارئكم،
وعن مايصدكم عن طريق الوصول إلى مرضاته،
فإن الشواغل والقواطع كثيرة في كل مكان، لكنها في هذا الزمان أكثر،
فقد تنوعت المغريات وتفننت الملهيات، وكثر الصادون عن سبيل الحق والرشاد؛ الداعون إلى سبيل البغي والفساد.
إن دعاة السوء قد أجلبوا بخيلهم ورجلهم على كثير من الناس، فصدوهم عن طريق الهدى، وانحرف الكثيرون عن جادة الصواب بسبب دعاة السوء؛
دعاة اللهو والفجور؛
دعاة الانحلال والشهوات،
دعاة الانحراف والشبهات،
أتباع كل ناعق، وأعوان كل منافق.
وإن من أضر مايكون على العبد جلساء السوء،
لاسيما على الناشئة وعلى الشباب الذين لم يتحصنوا بالعلم النافع، العلم الموروث عن سيد البشر ﷺ،
ولم يعرفوا حقيقة مايهدف إليه أعداؤهم، أعداء الدين، أعداء الأخلاق الفاضلة والصفات العالية،
فهم يحاولون دوما اختطاف شباب الإسلام، وصدهم عن التمسك بعقيدتهم، ودينهم، وأخلاقهم؛ ليهبطوا بهم إلى درجة الحيوان، أو إلى ماهو دون الحيوان منزلة: *{إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}*[الفرقان: 44].
ولقد حذركم الناصح الأمين، نبيكم الكريم ﷺ من هؤلاء وأمثالهم غاية التحذير،
وضرب لنا الأمثال بأبلغ عبارة، وأوضح إشارة، بكلام وجيز واضح، وبتشبيه دقيق بين، حذر فيه من جلساء السوء الذين هم أعداء الأخلاق والاستقامة،
شبههم بشيء محسوس يفهمه كل أحد من متعلم أو غير متعلم،
وقسم ﷺ الجلساء إلى قسمين:
👍🏻صالح: يستفاد منه ومن مجالسته كل خير بالدعوة إلى الفضيلة والاتصاف بها.
👎🏻وجليس سوء: يكسب جليسه كل شر الدعوة إلى الرذيلة والاتصاف بها.
- فقد جاء في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي تلله عنه قال: قال ﷺ: *((مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير؛*
*فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة.*
*ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة))*.
فلقد أرشدنا وهو الحكيم الناصح الأمين ﷺ في هذا الحديث: إلى الحرص على اختيار الجليس الصالح، والتحذير من جليس السوء.
وأخبر عليه أفضل الصلاة والسلام:
● أن الجليس الصالح: لاتعدم منه خيرا بقوله وفعله وإرشاده وتوجيهه؛ فهو يدعوك إلى فعل الخير والإحسان، ويرغبك فيه، ويحثك عليه، ويحسنه لك، ويفعله هو، فيرغبك في فعله، وفي قوله، والفعل أبلغ من القول، فبذلك تكتسب من صفاته الحميدة، ويكون لك سمعة طيبة بمجالسة من هذه صفته.
● وأما جليس السوء: الذي وصفه رسول اللهﷺ بأنه كنافخ الكير؛ إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة فهذا مثل جليس السوء ومايصيب جليسه من شره؛ من إحراقه لصاحبه بشؤم الذنوب والمعاصي، ونتن رائحتها وتدنيس عرض جليسه.
فيكون عرضه وسخا بين الناس يتحاشون من قربه، ويبتعدون عنه، ولا يرغبون مجالسته، ولا الاجتماع به، كراهية له، وتقذرًا منه، وخوفا من أن يدنس أعراضهم، فمضرة جليس السوء تتعداه إلى غيره، وتحصل منه العدوى كما حصلت له من جليسه. وكم هلك بسبب جليس السوء من أقوام كانوا قبل ذلك مستقيمين في أعمالهم، قادهم جلساؤهم إلى المهالك من حيث يشعرون ومن حيث لا يشعرون.
☆ وإن من أعظم نعم الله على العبد: أن يوفقه الله لصحبة الأخيار.
☆ ومن عقوبة الله لعبده: أن يبتله بصحبة الأشرار، فصحبة الأشرار تقذفه في أسفل السافلين.
■ وعلامة الجليس الصالح:
- استقامته على طاعة مولاه،
ومحافظته على مافرض الله عليه،
- واتصافه بمكارم الأخلاق،
- وكف شره عن الناس،
- وابتعاده عن المعاصي.
■ وعلامة جليس السوء:
- استخفافه بالواجبات الدينية،
- وارتكابه ماحرم الله عليه،
- وتعرضه لعباد الله وأذيته لهم بلسانه ويده.
💡فاحذروهم، وحذروا من تحت أيديكم منهم.
عباد الله: إن أصدق النصائح، وأبلغ المواعظ، ماذكره ربنا في محكم كتابه،
فقد حذرنا - سبحانه - من جلساء السوء ومعاشرتهم وصحبتهم،
وأبان لنا سوء عاقبة ذلك بقوله - تعالى -: *{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا}*[الفرقان: 27 - 29].
نفعني الله وإي
اكم بالقرآن الكريم، وبهدي سيد المرسلين،
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب،
فاستغفروه،
إنه هو الغفور الرحيم.
أول الخطبة الثانية💫
الحمد لله رب العالمين، وفق من شاء من عباده لسلوك الطريق المستقيم، أحمده سبحانه وأشكره على سوابغ نعمه،
*وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له*،
*وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله* الداعي إلى كل خير والمحذر من كل شر، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه.
_أَمَّـــا بَعْــــدُ:_
فاتقوا الله أيها المسلمون،
وتقربوا إليه بعبادته وطاعته،
وتعاونوا على البر والتقوى، ولاتعاونوا على الإثم والعدوان،
واحرصوا أن تكونوا ممن يقتدى بهم في الخير والصلاح، واسلكوا طريق أهل الصدق والفلاح،
فقد أمركم سبحانه بذلك في قوله: *{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}*[التوبة: 119].
وهم الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه، لتفوزوا بسعادة الدارين، وتسلموا من غوائل الشر،
واحذروا مجالسة أهل الزيغ والضلال، كيلا تكونوا مثلهم، فقد ورد عنه ﷺ أنه قال: *((المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل))*...
ৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡ
*📖مٌلُتْقًى الٌُخطِبّ الُمٌكِتْوَبّةِ📖*
ৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡ
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين من كل ذنب،
فاستغفروه،
إنه هو الغفور الرحيم.
أول الخطبة الثانية💫
الحمد لله رب العالمين، وفق من شاء من عباده لسلوك الطريق المستقيم، أحمده سبحانه وأشكره على سوابغ نعمه،
*وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له*،
*وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله* الداعي إلى كل خير والمحذر من كل شر، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه.
_أَمَّـــا بَعْــــدُ:_
فاتقوا الله أيها المسلمون،
وتقربوا إليه بعبادته وطاعته،
وتعاونوا على البر والتقوى، ولاتعاونوا على الإثم والعدوان،
واحرصوا أن تكونوا ممن يقتدى بهم في الخير والصلاح، واسلكوا طريق أهل الصدق والفلاح،
فقد أمركم سبحانه بذلك في قوله: *{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}*[التوبة: 119].
وهم الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه، لتفوزوا بسعادة الدارين، وتسلموا من غوائل الشر،
واحذروا مجالسة أهل الزيغ والضلال، كيلا تكونوا مثلهم، فقد ورد عنه ﷺ أنه قال: *((المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل))*...
ৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡ
*📖مٌلُتْقًى الٌُخطِبّ الُمٌكِتْوَبّةِ📖*
ৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡৡ
خطبة 🎤 بعنوان
أي الجزاء تختار ؟؟
🕌🕋🌴🕋🕌
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله المتفرد بالملك والخلق والتدبير، يعطي ويمنع وهو على كل شيء قدير،
له الحكم وله الأمر وهو العليم الخبير،
لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه وهو اللطيف القدير ...
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻓﺎﻃﺮ ﺍﻷﻛﻮﺍﻥ ﻭﺑﺎﺭﻳﻬﺎ،
ﻭﺭﺍﻓﻊ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﻣﻌﻠﻴﻬﺎ،
ﻭﺑﺎﺳﻂ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺩﺍﺣﻴﻬﺎ،
ﻭﺧﺎﻟﻖ ﺍﻷﻧﻔﺲ ﻭﻣﺴﻮﻳﻬﺎ،
ﻭﻛﺎﺗﺐ ﺍﻷﺭﺯﺍﻕ ﻭﻣﺠﺮﻳﻬﺎ،
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﺇﻟﻪ ﻻ ﻳﻤﺎﺛﻞ .. ﻭﻻ ﻳﻀﺎﻫﻰ .. ﻭﻻ ﻳﺮﺍﻡ ﻟﻪ ﺟﻨﺎﺏ ،،،
ﻫﻮ ﺭﺑﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻮﻛﻠﻨﺎ ﻭ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻭ ﺍﻟﻤﺘﺎﺏ..
ﻳﺴﻤﻊ ﺟﻬﺮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺧﻔﻲ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ..
ﺟﻌﻞ ﺗﻘﻮﺍﻩ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ ..
ﻭﺑﻬﺎ ﺩﻋﺎﻫﻢ ﻟﺪﺧﻮﻝ ﺟﻨﺘﻪ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجي قائلها صادقا من قلبه من أهوال يوم عظيم ، يوم يقوم الناس لرب العالمين...
يا من إذا وقف المسيء ببابه .....
ستر القبيحَ وجاد بالإحسانِ ..
أصبحتُ ضيف اللهِ في دار الرضا....
وعلى الكريم كرامةُ الضيفانِ ..
تعفوا الملوكُ حين النزول بساحتهم .....
فكيف النزولُ بساحةِ الرحمنِ ..
واشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صاحب الشفاعة ، ولا يدخل الجنة إلا من أطاعه ، سيد الأولين ، والآخرين ،
ﺃﻧﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﻧﻮﺭﻙ ﺍﻟﺒﺪﺭ ﺍﻛﺘﺴﻰ ..
ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ ﻣﺸﺮﻗﺔ ﺑﻨﻮﺭ ﺑﻬﺎﻙ..
ﺃﻧﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻤﺎ ﺭﻓﻌﺖ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ..
ﺑﻚ ﻗﺪ ﺳﻤﺖ ﻭﺗﺰﻳﻨﺖ ﻟﻠﻘـﺎﻙ..
ﺃﻧﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﺩﺍﻙ ﺭﺑـﻚ ﻣﺮﺣﺒﺎ ..
ﻭﻟﻘﺪ ﺩﻋﺎﻙ ﻟﻘﺮﺑـﻪ ﻭﺣﺒـﺎﻙ ..
ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻴﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻬﺪﻯ..
ﻣﺎ ﺍﺷﺘﺎﻕ ﻣﺸﺘﺎﻕ ﺇﻟﻲ ﻣﺴﺮﺍﻙ ..
صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين ، ومن سار على دربهم ، واقتفى أثرهم بإحسان إلى يوم الدين ...
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تََسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] ؛
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]،..
أما بعـــد :
عبــــاد الله : -
إن لله سنن في هذا الكون يسير عليها لا تتخلف ولا تتبدل ، بها تنتظم الحياة ويقام الحق ويسود العدل وتطمئن النفوس وتحفظ الحقوق وتؤدى الواجبات وهي سنن تجري في جميع أحوال البشر وعلاقاتهم مع ربهم ودينهم ومع بعضهم ومع الكون من حولهم ..
إنها سنة الجزاء من جنس العمل فجزاء العامل من جنس عمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر قال تعالى ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) ( 7/ الزلزلة) ...
وقال تعالى : ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً . وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (النساء: 123ـ 124)...
وقال صلى الله عليه وسلم : (أتاني جبريل فقال: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به...)(الطبراني في الأوسط (4429)
وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: "إسناده حسن".) .. يقول ابن القيم رحمه الله في "مفتاح دار السعادة" (1/71) : " تظاهر الشرع والقدر على أن الجزاء من جنس العمل " انتهى ..
إعمل ما شئت .. فإذا عملت خيراً ستجد الخير في الدنيا قبل الآخرة وإن عملت شراً مهما كان صغيراً أو كبيراً ستجد الجزاء في الدنيا قبل الآخرة وما ربك بظلام للعبيد ..
قال تعالى (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا )(10-12 نوح )...
وقال تعالى في (سورة الأعراف 163) : (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)
فاعتدوا فكان الجزاء: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) (البقرة 65).
أي الجزاء تختار ؟؟
🕌🕋🌴🕋🕌
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحمد لله المتفرد بالملك والخلق والتدبير، يعطي ويمنع وهو على كل شيء قدير،
له الحكم وله الأمر وهو العليم الخبير،
لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه وهو اللطيف القدير ...
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻓﺎﻃﺮ ﺍﻷﻛﻮﺍﻥ ﻭﺑﺎﺭﻳﻬﺎ،
ﻭﺭﺍﻓﻊ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻭﻣﻌﻠﻴﻬﺎ،
ﻭﺑﺎﺳﻂ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺩﺍﺣﻴﻬﺎ،
ﻭﺧﺎﻟﻖ ﺍﻷﻧﻔﺲ ﻭﻣﺴﻮﻳﻬﺎ،
ﻭﻛﺎﺗﺐ ﺍﻷﺭﺯﺍﻕ ﻭﻣﺠﺮﻳﻬﺎ،
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻣﻦ ﺇﻟﻪ ﻻ ﻳﻤﺎﺛﻞ .. ﻭﻻ ﻳﻀﺎﻫﻰ .. ﻭﻻ ﻳﺮﺍﻡ ﻟﻪ ﺟﻨﺎﺏ ،،،
ﻫﻮ ﺭﺑﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ﺗﻮﻛﻠﻨﺎ ﻭ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻟﻤﺮﺟﻊ ﻭ ﺍﻟﻤﺘﺎﺏ..
ﻳﺴﻤﻊ ﺟﻬﺮ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﻭﺧﻔﻲ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ..
ﺟﻌﻞ ﺗﻘﻮﺍﻩ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ ..
ﻭﺑﻬﺎ ﺩﻋﺎﻫﻢ ﻟﺪﺧﻮﻝ ﺟﻨﺘﻪ ﻭﺍﻟﺨﻮﻑ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجي قائلها صادقا من قلبه من أهوال يوم عظيم ، يوم يقوم الناس لرب العالمين...
يا من إذا وقف المسيء ببابه .....
ستر القبيحَ وجاد بالإحسانِ ..
أصبحتُ ضيف اللهِ في دار الرضا....
وعلى الكريم كرامةُ الضيفانِ ..
تعفوا الملوكُ حين النزول بساحتهم .....
فكيف النزولُ بساحةِ الرحمنِ ..
واشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صاحب الشفاعة ، ولا يدخل الجنة إلا من أطاعه ، سيد الأولين ، والآخرين ،
ﺃﻧﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻣﻦ ﻧﻮﺭﻙ ﺍﻟﺒﺪﺭ ﺍﻛﺘﺴﻰ ..
ﻭﺍﻟﺸﻤﺲ ﻣﺸﺮﻗﺔ ﺑﻨﻮﺭ ﺑﻬﺎﻙ..
ﺃﻧﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻤﺎ ﺭﻓﻌﺖ ﺇﻟﻲ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ..
ﺑﻚ ﻗﺪ ﺳﻤﺖ ﻭﺗﺰﻳﻨﺖ ﻟﻠﻘـﺎﻙ..
ﺃﻧﺖ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﺎﺩﺍﻙ ﺭﺑـﻚ ﻣﺮﺣﺒﺎ ..
ﻭﻟﻘﺪ ﺩﻋﺎﻙ ﻟﻘﺮﺑـﻪ ﻭﺣﺒـﺎﻙ ..
ﺻﻠﻰ ﻋﻠﻴﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺎ ﻋﻠﻢ ﺍﻟﻬﺪﻯ..
ﻣﺎ ﺍﺷﺘﺎﻕ ﻣﺸﺘﺎﻕ ﺇﻟﻲ ﻣﺴﺮﺍﻙ ..
صلى الله عليه وعلى آله وصحابته أجمعين ، ومن سار على دربهم ، واقتفى أثرهم بإحسان إلى يوم الدين ...
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تََسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] ؛
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]،..
أما بعـــد :
عبــــاد الله : -
إن لله سنن في هذا الكون يسير عليها لا تتخلف ولا تتبدل ، بها تنتظم الحياة ويقام الحق ويسود العدل وتطمئن النفوس وتحفظ الحقوق وتؤدى الواجبات وهي سنن تجري في جميع أحوال البشر وعلاقاتهم مع ربهم ودينهم ومع بعضهم ومع الكون من حولهم ..
إنها سنة الجزاء من جنس العمل فجزاء العامل من جنس عمله إن خيراً فخير وإن شراً فشر قال تعالى ( فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) ( 7/ الزلزلة) ...
وقال تعالى : ( لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً . وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً) (النساء: 123ـ 124)...
وقال صلى الله عليه وسلم : (أتاني جبريل فقال: يا محمد! عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به...)(الطبراني في الأوسط (4429)
وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: "إسناده حسن".) .. يقول ابن القيم رحمه الله في "مفتاح دار السعادة" (1/71) : " تظاهر الشرع والقدر على أن الجزاء من جنس العمل " انتهى ..
