Forwarded from مركز نور الثقافي
الدارس للخطاب النسوي يتنبّه لمسائلة مهمة وهي سعيها لتأنيث أي شيء من خواص الرجال، بدءآ من اللباس والزي والمهنة والحرفة وطريقة المشي والكلام، وبل حتى التفكير والإهتمامات، فتجد النسويات يطالبن بشكل كبير بكسر حاجز خواص الرجال في ما يتعلق بأنماط حياتهم، وفي ذات اللحظة تنادي التيارات النسوية بضرورة التنكّر لكل ما هو أنثوي، كرفض القرار بالمنزل المنضبط بالضوابط الشرعية، والتهكم بالموجِهات الدينية الحاكمة للتعامل بين الرجل والمرأة، وصولآ لرفض أي تمييز مبني على التذكير والتأنيث كالتكاليف والواجبات والحقوق.
تشكِّل قضية الأخلاق حيزآ وافرآ في تراثنا الإسلامي، تِبيانآ للحسن منها والقبيح والمقبول والمذموم، وما تتأسس به المجتمعات والقدر الذي تنهار بفقده الحضارات، وعلائق القيم والأخلاق بالنهضة والتطور المجتمعي = فالأخلاق قيمة مبحوثة بالأصالة في ديننا؛ لذلك في أخصّ مشاريع البناء الاجتماعي (مؤسسة الزواج) كانت الأخلاق مطلوبة لذاتها، (...من ترضون دينه وخلقه) مع أنها ضمن الدين لكن ليتضح للمسلمين جوهرية الأخلاق في حياتهم.
إن موضوع الأخلاق النسائية من المباحث التي أولاها العلماء عناية خاصة، فكتبوا عن الوفاء والرفق والعذوبة وطيب المعشر ولين الجانب وطيب السجايا، وتؤُدة المرأة وبل حتى في صفات السلب امتدحوا غيرتهن وسرعة غضبهن وتكرار خصوماتهن وغير ذلك، مما وُجد في النسوة سجية وجبليّة، أو ما غرسته الطباع البشرية متأثرة بالعوامل المحيطة بمجتمعاتنا،
لكن النسوية منذ بواكير نشأتها كرّست جهودها للحط من قيمة الأخلاق النسائية، واعتبارها مجرد مؤامرة ذكورية، وبِنى مجتمعية الهدف منها تتبيع جنس النساء للرجال وسلبهن الحرية في تشكيل أخلاقهن، وفق ما يهوين ويردن
فتجد التنظير الذي يسفِّه من الأخلاق والانضباط بكثرة في كتب النسويات والنسويين الكبار، كمؤلفات (ويليتسون كرافت) و (جون استيوارت مل) و (هارييت تييلور) وغيرهم من أساطين النسوية.
خُلق عظيم كالحياء والسِتر لماذا تحتقره النسويات وكأنه شيء سيء؟
الجواب البسيط لأنه خُلق ذكوري، فالسِتر لأجل الحفاظ على شخصية المرأة عن الأنظار واحتكار تلك الأجساد لزوج واحد حتى لو لم يأت بعد، والحياء ليس إلا كتم لصوت نسوي يُخشى من سيطرته على سوح التداول الخطابي، مما يضيِّق فرص القبضة الذكورية، ويوضح هشاشته وضعفه في ظل التنافس النسوي له! نعم هكذا تفكِّر الكائنات النسوية، والتي وصل بها التيه بتعليل أي غياب أو ضمور لدور المرأة في مساحة ما لما يسمينه ب (الذكورية).
ترى النسوية أن صفة العفة والسويّة الشهوانية أمر ذكوري محض، لذلك تجد التبرير للم/ثلية الجن/سية والس/حاقية بكثرة في الكتابات الرئيسة في النسوية؛ ككتابات سيمون دوبفوار والتي ترى أخلاقية الاجهاض في ذات الوقت الذي تدّعِي فيه تسلطية الانجاب والأمومة وتجريمهما، وتساند الاتجاهات الحقوقية العالمية بالسند النظري المسماه بالقانوني والمعاهدات لذي الأهواء، فأصبح تجريم الاجهاض جريمة في كثير من المجتمعات الدولية، مع امتداح وتمجيد للقتل الموسوم بالرحيم، وذلك مجاراة للنسق النسوي ونظرته للأخلاق!.
الجانب الأخلاقي في بعض الأدوار الوظيفية كالأمومة والتي تتمثل في العطف والتوجيه والتربية للأطفال؛ تجدها صفات مسلوبة من المرأة في النظرة النسوية؛ لذلك تم ضخ مفاهيم الحضانة والدور التربوية البديلة لتضييق هذه الصفات والمهام الجِبلِّية بُغية الوصول لمرحلة تلاشي خصوصيتها الأنثوية، بل تنظر الكثير من النسويات للأمومة وأدوار المرأة المنزلية كمجرد دورات تدريبية مهارية، كورش العمل التي تخضع لها النساء بالأكاديميات ومراكز التعليم دون خصوصية أنثوية.
الحل المهم لهذه الاختلالات النسوية هي اعادة تموضع المرأة في الحياة البشرية، ولا يكون ذلك إلا بمعرفة التوصيف الشرعي للنسائية ومكانتها وأدوارها، وما تعلق بها من خطاب الشارع، وهذه الأشياء مبسوطة بكثرة في المدونة الشرعية الإسلامية، وأولاها الفقهاء وعلماء السلوك والتربية ودرّاس العلوم الإنسانية اهتمامآ بالغآ = فتعريف المرأة بما لها من حقوق وما عليها من واجبات، وما اختصها الله عز وجل به، وما تتداخل فيه مع الرجال سلبآ وايجابآ، يقطع الطريق أمام دعاة النسوية والتيارات المنحرفة وهو الدور الذي تقع مسؤوليته على الجميع.