إعمل ما شئت .. فإذا عملت خيراً ستجد الخير في الدنيا قبل الآخرة وإن عملت شراً مهما كان صغيراً أو كبيراً ستجد الجزاء في الدنيا قبل الآخرة وما ربك بظلام للعبيد ..
قال تعالى (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا )(10-12 نوح )...
وقال تعالى في (سورة الأعراف 163) : (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)
فاعتدوا فكان الجزاء: (وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) (البقرة 65).
..
عوقب هؤلاء الذين احتالوا على أمر ربهم أنهم مسخوا قردة خاسئين،
والذنب الذي فعلوه أنهم فعلوا شيئاً صورته صورة المباح ولكن حقيقته غير مباح،
فصورة القرد شبيهة بالآدمي، ولكنه ليس بآدمي،
وهذا لأن الجزاء من جنس العمل..
و من طال وقوفه في الصلاة ليلاً ونهاراً لله ، وتحمل لأجله المشاق في مرضاته وطاعته ، خف عليه الوقوف يوم القيامة وسَهُل عليه، وإن آثر الراحة هنا والدعة والبطالة والنعمة، طال عليه الوقوف ذلك اليوم واشتدت مشقته عليه ...
وقد أشار الله تعالى إلى ذلك في قوله : ( ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلاً طويلا * إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوماً ثقيلا) (الانسان 26-27) ...
فمن سبح الله ليلاً طويلاً ، لم يكن ذلك اليوم ثقيلاً عليه ، بل كان أخف شيء عليه ...
ولما سئل الحسن البصري : ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوهاً؟ فقال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نورأً من نوره"...
أيها المؤمنون /عباد الله : -
لنتذكر جميعاً هذه السنة الإلهية في عباداتنا وأعمالنا وسلوكياتنا وعلاقاتنا لتستقيم نفوسنا على الحق والخير في زمن كثر فيه البغي والظلم والتعدي والكبر وسوء الظن والتقصير والتفريط في الحقوق والواجبات ،،،
ولنبحث عن الجزاء الطيب بحسن العمل .. قال أحد الصالحين: (الحسنة لا تضيع على ابن آدم .. والذنب لا ينسى ولو بعد حين ..
و الديان هو الله عز وجل حي لا يموت .. ويا ابن آدم اسخر كما شئت ..
واضحك على من شئت ..
واعتدي على من شئت ..
واجرح من شئت ..
وأحسن إلى من شئت ..
واظلم من شئت ..
واسفك دم من شئت ..
وتكبر على من شئت ..
فلا يضيع عمل عامل منكم عند الله في الحياة الدنيا وفي الآخرة إن خيراً فخير وإن شراً فشر ...
قال تعالى ( مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) ( غافر: 40) ..
وقال تعالى (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأنعام:129).. قال ابن كثير رحمه الله : أي نسلط بعضهم على بعض ، وننتقم من بعضهم ببعض جزاءً على ظلمهم وبغيهم .. )
وقال الإمام ابن القيِّم - رحمه الله -: " ولذلك كان الجزاء مُماثلاً للعمل من جنسه في الخير والشر،
فمَن سَتَر مُسلمًا ستَره الله،
ومن يسَّر على مُعسِر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة،
ومن نفَّس عن مؤمنٍ كُرْبة من كُرَب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة،
ومن أقال نادمًا أقال الله عثرتَه يوم القيامة،
ومن تتبَّع عورة أخيه المسلم تتبَّع الله عورتَه،
ومن ضارَّ مسلمًا ضارَّ الله به،
ومن شاقَّ شاقَّ الله عليه،
ومن خذَل مسلمًا في موضع يجب نصرتُه فيه خذَله الله في موضِع يجب نصرتُه فيه،
ومَن سمَح سمَح الله له،
والراحمون يرحَمهم الرحمن، وإنما يرحَم الله من عباده الرحماء،
ومن أنفَق أنفَق الله عليه،
ومن أوعى أوعى عليه،
ومن عفا عن حقِّه عفا الله له عن حقِّه،
ومن تجاوَز تجاوَز الله عنه، ومن استقصى استقصى الله عليه"؛ (إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/214) ...
بروا آبائكم يبركم أبنائكم ...
قبل أكثر من خمسين عام حج رجل مع والده الذي بلغ من العمر عتيا وكانوا وقتها يركبون الجمال وهم في قافلة ،،،
فأراد الرجل الكبير أن يرتاح قليلاً من السفر وحرارة الشمس تحت ظل شجرة ،
واستمرت القافلة بالسير وجلس الابن مع أبيه فلما ارتاح قليلاً حمل أبيه على ظهره وانطلق يجري به ليلحق بالقافلة ،،
يقول الابن : فجأة وإذا بأبي يبكي ودموعه تنحدر على كتفي ،
فقلت مالك يا أبي : والله أنك أخف على ظهري من نسمة الهواء ؛
قال: والله ما أبكي من أجل هذا ولكني في هذا المكان قبل فترة من الزمن حملت أبي على ظهري فتذكرت قول الله تعالى ( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) (الرحمن60-61)...
عبــــاد الله : -
غابت هذه السنة الربانية من حياتنا إلا من رحم الله فخسرنا الكثير من الأجور والحسنات ، وحرم الكثير منا رحمة الله وتوفيقه ولطفه ومضى قطار العمر ونحن في غفلة ،،،
فما زادت حياتنا إلا تعاسة وشقاء و رأينا سنن الله تجرى على الأفراد والمجتمعات والشعوب والدول ولم نتعظ ، وضعفت صلتنا بربنا وقصرنا في عباداتنا وزادت المعاصي والمنكرات ، وسفكت الدماء وظهر الظلم والبغي ، واستطال المسلم في دم أخيه وغرضه وماله دون وجه حق ،
فساءت العلاقات وثارت الخلافات وتأججت العصبيات. ودمرت القرى والمدن. وذهب الأمن واستوطن الخوف في كثير من بلاد المسلمين ..!! كل ذلك بسبب الذنوب والمعاصي حتى نسينا أمر الله فنسينا ووكلنا إلى أنفسنا جزاءاً وفاقاً ...
ولو أننا وضعنا سنة الجزاء من جنس العمل نصب أعيننا حكاماً ومحكومين ، أحزاباً وجماعات ، أغنياء وفقراء ، أقويا وضعفاء ، رجالاً ونساء لصل
عوقب هؤلاء الذين احتالوا على أمر ربهم أنهم مسخوا قردة خاسئين،
والذنب الذي فعلوه أنهم فعلوا شيئاً صورته صورة المباح ولكن حقيقته غير مباح،
فصورة القرد شبيهة بالآدمي، ولكنه ليس بآدمي،
وهذا لأن الجزاء من جنس العمل..
و من طال وقوفه في الصلاة ليلاً ونهاراً لله ، وتحمل لأجله المشاق في مرضاته وطاعته ، خف عليه الوقوف يوم القيامة وسَهُل عليه، وإن آثر الراحة هنا والدعة والبطالة والنعمة، طال عليه الوقوف ذلك اليوم واشتدت مشقته عليه ...
وقد أشار الله تعالى إلى ذلك في قوله : ( ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلاً طويلا * إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوماً ثقيلا) (الانسان 26-27) ...
فمن سبح الله ليلاً طويلاً ، لم يكن ذلك اليوم ثقيلاً عليه ، بل كان أخف شيء عليه ...
ولما سئل الحسن البصري : ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوهاً؟ فقال: لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم نورأً من نوره"...
أيها المؤمنون /عباد الله : -
لنتذكر جميعاً هذه السنة الإلهية في عباداتنا وأعمالنا وسلوكياتنا وعلاقاتنا لتستقيم نفوسنا على الحق والخير في زمن كثر فيه البغي والظلم والتعدي والكبر وسوء الظن والتقصير والتفريط في الحقوق والواجبات ،،،
ولنبحث عن الجزاء الطيب بحسن العمل .. قال أحد الصالحين: (الحسنة لا تضيع على ابن آدم .. والذنب لا ينسى ولو بعد حين ..
و الديان هو الله عز وجل حي لا يموت .. ويا ابن آدم اسخر كما شئت ..
واضحك على من شئت ..
واعتدي على من شئت ..
واجرح من شئت ..
وأحسن إلى من شئت ..
واظلم من شئت ..
واسفك دم من شئت ..
وتكبر على من شئت ..
فلا يضيع عمل عامل منكم عند الله في الحياة الدنيا وفي الآخرة إن خيراً فخير وإن شراً فشر ...
قال تعالى ( مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ) ( غافر: 40) ..
وقال تعالى (وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الأنعام:129).. قال ابن كثير رحمه الله : أي نسلط بعضهم على بعض ، وننتقم من بعضهم ببعض جزاءً على ظلمهم وبغيهم .. )
وقال الإمام ابن القيِّم - رحمه الله -: " ولذلك كان الجزاء مُماثلاً للعمل من جنسه في الخير والشر،
فمَن سَتَر مُسلمًا ستَره الله،
ومن يسَّر على مُعسِر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة،
ومن نفَّس عن مؤمنٍ كُرْبة من كُرَب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة،
ومن أقال نادمًا أقال الله عثرتَه يوم القيامة،
ومن تتبَّع عورة أخيه المسلم تتبَّع الله عورتَه،
ومن ضارَّ مسلمًا ضارَّ الله به،
ومن شاقَّ شاقَّ الله عليه،
ومن خذَل مسلمًا في موضع يجب نصرتُه فيه خذَله الله في موضِع يجب نصرتُه فيه،
ومَن سمَح سمَح الله له،
والراحمون يرحَمهم الرحمن، وإنما يرحَم الله من عباده الرحماء،
ومن أنفَق أنفَق الله عليه،
ومن أوعى أوعى عليه،
ومن عفا عن حقِّه عفا الله له عن حقِّه،
ومن تجاوَز تجاوَز الله عنه، ومن استقصى استقصى الله عليه"؛ (إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/214) ...
بروا آبائكم يبركم أبنائكم ...
قبل أكثر من خمسين عام حج رجل مع والده الذي بلغ من العمر عتيا وكانوا وقتها يركبون الجمال وهم في قافلة ،،،
فأراد الرجل الكبير أن يرتاح قليلاً من السفر وحرارة الشمس تحت ظل شجرة ،
واستمرت القافلة بالسير وجلس الابن مع أبيه فلما ارتاح قليلاً حمل أبيه على ظهره وانطلق يجري به ليلحق بالقافلة ،،
يقول الابن : فجأة وإذا بأبي يبكي ودموعه تنحدر على كتفي ،
فقلت مالك يا أبي : والله أنك أخف على ظهري من نسمة الهواء ؛
قال: والله ما أبكي من أجل هذا ولكني في هذا المكان قبل فترة من الزمن حملت أبي على ظهري فتذكرت قول الله تعالى ( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ * فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) (الرحمن60-61)...
عبــــاد الله : -
غابت هذه السنة الربانية من حياتنا إلا من رحم الله فخسرنا الكثير من الأجور والحسنات ، وحرم الكثير منا رحمة الله وتوفيقه ولطفه ومضى قطار العمر ونحن في غفلة ،،،
فما زادت حياتنا إلا تعاسة وشقاء و رأينا سنن الله تجرى على الأفراد والمجتمعات والشعوب والدول ولم نتعظ ، وضعفت صلتنا بربنا وقصرنا في عباداتنا وزادت المعاصي والمنكرات ، وسفكت الدماء وظهر الظلم والبغي ، واستطال المسلم في دم أخيه وغرضه وماله دون وجه حق ،
فساءت العلاقات وثارت الخلافات وتأججت العصبيات. ودمرت القرى والمدن. وذهب الأمن واستوطن الخوف في كثير من بلاد المسلمين ..!! كل ذلك بسبب الذنوب والمعاصي حتى نسينا أمر الله فنسينا ووكلنا إلى أنفسنا جزاءاً وفاقاً ...
ولو أننا وضعنا سنة الجزاء من جنس العمل نصب أعيننا حكاماً ومحكومين ، أحزاباً وجماعات ، أغنياء وفقراء ، أقويا وضعفاء ، رجالاً ونساء لصل
ﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻣَﻼﺋِﻜَﺘَﻪُ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠِّﻤُﻮﺍ ﺗَﺴْﻠِﻴﻤًﺎ} [ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ: 56].
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر،
ﻭﺍﺭﺽَ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ،
أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﻨﻚ ﻭﺭﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ الراحمين ..
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺯﺩﻧﺎ ﻭﻻ ﺗﻨﻘﺼﻨﺎ، ﻭﺃﻛﺮﻣﻨﺎ ﻭﻻ ﺗﻬﻨﺎ، ﻭﺃﻋﻄﻨﺎ ﻭﻻ ﺗﺤﺮﻣﻨﺎ، ﻭﺁﺛﺮﻧﺎ ﻭﻻ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻭﺍﺭﺽ ﻋﻨﺎ ﻭﺃﺭﺿﻨﺎ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺯﺍﺩﻧﺎ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻭﺯﺩﻧﺎ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﻳﻘﻴﻨﺎً ﻭﻓِﻘﻬﺎً ﻭﺗﺴﻠﻴﻤﺎً،
اللهم احقن دمائنا واحفظ بلادنا وألف بين قلوبنا ... ومن أرادنا أو أراد بلادنا بسوء أو مكروه فرد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه ..
اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشياطين وَنعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ..
اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وتولى أمرنا وردنا إلى دينك رداً جميلاً ...
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﻣﻮﺟﺒﺎﺕ ﺭﺣﻤﺘﻚ، ﻭﻋﺰﺍﺋﻢ ﻣﻐﻔﺮﺗﻚ، ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺇﺛﻢ، ﻭﺍﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﺮ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻻ ﺗﺪﻉ ﻟﻨﺎ ﺫﻧﺒﺎً ﺇﻻ ﻏﻔﺮﺗﻪ، ﻭﻻ ﻫﻤﺎً ﺇﻻ ﻓﺮﺟﺘﻪ، ﻭﻻ ﺩﻳﻨﺎً ﺇﻻ ﻗﻀﻴﺘﻪ، ﻭﻻ ﻣﺮﻳﻀﺎً ﺇﻻ ﺷﻔﻴﺘﻪ، ﻭﻻ ﺣﺎﺟﺔً ﺇﻻ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻭﻳﺴّﺮﺗﻬﺎ ﻳﺎ ﺭﺏّ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ،
ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ...
عبــاد الله:
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون...
فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.....
والحمد لله رب العالمين ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموعة ::واحة الداعية والخطيب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر،
ﻭﺍﺭﺽَ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ،
أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﻨﻚ ﻭﺭﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ الراحمين ..
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺯﺩﻧﺎ ﻭﻻ ﺗﻨﻘﺼﻨﺎ، ﻭﺃﻛﺮﻣﻨﺎ ﻭﻻ ﺗﻬﻨﺎ، ﻭﺃﻋﻄﻨﺎ ﻭﻻ ﺗﺤﺮﻣﻨﺎ، ﻭﺁﺛﺮﻧﺎ ﻭﻻ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻭﺍﺭﺽ ﻋﻨﺎ ﻭﺃﺭﺿﻨﺎ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺯﺍﺩﻧﺎ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻭﺯﺩﻧﺎ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﻳﻘﻴﻨﺎً ﻭﻓِﻘﻬﺎً ﻭﺗﺴﻠﻴﻤﺎً،
اللهم احقن دمائنا واحفظ بلادنا وألف بين قلوبنا ... ومن أرادنا أو أراد بلادنا بسوء أو مكروه فرد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه ..
اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشياطين وَنعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ..
اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وتولى أمرنا وردنا إلى دينك رداً جميلاً ...
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﻣﻮﺟﺒﺎﺕ ﺭﺣﻤﺘﻚ، ﻭﻋﺰﺍﺋﻢ ﻣﻐﻔﺮﺗﻚ، ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺇﺛﻢ، ﻭﺍﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﺮ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻻ ﺗﺪﻉ ﻟﻨﺎ ﺫﻧﺒﺎً ﺇﻻ ﻏﻔﺮﺗﻪ، ﻭﻻ ﻫﻤﺎً ﺇﻻ ﻓﺮﺟﺘﻪ، ﻭﻻ ﺩﻳﻨﺎً ﺇﻻ ﻗﻀﻴﺘﻪ، ﻭﻻ ﻣﺮﻳﻀﺎً ﺇﻻ ﺷﻔﻴﺘﻪ، ﻭﻻ ﺣﺎﺟﺔً ﺇﻻ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻭﻳﺴّﺮﺗﻬﺎ ﻳﺎ ﺭﺏّ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ،
ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ...
عبــاد الله:
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون...
فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.....
والحمد لله رب العالمين ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموعة ::واحة الداعية والخطيب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حت أحوالنا واستقامت نفوسنا وتبدلت أحوالنا ...
فكفوا أيديكم وألسنتكم وأموالكم ومناصبكم عن البغي والحرام والظلم والعدوان ،
واعلموا أن إمهال الله عقوبة واستدراج فلا يغتر أحد بحلم الله ..
وتذكر يا من تتجرأ على النفوس المعصومة وتسفك الدماء المحرمة أن الجزاء من جنس العمل عاجلاً أو آجلاً ...
وقديماً قالوا بشر القاتل بالقتل هذا في الدنيا ويوم القيامة أشد وأنكى ...
وهذا ما أكَّده سيدنا سعيد بن جبير رضي الله عنه للحجاج, عندما قال له الحجاج: ويلك يا سعيد,
قال له: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار..
قال: اختر لنفسك أيَّ قِتْلَةٍ تُريد أن أقتلك؟
فقال: بل اختر أنت لنفسك يا حجاج؛ فوالله لا تقتلني قِتْلَةً إلا قَتَلَكَ الله مثلها يوم القيامة ..
ويا أيها الظالم رويداً .. رويداً .. لا تلومنّ إلا نفسك وكما تدين تدان وإن ربك لبلمرصاد ..
لقد بلغ الفساد والظلم والبغي بالبرامكة وقد كانوا وزراء الدولة العباسية مبلغاً عظيماً إلى جانب الإسراف والتبذير حتى قاموا بطلاء قصورهم بماء الذهب ، فإذا أشرقت الشمس في الصباح انتشر الضوء الوهاج في أرجاء المدينة وضاقت أحوال الناس في عهدهم ..!!
والرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول : (اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ) (رواه مسلم ) ...
واستمرت حياتهم دون رادع يردعهم أو واعظ يكف بغيهم وظلمهم حتى جاء الخليفة هارون الرشيد وقضى عليهم ووضع لهم حد وألقى بهم في السجون ..
فقال ابن ليحي البرمكى وزير هارون الرشيد و هم في السجن و القيود على أيديهم وأرجلهم: يا أبت بعد الأمر و النهى و النعمة صرنا إلى هذا الحال !!! ,
فقال : يا بنى ... دعوة مظلوم سرت في جوف الليل غفلنا عنها , و لم يغفل عنها الله ....
وصدق الله إذ يقول (ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار. مهطعين مقنعي رؤوسهم، لا يرتد إليهم طرفهم، وأفئدتهم هواء.".(إبراهيم 42-43) ....
اللهم أحفظنا بحفظك الذي لا يرام واحرسنا بعينك التي لا تنام و استرنا بسترك الجميل في الدنيا والآخرة ...
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه ...
-:(( الخطـبة الثانية )):-
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
أما بعد:
عبـاد الله : -
لكل عمل جزاء في الدنيا والآخرة فاختر لنفسك يا عبدالله ما شئت فإنك مجزي به ..
لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ رضي الله عنه ولم يكن بين إسلامه وبين موته إلا سنوات قليله .. فكان نعم الرجل الرشيد في قومه الحريص على دينه وأمته المجاهد في سبيل ربه ، قائم الليل وقارئ القرآن والمنفق في سبيل الله ،
جرح في عزوة بني قريظة وانفجر جرحه ومات فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن عرش الرحمن اهتز لموته وشيعته الملائكة..
فقد حكم في بني قريظة بالحق ولهجت ألسنة الأمة بالثناء عليه ، وخلد ذكره فلا يسمع أحد به إلا ترضى عنه وغيره كثير من الصحابه ..
قال النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وجنازةُ سعدٍ موضوعةٌ اهتزَّ لها عرشُ الرحمنِ فطفِقَ المنافقونَ في جنازتِهِ وقالوا ما أخَفَّها فبلغَ ذلكَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال إنَّما كانت تحملُهُ الملائكةُ معهم .) (الألباني/ السلسلة الصحيحة: 7/1051) ...
فقدموا لدينكم ومجتمعاتكم وأوطانكم أعمال ومواقف تحفظ البلاد والعباد وينتشر بسببها الأمن وتقوى روابط الأخوة بين أفراد المجتمع. ويزدهر الوطن فيكون الجزاء عظيماً في الدنيا والآخرة.
وكذلك الأوطان والشعوب والتاريخ لا يمكن أن ينسى العظماء في حياتهم وبعد مماتهم ...
يقول الإمام الشافعي: قد مات قوم وما ماتَتْ فَضائِلُهم ...
وعاش قومٌ وهُمْ في النّاس أموات يا أيها المسلم ويا أيتها المسلمة قدموا في حياتكم أعمالاً صالحه ليوم لا ينفع فيه إلا العمل الصالح وتذكروا أن الجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان ولا يظلم ربك أحداً قال تعالى ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97]...
اللهم يا من لا تَمِلُ من حلاوة ذكره ألسنة الخائفين ، و لا تَكِلُ من الرغبات إليه مدامع الخاشعين. إغفر لنا ذنوباً حالت بيننا و بين ذكرك. و أعفوا عن تقصيرنا في طاعتك و شكرك. و أدم علينا لزوم الطريق إليك. و هب لنا نوراً نهتدي به إليك ..
واحقن اللهم دمائنا واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين ...
هـــذا ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻭﺳﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﺍﺓ، ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺪﺍﺓ ،
النبي المصطفى والرسول المجتبى ،
ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﺇﻣﺎﻣﻨﺎ ﻭﻗﺪﻭﺗﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة.
ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟ
فكفوا أيديكم وألسنتكم وأموالكم ومناصبكم عن البغي والحرام والظلم والعدوان ،
واعلموا أن إمهال الله عقوبة واستدراج فلا يغتر أحد بحلم الله ..
وتذكر يا من تتجرأ على النفوس المعصومة وتسفك الدماء المحرمة أن الجزاء من جنس العمل عاجلاً أو آجلاً ...
وقديماً قالوا بشر القاتل بالقتل هذا في الدنيا ويوم القيامة أشد وأنكى ...
وهذا ما أكَّده سيدنا سعيد بن جبير رضي الله عنه للحجاج, عندما قال له الحجاج: ويلك يا سعيد,
قال له: الويل لمن زحزح عن الجنة وأدخل النار..
قال: اختر لنفسك أيَّ قِتْلَةٍ تُريد أن أقتلك؟
فقال: بل اختر أنت لنفسك يا حجاج؛ فوالله لا تقتلني قِتْلَةً إلا قَتَلَكَ الله مثلها يوم القيامة ..
ويا أيها الظالم رويداً .. رويداً .. لا تلومنّ إلا نفسك وكما تدين تدان وإن ربك لبلمرصاد ..
لقد بلغ الفساد والظلم والبغي بالبرامكة وقد كانوا وزراء الدولة العباسية مبلغاً عظيماً إلى جانب الإسراف والتبذير حتى قاموا بطلاء قصورهم بماء الذهب ، فإذا أشرقت الشمس في الصباح انتشر الضوء الوهاج في أرجاء المدينة وضاقت أحوال الناس في عهدهم ..!!
والرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول : (اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ) (رواه مسلم ) ...
واستمرت حياتهم دون رادع يردعهم أو واعظ يكف بغيهم وظلمهم حتى جاء الخليفة هارون الرشيد وقضى عليهم ووضع لهم حد وألقى بهم في السجون ..
فقال ابن ليحي البرمكى وزير هارون الرشيد و هم في السجن و القيود على أيديهم وأرجلهم: يا أبت بعد الأمر و النهى و النعمة صرنا إلى هذا الحال !!! ,
فقال : يا بنى ... دعوة مظلوم سرت في جوف الليل غفلنا عنها , و لم يغفل عنها الله ....
وصدق الله إذ يقول (ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار. مهطعين مقنعي رؤوسهم، لا يرتد إليهم طرفهم، وأفئدتهم هواء.".(إبراهيم 42-43) ....
اللهم أحفظنا بحفظك الذي لا يرام واحرسنا بعينك التي لا تنام و استرنا بسترك الجميل في الدنيا والآخرة ...
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه ...
-:(( الخطـبة الثانية )):-
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
أما بعد:
عبـاد الله : -
لكل عمل جزاء في الدنيا والآخرة فاختر لنفسك يا عبدالله ما شئت فإنك مجزي به ..
لقد اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ رضي الله عنه ولم يكن بين إسلامه وبين موته إلا سنوات قليله .. فكان نعم الرجل الرشيد في قومه الحريص على دينه وأمته المجاهد في سبيل ربه ، قائم الليل وقارئ القرآن والمنفق في سبيل الله ،
جرح في عزوة بني قريظة وانفجر جرحه ومات فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن عرش الرحمن اهتز لموته وشيعته الملائكة..
فقد حكم في بني قريظة بالحق ولهجت ألسنة الأمة بالثناء عليه ، وخلد ذكره فلا يسمع أحد به إلا ترضى عنه وغيره كثير من الصحابه ..
قال النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وجنازةُ سعدٍ موضوعةٌ اهتزَّ لها عرشُ الرحمنِ فطفِقَ المنافقونَ في جنازتِهِ وقالوا ما أخَفَّها فبلغَ ذلكَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقال إنَّما كانت تحملُهُ الملائكةُ معهم .) (الألباني/ السلسلة الصحيحة: 7/1051) ...
فقدموا لدينكم ومجتمعاتكم وأوطانكم أعمال ومواقف تحفظ البلاد والعباد وينتشر بسببها الأمن وتقوى روابط الأخوة بين أفراد المجتمع. ويزدهر الوطن فيكون الجزاء عظيماً في الدنيا والآخرة.
وكذلك الأوطان والشعوب والتاريخ لا يمكن أن ينسى العظماء في حياتهم وبعد مماتهم ...
يقول الإمام الشافعي: قد مات قوم وما ماتَتْ فَضائِلُهم ...
وعاش قومٌ وهُمْ في النّاس أموات يا أيها المسلم ويا أيتها المسلمة قدموا في حياتكم أعمالاً صالحه ليوم لا ينفع فيه إلا العمل الصالح وتذكروا أن الجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان ولا يظلم ربك أحداً قال تعالى ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97]...
اللهم يا من لا تَمِلُ من حلاوة ذكره ألسنة الخائفين ، و لا تَكِلُ من الرغبات إليه مدامع الخاشعين. إغفر لنا ذنوباً حالت بيننا و بين ذكرك. و أعفوا عن تقصيرنا في طاعتك و شكرك. و أدم علينا لزوم الطريق إليك. و هب لنا نوراً نهتدي به إليك ..
واحقن اللهم دمائنا واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين ...
هـــذا ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻭﺳﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﺍﺓ، ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺪﺍﺓ ،
النبي المصطفى والرسول المجتبى ،
ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﺇﻣﺎﻣﻨﺎ ﻭﻗﺪﻭﺗﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة.
ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟ
🔸| #فوائد_و_تأملات_قرآنية :
قال تعالى :- "وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ".
إنهن كلمات معدودات . يضعن الخطوط الحاسمة ، ويكشفن عن الشقة البعيدة ، بين جبهتي الصراع . .
إن المؤمنين يحتملون الألم والقرح في المعركة . . ولكنهم ليسوا وحدهم الذين يحتملونه . . إن أعداءهم كذلك يتألمون وينالهم القرح واللأواء . . ولكن شتان بين هؤلاء وهؤلاء . . إن المؤمنين يتوجهون إلى الله بجهادهم ، ويرتقبون عنده جزاءهم . . فأما الكفار فهم ضائعون مضيعون ، لا يتجهون لله ، ولا يرتقبون عنده شيئاً في الحياة ولا بعد الحياة . .
فإذا أصر الكفار على المعركة ، فما أجدر المؤمنين أن يكونوا هم أشد إصراراً ، وإذا احتمل الكفار آلامها ، فما أجدر المؤمنين بالصبر على ما ينالهم من آلام . وما أجدرهم كذلك أن لا يكفوا عن ابتغاء القوم ومتابعتهم بالقتال ، وتعقب آثارهم ، حتى لا تبقى لهم قوة ، وحتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله .
وإن هذا لهو فضل العقيدة في الله في كل كفاح .فهناك اللحظات التي تعلو فيها المشقة على الطاقة ، ويربو الألم على الاحتمال . ويحتاج القلب البشري إلى مدد فائض وإلى زاد . هنالك يأتي المدد من هذا المعين ، ويأتي الزاد من ذلك الكنف الرحيم .
ولقد كان هذا التوجيه في معركة مكشوفة متكافئة . معركة يألم فيها المتقاتلون من الفريقين . لأن كلا الفريقين يحمل سلاحه ويقاتل .
ولربما أتت على العصبة المؤمنة فترة لا تكون فيها في معركة مكشوفة متكافئة . . ولكن القاعدة لا تتغير . فالباطل لا يكون بعافية أبداً ، حتى ولو كان غالباً! إنه يلاقي الآلام من داخله . من تناقضه الداخلي؛ ومن صراع بعضه مع بعض . ومن صراعه هو مع فطرة الأشياء وطبائع الأشياء .
وسبيل العصبة المؤمنة حينئذ أن تحتمل ولا تنهار . وأن تعلم أنها إن كانت تألم ، فإن عدوها كذلك يألم . والألم أنواع . والقرح ألوان . . { وترجون من الله ما لا يرجون } . . وهذا هو العزاء العميق . وهذا هو مفرق الطريق . .
{ وكان الله عليماً حكيماً } . .
يعلم كيف تعتلج المشاعر في القلوب . ويصف للنفس ما يطب لها من الألم والقرح . .
📕| #في_ظلال_القرآن
📝| #سيد_قطب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#واحة_الداعية_والخطيب تليجرام 👇
@alddaia
قال تعالى :- "وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ".
إنهن كلمات معدودات . يضعن الخطوط الحاسمة ، ويكشفن عن الشقة البعيدة ، بين جبهتي الصراع . .
إن المؤمنين يحتملون الألم والقرح في المعركة . . ولكنهم ليسوا وحدهم الذين يحتملونه . . إن أعداءهم كذلك يتألمون وينالهم القرح واللأواء . . ولكن شتان بين هؤلاء وهؤلاء . . إن المؤمنين يتوجهون إلى الله بجهادهم ، ويرتقبون عنده جزاءهم . . فأما الكفار فهم ضائعون مضيعون ، لا يتجهون لله ، ولا يرتقبون عنده شيئاً في الحياة ولا بعد الحياة . .
فإذا أصر الكفار على المعركة ، فما أجدر المؤمنين أن يكونوا هم أشد إصراراً ، وإذا احتمل الكفار آلامها ، فما أجدر المؤمنين بالصبر على ما ينالهم من آلام . وما أجدرهم كذلك أن لا يكفوا عن ابتغاء القوم ومتابعتهم بالقتال ، وتعقب آثارهم ، حتى لا تبقى لهم قوة ، وحتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله .
وإن هذا لهو فضل العقيدة في الله في كل كفاح .فهناك اللحظات التي تعلو فيها المشقة على الطاقة ، ويربو الألم على الاحتمال . ويحتاج القلب البشري إلى مدد فائض وإلى زاد . هنالك يأتي المدد من هذا المعين ، ويأتي الزاد من ذلك الكنف الرحيم .
ولقد كان هذا التوجيه في معركة مكشوفة متكافئة . معركة يألم فيها المتقاتلون من الفريقين . لأن كلا الفريقين يحمل سلاحه ويقاتل .
ولربما أتت على العصبة المؤمنة فترة لا تكون فيها في معركة مكشوفة متكافئة . . ولكن القاعدة لا تتغير . فالباطل لا يكون بعافية أبداً ، حتى ولو كان غالباً! إنه يلاقي الآلام من داخله . من تناقضه الداخلي؛ ومن صراع بعضه مع بعض . ومن صراعه هو مع فطرة الأشياء وطبائع الأشياء .
وسبيل العصبة المؤمنة حينئذ أن تحتمل ولا تنهار . وأن تعلم أنها إن كانت تألم ، فإن عدوها كذلك يألم . والألم أنواع . والقرح ألوان . . { وترجون من الله ما لا يرجون } . . وهذا هو العزاء العميق . وهذا هو مفرق الطريق . .
{ وكان الله عليماً حكيماً } . .
يعلم كيف تعتلج المشاعر في القلوب . ويصف للنفس ما يطب لها من الألم والقرح . .
📕| #في_ظلال_القرآن
📝| #سيد_قطب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
#واحة_الداعية_والخطيب تليجرام 👇
@alddaia
Forwarded from فتاوى د. عبد الرزاق سند
📝 فتاوى #327📝
#أحكام_الطهارة
#المسح_على_الجوارب
✍السؤال.tt
- السلام عليكم لو سمحت يا شيخ
نحن في الكلية نلبس الشربات مع الجزمات باستمرار، فهل يجوز لنا المسح على الشربات عندما نتوضأ؟؟ نرجوا التوضيح بارك الله فيكم.
✍الإجابة.tt
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يجوز المسح على الجوارب وهي (الشربات) كما يجوز المسح على الخف، بشروط:
1- أن تكون الجوارب ثخينة، وليست بشفافة، فلا يجوز المسح على الجوارب الشفاف.
2- أن تلبس الجوارب على طهارة كاملة، وذلك لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأهويت لانزع خفيه فقال: (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين) فمسح عليهما. رواه البخاري
3- أن يكون الجورب ساترا لموضع المسح فلا يجزأ ما كان أدنى من الكعبين، ولا المخرقة.
4- عدم نزع الجورب فإذا نزعتها وأنت على طهارة فقد بطل الوضوء وبطل المسح أيضا.
مدته:
لابد لجواز المسح على الخف أو الجورب أن لا تتجاوز الفترة المحددة في الشرع، وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، لحديث علي رضي الله عنه قال:( جعل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوم وليلة للمقيم).