أ.عبد العزيز كرار العكد
#مركز_نور_الثقافي
#مقالات_نور
تشكِّل قضية الأخلاق حيزآ وافرآ في تراثنا الإسلامي، تِبيانآ للحسن منها والقبيح والمقبول والمذموم، وما تتأسس به المجتمعات والقدر الذي تنهار بفقده الحضارات، وعلائق القيم والأخلاق بالنهضة والتطور المجتمعي = فالأخلاق قيمة مبحوثة بالأصالة في ديننا؛ لذلك في أخصّ مشاريع البناء الاجتماعي (مؤسسة الزواج) كانت الأخلاق مطلوبة لذاتها، (...من ترضون دينه وخلقه) مع أنها ضمن الدين لكن ليتضح للمسلمين جوهرية الأخلاق في حياتهم.
إن موضوع الأخلاق النسائية من المباحث التي أولاها العلماء عناية خاصة، فكتبوا عن الوفاء والرفق والعذوبة وطيب المعشر ولين الجانب وطيب السجايا، وتؤُدة المرأة وبل حتى في صفات السلب امتدحوا غيرتهن وسرعة غضبهن وتكرار خصوماتهن وغير ذلك، مما وُجد في النسوة سجية وجبليّة، أو ما غرسته الطباع البشرية متأثرة بالعوامل المحيطة بمجتمعاتنا،
لكن النسوية منذ بواكير نشأتها كرّست جهودها للحط من قيمة الأخلاق النسائية، واعتبارها مجرد مؤامرة ذكورية، وبِنى مجتمعية الهدف منها تتبيع جنس النساء للرجال وسلبهن الحرية في تشكيل أخلاقهن، وفق ما يهوين ويردن
فتجد التنظير الذي يسفِّه من الأخلاق والانضباط بكثرة في كتب النسويات والنسويين الكبار، كمؤلفات (ويليتسون كرافت) و (جون استيوارت مل) و (هارييت تييلور) وغيرهم من أساطين النسوية.
خُلق عظيم كالحياء والسِتر لماذا تحتقره النسويات وكأنه شيء سيء؟
الجواب البسيط لأنه خُلق ذكوري، فالسِتر لأجل الحفاظ على شخصية المرأة عن الأنظار واحتكار تلك الأجساد لزوج واحد حتى لو لم يأت بعد، والحياء ليس إلا كتم لصوت نسوي يُخشى من سيطرته على سوح التداول الخطابي، مما يضيِّق فرص القبضة الذكورية، ويوضح هشاشته وضعفه في ظل التنافس النسوي له! نعم هكذا تفكِّر الكائنات النسوية، والتي وصل بها التيه بتعليل أي غياب أو ضمور لدور المرأة في مساحة ما لما يسمينه ب (الذكورية).
ترى النسوية أن صفة العفة والسويّة الشهوانية أمر ذكوري محض، لذلك تجد التبرير للم/ثلية الجن/سية والس/حاقية بكثرة في الكتابات الرئيسة في النسوية؛ ككتابات سيمون دوبفوار والتي ترى أخلاقية الاجهاض في ذات الوقت الذي تدّعِي فيه تسلطية الانجاب والأمومة وتجريمهما، وتساند الاتجاهات الحقوقية العالمية بالسند النظري المسماه بالقانوني والمعاهدات لذي الأهواء، فأصبح تجريم الاجهاض جريمة في كثير من المجتمعات الدولية، مع امتداح وتمجيد للقتل الموسوم بالرحيم، وذلك مجاراة للنسق النسوي ونظرته للأخلاق!.
الجانب الأخلاقي في بعض الأدوار الوظيفية كالأمومة والتي تتمثل في العطف والتوجيه والتربية للأطفال؛ تجدها صفات مسلوبة من المرأة في النظرة النسوية؛ لذلك تم ضخ مفاهيم الحضانة والدور التربوية البديلة لتضييق هذه الصفات والمهام الجِبلِّية بُغية الوصول لمرحلة تلاشي خصوصيتها الأنثوية، بل تنظر الكثير من النسويات للأمومة وأدوار المرأة المنزلية كمجرد دورات تدريبية مهارية، كورش العمل التي تخضع لها النساء بالأكاديميات ومراكز التعليم دون خصوصية أنثوية.
الحل المهم لهذه الاختلالات النسوية هي اعادة تموضع المرأة في الحياة البشرية، ولا يكون ذلك إلا بمعرفة التوصيف الشرعي للنسائية ومكانتها وأدوارها، وما تعلق بها من خطاب الشارع، وهذه الأشياء مبسوطة بكثرة في المدونة الشرعية الإسلامية، وأولاها الفقهاء وعلماء السلوك والتربية ودرّاس العلوم الإنسانية اهتمامآ بالغآ = فتعريف المرأة بما لها من حقوق وما عليها من واجبات، وما اختصها الله عز وجل به، وما تتداخل فيه مع الرجال سلبآ وايجابآ، يقطع الطريق أمام دعاة النسوية والتيارات المنحرفة وهو الدور الذي تقع مسؤوليته على الجميع.
أ.عبد العزيز كرار العكد
#مركز_نور_الثقافي
#مقالات_نور