✍الدكتور.عبد.الرزاق.سند.tt
"عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين"
للإنضمام اضغط هنا 👇ثم اضغط على كلمة اشتراك اسفل القناة :
https://telegram.me/Abdurazzaq2020
#أحكام_الطهارة
#المسح_على_الجوارب
✍السؤال.tt
- السلام عليكم لو سمحت يا شيخ
نحن في الكلية نلبس الشربات مع الجزمات باستمرار، فهل يجوز لنا المسح على الشربات عندما نتوضأ؟؟ نرجوا التوضيح بارك الله فيكم.
✍الإجابة.tt
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
يجوز المسح على الجوارب وهي (الشربات) كما يجوز المسح على الخف، بشروط:
1- أن تكون الجوارب ثخينة، وليست بشفافة، فلا يجوز المسح على الجوارب الشفاف.
2- أن تلبس الجوارب على طهارة كاملة، وذلك لحديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأهويت لانزع خفيه فقال: (دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين) فمسح عليهما. رواه البخاري
3- أن يكون الجورب ساترا لموضع المسح فلا يجزأ ما كان أدنى من الكعبين، ولا المخرقة.
4- عدم نزع الجورب فإذا نزعتها وأنت على طهارة فقد بطل الوضوء وبطل المسح أيضا.
مدته:
لابد لجواز المسح على الخف أو الجورب أن لا تتجاوز الفترة المحددة في الشرع، وهي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر، لحديث علي رضي الله عنه قال:( جعل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوم وليلة للمقيم).
✍الدكتور.عبد.الرزاق.سند.tt
"عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين"
للإنضمام اضغط هنا 👇ثم اضغط على كلمة اشتراك اسفل القناة :
https://telegram.me/Abdurazzaq2020
Telegram
فتاوى د. عبد الرزاق سند
وقل رب زدني علما
للتواصل مع الدكتور وإلقاء الفتوى عبر الرقم
(00967773910331)
للتواصل مع الدكتور وإلقاء الفتوى عبر الرقم
(00967773910331)
#خطبة_محبطات_الاعمال
ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ
/1 ﺃﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ /2 ﻣﻌﻨﻰ ﺣﺒﻮﻁ ﺍﻟﻌﻤﻞ /3 ﺑﻌﺾ
ﻣﺤﺒﻄﺎﺕ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ /4 ﺍﻟﻤﺤﺒﻄﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﺎﻟﺤﺬﺭ ﺍﻟﺤﺬﺭ
ﺍﻗﺘﺒﺎﺱ
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ :
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ، ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺣﻤﺪﺍ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻘُﺪْﺳِﻪ، ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻻ ﻧﺤﺼﻲ ﺛﻨﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ،
ﻫﻮ ﻛﻤﺎ ﺃﺛﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﺃﺷﻜﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﻌﺎﻣﻪ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺻﻞ، ﻭﺧﻴﺮﻩ
ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﺛﺮ، ﻭﺍﻟﻠﺴﺎﻥُ ﻋﻦ ﺷُﻜْﺮِﻩ ﻗﺎﺻِﺮ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ
ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ، ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺗﺮﺟُﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ، ﻭﺗُﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠِﻨﺎﻥ، ﻭﺃﺷﻬﺪ
ﺃﻥ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻭﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﺃﺭﺳَﻠَﻪ ﺭﺣﻤﺔً ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦَ،
ﻭﺳﺮﺍﺟًﺎ ﻣﻨﻴﺮًﺍ، ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ
ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻳﻦ، ﺃﺫﻫَﺐ ﻋﻨﻬﻢ ﺍﻟﺮﺟﺰَ ﻭﻃﻬَّﺮَﻫﻢ ﺗﻄﻬﻴﺮًﺍ، ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻟﻐُﺮِّ
ﺍﻟﻤﻴﺎﻣﻴﻦِ، ﺃﻋﺰَّ ﺑﻬﻢ ﺩﻳﻨﻪ، ﻭﻧﺼﺮﻩ ﺑﻬﻢ ﻧﺼﺮﺍ ﻛﺒﻴﺮﺍ، ﻭﺃﺗﺒﺎﻋﻪ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﻭﺳﻠﻢ
ﺗﺴﻠﻴﻤﺎ ﻛﺜﻴﺮﺍ .
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪُ: ﻓﺄﻭﺻﻴﻜﻢ -ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ - ﻭﻧﻔﺴﻲ ﺑﺘﻘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ؛ ﻓﺎﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ - ﺭﺣﻤﻜﻢ
ﺍﻟﻠﻪ - ، ﻓﺎﻟﻌﺰ ﺑﻄﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺮﺑﻮﻁ، ﻭﺍﻟﺬُّﻝُّ ﻟﻠﻤﻌﺼﻴﺔ ﻗﺮﻳﻦ، ﻭﺍﺳﺘﻌِﻴﺬﻭﺍ ﺑﺎﻟﻠﻪ
ﻣﻦ ﺷﺮﻙ ﻳﻬﺪﻡ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪَ، ﻭﺑﺪﻋﺔ ﺗﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴُّﻨَّﺔ، ﻭﻫﻮﻯ ﻳﻤﻨﻊ
ﺍﻹﺧﻼﺹَ، ﻭﺷﻬﻮﺓ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﺍﻷﻣﺮ، ﻭﻏﻔﻠﺔ ﺗﺸﻐﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺬِّﻛْﺮ، ( ﻭَﻣَﺎ ﺃُﻣِﺮُﻭﺍ ﺇِﻟَّﺎ
ﻟِﻴَﻌْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻣُﺨْﻠِﺼِﻴﻦَ ﻟَﻪُ ﺍﻟﺪِّﻳﻦَ ﺣُﻨَﻔَﺎﺀَ ﻭَﻳُﻘِﻴﻤُﻮﺍ ﺍﻟﺼَّﻠَﺎﺓَ ﻭَﻳُﺆْﺗُﻮﺍ ﺍﻟﺰَّﻛَﺎﺓَ
ﻭَﺫَﻟِﻚَ ﺩِﻳﻦُ ﺍﻟْﻘَﻴِّﻤَﺔِ ) [ ﺍﻟْﺒَﻴِّﻨَﺔِ: 5 ] .
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ: ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺑﻐﻴﺮ ﻧﻴﺔ ﻋﻨﺎﺀ، ﻭﺍﻟﻨﻴﺔ ﺑﻼ ﺇﺧﻼﺹ ﺭﻳﺎﺀ،
ﻭﺍﻹﺧﻼﺹ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﻫﺒﺎﺀ، ﻭﺭﺃﺱ ﻣﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻧَﻈَﺮُﻩ ﻓﻲ ﺣﻘﻮﻕ ﺭﺑﻪ،
ﺛﻢ ﻧَﻈَﺮُﻩ ﻫﻞ ﺃﺗﻰ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻬﺎ .
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ: ﻓﻌﻞُ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻭﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻓﻴﻪ ﻛُﻠْﻔﺔ، ﻓﻘﺪ ﻳﻼﻗﻲ ﺍﻟﻌﺒﺪُ
ﺑﻌﺾَ ﺍﻟﻤﺸﻘﺔ ﻓﻲ ﺃﺩﺍﺋﻬﺎ، ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻫﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ - ﻳﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ - ﺍﻟﻤﺤﺎﻓَﻈﺔ
ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ، ﻭﺍﻟﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺬﻫﺐ ﻫﺒﺎﺀ،
ﻭﻻ ﺗﻀﻴﻊ ﺳُﺪًﻯ، ﻓﺘﺮﻯ ﺍﻟﻌﺒﺪَ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﺍﻟﺨﻤﺲ، ﻣﻊ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺟﺪﻫﻢ، ﻭﻳﺼﻮﻡ ﻭﻳﺤﺞ ﻭﻳﻌﺘﻤﺮ ﻭﻳﺰﻛﻲ ﻭﻳﺼﻞ ﺍﻟﺮﺣﻢ،
ﻭﻳﻌﻤﻞ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﺒﺮ، ﺛﻢ ﻳﺴﺘﺤﻮﺫ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻓﻴُﻮﻗِﻌُﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺤﺒِﻄﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺒﻄِﻼﺕ، ﻓﻴﺬﻫﺐ ﺗﻌﺒﻪ، ﻭﻳﺨﺴﺮ ﺁﺧﺮﺗﻪ ﻋﻴﺎﺫﺍ ﺑﺎﻟﻠﻪ .
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ: ﻣُﺤﺒِﻄﺎﺕ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻫﻲ ﺃﺷﺪ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺤﺬﺭ ﻣﻨﻪ، ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﻪ ﻟﻪ،
ﻭﺍﻹﺣﺒﺎﻁ ﻫﻮ ﺇﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﺕ ﺑﺎﻟﺴﻴﺌﺎﺕ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﻄﺎﺕ ﻣﺎ ﻳُﺤﺒِﻂ
ﺍﻟﻌﻤﻞَ ﻛﻠَّﻪ؛ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﺮﺩﺓ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺘﻜﺬﻳﺐ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ -
ﻋﻴﺎﺫﺍ ﺑﺎﻟﻠﻪ - ، ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ ﺍﻟﻜﻠﻲ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺇﺣﺒﺎﻁ ﺟﺰﺋﻲ ﻻ ﻳﺬﻫﺐ
ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻗﺪ ﻳُﺤﺒِﻂ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓَ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺑﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﻳﺘﺮﻗَّﻰ ﺇﻟﻰ
ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ - ﻓﻲ
ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺃﻫﻠﻪ: ( ﻭَﻣَﻦْ ﻳَﻜْﻔُﺮْ ﺑِﺎﻟْﺈِﻳﻤَﺎﻥِ ﻓَﻘَﺪْ ﺣَﺒِﻂَ ﻋَﻤَﻠُﻪُ ﻭَﻫُﻮَ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺂﺧِﺮَﺓِ ﻣِﻦَ
ﺍﻟْﺨَﺎﺳِﺮِﻳﻦَ ) [ ﺍﻟْﻤَﺎﺋِﺪَﺓِ: 5 ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺰ ﺷﺄﻧﻪ: ( ﻣَﻦْ ﻛَﺎﻥَ ﻳُﺮِﻳﺪُ ﺍﻟْﺤَﻴَﺎﺓَ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ
ﻭَﺯِﻳﻨَﺘَﻬَﺎ ﻧُﻮَﻑِّ ﺇِﻟَﻴْﻬِﻢْ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟَﻬُﻢْ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻭَﻫُﻢْ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻟَﺎ ﻳُﺒْﺨَﺴُﻮﻥَ * ﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ
ﻟَﻴْﺲَ ﻟَﻬُﻢْ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺂﺧِﺮَﺓِ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺭُ ﻭَﺣَﺒِﻂَ ﻣَﺎ ﺻَﻨَﻌُﻮﺍ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻭَﺑَﺎﻃِﻞٌ ﻣَﺎ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ
ﻳَﻌْﻤَﻠُﻮﻥَ ) [ ﻫُﻮﺩٍ : 16-15 ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻙ: ( ﻣَﺎ ﻛَﺎﻥَ ﻟِﻠْﻤُﺸْﺮِﻛِﻴﻦَ ﺃَﻥْ
ﻳَﻌْﻤُﺮُﻭﺍ ﻣَﺴَﺎﺟِﺪَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺷَﺎﻫِﺪِﻳﻦَ ﻋَﻠَﻰ ﺃَﻧْﻔُﺴِﻬِﻢْ ﺑِﺎﻟْﻜُﻔْﺮِ ﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﺣَﺒِﻄَﺖْ
ﺃَﻋْﻤَﺎﻟُﻬُﻢْ ﻭَﻓِﻲ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ ﻫُﻢْ ﺧَﺎﻟِﺪُﻭﻥَ ) [ ﺍﻟﺘَّﻮْﺑَﺔِ: 17 ] ، ﻭﺗﺄﻣﻠﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ
ﻟﻨﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ، ﻳﻘﻮﻝ - ﻋﺰ ﺷﺄﻧﻪ :- ( ﻭَﻟَﻘَﺪْ ﺃُﻭﺣِﻲَ
ﺇِﻟَﻴْﻚَ ﻭَﺇِﻟَﻰ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻠِﻚَ ﻟَﺌِﻦْ ﺃَﺷْﺮَﻛْﺖَ ﻟَﻴَﺤْﺒَﻄَﻦَّ ﻋَﻤَﻠُﻚَ ﻭَﻟَﺘَﻜُﻮﻧَﻦَّ ﻣِﻦَ
ﺍﻟْﺨَﺎﺳِﺮِﻳﻦَ ) [ ﺍﻟﺰُّﻣَﺮِ : 65 ] ، ﻭﺣﺎﺷﺎ ﻣﺤﻤﺪﺍ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺃﻥ
ﻳﺸﺮﻙ، ﺣﺎﺷﺎﻩ ﺃﻥ ﻳﺸﺮﻙ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ، ﻟﻜﻨﻪ ﺍﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ،
ﻭﺍﻹﻧﺬﺍﺭ ﺍﻟﻤﺨﻴﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣﻨﻪ .
ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻡ ﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺫِﻛْﺮ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ، ﻭﻓﻴﻬﻢ ﺃﻭﻟﻮ ﺍﻟﻌﺰﻡ -
ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺻﻠﻮﺍﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻼﻣﻪ - ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : (ﻭَﻟَﻮْ ﺃَﺷْﺮَﻛُﻮﺍ ﻟَﺤَﺒِﻂَ
ﻋَﻨْﻬُﻢْ ﻣَﺎ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻳَﻌْﻤَﻠُﻮﻥَ ) [ ﺍﻟْﺄَﻧْﻌَﺎﻡِ: 88 ] ، ﻭﺣﺎﺷﺎﻫﻢ ﺛﻢ ﺣﺎﺷﺎﻫﻢ، ﻭﻟﻜﻨﻪ
ﺍﻟﺨﻮﻑ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻻﻗﺘﺮﺍﺏ ﻣﻨﻪ ﻭﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻠﻪ ﻭﺫﺭﺍﺋﻌﻪ، ﻭﺣﻔﻆ
ﺟﻨﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺇﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪَﻩ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺻَﺮْﻑ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ
ﻟﻪ ﻭﺣﺪَﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚَ ﻟﻪ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺮﺩﺓ - ﻧﻌﻮﺫ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﻬﺎ - ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ :-
( ﻭَﻣَﻦْ ﻳَﺮْﺗَﺪِﺩْ ﻣِﻨْﻜُﻢْ ﻋَﻦْ ﺩِﻳﻨِﻪِ ﻓَﻴَﻤُﺖْ ﻭَﻫُﻮَ ﻛَﺎﻓِﺮٌ ﻓَﺄُﻭﻟَﺌِﻚَ ﺣَﺒِﻄَﺖْ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟُﻬُﻢْ
ﻓِﻲ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻭَﺍﻟْﺂﺧِﺮَﺓِ ﻭَﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﺃَﺻْﺤَﺎﺏُ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ ﻫُﻢْ ﻓِﻴﻬَﺎ ﺧَﺎﻟِﺪُﻭﻥَ ) [ ﺍﻟْﺒَﻘَﺮَﺓِ:
217 ] .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒِﻄﺎﺕ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ : ﺍﻟﺘﻜﺬﻳﺐ ﺑﺎﻟﻘَﺪَﺭ، ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ
ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ
/1 ﺃﻫﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ /2 ﻣﻌﻨﻰ ﺣﺒﻮﻁ ﺍﻟﻌﻤﻞ /3 ﺑﻌﺾ
ﻣﺤﺒﻄﺎﺕ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ /4 ﺍﻟﻤﺤﺒﻄﺎﺕ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﻓﺎﻟﺤﺬﺭ ﺍﻟﺤﺬﺭ
ﺍﻗﺘﺒﺎﺱ
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻷﻭﻟﻰ :
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ، ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺣﻤﺪﺍ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﻘُﺪْﺳِﻪ، ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻻ ﻧﺤﺼﻲ ﺛﻨﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ،
ﻫﻮ ﻛﻤﺎ ﺃﺛﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ، ﻭﺃﺷﻜﺮﻩ ﻋﻠﻰ ﺇﻧﻌﺎﻣﻪ ﺍﻟﻤﺘﻮﺍﺻﻞ، ﻭﺧﻴﺮﻩ
ﺍﻟﻤﺘﻜﺎﺛﺮ، ﻭﺍﻟﻠﺴﺎﻥُ ﻋﻦ ﺷُﻜْﺮِﻩ ﻗﺎﺻِﺮ، ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ
ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ، ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺗﺮﺟُﺢ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺰﺍﻥ، ﻭﺗُﻮﺻﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﺎﻟﻲ ﺍﻟﺠِﻨﺎﻥ، ﻭﺃﺷﻬﺪ
ﺃﻥ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻭﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪﺍ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﺃﺭﺳَﻠَﻪ ﺭﺣﻤﺔً ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦَ،
ﻭﺳﺮﺍﺟًﺎ ﻣﻨﻴﺮًﺍ، ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﺍﻟﻄﻴﺒﻴﻦ
ﺍﻟﻄﺎﻫﺮﻳﻦ، ﺃﺫﻫَﺐ ﻋﻨﻬﻢ ﺍﻟﺮﺟﺰَ ﻭﻃﻬَّﺮَﻫﻢ ﺗﻄﻬﻴﺮًﺍ، ﻭﻋﻠﻰ ﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﺍﻟﻐُﺮِّ
ﺍﻟﻤﻴﺎﻣﻴﻦِ، ﺃﻋﺰَّ ﺑﻬﻢ ﺩﻳﻨﻪ، ﻭﻧﺼﺮﻩ ﺑﻬﻢ ﻧﺼﺮﺍ ﻛﺒﻴﺮﺍ، ﻭﺃﺗﺒﺎﻋﻪ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﻭﺳﻠﻢ
ﺗﺴﻠﻴﻤﺎ ﻛﺜﻴﺮﺍ .
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪُ: ﻓﺄﻭﺻﻴﻜﻢ -ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ - ﻭﻧﻔﺴﻲ ﺑﺘﻘﻮﻯ ﺍﻟﻠﻪ؛ ﻓﺎﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ - ﺭﺣﻤﻜﻢ
ﺍﻟﻠﻪ - ، ﻓﺎﻟﻌﺰ ﺑﻄﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺮﺑﻮﻁ، ﻭﺍﻟﺬُّﻝُّ ﻟﻠﻤﻌﺼﻴﺔ ﻗﺮﻳﻦ، ﻭﺍﺳﺘﻌِﻴﺬﻭﺍ ﺑﺎﻟﻠﻪ
ﻣﻦ ﺷﺮﻙ ﻳﻬﺪﻡ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪَ، ﻭﺑﺪﻋﺔ ﺗﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴُّﻨَّﺔ، ﻭﻫﻮﻯ ﻳﻤﻨﻊ
ﺍﻹﺧﻼﺹَ، ﻭﺷﻬﻮﺓ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﺍﻷﻣﺮ، ﻭﻏﻔﻠﺔ ﺗﺸﻐﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﺬِّﻛْﺮ، ( ﻭَﻣَﺎ ﺃُﻣِﺮُﻭﺍ ﺇِﻟَّﺎ
ﻟِﻴَﻌْﺒُﺪُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻣُﺨْﻠِﺼِﻴﻦَ ﻟَﻪُ ﺍﻟﺪِّﻳﻦَ ﺣُﻨَﻔَﺎﺀَ ﻭَﻳُﻘِﻴﻤُﻮﺍ ﺍﻟﺼَّﻠَﺎﺓَ ﻭَﻳُﺆْﺗُﻮﺍ ﺍﻟﺰَّﻛَﺎﺓَ
ﻭَﺫَﻟِﻚَ ﺩِﻳﻦُ ﺍﻟْﻘَﻴِّﻤَﺔِ ) [ ﺍﻟْﺒَﻴِّﻨَﺔِ: 5 ] .
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ: ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﺑﻐﻴﺮ ﻧﻴﺔ ﻋﻨﺎﺀ، ﻭﺍﻟﻨﻴﺔ ﺑﻼ ﺇﺧﻼﺹ ﺭﻳﺎﺀ،
ﻭﺍﻹﺧﻼﺹ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﺗﺒﺎﻉ ﻫﺒﺎﺀ، ﻭﺭﺃﺱ ﻣﺎﻝ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻧَﻈَﺮُﻩ ﻓﻲ ﺣﻘﻮﻕ ﺭﺑﻪ،
ﺛﻢ ﻧَﻈَﺮُﻩ ﻫﻞ ﺃﺗﻰ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻬﺎ .
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ: ﻓﻌﻞُ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻭﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﻓﻴﻪ ﻛُﻠْﻔﺔ، ﻓﻘﺪ ﻳﻼﻗﻲ ﺍﻟﻌﺒﺪُ
ﺑﻌﺾَ ﺍﻟﻤﺸﻘﺔ ﻓﻲ ﺃﺩﺍﺋﻬﺎ، ﻟﻜﻦ ﺍﻷﻫﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ - ﻳﺎ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ - ﺍﻟﻤﺤﺎﻓَﻈﺔ
ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ، ﻭﺍﻟﺤﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺍﺕ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺬﻫﺐ ﻫﺒﺎﺀ،
ﻭﻻ ﺗﻀﻴﻊ ﺳُﺪًﻯ، ﻓﺘﺮﻯ ﺍﻟﻌﺒﺪَ ﻳﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼﻠﻮﺍﺕ ﺍﻟﺨﻤﺲ، ﻣﻊ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺟﺪﻫﻢ، ﻭﻳﺼﻮﻡ ﻭﻳﺤﺞ ﻭﻳﻌﺘﻤﺮ ﻭﻳﺰﻛﻲ ﻭﻳﺼﻞ ﺍﻟﺮﺣﻢ،
ﻭﻳﻌﻤﻞ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﺍﻟﺒﺮ، ﺛﻢ ﻳﺴﺘﺤﻮﺫ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﻓﻴُﻮﻗِﻌُﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﻤﺤﺒِﻄﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﺒﻄِﻼﺕ، ﻓﻴﺬﻫﺐ ﺗﻌﺒﻪ، ﻭﻳﺨﺴﺮ ﺁﺧﺮﺗﻪ ﻋﻴﺎﺫﺍ ﺑﺎﻟﻠﻪ .
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ: ﻣُﺤﺒِﻄﺎﺕ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻫﻲ ﺃﺷﺪ ﻣﺎ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺍﻟﺤﺬﺭ ﻣﻨﻪ، ﻭﺍﻟﺘﻨﺒﻪ ﻟﻪ،
ﻭﺍﻹﺣﺒﺎﻁ ﻫﻮ ﺇﺑﻄﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﺕ ﺑﺎﻟﺴﻴﺌﺎﺕ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒﻄﺎﺕ ﻣﺎ ﻳُﺤﺒِﻂ
ﺍﻟﻌﻤﻞَ ﻛﻠَّﻪ؛ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺍﻟﺮﺩﺓ ﻭﺍﻟﻨﻔﺎﻕ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﺍﻻﻋﺘﻘﺎﺩﻱ ﻭﺍﻟﺘﻜﺬﻳﺐ ﺑﺎﻟﻘﺪﺭ -
ﻋﻴﺎﺫﺍ ﺑﺎﻟﻠﻪ - ، ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ ﺍﻟﻜﻠﻲ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺇﺣﺒﺎﻁ ﺟﺰﺋﻲ ﻻ ﻳﺬﻫﺐ
ﺑﺎﻹﻳﻤﺎﻥ، ﻭﻟﻜﻨﻪ ﻗﺪ ﻳُﺤﺒِﻂ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓَ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﺘﺮﻥ ﺑﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﻳﺘﺮﻗَّﻰ ﺇﻟﻰ
ﺍﻹﺣﺒﺎﻁ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ - ﻓﻲ
ﺍﻟﻜﻔﺮ ﻭﺃﻫﻠﻪ: ( ﻭَﻣَﻦْ ﻳَﻜْﻔُﺮْ ﺑِﺎﻟْﺈِﻳﻤَﺎﻥِ ﻓَﻘَﺪْ ﺣَﺒِﻂَ ﻋَﻤَﻠُﻪُ ﻭَﻫُﻮَ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺂﺧِﺮَﺓِ ﻣِﻦَ
ﺍﻟْﺨَﺎﺳِﺮِﻳﻦَ ) [ ﺍﻟْﻤَﺎﺋِﺪَﺓِ: 5 ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﻋﺰ ﺷﺄﻧﻪ: ( ﻣَﻦْ ﻛَﺎﻥَ ﻳُﺮِﻳﺪُ ﺍﻟْﺤَﻴَﺎﺓَ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ
ﻭَﺯِﻳﻨَﺘَﻬَﺎ ﻧُﻮَﻑِّ ﺇِﻟَﻴْﻬِﻢْ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟَﻬُﻢْ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻭَﻫُﻢْ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻟَﺎ ﻳُﺒْﺨَﺴُﻮﻥَ * ﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ
ﻟَﻴْﺲَ ﻟَﻬُﻢْ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺂﺧِﺮَﺓِ ﺇِﻟَّﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺭُ ﻭَﺣَﺒِﻂَ ﻣَﺎ ﺻَﻨَﻌُﻮﺍ ﻓِﻴﻬَﺎ ﻭَﺑَﺎﻃِﻞٌ ﻣَﺎ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ
ﻳَﻌْﻤَﻠُﻮﻥَ ) [ ﻫُﻮﺩٍ : 16-15 ] ، ﻭﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻙ: ( ﻣَﺎ ﻛَﺎﻥَ ﻟِﻠْﻤُﺸْﺮِﻛِﻴﻦَ ﺃَﻥْ
ﻳَﻌْﻤُﺮُﻭﺍ ﻣَﺴَﺎﺟِﺪَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺷَﺎﻫِﺪِﻳﻦَ ﻋَﻠَﻰ ﺃَﻧْﻔُﺴِﻬِﻢْ ﺑِﺎﻟْﻜُﻔْﺮِ ﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﺣَﺒِﻄَﺖْ
ﺃَﻋْﻤَﺎﻟُﻬُﻢْ ﻭَﻓِﻲ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ ﻫُﻢْ ﺧَﺎﻟِﺪُﻭﻥَ ) [ ﺍﻟﺘَّﻮْﺑَﺔِ: 17 ] ، ﻭﺗﺄﻣﻠﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ
ﻟﻨﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ، ﻳﻘﻮﻝ - ﻋﺰ ﺷﺄﻧﻪ :- ( ﻭَﻟَﻘَﺪْ ﺃُﻭﺣِﻲَ
ﺇِﻟَﻴْﻚَ ﻭَﺇِﻟَﻰ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻣِﻦْ ﻗَﺒْﻠِﻚَ ﻟَﺌِﻦْ ﺃَﺷْﺮَﻛْﺖَ ﻟَﻴَﺤْﺒَﻄَﻦَّ ﻋَﻤَﻠُﻚَ ﻭَﻟَﺘَﻜُﻮﻧَﻦَّ ﻣِﻦَ
ﺍﻟْﺨَﺎﺳِﺮِﻳﻦَ ) [ ﺍﻟﺰُّﻣَﺮِ : 65 ] ، ﻭﺣﺎﺷﺎ ﻣﺤﻤﺪﺍ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺃﻥ
ﻳﺸﺮﻙ، ﺣﺎﺷﺎﻩ ﺃﻥ ﻳﺸﺮﻙ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ، ﻟﻜﻨﻪ ﺍﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ،
ﻭﺍﻹﻧﺬﺍﺭ ﺍﻟﻤﺨﻴﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣﻨﻪ .
ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻡ ﺁﺧﺮ ﻓﻲ ﺳﻴﺎﻕ ﺫِﻛْﺮ ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ، ﻭﻓﻴﻬﻢ ﺃﻭﻟﻮ ﺍﻟﻌﺰﻡ -
ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﺻﻠﻮﺍﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺳﻼﻣﻪ - ، ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ : (ﻭَﻟَﻮْ ﺃَﺷْﺮَﻛُﻮﺍ ﻟَﺤَﺒِﻂَ
ﻋَﻨْﻬُﻢْ ﻣَﺎ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻳَﻌْﻤَﻠُﻮﻥَ ) [ ﺍﻟْﺄَﻧْﻌَﺎﻡِ: 88 ] ، ﻭﺣﺎﺷﺎﻫﻢ ﺛﻢ ﺣﺎﺷﺎﻫﻢ، ﻭﻟﻜﻨﻪ
ﺍﻟﺨﻮﻑ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻻﻗﺘﺮﺍﺏ ﻣﻨﻪ ﻭﻣﻦ ﻭﺳﺎﺋﻠﻪ ﻭﺫﺭﺍﺋﻌﻪ، ﻭﺣﻔﻆ
ﺟﻨﺎﺏ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﻭﺇﻓﺮﺍﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪَﻩ ﺑﺎﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺻَﺮْﻑ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ
ﻟﻪ ﻭﺣﺪَﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚَ ﻟﻪ، ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺮﺩﺓ - ﻧﻌﻮﺫ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻨﻬﺎ - ﻓﻴﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ -ﻋﺰ ﻭﺟﻞ :-
( ﻭَﻣَﻦْ ﻳَﺮْﺗَﺪِﺩْ ﻣِﻨْﻜُﻢْ ﻋَﻦْ ﺩِﻳﻨِﻪِ ﻓَﻴَﻤُﺖْ ﻭَﻫُﻮَ ﻛَﺎﻓِﺮٌ ﻓَﺄُﻭﻟَﺌِﻚَ ﺣَﺒِﻄَﺖْ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟُﻬُﻢْ
ﻓِﻲ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻭَﺍﻟْﺂﺧِﺮَﺓِ ﻭَﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﺃَﺻْﺤَﺎﺏُ ﺍﻟﻨَّﺎﺭِ ﻫُﻢْ ﻓِﻴﻬَﺎ ﺧَﺎﻟِﺪُﻭﻥَ ) [ ﺍﻟْﺒَﻘَﺮَﺓِ:
217 ] .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒِﻄﺎﺕ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ : ﺍﻟﺘﻜﺬﻳﺐ ﺑﺎﻟﻘَﺪَﺭ، ﺟﺎﺀ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺯﻳﺪ ﺑﻦ
ﺛﺎﺑﺖ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻳﻘﻮﻝ: " ﺳﻤﻌﺖُ ﺭﺳﻮﻝَ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ - ﻳﻘﻮﻝ : ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻟﻚَ ﻣﺜﻞ ﺃُﺣُﺪ ﺫﻫﺒًﺎ، ﺃﻭ ﻣﺜﻞ ﺟﺒﻞ ﺃُﺣُﺪ ﺫَﻫَﺒًﺎ ﺗُﻨﻔِﻘُﻪ
ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻗَﺒِﻠَﻪ ﺍﻟﻠﻪُ ﻣﻨﻚَ ﺣﺘﻰ ﺗﺆﻣِﻦَ ﺑﺎﻟﻘَﺪَﺭِ ﻛُﻠِّﻪِ" ( ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ،
ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ) .
ﻭﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ - ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺬِّﺑﻴﻦ ﺑﺎﻟﻘَﺪَﺭ: " ﻓﺈﺫﺍ
ﻟﻘﻴﺖَ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻓَﺄَﺧْﺒِﺮْﻫُﻢ ﺃﻧﻲ ﺑﺮﻱﺀ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭﻫﻢ ﺑﺮﺁﺀ ﻣﻨﻲ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﻠﻒ ﺑﻪ،
ﻟﻮ ﺃﻥ ﻷﺣﺪﻫﻢ ﻣﺜﻞ ﺟﺒﻞ ﺃُﺣُﺪ ﺫﻫﺒًﺎ ﻓﺄﻧﻔَﻘَﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻗَﺒِﻠَﻪ ﺍﻟﻠﻪُ
ﻣﻨﻪ، ﺣﺘﻰ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻘَﺪَﺭ " ( ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ) .
ﻭﻣﻦ ﻣُﺤﺒِﻄﺎﺕ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ : ﻣُﺸﺎﻗَّﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ، ﻭﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺃﻣﺮﻩ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﺰﻳﻞ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ: ( ﺇِﻥَّ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻛَﻔَﺮُﻭﺍ
ﻭَﺻَﺪُّﻭﺍ ﻋَﻦْ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺷَﺎﻗُّﻮﺍ ﺍﻟﺮَّﺳُﻮﻝَ ﻣِﻦْ ﺑَﻌْﺪِ ﻣَﺎ ﺗَﺒَﻴَّﻦَ ﻟَﻬُﻢُ ﺍﻟْﻬُﺪَﻯ ﻟَﻦْ
ﻳَﻀُﺮُّﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺷَﻴْﺌًﺎ ﻭَﺳَﻴُﺤْﺒِﻂُ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟَﻬُﻢْ ) [ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ: 32 ] ، ﻭﻣﺜﻞ ﺍﻟﻤﺸﺎﻗَّﺔ ﺭﻓﻊ
ﺍﻟﺼﻮﺕ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ، ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺰﺓ : (ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ
ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﻟَﺎ ﺗَﺮْﻓَﻌُﻮﺍ ﺃَﺻْﻮَﺍﺗَﻜُﻢْ ﻓَﻮْﻕَ ﺻَﻮْﺕِ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﺠْﻬَﺮُﻭﺍ ﻟَﻪُ
ﺑِﺎﻟْﻘَﻮْﻝِ ﻛَﺠَﻬْﺮِ ﺑَﻌْﻀِﻜُﻢْ ﻟِﺒَﻌْﺾٍ ﺃَﻥْ ﺗَﺤْﺒَﻂَ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟُﻜُﻢْ ﻭَﺃَﻧْﺘُﻢْ ﻟَﺎ ﺗَﺸْﻌُﺮُﻭﻥَ )
[ ﺍﻟْﺤُﺠُﺮَﺍﺕِ : 2 ] ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﻳﺤﺼﻞ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺗﻪ - ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪﻩ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -
ﺃﻭ ﻓﻲ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻗﺒﺮﻩ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺨﻔﺾ ﺻﻮﺗﻪ، ﻭﺇﺫﺍ
ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻧِﻘَﺎﺵ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻓﻌﻠﻴﻪ
ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ، ﻭﻣﻤﺎ ﻳُﺮﻭَﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﺃﺑﺎ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺗﻨﺎﻇَﺮ ﻣﻊ
ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ؛ ﺇﻣﺎﻡ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ - ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻤﻴﻌﺎ - ﻭﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ
ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ، ﻓﻘﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ: " ﻻ ﺗﺮﻓﻊ ﺻﻮﺗﻚ ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ؛
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ - ﺃﺩَّﺏ ﻗﻮﻣًﺎ ﻓﻘﺎﻝ: ( ﻟَﺎ ﺗَﺮْﻓَﻌُﻮﺍ ﺃَﺻْﻮَﺍﺗَﻜُﻢْ ﻓَﻮْﻕَ ﺻَﻮْﺕِ
ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ) [ ﺍﻟْﺤُﺠُﺮَﺍﺕِ: 2 ] ، ﻭﻣﺪﺣﻬﻢ ﻓﻘﺎﻝ: (ﺇِﻥَّ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳَﻐُﻀُّﻮﻥَ ﺃَﺻْﻮَﺍﺗَﻬُﻢْ
ﻋِﻨْﺪَ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺍﻣْﺘَﺤَﻦَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻗُﻠُﻮﺑَﻬُﻢْ ﻟِﻠﺘَّﻘْﻮَﻯ ﻟَﻬُﻢْ ﻣَﻐْﻔِﺮَﺓٌ
ﻭَﺃَﺟْﺮٌ ﻋَﻈِﻴﻢٌ ) [ ﺍﻟْﺤُﺠُﺮَﺍﺕِ: 3 ] ، ﻭﺫﻡَّ ﻗﻮﻣًﺎ ﻓﻘﺎﻝ: (ﺇِﻥَّ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳُﻨَﺎﺩُﻭﻧَﻚَ ﻣِﻦْ
ﻭَﺭَﺍﺀِ ﺍﻟْﺤُﺠُﺮَﺍﺕِ ﺃَﻛْﺜَﺮُﻫُﻢْ ﻟَﺎ ﻳَﻌْﻘِﻠُﻮﻥَ ) [ ﺍﻟْﺤُﺠُﺮَﺍﺕِ : 4 ] ، ﻭﺇﻥ ﺣﺮﻣﺘﻪ ﻣﻴﺘﺎ
ﻛﺤﺮﻣﺘﻪ ﺣَﻴًّﺎ " ، ﻓﺎﺳﺘﻜﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺃﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ .
ﻭﻣﻦ ﻟﻄﻴﻒ ﻣﺎ ﻗﺮﺭﻩ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺩﺏ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ
ﺣﻴﻦ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺣﺪﻳﺜﻪ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ، ﻭﺳﻤﺎﻋﻪ، ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻟﻮﺍ " : ﺇﻥ
ﻛﻼﻣﻪ ﺍﻟﻤﺄﺛﻮﺭ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ ﻣﺜﻞ ﻛﻼﻣﻪ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﻣﻦ ﻟﻔﻈﻪ ."
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒِﻄﺎﺕ -ﻋﺒﺎﺩَ ﺍﻟﻠﻪ - : ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔُ ﺑﺎﻟﺪِّﻳﻦ ﻭﺃﻫﻠﻪ، ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ - ﺟﻞ
ﻭﻋﻼ :- ( ﻭَﻟَﺌِﻦْ ﺳَﺄَﻟْﺘَﻬُﻢْ ﻟَﻴَﻘُﻮﻟُﻦَّ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻛُﻨَّﺎ ﻧَﺨُﻮﺽُ ﻭَﻧَﻠْﻌَﺐُ ﻗُﻞْ ﺃَﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺁﻳَﺎﺗِﻪِ
ﻭَﺭَﺳُﻮﻟِﻪِ ﻛُﻨْﺘُﻢْ ﺗَﺴْﺘَﻬْﺰِﺋُﻮﻥَ * ﻟَﺎ ﺗَﻌْﺘَﺬِﺭُﻭﺍ ﻗَﺪْ ﻛَﻔَﺮْﺗُﻢْ ﺑَﻌْﺪَ ﺇِﻳﻤَﺎﻧِﻜُﻢْ ﺇِﻥْ ﻧَﻌْﻒُ
ﻋَﻦْ ﻃَﺎﺋِﻔَﺔٍ ﻣِﻨْﻜُﻢْ ﻧُﻌَﺬِّﺏْ ﻃَﺎﺋِﻔَﺔً ﺑِﺄَﻧَّﻬُﻢْ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻣُﺠْﺮِﻣِﻴﻦَ ) [ ﺍﻟﺘَّﻮْﺑَﺔِ: 66-65 ] ،
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﻋﺰ ﺷﺄﻧﻪ: ( ﺫَﻟِﻚَ ﺑِﺄَﻧَّﻬُﻢْ ﻛَﺮِﻫُﻮﺍ
ﻣَﺎ ﺃَﻧْﺰَﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻓَﺄَﺣْﺒَﻂَ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟَﻬُﻢْ ) [ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ: 9 ] ، ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺎﺏ ﻋﻈﻴﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ
ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺤﺬَﺭ ﻣﻨﻪ، ﻭﺑﺨﺎﺻﺔ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﻳﻮﺍﻓِﻖ ﺍﻟﺸﺮﻉُ ﻫﻮﺍﻩ ﻭﺭﻏﺒﺎﺗﻪ، ﺃﻭ
ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻧﻔﺮﺓٌ ﻣﻨﻪ؛ ﻓﻴُﺨﺸﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺒﻮﻁُ ﻋﻤﻠﻪ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ
ﺍﻟﺬِّﻛﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺤﺮﺹ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻭﻳﺪﺍﻭﻡ ﻋﻠﻴﻪ: " ﺭﺿﻴﺖُ ﺑﺎﻟﻠﻪ
ﺭﺑًّﺎ، ﻭﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳﻨًﺎ، ﻭﺑﻤﺤﻤﺪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻧﺒﻴًّﺎ" ، ﻳﻘﻮﻝ ﺫﻟﻚ
ﺛﻼﺙ ﻣﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒِﻄﺎﺕ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ : ﺇﺗﻴﺎﻥ ﺍﻟﻜﻬﺎﻥ ﻭﺍﻟﺴﺤﺮﺓ ﻭﺍﻟﻌﺮَّﺍﻓﻴﻦ
ﻭﺍﻟﻤﻨﺠِّﻤﻴﻦ، ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ: "ﻣَﻦْ ﺃﺗﻰ ﻋﺮَّﺍﻓﺎ ﻓﺼﺪَّﻗَﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ
ﻓﻘﺪ ﻛﻔَﺮ ﺑﻤﺎ ﺃُﻧﺰِﻝَ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ "- ( ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ ) ،
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻵﺧَﺮ: " ﻣَﻦْ ﺃﺗﺮﻯ ﻋﺮَّﺍﻓًﺎ ﻓﺴﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ ﻟﻢ ﺗُﻘﺒَﻞ ﻟﻪ
ﺻﻼﺓٌ ﺳﺒﻌﻴﻦَ ﻟﻴﻠﺔً" ( ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ) ، ﻗﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ: " ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﻜﻬﺎﻥ ﻳَﻤﻨَﻊ
ﻗﺒﻮﻝَ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦَ ﻟﻴﻠﺔً، ﻭﺗﺼﺪﻳﻘﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻳُﻮﻗِﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ " ﻋﻴﺎﺫﺍ
ﺑﺎﻟﻠﻪ .
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ: ﺍﻟﺬَّﻫﺎﺏ ﻟﻠﻌﺮَّﺍﻓﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻨﺠِّﻤﻴﻦ ﻭﺗﺼﺪﻳﻘﻬﻢ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ
ﻗﺪﺡٌ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ، ﻭﺇﺫﺍ ﺫﻫَﺐ ﺗﻮﺣﻴﺪُ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺑﻘﻲ ﻟﻪ؟ ﻭﻗﺪ ﺩﺧَﻞ
ﺍﻟﻤﺸﻌﻮِﺫﻭﻥ ﻭﺍﻟﻜﻬﻨﺔُ ﻗﻨﻮﺍﺕِ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭﺃﺩﻭﺍﺗﻪ ﻓﻠﺒَّﺴُﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﻭﻏﺮَّﺭُﻭﺍ ﺑﻬﻢ، ﻓﺎﻟﺤﺬﺭَ ﺍﻟﺤﺬﺭَ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒِﻄﺎﺕ : ﺍﻟﺘﺄﻟِّﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ؛ ﻭﻫﻮ ﺍﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻋﻦ ﺃﺧﻴﻚ
ﻭﺳﻠﻢ - ﻳﻘﻮﻝ : ﻟﻮ ﻛﺎﻥ ﻟﻚَ ﻣﺜﻞ ﺃُﺣُﺪ ﺫﻫﺒًﺎ، ﺃﻭ ﻣﺜﻞ ﺟﺒﻞ ﺃُﺣُﺪ ﺫَﻫَﺒًﺎ ﺗُﻨﻔِﻘُﻪ
ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻗَﺒِﻠَﻪ ﺍﻟﻠﻪُ ﻣﻨﻚَ ﺣﺘﻰ ﺗﺆﻣِﻦَ ﺑﺎﻟﻘَﺪَﺭِ ﻛُﻠِّﻪِ" ( ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ،
ﻭﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ ) .
ﻭﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ - ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺬِّﺑﻴﻦ ﺑﺎﻟﻘَﺪَﺭ: " ﻓﺈﺫﺍ
ﻟﻘﻴﺖَ ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻓَﺄَﺧْﺒِﺮْﻫُﻢ ﺃﻧﻲ ﺑﺮﻱﺀ ﻣﻨﻬﻢ، ﻭﻫﻢ ﺑﺮﺁﺀ ﻣﻨﻲ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﺣﻠﻒ ﺑﻪ،
ﻟﻮ ﺃﻥ ﻷﺣﺪﻫﻢ ﻣﺜﻞ ﺟﺒﻞ ﺃُﺣُﺪ ﺫﻫﺒًﺎ ﻓﺄﻧﻔَﻘَﻪ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺎ ﻗَﺒِﻠَﻪ ﺍﻟﻠﻪُ
ﻣﻨﻪ، ﺣﺘﻰ ﻳﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﻘَﺪَﺭ " ( ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ) .
ﻭﻣﻦ ﻣُﺤﺒِﻄﺎﺕ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ : ﻣُﺸﺎﻗَّﺔ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ، ﻭﻣﺨﺎﻟﻔﺔ ﺃﻣﺮﻩ، ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺘﻨﺰﻳﻞ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ: ( ﺇِﻥَّ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻛَﻔَﺮُﻭﺍ
ﻭَﺻَﺪُّﻭﺍ ﻋَﻦْ ﺳَﺒِﻴﻞِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺷَﺎﻗُّﻮﺍ ﺍﻟﺮَّﺳُﻮﻝَ ﻣِﻦْ ﺑَﻌْﺪِ ﻣَﺎ ﺗَﺒَﻴَّﻦَ ﻟَﻬُﻢُ ﺍﻟْﻬُﺪَﻯ ﻟَﻦْ
ﻳَﻀُﺮُّﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺷَﻴْﺌًﺎ ﻭَﺳَﻴُﺤْﺒِﻂُ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟَﻬُﻢْ ) [ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ: 32 ] ، ﻭﻣﺜﻞ ﺍﻟﻤﺸﺎﻗَّﺔ ﺭﻓﻊ
ﺍﻟﺼﻮﺕ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ، ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻝ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺰﺓ : (ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ
ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﻟَﺎ ﺗَﺮْﻓَﻌُﻮﺍ ﺃَﺻْﻮَﺍﺗَﻜُﻢْ ﻓَﻮْﻕَ ﺻَﻮْﺕِ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﺠْﻬَﺮُﻭﺍ ﻟَﻪُ
ﺑِﺎﻟْﻘَﻮْﻝِ ﻛَﺠَﻬْﺮِ ﺑَﻌْﻀِﻜُﻢْ ﻟِﺒَﻌْﺾٍ ﺃَﻥْ ﺗَﺤْﺒَﻂَ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟُﻜُﻢْ ﻭَﺃَﻧْﺘُﻢْ ﻟَﺎ ﺗَﺸْﻌُﺮُﻭﻥَ )
[ ﺍﻟْﺤُﺠُﺮَﺍﺕِ : 2 ] ، ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﻗﺪ ﻳﺤﺼﻞ ﺑﻌﺪ ﻭﻓﺎﺗﻪ - ﻋﻠﻴﻪ
ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﻣﺴﺠﺪﻩ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -
ﺃﻭ ﻓﻲ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻗﺒﺮﻩ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ﻓﻌﻠﻴﻪ ﺃﻥ ﻳﺨﻔﺾ ﺻﻮﺗﻪ، ﻭﺇﺫﺍ
ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﻭ ﻓﻲ ﻧِﻘَﺎﺵ ﻭﻫﻮ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ ﺍﻟﺸﺮﻳﻒ ﻓﻌﻠﻴﻪ
ﻣﺮﺍﻋﺎﺓ ﺫﻟﻚ ﻛﻠﻪ، ﻭﻣﻤﺎ ﻳُﺮﻭَﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺨﻠﻔﻴﺔ ﺃﺑﺎ ﺟﻌﻔﺮ ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺭ ﺗﻨﺎﻇَﺮ ﻣﻊ
ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻣﺎﻟﻚ؛ ﺇﻣﺎﻡ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ - ﺭﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻤﻴﻌﺎ - ﻭﻫﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ
ﺍﻟﻨﺒﻮﻱ، ﻓﻘﺎﻝ ﻣﺎﻟﻚ ﻟﻠﺨﻠﻴﻔﺔ: " ﻻ ﺗﺮﻓﻊ ﺻﻮﺗﻚ ﻳﺎ ﺃﻣﻴﺮ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ؛
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻪ -ﺗﻌﺎﻟﻰ - ﺃﺩَّﺏ ﻗﻮﻣًﺎ ﻓﻘﺎﻝ: ( ﻟَﺎ ﺗَﺮْﻓَﻌُﻮﺍ ﺃَﺻْﻮَﺍﺗَﻜُﻢْ ﻓَﻮْﻕَ ﺻَﻮْﺕِ
ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ) [ ﺍﻟْﺤُﺠُﺮَﺍﺕِ: 2 ] ، ﻭﻣﺪﺣﻬﻢ ﻓﻘﺎﻝ: (ﺇِﻥَّ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳَﻐُﻀُّﻮﻥَ ﺃَﺻْﻮَﺍﺗَﻬُﻢْ
ﻋِﻨْﺪَ ﺭَﺳُﻮﻝِ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺃُﻭﻟَﺌِﻚَ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺍﻣْﺘَﺤَﻦَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻗُﻠُﻮﺑَﻬُﻢْ ﻟِﻠﺘَّﻘْﻮَﻯ ﻟَﻬُﻢْ ﻣَﻐْﻔِﺮَﺓٌ
ﻭَﺃَﺟْﺮٌ ﻋَﻈِﻴﻢٌ ) [ ﺍﻟْﺤُﺠُﺮَﺍﺕِ: 3 ] ، ﻭﺫﻡَّ ﻗﻮﻣًﺎ ﻓﻘﺎﻝ: (ﺇِﻥَّ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳُﻨَﺎﺩُﻭﻧَﻚَ ﻣِﻦْ
ﻭَﺭَﺍﺀِ ﺍﻟْﺤُﺠُﺮَﺍﺕِ ﺃَﻛْﺜَﺮُﻫُﻢْ ﻟَﺎ ﻳَﻌْﻘِﻠُﻮﻥَ ) [ ﺍﻟْﺤُﺠُﺮَﺍﺕِ : 4 ] ، ﻭﺇﻥ ﺣﺮﻣﺘﻪ ﻣﻴﺘﺎ
ﻛﺤﺮﻣﺘﻪ ﺣَﻴًّﺎ " ، ﻓﺎﺳﺘﻜﺎﻥ ﻟﻬﺎ ﺃﺑﻮ ﺟﻌﻔﺮ .
ﻭﻣﻦ ﻟﻄﻴﻒ ﻣﺎ ﻗﺮﺭﻩ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺩﺏ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ
ﺣﻴﻦ ﻗﺮﺍﺀﺓ ﺣﺪﻳﺜﻪ - ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ - ، ﻭﺳﻤﺎﻋﻪ، ﻓﻘﺪ ﻗﺎﻟﻮﺍ " : ﺇﻥ
ﻛﻼﻣﻪ ﺍﻟﻤﺄﺛﻮﺭ ﺑﻌﺪ ﻣﻮﺗﻪ ﻣﺜﻞ ﻛﻼﻣﻪ ﺍﻟﻤﺸﻬﻮﺭ ﻣﻦ ﻟﻔﻈﻪ ."
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒِﻄﺎﺕ -ﻋﺒﺎﺩَ ﺍﻟﻠﻪ - : ﺍﻟﺴﺨﺮﻳﺔُ ﺑﺎﻟﺪِّﻳﻦ ﻭﺃﻫﻠﻪ، ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﺤﻖ - ﺟﻞ
ﻭﻋﻼ :- ( ﻭَﻟَﺌِﻦْ ﺳَﺄَﻟْﺘَﻬُﻢْ ﻟَﻴَﻘُﻮﻟُﻦَّ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻛُﻨَّﺎ ﻧَﺨُﻮﺽُ ﻭَﻧَﻠْﻌَﺐُ ﻗُﻞْ ﺃَﺑِﺎﻟﻠَّﻪِ ﻭَﺁﻳَﺎﺗِﻪِ
ﻭَﺭَﺳُﻮﻟِﻪِ ﻛُﻨْﺘُﻢْ ﺗَﺴْﺘَﻬْﺰِﺋُﻮﻥَ * ﻟَﺎ ﺗَﻌْﺘَﺬِﺭُﻭﺍ ﻗَﺪْ ﻛَﻔَﺮْﺗُﻢْ ﺑَﻌْﺪَ ﺇِﻳﻤَﺎﻧِﻜُﻢْ ﺇِﻥْ ﻧَﻌْﻒُ
ﻋَﻦْ ﻃَﺎﺋِﻔَﺔٍ ﻣِﻨْﻜُﻢْ ﻧُﻌَﺬِّﺏْ ﻃَﺎﺋِﻔَﺔً ﺑِﺄَﻧَّﻬُﻢْ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻣُﺠْﺮِﻣِﻴﻦَ ) [ ﺍﻟﺘَّﻮْﺑَﺔِ: 66-65 ] ،
ﻭﻛﺬﻟﻚ ﻛﺮﺍﻫﻴﺔ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻗﺪ ﻗﺎﻝ ﻋﺰ ﺷﺄﻧﻪ: ( ﺫَﻟِﻚَ ﺑِﺄَﻧَّﻬُﻢْ ﻛَﺮِﻫُﻮﺍ
ﻣَﺎ ﺃَﻧْﺰَﻝَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻓَﺄَﺣْﺒَﻂَ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟَﻬُﻢْ ) [ ﻣُﺤَﻤَّﺪٍ: 9 ] ، ﻭﻫﺬﺍ ﺑﺎﺏ ﻋﻈﻴﻢ ﻳﻨﺒﻐﻲ
ﻟﻠﻤﺴﻠﻢ ﺃﻥ ﻳﺤﺬَﺭ ﻣﻨﻪ، ﻭﺑﺨﺎﺻﺔ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻻ ﻳﻮﺍﻓِﻖ ﺍﻟﺸﺮﻉُ ﻫﻮﺍﻩ ﻭﺭﻏﺒﺎﺗﻪ، ﺃﻭ
ﻳﻘﻊ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﻧﻔﺮﺓٌ ﻣﻨﻪ؛ ﻓﻴُﺨﺸﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺣﺒﻮﻁُ ﻋﻤﻠﻪ، ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ
ﺍﻟﺬِّﻛﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻳﺤﺮﺹ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻭﻳﺪﺍﻭﻡ ﻋﻠﻴﻪ: " ﺭﺿﻴﺖُ ﺑﺎﻟﻠﻪ
ﺭﺑًّﺎ، ﻭﺑﺎﻹﺳﻼﻡ ﺩﻳﻨًﺎ، ﻭﺑﻤﺤﻤﺪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻧﺒﻴًّﺎ" ، ﻳﻘﻮﻝ ﺫﻟﻚ
ﺛﻼﺙ ﻣﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒِﻄﺎﺕ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ : ﺇﺗﻴﺎﻥ ﺍﻟﻜﻬﺎﻥ ﻭﺍﻟﺴﺤﺮﺓ ﻭﺍﻟﻌﺮَّﺍﻓﻴﻦ
ﻭﺍﻟﻤﻨﺠِّﻤﻴﻦ، ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ: "ﻣَﻦْ ﺃﺗﻰ ﻋﺮَّﺍﻓﺎ ﻓﺼﺪَّﻗَﻪ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ
ﻓﻘﺪ ﻛﻔَﺮ ﺑﻤﺎ ﺃُﻧﺰِﻝَ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﻤﺪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ "- ( ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺣﻤﺪ ) ،
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻵﺧَﺮ: " ﻣَﻦْ ﺃﺗﺮﻯ ﻋﺮَّﺍﻓًﺎ ﻓﺴﺄﻟﻪ ﻋﻦ ﺷﻲﺀ ﻟﻢ ﺗُﻘﺒَﻞ ﻟﻪ
ﺻﻼﺓٌ ﺳﺒﻌﻴﻦَ ﻟﻴﻠﺔً" ( ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ) ، ﻗﺎﻝ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻌﻠﻢ: " ﺳﺆﺍﻝ ﺍﻟﻜﻬﺎﻥ ﻳَﻤﻨَﻊ
ﻗﺒﻮﻝَ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦَ ﻟﻴﻠﺔً، ﻭﺗﺼﺪﻳﻘﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ ﻳُﻮﻗِﻊ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻔﺮ " ﻋﻴﺎﺫﺍ
ﺑﺎﻟﻠﻪ .
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ: ﺍﻟﺬَّﻫﺎﺏ ﻟﻠﻌﺮَّﺍﻓﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻨﺠِّﻤﻴﻦ ﻭﺗﺼﺪﻳﻘﻬﻢ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﻮﻟﻮﻥ
ﻗﺪﺡٌ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻮﺣﻴﺪ، ﻭﺇﺫﺍ ﺫﻫَﺐ ﺗﻮﺣﻴﺪُ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻓﻤﺎﺫﺍ ﺑﻘﻲ ﻟﻪ؟ ﻭﻗﺪ ﺩﺧَﻞ
ﺍﻟﻤﺸﻌﻮِﺫﻭﻥ ﻭﺍﻟﻜﻬﻨﺔُ ﻗﻨﻮﺍﺕِ ﺍﻟﺘﻮﺍﺻﻞ ﻭﺃﺩﻭﺍﺗﻪ ﻓﻠﺒَّﺴُﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺎﺱ
ﻭﻏﺮَّﺭُﻭﺍ ﺑﻬﻢ، ﻓﺎﻟﺤﺬﺭَ ﺍﻟﺤﺬﺭَ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒِﻄﺎﺕ : ﺍﻟﺘﺄﻟِّﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ؛ ﻭﻫﻮ ﺍﺳﺘﺒﻌﺎﺩ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻋﻦ ﺃﺧﻴﻚ
ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ، ﻓﻤَﻦ ﺗﺄﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻘﺪ ﺍﺳﺘﺒﻌﺪ ﺷﻤﻮﻟﻪ ﺭﺣﻤﺔَ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﻋﻔﻮﻩ
ﻷﺧﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ، ﺍﺳﺘﻌﻈﻢ ﺫﻧﺐ ﺃﺧﻴﻪ ﻭﺗﻘﺼﻴﺮﻩ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﺗﺤﺠَّﺮ ﺭﺣﻤﺔَ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﻓﻀﻠﻪ، ﻓﻌﻦ ﺟُﻨْﺪﺏ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺒﺠﻠﻲ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
- ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺣﺪَّﺙ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻗﺎﻝ: " ﻭﺍﻟﻠﻪِ ﻻ ﻳﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪُ ﻟﻔﻼﻥ،
ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ - ﺗﻌﺎﻟﻰ - ﻗﺎﻝ : ﻭﻣَﻦْ ﺫﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺄﻟَّﻰ ﻋﻠﻲَّ ﺃﻻ ﺃﻏﻔﺮ ﻟﻔﻼﻥ؟ ﻓﺈﻧﻲ
ﻗﺪ ﻏﻔﺮﺕُ ﻟﻔﻼﻥ ﻭﺃﺣﺒﻄﺖُ ﻋﻤﻠَﻪ" ﺃﻭ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ، ( ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ) ، ﻭﻣﻌﻨﻰ :
" ﻳﺘﺄﻟَّﻰ ﻋﻠﻲَّ " ﺃﻱ: ﻳُﻘﺴِﻢ ﻋﻠﻲَّ .
ﻋﺒﺎﺩَ ﺍﻟﻠﻪِ: ﻣَﻦْ ﺭﺃﻯ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺻﻼﺣًﺎ ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔً ﻓﻠﻴﺤﺬﺭ ﺃﻥ ﻳﺤﺘﻘﺮ ﺃﺣﺪًﺍ
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺼِّﺮﻳﻦ ﺍﻟﻤﺬﻧﺒﻴﻦَ، ﺃﻭ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻬﻢ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﺯﺩﺭﺍﺀ، ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺴﻪ
ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻭﺍﻹﻋﺠﺎﺏ، ﻓﻬﺬﺍ ﻣَﻮﺭِﺩٌ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻬﻼﻙ ﻋﻈﻴﻢ، ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ، ﻭﻋﻠﻴﻚَ -ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺻﺢ - ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺑﻜﺴﺐ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ، ﻻ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ
ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ .
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ: ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒِﻄﺎﺕ - ﺣﻔﻈﻨﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ - ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ، ﻓﻔﻲ
ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻘﺪﺳﻲ: " ﺃﻧﺎ ﺃﻏﻨﻰ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻙ، ﻣَﻦْ ﻋَﻤِﻞَ ﻋﻤﻠًﺎ ﺃﺷﺮَﻙ
ﻣﻌﻲ ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮﻱ ﺗﺮﻛﺘُﻪ ﻭﺷِﺮْﻛَﻪ " ( ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ) ، ﻓﺎﻟﺤﺬﺭَ - ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ -
ﺍﻟﺤﺬﺭَ ﻣﻦ ﺗﻄﻠُّﺐ ﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻣﺮﺍﺀﺍﺗﻬﻢ، ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻓﻘﺎﻝ: " ﺃﺭﺃﻳﺖَ ﺭﺟﻠًﺎ ﻏَﺰَﺍ ﻳﻠﺘﻤﺲ ﺍﻷﺟﺮَ ﻭﺍﻟﺬِّﻛْﺮَ . ﻣﺎ ﻟﻪ؟ ﻓﻘﺎﻝ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :- ﻻ ﺷﻲﺀَ ﻟﻪ، ﻓﺄﻋﺎﺩﻫﺎ ﺛﻼﺙَ ﻣﺮﺍﺕٍ،
ﻳﻘﻮﻝ ﺭﺳﻮﻝُ ﺍﻟﻠﻪِ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :- ﻻ ﺷﻲﺀَ ﻟﻪ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺧﺎﻟﺼًﺎ، ﻭﺍﺑﺘﻐﻲ ﺑﻪ ﻭﺟﻬﻪ " ( ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ
ﺩﺍﻭﺩ، ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ) .
ﻓﻤﺎ ﺗﻘﺮَّﺏ ﻋﺒﺪٌ ﻗُﺮْﺑﺔً ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺑﻬﺎ ﺛﻨﺎﺀَ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻻ ﻭﻗﺪ ﻋﺮَّﺿﻬﺎ ﻟﻠﺤﺒﻮﻁ
ﻭﺍﻟﺒﻄﻼﻥ ﻭﺣﺮﻣﺎﻥ ﺛﻮﺍﺑﻬﺎ، ﻳﻮﻡ ﺗُﺒﻠﻰ ﺍﻟﺴﺮﺍﺋﺮ، ﻭﺗُﻔْﺸَﻰ ﺍﻟﻨﻮﺍﻳﺎ ﻭﻳﻔﻀﺢ
ﺍﻟﻤﺮﺍﺅﻭﻥ، ﻭﻗﺪ ﺍﺑﺘﻠﻲ ﺃﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ، ﻓﺘﺮﻯ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺬﻛﺮ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ، ﻭﻳﺬﻛﺮ ﻣﺎ ﻗﺪَّﻣﻪ ﻹﺧﻮﺍﻧﻪ ﻣﻦ
ﺩﻋﻮﺍﺕ، ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﺻﺎﻟﺤﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺑﻈﻬﺮ ﺍﻟﻐﻴﺐ؛ ﻓﺎﻟﺤﺬﺭ
ﺍﻟﺤﺬﺭ، ﺣﻔﻈﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﻌﻮﺫ ﺑﻚ ﺃﻥ ﻧﺸﺮﻙ ﺑﻪ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ، ﻭﻧﺴﺘﻐﻔﺮﻙ ﻟﻤﺎ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒِﻄﺎﺕ ﻳﺎ ﻋﺒﺪَ ﺍﻟﻠﻪِ: ﺣﻔﻈﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﻤﺎﻙ، ﺍﻧﺘﻬﺎﻙ ﻣﺤﺎﺭﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﺮ : ﻓﻌﻦ ﺛﻮﺑﺎﻥ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺃﻧﻪ
ﻗﺎﻝ: "ﻟَﺄَﻋْﻠَﻤَﻦَّ ﺃﻗﻮﺍﻣًﺎ ﻣﻦ ﺃﻣﺘﻲ ﻳﺄﺗﻮﻥ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺑﺤﺴﻨﺎﺕ ﺃﻣﺜﺎﻝ
ﺟﺒﺎﻝ ﺗﻬﺎﻣﺔ ﺑﻴﻀﺎﺀ، ﻓﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﺒﺎﺀً ﻣﻨﺜﻮﺭًﺍ، ﻗﺎﻝ ﺛﻮﺑﺎﻥُ : ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ
ﺍﻟﻠﻪ، ﺻِﻔْﻬُﻢ ﻟﻨﺎ، ﺟَﻠِّﻬﻢ ﻟﻨﺎ؛ ﺃﻟَّﺎ ﻧﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ . ﻗﺎﻝ : ﺃﻣَﺎ ﺇﻧﻬﻢ
ﺇﺧﻮﺍﻧُﻜﻢ ﻭﻣﻦ ﺟِﻠْﺪَﺗِﻜﻢ، ﻭﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻛﻤﺎ ﺗﺄﺧﺬﻭﻥ، ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ
ﺃﻗﻮﺍﻡ ﺇﺫﺍ ﺧَﻠَﻮْﺍ ﺑﻤﺤﺎﺭﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻧﺘﻬﻜﻮﻫﺎ" ( ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ، ﻭﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ) ؛
ﻓﻜﺄﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ ﺭﺍﻗَﺒُﻮﺍ ﺍﻟﻨﺎﺱَ ﻭﻟﻢ ﻳﺮﺍﻗﺒﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪَ، ﻓﺠﻌﻠﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪَ ﺃﻫﻮﻥَ
ﺍﻟﻨﺎﻇﺮﻳﻦ ﻟﻬﻢ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺴﺮ ﻭﺃﺧﻔﻰ، ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺨﻠﻮﺍﺕ ﻓﻲ
ﻋﺼﺮﻧﺎ - ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ !- ، ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ، ﻭﺍﻟﺸﺒﻜﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﺎﺷﺎﺕ،
ﻓﻘﺪ ﻳﺨﻠﻮ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻲ ﻭﻫﻮ ﺑﻴﻦ ﺟﻠﺴﺎﺋﻪ، ﺍﻗﺮﺅﻭﺍ ﻗﻮﻝَ ﺍﻟﻠﻪِ -ﺗﻌﺎﻟﻰ :-
( ﻳَﺴْﺘَﺨْﻔُﻮﻥَ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﻭَﻟَﺎ ﻳَﺴْﺘَﺨْﻔُﻮﻥَ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻫُﻮَ ﻣَﻌَﻬُﻢْ ﺇِﺫْ ﻳُﺒَﻴِّﺘُﻮﻥَ
ﻣَﺎ ﻟَﺎ ﻳَﺮْﺿَﻰ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻘَﻮْﻝِ ﻭَﻛَﺎﻥَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺑِﻤَﺎ ﻳَﻌْﻤَﻠُﻮﻥَ ﻣُﺤِﻴﻄًﺎ ) [ ﺍﻟﻨِّﺴَﺎﺀِ: 108 ] ،
ﻭﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ - ﻳﻘﻮﻝ " : ﺃﺟﻤَﻊ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻮﻥ ﺃﻥ ﺫﻧﻮﺏ
ﺍﻟﺨﻠﻮﺍﺕ ﻫﻲ ﺃﺻﻞ ﺍﻻﻧﺘﻜﺎﺳﺎﺕ، ﻭﺃﻥ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﺮ ﻫﻲ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ."
ﻭﺑﻌﺪُ ﻋﺒﺎﺩَ ﺍﻟﻠﻪِ: ﻓﻘﺪ ﺳﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ - ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ: " (ﻭَﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳُﺆْﺗُﻮﻥَ ﻣَﺎ ﺁﺗَﻮْﺍ ﻭَﻗُﻠُﻮﺑُﻬُﻢْ
ﻭَﺟِﻠَﺔٌ ﺃَﻧَّﻬُﻢْ ﺇِﻟَﻰ ﺭَﺑِّﻬِﻢْ ﺭَﺍﺟِﻌُﻮﻥَ ) [ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨَﻮﻥَ : 60 ] ، ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﺮﺑﻮﻥ
ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻭﻳﺴﺮﻗﻮﻥ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :- "ﻻ ﻳﺎ ﺍﺑﻨﺔَ
ﺍﻟﺼِّﺪِّﻳﻖِ، ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﻮﻣﻮﻥ ﻭﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻭﻳﺘﺼﺪَّﻗﻮﻥ ﻭﻫﻢ ﻳﺨﺎﻓﻮﻥ
ﺃﻟَّﺎ ﻳُﺘَﻘَﺒَّﻞَ ﻣﻨﻬﻢ " ، ﻓﺘﺴﺎﺑَﻘُﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ، ﻭﺗﻨﺎﻓَﺴُﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ .
( ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻭﻗﺎﻝ: ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻹﺳﻨﺎﺩ ﻭﻭﺍﻓﻘﻪ
ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ) .
ﻓﺎﺣﺬﺭ ﻳﺎ ﻋﺒﺪَ ﺍﻟﻠﻪِ ﺃﻥ ﺗﻮﺍﻓﻲ ﺭﺑَّﻚَ ﻳﻮﻡَ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﺃﻣﺜﺎﻝ
ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ، ﺛﻢ ﻻ ﺗﻨﻔﻌﻚ؛ ﻷﻧﻚ ﻗﺪ ﺗﻬﺎﻭَﻧْﺖَ ﻭﺗﺴﺎﻫﻠﺖَ، ﺗﻬﺎﻭﻧﺖَ ﻭﺗﺴﺎﻫﻠﺖَ
ﻓﺄﻗﺪﻣﺖَ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳُﺬﻫِﺐ ﺛﻮﺍﺑَﻬﺎ ﻭﺣﺴﻨﺎﺗﻬﺎ ﻭﺃﺟﺮﻫﺎ، ﻓﻜﻴﻒ ﺗﻨﺠﻮ؟ ﻭﺗﺬﻛَّﺮْ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻋﻴﺪَ: (ﺃَﻥْ ﺗَﺤْﺒَﻂَ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟُﻜُﻢْ ﻭَﺃَﻧْﺘُﻢْ ﻟَﺎ ﺗَﺸْﻌُﺮُﻭﻥَ ) [ ﺍﻟْﺤُﺠُﺮَﺍﺕِ: 2 ] .
ﻧﻔﻌﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ﺑﻬَﺪْﻱ ﻛﺘﺎﺑﻪ، ﻭﺑﺴُﻨَّﺔ ﻧﺒﻴِّﻪ ﻣﺤﻤﺪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ - ﻭﺃﻗﻮﻝ ﻗﻮﻟﻲ ﻫﺬﺍ، ﻭﺃﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﻭﻟﻜﻢ ﻭﻟﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻣﻦ
ﻛﻞ ﺫﻧﺐ ﻭﺧﻄﻴﺌﺔ، ﻓﺎﺳﺘﻐﻔِﺮﻭﻩ ﺇﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻐﻔﻮﺭ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ .
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ:
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ، ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺗﻔﺮَّﺩ ﺑﺎﻟﻜﻤﺎﻝ، ﻭﺗﻜﺮَّﻡ ﺑﺠﺰﻳﻞ ﺍﻟﻨﻮﺍﻝ، ﻓﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ
ﻷﺧﻴﻪ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ، ﺍﺳﺘﻌﻈﻢ ﺫﻧﺐ ﺃﺧﻴﻪ ﻭﺗﻘﺼﻴﺮﻩ ﻓﻜﺄﻧﻪ ﺗﺤﺠَّﺮ ﺭﺣﻤﺔَ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﻓﻀﻠﻪ، ﻓﻌﻦ ﺟُﻨْﺪﺏ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺒﺠﻠﻲ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ
- ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺣﺪَّﺙ ﺃﻥ ﺭﺟﻼ ﻗﺎﻝ: " ﻭﺍﻟﻠﻪِ ﻻ ﻳﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪُ ﻟﻔﻼﻥ،
ﻭﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ - ﺗﻌﺎﻟﻰ - ﻗﺎﻝ : ﻭﻣَﻦْ ﺫﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺘﺄﻟَّﻰ ﻋﻠﻲَّ ﺃﻻ ﺃﻏﻔﺮ ﻟﻔﻼﻥ؟ ﻓﺈﻧﻲ
ﻗﺪ ﻏﻔﺮﺕُ ﻟﻔﻼﻥ ﻭﺃﺣﺒﻄﺖُ ﻋﻤﻠَﻪ" ﺃﻭ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ، ( ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ) ، ﻭﻣﻌﻨﻰ :
" ﻳﺘﺄﻟَّﻰ ﻋﻠﻲَّ " ﺃﻱ: ﻳُﻘﺴِﻢ ﻋﻠﻲَّ .
ﻋﺒﺎﺩَ ﺍﻟﻠﻪِ: ﻣَﻦْ ﺭﺃﻯ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺻﻼﺣًﺎ ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻣﺔً ﻓﻠﻴﺤﺬﺭ ﺃﻥ ﻳﺤﺘﻘﺮ ﺃﺣﺪًﺍ
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻘﺼِّﺮﻳﻦ ﺍﻟﻤﺬﻧﺒﻴﻦَ، ﺃﻭ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻬﻢ ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻻﺯﺩﺭﺍﺀ، ﻭﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺴﻪ
ﺑﻌﻴﻦ ﺍﻟﺮﺿﺎ ﻭﺍﻹﻋﺠﺎﺏ، ﻓﻬﺬﺍ ﻣَﻮﺭِﺩٌ ﻣﻦ ﻣﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻬﻼﻙ ﻋﻈﻴﻢ، ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ
ﺍﻟﻌﺎﻓﻴﺔ، ﻭﻋﻠﻴﻚَ -ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺻﺢ - ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺑﻜﺴﺐ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ، ﻻ ﺑﺘﺴﺠﻴﻞ
ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ .
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ: ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒِﻄﺎﺕ - ﺣﻔﻈﻨﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ - ﺍﻟﺮﻳﺎﺀ، ﻓﻔﻲ
ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻘﺪﺳﻲ: " ﺃﻧﺎ ﺃﻏﻨﻰ ﺍﻟﺸﺮﻛﺎﺀ ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﻙ، ﻣَﻦْ ﻋَﻤِﻞَ ﻋﻤﻠًﺎ ﺃﺷﺮَﻙ
ﻣﻌﻲ ﻓﻴﻪ ﻏﻴﺮﻱ ﺗﺮﻛﺘُﻪ ﻭﺷِﺮْﻛَﻪ " ( ﺭﻭﺍﻩ ﻣﺴﻠﻢ ) ، ﻓﺎﻟﺤﺬﺭَ - ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ -
ﺍﻟﺤﺬﺭَ ﻣﻦ ﺗﻄﻠُّﺐ ﺛﻨﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻣﺮﺍﺀﺍﺗﻬﻢ، ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻓﻘﺎﻝ: " ﺃﺭﺃﻳﺖَ ﺭﺟﻠًﺎ ﻏَﺰَﺍ ﻳﻠﺘﻤﺲ ﺍﻷﺟﺮَ ﻭﺍﻟﺬِّﻛْﺮَ . ﻣﺎ ﻟﻪ؟ ﻓﻘﺎﻝ
ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :- ﻻ ﺷﻲﺀَ ﻟﻪ، ﻓﺄﻋﺎﺩﻫﺎ ﺛﻼﺙَ ﻣﺮﺍﺕٍ،
ﻳﻘﻮﻝ ﺭﺳﻮﻝُ ﺍﻟﻠﻪِ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :- ﻻ ﺷﻲﺀَ ﻟﻪ، ﺛﻢ ﻗﺎﻝ : ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﻻ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺇﻻ ﻣﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺧﺎﻟﺼًﺎ، ﻭﺍﺑﺘﻐﻲ ﺑﻪ ﻭﺟﻬﻪ " ( ﺭﻭﺍﻩ ﺃﺑﻮ
ﺩﺍﻭﺩ، ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ) .
ﻓﻤﺎ ﺗﻘﺮَّﺏ ﻋﺒﺪٌ ﻗُﺮْﺑﺔً ﻳﺘﻄﻠﺐ ﺑﻬﺎ ﺛﻨﺎﺀَ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻻ ﻭﻗﺪ ﻋﺮَّﺿﻬﺎ ﻟﻠﺤﺒﻮﻁ
ﻭﺍﻟﺒﻄﻼﻥ ﻭﺣﺮﻣﺎﻥ ﺛﻮﺍﺑﻬﺎ، ﻳﻮﻡ ﺗُﺒﻠﻰ ﺍﻟﺴﺮﺍﺋﺮ، ﻭﺗُﻔْﺸَﻰ ﺍﻟﻨﻮﺍﻳﺎ ﻭﻳﻔﻀﺢ
ﺍﻟﻤﺮﺍﺅﻭﻥ، ﻭﻗﺪ ﺍﺑﺘﻠﻲ ﺃﻫﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﺓ، ﻓﺘﺮﻯ
ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺬﻛﺮ ﺃﻋﻤﺎﻟﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﻬﺎ، ﻭﻳﺬﻛﺮ ﻣﺎ ﻗﺪَّﻣﻪ ﻹﺧﻮﺍﻧﻪ ﻣﻦ
ﺩﻋﻮﺍﺕ، ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﺻﺎﻟﺤﺎﺕ، ﻭﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﻫﻮ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ ﺑﻈﻬﺮ ﺍﻟﻐﻴﺐ؛ ﻓﺎﻟﺤﺬﺭ
ﺍﻟﺤﺬﺭ، ﺣﻔﻈﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ .
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﻌﻮﺫ ﺑﻚ ﺃﻥ ﻧﺸﺮﻙ ﺑﻪ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻌﻠﻢ، ﻭﻧﺴﺘﻐﻔﺮﻙ ﻟﻤﺎ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ .
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺒِﻄﺎﺕ ﻳﺎ ﻋﺒﺪَ ﺍﻟﻠﻪِ: ﺣﻔﻈﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﻤﺎﻙ، ﺍﻧﺘﻬﺎﻙ ﻣﺤﺎﺭﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻲ
ﺍﻟﺴﺮ : ﻓﻌﻦ ﺛﻮﺑﺎﻥ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺃﻧﻪ
ﻗﺎﻝ: "ﻟَﺄَﻋْﻠَﻤَﻦَّ ﺃﻗﻮﺍﻣًﺎ ﻣﻦ ﺃﻣﺘﻲ ﻳﺄﺗﻮﻥ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺑﺤﺴﻨﺎﺕ ﺃﻣﺜﺎﻝ
ﺟﺒﺎﻝ ﺗﻬﺎﻣﺔ ﺑﻴﻀﺎﺀ، ﻓﻴﺠﻌﻠﻬﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻫﺒﺎﺀً ﻣﻨﺜﻮﺭًﺍ، ﻗﺎﻝ ﺛﻮﺑﺎﻥُ : ﻳﺎ ﺭﺳﻮﻝ
ﺍﻟﻠﻪ، ﺻِﻔْﻬُﻢ ﻟﻨﺎ، ﺟَﻠِّﻬﻢ ﻟﻨﺎ؛ ﺃﻟَّﺎ ﻧﻜﻮﻥ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻧﺤﻦ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ . ﻗﺎﻝ : ﺃﻣَﺎ ﺇﻧﻬﻢ
ﺇﺧﻮﺍﻧُﻜﻢ ﻭﻣﻦ ﺟِﻠْﺪَﺗِﻜﻢ، ﻭﻳﺄﺧﺬﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻛﻤﺎ ﺗﺄﺧﺬﻭﻥ، ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ
ﺃﻗﻮﺍﻡ ﺇﺫﺍ ﺧَﻠَﻮْﺍ ﺑﻤﺤﺎﺭﻡ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻧﺘﻬﻜﻮﻫﺎ" ( ﺭﻭﺍﻩ ﺍﺑﻦ ﻣﺎﺟﻪ، ﻭﺍﻟﺒﻴﻬﻘﻲ ) ؛
ﻓﻜﺄﻥ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﺴﺎﻛﻴﻦ ﺭﺍﻗَﺒُﻮﺍ ﺍﻟﻨﺎﺱَ ﻭﻟﻢ ﻳﺮﺍﻗﺒﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪَ، ﻓﺠﻌﻠﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪَ ﺃﻫﻮﻥَ
ﺍﻟﻨﺎﻇﺮﻳﻦ ﻟﻬﻢ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﻠﻢ ﺍﻟﺴﺮ ﻭﺃﺧﻔﻰ، ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﺃﻧﻮﺍﻉ ﺍﻟﺨﻠﻮﺍﺕ ﻓﻲ
ﻋﺼﺮﻧﺎ - ﻧﺴﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ !- ، ﺃﺟﻬﺰﺓ ﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ، ﻭﺍﻟﺸﺒﻜﺎﺕ ﻭﺍﻟﺸﺎﺷﺎﺕ،
ﻓﻘﺪ ﻳﺨﻠﻮ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻲ ﻭﻫﻮ ﺑﻴﻦ ﺟﻠﺴﺎﺋﻪ، ﺍﻗﺮﺅﻭﺍ ﻗﻮﻝَ ﺍﻟﻠﻪِ -ﺗﻌﺎﻟﻰ :-
( ﻳَﺴْﺘَﺨْﻔُﻮﻥَ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻨَّﺎﺱِ ﻭَﻟَﺎ ﻳَﺴْﺘَﺨْﻔُﻮﻥَ ﻣِﻦَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﻭَﻫُﻮَ ﻣَﻌَﻬُﻢْ ﺇِﺫْ ﻳُﺒَﻴِّﺘُﻮﻥَ
ﻣَﺎ ﻟَﺎ ﻳَﺮْﺿَﻰ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻘَﻮْﻝِ ﻭَﻛَﺎﻥَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺑِﻤَﺎ ﻳَﻌْﻤَﻠُﻮﻥَ ﻣُﺤِﻴﻄًﺎ ) [ ﺍﻟﻨِّﺴَﺎﺀِ: 108 ] ،
ﻭﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻘﻴﻢ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ - ﻳﻘﻮﻝ " : ﺃﺟﻤَﻊ ﺍﻟﻌﺎﺭﻓﻮﻥ ﺃﻥ ﺫﻧﻮﺏ
ﺍﻟﺨﻠﻮﺍﺕ ﻫﻲ ﺃﺻﻞ ﺍﻻﻧﺘﻜﺎﺳﺎﺕ، ﻭﺃﻥ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﺴﺮ ﻫﻲ ﺃﺻﻞ ﺍﻟﺜﺒﺎﺕ ."
ﻭﺑﻌﺪُ ﻋﺒﺎﺩَ ﺍﻟﻠﻪِ: ﻓﻘﺪ ﺳﺄﻟﺖ ﻋﺎﺋﺸﺔ -ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﺎ - ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ
ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻋﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ: " (ﻭَﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﻳُﺆْﺗُﻮﻥَ ﻣَﺎ ﺁﺗَﻮْﺍ ﻭَﻗُﻠُﻮﺑُﻬُﻢْ
ﻭَﺟِﻠَﺔٌ ﺃَﻧَّﻬُﻢْ ﺇِﻟَﻰ ﺭَﺑِّﻬِﻢْ ﺭَﺍﺟِﻌُﻮﻥَ ) [ﺍﻟْﻤُﺆْﻣِﻨَﻮﻥَ : 60 ] ، ﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺸﺮﺑﻮﻥ
ﺍﻟﺨﻤﺮ ﻭﻳﺴﺮﻗﻮﻥ؟ ﻓﻘﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ :- "ﻻ ﻳﺎ ﺍﺑﻨﺔَ
ﺍﻟﺼِّﺪِّﻳﻖِ، ﻭﻟﻜﻨﻬﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﺼﻮﻣﻮﻥ ﻭﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻭﻳﺘﺼﺪَّﻗﻮﻥ ﻭﻫﻢ ﻳﺨﺎﻓﻮﻥ
ﺃﻟَّﺎ ﻳُﺘَﻘَﺒَّﻞَ ﻣﻨﻬﻢ " ، ﻓﺘﺴﺎﺑَﻘُﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻴﺮﺍﺕ، ﻭﺗﻨﺎﻓَﺴُﻮﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ .
( ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺍﻟﺤﺎﻛﻢ ﻭﻗﺎﻝ: ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻹﺳﻨﺎﺩ ﻭﻭﺍﻓﻘﻪ
ﺍﻟﺬﻫﺒﻲ ) .
ﻓﺎﺣﺬﺭ ﻳﺎ ﻋﺒﺪَ ﺍﻟﻠﻪِ ﺃﻥ ﺗﻮﺍﻓﻲ ﺭﺑَّﻚَ ﻳﻮﻡَ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺑﺄﻋﻤﺎﻝ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﺃﻣﺜﺎﻝ
ﺍﻟﺠﺒﺎﻝ، ﺛﻢ ﻻ ﺗﻨﻔﻌﻚ؛ ﻷﻧﻚ ﻗﺪ ﺗﻬﺎﻭَﻧْﺖَ ﻭﺗﺴﺎﻫﻠﺖَ، ﺗﻬﺎﻭﻧﺖَ ﻭﺗﺴﺎﻫﻠﺖَ
ﻓﺄﻗﺪﻣﺖَ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳُﺬﻫِﺐ ﺛﻮﺍﺑَﻬﺎ ﻭﺣﺴﻨﺎﺗﻬﺎ ﻭﺃﺟﺮﻫﺎ، ﻓﻜﻴﻒ ﺗﻨﺠﻮ؟ ﻭﺗﺬﻛَّﺮْ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﻋﻴﺪَ: (ﺃَﻥْ ﺗَﺤْﺒَﻂَ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟُﻜُﻢْ ﻭَﺃَﻧْﺘُﻢْ ﻟَﺎ ﺗَﺸْﻌُﺮُﻭﻥَ ) [ ﺍﻟْﺤُﺠُﺮَﺍﺕِ: 2 ] .
ﻧﻔﻌﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ﺑﻬَﺪْﻱ ﻛﺘﺎﺑﻪ، ﻭﺑﺴُﻨَّﺔ ﻧﺒﻴِّﻪ ﻣﺤﻤﺪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ
ﻭﺳﻠﻢ - ﻭﺃﻗﻮﻝ ﻗﻮﻟﻲ ﻫﺬﺍ، ﻭﺃﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﻭﻟﻜﻢ ﻭﻟﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻣﻦ
ﻛﻞ ﺫﻧﺐ ﻭﺧﻄﻴﺌﺔ، ﻓﺎﺳﺘﻐﻔِﺮﻭﻩ ﺇﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻐﻔﻮﺭ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ .
ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ:
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ، ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺗﻔﺮَّﺩ ﺑﺎﻟﻜﻤﺎﻝ، ﻭﺗﻜﺮَّﻡ ﺑﺠﺰﻳﻞ ﺍﻟﻨﻮﺍﻝ، ﻓﻠﻪ ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